الأمة وأزمة الثقافة والتنمية

مقدمة:

زرْع الأمل ورعايته له تاريخ وأصول، كتب ابن خلدون في مقدِّمته عن العمران في ظلِّ اضطرابات سياسية واجتماعية تمور بالأمة، وألَّف سعيد حليم باشا (رئيس وزراء الخلافة العثمانية وحفيد محمد علي باشا) كتابه “لماذا تأخر المسلمون”، والعنوان دالٌّ على حال الأمة عند صدور الكتاب؛ إذ لم يَحُلْ تراجع حال الأمة على كافَّة الأصعدة من غرْس بذور النماء بالوقوف على أسباب الضعف ورسْم مسار النهوض، باتِّباع أصول الاجتهاد من صبْر ومثابرة وجدِّيَّة في العمل وتنسيق وتعاون بين أبناء الأمة الذين يعملون بعزم من أجل رعاية فسائل الخير وخمائر النماء في أشدِّ وأَحْلَكِ الأوقات.

في هذا الإطار، جاء كتاب «الأمة وأزمة الثقافة والتنمية»، فهو يركِّز على أحد أهمِّ مجالات الدراسات الحضارية، وتتأسَّس فكرتُه الأساسية على ما للحضارة الإسلامية من طبيعة ثقافية خاصة متميِّزة، تستمدُّ جذورَها من الإسلام وتاريخ الأمة الإسلامية وتراثها، فالثقافة كقيم وتقاليد وقدرات شخصية تؤثِّر وتتأثَّر بالبيئة وطبيعتها وإمكاناتها وتحدياتها. كما أن طبيعة الأهداف والقيم والمبادئ والتقاليد لأي ثقافة هي التي تشكِّل طبيعة الحضارة وتصبغها بصبغتها وتعطيها شخصيَّتها المتميِّزة؛ ولذلك فإن أيَّ فهم للأمم وحضاراتها وما تشْهده من إيجابيَّات وسلبيَّات، وما تحقِّقه من تقدُّم أو تنتهي إليه من تخلُّف أو انهيار، لا يكون إلا بفهم ثقافة الأمة وما تمثِّله جذورُها من قيم ومبادئ وتقاليد وتراث وذاكرة وتجربة، وإذا أردْنا فهمَ الحضارة الإسلامية في ماضيها الزاهر أو حاضرها المتدهْور، فإنه لا بدَّ لنا من دراسة متعمِّقة لشخصية الأمة وجذورها الثقافية. وفي صدد البحث عن الأسباب فإن من المهمِّ أن نميِّز بين الإسلام ومساهماته الإيجابيَّة في بناء الأمة ومقاومة عوامل التدهور في أوضاعها وبين ثقافة الأمة وما تحْمله من عوامل تفكُّك بدلًا من أن تكون عوامل توحيد.

وعلى هذا الأساس انبنت فكرة المؤتمر الدولي «الأمة وأزمة الثقافة والتنمية»، الذي عُقد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في 6-9 ديسمبر 2004، بالتعاون بين برنامج حوار الحضارات (برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات فيما بعد) والمعهد العالمي للفكر الإسلامي والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية. وشارك في هذا المؤتمر الدولي باحثون من دول مختلفة ومن تخصصات متعددة في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والدراسات الإسلامية،

ويحتلُّ موضوعُ المؤتمر أهميةً كبيرةً لعدَّة اعتبارات -كما أوضحتْها الأستاذة الدكتورة نادية محمود مصطفى في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر- فمن ناحية أولى، يندرج المؤتمر في تيار الاهتمام بالبعد الثقافي في دراسات العلوم الاجتماعية الحديثة، وهو الاهتمام الذي قفزَ قفزةً كبيرةً للأمام، في ظلِّ المراجعات الدائرة منذ ما يقارب العقدين في منظورات هذه العلوم، ولهذا لا عجب أن المؤتمر، بباحثيه ورؤساء جلساته والمعقِّبين فيه، إنما يعبِّر عن تعدُّد المجالات المعرفية التي تتقاطع حول هذا الموضوع المهم وتخدمه؛ مثل تخصُّصات التربية والاجتماع والفلسفة وعلم النفس والاقتصاد والسياسة والقانون والشريعة.

من ناحية ثانية، يعبِّر المؤتمر عن الاستجابة لنمطٍ مهمٍّ من أنماط التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، ألا وهي التحديات الثقافية، والأمة وإن واجهت دائمًا هذه التحديات من قبل، فإن هذه التحديات تصل الآن إلى درجة كبيرة من الخطورة، في ظلِّ التدخُّلات الخارجية على الأمة من ناحية، وتدهور الأوضاع الداخلية فيها من ناحية أخرى؛ تلك التدخُّلات الخارجية التي تلتحف بِأَرْدِيَةٍ ثقافية عقيديَّة، تُخفي بها مصالح أخرى، على نحوٍ أثارَ الجدال المهمَّ حول العلاقة بين الأبعاد الثقافية العقيديَّة والأبعاد السياسية الاقتصادية العسكرية في تلك المرحلة الراهنة من مراحل تطوُّر وضع العالم، وهي المرحلة التي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية، كما تتَّسم خلالها النظم السياسية والاجتماعية في الأمة بكثير من الاستبداد السياسي والتخلُّف الاقتصادي والجمود الثقافي.

ومن ناحية ثالثة، إن موضوع هذا المؤتمر عن الثقافة والتنمية هو تعبير عن أجندة أولويات للاهتمام بتأثير البُعد الثقافي. قد تبدو هذه الأجندة متَّخِذَةً مسارًا على عكس مسار أجندات أخرى، تلك التي تركز على ما نسمِّيه بذور الإرهاب الدولي، النابع من أبعاد ثقافية في مجتمعاتنا. فبعد أن تركَّزت التفسيرات للصحوة الإسلامية في السبعينيَّات والثمانينيَّات على أبعاد الاقتصاد السياسي للمجتمعات الإسلامية، نجد الآن تيارًا مهمًّا من الفكر والحركة، يعمل على تفسير ما يسمَّى “الإرهاب” بأبعاد ثقافية. وفي المقابل، فإن مستقبل التنمية الشاملة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا يتوقَّف على أبعاد مادِّيَّة فحسْب، ولكن على أبعاد ثقافية، شريطة ألَّا تفْصلها عن نظائرها السياسية والاقتصادية والمجتمعية بصفة عامة. إن ما سبقَ يقْتضي ضرورة الاهتمام العلمي المنظَّم بالأبعاد الثقافية وما تحْمله من وجْهين؛ الوجه الأول: الذي يفرز من الثقافة السائدة آثارًا سلبية على الجوانب التنموية تقتضي المعالجة لكي يحدث التغيير المنشود، والوجه الآخر هو الذي يحْوي إمكانات كامنة إيجابية، تستوجب الاستدعاء والتفعيل، لدعم نموذج حضاري للتنمية. إن الحرية والتنمية بمفهومهما الشامل هي أهدافنا، في حين أن مجرد محاربة ما يسمَّى بالإرهاب هي أهدافهم، التي تتراجع أمامها كلُّ الأهداف الأخرى، بما في ذلك الأهداف التي يرفعون شعاراتها؛ مثل التحوُّل الديمقراطي وحقوق الإنسان. لقد آن الأوان لِنُحَرِّرَ مفاهيمَنا وخطاباتِنا، بما يتناسب وأولويَّة اهتماماتنا ومصالحنا. ومن ثم فإن الاهتمام بالأبعاد الثقافية لقضايا الأمة لا يعكس على الإطلاق -كما يدَّعي الداخل والخارج على حدٍّ سواء بحسن نية أو بسوء قصد- قَلْبًا للأولويات أو حَجْبًا لأمور أخرى لا تقلُّ أهميةً مثل التدخُّلات الخارجية وسياسات القوى العالمية المتحيِّزة الظالمة التي تُريد إخفاءَ مخطَّطاتها الكبرى باستدْعاء أعذارٍ ذات طابع ثقافي، فتغرقنا معها في مَدٍّ لا نهاية له، أو مثل السياسات الداخلية التي تريد تمييع عمليات الإصلاح السياسي والدستوري والقانوني، فترفع مقولة الحاجة لتغيير ثقافي، ليصبح الشعب أكثرَ أهليةً وقدرةً على تحمُّل مسؤولية المشاركة والحرية وممارسة الديمقراطية، فبالرغم من أن هذه الأبعاد الثقافية جميعها مهمة فإنه لا يجب توظيفها كأعذار، ولكن يجب الاهتمام بها بالفعل. ومن ثم فإن الاهتمام بالثقافة والتنمية هو اعتراف بأن معركتنا السياسية من أجل تحرير الأرض والعقل تبدأ من الداخل، وتعود إلى الداخل، مهما كانت وطأة التحديات الخارجية وتدخُّلاتها. نعم نحن في حاجة إلى تغيير، ولكن كيف وأين وبماذا؟ ومن هنا، يصبح هذا المؤتمر إسهامًا في المراجعة المعرفية والفكرية المطلوبة من إسهامات أخرى على طريق طويل[1].

يحْوى هذا الكتاب -الصادر في مجلَّدين- أعمال المؤتمر، الذي انقسمت بحوثُه بين محوريْن؛ المحور الأول نظري يتناول إشكالية المفاهيم والتحديات والمعايير والقيم، والمحور الثاني تطبيقي يتناول خبرات وتجارب تنموية في العالم الإسلامي، ما بين خبرات دول بعينها (ماليزيا وإيران وتركيا ودول أفريقية وفلسطين) وخبرات مؤسَّسية داخل الأمة. ويضمُّ الكتابُ ثلاثين دراسة توزَّعت على ثلاث عشرة جلسة.

يقدم هذا التقرير عرضًا وصفيًّا للكتاب، ولذا يأتى على قسمين: الأول يعرض لدراسات محور “إشكالية المفاهيم والتحديات والمعايير”، ويتناول الثانى بحوث محور “تطبيقات وتجارب في العالم الإسلامي”. وتقدم الخاتمة ثلاثة مقترحات للاستفادة من هذا الكتاب الجدير بالاهتمام والقراءة والدراسة.

أولًا- إشكالية المفاهيم والتحديات والمعايير

تناول المحور الأول عملًا تأسيسيًّا يتعلَّق بأصول التنظير وعمليات التأصيل، وقد حمل المؤتمر أربعة مفاهيم أساسية: الأمة – الأزمة – الثقافة – التنمية: الأمة بما هى مجال حيوي يعاني من أزمة حقيقية هي مجال التفاعل بين الثقافة والتنمية، والأزمة هي تأشير على التحديات -كمًّا ونوعًا- التي تواجه هذه الأمة، والتي تفترض النهوض بالوعي الثقافي والسعي التنموي والعمراني، والثقافة والتنمية بما تشكِّلان من علاقة أكيدة تحمل مفهوميْن مركزيَّيْن في العلوم الإنسانية والاجتماعية والشرعية، تتواصل فيها بعالم (مفاهيم الأمة) بَدْءًا من ضرورات تعْيينها، وتحديد المواقف العلمية والعملية منها، والعلاقات فيما بينها، بما يمكن تسميته (مفاهيم العلاقة) من مثل الثقافة / الدين، الثقافة / التنمية، الدين / التنمية، ولا شكَّ في أن عمليات البناء تحتلُّ مكانةً مؤكَّدةً في سُلَّمِ عمليَّات التنظير والتأصيل[2].

ومن هنا كانت أولى جلسات المؤتمر التي ترأَّسها الدكتور جلال أمين وعقَّب على بحوثها، وقَدَّمَ فيها الدكتور عبد الحميد أبو سليمان دراستَه “إشكالية الرؤية والمفاهيم وآثارها في مجال التنمية في العالم الإسلامي”، كمدخل تأسيسي للمفاهيم المفْردة التي اشتملَ عليها عنوان المؤتمر “الأمة، والثقافة، والتنمية)، والذي لم يتناول مفهوم “الأزمة”، وإن تعرَّض له بشكلٍ غير مباشر في ثنايا هذا المدخل التأسيسي الدكتور عبد الرحمن النقيب في دراسته “مدخل تأسيسي لمفاهيم المؤتمر: الأمة – الثقافة – التنمية” ( ص ص 47-70). ولأن الصلة بين الرؤية والمدخل التأسيسي لا يمكن أن تتمَّ أو تتوثَّق عُراها إلَّا بالنظر المقارن الذي يرى مفهوم التنمية ونظرياتها من منظور مقارن، ولقد حاول الدكتور كمال حطاب أن يشير إلى أهمها في بحثه الموسوم “في مفهوم التنمية الاقتصادية من منظور مقارن” ( ص ص 71-94).

ومن (عملية التحديد والتعيين والتعريف والتصنيف) إلى ضرورة الربط بين هذه المفاهيم المفردة، في علاقات توضِّح الإشكالات الإضافية التي تتركها تلك العلاقات بين عالم مفاهيم الثقافة والتنمية، فإن ذلك كان موضع اهتمام ثاني الجلسات حول مفاهيم العلاقات، والتي ترأَّسها الدكتور علي الدين هلال. استعرض البحث الأول فيها “إشكالية العلاقة بين الثقافة والتنمية في الاتجاهات الفكرية الغربية” (ص ص 101-152) للدكتورة باكينام الشرقاوي، التي استعرضت اتجاهات العلاقة داخل الإسهامات الفكرية الغربية في علوم التنمية والاجتماع والأنثربولوجيا، فضلا عن علوم السياسة، وضمن سياقات التحوُّل المفاهيمي تتحوَّل قطعًا العلاقات، وبما أن نظريات التنمية وعملياتها تقع في القلب من اهتمام علم الاجتماع ونظرياته، فلقد أتى بحث الدكتور علي ليلة ليقدِّم رؤية عميقة لتحولات مفهوم “الثقافة في تصورات نماذج التنمية: رؤية من مدخل النظرية الاجتماعية” ( ص ص 153-193).

هذه الثنائية البحثية التي أسَّست لدراسة مفاهيم العلاقات (الثقافة والتنمية) اكتملت ببحثين في الجلسة الثالثة، واحد منهما تناول “واقع التنمية العربية والنسق الثقافي للتنمية الفعَّالة” (ص ص 203-232)، وقدَّم هذا البحث الدكتور سعيد عبد الخالق، بينما اكتملت عناصر هذه الحلقة الرباعية ببحث الدكتور عبد الحميد الغزالي ليقدِّم رؤيته المهمة حول علاقة المصطلحات بالواقع والمستقبل، وحول عملية التدقيق والتحرير لعالم المصطلحات، في دراسة بعنوان “واقع اقتصاد الأمة ومستقبله في تحرير المصطلحات وتدقيقها من منظور إسلامي” (ص ص 233-257).

في مفتتح اليوم الثاني من أيام هذا المؤتمر، ترأَّس الدكتور نبيل السمالوطي الجلسة الرابعة من جلسات المؤتمر التى قدَّم فيها الدكتور سيف الدين عبد الفتاح دراسته حول معايير ومقاصد التنمية بعنوان “مقاصد ومعايير التنمية: رؤية تأصيلية من المنظور المقاصدي” (ص ص 273-348) وتحرَّك البحث ضمن عناصر مثلث يحاول الربط بين (المقاصد والمعايير والمؤشرات). هذه الرؤية كان قوامها المدخل المقاصدي الذي يشير إلى عملية توظيف للمقاصد الكلية العامة للشريعة.

وضمن هذه الجلسة قدَّم الأستاذ محمد بريش المهتم بالدراسات المستقبلية، موضوعًا يؤشِّر على ضرورة الاهتمام بالمستقبل كقيمة كبرى تؤثِّر في الأُفق الثقافي من ناحية، والعمليات العمرانية ومناهج النظر لتفعيلها في الوعي والسعي على حَدٍّ سواء، هذه المداخلة اختار لها صاحبها عنوان “تأزيم المستقبل: الثقافة والمستقبل التنموي المفقود” (ص ص 265-271).

وضمن هذه الرؤية للمقاصد والمعايير والمؤشرات والمقاربات المستقبلية، كان حريًّا الاهتمام بقضية الإنسان القيمية وعلاقتها بالثقافة من ناحية، وبالتنمية من ناحية أخرى، كان ذلك موضع اهتمام خامسة جلسات المؤتمر، والتي ترأَّسها الدكتور أحمد زايد، وقدَّم فيها الدكتور رفعت العوضي ورقته البحثية التي تعلَّقت بمفهوم التنمية أساسًا بعنوان “القيم الإسلامية الحاكمة في تنمية المجتمع” (ص ص 355-385)؛ إذ يقع نسق القيم الإسلامي في القلب ضمن مجموعة الأنساق الثقافية، ومن هنا كان اهتمام ذلك البحث بها.

وفي إطار الحلقة الواصلة والوسيطة بين المحور الأول الذي يهتم بعملية التأصيل والتنظير، والمحور الثاني الذي يركِّز على التطبيقات والخبرات في العالم الإسلامي تقع فكرة التحديات التي تشير إلى الأزمة كمًّا وكيفًا، تراكمًا وأسبابًا، فالتحديات مقدمة لرصد المتغيرات، والأسباب التي تستدعي بطبيعتها استجابات يجب أن تكون على مستواها في التعامل والتناول وفي القدرة على المواجهة وتفعيل رؤى الوعي المتعلقة بها. إن التحديات، فضلا عن أنها واصلة بين عناصر (الأمة – الأزمة – الثقافة – التنمية) فإنها كذلك واسطة بين التنظير والتطبيق، نخرج من باب التنظير وندلف إلى باب الخبرات والتطبيقات والآليات ونماذج منها، وهو ما كان موضعًا لاهتمام الجلستين السادسة والسابعة من جلسات المؤتمر.

في الجلسة السادسة والتي ترأَّسها الدكتور صلاح عبد المتعال، قدَّم الدكتور محمد عمر شابرا رؤية كلية عامة حول التصور العام للأزمة التى تحيق بالعالم الإسلامي المعاصر في محاولة لطرح رؤية نظرية حول المسببات والحلول، وقد استدْعى واحدًا من أهمِّ النماذج التراثية والذي كان مؤسِّسًا للمدرسة العمرانية الخلدونية؛ ومن ثم كان عنوان الورقة “علل العالم الإسلامي المعاصرة.. المسبِّبات والحلول في ضوء نظرية العمران لابن خلدون” (ص ص 391-432).

وضمن بناء رؤى كلية التصور، كانت الورقة الفكرية الأخرى والتي شيَّدت بنيانها على قاعدة من (مفهوم وقضية وأزمة الثقافة)، ومن هنا حملت الورقة عنوانًا دالًّا في هذا المقام “التنمية وأزمة الثقافة: بين الظاهرة الاستلاب وفاعلية التغيير”، قدَّمها الدكتور وليد منير ( ص ص 433- 464).

وضمن هذه الرؤية للتحديات تطلَّع المؤتمر واستشرفَ واحدًا من هذه التحديات، والذي يتعلَّق بمجال “التربية والتعليم” لما يسْهم به من التشكيل الثقافي؛ ولأنه يشكِّل البيئة لرؤية تأسيسية ثقافية وعمرانية. ومن هنا قدَّم الدكتور عبد الناصر أبو البصل رؤية عميقة للعلاقة بين العقل المسلم والمشروع الحضاري ومؤسسات التعليم، في تفاعلٍ يحرِّك عناصر تَحَدٍّ مركَّب، وَجَبَ على العقل المسلم أن يحشدَ استجابات واعية قادرة على التعامل مع هذا التحدِّي. من هنا حملت الورقة عنوانًا دالًّا في هذا المقام: “تحديات تأهيل العقل المسلم للمساهمة في المشروع الحضاري: دراسة في ضوء واقع مؤسسات التعليم والتوجيه” (ص ص 471-483).

وضمن رؤية من خلال خبير تربوي في قضايا التربية والتعليم قدَّم الدكتور سعيد إسماعيل علي ورقته حول التأثيرات التي يتركها الازدواج التعليمي على ثقافة الأمة ومداخل انقسامها، وإمكانات استيعاب أنساق التنوُّع ضمن ثقافة الأمة، وعنوان ورقته “ازدواجية التعليم وأثرها على ثقافة الأمة” (ص ص 485-526).

وهكذا ركَّز المجلد الأول من الكتاب على عالم الأفكار: الثقافة والتنمية والعلاقة بينهما على مستويات تأصيل المفاهيم والرؤى المختلفة لها، ومفاهيم العلاقات، والمعايير والقيم والمؤشِّرات، والتحديات.

ثانيًا- تطبيقات وتجارب في العالم الإسلامي

وضمن رؤيته الكلية الواصلة والمتفاعلة، انطلق اهتمام المؤتمر في محوره الثاني إلى معمارٍ يَصِلُ بين (الخبرة والعبرة). ما بين خبرات تنموية تمثَّلت في الخبرة الإيرانية والمنظور الثقافي للتنمية في إيران وأبعاده للدكتور محمد علي آذرشب (ص ص537-553) والتنمية والقيم الثقافية: تجربة التنمية الماليزية للدكتور محمد شريف بشير (ص ص 555-597)، والبُعد الثقافية للتنمية في أفريقيا للدكتورة حورية مجاهد (ص ص617-624)، وثقافة المقاومة ودورها التنموي: دراسة في حدود وإمكانيات التنمية في الحالة الفلسطينية للأستاذ أمجد أحمد جبريل (ص ص 639-661)، وكذلك التجربة التركية وخبرتها التنموية والثقافية في دراسة بعنوان “المدنية وسياسة التثاقف: الحالة التركية” ( ص ص 625- 638) للدكتور إبراهيم كالين رئيس الاستخبارات التركية الحالي.

أشار آذر شب إلى خطة تطلُّعات إيران إلى أفق 2025 وهي أن تكون إيران بلدًا ناميًا، يحتلُّ على صعيد المنطقة مكانةً أولى في الحقل الاقتصادى والعلمي والتقني، وذا هوية إسلامية وثورية، ومصدر إلهام في العالم الإسلامي، مع تعامل بنَّاء وفاعل في العلاقات الدولية، مؤكِّدًا على أن عملية التنمية في إيران تتوقَّف على تقوية الدافع الديني. وأهم دعامات هذا الدافع هو نظام ولاية الفقيه -على حَدِّ قول الباحث- إلى جانب الدافع الوطنى، وهو دافع امتزج بالدين والتاريخ والأدب الفارسي.

وفي تناوله للتجربة التنموية الماليزية أرجع محمد شريف بشير نجاحها إلى عدَّة أسباب: استقرار السياسات الاقتصادية، وتراكم رأس المال البشري والمادي، والمزاوجة بين التدخُّل الحكومي والحرية الاقتصادية، واقتناء المعرفة التقنية واستيعاب دورها في إطار التنمية، وتشجيع القطاع الخاص، وتوظيف القيم الثقافية والروحية الإيجابية. ومن أهمِّ هذه القيم: الاعتماد على الذات، والمحاكاة المبصرة، والموضوعية السياسية والتصحيح، والبساطة وعدم الإسراف، واحترام الكبير وتقديره، والأسرةالمستقرة، والتسامح والوائام العرقي، والاعتداد بالقومية.

وأكَّدت الدكتورة حورية مجاهد -في تناولها للبعد الثقافي للتنمية في أفريقيا- على أن الهوية الأفريقية رابطة سياسية ثقافية اتُّخذت كأساس للتنمية الشاملة في كافَّة أبعادها؛ سياسية واقتصادية واجتماعية.

ورسم إبراهيم كالين في تناوله للحالة التركية ملامح خبرتها في التحديث كحركة فوقية تتمركز حول نخبة الحكَّام، ثم تناول مسألة الهوية والتنمية الثقافية في المجتمعات المسلمة اليوم، واقترح استراتيجية ثلاثية الأضلاع للتعامل معها:

أولًا- إنتاج نقد عميق للثقافة الحديثة والتي يُمَثِّلُ العالمُ الإسلاميُّ الآن جزءًا منها. وذلك على أساس منتظم ودائم، فلا يكْفي العمل في إطار من الأبيض والأسود برفض كلِّ ما هو غربي؛ لأنه غير إسلامي، فلا بدَّ أن نكون أكثر دقَّة في فهمنا للثقافة الحديثة، مع تركيز اهتمامنا على الوسائل الواضحة والخفيَّة التي تقوم من خلالها الممارسات الثقافية الحديثة بتشكيل هويَّاتنا من نيويورك ولندن إلى إسطنبول والقاهرة.

ثانيًا- لا بدَّ أن نستعيد التقليد الفكري الإسلامي بنظرة تتَّجه نحو معالجة القضايا المذكورة أعلاه، دون مجرَّد الابتهاج بالأمجاد الماضية للحضارة الإسلامية الكلاسيكية، سواء عن قصد أو غير قصد، لقد كنَّا نحتكم على ميراثٍ ثريٍّ جدًّا، ميراث أكثر إنسانية وعالمية -بأكثر من وجه- من الثقافة الحديثة التي نعيش فيها، هذا التقليد يمدُّ لنا مَرْسًى يوفِّر أساسًا لتأكيد وجودنا في عالم متعولم لن يفيد فيه انعزال المهمَّشين.

ثالثًا- من أجل تحقيق الهدف الثاني؛ على كلِّ أمة في العالم الإسلامي أن تطبِّق هذا البرنامج في سياقها الثقافي والتاريخي، فبينما لا تزال الأمة الإسلامية تشترك في مصير متحرِّك في العالم الحديث، هناك أمور تاريخية محدَّدة لا بدَّ أن تُؤخذ بجدِّيَّة للوصول إلى استراتيجيَّة مناسبة للتعامل مع قضايا الهوية والتنمية الثقافية[3].

وناقشت دراسة أمجد جبريل ثقافة المقاومة، وتناولت تجربة انتفاضة ( 1987) مقارنة بين التبعية الفلسطينيَّة قبلها وحالة الاستقلال النسبي أثناءها، وقدَّمت الدراسةُ تحليلًا للوضْع التنموي أثناء مرحلة أوسلو (1993-2000).

خبرات خمس تنوَّعت ما بين خبرة ثورية استندت إلى ثورة إيرانية بدا لها أن تتحرَّك من الثورة إلى الدولة في أطوار يجب مراعاة خصوصيتها في هذه التجربة وأدوارها، وكذلك خبرة تنموية ماليزية تعبر عن انتقال سياسي وَضَعَ نُصْبَ عينيْه رؤيةً تنمويَّة أُريد لها أن تمكَّن على أرض الواقع، وخبرة تنموية قارِّية تتعلَّق بالقارة الأفريقية ملكت من الخصائص الجامعة، كما تميَّزت بعناصر فارقة: الامتداد القاري، والجامع الثقافي، والتنوُّع في تجلِّيات الثقافة، وشكَّل ذلك إطارًا لخبرة قارِّية حملتْ أشكالًا من العلاقة بين الثقافة والتنمية، ولقد كان من المهم التوقُّف عند مناهج النظر التي تتعلَّق بقارة بأكْملها. وخبرة نموذج تمثِّله التجربة التركية، والتي تمثِّل خبرة فريدة في ذاتها بما تحْمله من ذاكرة حضارية غربية من جهة وذاكرة العالم الإسلامي من جهة أخرى. إنه التداول التركي الذي يسْفر تارةً عن وجهه العلماني وتارةً عن وجهه الإسلامي ضمن قواعد تسوية تؤثِّر يقينًا على العلاقة بين الثقافة والتنمية في اتجاهاتها ومساراتها. أما الخبرة الخامسة فتمثِّلها الخبرة الانتفاضية في مواجهة الاحتلال ضمن ثقافة المقاومة وهي مع سابقاتها تملك عناصر فرادتها، تطرح سؤالًا محوريًّا حول إمكانات التنمية تحت الاحتلال، وهو نموذج يتحرَّك ويحرِّك رؤى منهجية يجب أن تُفعل كامل الخبرة وتتفاعل مع ذلك النموذج.

وبعد تناول خبرات أربع دول وقارة، كان من الضروري الالتفات إلى خبرات مؤسسية. “مؤسسة الدعوة ودورها الثقافي والتنموي: الأزهر الشريف نموذجًا”، الذي كان موضع دراسة الشيخ جمال الدين قطب (ص ص 669-708)، و”مؤسسة الزكاة: آلية إسلامية لمواجهة أزمة الثقافة والتنمية” للدكتورة نعمت مشهور (ص ص 709-731)، و”الوقف وعمارة المرأة في الإسلام: قراءة معرفية في الخبرة التاريخية ودلالاتها المعاصرة بالنسبة لدور المرأة في التنمية” للدكتورة منى أبو الفضل (ص ص 737-742)، و”دور التليفزيون في التنمية الثقافية للأطفال: مصر نموذجًا” للدكتورة إيمان نور الدين (ص ص 743-788)، و”خبرة المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط: البعد الثقافي في برامج التنمية الصحية”، للدكتورة فاطمة العوا (ص ص 789-806)، و”إسهام ثقافة العمل الخيري في التنمية الإنسانية: تجربة العون المباشر في مجتمعات أفريقيا جنوب الصحراء” للدكتور إبراهيم البيومي غانم (ص ص 813-854)، و”الطرق الصوفية وعملية التنمية في العالم الإسلامي: دراسة في مدى ملاءمة ثقافة التصوف لشروط الإنجاز” للدكتور عمار علي حسن (855-888)، و”مدخل إلى فلسفة الاجتماع الإسلامي: دور الوقف الإسلامي في التنمية الاجتماعية نموذجًا” للدكتور محمد همام (ص ص 889-914).

تضمَّنت دراسة الشيخ جمال الدين قطب عرضًا تاريخيًّا ينبض بالحياة لدور الأزهر الشريف كمؤسسة للدعوة، ومن بين أهمِّ محطات هذا الدور ما قام به شيوخ الأزهر وعلماؤه من جهود في تعبئة الجماهير ضد المستعمر والحصول على الاستقلال، وما واجهه الأزهر من محاولات إعاقته عن القيام بدوره من خلال ما سُمِّيَ بقانون تطوير الأزهر، ويختم بتقديم مخرج لهذه الأزمة وخطوات للتصحيح.

وتناولت دراسة الدكتورة نعمت مشهور دور الزكاة في تحقيق التنمية بالمفهوم الإسلامي، موضِّحة الآثار النفسية والاجتماعية لتلك الفريضة، كما ركَّزت على آثارها الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى دورها في تأصيل قيم التنمية الشاملة.

وأكَّدت الدكتورة منى أبو الفضل على أن هناك علاقة وطيدة بين الوقف والمرأة، وأنه إذا كان الوقف كمؤسسة هو عماد العمران الإسلامي أو هو العمود الفقري له في مجالات شتَّى، فإنه من خلال هذا الوقف كانت المرأة المسلمة في القلب من هذه المؤسسة فقد كانت المرأة مشيِّدة لمؤسَّسات ومدبِّرة لكيف تُدار وكيف تُؤَمَّنُ لها الاستدامة.

وتخْلص دراسة الدكتورة إيمان نور الدين عن دور التليفزيون في التنمية الثقافية للأطفال إلى أنه من خلال متابعة البرامج التليفزيونية، تبيَّن عدم وضوح الرؤية لدى القائمين على وضْع السياسة الإعلامية، فما يُسيطر على تلك البرامج من قيمٍ لا يُعَدُّ كافيًا لتحقيق الهدف الرئيسي من التنمية الثقافية وهو بناء الإنسان.

فيما تناولت دراسة الدكتورة فاطمة العوَّا عدَّة برامج لمكتب منطمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط كبرنامج مكافحة التدخين، وبرنامج تعريب العلوم الصحية، والبرامج التوعوية لمرض الإيدز، وأوضحت أنه لا بدَّ من وضع الأبعاد الثقافية في الاعتبار عند رسم السياسات التنموية المختلفة وتطبيقها.

وناقشت دراسة الدكتور إبراهيم البيومى غانم نشاط جمعية “العون المباشر” في مجال الرعاية الاجتماعية، وفلسفة عمل الجمعية وأهدافها العامة، وتطوُّر البناء الإداري للرعاية الاجتماعية والأداء التنموي لدور الأيتام من خدمات وبرامج وأنشطة. كما ناقشت الدراسة تطوُّر الأداء المؤسَّسي للرعاية الاجتماعية، وإنجازات الجمعية والتحديات التى تواجهها واتجاهات تطوير الجمعية.

بينما ركَّز الدكتور عمار علي حسن على بيان علاقة التصوف بالإنجاز في مسألتين: 1- حركة الجهاد التي قامت بها الطرق الصوفية ضدَّ الوثنيَّة والاستعمار. 2- الدور الذي يمارسه المتصوِّفة في تنمية المجتمعات التي يحْيون بين ظهرانيها، وذلك بالتطبيق على نماذج صوفية فاعلة في العالم الإسلامي مثل الطرق (النقشبندية – القادرية – التيجانية – السنوسية – المهدية وغيرها).

أما دراسة الدكتور محمد همام فقد أوْصت بالعمل على إقناع الأغنياء والمحسنين وأهل المال بالفائدة الحضارية المُلِحَّة للأوقاف، والشروع في إنشاء مشاريع وقفيَّة اقتصاديَّة أو اجتماعية أو علميَّة، يُقْتَدَى بها في ما يمكن أن يتأسَّس من مشاريع مستقبلية تتولَّاها أيادٍ أمينة وكفاءات قويَّة.

وتُختتم هذه السلسة من الاهتمام بالبحث في قطاع مهمٍّ يتطلَّب وضوحَ الرؤية والاستراتيجية والمسار، وهو قطاع الصناعة وقطاع التجارة، وضمن رؤية معرفية عميقة يقدِّم الدكتور حامد الموصلي ورقتَه حول “الخامات المحلية: ركيزة لبناء الذات والبعث الحضاري” (ص ص 921-943) وهي ورقة حملت من المعاني الكثير، الأهم فيها تحويل عالم الأشياء إلى أفكار وقيم ضمن إشارةٍ إلى علم عمران الخامة والتعمير من خلالها، وأخيرًا دراسة الدكتور أسامة قاضي “نحو ثقافة استهلاكية إسلامية: «صنعوا واستهلكوا إسلاميًّا وصدِّروا عالميًّا» تجربة منظمة التجارة العالمية في العالم الإسلامي” لتتوِّج عناصر هذه الرؤية، ولتقدِّم دراسة وشعارًا، حالة دراسية حول استشراف أُفق ثقافة استهلاكية إسلامية، وشعارًا جمع فيه عناصر رؤية “صنِّعوا واستهلكوا إسلاميا وصدروا عالميا”، وذلك ضمن تجربة وحالة منظمة التجارة العالمية في العالم الإسلامي.

خاتمة:

أقصى ما يطْمح إليه عرض كتاب هو حَفْزُ من طالعَه إلى قراءة الكتاب المعروض. وما قدَّمه هذا التقرير هو صورة مصغَّرة جدًّا لهذا الكنز. نعم كنز. فالكتاب بمجلَّديه يجمع شتات “معرفة جادَّة أصيلة مبعثرة”. مبعثرة على معنى أنها موزَّعة على تخصُّصات متنوِّعة وتجارب دول ومؤسَّسات محليَّة ودوليَّة، كل ذلك في كتاب واحد.

والجدِّيَّة واضحةٌ في مستوى الدراسات والباحثين المشاركين في الكتاب، ويكفى أن يعلم القارئ أن الإعداد للمؤتمر الذي يضمُّ الكتابُ أعمالَه استغرق الإعداد له عامًا ونصف. واستمرَّ إعداد البحوث للنشر في هذا الكتاب ما يقرب من ثلاث سنوات.

والأصالة تَدُلُّ عليها القدرات التحليليَّة للمشاركين في الكتاب وخبراتهم وتجاربهم، وتنوُّع مداخلهم المنهجية وأدواتهم البحثية، كما أن معظم تعقيبات رؤساء جلسات المؤتمر الواردة في الكتاب تحوي نقدًا لدراساته، يأتي من مدارس فكرية متنوِّعة ما بين قومية ويسارية وليبرالية، ممَّا يُشير إلى الثقة في الذات والرغبة في الحوار والنقاش التي يتمتَّع بها القائمون على تنظيم المؤتمر وإخراج أعماله في هذا الكتاب.

ويمكن الإشارة إلى ثلاثة مقترحات للاستفادة من هذا الكتاب الكنز:

  • وضع الكتاب ضمن القراءات الأساسية لدارسي العلوم السياسية وعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع والدراسات الإسلامية ودراسات التنمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
  • تحويل بعض دراسات الكتاب إلى برامج تدريبية لممارسي الأنشطة التنموية.
  • دعوة بعض باحثي الكتاب لإعادة تناول موضوع دراساتهم بعد مضيِّ ما يقْرب من عقديْن على ما كتبوه، ليجيبوا على سؤال مفاده: ما الجديد؟ هل ثمة تغيير في زاوية النظر لتغيُّر الأحوال أو استمرارها؟

ويبقى السؤال الذى طرحته الأستاذة الدكتورة نادية مصطفى في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر الذي ضَمَّ هذا الكتاب بمجلَّدَيْه أعمالَه: نعم نحن في حاجة إلى تغيير، ولكن كيف وأين وبماذا؟ من أجل تجدُّد التفكير بالقضايا، وتجدُّد الوعي والسعي لاستجابات مهمَّة على نفس القدر من خطورة التحديات”[4].

_______________

الهوامش

د. رفعت العوضي، د. نادية محمود مصطفى (تنسيق علمي وإشراف)، الأمة وأزمة الثقافة والتنمية، (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2007)، عدد الصفحات: 1008.

[1] د. نادية محمود مصطفي،الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، في: د. رفعت العوضي، د. نادية محمود مصطفى (تنسيق علمي وإشراف)، الأمة وأزمة الثقافة والتنمية، (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2007)، ص ص12-13.

[2] د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح، التقرير الختامي: قضايا واتجاهات المناقشة، في: المرجع السابق، ص992.

[3] المرجع السابق، ص638.

[4] د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح، التقرير الختامي: قضايا واتجاهات المناقشة، في: المرجع السابق، ص1006.

 

فصلية قضايا ونظرات – العدد الثلاثون – يوليو 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى