الأصول الفكرية والسياسية للتقانة الرقمية

في إطار محاضرات الموسم العلمي لمركز الحضارة للدراسات والبحوث للعام 2023/2024، قدم هذه السلسلة الثلاثية من المحاضرات: د. شريف عبد الرحمن، أستاذ السياسة الرقمية- بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، حول (الخلفية الفكرية والسياسية للتقانة).

ويسعى مركز الحضارة من خلال هذه اللقاءات إلى استمرار الاتصال بالواقع المحيط وتغيراته، والإطلال على مستجداته، وبالأخص في شؤون السياسة العالمية والإقليمية من منظور حضاري يتسع للحقول المعرفية المختلفة، وخاصة الحقول البينية، في اتجاه العودة إلى الوحدة والتكامل المعرفي؛ ومن ثم الوصل المستمر بين المعرفة والواقع، وبين النظر والقول والعمل.

المحاضرة الأولى

(الأصول الفكرية والسياسية للتقانة الرقمية)

عرَّف فيها د. شريف بحقل السياسة الرقمية، الذي وُلد من التقاء السياسة مع الرقمنة؛ حيث يهتم بأثر الرقمنة على الموضوعات التقليدية لعلم السياسة، وكذلك بالأدوات أو الأساليب البحثية الجديدة “الحوسبة الاجتماعية”. وفي إطار خذا الحقل يأتي الاهتمام بظاهرة “الاحتجاج الرقمي” (Hacktivism)، وما يرتبط بها من مفاهيم مثل “قرصنة المعلومات”.

وذلك باعتبارها صورة من صور الاحتجاج السياسي، تبلورت عبر عدة مراحل متتالية من تطور كل من المعارضة والاحتجاج السياسي والتقانة على التوازي. ويحاجج المحاضر أن تطور الظاهرة “الاحتجاج الرقمي” تزامن مع ثورة المعلومات، ولكن لا يعني ذلك بالضرورة ارتباطهما بعلاقة سببية؛ فهناك أسباب وعوامل أعمق (ثقافية واجتماعية وسياسية) وراء ظاهرة الاحتجاج الرقمي، التي ولدت ضمن سياق الحركة الاحتجاجية في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، تجعل منها أكثر من مجرد انحراف أفرزته التطورات في مجال تقانات المعلومات والاتصالات. ، ومن ثم تسعى هذه المحاضرة إلى بيان كيف وُلدت أفكار “الاحتجاج الرقمي” من واقع السجال الفكري، وليس فقط من جراء التطورات التقانية للثورة الرقمية.

فقد تطورت تلك الظاهرة في إطار مفهوم “الثقافة المضادة”؛ حيث ظهر النشطاء/القراصنة الرقميون (hacktivists) الذين يميزون أنفسهم عن غيرهم من القراصنة بأن ما يحركهم هو الرغبة في تحقيق نوع من “التغيير الاجتماعي”، ورفض المعارضون التقيُّد بالوسائل التي تحددها السلطة للمعارضة، وأرادو أن يؤسسوا نمطهم الاحتجاجي الخاص. ثم ظهرت فكرة الكميونات، ثم الحوسبة الشخصية واستخدمت لخدمة الفكرة التحررية. ظهرت بعد ذلك البورجوازية الرقمية (Microserfs) التي عبَّرت عن تحول القراصنة أو الناشطين الرقميين نحو البرجوازية الرقمية، وكيف كان ذلك نوعا من الخيانة للكود الأخلاقي لقراصنة الجيل لأول، المتشربين بأفكار الثقافة المضادة والتحرر من السلطة والمؤسسة. ويقودنا استعراض تطور السياق الفكري والثقافي إلى التساؤل عن الخلفية المعرفية والفكرية التي ننطلق منها نحن عند التعامل مع هذا الفضاء الرقمي، هل هناك أي معيار أخلاقي يحكم هذا التعامل؟ هل نستوعب ونعي هذه الخلفيات، أم أن تعاملنا مع هذا المنتج التقني لا يتعدى التعامل السطحي بما يحمله من تحديات؟

 

يمكن مشاهدة المحاضرة الأولى من خلال هذا الرابط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى