عن الذاكرة التاريخية الحضارية للنظام الآسيوي الدولي: تطور أنماط العلاقات بين القوى الإسلامية وأنماط التدخلات الخارجية: من الفتوح والوحدة إلى الاستعمار والتجزئة

مقدمة:

  • الذاكرة المعاصرة والراهنة (منذ منتصف القرن العشرين على الأقل وحتى بداية التسعينيات) محمَّلةٌ بتواريخَ وأحداثٍ تتصل بتطور أوزان وأدوار قوى جديدة آسيوية، مثل: الصين وروسيا والهند ودورها على الساحة الإقليمية والعالمية، مقارنة بالقوى الغربية الكبرى: الثورة الصينية الشيوعية وتداعياتها، استقلال الهند وانفصال باكستان، الدور العالمي للاتحاد السوفيتي في ظل الحرب الباردة وما بعدها.

والوجُه الآخرُ لهذه الذاكرة محمَّلٌ أيضًا بتواريخ وأحداثٍ تتصل –أولًا- بالأوضاع التابعة والمستضعَفة لدولٍ إسلامية في إطار ما بعد الاستقلال عن الاستعمار الأوروبي أو في إطار الهيمنة العالمية الغربية بالقيادة الأمريكية: إندونيسيا، ماليزيا، أفغانستان، إيران، باكستان، وتركيا، ناهيك بالطبع عن الشرق الآسيوي العربي، كذلك يتصل هذا الوجه الآخر للعملة -وخاصة ومنذ نهاية الثمانينيات وخلال المرحلة الأخيرة من عملية تفكك الاتحاد السوفيتي- بصعود مجموعة أخرى من الكيانات الإسلامية. فقد قفزت إلى الاهتمام -وترددت على الأسماع وبطريقة لم تكن معهودة (إلا في دوائر متخصصي تاريخ المناطق أو الجغرافيا البشرية والأقليات)- أسماء أوزبكستان، تركستان، كازاخستان، تركمانستان، طاجكستان، قرقيزبا (جمهوريات آسيا الوسطى) وأذربيجان (جمهورية في جنوب القوقاز) والشيشان وداغستان (شمال القوقاز). بعبارة أخرى أضحى الوجود المسلم في هذه الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى والقوقاز (التاريخية) محط السمع والبصر؛ حيث أضحت من أكثر مناطق العالم –حينئذ- إثارة للتساؤلات عن مستقبلها بعد الاستقلال عن روسيا الاتحادية.

ويرجع ذلك إلى الذاكرة الحضارية المسلمة لشعوبها والتي توارت لأكثر من قرنين تحت رداء الإمبراطورية القيصرية الروسية الارثوذكسية ثم رداء الاتحاد السوفيتي الشيوعي. ومن ناحية أخرى اقترن ذلك الصعود بالتساؤل عن موضع هذه الدول من التنافس الإقليمي والعالمي بين الغرب وروسيا الاتحادية والصين والهند، أو موضعها بين الدول الإسلامية الآسيوية الكبرى مثل: تركيا وإيران وباكستان، وإلى أي حد ستؤثر الذاكرة التاريخية الإسلامية والإرث الحضاري الإسلامي لهذين الإقليمين الآسيويين الفرعيين في أنماط تفاعلاتها الإقليمية والعالمية من ناحية وفي التنافس العالمي حولها بين القوى الغربية والقوى الآسيوية الصاعدة منذ نهاية الحرب الباردة.

  • إن حاضرًا غائبًا مركبًا كان يتوارى وراء هذين الوجهين لهذه العملة المعاصرة والراهنة، ألا وهي الذاكرة التاريخية لمن يمكن وصفهم -وفق د.محمد حرب- “بالمسلمين المنسيين في آسيا“، فتلك الذاكرة تمثل دورة من دورات التداول الحضاري، والتدافع الحضاري بين قوى آسيوية مسلمة شكلت الإرث الحضاري الإسلامي لآسيا، وبين قوى آسيوية غير مسلمة وأخرى أوروبية غير مسلمة تحدَّت هذا الإرثَ للدول والشعوب والثقافات المسلمة، وحملت لواء ما يسمى الاسترداد الروسي أو ما يسمى الاستعمار الأوروبي.

إن التعرف على ملامح تلك الذاكرة التاريخية لهذا الفضاء الحضاري بتحولاته الكبرى عبر العصور التاريخية الكبرى، تنبني أهميته على ثلاثة أمور أساسية: من ناحيةٍ: الحالة الراهنة للتنافس بين القوى الصاعدة الآسيوية: إقليميًّا وعالميًّا وأثرها على الدول والشعوب الإسلامية الآسيوية، مثلًا: وضع أفغانستان بين الصين وروسيا عقب الانسحاب الأمريكي، ووضع الأقليات المسلمة. من ناحية ثانية: الحالة الراهنة للقوى الإسلامية الآسيوية ونمط التفاعلات فيما بينها، صراعًا أو تعاونًا؛ مثلًا: السياسة التركية والإيرانية تجاه وسط آسيا والقوقاز وتجاه أفغانستان. من ناحية ثالثة: أثر التدخل الغربي بقيادة أمريكية على المجموعيتن السابفتين من التفاعلات؛ ولكل أمر من هذه الأمور إشكاليات تاريخية ذات آثار ممتدة حتى الآن؛ مثلًا: ما ذاكرة وضع سينكيانح بالنسبة للصين، ما ذاكرة علاقة آسيا الوسطى والقوقاز بروسيا؟ ما نمط العلاقة بين الدولة العثمانية والفرس والروس والاستعمار الأوروبي في آسيا…؟

وقبل التعرُّف على الملامح الكبرى لمراحل التطور التاريخي لهذه الأنماط التفاعلية الثلاثة ودلالاتها الحديثة والمعاصرة يجب الإشارة إلى الركائز التالية التي سيتم التفصيل على ضوءها لاحقًا:

  • الوجود المسلم في آسيا ليس مثل الوجود المسلم في غرب أوروبا وبدرجة أقل في شرق أوروبا. فهم المسلمون المنسيون الذين يمثلون ركنًا ركينًا من نسيج الأمة وجزءًا من دار الإسلام، انطلاقًا من الفتوحات العربية الإسلامية، ولأكثر من اثني عشرة قرنًا حين بدأ الاستعمار الأوروبي أو الاسترداد الصيني والروسي. ومن ثم فإن خريطة تطور الدول الإسلامية الآسيوية وتعاقبها وأنماط العلاقات بينها مُهمّةٌ جدًا لبيان مراحل القوة والصعود الإسلامي في آسيا في ظل وجود دولة قائدة قوية (الغزنوية، السلجوقية، العثمانية…) ولمعرفة متى حدث التراجع والتجزئة حين ضعفت وانهارت هذه الدول أمام موجات الاسترداد الروسي والاستعمار الأوروبي.
  • قوى الشرق الآسيوية الصاعدة، وخاصة الصين وروسيا، والمتحدية عالميًا لهيمنة الغرب، هي قوى قديمة جديدة مارست تأثيراتها الاقليمية والعالمية التاريخية الممتدة بأشكالٍ وفي أطوارٍ متعددة. فلقد لعبت قوى ودولٌ تنتمي إلى حضارات أخرى (الإمبراطورية الصينية والإمبراطورية القيصرية الروسية مثلًا…) أدوارًا عالمية متنافسة مع القوى الغربية، حتى سادت هذه القوى الغربية الاستعمارية القرنان منذ نهاية الثامن عشر حتى نهاية العشرين.
  • بقدر ما تنافست وتصاعدت قوى الشرق الآسيوي وقوى الغرب دائمًا على العالم الإسلامي، بصفة عامة وفيه الجناح الآسيوي، ومثلت مصادر تهديد متنوعة لدوله عبر التاريخ (الصراع الروسي البريطاني على الدولة العثمانية مثلًا)، بقدر ما ظهر أيضًا بينها التنسيق لإحكام الحصار أو تقسيم العالم الإسلامي، فلقد كان العالم الإسلامي دائمًا بين فكيْ الشرقِ والغربِ غير المسلم، كما أضحت قوى شرقية مثل الصين والهند ابتداءً من نهاية القرن الخامس عشر وعبر تطور موجات الاستعمار، محلًا للأطماع الأوروبية والتدخلات الخارجية الاقتصادية والثقافية والعسكرية وحتى الاحتلال المباشر…
  • وعلى ضوء ما سبق، يدور مضمون الدراسة حول محورين متداخلين: المحور الأول- خريطة القوى الإسلامية الآسيوية الكبرى: أنماط ومحددات التطور التاريخي للتفاعلات فيما بينها. المحور الثاني- خريطة أدوار القوى غير المسلمة: أنماط ومحددات تطور تدخلاتها في آسيا المسلمة، روسيا وآسيا الوسطى والقوقاز نموذجًا، مع استدعاءٍ ضمنٍّي للصين والهند.

إن آسيا المسلمة متعددةُ الأعراق والقوميات والمذاهب، والنظرَ إلى تفاعلات القوى المسلمة في إطار كلي لا يسقط هذا التنوع والتعدد، ولكن يتجاوزه ابتداءً لأن هذا النظر ينطلق من أصل وحدة تاريخ الأمة دولًا وشعوبًا، ويهدف لتوضيح كيفية انتقالها من حالة الوحدة والقوة إلى حالة التعددية والتجزئة السياسية والضعف، وعلى نحو جعل من هذا التعدد القومي والمذهبي مدخلًا رئيسًيا لاندلاع الصراعات السياسية المعاصرة على المكانة الإقليمية وحمايةً لما يسمى المصالح القومية وتحت تأثير تحالفات مع الخارج وتدخلات من قواه الكبرى.

بعبارة أخرى: إن هذا النظر وهذه القراءة في الذاكرة التاريخية لتطور خريطة التفاعلات الإسلامية-الإسلامية الآسيوية وعوامل التأثير الخارجية عليها إنما يبحث في تطور إشكالية العلاقة بين الرابطة العقدية وبين المصالح القومية من ناحية، وتطور إشكاليات التدخل الخارجي من ناحية أخرى على مدار تاريخ الأمة. سعيًا لفهم وتدبر واقع هذه القوى الراهن (فقه الواقع) استشراقًا لإمكانيات تغييره، وذلك انطلاقًا من فقه التاريخ ([1]). ذلك لأن الوعي الجماعي والذاكرة الراهنة لشعوب الأمة قد سقطت في براثن مفردات ومفاهيم صراعات الكيانات القومية والمذهبية والقطرية (الأتراك- العرب، الفرس–العرب، الترك-الألبان، العرب-المغول، الترك-الأكراد، السنة-الشيعة) كما لو لم يكن هناك مفردات عن الكيان الحضاري الممتد المكون من شعوب وأمم وقوميات تربطها رابطة عقدية، وجمعت بينها دول الخلافة التي احترمت سُنَّة التنوع والتعدد في إطار مقاصد الشريعة ومصالح الأمة. إن كلًّا من محوريْ الدراسة ينطلق من وينبني على تحليل نظمي للتاريخ الإسلامي وخبراته من منظور حضاري مقارنة بقواعد التأصيل الفقهي حول قضيتين أساسيتين تقعان في صميم الاهتمام بفقه العلاقات الدولية الإسلامية الراهنة.

الأولى هي قضية العلاقة مع الآخر غير المسلم في ظل قواعد العلاقات الصراعية القتالية أو التعاونية السلمية التي يطرحها المفهوم الواسع للجهاد.

والقضية الثانية هي انتشار نموذج الدولة القومية أمام ضغوط التعددية السياسية الدولية، وصولًا إلى حالة التجزئة. والإطار العام الكلي الذي تنبثق عنه بدورهما القضيتان يتمثل في التطور التاريخي لوضع الأمة في النظام الدولي على نحو أفرز التبعية بعد الاستقلال من ناحية، كما شهد، من ناحية أخرى، شحوب فكرة الأمة وتدهور الالتزام بمقتضياتها بالنسبة إلى العلاقة الإسلامية-الإسلامية على نحو أفرز التجزئة والقطرية بعد الوحدة والتعددية.

بعبارة أخرى فإن خبرة التاريخ الإسلامي عن نمط تطور العلاقات الإسلامية-الإسلامية بعيدًا عن الوحدة لا ينفصل عن خبرة نمط تطور العلاقة مع الآخر (نحو التبعية)، أو عن خبرة نمط التطور الداخلي في الدول الإسلامية (نحو التغريب). ولهذا فإن آفة الواقع الراهن للأمة هي أن التجزئة تقترن باختراق خارجي ضخم لشبكة العلاقات الإسلامية- الإسلامية، كما تقترن بتغريب الأمة.

هذا وتقدم آسيا المسلمة ساحة هامة؛ لاختبار هاتين القضيتين نظرًا للثراء الشديد -لدرجة التعقد أحيانًا- في التركيبة البشرية لمسلمي آسيا (مذهبيًا، وعرقيًا وقوميًا وقبليًا..) وتداخل الكيانات السياسية الممثلة لها من ناحية، وفي منظومة التهديدات لها من القوى غير المسلمة من داخل وخارج آسيا على حد سواء.

ومن ثم، فإن الدراسة عن آسيا المسلمة، بمحوريْ مضمونها، ووفقًا لمنطلقاتها، إنما تهدف إلى مواجهة كل الأفخاخ الجيو-استراتيجية ذات الدلالات الخفية والصريحة التجزيئية للأمة الإسلامية، رغم كونها كيانًا حضاريًّا اجتماعيًّا ممتدًا يجمع بين مكوناته المتعددة، عرقيًا وقوميًا ومذهبيًا وثقافيًا ولغويًّا، رابطةٌ عقديةٌ، كان لهذه الرابطة تأثيراتها الإيجابية على بناء فضاء حضاري إسلامي آسيوي قويٍّ قام على تكامل وتضافر عناصره المتنوعة والمتعددة، وذلك في مراحل القوة الحضارية والشهود، حتى أضحى هذا التنوع -بالتدريج وتحت التأثير المتزايد للمصالح القومية الضيقة وتأجيح التدخلات الخارجية- عبئًا ثقيلًا وتكلفةً بل مصدر تهديد متبادل، ومن ثم أداةَ ضربٍ لقدرة الأمة على مقاومة هجمات الهيمنة الخارجية المعاصرة: غربيةً كانت أو من القوى الآسيوية غير المسلمة.

  • ولدواعي التداخل بين محوري المضمون، فإن استعراض تطور المراحل التاريخية للتفاعل بينهما يمثل منهجًا ملائمًا لهذه الورقة.

فإذا كان النطاق الزمني للدراسة ممتدًا، إلا أن الهدف هو استخلاص نماذج وأنماط تاريخية، مما يقتضي في إطار الدراسة النظمية للتاريخ الإسلامي من منظور حضاري، التمييزَ بين مراحل تاريخية كبرى وأخرى جزئية، توالت على صعيدها وتداولت القوى الإسلامية والقوى غير المسلمة الآسيوية أدوارها وتأثيراتها المتبادلة.

والنطاق الزمني الذي سنقدم من ساحته النماذج التاريخية الشارحة لتطور أنماط التفاعلات هو القرون الخمسة الهجرية الأخيرة، مع استدعاء موجزٍ لدلالات القرون العشرة الهجرية الأولى. والنماذج التاريخية المقصودة هي التي تمثل مفاصل في التحولات العالمية والتحولات في العلاقات الإسلامية-الإسلامية (انطلاقًا من معايير التقسيم الإسلامي للتاريخ، وليس تقسيم التواريخ الأوروبية والعالمية فقط)([2]).

إن القرون الخمسة الأخيرة تقدم دلالات نُظُميةً كليةً مهمة، مقارنة بنظائرها في القرون العشرة السابقة؛ إذ شهدت الأمة تهديدات مباشرة وشاملة من خارجها. ففيما عدا الهجمتين المغولية والصليبية لم تشهد شعوب وأراضي الأمة هجومًا مباشرًا متصاعدًا مثل الذي شهدته منذ نهاية القرن الخامس عشر الميلادي / التاسع الهجري، كما انتقلت مكانة الأمة إلى مراحل الخبوّ والدفاع والتدهور والتجزئة وفقدان البوصلة الحضارية، ولم تكن آسيا المسلمة أقل تعبيرًا عن هذه الأنماط من الدائرة الحضارية العربية، التي تزامنت معها في هذه العملية.

بعبارة أخرى، فإن المعيار الأساسي للتقسيم المرحلي هو: “درجة الوحدة والفاعلية” لدى القوى الإسلامية مقارنة بدرجة التأثير الخارجي عليها، وتتحدد هذه الدرجة بدورها وفقًا لطبيعة ومدى تكرار مجموعةٍ من أنماط التفاعلات التي محوُرها القضايا التالية: النُّصرة/الخذلان، التحالفات البينية أو مع غير المسلم، الحروب بين المسلمين، الحروب بينهم وبين غيرهم، نمط التدخل الخارجي (تلاعبٌ بالمسلمين فيما بينهم أم تهديدٌ مباشرٌ بالاحتلال والتقسيم والتغريب)[3].

ومن ثم، تستعرض فيما يلي أهم الأنماط والنماذج الشارحة لهذه الحقائق في عصرين كبيرين؛ لكل منهما مراحله فرعية التي شهدت التفاعلات بين أهم الفواعل المسلمة وغير المسلمة في كل مرحلة.

ويظل تحديد الفواعل الكبرى التي تنافست وتوالت عبر هذه المراحل، مسألة هامة يجدر الانتباه إليها؛ لأنها مسألة تطرح عددًا من الإشكاليات أمام الدارس غير المتخصص في تاريخ آسيا المسلمة.

العصر الأول- مرحلة الوحدة والفتوح والشهود الحضاري (خبرة القرون العشرة الهجرية الأولى): آسيا الوسطى والقوقاز في مواجهة المغول والروس نموذجًا.

تمتد تفاعلات هذا العصر عبر مرحلتين تنوعتا من حيث مراكز القوة الإسلامية، ومن حيث مصادر التهديد لها عبر هذا الفضاء الحضاري الفارسي التركي من دار الإسلام.

المرحلة الأولى: التفاعل الإيجابي المتبادل بين العرب وشعوب آسيا من خلال الفتوح الإسلامية والحكم العربي في ظل انعدام مصادر تهديد غير مسلمة. وشهدت هذه المرحلة دخول الإسلام وانتشاره (ولو بالتدريج وبصعوبة أحيانًا) من خلال الفتوح العربية المتوالية في ظل الخلافة الراشدة ثم الأموية والعباسية من ناحية، كما شهدت من ناحية أخرى مولد كيانات وممالك وأسر تغلب عليها العنصر التركي الفارسي، وتوالت على حكم هذه المناطق في ظل سيادة عربية كاملة حتى القرن الرابع هجريًاـ، العاشر ميلاديًا، حين انتقل الحكم المباشر إلى شعوب هذه المناطق في آسيا الوسطى والقوقاز، ومن ناحية ثالثة، أضحت آسيا الوسطى من أزهى المراكز الحضارية في دار الإسلام. ومن أقوى مراكز حماية دولة الخلافة العباسية، فلقد لعبت المدن الكبرى (بُخارىَ، سمرقند،…). في آسيا الوسطى التي تمثل الجناح التركي الإيراني من دار الإسلام دورًا بارزًا في الإنتاج الحضاري في كل مجالات العلوم الإسلامية والعمران، وبقدر هذا الإسهام في الإنجاز الحضاري الإسلامي الضخم خلال القرون الستة الهجرية الأولى، كانت بعض القوى الآسيوية المسلمة، مثل السلاجقة مصدر حركية ومبادرة عسكرية ساندت مركز الخلافة العباسية في مواجهة التهديد البيزنطي غرب آسيا، وهو الأمر الذي ساهم في إضعاف القوة البيزنطية الشرقية واستنفار مسيحيي الغرب اللاتين لبداية الحروب الصليبية[4].

ومن ناحية رابعة: انعدام مصدر تهديد من الروس في هذه المرحلة يقارب الخطر البيزنطي أو الصليبي بعد ذلك، فلقد كان الروس في حالة هجمية بربرية وثنية حتى بدأت تتغير هذه الحالة تدريجيًا منذ نهاية القرن العاشر ميلاديًا والرابع هجريًا مع بداية اعتناق الروس المسيحية الارثوذكسية وانتشارها بينهم، وذلك في وقت كان الإسلام قد دخل إلى القوقاز. وحتى بداية القرن الثامن هجريًا/ الرابع عشر ميلاديًا؛ أي حتى إسلام المغول الذي حكموا روسيا، كما سنرى في المرحلة التالية، لم يكن العامل الروسي قد أضحى ذا تأثير كبير على تفاعلات هذه المنطقة من دار الإسلام. حقيقةً أضحت روسيا منذ اعتناق المسيحية هي الشعب الأوروبي السلافي المسيحي الذي يجاور دار إسلام آسيا الوسطى والقوقاز، إلا أنه كان المسلمون -بأدوات عدة- قادرين على تحجيم هذا التهديد المحتمل[5].

ومن ناحية خامسة: ضعف الدولة السلجوقية مع قرب نهاية القرن الخامس هجريًا/ الحادي عشر ميلاديًا، واحتدام التنافس بينها وبين الدولة الفاطمية على الشام، وذلك في وقت تداعت فيه قوة مركز الخلافة العباسية: حال ذلك دون التصدي للهجمة الصليبية؛ حيث فشلت الدولتان السلجوقية والفاطمية في التحالف ضد هذا الخطر الداهم. بل إن مثل هذا الضعف أيضًا في مركز القوة الإسلامية في آسيا الوسطى قد ساعد المغول في تحركهم غربًا نحو قلب العالم الإسلامي.

المرحلة الثانية- العصر المغولي: آسيا الوسطى والقوقاز والفولجا والقرم بين الروس والعرب والترك وبين ايلخانات المغول قبل وبعد إسلامهم (7- 9هـ/ 13-15م)[6]

  • بدأت هذه المرحلة مع أكثر مصادر التهديد الوثني خطورة على العالم الإسلامي برمته. وجاء هذا الخطر من تخوم العالم الإسلامي الشرقية في بداية القرن 7هـ، وامتد العصر المغولي إلى ما يقرب من القرون الثلاثة (من السابع إلى التاسع الهجري – من الثالث عشر إلى الخامس عشر الميلادي). ومن ثم تنتهي هذه المرحلة مع بداية مصدر التهديد الروسي المسيحي القادم من تخوم العالم الإسلامي الشمالية. وخلال هذه القرون الثلاثة قدمت التفاعلات بين الروس (وبين الغرب المسيحي بصفة عامة) من ناحية، وبين المغول الوثنيين من ناحية أخرى، وبين مراكز القوة الإسلامية الكبرى في هذه المرحلة (المملوكية والعثمانية) من ناحية ثالثة، قدمت أنماطًا واضحة من التفاعلات المتداخلة، والتي تبين درجة عمق وحركية ومحورية تأثير أحداث هذه المنطقة على التفاعلات الدولية في مجموعها، وعلى تفاعلات الانساق الفرعية الإسلامية–المسيحية، والإسلامية-الإسلامية المختلفة، وهي السمات التي فقدتها المنطقة بعد ذلك منذ نهاية القرن العاشر الهجري /السادس عشر الميلادي.
  • حقيقةً، جاء المغول الوثنيون من خارج دار الإسلام من الشرق، واجتاحوا آسيا الوسطى والقوقاز وإيران وروسيا وشرق أوروبا، إلا أنهم -وبعد ما يقرب من نصف القرن من بداية تحركهم (1219م) من أقصى شرق آسيا أي بعد توقف زحفهم عند القلب الإسلامي (مصر والشام)- استقروا وأسلموا –على مراحل- وامتزجوا بأهل هذه المناطق؛ مما كان له الأثر على حضارتها وثقافتها من ناحية، وعلى موازين القوة والعلاقات فيما بين كياناتها السياسية وبينها وبين الأطراف المسيحية المجاورة من ناحية أخرى؛ حيث إن هذه المرحلة هي التي خضع فيها الروس لحكم المسلمين مباشرة في مرحلة حكم التتار (المغول) المسلمين لبلاد الروس لمدة تزيد عن القرنين.
  • هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التأثير قد تحقق من خلال عدة أطراف مغولية وعبر موجتين: الموجة الأولى خلال القرن السابع الهجري؛ فبعد الهجمة الأولى بنصف قرن انقسمت الإمبراطورية العظمى التي كونها جنكيز خان إلى أربعة ممالك: مغول إيران (الإيلخانيون)، مغول القبيلة الذهبية في الشمال والتي تركزت في حوض الفولجا جنوب روسيا، مغول آسيا الوسطى (مملكة جغطاي)، ثم أخيرًا مغول الصين في أقصى الشرق. ويهمنا بصفة خاصة أمر الممالك الثلاثة الأُّول، فلقد لَعِب كلٌّ منها دوره في العلاقات المملوكية-المغولية، والمملوكية-الصليبية في الشام أو المملوكية-الأفرنجية والمغولية-الروسية، ولقد تباين تأثير كل من هذه الأطراف المغولية الثلاثة على هذه العلاقات نظرًا لطبيعة العلائق فيما بينهم. وبدون الدخول في تفاصيلِ تطورِ انتشارِ الإسلام بين هذه الأجنحة الثلاثة، وهو الأمر الذي لم يكن هيّنا أو سهلًا أو سريعًا، أو في تطور العلائق بينهم، تكفي الإشارة إلى الأمور الثلاثة التالية: أولها- سبقت القبيلة الذهبية المملكتين الأُخريين في الدخول إلى الإسلام، وكان ذلك في العقد الأول والنصف الثاني من القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي وتلاها إيلخانية فارس في العقد الأخير من ذاك القرن. ثانيها– كانت القبيلة الذهبية هي التي حكمت الروس لمدة قرنين كما كانت حليفًا قويًا للمماليك ضد الصليبين وضد مغول فارس، وثالثها- كانت القوى المغولية الثلاث متعادية وتتنازع على حدود الأقاليم فيما بينهم، كما تبنّت سياسات خارجية متنافسة أثرت على أنماط تفاعلاهم مع المماليك والقوى المسيحية، ولقد انقسمت القبيلة الذهبية والأيلخانيون في فارس إلى إمارات متعددة ومتنافسة خلال القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي.
  • أما الموجة الثانية: فلقد كان مبعثها آسيا الوسطى التي كان مغولوها الأخيرين في الدخول للإسلام، فلقد كانت موطن تيمورلنك المغولي المسلم الذي بدأ اجتياح العالم الإسلامي مرة أخرى بعد ما يزيد عن القرن ونصف من الموجة الأولى، ولقد أعاد تيمورلنك توحيد ممالك المغول بعد تفككها لفترة قصيرة؛ حيث سرعان ما تفككت إمبراطوريته بعد موته في أوائل القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، وبقدر ما كان للزحفة المغولية الأولى آثارها العميقة المباشرة وطويلة الأجل، بقدر ما كان أيضًا للزحفة المغولية الثانية آثارها أيضًا على توازن القوى الإسلامية، وعلى العلاقات الإسلامية-المسيحية وخاصة على مصير روسيا وبداية تخلصها من الحكم الإسلامي التترى.

فلقد شهدت إمارة موسكو منذ بداية القرن الرابع عشر الميلادي/ الثامن الهجري بداية صحوتها التي تجسدت نتائجها بعد قرنين تقريبًا، لقد اقترنت هذه الصحوة الروسية ببداية التفكك والضعف الذي أخذ يدبُّ في أوصال القبيلة الذهبية، وكان قضاء تيمورلنك على التنافس بين الإمارات التي انقسمت بينها من أهم العوامل التي ساعدت على نهاية الحكم المغولي الإسلامي لروسيا في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، وهذه الإمارات أو الخانات كانت ثلاثًا أساسية؛ وهي: القرم وقازان واستراخان. ولقد لعبت إمارة موسكو المسيحية (التي كانت تدفع الجزية) دورًا هامًا في لعبة التحالفات والتحالفات المضادة التي قامت بين هذه الإمارات المتنازعة على النفوذ. فلقد أخذت خلال القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي تضرب خانات المغول الثلاثة بعضهم ببعض حيث كان بعضهم يلجأ للروس في مواجهة الآخر.

ومن ناحية أخرى: لقد تزامن قرنا الحكم المغولي المسلم للروس مع مرحلة نشأة إمارة عثمان وتوسعها الإقليمي في الأناضول وفي شرق أوروبا، وكان لسقوط القسطنطينية من ناحية ثم توسع الدولة العثمانية نحو القرم من ناحية أخرى انعكاساتها على العلاقات مع روسيا. اتجه محمد الفاتح شرقًا وشمالًا نحو البحر الأسود حيث اصطدم مع خانات القرم 1474م حتى دخلت هذه المنطقة دائرة النفوذ العثماني. ولقد أدى التوسع العثماني على حساب ورثة القبيلة الذهبية إلى تضييق المسافة بين مناطق الاحتكاك مع الروس؛ وهي المسافة التي ضاقت أكثر بعد ذلك مع تطور التوسع الروسي نحو الجنوب ونحو الشرق على حساب إمارات قارن واستراخان والقرم منذ منتصف القرن السادس عشر الميلادي.

خلاصة القول: إنه في مع بداية القرن العاشر الهجري كان الفضاء الحضاري الإسلامي التركي الفارسي يفقد ذاتيته وفاعليته ومبادرته، وتصبح كياناته الضعيفة المجزأة موضعًا لتنافس متعدد الأطراف، ترتفع على صعيده مصادر التهديد غير المسلمة: المغولية والروسية، التي نالت من الهوية بقدر ما نالت من العمران الحضاري، ولكن لم تفقد الشعوبُ في هذه المناطق قدراتها على المقاومة الحضارية من أجل البقاء؛ سواء بدعم ذاتي أو من قوى مسلمة صاعدة مثل الدولة العثمانية، في وقت بدأ يظهر إلى جانب التهديدُ المغولي ثم الروسي تهديد موجات الاستعمار الأوروبي الغربي بل لقد اتجهت القوى الأوروبية، من قبل ذلك؛ للتحالف مع تيمورلنك ضد العثمانيين الصاعدين والمماليك المحتضرين، كما نسقت القوى الأوروبية تنافسيًا مع روسيا بعد ذلك –كما سنرى في العصر الثاني.

العصر الثاني- آسيا الوسطى والقوقاز والفولجا والقرم، بداية العزلة وانعدام المبادرة: بين تطور التوسع الروسي القيصري وبين توازنات القوى الروسية-الأوروبية وتوازنات القوى العثمانية الصفوية (والقاجارية) والمغولية الهندية (10- 13هـ/ 16- 19م)[7].

يمتد هذا العصر أربعة قرون من القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي إلى القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي. ومنطلق التغيير في التفاعلات تمثل في ثلاثة أمور أساسية شكلت حالة هذه النظم الآسيوية الإقليمية الفرعية: فمن ناحيةٍ جاءت بداية الصعود الروسي وتبلور قوى “الإمبراطورية الروسية القيصرية” وخاصة منذ القرن 18، كدولة أوروبية حديثة تتنافس مع الدولة العثمانية والقوى الأوروبية الكبرى على التوسع في شرق أوروبا. ومن ناحية أخرى: بدت مناوأة القوى الأوروبية الكبرى وخاصة بريطانيا للتوسع الروسي نحو شرق أوروبا ووسط وجنوب آسيا وذلك في الوقت الذي بدأت ثم تنامت الهجمة الأوروبية على استعمار العالم الإسلامي بطرق عسكرية وغير عسكرية، ومن ناحية ثالثة: تغير توازن القوى في العالم الإسلامي مع ظهور الدولة الصفوية والدولة المملوكية المغولية في الهند منذ بداية القرن السادش عشر الميلادي، وهو الأمر الذي مثَّل –وخاصة من جانب الصفويين- تحديًا أمام النمو والتوسع في القوة العثمانية شرقًا وجنوبًا، بعد أن توقف زحفها نحو قلب أوروبا عند أسوار فينيا مع بداية القرن السابع عشر الميلادي، ومن ثم بدأ تصادمُها مع الصفويين جنوبًا ومع الروس شرقًا حول القوقاز والقرم.

ولقد أثرت هذه الأمور الثلاثة المتداخلة على نمط وسرعة التوسع الروسي، نحو هذه النظم الإقليمية الآسيوية الفرعية، عبر مراحل فرعية ثلاث، بحيث أضحت روسيا عامل تأثير مباشر وعميق على العلاقات بين الكيانات الآسيوية الضعيفة والمجَّزأة في القوقاز والقرم وآسيا الوسطى، كما أضحت روسيا أيضًا عاملًا مستنزفًا للقوى العثمانية الصفوية المتنافسة أيضًا حول هذه المناطق. ورغم التنافس البريطاني الروسي أيضًا إلا أن التنسيق حول الأطماع الاستعمارية للقوتين كان حاضرًا أيضًا على حساب دار الإسلام.

والمرحلة الأولى من التوسع الروسي كانت على حساب ورثة القبيلة الذهبية (المغول الذين حكموا الروس) في الفترة من 1552- 1605م في ظل مراقبة عثمانية وعجز الأوزبك الشيشانيين حكام آسيا الوسطى وتحالفهم مع الصفويين. فبعد تخلص إمارة موسكو 1480م من حكم التتار المسلمين توسعت في حوض الفولجا وغرب سيبريا وشمال القوقاز، فاستولت على قازان واستراخان وداغستان ولم يبقَ إلا القرم. ومن هنا بدأت –مع استمرار التوسع الروسي حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي- مشكلة القوميات في روسيا القيصرية مع تحول المسلمين إلى رعايا من الدرجة الثانية، وهي المشكلة التي تفاقمت عبر الثلاثة قرون التالية مع استمرار التوسع الروسي شرقًا وجنوبًا، والتي واجهها الروس إما بتصفية المسلمين أو طردهم أو تنصيرهم؛ الأمر الذي أدى إلى فقدان هذه المناطق (ثم بقية القوقاز وآسيا الوسطى) كجزء من دار الإسلام.

ولم تنجح الدولة العثمانية في مواجهة هذه الموجة الأولى من التوسع الروسي لانشغالها في الصراع العثماني –الأسباني في حوض المتوسط من ناحية، والصراع مع الصفوين من ناحية أخرى؛ ولذا ترك العثمانيون لإمارة القرم مهمة التصدي للتوسع الروسي، وهو الأمر الذي لم ينجحوا في الاستمرار فيه. كما فشل الأوزبك الشيشانيون في توحيد إمارات آسيا الوسطى الضعيفة المجزأة محل التهديد من الروس والصفويين على حد سواء، وخاصة بعد أن ظهر نمط من التحالف بين الروس والصفويين ضد أعدائهم المشتركين؛ أي العثمانين والأوزبك الشيشانيين.

أما المرحلة الثانية (1605-1774م) فلقد شهدت جمود التوسع الروسي في أراضي المسلمين في القوقاز وآسيا الوسطى. ويرجع ذلك لعدة أمور: من ناحيةٍ أولى: انشغال روسيا بالتوسع غربًا فأضحت جزءًا من التوازنات الأوربية –العثمانية حول شرق أوروبا بحثًا عن تحقيق حلمها في السيطرة على هذه المنطقة. وحين تأكد فشلها تحولت إلى الشرق مرة أخرى مع نهاية القرن الثامن عشر الميلادي بعد أن تدعمت السيطرة الروسية على مسلمي الفولجا الأورال وغرب سيبريا حيث تبلورت أساليب روسنة هذه المناطق. كما استمرت روسيا في مواجهة تتار القرم والتوسع العثماني نحو أوكرانيا ثم بدأت تتحول إلى الهجوم على شمال القوقاز والقرم حتى احتلتها 1774م. ولم يبقَ إلا القوقاز مقاومًا بشدة على نحو أوقف التقدم الروسي حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ومن ناحية ثانية: استمر الصراع العثماني الصفوي الروسي على ساحة القوقاز دون حسم نهائي حتى القرن التاسع عشر الميلادي؛ وذلك بسبب التداخل الشديد بين التوازنات العثمانية-الصفوية، والتوازنات العثمانية-الروسية، والتوازنات الصفوية- الأوروبية.

المرحلة الثالثة: القفزة الروسية الكبرى في احتلال آسيا المسلمة (1774م- 1900م): وهكذا، وبعد أن أضحت آسيا الوسطى هامشية في التاريخ الإسلامي بعد أن فشلت دويلاتها (ورثة الشيشانيين) في توحيد أنفسها وإعادة بناء قوتها، وبعد روسنة أول مجموعة من أراضي مسلمي آسيا، وبعد استمرار مقاومة القوقاز لمدة ما يقرب من القرنين، وبعد استنزاف أكبر قوتين مسلمتين العثمانية والصفوية في الصراع بينهما، حان توقيت القفزة الروسية الكبرى.

وكان كلٌّ من سقوط القرم 1774م أولًا ، ومعاهدة كوكينارجا ثانيًا، ذواتي مغزي كبير بالنسبة للتحول في ميزان القوى العثمانية-الأوروبية بصفة عامة، والعثمانية-الروسية بصفة خاصة. فلقد كانت أول استقطاع من الممتلكات العثمانية من أراضٍ ذات شعب مسلم. ولقد أنهت المعاهدة الحمايةَ العثمانية على القرم، وأضحت خان القرم رسميًّا دولةً مستقلة ولكن تحت حماية روسية حتى أتمت روسيا ضمها نهائيًا 1783م ومع أساليب الروسنة المستمرة في القرم فقدت دار الإسلام للأبد هذه المنطقة كما فقدت الفولجا والأورال.

ثم بدأ الغزو الروسي لشمال القوقاز 1783م (الداغستان والشيشان)، ولقد واجه مقاومةً عنيفة قادتها الطرق الصوفية النقشبندية؛ ولذا استغرقت روسيا ما يقرب من القرن في إتمام الاستيلاء على هذه المنطقة الصغيرة والسيطرة عليها. ولقد كان استسلام أخر قادة النقشبندية (الإمام شامل) 1859م بمثابة انتهاء لحروب القوقاز وإحكام السيطرة الروسية.

وعندئذ اندفعت روسيا في عمليةٍ منظمةٍ للاستيلاء على آسيا الوسطى، ولكنها واجهت مقاومة ضئيلة. فلقد كانت بخارَى، كييفا، خوقند، وهي الإمارات الكبرى الباقية، قد فقدت منذ فترة قوتَها السياسية ورخاءها الاقتصادي بحيث لم يعد في مقدورها مواجهة قوات الإمبراطورية الروسية القيصرية. ولقد استغرقت عملية الاستيلاء ما يقرب من النصف قرن منذ 1855 وحتى 1900م ولقد سقطت المدن الكبرى على التوالي: شمكنت 1855م، طشقند 1865م، بخارَى 1868م، كييفا 1873م، خوقند 1870م، تركستان (1873- 1884م)، ثم الجزء الشرقي من جبال البايير 1900م. ولقد حققت العملية أهدافها في ظل أوضاع عثمانية وصفوية سهلت الطريق أمامها، وكذلك في ظل توافر الدوافع الروسية للتوجُّه بعمق نحو الجنوب وصولًا إلى آسيا الوسطى.

بالنسبة للدوافع الروسية: فنجد أنه تأكد لروسيا عند منتصف الخمسينيات من القرن التاسع عشر فشل مشروعاتها الأوروبية؛ أي إسقاط الدولة العثمانية واقتسام ممتلكاتها ومن ثم توطيد النفوذ الروسي في البلقان، ولقد ساهم في هذا الفشل توازنات القوى الأوروبية المناوئة للدور الروسي الجديد؛ ومن ثم التي ساهمت في الحفاظ على تماسك كيان “رجل أوروبا المريض” ما يقرب من القرن. ولقد كانت حرب القرم (1854- 1856م) ثم الحرب الروسية -التركية 1875- وما تلاهما من مؤتمرات أوروبية مثل مؤتمر باريس 1856م، ومؤتمر برلين 1878م الساحتين اللتين تأكَّدَ عليهما فشلُ هذه المشروعات الروسية ما دفع بروسيا نحو آسيا.

أما بالنسبة لتأثير وضع الدولتين العثمانية والقاجارية: فلقد دخلت الدولة العثمانية في هذه الفترة المرحلةَ النهائية من ضعفها والتي عُرفت بالمسألة الشرقية (1774- 1923م)، ولقد تركز اهتمامُها خلالها على البلقان والوطن العربي؛ أي الجناحين الأوروبي والعربي اللذين تكالبت عليهما القوى الاستعمارية المتنافسة الكبرى لاستقطاعهما –كل في توقيته وبالأسلوب الأمثل (استقلال البلقان أولًا ثم استعمار العرب). أما الدولة القاجارية (1795- 1925م) فلقد تكوَّنت في فارس معلنة بداية مرحلة جديدة من السياسات في ظل تكالب القوى الاستعمارية على وسط آسيا، وكان الطرفان الأساسيان المتنافسان حول وسط آسيا هما: روسيا وبريطانيا.

وإذا كان التهديد الروسيُّ لفارس قد ارتبط –كما رأينا- بالتطور في مخططات التوسع القيصري منذ بطرس الأكبر؛ بحيث ظلت روسيا طوال ما يقرب من الثلاثة قرون (ولكن بدرجة متزايدة منذ نهاية القرن 18م) مصدر التهديد الأساسي لإيران، فإن بريطانيا كانت في البداية مصدر مساندة لحكام فارس في مواجهة العثمانيين أحيانًا أو الأفغان والبرتغاليين في أحيان أخرى، ثم في مواجهة روسيا خوفًا من اقتراب النفوذ الروسي من الهند. بعبارة أخرى: استطاعت فارس- كما استطاع العثمانيون- توظيف التنافسات الأوروبية وخاصة البريطانية –الروسية لخدمة مصالحها، إلا أن هذا التوظيف انقلب ليصبح خطوة البداية في اختراق النفوذ الأجنبي الأوروبي، وكان لهذا الاختراق مدلولات سلبية بالنسبة لعلاقة إيران مع جيرانها من مسلمي آسيا الوسطى، فلقد كان للعامل الروسي ثم التنافس الروسي البريطاني تأثيرها على قدرة إيران على التصدي للتنافس الأوروبي حول وسط آسيا، وتعرضت هذه القدرة لتآكلٍ متزايد مع تزايد المشاكل الداخلية للدولة القاجارية. فمع التدخل الروسي العميق في الشئون الداخلية وقعت هذه الدول في أوائل القرن العشرين فريسة الاتفاق البريطاني الروسي 1907 على اقتسام مناطق النفوذ في وسط آسيا وإيران.

خاتمة القول بعد القراءة في أنماط الذاكرة التاريخية، وعلى ضوء القراءة الحضارية والجيوسياسية في أنماط هذه الذاكرة التاريخية للتفاعلات الإسلامية-الإسلامية وللتدخلات الخارجية في هذه الدائرة الآسيوية الحضارية، فإن الدلالات المعاصرة منذ نهاية القرن العشرين وعبر ثلاثة عقود حتى الآن تتلخص في الآتي:

  • وضع الأقليات المسلمة في آسيا ليس مثل وضعه في الغرب، فلها جذور تاريخية تمتد إلى عصور كانت تمثل فيها هذه الشعوب ركنًا ركينًا من دار الإسلام الذي ساهم في إنتاج حضارة إسلامية في ثوب آسيوي([8]). ومن ثم فإن مشاكلها المعاصرة تختلف من حيث الدرجة والنوع مع نظائرها في الغرب([9]).
  • تداولت أركان الأمة من العرب والفرس والترك أدوار القيادة للعالم الآسيوي المسلم، من خلال كيانات سياسية (إمارات، ممالك، دول، سلطنات…) تنافست أو تصارعت فيما بينها، على نحوٍ حالَ -في فترات الضعف- دون القدرة على مواجهة التهديد الخارجي الآسيوي أو الأوروبي غير المسلم.
  • كان المتغير الخارجي، غير المسلم، حاضرًا دائمًا سواءٌ من الشرق (المغول) أو الشمال (الروس) أو الغرب (القوى الأوروبية الاستعمارية) أو الجنوب (الهندوس)، ولعِبَ دورَه من ناحية في التلاعب بالقوى المسلمة فيما بينها (ومع القوى غير المسلمة أيضًا). والأمثلة عديدة، كما سبق التفصيل، مثلًا: تحريض ملك أرمينيا للمغول ضد العباسيين، إلى سعي الإفرنج للتحالف مع مغول فارس ضد المماليك ثم مع تيمورلنك ضد العثمانيين إلى التلاعب الأوروبي بالصراع الصفوي- العثماني، وبالصراع العثماني-الروسي، وكان الهدف الأساسي هو الالتفاف حول القلب الإسلامي وتفريغه من فاعليته، وكذلك عزل منطقة وسط آسيا من هذا القلب؛ لأن الاتصال والتعاون بينهما سبق وأوجد (في عصر السيادة العربية) كتلة إسلامية ممتدة الأطراف كانت مبعث تهديد حضاري وعسكري يمثل خطرًا بالنسبة لعالم المسيحية، ومن ناحية أخرى أثر المتغير الأوروبي (بمعنى التوازنات الأوروبية –الأوروبية) على السياسات الروسية بصفة خاصة، فكان تحطيم مكانة روسيا في توازنات أوروبا وفي آسيا في حرب القرم وما بعدها حتى مؤتمر برلين 1878م دافعًا للتوسع الروسي في آسيا.
  • غياب القوة القائدة لمسلمي آسيا، مثَّلَ خطرًا على الأمن الحضاري لشعوب ودول آسيا المسلمة، بل ولأمن الأمة كله؛ وذلك في ظل عملية إعادة تشكيل النظم الإقليمية الجارية منذ نهاية الحرب الباردة والتي تتصادم حولها الأحادية الأمريكية مع تعددية القوى الصاعدة –وخاصة الآسيوية غير المسلمة والمسلمة أيضًا؛ وأقصد تركيا وإيران وماليزيا. وهي عملية إعادة التشكيل التي أخذت إسرائيل تشارك فيها بالتدريج وتصاعديًا على نحو يمد تحالفاتها الجديدة خارج النطاق العربي نحو الصين والهند بصفة خاصة. ويزداد الوضع خطورة في ظل أمرين متقابلين: الأول أنه لم تعد توجد قوة إقليمية عربية قادرة أو راغبة في قيادة عملية مقاومة التهديد الخارجي والإسرائيلي؛ حيث تزايدت وتيرة التطبيع مع إسرائيل من ناحية ووتيرة التحالف مع قوى الهيمنة الخارجية ضد الثورات الشعبية خلال العقد الثاني من القرن العشرين.

الأمر الثاني: هو أن إحدى القوى الصاعدة الآسيوية المسلمة –إيران- التي أخذت تقاوم باستراتيجيات متعددة منذ 1979م، وواجهت في البداية تحالفات دول عربية مع الخارج لضرب أو احتواء نموذج المقاومة الإيراني، هذه القوة تحولت بدورها إلى مشروع تدخل شيعي فارسي في الدائرة الحضارية العربية السُّنية. وفي نفس الوقت الذي حقق النموذج التركي نجاحات اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية طيلة العقدين الأوليْن من القرن الحادي والعشرين كما حقق شبكة تحالفات إقليمية وخارجية مستقرة، فإنه بدأ يواجه ضغوطًا خارجية وداخلية عديدة لاحتوائه أو إجهاضه، الأمر الذي كان لابد وأن يؤثر على حركة تركيا نحو الفضاء التركماني الآسيوي.

  • في ظل الأوضاع السابقة، كان لابد لواقعة أفغانستان 2001 أن تكون علامة كاشفة عما آلت إليه أوضاع آسيا الوسطي كلها ودرجة وحجم التدخلات الأمريكية-الروسية المتنافسة حولها. ومن ثم أضحى أيضًا الانسحاب الأمريكي أغسطس 2021 بعد عقدين من الاحتلال مولدًا بدوره لموجة أخرى من التفاعلات تبرز قدر ما أضحى عليه تأثير الوجود الخارجي غير المسلم الآسيوي (روسيا – الصين – الهند) وغير الآسيوي (الأمريكي بصفة خاصة). وزاد الأمر تعقيدًا إقليميًا –امتداد تداعيات الحرب الأوكرانية-الروسية إلى هذا الفضاء؛ حيث انعكست مواقف الدول المسلمة (باكستان مثلًا) من هذه الحرب إلى جانب روسيا على الأوضاع الداخلية (خروج عمران من رئاسة الوزارة).
  • لم تكن السيطرة الروسية القيصرية ثم السوفيتية على آسيا الوسطى والشيشان، كما لم تكن السيطرة الصينية على تركستان الشرقية، كما لم تكن سيطرة هندوس الهند عليها بعد الاستقلال (وكان لهم الأفضلية أيضًا- مقارنة بالمسلمين- خلال الاستعمار البريطاني) لم تكن كل هذه النماذج لتعبر عن سيطرة سياسية اقتصادية بحتة، ولكن كانت ذات تأثيرات سلبية على الوجود المسلم وعلى الهوية الإسلامية طيلة قرون، إلا أنها لم تقدر على القضاء على هذا الوجود أو محو هذه الهوية؛ لأن شعوب هذا الفضاء ذات قدرة كبيرة على المقاومة الذاتية ضد أساليب السيطرة. فبالرغم من كل أساليب الروسنة والسـﭬيتة طيلة ثلاثة قرون من أجل تصفية الإسلام والمسلمين فمازال الإسلام، كما تكشَّف بعد انهيار الاتحاد السوفيتي يمثل عنصر الهوية الأساسي لشعوب هذه المنطقة. ويرجع ذلك إلى نوع من الدفاع الذاتي عن النفس من جانب هذه الشعوب أكثر منه نتاجًا عن مساعدة شعوب وحكومات ودول إسلامية كانت قد وقعت بدورها في براثن استعمار ولو من نوع آخر([10]).

بعبارة أخرى: إن طرح قضايا الهوية والثقافة والحضارة المتصلة بالسياسات الراهنة للقوى الصاعدة الآسيوية (روسيا، الصين، الهند)، وموضع مسلمي آسيا منها، ليس ترفًا مقارنة بقضايا القوة الصلدة التي يعاني منها أيضًا هؤلاء المسلمون. فأدوات التدخل الدينية الثقافية القيمية الحضارية ليست قاصرة على القوى الغربية فقط (تحت رداء العلمنة والتمدن والتحضر) ولكن تعرفها أيضًا قوى الهيمنة الآسيوية في الفضاء العربي-التركي –الفارسي- الآسيوي على مرِّ تاريخهم.

ولعل من أهم النماذج الشارحة لهذا: اجتماع الصين وروسيا والهند في ما يعرف بمعاهدة أمن شنغهاي لمقاومة ما يسمى “الإرهاب الإسلامي” في آسيا من ناحية، واتهام كل من يقاوم التعصب القومي الصيني أو الروسي أو الهندوسي أو في جنوب شرق آسيا ضد المسلمين بالإرهاب.

وخلاصة قول الدلالات المعاصرة:

إن آسيا المسلمة المعاصرة أضحت –شعوبًا ودولًا- تحت سطوة استراتيجات التدخلات الخارجية متعددة الأدوات: العسكرية، الاقتصادية، وفي قلبها الدينية –المذهبية- الثقافية. ومن ثم فإن أمن مسلمي آسيا الحضاري في مهب الريح أمام جحافل قوة الصين الناعمة، وأمام هدير عسكرة بوتين للسياسات الروسية (الشيشان ثم جورجيا، ثم القرم ثم أوكرانيا كلها…)، وأمام نعيق العنصرية القومية الهندوسية الصاعدة في الهند مدمرة أركان ديموقراطيتها العلمانية… فجميع هذه المخاطر لا تضرب الأرض أو الثروة فقط، ولكن الهوية الحضارية الإسلامية لهذا الفضاء الحضاري الإسلامي الآسيوي، مثلما تضرب قوى أخرى -ولو بنماذج مختلفة- الهويات الحضارية الإسلامية لفضاءات حضارية إسلامية أخرى في أفريقيا وفي أوروبا وفي أمريكا اللاتينية، وبالطبع في القلب العربي للعالم الإسلامي.

ولكن مع هذا فلا تنعدم صور المقاومة ضد هذه المخاطر، وهي تحتاج إلى إلقاء الضوء عليها بقدر التحذير والتنبيه للمخاطر. ففيها يكمن وينبعث الأمل في إمكانية التجدد الحضاري: وحدةً وقوةً ومنعةً للإسلام وشعوبه ودوله.

الحمد لله 27/6/2022

______________________________________

الهوامش

[1]   انظر التفاصيل في إطار تطور عصور التاريخ الإسلامي في:

– علا أبو زيد، الدولة الأموية دولة الفتوحات، (في) نادية مصطفى (محرر)، موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام، القاهرة، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2022، المجلد الخامس.

– علا أبو زيد، الدولة العباسية، المرجع السابق

– د. نادية مصطفى، العصر المملوكي ، المرجع السابق.

– د.نادية مصطفى، العصر العثماني من القوة والهيمنة إلى بداية المسألة الشرقية، (في) نادية مصطفى (محرر)، موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام، المجلد السادس، المرجع السابق.

  • انظر ما يتصل بأسيا المسلمة بصفة خاصة في:

– نادية مصطفى: التدخلات الخارجية ومسيرة أزمات المنطقة التجربة التاريخية وآفاق المستقبل (في) نادية مصطفى، باكينام الشرقاوي (محرران) إيران والعرب، المصالح القومية وتدخلات الخارج رؤى مصرية وإيرانية، جامعة القاهرة، برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، 2009.

  • وانظر ما يتصل آسيا الوسطى والقوقاز وروسيا بصفة خاصة في:
  • د.نادية مصطفى، آسيا الوسطى والقوقاز بين القوى الإسلامية الكبرى وروسيا: أنماط ومحددات التطور التاريخي للتفاعلات الدولية إطار مقترح للتحليل السياسي للتاريخ، (في) د.مصطفي علوي (محرر): ندوة الوطن العربي وكومنولث الدول المستقلة (القاهرة 26- 28 يونيو/حزيران 1994)، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية1994).

([2]) حول المفاصل والنماذج والأنماط أنظر: د.نادية مصطفى، الهجمات الحضارية على الأمة وأنماط المقاومة: بين الذاكرة التاريخية والجديد منذ الثورات العربية، العدد الثالث عشر من حولية أمتي في العالم “المشروع الحضاري الإسلامي: الأزمة والمخرج”، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2017.

[3]  انظر حول أنماط ونماذج هذه المراحل والعوامل المؤثرة عليها: د.ودودة عبد الرحمن، وضع الدول الإسلامية في النظام الدولي في أعقاب سقوط الخلافة العثمانية، (في) نادية مصطفى (محرر)، موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام، مرجع سابق، المجلد السادس.

[4] لمزيد من التفاصيل انظر: د.نادية مصطفى، آسيا الوسطى والقوقاز بين القوى الإسلامية الكبرى وروسيا: أنماط ومحددات التطور التاريخي للتفاعلات الدولية إطار مقترح للتحليل السياسي للتاريخ، مرجع سابق،  ص ص 68- 82

[5]  المرجع السابق ص ص 75-76.

[6]  انظر التفاصيل في الأتى:

  • د. نادية مصطفى، العصر المملوكي ، (في) نادية مصطفى (محرر)، موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام، المجلد السادس، مرجع سابق.
  • د.نادية مصطفى، العصر العثماني من القوة والهيمنة إلى بداية المسألة الشرقية، (في) موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام، المجلد الخامس، مرجع سابق
  • د.نادية مصطفى، آسيا الوسطى والقوقاز بين القوى الإسلامية الكبرى وروسيا: أنماط ومحددات التطور التاريخي للتفاعلات الدولية إطار مقترح للتحليل السياسي للتاريخ، مرجع سابق، ص ص76-83.

[7] انظر التفاصيل في الآتي:

  • د.نادية مصطفى، العصر العثماني من القوة والهيمنة إلى بداية المسألة الشرقية، (في) نادية مصطفى (محرر)، موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام، المجلد السادس، مرجع سابق.
  • د.نادية مصطفى، آسيا الوسطى والقوقاز بين القوى الإسلامية الكبرى وروسيا: أنماط ومحددات التطور التاريخي للتفاعلات الدولية إطار مقترح للتحليل السياسي للتاريخ، مرجع سابق، ص ص 82-100

([8]) انظر الفروق بين هذه الأنماط من الأقليات المسلمة في الشرق والغرب في: د. د.نادية محمود مصطفى، الأقليات الإسلامية في العالم، إطار مقارن للدراسة، (في): د.حسن العلكيم (محرر)، قضايا إسلامية معاصرة، جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات الآسيوية، 1997.

([9]) انظر أنماط مشاكل كل من المجموعتين في: د. نادية مصطفى (إشراف عام)، أمتي فى العالم، كتاب غير دوري، (الجديد في حالة الإسلام والمسلمين في العالم (2010-2020): ما بعد الإسلاموفوبيا)، (القاهرة: دار البشير للثقافة والعلوم، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2021).

([10]) حول تفاصيل أساليب المقاومة والاتجاهات الفكرية والاجتماعية التي انقسم بينها المسلمون في ظل الحكم الروسي والسوفيتي وما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، انظر: د.نادية مصطفى، آسيا الوسطى والقوقاز بين القوى الإسلامية الكبرى وروسيا: أنماط ومحددات التطور التاريخي للتفاعلات الدولية إطار مقترح للتحليل السياسي للتاريخ، مرجع سابق، ص97-99.

– وحول مآلات أوضاع دول الكومنولث في منتصف القرن التاسع عشر انظر بحوث المرجع السابق.

– وحول توجهات روسيا والصين والهند نحو مسلمي هذه الدول وخاصة في المرحلة المعاصرة الراهنة انظر:

أ) ماجدة إبراهيم، الخطاب الرسمي تجاه الإسلام والمسلمين في مثلث( موسكو- بكين-دلهي)، (في) : د. نادية مصطفى (إشراف عام)، أمتي فى العالم، كتاب غير دوري، (الجديد في حالة الإسلام والمسلمين في العالم (2010-2020): ما بعد الإسلاموفوبيا)، مرجع سابق.

ب) أحمد شوقي، سياسات الإسلاموفوبيا في ميانمار والصين والهند: المستجدات والدلالات، (في) المرجع السابق.

ج) د.أحمد عبد الحافظ، سياسات روسيا والكومنولث تجاه الإسلام والمسلمين، (في) المرجع السابق.

فصلية قضايا ونظرات- العدد السادس والعشرون – يوليو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى