مواقف وردود فعل الصحافة العالمية من الحرب على غزة

مقدمة:

كانت عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ باقتحام عناصر من حركة المقاومة الإسلامية حماس لمقر فرقة غزة فيما يعرف بغلاف غزة، وانطلاق مئات المواطنين نحو المستوطنات فيه وقتل ما يتجاوز ٦٠٠ شخص وأسر أكثر من مائة في اليوم الأول للحرب، مفاجئة وصادمة ومربكة للجميع بدءا بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية وصولا للأنظمة العربية والإقليمية، وانعكس الأمر على التغطية الصحفية والإعلامية العالمية بطبيعة الحال، وبالطبع فإن تغطية أخبار هذه الحرب أصبحت أولوية اولى على بقية القضايا العالمية بما يشمل الحرب الروسية الأوكرانية ذاتها.

يمكن القول ابتداءً إن الصحافة الدولية تناولت الحرب بالتحليل من حيث التحذيرات المسبقة والتوصيف للمباغتة وأبعاد الفشل الإسرائيلي الأمني والاستخباراتي والعسكري، ومحاولات تتبع ردود الفعل الدولية وموجات التعاطف الشعبي وكذلك البحث عن وساطة للتهدئة ووقف التصعيد، بالإضافة للإشارة للتبعات السياسية والاقتصادية على الداخل الإسرائيلي ودول المنطقة وتوازن القوى الدولي، وصولا للسيناريوهات المتوقعة بحسب التصريحات الإسرائيلية وأهداف كلا من إسرائيل وحماس والسياق الدولي والإقليمي والتحذيرات من توسع الحرب إقليميا، وكذلك الكارثة الإنسانية بغزة وآليات فك الحصار أو استمراره وتبعات ذلك على الجميع.

في هذا التقرير نشير إلى العناصر الرئيسية التي تناولتها تلك الصحف والمواقع الدولية، بما يشمل الصحافة الإسرائيلية ذاتها مرورا بأهم الصحف والمواقع الأمريكية والأوروبية التي أمكننا الوصول لبعض تقاريرها ومواقعها. وعبر الرصد والمتابعة اليومية للأيام الخمسة الأولى للحرب -١١ أكتوبر ٢٠٢٣ يمكن القول بأن أهم الموضوعات تركزت حول:

حديث التحذيرات المصرية لإسرائيل:

أول من بدأ هذا الحديث كانت الصحافة الإسرائيلية  أبرزت جيروزاليم بوست عنوانا رئيسيا لها بأن مصر تحذر من عواقب وخيمة للتصعيد في إسرائيل[1]، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مسألة التحذيرات المصرية حاضرة في الكثير من التحليلات الأجنبية والعربية وتساءل البعض ما إذا كانت تحذيرات استخباراتية من عملية محتملة لحماس أم تحذيرات عامة في إطار التحذير من مخاطر عمليات اقتحام الأقصى على الأمن والاستقرار أو حتى من تفاقم الوضع الإنساني بغزة.

وفي نفس السياق، أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن مسؤول في المخابرات المصرية يقول إن إسرائيل تجاهلت التحذيرات المتكررة من تخطيط حماس لـ «شيء كبير» يقول كبار الضباط الإسرائيليين السابقين إن عدم الاستجابة للتحذيرات هو جانب واحد فقط من الأخطاء الاستخبارية والسياسية الفادحة، بينما يقول مسؤول في القاهرة إن إسرائيل ركزت على الضفة الغربية بدلًا من غزة وقللت من شأن التهديدات، وفق ما يخلص تقرير نشرته الصحيفة في التاسع من أكتوبر.[2]

وفي خضم الحرب اهتمت الصحف الدولية والإقليمية بقضية الحصار والتهجير وبقصف الجيش الإسرائيلي لمعبر رفح مع مصر وهو ما تسبب في إغلاق المعبر الحدودي ، وتحذير إسرائيلي بقصف أي شاحنات تحمل مساعدات لغزة، وأعربت مصر عن قلقها إزاء دفع الفلسطينيين للتوجه إلى مصر،  بحسب ما جاء في عدة تقارير دولية وإقليمية وعلى رأسها تقرير لواشنطن بوست.[3]

ونقلت صحيفة فاينانشيال تايمز أيضا عن مسؤولين مطلعين على الأمر لم تسمهم أن المخابرات المصرية قالت مرارًا لإسرائيل إن الوضع في قطاع غزة يمكن أن «ينفجر»، وهي تحذيرات ذهبت أدراج الرياح قبل هجوم حماس المميت على إسرائيل وقالت تلك المصادر إن التحذيرات لم تكن معلومات استخبارية محددة بشأن هجوم معين. ولكن كما قال أحد الأشخاص إن مصر نقلت بدلًا من ذلك مخاوف من أن «الأمور قد تنفجر بسبب الوضع السياسي والإنساني في غزة». ووصفه المصدر الآخر بأنه «تحذير عام».[4]

وفي سياق متصل، اهتمت صحيفة يديعوت أحرونوت بتصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي بشأن تحذير مصر لإسرائيل قبل هجوم حماس بثلاثة أيام. وقالت الصحيفة العبرية إن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، كشف أن مصر حذرت إسرائيل من «مثل هذا الحدث» قبل ثلاثة أيام من بدء الحرب.  وقال ماكول «نعلم أن مصر حذرت الإسرائيليين قبل ثلاثة أيام من حدوث مثل هذا الهجوم». وأضاف: «لا أريد أن أخوض أكثر في تفاصيل سرية، ولكن تم توجيه تحذير. وأعتقد أن السؤال كان على أي مستوى».[5]

بدورها أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن متحدثًا كبيرًا باسم الجيش الإسرائيلي نصح الفلسطينيين في قطاع غزة بالفرار إلى مصر، لكن الجيش أصدر توضيحًا بعد ذلك بوقت قصير.[6] وهي التصريحات التي تلقفتها صحف عربية ودولية باعتبارها إشارة إلى نية إسرائيل تهجير كامل سكان غزة وعلى سبييل المثال قالت وكالة رويترز إن الضغط على حدود غزة يثير قلق مصر بعد أن أغلقت الغارات الجوية الإسرائيلية المعبر

ونقلت الوكالة عن مسؤولين في غزة ومصادر أمنية مصرية أن مصر تتحرك لمنع نزوح جماعي من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء بعد أن أوقف القصف الإسرائيلي المعابر عند نقطة المعبر الرئيسة من القطاع الفلسطيني قال مصدران أمنيان مصريان إن الهجوم الإسرائيلي على غزة أثار قلق مصر التي حثت إسرائيل على توفير ممر آمن للمدنيين من القطاع بدلًا من تشجيعهم على الفرار جنوب غرب باتجاه سيناء.[7]

حديث التوصيف ومحاولة التفسير والتحليل للأزمة:

في متابعة الصحف الدولية والإقليمية لعملية طوفان الأقصى، ففي اليوم الأول بعد مرور ٢٤ ساعة للعملية ركزت صحف على ما وراء الإخفاق الإسرائيلي، بينما تناولت أخرى قوة العملية وتدمير هالة الجيش الذي لا يُقهر، في حين أبرزت تقارير حالة الصدمة والغضب التي يعيشها الإسرائيليون فعلى سبيل المثال

أرجعت صحيفة هآرتس سبب انهيار الدفاعات الإسرائيلية أمام مقاتلي حماس إلى المفاجأة والمباغتة وعدم قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على الوقوف على تحضيرات حماس للهجوم ومن ثم الاستعداد له.[8] على الرغم من استعمالها للمسيرات وأحدث الوسائل التقنية في الاستخبارات والمراقبة إلا أنها تحيل الأسباب لغياب عمليات جمع البيانات بشكل بشرى عبر اختراقات لحماس والفلسطينيين والاعتماد المفرط على التكنولوجيا بينما تواجه خصما يعتمد على أساليب العصر الحجري في التخفي من أية تكنولوجيا قد تتبعه.

وركز تحليل لصحيفة يديعوت أحرونوت على نجاح حركة حماس في تضليل إسرائيل، مشيرة إلى أن إسرائيل، واعتقادًا أنها ردعت حماس، حركت جيشها للتعامل مع موجة التصعيد في الضفة الغربية تاركة المنطقة الحدودية دون حماية في وقت توغلت فيه قوات حماس إلى القواعد العسكرية.[9]

واستمرارا لحديث الصدمة ووصفت صحيفة الجارديان حالة الصدمة والغضب التي تملكت الإسرائيليين بعد الهجوم، والتقت الصحيفة ببعض الإسرائيليين الذي كان يحضرون حفلًا عندما بدا الهجوم.[10]

وانتقالا من الصدمة للبحث عن الكيفية التي حدث بها الفعل الصادم والصاعق لإسرائيل وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن السؤال الذي يتملك أذهان الإسرائيليين بعد هجوم حماس هو: كيف يمكن أن يحدث هذا؟  وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الهجوم الفلسطيني المنسق حطم هالة الجيش الذي لا يُقهر. [11]

بدورها قالت صحيفة جلوبال نيوز إن تشاك فريليش، النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل، وصف هجوم حماس بأنه «زلزال» لشعور البلاد والشعب بالأمن، ويقول إن الصراع أصبح «معركة من أجل البقاء الوطني». وقال إن ما حدث هو أحد أسوأ التطورات في تاريخ إسرائيل، مضيفًا أنها «المرة الأولى منذ قيام إسرائيل عام 1948 التي تُحتل فيها الأراضي الإسرائيلية لفترة وجيزة».وقال إن هذا يمثل زلزالًا لإسرائيل، على المستويين العسكري والنفسي، لافتًا إلى أن الهجوم يُعد تغييرًا مختلفًا تمامًا في الوضع، والذي سيتطلب ردودًا من إسرائيل على مستوى مختلف تمامًا أيضا أشارت الصحيفة إلى أن الخطورة الحقيقية تكمن في احتمالية توسع الصراع بما يشمل تدخلا لحزب الله .[12]

وفي التوصيف فإن صحيفة الاندبندنت البريطانية وصفت ما حدث بأن إسرائيل تعاني من أكثر الأيام دموية منذ عقود مع اشتباكات عنيفة بالأسلحة النارية في الشوارع ضد مقاتلي حماس[13]

حديث البحث عن وساطة ومحاولات التهدئة والمبادرات ومعيقاتها:

ففي اليوم الثاني للحرب ووفق ما يخلص تقرير لموقع ذا ناشيونال، تبذل مصر جهودًا متواصلة لوقف الحرب بين فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، لكن هذه الجهود يُعيقها مطالب حماس الطموحة وإصرار إسرائيل على الانتقام وكذلك صعوبة التواصل مع قادة حماس الميدانيين المؤثرين بسبب تركيزهم في القتال[14]

أيضا فإن الحديث عن إنقاذ الأسرى بدأ منذ اليوم الأول حيث أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى ما نقلته تقارير إعلامية والتي أفادت أن إسرائيل طلبت من مصر التدخل للإفراج عن الأسرى المسنين والمصابين الذين تحتجزهم حماس في غزة ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن هناك ما يقدر بنحو 100 إسرائيلي أسير في غزة بعد أن أسرتهم حماس يوم السبت، من بينهم نساء وأطفال ورجال ونساء مسنون وأفراد من الجيش بينهم ضباط.[15]

في نفس السياق فإن الاتصالات المكثفة التي قام بها بلينكن في المنطقة استهدفت إدانة عربية لحماس ووقف الحرب، ففي محاولة لتشكيل رد منسق من قادة الشرق الأوسط على هجوم حماس، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مع قادة السلطة الفلسطينية ومصر والسعودية وحثهم على إدانة هجوم حماس، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة جيروزاليم بوست[16].

أيضا فإنه وبالإضافة إلى التضامن الألماني مع إسرائيل فإن صحيفة تايمز أوف إسرائيل أشارت في اليوم الثاني للحرب إلى إن المستشار الألماني أولاف شولتز شدد على الحاجة إلى تجنب «حريق» أوسع في الشرق الأوسط بعد أن هاجمت حماس إسرائيل مضيفا أنه تحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأكد له أن أمن إسرائيل هو حجر الزاوية في السياسة الألمانية. ويتعهد «بأننا سنتصرف وفقا لذلك». ويقول إنه يعتزم التحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسيدعم مصر في جهود الوساطة ووقف التصعيد[17].

كما يشير تقرير ليديعوت أحرونوت إلى نفي إسرائيل التقارير التي تفيد بأن مفاوضات تبادل الأسرى جارية في اليوم الثالث للحرب، حيث نفت إسرائيل ما جاء في تقرير لوكالة رويترز أن قطر تتوسط في الإفراج عن النساء والأطفال المحتجزين في غزة مقابل 36 سجينة فلسطينية محتجزات في السجون الإسرائيلية، وفق ما يخلص التقرير.[18]

كما أشارت سي إن إن في 11 أكتوبر إلى أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع دول من بينها إسرائيل ومصر للسماح بممر آمن للأمريكيين وغيرهم من المدنيين خارج غزة، حيث قال مسؤولون أمريكيون إن الحكومة الأمريكية تجري مناقشات مع دول شريكة، بما في ذلك مصر وإسرائيل، حول ضمان توفير ممر آمن للأمريكيين والمدنيين الآخرين الراغبين في الخروج من غزة[19]

بدورها قالت وكالة بلومبرج إن فتح طريق خروج لآلاف الفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من الضربات الإسرائيلية على غزة ليس اقتراحًا سهلًا لمصر المجاورة، حيث تكافح لتحقيق التوازن بين الدعم الإنساني ومخاوف الأمن القومي.[20]

كما أشارت صحيفة ساوث تشينا مورنينج بوست، إلى أن الصين تعرض العمل مع مصر لإنهاء الصراع بين إسرائيل وحماس، قال مبعوث الصين لشؤون الشرق الأوسط إن بكين مستعدة للتنسيق مع مصر للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية في تصريحاته الأولى منذ بدء عملية طوفان الأقصى، وفق ما تخلص صحيفة ساوث تشينا مورنينج بوست، وبلومبرج تقول إن موقف الصين يبرز سعيها لعب دور صانع السلام في المنطقة.[21]

وبنفس السياق قالت وكالة بلومبرج إن المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط دعا إلى تقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني في أول رد علني له على هجوم حماس، وهو الهجوم الذي يختبر طموحات بكين في لعب دور صانع السلام في المنطقة.[22]

وأشارت جيروزاليم بوست إلى أن مصر تناقش خطط تقديم مساعدات لغزة بموجب وقف محدود لإطلاق النار،فوفق تقرير نشرته الصحيفة رفضت مصر فكرة إنشاء ممرات أمنة فيما أعلنت رغبتها في إرسال مساعدات إنسانية للقطاع، ونقلت الصحيفة عن وكالة رويترز أن مصادر أمنية مصرية قالت إن مصر ناقشت خططًا مع الولايات المتحدة وآخرين لتقديم مساعدات إنسانية عبر حدودها مع قطاع غزة، لكنها ترفض أي تحرك لإقامة ممرات آمنة للاجئين الفارين من القطاع.[23]

حديث التبعات السياسية والاقتصادية:

سواء على المنطقة ودول الجوار الفلسطيني الإسرائيلي أو على المستوى الدولي والإقليمي، فمنذ اليوم الثاني للحرب أشارت تقارير إلى تأثيرات قوية للحرب على مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي الذي كان يروج له بايدن ونتنياهو وكانت السعودية قاب قوسين أو أدنى من توقيعه، فوفق ما يخلص تقرير لصحيفة نيويورك تايمز قد يؤدي هجوم حماس على إسرائيل إلى إضعاف فرص نجاح جهود الرئيس بايدن للتفاوض على تحالف جديد في المنطقة من خلال تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وبتعبير الصحيفة فإنه لعدة أشهر ، كانت إدارة بايدن تتابع مشروعا دبلوماسيا طموحا لتصميم شرق أوسط جديد لعصر جديد لكن اتضح أن الشرق الأوسط القديم لا يزال لديه ما يقوله.[24]

ونفس التخوفات نقلها مقال بفورين بوليسي، يرى أن معركة إسرائيل وحماس تختبر اتفاقات أبراهام، إذ تواجه العلاقات الودية بين المغرب وإسرائيل رد فعل عنيف من بعض المواطنين المؤيدين للفلسطينيين في الوقت الذي يجدد فيه السودان العلاقات مع إيران، وفي حين أن الاتفاقيات ساعدت في تقليل العداء الرسمي لإسرائيل من الدول الموقعة، إلا أن الاتفاق كان له تأثير محدود على الرأي العام المؤيد للفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.[25]

وفي إشارة لتبعات الحرب على مستقبل نتنياهو يخلص تقرير لشبكة سي إن إن إلى أن التاريخ الإسرائيلي  يشير إلى أن كل إخفاق وأزمة أدى إلى انهيار الحكومة. وكان هذا هو الحال في عام 1973 مع غولدا مائير، وفي عام 1982 مع مناحيم بيغن في حرب لبنان الأولى، وفي عام 2006، مع إيهود أولمرت، في حرب لبنان الثانية. والساعة تدق الآن لنهاية نتنياهو.[26]

وتساءل موقع ستراتفور عن كيف ستؤثر حرب غزة على السياسة المصرية، مشيرا إلى أنه في خضم تصاعد العنف بالقرب من الحدود بين مصر وغزة، سوف تواجه مصر على الأرجح رد فعل داخلي بسبب علاقاتها مع إسرائيل، وتواجه كذلك احتمال حدوث رد فعل عنيف إضافي في حالة تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر.حيث تتردد مصر في الظهور بمظهر المؤيد للغاية لإسرائيل خوفًا من فقدان الشرعية مع شعبها والعالم العربي الأوسع وسط خسائر فلسطينية جماعية محتملة. وستصبح جهودها للتغلب على هذه القضية أكثر تعقيدًا قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر، والتي يسعى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي لولاية أخرى.[27]

وتركز بعضه على التبعات الاقتصادية من اضطراب في أسواق المال وحتى في الاقتراض وتكلفة الاستدانة من الخارج بالنسبة للأردن ومصر والدول المدينة وكذلك اهتمت وكالة بلومبرج بتراجع واردات الغاز الطبيعي لمصر من إسرائيل بعد إغلاق الأخيرة لحقل غاز تمار البحري، حيث أدى وقف حقل تمار في البحر المتوسط إلى خفض واردات مصر من الغاز الإسرائيلي إلى حوالي 650 مليون قدم مكعب يوميًا. وتدرس مصر التأثير على خططها لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وفق ما يخلص تقرير لبلومبرج وقالت الوكالة الأمريكية إن شحنات الغاز الإسرائيلية إلى مصر تراجعت بنسبة 20%.[28]

حديث التعاطف الشعبي العربي مع الفلسطينيين:

ركزت بعض الصحف على التعاطف الشعبي العربي مع الفلسطينيين، وجاء ذلك في أعقاب حادث الأسكندرية حيث قام شرطي مصري بقتل ٢ من السائحين الإسرائيليين، وبحسب صحيفة فاينانشيال تايمز، فعلى الرغم من وجود علاقات بين مصر وإسرائيل والتعاون الأمني بين البلدين، إلا أن المصريين يتعاطفون في الغالب مع القضية الفلسطينية. وغالبًا ما توصف العلاقة بين مصر وإسرائيل بأنها «سلام بارد».وأشارات الصحيفة البريطانية أن عددًا صغيرًا فقط من المصريين يسافرون إلى إسرائيل للسياحة أو لأغراض أخرى، ولا تستضيف مصر الأكاديميين والفنانين الإسرائيليين عادة في المؤتمرات أو المناسبات المصرية.[29]

ركزت صحف ومواقع غربية أيضا على المواقف الدولية في شمال أفريقيا، إذ تتباين ردود الفعل في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي إزاء هجوم حماس ضد إسرائيل وفقاً لعلاقات تلك الدول بإسرائيل، ولكن  يخلص تقرير لموقع أفريكا ريبورت إلى أنه يتعين على السلطات في تلك الدول أن تتعامل مع رأي عام عربي متعاطف مع القضية الفلسطينية.[30]

حديث السيناريوهات والمآلات:

ويشير مقال بمجلة فورين بوليسي إلى أن هجوم حماس غير كل شيء كما عنونت، إذ نشرت المجلة الأمريكية مقالًا للباحث الأمريكي ستيفن كوك يستعرض المآلات المحتملة لهجوم حركة حماس على إسرائيل، والذي يرى أنها ستكون نقطة البداية للشرق الأوسط الجديد، وهذه النقطة هي إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، وليس سفارة إسرائيلية في الرياض، وفق ما يخلص المقال نشر في التاسع من أكتوبر والذي يشير إلى أن كل ما يخص عملية التطبيع وغيرها قد تبخر في مقابل العملية العسكرية التي يسوق استشهادات على أنها كانت  رد فعل على غطرسة إسرائيلية لعقود ومجموعة من الأعمال، بما في ذلك هجمات المستوطنين وطرد الفلسطينيين في الضفة الغربية، واعتداءات المتطرفين الإسرائيليين على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وتطبيع إسرائيل مع الدول العربية.[31]

خاتمة:

بطبيعة الحال فإن مواقف هذه الصحف والمواقع من الحرب متفاوتة لكن التغطية الغربية غلب عليها استعمال وصف حماس بالـ”إرهابية” وأخفها وصفا كان “ميليشيا” في انحياز شبه كامل للرواية الإسرائيلية عن الأحداث، وإن كانت التغطية قد انتقلت من معاناة إسرائيل وصدمتها وفشل أجهزة استخباراتها إلى الطرف الآخر سواء بتغطية معاناة أهل غزة أو إدانة جزئية لبعض تصريحات المسئولين الإسرائيليين ولكن ليس بنفس قوة إدانة حماس وحركات المقاومة

تزايد الحديث أيضا على فكرة الحرب متعددة الجبهات والتوازن العسكري الحالي حيث أشار تقرير  للمونيتور إلى ما يقوله محللون إن إسرائيل على الورق تتمتع بتفوق عددي كبير على حركة حماس الفلسطينية المسلحة من حيث القوات والمعدات، لكن الأرقام تخفي صورة أكثر إثارة للقلق للحكومة الإسرائيلية، فعلى الرغم من التفوق العددي والعدة، إلا أن حماس ولبراعة تكتيكاتها، تعتبر نفسها السيد في حرب غير متكافئة، حيث يمكن لقوة أصغر أن تتفوق على خصم أقوى عدديًا، وهو أمر يمكن أن يشكل مشاكل كبيرة لإسرائيل إذا شنت هجومًا بريًا داخل غزة، بينما تتمتع إسرائيل بميزة عسكرية وتكنولوجية كبيرة على حماس والجماعات المتحالفة معها، فمن المرجح أن تكون أي عمليات هجومية مكلفة لإسرائيل لأنها ستدخل بيئة معادية تعد واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض، كما أن  حماس تمتلك ترسانة من المخزونات التي بنتها لعقود والتي بُنيت ومولت بمساعدة إيران وسوريا، إضافة إلى القدرات التي يمتلكها حزب الله  في لبنان،ورغم أنه لم يدخل في الصراع الحالي، إلا أن الحرب المتعددة الجبهات ستكون السيناريو الأسوأ لإسرائيل.[32]

 

هوامش

[1] جيروزاليم بوست، مصر تحذر من عواقب وخيمة للتصعيد في إسرائيل  ٨ أكتوبر ٢٠٢٣، https://bit.ly/46uszfd

[2] The Times of Israel, Egypt intelligence official says Israel ignored repeated warnings of ‘something big’,  9.10. 2023, https://bit.ly/3FmqFkA

[3] Washington Post, Israeli commanders vow to go on offensive as Biden pledges support, 9.10. 2023, https://bit.ly/3tFdby4

[4] Financial Times, Egypt claims it warned Israel that Gaza could ‘explode’ before Hamas assault, 11.10. 2023,https://bit.ly/46t2CfQ

[5] Yedioth Ahronoth,Chairman of House Foreign Affairs Committee: ‘Egypt warned Israel 3 days before the war’, 11.10. 2023, https://bit.ly/3rTezMM

[6]The TIsraelimes of , Israel said to bomb Rafah crossing to Egypt after telling Gazans to flee through it, 9.10. 2023, https://bit.ly/3rLzq4R

[7] Reuters, Egypt moves to prevent exodus of Palestinians from besieged Gaza, 11.10. 2023, https://bit.ly/3M6Eqrv

[8] هآرتس: لماذا انهارت دفاعات إسرائيل في مواجهة هجوم حماس؟، ٨ أكتوبر ٢٠٢٣، https://bit.ly/46uszfd

[9]Yedioth Ahronoth, Israel was blindsided by Hamas, 10.07.23, https://bit.ly/3Qj7ZIL

[10] The guardian, Shock and anger: Israelis search for loved ones after Hamas attack, 8.10. 2023, https://bit.ly/46yyQ9F

[11] The Wall Street Journal,

[12] Sean Previl, Israel facing security ‘earthquake’ and ‘battle for national survival,’ expert says, October 8, 2023, https://bit.ly/400wKwK

[13] Independent, Israel suffers bloodiest day in decades as fierce gunfights rage in streets against Hamas militants, 08 October 2023, https://bit.ly/46MKvRG

[14] Hamza Hendawi, Hamas’s demands and Israel’s insistence on severe punishment stymie Cairo’s bid to end war, The National, 8.10. 2023, https://bit.ly/3tENTA8

[15] Yedioth Ahronoth, Israel appeals to Egypt to help release captives from Gaza,8.10. 2023 https://bit.ly/45AmX1E

[16] The Jerusalem Post, To stop Hamas war, Blinken speaks to Saudi Arabia, Egypt, Turkey and PA, 8.10. 2023, https://bit.ly/3QjgGmn

[17] The Times of Israel, Germany’s Scholz speaks to Netanyahu, says he will talk to Cairo about mediation,8.10. 2023,  https://bit.ly/46xDJQe

[18] Yedioth Ahronoth, Israel denies reports hostage swap negotiations underway, 09.10. 2023, https://bit.ly/48TDh0e

[19] CNN, US in talks with countries including Israel and Egypt to allow safe passage of Americans and other civilians out of Gaza, 11.10. 2023, https://bit.ly/49824xQ

[20] Bloomberg, Gazans Trying to Flee War Have Egypt Weighing Aid and Security,11.10. 2023,  https://bit.ly/45Pp4yR

[21] South China Morning Post, China offers to work with Egypt to end Israel-Hamas conflict, 11.10. 2023,  https://bit.ly/3RXeSAU

[22] Bloomberg, China Envoy Backs Aid to Gaza, Ceasefire With Egyptian Official,11.10. 2023, https://bit.ly/46zBTOE

[23] Jerusalem Post, Egypt discussing plans to provide aid to Gaza under limited ceasefire, 11.10. 2023, https://bit.ly/401UDEk

[24] The New York Times, Biden’s Hopes for the Middle East Imperiled by Eruption of Violence, 7.10. 2023, https://bit.ly/3PXtWfd

[25] Nosmot Gbadamosi, Israel-Hamas Conflict Tests Abraham Accords, Foreign Policy, 11.10. 2023, https://bit.ly/46zTfuO

[26]Elliott Gotkine,  CNN, Israel’s history suggests the clock is ticking for Netanyahu after Hamas attack failures, 11.10. 2023, https://bit.ly/46B2qeK

[27] Stratfor, How the Gaza War Will Impact Egyptian Politics, 11.10. 2023, https://bit.ly/46WYtkh

[28] Bloomberg, Israel Gas-Field Halt Threatens Egypt’s LNG Export to Europe, 10.10. 2023, https://bit.ly/48Xtu9p

[29] Financial Times, Two Israeli tourists killed in Egypt shooting attack, 8.10. 2023, https://bit.ly/3QhQWaa

[30] The Africa Report, Israel-Hamas war: Conflicting reactions across North Africa,10.10. 2023 https://bit.ly/3RVQsI2

[31] Steven A. Cook, The Hamas Attack Has Changed Everything, Foreign Policy, 09.10. 2023, https://bit.ly/3tDbPnl

[32] AL-Monitor, Unequal Hamas fight belies perils for Israel, 10.10. 2023,  https://bit.ly/46PL0dZ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى