في تجديد العلوم الاجتماعية
بناء منظور معرفي وحضاري الفكرة والخبرة
في خضم مواجهة الأمة لتحدياتها الحضارية الكبرى والمتنوعة، وعبر نحو القرنين من الزمان، تتوالى التشخيصات والتوصيفات لطبيعة هذه التحديات وأشكالها ومجالاتها ومصادرها ومداخلها، ومستوياتها وأولوياتها، ومساراتها ومآلاتها. ولقد كان من أهمها قضية العلوم الاجتماعية والإنسانية التي تراجعت في أمتنا بينما نمت وترعرعت في الخبرة الغربية ضمن نسق معرفي وفكري وحضاري يقوم على العلمانية الوضعية المادية بفلسفاتها وتنظيراتها المختلفة.
اجتهدت مجموعات من الباحثين والعلماء من ذوي الهمة والبصيرة، لشق طريق جديد في أزمة الثنائيات التي عصفت بالأمة وحضارتها، وعقلها وواقعها؛ طريق جديد لتصور هذه الإشكاليات تصورًا واقعيًا شاملًا متكاملًا من ناحية، وبحثًا ودراسة– من ناحية أخرى- عن طرائق معالجتها ومسارات الخروج منها. من وسط هذه الإشكالات والأزمات ومحاولات مواجهتها انبثق “منظور” يرى أن حقيقة الأزمة إنما تقع في “فكر الأمة” وعقلها.
لقد شكّل هذا الجهد وتراكماته بحقٍّ منظورًا مستجدًّا قدم رؤًى في غاية الأهمية، وفق تخصصات مختلفة، في محاولة لتجسير الفجوة بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية والاجتماعية. وفي قلب هذا المنظور التحقت مجموعة فرعية من أساتذة العلوم السياسية، وتواصلت مع التخصصات المختلفة.
فقد راكمت مجموعة العلوم السياسية بخاصة في اتجاه صياغة (منظور حضاري) لعلم السياسة بأفرعه الرئيسية متصلًا بشجرة العلوم الاجتماعية الأخرى.