موجة جديدة من الانقلابات في غرب أفريقيا: ما الجديد؟

“الانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا هي استمرار للسياسة، ولكن بوسائل أخرى”[1]

نانا أمواتينغ (الباحث في مركز ليجون للشؤون الدولية والدبلوماسية بجامعة غانا)

مدخل:

منذ حصول دول غرب أفريقيا على استقلالها في الستينيات والسبعينيات وهي تصارع من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، والتنمية الاقتصادية، وبناء التوافق المجتمعي؛ نتيجة ما خلفه الاستعمار من آثار على بنية الدولة ذاتها، وتكوين جيشها، ومعادلات القوة بين مكوناتها المجتمعية المبنية على مثلث العرقي – الديني – الجغرافي، إذ تحكَّمت هذه الثلاثية في شتى التفاعلات – تقريبًا- بين القوى السياسية والمجتمعية المختلفة، فحكمت تكوين المؤسسات السياسية والأمنية، وأضحت جزءًا رئيسًا في العلاقة بين النخب على تنوعاتها: السياسية، والعسكرية، والحزبية.

كانت غرب أفريقيا -تاريخيًّا- إحدى بؤر الانقلابات النشطة في أفريقيا، إذ رُصد فيها منذ 1950 حتى 2023 54 انقلابًا ناجحًا من أصل 109 انقلابات وقعت في أفريقيا، ناهيك عن أضعاف ذلك من المحاولات غير الناجحة، التي قُبض على منفذيها في الساعات الأولى، وأُحبطت بفضل تدخُّلات داخلية وخارجية[2]. وتجدَّد الاهتمام -مؤخرًا- بغرب أفريقيا، بفعل وقوع سلسلة من الانقلابات العسكرية آخرها كان في النيجر (26 يوليو 2023)، وقبلها بوركينا فاسو (23 يناير 2022)، وغينيا (5 سبتمبر 2021)، ومالي (24 مايو 2021)، فضلًا عن سلسلة أخرى من الانقلابات وقعت في وسط أفريقيا في تشاد، والجابون[3].

يرتبط تجدد الانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا -إجمالًا- بثلة من الأسباب، التي يمكن إيجازها فيما يلي: استمرار التدخل الفرنسي المباشر، والفشل في محاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الأمني، وانتشار الفساد والفقر، وضعف التنمية في ظل ثنائية الغني والفقر: الغني بالموارد وفقر الشعوب، وتأثير جائحة كورونا، وأخيرًا، سياسات التنافس الدولي.

يهدف هذا التقرير إلى تقديم قراءة في أسباب تجدد هذه الظاهرة الانقلابية في المنطقة وتفاعلات المكونات المجتمعية والسياسية المختلفة معها، في ضوء العلاقات المدنية – العسكرية وتطوراتها خلال السنوات الأخيرة. كما يرصد ويحلل المواقف الإقليمية والدولية من هذه الانقلابات في ضوء المصالح والسوابق التاريخية لهذه القوى.

فخ الانقلابات في غرب أفريقيا

بدأت سلسلة الانقلابات في غرب أفريقيا من مالي التي شهدت انقلابين في أقل من عام، ففي أغسطس 2021 ألقت قيادة القوات المسلحة القبض على الرئيس إبراهيم كيتا، الذي أُعيد انتخابه لولاية ثانية في أغسطس 2018، وأجبرت الحكومة على الاستقالة. بُرر هذا الانقلاب وقتها باستمرار ضعف الاستقرار الأمني، وتوسع الهجمات الإرهابية دون استراتيجية واضحة من الحكومة، التي واجهت حركات احتجاجية واسعة[4]، ثمَّ بعدها اختارت جمعية مكونة من 17 عضوًا أغلبهم عسكريون. وصار “باه نداو” الذي شغل منصب وزير دفاع في ظل رئاسة كيتا ثمَّ استقال منها في 2015، رئيسًا لمرحلة انتقالية مدتها 18 شهرًا، وقبل انتهاء هذه المدة، وتحديدًا في مايو 2022، أطاح نائبه عاصمي غويتا به، ليُعلن نفسه رئيسًا لمرحلة انتقالية أخرى، تُجرى بعدها انتخابات جديدة.

شهدت مالي بعد الانقلاب الثاني مجموعة من التطورات كان من أبرز ملامحها طرد القوات الفرنسية من مالي، وسفيرها من باماكو عام 2022، وانسحاب الدولة من مجموعة دول الساحل الخمس لمكافحة الإرهاب (G5)، وطلب المجلس العسكري إنهاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد في مالي (مينوسما)، وفي 30 يونيو 2023 اتُخذ قرار بإنهاء عملياتها للسلام بحلول 1 يناير 2024، ودخول روسيا وشركتها العسكرية الأهم (فاجنر) كشريك أساسي وأمني لمالي، وأخيرًا، تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في فبراير 2024؛ “لأسباب فنية” تتعلق بالدستور الجديد، الذي أُقر في يوليو 2023، ومراجعة اللوائح الانتخابية. ولم تعلن السلطات عن موعد جديد للانتخابات، كما ألغت السلطات تنظيم انتخابات تشريعية، كان من المقرر إجراؤها نهاية عام 2023 قبل الانتخابات الرئاسية[5].

ويعزى هذا الانقلاب إلى حالة التنافس داخل الجيش وبين قادة انقلاب أغسطس 2021، وإلى ميل قائد هذا الانقلاب إلى التعاون مع فرنسا، كما بُرر بعدم رغبة القادة السابقين في إتمام مسار التحول الديمقراطي المدني[6].

تلا الانقلاب في مالي انقلاب في غينيا، إذ بعد أقل عام من إعادة انتخاب الرئيس آلفا كوندي لولاية ثالثة في الخامس من سبتمبر، تحرك قائد القوات الخاصة مامادي دمبويا[7] للإطاحة بالرئيس، وأدى اليمين كرئيس مؤقت، ثمّ اتفقت السلطات الانتقالية في غينيا في ديسمبر 2022 مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) على خارطة طريق مدتها عامين لإعادة البلاد إلى الحكم المدني. ورغم أنه كان من المقرر اعتماد المجلس الانتقالي مسودة الدستور بحلول نهاية يونيو 2023، فإنه لم يوف بهذا الموعد، ويُعزى ذلك إلى رصد السلطات الانتقالية حوالي 600 مليون دولار لإجراء ما يتصل باستفتاءات وانتخابات، لم يُجمع منها سوى 40 مليون[8].

ومن غينيا انتقلت العدوى إلى بوركينا فاسو، التي شهدت محاولتي انقلاب في أقل من عام، فبعد اعتقال جنود من القوات الخاصة الرئيس روك كابوري (في 23 يناير 2022)، وتنصيب القائد الجديد المقدم بول هنري سانداوغو داميبا[9] على قمة هرم السلطة السياسية في المرحلة الانتقالية، قام النقيب إبراهيم تراوري بالانقلاب عليه (في 30 سبتمبر 2022)، وتولى قيادة المرحلة الانتقالية الجديدة.

وإذا كان الانقلاب الأول قد عزاه القائمون عليه –ومن بينهم النقيب تراوري– إلى أسباب أمنية تتعلَّق بصعود الجماعات المتشددة وأعمال العنف، وانتشار عدم الاستقرار في البلاد، فإن الانقلاب الثاني يُبرر بأسباب استمرار الأزمة الاقتصادية متمثلة في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، فضلًا عن تصاعد موجات العنف والعمليات المسلحة في أرجاء البلاد في ظل ضعف تقدير جهود الضباط والجنود الصغار. وعلى غرار سابقيه في مالي وغينيا، طرد قادة الانقلاب الجنود الفرنسين، وأعلنوا القطيعة مع فرنسا، وفتحوا خط تواصل جديد مع روسيا والصين[10].

ورغم ذلك، أفاد بيان أُذيع على التليفزيون الحكومي أن: “أجهزة الاستخبارات والأمن أحبطت محاولة انقلاب مؤكدة في 26 سبتمبر 2023”[11]، نزل على إثرها آلاف الأشخاص إلى شوارع العاصمة واجادوجو دعمًا لتراوري، ولاستمراره في الحكم إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية في يوليو 2024، والتي وعد بأنه لن يترشح بعدها[12].

أما أحدث انقلاب في غرب أفريقيا، وربما الأكبر أثرًا، فوقع في النيجر في السادس والعشرين من يوليو 2023، وفيه أقدم قادة الحرس الرئاسي على اعتقال الرئيس المنتخب محمد بازوم[13]، بعد مرور ما يقرب من عامين على انتخابه، وبعدها أُعلن القائد العام عبد الرحمن تشياني زعيمًا للبلاد. أشار زعماء الانقلاب إلى أن السبب في حراكهم هو استمرار حالة عدم الاستقرار، وفشل جهود مكافحة العنف والتمرد، وتواصل حالة التبعية لفرنسا والغرب[14]. تبلور ذلك في تظاهر الداعمين للانقلاب أمام السفارة الفرنسية، ودعوتهم لرحيل الجنود الفرنسين رافعين الأعلام الروسية، ثم استجابة فرنسا بسحب قواتها بدءًا من أكتوبر وحتى نهاية العام، وسحبها لسفيرها في النيجر[15].

وتعود أهمية النيجر إلى أنها كانت آخر نقطة ارتكاز في الاستراتيجية الغربية لمكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، والتصدي لعنف بوكو حرام وتنظيم القاعدة في المغرب وغرب أفريقيا، وفيها كانت ترتكز آخر القوات الفرنسية في المنطقة، بعد ما رحلت عن مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، كما أن فيها القاعدة الأمريكية لإطلاق الطائرات من دون طيار في أغادير، فضلًا عما يقرب من 800 عسكري أمريكي بمهام مختلفة، وإلى كونها واحدة من الدول الغنية بعنصر اليورانيوم الذي يمد أوروبا، وعلى رأسها فرنسا، بـ 35% من احتياجاتها من هذا العنصر، الذي يساهم في توليد 70% من الكهرباء لفرنسا، بالإضافة إلى كونها محطة مهمة في عبور الغاز من نيجيريا إلى دول أوروبا، وكونها خط دفاع متقدم في مواجهة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بعد انهيار دول جوارها في الساحل الأفريقي وليبيا[16].

ويُذكر أن من بين دوافع هذا الانقلاب علم قادة الجيش برغبة الرئيس في القيام بحركة تعديل داخل الجيش، من شأنها أن تحط من نفوذ تشياني وتعزله عن منصبه رئيسًا للحرس الوطني، إذ أراد بازوم أن يعين رئيسًا جديدًا يثق في ولائه، فتشياني خدم خلال ولايتي الرئيس السابق محمدو يوسفو، ويُعرف بولائه له شخصيًّا، ويُقال أنه ينفذ من خلاله إلى التصرف في شؤون البلاد.

يُفسر بُعد آخر الانقلاب على بازوم، وهو انتماؤه العرقي والقبلي، على اعتبار أنه ينتمي إلى العرق العربي، المتصل بقبيلة أولاد سليمان العربية القادمة من ليبيا، ولا يمثل العرب إلا نحو 0,4% من سكان النيجر، وهو ما جعل البعض يراه أجنبيًّا وليس من أصول أفريقية، ولا يجدر به أن يكون في منصب الرئيس. ومن ثم استدعى انتماؤه العرقي حركة معارضة سياسية، قبلية، عرقية، عنصرية تشكِّك في كونه نَيْجَرِيًّا أصيلًا، وهو ما تُرجم في أكثر من مناسبة، كان أولها الطعن على أحقية ترشحه للرئاسة، مدعين بأنه ولد خارج النيجر[17].

ملاحظات بشأن انقلابات غرب أفريقيا والعلاقات المدنية – العسكرية

عكست الانقلابات الأخيرة في غرب أفريقيا جملة من السمات المشتركة، هي:

  1. قيام مجموعات القوات الخاصة بتلك الانقلابات، والتي تكونت في الأساس لمواجهة العنف وحماية مقار السلطة السياسية، ومن ثمَّ أضحت على مقربة من العملية السياسية ودوائر الحكم. فالعقيد عاصمي غويتا كان قائدًا سابقًا للقوات الخاصة في مالي، كذلك كان المقدم مامادي دومبويا القائد السابق للواء القوات الخاصة بغينيا، وفي بوركينا فاسو كان المقدم بول هنري سانداوغو داميبا والنقيب إبراهيم تراوري من قادة القوات الخاصة. ربما الاستثناء الوحيد –جزئيًّا- كان لانقلاب النيجر، الذي قام به قائد تقليدي للحرس الرئاسي (الوطني)، إلا أنه يصدق عليه فكرة قربه من أروقة القصور الرئاسية وشؤون الحكم والسياسة.
  2. جيل من الشباب معظمه برتب عسكرية متوسطة بين نقيب ومقدم، وتدور أعمار قادته ما بين 35 إلى 45 سنة. فغويتا –على سبيل المثال- لم يبلغ الأربعين في وقت قيامه بالانقلاب، كذلك تراوري يبلغ من العمر 35 عامًا، والاستثناء الوحيد يتكرَّر أيضًا في النيجر، فاللواء النيجري تشياني يبلغ من العمر 59 عامًا.
  3. اتخاذ المدخل الأمني مطيَّة للوصول إلى السلطة، فاستندَ قادةُ الانقلابات إلى مسوِّغات متشابهة للقيام بتحرُّكاتها، أبرزها وأكثرها تكرارًا تمثَّل في الملف الأمني، واتخاذه ذريعة للعودة إلى الحكم العسكري والإطاحة بالمدنيِّين، باعتبارهم فشلوا في تحقيق الاستقرار الأمني، الذي يتبعه بالضرورة استقرار سياسي، واقتصادي، واجتماعي[18].
  4. استناد الانقلابات العسكرية إلى حركة تأييد شعبي، فظهرت في غالبية هذه الدول مظاهرات لتأييد ما قام به الانقلابيون وحثهم على الاستمرار في مسعاهم. حدث ذلك في النيجر، وبوركينا فاسو، وغينيا.
  5. استناد الحركات الانقلابية إلى خطاب معادٍ لفرنسا، إذ جرى الانقلاب على قادة يُعرف عن معظمهم ولاؤهم إلى الغرب وفرنسا تحديدًا، من بازوم إلى كابوري، وحتى قائد القوات العسكرية المُنقلب عليه في بوركينا فاسو داميبا كان يحتفظ بصلات مع فرنسا.

وخلاصة ما سبق يشير إلى أن موجة الانقلابات العسكرية الجديدة في غرب أفريقيا جاءت من قبل ضباط صغار داخل الجيوش، ممن أثبتوا كفاءتهم في محاربة العنف والجماعات المسلحة على طول حدود هذه الدول، ثمَّ قربهم من السلطات للدفاع على مقار السلطة والحكم، فأصبحوا على اطِّلاع بما يدور في أروقتها، ومن ثمَّ تبلور لديهم حسٌّ سياسيٌّ دفعهم للقيام بتحرُّكات انقلابية على النخب التقليدية وتحالفاتها الخارجية، التي أثبتت عدم جدواها في محاربة العنف، وتحقيق الاستقرار السياسي، والاقتصادي، والأمني، فقُوبلت بدعمٍ شعبي ممَّن سئموا من لعبة السياسة والديمقراطية “المُصطنعة” في المنطقة.

وعليه؛ يؤدي انهيار السياسة هذا إلى تغيير في ديناميكيات السلطة وآليات الوصول إليها، وهو ما يؤدِّي بدوره إلى انقلابات مضادَّة في المستقبل، نتيجة للتنافسات داخل الجيش، فتقع هذه الدول فيما يُعرف “بفخ الانقلابات”، وترتفع احتمالات وقوع عدد كبير من الانقلابات في تتابع سريع. فمالي -على سبيل المثال- وقعت فيها أربع محاولات انقلابية في العقد الماضي، كما وقع انقلابان في أقل من تسعة أشهر في بوركينا فاسو[19]. يُنذر ذلك باحتمال انتقال عدوى الانقلابات من بلد إلى آخر بفعل نجاحه من جانب، أو تفلُّت القائمين به من العقاب، وضعف الإدانة الدولية من جانب آخر.

وهو ما يُدخل المنطقة والإقليم في تبعات وآثار مختلفة، يأتي على قمتها إضعاف الآليات الإقليمية التقليدية (الإيكواس) في التدخل للقضاء على مظاهر التغيير غير الديمقراطي للسلطة، فبعد أن يعلق الإيكواس عضوية كل دولة حدث فيها انقلاب، وتُشدِّد على إعادة المدنيين للحكم، ثمَّ تحثهم على إعلان خطة مراحل انتقالية واضحة للعودة إلى الحكم المدني الديمقراطي، وبعد أن يفشل هذا وذاك، لا يتدخَّل الإيكواس، كما فعل مع النيجر التي منحها حتى الثامن من أغسطس موعدًا لانتهاء مهلة إعادة الرئيس بازوم للحكم، ولم ينفذ وعيده، وهو ما انتهى بتكوين “تحالف الساحل” بين مالي، وغينيا، وبوركينا فاسو، الأمر الذي كشف عن بروز نظام أمن جماعي موازٍ للإيكواس، ينظر إلى أيِّ اعتداء أو تدخُّل في أية دولة على أنه عدوان على الدول الأخرى. كما دعت هذه الدول بقية بلدان الإقليم للدخول إلى التحالف، ما يحفِّز وقوع انقلابات أخرى في المنطقة من جانب، ويسحب من رصيد منظمة الإيكواس من جانب آخر[20].

وفي ظلِّ كلِّ هذه التفاعلات الإقليمية، يرزح ملايين من سكان غرب أفريقيا في الفقر، والمرض، والجوع، كما يُهجر مئات الألوف من منازلهم ومناطق سكنهم إلى مناطق أخرى آمنة بسبب انتشار الجماعات المسلحة والعنف في عدَّة أقاليم داخل كلِّ دولة، ويُبرز الجدول التالي جانبًا من المعاناة الإنسانية في هذه الدول.

الدولة عدد النازحين الفقر والغذاء والحاجة للمساعدات الإنسانية
النيجر[21] يُقدر عدد النازحين بـ 350 ألف، كما نزح أكثر من 20 ألف شخص خلال شهر يوليو، أي في أعقاب الانقلاب. يعتمد ما يقرب من 4,3 مليون شخص (17٪ من السكان) على المساعدات الإنسانية. وتحصل الدولة على 2 مليار دولار سنويًّا من المساعدات الإنمائية، أي ما يقارب 40٪ من ميزانية الحكومة النيجرية يأتي من الخارج.
مالي[22] أدَّت الصراعات إلى نزوح أكثر من 400 ألف مالي داخليًّا، وإغلاق نحو 1500 مدرسة. تفيد التقارير أن ما يقرب من 9 ملايين مالي (أكثر من 40٪) يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية في عام 2023.
بوركينا فاسو[23] نزح أكثر من مليوني مواطن داخليًّا حتى منتصف عام 2023 (حوالي 10% من السكان). نحو 4.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.

المواقف من الانقلابات الأخيرة: تبدُّل في العلاقات الدولية؟

مثَّلت موجةُ الانقلابات الأخيرة في غرب أفريقيا صدمات متتالية للغرب من ناحية، وللقوى التقليدية في الإقليم من ناحية أخرى، فبينما خرجت الإدانات والنداءات المختلفة من الغرب، للمطالبة بعودة الحكم المدني في أسرع وقت، راوحتْ ردودُ الفعل من روسيا والصين بين الدعوة إلى ضبط النفس وتجنُّب الوقوع في دوامة عدم الاستقرار. أمَّا القوى التقليدية في الإقليم وعلى رأسها نيجيريا والسنغال فدعتْ إلى إعادة الرؤساء المُنتخبين المُنقلب عليهم فورًا، وإلى عقد اجتماعات طارئة في المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا. وفيما يلي نرصد عددًا من مواقف هذه القوى:

أولًا: الموقف الإقليمي

تُعد نيجيريا، التي تمتلك ما يقرب من 5600 كم حدودًا مشتركة مع النيجر، هي الأكثر كثافة بالسكان. كما يتولى رئيسها، الذي انتخب في فبراير 2023، رئاسة المجموعة في هذه الدورة، وتمثِّل هذه الانقلابات أبرز التحديات التي تواجه المجموعة الاقتصادية ذات الطابع السياسي، ومن ثمَّ كان انقلاب النيجر التحدِّي الأهم أمام الرئيس، ليس فقط لكونه رئيس المجموعة، ولكن لكون الانقلاب في دولة جوار حدودي وإقليمي تضمُّ مجموعات سكانية من قبائل الهوسا، التي ينحدر منها أغلب سكان نيجيريا، وتربطهم بهم علاقات قرابة ومصاهرة، ولكون نيجيريا تواجه عدَّة تحديات اقتصادية وأمنية أخرى تحول في مجملها دون التدخُّل عسكريًّا في النيجر.

أخذ الرئيس بولا تينوبو خطوة مبكرة بإرسال طلب إلى مجلس الشيوخ لإرسال قوات إلى النيجر في مهمة استعادة الحكم المدني، ولكن المجلس رفض هذا الطلب وحثَّه على البحث في بدائل أخرى. ويُنظر إلى هذا الطلب على أنه محاولة من جانب الرئيس إلى إبراء ساحته أمام الدول الأعضاء المطالبة بتدخُّلٍ عسكري في النيجر[24].

أمَّا السنغال، الدولة الديمقراطية الأكثر استقرارًا في المنطقة، فأوضح رئيسها في مقابلة مع الجزيرة رفضه القاطع لأي شكل للتداول غير السلمي للسلطة، كما أكد على خصوصية كل حالة، وأن مهلة الإيكواس -السابق الإشارة إليها- لم تكن تعني التدخل العسكري المباشر، وإنما التدرُّج في التعاطي مع الأزمة، وإن كان ذلك لا ينفي إمكانية حدوث التدخُّل إذا اتَّفقت الجماعة عليه[25].

في المقابل، أعلنت دولٌ ذات ثقل في الجوار منها الجزائر ومالي معارضتَها التدخُّل العسكري، فالجزائر، ورغم إعلانها “تمسُّكها العميق” بعودة النظام الدستوري في النيجر و”دعمها” للرئيس بازوم، فإنها حذَّرت من “نيَّات التدخُّل العسكري الأجنبي”، كما أرسلت الجزائر في 23 أغسطس 2023 وزير خارجيتها إلى نيجيريا وبنين وغانا، في جولة دبلوماسية تستهدف الحيلولة دون وقوع أي تدخُّل عسكري في النيجر[26]. أمَّا مالي وبوركينافاسو وغينيا، فقد أعلنت في بيان مشترك أن “أي حرب على النيجر تُعَدُّ حربًا عليها”[27].

ويشير مجمل هذه المواقف إلى أنه رغم التنديدات بالانقلاب والمطالبات بعودة الحكم المدني، فإن التدخُّل العسكري يبدو غير مُرَجَّحٍ وفقًا لحسابات القوة والسياقات الداخلية، إذ إن رفض مجلس الشيوخ النيجيري طلب الرئيس النيجيري نشْر قوَّات في النيجر، وتشكُّل تحالف الساحل للمجموعة الانقلابية، وتدخُّل الجزائر كوسيط بين النيجر والإيكواس، وتشديد الاتحاد الأفريقي على رفضه أيَّ تدخُّل خارجي في القارة يؤكِّد عدم جدوى هذا الحل في التعامل، ليس مع الانقلاب في النيجر فحسْب، بل ربما مع أيِّ انقلابات أخرى تحدث في غرب أفريقيا.

ثانيًا: فرنسا

يُنظر إلى غرب أفريقيا على أنه أهم جزء في سياسة فرنسا تجاه أفريقيا، إذ مثَّلت الهيمنة الفرنسية على هذا الجزء من القارة، ومعه وسط أفريقيا، حقيقة واقعة منذ استقلال هذه الدول –شكليًّا- عن فرنسا في الستينيات والسبعينيات، فعمدتْ فرنسا عبر وسائل هيمنة ثلاثية الأبعاد إلى إحْكام قبضتها على هذه المستعمرات، تمثَّلت في:

  1. هيمنة عسكرية تمثَّلت في تسليح هذه الجيوش، والاحتفاظ بقوات مقاتلة داخلها، وتدريب وتعليم قادتها داخل فرنسا، وتكوين آليات إقليمية تكون فرنسا قائدتها، مثل آلية دول الساحل الخميس لمكافحة الإرهاب في الساحل (G5).
  2. هيمنة ثقافية، فهذه الدول جزء رئيس في المنظمة الفرانكوفونية، وتعتمد دولها اللغة الفرنسية لغة رسمية لها، بل تساهم بدرجة كبيرة في الحفاظ على مكانة الفرنسية كلغة عالمية[28].
  3. هيمنة اقتصادية، بسبب اعتماد هذه الدول عملة الفرنك الأفريقي (CFA) الذي يكتسب صفته كعملة موثوقة من البنك المركزي الفرنسي، ويلزم على هذه الدول وضع 50% من احتياطاتها داخله، مع ضرورة تغيير الفرنك من البنك الفرنسي في حال القيام بأيِّ معاملة تعتمد على العملات الدولية، ما يوفِّر سيولة نقدية مضمونة لفرنسا، ويجعلها طرفًا ثالثًا في أيِّ معاملة تقوم بها هذه الدول[29].

أضْحت هذه الهيمنة الفرنسية مُهَدَّدة بعد الانقلابات المتتالية في غرب أفريقيا ووسطها، فعسكريًّا، انسحبت فرنسا كلِّيًّا من مالي في 2022، كما بدأت بسحْب قواتها من النيجر في أكتوبر 2023، وهو ما سيتحقَّق كلِّيًّا قبل نهاية العام، وكانت هذه آخر أكبر نقاط تمركز في المنطقة. قبلها، أعلنت فرنسا إنهاء أو إلغاء عملية برخان، التي انطلقت في الأول من أغسطس 2014 وحتى 9 نوفمبر 2022، وفشلتْ في تحقيق هدفها في القضاء على نفوذ الحركات الجهادية والانفصالية في المنطقة. ثقافيًّا، طالبتْ مظاهرات في بوركينا فاسو بإلغاء الفرنسية واستبدالها باللغة الإنجليزية أو لغات محلية، وردَّت السلطات بوضع خطة لإلغاء الفرنسية تدريجيًّا من المناهج التعليمية وإدارات الحكم المحلي[30]. اقتصاديًّا، خرجت غينيا نهائيًّا، ومالي مؤقتًا، من منطقة الفرنك الأفريقي[31].

مع ذلك، يشير البعض إلى أن استراتيجية فرنسا الجديدة في أفريقيا التي أعلنها ماكرون في فبراير 2023 تؤدي إلى تقليل التدخُّل والتواجد العسكري المباشر في أفريقيا، إذ أشارت إلى خفض الوجود العسكري في القارة إلى أدنى مستوى (3000 جندي بدلًا من 5500)، فخفضت عدد قواتها في ساحل العاج إلى 950 جنديًّا، والسنغال والجابون إلى 350 جنديًّا، بالإضافة إلى جيبوتي التي تضم 1500 جندي، والاعتماد على تقديم الدعم للجيوش الأفريقية عبر المعلومات الاستخباراتية، أو الخدمات اللوجستية، أو صادرات الأسلحة، فضلًا عن التوسُّع في العلاقات مع الدول الناطقة بالإنجليزية[32].

وفي النهاية يشير ما سبق إلى أن فرنسا، برغم تراجع نفوذها في أفريقيا عامة وغرب أفريقيا خاصة، فإنها لم تعدم هذا التأثير، فلا تزال 8 دول من غرب أفريقيا داخل نطاق الفرنك الغرب أفريقي، وأن فرنسا، وإن كانت أعلنت انسحاب الكثير من قواتها العسكرية من القارة، فإنها لم تعلن انسحابها الكامل من غرب أفريقيا، وإنما عمدت إلى ترتيبات تتعلَّق بخفض تكلفة التواجد العسكري المباشر، والاعتماد على أدوات جديدة توائم طبيعة تقاطعات التكالب الدولي الجديد في أفريقيا والداخل الفرنسي ذاته.

ثالثًا: الولايات المتحدة

تتابع الولايات المتحدة التطورات في غرب أفريقيا والساحل الأفريقي لعدَّة اعتبارات يأتي على رأسها: زيادة النفوذ الصيني في أفريقيا، وتراجع النفوذ الفرنسي والغربي عامة في القارة، وزيادة التغلغل الروسي عسكريًّا وسياسيًّا في القارة وغرب أفريقيا، والاهتمام بقضايا مكافحة الإرهاب والعنف بحكم أنه أصبح تهديدًا عالميًّا، ونشر الديمقراطية والقيم الأمريكية في كافة أرجاء العالم، فضلًا عن اهتمامها بموارد غرب أفريقيا الغنية بالنفط، واليورانيوم، والذهب، والمواد الخام الزراعية.

أعلنت الولايات المتحدة –إجمالًا- رفْضها للانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا: في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، ومؤخَّرًا في النيجر، ودعتْ إلى إعادة الحكم المدني، كما فرضتْ حزمًا من العقوبات على قادة الانقلاب في هذه الدول، وجمَّدت بعض المساعدات الممنوحة لها، فسياسة الولايات المتحدة في هذه المنطقة ترتكز على مجموعة من الركائز في مقدِّمتها:

  1. 1. المساعدات الإنسانية: خصَّصت الولايات المتحدة دفعةً من المساعدات إلى دول غرب أفريقيا، فخُصِّصَ لمالي 147 مليون دولار من المساعدات الثنائية في السنة المالية 2022-2023، مع التركيز على الصحة، والزراعة، والتعليم، والحوكمة، إلى جانب 90 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الطارئة، و362 مليون دولار لميزانية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعدِّدة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، كما اقترحت الإدارة الأمريكية 142 مليون دولار كمساعدة ثنائية لمالي في السنة المالية 2024. وخصَّصت الولايات المتحدة 92 مليون دولار من المساعدات الثنائية للنيجر في السنة المالية 2022، مع التركيز على الصحة والزراعة، وطلبت الإدارة 107 ملايين دولار للنيجر في السنة المالية 2024، وتستكمل السلطات في النيجر اتفاقًا يركِّز على الأمن الغذائي مع مؤسسة تحدِّي الألفية بقيمة 443 مليون دولار.
  2. العقوبات المادية: فرضتْ إدارة بايدن في يوليو 2023 عقوبات مالية وعقوبات تتعلَّق بالدخول إلى الولايات المتحدة على وزير الدفاع المالي، ومسؤولين كبيرين في القوات الجوية، وقائدين عسكريين ماليَّيْن من المستوى المتوسط مشيرةً إلى دورهما في مذبحة مدنية في وسط مالي[33].

ويمكن القول بصفة عامة: إن الولايات المتحدة كانت تعتبر النيجر ركيزةً أساسيةً في استراتيجيَّتها في المنطقة، خاصة في محاربة العنف والجماعات المسلَّحة، ولذلك تأخَّرت الإدانة الصريحة للانقلاب في النيجر، وتوقيع حزم العقوبات المرتبطة بتغير نظم الحكم بالطرق غير الدستورية. وتحتفظ الولايات المتحدة بما يقْرب من 1100 جندي في النيجر كجزءٍ من استراتيجيَّتها لمتابعة نفوذ القوى المُنافسة لها في المنطقة والقيام بعمليات تستهدف الجماعات المسلَّحة، كما أعلنت الولايات المتحدة أنها لم تسْحب قوَّاتها وإن كانت تفكِّر في نقْلها لمناطق أخرى في الإقليم[34]. كما تخْشى الولايات المتحدة ترك الدول التي تنسحب منها فرنسا مرتعًا لنفوذ شركة فاجنر الروسية التي ترصد الولايات المتحدة عن كثبٍ نشاطها في العالم، وتعدُّه منافسًا لعمل شركاتها ومنظومتها لفرض الأمن العالمي[35].

رابعًا: روسيا

كانت روسيا الاسم الأكثر تكرارًا في انقلابات غرب أفريقيا الأخيرة، إذ حضرت على لسان قادة الانقلاب وفي تصريحات القوى الغربية تعليقًا على هذه الانقلابات، كما حضرت أعلامها في المظاهرات الشعبية التي خرجت دعمًا لها. لقد أضْحت علاقات أقوى مع روسيا دليلًا على نجاح هذه الانقلابات ومعاداة فرنسا والغرب[36]، فحسْب باحثٍ تِشادي: “فإن روسيا في عهد بوتين لها سحر خاص في أعين الأفارقة من سياسيِّين، وقادة رأي، وعسكريِّين، فالكلُّ يرى في فلاديمير بوتين الرجل القوي القادر على جعل الغرب يُعاني، والقادر على كسْر هيمنة فرنسا[37].

ورغم إدانة روسيا -بعبارات أقل حدَّة– لهذه الانقلابات، فإنها دعت القادة العسكريِّين لمالي وبوركينا فاسو إلى قمة روسيا-أفريقيا في سان بطرسبرج، والتي عُقدت في يوليو 2023. وفي كلمة بوتين، عزا عدم الاستقرار في أفريقيا إلى “الإرث الثقيل للعصر الاستعماري” ونهج “فرق تسُد” الغربي في التعامل مع شعوب هذه الدول ومكوناتها. كما تضمَّن إعلان القمة التعهُّد “بالعمل معًا لمواجهة مظاهر السياسات الاستعمارية الجديدة”[38].

وبحسْب تقرير مركز بحوث الكونجرس الأمريكي، فقد تعاقد المجلس العسكري في مالي مع مجموعة فاجنر الروسية للمساعدة في عمليات مكافحة التمرُّد، وأشار إلى وجود ما بين 1000 إلى 1600 من مقاتلي فاجنر منذ منتصف عام 2023، وأن مالي تدفع منذ عام 2022 ما يقارب 10 ملايين دولار شهريًّا للشركة الروسية[39].

كما قامتْ روسيا بإمداد الجيش المالي بأسلحة ومعدَّات حربية متطوِّرة في أقل من عام لم تحصل عليها طيلة فترة التحالف مع فرنسا منذ عام 2013م، حسب متابعين، فقد تسلَّم الجيش طائرات من نوع هليكوبتر روسي الصنع، بالإضافة إلى أجهزة رادار للمراقبة، وذخائر، ومدرعات. تفاعلًا مع ذلك، صرح وزير الدفاع بالقول: “إن الجيش الوطني أصبح يمتلك أسلحة تُمكِّنه من خَوْض معارك حربية ضد الإرهابيِّين بكلِّ استقلالية دون الحاجة إلى جهة أخرى”. كما جرى تقديم هذه المعدات للجمهور عبر القنوات الفضائية[40].

وتدليلًا على انخراط روسيا في انقلابات غرب أفريقيا، أشار مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية (الأمريكي) إلى أن هذ الانقلابات سبقتها حملات تضليل روسية منسَّقة شملتْ هجومًا إعلاميًّا على الحكومات المدنية المنتخبة، وقدرة الحكومات الديمقراطية على الحفاظ على الأمن، مع ربط هذه الحكومات بالمشاعر المناهضة للاستعمار[41]. كما وصف -المركز- أن “تقويض الديمقراطية هدف استراتيجي لسياسة روسيا تجاه أفريقيا على مدى العقدين الماضيين، إذ توفر الحكومات الاستبدادية التي تفتقر إلى التوازنات المحلية بيئات متساهلة لتمكين النفوذ الروسي في القارة، كما يؤكِّد الاستبداد في الخارج صحة ممارسات الحكم غير الديمقراطية لروسيا في الداخل”[42].

يضع مجمل التعليقات السابقة علاقة روسيا مع قادة الانقلاب في غرب أفريقيا في سياق مناهضة هذه الدول لفرنسا والغرب من جانب، ومن جانب آخر، تضع روسيا في مواجهة الغرب، بإبرازها كلاعب عالمي ذي ميول تعديلية تبحث عن ساحات جديدة للعب والتنافس مع الغرب، وتهدف في النهاية إلى إرساء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب[43].

خامسًا: الصين

تظلُّ للصين مصالح اقتصادية وعسكرية قوية في غرب أفريقيا، كما يظل لها اقترابها الحذر من التغيُّرات غير السلمية في الحكومات، إذ مع رفضها للنهج الأخير، تعلن دومًا مساندتَها لقوى الأمر الواقع، خاصةً إذا كانت مدعومة من الشعوب[44].

ويمثِّل عدم الاستقرار عقبةً أمام الصين في غرب أفريقيا، وفي مجمل أرجاء العالم، فمشروعات البنية التحتيَّة العملاقة ضمن مبادرة الحزام والطريق قد تتأثَّر بهذه الموجة من الانقلابات، كما تتهدَّد مصالح شركاتها العاملة في مجالات استخراج النفط والثروات في أفريقيا، كما تخشى الصين من أن يطال عدم استقرار الدول المطلَّة على المحيط الأطلسي في غرب أفريقيا ما فيها من موانئ صينية ومناطق صناعية عملاقة في نيجيريا، والسنغال، وساحل العاج، والرأس الأخضر. بالإضافة إلى ذلك، تتخوَّف الصين من أن يطال مواطنيها المنتشرين في المنطقة آثار عدم الاستقرار في وقت تضع سلامة وأمن مواطنيها في أولوية سياستها في أفريقيا.

وفي هذا الإطار، صرَّحت الصين في أكثر من مناسبة رفْضها لما حدث في النيجر واصفةً بازوم على أنه صديق للصين، كما نادت بإطلاق سراحه والحفاظ على أرواح المدنيِّين[45]، وهو ما يتَّسق مرةً أخرى مع نهج الصين العام في انخراطها مع التغيرات غير الدستورية للحكم. ولم تُشر الصين إلى أنها ستعلِّق أيًّا من نشاطها في النيجر أو في غرب أفريقيا.

خاتمة:

شهدتْ منطقة غرب أفريقيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة عددًا كبيرًا من المحاولات الانقلابية، بعضها نجح في الاستمرار في الحكم، وأُحبطت محاولاتٌ أخرى في الساعات الأولى من وقوعها. ويبدو أن المنطقة التي شهدتْ ثلاثة عقود من الانقلابات في فترة ما بعد الاستقلال حتى منتصف التسعينيات قد دخلت في موجة جديدة من الانقلابات بعد عقدين أو أقل من الاستقرار النسبي.

صارتْ -في هذه الموجة الجديدة- مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، والنيجر (الدول الفرانكوفونية) في قلب هذه التحركات المُكثفة للقادة العسكريِّين للاستيلاء على الحكم. وكان الدافع من هذه الانقلابات مشتركًا تقريبًا، وتمثَّل في فشل الحكومات المتعاقبة في مواجهة العنف، والجماعات المسلَّحة، وحركات التمرُّد (تحقيق الاستقرار الأمني)، ورفع مستوى المعيشة، والاستفادة من موارد البلاد، فضلًا عن الخروج من دوامة التبعية السياسية والأمنية للغرب (فرنسا).

عرف الضبَّاط الصغار من القيادات الوسطى في هذه الدول طريق السلطة والحكم بعدما شاركوا في عمليات لمكافحة التمرُّد، ثم ترقوا للمشاركة في حماية مقار السلطة السياسية، فاشتبكوا مع الواقع السياسي، كما جسُّوا نبض الشارع الرافض للنخب التقليدية التي تحوم حولها تُهم الفساد والموالاة لفرنسا، والتي لم تقدِّم جديدًا على مدار عقود من الزمن. التقطتْ هذه القياداتُ تلك الإشارات ثم استرجعت تاريخ بلادها الذي يشجِّع على الانقلابات، فأعلنوا حركاتهم التي باركها جمع معتبر من جماهير بلادهم.

الجديد في هذه الموجة هو تغلُّب قادتها على موجات الإدانة الإقليمية والدولية، واستقوائهم بروسيا، ثم تجمُّعهم لأجل مواجهة الإقليم مشكِّلين مظلَّة لحماية الانقلابات في غرب أفريقيا، وعليه، فإن السيناريو المرجَّح هو بقاء هؤلاء القادة في الحكم إلى حين تسليمهم السلطة، أو بالأحرى تنازلهم عنها أو الانقلاب عليهم من قيادات داخل الجيش، وذلك وفقًا للسيناريوهات الفرعية التالية:

سيناريو تمديد الفترات الانتقالية: يقوم هذا السيناريو على التشكيك في نيات القادة العسكريين الحاليين، وفي رغبتهم في إتمام الانتقال الديمقراطي في ظلِّ عدم رغبتهم في الصدام المباشر مع قوى المجتمع المحلي، والأحزاب السياسية، والمجتمع الدولي، ومن ثم، سيعمدون إلى إطالة أَمَدِ المراحل الانتقالية إلى أقصى حدٍّ ممكنٍ إلى حين ترتيب مواقعهم في السلطة السياسية وانتقاء من يخلفهم فيها، وهو ما حدث بالفعل في مالي وبوركينا فاسو، بسبب الفشل في الوفاء بالآجال المُحددة لإقرار الدستور والاستحقاقات الانتخابية.

سيناريو خلع البزة العسكرية: قوام هذا السيناريو هو إعلان قادة الانقلاب أنفسهم، بعد فترة من الزمن، مرشحين في انتخابات –قد تكون شكلية أو نزيهة- ثم يتحوَّل القادة السابقون إلى وزراء لتولِّي الحقائب الوزارية المهمَّة، مع احتمالية السماح بقيام تعدُّدية حزبية صورية داخل الغرف التشريعية في ظلِّ نظامٍ رئاسيٍّ صارم.

سيناريو إتمام الانتقال الديمقراطي: يتحقَّق هذا السيناريو في حال اقتناع العسكريِّين بعدم جدارتهم بتولِّي المناصب السياسية في البلاد، وامتناعهم عن الترشُّح في الانتخابات، وتأمين عملية انتخابية نزيهة، ومن ثم يقومون بعدها بتسليم السلطة للمدنيِّين في أقْرب الآجال. ظهرتْ بوادرُ هذا السيناريو مع تأكيد تراوري على عدم رغبته للترشُّح في الانتخابات وتحقيق انتقال ديمقراطي.

ويبدو أن واقع غرب أفريقيا منفتحٌ على كافة السيناريوهات، بما فيها انضمام دول جديدة إلى مجموعة تحالف الساحل، ويُرجِّح السيناريوهين الأول والثاني، اللذان تطول فيهما آجال الفترات الانتقالية تمهيدًا لتولِّي العسكريِّين قمة السلطة السياسية في نظام حكم رئاسي يتمحور حول الرئيس ونخبته.

وفي النهاية، يظلُّ مصير القضايا الكبرى في غرب أفريقيا التي تتمثَّل في تحقيق الاستقرار الأمني، والتنمية الاقتصادية، والديمقراطية السياسية، والاستقرار الاجتماعي، غير واضح بسبب تعقُّد الواقع السياسي، وزيادة التحديات الاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية في ظلِّ توزانٍ اجتماعي هَشٍّ ونشاط دائم للجماعات المسلَّحة وحركات التمرُّد.

 

هوامش

*  ماجستير العلوم السياسية، تخصص العلاقات السياسية الدولية، ومدير مساعد للأبحاث بمركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر.

[1] ورد في: منى عبد الفتاح، انقلابات أفريقيا بين طوق النجاة وأمواج الغرق، 20 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 6 أكتوبر 2023، الساعة 11:15، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3tpikd7

[2] Megan Duzor and Brian Williamson, By Numbers: Coups in Africa, Voice of America (VOA), 3 October 2023, Accessed: 17 October 2023, 2:29, available at: https://bit.ly/48SRRoF

[3] حمدي عبد الرحمن، فخ الانقلابات.. مستقبل الدور السياسي للجيوش في أفريقيا!، قراءات أفريقية، 2 أكتوبر 2023، تاريخ الاطلاع: 7 أكتوبر 2023، الساعة 2:57، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/5wn1YaEk

[4] Did the Niger coup just succeed? And other questions answered about what’s next in the Sahel, Atlantic Council, 10 August 2023, Accessed: 18 October 2023, 1:39, available at: https://bit.ly/47bbNRU.

[5] مالي: المجلس العسكري يعلن تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير 2024، فرنسا 24،  25 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 5 أكتوبر 2023، الساعة 3:11، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/48EkqWU

[6] عمر التيس، وسط وغرب أفريقيا: من مالي وصولا إلى الغابون.. ثمانية انقلابات في غضون ثلاث سنوات، فرانس 24، 31 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 29 أكتوبر 2023، الساعة 9:00، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/476gAUU

[7] بعد خدمته في الفيلق الأجنبي الفرنسي لعدة سنوات، طلب الرئيس كوندي بنفسه من العقيد دومبويا العودة إلى غينيا لقيادة مجموعة النخبة من القوات الخاصة التي تأسست في عام 2018. ويبلغ من العمر 43 عامًا.

انقلاب غينيا: من هو الرجل الحديدي الذي صنع الحدث هذا الأسبوع؟، بي بي سي بالعربية، 7 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 28 أكتوبر 2023، الساعة 8:00، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3s2H4b7

[8] ISSAKA K. SOUARÉ, Guinea’s new constitution: a platform for political stability?, Institute for Security Studies, 12 October 2023, Accessed: 17 October 2023, 3:19, available at: https://bit.ly/478WzNl

[9] القائد الجديد المقدم بول هنري سانداوغو داميبا هو أيضا قادم من القوات الخاصة، ومنها إلى قيادة اللواء الخاص بحماية العاصمة واجادوجو.

[10] محمد عزت، هل يختلف إبراهيم تراوري عن أي قائد انقلاب آخر في أفريقيا؟، ميدان، 9 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 27 أكتوبر 2023، الساعة 7:05، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3QCkakj

[11] بوركينا فاسو: المجلس العسكري يعلن إحباط “محاولة انقلاب” والقبض على ضباط، فرنسا 24، 28 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 5 أكتوبر 2023، الساعة 1:27، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3Q4XDwf

[12] محمد عزت، هل يختلف إبراهيم تراوري عن أي قائد انقلاب آخر في أفريقيا؟، مرجع سابق.

[13] لم تكن هذه هي المحاولة الأولى للانقلاب على بازوم، ففي مارس 2021، وقبل تنصيبه بيوم واحد، كانت هناك محاولة من قبل قادة الجيش لمنع تنصيبه، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل. وثاني تلك المحاولات كانت في مارس 2022م؛ إذ قُبض على وزير الداخلية الأسبق عثمان سيسي بتهمة تدبير محاولة انقلاب الفاشل على الرئيس بازوم، حينما كان في زيارة  إلى تركيا.

[14] محمد الجزار، محاولة الانقلاب العسكري في النيجر: الأسباب والتداعيات، قراءات أفريقية، 27 يوليو 2023، تاريخ الاطلاع: 7 أكتوبر 2023، الساعة 12:27، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/MwnMlwzX

[15] فرنسا تعلن بدء سحب قواتها العسكرية من النيجر “هذا الأسبوع”، فرنسا 24، 5 أكتوبر 2023، تاريخ الاطلاع: 5 أكتوبر 2023، الساعة 1:09، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/45ftsql

[16] أحمد الوديعة، هل تكون النيجر “أوكرانيا” الساحل الأفريقي؟، مركز الجزيرة للدراسات، 6 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 6 أكتوبر 2023، الساعة 2:33، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/LwnHHmG1

[17] محمد الجزار، محاولة الانقلاب العسكري في النيجر: الأسباب والتداعيات، مرجع سابق.

[18] محمد صالح عمر، انقلابا النيجر والغابون.. هذه أبرز إجراءات 4 دول بغرب أفريقيا، الجزيرة.نت، 2 سبتمبر 2023، تاريخ الدخول: 5 أكتوبر 2023، الساعة 10:56، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/wwnEnKeI

[19] Megan Duzor and Brian Williamson, By Numbers: Coups in Africa, Op. cit.

[20] بدر حسن شافعي، ما الجديد في تحالف “الانقلابيين” في غرب أفريقيا؟، الجزيرة. نت، 30 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 5 أكتوبر 2023، الساعة 8:45، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/DwnOztOq

[21] نهاد محمود، مع استمرار المشهد المأزوم بالنيجر: كيف ساهَم الانقلاب العسكري في تفاقم الوضع الإنساني؟، قراءات أفريقية، 6 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 7 أكتوبر 2023، الساعة 12:48، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/7wnMP357

[22] Alexis Arieff, Crisis in Mali, Congressional Research Service (CRS), 15 August 2023.

[23] Alexis Arieff, Burkina Faso: Conflict and Military Rule, Congressional Research Service (CRS), 28 September 2023.

[24] التدخل العسكري في النيجر: المقتضيات والمحاذير، مركز الجزيرة للدراسات، 25 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 6 أكتوبر 2023، الساعة 2:33، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/twnHV6VO

[25] المقابلة | الرئيس السنغالي ماكي سال – ج1، قناة الجزيرة على اليوتيوب، 1 أكتوبر 2023، تاريخ الاطلاع: 5 أكتوبر 2023، الساعة 2:30، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/45Lg11K

[26] التدخل العسكري في النيجر: المقتضيات والمحاذير، مرجع سابق.

[27] أحمد الوديعة، هل تكون النيجر “أوكرانيا” الساحل الأفريقي؟، مرجع سابق.

[28]مامادو فاي، لماذا تتشبث فرنسا بـ”مربعها المسبق” في أفريقيا جنوب الصحراء؟، ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو، قراءات أفريقية، 28 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 7 أكتوبر 2023، الساعة 3:30، متاح على الرابط التالي:  https://cutt.ly/Swn1RMLa

[29] هشام عليوان، مالي بين فرنسا الآفلة وروسيا الطامعة، البيان، العدد، 430، ص ص 28 – 34.

[30] خديجة الطيب، الفرنسية “المهيمنة” مطالبة أيضا بالرحيل من غرب أفريقيا، 27 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 6 أكتوبر 2023، الساعة 11:05، متاح على الرابط التالي:  https://bit.ly/3RFO6gh

[31] التعاون النقدي بين أفريقيا وفرنسا: فرنك الجماعة المالية الأفريقية، موقع وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، الأول من ديسمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 29 أكتوبر 2023، الساعة 10:10، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/477rWbh

[32] بدر حسن شافعي، النفوذ الفرنسي في أفريقيا.. تراجع إستراتيجي أو انسحاب تكتيكي؟، الجزيرة. نت، 16 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 6 أكتوبر 2023، الساعة 11:23، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/vwnF2Kwc

[33] Alexis Arieff, Crisis in Mali, Op. cit.

[34] Hermine Sam, The Coup in Niger, GMF, 13 October 2023, 20 October 2023, 1:20, Available at: https://bit.ly/3scosW4

[35] حمدي عبد الرحمن، متاهة الغرب ..انقلاب النيجر ومعضلة الساحل، قراءات أفريقية، الأول من أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 7 أكتوبر 2023،  الساعة 11:57، متاح على الرابط: https://cutt.ly/ewnMrzzE

[36] للمزيد راجع:

– Giorgio Cafiero, Russia’s Wagner Group in Africa: Growing concerns of the West, Daily Sabah, 14 March 2023, Accessed: 18 October 2023, 1:48, available at: https://bit.ly/49h1Cxl

– إسماعيل الشيخ سيديا، يقودها شباب ويغذيها الصراع بين فرنسا وبعض خصومها.. انقلابات غرب أفريقيا متحورات أم تحولات؟، الجزيرة.نت، 10 فبراير 2022، تاريخ الاطلاع: 5 أكتوبر 2023، الساعة 11:05، متاح على الرابط التالي: https://cutt.ly/AwnOh1H8

[37] خديجة الطيب، لماذا باتت دول غرب أفريقيا تفضل روسيا على فرنسا؟، إندبندنت عربية، 27 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 6 أكتوبر 2023، الساعة 11:05، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3LOo1aX

[38] Louisa Brooke-Holland, Coups and political stability in West Africa, House of Commons Library, 18 September 2023, p35.

[39] Alexis Arieff, Crisis in Mali, Op. cit.

[40] محمد سنكري، التعاون العسكري بين مالي وروسيا والمشكلات الأمنية في منطقة الساحل، 30 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع: 7 أكتوبر 2023، الساعة 4:00، متاح على الرابط: https://cutt.ly/Kwn8yIKz

[41] Attempted Coup in Niger: Backgrounder, Africa Center for Strategic Studies, 27 July 2023, Accessed: 17 October 2023, 1:12, available at: https://bit.ly/45PlTXJ

[42] تتبع التدخل الروسي لعرقلة الديمقراطية في أفريقيا، مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، 21 يوليو 2023، تاريخ الاطلاع: 17 أكتوبر 2023، الساعة 1:30، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/46KduGi

[43] Giorgio Cafiero, Russia’s Wagner Group in Africa: Growing concerns of the West, Op. cit.

[44] محمود زكريا، كيف تفاعلت الصين مع تغيرات ما بعد الانقلابات العسكرية في أفريقيا؟، الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، 22 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 29 أكتوبر 2023، الساعة 2:20، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3QhKMWh.

[45] Jevans Nyabiage, As coups threaten African stability, China struggles to make headway with belt and road interests, South China Morning Post, 1st October 2023, Accessed: 29 October 2023, 2:50, available at: https://bit.ly/3FALnxh

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى