BDS حركة مقاطعة إسرائيل والدعاية الصهيونية الجديدة: إمكانات التأثير على الاحتلال

مقدمة:

يندر أن نجد صراعًا بين الحق والباطل، في تجارب التاريخ البشري القديم والمعاصر، احتشدت فيه ترسانة مهولة من المزاعم والأباطيل، وبروباجندا غير مسبوقة في خداع العقول وتضليلها، كما عليه الصراع؛ بين رواية أصحاب الحق والحقيقة في فلسطين، والرواية الصهيونية الزائفة ومزاعمها السالبة لمشروعية الرواية الفلسطينية. لا غلّو أن هذا الصراع الرهيب، اتسم طابعه العام بالتناقض الوجودي منذ نشأته، بين منطق اختلاق الوقائع وفرضها بقوة الإكراه الصهيوني، ومنطق الدفاع عن الحقوق الراسخة في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي، ما يكشف بدوره السياسات النافذة للقوى الاستعمارية، في إضفاء “الشرعية الدولية على الرواية الصهيونية”، على حساب إنكار عدالة الرواية الفلسطينية.

والدعاية الصهيونية/الإسرائيلية في هذا السياق هي عنصر من عناصر المعركة السياسية. وتشكل أحد المرتكزات الثلاثة التي تقوم عليها استراتيجية المُستوطِن الصهيوني (الصراع المسلح -التخطيط الدعائي المنظم -الدبلوماسية النشطة). والعلاقة بين هذه المرتكزات متداخلة، فأي منها يُعدُّ للآخر ويتابعه؛ فالدعاية الإسرائيلية تقدّم للصراع المسلح وتلاحقه بمعنى المتابعة المرتبطة بتضخيم النتائج أو تشويه الانتصار المعادي، ثم تأتي الدبلوماسية لتؤكد ما حققه كل منهما. حلقة الصلة التي تربط تلك المرتكزات أنها تندرج في المعركة السياسية الكبرى التي تسعى إلى خلق دولة إسرائيلية تمتد من النيل إلى الفرات[1].

يهدف هذا التقرير إلى التعرف على أساليب الدعاية الإسرائيلية الجديدة (منطلقاتها- أهدافها- أدواتها)، بالإضافة إلى دراسة أساليب الدعاية المضادة التي تنتهجها إحدى الحركات المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، فتستخدم التأطير المضاد في سرد روايتها عن الاحتلال وهي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات [2]BDS (Boycott, Divestment, Sanctions).

وبالتالي، فالتقرير يقوم على ثنائية الهجوم والمقاومة، وينقسم إلى محورين أساسيين: محور الدعاية الإسرائيلية الجديدة، ومحور مقاومة الدعاية متمثلا في حركة المقاطعة BDS، بالإضافة إلى خاتمة: وهي تمثل رؤية لتطوير الدعاية العربية والفلسطينية، ودعم حركة المقاطعة، على ضوء المساحات الجديدة المتاحة إعلاميًا، والتي تستغلها إسرائيل ببراعة. ويندرج تحت هذيــن المحورين أسـئلة عديـدة نحـاول الإجابة عنهـا، ومنهـا:

مـا طبيعـة الدعايـة “الإسـرائيلية” الجديدة؟ وما أهم الأدوات الدعائية التي توظفها إسرائيل للتواصل مع العرب وجذبهم لروايتها؟ وما انعكاسات هذه الأساليب الدعائية الجديدة على الوعي العربي، ومساعي التطبيع؟ وبينما تواصل حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) عملها عبر سياقات عالمية غير موائمة، ومع اقتراب الحركة من الذكرى الثامنة عشر لإنشائها، نبحث كيف تقاوم الحركة العالمية السردية الإسرائيلية عبر نهجها القائم على أساس الحقوق؟ كيف تتفاعل مع ذلك السياق العالمي، لا سيما غياب الإعلام الداعم وغلبة آلة إعلامية صهيونية ممولة مضادة للحركة؟ وما أبرز النجاحات التي تحققها؟ وما أهم المعوقات التي تعرقل عملها، خاصةً خلال العامين الماضيين؟

تكتسب دراسة هذه القضية أهميتها في ضوء تزايد نشاط الممارسات الدعائية “الإسرائيلية” تجاه الدول العربية وعموم الناطقين بالعربية، وتحديدًا بعد توقيع اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال، حيث يُكثف النشاط الدعائي والإعلامي الذي قوبل بجهود وأنشطة ميدانية في ضوء استثمار الشبكات الرقمية بشكلٍ كبيرٍ وفعال، كما تنبع أهمية الموضوع من أنّ المعرفة أساس التعامل ومواجهة مشاريع التطبيع. على أن تحليل الدعاية الإسرائيلية استنادًا إلى منهج علمي، كما يقول العلامة د.حامد ربيع لا تقتصر فائدته على مجرد المعرفة بالعدو، أو التخطيط لعملية المواجهة الدعائية. إن الأهمية أبعد من ذلك وأكثر عمقًا، فعملية المواجهة دون معرفة سابقة بخلفية العدو تذكرنا بشخص يأبى أن يسير إلا في الظلام، وهو يستطيع أن يمد يده فإذا بالنور يملأ المكان. كذلك معركتنا مع الوجود الإسرائيلي في الأمد الطويل أساسًا معركة سياسة؛ وبالتالي معركة دعائية… عالم اليوم لم يعد يقبل الاستئصال عن طريق الإكراه المادي والقتال المسلح، ولا يوجد بديل لذلك سوى السلاح النفسي[3].

المحور الأول- الدعاية الصهيونية الجديدة

أولا- الدعاية الصهيونية: منطلقاتها – أهدافها -تاريخها

عُرّفت الدعاية بأنها نشاط اتصالي تقوم به الدولة، أو أية هيئة، أو منظمة اجتماعية، أو سياسية بهدف التحكم بعقول الناس ومشاعرهم، وحملهم على دعم سياسة الجهة التي تقوم بالعمل الدعائي، ومن ثم تأييدها والاستجابة لما تطرحه من أفكار ومواقف، وما تتطلبه من تغيير لأنماط السلوك أو تثبيتها[4]. وقد عرفها وتر ليبمان بأنها محاولة التأثير في عقول الجماهير ونفوسهم، والسيطرة على سلوكهم لأغراض مشكوك فيها، في مجتمعٍ معين[5]. ويتصل بالدعاية مجموعة من المفاهيم الأخرى، مثل: الاتصال، والإعلام، والحرب النفسية.

ولا يمكننا الحديث عن دعاية إسرائيل (الدولة) بشكل منفصل عن الدعاية الصهيونية في أصولها، فالعلاقة بينهما أكثر من تاريخية، فرغم وجود منظمات مستقلة خاصة بكل منهما فإن الدعاية الإسرائيلية هي بالأساس صهيونية، كما أن نشاط الدعاية الصهيونية هو بالأساس لحساب إسرائيل، ويتضح هذا التداخل القريب من الاندماج ليس فقط على مستوى المنطق الدعائي بل في تداخُل وتعاون أنشطتهما التي تأخذ أحيانًا شكل مؤسسات ومنظمات مشتركة، ولذا سنتحدث عن دعاية صهيونية/إسرائيلية.

تنطلق الدعاية الصهيونية من الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة (شعب عضوي منبوذ، ـيُنقَل من الغرب إلى الشرق، ليتحول من عنصر طفيلي إلى عنصر نافع يقوم على خدمة المصالح الغربية في إطار الدولة الوظيفية ويقوم بتجنيد يهود العالم وراء الدولة الغربية الراعية). وهذا يعني ضرورة تطوير مستويات مختلفة من الخطاب الدعائي للتوجه إلى عدة قوى:

– الدولة الإمبريالية الراعية في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية التي ستقوم بدَعْم المشروع الصهيوني، مقابل أن تقوم الدولة الصهيونية على خدمة الدولة الراعية والدفاع عن مصالحها.

– المادة البشرية المُستهدَفة (أي اليهود) لتجنيدهم لخدمة المشروع الصهيوني الوظيفي.

– المستوطنون الصهاينة، حتى يمكنهم الاستمرار في حالة الحرب المستمرة التي فرضها عليهم المشروع الصهيوني.

– المادة البشرية الأخرى المُستهدَفة، والتي لا يرد أي ذكر لها، أي عرب فلسطين والعرب ككل، وذلك حتى يمكن هزيمتـهم نفسـيًا وإخفـاء عمليات القمع ضـدهم أو تبريرها.

– شعوب آسيا وأفريقيا والعالم بأسره لتبرير المشروع الصهيوني.

ومن الواضح أن الوظيفة الدعائية عنصر مشترك في أداء زعماء الحركة الصهيونية؛ فهرتزل كتب كتابه الأرض القديمة الجديدة بهذا الهدف، وكان جابوتنسكي ينتقل من جنوب أفريقيا إلى أمريكا الشمالية للسبب نفسه. كما كان وايزمان، أحد زعماء الحركة الصهيونية وأول رئيس لإسرائيل، يقول: “يجب أن نبني أعمالنا على أوسع مجال من عطف الرأي العام”[6].

ويرى د. حامد ربيع أن كون الدعاية الإسرائيلية متعددة الأبعاد؛ بمعنى أنها تتجه إلى أكثر من جمهور وكل منها يملك خصائصه المختلفة التي قد تكون متعارضة؛ هي الناحية التي يجب أن نؤكد عليها، لأنها تمثل المدخل الذي سوف يسمح لنا بأن نقوم بعملية دعاية عكسية تسعى إلى القضاء على المنطق الدعائي الإسرائيلي بإبراز التناقض الداخلي بين مقوماته[7].

يتَّخذ الخطاب الدعائي الصهيوني الكثير من الأشكال والصيغ، متدفّقا عبر آلاف الرسائل الإعلامية، وعلى امتداد الخارطة الواسعة لوسائل الإعلام والتواصل التقليدية والجديدة. وتختلف لغة الخطاب الدعائي الصهيوني من حيث الشكل والمضمون تبعًا لثلاثة عوامل أساسية: الجمهور المستهدف، واللغة الحاملة للخطاب، والظروف الموضوعية، مع التركيز الدائم على المرتكزات الأساسية والمتمثلة في:

– إسرائيل حقيقة تاريخية كانت قائمة في أرض فلسطين ثم فقدت استقلالها، وما إعلانها مجددًا في عام 1948 إلا إعادة إحياء للدولة القديمة. – قيام إسرائيل هو تحقيق لنبوءة دينية ووعد إلهي” يُعطي أرض فلسطين لليهود. – إسرائيل ليست دولة عدوان، وإنما تسعى إلى السلام مع جيرانها والحفاظ على بقائها وأمنها. – إسرائيل واحة للديمقراطية الغربية وسط عالم عربي متقلب، تحكمه أنظمة دكتاتورية متخلفة. – تعظيم قوة إسرائيل العسكرية وقدرات جيشها الذي “لا يُقهر”[8].

تظهر وظيفية الدعاية الصهيونية كذلك في تَلوُّنها السريع، ففي مرحلة ما قبل بلفور، على سبيل المثال، كانت الدعاية الصهيونية تركز على حاجة اليهود لوطن قومي في أي مكانٍ في العالم. ومع تحدُّد الاستراتيجية الإمبريالية البريطانية، ومع قرار تقسيم الدولة العثمانية، أصبحت فلسـطين، وفلسـطين وحدهـا، البلـد الذي يمكن أن يعيـش فيه اليهود.

أيضًا، يختلف الخط الإعلامي الصهيوني في ألمانيا النازية عنه في أوساط المثقفين الاشتراكيين أو في أوساط الرأسماليين الأمريكيين، ومن مرحلة إلى أخرى. ولعل هذه الصفة الحربائية (التي تدل على الكفاءة) تظهر أكثر ما تظهر في الدعاية الصهيونية الموجهة للعرب. فقبل عام 1948، كان الحديث عن ضرورة اقتسام فلسطين مع العرب. ولكن هذا الحديث يختفي تمامًا بعد ذلك التاريخ، بل إن الدعوة إلى التقسيم أصبحت تطرفًا وإرهابًا وتهديدًا للبقاء اليهودي. ومع هذا، يُلاحَظ أن الدعاية الصهيونية/الإسرائيلية اتخذت، حتى عام 1956، موقف الدفاع عن الذات اليهودية وعن الدولة اليهودية، وفي الوقت ذاته عدم تشويه الطابع القومي العربي، بل لا تتردد هذه الدعاية في تذكير العرب بالأصل المشترك مع اليهود. أما بعد حرب 1956، فقد انتقلت الدعاية إلى موقع الهجوم بتشويه الطابع القومي للعرب وتضخيم فضل العنصر اليهودي على العالم. وفي مرحلة 1967، انتقلت هذه الدعاية إلى أسلوب الاستفزاز بتأليه الطابع اليهودي والحديث عن السلام العبري وضرورة فرضه على المنطقة، والإلحاح على إسرائيل كدولة وظيفية قوية وكـذراع للمصالح الغربية بالمنطقة ضد القومية العربيـة.

وفي المرحلة الممتدة من كامب ديفيد إلى أوسلو، التي واكبت سقوط الاتحاد السوفيتي وتقهقُر القومية العربية وظهور منظمتي حماس والجهاد الإسلامي، بدأت إسرائيل تتبنى منطقًا إعلاميًا جديدًا وهو الدفاع عن النظام العالمي الجديد وتأكيد الروابط الاقتصادية بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط (الدول العربية سابقًا) والهجوم على الحركات الإسلامية وإعادة إنتاج صـورة الإسـرائيلي باعتبـاره خبـيرًا اقتصاديًا مرنًا متفاهمًا، وباعتباره فنيًا لا يكترث كثيرًا بالأبعاد الأيديولوجية، بعد أن كان مقاتلًا في جيش ذي ذراع طويلة تمتد لتصل إلى الجميع[9].

ثانيًا- مؤسسات الدعاية “الإسرائيلية”

ترتكز قوة الدعاية “الإسرائيلية” في أنَّ “إسرائيل” دولة تتجند بالكامل لنشر فكرةٍ ما، وتُسخّر كل ما هو عسكري وسياسي وأمني وقضائي للضخ الإعلامي ولترويج فكرة معينة، سواءً للجمهور “الإسرائيلي” أو للخارج، وقد نجحت في الترويج لسرديتها بالاعتماد على آلة دعائية قوية، أدّت إلى تزييف الحقائق وتبرير أعمال الاحتلال[10].

على الصعيد الرسمي، خصصت الحكومة الصهيونية وزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام لإدارة هذا الملف، إحدى الأدوات المهمة لعمل هذه الوزارة هي نوعٌ جديد من الدعاية، ليست دعاية حكومية من النوع الكلاسيكي المباشر، بل دعاية سوداء وهي وسيلة جديدة وغير مباشرة لإقحام رسائل ومضامين ترغب الحكومة في إيصالها للجمهور بأسلوب مبطن. حيث تقوم هذه الوزارة بشراء مساحات إعلانية في الصحف ووسائل إعلام بمبالغ ضخمة، أو تزويد هذه المواقع بالمادة المنشورة بطريق مباشر[11].

وتقوم الوزارة أيضًا بمحاولة تجميل الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية من خلال إنشاء شبكة واسعة من المنظمات والأفراد للدفاع عن المشروع الصهيوني، والعمل كذراعٍ لها في الساحة العالمية وفي الفضاء الإلكتروني. وتتشكل هذه المنظمات في الأساس من مواطنين عاديين، فتقوم بتخصيص برامج تدريبية لطلاب المدارس الثانوية الصهيونية لتدريبهم على بث الدعاية الصهيونية والمشاركة في الدفاع عن المشروع الصهيوني في شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال إنتاج فيديوهات دعائية لتحسين صورة الكيان الصهيوني. كذلك تتعاقد الوزارة مع شركات علاقات عامة منها شركة كرمر-دافيدوفيتش GCS للاستشارة الإعلامية والاستراتيجية. وتدعم أيضًا الوزارة منظمة «المنتدى القانوني الدولي»، وهي منظمة صهيونية تحارب المقاطعة في20 دولة بالعالم وتتواصل مع شبكة مكونة من أكثر من ألف محامٍ حول العالم[12]. ذلك بما يتيح تمويه حقيقة وقوف جهة محددة وراء الدعاية التي يقومون بنشرها، وبالتالي يسهل نشر المحتوى الذي ينتجونه على الصعيدين المحلي والعالمي. وبالإضافة إلى الأفراد، تتلقى الوزارة المساعدة من وزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد وأذرعها في الخارج[13].

والهدف الأساسي والمعلن لوزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام محاربة ما تسميه «نزع شرعية دولة إسرائيل»، بما في ذلك حركة المقاطعة العالمية BDS التي ساهمت في كشف الاحتلال الصهيوني في أوروبا والعالم الغربي[14].

ثالثًا- “وسائل التواصل الاجتماعي” واختراق الوعي العربي

تنشط الدعاية الصهيونية والإسرائيلية التي باتت تُعرف الآن بـ” هاسبارا” Hasbara، لـ”شرح وتوضيح” صورة إسرائيل في العالم، ودحض “الأساطير” السلبية التي يُروّجها “أعداء إسرائيل” عنها. وتظهر معالم “هاسبارا” الإسرائيلية بشكلٍ واضح في مجموعة الوثائق التي تصدر عن مؤسسات صهيونية، مثل دليل الدفاع عن إسرائيل” The Israel Advocacy Handbook[15]، الذي يوضح في مقدمته أنه “دليل” لشرح مبادئ الصهيونية، وإعادة ترميم المواقف الدولية، التي شهدت تآكلا خطيرًا خلال العقد الماضي، حتى بات بعضها يُشكّك في (شرعية إسرائيل)، وإعادة زخم الدعم الأمريكي والأوروبي لها.

ويقوم خطاب “هاسبارا” الدعائي الصهيوني الراهن على حزمة تخلط بين المضامين القديمة والجديدة، التي تسعى المنظمات الصهيونية إلى ترويجها وترسيخها في أذهان الرأي العام العالمي. ومن أبرز هذه المضامين[16]:

– أعداء إسرائيل يسعون إلى “نزع الشرعية عنها”.

– العرب لا يقبلون حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره.

– الرفض التاريخي لإسرائيل هو السبب الأساسي في كل الحروب منذ عام 1947.

– إبراز قصة النجاح الإسرائيلي في إقامة دولة ديمقراطية باقتصادٍ مزدهر، وعلى درجةٍ عالية من التطور التكنولوجي.

– إبراز قضايا انتهاك حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وقمع الحريات الدينية والسياسية للأقليات في الدول العربية. وبالمقابل، نجاح إسرائيل في تأسيس نظام سياسي مستقر قائم على الديمقراطية والمساواة، مع تصوير إسرائيل كـ”دولة صغيرة مُهددة باستمرار من قبل أنظمة وحركات عربية وإسلامية ديكتاتورية”.

– الصهيونية ليست معادية للإسلام، بل الإسلام الراديكالي هو المعادي للسامية وللصهيونية.

– إسرائيل تؤمن بالسلام وتسعى إلى تحقيقه، ولأجل ذلك تقوم بتقديم التنازلات القاسية.

عملت الدعاية “الإسرائيلية” على الترويج لهذه المضامين، فأسست المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة وإسرائيل بدءًا من مشروع إسرائيل (TIP- The Israel Project)، الذي أُطلق في العام 2003، وهو منظمة للدعاية والعلاقات العامة، تهدف إلى تحسين صورة إسرائيل والدفاع عنها في العالم عبر مختلف المنصات الدعائية والإعلامية، مع تركيز واضح على منصات التليفزيون الرقمية، مثل “إتش بي أو” (HBO – Office Box Home) و”نتفليكس” (Netflix)، بوصفها منصات أمريكية واسعة الانتشار عالميًّا[17].

وصولا إلى محاولة الاختراق الناعم للوعي العربي والفلسطيني، عبر إطلاق عدد من وسائل الإعلام باللغة العربية؛ بهدف التأثير على عقليات الأفراد ونفسياتهم، ليصيبهم الوهن والاضطراب، وهي عملية تتميز بأنها مفاجئة وفي الوقت ذاته هادئة تعتمد على الاستدراج البطيء. وذلك من خلال ترسيخ آراء مختلفة ومشوشة في نفوس الجمهور العربي، ويبرز -على وجه التحديد- التواصل المباشر مع الجماهير “المعادية” بواسطة الإعلام الرقمي لمحاولات اختراق المجتمعات العربية، بشكل عام، وصفوف فئة الشباب خاصةً، لما في ذلك من أهمية في تغيير الصورة النمطية السائدة عن الاحتلال كونه كيان دموي[18].

بناءً على ما سبق، فإنَّ وسائل التواصل الاجتماعي التي تعاظم تأثيرها ودورها في العالم العربي، غدت مطبخًا جديدًا لصناعة وتوليد رأي عامٍ جديد في كثيرٍ من القضايا، وهي أداة فاعلة لا يمكن إغفالها، لا سيما أنها تشهد مزيدًا من الإقبال من الجمهور بمختلف فئاته، مع الإشارة إلى أنَّ التعامل مع الحقوق الرقمية “للإسرائيليين” يكسبهم مزيدًا من السيطرة والتحكم بحكم ما يتمتعون به من قوةٍ ونفوذ؛ فـ (فيسبوك، وجوجل، وتويتر، وغيرها) ليست منصات محايدة، بل إنها تتحكم في الميدان الرقمي العام وتسخره لمساعدة الأقوياء[19].

ففي عام 2011، أعلن الجيش “الإسرائيلي” أنَّ السوشيال ميديا باتت “ميدان المعركة” الجديد، وكلف “محاربين سيبرانيين” لشن الحرب عبر الإنترنت. وفي عام 2015، أقامت وزارة الخارجية “الإسرائيلية” مراكز قيادة إضافية لتجند شبابًا من قبل الجنود السابقين الذين لديهم مهارات تقنية من داخل وحدة الاستخبارات السيبرانية في الجيش، واسمها الوحدة 8200، ليُشكلوا رأس الحربة في المعركة التي تدور رحاها “أونلاين”.

كثير من هؤلاء المحاربين أو الجنود انتهى بهم المطاف لأن يؤسسوا شركات تكنولوجية هي التي طورت برامج التجسس التي بات لصيقة بعالم السوشال ميديا، مثل برنامج بيجاسوس الذي طورته شركة مجموعة NSO Group Technologies “الإسرائيلية” للأسلحة الإلكترونية. وفي عام 2017، جرى إطلاق تطبيق اسمه Act.il[20] ونشط في الأعوام الفائتة بدءًا من 2021، وهو تطبيق يجيش الجماهير العريضة لمحاربة المحتوى والصفحات الفلسطينية، فيتيح لهم التبليغ عن أي محتوي فلسطيني -يجدونه يدعو للعنف- وفيسبوك بالتعاون مع وزارة الشؤون الاستراتيجية تقبل الطلبات وتزيل المحتوى، فانتقلوا بذلك لمساحة أخرى لا يعتمدوا فيها على الخبراء بشكل مباشر بل أصبح كل متعاطف وموالٍ للصهيونية هو مشارك في هذه الحرب الإلكترونية والإبادة للمحتوى الفلسطيني وتكميم الأفواه. وفي نفس السياق، قد اعترفت شركة فيسبوك بأنها استجابت لنحو 90٪ من طلبات وحدة السايبر الإسرائيلية[21] من أجل حذف منشورات وحسابات فلسطينية[22]؛ كما اعترفت أنَّ الهدف كان إيجاد مجتمع من “المحاربين” مهمتهم “إغراق الإنترنت” بالدعاية “الإسرائيلية”[23].

رابعًا- نماذج من الدعاية الصهيونية الناطقة باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعيّ

في سياق هذه الحرب الإلكترونية اهتم الاحتلال الصهيونيّ بشكلٍ كبير بالدعاية باللغة العربية وخصص لذلك إمكانيّات بشريّة وماديّة وتقنيّة عاليّة.

وأشار تحقيق نشره ملحق “الإعلام” في صحيفة “ميكور ريشون” اليمينيّة، إلى أن المؤسسات السياسيّة والأمنيّة الكبرى مثل رئاسة الوزراء، ووزارة الخارجيّة، والأجهزة الأمنيّة، بالإضافة إلى الجيش، أصبحت تعتمد على الدّعاية باللغة العربيّة لاحتواء عمليات المقاومة الفرديّة من خلال مواجهة “التحريض” على مواقع التواصل الاجتماعيّ، كما أن الدعاية الإسرائيليّة باللغة العربية تحاول أيضًا إعطاء صورة مشرقة للاحتلال وتحاول اختراق عقل المواطن العربيّ من أجل ترسيخ هذه الصورة.

يُشير التحقيق إلى أن المؤسسات الرسمية الإسرائيليَّة المعنيَّة قد عمدت إلى تدشين حسابات رسمية باللغة العربية لها على “فيسبوك“، و”تويتر“، و”إنستجرام”. والشخص المهمّ الّذي يعمل في موضوع الدّعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ هو الناطق بلسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باللغة العربيّة، أوفير جندلمان، وقد نقل التحقيق عن جندلمان، قوله إن: “نتنياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول الذي حرص على ناطق باسمه باللغة العربية، لأنه يعي الطاقة الكامنة في الجهد الدّعائيّ في مواجهة العالم العربي”، على حد تعبيره.

وكشف جندلمان أنه “يحرص دائمًا على عرض “أدلة” تدلل على أن حركة “حماس” لا تختلف عن تنظيم “داعش”، ويؤكد أنّ “هذا يخدم الدّعاية الإسرائيليّة في الغرب والعالم العربيّ على حدٍ سواء”.

تختلف اهتمامات القائمين على الدّعاية باللغة العربيّة في وزارة الخارجيّة عن غيرها؛ إذ لا تعمل فقط على شرح مواقف “إسرائيل” للجمهور العربيّ، وإنما تعمل على إيجاد بيئة تحسّن من فرص التطبيع. وبحسب المسؤول عن قطاع الدّعاية باللغة العربيّة في وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، حسن كعبية، فإنّه يوظف نشاطاته في مواقع التواصل الاجتماعيّ من أجل “تشجيع النّخب العربيّة على الانفتاح على إسرائيل”. ويقول أيضًا إنّ “جهوده أسفرت عن تنظيم 12 زيارة لوفود عربيّة من تونس، والمغرب، ومصر، والعراق، وكردستان”.

وعلى جانبٍ آخر، كانت قد خلصت دراسة أجرتها صحيفةهآرتس“ الإسرائيلية إلى أن مضامين صفحة خارجيّة الاحتلال على “فيسبوك”، تسعى إلى  إبراز “دونية” العالم العربي، مقابل “تفوق إسرائيل” [24].

أمّا أفيخاي أدرعي الناطق باسم جيش الاحتلال، يقول إنّ أحد الأهداف المهمّة لوجوده على مواقع التواصل بالعربيّة هو “السّعي لإضفاء طابع إنسانيّ على ضباط وجنود الجيش الإسرائيليّ”. ويشير إلى أنه يحاول تحقيق هذا الهدف من خلال: “الظهور بالزيّ العسكريّ والتّصرف بشكلٍ إنسانيّ، مثل تناول الطعام المصري وغيرها من المناشط التي تهدف إلى تغيير الانطباعات المسبقة عن الجيش لدى العربيّ”.

يعمل أدرعي على شرح وتبرير جرائم الجيش الصهيونيّ من خلال ما يقوم بنشره على مواقع التواصل الاجتماعيّ، ويؤكد أن الجيش الإسرائيليّ حرص على تطوير “مغريات تقنية وبرمجيّة” لجذب المواطن العربي لحساباته في مواقع التواصل ما أدى إلى التحاق 1.2 مليون متابع للصفحة على “فيسبوك”.

كما سبق وصرح أدرعي خلال مقابلة أُجريت معه عبر القناة الإسرائيلية الثانية: “أنّ الشّبكات الاجتماعية عالم أكثر تواصلًا، إذا كان العرب سمعوا في الماضي عن إسرائيل، اليوم نحن موجودون بقوّة في حياتهم نحاول عبر صفحتنا خلق خطاب حقيقيّ من دون وسطاء بيننا وبين الجماهير العربيّة، ونطرح علامات الاستفهام بين الزوار، مثلًا بإمكاننا طرح سؤال ما مصلحة حماس لشن حرب جديدة بعد ثلاثة حروب في السّنوات الماضية بقطاع غزة، لم تحقق حماس أيّ إنجاز فيها من أجل شعبها؟”.

فيما يتعلق بوجه الاختلاف بين الخطاب الدّعائيّ الموجه للعرب والموجه للغرب، يجيب أدرعي: “الرسالة مختلفة تمامًا. ننقل للجمهور الغربيّ رسالة أكثر نعومة ونركز أننا معرضون للخطر ونسعى إلى الدّفاع عن أنفسنا، وفي الخطاب الدّعائيّ الموجه للعالم العربيّ نتحدث عن التهديد، لكن أيضًا عن ردنا عليه، ونظهر قوة إسرائيل وحقيقة أنّ الجيش الإسرائيليّ انتصر في كل التّحديات التي واجهها”[25].

أمّا مكتب منسق شؤون الأراضي الفلسطينيّة المحتلة في وزارة الحرب الإسرائيليّة، فهو مهتم بشكلٍ أساسيّ بتوظيف نشاطات مكتبه على مواقع التواصل بالعربيّة في تجفيف البيئة التي تساعد على تشجيع العمليات الفردية، ناهيك عن سعيه لشيطنة حركةحماس، من خلال إبرازها كمستفيدة من معاناة الشّعب الفلسطينيي[26].

من الصفحات الصهيونية المهمَّة الناطقة باللغة العربية والتي يُتابعها الملايين[27]:

– صفحة المتحدِّث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، ويتابعها أكثر من 1.3 مليون متابع.

– صفحة “إسرائيل تتكلم العربية”: أنشأتها وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، تركّز على نشر العلاقات بين “إسرائيل” والدّول العربيّة، لترويج فكرة أنّ كيان الاحتلال هو جزء من المنطقة، ويتابعها أكثر من 3 ملايين و200 ألف متابع.

– صفحة “إسرائيل من دون رقابة”: وتعمل على إيجاد حوار تطبيعيّ مع “إسرائيل”، وتقوم بالتّحريض على المقاومة الفلسطينية، ويبلغ عدد متابعيها أكثر من مليون و400 ألف متابع.

– صفحة أوفير جندلمان: الصفحة الخاصة بالمتحدث الرسمي باسم رئيس حكومة الاحتلال، وهي صفحة أشبه بصفحة أفيخاي أدرعي من حيث الأهداف ومضمون الخطاب والأهّمية، إلا أن كل صفحة لها طابعها الخاص، فهي تتمتع بخطاب دبلوماسيّ مدنيّ بينما خطاب أدرعي خطاب عسكريّ، وتركز الصفحة على نقل تصريحات نتنياهو وتجميلها ويبلغ عدد متابعيها أكثر من 150 ألف.

– صفحة “إسرائيل في مصر”: تدير هذه الصفحة سفارة كِيان الاحتلال في مصر، وهي معنية بنشر كل ما هو جديد عن العلاقات بين مصر وكِيان الاحتلال، وتنشر بعض العادات والتقاليد الإسرائيليّة في المناسبات المتعدّدة، ويبلغ عدد متابعيها 228 ألف متابع.

بالإضافة إلى صفحة “قف معنا بالعربية” (Stand With Us Arabic): تعمل هذه الصفحة على تجريم عمليات المقاومة الفلسطينيّة، وتسعى لتزوير التاريخ واستعراض الاكتشافات الأثرية على أنّها تعود لليهود، وذلك لإثبات أن لهم حق تاريخي في أرض فلسطين. ذلك بجانب صفحة “إسرائيل في الأردن” وصفحات أخرى[28].

على أن لهذه الدعاية الصهيونيّة الجديدة انعكاسات على الرأي العام العربي، أهمها:

-اختراق الرأي العام العربي، بأساليبٍ متعدّدة: استطاع كِيانُ الاحتلال الصهيونيّ من خلال منظومته التي يستخدمها في بث دعايته اختراق الرأي العام العربي، بأساليب متعدّدة، وما يؤكد ذلك هو حجم المتابعين العرب لصفحات كِيان الاحتلال على وسائل التواصل الاجتماعيّ، كما أنّ حجم التّفاعل مع هذه الصفحات يوازي حجم المتابعين سواء أكان التّفاعل سلبيًّا أو إيجابيًّا. علمًا أنه مجرد التفاعل حتى لو كان بالسّلب يعني وصول الرّسالة التي يريدها الاحتلال، ومن خلال تكرارها وبثها باستمرار مع الوقت يمكن أن تُحدث تأثيرًا، أو تغييرًا في الآراء، ولهذا يُفترض مقاطعة هذه الصفحات، وكشف خطرها.

-التطبيع الإعلامي: يمكن القول إنّ الأهداف الاستراتيجية وراء هذه الصفحات تتمثل في التطبيع الإعلامي من خلال كسر حاجز العزلة بين الكيان “الإسرائيلي” والمجتمعات العربية عبر البدء بتقبل الوجود “الإسرائيلي”، وقراءة المجتمع العربي فقط لما يُكتب من قِبل الإعلام “الإسرائيلي” الموجه بالعربية. كما أن توجيه متحدثين ومتحاورين من جنود الاحتلال “الإسرائيلي” باللغة العربية يُراد منه الإيحاء بـ “ديمقراطية الكيان الإسرائيلي” وسط غابة من الدكتاتوريات العربية، وأنه يضم في صفوفه عربًا لا يواجهون مشكلة في الخدمة تحت علم “إسرائيل”، ولربما بعد ذلك، الوصول بالعقل العربي إلى مرحلة الدفاع عن التطبيع الإعلامي مع “إسرائيل”، كونها واقع جغرافي وحقيقة سياسية، وهذا ما ازدادت مشاهدته وسماعه من شخصيات عربية، عبر القنوات الفضائية العربية وعبر حساباتهم على منصات فيسبوك وتويتر بل والتهجم على الفلسطينيين والمقاومة.

والسوشيال ميديا ليست الساحة الوحيدة للمعركة الدعائية الآن، فقد برزت السينما كأداة بارزة للدعاية الصهيونية. شكلت السينما “الإسرائيلية” عاملًا مهما في السيطرة على عقل المشاهد أيا كانت جنسيته، وجعله يصدق ما تريده السينما أن يصدق، كما قطعت السينما “الإسرائيلية” أشواطًا كبيرة في الإنتاج السينمائي، واستطاعت أن تجعل صورة الكيان “الإسرائيلي” لدى المجتمع الغربي صورة وردية تجعله يصدق بأن المواطن “الإسرائيلي” بل وكذلك الجندي “الإسرائيلي” هو مجرد إنسان طبيعي، وليس صهيوني قاتل، فهو إنسان يدعو لحل سلمي بين الأطراف كما تعرضه السينما الإسرائيلية، وليس أدل من مسلسل فوضى بـأجزائه الثلاثة التي تعرضه منصة نتفيليكس ليبث كل هذه المضامين[29].

المحور الثاني- حركة مقاطعة إسرائيل BDS … ساحة أُخرى للمقاومة

يُدرك مناصرو حقوق الفلسطينيين حجم القوة الكامنة للحملة الفلسطينية الرامية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وهم ليسوا وحدهم من يدرك ذلك، فالمعادون لتلك الحقوق يعون هذه الحقيقة أيضًا. فقد حذر المدير التنفيذي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) أثناء انعقاد مؤتمر اللجنة في مايو 2009 أن جهود المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات آخذة في الوصول إلى عموم الأمريكيين و”تهيئ الأرضية للتخلي عن إسرائيل”[30].

بعد ما يزيد عن 18 عامًا على تأسيس حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، المعروفة عالميًا بالاختصار BDS، وبعد النجاحات التي حققتها الحركة على مستوى الرأي العام العالمي، من خلال الضغط على صناديق تقاعد كبرى وكنائس وشركات وبنوك ضخمة، في الولايات المتحدة الاميركية وأوروبا وجنوب أفريقيا والبرازيل وغيرها لسحب استثماراتها من شركات (إسرائيلية أو دولية) متورطة في انتهاكات إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني أينما كان، أثبتت هذه الحركة خلال تلك الفترة أنها جزء من إطار استراتيجي فعّال لدعم كفاح الشعب الفلسطيني -بما في ذلك الدعائي- من أجل تقرير المصير.

أولا- حركة المقاطعة العالميةBDS: التأسيس، والأهداف

حركة المقاطعة The Boycott, Divestment, Sanctions BDS، هي حركة فلسطينية، امتدت إلى العالمية، تهدف إلى كشف ممارسات الاحتلال وفضح عنصريته، وإلى وقف كافة أشكال التطبيع معه. وقد انطلقت الحركة في التاسع من سبتمبر عام 2005، وهي اختصار لثلاث كلمات، مقاطعة، وسحب استثمارات، وفرض عقوبات. وتتكون الحركة من 171 مؤسسة داعمة ومتعاطفة مع الشعب الفلسطيني[31].

نعلم أن المقاطعة برزت على مر التاريخ الفلسطيني، كاستراتيجية من استراتيجيات المقاومة الشعبية الرئيسية المتاحة للفلسطينيين على اختلاف مشاربهم[32]. أمّا اليوم، فقد أصبحت في إطار التضامن الدولي الاستراتيجية الأهم لدعم النضال الفلسطيني المرتكز على النهج القائم على الحقوق. حركة المقاطعة حددت في ندائها التأسيسي الذي وقع عليه وقتها ما يزيد على 170 جمعية واتحادًا ونقابة وحزبًا وغيرها من الأطر التي تنضوي تحت مسميات أخرى للعمل المدني، حددت أساليب متعددة لمقاطعة إسرائيل. وتبنى نداء المقاطعة استراتيجية الضغط لعزل إسرائيل أكاديميًا وثقافيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وذلك بهدف إلزامها بالامتثال للقانون الدولي من خلال إنهاء احتلالها للأراضي العربية وتفكيك الجدار، وإنهاء نظام الفصل العنصري الممارس بشكلٍ خاص ضد مواطنيها العرب الفلسطينيين، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية وأراضيهم.

لم تزعم حركة مقاطعة إسرائيل يومًا ما بأنها الاستراتيجية النضالية الوحيدة المتاحة لنيل الحقوق الفلسطينية كاملةً، ولا يمكن لأحدٍ أن يتوقع منها أن تحرز الحقوق الفلسطينية بمفردها. فحركة المقاطعة BDS هي إحدى استراتيجيات النضال القائمة والتي تتقاطع أهدافها مع أهداف الاستراتيجيات النضالية الأخرى، كالمقاومة الشعبية وكذلك الاستراتيجيات القانونية لمحاسبة إسرائيل وقادتها على الجرائم التي يرتكبونها بحق الشعب الفلسطيني. ويشكّل الفلسطينيون/ات الناشطون/ات في المنفى أيضًا عنصرًا مهمًا في المقاومة الفلسطينية لنظام إسرائيل الاستعماري، أمثال الناشطين في حملة «عدالة-نيويورك»، وفروع حركة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، والحركات الاجتماعية في أوروبا وأمريكا اللاتينية والجاليات الفلسطينية الأخرى في الشتات. حيث تضطلع تلك الحركات بدورٍ رائد في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وتنظم العديد من التحركات والأنشطة على مختلف أنواعها والتي ترتبط بأهداف المقاطعة.

كما يلعب المواطنون الفلسطينيون في أراضي عام 1948 «حملة الجنسية الإسرائيلية»، دورًا مهمًا وقياديًا، في الكثير من الأحيان، في الصمود أمام النظام الصهيوني الاستعماري-الاستيطاني، وفي المقاومة الشعبية والأكاديمية والثقافية والقانونية والسياسية النشطة ضد هذا النظام القائم وهياكله وسياساته العنصرية المُمأسسة والمقننة[33].

ما تسعى إليه حركة المقاطعة هو تبنّي استراتيجية قائمة على أساس الحقوق وليس الحلول السياسية، والاستفادة من التضامن الدولي الشعبي حول تلك الحقوق. والحركة اختارت التركيز على الحقوق، لأن أي حل سياسي للقضية الفلسطينية، من وجهة نظر حركة المقاطعة، يجب أن تقرره غالبية الفلسطينيين حيثما كانوا. ولكي يكون هذا الحل عادلًا وشاملًا ومستدامًا، يجب أن يستوعب، بالحد الأدنى، جميع الحقوق الفلسطينية التي كفلها القانون الدولي، وأن يحظى بشبه إجماع فلسطيني. ولتحقيق ذلك يجب التمسك بالقاسم المشترك الأدنى، الأسمى استراتيجيًا والأكثر استنادًا إلى المبادئ، وأيضًا بأهداف الشعب الفلسطيني الأهم والأقل خلافيةً والتي لا يكاد أي فلسطيني يعترض عليها، ألا وهي: إنهاء احتلال الأراضي المحتلة عام 1967، وإنهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، وإعمال حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شُرّدوا منها إبان النكبة وبعدها في سياق سياسة التطهير العرقي الصهيونية. وقد كفلت هذه المقاربة التي تتبناها حركة المقاطعة دعمًا كبيرًا في أوساط الشعب الفلسطيني، وبدَّدت التصور السائد في بعض الأوساط المحلية بأن المقاطعة «نخبوية»[34].

ثانيًا- آليات عمل الحركة

إن حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها “BDS” تستخدم أدوات بسيطة في شكلها، عظيمة في تأثيرها، لتفتح بذلك طريقًا لكل أحرار العالم للنضال ضد الاحتلال وعنصريته.

يتكون نداء المقاطعة من شقين أساسيين: أولاً، المبادئ والحقوق غير القابلة للتصرف، وثانيًا، التكتيكات المطلوبة للوصول إلى الأهداف. يتبنى حلفاء حركة المقاطعة حول العالم الحقوق المنصوص عليها في نداء المقاطعة، ولكن كل منهم يقرر باستقلالية الأهداف المناسبة للمقاطعة أو سحب الاستثمار في موقعه والتكتيك الأنسب للوصول للهدف، وهذا هو مبدأ “الحساسية للسياق”. أي أن نشطاء المقاطعة في كل موقع هم الأكثر قدرة على تحديد الشركات أو المؤسسات التي يستهدفونها في حملاتهم، وكيفية النضال للوصول إلى الأهداف المحلية. فأغلبية حلفاء الحملة في الغرب، على سبيل المثال، يستهدفون الشركات المتورطة في انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في الأراضي المحتلة عام 1967 فقط، لكن بعضهم بدأ بتجاوز ذلك فتبنى المقاطعة الشاملة لإسرائيل ومؤسساتها. البعض يقرر مقاطعة جميع الجامعات الإسرائيلية، كما حدث من قبل عدة جمعيات أكاديمية في الولايات المتحدة منذ العام 2013، كما أن للحركة حلفاء إسرائيليين من القوى المعادية للصهيونية والمتفقة على نداء المقاطعة بأكمله. ورغم قلة عدد مناصري BDS من الإسرائيليين، إلا أن تأثيرهم كبير ومهم في الحركة العالمية للمقاطعة.

وتعمل الحركة مع عدد كبير من النقابات، والكنائس، والمؤسسات، والجمعيات الأكاديمية والطلابية والنسوية والثقافية، وغيرها كشركاء وحلفاء لحركة المقاطعة في الخارج[35].

تستخدم الحركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات، ضد إسرائيل، كآليات وأهداف تكتيكية واستراتيجية. أيضًا، الحركة نظمت مظاهرات واحتجاجات تستهدف الشركات التي لديها عقود مع الجيش الإسرائيلي أو مع شركات في المستوطنات الإسرائيلية، علمًا أن أعمال الحركة من الممكن أن تستهدف الأفراد البارزين والمشهورين الذين يدعمون المستوطنات.

ثمة آلية أخرى مهمة للحركة كونها من الحركات المعولمة الجديدة العابرة للحدود، فهي تستخدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الانتباه إلى نشاطات الحركة، مع نداءات عامة في تلك المساحات، واحتجاجات، وعرائض، ومقالات، بالإضافة إلى ضغط على الأفراد لإلغاء مشاركاتهم في فعاليات في إسرائيل أو في مستوطنات إسرائيلية، مثل الحفلات الموسيقية أو الأحداث الأكاديمية، من جهةٍ أخرى، إسرائيل ضغطت كي لا يأخذوا أي مساحة في نشاطات خارج إسرائيل أو الأراضي المحتلة.

الحركة كذلك تستخدم أسبوع الأبارتايد الإسرائيلي، الذي هو سلسلة من المظاهرات والمحاضرات الجامعية والتجمعات، ضد الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية، الحدث عادةً ما يكون في شهر فبراير أو مارس، وفقاً للمنظمة، «الهدف من أسبوع الأبارتايد الإسرائيلي هو لتعليم الناس عن طبيعة إسرائيل كنظام أبارتايد، ولبناء حركات المقاطعة كجزء من النمو العالمي لحركة المقاطعة». أسبوع الأبارتايد بدأ أولاً في تورنتو في عام 2005، ومنذ ذلك الحين انتشر إلى 55 مدينة على الأقل، حول العالم تشمل، كندا، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإيطاليا، والنمسا، والأردن، واليابان، وكوريا، والبرازيل، والبوسنة، وبوتسوانا، وماليزيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وجنوب أفريقيا، والمكسيك، والنرويج، وأستراليا، وفلسطين.

لكن ومع هذا التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، ما مدى اقتراب الحركة أو ابتعادها من مساحات الدعاية الصهيونية الجديدة؟ كيف فعَّلت الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي؟

في الأردن، على سبيل المثال، تبرز الحركة في إدارة الحملات عبر الإنترنت ضد الاتفاقيات الاقتصادية وغيرها من مظاهر التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل والأردن. في هذا الإطار، منذ أكثر من عام، تقوم الحركة بحملة عبر الإنترنت ضد استيراد الغاز من إسرائيل، باستخدام الوسوم: “غاز العدو هو احتلال”، و”الأردن يقاطع”.

وفي أبريل 2015، بدأت الحركة العمل في مصر، وبحسب الناشطين، فإن الجهود هناك تتركز على الحملات الدعائية لمقاطعة كل الاتصالات مع إسرائيل، مع العمل في الوقت نفسه على تحسين صورة الفلسطينيين في نظر الجمهور المصري. والهدف هو إرساء أسس التضامن بين الشعبين المصري والفلسطيني، والتصدي لبعض المواقف الإعلامية المصرية العدائية تجاه الفلسطينيين والمقاومة. إحدى النجاحات التي تتفاخر بها حركة المقاطعة (BDS) المصرية هو سحب شركة “أورانج وورلد” عملها من “إسرائيل”[36].

الإسهام الأساسي للحركة هو حضور الرواية الفلسطينية، ونجاحها في مزاحمة الرواية الصهيونية، واستجماع الكفاءات والطاقات الفلسطينية، المنتشرة في أصقاع العالم (أفراد بمختلف الكفاءات والتخصصات – اتحادات ونقابات – جاليات – مؤسسات ثقافية ومجتمعية) واستثمارها جميعًا في استقطاب الرأي العام العالمي، على أحقيّة الرواية الفلسطينية، والتصدي لسياسات التطبيع الرسمية والشعبية، وغيرها من العناوين ذات الصلة الوثيقة بالصراع على الروايتين.

الأمر الذي يُظهر أن حركة المقاطعة ساهمت في إعادة جوهر القضية الفلسطينية، وإبراز حقيقة أن الشعب الفلسطيني ضحية، إنما هو عملها الدؤوب لنزع الشرعية عن دولة الاحتلال، وسعيها في نشر فكرة أن اليهودية هي ديانة وليست قومية، وأن تاريخ الأراضي الفلسطينية، كان ذا أغلبية فلسطينية واضحة، وأقلية يهودية تعيش فيها باحترام.

ولذلك؛ فإن شبكات التواصل الاجتماعي هي ساحة دعاية مهمة في النضال من أجل الوعي الدولي بشكلٍ عام، وبين العرب بشكلٍ خاص، وهي بمثابة أداة مهمة في الترويج لأجندة مناهضة لإسرائيل، وتجنيد مؤيدين جدد. وفي حين أصبحت -كما نأمل- مساحة حرة لجميع البشر دون تضييق أو ممارسة سلطات محو وإزالة للمحتوى الفلسطسني أو أي محتوى داعم للحقوق، فستنتشر الرسائل بسرعة وكفاءة أكبر، ثم تنتقل من الفضاء الإلكتروني إلى الميدان، وتشكل واقع أفضل أكثر عدالةً وإنسانية. وتُشكل منظمات المقاطعة (BDS) جزءًا بارزًا من هذا النضال، وهي تتوسع حاليًا بشكلٍ كبير ولكن بفضل جهود المقاومة الشعبية المختلفة، والداعمين لنضال الشعب الفلسطيني وتعالي أصوات أصحاب الحق والأرض، فرسائل الحقيقة والأخلاق بفضلهم أصبحت تنطلق أولا من الميدان لتعم كل الفضاءات.

ثالثا- النجاحات: توسع نشاط حركة المقاطعة

استطاعت حركة المقاطعة، وعلى خلاف توقعات الحكومة “الإسرائيلية”، أن تنتشر لنطاقات عالمية، فقد استطاعت أن تتمدد لتصل بشكلٍ أساسي إلى الولايات المتحدة، وكندا، وأوروبا، والوطن العربي، علاوة على العديد من الدول الأخرى. ورغم مرور أكثر من 18 عامًا على تأسيسها، إلا أن النتائج الحقيقية لحركة المقاطعة، بدأت تظهر خلال السنوات الأخيرة، مع زيادة الغطرسة الاحتلالية للحكومة اليمينية في “إسرائيل”. وقد كانت الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي أكثر الدول تفاعلًا مع المقاطعة بكافة أشكالها.

تجدر الإشارة إلى أن غالبية إنجازات حركة المقاطعة كانت في سنوات الحراك الشعبي الفلسطيني والذي يسبقه ويلحقه دائمًا تصاعد من وتيرة العدوان على الفلسطينيين: 2014، ثم 2021 وحتى الآن، فعندما يتحرك أبناء الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة، يحدث هذا التعاضد وخلق الفرص لأشكال المقاومة الأخرى أن تتحرك. ولقد تجلى نجاح الحركة في قيام الاتحاد الاوروبي بالموافقة على وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية، الذي ترك صدىً في أروقة الدولة العبرية[37].

ومن النجاحات الأخيرة التي حققتها لجنة المقاطعة الأكاديمية في الحركة في يونيو 2023، كانت أن رابطة علماء الأنثروبولوجيا الأمريكية، التي تضم أكثر من 12 ألف أكاديمي في مجال الأنثروبولوجيا الثقافية والبيولوجية واللغوية والطبية والتطبيقية، وافقت بأغلبية 73٪ على قرار بفرض مقاطعة أكاديمية على إسرائيل وقطع العلاقات مع جامعاتها، بسبب دورها في التمييز ضد الفلسطينيين[38].

وما زال يناكف أكاديميون غربيون ورؤساء أقسام لدراسات الشرق الأوسط أن أولئك الذين يريدون مقاطعة إسرائيل يقوضون الحرية الأكاديمية، قائلين إنهم يخونون القيم التي نعتز بها جميعًا: حرية التعبير، والتسامح، والمساواة، والعدالة، والسلام[39].

لكن عن أي قيمٍ يتحدثون، وهذه المؤسسات الأكاديمية أدوات أساسية في أيدي الجيش الإسرائيلي… إنما هي حجج واهية تدل على تحزب أيديولوجي لمعسكر إسرائيل ولكن تحت مسمى الحرية الأكاديمية.

من ناحيتها، اعتبرت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها”BDS” قرار رابطة علماء الأنثروبولوجيا الأمريكية “انتصارًا تاريخيًا للحركة حول العالم”. وقالت في بيان إنه جاء على خلفية “تورط المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية في تطوير الأسلحة والأنظمة العسكرية التي تُستخدم في قتل وجرح وترويع الفلسطينيين، وتُسهم في كل أوجه نظام الاضطهاد المركب ضد الشعب الفلسطيني”.

بتمريرها لهذا القرار، تنضم جمعية الأنثروبولوجيا الأمريكية إلى جمعية الدراسات الأمريكية، وجمعية دراسات الشرق الأوسط، والجمعية الكندية للدراسات الاشتراكية، ومجلس أمريكا اللاتينية للعلوم الاجتماعية، وغيرها من الجهات الأكاديمية حول العالم التي اختارت دعم النضال الفلسطينيّ المستمر من أجل الحرية والعدالة والمساواة من خلال دعم المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.

وخلال السنوات الخمس الماضية تمكنت حركة المقاطعة الأكاديمية التابعة إلىBDS من إقناع أكثر من 350 قسمًا ومركزًا ونقابة وجمعية أكاديمية، إلى جانب أكثر من 23 ألف أكاديمي وطالب وموظف وجامعي بتوقيع بيانات لدعم الحقوق الفلسطينية، مع عديد من المطالبات بمقاطعة أكاديمية لإسرائيل[40].

رابعًا-  BDS… وإمكانات التأثير  على الاحتلال

يمكننا أن نرى من خلال الشواهد الكثيرة أن المقاطعة لم تضرب بعد العصب الحساس للاقتصاد الإسرائيلي، بل بقي تأثيرها منحصرًا في إطار الوعي العالمي، من خلال العمل على نزع الشرعية عن الاحتلال، وإبقاء هذه القضية حية، واستحضار المقاطعة لنظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، رغم أن الفرق هو أن المقاطعة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ضربت اقتصاد هذه الدولة وشاركت فيه دول وليس مؤسسات فقط، وحظت بتأييد المجتمع العالمي.

في التقرير السنوي الذي قدمته “وزارة الخارجية الإسرائيلية” حول أهدافها السياسية والدبلوماسية للعام 2015، أشارت إلى نشاط الحركة، إذ جاء فيه: “تعزيز مكانة إسرائيل وشرعيتها على المستوى الدولي، كدولة يهودية وديمقراطية، كشريكة ومساهمة في المجتمع الدولي. وإفشال جهود جهات دولية بزعزعة شرعية إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي وفرض المقاطعة عليها”.

ولا تخشى إسرائيل من الأبعاد الاقتصادية للمقاطعة، وإنما من أبعادها السياسية والرمزية (التي تقوض مجهودات الدعاية الصهيونية الجديدة)، وخاصةً فيما يتعلق بنزع الشرعية الدولية عن المستوطنات واقتصادها، ووضع المستوطنات في مكانها الصحيح كعقبة أمام “حل الدولتين”.

ومن ثم، نجد أنه في تقرير أعدته شعبة العلاقات الدولية في وزارة المالية الإسرائيلية، جرى التقليل من التأثيرات الاقتصادية السلبية لمقاطعة المستوطنات على الاقتصاد الإسرائيلي عمومًا، فقد أشار التقرير إلى أنه في حالة مقاطعة المنتجات الاستيطانية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي (والحديث ليس عن مقاطعة بل وضع إشارات على منتجات المستوطنات)، فإن ذلك لن يسبب ضررًا للاقتصاد الإسرائيلي وصادراته إلى الاتحاد الأوروبي، حيث تُشكل منتوجات المستوطنات 1.4٪ من مجمل الصادرات الإسرائيلية للاتحاد الأوروبي، و0.4٪ من مجمل الصادرات للعالم، كما تُشكل الصادرات الزراعية للمستوطنات حوالي 2.4٪ من مجمل الصادرات للاتحاد الأوروبي، و1.5٪ من مجمل الصادرات للعالم[41].

لذلك فإن الحساسية والعصبيّة الإسرائيلية من حركة المقاطعة لا تنبعان من اعتبارات اقتصادية، وإنما من اعتبارات سياسية ورمزية؛ توسم إسرائيل كدولة احتلال. لذا؛ يلاحظ أن رد الفعل الإسرائيلي على حملات المقاطعة هو أكبر من حجم التأثير الذي تتركه هذه الحملات على الاقتصاد الإسرائيلي والمؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية، وذلك بهدف نزع الشرعية عن حملات المقاطعة من خلال اتهامها باللاسامية تارةً، وبالازدواجية الأخلاقية تارةً أخرى، أو بتحالفها مع “التطرف الإسلامي” تارةً ثالثة.

وهنا يجدر الانتباه لخطأ سابق لم تفطن له الباحثة من قبل عند دراستها لحركة المقاطعة BDS أو لم تفطن له كما يجب؛ وهو أن فعالية حركة/حركات المقاومة لا تُقيّم فقط حسب تحقيق أهداف مادية أو خسارات اقتصادية تلحق بالعدو، فالمعركة بالأساس حرب دعائية بيننا وبينهم كما أكد د.حامد ربيع في كتاباته. والمقصود بالحرب الدعائية أنها حرب أفكار، قامت الصهيونبة على فكرة واتخذت الاستراتيجيات اللازمة لتحقيقها “وطن قومي لليهود”. الفلسطينيون والعرب والمسلمون وأحرار العالم أصحاب القضايا العادلة هم أصحاب حق، وما عليهم إلا تجييش الجيوش نصرةً لهذا الحق، ولربما الساحة الثقافية والدعائية هي أهم ساحات المعركة الآن في حربنا معهم في ظل تصاعد حربهم الشرسة في هذا الجانب؛ بجانب تغيير وعي الشعوب العربية والتحكم في الرأي العام الدولي.

لكن ماذا لو فُعلت المقاطعة على نطاق واسع كهدف استراتيجي مطلوب بالأساس؟ خاصةً أنه قد أظهر تقرير صادر عن مؤسسة RAND أن إسرائيل قد تتعرض سنويًا لخسائر تصل إلى 9 مليارات دولار في غياب اتفاق سلام و50 مليار دولار على مدى 10 أعوام. في حين حذر متخصصون في الشأن الاقتصادي في وزارة المالية الإسرائيلية، بحسب تقرير نشرته صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية، من أن أسوأ السيناريوهات بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي هي أن يُقاطع الاتحاد الأوروبي المنتجات الإسرائيلية، وأن يوقف الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل كعقوبات مماثلة لتلك التي تم فرضها على نظام الفصل العنصري في أفريقيا، وستخسر إسرائيل بذلك 40 مليار شيكل (قرابة 13 مليار دولار) من الإيرادات سنويًا و36,500 وظيفة[42].

خامسًا- ما أهم المعوقات التي تعرقل عمل الحركة؟

على الجبهة الأخرى من المعركة تُجيّش إسرائيل وحلفاؤها الجيوش لمحاربة الحركة: نجد على سبيل المثال لا الحصر اللجنة اليهودية الأمريكية، وقد جعلت في مقدمة أهدافها هزيمة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقولات BDS[43]، وهي تحاربها على جبهاتٍ متعددة وبموارد غير محدودة، فتقول عبر موقعها الإلكتروني “نحن نتصدر التشريعات المناهضة لمقاطعة إسرائيل على جميع مستويات الحكومة، ونحشد المسؤولين المنتخبين لرفض حركة المقاطعة. ومن خلال مشروع AJC Project Interchange، نقوم بتعزيز الحقيقة ومكافحة الخطاب المناهض لإسرائيل من خلال منح الشخصيات المؤثرة الفرصة لتجربة واقع إسرائيل بشكلٍ مباشر. تحارب اللجنة اليهودية الأمريكية جهود متطرفي حركة المقاطعة (BDS) من خلال إشراك قادة الفكر في كل شريحة من المجتمع التي تستهدفها حركة المقاطعة (BDS). وإدراكًا منا أن نشطاء حركة المقاطعة قد يسعون يومًا ما إلى تعزيز التشريعات على مستوى الولايات لتسهيل المقاطعة، فقد أقنعنا حكام الولايات الخمسين بإعلان معارضتهم لحركة المقاطعة. وكنا أيضًا قوة دافعة وراء التشريعات المناهضة لمقاطعة إسرائيل في كاليفورنيا وإلينوي.

ومع صعود حركة المقاطعة في الحرم الجامعي، قمنا بإحضار العشرات من رؤساء الجامعات إلى إسرائيل وقمنا بتدريب مئات الطلاب كمدافعين عن إسرائيل. ومع قيام أنصار حركة المقاطعة (BDS) بالضغط على الطوائف المسيحية للانضمام إلى مقاطعة إسرائيل، قمنا بحشد حلفائنا في العالم المسيحي لمعارضة مثل هذه الجهود…”.

أنشأت إسرائيل كذلك سياسات داخلية تمنع مواطنيها من مقاطعة الشركات العاملة داخل فلسطين المحتلة. وبعد بضع سنوات فقط، ظهرت إصدارات من قانون مكافحة المقاطعة عبر حكومات الولايات في الولايات المتحدة بمساعدة قليلة من الحكومة الإسرائيلية، وهناك الآن 35 ولاية أمريكية لديها نسخة من القانون.

تقوم جوليا باشا وهي مخرجة الفيلم الوثائقي Boycott والمديرة الإبداعية في Just Vision بتتبع هذا الأمر -القوانين الأمريكية التي تمنع مقاطعة إسرائيل- حيث يتناول الفيلم قضية القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الشركات وأصحاب الأعمال لمنعهم من مقاطعة إسرائيل، وكيف أن إسرائيل أنشأت إدارة كاملة، وهي وزارة الشؤون الاستراتيجية، لمحاربة حركة المقاطعة حول العالم[44].

يركز الفيلم أساسًا على حالات ثلاث ترمز إلى المعارك القضائية والسياسية التي تم خوضها في الولايات المتحدة منذ سنة 2015، وهي السنة نفسها التي أُصدر فيها أول “قانون مناهض” لـ” BDS” بولاية إلينوي[45].

وفي ظل هذا السياق الدولي غير المواتي لتحقيق العدالة، يواصل ناشطو الحركة بالإضافة للساعين للعدالة من حركات وأفراد معاركهم القضائية والإعلامية والتوعوية في أنحاء المجتمع الغربي الذي يجرم نشاطات الحركة. ففي ألمانيا وبريطانيا -كما في فرنسا من قبل- قررت حركة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي (BDS) اللجوء إلى المحكمة الدستورية الألمانية العليا، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في “ستراسبورج”، للاعتراض على قرار حظرها[46].

ونرى نتائج ما سعت الحركة إليه دائمًا عبر تدويل القضية الفلسطينية، بل أن يكون المتضامنون واعين بهذا التضامن وأنه لا يكفي مساعدات مالية أو شجب، وإنما تبنّي لكافة حقوق الفلسطينيين[47]ـ فقد أدركت هذه الحركات المعولمة أن سعي الفلسطينيين للعدالة هو جزء من تحقيق العدالة في هذا العالم، وأن قمع حكوماتهم الأوروبية لحقهم في المقاطعة والاحتجاج هو عدم عدالة وانتقاص لحقوق الجميع، فأعلنت إحدى المنظمات المتضامنة أن: “من الضروري أن نواصل الكفاح ضد هذا الهجوم غير المسبوق على حقوقنا، علينا أن نُعلم من هم في السلطة أننا لن نسمح بتآكل حرياتنا، لقد وقفت منظمة “الحرب على العوز” دائمًا تضامنًا مع أولئك الذين يدافعون عن حقوقهم، سواء على المستوى الدولي أو في المملكة المتحدة، وسنواصل القيام بذلك في كفاحنا من أجل العدالة العالمية”[48].

سادسًا- BDS ومستقبل نزع الشرعية عن إسرائيل

في ضوء ما سبق رصده من نجاحات وتحديات يمكن القول إن المستقبل ما زال يحمل الكثير للفلسطينيين وحركة المقاطعة، وذلك في ظل التحركات المستمرة والقمع الدائم: فعلى سبيل المثال، يُشار إلى أن جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال العام الماضي شهدت إقرار قرار بأغلبية 87 صوتًا واعتراض 26 دولة وامتناع 53 دولة، لمشروع القرار الفلسطيني الذي طالب محكمة العدل الدولية بأن تصدر فتوى بشأن الآثار المترتبة على انتهاكات إسرائيل المستمرة لحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وحول التداعيات القانونية لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة[49]. وهو القرار الذي وصفه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأنه “قرار حقير”. أيضًا رئيس المعارضة، يائير لابيد، سارع إلى إدانة هذا القرار وقال: إنه “نتيجة جهود منسقة للتمييز ضد إسرائيل ونزع شرعية وجودها”.

وهو قرار من شأنه تعزيز مكانة حركة المقاطعة الدولية (BDS)، إذ حذرت محافل في تل أبيب أن يمنح قرار المحكمة الدولية بشأن الاحتلال حركة (BDS) المسوغات لتبرير مطالبتها بالتوقف عن شراء السلع التي تنتجها المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة الغربية، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية التي ترتبط بأنشطة اقتصادية أو تجارية مع المستوطنات[50].

على جانبٍ آخر، من شأن بيان الحكومة اليمينية المتطرفة[51] الذي تحدث عن حق حصري غير قابل للتصرف للشعب اليهودي على كل أرض إسرائيل، وتعهد بنشر الاستيطان في “يهودا والسامرة”- الضفة الغربية – والجولان وتطويره، وأيضًا في الجليل والنقب، من شأنه أن يسهل مهمة المحكمة الدولية. وبالتالي فرأي محكمة العدل الدولية المنتظر -والمرجح- هو وصم السيطرة الإسرائيلية بالاحتلال، واعتبارها نظام أبارتهايد غير مشروع[52].

القرار مهم للحركة التي تتبنّى استراتيجية قائمة على أساس الحقوق التي يقرها القانون الدولي وعلى رأسها إنهاء احتلال الأراضي المحتلة عام 1967، وإنهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، وإعمال حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شُرّدوا منها إبان النكبة.

ويبقى السؤال هو: كيف يتم تحييد هذا السياق الدولي وإعادة موضعته لخدمة القضية الفلسطينية؟ كيف يتم إيقاف سياسات التطبيع؟ كيف يتم وقف الزحف القائم على مقدسات شعبنا وممتلكاته؟

ربما إذا قمنا بوضع استراتيجيات مقاومة قائمة على معرفة العدو.. وأدواته وأساليبه، وتصميم عملية مواجهة شامله تكثف الجهود المتاحة وتستخدم مختلف الأدوات، لاسيما أن الشعب الفلسطيني لديه الإرث التاريخي والحضاري في مقاومة المحتل. ذلك علمًا أن القوى الصهيونية تدرك أن الحسابات ليست حسابات قوى مادية بالأساس، فقد تأتي اللحظة الجنوب أفريقية في أي وقت وتعكس موازين القوى، في سبيل هذا ليس علينا سوى الاستمرار في الطرق على الجدران الصلبة بالحجارة كما باستغلال كافة المساحات المتاحة.

خاتمة: رؤية لتطوير الدعاية العربية والفلسطينية ودعم حركة المقاطعة

أمام أهمية الحيّز الرقمي كحيز إعلامي سياسي في صناعة الرأي العام وصوغ الوعي وتعميم السردية، وفي مقابل الجانب الإسرائيلي المنظم وقدرته على التأثير في شركات وسائل التواصل الاجتماعي، ونشاطه الدبلوماسي الرقمي الدائم والمتكامل بين الرسمي والشعبي، فإننا، وللأسف، نشهد غياب عمل فلسطيني وعربي جاد لتعزيز الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية، وغياب أي تنسيق بين الشعبي والرسمي ومع مؤسسات العمل الأهلي والجامعات، للقيام بنضال موحد في الحيّز الرقمي يحمي المحتوى الفلسطيني، ويقدم الحقيقة، ويدافع عن الحقوق، ويزيد من التضامن، ويضاعف الضغط على سلطات الاحتلال، ويتصدى للتحريض والتشويه.

ما يمكننا فعله الآن هو رفع مستوى التنسيق، وتدريب الكوادر الناشطة رقميًا، من الفلسطينيين والمتضامنين من جميع أنحاء فلسطين والعالم، وتعزيز انخراطهم وقدرتهم على إنتاج ونشر محتوى ذي جودة بلغاتٍ عديدة، ذلك بأن عملًا كهذا سيكون له أثر هائل في قضيتنا، ليس في الحيّز الرقمي فحسب، بل في مستويات تشكيل الوعي والمواقف لدى الجمهور وصنّاع القرار في العالم.

يتعين علينا أيضًا أن نبني تحالفات محلية وإقليمية ودولية، سواء رسمية أو شعبية، للضغط المتواصل على شبكات التواصل الاجتماعي، ودفعها إلى تغيير سياستها التمييزية، وإلى أن تعي بأن هناك ما تخسره على المستوى الاقتصادي والسمعة إذا ما استمرت في سياستها التمييزية نفسها. وهنا تظهر أهمية تكامل الأدوار على المستوى الفلسطيني بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية والجهات الرسمية الفلسطينية، إلى جانب تجنيد العامل الإقليمي، فاللغة العربية هي ثالث لغة مستعملة على منصة فيسبوك. كذلك، علينا تجنيد حركات التضامن الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية، والتعامل بجدية أكبر مع المسارات القضائية، لتحدي السياسات الشائعة داخل أروقة المحاكم الأمريكية والأوروبية، وفي المؤسسات الأممية.

قد تستطيع “إسرائيل” التغلب على بعض النجاحات الاقتصادية لحركة المقاطعة، وهي تدرك أنه بإمكانها التأثير سياسيًّا من خلال استخدام الضغط الدبلوماسي للولايات المتحدة لتجريم نشاطات الحركة، إلا أن الشعور بالخطر الذي تمثّله حركة المقاطعة، يكمن في قدرتها الدعائية على كشْف حقيقة “إسرائيل” أمام جمهور كبير مغيّب، وبالتالي التأسيس لمرحلة هامة، تكون فيها “إسرائيل” أقرب إلى فقدان الشرعية، التي اعتبرها ديفيد بن جوريون يومًا ما، الهدف الأسمى للحكومات الأولى، التي تعاقبت على حكم الدولة اليهودية. شعور بن جوريون امتد ليشمل قطاعًا واسعًا من السياسيين والأكاديميين الذين باتوا يجاهرون بـ “דה לגיטימציה” أي عدم الشرعية، التي أصبحت مصطلحًا شائعًا في أروقة الكيان المحتل.

أدنى ما يمكن للآخرين فعله، إذا لم يرغبوا في مساندة الشعب الفلسطيني والتضامن مع نضاله من أجل حقوقه المشروعة بموجب القانون الدولي، هو الكفُّ عن تواطؤهم بكافة الطرق. وهذا واجبٌ قانوني وأخلاقي أساسي من أجل إنهاء هذا الظلم؛ وليس صدقةً أو منَّة من أحد. وهو ما تسعى الحركة إليه في مساعيها الحثيثة لرفض ومناهضة التطبيع بكافة أشكاله.

 

الهوامش

[1] حامد ربيع، فلسفة الدعاية الإسرائيلية، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2022) نسخة إلكترونيةـ ص4.

[2] لمعرفة المزيد حول حركة المقاطعة BDS كأحد آليات النضال الفلسطيني وأهم أليات التضامن العالمي انظر:

الزهراء نادي، المقاومة المدنية العالمية ضد إسرائيل: دراسة حالة: حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوباتBDS، موقع مركز الحضارة للدراسات والبحوث، مارس 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/8sIEI

[3] المرجع السابق، ص 11.

[4] هاني الرضا، ورامز محمد عمار، الرأي العام والاعلام والدعاية، (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1998).

[5] محمد حمد خضر، مطالعات في الإعلام، (بيروت: دار المريخ للنشر، 1987).

[6] الدعاية الصهيونية/ الإسرائيلية، مشروع الحصن، 18 مايو 2021، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/E1BBw

[7] حامد ربيع، مرجع سابق، ص 5.

[8] نواف التميمي، اللوبي الصهيوني والرأي العام في بريطانيا: النفوذ والتأثير، (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2016)، ص 40.

[9]  لمزيد من التفاصيل حول تطور الدعاية الإسرائيلية عبر المراحل المختلفة:

– حامد ربيع، فلسفة الدعاية الإسرائيلية، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2022) نسخة إلكترونية، ص 65- 85.

– محمد علي حوات، الإعلام الصهيوني وأساليبه الدعائية، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2009).

– عبد الله محمود عدوي، الرأي العام والقضية الفلسطينية، (اسطنبول: الملتقى للنشر، 2021).

[10] ميرفت عوف، كيف واجه فلسطينيو الداخل الدعاية الإسرائيلية في حرب غزة؟، معهد الجزيرة للإعلام، 19 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/iHzM4

[11] ياسمين جبارين، منظمات الدعاية…. جيش “إسرائيل” الحقيقي، العسّاس، 4 يناير 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/bOoie

[12] أحمد ابو دقة، الهسبرة العبرية وصناعة الرأي العام، مجلة البيان، العدد 380، ديسمبر – يناير 2018 م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/8rYQr

[13] صالح النعامي، “الموساد” يقود الحرب على حركة المقاطعة الدولية “BDS”، العربي الجديد، 12 يونيو 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/XrQl9

[14] عبد الصمد درويش، الدعاية الإعلامية.. جيش إسرائيل الموازي، الجزيرة، نوفمبر 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/AY3XV

[15] Ami Isseroff, The Israel Advocacy Handbook Justice for Jews and Israel: Making the case for Israel. An Introduction to Israel.Advocacy, Activism and Information, 2nd Ed, 2010.

[16] نواف التميمي، إسرائيل و”نتفليكس”: منصة عالمية لـ”هاسبارا” الدعائية: تحليل لمضمون المسلسل التليفزيوني الإسرائيلي “فوضى”، مركز الجزيرة للدراسات، 20 يوليو 2020، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/CBzD2

[17] نواف التميمي، اللوبي الصهيوني والرأي العام في بريطانيا: النفوذ والتأثير، مرجع سابق، ص 48

[18] ساهر غزاوي، أسس الإعلام والدعاية “الإسرائيلية”، في: الدعاية الإسرائيلية: قراءة في القوة الناعمة، عبد الله عدوي ( محرر)، (اسطنبول: مركز رؤية للتنمية السياسية، 2023) ص 50.

[19] نديم ناشف، المحتوى المحذوف: الحرب الإسرائيلية الرقمية على المحتوى الفلسطيني، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 134- ربيع 2023، متاح هبر الرابط التالي: https://cutt.us/Pdh7t

[20]  بشأن “آكت آي إل”، انظر موقع الموسوعة الإلكترونية، “ويكيبيديا”، متاح عبر الرابط التالي:   https://cutt.us/5UIl7

[21] “حول وحدة السايبر”، وزارة العدل الإسرائيلية / النيابة العامة للدولة، 25 يوليو 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/i48nd

[22] Sam Biddle, “Revealed: Facebook’s Secret Blacklist of ‘Dangerous Individuals and Organizations’”, The Intercept, October 12, 2021, available at: https://cutt.us/sdjSs

[23] Jonathan Cook, Social media’s erasure of Palestinians is a grim warning for our future, Middle East Eye, 26 October  2020, available at: https://cutt.us/IedZL

[24] بسام حمود، الإعلام الإلكتروني الصهيوني وتأثيره في الشارع العربي، مجلة أوراق ثقافية، مارس 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/XFzk9

[25] هدى نعيم، الخطاب الدعائي الإسرائيلي باللغة العربية نحو المقاومة الفلسطينية عبر شبكات التواصل الاجتماعي / دراسة تحليلية مقارنة، رسالة رسالة ماجستير- الجامعة الاسلامية بغزة، 2017

[26]  صالح النعامي، الدعاية الإسرائيليّة بالعربية: الأهداف والأدوات والشّخوص، العربي الجديد، 5 أكتوبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/lY0M2

[27]  بسام حمود، الإعلام الإلكتروني الصهيوني وتأثيره في الشارع العربي، مرجع سابق

[28] وكالة وفا، الإعلام الإسرائيلي: بنية، أدوات، أساليب عمل، ديسمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/5YBgY

[29] ساهر غزاوي، أسس الإعلام والدعاية “الإسرائيلية”، مرجع سابق، ص 56.

– لتحليل المضامين الدعائية التي روج لها المسلسل راجع: نواف التميمي، إسرائيل و”نتفليكس”: منصة عالمية لـ”هاسبارا” الدعائية: تحليل لمضمون المسلسل التليفزيوني الإسرائيلي “فوضى”، مرجع سابق.

[30] عمر البرغوثي، حملة مقاطعة إسرائيل: الانتفاضة الثالثة!، جريدة حق العودةالعدد 38)  في مواجهة النكبة المستمرةنحن أحياءُ وباقونوللحلم بقية)، د.ت، بديل المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/AJJr3

[31] عميت فلدمان، تنوعات هخيرم 171 ارجونيم نيجد يسرائيل (حركة المقاطعة 171 منظمة ضد إسرائيل)، القناة الثانية، 3 مايو 2015، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/iU3EZ

[32] وفا: وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات BDS، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/J8iba

[33] عمر البرغوثي، القضايا الصعبة أمام حركة المقاطعة المتنامية، الشبكة: شبكة السياسات الفلسطينية، 22 يونيو 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/tjM0r

[34] An interview with Omar Barghouti, “For Palestine, It’s BDS or Bust.” Tribune.  9May 2023, available at:  https://cutt.us/1pKKc

[35] For additional information about the BDS movement, see: Dan Diker, “Unmasking BDS: Radical Roots, Extremist Ends”, Jerusalem Center for Public Affairs, avilable at: http://jcpa.org/pdf/Unmasking_.pdf:”

[36] Michael Barak, Incitement and Boycott: The BDS Movement on Arab Social Media, Middle East Social Media. November 30, 2015, available at:  https://cutt.us/1fYis

[37] “Time for a Summary: The BDS-Movement after 17 Years of Activism.” 30  March 2023, available at: https://cutt.us/eThbQ

[38] Asma Barakat, American Anthropological Association Adopts BDS.” Institute for Palestine Studies. July 31 2023,  available at: https://cutt.us/MxbLq

[39] Raphael. Cohen-Almagor, 2023.  Academic Freedom and the Anti-Israeli BDS Movement. The Loop. May 24, available at:  https://cutt.us/Y6RUe

[40] رغدة عتمه، مقاطعة أكاديمية دولية لإسرائيل تحرمها التفوق الاستراتيجي، اندبندنت عربية، 31 يوليو 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/dU0Ju

[41] مهند مصطفى، حركة المقاطعة ما زالت بعيدة، العربي الجديد، 11 سيتمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/rQT32

[42] رغدة عتمه، إسرائيل تحيي “مقلاع سليمان” لمواجهة حركة مقاطعة منتجاتها، إندبندنت عربية، 5 فبراير 2022،  متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/O5nuR

[43] AJC battles the insidious BDS (boycott, divestment, sanctions) movement on multiple fronts, AJC , available at: https://cutt.us/vnajm

[44] interview with filmmaker Julia Bacha about her film, Boycott, Produced by WNYC Studios. March 31, 2023,  available at: https://cutt.us/eD4nE

[45] الجزيرة مباشر، “قاطع”.. فيلم وثائقي أمريكي جديد يطالب بمقاطعة إسرائيل، الجزيرة مباشر، 20 ديسمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/QBtYY

[46] BDS تُقرر اللجوء لمحاكم أوروبية للاعتراض على قرار حظرها، وكالة الصحافة الفلسطينيية “صفا”، 18 يونيو 2023، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.us/ynorA

– Oliver Mizzi, BDS: Pro-Palestine groups to challenge UK anti-boycott bill, call it a dangerous threat to freedom of speech, THE NEW ARAB, 23 June, 2023, available at: https://cutt.us/m7kRp

[47] أحمد حسن أبو غوش،  جدوى التضامن العالمي وأثره على القضية الفلسطينية، جريدة حق العودة – العدد 29-30: التضامن العالمي مع فلسطين: الأولويات، المسؤوليات والمهام، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/c9GR8

[48] “The Fight for Rights: Why We Must Defend Strikes, Boycotts and Protests.” War on Want. 10 March 2023, available at: https://cutt.us/QWCrR

[49] بأغلبية 87 صوتا، الجمعية العامة تعتمد قرارا يطلب إلى محكمة العدل الدولية إصدار فتوى بشأن آثار انتهاك إسرائيل المستمر لحق الفلسطينيين بتقرير المصير، الأمم المتحدة،  30 كانون الأول/ديسمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/T7llU

[50] صالح النعامي، مخاوف إسرائيلية من تعزيز مكانة حركة المقاطعة الدولية (BDS)، العربي الجديد، 12 نوفمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/LLU9q

[51] انظر ما يلي:

– عبد الرؤوف قرناؤوط، الحكومة الإسرائيلية تعتبر فرض سيادتها على الضفة “حق حصري”، الأناضول، 7 يوليو 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/B9bDW

[52] مهند عبد الحميد، محكمة العدل الدولية وإمكان نزع الشرعية عن الاحتلال، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 17/01/2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/2kwEt

 

  • نُشرت في فصلية قضايا ونظرات- العدد الحادي والثلاثون- أكتوبر 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى