الطريق إلى سقوط كابول: مشهد فوضى الإجلاء وشروط الانسحاب

مقدمة:

لم يكن الخروج الأمريكي من أفغانستان فكرة جديدة طرأت لدى إدارة بايدن بل إن الحديث عن الخروج بأقل خسائر ممكنة بدأ منذ الأعوام الأولى للحرب؛ حيث سيطرت على مراكز صنع القرار والأجندة البحثية والإعلامية الأمريكية خطابات التكلفة والعائد، بدئًا بمناقشات المقولات التأسيسية للحرب كونها حرب ضرورة أو حرب اختيار، أو حتى مناقشات كلفة هذه الحرب عقب كل أزمة اقتصادية داخلية أو عالمية واستخدامها في المعارك السياسية المحلية أكانت انتخابات الكونجرس أو الرئاسة الأمريكية. بل كانت الفوضى عنوانا كبيرا متكررا لأكثر من موضوع حول ما تفعله الولايات المتحدة في أفغانستان منذ السنوات الأولى للغزو[1]، وربما كان هذا هو الوصف الأفضل لما تقوم به هناك ولتطورات هذه السياسة ولمشهد الخروج أيضا.

كانت الولايات المتحدة قد قرّرت منذ سنوات أن تنسحب من أفغانستان، وقامت بالفعل بتخفيض قواتها هناك أكثر من مرّة، إلا أنها ظلت تأمل أن يتمكّن النظام البديل الذي أقامته من البقاء والاستمرار وتحجيم نفوذ طالبان، لكن العكس هو ما حدث وهذا هو العنصر المفاجئ الذي قاد لجزء هام من الفوضى، حيث تم إبرام الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة في ٢٩ فبراير ٢٠٢٠؛ أي بعد قدوم بايدن بشهرين فقط. وكان هذا استكمالا لمسار طويل من المفاوضات بين الولايات المتحدة في عهد ترامب وطالبان، التي لم تعترف بها الأولى حتى في متن الاتفاق وإن كانت معترفة بها عمليا بالجلوس معها على طاولة المفاوضات، برعاية قطرية مثابرة.

وبرغم هذه الترتيبات لسنوات فإن مشهد الانسحاب تم إخراجه بفوضوية ربما أكبر من تلك التي صاحبت الخروج الأمريكي من فيتنام؛ حيث تُرِكَت العديد من القضايا العالقة ومنها قضايا المتعاونين مع السلطات الأمريكية، ومحاولة عشرات الآلاف من الأفغان الهرب على الطائرات الأمريكية الخاصة بالإجلاء غير المنسق للجنود، سواء باعتبارها فرصة للجوء والهرب من هذه البلد المدمرة التي تركها الأمريكيون أو تخوفا من المستقبل تحت حكم طالبان، وحرب شكلية بين قوات الأمن التابعة للنظام الأفغاني الموالي للولايات المتحدة ومناوشات بين طالبان وتنظيم القاعدة وبعض الفاعلين المحليين في بعض الأقاليم بقيادة أحمد شاه مسعود، في مشهد دعا العديد من الباحثين والمحللين لطرح التساؤلات حول تفسير هذا الطريق إلى السقوط وتلك المشاهد العبثية للإجلاء والانسحاب والعوامل المحلية والإقليمية والدولية التي قادت لحدوثه بهذا الشكل، وتبعاته وأفق المستقبل فيما بعده.

ترى العديد من نظريات الحروب، باعتبارها الوسيلة الصلبة لاستخلاص القوة والنفوذ في العلاقات الدولية، أن الخروج من الحروب قد يكون أصعب من الدخول فيها، وأن هناك العديد من القوى الإقليمية والدولية تستطيع البدء بشن الحرب لكنها لا تستطيع إنهاءها بمفردها ومن دون وسيط بأقل خسائر. ينطبق هذا بدرجة كبيرة على إسرائيل، كما ينطبق على الولايات المتحدة وعلى عملياتها في أفغانستان، وهي العملية الأطول في التاريخ العسكري الأمريكي للتدخلات خارج البلاد، والتي كان مقررا أن يتم إنهاؤها بحلول ١١ سبتمبر ٢٠٢١ وليس ١٥ أغسطس كما حدث في الواقع تحت وطأة التطورات والفوضى غير المتوقعة التي صاحبت عملية الانسحاب، رغم الاتفاق عليها مسبقا مع الأطراف المحلية هناك.

 

أولًا- شروط الانسحاب بين مقتضيات اتفاق السلام الشامل والتنفيذ على الأرض:

بحسب نص اتفاق السلام الشامل، أو الإعلان مشترك بين جمهورية أفغانستان الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية لإحلال السلام في أفغانستان، الذي جرى التوقيع عليه في ٢٩ فبراير ٢٠٢٠ في الدوحة بعد أكثر من ١١ شهرا من المفاوضات المضنية بين الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية أو بينها وبين حركة طالبان، تتضمن اتفاقية السلام الشاملة والمستدامة أربعة أجزاء مترابطة: الجزء الأول يشمل ضمانات لمنع استخدام الأراضي الأفغانية من قِبل أي مجموعات إرهابية دولية أو أفراد ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها، وبالجزء الثاني جدول زمني لانسحاب جميع قوات الولايات المتحدة والدول الأعضاء في قوات التحالف من أفغانستان، أما الجزء الثالث فيتضمن تسوية سياسية ناتجة عن الحوار والمفاوضات الداخلية بين طالبان وفريق تفاوضي شامل لجمهورية أفغانستان الإسلامية، والجزء الرابع من الاتفاقية يتضمن وقف إطلاق نار دائم وشامل[2]. ولتنفيذ هذا الاتفاق فإن الولايات المتحدة وجدت نفسها بحاجة لاتفاق منفصل مع حركة طالبان في نفس اليوم، رغم عدم اعترافها بها، لتنظيم عملية الخروج بشكل أفضل، ولتحقيق هذه الأجزاء من بنود الاتفاقية الأولى، يتضمن الاتفاق مع طالبان: [3]

  1. انسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون ١٤ شهرا من تاريخ التوقيع عليه.
  2. تخفض الولايات المتحدة قواتها في أفغانستان إلى ٨٦٠٠ جندي في غضون ١٣٥ يوما بدءا من تاريخ توقيع الاتفاق.
  3. تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف جميع قواتهم من خمس قواعد عسكرية في غضون ١٣٥ يوما.
  4. إزالة العقوبات الأمريكية عن أفراد طالبان بحلول ٢٧ أغسطس ٢٠٢٠.
  5. إطلاق سراح ما يصل إلى خمسة آلاف سجين من طالبان، وما يصل إلى ألف من سجناء الطرف الآخر (القوات الأمريكية ونظام أشرف غني) بحلول ١٠ مارس ٢٠٢٠.

وبموجب هذا الاتفاق أيضا، فإنه مقابل سحب واشنطن جنودها تدريجيا من أفغانستان، تقدم طالبان ضمانات أمنية وتعهّدا بعقد محادثات سلام مع حكومة كابل من أجل إدارة الأمور بعد الانسحاب. وقد تعثرت هذه المحادثات كثيرا في الفترة اللاحقة على توقيع الاتفاقين، واندلعت مواجهات أكثر من مرة بين نظام أشرف غني وأعضاء الحركة الذين تدخلوا في كثير من الأحيان لإخراج زملائهم المعتقلين بالقوة بما أن النظام لم يلتزم بمقتضى الاتفاق.

راوغ النظام الأفغاني كثيرا في تنفيذ ما عليه في هذه الاتفاقية، بتأجيل خروج العديد من معتقلي طالبان المقرر الإفراج عنهم وفقا للاتفاقية، في محاولة لخلق حالة فوضى تجبر الأمريكيين على البقاء لحمايته لأطول فترة ممكنة. لكن هذا كان له تبعات عكسية؛ فالطرف الأمريكي كان قد قرر الانسحاب مسبقا، وكان يشكل هو الآخر ضغطا على النظام للالتزام بالاتفاق من أجل تحقيق خروج آمن وسلس، ومن أجل الوصول لمرحلة الانتخابات والدستور. ويحمِّل العديد من المحللين -بما فيهم أعضاء بوفد التفاوض في الدوحة- بايدن ونظام الرئيس المعزول (الذي هرب فور خروج القوات الأمريكية وقبل إتمام عملية الانسحاب حتى) مسؤولية الفوضى في البلاد[4].

كما خالفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الاتفاق، فلم يتم الانسحاب الكامل في الجدول الزمني المحدد ضمن ١٤ شهرا (أي قبل بداية مايو ٢٠٢١) وتأخرت أكثر من ثلاثة أشهر إضافية، وكانت عمليات الإجلاء للقوات والتصرف في مخازن الأسلحة وأماكن التدريب تبدو عشوائية بشكل كبير، ما يعني أن هناك أخطاء جسيمة في تقدير الموقف حتى من الناحية اللوجستية البحتة، مما زاد من مخاوف الحركة والأطراف الدولية من مشهد الفوضى.

بحلول ١٢ أغسطس٢٠٢١، كانت حركة طالبان قد أعلنت سيطرتها على عشر ولايات من إجمالي ٣٤ ولاية في أفغانستان، وكانت عملية سقوط بقية الولايات مسألة وقت ليس أكثر باستثناء بعض الولايات التي دخلت بعض الأطراف المحلية فيها في مواجهة مع طالبان وبالذات قوات أحمد شاه مسعود الذي تحمس للخطاب الغربي الفرنسي الداعم له في مواجهة طالبان دون خطة، وهو ما أدى لحدوث مناوشات مسلحة قصيرة في وادي بنجشير، المركز الوحيد للمعارضة المسلحة لنظام طالبان، وفي السادس من سبتمبر أعلنت حركة طالبان أنها سيطرت على ولاية بنجشير بأكملها بعد معارك استمرت ستة أيام، وهي آخر منطقة في أفغانستان كانت في أيدي قوات مناوئة، بينما تضع الحركة اللمسات الأخيرة قبل إعلان الحكومة[5].

نتيجة للتطورات المتسارعة وسوء تعامل الإدارة الأمريكية ونظام أشرف غني معها فإن فوضى عارمة حلت في أفغانستان مصاحبة للانسحاب في مراحله الأخيرة وصولا لأحد أكثر الأيام دموية في أفغانستان، يوم وقوع انفجار مطار كابل في ٢٦ أغسطس ٢٠٢١، والذي راح ضحيته ١٧٥ شخصا، بينهم ٢٨ على الأقل من مسلحي حركة طالبان، و١٣ عسكريا من مشاة البحرية الأميركية، وهو التفجير الذي تبنته داعش. ورغم وجود معلومات استخباراتية أمريكية وتحذيرات من انفجارات وشيكة فإنها لم تتخذ إجراء ولم تنسق عملية إدارة مطار كابل لا مع طالبان ولا النظام الذي لم يعد موجودا، ما أدى لمشهد غاية في الفوضى؛ إذ بينما تقوم الولايات المتحدة والقوات الدولية بإجلاء رعاياها كان عليها التدخل بنفسها لإحباط عمليات انتحارية بعد السقوط[6].

إذن نحن أمام مشهد فوضوي بالكامل، فربما لأول مرة في تاريخ العلاقات الدولية وفي تاريخ الدولة الأمريكية وعلاقتها بالحركات الإسلامية، التي توقع فيها الولايات المتحدة اتفاقا مع حركة لا تعترف بها وتصر على إدراج هذا الموقف في نص الاتفاقية أينما ذكر اسم إمارة أفغانستان الإسلامية، وسواء أكانت لا تعترف بالحركة كإمارة إسلامية أو تقصد عدم الاعتراف بالحركة ذاتها وسلطتها ونفوذها في أفغانستان، فإن الجلوس مع قياداتها للتفاوض لمدة أحد عشر شهرا يمثل اعترافا واقعيا، كما أن مشهد الخروج المخزي للقوات الأمريكية مثل نصرا للحركة بكل معاني النصر سواء كان هذا مؤسِّسا لشرعية سياسية واقعية للحركة محليا ودوليا أم لا؛ إذ تلى ذلك اتصالات دولية واسعة لقيادات الحركة بكل من الصين وروسيا وإيران وباكستان وتركيا، ربما أكثر مما جرى بين تلك البلدان والسلطات الأفغانية التي نصبها الأمريكيون.

ثانيًا- العوامل الدولية التي ضخمت فوضى السقوط:

برغم أن تقارير سابقة سُربَت من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA  تشير إلى أن طالبان ستُحكِم سيطرتها في عموم أفغانستان، في ما عدا بعض الجيوب في الشمال على نحو ما فعلت في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وأن حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني قد تنهار في غضون هذا العام، فإنه وحتى ما قبل الانسحاب بأيام قليلة كان العديد من الخبراء والباحثين يوصون الإدارة الأمريكية بضرورة مراجعة قرارها؛ حيث إن بايدن ربما ينتهي به الأمر بأن ينفق من الوقت والموارد على تلك البلاد بعد مغادرتها أكثر مما كان عليه الحال في السابق[7]، ويقدم رؤية لما يسميه التقسيم الفعال للبلاد بحيث لا تترك البلد لطالبان وتستحوذ المليشيات الصديقة للغرب والناتو على جزء آخر كبير من أفغانستان، ويسهل التفاوض على تقاسم السلطة، وربما على الأقل قد يساعد في الحفاظ على حلفاء الولايات المتحدة وتوفير مناطق آمنة نسبيا في أفغانستان. وهو ما يعبر عن فوضى في الرؤية الأمريكية والغربية حول الأزمة، كما يعبر عن تخبط في مراكز البحث ومراكز صنع القرار واتخاذه.

لقد كان خروج الأمريكيين من أفغانستان أمرا مُرحَّبا به من معظم القوى الدولية المنافسة حتى ولو لم تكن على توافق مع طالبان أو كانت تعتبرها عدوا، ينطبق هذا على روسيا التي لطالما اعتبرت أفغانستان تاريخيا نقطة الضعف الرئيسية بالنسبة لها، وعلى مر السنين التالية للغزو الأمريكي لأفغانستان عملَتْ موسكو على بناء نفوذها هناك ليس لاعتبارات أمنية فحسب، بل بهدف إضعاف الغرب وحلف شمال الأطلسي أيضا، وقد لوحظ الاحتفاء الكبير بمشاهد السقوط ومعايرة السياسة الأمريكية بالفشل على الشاشات الرسمية الروسية. وبحسب بعض المحللين الروس، يشكّل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تحديات لروسيا، ولكنه يمنح فرصا لبوتين أيضا. وسواء اعتقد القادة الروس حقا أن “طالبان” ستتحول إلى حركة براجماتية ومسؤولة أم لا، فمن المرجح أن يتم التعامل معها بطريقة براجماتية من قِبل جيران أفغانستان على حساب عدم الخضوع لتهديدات واشنطن[8]؛ فقد وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عناصر “طالبان” بأنهم أشخاص عقلانيون قالوا إنهم لا يخططون لافتعال مشاكل في آسيا الوسطى وسيحاربون تنظيم “الدولة الإسلامية” “بلا هوادة”. ورأى كونستانتين كوساتشيف، نائب رئيس المجلس الفيدرالي الروسي، خبرًا واحدًا سارًا من أفغانستان، وهو أن الولايات المتحدة “ليس لديها أي أساس لادعاء القيادة” فيما يتعلق بالتسوية في أفغانستان[9].

من خصائص هذا المشهد التعقيد وعدم قدرة الأمريكيين ولا الأطراف الدولية على استيعاب سرعة انهيار القوات الأفغانية التي جرى إنفاق عشرات المليارات من الدولارات عليها، فلم تستطع الصمود لأيام بينما الحكومة الموالية للسوفييت بقيت طيلة ثلاثة أعوام تقاتل ضد طالبان في التسعينيات. كما أن الاكتشافات المعدنية الهائلة التي لم تستفِد منها أفغانستان حتى الآن، تضيف عنصرا جديدا للتنافس وربما الصراع الدولي على الملعب الأفغاني، فالخروج الأمريكي الفوضوي يشكل فرصة للصين وفقا للبعض؛ ففي يوليو ٢٠٢١ تحدثت مجلة ناشونال إنترست الأميركية عمَّا وصفته بخطط الصين الكبرى لملء الفراغ الذي بدأ يتسبب فيه انسحاب الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي من أفغانستان؛ حيث تستعد بكين لتدشين دخول حصري إلى أفغانستان مستغلة “مبادرة الحزام والطريق” الخاصة بها، إذ سبق الانسحاب زيارات سرية وعلنية مكثفة لقيادات طالبان للصين التي ربما تتعلم من مصير سياسات الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في أفغانستان، وتسعى للعب دور اقتصادي والاستثمار في المناجم الأفغانية، وتريد من حركة طالبان ضبط الحركات المسلحة قرب حدودها في ممر واخان[10].

كما اعتقد البعض أن انسحاب الولايات المتحدة يأتي ضمن خطة تستهدف توظيف طالبان في صراعها المتصاعد ضد روسيا والصين وإيران، لكن لا توجد شواهد على صحة هذا الرأي، فالحقيقة أنها خرجت من أفغانستان مضطرة ومهزومة هزيمة كاملة، وبدون أي خطة أو رؤية. بل ولم تستطِع حتى أن تحمي عملاءها من الأفغان.[11] ومع هذا الخروج هُزِمَت -إلى حد ما- أفكار الحرب الكونية ضد الإرهاب ومقولات بوش الابن “من ليس معنا فهو ضدنا”، والتقسيم التقليدي للقوى الدولية فيما بعد ١١ سبتمبر باعتبارها قوى مؤيدة للديمقراطية الليبرالية الغربية أو قوى معادية لها ويجب التصارع معها. حيث أصبح المشهد هنا أننا إزاء القوى العظمى في النظام الدولي تتفاوض مع حركة جاءت من آلاف الأميال لاستئصالها والقضاء عليها، ولا تزال تصنفها “إرهابية” لكنها تتفاوض معها كأي فاعل دولي آخر من أجل ضمان خروج آمن لقواتها ومحاولة ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية من قبل أعدائها ضدها.

لتعود السياسة الأمريكية إلى مواجهة جديدة مع القوتين المنافستين المباشرتين: الصين وروسيا؛ حيث كان الانسحاب من أفغانستان يأتي ضمن الخطط الاستراتيجية للولايات المتحدة منذ نهاية حكم أوباما في إطار إعادة التمركز في جنوب شرقي آسيا ومنطقة الباسيفيك والمحيط الهادئ، وفي هذا التمركز الجديد تلعب العوامل الاقتصادية والسياسية دورا لا يقل خطورة عن الأدوات العسكرية المباشرة. ويعتقد أنصار هذا الرأي أن ترك الأزمة الأفغانية للأطراف الدولية والإقليمية لتسويتها هو توريط لهذه الأطراف، بحيث تتحوّل طالبان من مشكلة لأميركا إلى كابوس لروسيا وإيران.[12] وما يهم دول الجوار الأفغاني أكثر هو قدرة الحركة على منع وصول تنظيمات مثل القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” إلى أراضيها.

من ناحية أخرى، يضفي المشهد الإقليمي المضطرب والقضايا العالقة فيه تعقيدا على تعقيد لتلك الفوضي؛ فبسبب الحرب أصبحت باكستان تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين الأفغان فيما تستضيف إيران ثاني أكبر عدد من اللاجئين الأفغان. ولأن الأوضاع الاقتصادية في إيران قد تدهورت، أصبح الكثير ينظرون للاجئين الأفغان على أنهم عبء وباتوا يتعرضون للتمييز وسوء المعاملة على أيدي الحكومة الإيرانية، ونتيجة لذلك اندلعت احتجاجات عديدة في أفغانستان بسبب معاملة إيران للاجئين. وعلاوة على ذلك، حاولت إيران استخدام التهديد بالترحيل الجماعي للأفغان كوسيلة للضغط على حكومة كابول لتبني سياسات مواتية لإيران. كذلك تبقى أزمة المياه وتجارة المخدرات عبر الحدود أمرا عالقا لم تستطع الولايات المتحدة أو النظام الأفغاني السابق تسويته، وهذه المسائل العالقة تبقي العلاقات مع دول الجوار رهينة للتطور في رؤية طالبان لهذه المسائل. أيضا فإن باكستان تتخوف من أن تفقد دورها المحوري في أفغانستان التي تربطها بها حدود طويلة وتشابكات عرقية وإثنية ودينية، وما كانت تقوم به من أدوار في إطار  مساومة الولايات المتحدة لدفعها لتحقيق التوازن في علاقاتها مع كل من باكستان والهند.

نحن إذن إزاء دول جوار تحاول استغلال المشهد الأفغاني لتحقيق أهدافها السياسية التي لم تستطع تحقيقها بالأساليب الأخرى.

ووفقا لمحللين أمريكيين مقربين من دوائر صنع القرار، قد يؤدي الانسحاب الأمريكي من أفغانستان إلى المزيد من عدم الاستقرار والفراغ في ذلك البلد؛ حيث تستعد إيران، التي تعتبر إحدى الجهات الفاعلة الإقليمية الأقوى في أفغانستان، لممارسة نفوذ كبير هناك بعد انسحاب الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُعطي هذا الانسحاب إيران فرصة لتعزيز علاقاتها مع القوى الأخرى التي تشارك في أفغانستان، مثل الهند وروسيا. ويمكن أن تُساعد زيادة نفوذ إيران في أفغانستان على التخفيف من الضغوط الاقتصادية والسياسية الناجمة عن النزاع النووي الخاص بها[13]؛ حيث تشكل أفغانستان -بعد الانسحاب الأمريكي- منفذا جديدا غير متحكَم فيه لتصريف بعض السلع الإيرانية وتوسيع الأسواق الإقليمية التي ضاقت بفعل العقوبات، ومن ناحية ثانية يشكل الدور الذي يمكن أن يلعبه النظام الإيراني في منع تمكين طالبان من الحكم منفردة، فرصة لإيران لتسويق نفسها للولايات المتحدة والغرب كشريك يمكن الاعتماد عليه مقابل العودة للاتفاق النووي وتخفيف العقوبات وخفض حالة التوتر في علاقتها مع الغرب.

وبشكل عام فإن الهلع الذي يسيطر على الدول كافة من حكم طالبان رغم تطميناتها لكافة الدول، أدى إلى سحب معظم دول العالم لممثليها من أفغانستان وإجلاء رعاياها من هناك، وهذا يجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لطالبان ولعملية إدارة العلاقات مع العالم في هذه الفترة حيث تسير العلاقات غالبا عبر وسطاء، إذ تولت الإمارات على سبيل المثال عمليات إجلاء العديد من البعثات الدبلوماسية في كابول مستفيدة من موجة الهلع تلك.[14] وتولت تركيا مؤقتا عملية تدريب لكوادر طالبان على إدارة المطارات، والسفارات التي لا تزال تعمل في أفغانستان بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة هي ست سفارات فقط لكل من (الصين وروسيا وباكستان وتركيا وقطر وإيران)، وهو ما يجعل لهذه الدول أفضلية في فهم الوضع وتسيير علاقاتها على الأرض في إحدى الدول الهامة ضمن نطاق مشروع الحزام والطريق، الذي يجعلها على استعداد لتوسيع علاقاتها مع طالبان. تدور الاستراتيجية الصينية في هذا الإطار وتخطط لزيادة نفوذها في أفغانستان من خلال تعزيز الممر الاقتصادي بتكلفة 62 مليار دولار والذي يربط بيشاور وكابل[15]، وهو بقدر ما يشكل فرصة إلا أنه يشكل قيدا على أفغانستان بإحلال الاعتماد الكبير على الغرب باعتماد أكبر على الصين التي لا تزال تحتفظ بمخاوف جمة من حكم الحركة ومن احتمالية مناصرتها لقضايا الأويجور وإقليم تركستان الشرقية للحركات المسلحة في منطقة ووخان.

ثالثًا- العوامل المحلية المؤدية للفوضى:

ربما قدم الأداء السيء للأمريكيين والأنظمة الموالية لهم، أثناء العشرين عاما المنصرمة منذ غزو أفغانستان ثم الاتفاق على الخروج، لطالبان ما لم تقدمه سنوات الجهاد ضد المحتل سواء في العهد السوفياتي أو الأمريكي؛ تلك الصورة المنطبعة لدى قطاع عريض من الأفغان عن الحركة، فممارسات الولايات المتحدة والحكومات الموالية لها وانتهاكاتها المتزايدة بحق الأفغان بددت الصورة التي حاول الطرفان ترويجها عن الحركة باعتبارها حركة إرهابية وباعتبار تصرفاتها هي التي قادت للغزو الأمريكي لأفغانستان، إذا تجاوزنا الخلط المتعمد لدى الغرب -وبالذات فئة الساسة- بين طالبان والقاعدة، بل ومؤخرا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا بـ”داعش”.

فلم يكن المشهد السياسي الداخلي عشية الانسحاب أقل فوضوية من مشهد الانسحاب نفسه، فعقب الانتخابات الرئاسية ٢٠١٩ شهدت البلاد حالة من الفوضى بين أنصار كل المرشحين؛ حيث شهدت الانتخابات انتهاكات شديدة وتزويرا فجا، وألغت السلطات نحو مليون من ٢.٧ مليون صوت جراء وقوع مخالفات، ما يعني أن الانتخابات شهدت حتى الآن أقل نسبة مشاركة في أي اقتراع جرى في البلاد، وفي النهاية، لم يتم احتساب سوى ١.٨ مليون صوت، وهو عدد ضئيل للغاية مقارنة بعدد سكان أفغانستان البالغ ٣٥ مليونا، ومجموع الناخبين المسجلين (٩.٦ ملايين). وبعد أكثر من خمسة أشهر من انتهاء عملية الاقتراع أعلنت لجنة الانتخابات في أفغانستان في ١٨ فبراير فوز الرئيس أشرف غني بولاية ثانية، حسب ما أظهرته النتائج النهائية للاقتراع الذي جرى في ٢٨ سبتمبر٢٠١٩، لكن منافسُه عبدالله عبدالله شكَّك في النتائج معلنا فوزه في الانتخابات، وتشكيل “حكومة شاملة” موازية، كما هدد نائب الرئيس الأفغاني عبد الرشيد دوستم، حليف عبد الله مسبقا، بتشكيل حكومة موازية في حال أعلن عن نتائج مزورة للانتخابات.[16] أي أننا إزاء مشهد سياسي فوضوي تماما لا يعترف فيه الشعب إلى حد كبير بشرعية الانتخابات وبالتالي لا يشارك فيها، ولا تعتبر النخبة السياسية نتائج الانتخابات نتائج نهائية ما لم تكن في صالحها.

كان التعويل الأمريكي على النظام الأفغاني الموالي وغير المستقر، وقواته الأمنية وشبكات مصالحه المحلية التي أنفق عليها مئات المليارات ويغلب عليها الفساد المالي والسياسي، خطأ كبيرا تسبب في هذه المشاهد الفوضوية للانسحاب؛ حيث سبق الانسحاب مجموعة من الانهيارات غير المتوقعة لسيطرة قوى الأمن الأفغانية في مقابل التقدم الكبير لحركة طالبان حد سيطرتها سلميا على العديد من المدن بعد تسليمها لهم من قبل من يحكمونها، وهو ما يمكن رده لوجود درجة استثنائية من الفساد، حتى أن تقارير صحفية قالت إن أعداد جنود الجيش الأفغاني كانت على الورق ٣٠٠ ألف بينما كانت الأعداد الحقيقية أكثر قليلا من ٥٠ ألف، بحيث كانت رواتب ومخصصات الجنود الوهميين تنتهي في جيوب الطبقة السياسية الفاسدة التي حكمت أفغانستان طوال العقدين الماضيين[17].

قبيل مشهد الانسحاب رأى العديد من الأفغان أن العودة إلى أيام طالبان خير لهم من البقاء في ظل هذا الاحتلال، ولذا كان تسليم غالبية المدن سهلا وبدون إراقة الدماء باستثناء بعض المناوشات في بعض الأقاليم، وهو ما يعني وجود حاضنة شعبية للحركة ربما ساهم الأمريكيون بدون قصد في توسيعها. بل حتى بالنسبة للعديد من الباحثين والمفكرين والساسة الأمريكيين كان تنظيم أية انتخابات حرة ونزيهة تشارك فيه طالبان يعني أنها ستفوز بالأغلبية وأن أي انسحاب للقوات الأمريكية يعني بالضرورة سيطرة الحركة على المشهدين السياسي والأمني، ورغم أن الحركة أصدرت عفوا عاما عن موظفي الدولة والمتعاونين مع القوات الدولية بعد سيطرتها بيومين[18] إلا أن الهلع جعل من مشهد الانسحاب مشهدا غاية في الفوضوية، ولا تزال المخاوف لدى هؤلاء كبيرة من محاولات انتقام فردية أو قبلية ضدهم.

تركت الولايات المتحدة اقتصادا أفغانيا شديد الاعتماد على الخارج، فالاقتصاد الأفغاني هش ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية للمانحين الغربيين، ومع موجة الهلع التي أصابت المؤسسات الدولية والعاملين فيها وعمليات الإجلاء الكبيرة، ومراجعة العديد من الدول لسياستها في منح المساعدات لأفغانستان أو إيقافها، فإن حكومتها ستواجه سلسلة تحديات أبرزها إعادة إحياء اقتصاد البلاد المنهار بعد توقف المساعدات الدولية التي كانت تشكل ٧٥٪ من ميزانية البلاد في ظل الحكومات السابقة[19].

تعاني أفغانستان اثنوغرافيا من انقسام محلي عرقي وديني مذهبي، ما بين أغلبية نسبية من البشتون، حوالي ٤٠٪ من السكان، في جنوب وشرق أفغانستان والمناطق الفيدرالية المدارة قبليًا في الشمال الغربي من باكستان وإقليم بلوشستان في غرب باكستان حيث يشكل البشتون ثاني أكبر مجموعة عرقية في باكستان بعد البنجابيين، ما يجعل من تقاطع الأعراق عبر الحدود بين الدولتين وإدارتها من قبل دولة مركزية أمرا صعبا. ثم يأتي الطاجيك كأغلبية سياسية في أوساط النخب كانت رافضة لحكم طالبان ومساهما رئيسيا في تمكين الأمريكيين من السيطرة على البلاد، ويتركزون في الأقاليم الشمالية المحاذية لطاجيكستان وإلى الغرب على الحدود مع إيران،  يشكلون ما بين ٢٠ إلى ٢٧ بالمائة من سكان أفغانستان. وقد كان لموقف الطاجيك من رفض الاتفاق بين واشنطن وطالبان وسيطرة الحركة بعد الانسحاب على البلاد تأثير كبير في تلك الفوضى التي حدثت في البلاد عقب الانسحاب؛ حيث خاضوا بقيادة أحمد شاه مسعود مواجهات مسلحة مع الحركة انتهت بسيطرة طالبان على كامل المدن التي ينشط بها مسعود وتنظيمه رغم الدعم الفرنسي الكبير له سياسيا وعسكريا.

ثم يأتي الهزارة، وهم مجموعة عرقية ودينية من الشيعة الإثناعشرية والإسماعيلية تعيش في المنطقة الجبلية في وسط أفغانستان والمعروفة باسم هزاره جات (هزارستان) مترامية الأطراف، وقد أدى الفقر في المنطقة والصراع المستمر إلى تشتت العديد من الهزارة في جميع أنحاء أفغانستان. والهزارة لديهم نزوع تاريخي نحو الحكم الذاتي والتملص من الدولة الأفغانية الحديثة ويحملون قدرا من الكراهية لفكرة الدولة المركزية والاندماج القسري الذي تقتضيه. ويدعم النظام الإيراني بعض التنظيمات المنتمية لهذه الأقلية المذهبية والعرقية، ورغم ما لإيران من علاقات وثيقة مع أفغانستان وإن لم تكن حصرية مع الطاجيك والشيعة الأفغان، إلا أن دعمها العسكري والثقافي لهؤلاء كبير؛ حيث تواجه مقاومة شعبية لنفوذها من قبل الفئات الأخرى كما تواجه تحديات كبيرة في علاقاتها بسبب النزاع حول المياه وعمليات تهريب المخدرات واللاجئين[20]

ثم يحتل الأوزبك، وهم يشكلون فقط ٩٪ من السكان، القسم الأكبر من الأراضي الصالحة للزراعة في شمال أفغانستان، ومعظمهم مزارعون، يزرعون الحبوب والخضروات. بالإضافة إلى ذلك، ينتجون المصنوعات والمنتجات الحيوانية التي تُدِّر دخلا كبيرًا على مجتمعاتهم، وقد تضررت تجارتهم بسبب الحكم السابق لطالبان وقيام أوزبكستان بإغلاق الحدود مع أفغانستان، وبدعم سوفييتي ثم روسي إيراني تم منح الأوزبك درجة من الحكم الذاتي وتدريبهم على القتال ضد “المجاهدين”. بحيث مارس الأوزبك والطاجيك والهزارة استقلالا إداريا وسياسيًا كاملا. وهناك أقلية من الأيماق حوالي ٤٪، وكذلك التركمان حوالي ٣٪[21]، ولدى هؤلاء علاقات قوية مع الأتراك.

تم رسم الحدود الحالية لأفغانستان في أواخر القرن التاسع عشر في سياق التنافس بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية، وأصبحت أفغانستان الحديثة إثر ذلك ملعبا للصراعات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية بين القوى الدولية وحلفائها الإقليميين، وأصبحت مقاومتها لاعبا في تحديد الفائزين في تلك الصراعات، لكنها حاليا تقبع في حالة تشبه الوضع اللبناني أو العراقي إلى حد ما؛ حيث لكل مكون عرقي ومذهبي محلي رعاة إقليميون على حساب فكرة الدولة الأفغانية وهو ما يهدد أية سلطة مركزية ما لم تستطع تقديم فكرة الدولة بشكل أفضل وبشرعية إنجاز كمرجعية وطنية للجميع.

تحتاج دواليب الدولة أيضا رؤية لتسيير شؤونها؛ حيث إن التأخير في دفع رواتب الموظفين وتسيير مصالح الناس وعجلة الاقتصاد سوف يضاعف من مشاعر الكراهية والسخط تجاه من في السلطة ويعطي فرصة لمعارضيهم لتجييش بقية السكان وتنظيم أنفسهم، ما قد ينذر بحرب أهلية طويلة المدى. كما أن هناك مخاوف ترسخت لدى بعض الفئات من حكم طالبان، ومنها ما يتعلق بوضع المرأة الأفغانية حتى لا يتم استغلالها من قبل بعض الأقليات لتعظيم مظلومياتهم كما حدث في بعض المناطق الشيعية بالعاصمة كابول التي خرجت فيها تظاهرات نسائية ضد طالبان في الأيام الأولى لسيطرتهم وتناقلتها وسائل الإعلام الدولية بحفاوة شديدة[22]. ومن ثم، تحتاج الحركة لتقديم رؤية مطمئنة أكثر لبعض الفئات التي استفادت من بعض الإصلاحات التي أجراها النظام السابق، وبالذات الفتيات اللائي حصلن على تعليم جيد ويردن الالتحاق بالعمل واستمرار التطور في التعليم.

يتعقد المشهد المحلي عندما نكون إزاء الجيش الأفغاني السابق التابع للرئيس أشرف غني وقوامه ٣٠٠ ألف ما بين قوى الجيش والأمن، والذي من المفترض أن لديه ترسانة من الأسلحة المتطورة. فاختفاء هذا الجيش وهزيمته بهذه السهولة تثير العديد من المخاوف إزاء مستقبل منتسبيه وقياداته، ومدى إمكانية ضلوعهم في حرب أهلية أخرى أو حتى تهديدهم باستخدام السلاح لصالح أي من الأطراف المحلية أو ضدها، وهو ما يمكن أن يعتمد على ردة فعل حركة طالبان إزاء هذا الجيش وقدرتها على إدماجه وإعادة استعمال وتأهيل منتسبيه أو تسريحه، ما يعني تخوفات مماثلة لما حدث في العراق إبان تسريح قوات الجيش العراقي، الذي اندمجت قياداته لاحقا في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو حتى كونت ميليشيات محلية مؤثرة في موازين القوى ومزعزعة للاستقرار بين الحين والآخر، أو حتى خلق حالة من الفوضى شبيهة بما حدث في ليبيا جراء انهيار نظام القذافي ثم قدرة بعض قادته لاحقا على شن حرب ضروس ضد العاصمة وبعض المناطق بدعم من القوى الإقليمية والدولية.

تقتضي الطبيعة الجغرافية والجغرافيا السياسية لأفغانستان أيضا أن تحتفظ بعلاقات طيبة مع دول جوارها، وإلا فإنها ستواجه أزمات طاحنة سواء لتصريف صادراتها أو استقبال وارداتها؛ حيث إنها دولة حبيسة مكونة من عرقيات مختلفة -كما أسلفنا- وعلى حدودها دول تتشابك مصالحها وجغرافيتها معها.

رابعًا- ما بعد مشهد الفوضى.. هل من أفق للمستقبل؟

رغم التفاؤل الواسع لدى بعض الباحثين ونسبة معتبرة من الأفغان بالانسحاب الأمريكي حد توصيف البعض له بتوصيفات من قبيل التحرر الوطني الأفغاني والهزيمة الكبرى للأمريكيين بعد حرب فيتنام، فإن تحديات الحكم قد تبدو أكبر من الخيال السياسي لقادة طالبان ولمؤيديهم في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، فهناك عملية إعادة بناء للدولة ومؤسسات الحكم فيها في انتظار من يقدر على التصدي لها، وهناك مصالحة وطنية مؤجلة أو حرب أهلية مؤجلة أيضا، والخيار لا يعتمد فقط على من بالسلطة بل على استجابات الأطراف الأخرى أيضا. والحركة كبقية الحركات الإسلامية والحركات المعارضة، وحتى بعض حركات المقاومة والتحرر تبقى مفتقدة لكيفية الانتقال من إدارة الجماعة والتنظيم السياسي والعسكري لها إلى إدارة الدولة بتنوعاتها العرقية والمذهبية وتعقيدات وتشابكات مصالحها، وهو اختبار صعب أفشلت فيه العديد من تجارب الحركات السياسية الإسلامية عبر المنطقة والعالم.

كما أن هناك أيضا التحدي الكبير في بناء وإعادة بناء علاقات اقتصادية وسياسية مع القوى الإقليمية والدولية، خصوصا في دولة حبيسة ولا تتمتع بأي علاقات متميزة مع أي من جيرانها الذين تقيدهم السياسات والتحالفات الدولية في عملية بناء علاقاتهم الخارجية، كما قد يخوض بعضهم معارك أيديولوجية وسياسية وعسكرية مع الحركة ونظام حكمها الوليد.

ورغم تصريحات قياداتها بأن الحركة ستقيم علاقات متوازنة مع الجميع وما بثته الحركة من خطابات طمأنة للداخل والخارج[23]، لا تزال لدى الكثيرين تخوفات تتعلق بطبيعة إدارة الحركة للدولة الأفغانية ولا تزال حركة الطيران والحدود مغلقة مع معظم البلاد مما يجعل من تطبيع علاقات الدول مع الحركة، ومن ثم استئناف المؤسسات الدولية لعمليات تقديم المساعدات لتيسير حياة الأفغان أمرا غاية في الصعوبة.

فبعيد أكثر من ٤ أشهر على الانسحاب لا تزال حدود البلاد مغلقة مع العديد من دول جوارها، ولا يزال الآلاف من الأفغان عالقون بالداخل والخارج والمطارات شبه مغلقة مع معظم دول العالم، والبنك المركزي يواجه أزمات، وتواجه مؤسسات الدولة الهشة بطبيعة الحال أزمة ثقة كبيرة، ولا تزال الجامعات والمدارس معلقة وتقبع البلاد تحت وطأة الجائحة، وينتظر الجميع بترقب وحذر شديدين ردود الأفعال الدولية تجاه طالبان ووزارتها الجديدة بقيادة محمد حسن أخوند زاده، وما ستسفر عنه سياساتها من اتفاقات مع كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة ودول الجوار المباشر بما يمكن أن ينعكس سلبا أو إيجابا على علاقات البلد التجارية والسياسية بكل هذه الأطراف.

إذا كان التقدم العسكري السريع لطالبان ليس مفاجئا كما تدعي الإدارة الأمريكية، حيث إن عددا من قيادات الجيش والعديد من مراكز البحث الأمريكية ومراكز استطلاع الرأي كانت تقول بأنه إذا أجريت انتخابات حرة نزيهة تماما فستفوز الحركة بأغلبيتها بسهولة[24]، لا يمكن لحركة من بضعة آلاف أن تنتصر من دون حواضن شعبية، هذا الأمر مرتبط أكثر بمرارة التجربة الأمريكية في أفغانستان بالنسبة للأفغان؛ فلا هم أقاموا ديمقراطية ولا حققوا تنمية ولا تركوا البلد لتطور تجربتها الذاتية وتروض هذه الحركات ذاتيا. ليس في تجربة طالبان السابقة ما يدعو للاحتفاء تقريبا سوى مقاومتها الشرسة للمحتلين والغزاة من كل الاتجاهات، لكن الشعوب عندما ترى الأسوأ تترحم على السيء، ولذلك فإنها وحدها الشعوب قادرة على تطوير تجارب وأنظمة حكم بالتعلم السياسي وحده. الاختبار الحالي لطالبان كحركة سياسية هو قدرتها على الحكم وإدارة الدولة بتلافي أخطاء الحكم السابق و بمواءمة حقيقية قابلة للاستقرار بين القوى الغربية الآفلة من جهة والقوى الشرقية الصاعدة بقيادة الصين ومن خلفها الروس والإيرانيين من جهة أخرى، بالتأكيد تعلمت الحركة عبر عشرين عاما من التفاوض والقتال وها هي تغازل الصين، لكن لا مأمن لأي من الأطراف الخارجية كما الداخلية في بيئة شديدة الاضطراب وفي صراع مؤجل على موارد البلد وحصص استخراجها.

خاتمة:

بقدر ما شكلت عملية الانسحاب مشهدا فوضويا تاما للأفغان والأمريكيين فإنها شكلت مكلمة فوضوية ذات دلالة في منطقتنا العربية تتعدى حالة الاحتفاء والاحتفال بخروج الأمريكيين من هناك وتتعلق بنموذج الإعجاب القح بالعنف في ذاته وبنموذج طالبان ومحاولة تسويغه باعتبارها حركة تحرر وطني ناجحة أو أن نهجها هو الحل ضد الأنظمة الديكتاتورية، وهي خطابات شعبوية كارثية على مطلقيها أكثر من تلك الأنظمة ولا يجب الذهاب بعيدا في هذه الاتجاهات، فحركات التحرر تقتضى معركة سياسية واقتصادية أكبر وأهم من العمل العسكري بعمليات ناجحة للخروج من عباءة القيود الاقتصادية والسياسية التي يتركها المحتل والمستعمر وإلا سوف تنتهي لنظم عسكرية أكثر ديكتاتورية وفشلا كتلك الأنظمة التي يتركها المستعمر وكيلا عنه، أو تتحول طواعية نحو التبعية له أو للطرف المناوئ له من دون إنتاج نموذج تنموي واضح وأقل تبعية، كما أن التكلفة المادية والبشرية والحضارية لتلك الحرب للطرفين لا يمكن التغاضي عنها أو وضعها جانبا.

يمكن للحركة ولأفغانستان أن تستفيد من الصراع التجاري والسياسي بين الصين والولايات المتحدة وإصرار الصين على مواصلة خططها الاقتصادية المتعلقة بطريق الحرير وما يقتضيه من تطوير البنى التحتية في البلدان التي سيمر فيها ومنها أفغانستان، لكن ذلك يقتضي سياسة خارجية متوازنة وحذرة ومتيقظة لأية تغيرات في موازين القوى في النظام الدولي، كما يقتضي تقديرا دقيقا للمصالح والمفاسد في إدارة تلك العلاقات بما يسمح بإدارتها بطريقة أكثر براجماتية وأقل تعارضا مع ما تطلقه الحركة من مقولات تتعلق بالإسلام والشريعة والأيديولوجيا.

يمكن لأفغانستان أن تستفيد من محاولة الولايات المتحدة ضبط علاقتها بإيران للتركيز على الصراع الأكبر مع الصين وروسيا في المحيط الهاديء والباسيفيك؛ حيث تحاول الولايات المتحدة التنسيق مع إيران في مكافحة تهريب المخدرات ومعالجة قضايا استخدام المياه باعتبارها قضايا غير سياسية بحتة هامة في العلاقات بين أفغانستان وإيران وبين الولايات المتحدة وطالبان، وإن كان المنطق الذي يجب أن تحذر الحركة منه هنا هو أن هدف مثل هذه التفاهمات المشتركة بين الولايات المتحدة وإيران هو محاولة حرمان الحركة من مصدر مهم لتمويل أنشطتها وتحقيق هدف أمريكي إيراني مشترك للوصول لأفغانستان مستقرة بقيادة حكومة خالية من سيطرة طالبان تماما[25]، لكن التوصل لاتفاق لتقاسم المياه مع إيران سوف يعزز من أنشطة التجارة والزراعة ويخلق حياة مستقرة للعديد من المنتمين لأقليات قد تسبب قلقا بسبب الجفاف أو الأزمات البيئية والاقتصادية الأخرى.

بقدر ما تنبئنا عملية الخروج الأمريكي من أفغانستان أن الولايات المتحدة أُجبِرت على الخروج من هناك لوقف نزيف الخسائر المادية والبشرية والسياسية تحت وطأة مراجعات حادة للسياسات التي قادت إلى هذه الورطة في ظل صعود سابق لليمين المتطرف، فإن المفارقة أن عملية الخروج كانت تحت حكم يمين متطرف هو صاحب الخطاب الأكثر شعبوية في التاريخ الأمريكي حيث لا إيمان بالمؤسسات ولا القوانين لدى ترامب وأنصاره الذين اقتحموا الكونجرس احتجاجا على نتائج الانتخابات ووقفوا ضد اللقاحات الخاصة بكورونا. وبهذا القدر أيضا تنبئنا أن حركات الإسلام السياسي قادرة على أن تتصرف بمرونة وتجيد استعمال السياسة والقوة الخشنة معا حتى مع القوى العظمى في النظام الدولي، وإدراك التطورات الحاصلة فيه بالتعلم من الواقع السياسي ربما أكثر مما تتعلم من بعض التنظيرات المتطرفة القائلة بالعنف فقط أو تلك المتهاونة المتحدثة بخطاب السياسة فقط، لكن هذا يظل مرتبطا بعدو خارجي واضح ويسهل تجييش الجميع ضد سياساته وأخطائه، بل إنها قد تطور تنظيرات من هذا الواقع أكثر اعتدالا وواقعية في وقت قصير.

في التحليل الأخير، نحن إزاء عملية تحول محلية ونظام جديد للحكم والاقتصاد والاجتماع الأفغاني يعاد تشكيله، وهذا النظام ذاته واقع في قلب عملية تحول إقليمي ودولي مركب للقوى وفي منطقة هي بؤرة للصراع بين روسيا والصين وإيران من جهة والولايات المتحدة والهند وباكستان في تحالف موازٍ من جهة أخرى، وهذه التحالفات ذاتها غير مستقرة، هذا الأمر يجعل من عملية بناء العلاقات والتحالفات لدولة ما بعد الانسحاب الأمريكي أمرا صعبا للغاية بغض النظر عمن في السلطة، فإذا ما كان من في السلطة إسلاميون فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة؛ حيث لا ظهير إقليمي أو دولي يمكن الاعتماد عليه في تشكيل التحالفات وصناعة بدائل السياسات.

وصحيح أن هناك حديث متواتر حول الموارد والثروات المعدنية الكامنة في الأرض الأفغانية والتنافس الدولي حولها، إلا أنها ما لم تتمتع بمحاولة جادة لبناء دولة حديثة فإنها قد تتحول لعراق أو ليبيا جديدة؛ حيث الثروات الهائلة التي لا تستفيد منها سوى نخب الفساد والشركات الدولية المتنافسة بينما يستمر الصراع السياسي المحلي الحاد ويتأرجح بين الحرب الأهلية والحروب والمَكلمات السياسية من دون تقدم في بنية الدولة والمجتمع والنظام السياسي ومؤشرات الحوكمة والعدالة؛ أي أننا إزاء موارد هائلة تنتظر من يديرها بكفاءة لتحقيق رفاهية الشعب الأفغاني الذي عانى لعقود، واكتساب شرعية إنجاز سياسية وتنموية تجعل ولاء المواطن للدولة والأمة أقوى من الولاءات الفرعية الأخرى.

====================

الهوامش

[1] Mike Boyer, Handing over chaos in Afghanistan, Foreign Policy, 5 June 2006, accessed: 10 October 2021, available at: https://bit.ly/3rmLjeP

[2] للاطلاع على نص وثيقة اتفاق السلام الشامل في أفغانستان يمكن زيارة موقع وزارة الخارجية الأمريكية،  متاح عبر الرابط التالي:  https://bit.ly/3GditSh

[3] يمكن الاطلاع على نص اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان بين طالبان والولايات المتحدة، على موقع وزارة الخارجية الأمريكية، بتاريخ ٢٩/٢/٢٠٢0، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/31vROkK

[4] فاطمة جيلاني لـDW: أشرف غني وبايدن وراء فوضى أفغانستان، موقع دوليشيه فيلية، بتاريخ ٢٩/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٧/١٠/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3lBP7oR

[5] أفغانستان.. طالبان تعلن انتهاء الحرب بسيطرتها على بنجشير وتستعد لإعلان الحكومة والعالم يترقب، الجزيرة نت، بتاريخ ٦/٩/٢٠٢١، تاريخ  الاطلاع ٢٧/١٠/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Ik5YpF

[6] وسط تسارع عمليات الإجلاء.. واشنطن تنفذ غارة جديدة في كابل وأنباء عن سقوط قتلى مدنيين، الجزيرة نت، بتاريخ ٢٩/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ١٠/١١/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/330ptUf

[7] Michael O’Hanlon, How to Avert A Disaster in Afghanistan, The National Interest, 10 August 2021, accessed 25 Nov. 2021, available at: https://bit.ly/3DfDqdl

[8] آنا بورشيفسكايا، كيف ستستفيد روسيا بفضل كارثة بايدن في أفغانستان، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، بتاريخ ١٨/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٠ أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3HZMQxg

[9] US has no grounds to claim leadership in Afghan settlement — Russian lawmaker, Russian News Agency, August 17 2021, available at:  https://bit.ly/3xSMPq5

[10] حميد الله محمد شاه، محاولة ملء الفراغ: مستقبل الدور الصيني في أفغانستان، مركز الجزيرة للدراسات، بتاريخ ٦/١٠/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٥/١١/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3EqkJoz

[11] حسن نافعة، دروس الهزيمة الأميركية في أفغانستان، العربي الجديد، بتاريخ ٢١/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٥/١٠/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3p31mLO

[12] عماد بوظو، هل ستتحوّل طالبان من مشكلة لأميركا إلى كابوس لروسيا وإيران؟، موقع قناة الحرة، بتاريخ ١٨/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٣/١٠/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي:  https://arbne.ws/3dfUCoq

[13] أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار الُمترتبة على انسحاب الولايات المتحدة، مؤسسة راند، ١٩ يونيو ٢٠١٤، تاريخ الاطلاع ٢٠ نوفمبر ٢٠٢١، ص III، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/32vtFej

[14] منها دولة عربية.. خارجية الإمارات لـCNN: نساعد في إجلاء بعثات سفارات عدة دول في أفغانستان، سي إن إن عربية، بتاريخ ١٥/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ١/١٢/٢٠٢١،  متاح عبر الرابط التالي: https://cnn.it/3xTKEm7

[15] حميد الله محمد شاه، محاولة ملء الفراغ: مستقبل الدور الصيني في أفغانستان، مرجع سابق.

[16] أفغانستان: عبدالله عبدالله يعلن فوزه في الانتخابات الرئاسية وتشكيل “حكومة موازية”، فرانس ٢٤،  بتاريخ ١٨/٢/٢٠٢٠، تاريخ الاطلاع ٢٢ /١١/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/31kVR3g

[17] عماد بوظو، هل ستتحوّل طالبان من مشكلة لأميركا إلى كابوس لروسيا وإيران؟، مرجع سابق.

[18] حركة طالبان تعلن “عفوا عاما” عن كل موظفي الدولة وتدعو النساء للانضمام إلى الحكومة، يورو نيوز،  بتاريخ ١٧/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٣/١١/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ImlIse

[19] رئيس حكومة “طالبان” يلقي أول خطاب منذ سيطرة الحركة على السلطة في أفغانستان، روسيا اليوم بالعربية،  بتاريخ ٢٧/١١/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ١/١٢/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3dj6PZx

[20] أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار الُمترتبة على انسحاب الولايات المتحدة، مرجع سابق، ص ص ١٤-١٦.

[21] أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟، بي بي سي عربي، بتاريخ ٢٧/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ١٥/١٠/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bbc.in/3CZ7N7J

[22] احتجاجات نسائية ضد طالبان بمنطقة ذات أغلبية شيعية في كابول، سي إن إن عربية، بتاريخ ٨/٩/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٠/١١/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://cnn.it/3rzssNB

[23] وزير خارجية طالبان: نريد علاقات جيدة مع جميع الدول دون ضغوط، وكالة الأناضول للأنباء، بتاريخ ١٤/٩/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢٨/١١/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3xRC9Ix

[24] محمد المنشاوي، في سؤال وجواب.. قراءة أميركية للتقدم العسكري السريع لطالبان، الجزيرة نت، بتاريخ ٩/٨/٢٠٢١، تاريخ الاطلاع ٢/١٢/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3EsjwgO

[25] أحمد إدريس رحماني وآخرون، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار الُمترتبة على انسحاب الولايات المتحدة، مرجع سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى