مستقبل حركة حماس ما بعد الطوفان: سيناريوهات وأجندة قضايا

مقدمة:

يُعد الحديث عن مستقبل الصراع العربي – الإسرائيلي، والحرب الدائرة في قطاع غزة، من أعقد المسائل والقضايا المتعلقة بهذا الصراع، وبهذه الحرب، إذ ما تزال العمليات البرية العسكرية الإسرائيلية مستمرة بعد مرور ستة أشهر على أحداث السابع من أكتوبر 2023. كما لا تزال أقلام الباحثين والمفكرين، وإصدارات مراكز البحوث من العالم الإسلامي والغرب تسيل بشأن “التكهن” بمستقبل أطراف الصراع، في صراعٍ لا يقل ضراوة عن ذلك الدائر في الشرق الأوسط بين إسرائيل والولايات والمتحدة من ناحيةٍ، وفصائل المقاومة الإسلامية في فلسطين، ومحاور المقاومة الأخرى في لبنان، والعراق، واليمن، وسوريا، ومن ورائهم إيران من ناحيةٍ أخرى.

ويبدو أن سيناريوهات المستقبل المنتشرة لا تعدو كونها رؤى مُفضلة لأطراف الصراع المتداخلة، سواءً كانت أطرافًا ثالثة كالولايات المتحدة والدول الأوروبية أو الدول العربية، أو أطرافًا مباشرة في الحرب شأن إسرائيل وحماس؛ لا تخرج توقعاتهم عن سيناريو واحد يتلخص في تحقيق النصر على الطرف الآخر، وفي هذه الحالة، يحمل كل منها سيناريو مُضاد للسيناريو الذي يتمناه الآخر[1].

انطلاقًا من هذه الملاحظة، يتبنى هذا التقرير نهجًا للتعاطي مع أجندة القضايا المطروحة أمام حركة حماس وسيناريوهات المستقبل، يقوم على بحث مجموعة من القضايا على خمسة مستويات[2]، إذ يطرح في كل قضية السيناريوهين المتقابلين (سيناريو مأمول في مواجهة سيناريو مُستبعد)، ثمّ يعرج على السيناريو المُرجح.

وشملت عوامل تحديد السيناريو المُرجح؛ الواقع الفلسطيني وتطوراته الداخلية، والبيانات الصادرة عن أطرافه الفاعلين، وفي القلب منها تصريحات قادة الحركة أنفسهم، واستطلاعات الرأي من داخل قطاع غزة والضفة كمُعبر عن الآراء الشعبية للجماهير الفلسطينية، وملاءمة السياق الإقليمي والدولي لهذه السيناريوهات، فضلًا عن خلاصة التجارب التاريخية للقضية الفلسطينية ولمواقف الحركة، مع الاستئناس بآراء الخبراء والمراكز البحثية في تحديد السيناريوهات المُرجحة حسب القضايا المطروحة.

وعليه، ينقسم التقرير إلى خمسة محاور موزعة على هذه القضايا، وفقًا لما يلي: المحور الأول: تفاعلات الحركة من الداخل. المحور الثاني: الحركة في سياقها الفلسطيني. المحور الثالث: مسارات العلاقة مع إسرائيل. المحور الرابع: تفاعلات الحركة مع البيئة الإقليمية. المحور الخامس: العلاقات الدولية لحماس.

وتبقى إشارة ذات أهمية، وهي أن القضايا المطروحة وسيناريوهات مستقبل حماس تتشابك مع بعضها وغيرها من القضايا المهمة بطريقة تشبه الشبكة، وهو ما يؤكد أهمية قراءة مخرجات هذا التقرير إلى جانب غيره من التقارير الأخرى في الفصلية التي تناولت بشيء من التخصيص مستقبل غزة، والمقاومة في الضفة، والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ودور الأطراف الثالثة، والرؤى المتعلقة بتحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، فضلًا عن المتابعات والدراسات التي أنتجها مركز الحضارة خلال الثلاث شهور الأولى من العدوان[3].

المحور الأول: تفاعلات الحركة من الداخل

يتناول هذا المحور قضيتين أساسيتين تتصل بالعلاقات بين السياسي والعسكري داخل الحركة، والمسارات المتعلقة باحتمالات حدوث ما يُشبه مراجعات داخلية، بالإضافة إلى مسارات تسليح الحركة.

أ- العلاقات بين الجناح العسكري والجناح السياسي ومسارات التجدد في الحركة

أثارت الحرب المستمرة في قطاع غزة عدة أسئلة بشأن العلاقات داخل مكونات الحركة المختلفة، وتحديدًا بين جناحها العسكري (داخل غزة بصفة خاصة) وبين جناحها السياسي في الخارج (في الدوحة وبيروت)، وبصفة أكثر تحديدًا بين قادة مثل يحيى السنوار، وإسماعيل هنية والمكتب السياسي في قطر، وذلك في إطار، تأكيد بعض الكُتَّاب على عدم اطلاع القيادة السياسية للحركة بأبعاد التخطيط لهجمات السابع من أكتوبر أو توقيتها الدقيق، أو على أقل تقدير مداها المتوقع. فضلًا عن إصرار هؤلاء الكُتَّاب على وجود خلاف بين الجناحين بشأن أهداف الحركة في تفاوضها مع الوسطاء، فيما يتعلق ببنود صفقة الهدنة الثانية وتبادل الأسرى[4]، مشيرين إلى خلاف بين الجناحين بشأن شروط الوصول إلى وقف إطلاق نار مستدام وتبييض السجون الإسرائيلية[5].

وفي سياق هذه القراءات التي لم يصدر بصددها تأكيدات رسمية، رُسم سيناريوهان: أحدهما، يصور أن العلاقة بين قادة الحركة لا تشوبها شائبة، وأن الحركة لديها قدرة بداخلها على استيعاب الخلاف وتعزيز التعاضد بين أطرافها. وسيناريو ثانٍ، على الطرف النقيض، يزيد من احتمالات الشقاق بين مكونات الحركة، بل واحتمالات انقسامها على أساس جغرافي فلسطيني في غزة والضفة إلى فِرق أو كتائب مسلحة مستقلة عن هيكل الحركة وسيطرتها[6].

ورغم أنه من الصعوبة بمكان نفي أو إثبات ادعاءات بعض المتابعين بشأن الخلافات داخل الحركة، ومساراتها المستقبلية المُقترحة، فإن ثمة سوابق تاريخية تشير إلى أن الحركة تعرضت إلى مثل هذه الحملات الإعلامية؛ فمع بداية أحداث الثورة السورية -على سبيل المثال- اتخذت الحركة جانب الشعب السوري، ثم استعادت علاقاتها مع نظام الأسد منذ النصف الثاني من عام 2022، ولم يخلق ذلك تيارات معارضة داخلها، رغم إشارة المتابعين إلى تنقاضها مع مواقفها الفكرية[7]؛ في ذلك الحين أكدت المصادر وجود خلافات بين القادة داخل الحركة، ولكنها في النهاية كانت تُظهر موقفًا واحدًا، وتدحض وجود الخلاف بين صفوفها[8].

وعليه، فإن السيناريو المُرجح يشير إلى أن الحركة بحكم طبيعتها وتكوينها، ستجري نقاشات داخلية جادة بشأن تقييم عملية طوفان الأقصى والعلاقات بين السياسي والعسكري داخلها، دون استبعاد إدخال تعديلات تكتيكية على أدائها أو حتى رؤاها المرحلية، كما حدث مع ميثاق الحركة 2017[9]. ومن النتائج المحتملة لهذا الحوار إدخال تغييرات على القيادات العسكرية والسياسية في مستويات مختلفة؛ لإبدال القادة التي استُشهدت مثل نائب رئيس المكتب السياسي للحركة[10]، واتساقًا مع التحديات والفرص التي نتجت عن الطوفان.

ب- الحاجة إلى تنويع مصادر تسليح حماس

لا شك أن ممثلي الحركة في كل خطاباتهم الرسمية دعوا بطريقة صريحة دول العالم الإسلامي، والدول الرافضة للعدوان الإسرائيلي، إلى تقديم دعم عسكري لحماس بتوفير مصادر تسليح لها[11]. ومع ذلك، تندر الإشارات إلى أن مثل هذا الدعم قد وصل إلى المُقاومة خلال الستة أشهر الماضية، بالنظر إلى الحصار “المُشدد” المفروض عليها من كافة الجهات. وخلال الفترة الي تلت طوفان الأقصى، فرضت الولايات المتحدة على إيران، وشركات، وأفراد قريبة منها عقوبات عدة لتقييد قدرتها على دعم وتسليح حماس[12]، كما كثفت من وجودها في الممرات البحرية المختلفة المُؤدية إلى القطاع سواء في البحر الأحمر أو البحر المتوسط بتسيير قطعٍ من أسطولها البحري، أو سفن عملاقة بمهمات خاصة لمراقبة أوضاع الملاحة والاستطلاع في البحرين.

وفي هذا السياق، تسعى إسرائيل والولايات المتحدة إلى إطباق الخناق على المقاومة وتجفيف أي مصادر تسلح ممكنة، دفعًا إلى سيناريو نفاد الاحتياطات العسكرية الموجودة لدى الحركة، وبالتالي دفعها إلى الاستسلام أو إقرار هُدن بشروط مواتية أكثر لتل أبيب. في المقابل، تهدف دعوات حماس إلى إحداث خرقٍ في الحصار المفروض عليها لأجل تمرير بعض المُعدات العسكرية.

ويبدو أن السيناريو المُرجح في هذا الصدد، هو أن هذا الحصار على شدته، من الصعب أن يدفع تجاه نفاد ما لدى المقاومة من مخزونات عسكرية، في ظل معرفة المقاومة المُسبقة بهذا الحصار، وأنه ليس جديدًا عليها، فهو تقريبًا مفروض عليها منذ أكثر من عقدين بسبب تدمير مصر الأنفاق بين سيناء وغزة، مع الأخذ في الحسبان أن الحركة جهزت نفسها لسيناريو إطالة أمد الحرب، وعملها بالهندسة العكسية لإنتاج جزء من سلاحها، بالإضافة إلى غيرها من الطرق التي أشارت إليها التقارير بشأن وصول الأسلحة إلى حماس عبر أنفاق من إسرائيل نفسها أو عن طريق البحر أو شبكة تجار السلاح غير الرسميين، وتلعب إيران وحزب الله في لبنان دورا رئيسا في تنسيق هذه العمليات، مع قدرة الحركة على استخدام مواد مشروعة كالأسمدة والسكر ومواد البناء لتصنيع الصواريخ[13].

المحور الثاني: الحركة في سياقها الفلسطيني

يُمثل السياق الفلسطيني الحاضن الأساسي لوجود حماس، وهو مصدر شرعيتها، ومنه تُستلهم إشارات مهمة بشأن مستقبل الحركة، ودورها في الضفة والقطاع، وفي تسوية إجمالية للقضية الفلسطينية. وهنا تُثار العديد من القضايا بسيناريوهات متنوعة، وذلك على النحو التالي:

أ- شعبية حماس داخل قطاع غزة والضفة

أظهرت ردود الفعل العلنية – وأحيانًا المباشرة- التي نقلتها كاميرات المحطات الفضائية التي تعمل في تغطية الحرب الدائرة في القطاع وفي الضفة الغربية ترحيب الناس بمختلف طوائفهم، أو على الأقل عدم تضجرهم مما ألَمَّ بهم من عدوان إسرائيلي. وهو في النهاية ما وثقه أحد الاستطلاعات التي أجريت أثناء فترة الهدنة من 23 نوفمبر حتى 2 ديسمبر، وأظهرت في مجملها اقتناع جمهور المُستطلعين بصواب قرار حماس في شن هجمات على إسرائيل. كما أبرزت النتائج ارتفاع تأييد سكان الضفة لحماس من 12٪ قبل الحرب في سبتمبر 2023 إلى 44٪ في شهر ديسمبر 2023، وزيادة التأييد لحماس في غزة من 38٪ إلى 42٪ في نفس الفترة المُشار إليها. في المقابل، انخفض التأييد بصفة عامة لحركة فتح، وللرئيس محمود عباس، والسلطة الفلسطينية. كما أكد 54٪ من مفردات العينة أن حماس هي الأجدر بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني في مقابل 13٪ فقط يرون أن فتح بقيادة عباس هي الأجدر بذلك[14].

وهنا ترتسم معالم السيناريوهين المتقابلين: أحدهما تتمناه حماس، وهو استمرار حالة الدعم الشعبي داخل فلسطين للحركة، وتستثمره كقوة دفع سياسية تزيد من مكانة الحركة في القطاع والضفة، ومجمل التسويات السياسية سواء في مواجهة السلطة الفلسطينية أو العالم الخارجي. والآخر تأمله إسرائيل وداعميها، في أن يكون استمرار الحرب، وزيادة معاناة أهل القطاع ضاغطًا على الحركة للقبول بشروطها، ودخولها في صفقة تحفظ ماء وجه نتنياهو ومناصريه.

وبينهما يأتي السيناريو المُرجح الذي يشير إلى أن الزيادة في شعبية حماس وقتية، وهو ما أكدته نتائج استطلاع مارس 2024، إذ انخفض حجم المؤيدين لحركة حماس في الضفة والقطاع من 44٪ إلى 33٪ بين ديسمبر 2023 وماس 2024[15]، ومن ثمَّ، يُتَوقع أن تعود إلى مستويات أدنى بعد تطبيق وقف مستدام لإطلاق النار، وذلك وفقًا لما أكدته ملاحظات المتابعين بشأن الأوضاع المعيشية في القطاع، وأن شعبية حركة المقاومة تميل إلى الارتفاع أثناء وبعد الحروب التي تشنها المقاومة، ولكنها تعود مرة أخرى للانخفاض بعد خفوت أصوات الصواريخ، وزيادة وطأة أعباء إعادة الإعمار، واستعادة الحياة في القطاع[16].

ب- مستقبل حكم حركة حماس لقطاع غزة

يُعد مستقبل قطاع غزة أكثر الأمور المطروقة من قبل الباحثين، والساسة، والمفكرين، والدول، ولأن هناك تقريرًا آخر سيُعنى بذلك، فإن النقاش هنا يدور حول نقطتين من زاوية حماس: الأولى، تتعلق بشأن تعريف الحركة لنفسها كحركة تحرر وطني، والثانية، بشأن رؤية الحركة لحكم القطاع ما بعد الحرب.

أما النقطة الأولى، فقد أكدت بيانات الحركة، ولعل أحدثها: وثيقة “هذه روايتُنا.. لماذا طوفان الأقصى؟”[17]، أنها “حركة تحرر وطني”، هدفها الأول تحرير الأرض وتحقيق دولة فلسطين، دون أية إشارة للحركة إلى أنها جزء من سلطة حاكمة للقطاع، وهو ما التقطه الخبراء بأن الحركة “تبتعد عن الالتزامات السياسية الرئيسة المرتبطة بمسؤوليات الحكم”، مؤكدين أن إدارة القطاع كانت دائمًا ما تُمثل عبئًا على حماس[18].

وهو ما ينقلنا للنقطة الثانية، إذ أكد المتحدث باسم حركة حماس “أسامة حمدان”، في تصريحات له، أن الحركة تجري حوارًا مع الفصائل الفلسطينية بشأن حكم غزة ما بعد الحرب، مؤكدًا رفضه لكافة السيناريوهات المطروحة من الفاعلين الخارجيين، وأن ذلك قرار وطني فلسطيني شعبي ليس فقط فيما يتعلق بحكم قطاع غزة، ولكن الضفة أيضًا[19]. فإذا أضفنا أن توقعات جمهور الشعب الفلسطيني، وفقًا لآخر استطلاع في مارس، تشير إلى أنها تفضل حكم حماس للقطاع وتؤكد قدرتها على ذلك[20]، وتصورات المراقبين بشأن مكانة حماس في غزة؛ فإنه من السهل استبعاد سيناريو إقصاء حماس من حكم غزة كليًا، وسيناريو استمرار حماس في حكم غزة بنفس الطريقة السابقة لأحداث السابع من أكتوبر[21].

فالسيناريو المُرجح إذن، هو تشكل ائتلاف فلسطيني من القوى والفصائل الفاعلة في القطاع لحكم غزة ما بعد الحرب، وبالتالي تقليل العبء على الحركة، وتوزيع المسؤوليات على أطرافٍ عدة، وفي نفس الوقت تأكيد أن حماس بالأساس حركة مقاومة وتحرير وطني لا حزب سياسي يسعى للتمسك بالسلطة، في ظل تأكيدات قادة الحركة أنها “لا تريد الانفراد بحكم غزة”[22]. ويُدعم ذلك السيناريو العلاقات بين حركة فتح وحماس، وصعوبة التوافق بشأن حكومة واحدة للقطاع والضفة، كما سيرد في النقطة التالية.

ج- العلاقة بين فتح وحماس: نبذ الفُرقة أم توسيع الهوة؟

في كل مناسبة، وفي غير مناسبة، يتجدد الحديث عن لمِّ الشمل الفلسطيني، وتحقيق وحدة بين الفصائل والقوى الفلسطينية الفاعلة، ليس فقط داخل فلسطين، ولكن أيضًا خارج فلسطين مع فلسطينيِّي الشتات. ومن ثمَّ، حملت التصريحات والرسائل المتبادلة -خاصة في الشهرين الأخيرين- بين حماس وفتح رغبة في إعادة فتح الحوار بين الطرفين، ظهرت بوادرها مع إعلان حماس عن توافق القوى الفلسطينية على “حكومة تكنوقراط”[23]، ولقاء -مؤخرًا- في العاصمة موسكو بناءً على دعوة روسية بين الأطراف الفلسطينية لفتح حوار بشأن انضمام حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية في 29 فبراير 2024.

وبغض النظر عما يُثار بشأن جدوى هذه الوحدة وكيفية تحقيقها[24]، ويمكن في هذا السياق رصد سيناريوهين محتملين بشأن العلاقة بين فتح وحماس:

– السيناريو الأول، الذي يتمناه جميع المهمومين بالقضية، ويتمثل في توحيد الجهود الفلسطينية، وانضمام حماس تحت مظلة منظمة التحرير، والعمل جنبًا إلى جنب حركة فتح[25]، وبالتالي حصول الحركة على شرعية سياسية ودبلوماسية رسمية، تمكنها من استمرار نضالها “السياسي”، وذلك بالنظر إلى مستجدات هذا الظرف، وحاجة كل طرف إلى ميزة يضيفها له التوافق مع الآخر: حماس تستمد الشرعية السياسية من منظمة التحرير، وفتح تستمد شرعية شعبية من إنجاز حماس العسكري.

– أما السيناريو الثاني، فيذهب إلى فشلٍ كلي في تحقيق أية نتائج مثمرة للحوار بين فتح وحماس بناءً على تراكم الرصيد السابق في ذهاب هذه الجهود أدراج الرياح، وعدم استدامتها، وعلى الخلافات الحقيقية بين فتح وحماس، انطلاقًا من اعتراف الأولى بإسرائيل، فضلًا عن شبكة علاقاتها الخارجية التي تمنع أصلًا من حدوث سيناريو التوافق التام. ويبدو أن هذا السيناريو هو المُرجح، رغم استمرار جهود رأب الصدع بين حماس وفتح؛ إذ أعلنت الحركة بيانا وقعته إلى جانب 3 فصائل أخرى هي: حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، عن رفضها التحرك المنفرد للرئيس عباس في تسمية مستشاره الاقتصادي محمد مصطفى رئيسًا للوزراء دون تحقيق التفاهمات اللازمة معها[26].

المحور الثالث: مسارات العلاقة مع إسرائيل

ثمة عدة قضايا تُطرح بشأن مسارات العلاقة بين الحركة وإسرائيل في الشهور القادمة وما بعد الحرب، على رأسها، قضية تبادل الأسرى، واستمرار العمل المسلح ضد إسرائيل.

أ- وقف إطلاق النار/ تبادل الأسرى

منذ انتهاء فترة الهدنة الأولى في الثاني من ديسمبر 2023، ومحاولات الوسطاء والأطراف المعنية للوصول إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار لم تتوقف، سواء عبر جولات مختلفة من المفاوضات في القاهرة عن طريق زيارات وفود من حماس (2 فبراير، 20 فبراير)، إلى جانب مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (9 فبراير)، وزيارة وفد إسرائيل (20 فبراير)، ثمَّ مؤتمر باريس (23 فبراير)، وغيرها في الدوحة. ثمَّ التكهنات المختلفة بشأن استكمال المفاوضات – بمشاركة مُختصين- على أمور تقنية تتعلق بفنيات تنفيذ الهدنة وتبادل الأسرى[27].

وطيلة هذه الاجتماعات المتكررة التي تكثفت في شهر فبراير، لم تصدر بيانات إيجابية من قِبل إسرائيل أو حماس بشأن قرب الاتفاق، بل على العكس، كلما صدرت تقارير تفيد بإيجابية موقف أحد الأطراف، تُسارع مصادر أخرى لنفيها[28]، وهو ما يعني انتفاء الوصول إلى أي سيناريو يحقق نصرًا كاملًا لطرف على الآخر، سواء بالوصول لوقف طويل لإطلاق النار وتبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى مقابل إطلاق سراح الأسرى لدى حماس، أو تحقيق هُدنة محدودة يتم خلالها تبادل بعض الأسرى من الجانبين.

ومن هنا، يبدو أن السيناريو المُرجح في الشهرين القادمين هو عمد إسرائيل إلى اتباع استراتيجية “مفاوضات لكسب الوقت” دون نية حقيقية لوقف عملياتها، بما يحقق أهداف نتنياهو في إطالة أمد الحرب ضمانًا لبقائه في السلطة. في المقابل، ستصر الحركة على الوصول إلى أفضل اتفاقية مُمكنة مقابل إطلاق سراح الأسرى لديها، والتي ربما تكون هُدنة مؤقتة مُدتها من شهرين إلى ثلاثة، مقابل إطلاق سراح 4 من الأسرى الفلسطينيين مقابل كل أسير مدني لديها، فضلًا عن تفاهمات أخرى بشأن الأسرى من العسكريين لدى حماس دون شرط تبيض السجون الذي تطالب به الحركة، والسماح بمضاعفة حجم المساعدات المارة إلى القطاع، واستدامتها عبر أيام الهدنة وبعدها، وأخذ ضمانات للسماح للمهجرين بالعودة إلى شمال القطاع.

ب- استمرار العمل المُسلح ضد إسرائيل

هل تُعد معركة طوفان الأقصى بداية لما بعدها أم أنها إنهاء للعمل العسكري المُسلح ضد إسرائيل؟ هنا يُطرح بديلان متقابلان: الأول يُقدم طوفان الأقصى باعتبارها نهاية ذروة وقمة العمل العسكري المُدبر ضد إسرائيل، ومن ثمَّ، سيعقبه مسارات تفاوضية وسياسية لا عسكرية، كما أن رد إسرائيل العنيف والمفرط على الضربات التي تلقتها في السابع من أكتوبر تنذر بانتهاء وشيك لخيار المقاومة المسلحة، وذلك وفقًا للتقديرات الإسرائيلية والدعاية التي تطلقها تل أبيب تجاه جمهورها الداخلي والعالمي في محاولة تصدير أهمية القضاء على المقاومة للحفاظ على أمن إسرائيل، وحقها في الدفاع عن نفسها، ومنع تكرار ما حدث.

أما الثاني الذي ترغبه حماس، فهو دفع جماهير الشعب الفلسطيني، وجماهير الأمة الإسلامية، وقادتها، إلى الاقتناع التام بمشروعية العمل العسكري المستدام والنضال المسلح ضد إسرائيل، كون النظام الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة. ويتوافق ذلك مع ما أظهرته نتائج الاستطلاع الذي أُجري خلال الهدنة؛ إذ ارتفعت نسبة من يعتقدون أن العمل المسلح هو الطريق الأمثل لإنهاء الاحتلال من 50٪ إلى 60٪ بين سبتمبر وديسمبر 2023، كما وصلت النسبة في الضفة الغربية إلى 70٪ من المشاركين في الاستطلاع، مؤكدين أهمية تشكيل مجموعات مسلحة للرد على اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية[29].

وعليه، يتضح أن السيناريو المُرجح هو استمرار النضال المُسلح ضد إسرائيل بقيادة حماس وفصائل المقاومة المسلحة الأخرى، وأن عدد الضحايا الضخم، الذي تجاوز 75 ألفًا بين شهيد وجريح، وطال كل أسرة في غزة، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 70٪ من منازل غزة، فضلًا عن عدد الشهداء والأسرى في الضفة، خلق جرحًا عميقًا ورغبةً في الثأر لدى كل مواطن فلسطيني، وبالتالي لن ينتهي العمل المسلح ضد إسرائيل دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كما يُشير مجمل ما سبق إلى أنه من غير المُرجح، في الأجل المنظور، أن يكون هناك اعتراف ولو ضمني من حركة حماس بوجود إسرائيل، بالنظر إلى تكوين الحركة وأجنحتها الداخلية، وما خلفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبالتالي لن يكون هناك تفاوض مباشر بين الطرفين.

المحور الرابع: تفاعلات الحركة مع البيئة الإقليمية

أخذت الأنظار منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى تتجه صوب الدول الإقليمية الفاعلة كمصر، وقطر، والأردن، وتركيا، وإيران، والسعودية، والإمارات، والفاعلين من غير الدول كحزب الله، وجماعة أنصار الله (الحوثي)، وحركات المقاومة الإسلامية في العراق وسوريا أو ما يُعرف بمحور المقاومة. كما انتظمت سيناريوهات عدة بين المأمول والمُستبعد لكلٍ من هذه المحاور، وذلك على النحو التالي:

أ- دور محور المقاومة (إيران ووكلاؤها) في المشاركة في الطوفان

منذ اللحظات الأولى أعلنت إيران دعمها للنضال الفلسطيني وباركت حركة المقاومة الإسلامية، بعدها توالت البيانات الداعمة للمقاومة من حزب الله، وأنصار الله، وغيرهما، ثمَّ أخذت عملياتهم نهج التصعيد ضد إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، ظلت الهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل في نطاقٍ محسوب، وفق قواعد اشتباك مُحددة طيلة الفترة الماضية، رغم ما وقع من خسائر مادية وبشرية للحزب طالت قادة في الحركة، وأدت إلى اغتيال أكثر من 240 من مقاتليها منذ بدء الاشتباكات مع إسرائيل[30].

بالإضافة إلى ذلك، كان لجماعة أنصار الله (الحوثي)[31] إسهام رئيس في إذكاء عمل محور المقاومة في البحر الأحمر، وعرقلة مرور السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل، تمثل في أكثر من 60 هجومًا منذ نوفمبر 2023، وهو ما عرضها إلى ضربات عسكرية متتالية من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى جانب إسقاط الأسطول الأمريكي في البحر الأحمر العديد من المسيّرات الموجهة إلى إسرائيل.

فضلًا عن ذلك، نفذت حركات المقاومة الإسلامية في سوريا والعراق عدة استهدافات لمواقع أمريكية في سوريا، والعراق، والأردن، وصل عددها الإجمالي إلى 121 استهدافًا، وأدت لمقتل بضع جنود أمريكيين وإصابة آخرين منذ نوفمبر 2023[32]، وتعرضت في المقابل هذه الحركات لهجمات أمريكية مُضادة أودت بحياة عددٍ كبير من مجنديها.

الشاهد من هذا الاستعراض السريع، هو التمهيد للسيناريوهين المتقابلين المطروحين بصدد دور محور المقاومة والجدل بشأنهما؛ بين أنصار سيناريو وصف تدخلات محور المقاومة “بالخذلان[33]، وأنه كان هناك ضرورة لقيام هذه القوى بالمزيد لتخفيف وطأة العدوان على غزة، بإعلان حرب شاملة على إسرائيل، وليس فقط مجرد عمليات “إشغال” لإسرائيل على الحدود مع جنوب لبنان وفي البحر الأحمر، وبين أنصار سيناريو أن تدخلات هذا المحور جاءت متناسبة وفقًا “لاستطاعتها”، وهو جهد يلزم تثمينه، كما ورد في بيانات المتحدث باسم القسام أبو عبيدة أكثر من مرة[34].

وبين “الخذلان” و”الاستطاعة” يأتي السيناريو المُرجح والمرشح في الاستمرار، وهو استمرار عمليات محور المقاومة، وإن كان يُتَوقع أن بعضها سيناله شيء من الهبوط، مع التأثر بالضربات الموجعة التي تتلقاها هذه الحركات، إذ يشير البنتاغون أن هذه الضربات أثرت على قدرات الحوثي، وأدت إلى انخفاض وتيرة عملياته في البحر الأحمر، وذلك رغم التصريحات المتكررة من جماعة الحوثي بشأن استمرار هجماتها على السفن الغربية والمتجهة إلى إسرائيل، بالإضافة إلى الجهود الإقليمية الساعية إلى خفض التصعيد من ناحية ثانية، ورغبة كلٍ من إسرائيل ولبنان والأطراف الأخرى في الوصول إلى تهدئة على هذه الجبهة[35]. مع ذلك، لا توجد مؤشرات رقمية أو مراصد توضح هذا الهبوط من عدمه، على مدار شهري مارس وفبراير وقت اشتداد الضربات ضد هذه المحاور، والحديث عن التهدئة.

ب- دول الجوار المباشر: مصر والأردن

نشط الدور المصري والأردني بطريقة مباشرة بعد عملية طوفان الأقصى وما تبعها من عدوان على غزة، تأكيدًا على ضرورة وقف إطلاق النار، ومنع سيناريو التهجير القسري لسكان القطاع، واستدامة مرور المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح. ومنذ أواخر فبراير 2024، قامت الدولتان بالاشتراك مع الإمارات، وقطر، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندا، والولايات المتحدة، والبحرين بتنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات على شمال قطاع غزة[36].

ومن هذا السياق، ينبع السيناريوهان: الأول مُستبعد، كانت ترغبه المقاومة، في اتخاذ مصر والأردن مواقف أكثر جدية في التعامل مع إسرائيل، وعلى الأقل التهديد بإجراءات تتعلق بتعليق اتفاقيات السلام، ووقف التعاون الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل. أما الثاني مأمول، كانت تريده إسرائيل، ويتمثل في نيل “موافقة مستنيرة” من هذه الدول للقضاء على حماس، ومساعدتها في ذلك، وإدانتهم القاطعة لما قامت به علنًا، إلا أن الأمور لم تسِر تمامًا وفق هذا السيناريو أو ذلك.

إذ جاءت مواقف الدولتين لتعكس مسارًا مختلفًا بين السيناريوهين السابقين، فهي خطابيًا لم تدِن صراحة حركة المقاومة، كما أنها لم تُقدم لها شيئًا يُذكر أكثر من بعض التصريحات الدبلوماسية وطاولة مفاوضات، كما في الحالة المصرية. ومن المُرجح أن تستمر هذه المواقف مع استمرار العدوان على غزة، دون موقف مغاير، وذلك على الرغم من حجم الغضب الشعبي في عمّان، ودعوات المصلين المتواصلة في الضواحي المصرية، واحتمالات توسع العمليات في رفح جنوب القطاع.

ج- العلاقة مع الدول المُساندة: قطر وتركيا

تعمقت علاقة حماس وقطر منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتكللت باستضافة الدوحة المكتب السياسي لحماس منذ 2012. وخلال الحرب على غزة، أدانت بيانات الخارجية القطرية العدوان على غزة، محملةً إسرائيل مسؤولية استمرار الصراع، وأن ما قامت به المقاومة في السابع من أكتوبر كان مجرد رد فعل للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة. ثمَّ لعبت قطر دورًا محوريًا في إقرار الهدنة الأولى، التي شكرها عليها مسؤولو الولايات المتحدة، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.

أما تركيا فكانت تصريحات رئيسها وخارجيتها من أحدِّ ما يكون تجاه إسرائيل، ونتنياهو، والدول الغربية المنحازة لإسرائيل. كما تمحورت زياراتها الخارجية ومباحثاتها مع الدول الأخرى، خلال الفترة التي تلت السابع من أكتوبر 2023، على الأوضاع في غزة، وسبل وقف إطلاق النار، وضمان مرور المساعدات إلى القطاع، وحل مستدام للقضية الفلسطينية. كما لم يصدر منها أي إدانة لحركة المقاومة، بل على العكس أكد الرئيس التركي على استحالة سيناريو القضاء عل حماس، وأن بلاده لا يمكنها تصنيفها كمنظمة إرهابية (2 ديسمبر 2023)[37].

ويأتي الحديث عن السيناريوهات المطروحة للعلاقات بين حماس والبلدين أولًا، في سياق الدعوات الأمريكية المتكررة بالضغط على قطر وتركيا من أجل وقف دعمهما لحماس[38]، وطرد قادتها، وتلميحات وزير الخارجية الأمريكية في لقاء له برئيس الوزراء وزير الخارجية القطري بأنه: “لا يمكن أن يكون هناك عمل كالمعتاد مع حماس” (14 أكتوبر 2023)[39]. وثانيًا: في ظل زيادة العقوبات الأمريكية على عددٍ كبير من قادة حماس، في محاولة لتقييد حركة قادتها وأصولها المالية[40].

ومن هنا، يشير السيناريو الأول: إلى طرد قطر وتركيا قادة حماس، وغلق مكتب الحركة في الدوحة، مع تعديل الدولتين لنهجمها في التعاطي مع ما قامت به الحركة في السابع من أكتوبر، باعتباره يمثل السيناريو الأكثر تطرفًا في الاستجابة إلى الدعوات الأمريكية، خاصةً في مرحلة ما بعد انتهاء العدوان.

أما السيناريو الثاني، فيتمثل في استمرار الدوحة وأنقرة في استضافة قادة حماس، والسماح لهم بالتنقل والسفر منها وإليها حتى بعد انتهاء الحرب، مع زيادة دورهما الدبلوماسي في الوصول إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار. ويبدو أن هذا السيناريو هو المُرجح، في ظل تأكيدات الخارجية القطرية والتركية على موقفها من الحركة وإسرائيل. إذ تكتسب قطر مكانة دبلوماسية مهمة (كطرف وسيط) من الحفاظ على علاقات مع حركات مثل حماس وطالبان، كما يحافظ نظام أردوغان على دعم الجمهور التركي الإسلامي بمثل هذه المواقف من حماس وغيرها من الحركات الإسلامية.

د- العلاقة مع دول الخليج العربي (الإمارات والسعودية)

منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى، والربط مستمر بين إقدام حماس على هذه العملية، وعرقلة مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل من جانب، والحد من وتيرة التطبيع الخليجي – الإسرائيلي من جانب آخر[41]، وهو ما أكدته تصريحات مدير المخابرات السعودي السابق تركي الفيصل “بأن السعودية كانت على وشك إيجاد حل دبلوماسي للقضية الفلسطينية، ولكن حماس أجهضته”[42].

كما أن موقف الإمارات الرافض لحركة المقاومة والتيارات الإسلامية، خاصةً المحسوبة على الإخوان المسلمين، معروف لدى الجميع؛ إذ كان وجود الجماعات الإسلامية مثل حماس في قطر أحد الأسباب التي ذكرتها السعودية، والإمارات، ومصر والبحرين لحصار قطر من عام 2017 إلى عام 2021[43]، وهو ما يعني اشتراك السعودية والإمارات في هدف الانزعاج من وجود حماس، والسعي للتطبيع مع إسرائيل، وإن كان بدرجات ومستويات متفاوتة.

وعليه، كان متوقعًا من طرفي الصراع الأساسيين، أن تندرج مواقف السعودية والإمارات، بين سيناريوهين: الأول مأمول من قِبل إسرائيل، يقضي بإدانة هذه الدول العلنية لحماس، وتشجيع تل أبيب على القضاء عليها، وهو ما تحقق جزئيًا في حالة الإمارات التي كانت صاحبة أضعف لغة دبلوماسية في إدانة إسرائيل، ومحاولاتها المُتكررة في المساواة بين “قتلى الجانبين”، ولكنه اصطدم بخط دبلوماسي صريح من السعودية برفض إدانة حماس، والدعوة المستمرة إلى وقف العدوان.

والثاني مُستبعد، كان يرجوه بعض المتابعين، مفاده أن هذا العدوان من شأنه إحراج قادة هذه الدول بشأن المضي قُدمًا في مسارات التطبيع مع إسرائيل. ورغم إفادة العديد من المصادر بأن مفاوضات التطبيع مع السعودية قد توقفت، وأنها مُعلقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وأن الإمارات ستربط دعمها لعمليات إعادة الإعمار بتطبيق حل الدولتين[44]، فإنه من غير المتوقع أن يستمر هذا الوضع.

فالسيناريو المُرجح -إذن- أن انخفاض وتيرة العمليات في غزة، وأعمال العنف في الضفة، أو إقرار هُدنة طويلة الأمد، دون وجود أفق واضح للحل السياسي في فلسطين، سيجعل العودة مُجددًا لمفاوضات التطبيع بين الرياض وتل أبيب وفقًا لسقف “تسهيل حياة الفلسطينيين” الذي وضعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ناهيك عن استمرار أبو ظبي في مسار التطبيع الاقتصادي والأمني مع دولة الاحتلال، وذلك بالنظر إلى أن التقليل من التصريحات العلنية بشأن التطبيع مع إسرائيل في الحالة الإماراتية كان مرده رأيًا عامًا داخليًا غاضبًا من التعامل المرن والسهل مع رجال الأعمال والشركات الإسرائيلية، في ظل أجواء عدوان مستمرة على غزة والضفة[45].

المحور الخامس: العلاقات الدولية لحماس

من الصعب فصل طوفان الأقصى عن مشهد عالمي يشتد فيه التنافس الأمريكي الصيني، وتغزو فيه روسيا أوكرانيا، ويبرز فيه دور البريكس ويتوسع في ظل تزايد الحديث عن نظام عالمي جديد، والاتجاه نحو قطبية تعددية، وتحدٍ مستمر للقيم الغربية المُسيطرة، فكل ذلك يُعد في مجمله مكسبًا استراتيجيًا لحركة المقاومة[46]. وهو ما جعل الحديث عن العلاقات الدولية لحماس ومستقبلها أمرًا مهمًا في ظل هكذا سياق.

أ- العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا (الغرب)

رغم أن طوفان الأقصى جاءت في ظل أسوأ وضع دبلوماسي للعلاقات بين البيت الأبيض ورئاسة الوزراء الإسرائيلية، وعدم ترحيب من بايدن بصعود اليمين المتطرف في إسرائيل بقيادة نتنياهو، فإن مسار العدوان أثبت أن العلاقات الفعلية التاريخية بين إسرائيل والغرب تتجاوز أي خلافات سطحية، وهو ما تُرجم في اعتماد حزم مساعدات مالية وعسكرية، وتوفير كافة إمدادات إسرائيل من العتاد اللازم لإتمام العدوان على أكمل وجه.

ويمكن القول إن السيناريو المأمول من قِبل إسرائيل، هو أن عملية طوفان الأقصى من شأنها أن تدفع القادة والرأي العام الغربي لمساندة لإسرائيل، ومن ثمَّ تعزيز الدعم العسكري، والسياسي، والدبلوماسي لإسرائيل، وهو ما حدث جزئيًا. أما السيناريو المُستبعد الذي ربما كان يأمله المتابعون، أن يكون في دعم الولايات المتحدة والغرب لإسرائيل عقلانية تتزايد مع مرور الوقت، وأن يؤثر الخلاف بين قادة الولايات المتحدة وإسرائيل على دعم واشنطن لتل أبيب، وتجديد طرح الغرب لحل مستدام للقضية الفلسطينية، بل ذهب البعض إلى إمكانية اعتراف الولايات المتحدة وأوروبا بشرعية وجود حماس كطرف في هذا الحل[47]. ولم يتحقق إلا جزء يسير من هذا المسار يتعلق بدبلوماسية بعض الدول الغربية تجاه إسرائيل.

وعليه، فإن السيناريو المُرجح هو استمرار الانقسام الرسمي بين قادة الغرب بشأن إسرائيل وحماس، مع تكرار الدعوات إلى هُدن إنسانية، وتطبيق حل الدولتين، ولكن دون الإقدام على الاعتراف -ولو ضمنيًا- بشرعية وجود حماس، وذلك مع تصاعد رأي عام شعبي مُطالب باتخاذ مواقف أكثر جدية من العدوان الإسرائيلي على غزة، تتصل بوقف تصدير السلاح، وسحب السفراء، وحتى تطبيق عقوبات اقتصادية على تل أبيب.

ب- العلاقات مع روسيا والصين

أولت موسكو اهتمامًا دبلوماسيًا بالحرب الدائرة في غزة، واعتبرتها فرصة لانتقاد الغرب وتحميله مسؤولية استمرار الصراعات وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وبيان ازدواجية المعايير الغربية بشأن الموقف من الحروب الروسية – الأوكرانية، وفرصة لحشد الدول الإسلامية خلف سياسة بوتين الرامية لبناء عالم متعدد الأقطاب[48].

كما صدرت تصريحات مبكرة من قادة في الحركة تؤكد تواصلهم مع روسيا لشرح الموقف في عملية طوفان الأقصى بعدها بساعات قليلة (8 أكتوبر 2023)[49]، واستضافت موسكو في وقتٍ مبكر من الحرب وفدًا من حماس (27 أكتوبر 2023). وربما كان آخر جهود موسكو دعوتها الفصائل الفلسطينية المختلفة للحوار فيما بينها برعاية روسية في 29 فبراير 2024؛ إذ حضر هذا اللقاء وفود من 10 حركات فلسطينية اتفقوا على ضرورة عدم الفصل بين غزة وأي أرض فلسطينية أخرى، ومواصلة الحوار فيما بينهم في إطار أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين[50].

أما الصين فقد سعت، حتى قبل طوفان الأقصى، إلى تجديد طرح نفسها كوسيط في الصراع العربي – الإسرائيلي، إذ طرح الرئيس الصيني مبادرة تضمنت ثلاث نقاط: إقامة دولة فلسطينية مُستقلة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان احتياجات فلسطين اقتصاديًا ومعيشيًا، والالتزام بالاتجاه الصحيح المتمثل في مفاوضات السلام[51]، وذلك خلال لقاء جمع “شي جين بينج” و”محمود عباس” في الفترة من 13 إلى 16 يونيو 2023 في العاصمة بكين. كما شددت الصين في بياناتها المتكررة التي أعقبت طوفان الأقصى على هذه النقاط، مع ضرورة وقف الحرب، والسماح بالمرور المستدام للمساعدات، فضلًا عن أنها لم تُدِن حماس، بل أشارت غير مرة إلى عرقلة الولايات المتحدة وبريطانيا جهود مجلس الأمن لوقف الحرب.

ورغم أهمية هذه المواقف، فإنها وقفت عند حد الجهود الخطابية والدبلوماسية، دون استخدام وسائل الضغط الحقيقية الأكثر جدية بشأن التعاون التقني والتجاري مع تل أبيب والدول الغربية المُساندة لإسرائيل في حربها، كما أنه من المُرجح استمرارها عند هذا الحد، وربما مع تكثيف الجهود الروسية في استضافة مفاوضات فصائل المقاومة.

ج- علاقة الحركة بالجنوب العالمي بين الرسمي والشعبي:

زادت عملية طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان إسرائيلي من الفعالية الدبلوماسية والسياسية للجنوب العالمي، إلى جانب الرأي العام العالمي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتعاطف مع العمل الفلسطيني المُسلح. وليس أدل على ذلك من التظاهرات الحاشدة، التي خرجت في عواصم الدول كافة تقريبًا ومدنها الرئيسية، المنددة بالعدوان على غزة، وقتل الأطفال والنساء، وانتقاد الساسة الغربيين الموالين لإسرائيل. ثمَّ تكللت هذه الجهود بالقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية وتدخلت في إجراءاتها 63 دولة، دفعت 40 منهم، معظمهم من دول الجنوب العالمي، وبينهم 13 دولة أفريقية، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي بانتهاك إسرائيل للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة. بينما دافع 3 دول فقط عن شرعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هم: إسرائيل، والولايات المتحدة، والمجر[52].

إن عملية طوفان الأقصى التي قادتها حماس استنهضت دور “الجنوب العالمي”، وأدمجته في سياق الصراع الموجه ناحية إسرائيل، وهي محاولة مهمة جدًا، إذ كان عدد كبير من هذه الدول لا يكترث بالقضية الفلسطينية في زحام أجنداتها السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، التي كانت ترحب بالاستثمارات الإسرائيلية. ومن ثمَّ، أضرت هذه العملية في أيام بسمعة “إسرائيل” التي أخذت سنوات لبنائها، وترويج روايتها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، فأضحت أكثر عزلة من أي وقت سبق عن هذه الدول[53].

ومع ذلك، فإن السيناريو المُرجح يشير إلى أن انخفاض الزخم الحالي للقضية الفلسطينية، من شأنه أن يعيد هذه الدول إلى سياساتها السابقة قبل طوفان الأقصى، ولكن بوتيرة أبطأ، وربما تفتح بعض دول الجنوب العالمي قنوات اتصال -رسمية أو غير رسمية- مع حركة المقاومة، كما ستحتاج إسرائيل إلى شهور وربما سنوات لإعادة ترميم صورتها حتى لدى السلطات الرسمية في دول الجنوب، التي وضعت بعض نخبها القضية الفلسطينية في خضم خطابها السياسي الداخلي، كما سيكون الأمر أكثر صعوبة في دفع الرأي العام في دول الجنوب إلى تغيير موقفه بشأن إسرائيل.

خاتمة:

أعادت عملية طوفان الأقصى وضع القضية الفلسطينية على قمة أجندة الأولويات العالمية بعد سنوات من النسيان والإهمال، والأهم أنها نجحت في شحنها بزخم شعبي وعالمي غير مسبوق في تاريخ القضية الفلسطينية شمل كافة دول العالم تقريبًا، وكانت حركة حماس جزءًا رئيسًا من هذا الجهد الفلسطيني بشأن وضع القضية على الخريطة العالمية من جديد.

وبعد الاستعراض السابق للقضايا والسيناريوهات المُحتملة المطروحة بشأن مكانة حماس في القضية الفلسطينية، والسياقات الداخلية والفلسطينية والإقليمية والدولية للحركة وعلاقتها يمكن رسم سيناريو كُلي، قوامه ما يلي:

  1. استمرار دور حماس كفاعل محوري في القضية الفلسطينية، سواء داخل فلسطين، أو خارجها، إذ رفعت عملية طوفان الأقصى من التأييد الشعبي للحركة في قطاع غزة والضفة الغربية، فضلًا عن أن استطلاعات الرأي أكدت إقرار الجماهير الفلسطينية بصوابية الحركة بشأن بدء عملية طوفان الأقصى ضد إسرائيل، كما فُرِضت الحركة نفسها في معادلات القوة الفلسطينية، إذ أضحت طرفًا رئيسًا في المفاوضات الدائرة بشأن وقف الحرب، وتبادل الأسرى، ومفاوضات اليوم التالي. كما أثبتت للعالم مشروعية خيار الصراع المسلح في مواجهة الاحتلال.
  2. استمرار الخلاف بين فتح وحماس، إذ أكدت عملية طوفان الأقصى وما تبعها من تعليقات من قِبل قادة فتح والسلطة الفلسطينية، وقادة حركة حماس بشأن العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية، اتساع الهوة بين الحركتين، إذ صدرت تعليقات مبكرة أن الحركتين ليس بينهما تواصل مباشر، كما عاد الخلاف بينهما للواجهة بشأن الحكومة الفلسطينية بعد تسمية الرئيس عباس لمحمد مصطفى دون التشاور اللازم مع الحركة، وذلك على الرغم من لقائهما في موسكو آخر فبراير الماضي، وتأكيد الحركة عدم رغبتها في الانفراد بحكم قطاع غزة.
  3. استمرار المواقف العربية الرسمية الضعيفة بشأن القضية الفلسطينية، مع قبولها على مضض بدور حماس؛ إذ إن المدى الذي جاء به طوفان الأقصى، وقدرة حماس على الصمود، جعلت هذه الأنظمة تعيد النظر –ولو مؤقتًا- في موقفها الرافض لوجود حماس، كما زاد الرأي العام الشعبي داخلها من إحراج الأنظمة السياسية المُطبعة مع إسرائيل أو الساعية إلى ذلك، وهو ما أدى إلى وقفٍ مرحلي لمساعي التطبيع، وخطاب مُهادن للمقاومة، ورافض للعدوان الإسرائيلي.
  4. استمرار الدول الداعمة لحماس في مواقفها، إذ يشير مجمل المواقف أن سيناريو استمرار العلاقات بين حماس وقطر وتركيا وإيران دون تغيرات تُذكر عن مستوى الدعم الراهن، رغم الضغوط الأمريكية على هذه الأطراف بتقليص دعمها الدبلوماسي والسياسي للحركة، فضلًا عن العقوبات التي تفرضها على قادة الحركة، والشركات والجهات المتعاملة معها في هذه الدول.
  5. استمرار أهمية دور محور المقاومة وعملياته، إذ أثبت الطوفان أهمية دور الفاعلين من دون الدول في القضية الفلسطينية، وعلى رأسهم حماس، والجماعات الفاعلة في محور المقاومة الأخرى في لبنان، واليمن، وسوريا، والعراق، إذ لعبت هذه المحاور دورًا مهمًا في إشغال إسرائيل والقوى الداعمة لها، في ظل هجماتها المستمرة سواء على الحدود بين إسرائيل ولبنان، أو على الأهداف الأمريكية في العراق وسوريا، أو استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.
  6. زيادة الانقسام الغربي بين الرسمي وغير الرسمي بشأن حماس والقضية الفلسطينية، إذ أظهر الرأي العام الغربي دعما واسعا للقضية الفلسطينية، كما دعا إلى وقف الحرب في غزة، كما سلط الضوء على العدوان الإسرائيلي دون الإشارة إلى إدانة حماس، وهو ما أتبعه انقسام أوروبي وأمريكي رسمي بشأن التعامل مع إسرائيل، ودعوة الكثير منهم إلى وقف الحرب، منها دول رئيسية كفرنسا، رغم اتفاقها على إدانة حماس بشأن السابع من أكتوبر.
  7. تصاعد الدور الروسي والصيني في القضية الفلسطينية، إذ استغلت روسيا والصين العدوان الإسرائيلي لانتقاد الغرب، ولومه على استمرار الصراع في الشرق الأوسط، وعدم تحقيق حل الدولتين، كما أظهرت الدولتان تضمانًا واضحًا في مجلس الأمن مع القرارات التي تطالب بوقف إطلاق النار، كما رفضت إدانة جماعة الحوثيين، والقرارات الأمريكية التي تدعم إسرائيل في استمرار عملياتها. فضلًا عن ذلك استضافت روسيا الفصائل في موسكو للحوار، وقبلها أعلن قادة حماس عن تواصلهم في وقت مبكر من طوفان الأقصى مع روسيا، كما زار وفد من الحركة موسكو في منتصف أكتوبر.

______________

هوامش

[1] منير شفيق، تيار جديد لاستراتيجيّة التسوية، الجزيرة. نت، 10 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 2 مارس 2024، الساعة 22:15، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rkcwy

[2] يُذكر أن الباحثة لورد حبش، مديرة معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية في جامعة بيرزيت الفلسطينية، أشارت إلى أهمية طرح أربعة مستويات بشأن الإجابة على سؤال مستقبل حماس، تدور حول عدة أسئلة فرعية، هي: منْ سيقود الحركة؟ منْ الذي سيحكم فلسطين، وكيف؟ وما طبيعة تفاعلات حماس مع محور المقاومة؟ وما أبعاد التدخلات الدولية في المنطقة وأدوار القوى الكبرى في القضية الفلسطينية؟

راجع: ندوة عامة بعنوان حركة حماس بعد العدوان على غزة، قناة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على اليوتيوب، 12 فبراير 2024، تاريخ المشاهدة: 28 فبراير 2024، الساعة 8:40، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rllvk

[3] ملف طوفان الأقصى، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlzuc.

[4]إيهود يعاري، ماثيو ليفيت، تصاعد التوترات الداخلية بين قادة “حماس”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 21 ديسمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 21 مارس 2024، الساعة 11:20، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwwyg

[5] انظر على سبيل المثال:

– حماس و”اليوم التالي”.. هل تتصدع القيادة بعد مغامرة السنوار؟، سكاي نيوز عربية، 9 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 10 فبراير 2024، الساعة 9:30، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rllvx

– خليل الحلو، الفصائل الفلسطينية بعد الحرب: تحديات واقعية ومستقبل مجهول، جسور، 2 يناير 2024، تاريخ الاطلاع: 10 فبراير 2024، الساعة 10:00، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rllwe

– Rayan Bohl, The Future of Hamas without Gaza, Stratfor, 27 December 2023, Accessed at: 11 February 2024, 10:15, Available at: https://archive.is/TSfHj

[6] Rayan Bohl, The Future of Hamas Without Gaza, Op. cit.

[7] معتز الخطيب، حماس والعلاقة مع نظام الأسد: جدل السياسي والديني (1)، الجزيرة.نت، 29 يوليو 2022، تاريخ الاطلاع: 22 مارس 2024، الساعة12:30، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwwym

[8] ضياء الكحلوت، حماس والأزمة السورية.. موقف أم مواقف، الجزيرة.نت، 6 يونيو 2013، تاريخ الاطلاع: 22 مارس 2024، الساعة12:30، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwwym

[9] شيماء منير، وثيقة حماس… تغيير تكتيكي أم تحول استراتيجي؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 12 يونيو 2017، تاريخ الاطلاع: 22 مارس 2024، الساعة 12:50، متاح عبر الرابط التالي: https://acpss.ahram.org.eg/News/16318.aspx

[10] فقدت الحركة بعض قادة سواء داخل غزة والضفة، أو حتى في الخارج؛ إذ أعلنت الحركة عن مقتل عددٍ من مجاهديها دون أن تُحدد عددًا معينًا. وفي المقابل تزعم مصادر إسرائيلية مقتل ما يقرب من 7000 مقاتل تابع لحماس، من إجمالي عدد قوات تُقدره بين 25 ألفًا إلى 40 ألفًا. كما اغتالت إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي للحركة “صالح العاروري” وبعضٍ من مرافقيه، في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير 2024.

Jim Zanotti, Hamas: Background, Current Status, and U.S. Policy, Congressional Research Service (CRS), 14 December 2023, Available at: https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF12549

[11] كلمة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، قناة الجزيرة على اليوتيوب، 28 فبراير 2024، تاريخ المشاهدة: 3 مارس 2024، الساعة 11:15، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmad

[12] Christopher M. Blanchard, Qatar: Issues for the 118th Congress, Congressional Research Service (CRS), 15 February 2024, p.8, Available at: https://sgp.fas.org/crs/mideast/R47467.pdf

[13] Maria Abi-Habib, Sheera Frenkel, Where Is Hamas Getting Its Weapons? Increasingly, From Israel, 29 January 2024, Accessed at: 23 March 2024, 22:20, Available at: https://archive.is/d3vQR

[14] نتائج استطلاع الرأي العام رقم (90)، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، 13 ديسمبر 2023، ص 2-3، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwwzi

[15] نتائج استطلاع الرأي العام رقم (91)، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، 20 مارس 2024، ص 3، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwwzo.

[16] للمزيد انظر:

– ندوة عامة بعنوان حركة حماس بعد العدوان على غزة، مرجع سابق.

– Khalil Shikaki, The Rise – and Future – of Hamas, Dartmouth Channel on YouTube, 8 February 2024, Accessed at: 2 March 2024, 13:15, Available at: http://surl.li/rlmce.

[17] هذه روايتنا.. لماذا طوفان الأقصى؟، المكتب الإعلامي لحركة المقاومة الإسلامية – حماس، 21 يناير 2024، ص 13، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwxac.

[18] Nada Homsi, Khaled Yacoub Oweis, Gaza’s war is shaping the Hamas of tomorrow: Less politics, more tactics, The National News, 27 January 2024, Accessed at: 14 February 2024, 11:34, Available at: http://surl.li/rlmcz

[19] أسامة حمدان للجزيرة نت: إسرائيل تعرقل التفاوض وما زلنا في الإطار العام للصفقة، الجزيرة. نت، 1 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 7 مارس 2024، الساعة 12:40، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmdb

[20] نتائج استطلاع الرأي العام رقم (90)، مرجع سابق، ص11.

[21] ساري عرابي، موقف حماس: الحرب وآثارها في الحركة ومستقبلها، ورقة سياسات، العدد 41، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 12 فبراير 2024، ص 7.

[22] قيادي في حماس لـAWP: لا نريد الانفراد بحكم غزة ونرحب بجميع القوى الفلسطينية في حكومة التوافق الوطني، وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، 10 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 23 مارس 2024، الساعة 12:30، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwxad

[23] “حماس” تعلن التوافق مع الفصائل على تشكيل حكومة فلسطينية، الشرق، 24 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 3 مارس 2024، الساعة 1:20، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/qweex

[24] بشأن هذا الجدل، انظر:

– حول القيادة الموحّدة والوحدة الوطنيّة الشاملة، فلسطينيو الخارج، 18 يناير 2024، تاريخ الاطلاع: 2 فبراير 2024، الساعة 15:30، متاح عبر الرابط التالي: https://palabroad.org/ar/post/r20K

– أحمد العطاونة، المقاومة بين السلبيات والإيجابيات.. في الردّ على منير شفيق، الجزيرة. نت، 3 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 15 فبراير 2024، الساعة 12:40، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmef

[25] حسين عبد الغني، رغم استشهاده.. صالح العاروري هو مستقبل حماس وليس ماضيها!، موقع عُمان اليوم، 6 يناير 2024، تاريخ الاطلاع: تاريخ الاطلاع: 18 يناير 2024، الساعة 1:20، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmew

[26] حكومة مصطفى تفجّر أوسع خلاف بين «فتح» و«حماس»، الشرق الأوسط، 16 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 23 مارس 2024، الساعة 12:45، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwxah

[27] مصر.. بدء جولة مفاوضات التهدئة بقطاع غزة لليوم الثاني، القاهرة الإخبارية، 4 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 10 مارس 2024، الساعة 23:40، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmgk

[28] قيادي في حماس: أجواء التفاؤل بشأن المفاوضات “غير حقيقية”، سكاي نيوز عربية، 25 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 25 فبراير 2024، الساعة 11:20، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/qwyck

[29] نتائج استطلاع الرأي العام رقم (90)، مرجع سابق، ص 14.

[30] حزب الله يعلن مقتل أحد عناصره ومهاجمته مقرا لجيش الاحتلال بالجولان، الجزيرة. نت، 11 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 12 مارس 2024، الساعة 23:40، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmig

[31] كما صرح مسؤول في كتائب القسام، أن جماعة أنصار الله “أرسلت إلى القسام رسالة لطلب رأيها بشأن وساطات لإطلاق سراح طاقم سفينة محتجزة لديهم، وأن الجماعة أكدت أن أي قرار يخص السفينة وطاقهما هو “لدى القسام حصرًا”.

– قيادي في القسام: أنصار الله وضعت بأيدينا ملف السفينة المحتجزة، الجزيرة. نت، 7 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 9 مارس 2024، الساعة 23:40، متاح على الرابط: http://surl.li/rlmix

[32] بمعدل نحو استهداف كل يوم.. المجموعات التابعة لإيران تستهدف القواعد الأميركية في سورية 54 مرة منذ مطلع العام الجديد نحو 40 منها على حقلي العمر وكونيكو، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 26 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 5 مارس 2024، الساعة 11:20، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmjd

[33] نادية مصطفى، قوى الشرق والطوفان بين المساندة والخذلان، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 25 ديسمبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmjz

[34] منير شفيق، المقاومة بين السلبيات والإيجابيات، الجزيرة. نت، 28 يناير 2024، تاريخ الاطلاع: 14 فبراير 2024، الساعة 22:40، متاح على الرابط التالي: http://surl.li/rlmli

[35] لبنان يسلَّم ردا رسميا على مقترح فرنسي للتهدئة مع إسرائيل، الشرق الأوسط، 15 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 23 مارس 2024، الساعة 12:45، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rwxal

[36] الأردن يعلن أكبر عملية إنزال جوي للمساعدات إلى غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، الجزيرة. نت، 5 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 7 مارس 2024، الساعة 11:40، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmlv

[37] إردوغان: نهج إسرائيل يضيّع فرص السلام… ويجب التركيز على حل الدولتين، الشرق الأوسط، 2 ديسمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 8 فبراير 2024، الساعة 9:30، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmmg.

[38] Christopher M. Blanchard, Qatar: Issues for the 118th Congress, Op. cit., p. 2.

[39] Giorgio Cafiero, The Future of Hamas in Qatar, 2 November 2023, Accessed at: 5 January 2024, 9:45, Available at: https://2u.pw/DdPr1wt4

[40] U.S. And UK Target Additional Hamas Finance Officials and Representatives, 13 December 2023, Accessed at: 5 January 2024, 9:45, Available at: https://2u.pw/2DC90N9

[41] George Friedman, Understanding the Israel-Hamas War, Geopolitical Futures, 5 March 2024, Available at: https://2u.pw/2UcMt6Ix

[42] Ahmed Khalfa, Evolution of Saudi-Israel Relations: Unveiling the Shift from Quiet Diplomacy to Full Normalization, Modern Diplomacy, 17 February 2024, Accessed at: 18 February 2024, 12:30, Available at: http://surl.li/qqjae

[43] Giorgio Cafiero, the Future of Hamas in Qatar, Op. cit.

[44] Marwan Muasher, et al., Governing Gaza after the War: The Regional Perspectives, Carnegie, 16 February 2024, Accessed at: 28 February 2024, 12:30, Available at: http://surl.li/rlmpb

[45] Patrick Theros, The Gaza War: Reshuffling Middle East Partnerships, Gulf International Forum, 17 November 2023, Accessed at: 2 February 2024, 11:10, Available at: http://surl.li/rmuut

[46] وليد عبد الحي، سيناريوهات ما بعد طوفان الأقصى، ورقة علمية، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، يناير 2024، ص 10، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rxeos

[47] منير شفيق، تيار جديد لاستراتيجيّة التسوية، مرجع سابق.

[48] Bat Chen Druyan Feldman and Arkady Mil-Man, Russia’s “New World Order” and the Israel-Hamas War, Institute for National Security, Paper No. 1801, 18 December 2023, p. 1, Available at: https://www.jstor.org/stable/resrep55420.

[49] أشار تقرير نقلًا عن القيادي في حماس علي بركة أن روسيا منحت حماس ترخيصًا لتصنيع نسختها المعدلة من بندقية AK-47 (كلاشينكوف) الهجومية والذخيرة. فضلًا عن ترجيح التقرير لاعتماد حماس على سوق العملات المشفرة الروسية، حيث ترسل عشرات الملايين من الدولارات إلى محافظ رقمية تسيطر عليها حماس والجهاد الإسلامي؛ لتجاوز العقوبات الأمريكية، انظر:

Ibid, p. 3-4.

[50] Intra-Palestinian meeting in Moscow condemns attempts to expel Gazans — Russian MFA, TASS, 1 March 2024, Accessed at: 5 March 2024, 9:30, Available at: https://tass.com/politics/1754543

– Russian diplomat, Hamas delegation discuss Israeli-Palestinian conflict, 1 March 2024, TASS, Accessed: 5 March 2024, 9:45, Available at: https://tass.com/politics/1754551

[51] وساطة صينية: هل تنجح بكين في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المُتقدمة، 2 يوليو 2023، تاريخ الاطلاع: 20 يناير 2024، الساعة 8:30، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rlmvo

[52] Ottilia Anna Maunganidze, African countries join a united front against Israeli occupation, Institute for Security Studies (ISS), 27 February 2024, Available at: http://surl.li/rlmwi

[53] David Ucko, Theories of Victory: Israel, Hamas, and the Meaning of Success in Irregular Warfare, Irregular Warfare Initiative, 30 December 2024, Accessed at: 24 January 2024, Available at: http://surl.li/rlmxf

  • نُشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات- العدد الثالث والثلاثون- أبريل 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى