مواقف وردود فعل الصحافة العالمية من الحرب على غزة

الأسبوع الثالث (٢١ وحتى ٢٧ أكتوبر)

مقدمة:

استمرارا للجهد الرصدي بالأساس والتحليلي الأولي، للسلسلة التي عنونت مواقف وردود فعل الصحافة العالمية من الحرب على غزة والتي صدر الجزء الأول منها مغطيا الأيام الخمسة الأولى (٧-١١ أكتوبر)، للحرب[1]، والجزء الثاني الذى غطى الفترة من ١٢-٢٠ أكتوبر [2]، يأتي هذا الجزء مغطيا  ٢١ وحتى ٢٧ أكتوبر، بعد مضي ثلاثة أسابيع على بدء عملية طوفان الأقصى واستمرار المجازر من قبل إسرائيل بحق غزة، مع اختبار إمكانية الاجتياح البري عدة مرات بعد تردد وتأجيل ثم التحول من الاجتياح الشامل للمناورات البرية الواسعة، والانتقال من الإغراق في تحليل الأسباب والأحداث والتطورات اليومية إلى التركيز أكثر حول الأهداف من العمليات العسكرية والسيناريوهات والبحث عن حلول وتهدئة في ظل صلف الطرف الإسرائيلي وإصراره على الاستمرار بالحصار والتجويع والتدمير، يستمر سقوط العديد من تلك الصحف والمواقع في تحيزات شديدة ومقيتة للرواية الإسرائيلية باعتبارها حربا بين إسرائيل وحماس أو حرب في غزة أو حتى تزييفها للروايات حول المجازر وقلب الحقائق مع استمرار الدعم الغربي غير المسبوق لإسرائيل دبلوماسيا وماليا ودعائيا مع هامش قليل لنقد رواية إسرائيل للأحداث والتطورات، ونقد داخلي شديد لسياسة نتنياهو باعتبارها السبب في تفاقم هذه الأزمات الممتدة، ومن هنا نعرض بعض تلك التقارير والتحليلات والمقالات الهامة على اختلاف مصادرها وكتابها، عبر تصنيفها موضوعيا على النحو التالي:

  • حديث التحذيرات لإسرائيل من الحرب البرية وتوسع نطاق الحرب:

حيث تزايدت وتيرة التحذير من الغزو البري وتكلفته وإمكانياته، وعلى سبيل المثال فإن وول ستريت جورنال عنونت محذرة بأن “الاستيلاء على غزة قد يكون ممكنًا، ولكن ليس من دون تكلفة باهظة”، إذ تشير حملة إسرائيل البرية المخطط لها ضد حماس بأنها ستكون مدمرة ودموية، ذلك أن حرب المدن تلعب في الغالب لصالح المدافعين وليس المهاجمين، وفق ما يخلص تقرير الصحيفة، فإن التاريخ الحديث في أماكن أخرى يشير إلى أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا بتكلفة باهظة فقط، للقوات الإسرائيلية وكذلك للمدنيين الفلسطينيين المحاصرين في الوسط. وعادة ما يقلل القتال القريب من مزايا الجانب الأكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية، وهو أمر من شأنه أن يعوض جزئيًا التفوق العسكري الهائل لإسرائيل. واستنادًا إلى أمثلة على الحصار في النزاعات الحضرية الأخرى مثلما حدث في الموصل بالعراق وماريوبول في أوكرانيا، فإن إمكانية أن تستولي إسرائيل على غزة عسكريًا حتى وإن كان مسألة ممكنة، لكن هذا لن يأتي من دون ثمن باهظ للغاية للجانب الإسرائيلي وكذلك الخسائر في صفوف المدنيين[3].

فيما يشير تقرير لصحيفة هاآرتس إلى أنه يجب أن يقاتل الآن كل شخص يرغب في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس بكل قوته ضد الغزو البري لقطاع غزة، وفي الوقت نفسه يمارس كل ضغط ممكن على الحكومة حتى تتوصل إلى اتفاق للإفراج عن آلاف السجناء الفلسطينيين، وفق ما يخلص تقرير الصحيفة[4].

ووفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز التي وصفت ساحة المعركة بـ”ملعب الشيطان” الذي ينتظر الإسرائليين في غزة، فيمكن أن ينتج عن الغزو البري في غزة بعضًا من أعنف معارك الشوارع منذ الحرب العالمية الثانية، يقول الكاتب إنه وفي حين يحشد الجيش الإسرائيلي مدرعاته ودباباته على حدود غزة لغزو مهدد يهدف إلى سحق حماس، يحذر الخبراء من أن القوات الإسرائيلية قد تواجه بعضًا من أعنف المعارك من شارع إلى شارع منذ الحرب العالمية الثانية في مدينة غزة وغيرها من المناطق المكتظة. تقدم دراسات الحرب الحضرية والمسؤولون الأمريكيون مقارنات رهيبة مع العراق من خلال تأمل ما حدث في معارك الفلوجة في عام 2004، وهي أشد المعارك التي واجهتها القوات الأمريكية منذ فيتنام، أو المعركة التي استمرت تسعة أشهر لهزيمة تنظيم الدولة في الموصل في عام 2016، والتي أدت إلى مقتل 10000 مدني. وهي حرب شوارع طاحنة والوضع هنا يختلف كليا، فحماس لديها ثلاثة إلى خمسة أضعاف عدد المقاتلين بتنظيم الدولة في الموصل، ويمكنها جذب قوات احتياطية من السكان الشباب المتعاطفين معها، وتحظى بدعم دولي من دول مثل إيران. وكان أمام قيادة حماس سنوات للاستعداد للمعركة في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك في شوارع المدينة، حيث يمكن إحباط تفوق الدبابات والذخائر الدقيقة بسبب تكتيكات حرب الشوارع[5].

وفي هذا الإطار أيضا يمكن الإشارة إلى تقرير لموقع أكسيوس، أشار إلى تخوفات من ضغوط داخلية إسرائيلية بسبب احتمالية وقوع قتلى من الأسرى نتيجة للغارات الجوية، حيث  قال مسؤولان إسرائيليان إن إسرائيل مستعدة لتأجيل غزو بري لغزة لبضعة أيام للسماح بإجراء محادثات بشأن إطلاق سراح عدد كبير من الرهائن الذين تحتجزهم حماس، حيث ذكر التقرير نصًا: “تريد كل من إسرائيل وإدارة بايدن بذل كل جهد ممكن لمحاولة إخراج الرهائن من غزة، وإذا اقترحت حماس إطلاق سراح مجموعة كبيرة فسنكون بالطبع مستعدين للقيام باشياء في المقابل”. ويأتي هذا في الوقت الذي تحاول فيه إدارة بايدن دفع إسرائيل نحو تأخير حرب برية في غزة لحين نقل الولايات المتحدة الأصول العسكرية إلى المنطقة لإظهار الدعم لإسرائيل لمحاولة ردع الآخرين، مثل حزب الله المدعوم من إيران، عن الانضمام إلى الحرب[6].

  • التهجير القسري وأزمة النازحين والمساعدات:

يتزايد الحديث حول أزمة نزوح وهجرة ولجوء محتملة مع اشتداد الحرب، ووفق ما يخلص تقرير لصحيفة فاينانشيال تايميُكثف الاتحاد الأوروبي جهوده لإبرام اتفاقية دعم اقتصادي واسعة مع مصر، في وقت يتزايد فيه قلق الاتحاد الأوروبي بشأن احتمال تصاعد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي واندلاع أزمة لاجئين جديدة[7].

وفي هذا الإطار أيضا أصبح عرض مخطط التهجير فجا لدرجة أن افتتاحية واشنطن إكزامينر كانت تشير بوضوح إلى أنه لا مساعدات لمصر حتى تأخذ لاجئي غزة، دعت الصحيفة مصر لاستقبال النازحين من غزة بزعم أن هذا سيحمي أرواح المدنيين الفلسطينيين، مُلَوّحَة بسلاح المساعدات سواء من خلال منعها إذا رفضت مصر أو زيادتها في حال قبلت. وتقول الصحيفة الأمريكية المقربة من اليمين الصهيوني إن المدنيين الفلسطينيين يحتاجون إلى مكان آمن للذهاب إليه بينما تشن إسرائيل حربًا على حماس، وفي هذا السياق، تَدين مصر لصندوق النقد الدولي بمبلغ 22 مليار دولار وتريد 5 مليارات دولار أخرى[8].

فيما يشير تقرير آخر لبلومبرج للدور المصري الهام في قبول لاجئي غزة ضمن مخطط التهجير انطلاقا من وضعها الاقتصادي المتردي والمنتظر لحلول غربية لأزمته التمويلية المزمنة، حيث سلطت الحرب بين إسرائيل وحماس الضوء على بروز دور مصر باعتبارهًا لاعبًا إقليميا محوريا، ومن المحتمل أن يُكسبها هذا الدور الدعم الغربي في وقت تحاول الخروج فيه من أزمة اقتصادية طاحنة، وفق ما يخلص تقرير وكالة بلومبرج، والذي يشير إلى أن وضع مصر يمنحها فرصة سانحة في الوقت الذي تصارع فيه أسوأ توقعاتها الاقتصادية منذ عقود ويستعد الرئيس عبد الفتاح السيسي للانتخابات في أقل من شهرين ويشير التقرير أيضا إلى أن  الحكومة الإسرائيلية تحدثت إلى نظرائها في عدة دول حول إيواء مصر مؤقتًا للفلسطينيين الفارين من العنف في غزة، وفقًا لمسؤولين مطلعين على الأمر، حيث قال المسؤولون إن إسرائيل اقترحت إمكانية نقلهم إلى مخيمات لجوء في سيناء – بتمويل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة[9].

وفي إطار البحث عن بدائل داخل سيناريو التهجير أعيد طرح فكرة التهجير لصحراء النقب والتي طرحها السيسي في مؤتمر صحفي مع الرئيس الألماني أولاف شولتز، فوفق ما يخلص مقال نشرته مجال أتلانتك كاونسيل وفي ضوء محدودية الخيارات المتاحة لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء في غزة، يبرز مقترح النقب باعتباره خيارًا ممكنًا يجب على القادة الإسرائيليين والأمريكيين النظر فيه[10].

  • حديث التبعات السياسية والاقتصادية والأمنية:

ضمن هذا الحديث التبعات السياسية على الداخل الإسرائيلي وتزايد الأصوات المطالبة بتحمل نتنياهو المسئولية، إذ يقول ضباط عسكريون وسياسيون سابقون إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحمل مسؤولية الإخفاقات التي أدت إلى غزو حماس، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة الجارديان الذي يشير لتصريح وصف فيه رئيس الوزراء السابق إيهود باراك هجوم حماس بأنه “أقسى ضربة تعرضت لها إسرائيل منذ إنشائها حتى الآن”. وأضاف: “لا أعتقد أن الناس يثقون بقيادة نتنياهو عندما يكون تحت عبء مثل هذا الحدث المدمر الذي حدث للتو في فترة ولايته وبالتالي فإن نتنياهو يجب أن يستقيل الآن[11].

وفق ما يخلص تقرير لموقع المونيتور، أفقدت صواريخ المقاومة الفلسطينية شعور سكان تل أبيب بالأمان وفقدوا الثقة في الأجهزة الأمنية ويعيشون حالة من الخوف لم يعهدوها من قبل ويتملكهم شعور بأن ما حدث في الجنوب يمكن أن يتكرر في تل أبيب ومنذ السابع من أكتوبر وحتى مرور أسبوعين من المعركة لا تزال صفارات الإنذار تدفع السكان إلى الهروب إلى الملاجئ يوميًا[12].

ويشير تقرير لسي إن إن إلى أن  “مصر تخاف من حماس أيضًا”، إذ تعكس مواقف مصر من رفض فتح معبر رفح مخاوف جدية ومشروعة؛ من أبرزها أن فتح المعبر قد يسمح لعناصر حماس والمتعاطفين معها بدخول مصر، وهي تُعد فرعًا من جماعة الإخوان المسلمين، أخطر منافس سياسي محلي للسيسي، وفق التقرير، فقد اتضح عداء النظام لحماس، بعد فترة وجيزة من سيطرتها على غزة في عام 2007، إذ أغلقت مصر الحدود. وبحلول عام 2018، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، دمرت مصر مدينة رفح في سيناء بأكملها على الجانب المصري من الحدود، ودمرت آلاف المنازل وشردت نحو 70 ألف شخص، لإنشاء منطقة عازلة بعرض ميل تقريبًا لمنع حركة الأسلحة والمسلحين في الأنفاق بين مصر وغزة. وللتأكيد على هذه النقطة، أغرقت مصر تلك الأنفاق. وبعد ذلك بعامين، في عام 2020، بنت مصر جدارًا من الخرسانة المسلحة بطول 20 كم ويصل ارتفاعه إلى 16 قدمًا تحت الأرض. كما يوجد مخزون كبير من الدعم للفلسطينيين، حيث أنه ولأول مرة منذ أيام مبارك، نظمت الحكومة المصرية احتجاجات مناهضة لإسرائيل في محاولة إظهار دعمها للفلسطينيين أمام الرأي العام وفي الوقت نفسه تحاول السيطرة على المظاهرات[13].

كما يشير تقرير لمجلة فورين أفيرز إلى أن الهجوم الإسرائيلي سيضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مواجهة شعبه الغاضب، وفق ما يخلص مقال نشرته المجلة للكاتبة ليزا أندرسون تستعرض التداعيات المحتملة للعدوان الإسرائيلي على غزة على نظام السيسي. وقالت الكاتبة إن الاضطرابات في غزة ليست أمرًا سيئًا تمامًا لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وفي كثير من النواحي، ستكون حكومته سعيدة لرؤية إسرائيل تقضي على حماس، وهي المنظمة التي انبثقت من جماعة الإخوان المسلمين – الجماعة الإسلامية التي تعتبر عدو السيسي، ومع تعثر الاقتصاد المصري، قد يرى السيسي أيضًا فيما يحدث فرصة للضغط من أجل تخفيف الديون والحصول على تنازلات أخرى من الدول الغربية والمؤسسات الدولية مقابل الموافقة على ممرات المساعدات الإنسانية وتسهيل مغادرة الرعايا الأجانب من غزة. لكن في المقابل فإن السيسي يؤجج المعارضة في الداخل. ويشعر الجمهور المصري بالغضب من القصف الإسرائيلي المستمر على غزة والهجوم البري المحتمل. وكانت الاحتجاجات التي أقرتها الحكومة لدعم الفلسطينيين، في الأسبوع الماضي، بمثابة فرص للتعبير عن المعارضة المكبوتة ضد الحكومة المصرية نفسها، ويمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى وهو ما يهدد نظام السيسي الذي حظي السيسي بدعم السعودية والإمارات العربية المتحدة في انقلابه، واعتمد على الدعم المالي والعملياتي من هاتين الحكومتين في توطيد سلطته وكانت هذه بداية جهد دام عقدًا من الزمن، بقيادة الإماراتيين وسرعان ما انضم إليه محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الشاب والطموح، لتدمير جماعة الإخوان المسلمين وجميع الأحزاب والحركات والقادة السياسيين المرتبطين بالإسلام السياسي في جميع أنحاء المنطقة[14].

وفي سياق التداعيات الاقتصادية، قال مصرفيون بارزون في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية إن الحرب بين إسرائيل وحماس قد توجه ضربة قوية للاقتصاد العالمي والإقليمي، وفق تقرير لموقع المونيتور، حيث من الصعب تخيل نجاح المشروعات الكبرى للسعودية في البحر الأحمر بالمجال السياحي مع توسع نطاق الحرب واستمرارها.[15]

وفي نفس الاتجاه، يخلص تقرير لوكالة أسوشيتد برس إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس يمكن أن تهدد الاقتصادات الهشة بالفعل في مصر ولبنان والأردن، حيث تنتشر الأزمات الاقتصادية في البلدان المتاخمة لإسرائيل، مما يزيد من احتمال حدوث سلسلة من ردود الفعل من الحرب والتي تُفاقم تدهور الأزمات المالية والاستقرار السياسي في دول مثل مصر والأردن ولبنان وتخلق مشاكل تتجاوز ذلك بكثير.[16]

وتتزايد التداعيات الأمنية في منطقة البحر الأحمر بعد انفجاري طابا ونويبع، حيث ألقى الجيش الإسرائيلي باللوم، في انفجارين في مصر، على «تهديد جوي» من البحر الأحمر، في إشارة محتملة إلى الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، لكن بعض التفاصيل غير واضحة، وفق ما يخلص تقرير لموقع المونيتور[17].

  • حديث التعاطف الشعبي العربي والدولي مع الفلسطينيين وتداعياته:

امتدت التظاهرات الواسعة عربيا وعالميا تضامنا مع القضية الفلسطينية وتنديدا بالمجازر الإسرائيلية بغزة وسعيا لوقف الحرب، فعلى سبيل المثال وبينما دعا السيسي لتظاهرات لتأييد توجهاته وتفويضه بشأن الموقف من القضية الفلسطينية، تحدى الآلاف من المصريين توجيه الحكومة المصرية بتحديد مناطق معينة للاحتجاجات واقتحموا ميدان التحرير، مع اعتقال أكثر من 100 شخص منذ يوم الجمعة، وفق ما يخلص تقرير لموقع ميدل إيست أي. فيوم الجمعة ٢٠ أكتوبر، خرج آلاف المتظاهرين واخترقوا الحواجز الأمنية وغمروا ميدان التحرير، مركز ثورة يناير 2011. وبقي المتظاهرون في التحرير لأقل من ساعة قبل أن تطردهم الشرطة، حيث ورد أن أكثر من 100 شخص اعتقلوا في ذلك اليوم فيما يتعلق بالاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في القاهرة والإسكندرية[18].

وبالتوازي مع التعاطف الشعبي العربي تتخوف إسرائيل من التعاطف العالمي مع الفلسطينيين، وبالذات مع تصريحات بعض الرهائن المحررين من قبل حماس، إذ أثار تصريح الرهينة الإسرائيلية التي أطلقت حماس سراحها بأنها “مُنحت الرعاية الطبية” و”عوملت معاملة جيدة أثناء وجودها في الأسر” قلق المسؤولين الإسرائيليين من أن تلك التصريحات قد تضر بالمصالح الإسرائيلية وبالجهود الدولية للإفراج عن الرهائن المتبقين، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة هآرتس[19].

ووفق ما يخلص تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت، ففي أعقاب هجوم حماس، وبعدما أعلنت شركة ماكدونالدز إسرائيل عن تقديم آلاف الوجبات المجانية للقوات الإسرائيلية، مما أثار الغضب في دول مثل تركيا ومصر ولبنان، وأجج مظاهرات وتخريب، وحملات مقاطعة واسعة للشركة كانت بمثابة ضربة دولية بتعبير الصحيفة، فقد أثار انخراط ماكدونالدز الإسرائيلية الغضب والاحتجاج في مختلف البلدان. وواجهت فروع ماكدونالدز في تركيا ولبنان ومصر أعمال تخريب، كما جرت مظاهرات دعم لغزة خارج مطاعم ماكدونالدز في جميع أنحاء العالم الإسلامي، من القاهرة إلى ماليزيا. وسارع أصحاب الامتياز المحليون لماكدونالدز في تركيا ومصر والأردن ولبنان إلى النأي بأنفسهم، مؤكدين أنه ليس لديهم أي ارتباط بالفرع الإسرائيلي، حتى أن بعضهم تبرع لسكان غزة، وانضم إليهم أصحاب الامتياز من المناطق الأخرى المؤيدة للفلسطينيين، وخاصة في دول الخليج، الذين أعلنوا عن تبرعات إنسانية لغزة[20].

  • الدعم الدولي لإسرائيل وتوصيفات الحرب :

في هذا الإطار نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا أعده نيل ماكفاركوهار يسلط الضوء على استياء الدول النامية مما تعتبره ازدواجية الغرب في التعامل مع أزمات مثل ما يحدث في غزة وأوكرانيا. وقال الكاتب إن إدارة بايدن حاولت لمدة 20 شهرًا وضع أرضية أخلاقية عالية ضد روسيا، وأدانت حربها الوحشية على أوكرانيا لقتلها المدنيين بشكل عشوائي. وكان لهذه الحجة صدى في معظم أنحاء الغرب، ولكن بشكل أقل في أجزاء أخرى من العالم، التي اعتبرت الحرب أكثر من صراع بين القوى العظمى ورفضت المشاركة في العقوبات أو عزل روسيا بطريقة أخرى. والآن، وبينما تقصف إسرائيل قطاع غزة، مما يسفر عن مقتل الآلاف، فإن دعم إدارة بايدن الثابت يخاطر بخلق رياح معاكسة جديدة في جهوده لكسب الرأي العام العالمي. حيث ربط الرئيس بايدن الدعم الأمريكي لأوكرانيا وإسرائيل معًا، واصفًا كلا البلدين بأنهما ديمقراطيتان تحاربان الأعداء المصممين على “إبادتهما تمامًا”. وتثير هذه الازدواجية مخاوف العديد من الخبراء الذين يرون أن “الحرب في الشرق الأوسط ستدق إسفينًا كبيرًا بين الغرب ودول مثل البرازيل أو إندونيسيا، الدول المتأرجحة الرئيسة في جنوب الكرة الأرضية، وهذا سيجعل التعاون الدولي بشأن أوكرانيا، مثل تطبيق العقوبات على روسيا، أكثر صعوبة”[21].

وفي اتجاه معاكس للدعم الدولي لإسرائيل وتبني العديد من الصحف ووسائل الإعلام والمسئولين لروايتها حول مجزرة المستشفى المعمداني، فإن تقريرا لنيويورك تايمز يلقي بظلال من الشك على بعض الأدلة الرئيسة في انفجار مستشفى غزة والتي قدمتها إسرائيل باعتبار الحادث ناجم عن فشل إطلاق صاروخ من قبل المقاومة التي تستخدم المستشفى كمقر وفقا للرواية الإسرائيلية التي سرعان ما تبناها بايدن وغيره[22].

وضمن هذا الدعم الدولي لإسرائيل فإن ماكرون يبذل جهودا كبيرة جدا لشيطنة حماس ودعشنتها واعتبارها حركة إرهابية، فهو وفق ما يخلص تقرير لوكالة أسوشيتد برس، يحاول – من دون نجاح يُذكر حتى الآن – لتشكيل تحالف دولي لمحاربة حركة حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة، معتبرا أن الرد الأول على الحرب المدمرة بين إسرائيل وحماس هو “الحرب ضد الإرهاب”. واستخلاص الدروس من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا[23].

  • المساعدات الإنسانية:

في هذا الصدد يشير تقرير لصحيفة واشنطن بوست إلى أن غزة بدأت تحصل على بعض المساعدات  لكن ليس الوقود الحاسم لحياة السكان، حيث بدأت المساعدات الإنسانية في الدخول إلى قطاع غزة المحاصر، ولكن من دون الوقود الذي تقوم عليه حياة المواطنين في غزة والذي يمكن أن يؤثر غيابه تأثيرًا كبيرًا على أرواح السكان، وفق التقرير الذي يشير إلى أن قطاع غزة يعتمد على الوقود اعتمادًا كبيرًا، إذ تعمل جميع مرافق القطاع بالوقود: مستشفيات القطاع ومضخات المياه وحتى سيارات الأجرة. وهو يغذي المولدات التي يعتمد عليها السكان للكهرباء ويساعد في إشعال الأفران في مخابز القطاع، ورغم المناشدات الدولية حول نفاذ الوقود خلال ثلاثة أيام من الحصار إلا أن إسرائيل ترفض رفضا قاطعا دخوله[24].

وفي نفس السياق، نشر موقع ذا ناشيونال تقريرًا يسلط الضوء على تراكم المساعدات الإنسانية في العريش المصرية في ظل عدم السماح بدخولها غزة إلا الندر اليسير نتيجة التعنت الإسرائيلي والقيود الكبيرة التي تفرضها على عملية إدخال المساعدات الإنسانية، تتكدس كميات كبيرة من المساعدات المخصصة لغزة في مستودعات العريش بعد امتلاء مستودعات المدينة عن آخرها، وذلك بخلاف الشاحنات العديدة المصطفة التي تنتظر دورها لدخول غزة، مع عدم سماح إسرائيل إلا بالنذر اليسير[25].

  • جهود الوساطة للتهدئة ووقف التصعيد:

يشير تقرير للمونيتور إلى تنافس إقليمي للوساطة في مسألة وقف التصعيد والتهدئة قفي حين عملت مصر تقليديًا في السنوات الأخيرة بوصفها الوسيط الأساسي بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية، كما أن تركيا لا تخفي رغبتها في المشاركة، فإن التركيز الآن ينصب على مساعدة قطر في إعادة الرهائن بأمان، وفق ما يخلص تقرير لموقع المونيتور بعنوان كل الأنظار تتجه إلى  جهود قطر “الحاسمة” للإفراج عن الرهائن[26].

كما أشار تقرير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست، لفشل قمة القاهرة للسلام حتى في إصدار بيان مشترك لاختلاف حاد في وجهات نظر المشاركين ففي حين دعت الدول العربية والإسلامية إلى إنهاء فوري للهجوم الإسرائيلي، أعربت الدول الغربية عن مطالب أكثر تواضعًا مثل المساعدات الإنسانية للمدنيين، وفق ما يخلص التقرير[27].

وتشير بعض التقارير إلى  أن قطر متفائلة بشأن المزيد من صفقات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيلية حيث نشرت صحيفة جلوبز تقريرا للكاتب عساف يوني حول تفاؤل قطر بشأن إمكانية نجاح جهودها لإطلاق سراح الرهائن المدنيين، تُمارس قطر لعبة مزدوجة من خلال دعم حماس وكونها حليفة للولايات المتحدة وإسرائيل، وتحتاج إلى إبرام صفقات للإفراج عن الرهائن للرد على الانتقادات الدولية التي تتهمها برعاية حماس، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة جلوبز[28].

وضمن حديث الوساطات هناك وساطة مشتركة محدودة بين قطر ومصر في موضوع الرهائن، حيث أفرجت حماس عن رهينتين إسرائيليتين من بين ما يعتقد أنهم أكثر من 200 محتجز في أعقاب هجوم غير مسبوق على إسرائيل تصاعد إلى حرب واسعة النطاق، وفقًا لما نقلته مجلة نيوزويك عن الجناح العسكري لحركة حماس ومصدر مطلع على الأمر.[29]

ويشير مقال نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أهمية الدور المصري، فعندما يتعلق الأمر بغزة، فإن مصر لديها مصالح حاسمة ونفوذ قوي. لذلك، على الرغم من أنها برهنت أنها شريك صعب للولايات المتحدة وإسرائيل وعديد من حلفائهم الغربيين، إلا أن مصر ستظل دائمًا لاعبًا أساسيًا في الاستجابة الدولية للحرب في غزة، وفق ما يخلص المقال[30].

  • حديث السيناريوهات والمآلات والتوصيات:

وفي هذا السياق فإن مقالًا للباحث في معهد كاتو، جون هوفمان، يشير فيه إلى أهمية تغيير الولايات المتحدة لسياساتها في الشرق الأوسط، نشر بناشيونال انترست يشير في نقد واضح للموقف الأمريكي والسياسات المنبنية عليه إلى أنه حان الوقت لتغيير المسار في الشرق الأوسط من الانسحاب إلى الانخراط أكثر حماية للمصالح الأمريكية، يجب أن تؤدي هجمات حماس إلى إعادة نظر جوهرية في موقف الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وليس مضاعفة السياسات الفاشلة، وفق ما يخلص المقال، ناقدا لما روجه مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان لإنجازات إدارة بايدن في المنطقة، مدعيًا أن “منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءًا اليوم مما كانت عليه منذ عقدين”. ومع مقتل الآلاف بالفعل، تنذر الحرب بالتحول إلى كارثة طويلة الأمد مع احتمال تصعيدها إلى صراع على مستوى المنطقة مع عواقب وخيمة[31].

ويشير مقال للمونيتور ادعى كاتبه أن تركيا طلبت من قيادات حماس المغادرة بأدب، وهو ما نفي لاحقًا، إلى أن تركيا تسير على حبل مشدود بين الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل ودعمها للقضية الفلسطينية ورغبتها في الوساطة، وحسبما يوضح الكاتب، يمكن للمرء أن يشير إلى أن العلاقات الوثيقة بين حكومة أردوغان وحماس باتت الآن في موقف صعب. علاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يتوقع تزايد الضغط الأمريكي على أنقرة لقطع العلاقات مع حماس بعد هدوء الغبار. ومع ذلك، وفي نظر الغرب، تمثل تركيا في الوقت الحالي شريكًا يمكنه التحدث إلى حماس، وهذا بمثابة نوع من مانع الصواعق لحكومة أردوغان. وقد أتاحت الدعوات الموجهة إلى أنقرة لطلب وساطة منها للإفراج عن الرهائن الأجانب الذين تحتجزهم حماس الفرصة لأردوغان للعب الدور الذي كان يأمل فيه[32]. ونفى مسؤول تركي حكومي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل ما جاء في تقرير موقع المونيتور حول طلب تركيا من قيادة حماس مغادرة البلاد وقال إن هذا الزعم غير صحيح، وفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل[33].

وتماشيا مع التخوف من سيناريو التصعيد وتوسع الحرب أشار موقع آكسيوس إلى أن الولايات المتحدة ترسل المزيد من أنظمة الدفاع الصاروخي إلى الشرق الأوسط وسط مخاوف من التصعيد، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في ٢٢ أكتوبر، إن البنتاجون سيرسل المزيد من أنظمة الدفاع الصاروخي والجوي الأمريكية إلى الشرق الأوسط بسبب “احتمال تصعيد كبير للهجمات على قواتنا في جميع أنحاء المنطقة”، وفق ما يخلص تقرير نشره الموقع[34].

نشر موقع ذا ناشيونال تقريرًا أعدَّه حمزة هنداوي يسلط الضوء على التحديات الداخلية المحيطة بعودة مصر للعب دورها الإقليمي، لكن عودة مصر كقوة إقليمية تحمل مخاطر وتخفي تحديات في الداخل، حيث بدت علامات على تزايد المعارضة والتدهور السريع للاقتصاد المصري خلف بريق الدبلوماسية عالية المخاطر، وفق التقرير الذي أشار إلى أن الأزمة في غزة أعادت بعضا من دور مصر باعتبارها واحدة من القوى الرئيسة في المنطقة إلى دائرة الضوء مرة أخرى، إذ تسعى الحكومات جاهدة لوقف انتشار الصراع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فلقد أصبح معبر رفح الحدودي مع غزة في شمال شبه جزيرة سيناء محط أنظار العالم، حيث تتولى مصر المهمة الصعبة المتمثلة في ترتيب وإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، في حين يرفض الإسرائيليون السماح بوقف قصفهم المدمر.  ويقول مسؤولون مصريون إن بعض المتصلين الأجانب بالقاهرة نقلوا طلبا إسرائيليا بأن توفر مصر ملاذًا آمنًا مؤقتًا للفلسطينيين في سيناء بينما تواصل عمليتها العسكرية، التي تحذر من أنها ستقضي على حماس، كما أنه ووفقاً للمسؤولين، جرى تحسين الطلب في بعض الحالات من خلال وعود بالإعفاء من الديون والاستثمار المباشر الكبير[35].

وفي إطار الخوف من سيناريو توسع نطاق الحرب، يشعر الزعماء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقلق بالغ من احتمال امتداد العنف وعدم الاستقرار والاضطرابات إلى المنطقة برمتها، إذ لا يمكن استبعاد انتفاضة ربيع عربي أخرى، وفق ما يخلص تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي [36].

وفي نفس إطار التخوفات يمكن فهم تصريحات السيسي حول وهم القوة والحماس وتحذيراته للجنود أثناء تفتيش حرب أجراه للفرقة المدرعة الرابعة للجيش الثالث الميداني بالسويس، فالسيسي يقول إنه يؤمن بحل دبلوماسي للحرب بين غزة وإسرائيل وأن رد القاهرة يجب أن يكون مدروسًا جيدًا، وفق ما يخلص تقرير لموقع ميدل إيست أي،  ففي حديث لقواته المسلحة وعامة الشعب  طلب منهم كبح جماح غضبهم وحماسهم، في إشارة واضحة إلى الغضب الذي شعرت به مصر من الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة المجاورة[37].

ويتزايد تخوف غربي من تدخل روسي متزايد لصالح الفلسطينيين هذه المرة، وخاصة عقب زيارة وفد من قادة حماس لموسكو هذا الأسبوع، تحتفظ روسيا بعلاقات ودية مع حماس وكذلك مع إسرائيل والجهات الفاعلة الأخرى في الصراع في غزة. وتركزت المناقشات مع حماس في موسكو على إطلاق سراح الرهائن الأجانب، حيث قال مسؤولون بالكرملين يوم٢٦ أكتوبر إن قيادات من حماس ومسؤولين إيرانيين موجودون حاليا في موسكو وقد يتبعهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قريبا وقالت السفارة الروسية في إسرائيل أن ١٦ مواطنا روسيا قتلوا نتيجة هجوم حماس على إسرائيل، لكن دعم روسيا للموقف الفلسطيني لا يزال مدفوعا بالرغبة في تعزيز مكانتها في الجنوب العالمي، إذ تستغل روسيا الفرصة لتعزيز ادعاءها بأنها تتحدى ما يسميه بوتين “النظام الاستعماري الجديد القبيح للعلاقات الدولية”[38].

وفي تنبؤ وتحذير أيضا يشير تقرير أعدَّه جاريد زوبا لموقع المونيتور إلى مخاطر تتهدد مستقبل استراتيجية بايدن تجاه الشرق الأوسط في ضوء احتدام الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث اعتقدت إدارة بايدن أن الدبلوماسية المضنية يمكن أن تحتوي إيران، وبالتالي وكلائها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، إلا أن ومن خلال التعامل السطحي مع القضية الفلسطينية، منحت واشنطن خصمها فرصة استراتيجية، وفق ما يخلص التقرير الذي يشير لتحذيرات وزير الخارجية الإيراني من أن توسع الحرب يعني أن الولايات المتحدة لن تسلم من هذا الحريق ويرى الكاتب أن إسرائيل وفي حال اختارت غزوا واحتلالًا دمويًا لغزة سينهي الأمر على الأرجح قدرة السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ويمكن أن تدفع الحرب الإسرائيلية الشاملة مع حزب الله الظروف في لبنان إلى ظروف الدولة الفاشلة وتجر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية وقد تفقد حلفاءها في مصر والأردن بسبب الاضطرابات المحلية[39].

خاتمة:

يمكن القول بأن الاتجاه العام للصحف والمواقع الهامة ومراكز البحث دارت حول تحذيرات داخلية ودولية لإسرائيل من الاجتياح البري حيث إنه وفقا لبعض التقارير غير ممكن ووفقا لأكثرها تفاؤلا فهو ممكن ولكن بتكلفة عالية جدا ربما تقود لتبعات لن تتحملها إسرائيل قبل الفلسطينيين في مدن أشباح بالنسبة لقوات غير مدربة وتخوض حربا غير نظامية أو حرب شوارع بالمدن، وقد تقود للتحذير الثاني من توسيع نطاق الحرب بارتكاب مزيد من المجازر والحصار الذي يوسع دائرة التعاطف الشعبي ومن ثم يزيد من تفاقم الأوضاع ليس فقط داخل غزة أو إسرائيل وإنما في دول الجوار والمنطقة برمتها حيث تتسع دائرة الغضب ومن ثم الضغوط على النظم الصديقة لواشنطن في المنطقة وبالذات مصر والأردن في ظل أزماتهما الاقتصادية الخانقة.

كما أن اتجاها ما قد برز حول أزمة اللاجئين والنازحين والأوضاع الإنسانية بالقطاع يدفع باتجاه تهجير قسري مع اختلاف حول السيناريوهات هل هو تهجير إلى مصر مع مزايا اقتصادية تتعلق بالديون والمنح والمساعدات مقابل صفقة لاجئين قد تمول أوروبيا أو خليجيا، أم تهجير لصحراء النقب وكأننا عدنا للمربع صفر حيث الحديث على أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وتقسيمات في الأراضي المحتلة وتحريك السكان كقطع الشطرنج وكلا السيناريوهين لن يعيقه سوى ثبات المقاومة وأهل غزة وصمودهم.

وتتزايد المخاوف الإقليمية والدولية سواء من قوة حماس وإسنادها الإقليمي وجهود الوساطة الجادة والمحرجة للاحتلال وحلفائه، أو من توسع الحرب إقليميا بما له من تداعيات على موازين القوى الدولية والإقليمية وقدرة على قلب موازين وحسابات الاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة، أو من التبعات الاقتصادية الإقليمية والدولية للحرب في ظل حربين متزامنتين في أوكرانيا والشرق الأوسط معقل النفط والمشروعات الطموحة لممالك الخليج والمقترنة بصفقات تطبيع تعثرت أو مشروعات في منطقة البحر الأحمر التي أصبحت في مرمى نيران الحوثيين وحلفاء إيران في المنطقة. مع فشل بناء تحالف إقليمي ودولي ضد حماس وفصائل المقاومة حتى الآن رغم كراهية أنظمة عربية لها بالتوازي مع التبني الفرنسي والأمريكي والغربي لوجهة النظر الإسرائيلية حولها ودعمها ماليا وعسكريا.

أيضا تبرز صراعات وساطات جانبية في ضوء اختلاف مستوى القرب والبعد من حماس بين مصر وتركيا وقطر، لكن الموضوع الأساسي لهذه الوساطات هو الإفراج عن الرهائن تارة مقابل المساعدات الإنسانية والإغاثية وتارة أخرى مقابل الأسرى في سجون الاحتلال لكن يبدو أن من يمسك بزمام المبادرة في هذا الأمر هو الوسيط القطري حيث العلاقات الوثيقة مع حماس والتغطية الإعلامية الأفضل لما يجري بقطاع غزة وقدرتها على فضح انتهاكات الاحتلال عالميا، مع مغازلات هنا وهناك لمصر بدور مقابل صفقة ما تتعلق بالتهجير وقبوله استغلالا للظرف الاقتصادي الخانق محليا ودوليا.

 

هوامش

*  باحث في العلوم السياسية.

[1]  عمر سمير، مواقف وردود فعل الصحافة العالمية من الحرب على غزة، موقع مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 18 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/88ZjU

[2] عمر سمير، مواقف وردود فعل الصحافة العالمية من الحرب على غزة، موقع مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 22أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3tGVRbQ

[3]  The Wall Street Journal,Taking Gaza Would Be Possible, Sieges From Mosul to mariupol show but at a steep cost, 22.10. 2023, available at:  https://bit.ly/45VSACS

[4] Haaretz, Save the Israeli Hostages. Release Palestinian Prisoners, Quickly 22.10. 2023,  available at: https://bit.ly/46VHPly

[5] The New York Times, The ‘Devil’s Playground’ of Urban Combat That Israel Is Preparing to Enter,  24.10. 2023, available at:  https://bit.ly/49gxu4Y

[6] Axios, Scoop: Israel willing to delay Gaza invasion to discuss large release of hostages, 24.10. 2023, available at: https://bit.ly/3tJwdmH

[7] Financial Times, EU accelerates Egypt aid package as it fears fresh wave of refugees, 23.10. 2023, available at: https://bit.ly/3tYmetL

[8]Washington Examiner,  No aid for Egypt until it takes Gaza refugees, 21.10. 2023, available at: https://bit.ly/3tOU6t7

[9] Bloomberg, Egypt Is Courted on All Sides as Pivotal to Gaza Refugees’ Fate, 21.10. 2023, available at: https://bit.ly/3Q8tQBy

[10] Alan Pino and Casimir Yost, A humanitarian corridor in the Israeli Negev could save Gazans, Atlantic Council, 27.10. 2023, available at:  https://bit.ly/3QhMQxv

[11] The Guardian, Netanyahu told to ‘quit now’ as ex-leaders pin blame on dysfunctional government, 22.10. 2023, available at: https://bit.ly/40dAxab

[12] Al Monitor, Gaza attacks shatter sense of safety in Israel’s Tel Aviv,  23.10. 2023, available at: https://bit.ly/47aritC

[13] CNN, Opinion: Why Egypt won’t open the border to its Palestinian neighbors, 24.10. 2023, available at: https://bit.ly/49boLB7

[14] Lisa Anderson, Egypt in the Cauldron of Gaza Israel’s Offensive Will Pit Sisi Against His Own People, Foreign Affairs,  25.10. 2023, available at: https://bit.ly/3QeCmil

[15] Al Monitor, Israel-Hamas war threatens world economy, bankers tell Saudi forum 24.10. 2023, available at: https://bit.ly/3SquKvM

[16] Associated Press, The Israel-Hamas war could threaten already fragile economies in Egypt, Lebanon and Jordan, 26.10. 2023, available at:  https://bit.ly/3MmzJtX

[17] Al Monitor, Blasts in Egypt near Israeli border as Gaza war rages on,  25.10. 2023, available at: https://bit.ly/46GGA9z

[18] Middle East Eye, Israel-Palestine war: Assault on Gaza reignites suppressed activism in Egypt, 24.10. 2023, available at: https://bit.ly/46Soa5Y

[19] Haaretz, Freed Israeli Hostage’s Remarks Seen by Government Officials as Damaging to Israeli Interests,  24.10. 2023, available at:  https://bit.ly/45Lzakd

[20] Yedioth Ahronoth, McDonald’s takes hit internationally after Israeli franchisee sends food to IDF soldiers, 25.10. 2023, available at: https://bit.ly/3tUAy6Q

[21] The New York Times,Developing World Sees Double Standard in West’s Actions in Gaza and Ukraine, 23.10. 2023, available at: https://bit.ly/3skUb7o

[22]  The New York Times, A Close Look at Some Key Evidence in the Gaza Hospital, 25.10. 2023, available at:  https://bit.ly/3saAHlV

[23] Associated Press, France’s Macron seeks international support for his proposal to build a coalition against Hamas,  25.10. 2023, available at:  https://bit.ly/3tTFp8l

[24] Washington Post,Gaza gets some aid but no fuel 21.10. 2023, available at:   https://bit.ly/45TxHbv

[25] The National, Egypt’s Al Arish warehouses bursting at seams as Gaza aid piles up, 27.10. 2023, available at: https://bit.ly/3Qf9gPR

[26] Al Monitor, All eyes on ‘decisive’ Qatar in hostage release efforts, 21.10. 2023, available at: https://bit.ly/3QhZTPl

[27] The Jerusalem Post, Cairo Peace Summit ends without Gaza breakthrough, 21.10. 2023, https://bit.ly/3tOVEmV

[28] Globes, Qatar optimistic on more Israeli hostage deals, 23.10. 2023, available at:  https://bit.ly/49gdpf2

[29] Newsweek, Hamas Releases Two Israeli Hostages in Egypt, Qatar-Brokered Deal, 23.10. 2023, available at: https://bit.ly/3SdSBio

[30] Daniel Bymanand  Jon B. Alterman, The World Can’t Solve the Israel-Hamas War without Egypt, Centre for Strategic and International Studies,  25.10. 2023, available at:  https://bit.ly/46ReZT4

[31] The National Interest, Time to Change Course in the Middle East, 21.10. 2023, available at: https://bit.ly/46GcCT7

[32] Al Monitor, Eying Gaza mediator role, Turkey cools Hamas ties, Erdogan restrains rhetoric 22.10. 2023, available at:  https://bit.ly/46P2ibk

[33] The Times of Israel, Turkish official denies report Hamas leadership was kicked out of country, 23.10. 2023, available at:  https://bit.ly/3FDnpl8

[34]  Axios,U.S. sending more missile defense systems to Middle East amid escalation concerns, 22.10. 2023, available at:  https://bit.ly/3SAW0Ir

[35] The National, Egypt’s comeback as a regional powerbroker carries risks and conceals challenges at home, 24.10. 2023, available at:  https://bit.ly/477asvA

[36] Nosmot Gbadamosi, Regional Leaders Fear Spillover From Israel-Hamas War, Foreign Policy,  25.10. 2023,  available at: https://bit.ly/3SjXdnk

[37] Middle East Eye, Israel-Palestine war: Egypt’s Sisi warns against actions resulting from ‘anger’,  25.10. 2023,  available at: https://bit.ly/477RxAF

[38] Al Monitor, Hamas delegation arrives in Russia, 26.10. 2023,  available at: https://bit.ly/3QEU4NG

[39] Al Monitor, Israeli invasion of Gaza threatens to collapse Washington’s Middle East strategy, 27.10. 2023, available at: https://bit.ly/3Q8MPf6

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى