السيبرانية.. واقع وتحولات

أصدر مركز الحضارة للدراسات والبحوث بحمد الله

كتاب

السيبرانية.. واقع وتحولات

تأليف: مجموعة من المؤلفين

تحرير: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2022

عدد الصفحات: 540

لشراء الكتاب من منصة كتبنا.. اضغط هنا

مقدمة الكتاب

يتطور العالم اليوم من حولنا تطورات عديدة؛ منها ما هو طيب ومنها ما هو سيء، وكثير منها مختلط مشتبه، لكنها في الأحوال كلها تؤثر في واقعنا، وترسم له حدودًا، وتفتح آفاقًا لمستقبلنا. من أهم هذه التطورات ما يتعلق بثورة التقنيات الإلكترونية التي تخطَّت مجال الاتصالات وصارت تدخل عنصرًا أساسيًّا في أكثر مجالات الحياة (الاقتصاد – الصناعة – التجارة – التعليم – التربية – نظم الحكم والإدارة – الإعلام – الطب – البحث العلمي – الفنون والترفيه…)؛ حتى أدخلتنا فيما أضحى يُسمَّى بالعصر أو العالم السيبرانيِّ.

كثيرون يستعملون التقنيات الإلكترونية الحديثة والأحدث، وكثيرون يسبحون فيما أوجدته من عالم افتراضي موازٍ للواقع حتى أضحت الحدود بين العالمين مساميَّة وربما غير معترف بها. لقد أضحى استخدام الإنترنت بوسائطه المتعدِّدة شائعًا في مختلف المجتمعات والبيئات الاجتماعية والثقافية، ولم يعد مقصورًا على فئة المهتمِّين بتكنولوجيا المعلومات أو العاملين بها، وإنما امتدَّ إلى الفئات المختلفة؛ سواء بوصفهم مستخدمين أو متلقِّين أو صنَّاع محتوى. ولكن قليلين هم من يتوقَّفون أمام هذا التحول الحياتي الكبير ودلالاته وتداعياته على العقل الإنساني وعلى الأحوال الروحية والنفسية للأفراد والمجتمعات، وكذا على العلاقات الإنسانية بأوجهها الأسرية والمجتمعية والسياسية والاقتصادية والثقافية؛ المحلية، والعابرة لما تبقَّى من حدود سياسية بين الأقطار أو حدود حضارية ولغوية وثقافية بين الأمم.

قليلون من يتوقَّفون أمام أسئلة هذا العالم الجديد المجتاح زماننا وحياتنا بسرعة فائقة: ما هو؟ من أين جاء؟ كيف يمضي؟ ماذا يُراد به وله؟ ما المقاصد من ورائه وما صلته بمقاصد الإنسان والبشرية كلها؟ ما أبرز مفاهيمه المعبِّرة عن أركانه ومقوماته؟ ما خصائصه ومميزاته وعيوبه؟ ما القيم الحاكمة له؟ ما السُّنن أو قوانين الحركة المحددة لمساره وتطوراته؟ ما أولوياته؟ ما أبرز عواقبه ومآلاته؟ ما معايير التعامل الإنساني الفردي والاجتماعي فيه؟ وكيف تتفاعل القوى المختلفة من المؤسسات والشركات والدول مع هذا العالم ومعطياته وتحدياته؟ كيف نجني خيراته ونتجنب مضراته؟

السيبرانية -أو الطفرة التقنية الإلكترونية- يُقصد بها كل ما يتعلق بتطورات مجال الحاسب الآلي وتفريعاته وبرامجه وتطبيقاته؛ لا سيما شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) وتطبيقاتها المتنوعة. هي مساحة تقنية ذات وظائف متعدِّدة: اتصالية، ومعلوماتية، وإعلامية، وعلمية، واقتصادية، ومالية، واجتماعية، وسياسية، وأمنية، وعسكرية… وغيرها، عبر هذه المساحة تتمدَّد مجالات الحياة الواقعية؛ ما يجعل من هذه السيبرانية فضاءً يتَّسع لأكثر الأنشطة الحياتية، ومجالًا قابلًا لأن يوفِّر بديلًا عن أساليب ممارسة حياتية معتادة، وعن أدوات أداء يومي معهودة؛ وإما أن تتعايش هذه الأساليب والأدوات مع السيبرانية أو تتحوَّل السيبرانية إلى بديلٍ لها.

تتحوَّل السيبرانية كلَّ يوم إلى واقع حالٍّ ومُحتل ومحوِّل للواقع الإنساني المباشر والمعهود. فقد أصبحت السيبرانية سمةً مميِّزة للعصر الحديث، بل أصبحت في بعض الأحيان تعمل بديلًا للبشر أو تحل محلهم في مجالات ومهن عدة؛ الأمر الذي يُحدِث تطورًا فارقًا في تلك المجالات نحو تحسين حياة البشر من ناحية، ومن ناحية أخرى ينذِر بخلق فجوات اقتصادية واجتماعية تزيد من مساحات اختلال العدالة على المستويات الفردية والجماعية والدولية.. فضلا عن التأثيرات الأخلاقية لتلك التطورات والتدخلات السيبرانية في حياتنا على مختلف المستويات.

هذه الهيمنة المتزايدة لتكنولوجيات الفضاء السيبراني على حركة الإنسان، الذي أصبح مرتبطًا بها ارتباطًا لصيقًا، لا يكاد ينفك عنها، ولا تكاد تنفك عنه، سواء في الهواتف المحمولة أو الحواسيب أو الأدوات والآلات والابتكارات التكولوجية المختلفة التي يستخدمها الإنسان ويكاد لا يتصوَّر حياته بدونها ولا كيف كانت حياته سابقًا خلوًا منها، دفعت البعض إلى وصف إنسان اليوم بأنه ما بعد الإنسان The Posthuman، إذ صارت هذه الآلات وما تفرضه من أنماط حياتية جزءًا لا يتجزَّأ منا، وعندما نعتمد على ذكاء آلات هذا الفضاء السيبراني ووكالتها عنَّا في قضاء العديد من المهام، فإننا نتنازل عن طيب خاطر عن بعض قدراتنا في اتخاذ القرار للآلات، وهذا أمر تترتَّب عليه تغيُّرات شتَّى في طبيعة الإنسان والمجتمع والدولة، فلم يحدث من قبل في تاريخ البشرية أن قام مثل هذ العدد الكبير من الناس برصد وتسجيل وذكر تفاصيل كثيرة عن أنفسهم أمام مثل هذا الجمهور الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتدوين، وهذا الاستعراض والتلقِّي يؤثر على شخصية الإنسان وتكوينه وسرديَّته في نهاية المطاف.

إن الموضع الفريد للدولة بصفتها الوكيل الأكبر والأهم للمعلومات -على سبيل المثال- يجري تقويضه؛ فلدى النظم التقنية البيانات والسلطة وأحيانًا حتى القوة، كما يتجلَّى ذلك في منظمات كالأمم المتحدة أو في تهديدات الجماعات السيبرانية، أو في الهجمات الإرهابية. وكذلك توفِّر أدوات الفضاء السيبراني المرونة التنظيمية التي تؤدِّي إلى تآكل النُّفوذ السياسي للدولة الحديثة، وبوسع هذه النظم الاستيلاء على بعض من سلطة الدولة، بل وتعطيلها بمرور الوقت. كذلك الحروب السييبرانية التي باتت تُخَصَّصُ لها أقسام على قدرٍ كبير من الكفاءة والجودة في العديد من جيوش العالم تغيِّر من طبيعة الحرب وأدواتها ومستهدفاتها، إن آثارها قابلة لأن تصل للجميع في أي وقت، وليس للقوات المتصارعة وبعض المدنيين الموجودين في ساحات الصراع المباشر فحسْب.

إن عدم امتلاك مكانة في هذا المجتمع السيبراني أو الحصول على مكانة هامشية فيه يؤدِّي إلى نوع من أنواع الاستبعاد الاجتماعي؛ سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو الدولة أو الهيئات والمنظمات، كما أن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا في مجالات كالتعليم والصحة -وبالرغم من أنها تُتيح العديد من الفرص والإمكانات- فإنها تثير العديد من المخاوف حول كفاءة وجودة المحتوى أو الخدمة المقدَّمة في مثل هذه المجالات.

في مجال التعليم الرقمي مثلا: هل تؤدِّي التقنيات التعليمية إلى تمكين شرائح مختلفة والوصول إليها وتيسير سُبل التعلُّم أم أنها تعمِّق من الفجوة بين مستويات التعليم بين الدول الغنية والفقيرة أو حتى داخل المجتمع الواحد بين أغنيائه وفقرائه؟ وهل يؤدِّي التعليم الرقمي إلى زيادة معدلات الكفاءة في التعلُّم وإنتاج معرفة حقيقية، أم إن الخبرة والحكمة العملية ستبقى بعيدة المنال ويتحوَّل العلم بمرور الوقت إلى مجرد مهارة في البحث عن المعلومات وتجميعها وإعادة إنتاجها دون إضافة حقيقية للعلم والمعرفة البشرية. وفي مجال الصحة الرقمية: هل يتمكَّن مستخدمو الإنترنت من اكتساب خبرات ذات بال من خلال الوصول إلى مواقع الرعاية الصحية على شبكة الإنترنت؟ قد تكون الإجابة بالإيجاب، ولكن هل هذا يزيد من تمكين المرضى بامتلاكهم معلومات عن أمراضهم وطريقة التعامل معها أم يزيد من إضعافهم لأن هذه المعلومات ليست على المستوى العلمي والفني المناسب للتعامل مع الأمراض والصحة العامة أو على مستوى معيَّنٍ منها؟

إن اختلاف وتنوع المجالات التي اقتحمتْها السيبرانية، وتوسُّع وتعدُّد مساحات تأثيرها اجتماعيًّا وإنسانيًّا، جعل منها حتمية مزدوجة الاحتمالات؛ بين أن تتيح فرصًا وإمكانيات أرحب للفاعلية والتواصل وتبادل الخبرات عبر المكان والزمان، أو تخلق -في المقابل- مساحات جديدة للعزلة أو السيطرة أو التفاوت الاجتماعي والتهديدات (بل الحروب) على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.

ومعلوم أن هذه الحالة ليست وليدة اليوم، فقد عرف العالم خلال نصف القرن الأخير ثورات متتالية في التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات، بشَّرت بعالم جديد لكنه سقط في عمليات عولمية استغلالية، وغرق في مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيراتها الاجتماعية والسياسية، ثم صعدت موجة الحروب السيبرانية لتنذر بمخاطر عالمية جديرة بالمتابعة عن كثب والتقييم المستديم.

يتفرَّع عن السيبرانية –بوصفها حالة عالمية وحضارية- عديد من القضايا الكبرى التي أصبحت تصاغ في عناوين شائعة: الفضاء السيبراني أو الاتصالي – الحرب السيبرانية بما فيها من هجوم ودفاع وحماية ودعم – الأمن السيبراني والجرائم والتهديدات السيبرانية – الإرهاب السيبراني – التشريعات السيبرانية – وكذا السيادة السيبرانية التي تسعى الحكومات من خلالها إلى السيطرة على هذا الشيء المتوغِّل والمتغوِّل ثم المتغلغل في ثنايا وظائفها وأطناب سلطانها؛ والمسمَّى بالسيبرانية. ولعل أكثر التعبيرات الذائعة اليوم تدور حول قضية الأمن السيبراني والصراع السيبراني ومن ثم المخاوف والتحصينات في هذا المضمار.. ما ينبئ أن هذا الفضاء قد دخل في أطوار المخاطر والتهديدات قبل أن يشبع الإنسان والعالم جيدًا ممَّا يتيحه من فرص وما يوفِّره من خيرات ونِعم.

يستشعر المتخصِّصون في البحث العلمي بمختلف حقوله، بل الإنسان العادي، أهمية المبادرة بمواجهة هذه الحالة العالمية والحضارية بما يكافِئها من أسئلة واستشكالات وتخصيص مساحة واسعة من البحوث العلمية لمواجهة هذه الأسئلة والاستشكالات؛ والاجتهاد في رسم صورة واقعية وقيمية لهذا النمو السيبراني الهائل ومتابعة آثاره سواء النافعة أو الضارة أو المختلطة، بغية تنوير الطريق أمام الأفراد والأمم للتعامل مع العالم السيبراني بمنهجية وبصيرة.

هنا يأتي دور المنظور الحضاري الإسلامي المقارن في محاولة لَمِّ شعث القضية الكلية، والجمع بين ثنائياتها المتقابلة: الواقعي والافتراضي – التقليدي والجديد المتجدد – الفرص والتحديات – الحرية والتحكم – الفردانية والجماعية – المجتمع والدولة – الأمة والعالم – المحلي والعالمي – التعليم والتعلم الذاتي – الشمال والجنوب – الإنتاج والاستهلاك – التبعية والاستقلال – التواصل والعزلة – الوعي الممنهج والإغراق المعلوماتي – الأمن والمخاوف والإرهاب – القوة والقيمة – الخصوصية والاختراقات – السرية والعلنية… إلخ.

يتوقَّف المنظور الحضاري الإسلامي المقارن أمام هذه الحالة –كغيرها ممَّا مَرَّ على العالم في القرن الأخير- باحثًا في وجهي العملة: الواقع والواجب؛ أي واقع السيبرانية الديناميكي المتحوِّل كل يوم وتحولاته ومآلاته، وما يجب أن يواجه الإنسانُ به هذا الواقع. وفيما بين هذين الطرفين يتساءل من يتبعون هذا المنظور عن منهج النظر فيه، وميزان التناول والتعامل والتقييم: كيف ننظر في هذه القضية؟ كيف نؤطِّرها علميًّا ونتعامل معها واقعيًّا؟ ما أهم تجلياتها؟ وما أهم دلالات هذه التجليات؟

يستحضر المنظور الحضاري في ذلك، تلك الأدوات البحثية المعتادة وغيرها من آليات البحث المتاحة ضمن العلوم الاجتماعية والإنسانية الراهنة، التي تجمع خامات القضية وبياناتها ومؤشرات تطورها، قبل أن يفعِّل فيها مداخله المنهجية المتعلقة بالاستيعاب والنقد المفاهيمي وإعادة بناء المفاهيم، والمدخل التاريخي، والمدخل القيمي، والمدخل المقاصدي، والمدخل السُّنني. والمقصد من وراء ذلك هو أولا التأسيس للوعي بالعصر السيبراني ومجالاته ومساراته ومآلاته وأدواته ومناهج التعامل معه.

ومن ثم نتناول قصة السيبرانية العالمية من منظور حضاري مقارن ضمن هذا الكتاب في محاولة للإجابة عن سؤالي الواقع والواجب وما يقع بينهما مما يستدعي تحليلًا ونقدًا. نحاول ذلك في أربعة فصول تشكل مادة هذا الكتاب الذي تجمعت أوراقه في فصلية (قضايا ونظرات) الإلكترونية، التي يصدرها مركز الحضارة للدراسات والبحوث بالقاهرة. يلقي الفصل الأول “السيبرانية: المفهوم – التدافع – الاقتصاد” الضوء على مفهوم السيبرانية من حيث نشأته وبداية تداوله في مجال الاتصالات ثم في حقول ومجالات معرفية وحياتية مختلفة، وأهم ما يتميز به المفهوم من خصائص، والاحتمالات المتوقعة لتأثير السيبرانية إيجابا وسلبا في المجالات المختلفة، قبل التركيز -بدرجة أكبر وأعمق- على تأثيرات السيبرانية في المجالات الاقتصادية والتجارية، والتي تتفاوت على متَّصل بين طرفي نقيض من الفرص والمكاسب من جهة والتحديات والخسائر من جهة أخرى.

ثم يسلط الفصل الثاني الضوء على “تحديات اجتماعية وعلمية وتعليمية” تطرحها السيبرانية، على المستويات النفسية والاجتماعية، وكذلك في مجال التعليم والبحث العلمي وإنتاج العلوم. ويطرح هذا الفصل أسئلة تحليلية ونقدية من قبيل: أثر السيبرانية على منظومات القيم والعلاقات الإنسانية، ومقاصد مجالات سيبرانية ومدى حفظها للإنسان وعقله واجتماعيته؛ سواء في العموم أو في دول الجنوب على وجه الخصوص، وذلك انطلاقا من الواقع المنحصر بين ثنائية التحديات والإشكاليات، والفرص والإمكانات.

يناقش الفصل الثالث “السيبرانية السياسية وتحولات المجال العام”؛ بدءا من المستوى الرسمي المحلي للدول التي تحاول الانخراط في الفضاء السيبراني وتوظيفه في إبداء عمليات التطوير والتنمية ظاهرا، ولكن الأوقع هو استخدام الحكومات هذا الفضاء –باطنا- في إحكام قبضتها وسيطرتها وسيادتها على المواطنين أفرادًا وجماعات. وكذلك على المستوى العالمي وما تثيره السيبرانية من إشكالية العدالة بين الدول، قبل الانتقال إلى مساحة التواصل المباشر وغير المباشر وما تلعبه السيبرانية من دور متصاعد في المجال العام والإعلام بوسائطه المختلفة، يتحدد تأثيره أيضا وفق موازين القوى ودرجات الوعي والإتاحة.

أما الفصل الرابع فيهتم بقضية “الأمن السيبراني في السياسة العالمية”؛ بدءا بتعريف مفهوم الأمن السيبراني فالكشف عن تداعياته في السياسة العالمية، وارتباطه بمفاهيم: الحروب السيبرانية والإلكترونية، والإرهاب السيبراني، وصولا إلى تناول تأثيراته في استراتيجيات وآليات الدفاع والأمن القومي.

تنتهي مهمة هذا الكتاب بخاتمة تصم التساؤل والاستشراف لما يمكن أن تقدمه السيبرانية من إمكانات للتقارب الإنساني على مستوى الأمة والعالم، في ظل ما تُحدِثه من تأثيرات متراوحة، أو تكاد تكون متناقضة.

وفي النهاية فإن مركز الحضارة للدراسات والبحوث يتقدم للقارئ المصري والعربي وللأمة الإسلامية بهذا الكتاب المحرر في إطار عنايته بضرورة فقه الواقع واتساع الوعي داخل أمتنا وأوطاننا لمجريات العصر ومتطلبات المعاصرة على قاعدة من سعة المرجعية وواجب الفاعلية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى