أولويات أوروبا عند التعامل مع الصعود الصيني

مقدمة:

نمت العلاقات الأوروبية -الصينية بصورةٍ كبيرة قبل انتهاء الحرب الباردة منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، مع إقامة الاتحاد الأوروبي علاقات رسمية مع جمهورية الصين الشعبية، إلا أنها شهدت فترة توتر عقب أحداث ساحة التيانامين عام 1989، التي قُتل خلالها واعتُقل آلاف الصينيين ممن نادوا بالديمقراطية والحرية السياسية في بلادهم؛ وقد فرضت على إثرها الحكومات الغربية عقوبات عدة على الصين، منها ما يتعلق بحظر تصدير بعض الأسلحة إلى الصين، والذي لازال معمول به حتى الآن. بعدها شهدت العلاقات الأوروبية –الصينية تطورًا متصاعدًا منذ عام 1995، إذ صدر بانتظام عن الاتحاد الأوروبي مجموعة وثائق استراتيجية تدعم تطوير علاقات تعاونية استراتيجية مع الصين في شتى المجالات؛ أكدت في مجملها على أهمية إدماج الصين في النظام الدولي، وترحيب أوروبا بالصين كشريك دولي مسؤول في الشؤون العالمية.

إلا أن هذه النبرة التعاونية المرحبة بالصعود الصيني، والراغبة في الاستفادة من الفرص التي يقدمها ذلك الصعود، لم تصمد مع دخول العقد الثاني من الألفية الجديدة. فمع التعافي الأمريكي من آثار الأزمة المالية العالمية 2008 – 2009، وإعلان خطة التوجه نحو آسيا لموازنة القوة الصينية في عام 2011، وزيادة بصمات الصين في أوروبا، والتحديث العسكري الصيني، والنمو الاقتصادي المتزايد للصين، وتنامي أنشطتها “العدائية” في منطقة جنوب شرق آسيا، وتشكيلها مبادرة وسط وشرق أوروبا 16+1 في عام 2012، ثمَّ إعلانها عن مبادرة الحزام والطريق عام 2013، وانضمام عدد من الدول الأوروبية لها، هنا بدا أن طموحات الصين في أوروبا والعالم لا تقف عند حدود التجارة والاستثمار وحسب، بل تسعى إلى تعميق نفوذها السياسي وموقعها الجيو-استراتيجي.

وبمرور الوقت بدأ يتأكد الصعود الصيني أكثر فأكثر، وأخذت آثاره في الظهور في أوروبا أكثر فأكثر، كما تأكد لدى الاتحاد الأوروبي بمؤسساته المختلفة، ودول كثيرة فيه، ما تمثله الصين من تحدٍ يلزم تنسيق السياسات بشأنه.

وفي هذا السياق، يقدم هذا التقرير نوعًا من المراجعة للعلاقات الأوروبية -الصينية، في ظل ما يلقاه الصعود الصيني من اهتمام في الدوائر الأوروبية المختلفة، وفي ظل التغلغل الصيني في مجمل بلدان القارة ودول الاتحاد الأوروبي؛ وذلك سعيًا لفهم أولويات “أوروبا” عند التعامل مع الصعود الصيني. وعليه، يفحص كل محور في هذا التقرير عددًا من الأولويات والمُحددات التي تؤطر استراتيجية أوروبا عند التعامل مع الصين. فيبدأ أولًا، بدراسة أولوية الأولويات لدى أوروبا والاتحاد الأوروبي بشأن الصين، والتي تتمثل في جعل أوروبا موحدة إزاء التعامل مع الصين، ثمَّ يتطرق التقرير إلى أولويات التفاعل والقضايا والمناطق؛ فيفحص بين ثلاثية التعاون والتنافس والتنافس المنهجي العلاقات بين الطرفين، متحركًا بين الاقتصاد والسياسية والمناخ والأمن بشقيه التقليدي وغير التقليدي، ومن منطقة المحيطين الهادئ والهندي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا. ثمَّ يتناول التقرير المُحددات المختلفة المؤثرة في مسار العلاقات الأوروبية – الصينية، وعلى رأسها دور الولايات المتحدة، وانتشار فيروس كورونا، والعامل الإدراكي، والأزمة الأوكرانية الأخيرة، وأدوار القادة والمؤسسات الأوروبية والرأي العام، محاولًا بعد ذلك -في الخاتمة- تقديم خلاصات بشأن آثار ومآلات العلاقات الأوروبية –الصينية على العالم الإسلامي.

المحور الأول- أولوية الأولويات: جعل أوروبا موحدةً تجاه الصين:

بدايةً، يدرس هذا الموضوع علاقات لا تماثلية بين دولة واحدة ذات سيادة، وقارة بأكملها أو نطاق جغرافي مُحدد، وفيها تتعدد الفواعل. وإذا كان الاتحاد الأوروبي يضم معظم دول أوروبا، فإنه لا يعدو أن يكون سلطة فوق قومية تكتسب قوتها من التنازل الطوعي للدول المنضوية تحت لوائها عن جزء من سيادتها لصالحها، فضلًا عن تمثيل غيرها من الدول التي لا تتمتع بعضويته، حتى وإن كانت لديها رغبة في الانضمام له. ومن هذه الإشارة، يلزم تفهم أن أوروبا ليست في سياق هذه الدراسة واحدة، وليست كذلك في علاقاتها مع الصين؛ ولكن ما يجعل الحديث عن هذه الأولوية منطقيًا قبل تناول الأولويات الأخرى، هو الإشارات المتكررة لعدد من قادة الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي بشأن ضرورة أن يكون هناك وحدة أوروبية تجاه الصين.

تسللت الصين إلى القارة عبر جملة من السياسات، والأدوات، وفي أوقات صعبة للدول الأوروبية، فدخلت إلى اليونان في وقت أزمتها الاقتصادية، في ظل عدم كفاية الإجراءات الأوروبية، فتملك عدد من رجال الأعمال الصينيين مناطق سكنية عبر برنامج الاستثمار الذهبي في اليونان[1]، ومعه تمكنوا من الاستثمار والتنقل عبر دول الاتحاد الأوروبي بكاملها، ثمَّ توسع الأمر في استغلال الصين الأزمة اليونانية إلى التمتع بعقود إيجار طويلة الأمد لميناء بيريوسل وكذلك ميناء سالونيك. فضلًا عن إعلان عدد كبير من المسؤولين في الصين عن اهتمامهم بتحديث البنية التحتية للسكك الحديدية اليونانية، والمطارات ومحطات بناء وصيانة السفن، والتجارة، والسياحة.[2] ثمَّ فرضت الصين نفسها على دول أوروبا الأفقر مثل البوسنة والهرسك، والمجر، وبولندا، وبالأخص دول شرق ووسط أوروبا؛ فانضمت هنجاريا كأول دولة أوروبية إلى مبادرة الحزام والطريق رسميًا عام 2015. كما كان قد أُعلن عن الآلية الدبلوماسية الجديدة التي تجمع الصين و16 دولة من وسط وشرق أوروبا مع الصين (CEE16+1 أو CEECs) عام 2012[3]؛ لتكون بمثابة آلية لتعزيز العلاقات الاقتصادية الصينية مع هذه الدول، وداعم للتنمية فيها.

عززت هذه الدول علاقتها بالصين انطلاقًا من ثلاث نواحي؛ أولها: أن دول أساسية في أوروبا (وضمن الاتحاد الأوروبي) “تتاجر” مع الصين، وثانيها: أن دعم (تمويل) الاتحاد الأوروبي لهذه الدول لم يعد كافيًا، وثالثها: أن انتقادات الاتحاد الأوروبي للسياسات الداخلية والخارجية الصينية بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان ليست مبررًا لوقف العلاقات التجارية والاستثمارية مع الصين[4]؛ التي لا دخل للسياسة فيها، ومن ثمَّ وجدت هذه الدول في الصين فرصة يمكن الاستفادة منها لتحقيق التنمية وعقد صفقات مربحة، وورقة مناورة يمكن استغلالها في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي.

فُهمت هذه الخطوة أوروبيًا (من قِبل الاتحاد الأوروبي تحديدًا) على أنها: تقويض للهوية الجماعية للاتحاد الأوروبي[5]، ومحاولة من جانب الصين لتقسيم الاتحاد، ومن ثم محاولة لتوسيع نفوذها في منطقة كانت غائبة في الاهتمام الاستراتيجي الصيني، وللحصول على موقع مهيمن في الحلقة الأضعف للبناء الأوروبي واستخدامه كورقة ضد الاتحاد الأوروبي عند الاقتضاء. ولقد اتضح مع تشكيل هذه الآلية -16+1- تأثير الصين في أوروبا، خاصةً من ناحية تقسيم القارة وكيفية النظر إليها، إذ لم تكن هذه المنطقة معترف بها كنطاق جغرافي قبل ظهور هذه الآلية[6] .

وعليه، جذبت هذه الآلية الاهتمام الأوروبي، وخاصةً منذ عام 2015، مع دعوة البرلمان الأوروبي الدول الأعضاء إلى “التحدث بصوتٍ واحد إلى الحكومة الصينية.. وعدم ترك هذه الآلية لتقسيم الاتحاد وإضعاف موقفه أمام الصين وأمام النظر إلى قضايا حقوق الإنسان فيها”[7]. ثمّ تكررت الإشارة بصورة أكثر حزمًا مع ورقة العلاقات الأوروبية –الصينية التي صدرت عام 2019، بالقول: “لا يمكن للاتحاد الأوروبي ولا أي من الدول الأعضاء فيه تحقيق أهدافها بشكلٍ فعال مع الصين دون الوحدة الكاملة. وعلى دول الاتحاد حينما تتعاون فرادى أو ضمن أطر شبه إقليمية مع الصين، مسؤولية ضمان الاتساق مع قوانين وقواعد وسياسات الاتحاد الأوروبي”[8].

ومع هذه التأكيدات والدعوات القادمة من بروكسل -بالإضافة إلى عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي- لتعزيز نهج مشترك -أكثر صرامة- تجاه الصين، فإن تطوير سياسة متماسكة وموحدة تجاه بكين يمثل تحديًا كبيرًا؛ وذلك لأن الصين كما تمثل تحديًا، تهدي فرصًا عديدة لأوروبا، فضلًا عن أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (ناهيك عن مجمل أوروبا!) منقسمة بشأن الصين، التي تحسن استغلال هذا الانقسام، بل وتعمقه، بالإضافة إلى الاختلافات داخل البرلمان الأوروبي، والأحزاب الأوروبية بشأن التعامل مع الصين. إذ إن دول أوروبا ظهرت على أنها تتنافس مع بعضها البعض بحثًا عن مزايا تجارية في السوق الصينية، وكذلك لجذب الاستثمار الصيني إلى أراضيها. كما ظهر من بين النخب في بعض بلدان أوروبا من اليمين المتطرف من يرفض الالتزام بسياسات الاتحاد الأوروبي، ويسعى لتقويض سلطته، فضلًا عن الجدل الذي يسببه الموقف الأمريكي من الصين لدى البعض الآخر بشأن الاستقلال والتبعية للسياسة الأمريكية[9].

تحديات الموقف الأوروبي الموحد من الصين، تظهر أيضًا من خلال عدم التكافؤ في أهمية الصين لدى الأطراف المختلفة في أوروبا، والعكس بالعكس، فبينما شكلت ألمانيا وحدها 42.76٪ من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين و19.4٪ من الواردات في عام 2019، لا تمتلك أي دولة عضو أخرى أكثر من 10٪ من الصادرات الأوروبية إلى الصين بما في ذلك فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا، فلا أحد لديه بصمة الشركات الألمانية في الصين، إذ تعمل حوالي 5000 شركة ألمانية مباشرةً في الصين، وتعد ألمانيا أيضًا أكبر مصدر في أوروبا لنقل التكنولوجيا إلى الصين، لكن في المقابل لدى كافة دول أوروبا عجز تجاري في مواجهة الصين؛ بدءً من أقل دولة وهي ألمانيا، وانتهاءً بأعلى دولة وهي هولندا. ومن ثمَّ تواجه دول أوروبا نمطًا من التجارة غير المتوازنة مع الصين[10].

إذن، يتضح من المعطيات السابقة، أن توحيد أوروبا تجاه الصين يُعد أولوية الأولويات جميعًا، وهو من المفترض أن يكون منبع كافة الأولويات الأخرى للقارة مجتمعةً، سواء في المجالات الاقتصادية، والجيو سياسية، وحقوق الإنسان، والمناخ، أو غيرها من المجالات على النحو الذي سندرسه في النقاط التالية. ولكن كيف ترجم الاتحاد الأوروبي هذه السياسة (أو المبدأ العام) أو بمعنى آخر ما طبيعة/ نمط العلاقات أو الخيارات الذي يدعو الاتحاد الأوروبي دوله وغيرها من دول أوروبا للتفاعل على هداها مع الصين؟

المحور الثاني- أولويات التفاعل، والقضايا، والمناطق:

يهدف هذا المحور إلى فهم أولويات أوروبا في التعامل مع الصين على مستويات متعددة، يبدأ أولها بفهم أنماط التفاعل المختلفة التي قدمها الاتحاد الأوروبي كأنماط لنماذج محتملة عند التعامل مع الصين، ثمَّ يحلل أولويات القضايا، ويربط بينها وبين أنماط التفاعل المحتملة، وأخيرًا يوضح الأولويات وفق توزيع المناطق الجغرافية.

أولًا- أولويات التفاعل والقضايا: التعاون، التنافس، التنافس المنهاجي

ليس معنى أن الصين تُمثل تحديًا أساسيًا لأوروبا، أنه يلزم التفاعل معها وفق نمط واحد من العلاقات، بل على العكس، فإنه يلزم تنوع في خيارات السياسات بالنسبة للدول. وعلى ذلك سطر الاتحاد الأوروبي رؤيته بشأن الصين وأنماط العلاقة معها في التالي:

“الصين شريك تعاون مع الاتحاد الأوروبي؛ لدى الاتحاد أهداف منسقة معها، وشريك مفاوض؛ يحتاج الاتحاد الأوروبي معها لإيجاد توازن في المصالح، ومنافس اقتصادي في السعي وراء الريادة التكنولوجية، ومنافسًا منهاجيًا؛ يروج لنماذج بديلة للحوكمة”[11].

كل نمط من هذه المستويات يرتبط بحزمة معينة من القضايا، فالتعاون يفرض نفسه في مجالات المناخ والبيئة، إذ الصين شريك أساسي في تحقيق أهداف اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، ومن دون الشراكة مع الصين في هذه المجالات، فإن التغيير لن يحدث، فالصين مسؤولة عن حوالي 30٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية سنويًا، وكذلك الحال في القضايا التي تكون فيها الصين طرفًا في المشكلة وفي نفس الوقت جزء من الحل، كمسائل انتشار التسلح النووي، وقضايا الإرهاب والقرصنة، والطاقة النظيفة[12]. ولكن هذه المسائل غالبًا ما تصطدم بمنظورات متقابلة، فلدى الاتحاد الأوروبي تندرج هذه المسائل تحت بند الجوانب غير التقليدية للأمن (أو التهديدات الهجينة)، في المقابل فإن الصين لاتزال تدرك الأمن بمعناه الواقعي التقليدي، وإن كانت بدأت مؤخرًا في اعتماد تعريف موسع للأمن[13]، ولكن تظل هذه المفاهيم: “ثانوية، وأقل تطورًا، ويتم إعطاؤها وزنًا أقل بكثير من التفكير الأوروبي”[14]، فضلًا عن أن بعض الدول الأوروبية كما في البوسنة والهرسك –وهي عضو محتمل في الاتحاد الأوروبي- لاتزال تعتمد على الفحم في إنتاج 60٪ من مركب الطاقة لديها، وترغب في التعاون مع الصين في إنتاج مزيد من الطاقة بالفحم[15]!

أما التفاوض فالاقتصاد مجاله وميدانه، إذ ترتبط أوروبا بجملة من المصالح والقضايا الاقتصادية مع الصين. تؤَطَر هذه العلاقات برغبة الأوروبيين في المعاملة بالمثل “level Playing Field”؛ أولًا: بالتمتع بنفس درجة النفاذ/ الوصول إلى السوق الصيني التي يتمتع بها نظراؤهم الصينيون في السوق الأوروبي[16]. وأن تُفتح لهم كافة المجالات للاستثمار والمنافسة فيها، وعلى رأسها المجالات التي تتمتع بها الشركات الأوروبية بمزايا تنافسية (والتي تعتبر من القطاعات المحمية في الصين) كالبنية التحتية بكافة أشكالها، والمرافق العمومية، والخدمات المالية، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصحة[17]. وثانيًا: باتباع معايير الاتحاد الأوروبي[18] في العمل والمناقصات والشفافية، والحفاظ على البيئة[19].

وبعد أكثر من سبعة أعوام من التفاوض بين الشركاء الأوروبيين والصين على مثل هذه الأمور، وبعد أكثر من 35 جولة تفاوضية، توصل الطرفان برعاية الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية التجارة الشاملة CAI)) في ديسمبر 2020، إذ وافقت رغبة الطرفين السياق الملائم لإبرام الاتفاقية؛ فهذه “ميركل” كانت على وشك إنهاء ولايتها، وهذه الصين في عز حربها التجارية مع الولايات المتحدة تحتاج إلى إبرام اتفاقٍ جديد يعزز مكانتها الاقتصادية في أوروبا قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويحد من فرص انضمام أوروبا إلى محور مواجهة الصين[20]، ومن ثمَّ حمل الاتفاق في ذلك التوقيت مكاسب بالجملة للطرفين. إلا أن هذا الاتفاق تم تجميده لأجل غير مسمى من قبل الاتحاد الأوروبي في مارس 2021، نتيجة رد الصين المتشدد على دفعة من العقوبات “المتواضعة” التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مجموعة من المسؤولين الصينيين لهم أدوار في القمع المُمارس في شينجيانغ، والذي تمثل في فرض عقوبات واسعة على مجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي[21].

أما عن التنافس في المجالات الاقتصادية، فتهدف الدول الأوروبية إلى أولًا: تحقيق تكافؤ في الفرص عند التنافس في أسواق البلدان الثالثة مع الشركات الصينية التي تتمتع بإمكانية الوصول إلى القروض المدعومة من الدولة وائتمانات التصدير بشروط تفضيلية، وتطبيق معايير مختلفة للشركات والعمل[22]. وثانيًا: ضمان المنافسة الفعالة مع الشركات الصينية المملوكة للدولة الصينية (SOEs)، مثل هواويHuawei ، وزد تي إيZTE  والصين تليكوم China Telecom التي أصبحت عالمية، كما أضحت ندًا قويًا للشركات الأوروبية الأخرى. وليس أدل على ذلك سوى منافستها القوية (وفوزها) في مناقصات تركيب شبكات الجيل الخامس 5G في أوروبا، وفي دول مثل ألمانيا![23]. وهو ما دفع عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي إلى القول صراحةً أن الشركات التي تسعى لتقديم شبكة الجيل الخامس 5G وعلى رأسها هواوي Huawei وزد تي إي ZTE شركات “عالية المخاطر”؛ تشكل تهديدًا وجوديًا لأمن الشبكة في أوروبا. وثالثًا: تقييد نقل التكنولوجيات الأوروبية الفائقة إلى الصين، بالإضافة للتكونولوجيات ذات الاستخدام المزدوج Dual-use Technology، التي قد تستُخدم في تسريع التحديث العسكري الصيني، أو كأداة للقمع السياسي في يد بكين، أو يتم تصديرها لحكومات استبدادية أخرى[24]. علمًا أنه قد دُشن مجلس التجارة والتكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين لوضع سياسات مراقبة الصادرات التكنولوجية الرئيسة[25].

آتت هذه الدعوات، بالإضافة إلى تحذيرات الولايات المتحدة من مخاطر التعامل مع هذه الشركات، أُكلها داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، إذ تغير موقف الحكومة الإسبانية والألمانية بعد أن كانتا تتجنبا فرض حظر صريح على Huawei بخصوص عملها داخل الدولتين ودورها في توصيل خدمة الـ 5G، فأجرت الحكومة الألمانية في بداية عام 2019 إعادة تقييم ضد شركة Huawei، أدت إلى استبعادها من صفقات توصيل الشبكة في ألمانيا، وبالمثل قامت إسبانيا منذ نهايات عام 2020، بتقليل الاعتماد على Huawei في إنشاء شبكات الجيل الخامس 5G، بشراء جزء من أصولها المتعلقة بهذه الشبكات لصالح الشركة الوطنية تليفونيكا Telefonica[26]. كما أن عددًا من دول أوروبا الوسطى والشرقية -التي كانت جزءً من إطار عمل 16 + 1 (التي أصبحت 17+1 في فترة محدودة لتعود إلى مسماها الأصلي عام 2021)، بما في ذلك رومانيا وبولندا وجمهورية التشيك وإستونيا ولاتفيا- متحالفة مع واشنطن بشأن قضية الـ 5G، وقرروا حظر هواوي Huawei من شبكات الـ 5G المستقبلية. وكذلك فعلت بريطانيا وفرنسا منذ عام 2020 حين أشارت الأولى بأنه يتوجب إزالة معدات هواوي Huawei من شبكات الـ 5G البريطانية مع نهاية عام 2027، ثمّ اتبَعت فرنسا بطلب مشغلي الاتصالات المحليين بالتوقف عن استخدام Huawei بحلول عام 2028[27].

ارتفع أوروبيًا في نطاق هذا التنافس التكنولوجي خطاب “الأمننة” في مواجهة السلوك الصيني، فجرى التأكيد على ضرورة حماية الأمن الأوروبي ضد أي تهديدات قد تشكلها الصين في هذا المجال، كما أضحت شبكات الجيل الخامس النموذج الذي دار حوله الجدل؛ فاعتبرت هذه الشبكات على أنها –حسب ما أشارت المفوضية الأوروبية-: “بمثابة العمود الفقري المستقبلي لمجتمعاتنا واقتصاداتنا، والرابط بين مليارات الكائنات والأنظمة، بما في ذلك أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحساسة في القطاعات الحيوية. ويمكن استغلال أي ثغرة أمنية في شبكات 5G من أجل تعريض هذه الأنظمة والبنية التحتية الرقمية للخطر، ما قد يتسبب في أضرار جسيمة للغاية”[28].

أما عن كون الصين منافسًا منهاجيًا أو نظاميًا، فتتبدا ملامحه في أكثر من جانب؛ أولًا: لكون الصين تسعى عبر سلوكيات مُتعددة في أوروبا وفي المناطق المختلفة من العالم، وخطط داخلية وخارجية لتحقيق الهيمنة، وتغيير الوضع الراهن، والتغيير في طبيعة النظام الدولي الحالي المبني على القواعد الذي تدعمه أوروبا Rule-based system، إذ تسعى لترسيخ نموذج للتحديث السياسي قوامه الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والحزب الواحد، والدور المحوري للدولة، والتعددية القطبية[29].

أما عن خطط الصين، فلاحظت أوروبا أن الصين خططت لأن تكون بحلول عام 2025 قد زادات من القيمة المضافة في منتجات التكنولوجيا العالية المنتجة محليًا، مقتربةً من تحقيق الاكتفاء الذاتي منها أو على الأقل توفير بدائل محلية للتكنولوجيات الأوروبية، في المقابل ليس لدى أوروبا خطة لتقليل الاعتماد على الصين في كثير من المنتجات النهائية المُصنعة المستوردة من الصين؛ ما شأنه في النهاية أن يجعل العلاقة بينهما غير متوازنة، وأن يجعل الغرب أكثر اعتمادًا على الصين، والصين أقل اعتمادًا على الغرب[30]. فضلًا عن خطة الصين لأن يصبح جيشها حيش مُحدث ومتطور بحلول عام 2049[31].

وهنا تجدر الإشارة إلى الخطة الأهم للصين في العالم، التي تتمثل في مبادرتها الحزام والطريق، وآثار هذه المبادرة أوروبيًا. بالإضافة إلى الإشارات السابقة حول تقسيم الصين لأوروبا عبر هذه المبادرة، فإن الحزام والطريق أثبتت الصين عبره إمكانية التغلغل في قطاعات حيوية في أوروبا، لا تتمتع فقط بطابع اقتصادي بحت بل طابع جيو-اقتصادي، جيوبوليتيكي واضح، بعد أن سيطرت على عدد كبير من الموانئ الأوروبية الرئيسة في بلجيكا (ميناء أنتويرب)، وهولندا (ميناء روتردام)، اليونان (ميناء بيرايوس). حفز هذا التوسع الشعور بالقلق لدى المخططين العسكريين من احتمال ألا تكون مثل هذه الموانئ متاحة في غضون مهلة قصيرة إذا لزم تحريك القوات عبرها في حالة حدوث أزمة، كما دفع الولايات المتحدة إلى دعوة الناتو لمراجعة العلاقات مع الصين[32]. ليس هذا فحسب، بل نُظر إلى التغلغل الصيني عن طريق مشاريع البنية التحتية في أوروبا على أنه خَصْمٌ من رصيد القوة المعيارية للاتحاد الأوروبي، في مقابل زيادتها للصين؛ التي أضحت تروج أن مشاريعها تتوافق والمعايير الأوروبية، فضلًا عن أن لهذه المشاريع هدف استراتيجي يتمثل في نشر الثقافة الصينية، والطريقة الصينية، والنموذج الصيني في أوروبا، بعد أن نجحت الصين في افتتاح معاهد كونفوشيوس في كافة الدول الأوروبية تقريبًا، ويدرس فيها آلاف الطلاب اللغة والثقافة الصينية، وتعزز الرواية الصينية في العالم[33].

أثارت هذه المبادرة –الحزام والطريق- جدلًا خاصةً بعد أن دخلت فيها دول أوروبية أساسية، كاليونان (2018)، والبرتغال (2018)، وإيطاليا (2019)، وهي واحدة من ضمن مجموعة دول السبعة الكبرى في العالم G7[34]. دفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى تنسيق جهوده، وإطلاق شراكات ومبادرات موازنة (وموازية) للحزام والطريق، منها مثلًا إطلاق سياسته للربط بين آسيا وأوروباConnecting Europe and Asia Policy، كما أقرض بنك الاستثمار الأوروبي مبلغ 2.7 مليار دولار أمريكي لمشاريع البنية التحتية الآسيوية، وخاصة في الهند[35]. بعدها أعلن الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2021 عن مبادرته البوابة العالمية Global Gateway Initiative، والتي تطمح لأن تقدم البنية التحتية التي تحتاجها الدول وفقًا للمعايير الأوروبية[36]، كما رُصد لها ما يقرب من 300 مليار يورو خلال الفترة من 2021 حتى 2027؛ وذلك لدعم الدور الأوروبي عالميًا[37].

ثانيًا- أولويات المناطق: من الشرق الأوسط إلى الآسيا-باسفيك

تبعًا للتحديات التي فرضها الصعود الصيني على أوروبا، تشكلت أهمية المناطق السياسية بالنسبة لأوروبا (والاتحاد الأوروبي) تحديدًا. ففي سبتمبر عام 2021، أطلقت المفوضية الأوروبية استراتيجية للمحيطين الهادئ والهندي Indo-Pacific. صُدرت هذه الاستراتيجية بالقول إن: “الديناميكيات الجيوسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أدت إلى ظهور منافسة شديدة بين القوى الآسيوية، وزيادة في التوترات حول المناطق المتنازع عليها والمناطق البحرية، مثل بحر الصين الجنوبي والشرقي ومضيق تايوان، فضلًا عن الأزمة في أفغانستان، وهو ما قد يكون له تأثير مباشر على الأمن والازدهار الأوروبيين”[38]. ومن ثمَّ أخذت المنطقة مكانها من حيث الأهمية الاستراتيجية للدول الأوروبية.

ومع أنه من غير المتوقع أن تأخذ كافة الدول الخطوات الجادة نفسها تجاه هذه المنطقة الجغرافية، إذ تشير نتائج استطلاعات إلى أن العواصم الأوروبية لم تفهم تمامًا بعد أهمية التحولات الاستراتيجية التي حدثت في المنطقة، والتأثيرات التي ستحدثها على قدرة أوروبا على التصرف[39]، فإن الأمر يؤشر على زيادة الاهتمام الأوروبي بهذه المنطقة، الذي تقوده كلًا من فرنسا، وألمانيا، وهولند، وأنه سيأخذ مسار النهج الاستراتيجي طويل المدى، والذي من شأنه أن ينقل المنقطة إلى أعلى جدول الأعمال الأوروبي[40].

ومع أن هذا الانتقال لا يعني غياب الاهتمام بمناطق أخرى من العالم في الشرق الأوسط، وأفريقيا، والأمريكتين، ولكنه يعني أن ترتيب أولويات المناطق من المنظور الأوروبي يتغير، فهو أكثر شمولًا تجاه منطقة المحيطين الهادئ والهندي، ويتمحور حول التحديات التي تقدمها الصين هناك وفي العالم، ثمّ يبقى نوعيًا بقضايا مُحددة في أفريقيا، والشرق الأوسط، وتابعًا لتلك الأولوية. ففي الشرق الأوسط، تجد أوروبا أنها على سبيل المثال لاتزال مهتمة بقضية التسلح النووي الإيراني، والتي أيضًا تُعد الصين جزءً رئيسًا في الحل، والوصول لمفاوضات جديدة مع إيران[41]. وكذلك تمثّل أفريقيا كساحة نفوذ تقليدية للدول الأوروبية، نجحت سياسات الصين فيها إلى التقليل منه، والانخراط في الأعمال التجارية، ومنافسةً الشركات الأوروبية، وفق ما تتمع به من دعمٍ ومزايا سياسية،  منطقة اهتمام أساسي بالنسبة لكثير من الدول الأوروبية.

المحور الثالث العوامل المؤثرة في العلاقات الصينية – الأوروبية:

شرحت المحاور السابقة جانبًا من التفاعلات والقضايا والعلاقات بين أوروبا والصين خلال السنوات الأخيرة، لكن هذه النقطة تسعى بصورة أدق إلى فهم العوامل التي أثرت وتؤثر في توجيه أولويات أوروبا لدى التعامل مع الصين. وكان من بين هذه الأولويات، ما تناوله المحور الأول، عن مواقف الدول الأوروبية ومصالحها، الفردية والجماعية، في التعامل مع الصين، أو بمعنى آخر مدى تماسك أو وحدة أوروبا في مقابل الصين، سيكون عنصرًا حاسمًا في تحديد طرق التعامل مع الصعود والنهج الصيني. إلى جانب ذلك، يسعى هذا المحور إلى تقديم إشارات موجزة عن بعض من هذه العوامل، ومنها: العوامل الإدراكية، العامل الأمريكي، وانتشار فيروس كورونا، البُعد/ المسافة الجغرافية، وتغييرات القادة الأوروبيين ومواقف مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

بدايةً، انبنت الشراكة بين أوروبا والصين على مجموعة من التصورات لكل طرف عن الآخر؛ فأوروبا في بدايات العلاقات مع السبعينيات ثمّ منتصف التسعينيات، نظرت إلى الصين كفرصة وسوق استهلاكي كبير يضم ما يقرب من مليار نسمة، يمكن عبر الانخراط معها جعلها “أوروبية” أو متوافقة مع النموذج الأوروبي: الديمقراطي، الذي يُراعي حقوق الإنسان. والعكس في الصين، إذ رأت في أوروبا فرصة لاستيراد التكنولوجيا الحديثة، ثمّ التجارة والاستثمار. لكن مع مرور الوقت أخذت الفجوة في التصورات تتسع، فلا الصين غيرت نظامها الداخلي، ولا أوروبا عدلت من نظرتها السابقة للصين. ولكن زاد عليها أن الصين توقعت من أوروبا أن تكون أحد أقطاب عالم التعددية الذي تطمح الصين إليه، وأن يكون لها سياسة استقلالية أكبر عن الولايات المتحدة، ثمّ خاب ظنها؛ وهو ما ترجمته بكين في أنه لا أهمية للنظر إلى أوروبا موحدة أو إلى الاتحاد الأوروبي كممثل عنها، وإنما هناك ضرورة إلى التعامل في سياق العلاقات الثنائية وشبه الإقليمية[42]. وخلاصة هذه التصورات أنه على ما يبدو أن الصين بالغت في تقدير الاتحاد الأوروبي، بينما استخف الاتحاد الأوروبي بالصين[43].

وعلى هذا الأساس ظهرت فجوات مفاهيمية، رسختها التصورات، والسلوكيات المتعلقة بكلا الطرفين، عملت هذه الفجوات على استمرار ووجود الاختلافات بين الاتحاد الأوروبي والصين، وقللت من احتمالات تأسيس نهج شراكة طويل الأمد، تتصل هذه الفجوات بمجموعة واسعة من الموضوعات والقضايا، تشمل السيادة والقوة الناعمة وحقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون والاستقرار والشراكة الاستراتيجية والحوكمة العالمية والتعددية[44]. ولعل الاختلاف بشأن مفهوم التعددية الدولية بين الطرفين مهم جدًا، فبينما تدعم معظم دول أوروبا تعددية الأطراف Multilateralism، تسعى الصين إلى تحقيق عالم التعددية القطبية Multipolar World، التي ستصبح هي فيه إلى جانب دول أخرى أحد أقطابه، ووفق هذا النموذج تتعد مراكز الثقل الدولية، وتتوزع موازين القوى العالمية على قوى مُتعددة لا قوة واحدة. أما إطار تعددية الأطراف الذي يدعو إليه الاتحاد الأوروبي، فيطمح إلى تحسين نمط الحوكمة السائد في العالم، عبر تعزيز أدوار المؤسسات الدولية والقيم الغربية، ما يعني استمرار سيطرة المركزية الغربية. كما أدت هذه الفجوات أيضًا إلى سوء فهم في قراءة نفس السلوك من قِبل الطرفين، فبينما رأى الاتحاد الأوروبي –مثلًا- في انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية نقطة انطلاق لمزيد من الإصلاح والانفتاح، اعتبرت الصين أنها نقطة نهاية للإصلاحات والتنازلات للأجانب المصممة لتعزيز مكانتها العالمية واكتساب عضوية المنظمة[45].

أما عن العامل الأمريكي وقدرته على التأثير في أولويات أوروبا، فيظهر من نماذج أشرنا إليها في المحورين السابقين، ومن نماذج أخرى قيمية وتاريخية وواقعية. إذ يؤكد باحثون على أنه: لا يمكن فهم قضايا العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي بشكل صحيح إذا تم النظر إليها من منظور خاص بالطرفين فقط، فالعلاقات عبر الأطلسي تدخل كعامل مهم في تحديد القضايا، وكجزء أساسي من الصورة. والدليل على ذلك أن سياسات “ترامب” كانت لها دور في دفع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين خلال فترة رئاسته، والتي كُللت بتوقيع اتفاقية التجارة الشاملة. ولكنها تعطلت مرة أخرى مع وصول “بايدن”، الذي أعاد التأكيد على أهمية مواجهة النفوذ الصيني، ولكن عبر الشراكة مع الحلفاء، وليس عبر النهج الأحادي. فالتكامل والشراكة الأوروبية –الأمريكية أكبر بكثير، وأكثر شمولًا من الشراكة الأوروبية –الصينية في المجالات المختلفة، وعلى رأسها الأمن والاستثمار[46].

وفي هذا الإطار، جددت اللقاءات الأوروبية -الأمريكية في عهد “جو بادين” الشراكة بين الطرفين، وأكدت على التفاهم بين الجانبين، والتطابق في القيم والمعايير بينهما، كما أظهرت بيانات الاتحاد الأوروبي حول الشراكة الأوروبية -الأمريكية عمق هذا التقارب، فاستخدمت لغة: معًا، ونحن، ومنهجنا، .. وغيرها من التعبيرات التي تؤكد التضامن بين الطرفين من أجل مجابهة ما أسموها: “محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في جنوب شرق آسيا”، وتنسيق السياسات بشأن التحدي الصيني[47]. إلا أن هذا لا يُخفي أيضًا درجة في الاختلاف “الجوهري –حسب البعض- بين أوروبا والولايات المتحدة في النظر إلى الصين؛ فبينما كان الأوروبيون قلقين بشكل أساسي من السلوك الصيني، كان الأمريكيون قلقين أكثر بشأن القوة الصينية في حد ذاتها[48].

بالإضافة إلى ذلك، جاء تفشي فيروس كورونا في العالم وأوروبا، وما أظهره من هشاشة أوروبية في مقابل الصين، خاصةً في ظل اعتماد أوروبا المفرط على المنتجات الصحية القادمة من الصين، وما رافق الأزمة من تشويش معلوماتي Disinformation قامت به الصين متعمدةً بشأن أصل الفيروس، واللقاحات، مع استخدامها دبلوماسية الذئب[49] في التعامل مع الأزمة، محاولةً منها لاستغلالها في تعزيز مكانتها وصورتها في العالم،  كل ذلك كان من شأنه أن يؤكد على التحدي الصيني لأوروبا، ويدعو لمزيد من الوحدة في مواجهة بكين[50].

ومع ذلك، يظل هنالك عامل مهم، يقلل من احتمالية من أن يتحد السلوك الأوروبي مع نظيره الأمريكي بشأن اعتبار الصين كتهديد، ألا وهو بُعد المسافة الجغرافية بين الطرفين (الأوروبي والصيني)[51]، إذ يجادل أستاذ العلاقات الدولية “ستيفان والت” Stephen M. Walt بأنه لطالما اعتُبرت الصين –بالنسبة لأوروبا- جارًا بعيدًا، أو جارًا غير متجاور، من الصعب أن يُشكل تهديدًا لأمنها وسلامتها، بالمعنى الواقعي المادي، فيقول: “إن أوروبا بعیدة جدًا عن الصین، ولا تشكل بكین أي تهدید لوحدة أراضي أي دولة أوروبیة أو على عناصر أساسیة أخرى لأمنها القومي. لن تغزو الصین أوروبا أو تهاجمها بالأسلحة النوویة أو ترعى هجمات إرهابیة واسعة النطاق هناك، حتى البحریة الصینیة الأكثر قوة بكثیر لن تبحر في منتصف الطریق حول العالم وتحاول فرض حصار عليها. كما أن الصین لیست على وشك إرسال ملایین اللاجئین إلى حدود أوروبا”. ولذلك يرى أن أوروبا أكثر اهتمامًا بالتهديدات القريبة منها، والتي تمثلها روسيا بصورة أساسية، ولن تفعل تجاه الصين سوى الحد الأدنى الضروري لإرضاء الولايات المتحدة[52].

وبالإضافة إلى ذلك، عقدت الأزمة الأوكرانية (الراهنة) المواقف والأولويات الأوروبية، ما قد يؤثر أيضًا على أولويات القارة تجاه الصين، فهذه الأزمة أكدت على المعنى السابق بشأن غياب التهديد الصيني في مقابل التهديد الروسي، إلا أن أوروبا في الوقت نفسه لن تكون مرتاحة لمحور روسي- صيني، يتعزز بفعل العلاقات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية الصينية الداعمة لروسيا، الأمر الذي تمثل في صفقات تسلح، ودعم مالي، وسلعي، فضلًا عن تصريحات ترفض تسمية وصف التحركات الروسية تجاه أوكرانيا بـ”العدوانية”؛ إذ أخذت من الأزمة فرصة لانتقاد الغرب، واتهامه بازدواجية المعايير[53].

وأخيرًا لا ننسى عاملين مهمين، لهما شأن في تحديد الأولويات الأوروبية تجاه الصين، ألا وهما: التغيرات على مستوى القيادات الأوروبية وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، والرأي العام الأوروبي. فمثلًا كان يُنظر إلى إدارة “ميركل” على أنها أكثر تسامحًا مع الصين، ومثلت عاملا مؤثرًا مهمًا في مواقف أوروبا تجاه الصين، بينما صرح المستشار الألماني الجديد “أولاف شولتز” أن: “حتى التكيف البراجماتي مع “الصين التي نجدها في الواقع يتطلب إعادة توازن في السياسة”، وفي ذلك انتقاد لسياسات سلفه في المُهادنة مع الصين[54]. كما أن الرئاسة الفرنسية للاتحاد (مجلس الاتحاد الأوروبي) منذ بداية العام (2022) توحي بمزيد من الاهتمام بمنطقة المحيطين الهادئ والهندي، ومزيد من التنسيق بشأن التحدي الصيني. أما عن الرأي العام الأوروبي، فيبدو حاضرًا من الاستطلاعات التي تظهر بين الحينٍ والآخر، وتوضح في مجملها نظرة سلبية تجاه الصين خاصةً بعد فيروس كورونا، ولكنها في الوقت نفسه لا تشعر بضرورة اتخاذ إجراءات صدامية في التعامل معها[55].

خاتمة:

إن العلاقات الأوروبية –الصينية ستأخذ مسارًا أكثر تكثفًا وتعقدًا في السنوات القادمة، وستتأثر الأولويات الأوروبية في الآماد: القصيرة والمتوسطة والبعيدة، بجملة العوامل المُحددة التي استعرضناها في هذه الدراسة. ومع ذلك ستكون سياسة أوروبا في المجمل تجاه الصين أشبه بالمشي على حبلٍ مشدود يسعى للموازنة بين مصالح أعضائه من جانب، والتداعيات الجيو-استراتيجية من جانب آخر، وشراكته مع الولايات المتحدة من جانب ثالث. ولكن ما تداعيات وآثار هذا السلوك على الأمة العربية والإسلامية؟

إن أول الآثار يتعلق أولًا بالدروس التي يمكن استخلاصها من طبيعة النهج الأوروبي ذاته تجاه الصين، والذي يدعو للوحدة إزاء الصعود الصيني، واتخاذ مواقف منسقة بين الأعضاء التي تمتلك هوية مشتركة، ومن ثمَّ سيكون على الدول الإسلامية أن تنسق سياساتها بشأن الصعود الصيني، وأن توزان علاقتها بين القوى المختلفة في النسق الدولي، ومنها الصين والاتحاد الأوروبي، وإلا ستكون عرضة للتفتت والتشتت بينها. درس آخر يتعلق بضرورة تجنب الالتفات إلى تحقيق المكاسب والشراكات المادية في الأجل القصير دون النظر إلى الآثار البيئية والاجتماعية والسياسية بعيدة المدى للعلاقات بين القوى الدولية.

أما ثاني هذه الآثار، فيرتبط بالفرص التي يقدمها التحدي الصيني لأوروبا، وردة الفعل الأوروبية، التي تتمثل في مجموعة مبادرات وفرص اقتصادية، يمكن إن أُحسن التنسيق بين الدول الإسلامية الاستفادة منها إلى جانب الاستفادة من المشاريع التي تقدمها مبادرة الحزام والطريق الصينية. وربما يُعطي ذلك التوازن في الاهتمام الأوروبي بمشروعات البنية التحتية، فرصة للدول الإسلامية للتحاور مع الصين بشأن الأقليات المسلمة هناك، وبخاصة أقلية الإيجور.

إن الآثار في المجمل تبدو إيجابية إذا ما أُحسن استخدامها، وجرى تنسيق السياسات بين الدول الإسلامية، وإذا ما أُحسن متابعة العلاقات الأوروبية –الصينية، التي ستكون مفتاحًا مهمًا لتحقيق مكاسب للدول الإسلامية والعربية أكثر من أي علاقات أخرى؛ فأوروبا تُقدم مميزات كبيرة في الاستثمار والتجارة والتمويل والمشروعات المنصبة على برامج الهجرة واللجوء والمجتمع المدني، زيد عليها مشروعات البنية التحتية بعد إطلاق مبادرة البوابة العالمية، في المقابل تقدم الصين فرصًا ضخمة للاستثمار في البنى التحية، والاستيراد والتصدير. أي أن آثار هذه العلاقات الصينية – الأوروبية يتوقف على الطريقة التي ستوظف بها الدول الإسلامية ورقة علاقتها بأحد الأطراف عند التفاوض مع الطرف الآخر.

 

⁕⁕⁕⁕⁕

[1] وثائقي | بوابة الصين إلى أوروبا – طريق الحرير الجديد – الجزء الأول، اليوتيوب: وثائقية دي دبليو، 7 ديسمبر 2020، تاريخ الإطلاع: 15 مارس 2022، الساعة 10:30، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/7SshXXA

[2] Dragana Mitrović, Eu–China—Failed Prospects of Win–Win Partnership, (in):  China and the Belt and Road Initiative: Trade Relationships, Business Opportunities and Political Impacts, Young-Chan Kim(ed.), (New York: Springer International Publishing, 2022), p. 222.

[3] يضم المنتدى إلى جانب الصين مجموعة غير متجانسة من دول وسط وشرق أوروبا، ليس لها إلا قاسم مشترك وحيد، إلى جانب كونها تقع في نطاق قارة أوروبا، وهو ماضيها الشيوعي. ويمكن تقسيمها إلى: أحد عشر عضوًا من أعضاء الاتحاد الأوروبي (من أوروبا الوسطى والشرقية)، في حين أن الخمسة الآخرين، تقع غرب البلقان. وكل هذه الدول تتمتع بعضوية حلف الناتو باستثناء دولة واحدة. وظلت المجموعة من 16 دولة حتى عام 2019 بعد أن انضمت اليونان فأصبحت 17 دولة، ثمَّ بعد انسحاب ليتوانيا في مايو 2021 على إثر إعلان الدولة تمسكها بمدأ قيّمية سياستها الخارجية، ثمّ إعلان الأخيرة السماح لتايوان مكتب تمثلي لها تحت مسى “تايوان”!،  رجعت مرة أخرى إلى مسماها القديم 16+1.

انظر:

– ناصر السهلي، تايوان توتر علاقة الصين وليتوانيا: انعكاس لمعضلة أوروبية في العلاقة مع بكين، العربي الجديد، 11 أغسطس 2021، تاريخ الإطلاع: 17 مارس 2022، الساعة 23:20، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/uSsl9mL

– Sarmiza Pencea, Unwary Dreams, Rude Awakenings: Bri in the Developing World and Emerging Europe, (in):  China and the Belt and Road Initiative: Trade Relationships, Business Opportunities and Political Impacts, (ed.), Young-Chan Kim (New York: Springer International Publishing, 2022), pp. 124-125.

[4] وثائقي | بوابة الصين إلى أوروبا – طريق الحرير الجديد – الجزء الثاني، اليوتيوب: وثائقية دي دبليو، 19 فبراير 2021، تاريخ الإطلاع: 16 مارس 2022، الساعة 11:30، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.ly/6SslmUu

[5] Thomas Christiansen, Emil Kirchner, and Uwe Wissenbach, The European Union and China, (Macmillan International Higher Education, 2018), p. 21, 86.

[6] Sarmiza Pencea, Unwary Dreams, Rude Awakenings: Bri in the Developing World and Emerging Europe, Op. cit, pp. 125-126.

[7] Eu-China Relations: European Parliament Resolution of 16 December 2015 on Eu-China Relations (European Parliament, 2015), p. 8.

[8] Eu-China – a Strategic Outlook, (European Commission and HR/VP contribution to the European Council, 2019), p. 2.

[9] Casarini Nicola, How Europe Should Approach China, Italian Institute of International Affairs (IAI), 2019, p. 2-3.

[10] Godement  François, Europe’s Pushback on China, Institut Montaigne, 2020, p. 7.

Alicia Garcia Herrero and Jianwei Xu, Eu–China Trade: A Review of the Facts and Where We Stand, (in):  China and the Belt and Road Initiative: Trade Relationships, Business Opportunities and Political Impacts, (ed.), Young-Chan Kim (New York: Springer International Publishing, 2022), p. 12.

رضا محمد هلال، العلاقات الصينية الأوروبية: الاقتصاد أولًا، بقلم خبير: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 29 يوليو 2021، تاريخ الإطلاع: 17 مارس 2022، الساعة 00:52، متاح عبر الرابط التالي:https://bit.ly/37vMa4R

[11] China is a cooperation partner with whom the EU has closely aligned objectives, a negotiating partner with whom the EU needs to find a balance of interests, an economic competitor in the pursuit of technological leadership, and a systemic rival promoting alternative models of governance.

Eu-China – a Strategic Outlook, Op. cit., p. 1.

[12] W. Maull Hanns, Eine China-Strategie Braucht Auch Abschreckungspotenzial, ZEIT Online, 22 May 2021, Accessed: 14 March 2022, 16:23, available at:  https://bit.ly/3KI8R49

[13] Thomas Christiansen, Emil Kirchner, and Uwe Wissenbach, The European Union and China, Op. cit, p. 122.

[14] Ibid, p. 139.

[15] كما تبني الصين مشروعًا جديدًا لإنتاج الكهرباء اعتمادًا على طاقة الفحم بتكلفة تصل إجمالي استثمارتها إلى 1.7 مليار دولار أمريكي!

وثائقي | بوابة الصين إلى أوروبا -طريق الحرير الجديد- الجزء الثاني، اليوتيوب: وثائقية دي دبليو، مرجع سابق.

[16] Bas Hooijmaaijers, Unpacking Eu Policy-Making Towards China: How Member States, Bureaucracies, and Institutions Shape Its China Economic Policy, (Springer Nature, 2020), p. 7.

[17] Brown  Kerry, The Eu and China in 2021: Separate Discourses, Similar or Different Aims?, The ASAN Forum, 2 February 2021, Accessed: 13 March 2022, 21:56,  availabe at: https://bit.ly/3I7w128

[18] تضمنت الصفقات التجارية التي قدمتها الصين لمجموعة “الستة عشر” ممارسات تجارية تتعارض مع معايير ولوائح الاتحاد الأوروبي، ما عزز الطريقة الصينية في أداء الصفقات وثقافتها التجارية داخل القارة، التي شملت الافتقار إلى الشفافية والمنافسة، واحتمالية عالية للفساد، والحسم على مستوى الحكومات.

– Dragana Mitrović, Eu–China—Failed Prospects of Win–Win Partnership, Op. cit, p. 214.

[19] Hanns Günther Hilpert, New Trade Agreements in Asia: Liberalisation in Times of Geopolitical Rivalry, (German Institute for International and Security Affairs, 2021).

[20] Dragana Mitrović, Eu–China—Failed Prospects of Win–Win Partnership, Op. cit, p. 233.

[21] Closing the Gap: Us-European Cooperation on China and the Indo-Pacific, The German Marshall Fund of the United States (GMF), 2 February 2022, Accessed: 14 March 2022, 15:00, available at: https://bit.ly/3KGfHHw

[22]  Eu-China – a Strategic Outlook, Op. cit, p. 3.

[23] Dragana Mitrović, Eu–China—Failed Prospects of Win–Win Partnership, Op. cit, p. 228.

[24] Sophia Besch, Ian Bond, and Leonard Schuette, Europe, the Us and China: A Love-Hate Triangle, (Centre for European Reform, Policy Brief, 2020), p.15-16.

[25] Peter Rudolf, Kollektive Gegenmachtbildung -Us-Chinapolitik Unter Präsident Biden, The German Marshall Fund of the United States (GMF), 6 January 2022, Accessed: 17 March 2022, available at: https://bit.ly/3Jn433T

[26] Telefonica Buys Ericsson 5g Equipment to Replace Some Huawei Gear, Reuters, 27 December 2021, Accessed: 17 March 2022, 22:44, available at: https://cutt.ly/VSsg24R

[27] Xuechen Chen and Xinchuchu Gao, Analysing the Eu S Collective Securitisation Moves Towards China, Asia Europe Journal, 2021, pp. 13, 17,  a vailable at: https://cutt.us/yyPo8

[28]  Eu-China – a Strategic Outlook, Op. cit, p. 9.

[29] Constantin Holzer and Matthias Hackler, Narrating Models of Development—China and the Eu between “Strategic Modernizer” and “Rules-Based Transformer”, (in):  China and the Belt and Road Initiative: Trade Relationships, Business Opportunities and Political Impacts, (ed.), Young-Chan Kim (New York: Springer International Publishing, 2022), p. 24.

[30] Sophia Besch, Ian Bond, and Leonard Schuette, Europe, the Us and China: A Love-Hate Triangle, Op. cit, p. 10.

[31] Vautmans Hilde, Report on a New Eu-China Strategy, (European Parliament: Committee on Foreign Affairs, 2021), p. 5.

[32] Sophia Besch, Ian Bond, and Leonard Schuette, Europe, the Us and China: A Love-Hate Triangle, Op. cit, p. 10.

[33] Dragana Mitrović, Eu–China—Failed Prospects of Win–Win Partnership, Op. cit, pp. 227-230.

[34] David Sacks, Countries in China’s Belt and Road Initiative: Who’s in and Who’s Out, Council on Foreign Relations, 24 March 2021, Accessed: 17 March 2022, 22:35, available at: https://cutt.ly/mSsgreQ

[35] Jonathan Holslag, Self-Betrayal: How the West Failed to Respond to China’s Rise, The International Spectator, Vol. 56, No. 3, 2021, p. 11.

[36] تصر الإستراتيجية أيضًا على “معايير عالية من الشفافية والحوكمة الرشيدة” في مشاريع الاتصال (البنية التحتية)، “وإعطاء صوت للأشخاص المتأثرين بالمشاريع ، بناءً على المشاورات العامة المناسبة”، معبرة بشكل مباشر عن المشكلة الأساسية في نظر بروكسل والصين ومبادرة الحزام والطريق؛ فالصين –بخلاف بروكسل- تدعم نموذج من أعلى إلى أسفل لصنع السياسات وعمليات صنع القرار.

[37] Global Gateway: Up to €300 Billion for the European Union’s Strategy to Boost Sustainable Links around the World, European Commission, 1st December 2021, Accessed: 17 March 2022, 22:40, available at: https://cutt.ly/gSsgPZR

[38] The Eu Strategy for Cooperation in the Indo-Pacific, (Brussels: European Commission, 2021), p. 2.

[39] يظهر مرة أخرى أن عددًا كبيرًا من الدول الأوروبية تفضل النهج الاقتصادي على النهج الاستراتيجي، وتؤمن بمفاهيم مثل الاستقلالية، والحياد الاستراتيجي، بعيدًا عن التحولات الجيوسياسية في مناطق بعيدة جغرافيًا عنها، لم تصل تهديدها إليها بعد.

[40] Frédéric Grare, Moving Closer: European Views of the Indo-Pacific, (European Council on Foreign Relationan ecfr.eu, 2021), pp. 18-20.

[41] Stanzel Angela, China’s Path to Geopolitics: Case Study on China’s Iran Policy at the Intersection of Regional Interests and Global Power Rivalry, (German Institute for International and Security Affairs, 2022), p. 32-33.

[42] يلاحظ أحد الباحثين أن سلوك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أظهر نمطًا مشابهًا في التعامل مع الصين؛ إذ لجأوا إلى مؤسسات بروكسل عندما كانت هناك مشكلات غير مريحة لتسويتها مع الصين؛ حتى لا يفسد تعاونهم الاقتصادي الثنائي مع الصين، ولكن عندما يتعلق الأمر بربح صفقات مع بكين، فتم ترتيبها بشكل ثنائي للغاية. وحينها أدركت الصين هذا السلوك، وأدرجته في نمطها الناجح لعقد صفقات مع دول الاتحاد الأوروبي.

– Dragana Mitrović, Eu–China—Failed Prospects of Win–Win Partnership, Op. cit, p. 127 -218.

[43] It seems that China has overestimated the EU, and the EU has underestimated China, look at:

– Rafael Leal-Arcas, Challenges and Opportunities in the Eu-China Trade Relations, (in): China and the Belt and Road Initiative: Trade Relationships, Business Opportunities and Political Impacts, (ed.), Young-Chan Kim (New York: Springer International Publishing, 2022), p. 53.

[44] Bas Hooijmaaijers, Unpacking Eu Policy-Making Towards China: How Member States, Bureaucracies, and Institutions Shape Its China Economic Policy, Op. cit, p. 10.

[45] Ibid, p. 24.

[46] I. A. N. Anthony and others, China—Eu Connectivity in an Era of Geopolitical Competition, (Stockholm International Peace Research Institute, 2021), pp. i-ii, 23-24.

[47] Eu-Us Summit 2021 – Statement: Towards a Renewed Transatlantic Partnership, Europen Council, 15 June 2021, Accessed: 14 March 2022, 16:50, available at: https://europa.eu/!Hy96mWj

[48] Christian Odendahl and others, Annaual Report 2021: How the World Has Changed in 25 Years, (Centre For European Reform, 2022), p. 16.

[49] مصطلح أطلقه المتابعون الغربيون خاصةً في الولايات المتحدة، لوصف السلوك والخطاب الدبلوماسي خلال أزمة كورونا، والذي أخذ طابعًا حاسمًا وهجوميًا تجاه تصريحات (انتقادات) الدول الخارجية، محاولًا اتخاذ موقف الرد الهجومي من أجل الدفاع عن الصين تجاه التصريحات التي خرجت بشأن مسؤولية الصين عن انتشار فيروس كورونا، والطريق التي اتبعتها الصين في التعامل مع كل من يريد التعرف على حقيقة الفيروس؛ وذلك بمنع الحوارات بين العلماء، والمراسلين حول العالم من الوصول إلى معلومات عن الفيروس في الصين.

Dean Cheng, Challenging China’s “Wolf Warrior” Diplomats, (Heritage Foundation Backgrounder, 2020), p. 5-6.

[50] Closing the Gap: Us-European Cooperation on China and the Indo-Pacific, Op. cit.

  1. A. N. Anthony and others China—Eu Connectivity in an Era of Geopolitical Competition, Op. cit, p. 2-3.

[51] Thomas Christiansen, Emil Kirchner, and Uwe Wissenbach, The European Union and China, Op. cit, p3.

[52] Stephen M. Walt, Will Europe Ever Really Confront China?, Foreign Policy, 15 October 2021, Accessed: 17 March 2022, 22:32, available at:  https://cutt.ly/KSsf6GC

[53] وسط توتر مع الغرب.. اتفاقية طويلة الأمد بين روسيا والصين، اليوتيوب: قناة الجزيرة، 22 فبراير 2022، تاريخ الإطلاع: 17 مارس 2022، الساعة 11:37، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/DSsxNeW

الصين: العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا “ليست غزوا” وهذا مصطلح متحيز، آر تي، 24 فبراير 2022، تاريخ الإطلاع: 17 مارس 2022، الساعة 11:40، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.ly/iSscu41

[54] Closing the Gap: Us-European Cooperation on China and the Indo-Pacific, Op. cit.

[55] Richard Q Turcsányi and others, European Public Opinion on China in the Age of Covid-19, Central European Institute of Asian Studies (CEIAS), Vol. 16, 2020, pp. 2-7, 21.

فصلية قضايا ونظرات – العدد الخامس والعشرون ـ أبريل 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى