الحراك في لبنان: المحركات والدلالات

مقدمة:

تشهد المدن والبلدات اللبنانية منذ 17 أكتوبر الماضي تظاهرات شعبية غير مسبوقة؛ احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية، واستشراء الفساد السياسي والاقتصادي للنخب الحاكمة، وسوء الخدمات، والطائفية وسلطة الميليشيات، وما لبثت تلك التظاهرات أن وجهت جام غضبها وبلورت مطلبها الرئيس في رحيل “العهد”، بل وإسقاط كامل الطبقة السياسية الطائفية التي نتجت عن اتفاق الطائف المتداعي أساسًا. تميزت تلك التظاهرات بأنها جاءت شاملة وعابرة للطوائف والمناطق والطبقات الاجتماعية. لكن هذا الحراك الذي كسر حاجز الطائفية السياسية لا يزال أمامه تحديات جسيمة ليس أقلها بلورة مطالب أكثر عملية يستطيع أن يخترق من خلالها طوائف السلطة ويُحدث إجماعًا أكبر في الشارع، وكذلك ما زال الحراك اللبناني يعاني ككثير من ثورات الربيع العربي والحركات الجماهيرية الحالية خاصةً في العراق والجزائر والتي تعاني جميعها من عدم إنتاج قيادات قادرة على ترجمة مطالب الحراك إلى مكتسبات سياسية.

فكيف بدأت الأزمة؟ وما هو تاريخ الحركات الاحتجاجية في لبنان؟ وما هي خريطة قوى الأزمة الحالية وأهدافها؟ وما هي محركات الأحداث؟ وما هي احتمالات مآلات الحراك؟ هذا ما سوف نجيب عنه.

 

أولًا- بداية الأزمة: ضريبة مكالمات “الواتس آب”

خرجت مظاهرات كبيرة في معظم المناطق اللبنانية منذ 17 أكتوبر 2019 احتجاجًا على الفساد السياسي والاقتصادي للنخب السياسية الحاكمة، وذلك في أعقاب قرار وزارة الاتصالات فرض ضريبة قدرها 20 سنتًا أمريكيًا على استخدام اتصالات تطبيق “واتس آب”، الأمر الذي أشعل شرارة الاحتجاجات في المدن اللبنانية؛ في بلد يستخدم مواطنوه على نطاق واسع تطبيقات الصوت عبر الإنترنت لتوفير النفقات([1]).

كانت حدة النقمة الجماهيرية تشتد تدريجيًا نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية، وفشل الحكومة اللبنانية في تحقيق وعود الإصلاح الاقتصادي التي جاءت بها، وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، بالإضافة إلى تراكم النقمة على النخبة السياسية الطائفية الفاسدة في لبنان وممارساتها في الحكم والسياسة العامة. وهي الأمور التي تراكمت ودفعت المتظاهرين للمناداة برحيل كامل النخبة السياسية في لبنان دون استثناء، بما فيها تلك الأحزاب التي لها مصلحة في سقوط “العهد”، والتي شارك جمهورها في الحراك، وهو ما تم تلخيصه في هتاف “كلن يعني كلن”([2]).

كانت ضريبة مكالمات “الواتس آب” بمثابة القشة التي قسمت ظهر المواطنين اللبنانيين فدفعت بهم إلى الساحات والميادين، حيث شهد لبنان في الفترة السابقة على التظاهرات تمهيد الأرضية لذلك الغضب الجماهيري، فقد أدت قرارات حاكم مصرف لبنان بسحب الدولار من الأسواق إلى التأثير على سعر صرف الليرة، وكذلك قرار المصارف اللبنانية بعدم صرف الدولار للمواطنين حتى لو كان حسابهم دولاريًا في بلد يستورد منتجاته بالدولار، الأمر الذي خلق أزمة اقتصادية رهيبة نتيجة التراجع المفاجئ لليرة أمام الدولار، ما زاد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على كاهل المواطن اللبناني، وأخيرًا جاء تعاطي الحكومة اللبنانية مع كارثة الحرائق التي شبت في غابات لبنان ليشعل ساحات الاحتجاج([3]).

اشتعلت التظاهرات منذ يوم 17 أكتوبر، وانتشرت في كافة أرجاء لبنان من شماله لجنوبه، بشكل أشبه بانتشار حرائق “الثلاثاء الأسود”، وتتضح شدة نقمة وغضب الجماهير اللبنانية على النخبة السياسة والاقتصادية الحاكمة في حرق المتظاهرين لصور ولافتات مكاتب أعضاء النخبة السياسية اللبنانية، وفي اقتحام الجماهير لاستراحات ومحلات مملوكة لأفراد من النخبة اللبنانية، كما حدث في اقتحام “الريست هاوس” وإحراقه؛ وهي استراحة مملوكة لـ “رندا بري” زوجة زعيم حركة أمل ورئيس البرلمان اللبناني “نبيه بري”([4])، وكذلك اقتحام المتظاهرين لمحل “باتشي” للحلويات المملوك لوزير الاتصالات عن تيار المستقبل “محمد شقير” صاحب قرار فرض “ضريبة على الاتصالات”([5]).

أن المحرك الرئيسي للتظاهرات يكمن في فساد النخبة السياسية الحاكمة، حيث يحتل لبنان المركز 138 من أصل 180 دولة على مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2018([6])، متقدمًا خمسة مراكز عن العام 2017، ينتج هذا الفساد في لبنان عن البنى السياسية الطائفية السائدة منذ استقلال الدولة اللبنانية عام 1943، والتي تشكل بمجملها أهم حاضنات الفساد السياسي والمالي في لبنان.

نشأ النظام السياسي اللبناني على تقسيمات ديمويغرافية حادة، بهدف تحقيق تمثيل سياسي لكافة المكونات الطائفية اللبنانية. فعندما نال لبنان استقلاله في عام 1943، تم العمل على دمج هذه التقسيمات الطائفية في اتفاق سياسي شامل غير مكتوب، وجاءت “وثيقة الوفاق الوطني” المعروفة باتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، والتي تعد بمثابة نص مكتوب لـ “ميثاق عام 1943” كنص مستحدث عمل على دسترة الطائفية السياسية، بتخصيصه مناصب حكومية، وإدارية ومقاعد برلمانية، لجميع الطوائف الدينية اللبنانية بحسب أعدادها السكانية([7]).

فعلي الرغم من اشتمال “وثيقة الوفاق الوطني” على بند إلغاء “الطائفية السياسية”، حيث إن إلغائها وفقًا لهذا الاتفاق “هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية”، وإلغاء “قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة… إلخ”([8]). ما زال لبنان يدور في فلك المحاصصة الطائفية التي انتجت كافة المشكلات البنيوية التي تشهدها الدولة اللبنانية التي ينتج عنها الفشل المتلاحق الذي ينتج بدورة الاحتجاجات الشعبية.

شهد لبنان الكثير من الحركات الاحتجاجية قبل حراك 17 أكتوبر الأخير، حيث خرج اللبنانيين في مناسبات مختلفة تنديدًا بالأوضاع المعيشية المتردية، والفساد السياسي وسوء الخدمات العامة أو اعتراضًا على التواجد العسكري السوري على الأراضي اللبنانية فيما عرف بـ”ثورة الأرز”2005.

ذهبت بعض الكتابات التي تناولت حركات الربيع العربي، إلى أن لبنان قد قام بثورته بالفعل قبل خمسة سنوات من انطلاق ثورات الربيع العربي، في التظاهرات الشعبية التي عرفت بــ”ثورة الأرز” أو “ربيع بيروت”؛ وذلك عندما خرج اللبنانيين إلى الشوارع في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري([9])، حين انقسم الشارع السياسي اللبناني إلى فريقين كبيرين متعارضين من قضية التواجد العسكري السوري على الأراضي اللبنانية والذي ينتقص من السيادة الوطنية.

الفريق الأول هو قوى “الثامن من آذار”؛ وهو الفريق الذي تشكل غالبيته المسلمين الشيعة، وأظهر دعمه للقوات السورية والرئيس الأسد في مظاهرات نصف مليونية في العاصمة اللبنانية بيروت، يوم الـ 8 من مارس عام 2005.

أما الفريق الثاني فهو قوى “الرابع عشر من آذار”، ويتشكل من طيف واسع من سنة ومسيحيين ودروز، نزلوا إلى شوارع بيروت في تظاهرة مليونيه، يوم الـ 14 من مارس عام 2005، منددين بالتواجد العسكري السوري على الأراضي اللبنانية وملوحين بأعلام لبنان.

وعلى أثر الزخم الذي أحدثته تظاهرات 14 مارس، والضغط الدولي من قبل حكومتي واشنطن وباريس التي تعرض لها النظام السوري جراء تواجده العسكري في لبنان، انسحبت القوات المسلحة السورية من الأراضي اللبنانية عائدةً أدراجها إلى الحدود السورية، وبعد شهر من الانسحاب السوري أُجريت الانتخابات النيابية اللبنانية، والتي تم تأطير الحراك الشعبي السابق لها، في تحالفين سياسيين كبيرين انضوت تحتهما القوى السياسية اللبنانية([10]).

تحالف “الثامن من آذار”، انضوى تحت ذلك التحالف حزب الله بزعامة حسن نصر الله، وحركة أمل بزعامة نبيه بري والتيار الوطني الحر بزعامة ميشيل عون.

أما تحالف “الرابع عشر من آذار”، فانضوى تحت لوائه تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، والحزب الاشتراكي التقدمي بزعامة وليد جنبلاط، وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وأحزاب مسيحية وسنية أخرى أقل حجمًا ومستقلين.

نتج عن الانتخابات فوز كبير لتحالف “14 آذار” بزعامة سعد الحريري، حيث حصل على 72 مقعدًا مقابل 52 مقعدًا لتحالف “8 آذار” من مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعدًا، أعطى الانسحاب السوري وفوز قوى “14 آذار” أمل للبعض بأن عهدًا جديدًا للاستقرار والتنمية قد أنطلق، ولكن تبخرت تلك الآمال مع مرور الوقت؛ فلم تشهد مدة الحكومة أي انجاز على صعيد مكافحة الفساد وتحسين جودة الحياة والخدمات العامة؛ وذلك بسبب الصراع الحاد بين الفرقاء السياسيين على قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والنفوذ المتنامي لميليشيا حزب الله([11]).

ثانيًا- جذور الاحتجاجات الحالية

شهد لبنان في الفترة التي اعقبت ثورات الربيع العربي، عددًا من الحركات الاحتجاجية التى تأثرت برياح التغيير في العالم العربي، ولكن هذه الحركات لم تكن بالزخم الحالي الذي تشهده تظاهرات 17 أكتوبر 2019. ففي الفترة ما بين 2011 إلى 2015 شهدت العاصمة بيروت بروز العديد من الحركات الاحتجاجية الصغيرة لما يمكن أن نطلق عليه “حركات اليسار الجديد”، منها حركة الطلاب الجامعيين، والتحركات التي قادتها الأحزاب اليسارية والمجموعات النسوية، ونادت تلك التظاهرات باستعادة الأملاك العامة، وعدم تسديد رواتب نواب البرلمان، وباستعادة الطابع التاريخي لوسط بيروت الذي كان يغلب عليه أبناء الطبقة العاملة، والحفاظ على البيئة، وكذلك بـ “إسقاط النظام الطائفي”([12]).

تحولت تلك الاحتجاجات المتفرقة والصغيرة إلى تظاهرات حاشدة ضمت عشرات الآلاف من المواطنين الذين نزلوا إلى شوارع العاصمة بيروت، في 19 أغسطس 2015، في تظاهرات حملت عنوان “طلعت ريحتكم”، على أثر أزمة النفايات المتراكمة في الشوارع، والتي بدأت في يوليو 2015، نتيجة إصدار مجلس الوزراء اللبناني، في 21 يناير 2015، القرار رقم “1” القاضي بالإغلاق النهائي لـ”مطمر الناعمة – عين درفيل”، دون توفير مكبّ نفايات بديل([13]). وككل الحركات التي تبدأ احتجاجًا على فشل سياسة محددة أو طلبًا لمطالب محددة، سرعان ما أخذت تظاهرات “طلعت ريحكتم” في التوسع في مطالبها، فقد ذهب الحراك إلى صبّ جامّ غضبه على فساد النخبة السياسية اللبنانية، وتدهور البنى التحتية وصولًا إلى الطائفية السياسية التي أنتجت كل هذه الأزمات([14]).

في تلك الأثناء كان لبنان يشهد فراغًا سياسيًا ودستوريًا في مقعد الرئيس منذ أن غادر رئيس الجمهورية اللبنانية السابق “ميشال سليمان” القصر الجمهوري في بعبدا، في 25 مايو 2014، لتنطلق رحلة الفراغ في الموقع السياسي الأول في لبنان وتدوم لأكثر من سنتين؛ نتيجة الصراع السياسي بين كتلتي “8 آذار” و”14 آذار” من أجل أن يُوْصل أحد الطرفين حليفه إلى القصر الرئاسي([15]). كما أتى هذا الفراغ الرئاسي في ظل اشتعال الحرب الأهلية السورية، والتي ألقت بظلالها على الوضع الداخلي في لبنان خاصةً في مناطق التوترات التاريخية في طرابلس وصيدا التي شهدت اشتباكات بين عناصر حزب الله وبين عناصر سلفية تابعه لرجل الدين السُنِّي أحمد الأسير([16]).

ثالثًا- تظاهرات 17 أكتوبر: خريطة قوى الأزمة وأهدافها

يتعاطى عدد من الجهات والفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين مع الأزمة اللبنانية الحالية، وهو ما سوف نحدده في ثلاثة مستويات رئيسية، المستوي الأول: خريطة الشارع اللبناني والقوى السياسية اللبنانية وموقعها من الحراك، والمستوى الثاني: خريطة الفاعلين الإقليميين وموقفهم من الحراك، والمستوى الثالث: خريطة الفاعلين الدوليين وموقفهم من الحراك.

المستوى الأول: خريطة الشارع اللبناني

بعدما اشتعل الغضب الجماهيري في المدن اللبنانية، وأدى إلى نهب وتدمير المتاجر والمكاتب والاستراحات المملوكة للنخبة السياسية والاقتصادية، استقرت الاحتجاجات في تجمعات سلمية كبيرة عابرة للخطوط الطائفية والاجتماعية، سادت فيها الأعلام اللبنانية المشهد مع غياب أعلام الجماعات السياسية والميليشيات، استمرت تلك التجمعات في الازدياد والانتشار مع سعي بعض القادة اللبنانيين للالتفاف على مطالب المتظاهرين، وسعي البعض الآخر لركوب موجة الاحتجاج.

ليس من السهل تحديد خريطة القوى الاجتماعية والسياسية المشاركة في حراك 17 أكتوبر 2019، في ظل غياب قيادة للحراك، ولكون الحراك الحالي واسعًا ويشتمل على أغلب المناطق اللبنانية، وكذلك لكون المطالب الجماهيرية “الاقتصادية- السياسية- الاجتماعية” فضفاضة؛ وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية التي وحدت طوائف اجتماعية ودينية وطبقية شتى.

فعلى عكس احتجاجات 2005، لم تشهد الاحتجاجات الحالية مثل تلك الانقسامات السياسية حتى اللحظة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاحتجاجات الحالية لا مركزية، حيث تتجمع أعداد كبيرة من المتظاهرين أيضًا خارج العاصمة بيروت وفي المناطق التي كانت من الناحية التاريخية إما معاقل تحالفات “8 آذار” أو “14 آذار”، وعلى الرغم من ذلك، نستطيع تقسيم الجمهور المشارك في تظاهرات 17 أكتوبر إلى خمس فئات، وذلك بحسب الشعارات التي تم رفعها، وطبيعة التحركات وخريطتها الجغرافية([17]):

  • مجموعات “اليسار الجديد” وناشطو المجتمع المدني، وهم مستمرون في النزول للشوارع منذ 2011 احتجاجًا على قضايا عدة ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي وبيئي ونسوي.
  • القاعدة الشعبية “لحزب الله”، لا سيما الفئات الأكثر فقرًا التي تضررت من برامج التقشف كباقي أبناء المجتمع اللبناني في الوقت الذي يقلل فيه الحزب دعمه لتلك الفئات لتمويل الحرب في سوريا وكذلك نتيجة العقوبات الأمريكية، ولقد انسحبت تلك المجموعات بعد كلمة ألقاها الأمين العام لحزب الله (حسن نصر الله).
  • مناصرو حزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” الذي فضل رئيس الأول سحب وزرائه من التشكيل الحكومي([18])، وكان الثاني قد فضل عدم المشاركة في التشكيلة الحكومية من الأساس.
  • المواطنون غير المسيّسين المتضررين من السياسات الحكومية.
  • مجموعات مسيحية هامشية تنادى بـ”تسليم الحكم للجيش لمحاربة الفاسدين”.

تشير وحدة الاحتجاجات واللامركزية فيها إلى الغضب الجماعي وخيبة الأمل إزاء النخبة السياسية الحاكمة، فضلاً عن الإدانة لكل من الأحزاب المسيطرة وزعمائها، لم يستثنِ الحراك أي حزب سياسي أو قادته من اتهامات بالفساد وسوء الإدارة والهيمنة، وعلى الرغم من ذلك تم التعاطي مع الحراك من قبل النخبة السياسية اللبنانية كما سبق الذكر بطريقتين؛ فريق حاول الالتفات على تلك المطالب، وفريق آخر سعى للاستفادة من الاحتجاج لتعظيم مكاسبه أمام خصومه السياسيين، وهو ما سوف نجمله على النحو التالي:

  • قوى الثامن من آذار: حاولت قوى الثامن من آذار بكل مكوناتها السياسية أن تستفيد من الحراك لتعظيم مكاسبها السياسية في مواجهة خصومها السياسيين، فنجد تعاطي “التيار الوطني الحر” مع الحراك تعاطيًا انتهازيًا يعمل على تفسيره بأنه “يقوي موقف الرئيس وموقفنا وموقف كل الإصلاحيين” كما عبر وزير الحارجية وصهر رئيس الجمهورية “جبران باسيل”([19]).
  • أما قيادة حزب الله فكان تعاطيها مرتبكًا مع الحراك، حيث عملت أولًا على الاستفادة من الحراك الشعبي في مواجهة المصارف اللبنانية التي تعمل على تنفيذ العقوبات الأمريكية على الحزب، ولكن على الجهة الأخرى رفض الأمين العام للحزب مطالب الحراك وأعلن لاءاته الثلاث (لا إسقاط للعهد، لا استقالة للحكومة، ولا انتخابات نيابية مبكرة)([20])، ودعا أنصاره للانسحاب من ميادين التّظاهر واتهم “أحزابًا وأثرياء فاسدين ودولًا إقليميّة وسِفارات أجنبيّة بالوقوف خلف الحراك وتمويله”، وأكد على أن “الانسحاب جاء لانحراف هذا الحراك أو مُعظمه، عن أهدافه التي انطَلق من أجل تحقيقها”([21]).
  • وجاء موقف نبيه بري زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب اللبناني، في البداية، صامتًا يترقب الحراك، حيث لم يخرج عنه أي تصريح أو خطاب لمن هم بالشارع؛ وهو ما برره لأحد الصحفيين بقوله: “ماذا سأقول لهم؟ ليس هناك حلّ منجز بعد، حتى استند إليه في أيّ إطلالة”([22]). في الوقت ذاته، كان مناصرو حركة أمل يعتدون على المتظاهرين في جنوب لبنان بشكل وحشي، وهي السياسة التي لطالما انتهجها مناصرو الحركة في الكثير من الحركات الاحتجاجات السابقة لحرف مسار الحراك الشعبي([23]). عقب ذلك خرج بري يوم 5 نوفمبر، ليتحدث عن كونه مع الحراك ولكنه ضد قطع الطرق واللفاظ المسيئة، وأنه بصدد القيام بثورة تشريعية([24]).
  • تيار المستقبل: يُعد تيار المستقبل الحلقة الأضعف في مواجهة الحراك الجماهيري من جهة ومنافسيه من قوى “8 آذار” من جهة أخرى، حيث تعمل قوى “8 آذار” على تحميله سبب الفشل الحكومي، بحكم رئاسة زعيم التيار سعد الحريري للحكومة اللبنانية ومسئوليته المباشرة عن النهج الاقتصادي الذي أدى للاحتجاجات.

لكن الحريري لم يقف مكتوف الأيدي فعمل على طرح مبادرة بتشكيل حكومة “تكنوقراط” برئاسته، كما طرح ورقة للإصلاح الاقتصاي تتضمن 24 إجراء؛ منها خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليّين والسابقين بنسبة 50% ومساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو خمسة ترليون ليرة لبنانية أي ما يعادل 3.3 مليار دولار لتحقيق “عجز يقارب الصفر” في ميزانية 2020([25]).

نتيجة فشل الحريري في تحقيق توافق على مبادرته، قام بتقديم استقالته، أملاً في جني مكاسب سياسية، ليس أقلها إرضاء الحراك الذي عمل على إظهار حرصه على مطالبه، وكذلك للضغط على خصومه السياسيين الذين لن يجدوا شخصية سُنية تقبل رئاسة الحكومة خاصةً بعد موقف دار الإفتاء القاطع بأن مرشح السُّنة لرئاسة الحكومة هو “سعد الحريري”، حيث يأمل الحريري في العودة إلى رئاسة الحكومة وفق شروطه الخاصة، بعد حالة العجز التي عاشها في مواجهة الحراك ومنافسيه.

  • حزب القوات اللبنانية: من أبرز القوى التى عملت على الاستفادة من الغضب الشعبي منذ اللحظة الأولى، حيث قام زعيم الحزب “سمير جعجع” بسحب الأربعة وزراء الممثلين للحزب، ودعا منذ بداية الحراك إلى استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة بعيدة عن الطاقم السياسي الحالي، كما دعا أنصار الحزب إلى المشاركة في الحراك الشعبي، وفق ما أسماه “منطق وأجواء هذه التحركات”، أي من دون رفع شعارات وأعلام حزبية([26]).
  • حزب الكتائب اللبنانية: عبَّر الحزب عن سعادته بانتفاضة اللبنانيين ودعا مناصريه إلى المشاركة في الحراك الشعبي، وفي الوقت نفسه أبعد الحزب قياداته عن التصريحات الإعلامية؛ وذلك “حمايةً للانتفاضة من أعدائها كحزب الله، الذي يقول إن الناس ليست هي من تقود التحركات بل بعض الأحزاب؛ بالتالي أي كلام من قبلنا يعطي الحق لأعداء الثورة”، على حد تعبير عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب “سيرج داغر”([27]).

يُعْتَبر حزب الكتائب ورئيسه “سامي الجميل” الأقل استهدافًا من الحراك الشعبي مقارنةً ببقية الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية وقادتها؛ وذلك لكون الجميل وحزب الكتائب نادى بكثير مما ينادى به الحراك في الفترة السابقة.

كما أن الحزب قد تصدى لتركيبة السلطة الطائفية الحالية، فقد رفض الحزب الدخول في صفقة التسوية التى أنتجت “العهد” وقانون الانتخابات، ويسجل لحزب الكتائب ورئيسه سامي الجميل رفضه لأي شكل من أشكال الشراكة مع السلطة الحالية، وذلك منذ سحب الحزب لوزرائه من حكومة تمام سلام، في 17 يونيو 2016، وكذلك رفض الحزب للمشاركه في حكومة الحريري([28]).

  • الحزب التقدمي الاشتراكي: جاء موقف زعيم الحزب “وليد جنبلاط” متخبطًا من الحراك الذي جاء مفاجئًا له، ففي بداية الحراك بدا جنبلاط على مسافة من الحراك، حيث إن وزير التربية والتعليم وعضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي “أكرم شهيب” كان أحد أبرز من استهدفهم الحراك([29]). في مرحلة لاحقة، تبنَّى جنبلاط مطالب الحراك وشعاراته، التي اعتبرها جاءت لتكمّل حراكاً كان قد بدأه، في سياق صراعه مع “العهد”([30]).

هذا التخبط في موقف جنبلاط يتضح في مطلب استقالة الحكومة، فبالرغم من كونه أول الداعين للاستقالة الجماعية للحكومة([31])، نجده قد تراجع عن مطلبه بعد ساعات قليلة من تقديم الحكومة استقالتها، محذراً من مخاطر الفراغ الذي قد ينشأ([32]).

إن العامل المفسر لذلك التخبط هو سعي “جنبلاط” الحثيت لتعظيم مكاسبه السياسية والمناورة على أكثر من جهة؛ جهة الحراك، حيث عمل على إرضائه بالنيل من وزير الخارجية “جبران باسيل” أكثر من نال منهم الحراك، والذي أكد “جنبلاط” على عدم إمكانية البقاء معه في الحكومة، كونه “رمز الاستبداد الحكومي”([33]). كما يناور “جنبلاط” على جهة “العهد” خاصة قوى “8 آذار”، التي يعود ليهدئ الأمور معها في محاولة للحفاظ على المكاسب السياسية والاقتصادية التي حصل عليها حزبه والتي يسعى للحصول عليها.

المستوى الثاني: خريطة الفاعلين الإقليميين وموقفهم من الحراك

هناك عدد من الفاعلين الإقليميين الذين يتعاطون مع الشأن اللبناني سوف نركز هنا على التعاطي السعودي، والإيراني والاسرائيلي مع الحراك الشعبي؛ وذلك لكون تلك الجهات من أبرز الفاعلين في الساحة اللبنانية. تاريخيًا، تتصارع الرياض وطهران على النفوذ في بيروت، ولكل عاصمة حلفائها. دأبت طهران على دعم حزب الله اللبناني، في الوقت الذي دعمت فيه الرياض تيار المستقبل سواءٌ بالدعم السخي للحريري الأب ثم في فترة لاحقة للحريري الابن، لكن هذا الدعم السعودي لتيار المستقبل تم تخفيضه بشكل حاد مؤخرًا، ردًا على تحالف الحريري مع حزب الله والتيار الوطني الحر الذي نتج عنه ما سمىَّ بــ”العهد”. أما إسرائيل فيأتي تعاطيها مع الحراك اللبناني مما قد يترتب عليه من تهديدات تتعلق بأمنها القومي خاصةً في ظل التنامي الواسع لنفوذ حزب الله في المشهد السياسى والعسكري اللبناني.

  • وعلى الجانب السعودي، وعلى عكس النهج الصدامي الذي جاء به الأمير محمد بن سلمان للتعاطي مع النفوذ الإيراني في المنطقة عمومًا، وفي لبنان خاصةً إبان إرغام الحريري على تقديم استقالته من الرياض([34])، لم تتفاعل الرياض رسميًا مع الاحتجاجات الحالية بأي شكل، هذا الصمت المطبق دفع محرري “بلومبرج” لاعتباره بأنه “يأتي من كتاب نابليون الخاص بعدم التدخل عندما يكون عدوك في طريقه إلى تدمير نفسه”([35]).

لا نعلم على وجه الدقة أهو عدم تدخل من الرياض في المشهد الاحتجاجي الذي إن حقق أهدافه فهو بالفعل مدمر للنفوذ الإيراني في لبنان، أم إن الرياض المنهكة في اليمن والتى لم تستطع تشكيل تحالف لمناؤة النفوذ الإيراني في المنطقة أحجمت عن لعب أي دور في لبنان توفيرًا لتكاليف لم تأتي بنتيجة من قبل.

على كل حال هناك مؤشرات أخرى على احتمال تأييد الرياض ومن خلفها أبو ظبي للتظاهرات في لبنان، وهو حجم التناول الإعلامي والخبري للحراك الشعبي اللبناني من قبل منصات إعلامية وصحفية مملوكة للدولتين أو تمولة منهما، حيث ظلت المنصات الإعلامية للدولتين (قناة العربية، والحدث، وسكاي نيوز عربية)، وكذلك المنصات الصحفية (جريدة الشرق الأوسط، والعين الإخبارية الممولة إماراتيًا) تقوم بتقديم الحراك الشعبي على كونه موجهًا ضد حزب الله وحليفه الرئيس اللبناني ميشيل عون فقط وليس ضد كامل الطبقة السياسية)[36](. على الرغم من كون غالبية المتظاهرين دأبوا خلال الاحتجاجات على التفرقة بين دعم خيار المقاومة الذي يمثله حزب الله، وفي نفس الوقت رفضهم لمشاركة الحزب في فساد السلطة السياسية والتغطية عليها)[37].

  • على الجانب الآخر، فإن الموقف الإيراني من الاحتجاجات قبل استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، جاء مراقبًا للمشهد، وداعيًا إلى الحوار بين الأحزاب والقوى والشخصيات اللبنانية، ومعتبرًا مطالب الحراك مشروعة، وداعيًا إلى ضرورة أن تصغي الحكومة اللبنانية للمطالب الشعبية، وكذلك رافضًا للتدخل في الشئون الداخلية للبنان من قبل الدول الأخرى بما فيها طهران)[38](. يتفهم هذا الموقف الرسمي الإيراني الذي جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي في الأيام الأولى للاحتجاج، بأن الانتفاضة ذات المنطلقات والشعارات الاقتصادية، التي وإن وجهت غضبها لكافة الطبقة السياسية فإنهالم تستهدف الدور الإيراني في لبنان ولم تستهدف كذلك الدور الواسع لحليف طهران في تركيبة السلطة السياسية اللبنانية.

تغير ذلك التعاطي بعد تقديم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية، فعلى الرغم من دعوة عباس موسوي إلى “الوحدة والتعاطف بين جميع الطوائف والأحزاب السياسية في لبنان من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد وتحقيق المطالب المشروعة للشعب اللبناني”، وأمله في أن يجتاز لبنان بنجاح ما أسماها “المرحلة الخطيرة والحسَّاسة”)[39](، نجد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي يصف الحراك الشعبي في لبنان والعراق بأنه من صنع “الولايات المتحدة وإسرائيل وأجهزة مخابرات”؛ وهو ما يتطلب حسب خامنئي “تقديم خيار التصدي الأمني مع هذه الأحداث”؛ بغية السيطرة على الحراك)[40](.

جعلت استقالة الحريري حزب الله والنفوذ الإيراني في مهب الانتقادات السياسية، الأمر الذي جعل الحزب وطهران أكثر قلقًا من المواقف التي باتت تصدر عن بعض الأطراف السياسية والحراك اللبناني، والتي نادت بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، وفتحت ملف هيمنة الحزب والدور الذي يلعبه والذي أعطاه الفرصة للتغول على الدولة اللبنانية.

  • وأخيرًا، جاء الموقف الاسرائيلي من الحراك على المستوى الرسمي مشابة للموقف السعودي، باستثناء تصريح بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية، الذي وصف فيه الحراك في لبنان والعراق بأنهما “هزة ارضية”[41]، وكذلك تصريح المتحدث الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي جوناثان كونريكوس، الذي أكد فيه على كون إسرائيل “تتابع الحراك باهتمام، لكنها لا تتدخّل فيه”([42]). باستثناء هذين التصريحين التي لم تعلن فيها القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية موقفها من الحراك اللبناني، لم يصدر عن أيًا من القيادات الاسرائيلية أي موقف من الحراك اللبناني.

على الرغم من ذلك الصمت أو التصريحات الرسمية غير الواضحة إزاء الحراك اللبناني، نجد الصحافة الإسرائيلية ومراكز الأبحاث قد حددت معالم الرؤية الإسرائيلية إزاء الحراك في لبنان، أو ما تأمل فيه من نتائج يفضي إليها ذلك الحراك، حيث تأمل إسرائيل أن يؤدي الحراك إلى تقويض نفوذ حزب الله في لبنان، وإنهاء هيمنته على النظام السياسي اللبناني، كون الحزب مصدر تهديد استراتيجي لإسرائيل، على الرغم من تلك الرؤية الواضحة، إلا أن التحليلات الاسرائيلية تتراوح بين قدر هائل من التنبؤات بخصوص مآل الحراك وتبعاته.

ف”يوسي ميلمان” الباحث والخبير الأمني الاسرائيلي، اعتبر أن المظاهرات قد “فاجأت الاستراتيجيين الإسرائيليين”، والسؤال الآن هو “ماذا يحدث للحركة المدعومة من إيران”، واعتبر ميلمان أن الرؤية الإسرائيلية للبنان تنطلق من كونه “أرض حزب الله”، وهو ما نستشعره في تعاطي كثير من الكتاب والخبراء الإسرائيليين، هذه الرؤية الإسرائيلية هي ما تفسر الاحجام الرسمي عن التعاطي مع الحراك؛ كون الحراك متهم من حزب الله وقوى “8 آذار” وإيران بأنه مدفوع من الولايات المتحدة وإسرائيل، فأي موقف داعم للحراك سوف يعد بمثابة تأكيد للإدعاءات تلك وهو ما سوف يعطي الذريعة للتعامل العنيف من قبل الحزب وحلفاءه مع الحراك([43]).

أما الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل ابيب “أورنا مزراحي”، فاعتبرت في تقرير لها أن الاحتجاجات ستضر بحزب الله في المنظور القريب، لكنها ستنعكس سلبًا على إسرائيل بالمنظور البعيد، وذلك لأن “حزب الله” بالمنظور القريب سينشغل في قضايا لبنانية داخلية وبالتالي الانصراف عن التعامل مع إسرائيل، ولكن على المدى البعيد فإن تزعزع الاستقرار الداخلي في لبنان سينتج مخاطر لإسرائيل، خاصة في حال ازدادت قوة حزب الله وتأثيره في البلد المجاور([44]).

خلاصة القول، تتعاطي إسرائيل مع الحراك من خلال التركيز على مآلات الحراك وتأثيره على مكانة “حزب الله” في النظام السياسي اللبناني، وهو ما ظهر في كثير من تحليلات الخبراء الإسرائيليين.

المستوى الثالث: مواقف الأطراف الدولية

هناك عدة أطراف دولية فاعلة تتعاطى مع الشأن اللبناني سوف نركز هنا على الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من الحراك الشعبي، وذلك لكونهم من أبرز الفاعلين الدوليين في الساحة اللبنانية، على عكس تعاطيهما الحاسم في دعمه لحراك 14 آذار 2005، والذي وفرت فيه واشنطن وباريس الحاضنة الخارجية للحراك الرافض للتواجد السوري عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. جاء تعاطي العاصمتين الغربيتين مع حراك 17 أكتوبر 2019، متخبط في حالة فرنسا وساعي لإيجاد حلول من داخل النظام السياسي، أما في حالة الولايات المتحدة الأمريكية فقد جاء تعاطيها مع الحراك محاولًا توظيفة في صراعه مع طهران وحليفها حزب الله.

  • الموقف الفرنسي، الذي عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، والذي اعتبر استقالة الحريري ستزيد من حدة الأزمة، ودعا “المسؤولين اللبنانيين للقيام بكل الجهود لضمان استقرار المؤسسات ووحدة البلاد”، كما تم عقد اجتماع لــ”مجموعة الدعم الدلية للبنان” في باريس، يوم 11 ديسمبر 2019؛ لدعم لبنان وحض الحكومة اللبنانية على أخذ خطوات تتيح استعادة ثقة اللبنانيين والأطراف الدولية، من بينها خطوات على المدى القصير من خلال وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الفساد وإصلاح القضاء واعتماد موازنة واقعية لعام 2020([45]).
  • أما موقف الولايات المتحدة الأمريكية، فقد جاء في ظاهره مرتبكًا وفي حقيقته موظفًا الحراك لصالح الأجندة الأمريكية، حيث دعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى مساعدة الشعب اللبناني على “التخلّص من النفوذ الإيرانيّ”([46]). ويتضح ارتباك الإدارة الأمريكية في تعليقها لمساعدات أمنية مخصصة للبنان، بما فيها حزمة تقدر بـ 105 ملايين دولار مخصصة للجيش اللبناني، إلى أجل غير مسمى، قبل أن تعود الإدارة الأمريكية وتفرج عن تلك المساعدات.

يأتي هذا التخبط من تنازع المؤسسات الأمريكية في كيفية التعاطي مع الأحداث في لبنان، فإدارة ترامب ترى التعامل الحاسم مع حزب الله ومن خلفه إيران سوف يكون أكثر نجاعة حتى لو أثر على مؤسسات الدولة اللبنانية، في حين تنشغل المؤسسات الأمريكية، بالمخاطر التي يواجهها الاقتصاد اللبناني والتي “تتطلب عناية فورية من قبل الحكومة الجديدة”([47]).

خلاصة القول، إنه لم تغير واشنطن نهجها تجاه لبنان، حيث تواصل فرض العقوبات على “حزب الله”، في إطار سياستها بفرض أقصى الضغوط على طهران وحلفائها في المنطقة، في الوقت نفسه، تربط واشنطن المساعدات الاقتصادية للبنان بشكل الحكومة التى بصدد التشكيل برئاسة “حسان دياب”، وإذا كانت سوف تنحي وزراء حزب الله وشركائه جانبًا أم لا، مع تقديم مساعدات إنسانية إلى اللبنانيين، الذين يعانون من الوضع الاقتصادي السيئ، وليس للحكومة اللبنانية([48]).

خاتمة: مآلات الحِراك

منحت انتفاضة 17 أكتوبر 2019 اللبنانيين فرصة تاريخية لأحداث تغيير جذري في الطبقة السياسية الطائفية الفاسدة، وأعطت تلك التحركات أملًا لبناء دولة على أسس المواطنة والمساواة وليس على أسس المحاصصة الطائفية، التي نتج عنها المشاكل البنيوية للنظام السياسي اللبناني كونه نظامًا ريعيًا/ رعويًا يتم فيه اقتسام السلطة والثروة والاستئثار بها وفق معايير طائفية وبين مجموعات صغيرة جدًا تقوم بتوزيعها على طوائفها أو المقربين منهم، فالحراك الذي ولَّدَ وعيًا وطنيًا عابرًا للطوائف والمناطق، لابد أن تنتج عنه دولة جديدة طال الزمان أو قصر.

وعلى الرغم من ذلك الأمل الذي أعطاه الحراك والأفق السياسي لقيام دولة المواطنة والعدالة، فإنه لا يزال أمام الحراك تحديات جسيمة ليس أقلها بلورة مطالب أكثر عملية تمكن من خلالها إحداث أجماع أكبر في الشارع. كما أن الحراك ما يزال يعاني ككثير من ثورات الربيع العربي والحركات الجماهيرية الحالية خاصةً في العراق والجزائر والتي تعاني جميعها من عدم إنتاج قيادات قادرة على ترجمة مطالب الحراك إلى مكتسبات سياسية.

وبالتالي، ففي ظل تعاطي القوى السياسية اللبنانية، والقوى الإقليمية والدولية مع الحراك، فيتوقع أن يسير باتجاه أحد السيناريوهين التاليين:

السيناريو الأول: يفترض أنه نتيجة ضغوط الحراك والضغوط الدولية خاصة من الولايات المتحدة أن تسمح القوى السياسية بتشكيل حكومة “تكنوقراط” لا تقوم على المحاصصة الطائفية وإنما على الكفاءات الوطنية التي تعمل على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد.

هذا السيناريو لن يُنتج حلول للمشاكل البنيوية السالف ذكرها في لبنان؛ وذلك لطبيعة الدور الذي تلعبه حكومات التكنوقراط باعتبارها حكومات انتقالية تقوم بالتعاطي مع الأزمات السياسية والاقتصادية، إلا أنها في الأخير تبقى مقيدة بالميثاق من جهة، والضوابط التي سيمليها عليها السياسيون من جهة أخري.

السيناريو الثاني: يفترض هذا السيناريو فشل الحراك في تحقيق أهدافه، نتيجه التفاف القوى السياسية على مطالب الحراك وإنهاكه مع الوقت، وتحريف مساره بمناوشات الشوارع التي لاحت في الأفق بنزول أنصار حزب الله وحركة أمل لكي يفضوا التظاهرات السلمية ويرهبوها بالعنف؛ وهو السيناريو المتبع مع الحركات الاحتجاجية السابقة.

ويرجح الباحث حدوث السيناريو الثاني، خاصة في ظل ضعف الضغوط الدولية والاقليمية في التأثير على القوى السياسية اللبنانية وخاصة فريق “8 آذار” الذي يهيمن على تشكيل الحكومة، والذي يسعى حاليًا إلى ايجاد بديل سني لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري.

وهذا السيناريو الذي يقوم بتهميش صوت المكون السني الذي أجمع على تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة، لن يؤدي إلى تغيير حقيقي بل سيعمق الأزمة السياسية والاجتماعية في لبنان، ويضيف إلى الحراك قوة جديدة هم السُنَّة الذين يقفون خلف الحريري، وهو ما من شأنه أن يفاقم الوضع الاقتصادي المتردي.

 ___________________________

الهوامش

([1]) Lin Noueihed and Dana Khraiche, Nationwide Protests Erupt in Lebanon as Economic Crisis Deepens, 18 October 2019, Accessed: 9 December 2019, 11:19, Available at: https://cutt.us/OyFHn

([2]) الانتفاضة اللبنانية 2019: ما نعرفه حتى اللحظة، 19 أكتوبر 2019، موقع الجمهورية، تاريخ الاطلاع 9 ديسمبر 2019، الساعة 05:09، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/qpPsY

([3]) وفاء عواد، لبنان.. حرائق الغابات تشعل السياسة، 19 أكتوبر 2019، موقع البيان، تاريخ الاطلاع 9 ديسمبر 2019، الساعة 06:15، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/uKCgk

([4]) عمر سعد، انتفاضة لبنان جنوبية أيضًا، 4 نوفمبر 2019، موقع مدى مصر، تاريخ الاطلاع 11 ديسمبر 2019، الساعة 04:09، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/gtDBs

للمزيد من الاطلاع على من هي رندا بري ودورها في الحياة السياسية اللبنانية ولماذا يوجه لها المتظاهرون غضبهم، أنظر:

  • بعد حرق استراحتها في «صور».. لِمَ هاجم متظاهرو الجنوب اللبناني رندا بري؟، 21 أكتوبر 2019، ساسة بوست، تاريخ الاطلاع 11 ديسمبر 2019، الساعة 04:38، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/nHGqb

([5]) عمر سعد، طرابلس لبنان تنفض آثار الحرب وتثور على ناهبيها، 25 أكتوبر 2019، مدى مصر، تاريخ الاطلاع 11 ديسمبر 2019، الساعة 04:29، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/LPyN2

([6]) لبنان- مؤشر مدركات الفساد، تاريخ الاطلاع 9 ديسمبر 2019، 06:35، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/w1jWz

([7]) أديد داويشا، الصحوة العربية الثانية.. الثورة والديمقراطية والتحدي الإسلامي من تونس إلى دمشق، أشرف محمد كيلاني(مترجم) (القاهرة: المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولي2019) ص 226.

([8]) سعيد سلمان، لبنان والطائف.. آثاره ردود الفعل حوله نتائجه امكانيات تطبيقه ( بيروت:وكالة المطبوعات اللبنانية، الطبعة الأولى1990) ص239.

([9]) أديد داويشا، مرجع سابق، ص 230.

([10]) Fadi Nicholas Nassar, The Roots of the Lebanese Protests and the Path Forward, the global observatory, October 28, 2019, Accessed, 27 December 2019, 11: 20, Available at: https://cutt.us/3CEEa

([11]) أديد داويشا، مرجع سابق، ص 231 – 237.

([12]) أنيس شريف العلمي، عشرون يوماً من المظاهرات اللبنانية: بين الاستمرارية والابتكار وانعدام اليقين، مبادرة الإصلاح العربي، 6 نوفمبر 2019، تاريخ الإطلاع 25 ديسمبر 2019، الساعة 06:30، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/x78VO

([13]) نادر سراح، الخطاب الاحتجاجي دراسة تحليلية في شعارات الحراك المدني، (بيروت: المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى نوفمبر 2017) ص 75 – 90.

([14]) ألكس رويل، الأزمة السياسية والاجتماعية في لبنان، مركز كارنيجي، 24 سبتمبر 2015، تاريخ الإطلاع 25 ديسمبر 2019، الساعة 06:45، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/tqa3o

([15]) رأفت حرب، لبنان: هل تنتهي رحلة الفراغ الرئاسي قريباً؟، 22 أكتوبر 2016، تاريخ الإطلاع 25 ديسمبر 2019، الساعة 06:55، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/y2pfc

([16]) اشتباكات مسلحة بين أنصار حزب الله والأسير جنوبي لبنان، راديو سوا، 18 يونيو 2013، تاريخ الإطلاع 25 ديسمبر 2019، الساعة 08:05، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/DXjKs

([17]) وسام متى، قراءة أولية في الحراك الشعبي في لبنان وآفاقه، 180 بوست، 21 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 11 ديسمبر 2019، الساعة 11:08، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/UQG0P

([18]) الاحتجاجات في لبنان: استقالة وزراء حزب القوات اللبنانية برئاسة جعجع من حكومة الحريرين، فرانس 24، 20 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 12 ديسمبر 2019، الساعة 10:05، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/oIRMP .

([19]) باسيل يعلن موقفه من الإحتجاجات: الحراك ليس موجهاً ضدّنا، لبنان 24، 18 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 12 ديسمبر 2019، الساعة 12:17، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/8OqIR

([20]) نصرالله: ثلاث لاءات لإجهاض الثورة، جريدة الشرق العدد 21082، 26 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 12 ديسمبر 2019، الساعة 01:20، ص5 ، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/S2hlj

([21]) هل انسِحاب “حزب الله” وأنصاره من الحِراك الشعبيّ سيُؤدِّي إلى التّهدئة وإبعاد شبح الحرب الأهليّة أم العكس؟ وإذا كانت ورقة الحريري الإصلاحيّة إنجازًا فما هي الضّمانات لتطبيقها؟ ومتى ستبدأ مُحاكمات الفساد والفاسِدين وكشف أرصدتهم؟،  موقع رأي اليوم، 25 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 12 ديسمبر 2019، الساعة 01:40، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/beTD7

([22]) عماد مرمل، برّي: هذه نصيحتي للحراك، موقع التيار الوطني الحر، 29 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 12 ديسمبر 2019، الساعة 02:20، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/WQYBr

([23]) سوسن مهنا، لبنان… حزب الله وحركة أمل غابا عن الحراك الاحتجاجي، اندبندنت عربية، 21 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 12 ديسمبر 2019، الساعة 12:30، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/pAWfV

([24]) الرئيس بري: أنا مع الحراك بكل مطالبه ما عدا قطع الطرقات والشتائم والاهانات، موقع المنار، 5 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 13 ديسمبر 2019، الساعة 12:40، متاح على الرابط التالي: https://almanar.com.lb/5919553.

([25]) عماد عنان، الورقة الاقتصادية.. سلاح الحريري الأخير لاحتواء الشارع اللبناني، نون بوست، 21 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 05:20، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/Bl94L

 ([26]) جعجع يدعو أنصار “القوات اللبنانية” للمشاركة في الحراك الشعبي، جريدة الوطن، 18 أكتوبر 2019، 21 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 05:20، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/zidyn

([27]) إيليانا داغر، الأحزاب اللبنانية سكتت… على وقع صخب أصوات المنتفضين، اندبندنت عربية، 27 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 08:45، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/0hxhf

([28]) بولا أسطيح، «الكتائب» خارج الحكومة للمرة الثالثة ويتوعد بـ«معارضة شرسة»، الشرق الأوسط، 7 فبراير 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 08:10، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/Cb6T8

([29]) بالفيديو: لحظة إطلاق مرافق أكرم شهيب النار على المتظاهرين، موقع ليبانون ديبايت، 17 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 08:30، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/t2oH1

([30]) حسين عاصى، الأحزاب (لا) تستوعب الحراك: ارتباك… وركوب موجة؟!، موقع النشرة، 22 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 09:00، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/00W7R

([31]) احتجاجات لبنان.. جعجع يدعو لاستقالة أركان الحكم وجنبلاط يريدها “جماعية”، دويتش فيلا، 18 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 09:15، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/x00C6

([32]) جنبلاط يحذر: لتفادي الفراغ والانهيار المالي، لبنان 24، 19 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 09:20، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/oKadp

([33]) وليد جنبلاط: رفضنا ورقة الحريري الاقتصادية وباسيل “رمز الاستبداد” يجب أن يتنحى، 20 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 28 ديسمبر 2019، الساعة 11:30، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/YVIZ9

([34]) هادي عمرو، استقالة الحريري وسبب عودة التوتّر إلى الشرق الأوسط، مركز بروكنجز الدوحة، 7 نوفمبر 2017ـ تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/HDgNJ.

([35]) Donna Abu-Nasr, Fiona MacDonald, and Alaa Shahine, Saudi Arabia Isn’t Rushing to Bail out Beirut. The Reason Is Iran, Bloomberg, October 25, 2019, Accessed, December 29, 2019, 03:30,Available at: https://cutt.us/TAMfS

([36]) كارول صباغ، 2019.. انتفاضة ضد حزب الله والنفوذ الإيراني في لبنان، العين الإخبارية، 27 ديسمبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 05:45، متاح على الرابط التالي:

https://al-ain.com/article/hezbollah-iranian

([37]) عمر سعد، انتفاضة لبنان جنوبية أيضًا، مرجع سابق.

([38]) شبح احتجاجات 2017 يخيم على تغطية الإعلام الإيراني للحراك اللبناني، الشرق الأوسط، 21 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 06:00، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/4gFB1

([39]) بعد استقالة الحريري.. دعوات دولية للتهدئة في لبنان والمظاهرات مستمرة، الجزيرة نت، 30 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 06:25 متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/hz0Sw

([40]) حسن فحص، أحلاها مر … خيارات إيران أمام الحراك في لبنان والعراق، 1 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 06:45، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/fNCWF

([41]) علي حيدر، كيف تنظر إسرائيل الى مستقبل الحراك في لبنان؟ كل العيون على حزب الله، الأخبار اللبنانية، 18 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 5 يناير 2020، 06:05، متاح على الرابط التالي:

https://al-akhbar.com/Politics/279590

([42]) كيف ترى «إسرائيل» احتجاجات لبنان؟، الأخبار اللبنانية، 5 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 5 يناير 2020، 05:45، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/Kgk1H

([43])  Yossi Melman, All eyes on Hezbollah: How Israel is watching the protests in Lebanon, middle east eye, November 5, 2019, Accessed December 29, 2019, 07:50, Available at: https://cutt.us/Lyh0z

([44]) Orna Mizrahi, Yoram Schweitzer, The Demonstrations in Lebanon: Hezbollah Struggles to Preserve its Status, Institute for National Security Studies, , December 2, 2019, Accessed  january 29, 2019, 08:30, Available at: https://cutt.us/vVYPA

 

([45]) ارليت خوري، الخارجية الفرنسية للبنانيين: ساعدونا لنساعدكم، اندبندنت عربية، 10 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 09:00، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/0QS3t

([46]) بومبيو: لنساعد لبنان والعراق على التخلص من إيران، جريدة النهار، 9 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 09:30، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/pTHgB

([47]) لبنان.. أميركا تتمسك بحكومة “كفوءة” وترفض التدخل، العربية نت، 21 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع، 29 ديسمبر 2019، 09:50، متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/3Yvvb

([48]) وليد شقير، هل يقبل “حزب الله” لدياب ما رفضه للحريري أم يملي عليه حكومة جاهزة؟، اندبندنت عربية، 22 ديسمبر 2019، تاريخ الاطلاع 29 ديسمبر 2019، 10:00، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/kHrOd

 

فصلية قضايا ونظرات- العدد السادس عشر – يناير 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى