في مواجهة أخلاق الصفاقة وغطرسة القوة

تفنيد المقال الصهيوني المحرض ضد الأزهر وحقوق الإسلام والمسلمين

في ظلال هذه الأحداث الجليلة، والأجواء والأحمال الثقيلة، ترد علينا مقالة صهيونية صفيقة (والصفاقة هي واحد من أبرز أخلاق المادية الغربية التي تشع في الخطابات المتجبرة على المستضعفين، الوقحة في التعامل مع موازين الحقوق والقيم)، مقالة كتبها اثنان من الباحثين الصهاينة الإسرائيليين هما: أوفير وينتر، ومايكل باراك؛ لحساب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، ونشرها المعهد الصهيوني على موقعه بتاريخ الخميس 2 نوفمبر 2023 بعنوان: (من الإسلام المعتدل إلى الإسلام الراديكالي؟ الأزهر يقف مع حماس: كيف أصبح “معقل الاعتدال الديني” داعمًا للإرهاب؟)!

في عجالة نلخص مضمون المقال، قبل أن نقف أمام بعض دلالاته وخاصة ما يتعلق بنموذج الصفاقة السياسية سواء في بناء الحجج، أو استعمال المفاهيم، أو توجيه التهم، أو التطاول على الآخر، أو مكر السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله بإذن الله تعالى!

أولاً- ملخص مضمون المقال:

مثل المقالات ذات المظهر العلمي، ومنها أوراق العمل وأوراق السياسات، بدأ الكاتبان بخلاصة أو ملخص مرادهما من المقال… بأن الأزهر تحول من الاعتدال إلى التطرف ودعم الإرهاب، وأن على إسرائيل ومصر والإمارات أن يعملوا (بسرعة وبتصميم) لكبح جماح خطاب الأزهر، وتغيير شيخه، وضمان عدم تكرار هذا الانحراف من وجهة نظريهما. ثم قدم المقال المقولات التالية.

  • الأزهر العريق قام خلال السنوات العشر الماضية بدعم الدولة المصرية ضد الإرهاب والتطرف، ودعم حوار الأديان والتسامح بين المسلمين وغيرهم، حتى صار زعيم الاعتدال الإسلامي عالميًّا، وضد جميع الجماعات الإرهابية “إلا تلك التي تقاتل إسرائيل”.
  • في خلال هذا العقد الماضي شجع الأزهر باستمرار الخطاب العدائي “تجاه إسرائيل”، ومنح المشروعية والسماحة الشرعية الدينية والأخلاقية “للنضال ضد إسرائيل”. يقول المقال: إن الأزهر يدعم نضال الشعب الفلسطيني (هكذا) ضد ما يسميه الأزهر “(الكيان الصهيوني)”. وهذا الأزهر يحذر من (تهويد فلسطين) ومن (السيطرة على الأقصى)، ويعمل على كشف “جرائم إسرائيل” (المزعومة كما يقول المقال) ضد الفلسطينيين أمام الرأي العام العالمي والعربي. وهذا الأزهر، في أوقات (التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين) يدعو العرب والمسلمين للوقوف في طليعة “النضال ضد إسرائيل”.
  • يعتبر الشيخ أحمد الطيب -الإمام الأكبر للأزهر منذ عام 2010- بمثابة المرشد الروح (أو الروح المرشدة) لهذا “النهج المتشدد ضد إسرائيل” وكثيرًا ما يردد رسالة مفادها أن: (كل احتلال سيزول عاجلاً أو آجلاً). وهذا الطيب له اتصالات بحماس ويستقبل قادتهم في القاهرة، ويقول لحماس إنه يأسف للخلافات الداخلية التي تصرف المسلمين عن القضية الفلسطينية، وأن هذه الخلافات تخدم مصالح “الاحتلال” وتساعده على ابتلاع فلسطين.
  • منذ 7 أكتوبر والأزهر يُحيّي “مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال”، ويعلن عن “حزنه على المذبحة على غزة”، وأصدر فتوى تقول إن الصهاينة المقيمين في “أرض فلسطين المحتلة” لا يستحقون وصف “المدنيين”؛ لأنهم “محتلون للأرض، مغتصبون للحقوق، منحرفون عن طريق الأنبياء، ومعتدون على المقدسات في القدس”. وأصدر بيانًا نشره بلغات عديدة (العربية، الإنجليزية، والعبرية) بعنوان (الاحتلال مصدر كل الشرور)، ينتقد أفعال الإسرائيليين لمدة 75 عامًا، ويخاطب ضمير الإسرائيليين دون أي نقد لأفعال حماس. وفي هذا البيان يتهم الأزهر الإسرائيليين بتهم: القتل العشوائي للمدنيين، جرائم الحرب، انتهاكات القانون الدولي، والتطرف الديني. ويرى الكاتبان أن الأحق بهذه التهم والفظائع هي حماس التي “ترتكب إبادة جماعية”؟!!
  • بعد صلاة الجمعة يومي 13، 27 أكتوبر خرج المتظاهرون من حرم الأزهر يهتفون (بالروح بالدم نفديك يا أقصى)، ودعا الأزهر في بيان له الفلسطينيين إلى الوقوف يدًا واحدةً في وجه (الاحتلال)، وحث الشعوب العربية والإسلامية على مساعدتهم بكل ما يستطيعون.
  • وقبل النهاية يحرش المقال بين السلطات في القاهرة، والأزهر، ويحرضها على الأزهر؛ على مستويين: فيتحدث أولا عن أن الأمور توحي بتنسيق بين السلطات والأزهر: تظاهرات في جامعة الأزهر، وتشابه بين الخطاب الرئاسي المصري وخطاب الأزهر، فالخطاب الرئاسي يرفض التهجير، وخطاب الأزهر يخاطب الفلسطينيين أن يتمسكوا بأرضهم ولو ماتوا عليها، والطرفان ينتقدان الانحياز الغربي لإسرائيل. ولكن –من ناحية أخرى- بينما السلطات ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، فإن الأزهر يسميها (الكيان الصهيوني المسيء).
  • النقطة الأخيرة والخطيرة هي الإدانات والتوصيات؛ فيدين المقال الأزهر بما جاء في عنوانه من دعم للتطرف والإرهاب عامة ولكن بالأخص (ضد إسرائيل)، ويوصى المقال بما يلي:
  • كبح جماح شيخ الأزهر وأن تعمل السلطات المصرية على إجراء تعديلات تشريعية لإمكان استبداله.
  • كبح جماح خطاب الأزهر.
  • تحجيم تمويل الأزهر، سواء من الدولة المصرية أو القوى الإقليمية وبالأخص دولة الإمارات.
  • تقويض وتشويه سمعة الأزهر العالمية.
  • تحجيم علاقات الأزهر الإقليمية والعلمية.

ثانيا- نقد المقال وخطاب الصفاقة الصهيوني

لا يستحق هذا المقال ردا على اتهاماته للأزهر وشيخه، ولا تبريرا أو اعتذارا من الأزهر على ما ذكره هذا المقال، فهو –لمن تأمله- نيشان يوضع على صدر الشيخ والمؤسسة، ولا يحتوي إلا على كل مكرمة ومنقبة يعتز بها الأزهر ومحبوه؛ إنه يقول من كل وجه إن الأزهر يقف مع الحق ضد الباطل، ومع المظلوم ضد الظالم، ومع المكلوم ضد المجرم المعتدي المتوحش. اعترف المقال أن الأزهر رمز الاعتدال وقائم بجهد عظيم يتصدر فيه ساحة مواجهة التطرف والإرهاب، لكنه –بخبث وفي طياته- يصف هاتين الجريمتين بالإسلامية (التطرف والإرهاب الإسلامي)، بينما خطاب الأزهر -وبالأخص شيخه الطيب- صارخ زاعق عالي النبرة متكرر التأكيد على أن التطرف والإرهاب لا دين لهما، وأنهما ساريان جاريان فيما حول عالم الإسلام بل ضد المسلمين أكثر بكثير مما قد ينبو من مسلمين أكثرهم مكلومون ومعتدى عليهم.

لكن لماذا تحول الأزهر في هذه المقالة من منارة الاعتدال ومعقله إلى داعية تطرف ومساند إرهاب؟ لا شيء إلا لأنه يقف (ضد إسرائيل)، ويقف (مع المقاومة الفلسطينية)، والتي يعنون لها المقال بحماس! هذا ما يقوله المقال نفسه. فكيف نرى هذا الفكر والخطاب؟

حجاجيا: هذا مقال جيد في أوله؛ إذ نقل الواقع كما هو، ورصد للأزهر وقائع وخطابات ومواقف لا ينفيها ولا يتبرأ منها الأزهر ولا شيخه، لكن الحجة التقييمية التي خالطت الحجة الوصفية هي من باب مكر السيء، وخاصة في استعمال المفاهيم، وإخفاء الحجة التقييمية الأم التي هي بمثابة الميزان الأخلاقي والديني والسياسي وربما نقول: الوجودي. هذه الحجة التقييمية الأم التي هي الميزان الخفي في المقال هي (إسرائيل)، والموقف من (إسرائيل). فبحسب موقفك من إسرائيل تكون، وتُوصف، ويتم تقييمك، ويُحكم عليك؛ إن وافقتها وتابعتها في سياساتها ورؤيتها فأنت معتدل دينيا وأخلاقيا وسياسيا، وإن عارضتها أو أيدت معارضي سياساتها ورؤيتها فأنت متطرف إرهابي راديكالي منحرف. هذا هو بيت القصيد وحب الحصيد!!!

يتجلى ذلك الميزان العنصري في المفاهيم الرئيسة في المقال: وأولها- مفهوم الإسلام نفسه، كما في عنوان المقال الصهيوني؛ فهو يقسم الإسلام نفسه إلى: إسلام معتدل وإسلام راديكالي. ثم مفهوم الدين والديني؛ فيقسمه أيضا إلى معتدل وإلى متطرف. ثم مفهوم “السياسة” فيقسمها إلى سياسة سلام مسالمة وإرهاب. ثم مفهوم الأخلاق؛ بين الالتزام بمعيار أخلاقي وبين الإجرام. وغير ذلك من المفاهيم الكبرى وما تحتها من مفاهيم مشتقة وملحقة بها.

هذه المفاهيم يتم قلبها رأسا على عقب بناء على أسلوب حجاجي أعوج أو ميزان منقلب، ويحكم ذلك خيط أخلاقي ناظم اسمه: الصفاقة؛ الذي هو ضد: الحياء. إنه ينبغي على الباحث –وعلى كل إنسان- أن يكون حييا متواضعا؛ وأن يستحيي أن يحكم بغير ميزان، فضلا عن أن يقلب الميزان ويقيم به الأمور وهو مقلوب، وألا يتضمن فكره ولا كتابته استعلاء بالذات أو احتقار للآخرين. لكن هذا المقال مشبع بالصفاقة والعنصرية والاستعلاء وغطرسة القوة والشعور بدونية الآخر لا سيما العرب، وبالأخص النظم الحاكمة!!! فمن أين يأتي هذا الانحراف الأخلاقي والفكري والسياسي؟

منبع ذلك -في حدود تصوري- هو تقديس المدنس الذي يفرز بالضرورة ومباشرة تدنيس المقدس. فالحجة الأم القابعة في خلفية المقال وفي عموم الخطاب الصهيوني المتسم بالاستكبار- أن (إسرائيل) بذاتها ومن ذاتها –وبغض النظر عن أفعالها وسياساتها- هي شيء مقدس؛ يجب احترامه، بل يجب الولاء له، واتباع ما يحقق مراده ومصالحه وأمانه ورفاهيته، وكل من يخالف ذلك المنطق فقد كفر، وكل من ينتمي إليه فقد آمن وأمن من شر (إسرائيل). هذا التفسير قد لا يصل إليه إلا من راقب الخطاب الصهيوني طويلا وفي تجلياته المختلفة: الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية! وهو لدى الشعور الطبيعي شيء مقزز، ومثير للاشمئزاز والغضب؛ وهو أحد أهم أسباب انطراد الصهاينة من كل مكان أقاموا فيه وخاصة أوروبا المعاصرة ومن ثم ابتلاء منطقتنا بهم. هذا المنطق للأسف لا يقبل النقاش ولا الحجاج؛ لا من معتنقيه ولا من رافضيه؛ لأنه مغلق مصمت متحجر؛ ولذا يتم إخفاؤه دائما في طيات مثل هذه الخطابات والمقالات الطافحة بالصفاقة والاستعلاء والغطرسة.

ومن ثم فوفق هذا المقال وكاتبيه: إسرائيل دائما على حق، بل هي الحق، وهي خير وسمو و..، ومعارضوها –مهما كانت دوافعهم ومبرراتهم لمعارضتهم لها- هم شر وانحراف وتطرف وإرهاب وتخلف و..الخ. ومن ثم فإن الأزهر وشيخ الأزهر –وفق هذا المنطق الصهيوني وهذا المقال- قد انحرفا من الاعتدال (مواجهة أعداء إسرائيل) إلى التطرف والإرهاب (مواجهة إسرائيل ذاتها)؛ لأنهما أدانا العدوان (الإسرائيلي) وناصرا مقاومته (الفلسطينية).

والحقيقة أنه لا الأزهر ولا شيخه ولا أحد من معارضي إسرائيل يعارضها لمجرد اسمها مثلا، حتى يطلب منهم أن يتابعوها لذاتها، إنما يعارضون ويقاومون أفعالها الإجرامية، وممارساتها الوحشية، وتعدياتها المتصلة من غير انقطاع على الفلسطينيين، وأشدها تلك الجريمة الماثلة اليوم في غزة منذ 7 أكتوبر، فضلا عن الجريمة الصهيونية الممتدة في أرض فلسطين والوطن العربي لنحو قرن متصل من الزمان. هذا ما يفعله الأزهر وشيخه والأمة العربية والإسلامية وكثير من أحرار العالم وأنصار الإنسانية. وهذا ما يهاجمه المقال والخطاب الصهيوني بعامة.

ونظرا لعدم شيوع هذا المنطق الصفيق، ولرفضه الطبيعي من أكثر البشر، فإنه يفجؤك في هذا المقال؛ ذلك الأسلوب الذي ينتقل به الكاتبان من الوصف إلى التقييم، ومن الواقع إلى الواجب؛ وهو أسلوب صفيق. والصفاقة تعني كلاحة الوجه، وقلة الحياء، وانعدام المنطق، لا سيما المنطق الأخلاقي الإنساني الطبيعي المعتاد. إنه يطالب الأزهر أن يتخلى عن تأييد المقاومة الفلسطينية ونصرة شعب فلسطين وعن إخوته الدينية والوطنية والقومية وعن إنسانيته؛ أي عن مرجعيته الحضارية الإسلامية التي هي ذاته وعقيدته وأيضا دوره ووظيفته ورسالته!!!، وإلا صار متطرفا راديكاليا داعما للإرهاب، وأن يقف في صف إسرائيل التي تقتل وتحتل وتشرد وتهدم وتدمر، ويأتي هذا المقال 2 نوفمبر 2023 في هذا التوقيت الذي تمارس فيه إسرائيل مذابح ومجازر وعملية إبادة جماعية غير مسبوقة، وترتكب فيها من الجرائم كل دقيقة ما لا يتصوره عقل أو يتحمله قلب… فهل لهذا الأسلوب والفكر والخطاب من وصف سوى الصفاقة والغطرسة والعنصرية الممجوجة؟َ

الخلاصة التي نستخلصها من هذا المقال أن كاتبيه يريان أن على الأزهر أن يحارب الفلسطينيين، وألا يدافع عن مصر والأمة العربية والإسلامية، عليه أن يدافع عن إسرائيل، أن يكون الأزهر مؤسسة صهيونية إسرائيلية تدافع عن: إسرائيل، وأمن إسرائيل، وأهداف إسرائيل، وخطاب ورؤية إسرائيل لذاتها وللعالم،… ليس في موضوع معين، ولكن بصفة عامة، يجب أن يدخل الأزهر في طابور الدفاع عن إسرائيل التي تظهر في الخطاب الصهيوني ليس بصفتها شيئًا مقدسًا وحسب، بل بصفتها القدوس نفسه، الإله، الذي ينبغي أن يخضع كل إنسان له، ويقدم له القرابين ويتعهد له بفروض الولاء والطاعة والخضوع. وهو الشرك السياسي والديني والأخلاقي الأكبر اليوم! أو على الأقل فليصمت الأزهر وشيخه كما صمت غيره ممن خاف الصهاينة أو طمع فيهم.

والحمد لله، لم يفعل الأزهر ولا شيخه ولا علماؤه شيئا من ذلك الشرك أو الخوف أو الطمع، وبإذن الله تعالى وتأييده ورحمته لن ينالهم شيء من ذلك. فالشيخ الطيب هو هكذا منذ كان رئيسا لجامعة الأزهر ومن قبلها، وبالأخص في القضية الفلسطينية؛ حيث يعرف ويؤثر عنه أنه في حوارات الأديان بين المسلمين وغيرهم يدعو إلى التسامح والسلام، ولكن مع اليهود لا يتجاوز المظلمة السياسية الكبرى في فلسطين من قبل اليهود، ويصلها بالحوار الديني معهم بقوة؛ بوصفها إما تطبيقا لتعاليم دينية أو ينبغي التبرؤ الديني منها من قبل ممثلي الديانة اليهودية، وإلا فإن الحوار معهم تضييع وقت. وهو (مثله مثل كل مسلم وعربي؛ حيث لا مرشد روحي عندنا خاصة في الإطار السني ولا الأزهر بمثابة كنيسة معصومة، بل هو مؤسسة اجتهاد علمي لها مكانتها، ويؤخذ منها ويرد عليها من أهل الاختصاص من داخلها وخارجها)، يؤمن ويوقن بالحق العربي الإسلامي في فلسطين وفي القدس الشريف والمسجد الأقصى، وحق المقاومة للعدوان الصهيوني، ونصرة فلسطين قضيةً وشعبا وأبطالا مقاومين.

ولم يزل شيخ الأزهر سائرا هذا الدرب، ففي 10 نوفمبر الماضي وجه شيخ الأزهر الشريف – خلال تدوينه نشرتها  الصفحة الرسمية الخاصة به- نداءً عاجلًا إلى القادة والزعماء المجتمعين في القمة العربية والإسلامية في الرياض، يدعوهم إلى سرعة التدخل لوقف العدوان والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وإيصال المساعدات الإنسانية لهم، ووقف عاجل لشلالات الدماء البريئة، التي يعلم الله والناس جميعًا في الشرق والغرب أنها بريئة، ووضع حد لهذه القسوة التي لا تحتملها طاقة بشر، قائلًا: «نشُدُّ على أيديكم، ونقف خلفكم، وكلنا أمل وثقة في أن تسخروا كل ما آتاكم الله به من قوة وعدة وعتاد ومن حكمة وخبرة وسياسة لوقف هذا البغي الصهيوني على أهلنا في فلسطين». وشدد على أن ردَّ العدوان عن إخوتنا في فلسطين هو واجبنا الديني والشرعي، كما أنه مسئوليتنا جميعًا أمام الله عز وجل، حكامًا كنا أو محكومين.

وكذلك المؤسسة الأزهرية نفسها، في صباح اليوم الاثنين 13 نوفمبر نشرت بوابة الأزهر الإلكترونية بيانًا ‌يطالب فيه الأزهر الشريف “المجتمع الدولي بمحاكمة الكيان الصهيوني الإرهابي الذي لا يعرف معنى الإنسانية والحياة، في مذابح الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي اقترفها، وذلك بعد أن تسبب إرهابه وعزله لقطاع غزة بالكامل ومنع الوقود والمستلزمات الطبية عن المستشفيات- في خروج عدد كبير منها خارج الخدمة، واستشهاد مرضى الرعاية المركزة وأطفال الحضانات بمستشفى الشفاء، كما تسبَّب قصفه الجنوني لمحيط المستشفى في سقوط عشرات الشهداء ومنع دفنهم واستهداف كل من يحاول الخروج أو الدخول من وإلى المستشفى. ويدعو الأزهر أحرار العالم والهيئات والمؤسسات الدولية للتحرك العاجل لكسر هذا الحصار «اللاإنساني»، الذي يفرضه «الصهاينة الإرهابيون» على المستشفيات والمراكز الصحية، مؤكدًا أن الصمت على هذه الجرائم هو وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي، ويحمل الأزهر مسؤولية هذه الجرائم الشنيعة لكل من يدعم هذا الكيان المجرم ويقف خلفه سواء بالتأييد أو الصمت. ويحيي الأزهر الشريف أطباء غزة الشجعان، وكوادرها الطبية الباسلة، الذين تصدروا الخطوط الأمامية لإنقاذ الجرحى وتضميد جراح المصابين، ووقفوا يجاهدون بأنفسهم تحت القصف الهمجي للكيان الإرهابي ولم يهابوا الموت، مؤكدًا أن هؤلاء الأبطال ضربوا المُثُل في التضحية وبذل الغالي والنفيس، ولم يدخروا قطرة عرق في ظل نقص حاد للمستلزمات الطبية الأساسية والكهرباء والوقود، ما اضطرهم لإجراء عمليات في غاية الصعوبة بدون تخدير وخارج غرف العمليات، داعيًا الله -عز وجل- أن يعينهم ويحميهم، وأن يحرسهم بعينه التي لا تنام وأن يقيهم كل مكروه وسوء. ويدعو الأزهر الشريف كل أحرار العالم أن يغسلوا أيديهم من دعم هذا الكيان الذي برهن على قسوته وتجرده من كل معاني الرحمة والإنسانية، وسفك دماء الأبرياء واستعراض جبروته على المرضى والأطفال والنساء والشيوخ، وارتكاب أبشع الجرائم التي تعف عنها الحيوانات في الأدغال”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى