مفهوم الحضاري ومعالم منظور جديد في العلوم السياسية والاجتماعية

مفهوم الحضاري ومعالم منظور جديد في العلوم السياسية والاجتماعية


24/10/2010

مفهوم الحضاري ومعالم منظور جديد في العلوم السياسية والاجتماعية عقد مركز الحضارة للدراسات السياسية بالقاهرة بالتعاون مع مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة بجامعة القاهرة حلقة نقاشية حول “مفهوم الحضاري ومعالم منظور جديد في العلوم السياسية والاجتماعية” في الفترة 24-25 أكتوبر 2010، شارك فيها عدد كبير من المفكرين والأكاديمين وشباب الباحثين.

 

بدأت جلسات اليوم الأول بكلمة افتتاحية ألقاها الأستاذ الدكتور عبد الحميد أبو سليمان، رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وركز فيها علي أهمية تقديم رؤية حضارية عربية إسلامية لا تتماهى مع ما يريده الغربي، أي تقديم رؤية نابعة من الذات ومبتعدة عن تقليد النموذج الذي يقدمه الآخر الغربي. ثم تناول الأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية والفكر السياسي الإسلامي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة مفهوم الحضاري: المداخل، والأدوات، والإشكاليات”، وركز في كلمته على عدة محاور يمكن من خلالها دراسة مفهوم الحضاري وتفعيلها، ودراسة العلاقة بين الحضاري والثقافي، ودراسة الحضاري في إطار التنوع وأصوله، ودراسة الحضاري من وجهة نظر الحلقات الزمانية المتشابكة، وكذلك كيفية تحويل الحضاري إلى مداخل وأدوات أكاديمية وكيفية تشغيل وتفعل هذه الأدوات. رأست الدكتورة زينب الخضيري، أستاذة الفلسفة بكلية الأداب جامعة القاهرة، الجلسة الأولى والتي كانت بعنوان “مفهوم الحضاري… سعة الخريطة الدلالية، وبدأت الجلسة بورقة للأستاذ نبيل عبد الفتاح، مدير مركز تاريخ الأهرام، عن مفهوم الحضاري في الدراسات اللغوية والقانونية، وأشار في كلمته إلى سعة الخريطة الدلالية للمفهوم الذي يمتاز بالغموض والسيولة والمجاز، وركز في كلمته على استعراض التجربة المصرية في نقل القوانين الأوروبية وتوطينها لاستكشاف الحضاري من خلالها. ثم جاءت ورقة الأستاذ فؤاد السعيد، الباحث بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بالقاهرة، عن “مفهوم الحضاري في رؤى العالم”، واستعرض فيها مفهوم رؤى العالم وتطور صياغته الفلسفية، وخصائص هذه المفهوم اللصيق بالحضاري من وجهة نظر الأنثربولوجيا والفكر الفلسفي. ثم تحدث الدكتور إبراهيم البيومي غانم، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بالقاهرة، عن “الحضاري من وجهة نظر العمل الخيري، وركز غانم على أهمية إيجاد فروق واضحة بين المنظورين الغربي والإسلامي من خلال عدة مفاهيم مثل الدولة والمدينة، وأكد على أن العمل الخيري هو أصل في إدراك الإنسان المسلم ورؤيته للحياة، وربط العمل الخيري بالمقاصد الشرعية والدور التاريخي للأوقاف، وفي نهاية كلمته ضرب مثالاً بحفظ المياه من وجهة نظر العمل الخيري الإسلامي. وكانت الكلمة الرابعة للأستاذ الدكتور قاسم عبده قاسم، أستاذ التاريخ بجامعة الزقازيق، وتحدث عن “الحضاري في الدراسات التاريخية”. وقد أكد قاسم في بداية كلمته أن التاريخ والحضارة مترادفان، وأن كليهما مقترن بالآخر، وركز في معظم كلمته على استكشاف معنى الحضاري في التاريخ الإسلامي وقبله في القرآن الكريم. ورأى قاسم أن التاريخ الإسلامي يعاني من القراءة الماضوية له، وأنه علينا أن نعيد قراءته من منظور حضاري بصورة شاملة، وذلك لمعرفة ظواهر هذا التاريخ ومفرادته. أما الدكتور حسن وجيه، أستاذ اللغويات والتفاوض بجامعة الأزهر، فكانت ورقته حول “الحضاري في عمليات الحوار الحضاري والثقافي”؛ حيث أكد وجيه في بداية حديثه أننا نعيش حاليًا في ظل حضارة إنسانية واحدة، وركز في معظم كلمته على مفهوم الحساسيات الثقافية في تعاملنا مع الآخر، وذلك من منطلق ضرورة معرفته والتعرف العميق على ثقافته، سواء كان هذا الآخر خارج نطاقنا الثقافي أم داخله، وناقش هذا الموضوع من خلال تعامل مصر مع أزمة الجزائر وأزمة مياه النيل. وترأس الجلسة الثانية الدكتور علي ليلة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس؛ حيث دارت الجلسة حول الأوراق التي قدمها مجموعة من شباب الباحثين حول مفهوم الحضاري في نماذج فكرية عربية وإسلامية وغربية” لدى العديد من المفكرين المنتمين لمدارس فكرية مختلفة مثل (مالك بن نبي، شريعتي، السيد ياسين، محمد عابد الجابري، طارق البشري، رفيق حبيب، إسماعيل الفاروقي، عبد الوهاب المسيري، حامد ربيع، منى أبو الفضل، نادية مصطفى، سيف الدين عبد الفتاح، عبدالله العروي، أنور عبد الملك) مع عدم إغفال إدارة الندوة لدراسة الحضاري في فكر نماذج غربية (توينبي، شبنجلر، جوستاف لوبون، إدجار موران، آلان تورين). وتحدث في الجلسة الأساتذة (محمد كمال، مدحت ماهر، محمد الجوهري، فاطمة حافظ، شيماء بهاء، ماجدة إبراهيم، مروة صبحي، محمد العربي). وعقَّب الدكتور ليلة على الأوراق المقدمة بعدة نقاط استخلصها من الأوراق؛ منها ضرورة قراءة التنظير الغربي بشأن “الحضاري” بعناية وحرص والتفريق بن منهجية هذا التنظير ومضمونه، وكذلك أعطى نبذة عامة عن بنية الحضارة التى تدور حول الإنسان والدين والزمان، والثقافة والمشروع. ثم جاءت تعقيبات الأساتذة الحاضرين لتركز حول عدة نقاط منها: • ضرورة تقييم التاريخ عن عدد من المفكرين مثل عابد الجابري، وكذلك استيضاح حجم التاريخ ومكانته فى الفكر الحضاري الغربي. • ضرورة تقييم المفكرين بصورة تتناسب وحجم أعمالهم ومضمونها الحقيقي.• ضرورة إثارة التساؤلات حول فكر المفكرين في إطار الدوائر الأوسع، وكذلك الخروج إلى دوائر أخرى غير تلك التي شملت العلماء المعروض إسهامهم الحضاري.ثم تناولت الجلسة الثالثة “المنظور الحضاري في الرؤى العالمية والإنسانية”؛ فعن “الحضاري في منظور المعلوماتية” أكد أ.د.حازم حسني الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن هناك علاقة وثيقة بين الحضارة والتكنولوجيا؛ فالتكنولوجيا تؤثر بشكل واضح على الحضارة. وأشار إلى أنه ينبغي التمييز بين الحضاري والثقافي؛ فالحضاري له طابعه الكلي وينطلق من جملة التفاعلات بين المفردات، بينما الثقافي له طبيعة فردية، فالحضاري هو المستوى الكلي والثقافي هو المستوى الجزئي. ثم ناقشت د.أماني صالح، مدرس العلوم السياسية بجامعة مصر الدولية، “المنظور الحضاري: المفهوم والمقومات والإشكاليات”. فعرَّفت المنظور االحضاري بأنه رؤية للاقتراب من المشكلة البحثية يركز علي خصوصيتها الثقافية، مع مراعاة البيئة الثقافية والمكانية والزمانية التي تتم فيها دراسة الظاهرة، وتتشكل هذه الخصوصية نتيجة مجموعة من العوامل المتعددة والخبرات الحضارية. وهذه الخصوصية لا تنفي وجود المشترك الإنساني، وهذا الأخير لا يعني عدم وجود تنوع. ويقوم المنظور الحضاري بعدة وظائف -كغيره من المنظورات- وهي التفسير والتحليل والتنبؤ. ورغم ضخامة الإشكاليات التي يواجهها المنظور الحضاري فإن ذلك لا يعني فشله بل ضرورة استمراره. وعن المنظور الحضاري واستراتيجية الترجمة، لاحظ أ.شوقي جلال، المفكر والمترجم، أن قضية الحضاري محل اهتمام على المستوى النظري، ولكنها غائبة عن مجال التطبيق, وأكد على ضرورة أن تكون استراتيجية الترجمة جزءًا من استراتيجية أشمل للنهوض الحضاري، تتضافر فيها الترجمة والإبداع المحلي في توطين العلم والتكنولوجيا؛ حيث تتضمن استراتيجية الترجمة الإجابات على عدة أسئلة: ماذا نترجم؟ كيف نترجم؟ من يترجم؟ لمن نترجم؟ ومن آليات تطوير استراتيجية للترجمة: إيجاد تنظيم مؤسسي للمترجمين، التخطيط المرحلي والنوعي، وضع خطة لتوفير قواميس متخصصة، العمل على توفير قاعدة معلومات خاصة بالترجمة. وتناولت د.ريهام باهي، مدرس العلوم السياسية بجامعة القاهرة، موضع “الحضاري في منظومة العلاقات الدولية والتحليل الثقافي”؛ حيث إن هناك اتجاهات عديدة للحديث عن التحليل الحضاري، منها ما يركز على الحضارة باعتبارها فاعل سياسي له خصائص معينة تؤثر على سلوكها، واتجاه يركز على دراسة خصائص كل حضارة بشكل منفصل ثابت يركز على الصراع، واتجاه آخر يركز على الحضارة باعتبارها تفاعلات جماعية للحفاظ على الحدود الاجتماعية أو تغييرها، وهناك اتجاه ديناميكي لفهم الحضارة من خلال التركيز على فواعلها الداخلية وما يدور بينها من جدلات وحوارات. وناقشت الجلسة الرابعة “المنظور الحضاري في الرؤية الإسلامية”؛ حيث طرحت فيها الأستاذة الدكتورة نادية مصطفى، أستاذة العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ومديرة مركز الحضارة للدراسات السياسية، خبرة منظور حضاري في العلوم السياسية، حيث أوردت عدة ملاحظات أولية تمثلت في: 1- لا يمكن الحديث عن المنظور الحضاري ودراسته في العلوم السياسية بمعزل عن غيره من العلوم الاجتماعية. 2- أهمية التمييز بين المنظورات الحضارية المختلفة، والتمييز بين مفهوم الحضاري” و”المنظور الحضاري“. 3- العروض والأوراق التي قُدمت في الحلقة تضمنت بعدًا مشتركًا؛ تمثل في تعبيرها عن خصوصية ثقافية. 4- تعدد مصادر المنظور الحضاري. 5- المنظور الحضاري هو منظور مقارن بين حضارات متعددة، وليس قاصرًا على المنظور الإسلامي. 6- التمييز بين الديني والثقافي، وعلاقة كل منهما بالسياسي ونمط تلك العلاقة، وما تتضمنه من تأثير متبادل. ثم استعرضت خبرة العمل من منظور حضاري في الجماعة العلمية للعلوم السياسية، فأكدت أن المنظور Paradigm لا يؤسسه ولا ينبيه ويفعِّله أفراد، وإنما جماعات علمية. هذا المنظور الحضاري منتج لعمليات أخرى ممتدة؛ تبدأ لدى البعض من مجال العلوم السياسية، والبعض يبدأ من العلوم الشرعية. ينطلق فيها البعض من الغربي وينتقده، بينما يبدأ البعض الآخر من تجديد العلوم الفقهية والشرعية. ولا بد أن يبدأ المنظور الحضاري من معرفة المنظورات المختلفة واستيعابها، بالإضافة إلى أهمية فقه الواقع في السياقات المختلفة، والتفاعل مع المنظورات المختلفة. كما أوضحت أن المنظور الحضاري منظور بيني، مشترك بين مجالات وتخصصات علمية مختلفة. وأنه يقضي على الثنائيات الجدالية، بالإعلاء من الرابطة بين النظري، الحركي، والعلمي/الواقعي، والقيمي/المادي، والكلي/الجزئي، والتاريخ/الحاضر/ المستقبل. فهو يتجاوز الثنائيات السائدة، من أجل تطوير منظور علمي حضاري في كل المجالات. وفي تشغيل وتفعيل المنظور الحضاري، أشارت إلى أن البعض يرى أن تفعيل المنظور الحضاري يقتصر على الدراسة الأكاديمية المباشرة للفكر السياسي الإسلامي، مع تجاهل الدراسة التأصيلية للقضايا المختلفة من مدخل المنظورات المقارنة، في حين تتعدد أبعاد دراسة المنظور الحضاري على النحو التالي: 1- مدخل الجدالات بين المنظورات المختلفة المتقابلة. 2- دراسة الأصول الفقهية، للتعرف على الثابت والمتغير. 3- إعادة بناء المفاهيم السائدة، وتأسيس وتأصيل مفاهيم جديدة واستخدامها في التحليل. 4- تفعيل المنهاجية القيمية في دراسة الظواهر المختلفة. 5- دراسة النماذج الفكرية وما تقدمه من إسهام في المنظور الحضاري. 6- تحديد أجندة موضوعات وقضايا تعكس أولويات المنظور الحضاري. 7- تقديم وحدات ومستويات جديدة للتحليل. ثم اختُتِمت أعمال اليومين بتقرير ختامي عن الحلقة النقاشية وملخص ما دار فيها، قدمته الدكتورة باكينام الشرقاوي مدير مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، وتضمن المحاور التالية: أولاً- وصف الحلقة النقاشية وما تضمنته من مستويات: حيث تضمنت الدراسات والأوراق المقدمة للحلقة عدة مستويات؛ فمن حيث المجالات، ناقشت الحلقة مفهوم “الحضاري” من مداخل مختلفة شملت: التاريخ، القانون، العلاقات الدولية، المعلوماتية، الترجمة. ومن حيث الأجيال المشاركة في الحلقة، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، فتمثلت في أربعة أجيال هي: جيل الرواد الأوائل، وجيل الرواد المعاصرين، وجيل الوسط، وجيل الشباب. أما عن المفكرين؛ فقد غلب على الحلقة تناول فكر المفكرين داخل الدائرة العربية والإسلامية، وإن كانت ستتم محاولة تغطية المفكرين من الحضارات الأخرى غير العربية. وتمثلت خصائص ودلالات مفهوم الحضاري كما وردت في الأوراق المقدمة في: – التراث جزء مهم من المكون الحضاري لأي أمة، لابد من عدم الإقلال من قدره في مقابل تحدي الوافد. – كما تحتاج الحضارة لإمكانات مادية، فإن المكون المعنوي فيها (الإرادة بتعبير مالك بن نبي، أو النموذج الفكري بتعبير د.حامد ربيع) هو محرك الانطلاقة والبعث الحضاري لها.- يمثل الدين أحد البنى التحتية للحضاري.- المنظور الحضاري ليس إسلاميًا فقط.- المنظور الحضاري يحمل معنى الجامعية والشمول.- تأسيس المنظور الحضاري لا بد له من جهود ذاتية: منهاجية لتأسيسه وتأصيله، وتطبيقية لاختباره واستكمال بنائه، وتفعيلية لتجديده وتطويره.- المنظور الحضاري نسق مفتوح يستلزم إسهام كافة التخصصات والأجيال والتوجهات.- إن قراءة “الحضاري” في فكر الآخر لا بد لها من وعي وتمييز المستوى الإبستمولوجي للاستفادة منه، عن المستوى المضموني الذي لا يجب نقله.- لا بد لكل حضارة من مشروع حضاري، وإنْ كان لا يفعل عند بعض الحضارات في بعض مراحلها التاريخية. – لابد أن يتجاوز الحضاري الثنائيات الحادة (القيمي – الواقعي، السياسيالاجتماعي،…). ثانيًا- أهمية المفهوم وتعدد النظر إليه: أكدت د.باكينام على أن هناك إجماع على أهمية المفهوم، وإن كان هناك تنوع في النظر إليه، نظرًا لما يعانيه المفهوم من غموض وسيولة وتداخل مع غيره من المفاهيم. وقد ظهر ذلك بشكل واضح في الجلسة الأولى، والتي حضرها رموز من تيارات مختلفة تتبنى رؤية نقدية للمنظور الحضاري، على خلاف باقي الجلسات التي غلب على حضورها تلاميذ وأساتذة المنظور الحضاري. ويعاني مفهوم “الحضاري” –في هذا الصدد- من إشكالية قصره على الإسلامي، إلا أن تلك الإشكالية أخذت في التراجع في الفترة الأخيرة؛ بتجاوز معنى الحضاري” إلى إعلاء العامل الثقافي في مقابل الأبعاد والعوامل الأخرى، والوصول إلى شبه إجماع على أنه مفهوم شامل له مستويات متعددة، وله أبعاد مادية وقيمية في نفس الوقت. كما يتداخل “الحضاري” مع غيره من المفاهيم، مثل: الثقافي والديني والإنساني والتاريخي والجغرافي، الفردي والجماعي، كما حدث اشتباك مع الموقف من الحضارات الأخرى؛ هل هو محاولة لمقاربة الآخر، أم محاولة لإبراز تميز الحضارة الإسلامية؟ وقد قُدِمت خلال الحلقة ثلاثة إسهامات أساسية لابد من الإشارة إليها؛ قدمها كلٌ من: د.سيف الدين عبد الفتاح، ود.إبراهيم البيومي غانم، ود.أماني صالح؛ حاولت تلك الإسهامات تحديد مكونات وعناصر المنظور الحضاري، والتي تراوحت ما بين وجود المرجعية، والإدراك، والمفاهيم، والنظريات، والخرائط الفكرية، والقضايا، والخطابات، والقراءات، والجماعة العلمية، والخبرات. والتي تشكل إطارًا نظريًا متكاملاً من أجل تأسيس المشروع الذي اقترحه د.سيف عبد الفتاح لبناء مفهوم “الحضاري” من خلال الثمانية التالية: 1- الخرائط الفكرية لتناول الحضاري. 2- ربط موضوع ومفهوم الحضاري بالقضايا الثقافية الكبرى وجعله مدخلاً لها. 3- البحث في إشكاليات مفهوم الحضاري وغموضه. 4- دراسة الخطاب الحضاري في مختلف المستويات (أكاديمي – إعلامي – سياسي). 5- أهمية إنشاء جماعة علمية: أفقية: في تخصصات مختلفة، ورأسية: عبر الأجيال. 6- مدخل القراءات الحضارية. 7- تسجيل الخبرة الحضارية: كلٌ في مجال تخصصه. 8- تسجيل الخرائط الفكرية داخل الحضارة والفكر والثقافة الغربية. ثالثًا- تحديات دراسة مفهوم “الحضاري“: والتي تعبر عن نقاط ضعف في المنظور، تحتاج إلى مزيد من الجهد للتغلب عليها، وتتمثل تلك التحديات في: – دراسة مفهوم “الحضاري” في المجالات المختلفة؛ فمرحلة التأسيس للمفهوم وأبعاده استغرقت وقتًا أطول بكثير من مجالات تطبيقه، وحتى عند التطبيق كان هناك غياب للتراكم العلمي سواءً داخل الجماعة العلمية الواحدة أو في تواصلها مع خارجها (الجماعات العلمية الأخرى في الوطن العربي والعالم الإسلامي وأيضا الجماعات الغربية أو غير الإسلامية والعربية). – إشكالية العلاقة بين المثالي والواقعي، وهذا ما نواجهه في كثير من المؤتمرات؛ حيث توجه للحضاري تهمة المثالية والحديث عما يجب أن يكون. في حين أنه بدت محاولات كثيرة في هذه الحلقة لتقريب العلاقة بين الواقعي والنظري، الحركي والتأصيلي. – تحدي التعامل مع الأنساق المعرفية الأخرى، ليس من خلال الرفض والإنكار، ولكن من خلال النقد والمقارنة وإمكانية حدوث تكامل معها.- الوصول لغير المتخصصين.ويحتاج كشف الغموض عن مفهوم الحضاري إلى التأكيد على ما يلي: – تجنب التعميم الزائد. – ضرورة نهوض كل تخصص بكشف الغموض في المفهوم داخل هذا التخصص.- عدم تبني رؤية مضادة للحضارات الأخرى. – إن استجلاء المفهوم عند مفكر محدد يحتاج إلى المقارنة مع مفكرين آخرين (طرحوا نفس الفكرة أو النقيض لها)، لاسيما لو كانوا من دائرة حضارية أوسع (إسلامي مع غربي..)، أو مراعاة “السند الحضاري” بين المفكر والآخر. – ضرورة الخروج من هذه الإشكاليات بآليات لاستجلاء هذا الغموض، وأهمها ربطه بقضايا كبرى للمجتمع والأمة والعالم.وفي النهاية، اختتم د.سيف عبد الفتاح اللقاء بتأكيد أن المهمة الرئيسية لحلقات النقاش هي تقديم الأسئلة، ولكنها لا تقدم الأجوبة. وأن هذه الحلقة قد قامت بهذا العمل بامتياز.

 

للحصول علي الملف بصيغة pdf

اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى