مداخل فهم المجتمع المصري 2

 

ملتقى الحضارة الثالث  
مداخل فهم المجتمع المصري 2

المدخل السياسي: “التنشئة السياسية مدخل للإصلاح: رؤية إسلامية”

30/04/2008

 

استكمالًا لمسيرة الملتقى العلمي الشهري لمركز الحضارة، وانطلاقًا من رسالته بتحقيق التواصي والتواصل بين الباحثين والمهتمين بالمنظور الحضاري الإسلامي؛ عُقد اللقاء الثالث للملتقى في الأربعاء الأخير من شهر أبريل (الموافق 30 منه) من السادسة وحتى التاسعة والنصف تقريبًا.

ومثَّل اللقاء امتدادًا لطرح ومناقشة مداخل فهم المجتمع المصري، انطلاقًا من مسئولية الباحث الإنسان نحو وطنه –الذي يمثل أقرب دوائر انتمائه وأكثر مجالات فعله وفاعليته.

 

فبعد التطرق في اللقاء الماضي إلى المدخلين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال عرض لكتاب الدكتور جلال أمين “ماذا حدث للمصريين”، واستعراض لحالة الإفتاء في المجتمع المصري كمحاولة لفهمه. ينتقل الحديث في هذا اللقاء إلى المدخل السياسي كمدخل محوري شديد الأهمية لفهم وتحليل المجتمع المصري.

وحتى لا يقتصر الحديث على مجرد رصد لواقع المجتمع المصري وأحواله، بل يتعدي ذلك إلى محاولة إصلاحه؛ كان اقتراح الأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح بأن يكون موضوع النقاش هذا اللقاء حول “التنشئة السياسية مدخل للإصلاح: رؤية إسلامية”، وذلك حتى تكون محاولاتنا للإصلاح قائمة على أسس راسخة مرجعها تنشئة صالحة من منطلق حضاري إسلامي، وليس مجرد ردود أفعال عشوائية متخبطة.

وكان أفضل من يحدثنا في ذلك على المستوى الأكاديمي الأستاذ الدكتور السيد عمر(*)، باعتباره أكاديمي متخصص في العلوم السياسية، له جهود بحثية عدة في مجال التنشئة السياسية.

ولأن أكبر حافزٍ ودافعٍ نحو السعي للإصلاح ينبع من وجود تجارب ناحجة لذلك السعي؛ كان لابد من إلقاء الضوء على أحد التجارب الناجحة في مجال التنشئة السياسية -باعتبارها مدخلاً للإصلاح من رؤية إسلامية- في المجتمع المصري، وهي تجربة نماذج المحاكاة بالجامعات المصرية. حيث يتم تخصيص جزء من اللقاء لعرض تجارب بعض تلك النماذج بجامعة القاهرة ودورها في عملية التنشئة السياسية في المجتمع الطلابي الجامعي.

 

كلمة د. السيد عمر

بدأ الدكتور السيد عمر كلمته بالتأكيد على أهمية موضوع ومفهوم التنشئة السياسية واعتبره مدخلًا للإصلاح من الرؤية الإسلامية على امتداد الكرة الأرضية، وليس على مستوى المجتمع المصري فحسب. فالمشروع الإسلامي مشروع إنساني ممتد عبر المكان وأيضًا عبر الزمان (من خلق آدم وإلى أن يشاء الله).

موضحًا أن الحديث عن التنشئة السياسية انطلاقًا من المدخل المنهجي القائم على الركن الأول في الإسلام “لا إله إلا الله”، يفرض بداية تحديد مفهوم “التنشئة السياسية” في المنظور الإسلامي.

في هذا الإطار لم يستخدم القرآن الكريم لفظ “التنشئة” مطلقًا، وإنما استخدام لفظ “النشأة”. فهما مفهومان يعبران عن منظورين مختلفين.

فمفهوم “التنشئة” (المعبر عن المنظور الغربي) يعتمد على عملية التغيير من الخارج، والتي قد يشوبها بعض التلاعب أو الإكراه، أما مفهوم “النشأة” (في المنظور الإسلامي) كمرادف للحياة ذاتها (النشأة الأخرى)، فيشير إلى التغيير من الداخل وليس من الخارج.

كما أن التنشئة في المفهوم الغربي تأسست على مفهوم الفرد وعلى “النشأة الفردية”، في حين أن المفهوم الإسلامي للنشأة لا يعترف بالإنسان الفرد، بل يقوم على الظاهرة الجماعية، يقوم على مفهوم الأمة، وهو مفهوم غير قابل للإندثار حيث يمكن أن يتحقق في شخص واحد يتمثل فيه منهج “النشأة الأخرى”.

ومن ثم، يمكن اعتبار جوهر عملية التنشئة السياسية –وفق الرؤية الإسلامية- يقوم على كيفية تحويل عدل الله ورسوله إلى نموذج سلوكي، أي تحويل السياسة (بمعنى القيام على الأمر بما يصلحه) إلى سلوكيات على أرض الواقع.

حيث يمكن تعريف التنشئة بأنها: “عملية إعداد الإنسان –بوصفه كائنًا حرًا عادلًا- في كافة أنساق الاجتماع الإنساني”.

أو هي –بتعبير آخر– “إقامة التقوى في العمران الإنساني”.

ويقتضي هذا المدخل المنهجي في دراسة مفهوم التنشئة السياسية([1][1]) إلى:

–       البحث في الدلالات والمضامين اللغوية للمفهوم.

–       ثم البحث في الدلالات والمضامين اللغوية للمفهوم في السياق القرآني (مادة نشأ).

–       ثم البحث في دلالات المفهوم في السياق القرآني عمومًا.

 

إن دراسة التنشئة كمدخل للإصلاح يقتضي –بداية- أن أنشأ منهجًا يجسد الركن الأول للإسلام “لا إله إلا الله”. ويشمل شقين:

أولهما: “لا إله”، وهي تعنيلا تنشئة. الأمر الذي يتطلب على صعيد البحث تحديد الأنماط الرديئة في عملية إعداد الإنسان،والتي من شأنها أن تؤدي إلى نشأة أنساق اجتماعية رديئة، تؤدي بدورها إلى تغييب مفهوم الأمة. ومن ثم، فإنه من الضروري تحديد تلك الأنماط للتخلص منها، الأمر الذي يمثل إعدادًا للشق الثاني.

ويتمثل هذا الشق الثاني في “إلا الله”. ويتضمن جوهر التنشئة الصحيحة، أو البديل الإسلامي للتنشئة.

فهناك عدة أنماط تعصف بإمكانيه قيام عملية تنشئة إسلامية، حيث تؤدي إلى “تنشئة على أيام الجاهلية” وليس “تنشئة على أيام الإسلام”.

بعض هذه الأنماط يتعلق بالدولة القومية -وإن كانت لا تمثل البعد الوحيد في ذلك- وعلاقتها بمفهوم “الأمة الواحدة”، فهي أمة واحدة وليست أمة فقط … “وإنَّ هذه أمتكم أمة واحدة” الآية.

فقد أنشأت الدولة القومية النمط الأولمن أنماط “التنشئة على أيام الجاهلية”، وهو:

*نمط “المقطِّع لأوصال الأمة الإسلامية”:

فالدولة القومية قامت على مثلث: لا أخلاق في العلم، لا غيب في العقل، لا صلة بين الدين والسياسة. ومن ثم، فقد ربطت مفهوم القومية بالبعد الفارق للأمة (اللغة، العرق…) وليس ببعدها الجامع (العقيدة). ومن أدلة ذلك:

–   أن الدولة القومية أدت إلى تشويش مفهوم الأمة، حيث أصبحت كلمة أمة تطلق حتى على القبيلة والعشيرة والبطن… على الرغم من أن هذه الوحدات كلها كانت تمثل أجزاء لجسد واحد هو الأمة، بأمر تكليفي من الله.

–   أن الدولة القومية تستأسد على الداخل وتتصرف كالنعامة في مواجهة الخارج، سواء على المستوى الرسمي أو غير الرسمي. والأخطر من ذلك أن تلك الدول اصطنعت ما أسمته “الخطر الإسلامي”، بل أنها أصبحت أشد عنفًًا من الخارج في الحديث عن ذلك الخطر الإسلامي.

–   أن الدولة القومية أوجدت ما يمكن تسميته “الثغور العورة”؛ فالاستعمار في تقسيمه لدولة الخلافة الإسلامية حرص على أن تكون مناطق الحدود كيانات ضعيفة وهزيلة، بأن تكون أكثر ارتباطًا بالخارج منها بالعالم الإسلامي. فلم تعد محل اهتمام من قِبل العالم الإسلامي، بل أصبحت منافذ تسلل لعقل وقلب العالم الإسلامي.

–   أن الدولة القومية غيبت الوعي بالأمة. حيث أصبحت كل دولة تحدد دوائر اهتمامها وفق مصالحها القومية، فلم نعد نتعامل مع مفهوم “أمة واحدة”.

–   أن الدولة القومية أدت إلى نوع من القابلية لفقدان البصيرة نتيجة ملابسات النشأة. فقد أخذت الدولة القومية في الغرب شكل “الدولة التوحيدية”، بينما أخذت عندنا شكل “انقسام الجسد الواحد”. ذلك أن خطاب هذه الدول ومفاهيمها ونظمها السياسية لا تنبع من فكرة “المدينة المنورة” أو فكرة “أيام الله”، بل تنبع من فكرة “أيام الجاهلية”.

–   علاوة على ذلك، فقد أحدثت الدولة القومية تجديدًا (تغييرًا) شديدًا في مفهومين مركزيين في المنظور الإسلامي، هما مفهومي السياسة والحضارة.

فمهوم السياسة أصبح يعني السعي إلى السلطة والبقاء فيها، أيًا كانت الوسيلة التي يتم بها ذلك.

أما مفهوم الحضارة فأصبح يعني امتلاك الأدوات المادية الغربية، ومن ثم التسليم بأننا في حالة تخلف ينبغي علينا التخلص منها وتخطيها.

وتمثلت عاقبة هذا النمط “المقطع لأوصال الأمة” في أننا أصبحنا أمام دولة قومية يُفترض فيها أن تعبر عن الأمة وتخدمها، إلا أنها في الواقع تؤسس للاستبداد، والاستظهار بالخارج، قادرة على التواصل مع الخارج، غير قادرة على التواصل مع الداخل أو مع الغير الإسلامي.

بل أكثر من ذلك أن هذه الدولة القومية تبرر فشلها بعجز النموذج الإسلامي.

 

أما النمط الثاني من أنماط “التنشئة على أيام الجاهلية”، فيمثل في:

* نمط “المقتصد التائه”:

وهو نمط يختص بالفكر والعقل، مثملًا في كل فكر يحاول أن يخلط بين الماء والسراب. ويتسم هذا النمط بتعامله المريض مع القرآن والسُّنة؛ وذلك إما باستبعاد أي علاقة بين علوم الدنيا وبين القرآن والسُّنة، أو بالقراءة المريضة للقرآن والسُّنة بالتحديد المسبق للأفكار واختلاق أدلة عليها من القرآن والسنة، أو بالمحاكاة للفكر الغربي مع وضع قشرة إسلامية له… إلى غير ذلك من سمات تعبر عن الخلط بين الحق وما سواه.

والتغلب على تلك الأنماط الرديئه للتنشئة يقتضي تحديد تصور للتنشئة السياسية الإسلامية.

وتتمثل أولى خطوات هذا التصور في تحديد شروط وأساسيات التنشئة السياسية الإسلامية:

–   استعادة ربط مفهوم الأمة بالدين، وجوهر هذه الاستعادة إعادة تعريف مفهوم الإنسان… هل هو حيوان ناطق أو حيوان اجتماعي، أم كائن مكرَّم مغاير للمخلوقات الأخرى؟!

تستتبع إعادة التعريف هذه الإجابة عن تساؤلين أساسيين؛ كيف أنشئ إنسانًا صالحًا؟ ثم كيف أتخطى مستوى الإنسان الصالح إلى مستوى الإنسان المصلح؟

– تحديد آليات ووسائل التنشئة، ومجملها الوعي بالمضامين العمرانية للتوحيد. وقد حدد الدكتور إسماعيل الفاروقي –في هذا الصدد- سبع آليات لتشغيل النظم التوحيدي([2][2]):

1- توعيه الإنسان بدوره وبكونه خليفه في الأرض، وأنه خليفه في عمران/ كون مسبِّح، هذا الكون المسبِّح مسخَّر لخدمته.

2- الوعي بأن الإنسان يتعامل مع المنهج في ظل عوائق تحتاج إلى رصد، وتحديد لأساليب مناسبة للتعامل معها. ويقتضي ذلك الوعي بأن هذا التعامل لا يكون مع قضايا نظرية، بل مع قضايا واقعة وحادثة.

3- التأكيد على أن إرادة الله واحدة، وأن دين الله الصحيح واحد، وأن الأمة الإسلامية واحدة، وأن الأمة غير الإسلامية (أمة الدعوة) واحدة على مدى التاريخ.

4- التأكيد على أن الكون بُنِيَ على التوازن والميزان (السنن الإلهية)، وهي جوهر المشروع العمراني، ووجوب أن يكون هذا الميزان من خارج الإنسان. وجوهر هذا التوازن في الحكم هو العدل، وفي المعاملات الخاصة هو الإحسان والفضل ﴿ وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.

5- ضرورة تعدد الأنساق السياسية، وفي هذا تحدث أيضًا المستشار طارق البشري، عن أن الدولة إذا تعاملت مع كل منا بصفته الفردية، ورثت الاستبداد “يظل الحاكم فردًا ما بقي الناس أفرادًا”. فالأمة تتشكل من مجموع الأنساق المختلفة بداية من الأسرة، فالعائلة، فالعشيرة… بحيث يكون كل نسق مسئول عن نفسه بالأصالة، ومسئول عن غيره إن استطاع، ومن ثم فإنها تتحمل الكثير من الأمور عن الدولة. فحين تتعدد الأنساق، تصير الدولة أحد هذه الأنساق ولا تستطيع أن تستبد.

6-  استعادة مس القرآن للأمة ﴿ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ حيث تتطهر هذه الأمة، وتتحول من أمة هاجرة للقرآن إلى أمة طاهرة تستطيع أن تمس القرآن.

7-  تفعيل القرآن في مواقع الأمة.

أخيرًا، اختتم الدكتور السيد عمر حديثه بالتأكيد على أننا إذا أردنا الحديث عن تنشئة سياسية إسلامية، فإننا لابد أن نتحدث عن “توبه نصوح” للجماعة العلمية، نحول بها عملية البحث والتدارس إلى محراب موضوعه الأساسي هو كيفية تنشئة “الإنسان المسلم” كما حدده إقبال:

“المسلم إنسان، يُعرف بين أهل الشك باليقين، وبين أهل الجبن بالشجاعة، وبين عابدي الرجال والمال والأصنام بالتوحيد، وبين عبَّاد الشهوات والمنافع بالتجرد والتمرد على الموازين الزائفة، وبين أهل الأثرة بالإيثار والزهد… إنسان يعيش لرسالته وبرسالته”.

 

“المسلم حي خالد، لأنه الحامل للرسالة الخالدة، والحاضن للأمانة، والداعي لغاية خالدة. إنه رسالة الله الأخيرة التي لا يعتريها المس أو التغيير. الموت مكتوب عليه بصفته الفردية، ولكنه كالبحر.. بل هو بحر الحياة تتبدل أمواجه ولا يتبدل كيانه. هو غاية الكون، خلق الله العالم له، وخلقه الله لنفسه، مقامه مقام التوحيد والأمانة. لم يُخلق ليكون إمعة يسير مع الركب، ولكن ليوجه الركب حتى يسير إلى أمر الله…”.

 

وبعد تلك المحاولة للتأصيل العلمي لمفهوم التنشئة السياسية في المنظور الإسلامي، من المهم التعرض لبعض التجارب العملية في مجال التنشئة السياسية انطلاقًا من الرؤية الإسلامية. من ضمن هذه التجارب –غير التقليدية- المهمة، تجربة نماذج المحاكاة بالجامعات المصرية. وذلك لاعتبارٍ أولٍ عام يتمثل في كون الجامعة أحد أهم مؤسسات التنشئة، أو يفترض بها أن تكون كذلك، ولاعتبارٍ ثانٍ خاص يتمثل في دور وتأثير نماذج المحاكاة في الأوساط الطلابية، باعتبارها أحد الأنشطة الطلابية المهمة بالجامعات المصرية على وجه العموم، وجامعة القاهرة على وجه الخصوص، تقوم على تنمية مهارات علمية وفكرية ومهارات عملية لدى الطلاب.

ظهر في هذا السياق مجموعة من نماذج المحاكاة، انطلقت من رؤية ومرجعية إسلامية، سعيًا لتكوين وعي بين الشباب بقضايا وهموم الأمة، كبداية للإصلاح والنهوض بالوطن، ومن ثم بالأمة الإسلامية.

فكان لها دور في عملية التنشئة السياسية، إذا ما اعتبرنا السياسة بمعناها الواسع: القيام على الأمر بما يصلحه، ومن أمثلة تلك النماذج بجامعة القاهرة:

 

(1) نموذج منظمة المؤتمر الإسلامي MOIC (كلية الاقتصاد والعلوم السياسية):

بدا دور هذا النموذج واضحًا في عملية التنشئة السياسية منذ نشأته الأولى. حيث مثل خروجًا على قاعدة والأصل المتعارف عليه في نماذج المحاكاة المنتشرة بجامعة القاهرة حينذاك، من تجاهل وتغييب للمنظور الحضاري الإسلامي أكاديميًا وقيميًا وسلوكيًا. ثم اتضح ذلك الدور بدرجة أكبر في أنشطة النموذج في عدة ملامح، من أهمها:

–   التركيز على البعد الحضاري الإسلامي للعلوم السياسية والاجتماعية، من خلال تناول وطرح موضوعات وقضايا أكاديمية غائبة في المؤسسة التعليمية الرسمية.

–   عودة البعد القيمي لنماذج المحاكاة. وذلك بالتركيز على معنيين أساسيين بالنموذج؛ معنى الفرد الأمة (إحياء معنى الأمة داخل كل عضو بالنموذج)، ومعنى الرحمة والتراحم (بتحقيق التواصل والتعايش الإنساني بين أعضاء النموذج بما يحقق معنى “الأمة المصغرة”).

 

(2) رؤيتنا Our vision (كلية التجارة):

بالنظر إلى السياسة باعتبارها القيام على الأمر بما يصلحه، يسعى هذا النموذج إلى تحقيق الإصلاح في المجال الاقتصادي وتنشئة قادر على ذلك. وذلك من خلال محاولة سد الفجوة بين الدراسة الأكاديمية واحتياجات الواقع العملي.

كما يحاول النموذج تفعيل الدور الإيجابي لأعضائه باعتبارهم مواطنين، من خلال المشاركة في العملية الانتخابية على سبيل المثال.

 

(3) خطى (كلية الإعلام):

يُعد الإعلام أحد أهم قنوات التنشئة في العصر الراهن، وأكثرها تأثيرًا في قطاع واسع من المجتمع. من ثم، تتضح أهمية تنشئة جيل قادر على تفعيل وتشغيل الرؤية الإسلامية في مجال الإعلام.

حيث يهدف النموذج إلى تنشئة فرد إعلامي يصلح الأمة من خلال إصلاح مجتمعه. وذلك بالتأكيد على قيم ثلاث: الوعي (بالذات، بالمجتمع الحيط، بالأمة)، الهمة، الإخلاص لله).

ويسعى النموذج لتحقيق ذلك من خلال تنمية الجانب التقني والمهاري لدى أعضائه، ودعم الجانب الفكري بالعمل على غرس القيم والمبادئ الإسلامية عبر المضمون المقدم.

 

 (4) نموذج مجمع اللغة العربية (كلية دار العلوم):

فاللغة العربية هي جوهر وأساس الحضارة الإسلامية، ومن ثم فإن حفظها يعد خطوة أساسية نحو الإصلاح، ومن هنا كانت أهمية وجود هذا النموذج، بما يلعبه من دور في عملية التنشئة من خلال:

–       التنمية المهارية لطلبة كلية دار العلوم.

–       الحث على إتقان اللغة العربية ممارسة، ورعاية النماذج الواعدة في ذلك.

–       دعم فكرة الهوية العربية لدى المثقف المسلم.

 مداخلات الحضور:

ثم جاءت مداخلات الحضور منقسمة إلى شقين، دار أحدهما حول مفهوم التنشئة السياسية، والآخر حول تجربة نماذج المحاكاة.

 

مداخلات حول مفهوم التنشئة:

–   لابد من الحديث عن شبكة المفاهيم المرتبطة بمفهوم التنشئة؛ كمفهوم النشأة و النشوء، المنشِأ (خصائصه وكيفية إدارته لعملية التنشئة)، المنشَأ وما ينشأ عليه، التنشئة (زمانها وحالها…)، الناشئ، النشأة الأرضية (أساس النشأة) …

–       عمر التنشئة؛ هل هي مرتبطة بمرحلة عمرية معينة، أم أنها عملية مستمرة؟

 

مداخلات حول نماذج المحاكاة:

–       هذه التجربة تعكس وجود إرادة للفعل والنهوض لدى الشباب، ولكنها تحتاج إلى إدارة جيدة لتحقيق التكامل بينها.

–   نماذج المحاكاة تحقق عملية “تفريغ سياسي” للطلاب كبديل عن العمل السياسي الطلابي الذي وجد بالجامعات في سبعينيات القرن العشرين.

 

(*) أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان.

[1][1] أشار د. السيد عمر في هذا السياق إلى أن مفهوم التنشئة السياسية يمكن أن يقام عليه فرع معرفي مستقل: “علم التنشأة السياسية في المنظور الإسلامي”.

[2][2] وذلك في كتابه “التوحيد ومضامينه السياسية”، وهو غير مترجم للعربية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى