هل تندلع الفتنة الطائفية الشاملة في العراق والمنطقة؟قراءة في تداعيات اقتحام اعتصام الرمادي..أ.أمجد جبريل

لم يشأ عام 2013 أن يطوي أيامه دون أن يترك بصمته على الأزمة العراقية الممتدة فصولا منذ وقوع بلاد الرافدين تحت الاحتلال ربيع 2003. وبعد عشرة أعوام كاملة لا تزالأهم ملامح الوضع العراقي تتلخص في: مشكلات الطائفية – بمحركاتها الداخلية والخارجية -، وأزمات العملية السياسية المرتبطة بإعادة بناء الدولة، وتفشي الفساد، وانفلات الوضع الأمني، وغياب دولة القانون، والتهديدات لتماسك ووحدة أراضي الدولة، والمشكلات المتعلقة بإقليم كردستان، واستهداف العراقيين على الهوية، ولا سيما الهوية السنية العربية.

 

 

بيد أن اقتحام القوات العراقية في 30/12/2013، ساحة الاعتصام بالرمادي، وهي مركز محافظة الأنبار الغربية، سيشكل في رأي كثيرين مرحلة جديدة في تطور الأزمة السياسية/المجتمعية في العراق، وقد يصعب أن تعود الأوضاع إلى ما قبل هذا التاريخ، لا سيما مع وجود مناخ إقليمي ودولي قد يدفع بمشكلات العراق الداخلية إلى مسافات تغيب عنها أدوات السياسة والحوار والتفاهمات، وتحضر فيها الطائفية وصراعات الهوية والاحتكام إلى لغة السلاح والقوة، فضلا عن توظيف العراق ضمن صراع الأجندات الإقليمية والدولية المرتبط بالثورة السورية والمشروع الإقليمي الإيراني، الراغب في بسط هيمنته على كل من العراق وسوريا ولبنان، مما حول هذه الدول الثلاث إلى ساحات حروب بالوكالة بين إيران والسعودية والحركات العنفية، وذلك في ظل تنسيق تنافسي متنامٍ بين الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، وفي ظل مستقبل غامض للثورات العربية في مجموعها مع حصار مؤيديها على الصعيد الإقليمي وخاصة تركيا.

وترى بعض التحليلات أن “ساحات الاعتصام في عموم محافظات العراق تشكل ظاهرة رمزية تشير إلى انتفاضة جزء من المجتمع العربي في العراق ضد محاولات تقزيمه وتهميشه وارتهان إرادته؛ وهي السياسة التي دأبت عليها حكومات ما بعد الاحتلال منذ عهد إبراهيم الجعفري وحتى حكومة المالكي الحالية. لذلك، يثير تحولها إلى رمز، قلقَ الأحزاب السياسية المسيطرة على السلطة، ليس بسبب رمزيتها فحسب، وإنما أيضا بسبب كيفية تحول هذا الرمز إلى هدف يسعى لتأكيد سيطرة أصحابه على قراراهم وخياراتهم في مناطق تزيد مساحتها على نصف مساحة العراق (تعد مساحة الأنبار وحدها أكثر من ثلث مساحة العراق كله). من هنا تهدف عملية فض الاعتصامات إلى كسر الإرادة المتنامية لسكان هذه المناطق في ممارسة حقهم في المشاركة الحقيقية في إدارة شئون بلدهم، ومنع إنتاج قيادة جديدة أقدر في التعبير عن تطلعاتهم، وإحياء دور الوجوه المهادنة من المكون السني أو إعادة إنتاجها والتي ارتضت العملية السياسية الحالية في مقابل مكاسب شخصية هزيلة، وهؤلاء هم من دعاهم رئيس الوزراء للتفاوض باعتبارهم “أهل الأنبار الحقيقيين” [1].

اللافت في هذا السياق أن اقتحام ساحة الاعتصام في الرمادي لم يكن بلا مقدمات، بل كانت معظم المؤشرات السياسية ترجح حدوثه رغم خطورته، والآن بدأت تداعياته في الظهور تباعا، مما يثير التساؤل عن دلالة التوقيت وعلاقته بالإطارين الإقليمي والعالمي، اللذين يتشاركان في رقع شعار “محاربة الإرهاب”.

 والواقع أن الحالة الأمنية المتردية التي يعيشها العراق منذ فترة ليست بالقصيرة، ربما تشي بأن الأمور قد تسير في اتجاه التصعيد أكثر من التهدئة، في ظل غياب الرغبة في الحوار أو التفاهم بين أطراف العملية السياسية التي باتت في مهب الريح، وكذلك في ظل التداعيات الإقليمية والعالمية.

 ومما يساعد على تأجيج التصعيد الراهن في محافظة الأنبار عدد من العوامل؛ أولها تجاهل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لمطالب المتظاهرين والمعتصمين في الأنبار على مدار عام كامل (بدأت الاعتصامات والتظاهرات في 23/12/2012)، رغم توالي تصريحات المسئولين السياسيين ورجال الدين من السنة والشيعة بأنها مطالب مشروعة.

لقد ركزت مطالب المعتصمين والمتظاهرين في الساحات العراقية على عدد من النقاط، أهمها: إطلاق سراح جميع المعتقلين والمعتقلات الأبرياء، وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب وخصوصا المادة (4/إرهاب) التي تطبق بميول طائفية مقيتة، وإيقاف حملات الاعتقال العشوائية الممنهجة التي تستهدف مكونا بعينه تنفيذا لمشروع نوري المالكي الطائفي ومعاقبة كل مخالفيه في الرأي، وكشف ملفات الفساد ومحاسبة المفسدين، وإلغاء “قانون المساءلة والعدالة” الخاص باجتثاث العناصر البعثية من أجهزة الدولة، وتحقيق التوازن في كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وإخراج الجيش من المدن وعدم زجه في الخصومات السياسية، والحفاظ على استقلالية القضاء وعدم الضغط عليه سياسيا [2].

والواقع أن عدم الاستجابة لهذه المطالب الجزئية ذات الطبيعة الإصلاحية أو الحقوقية، قد يدفع في اتجاه آخر أكثر جذرية يركز على إسقاط العملية السياسية برمتها، وإلغاء الدستور (دستور 2005) باعتباره أصل مشكلات البلد تحت الاحتلال وبعده؛ إذ يعتقد بعض الباحثين في هذا الصدد بأن الاستجابة للمطالب الواردة أعلاه لا تمثل حلا حقيقيا؛ إذ إن الخلايا والميليشيات الجديدة والقديمة من الصحوات وفرق الموت التابعة لنوري المالكي لم تدخر وسعا في رصد من يخرجون في المظاهرات، وهي جاهزة للانتقام منهم متى صدر لها الأمر بذلك. ولذا فإن الخلاص إنما يكمن في “إسقاط العملية السياسية وإسقاط جميع أدوات المالكي من السياسيين والبرلمانيين والمسئولين الفاسدين. وعلى الحراك الشعبي أن يخرج بأدوات وقيادات نزيهة وأمينة ومن الكفاءات، لا أن يخرج بمشروع للتغيير بنفس أدوات المالكي وديكوراته” [3].

أما العامل الثاني الذي يساعد على تأجيج التصعيد الراهن في محافظة الأنبار، فيتعلق برغبة رئيس الوزراء العراقي في استثمار الظرف الراهن والتعبئة الإقليمية- الدولية ضد مجمل ظاهرة الإسلام السياسي بشقيها المعتدل والجهادي، وتوظيف ذلك لضرب الرموز السنية العراقية (مثل اعتقال النائب أحمد العلواني أواخر ديسمبر 2013، واستهداف شخصيات سياسية سنية أخرى سابقا مثل نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي والوزير رافع العيساوي)، فضلا عن سعي المالكي لإضعاف أو استئصال – إن أمكن- الحركات العنفية التي باتت لاعبا له وزنه في الأزمة السورية، لا سيما مع استناد هذه الحركات إلى قاعدة اجتماعية لا بأس بها في محافظة الأنبار. وهذا كله يتزامن مع مسعى المالكي لتأليب عشائر الأنبار ضد هذه الحركات العنفية، بالتوازي مع جهود أخرى تبذل في سوريا لإضعاف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” عبر دفع قوات الجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية إلى مواجهته وإخراجه من سوريا.

والواقع أن مما يعطي المعركة في الأنبار وزنا كبيرا هو تداخلها مع الأزمة السورية والحرب على الحركات الإسلامية بغطاء أمريكي-روسي-إيراني واضح، ولذا فإن الخشية من دلالات إصرار نوري المالكي على إنهاء ثورة الأنبار لا تتعلق بالعراق فحسب، وإنما تتعلق بأنها “اللعبة نفسها التي لجأت اليها نظم أخرى في المنطقة العربية من حيث تجريم النضال السلمي المدني وحظر الاعتصامات والمظاهرات، ورميها بتهم التطرف وعدم السلمية والإرهاب. وبعبارة أخرى أن تتعامل هذه النظم مع أي مطالب سياسية بالعنف والقمع” [4].

وهو ما يمكن مقارنته بما يحدث في مصر أيضا، لا سيما في جانب الخلط بين الحركات والمنظمات الإسلامية السلمية وبين الحركات التكفيرية العنفية، ووصم الجميع بالإرهاب، في استعادة غير محمودة لأدبيات الفكر الاستشراقي القائم على تنميط الإسلام ووسمه بالعنف والإرهاب.

أما العامل الثالث الدافع إلى تأجيج التصعيد الراهن في محافظة الأنبار، فيتعلق بالتفهم (بل الدعم) الأمريكي- الإيراني لمساعي نوري المالكي في تطويع الأنبار بما يؤثر على الحركات العنفية في سوريا [5]، ويرغم الجميع على التخلي عن عرقلة مؤتمر جنيف-2 المقرر له أن ينعقد في 22 يناير 2014. وبينما يحاول نظام بشار الأسد استعادة السيطرة على 80% من أراضي سوريا عبر تصعيد عملياته الأمنية والعسكرية (خصوصا في حلب وريف دمشق ودير الزور)، تحاول فصائل المعارضة الاحتفاظ بوضعها على الأرض حتى لا تدفع أثمانا فادحة في ذلك المؤتمر، وثمة تهديدات بعدم الحضور من الأصل إذا استمرت حملة القصف الجوية على حلب بالبراميل المتفجرة.

هذا الدعم الأمريكي-الروسي-الإيراني لنوري المالكي يندرج في سياق الحرب المشتركة على “الإرهاب” في دول الهلال الخصيب توطئة لتهيئة الظرف لانعقاد مؤتمر جنيف 2 [6]. وهي تنبئ بأن المنطقة برمتها تدخل مرحلة جديدة وبأجندة قديمة/جديدة تتمحور حول محاربة الحركات العنفية، فضلا عن تقليم أظافر الإسلام المعتدل إلى أقصى حد ممكن وإلحاقه بالعملية السياسية من باب التجميل واستكمال المشهد الديمقراطي المشوه، وبالنسبة الضئيلة التي لا تسمح له بتعطيل مجمل اللعبة السياسية ولا التأثير فيها بشكل جذري.

ويبدو أن تحولا ما يلحق بالموقف الأمريكي من دعم نوري المالكي سياسيا وعسكريا، ويبدو أنه مرتبط إلى حد كبير بمجريات الحرب المستعرة في سوريا ضد الحركات الجهادية؛ فقد زودت إدارة باراك أوباما أواخر ديسمبر 2013 حكومة نوري المالكي ب 75 صاروخا من طراز هيل فاير، فضلا عن طائرات بدون طيار من طراز UAVs)) [7]. وكان المبرر وراء تزويد حكومة المالكي بهذا العتاد العسكري المتطور هو مساعدة العراق في مواجهة المتطرفين”  [8].

اللافت في هذا السياق هو أن نوري المالكي زار واشنطن في نهايةأكتوبر 2013  ليدعو من هناك إلى شن حرب عالمية ثالثة ضد الإرهاب (متنافسا في ذلك مع وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي الذي سبقه إلى ذلك الطرح). وقد عبر المالكي حينذاك عن رغبته في الحصول على أسلحة أمريكية، لكنه اصطدم بتحفظات من أعضاء في الكونغرس، وبالتحديد في مسألتين؛ إذ بعث نواب مرموقون رسالة إلى الرئيس باراك أوباما يطالبونه بربط أي معدات عسكرية للعراق ب”الانفتاح على الأقليات الكردية والسنية وإتاحة الفرصة لها بمشاركة أوسع في الحكم”. كما أشار رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، مايك روجرز إلى وجود وثائق تثبت عدم التزام المالكي بتنفيذ التعهد الذي قطعه على حكومته أمام وزير الخارجية جون كيري، الذي زار بغداد أوائل 2013. وتثبت الوثائق أن وزير النقل العراقي هادي العامري، يشرف شخصيا على تسيير جسر جوي من الطائرات المحملة بأسلحة إيرانية مرسلة للنظام السوري لدعمه في الحرب الدائرة هناك [9].

وأخيرا يأتي العامل الرابع الدافع إلى تأجيج التصعيد الراهن في محافظة الأنبار، ويتمثل في ضعف الأصوات الداعية إلى الحوار أو الحلول السياسية، رغم أمرين أولهما تصريح المالكي (الذي يشكك كثيرون في جديته بدليل عدم استجابة المالكي لمطالب المتظاهرين لمدة عام كامل، وإصراره على اقتحام الاعتصام وإهانة رموز السياسيين السنة) عن استعداده للحوار مع أهل الأنبار الحقيقيين وليس من يوظفون معاناة الناس. وما يبدو أيضا من تصريح لاحق له في 11/1/2014 حين هاجم المالكي منتقدي العمليات العسكرية ضد “الإرهاب”، مطالبا الساسة بدعم الجيش العراقي، وعدم طعنه في ظهره والتشكيك في وطنيته ودمغه بالطائفية، وأهمية دعم عملياته في الأنبار لأنها الفتح الذي من دونه لن يستقر العراق، وعدم الوقوف خلف القاعدة من حيث لا يشعرون، محذرا إياهم من مغبة تقديم الدعم لهذه المنظمات الإرهابية المسئولة عن إشاعة الفتنة الطائفية [10].

والمدهش في هذا السياق أن إصرار المالكي على الحل الأمني-العسكري يتجاهل تشديد لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي على تخطي الأزمة الراهنة وتنفيذ جملة أمور أساسية تتعلق بالسلم الأهلي؛ إذ قالت صفية السهيل، عضو اللجنة “إن دعم مجلس الأمن الدولي للحملة على الأنبار يجب أن يكون حافزا للقيادات العراقية لخلق أجواء حقيقية للمصالحة الوطنية، شريطة أن تتوافر الإرادة السياسية، لأن الحلول الأمنية والعسكرية لن تكون كافية، وبالتالي فإن معيار النجاح هو بناء الثقة بين الأطراف السياسية ونقلها إلى المجتمع حتى يتكون لدينا السلم الأهلي والمجتمعي بشكل سليم وناضج” [11].

أما الدعوة الثانية للحوار فتمثلت في المبادرة التي أطلقتها “القائمة العراقية” في 5/1/2014، للخروج من الأزمة التي يشهدها العراق تحت شعار “كلنا ضد الإرهاب”، وتضمنت نقاطا من أبرزها: سحب الجيش من المدن، ووقف التصعيد الإعلامي، وتعويض ضحايا القوات الأمنية والمدنيين في محافظة الأنبار” [12].

وتبدو هذه الأصوات ودعوات الحوار محدودة التأثير، مقارنة بالأصوات والمواقف التي تسحب المشهد العراقي نحو التصعيد، سواء داخل الحكومة، أو من العشائر، أو من رجال الدين الذين أشادوا ب”صمود” أهل الأنبار.

وفي سياق تحليلي أوسع يشمل البعدين الإقليمي والدولي قد تكون تطورات الوضع العراقي تثبت أمرين اثنين؛ أحدهماأن إعادة الانتشار الأمريكي من العراق (وليس الانسحاب) أواخر 2011، وتداعيات الثورتين السورية والمصرية قد تؤذن جميعها بتحول كبير في موازين القوى في الشرق الأوسط؛ “إذ تحاول إيران التأثير على تلك الموازين للتعويض عن خسارتها المحتملة لسوريا بعد الأسد، وذلك عبر بذل جهود إيرانية أكثر كثافة لتعزيز نفوذها في العراق. ولم يكن مفاجئا في هذا الإطار أنه في غضون ساعات من إعادة الانتشار الأمريكي من العراق، شن رئيس الوزراء نوري المالكي حملة على معارضيه السياسيين، مما أدى إلى مزيد من تنفير الطائفة السنية الساخطة أصلا. وإذا ما تواصلت حملة المالكي، فقد يتشظى العراق؛ فالشمال يتمتع بالفعل بالحكم الذاتي، وهو لا يبعد سوى خطوة واحدة عن الاستقلال. وثمة أصوات متصاعدة بين السنة تدعو إلى مناطق سنية تحظى بالحكم الذاتي في غرب ووسط العراق. إن الشرق الأوسط قد يشهد خريطة علاقات إقليمية بقيام سوريا جديدة أو بتفككها، وكذلك بوجود عراق منقسم داخليا وأكثر دورانا في الفلك الإيراني” [13].

أما الأمر الآخر فيتعلق باتساع بنود الصراعات الإقليمية لأجندة التدخلات الخارجية سواءً لتفجير الصراعات المذهبية/الطائفية في الداخل العربي، أو بين العرب وكل من الأتراك والإيرانيين؛ إذ إن ورقة القومية والمذهبية والطائفية تشهد تزايدا في استخدامها في الاستراتيجية الأمريكية-الصهيونية، لإعادة تشكيل المنطقة العربية وجوارها التركي والإيراني؛ “حيث إن المطلوب هو تقسيم المقسّم، بعد أن تم خلال قرنين سابقين تقسيم المكتمل. وهذا التقسيم الجديد يخدم مصالح رأسمالية عالمية لم تعد تنظر إلى العالم إلا بمعيار ما يخدم الاستثمارات والمصالح التي اتخذتها معيارا لتقسيم الدول” [14].

ومن هذا كله ربما يمكن الاستنتاج بأن قرار حكومة نوري المالكي باقتحام اعتصام الرمادي، يمثل مرحلة جديدة في فصول الأزمة العراقية، خصوصا بالنسبة لتداخلها مع الأزمة السورية، ولدلاتها المتبادلة مع ما يحدث في مصر، ومعناها أيضا بالنسبة

للدعم الدولي للحرب الجديدة/القديمة على “الإرهاب” [15].

ولذا فإن هذه الحملة على محافظة الأنبار العراقية لها علاقة وثيقة بالسياق الدولي والإقليمي المحيط بالثورات العربية، من حيث عدد من المتغيرات: ضرب الحريات والديمقراطية والتضييق على المظاهرات والاعتصامات السلمية، وإعادة تأسيس هيمنة العسكر على الفضاء السياسي العربي، ووقف أو إنهاء الصعود الإسلامي الذي ترافق مع الثورات العربية، وإعادة تفعيل أدوات مشروع الشرق الأوسط الكبير لتقسيم المنطقة على أسس مذهبية ودينية وعرقية، بكل ما تحمله هذه الأدوات من مخاطر جمة.

وفي هذا كله يبدو أن بعض ساسة العراق باتوا جزءا من الأوراق التي توظفها أطراف مختلفة للقضاء على الثورة السورية، في سياق التصدي لمجمل الصعود الإسلامي في المنطقة بعد الثورات العربية، عبر تفاهم دولي مع إيران وحلفائها الشيعة في المنطقة. ورغم أن هذا التفاهم قد يكون آنيا، وقد يستدير كثير من القوى الدولية وإسرائيل ضد إيران بعد الفراغ من الثورة السورية، فإنه يبقى شديد الخطورة والوطأة على الأمة في هذه المرحلة. والله تعالى أعلى وأعلم.

تحريرا في 12/1/2014

 



[1]نقلا عن: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، “حسابات أطراف الأزمة في اعتصامات الأنبار”، وحدة تحليل السياسات في المركز 7 /1/2014. على الرابط:

http://www.dohainstitute.org/release/53f20a86-eb58-4a44-8dcb-08fb95a4c313

[2]راجع: د. ناصر الفهداوي، “التقرير التوثيقي للحراك الشعبي في العراق: أبرز أحداث الجمع الموحدة لثورة العزة والكرامة”، حضارة، العدد 16، يونيو 2013، بيروت: مركز الأمة للدراسات والتطوير، ص  69-71.

[3]نقلا عن: المصدر نفسه ، ص 68.

[4]– “المالكي يزجّ الجيش العراقي في الحرب السورية”، القدس العربي 3/1/2014. على الرابط:

http://www.alquds.co.uk/?p=119207

[5]“واشنطن وطهران تدعمان عمليات المالكي بالأنبار “، الجزيرة نت 5/1/2014. على الرابط:

http://www.aljazeera.net/news/pages/cb814d2a-64f3-4662-af2d-f8f388b60b13

[6]– جورج سمعان، “الحرب على داعش: العراق نموذجاً عشية جنيف 2″، الحياة ٦/1/٢٠١٤. على الرابط:

http://alhayat.com/OpinionsDetails/589625

[7]

Kim Sengupta,Iraq needs reconciliation not American weapons to end sectarian war”,Independent,31 December 2013.  http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/iraq-needs-reconciliation-not-american-weapons-to-end-sectarian-war-9032075.html

[8]

MICHAEL R. GORDON and ERIC SCHMITT,“U.S. Sends Arms to Aid Iraq Fight With Extremists”,December 25, 2013. http://www.nytimes.com/2013/12/26/world/middleeast/us-sends-arms-to-aid-iraq-fight-with-extremists.html?_r=0

[9]– لمزيد من التفاصيل راجع:

-“أعضاء في الكونغرس الأمريكي يحضون أوباما على ربط مساعدة المالكي بمشاركة السنة في الحكم”، الحياة ٣١/10/٢٠١٣. على الرابط:

http://alhayat.com/Details/567065

-“المالكي في واشنطن يدعو إلى حرب عالمية ثالثة على الإرهاب”، الحياة ٢/11/٢٠١٣ على الرابط:

http://alhayat.com/Details/567707

“سيناتورات يهاجمون المالكي بالوثائق: دعمت الأسد كثيرا بسلاح موسكو وطهران”، الوطن (السعودية)  4/11/2013. على الرابط:

http://alwatan.com.sa/Politics/News_Detail.aspx?ArticleID=166309&CategoryID=1

[10]“المالكي يهاجم منتقدي العمليات العسكرية ضد داعش في محافظة الأنبار”، الشرق الأوسط الاحـد 12/1/2014، العدد 12829. على الرابط:

http://www.aawsat.com//details.asp?section=4&article=757338&issueno=12829

[11]بتصرف عن: المصدر نفسه.

[12]– انظر: “علاوي يطالب بسحب الجيش خارج المدن والنجيفي يدعو إلى حل سياسي للأزمة”، الحياة 6/1/٢٠١٤. على الرابط:

http://alhayat.com/Details/589760

[13]– بتصرف عن : بول سالم، “مستقبل النظام العربي والمواقف الإقليمية والدولية من الثورة”، المستقبل العربي، العدد 398، ابريل 2012، ص 153-154.

[14]– انظر: د. نادية محمود مصطفى، “التدخلات الخارجية ومسيرة أزمات المنطقة: التجربة التاريخية وآفاق المستقبل”، في: أسامة أحمد مجاهد (محرر ومراجع)، إيران والعرب: المصالح القومية وتدخلات الخارج، برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية-جامعة القاهرة، 2009، ص 98.

[15]– “مجلس الأمن يدعم حملة المالكي على الأنبار”، الجزيرة نت 11/1/2014. على الرابط:

http://aljazeera.net/news/pages/6069868b-5d44-43e3-af51-88c40dc46e90

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى