استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب.. التحديات ومحاولة التجديد

ورقة عمل

إن اقتراب الورقة من مناقشة “استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب” باعتبار هذه الاستراتيجية ركنًا من أركان برنامج عمل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة يفرض الإنطلاق من إطار مركب ذي مستويات ثلاثة.
وهذا الإطار المركب هو الذي يحكم قواعد تشخيص وتفسير وتقييم الواقع الذي تتجه نحوه هذه الاستراتيجية وصولاً إلى تحديد أهدافها وأدواتها وآلياتها.
وتتبع الحاجة لمثل هذه الإطار من اعتبارين: الأول هو طبيعة تخصص معد هذه الورقة (العلاقة الدولية)،حيث لم يعد مجال “السياسي” ينفصل عن الاقتصادي أو الثقافي ومن ثم لا نهتم فقط بالتفاصيل الفنية للثقافي (بالمعنى الضيق) ولكن باعتباره مخرجًا أو مدخلاً في عملية سياسية كبرى متعددة الأبعاد تحيط (في ورقتنا هذه) بالعلاقة بين “الإسلام والغرب” بصفة عامة وبالإسلام في الغرب بصفة خاصة.
أما الاعتبار الثاني فهو “طبيعة موضوع الورقة وضرورة تحديد أبعاده ومجالاته. فما المقصود بالعمل الثقافي الإسلامي وما المقصود في الغرب؟ ما هي الصورة القائم من هذا العمل بالفعل؟ وما الهدف من وراء وضع هذه الاستراتيجية: هل تغيير القائم أم تعزيزه أم ماذا؟ هل يتصل هذا العمل بالحفاظ على الهوية الثقافية للأمة الإسلامية أم يتصل بالدفاع عن الصورة الثقافية للأمة لدى الآخر أم يتصل بصورتنا عن الآخر وثقافته؟ أم يتصل بأوضاع الجاليات المسلمة في الغرب؟
هذا ويجدر الإشارة إلى هذا الإطار المركب للورقة يعكس هموم ورؤية أحد أبناء الأمة الإسلامية الذي وإن كان لا يعيش في الغرب ومن ثم لا يعرف عن قرب دقائق ووقائع مشاكل الوجود المسلم في الغرب أو مشاكل صورة الغرب عن الإسلام، ألا أنه يهتم بالبحث في آفاق وإمكانيات ومشاكل هذا الوجود باعتباره جزء من الأمة وخاصة في ظل ما يواجهها من تحديات مبعثها الطبيعية الراهنة لوضع الأمة في النظام العالمي. وإذا كان هذا الاهتمام، المبني على مصادر مكتبية، قد يبرر في حد ذاته المشاركة بهذه الورقة إلا أنه لن يعفيها بالطبع من القصور في بعض الجوانب المعلوماتية المتصلة بواقع ووقائع هذا الوجود المسلم في الغرب وهذه الصورة عن الإسلام والمسلمين في الغرب، والتي كان يجب أن تنبني عليها مثل هذه الورقة.
وتتلخَّص المستويات الثلاثة لاقتراب الورقة كالآتي:
المستوى الأول: إطار عام ينبثق من واقع النظام الدولي الراهن وتفاعلاته ويتصل بوضع البعد الثقافي مقترنة بالأبعاد الأخرى للعلاقات الدولية وخاصة السياسية منها من ناحية كما ينتقل بنا من ناحية أخرى إلى وضع البعد الثقافي في علاقة الأمة الإسلامية مع “الأمم الأخرى” ومن ثم وضعه في سياق أزمة هذه الأمة وفي سياق مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي في عالم يموج بالتحولات والتغيرات والتي تمثل تحديات خطيرة للأمة يقع في قلبها الآن الثقافي – الحضاري وليس الاقتصادي السياسي فقط.
المستوى الثاني: إشكاليات استراتيجية العمل الثقافي في الغرب: من المستهدف منها ومن الذي يديرها وكيف؟ وما هي طبيعة هذه الاستراتيجية؟
المستوى الثالث: دلالات الإطار العام بالنسبة للخاص
وسيتضح لنا من العرض التالي حول هذه المستويات الثلاثة كيف أن منهج اقتراب الورقة من الموضوع يبدأ بالعام وصولاً إلى الخاص الذي هو في الأصل وموضوع الورقة، وانتهاء ببعض الملاحظات حول دلالات التحديات النابعة من هذا الإطار العام وذلك بالنسبة إعادة تحديد نطاقه الثقافي ومجالاته ومضمونه.

المستوى الأول:

بين بروز أهمية البعد الثقافي الحضاري في النظام الدولي ودلالته بالنسبة لوضع الأمة الإسلامية.
ويتصل هذا المستوى ببروز البعد الثقافي الحضاري جزءًا من ظاهرة أكبر وأشمل على الساحة الدولية الراهنة. ولهذا البروز أسبابه ومظاهره والتي تجعل منه سمة أساسية تميز المرحلة الراهنة من تطور النظام العالمي، ومن ثم من وضع العالم الإسلامي في النظام العالمي. ولذا يمثل هذا المستوى مدخلاً ثقافيًا لدراسة هذا الوضع وتفاعلاته تأثيرًا وتأثرًا.

1- بروز البعد الثقافي/ الحضاري: الأسباب والمظاهر:

في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وفي ظل تشكيل نظام عالمي جديد، وفي إطار عمليات العولمة، أفرزت التطورات العالمية والإقليمية والوطنية اهتمامًا متناميًا- على صعيد الفكر وعلى صعيد الحركة- بالأبعاد الثقافية الحضارية للتفاعلات الدولية يفوق ما كانت تحوزه هذه الأبعاد من قبل في دوائر الفكر الدولي.
وتعد الأدبيات النظرية المتنامية –ولو من مداخل مختلفة- حول العولمة وتجلياتها على الأصعدة المختلفة، من أبرز علامات هذا الاهتمام. ولم يتبلور هذا الاهتمام في شكل خطي منتظم بقدر ما تبلور في شكل منظورات متصادمة حول ماهية هذه الأبعاد الثقافية الحضارية، ووضعها في مجال دراسات العلاقات الدولية وخاصة العلاقات بين الشمال والجنوب والتي يقع في قلبها عالمنا الإسلامي. بعبارة أخرى، إذا كانت الأبعاد العسكرية الأمنية التقليدية ثم الأبعاد الاقتصادية– السياسية قد احتكرت -من قبل- الاهتماماتِ في دوائر الدراسات الدولية، إلا أن عقد التسعينيات قد شهد بروزًا للأبعاد الثقافية/ الحضارية يعيد لهذه الأبعاد مكانتها الحقيقية المفقودة في منظومات التفكير الغربية بصفة خاصة؛ حيث برز الاهتمام بجوانب التفاعل الواضح الملامح بين الأبعاد الثقافية-الحضارية وبين الأبعاد السياسية-الاقتصادية في العلاقات الدولية الراهنة.
وتتعدد المؤشرات في دوائر الفكر الغربي ودوائر السياسة الغربية، على حد سواء، على هذا البروز، ونذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
الاهتمام بدراسات دور الدين في السياسة الداخلية والخارجية، وتجدد الاهتمام بالأبعاد القيمية الأخلاقية للقضايا الدولية المختلفة، اتخاذ الحضارات وحدة للدراسات الدولية ومن ثم النظر إلى صراع الحضارات كمنظور جديد لدراسة العلاقات الدولية، صعود قضايا حقوق الإنسان في دوائر الفكر والقانون الدولي والعلاقات الدولية.
وتحمل جميع هذه الموضوعات أبعادًا ثقافية –حضارية واضحة، فإن اختلاف مضامين التحليل من منظورات مختلفة حول الدين، القيم، حقوق الإنسان… تعكس اختلافات حضارية وثقافية. ومن ث، لابد وأن تثير “العلاقات الثقافية” طرح هذه الموضوعات من منظورات تختلف حول ماهيتها وتوجهاتها وغايتها[1].
والجدير بالذكر أن تداعيات هذه الموضوعات بالنسبة للعلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي تقع في صميم دراسة هذه الموضوعات. وهذا يقودنا إلى الجزئية التالية.

2- البعد الثقافي الحضاري وتحديات الوضع الراهن للأمة الإسلامية:

من أبرز ملامح وسمات التحديات الراهنة للأمة الإسلامية التحديات الحضارية الثقافية.
إذا كانت مصادر التحديات قد توالت على الأمة منذ أن بدأ منحنى أفول حضارتها وقوتها فلقد ظل مناط التحدي الحقيقي هو التحدي العقيدي –الثقافي- الحضاري.
كيف؟[2] لم تكن الغاية النهائية للهجمة الغربية في العصر الحديث، منذ بدايتها وفي تطورها متحالفة مع الصهيونية، لم تكن هذه الغاية النهائية تتمثل في السيطرة على الأرض والثروة فقط، ولكن أيضًا إسقاط النموذج واستبداله. ولذا تحالفت الأدوات العسكرية والاقتصادية مع نظائرها الثقافية –الحضارية لتحقيق هذه الغاية النهائية عبر مخطط استراتيجي توالت تكتيكاته على الساحات المختلفة للمواجهة: السياسية، العسكرية، الاقتصادية والثقافية – الحضارية.
فإذا كانت الهجمة الأوربية الحديثة على عالم الإسلام منذ القرن السادس عشر قد بدأت مع الكشوف الجغرافية، ثم تطورت أشكالها وآلياتها وأهدافها من السيطرة التجارية إلى التدخلات السياسية إلى اقتطاع الأطراف إلى الهجوم على القلب، ثم استكمال احتلال أراضي المسلمين وتجزئتها، فإن الأداتين الاقتصادية والعسكرية قد لعبتا الدور الأساسي خلال القرون الأربعة الأولى منذ بداية الهجمة، وذلك لتحقيق الدوافع والأهداف الاقتصادية والسياسية للقوى الأوروبية البازغة على الساحة العالمية، بالسيطرة على الأرض والثروة.
ولم تنفصل هذه القاعدة عن الغاية النهائية؛ أي الانتصار على “النموذج” في الإسلام؛ أي الانتصار على “العقيدة” في الإسلام؛ تلك العقيدة التي هي للأمة بمثابة الروح والقلب للجسد؛ ومن ثم فهي تنعكس على صميم الخصوصية الإسلامية المشتركة الحضارية والثقافية للشعوب الإسلامية.
ولذا، ونظرًا لأن البعد الحضاري –الثقافي- العقيدي يعد بعدًا محوريًا في صراع القوى، ففيه تكمن المداخل إلى ساحات الصراع الأخرى، وإليه ونحوه تصب نتائج الصراع في هذه الساحات الأخرى، لهذا كله فلقد شهدت المراحل المتتالية من الهجمة الأوربية الحديثة توظيفًا لأدوات ثقافية- حضارية (الاستشراق، التبشير، المدارس الأجنبية….) لتمهد للأداتين الأخريين، وتدعم من تأثيرهما وذلك بتوفير النخب المتعاونة وتهيئة الأطر المناسبة للحركة تحت مسميات الإصلاح والتحديث والتنوير. حقيقة كانت أوضاع القوى والعقل لدى المسلمين قد وصلت حالة من التردي مكنت الآخر من عالم المسلمين، ولكن كانت الحاجة للإصلاح والتحديث والتنوير لابد وأن تنبع أساسًا من داخل النموذج لتجديده، وليس لاستبداله بنموذج آخر يسعى إلى الهيمنة والسيطرة باستبعاد وإقصاء وتشويه بل وتصفية النماذج الأخرى بكل وسائل القسر والإكراه التي تنبثق عن القوة المادية.
والآن، وفي نهاية القرن العشرين وفي قلب المرحلة الراهنة من التحديات التي تواجه عالم المسلمين يحتل البعد الثقافي – الحضاري مرتبة متغيرة.
فلقد أضحت ساحة الثقافة/والحضارة آخر ساحات الهجوم “علينا”، وآخر خطوط دفاعنا. كما أضحت الأداة الثقافية –الحضارية في تناغم شديد واندماج واضح مع الأدوات الاقتصادية والسياسية، وذلك في غمار عمليات “العولمة”.
ولا غرابة إذن أن يلحظ المراقب والباحث والأكاديمي أن ساحة الخطاب الغربي، الذي تم تدشينه بقوة منذ عقد، حول “العولمة”، زاخرة عامرة بما يتصل بالثقافة والحضارة والدين، وهذا هو دأب العلاقة بين السياسي وبين الأكاديمي في الغرب: ففي مرحلة الاحتلال العسكري والاستعمار التقليدي طغت الدراسات والنظريات الاستراتيجية –العسكرية على غيرها، وفي مرحلة الاحتلال الاقتصادي والاستعمار الجديد والتبعية (بعد موجات الاستقلال السياسية) طغت دراسات الاقتصاد السياسي الدولي الجديد، والآن تنمو الاهتمامات حول “العولمة” والثقافة، العولمة الهوية، الثقافة العالمية، العولمة الثقافية، كما يعلو الخطاب عن حوار الحضارات أم صدام الحضارات وعن حوار الأديان ليس في الأوساط الأكاديمية والثقافية فقط ولكن السياسية أيضًا. وهذا الوضع الآن لا يعكس إلا تأكيد القناعة بأن المواجهة ليست حول السياسة والاقتصاد فقط ولكن الحضارة والدين في قلبها.
وفي المقابل كان لابد لخطابنا العربي –الإسلامي سواء السياسي أو الأكاديمي أن يلقف الطعم، كما لقف قبل عدة سنوات طعم “النظام العالمي الجديد” – وأن يبدأ في استهلاك هذا الخطاب الغربي الكاسح عن “العولمة” وأن يتساءل: هل العولمة ظاهرة أم عملية؟ حديثة أم قديمة؟ ما هي أبعادها ومضامينها؟ وما هي القوى المحركة لها؟ ما هي آثارها؟ هل يمكن تقديم مفهوم واضح عنها محل رضا وقبول؟
وبالرغم من تعدد وقائع العولمة وتجلياتها كعملية لا يمكن إنكار وجودها في مجالات مختلفة. وبالرغم من ضرورة وحيوية الإحاطة بالتنوع في الاتجاهات حول تقويم أثارها سلبًا أم إيجابًا، إلا أن ما يفرض نفسه بوضوح هو ما يتصل بمستوى تناول “العولمة” كأيديولوجية وكسياسات جارية على الأصعدة المختلفة.
فمما لا شك فيه أن محتوى هذه السياسات يعكس آثار انتصار النموذج الغربي كنموذج بلا منافس أو متحدي في الوقت الراهن. ولذا فإن أيديولوجية العولمة إنما تنبثق عن الليبرالية الجديدة وعن سياسات القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة. ومن ثم فإن العولمة عملية إرادية تعكس اتجاه نموذج حضاري للهيمنة بسبل إكراهية وقسرية –على النماذج الأخرى ليس على الأصعدة الاقتصادية والسياسية فقط ولكن على الصعيد الثقافي بالضرورة. وعلى هذه النماذج الأخرى أن تتكيف وتنخرط أو أن تقاوم وتقدم الاستجابات اللازمة لمواجهة تحديات العولمة. وأول هذه النماذج وأقدرها على هذه المهمة النموذج الإسلامي لأنه نموذج ذو دعوة عالمية.
ولذا فإذا كانت التحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تبرز من إطار سياسات العولمة وفي ظل عملياتها إنما تمثل درجة متقدمة ومتطورة من الخطورة التي سبق وواجهتها الأمة ولو في ظل سياقات أخرى وبأشكال أخرى للتدخلات الخارجية (الإصلاحات والتنظيمات والاستعمار التقليدي، الاستعمار الجديد، الحرب الباردة) إلا أن المجال الحقيقي للتحديات الأكثر خطورة والتي اكتسبت أبعادًا متطورة هو المجال الحضاري – الثقافي في ظل عمليات العولمة الراهنة التي لا تعكس مجرد تدخلات خارجية ولكن اختراق واجتياح الخارجي للداخلي.
بعبارة أخرى، فإن المرحلة الراهنة من تطور النظام العالمي هي المرحلة التي يخوض فيها “الغرب” المعركة في مواجهة “الباقي” لاستكمال تنميط العالم ليس اقتصاديًا فقط على النمط الرأسمالي أو سياسيًا فقط على نمط الديموقراطية البرلمانية ولكن أيضًا في إطار منظومة القيم الثقافية- الحضارية الغربية. ولن يكتمل الانتصار الاقتصادي أو السياسي بدون الثقافي الحضاري. وفي المقابل فإن الفشل على الساحة الثقافية – الحضارية يحمل كل إمكانات نمو مراكز قوة عالمية بديلة قد تنعكس معها وبها مسار التفاعلات العالمية وتوازنات القوى العالمية.
بعبارة أخرى أيضًا، بقدر ما أضحت الساحة الثقافية–الحضارية تواجه من أخطار بقدر ما تحوي من فرص وإمكانات لانبعاث جديد من خلال تجديد ثقافي– حضاري يكون بمثابة المنطلق نحو التحدي المادي نفي أبعاده الاقتصادية والعسكرية. وهكذا يرشدنا منظومة القيم الإسلامية وآفاق تشغيل فعاليتها إلى أولوية الأبعاد غير المادية ولكن دون انقطاع عن الأسباب المادية.
وعلى ضوء ما سبق، نلاحظ أن قضية “العلاقة بين الإسلام والغرب” قد أصبحت قضية محورية تتفرع و تتنامى مستويات دراستها: فكرًا وحركية ومؤسسية، على نحو جعل منها أشبه بمجال درسي مستقل تتقاطع عنده وحوله تخصصات عديدة تتناول الأبعاد المختلفة للموضوع من مداخل واقترابات متنوعة، وبأقلام المسلمين والغربيين على حد سواء. ونجد دائمًا أن الأبعاد الثقافية- الحضارية ماثلة في أجندة دراسة موضوعات هذا المجال سواء على مستوى الخطاب أو والسياسات[3].
وإجمالاً، يمكن القول أن دوائر الخطاب المهتم بالبعد الثقافي وقضاياه ودلالاتها بالنسبة لوضع العالم الإسلامي في النظام الدولي الراهن تتلخص في دوائر ثلاثة كبرى (تتصل بالدول الإسلامية والجاليات المسلمة على حد سواء).
* خطاب التعددية الثقافية/ الاستيعاب الثقافي ويبزغ الآن في الغرب ويتصل أساسًا بدائرة المسلمين (وغيرهم) في الدول والمجتمعات الغربية.
* خطاب حوار الثقافات –الحضارات/صراع الثقافات الحضارات، وتصل أساسًا بدائرة العلاقات الدولية والعلاقات عبر القومية بين الأمة الإسلامية والأمم الأخرى.
* خطاب الثقافة العالمية (العولمة الثقافية/ الخصوصيات الثقافية) في ظل الجدل حول الأبعاد الثقافية للعولمة.
وعلى صعيد آخر فإن مجال “السياسات الغربية” وتفاعل السياسات الإسلامية معها يقدم الكثير من النماذج ذات الدلالة المباشرة وغير المباشرة بالنسبة للبعد الحضاري الثقافي العقدي ومن أمثلتها البعد الثقافي في الشراكة الأوروبية المتوسطية مثلاً، الحوار الإسلامي المسيحي، ملتقيات ثقافة التسامح، ثقافة السلام، ثقافة قبول الآخر، ثقافة التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان والمجتمع المدني. وتعتمد إدارة هذه السياسات على أدوات متنوعة: مؤسسات عالمية، وأخرى داخلية (مثل مؤسسات المجتمع المدني وشبكاتها عبر القومية).
وتكشف تفاصيل هذه النماذج عن تحديات القدرة على تحديد المشترك بين الحضارة الإسلامية والحضارات الأخرى وتحديات القدرة على التجديد في هذه الحضارة وأبعادها الثقافية دون مساس بالخصوصية التي تكمن في ثوابت هذه الحضارة من ناحية ودون الفشل في صياغة استراتيجية للتعامل مع الآخر من ناحية أخرى. كما تكشف أيضًا تفاصيل هذه النماذج عن تحديات تحديد المفاهيم الإسلامية التجديدية حول القضايا الهامة المثارة في عالم اليوم وخاصة التعددية، الديموقراطية، حقوق الإنسان، المواطنة، السلام… .
كما تكشف هذه التفاصيل أخيرًا – على صعيد السياسات وليس المفاهيم والمدركات – كيف أن توازنات القوى تنعكس بقوة على العملية المفاهيمية الإدراكية التي تتشكل في ظلها الخبرات العملية لجميع هذه النماذج (وغيرها مما لم نحدده)، والتي تعكس اتجاهًا لفرض منظومة قيم الطرف الأقوى.
فإذا قبلنا أن يقوم حوار ثقافات أو حضارات، فكيف ستكون نتائجه بين طرفين غير متوازنين في القوة؟ كيف ستنساب الأنماط والقيم؟
وإذا قبلنا بعالمية حقوق الإنسان التي تفرض عندئذ التدخل لحماية انتهاكاتها، فما الإطار المرجعي الذي يتم وفقًا له تحديد مفاهيم هذه الحقوق؟ مما لا شك فيه –مثلاً- أن قيمة الحرية ذات مضامين مختلفة باختلاف الأطر المرجعية والمنظورات.
وإذا قبلنا أن الاضطهاد الديني مرفوض، فمن الذي يحدد حالات الاضطهاد ومؤشراتها والتي تتطلب العقاب الاقتصادي؟
وإذا قبلنا بحيوية وضرورة التحول الديمقراطي والتعددية، فهل نقبل أن تكون الضحية هي الديمقراطية إذا كانت ستؤدي إلى وصول قوى إسلامية إلى السلطة بالانتخاب؟
وإذا قبلنا الحوار الثقافي أو الحضاري، فما المقصود بالحوار الإسلامي المسيحي؟ أين هو من سياسات التنصير والتبشير؟ وأين هو من سياسات التطهير الديني والإبادة التي يتعرض لها مسلمون؟
إن التساؤلات السابقة لتكشف لنا عن قدر التحديات التي تكمن في النماذج السابق طرحها وهي تحديات ثقافية –حضارية-عقدية في جوهرها وإن كانت تجري في ظل سياسات اقتصادية وعسكرية تحكم الضغوط من حولها.
فمما لا شك فيه أن التفوق الغربي التكنولوجي– العملي في الميادين العسكرية والاقتصادية والاتصالية والمعلوماتية، والذي يغير الآن من طبيعة الحرب بالقوة العسكرية، ومن طبيعة الحرب الأخرى؛ أي التي تدار بالقوة الاقتصادية، ومن طبيعة الحرب النفسية والإعلامية التي تدار بالقوة المعلوماتية الاتصالية، كان لابد وأن ينعكس هذا التفوق بقوة على البعد الحضاري –الثقافي- العقدي في موازين القوى. وهذا يعني أن ميدان المعركة ليس فقط ماديًا، ولكن غير مادي أيضًا، موجَّه إلى النماذج الحضارية الأخرى –وخاصة التي تملك مقومات المقاومة والتحدي، بل وطرح البديل مثل نموذج الحضارة الإسلامية.
ولهذا أيضًا، فإن الجدال حول آفاق ثقافة عالمية أو حضارة عالمية يشتد حاليًا في ظل الاهتمام بآثار العولمة، ولكنه يفصح عن رفض وجود ثقافة عالمية مهما كانت تجليات الأبعاد الثقافية للعولمة بسلبياتها وإيجابياتها.
هذا، ويجدر الإشارة أخيرًا إلى أن الملاحظات السابقة ليست إلا تمثيلاً لبعض الأشجار في غابة كثيفة مترامية. وهذه الغابة هي ساحة الثقافة والفكر في الدول العربية والإسلامية –والتي تزخر الآن (كما زخرت من قبل وخاصة منذ نهاية القرن 19)- بأبعاد الجدال والحوار حول العلاقة مع الآخر ثقافيًا وفكريًا (دون انفصال عن السياسي والمجتمعي) تشخيصًا وتعليلاً، قبولاً ورفضًا. وهو الجدال الذي شاركت فيه مدارس متعددة حول أسباب ومظاهر أزمة الثقافة العربية والإسلامية المعاصرة، التي هي في صميم أزمة المجتمعات والنظم في الدول الإسلامية[4]. ولذا، لا عجب أن تعتبر وثائق المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة أن البعد الثقافي الإسلامي من أعمدة التنمية الشاملة إن لم يكن عمودها الأساسي.(كما سنرى)
المستوى الثاني: إشكاليات مناقشة استراتيجية العمل الثقافي في الغرب.
وهي إشكاليات تحديد المستهدف من العمل الثقافي الإسلامي، إشكاليات تحديد مضمون هذا العمل وإشكاليات تحديد آلياته وأدواته.

1- إشكالية لمن تتجه برامج العمل الثقافي في الغرب:

هل إلى الجاليات المسلمة التي تحتاج للنصرة في مواجهة التحديات التي تحيط بها؟ وأي نوع من النصرة؟ هل المجتمعات الغربية: أفرادًا أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو مدنية والتي تحتاج بدورها لاقتراب ثقافي تصحيحي أو توضيحي (ولا أقول اعتذاري أو تبريري) للصورة عن الإسلام وعن قضايا المسلمين في العالم وفي الغرب ذاته.
إن تحديد المستهدف يمثل الخطوة الأساسية لإدارة الإشكاليات الأخرى وخاصة تحديد مضمون العمل الثقافي وآلياته.
واعتقد أن العمل الثقافي الإسلامي يجب أن يتجه للمجموعتين من المستهدفين ولكن مع توزيع الأعباء على أجهزة ذات أدوار متكاملة ومتناسقة. مع الأخذ في الاعتبار أن المجموعة الأولى من المستهدفين يمكن أن تصبح من أهم آليات التعامل مع المجموعة الثانية.
وحول المجموعة الأولى من المستهدفين وهي “الجاليات المسلمة في الغرب” يمكن أن تسجل ما يلي:
من ناحية: في إطار الاهتمام بالعلاقة بين الإسلام والغرب من جانب النخب الفكرية والرسمية الغربية [5] يظهر الاهتمام بالمسلمين في الغرب أو على حد قولهم “الإسلام في الغرب. وهذا المجال من الدراسات في الغرب أضحى يناظر في أهميته الآن ما احتلته دراسات المناطق من قبل. وبالطبع ينبع هذا الاهتمام من اعتبارات عديدة تتعلق أساسيًا بمشاكل استيعاب مسلمي الغرب في “المجتمعات الغربية” وما تثيره من قضايا وموضوعات يهتم بتناولها كل من المسلمين المقيمين هناك أو الغربيين أنفسهم[6].
هذا ويجدر الإشارة أنه في مقابل هذا النوع من “الاهتمام الغربي” بالإسلام في الغرب فإن الإنتاج الفكري العربي حول العلاقة بين الإسلام والغرب بصفة عامة لا يتناول مشاكل “الأقليات المسلمة” كجزء منتج من مشاكل الأمة في مجموعها والتي تطرحها العلاقة. ولكن عادة ما يتم الاهتمام بمشاكل الأقليات على نحو منفصل. وكان الغربيين ينطلقون من “منظور الأمة” على عكس اقترابنا نحن من الموضوع[7]: وهو الأمر الذي لابد وأن يطرح التساؤل التالي:
إلى أي حد يحتل “الوجود المسلم في الغرب” وضعًا في المشروع الحضاري الإسلامي الجديد (الذي يدور التجديد حوله) والذي وإن كان البعد الثقافي الإسلامي يقع في قلبه فلابد ألا ينفصل عن الأبعاد السياسية والاقتصادية؟
وبدون الخوض في تفاصيل الإشارة إلى بعض أهم هذه الأعمال[8] عن مسلمي الغرب، ومع الاعتراف بأن القضايا المثارة ذات أبعاد حركية وفكرية في آن واحد إلا أنه يمكنني أن أطرح تصوري عن أنماط التحديات التي تواجه مسلمي الغرب، وهي بالضرورة تختلف عن أنماط التحديات التي تواجهها فئات أخرى من “أقليات المسلمين” في أرجاء أخرى من العالم[9].
تتلخص أنماط هذه التحديات كالآتي:

أ- أنماط التحدي النابعة من العلاقة بالوطن الجديد:

وهي تنبع من نمو الوجود المسلم في الغرب وما يطرحه من معضلة العلاقة بين الاندماج والهوية. وهي المعضلة التي يتراوح التفكير في إداراتها بين صيغ “التعددية الثقافية” في مقابل صيغ اليمين المتطرف. وهو اليمين الذي يمثله صعوده خلال العقد الأخير ظاهرة تستحق الرصد والاهتمام نظرًا لتكرار المؤشرات عن وجودها وعن تجلياتها في أشكال عنيفة. بعبارة أخرى، إذا كانت عواقب العولمة بالنسبة لسيادة الدول وطبيعة دورها قد انعكست على مفهوم المواطنة فمما لا شك فيه أن اندماج الوجود المسلم في الغرب مع الحفاظ على الهوية يمثل تحديًا أساسي.

ب- أنماط التحدي النابعة من العلاقات مع الوطن الأم:

من أهم التحديات التي قد تعوق تحقيق الاندماج في الوطن الجديد هو قدر الأولوية المعطاة لمشاكل الأوطان الأم بالمقارنة بمشاكل التواجد في الوطن الجديد. ويزداد الأمر وضوحًا مع انتقال تداعيات مشاكل الوطن الأم إلى مسلمي المهجر (مثلاً أثار أحداث الجزائر منذ إلغاء نتائج الانتخابات 1992).
هذا ناهيك بالطبع عن وجه آخر للعملة وهو أنه مع تعدد مشاكل الأوطان الأم وتداعياتها تتوزع اهتمامات مسلمي المغرب وتتجزأ (كشمير، كوسوفا والبوسنة، الشيشان، القدس، الصراع العربي الإسرائيلي، العراق…) فحتى وبفرض حرصهم على اتخاذ مواقف من جميع هذه القضايا [10] باعتبارها قضايا الأمة الإسلامية التي ينتمون إليها جميعًا فلابد وأن تنوء إمكانياتهم عن تحقيق الفاعلية المطلوبة لمساندة هذه القضايا نظرًا لعمق التحديات النابعة من إدارة العلاقات مع الوطن الجديد، والتي تعد إداراتها بفعالية شرطًا مسبقًا وضروريًا لإمكانية اتخاذ مواقف فاعلة في مساندة قضايا الأمة.

ج- أنماط التحدي النابعة من العلاقات الداخلية:

والمتمثلة في مشاكل الجيل الثاني، مشاكل العلاقة بين القوميات المسلمة المختلفة (العربية –التركية، الإيرانية، الهندية، الباكستانية.) مشاكل تكوين التنظيمات الجماعية لمسلمي كل دولة في الغرب أو التنظيمات الجماعية الإقليمية التي تجمع مسلمي أكثر من دولة في منطقة (مسلمي أوروبا مثلاً ومسلمي الولايات المتحدة الأمريكية).
أما المجموعة الثانية المستهدفة فإن المستوى الأول من الورقة قد ألقى الضوء على أهم التحديات التي يجب التعامل معها عند صياغة استراتيجية للعمل والثقافي الموجه للغربيين على مستويات مختلفة حكومات ونظم ومؤسسات وأفراد وجماعات.

2- إشكاليات مضمون برامج العمل الثقافي ومجالاتها وآلياتها وأدواتها

أ- تدخل استراتيجية العمل الثقافي في الغرب في نطاق استراتيجية المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة باعتبارها الجهاز الإسلامي الدولي المتخصص في هذا المجال الحيوي –أي الثقافي.
وإذا كانت “التنمية الثقافية” من منظور إسلامي تقع في صميم الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي التي تتبناها المنظمة وتهتدي بها في وضع خطط عملها وإعداد برامجها منذ إقرارها في مؤتمر القمة الإسلامي السادس في داكار في ديسمبر 1991[11]، فإن هذه الاستراتيجية التي تدور برامجها وأنشطتها حول محور رئيسي كبير هو تحقيق التنمية الثقافية إنما تسعى، على ضوء ما حددته من منطلقات وعمليات وغايات، نحو تحقيق أهدافها على ثلاثة مستويات مترابطة. أولهم داخل الدول الإسلامية: حيث تصبح الاستراتيجية بمثابة “بوصلة للعمل الثقافي الإسلامي . يضع أمام الحكومات والمنظمات والهيئات والأفراد والجماعات معالم الطريق نحو ممارسة الفعل الثقافي من وقع جد مؤثر في البيئة والمجتمع والإنسان المسلم في الحاضر والمستقبل” وثانيهم هو مستوى التضامن الإسلامي باعتبار الاستراتيجية وثيقة هامة مكملة للوثائق المعتمدة في العمل الإسلامي المشترك القائم على التضامن الإسلامي والهادف إلى تحقيق المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر من كافة جوانبه…. وفي ظل هذا التضامن يمكن أن يزدهر التعاون الثقافي بين البلدان الإسلامية في إطار القنوات الرسمية”.
أما المستوى الثالث: فينصب على “التثاقف مع الأمم الأخرى” وضرورة ربط الصلات وإقامة القواعد للتبادل الثقافي، وللتحاور الثقافي، وللتعاون الثقافي في أبعاده المتعددة، وبمفاهيمه العامة ومن منظور الإسلامي، فإن التثاقف هو أخذ وعطاء في إطار مرن، وبعقلية متفتحة، وبهدف نبيل، هو إثراء الحضارة الإنسانية، وتحقيق آمال البشرية في حياة تسودها روح الأخوة والتسامح والعدالة والمساواة”.
وبالنظر إلى هذه المستويات الثلاثة (التي لا يمكن الفصل بينها)، وبالنظر إلى موضوع الورقة نلحظ أمرين: من ناحية أن المنطلقات والأهداف والغايات والعمليات لا تسجل وضعًا واضحًا ومتميزًا للجاليات المسلمة في الغرب باعتبارها جزء من الأمة ومجالاً يحتاج للتنمية الثقافية الإسلامية مثلما تحتاج مجتمعات الدول الإسلامية
ومن ثم فهل يعني ذلك إخراج هذه الجاليات من نطاق اهتمام الورقة وهي التي سبق تحديدها باعتبارها المجموعة الأولى المستهدفة من الاستراتيجية موضع النقاش.
ومن ثم فإن الاستراتيجية موضع الاهتمام في هذه الاجتماعات لابد وأن تتجه إلى معالجة ما تواجهه أوضاع الجاليات المسلمة من تحديات وكيفية مساهمة المنطقة لتنسيق الجهود اللازمة بهذا الصدد.
ومن ناحية أخرى، تولى المنطقة اهتمامًا بالتثاقف مع الأمم الأخرى ومنها الأمم الغربية ومن ثم فإن الاستراتيجية موضع الاهتمام يجب أن تهتم بما يفرضه هذا “التثاقف” من تحديات. ولقد أفاض المستوى الأول من الورقة في عرضها باعتبارها الإطار العام الذي يحيط بأبعاد ثقافية للعلاقة بين الغرب والإسلام بصفة عامة. ومع ذلك يظل التساؤل التالي مطروحًا: ماذا بمقدور العمل الثقافي الإسلامية في الغرب أن يحققه في هذا المجال، أي في مواجهة ما يمثله الغرب من تحدي ثقافي للأمة في عقر دار دولها الإسلامية؟

ب- ما هو المضمون الذي يجب أن تبرزه برامج تنفيذ الاستراتيجية؟ وهل تنقسم هذه البرامج إلى مستويين وفقًا لمجموعتي المستهدفين؟

مما لا شك فيه أن الاستراتيجية الثقافية للعمل الإسلامي المشترك، وفي قلبها مفهوم التنمية الثقافية قد أفاضت –في أكثر من موضع- في تحديد الموجهات العامة لهذه الاستراتيجية سواء على مستوى المنطلقات أو الأهداف أو العمليات ” …. العمل الثقافي الإسلامي هو حجر الأساس في بناء المجتمع الإسلامي الجديد على هدي الإسلام وسماحته ويسره ومرونته وإخائه..”
“… التنمية الثقافية في بلدان العالم الإسلامي تنطلق من تحديد موضوعي لهوية الثقافة، ولجوهرها، ولأبعادها جميعًا… وإن القرآن والسنة الصحيحة… ومجموعة التراث الحي الثري الحافل الذي خلفه سلف الأمة..” هي منابع هذه الثقافة الإسلامية”.
“…إنها ثقافة مؤمنة، إنسانية، هادفة، بناءة، تستجيب لأشواق الإنسان، وتلبي طموحاته وتنسجم مع فطرته، وتقوي في النفس البشرية حوافز الأمل والثقة والرجاء…”
“… التشبث بالقيم والمبادئ والأصول التي تشكل ثوابت عقدية وثقافية وحضارية، هي القاسم المشترك بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة…”
“…إن التنمية الثقافية من المنظور الإسلامي، الذي ينطلق من رصيد الماضي ومن معطيات الواقع، ومن متطلبات المستقبل…”
وبالنظر فيما يخص الجاليات الإسلامية بصفة خاصة وموضعها في وثيقة الاستراتيجية الثقافية الإسلامية نلحظ ما يلي: أنه ذكرها في البند 12 من البنود الأربعة عشر التي حددت مجالات عمل الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي (بعد البنود التالية: الإنتاج الفكري، اللغة العربية ولغات الشعوب الإسلامية، الآداب والعلوم الإنسانية، الإعلام ووسائل الاتصال، التربية والتعليم، البحث العلمي، التراث الإسلامي، تراث فلسطين وثقافتها، الثقافة الشعبية، التبادل والحوار الثقافي) ويتضمن هذا البند الثاني عشر الجزئيات التالية: أجزاء إحصاء عام للجاليات الإسلامية في جوانبها، إعداد قوائم شاملة بالمؤسسات الثقافية للمسلمين بالخارج، تدعيم الجمعيات والهيئات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، إحداث هياكل لتسهيل التبادل الثقافي مع المسلمين في الخارج. وعلى صعيد وسائل تنفيذ (على مستوى العالم الإسلامي) يأتي الإشارة في متن البند الثاني إلى “دعم العلاقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بين العالم الإسلامي والأقليات المسلمة بتزويد المدارس والمعاهد التابعة لها بالكتب المدرسية والمراجع العلمية وانتداب المدرسين لها وتقديم منح دراسية لطلبتها كما أشار نبد آخر من بنود أساليب التنفيذ وهو السادس إلى تنسيق مواقف البلدان الإسلامية في المحافل الدولية لضمان دفاع فعال عن قضايا والمصالح التي تهم الأمة الإسلامية كحماية المقدسات والدفاع عن حقوق الجاليات المسلمة.
ومن ناحية أخرى وبالنظر إلى خطة أنشطة –المنظمة لعامي 1998- 2000 (ص 247، ص 248) يمكن أن نحدد وضع الجاليات المسلمة على صعيدها.
فنجد أن البند الرابع (برامج الثقافة والاتصال) يتضمن بين بنوده الفرعية بندين عن الحوار الثقافي بين المسلمين وعن الحوار بين الثقافة الإسلامية والثقافات ويتفرع عن أولهما (ص247، 248) بند تقرير الانتماء الحضاري لدى المسلمين في الغرب من خلال تطبيق استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب ومن خلال وضع استراتيجية الإفادة من العقول المهاجرة.
أما بند الحوار بين الثقافة الإسلامية والثقافات العالمية ص 250-253 فيتضمن بندي الإسلام والحضارة الإنسانية والدراسات الاستشراقية وفيما يتصل ببند الإسلام والحضارة الإنسانية فهو يتضمن مساهمة الحضارة الإسلامية في الحضارة العالمية والفكر الإنساني، الإسلام وتعايش الحضارات، تطوير برامج تعريف غير المسلمين بالثقافة والفكر الإسلامي، المشاركة في اجتماعا عالمية.
بعبارة أخرى فإن خطة أنشطة المنظمة حددت مضمون برامج العمل تجاه مجموعتي المستهدفين (من وجهة نظر الورقة). ولكن الملاحظ أن الخطة تعتبر أن الجاليات المسلمة في الغرب هي المستهدف الأساسي باستراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب في حين أن المجموعة الثانية هي المستهدف في برامج أخرى للأنشطة. كما سبق التوضيح.
والعرض السابق عن هذه الموجهات العامة لا يغني عن الحاجة إلى تحديد خريطة مكونات “البعد الثقافي” ومن ثم كيفية ترجمة هذه الموجهات إلى برامج عمل محددة سواء للتعامل مع الجاليات المسلمة في الغرب، أو “الغربي” في مجتمعات على مستويات مختلفة من الفرد إلى الجماعات.
وتثير خريطة مكونات البعد الثقافي المعنى؟ هل مجمل النشاط الإنساني الإبداعي؟ هل أسلوب حياة؟ هل الإطار الكلي الذي يحيط بالسياسة والاقتصاد والذي يتصل بالتاريخ والتراث والدين والقيم؟
ما هي المستويات التي يتجه إليها العمل الثقافي: الحكومات أم النخب المثقفة أم أجهزة الإعلام أم مؤسسات المجتمع المدني أم المواطن الفرد؟ وهل تقوم المنظمة فقط بهذا العمل أم تقوم بالتنسيق مع حكومات الدول الإسلامية ومع تنظيمات الجاليات المسلمة.
ما الغاية النهائية من إدارة البعد الثقافي: المساعدة في إدارة الجاليات المسلمة لما تواجهه من تحديات؟ أم إدارة حوار ثقافي مع الآخر (تشارك فيه الجاليات المسلمة أيضًا) وما إمكانياته وفعالياته وقيوده في ظل أوضاع الخلل الاقتصادي السياسي في موازين القوى بين طرفي العلاقة: المسلمون والغرب.
وأخيرًا ما العلاقة بين الثقافة وبين السياسي والاقتصادي في العلاقة بين الطرفين: بعبارة أخرى ما هي فرص التنمية الثقافية الإسلامية الفاعلة أمام الجاليات المسلمة في الغرب، وما هي فرص الحوار الثقافي الحقيقي أو “التثاقف مع الأمم الأخرى وما هي نتائجها المرجوة.
وإذا كانت دراسة نماذج محددة ونتائجها الراهنة هي السبيل للإجابة على الأسئلة السابقة، وإذا كانت التقارير والمقالات والدراسات المتوافرة على شبكة المعلومات الحديثة تقدم جانب من الصورة، فما لا شك فيه أن تقويم الواقع (مشاكله وإدارته) –على الساحة الأوربية- أو الأمريكية يخرج عن إمكانيات هذه الورقة ومع ذلك وحيث أن التخطيط لاستراتيجية جديدة يتطلب تقويم الخبرة الراهنة ونتائجها لينطلق التصور الجديد على ضوئها، فإنه يمكن الاجتزاء والانتقاء والإحالة إلى خبرة دراسة أحد نماذج التفاعلات الثقافية وهو نموذج البعد الثقافي للشراكة المتوسطية –الأوروبية (1995- 1997)، والتي تقدمها دراستان تفصيليتان عن هذا النموذج وإطاره السياسي.
حقيقة قد لا تنصب هذه الخبرة مباشرة حول أوضاع الجاليات المسلمة في الغرب إلا أنه يحوي الكثير من الدلالات لرؤية الطرف الأوربي (الرسمي – وشبه الرسمي) لأبعاد وآفاق ما يسمى حوار ثقافي أ حوار بين الثقافات كشرط لدفع تعاون سياسي واقتصادي أو تعاون استراتيجي بين جانبي المتوسط يقع في صميمه أيضًا وضع الجاليات المسلمة في الغرب على أساس أن الفهم المتبادل الناتج عن “تداخل الثقافات” لابد وأن ينطلق من استبعاد الدين وتخطي التاريخ والتوفيق بين معطيات المصالح الراهنة.
وبدون الدخول في تفاصيل أبعاد المتقابلتين فيكفي هنا- وبفرض قبول إمكانية حوار ثقافي أن نطرح السؤالين التاليين:
هل ما هو قائم على الصعيد المؤسسي هو من قبيل الحوار؟ وهل هو سبيل لدفع التعاون السياسي الاقتصادي المتوسطي لصالح العرب في شمال المتوسط وجنوبه؟
وبصدد السؤال الأول أود أن أحيل إلى التقييم الذي قدمه السفير هاني خلاف لمسار ومناهج معالجة ما يسمى حوار الحضارات أو الثقافات. وتتلخص هذه الرؤية فيما يلي:
من ناحية: لا يوجد تحت عنوان “حوار الحضارات أو الثقافات” الذي يعد بمثابة موضة فكرية، أبعد من الدعاية المسطحة فيما يشبه المونولوج. ولا ينبغي أن يقتصر الحوار الحقيقي على مجالس يؤمها رجال الدين المسيحي وعلماء الإسلام لاستعراض وجوده التسامح في الديانتين، كما لا ينبغي أن يقتصر على مناظرات أكاديمية تكشف مدى سبق كل من الثقافتين العربية – الإسلامية والغربية.
ومن ناحية أخرى: ينبغي أن يتصدى الحوار لرصد تحليل نوعية الصور المرسومة عن الشعوب وحضاراتها في أذهان الآخرين وإمكانيات تطوير هذه الصور ثم طرح الصور البديلة. وحيث أن الحوار ليس حوارًا سياسيًا بين أطراف ذات مصالح متعارضة فهو يجب أن يشمل رؤية كل منا للآخر كما تبدو في الآداب والفنون والإعلام والدعاية ومقررات الدراسة.
ومن ناحية ثالثة: لا ينبغي أن يستخدم الحوار كمدخل لإذابة الفوارق والخصوصيات الذاتية لأي من أطرافه ولا لعولمة ثقافة ما أو تعديل الأنساق القيمة للآخرين بما يتفق ومعايير أنساق هذه الثقافة. لأن الهدف من الحوار ليس إدماج الثقافات ولكن تعويد الشعوب والمؤسسات على احترام الاختلاف وكيفية التعايش رغم الاختلاف.
أما بصدد السؤال الثاني: فلابد وأن أطرح التصور الذاتي التالي:
وهو ينطلق من أن الخلل في ميزان القوى الاقتصادية والسياسية بين طرفين لا يسمح بإمكانية حوار ثقافي بمعناه الحقيقي أي الحوار الذي يؤدي ليس إلى تحسين صورتها لدى الآخر فقط ولكن أن نصل إلى عرض صورة الآخر في ذهننا. ومن ناحية أخرى: فإن الخبرة التاريخية تبين كيف أن الأداة الثقافية –بأوسع معانيها- كان لها وزنها بين أدوات الغرب الأخرى في إدارة صراعه مع المسلمين في القرون الأخيرة، أي منذ أن بدأ منحنى القوة الإسلامية في الهبوط فإن خبرة التاريخ الحديث تبين كيف استغلت القوى الغربية العامل الثقافي بأوسع معانيه لتحقيق أهداف سياسية لم تكن تقدر الأدوات التقليدية على تحقيقها بمفردها.
بل كانت الأهداف الثقافية لا تفترق –لدى الغرب- عن أهدافه السياسي تجاه العالم الإسلامي. فلم تكن السيطرة على الأرض والثروات هي الغاية فقط ولكن السيطرة أيضًا على النموذج الثقافي الفكري بل واستبداله.
ولذا فإن الوضع الراهن –الذي يشهد- بمبادرة غربية أو بمبادرة تغريبية فورة الحديث عن حوار ثقافات وحضارات وأديان –ليس إلا حلقة من حلقات سابقة. وتشهد هذه الحلقة قمة الأزمة الفكرية في مجتمعاتنا نظرًا لهذا الخصم الهائل من اختلالات ميزان القوى لغير صالحنا، والذي يحيط بمضمون محدد ومعنى محدد للحوار الثقافي في ذهن المبادرين بالدعوة، وذلك في وقت يتعرض فيه البعد الثقافي- الحضاري العقدي لأمتنا لأخطر موجات التحدي والتي تستوجب بالضرورة الاستجابة المناسبة لتدعيم الثقافة الإسلامية للشعوب الإسلامية في كل مكان، ليس في الدول الإسلامية فقط ولكن في الأوطان الجديدة التي هاجر إليها البعض. ولهذا لا ترى الورقة انفصالاً بين مستويات ثلاثة للعمل الثقافي الإسلامي: في داخل الدول الإسلامي ذاتها التي تجتاحها وتخترقها موجات العولمة الثقافية، وبالنسبة للجاليات المسلمة في الغرب، ونحو المجتمعات والجماعات الغربية المختلفة.
ومن ثم فإن علاج أزمة الثقافة الإسلامية في الدول الإسلامية وأزمة التعاون الثقافي الإسلامي، وأزمة المواجهة مع الثقافات العالمية هو شرط ضروري للتمكين من فعالية مساعدة الجاليات المسلمة. لأن أزمة التغريب في الداخل والتبعية للخارج من أهم معوقات فعالية أي استراتيجية للعمل الثقافي الإسلامي في الغرب

ج- ما هي آليات تنفيذ أهداف الاستراتيجية في المجالات المختلفة؟

تحدد وثائق استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي المشترك، العمليات المطلوبة من أجل تحقق التنمية الثقافية وهي عمليات تقوم عليها أجهزة رسمية قومية أو جماعية (وخاصة في إطار المنظمة)، ويتوقف تنفيذ هذه العمليات على تعبئة موارد ومشاركة الدول الأعضاء، كما أنها تنحصر في نطق ما يمكن بالمجالات التقليدية للعمل الثقافي الإسلامي في مواجهة الغرب (سواء في داخل الدول الإسلامية أو خارجها) وليس في المجتمعات الغربية وهي تعميم تعليم اللغة العربية وتقوية مناهج تدريسها، إثراء مناهج التعليم في مراحله المختلفة بالقيم الثقافية الإسلامية، تشجيع حركات التأليف والنشر والترجمة والأعمال الفنية المختلفة، توظيف وسائل الاتصال الحديثة في نشر القيم الثقافية الإسلامية، صياغة المناهج التربوية والعلمية بالاستفادة بجهود المنظمة، إدخال مادة الثقافة الإسلامية بما في ذلك الفقه الحضاري وتفسير التاريخ على أساس المنهج الإسلامي في جميع مراحل التعليم وتخصصاته، التأكيد على أهمية اللغة العربية في نشر الثقافة الإسلامية واعتبارها وسيلة لتطوير الجامعات في اتجاه تأصيل المناهج وذلك للترابط القائم بين اللغة العربية وبين الثقافة الإسلامية، العمل على ردم الهوة التي تفصل بين الدراسات والعلوم الشرعية وبين الواقع العلمي والفكري والثقافي المعاصر، متابعة الجوانب الإيجابية في معطيات الفكر العالمي … ومما لا شك فيه أن تحديد هذه المجالات ليدل دلالة قاطعة على إدراك أبعاد أزمة الثقافة الإسلامية في المجتمعات الإسلامية وسبل علاجها. ولكن يل السؤال التالي مطروحًا ما قدر الفاعلية في تحقيق أهدافها؟
المستوى الثالث: دلالات الربط بين الإطار العام (المستوى الأول) والإطار الخاص (المستوى الثاني) لاستراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب:
انطلاقًا من رؤية الورقة عن طبيعة التحديات التي تبرز من الإطار السياسي والاقتصادي الإقليمي والعالمي المحيط بالبعد الثقافي في علاقات الأمة مع الأمم الأخرى المهيمنة في النظام الدولي، وفي علاقة مكونات الأمة بعضها ببعض، وانطلاقًا من رؤية الورقة عن طبيعة خصائص عملية صياغة وتنفيذ استراتيجية للعمل الثقافي في الغرب في نطاق الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، فإنه يمكن صياغة تصور حول الاستجابات المقترحة في هذا الصدد.
وقبل تقديم أبعاد هذا التصور المقترح فإنه يلزم –ابتداء- تسجيل ما يلي:
من ناحية أن استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب –سواء على صعيد الجاليات المسلمة أو المجتمعات الغربية- لا تحز (كما سبق ورأينا في المستوى الثاني من الورقة) إلا وضعًا ضئيلاً في الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي ومن خطة أنشطة المنظمة خلال العامين الماضيين حيث أن الاهتمام الأساسي ينصب على الدول الإسلامية والتعاون الثقافي بينها وإذا أدركنا ما يحول دون الإيسيسكو ودون تنفيذ هذه الاستراتيجية الطموحة بفعالية وبسرعة لأدركنا أيضًا حقيقة العوائق التي تحول دون تطويرها لبرامج العمل في الغرب.
ومن ناحية ثانية: تدرك المنظمة مدى الحاجة لتفعيل تنفيذ أهدافها على أرض الواقع في مواجهة ما يعترضه من تحديات ومن ثم فإن نتائج المائدة المستديرة التي عقدتها في الرباط في 1997 تحت عنوان “الإيسيسكو والقرن الحادي والعشرين: التحديات والمسئوليات” لتبرز قدر التحديات التي تواجه هذا التنفيذ. وبالنظر إلى محاور الندوة الثلاثة وهي التحديات الحضارية التي تواجه العالم الإسلامي، الخصائص المميزة للثقافة الإسلامية عن الثقافات الأخرى، المسئولية الثقافية التي يجب القيام بها لمواجهة التحديات الحضارية للعالم الإسلامي على حد سواء على إمكانيات الاستراتيجية الثقافية للمنظمة وفعاليتها على نطاق الدول الإسلامية والتعاون الثقافي بينها، ناهيك بالطبع عن نطاق الجاليات الإسلامية والجماعات الإسلامية في الخارج أو التثاقف مع الأمم الأخرى.
ومن ناحية ثالثة: على ضوء الملاحظتين السابقتين لابد وأن يكون منطلق العمل في الاجتماع الحالي هو: تقييم قدر الإنجاز الذي تحقق خلال العامين الماضين، منذ إقرار آليات تنفيذ الاستراتيجية الثقافية 1998 (أي بعد سبعة أعوام من إقرار الاستراتيجية ذاتها) بالنسبة لجزئيات البند 12 من بنود مجالات العمل في الاستراتيجية، وهو المتصل بالجاليات الإسلامية والجماعات الإسلامية في الخارج. كذلك تقييم نتائج اجتماعات هولندا في مايو 99 والتي شارك فيها خبراء ورؤساء المراكز والجمعيات الإسلامية في أوروبا.
وبناء على ما سبق فإن عناصر التصور عن الاستجابات الإسلامية المقترحة لا تنبني على قاعدة معلومات محددة ومن ثم لا تقترح الورقة إجراءات تنفيذية محددة، بقدر ما تقدم اقتراحات حول اتجاهات كبرى للعمل، سواء على مستوى الآليات أو المضمون، وهي تدخل في سياق محاولة إعادة تحديد نطاق “الثقافي” ومضمونه ومجالاته.
ومما لا شك فيه أن ترجمة هذه الاتجاهات إلى برامج محددة يتوقف على أمور أخرى لا تتوافر لمعد هذه الورقة.
وتتلخص المقترحات بالاتجاهات الكبرى في المجموعات التالية:

1- حول الآليات والقنوات:

1- 1- الحاجة للأدوار المتكاملة والمتناسقة –وليس المتوازية بين أدوار الأجهزة الرسمية الجماعية أو القومية، وبين المنظمات والهيئات الإسلامية غير الرسمية، وبين مفكري وعلماء الأمة. بعبارة أخرى هناك ضرورة للتنسيق والتكامل بين العلاقات الرسمية، والعلاقات عبر القومية الجماعية والجهود الفردية أو الجماعية الفكرية في المجال الثقافي فعلى سبيل المثال:
تشجيع إقامة الاتحادات بين المراكز والجمعيات الإسلامية في دول أوروبا، وتنسيق الاتصال بينهما وبين الحكومات والأجهزة الرسمية وغير الرسمية الإسلامية التي يمكن أن تمدها بالدعم، إيجاد آليات لدعم أنشطة اتحادات الجاليات المسلمة ومساندة مطالبها الثقافية في مجتمعاتها الجديدة.
التواجد في الملتقيات العالمية أو الإقليمية أو عبر الإقليمية الرسمية وغير الرسمية التي تهتم بوضع المواثيق العالمية الراهنة أو الإقليمية الخاصة بقضايا هامة مثل حقوق الإنسان والمرأة، والأقليات، وقوانين تنظم الهجرة في أوروبا وجميعها تمس مباشرة أوضاع الجاليات المسلمة في الغرب أو صورة الغرب عن الإسلام أو الأوضاع في الدول الإسلامية ذاتها.
الانتباه إلى قنوات وآليات –غير رسمية- قد تمارس تأثيرات سياسية هامة من خلال آليات ثقافية شديدة الخطورة: مثلاً المعرض الدولي للثقافات في ديزني لاند خلال صيف 99 وكيف ثارت قضية القدس في الجناح الإسرائيلي وكيف كان فعل الجماعات العربية والإسلامية الأمريكية المضاد وكيف كان خذلان “الرسمي” لهذه الجماعات الرسمية”.
مراقبة وملاحظة وتقييم موجات الأزمات الثقافية التي تندلع في الدول الإسلامية (التي يصبح لها ردود فعل كبيرة في الغرب بل والتي يوظفها الغرب ضد الإسلام والمسلمين ويكون لها ردود فعل بالنسبة لمسلمي الغرب مثلاً: عقب أزمة سلمان رشدي الشهيرة والتي تلتها أزمة (تسليمة نسرين) ثارت خلال العام الماضي والحالي ثلاث أزمات في لبنان (أنشودة مارسيل خليفة)، وفي الكويت (سجن د. البغدادي الأستاذ الجامعي بعد حملة عليه بسبب مؤلفاته) وفي مصر (نشر كتاب وليمة لأعشاب البحر).
الاهتمام بمظاهر التعصب وانتهاكات حقوق الإنسان لأفراد أو مجموعات من الجاليات المسلمة في الغرب وخاصة المتصلة بالحقوق الدينية والثقافية (مثلاً أزمة الحجاب في فرنسا منذ عدة أعوام… وغيرها مما يمكن رصده تراكميًا.
الاعتراض على عملية التدمير المنظمة لمعالم الوجود الحضاري الإسلامي في البلقان (في البوسنة ثم كوسوفا).
1-2- توسيع دائرة ونطاق الثقافي موضع الاهتمام. فلا يقتصر على الأنشطة ذات الطبيعة الثقافية البحتة ولكن يجب فتح قنوات –التأثير والتأثر- مع- أجهزة ذات أنشطة أخرى سياسية أو اقتصادية تستدعي بالضرورة البعد الثقافي والتي نحن في أمس الحاجة لتقديم رؤية إسلامية اجتهادية معاصرة حولها. فأجهزة التعليم والتربية، ومراكز البحوث ووسائل الإعلام ليست القنوات الوحيدة للعمل الثقافي في زمن تقاطع فيه الثقافي مع السياسي والاقتصادي من الداخل والخارج. فعلى سبيل المثال:
تنظيمات حقوق الإنسان، والمرأة، يجب أن تصبح طرفًا مستهدفًا. بعبارة أخرى يجب عدم الاقتصار على قنوات الحركة المباشرة للفعل الثقافي في الغرب.
1-3- تعد المنظمة الجهاز الرسمي الجماعي للعمل الثقافي الإسلامي وهناك فرص وإمكانيات من فتح القنوات مع المنظمات المناظرة أو الشبيهة على أصعدة تجارب الاندماج أو التضامن الغربية، مثل الاتحاد الأوروبي، مجلس أوربا، فإن بعض من أنشطة هذه المنظمات تمس أوضاع الجاليات المسلمة في أوروبا وأوضاع الدول الإسلامية، وعل نحو لم يعد فيه الفصل قائمًا بين الثقافي وبين السياسي الاقتصادي. ويعد البعد الثقافي الاجتماعي في الشراكة الأوروبية المتوسطية كأحد أبعاد لهذا المشروع الاستراتيجي دلالة واضحة على ذلك.
1-4- أهمية التنسيق مع أجهزة إسلامية نوعية رسمية أو غير رسمية: مثل رابطة العالم الإسلامي، رابطة الجامعات الإسلامية وخاصة حول الأنشطة المتقاطعة مع اهتمامات الإيسيسكو.
1-5- ومع الأخذ في الاعتبار الجدل الدائر حول الآثار المختلفة لشبكة المعلومات العالمية (إنترنت) وخاصة في المجال الثقافي بعناصره المختلفة، ومع الأخذ في الاعتبار محدودية حجم مساهمة المسلمين في هذه الشبكة[12]، فإنه لا يمكن إنكار أن العملة ليس لها وجهًا واحدًا سلبيًا ولكن هناك وجهًا آخر يحمل فرصًا وإمكانيات. ومن ثم لابد وأن تنشط الإيسيسكو لدعم موقعها على الإنترنت وجعله سبيلاً من أهم سبل التواصل الثقافي المعاصر بين أبناء الأمة. ومما لا شك فيه أن تواصل الجاليات المسلمة في الغرب مع الأوطان الأم وغيرها من الأوطان الإسلامية عبر هذه الشبكات من أهم سبل هذا التوصل. ولذا يحتاج هذا السبيل دعمًا خاصًا وتخطيطًا علميًا مثل الاهتمام بصفة خاصة بجيل الشباب وتصميم قنوات للتواصل فيما بينهم حول فكرة الأمة والتضامن الإسلامي، وتشجيع خلق رأي عام إسلامي حول قضايا الأمة، وتفعيل سبل التضامن في أنشطة متنوعة فكرية وثقافية، وتوفير قواعد المعلومات عن مجالات مختلفة في نطاق الاهتمام المتبادل بين المسلمين مثل المؤتمرات والندوات والإصدارات الجديدة، والأحداث الثقافية الهامة.
إن الإنترنت يمكنه –إذا أحسِنَ التخطيط لتوظيفه- أن يساعد في التغلب على “التجزئة” وعواقب الحدود القومية، وأن يمثل موقع الإيسيسكو عليه ساحة أساسية لتقديم كثير من الخدمات التي لا غنى عنها لتنفيذ أهداف الاستراتيجية الثقافية الإسلامية برافديها الخاص بالتعاون الثقافي بين الدول الإسلامية، والخاص بالعمل الثقافي الإسلامي في الغرب. وهي الأهداف التي يعوق دون فعالية تحقيقها مبدأ السيادة القومية وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء وغير الأعضاء.

2- حول اتجاهات المضمون وقضاياه:

1- التأكيد على أن الجاليات المسلمة في الغرب جزء من الأمة الإسلامية
وهناك حاجة للتأصيل واضح وتجديدي لهذا الوضع: لا يغفل بالطبع حقيقة وجود هذا الجزء من الأمة بين شعوب غير مسلمة غربية ولكن يحرص في نفس الوقت على تأكيد الروابط بين هذا الجزء من الأمة والأجزاء الأخرى، التي تأخذ الآن شكل الدول الإسلامية (أو شكل جاليات أو أقليات مسلمة في أرجاء أخرى من العالم). وهذه الروابط تبادلية وذات اتجاهين وليس اتجاه واحد: فإذا كانت الجاليات المسلمة في الغرب تتطلب أنماطًا متنوعة من النصرة فإنها بدورها تمثل قاعدة أساسية وركنًا أساسيًا في الغرب يمكن أن يساهم في تحقيق بعض أهداف العمل الثقافي الإسلامي في الغرب في مواجهة الغرب.
وإذا ما استطاعت هذه الجاليات النجاح في إدارة أنماط التحديات المختلفة التي تواجهها (والتي سبق تحديدها في المستوى الثاني من الورقة)، فإنها ستصبح رصيدًا فاعلاً للإسلام في الغرب، ولقضايا الأمة بصفة عامة ومن ثم فهناك حاجة للاهتمام بهذا المجال التأصيلي الفقهي الفكري الذي لابد وأن ينطلق من دعائم الرؤية الإسلامية. عن العلاقة بين الإسلام، والوطن، والقومية، وعن وضع المسلم في ديار غير إسلامية وهو التأصيل الذي يقع في قلبه أو ينبني عليه “فقه الأقليات المسلمة المعاصرة”.
ولعل من أهم الأمور المتصلة بما سبق طرحه –والتي يجدر التنبيه إليها هو ضرورة التصدي لشيوع مصطلح “الدياسبورا” الإسلامية في وثائق غربية وفي أدبيات كناية عن الجاليات المسلمة في العالم والتي جرت الأدبيات العربية على وصفها بالأقليات المسلمة.
2- عدم اقتصار منظومة العمل الثقافي على المجالات القائمة فقط: تعليم اللغة العربية، الدين الإسلامي المعمار الإسلامي، الفنون الإسلامية، ولكن يجب أن تمتد أيضًا إلى مجالات وقضايا ذات أبعاد ثقافية واضحة: حقوق الإنسان، حقوق الأقليات واللاجئين، حقوق المرأة، الحوار الثقافي والحضاري، الحوار الإسلامي المسيحي، التسامح والتعددية، قضايا الفكر والإبداع بين فكرة الحرية وبين الضوابط …… وغيرها.
3- إذا كانت الرؤية الإسلامية لا تنطلق من لغة “صراع” ولكن من لغة “تعارف”، ولا تسعى نحو “تنميط” ولكن تقوم على سنة التنوع، وإذا كانت الرسالة الإسلامية “دعوة للعالمين: لا إكراه ولا إجبار فيها إلا أنها أيضًا ليست اعتذارية، تبريرية، دفاعية.
ومن ثم فإذا كان التحليل السابق في أجزاء الورقة يثير علامات الاستفهام حول مغزى الدعوات من أجل الحوار الثقافي، الحضاري، حوار الأديان كصيغ “للتعاون الثقافي مع الغرب”، فهو أيضًا لا يتبنى أسانيد الأطروحات السائدة عن “الصراع الثقافي، الحضاري، صراع الأديان”. والتي تنعكس على علاقات الدول الإسلامية بالغرب بقدر ما تنعكس على علاقة الجاليات المسلمة مع أوطانها الجديدة.
إن التحليل في هذه الورقة إنما يسعى للتأكيد على بعض الأمور وهي:
من ناحية: تعزيز التعاون حول “حوار ثقافي” بشروط ومضامين تجعله سبيلاً للتعارف الحضاري الحقيقي، ومن ثم تنأى به أن يكون سبيلاً لتمكين ثقافي لطرف على طرف آخر أو أن يكون قناة للاعتذار والدفاع والتبرير في مواجهة “الاتهامات” المتعددة للإسلام والمسلمين سواء في أوربا ذاتها أو خارجها.
من ناحية أخرى: يقدم رموز الفكر الإسلامي المعاصر أطروحات متكاملة حول “البعد الثقافي” فمن المقاربة بين القيم الإسلامية والقيم الغربية[13] إلى تقديم الرؤية عن الدلالات الثقافية المعاصرة في إطارها السياسي الراهن[14]، إلى تحليل العلاقة بين العولمة والهوية ودور الأديان، إلى البحث في الأبعاد الثقافية السلوكية للمسلمين “الاقليات” في ظل ضغوطات العولمة وما بعد الحداثة[15]، إلى الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام كضرورات وليس مجرد حقوق [16]. إلى التمييز بين العالمية والعولمة ومن ثم العلاقة بين الإسلام والعولمة.
هذه ليست إلا نماذج على سبيل المثال وليس الحصر وهي تعني، في نظري، نماذج على “المبادرة” الثقافية وليس “الاعتذار” الثقافي، نماذج تدفع للتقدم نحو صياغة رؤية إسلامية وتشارك في هذه الصياغة.
فإذا كان الجميع يتفقون على أن هناك أزمة عالمية ذات بعد قيمي –ثقافي واضح الدلالة يستوجب مراجعة المنظورات: فإن الإسلام قادر على أن يقدم رؤية تساهم في تقنين الرؤية الجاري صياغتها للعالم وخاصة حول أوضاع الأقليات، ومنها المسلمة في العالم.
بعبارة أخيرة نحن في حاجة لخطاب غير اعتذاري، غير دفاعي، نحن في حاجة لخطاب ينطلق من الذات الإسلامية وخصائصها “وبمبادرة” تجاه الآخر وذلك حتى يتحقق التوازن في الرؤية الذي هو أساس الفاعلية.
وإذا كانت اليونسكو تعد لأن يكون عام 2000 عام “ثقافة السلام” فلابد وأن يكون الطرح الإسلامي “لمفهوم” السلام حاضرًا وفاعلاً ومؤثرًا، وإذا كانت مفاهيم “ثقافة التسامح”، “ثقافة قبول الآخر” يتم تداولها في محافل “الحوارات الثقافية” فإن الطرح الإسلامي لها يجب أن يكون حاضرًا وفاعلاً ومؤثرًا، وإذا كانت ندوات وحوارات “الإسلام والغرب” تتعدد في تلاق وتقاطع حول أمور منهاجية ومضمونية شتى فيجب أن تكون الرؤية الإسلامية حاضرة وفاعلة ومؤثرة وإذا، وإذا….. إلخ.
إذن المطلوب “المبادرة الثقافية” عند تخطيط رؤية استراتيجية للعمل الثقافي الإسلامي في الغرب وذلك انطلاقًا من رؤية كلية عن وضع البعد الثقافي (بين أبعاد أخرى) في هجوم الآخر تجاهنا وعن وضع البعد الثقافي الإسلامي في مشروع النهوض الحضاري الإسلامي. فهذا البعد الثقافي الإسلامي –الذي تضعه وثائق الإيسيسكو في قلب هذا المشروع الحضاري- ليس منقطع الصلة بالأبعاد الأخرى: السياسية، الاقتصادية، العسكرية. وكذلك فإن مشاكل الدول الإسلامية الثقافية لا تنقطع أو تنفصل عن إمكانيات أو قيود العمل الثقافي الإسلامي لنصرة الجاليات المسلمة في الغرب أو عن العلاقة الثقافية مع الغرب.
بعبارة أخرى: فإن الرؤية الاستراتيجية المطلوبة يجب أن نطلق من عدة أسس وتنبني على بعض الأسس الأخرى. فليس هناك حوار ثقافي حقيقي بين غير أكفاء من الناحية المادية، كما أن الحوار في ذاته ليس السبي بمفرده لحل مشاكلنا مع الآخر أو لديه.
ومع ذلك، فانطلاقًا من وسطية الإسلام وانطلاقًا من رؤيته عن التعارف الحضاري فإن هذا التعارف الحضاري يمثل السبيل للتجديد الحضاري لدينا من ناحية ولمشاركة الفكر الإسلامي في عملية التجديد الحضاري العالمية من ناحية أخرى.
فبالرغم من إدراك خطورة أدوات السيطرة والهيمنة ومنها الثقافية الآن، إلا أن التجارب التاريخية جميعها تؤكد أن هناك أيضًا تفاعلات ثقافية- انسيابية هادئة تحقق الاحتكاك بين الحضارات. وهذا الاحتكاك لا يكون دائمًا في اتجاه واحد. فحتى الحضارة –الضعيفة ماديًا- بمقدورها أن تترك آثارها على الحضارات الأقوى ماديًا. وإذا كانت حضارتنا الإسلامية –بمعايير القوى المادية قد تراجعت الآن إلا أنه مازال للعملة وجه آخر أكثر أهمية وأكثر حيوية وهو منظومة القيم في الإسلام ورسالته للعالمين. ومن هنا يمكن أن نفهم كيف يمكن أن يصبح مسلمو المهجر أو مسلمو الغرب رصيدًا للإسلام في الغرب من خلال هذا الاحتكاك الإنسيابي الهادئ ومن ثم فإن استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب هي جهاد من نوع خاص يستوجب كل سبل المساندة.
*****

الهوامش:

[1] – انظر تفاصيل هذه الأسباب وأبعاد هذه المؤشرات ودلالتها بالنسبة لوزن البعد الثقافي في علاقات المسلمين بالغرب في دراسة جعلت من البعد الثقافي الحضاري في دراسة العلاقات الدولية مرتكزًا تدور حوله أجزاؤها:
– د. نادية محمود مصطفى: التحديات السياسية الخارجية للعالم الإسلامي (في) رابطة الجامعات الإسلامية. دراسات التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في القرن المقبل، القاهرة، 1999.
[2] – د. نادية محمود مصطفى: مرجع سابق: ص 198-200.
– د. نادية محمود مصطفى: مدخل منهاجي لدراسة التطور في وضع ودور العالم الإسلامي في النظام الدولي (في) د. نادية محمود مصطفى (إشراف) مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1996، الجزء السابع ص 67-70.
– د. نادية محمود مصطفى: تهويد القدس ودلالات العولمة: حول البعد الحضاري –الثقافي العقيدي في صراع القوى وموازينه- مجلة القدس، شهرية، العدد 4، أبريل 1999.
[3] – حول تفاصيل هذه الخطابات وهذه السياسات وحول نماذج من أهم الأدبيات التي تناولتها انظر:
د. نادية محمود مصطفى: التحديات السياسية الخارجية للعالم الإسلامي: مرجع سابق. الفصل الثالث.
[4] – انظر على سبيل المثال وليس الحصر:
– د. رضوان السيد:
إشكالية المسألة الثقافية العربية في زمن التسوية. مجلة مستقبل العالم الإسلامي، العدد 16، خريف 1995.
– مجلة مستقبل العالم الإسلامي، العدد 9، شتاء 1993.
عدد خاص عن الإسلام والثقافي والحضاري في النظام الدولي.
– إشكالية العلاقة الثقافية مع الغرب: بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها المجتمع العلمي العراقي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997.
[5] – انظر تحليل وضع المسلمين في الغرب في سياق تحليل وضع الإسلام والمسلمين في النظام الدولي كما جاءت في مجموعة مختارة من إنتاج مفكري الغرب في:
– د. نادية محمود مصطفى: التحديات السياسية الخارجية للعالم الإسلامي، مرجع سابق: ص 117-164.
– شريف عبد الرحمن: نماذج من الرؤى الغربية لحالة الإسلام والمسلمين في العالم المعاصر (في) أمتي في العالم (حولية قضايا العالم الإسلامي) 1999، مركز الحضارة للدراسات السياسية، القاهرة، 2000.
[6] – نقلاً عن د. سيف الدين عبد الفتاح: الاتجاهات الحديثة في دراسة الفكر السياسي الإسلامي (دراسة غير منشورة مقدمة إلى اللجنة الدائمة للترقيات في العلوم السياسية أبريل 1999) ص 48، انظر ببليوجرافيا مهمة في الموضوعات التي تعبر عن حضور المسلمين في الغرب وتصل هذه القائمة؟ إلى 780 مادة تعبر عن سيل الكتابات في هذا المجال، انظر هذه الببليوجرافيا في:
W.AR Shadid & P.S Van Konings Veld (eds) Religious freedom and Position of Islam in Western
Europe: opportunities and obstacles in acquisition of Equal Rights.
[7] – إن الخطة البحثية لمركز الحضارة للدراسات السياسية (تأسس 1997) والتي تهتم بقضايا الأمة الإسلامية في النظام الدولي المعاصر (باعتبارها الخطة المكملة لمشروع العلاقات الدولية في الإسلام الذي اهتم بالعلاقات الدولية في الإسلام على مستوى الأصول، التاريخ، الفكر) هذه الخطة البحثية، تهتم بدراسة الأقليات المسلمة في العالم ووضعها في النظام الدولي المعاصر، حيث أنها تتأثر بالتطورات العالمية مثلما تتأثر بذلك الدول الإسلامية. ومن ثم فإن دراسة تطور وضع الدول الإسلامية في النظام الدولي لا ينفصل عن دراسة تطور أوضاع الأقليات المسلمة في العالم. ولذا فإن مشروع الإطار المقارن لدراسة “الأقليات المسلمة في العالم يعد الجناح الثاني للخطة البحثية للمركز. ويظهر ذلك جليًا في الحولية التي يصدرها المركز التي تهتم بقضايا الأقليات المسلمة في العالم إلى جانب الاهتمام بقضايا علاقات الدول الإسلامية.
[8] – انظر على سبيل المثال وليس الحصر:
إيفون يزبك حداد، المسلمون في أمريكا، القاهرة مؤسسة الأهرام. 1994.
– Gilles Kepel. Allah in the West: Islamic movements in America and Europe 1997
– Steven Vertovec (ed) Islam in Europe The politics of religion and community. Macmillan 1997.
9- انظر الاختلافات بين هذه الأنماط وهذه الفئات في: د. نادية محمود مصطفى: إطار مقارن لدراسة الأقليات المسلمة في العالم (في) د. حسن العلكيم (محرر) قضايا إسلامية معاصرة (1997).
10- انظر على سبيل المثال مواقف الجماعات المسلمة في الولايات المتحدة من بعض القضايا في:
عزة جلال: الجماعة المسلمة في الولايات المتحدة والضربة الأمريكية البريطانية ضد العراق (في) أمتي في العالم (1998). مرجع سابق.
آمال الشيمي: قضية القدس في ديزني لاند بين التفاعلات الرسمية وغير الرسمية (في) أمتي في العالم (1999): مرجع سابق.
[11] – د. عبد العزيز بن عثمان التويجري: التنمية الثقافية من منظور إسلامي. الإسلام اليوم.العدد 14، 1417هـ -1996م، ص 49-61.
انظر أيضًا: ندوة الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، إصدارات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، 1991.
[12] – نبيل شيب: الشبكة العالمية ومستقبل المسلمين (في) أمتي في العالم (1999)، مرجع سابق ص 275- 300.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى