الصراع العالمي في الشرق الأقصى: المحركات، والاستراتيجيات

مقدمة:

الصراع، ذلك المفهوم الذي تلبسته سياسات الدول منذ قرونٍ مضت، وكأنْ لا خيار سواه، حتى وإن رُفعت رايات السلام. أينما وجدت المصالح (موارد، طرق،…) فليس سوى الصراع سبيلا لإدارة دفة السياسات؛ حتمية أوجدتها القوى الكبرى. هذا في ظل مفاهيم تقليدية للأمن العالمي أو الإقليمي، وما كان لذلك من نتيجة غير إفراز تحالفات متضاربة متصارعة، وأنظمة إقليمية تحمل في جوفها بذور تفجرها.

وليس الوضع في الشرق الأقصى بخارجٍ عن هذا: قوى إقليمية وعالمية تتصارع حول مناطق ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية (كبحر الصين الجنوبي وتايوان)؛ وفي سبيل ذلك يحتدم السباق لامتلاك القوى النووية والتكنولوجية. وقد شُبه الأمر وكأننا إزاء حرب باردة جديدة (الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وأستراليا في جانب، والصين وروسيا في جانب آخر، والكوريتان منقسمتان بينهما، وإن كان لا يعني ذلك عدم وجود حسابات متباينة داخل كل فريق). لكنها مظاهر حرب أو بوادر لها تعكس متغيرات النظام العالمي؛ سواء ما يتصل بهيكل النظام العالمي وبروز قوى متعددة، أو من حيث بروز فاعلين جدد (كيانات اقتصادية، وخاصةً مالكة للتكنولوجيا)، أو فيما يتصل بالقضايا كما يتعلق أيضًا بالتكنولوجيا (لاسيما النووية) والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي. ذلك دون أن يعني هذا اختفاء التنافس العسكري التقليدي، أو حتى انتفاء احتمالات المواجهات العسكرية المباشرة؛ سواء تعلق الأمر ببحر الصين الجنوبي أو تايوان أو غير ذلك من بؤر الصراع.

ويُطلق الشرق الأقصى على شرق آسيا وجنوب شرق آسيا، وما يطلق عليه عالم المحيط الهندي – الهادي (دائرة الهندو-باسيفيك) عامةً؛ ويضم بحر الصين الجنوبي، وبحر الصين الشرقي، إضافة إلى تايوان ومضيق تايوان؛ الدولة التي كانت عبر التاريخ جزءًا من الصين، ولكن بحلول القرن العشرين جرت حرب أهلية بين القوميين والشيوعيين في الصين، وانتصر الشيوعيون وسيطروا على بكين بدعم من الاتحاد السوفيتي عام 1949، بينما فر القوميون إلى تايوان وأعلنوا دولتهم الخاصة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية[1].

بناءً على ذلك، ينقسم التقرير إلى محورين: يتناول الأول السياق العالمي، وبروز الأهمية الاستراتيجية للشرق الأقصى في إطار متغيراته الراهنة. ويركز الثاني على اثنين من أبرز بؤر الصراع في الشرق الأقصى؛ هما بحر الصين الجنوبي، وتايوان، وكيف جاءت أبعاد المنازعات حولها انعكاسًا لما سبق.

المحور الأول- السياق العالمي، وبروز الأهمية الاستراتيجية للشرق الأقصى:

ويتناول في هذا المحور ملامح السياق المحرك للسياسة العالمية باتجاه الشرق الأقصى، وما يتصل بذلك من وجوه أهمية استراتيجية لتلك المنطقة، وخريطة القوى المتصارعة فيها أو عليها.

أولا- ملامح السياق العالمي:

مر النظام العالمي مؤخرًا بمجموعة من المتغيرات التي لابد من الوعي بها أولا لنتمكن من الولوج إلى حقيقة ما يجري في عالم الشرق الأقصى في المرحلة الراهنة. نعم إن القضايا المثارة بتلك البقعة الجغرافية ليست بوليدة اليوم أو الأمس، ولكن لماذا تركيز الاتجاه إليها الآن؟ وما محاور هذا التركيز؟ ما صلة التطورات في الشرق الأقصى بالجدل حول هيكل النظام العالمي، وتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية وأولوياتها الاستراتيجية في هذا الإطار؟ ماذا عن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية (جراء جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية–الأوكرانية)، وما رافقها من صراع الطاقة؟ وهل مثـَّـل سباق امتلاك التكنولوجيا محركًا للصراع؟ نتطرق للإجابات فيما يلي.

  • الجدل حول هيكل النظام العالمي، وتوجهات السياسة الأمريكية وأولوياتها في المرحلة الراهنة:

شهدت السياقات الأكاديمية منذ سنوات جدلا حول مستقبل هيكل النظام العالمي: هل الأحادية القطبية واقع لا مفر منه على الأقل في المرحلة الراهنة وأن ما نشهده من صعود لبعض القوى -وخاصةً الصين- مسألة محدودة الدلالة، أم إن العولمة فرضت أمرًا آخر؛ حيث فتحت المجال لتعدد مصادر القوة وعدم اقتصارها على القوة العسكرية، كقوة الاقتصاد والقدرة على المنافسة، فضلا عن امتلاك التكنولوجيا، وبالتالي صار الباب مفتوحًا لتعدد الأقطاب المتنافسة على المسرح العالمي؟ وهو واقع أدركته الولايات المتحدة جيدًا، فحينما قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خفض التوتر في الشرق الأوسط، فهو في الوقت ذاته نقل اللعبة السياسية إلى الشرق الآسيوي؛ وذلك من أجل تطويق الصين؛ حيث رأى ترامب أنها آخر إمبراطورية شيوعية في العالم اليوم، ولكن الأمر لا يتعلق بالأيديولوجيا وحسب، فإن الصين كذلك بحوزتها اقتصاد وتكنولوجيا وفلسفة براجماتية[2].

ومن ثم، يُقدر جانب من النخبة السياسية الأمريكية أن الصين تمثل أبرز المرشحين لخلافة الولايات المتحدة على الساحة العالمية. وتكمن المعضلة في تسارع وتيرة الصعود الصيني بالتزامن مع استنزاف القوة الأمريكية في السنوات الأخيرة. وفي سبيل الحيلولة دون حدوث مثل هذا السيناريو، يتوجب -من جانبٍ- العمل على تحقيق التوازن بين مثلث القوى الآسيوية الصاعدة الكبرى (الصين، والهند، واليابان)، وتعزيز دور الولايات المتحدة -من جانبٍ آخر- وحضورها العسكري في المحيط الهندي والسيطرة على ممراته ومضائقه الحرجة؛ باعتباره مفتاح السيطرة على آسيا والشرق الأوسط وشرق أفريقيا، ومنطلق التضييق على منافسيها المحتملين[3].

ويعد التشدد تجاه الصين إحدى القضايا النادرة التي يتفق عليها سياسيو الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، خاصةً منذ وصول الرئيس شي جين بينغ للحكم، حيث تعمل بكين على تطوير قدرات عسكرية متقدمة تكنولوجيًّا في مختلف المجالات. وتقوم الاستراتيجية الأمريكية على تقوية تحالف متعدد الأطراف لمواجهة التهديدات الصينية من الحلفاء ذوي التفكير المتقارب في مناطق المحيطين الهندي والهادي[4]؛ تحالف تتعدد مساراته بين الاقتصادي والتكنولوجي، مع حضور واضح للبعد الأمني.

  • هذا لاسيما مع عودة الحروب إلى بؤرة المشهد الدولي (الحرب الروسية الأوكرانية):

فربما كان اللجوء إلى المواجهات العسكرية المباشرة أمرًا مستبعدًا من التوقعات بشأن خيارات القوى الكبرى في وقتٍ ما، إلا أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قد رفع من احتمالات اللجوء إلى الحرب تارةً أخرى، فنجد التساؤلات تتواتر حول حرب تدور رحاها في تايوان؛ خاصةً أن منطقة الشرق الأقصى قد باتت إحدى ساحات الضغط المتبادل بين الغرب من جانب وروسيا والصين من جانب آخر، لا سيما أنه قد بات التحالف بين كل من روسيا والصين أقوى بهدف التضييق على الغرب أو مواجهة تضييق الغرب عليهما. الحرب الروسية-الأوكرانية لم تكن مُنشِئة لهذا الاستقطاب، لكنها لعبت دورًا كبيرًا في تعميقه وتأكيد أهمية “الإندوباسيفيك” مسرحًا مهمًّا للحركة الأمريكية في إطار الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء الصين[5].

  • ذلك بالطبع مع عدم إغفال خطورة الأبعاد الاقتصادية:

فالأبعاد الاقتصادية التي أفرزتها الحرب الروسية –الأوكرانية، ومدى الاستعداد لتكرار الأمر، تطرح التساؤل: هل يحتمل العالم ذلك، وهل لدى القوى الكبرى الاستعداد الكافي لتحمل التكلفة؟ خاصةً أن الاقتصاد العالمي لم يكن قد تعافى بعد من تداعيات وباء كورونا (التي كانت محل صدام بين الولايات المتحدة والصين، حيث تحمل الولايات المتحدة الصين مسئولية الوباء، وما نتج عنه من أزمة اقتصادية عالمية). نحن أمام أزمة اقتصادية محتدمة كان من أبرز سماتها الصراع بين القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين. فضلا عن الصراع لتأمين مصادر الطاقة؛ وهو واحد من أبرز عناوين الصراع في الشرق الأقصى -كما سيأتي.

  • من أهم سمات الصراعات العالمية الراهنة أيضًا، الصراع حول امتلاك التكنولوجيا وما يتصل بالأمن السيبراني:

ذلك في ظل عودة المخاوف من استخدام الأسلحة النووية، لا سيما أن بعض التقنيات التكنولوجية الجديدة ذات استخدام مزدوج، ويمكن عبر تطبيقاتها تطوير الأسلحة النووية؛ وذلك مثل الأتمتة. تلك المخاوف التي تصاعدت مع تهديد روسيا باستخدام السلاح النووي في حربها على أوكرانيا، واقع تدركه الصين التي تعمل على توجيه استثمارات ضخمة لتطوير تقنياتها لتصير نظيرًا لروسيا والولايات المتحدة[6]، لا سيما أن الولايات المتحدة تواجه عدة تحديات أهمها: تأخر عملية التحديث النووي. ولا شك أن ذلك يضعف الوضع الاستراتيجي لأمريكا في مناطق التنافس ومنها الشرق الأقصى[7].

ولا شك أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين لامتلاك تقنيات الذكاء الاصطناعي يؤثر على تصوراتهما للأمن العالمي؛ ومن ثم الأمن الإقليمي للأقاليم محل التنافس –أو الصراع كما يقول واقع الحال- ومنها الشرق الأقصى. وتسير التوقعات باتجاه تفوق الصين على أمريكا في هذا المجال؛ نظرا لتدخل الدولة بشكل أقوى في الشركات المعنية[8].

ثانيًا- الأهمية الاستراتيجية للشرق الأقصى، وخريطة القوى المتصارعة:

تتغير ديناميات الأمن في تلك المنطقة سريعًا، وهي لا تُعد موطنًا للاقتصادات الأسرع نموًا في العالم فحسب، بل اليوم أيضًا الأسرع نموًا في الإنفاق العسكري والقدرات البحرية، وهي أشد منافس على الموارد الطبيعية، فضلا عن السباق التكنولوجي، لا سيما في ضوء الارتباط مع السياق العالمي –على نحو ما أشير. وتقوم المنافسة الاستراتيجية في تلك المنطقة بين الصين من جانب (مع حضور روسي)، والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، خاصةً أستراليا واليابان والهند، إضافة إلى بريطانيا من جانب آخر[9].

وفيما يلي نتناول الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة بالنسبة للفاعلين الدوليين ذوي الصلة بمسارات تطوراتها المعقدة.

  • الولايات المتحدة وحلفاؤها:

– بالنسبة إلى الولايات المتحدة:

فإن حرب أمريكا على الإرهاب، وتعاظم حجم قواتها العسكرية في آسيا الوسطى والخليج، وتصاعد وتيرة خلافها مع إيران منذ مطلع القرن الجاري قد ضاعفت من قيمة المحيط الهندي. هذا فضلا عن كونه جسر الاتصال بين القيادة المركزية الأمريكية وقواتها الموجودة في تلك المناطق. وتجلت مظاهر هذا التوجه في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية الصادرة عام 2012، والتي نصت على إعادة نشر 60٪ من إجمالي القوات البحرية الأمريكية في آسيا والمحيط الهادي بحلول عام 2020، وتعزيز وجودها العسكري في مدخله الشرقي (مضيق ملقا)[10].

من المحطات المهمة كذلك تبني إدارة ترامب استراتيجية الهندو-باسيفيك، وتنسيقها مع حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين هناك: اليابان واستراليا والهند، وذلك في مواجهة الصين[11]. حيث أرسى ترامب تصورًا جديدًا للإقليم ضمن ما عرف بمبادرة عام 2017 لإنشاء “منطقة هندو-باسيفيك حرة ومفتوحة”؛ بما يمكن –بحسب الخطاب الأمريكي- لدول مستقلة وثقافات متنوعة أن تتعايش في حرية وسلام[12].

ورغم علاقة هانتر بايدن ابن الرئيس الأمريكي بالأوليجاركية الصينية، إلا أن عوامل التوتر لم تختفِ، وقد استمرت إدارة بايدن في الحفاظ على إرث ترامب فيما يتعلق بتحالف الحوار الأمني الرباعي، الذي يضم أمريكا وأستراليا إضافةً إلى الهند واليابان، لكي نصبح بصدد كتلة شرقية وأخرى غربية في الشرق الأقصى[13].

  • اليابان والتحول في السياسة الأمنية:

أقرت اليابان في ديسمبر 2022 مراجعة جذرية لسياستها الأمنية، في تحول كبير في سياستها الموجهة للدفاع حصريا بموجب الدستور السلمي، بما في ذلك استراتيجية الأمن القومي، وتعهدت بالحصول على قدرات هجوم مضاد ومضاعفة الإنفاق الدفاعي تقريبًا في غضون خمس سنوات[14]. فبعد عقودٍ من ابتعاد اليابان عن العسكرة، أعلن رئيس الوزراء الياباني كيشيدا أن اليابان أجرت تحولا في سياستها الأمنية[15]؛ وهذا لتزايد مخاوفها إزاء الصعود الصيني والنظام الكوري الشمالي. ويدور الخلاف الياباني مع الصين -وحليفتها كوريا الشمالية- بشأن جزر تقع في بحر الصين الشرقي، يُطلق عليها سينكاكو في اليابان ودياويو في الصين، فضلا عن تنامي التوترات بشأن مضيق تايوان[16]. كذلك فإنّ ما تسمّيه اليابان “بحر اليابان”، تسمّيه كوريا “البحر الشرقي” تجريداً له من هويّته اليابانية. هذا كما أنّ الثروات السمكية والطبيعية في الأعماق محل أطماع الدول الثلاث[17].

وفي هذا الإطار كان الاتجاه إلى توثيق التحالف الياباني مع الولايات المتحدة، على سبيل المثال، عُقدت في واشنطن في أبريل 2021 قمة أمريكية يابانية ركزت على الأوضاع في شرق آسيا، وفي مقدمتها مواجهة تمدد النفوذ الصيني وقضايا مثل بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، وكذلك الموقف من كوريا الشمالية. ومن أبرز دلالات هذه القمة قرار بايدن -المتمثل بدعوة رئيس وزراء اليابان ليكون ضيفه الأول- بما يعكس تجديد أولويته بشأن التحالفات الأمريكية لمواجهة الصين. ولا شك أن القمة كانت محل اعتراض الصين[18]. هذا وصولا إلى اتفاق وزيري الدفاع الياباني والأمريكي في يناير 2023 على “إجراء مناقشات مكثفة على وجه السرعة حول أدوار ومهام التحالف”؛ على أساس التعزيز الأساسي لقدرات الدفاع اليابانية، و”التشغيل الفعال لقدرات الضربات المضادة”، بما يتفق والاتجاه الياباني الجديد[19].

  • وبشأن الهند:

تبنت نيودلهي استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ لإدارة الصين الصاعدة في المنطقة مع تعزيز الشراكات بما يناسب المتغيرات[20]؛ حيث سمح غياب المنافسة الاستراتيجية في المحيط الهندي – في حقبة ما بعد الحرب الباردة- لنيودلهي ليس فقط بلعب دور بارز ولكن أيضًا ضمان المحيط الهندي الملائم والآمن لمصالحها الاستراتيجية. لكن صعود الصين أجبر الهند على مراجعة خيارات سياستها الخارجية[21].

ومما يجدر الانتباه إليه أنه على الرغم من أن نيودلهي كانت تضع نفسها لتتولى دورًا أمنيًا أكثر وضوحًا واتساعًا، فإن أولويتها كانت منطقة المحيط الهندي المباشرة. ومع ذلك، فمع استمرار الصين في اتخاذ موقف اقتحامي بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، ظهر جنوب شرق آسيا –وهو المسرح الثاني للمحيط الهندي في رسم الخرائط الاستراتيجية لنيودلهي– بوصفه نقطة رئيسية للمحادثات مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة. ومن الخطوات التأسيسية المبكرة، أنه في يناير 2015، أدركت نيودلهي وواشنطن الأهمية المتزايدة للمجال البحري وأصدرتا رؤية مشتركة لـ “منطقة آسيا والمحيط الهادئ والمحيط الهندي”. كما وقعت نيودلهي بيان رؤية مع اليابان تعترف لأول مرة بمنطقة المحيطين الهندي والهادي كمنطقة تشمل المحيط الهندي[22].

  • أستراليا:

على جانبٍ، تتحرك أستراليا بأقصى سرعة للحصول على غواصات نووية بعد التقدم الكبير الذي أحرزته الصين، ونجاحها في الدفع بحدودها البحرية لأبعد مسافة، وبناء الجزر في بحر جنوب الصين، ثم الاهتمام المتزايد بالمحيط الهندي[23]. على جانب آخر، تقع أستراليا في جنوب المحيط الهادئ وتعتبر أقرب نقطة من دول العالم الغربي إلى السواحل الصينية[24]. ومن ثم، يُفسر الموقف الأمريكي الداعم لأستراليا في مواجهتها للصين، بالاعتماد الاستراتيجي المتبادل بين الجانبين، حيث إنه إذا استطاعت الصين كسر أستراليا، فتلك خطوة تجاه كسر القوة الأمريكية في آسيا، كما حققت أستراليا غايتها من خلال اتفاق “أوكوس”، كما سنرى[25].

  • في المقابل، وفيما يمكن وصفه بكتلة شرقية أو محور صيني روسي:
  • الصين:

رغم أنها لا تطل على المحيط الهندي إلا أن لديها تصميمًا استراتيجيًّا لتوسيع نطاق عمل قواتها البحرية إلى مياه المحيط وشطآنه؛ لاعتبارات اقتصادية وجيوستراتيجية. اقتصاديًا؛ لحماية المسارات البحرية التي تسلكها السفن الصينية المحملة بالنفط أثناء رحلة العودة من الخارج. وعلى المستوى الجيوستراتيجي، تطمح الصين إلى إظهار نفسها بوصفها دولة بحرية عظمى، ولاعبًا فعالاً في الساحة الدولية، ويتطلب تحقيقُ ذلك الوجودَ بكثافة في المحيط الهندي؛ إذ يمثل المنطقة التي تربط بين آسيا وأفريقيا. ومن ثم، انخرطت الصين في تنفيذ مشروعها الاستراتيجي الذي يرمي لنشر أسطولها الحربي على قواعد تمتد من جزيرة هينان في بحر الصين الجنوبي حتى مضيق هرمز[26].

  • أما روسيا:

فرغم تخوف موسكو من تنامي السيطرة الصينية في الشرق، إلا أن استراتيجية الولايات المتحدة المسماة “الانعطاف نحو آسيا” في عهد أوباما، وتزامن هذا الانعطاف مع تزايد قلق روسيا بشأن شرقها الأقصى، دفع الأخيرة إلى تعزيز وجودها السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة، والتقارب مع الصين[27]. ذلك وصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وتوظيف تلك المنطقة في المواجهة مع الغرب، والاحتياج إلى الصين في غمار حرب الطاقة. وقد عبر الجانبان -الصيني والروسي- عن أهدافهما المشتركة في لقاء عبر الفيديو بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، في ديسمبر 2022، فتحدث بوتين عن «استفزازات الغرب» وضرورة إقامة نظام دولي عادل، فيما ركز جين بينغ على شراكة شاملة مع روسيا لمواجهة القطبية الأحادية والحمائية والترهيب[28]. أيضًا من المؤشرات ذات الدلالة الدعم الصيني للموقف الروسي، في فبراير 2023، في عرقلة الصين لإصدار مجموعة العشرين بيانا يدين الحرب الروسية على أوكرانيا[29].

ثالثًا- أبعاد سياسات التكتلات الصراعية في الشرق الأقصى:

تنوعت أبعاد الصراع ما بين الأمني والعسكري إلى الاقتصادي، فضلا عن الصراع على التفوق التكنولوجي، وقد تعددت المؤشرات، وفيما يلي سنذكر بعض الأمثلة بما يتناسب مع حجم التقرير:

  • على الصعيد الأمني والعسكري:

تبغي الولايات المتحدة طمأنة حلفائها، وتقديم نفسها حليفًا موثوقًا به، في وجه القوة العسكرية الصينية المتصاعدة. ومن أبرز المؤشرات: منتدى الحوار الأمني الرباعي (Quad): فعلت
إدارة ترامب هذا المنتدى الذي كان قد ظهر للوجود من سنوات قبل ذلك، وهو منتدى غير رسمي يضم الولايات المتحدة الأمريكية، واستراليا، واليابان، والهند، ويهتم بالقضايا الأمنية والسياسية ذات الاهتمام المشترك في منطقة الهندو-باسيفيك، وخاصة ما تعلق بالصعود الصيني. وفي 24 مايو 2022، عقدت الدول الأربع اجتماعًا في طوكيو، على هامش الزيارة الآسيوية للرئيس الأمريكي بايدن، وذلك في وقتٍ حساسٍ من الحرب الروسية الأوكرانية، ما اعتُبر محاولة أمريكية لصف صفوف حلفائها لمواجهة التهديدات الصينية لاسيما في ظل التقارب مع روسيا[30].

على الجانب المقابل، “إدراكًا منها لنية خصومها في محاصرتها في المنطقة، عملت الدبلوماسية الصينية على توسيع علاقاتها نحو جنوب المحيط الهادي؛ حيث تقبع مجموعة من الدول الجزرية التي أخرجتها استراتيجية الهندو-باسيفيك من عزلتها الجغرافية. وقد ثار الجدل نتيجة تسريب معلومات عن تقارب صيني مع جزر سليمان في إطار اتفاق أمني موسع. وعلى الرغم من الغموض الذي اكتنف الوثيقة المسربة في أبريل عام 2022، فقد حذرت واشنطن من أنها سترد إذا قدمت بكين على إقامة قاعدة عسكرية هناك[31].

كما طورت الصين قواتها العسكرية في إطار مشروع التحديثات الأربعة وخاصةً القوات البحرية، بالنظر إلى انفتاح بكين على مسطحات مائية واسعة في المحيط الهادي وما يتضمنه من بحار حيوية لها، مثل بحري الصين الشرقي والجنوبي، وامتداد مصالحها إلى مياه المحيط الهندي كذلك[32].

  • التنافس الاقتصادي:

كان أبرز المحركات لهذا التنافس: إطلاق الصين مشروع طريق الحرير، ويهتم بخطوط المواصلات البحرية التي تستعملها الصين لنقل وارداتها من مصادر الطاقة، وتوزيع سلعها التجارية، وأهمها مضيق ملقا. وهناك منتدى أعمال “التعاون الروسي-الصيني في العصر الجديد”، الذي ناقش في سبتمبر 2022 على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي السابع، العمل على تعزيز التعاون في منصات التجارة الإلكترونية والنقل والخدمات اللوجيستية، وتسهيل المدفوعات عبر الحدود بين بنوك البلدين[33]. كما افتتح الجانبان في يونيو 2022 جسرًا جديدًا عبر الحدود في منطقة الشرق الأقصى، لتعزيز العلاقات التجارية بينهما، مع سعي موسكو للتخفيف من أضرار العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب غزو أوكرانيا.[34]

ومن أبرز المؤشرات في التكتل المقابل، إطار العمل الاقتصادي لمنطقة الهندو-باسيفيك من أجل الازدهار، والذي أعلنه بايدن في زيارته اليابان مايو 2022، ويضم 13 دولة منها: الولايات المتحدة، واليابان وأستراليا والهند وكوريا الجنوبية وماليزيا[35].

هذا، علمًا أن طغيان التوجه الصراعي من شأنه إفساد الكثير، فقد كان هناك مشروع لشقّ نفق تحت البحر يربط كوريا باليابان مماثلٍ لنفق بحر المانش الذي يربط بريطانيا بفرنسا. وقد تعهّدت اليابان بإنشائه على نفقتها الكاملة، ووافقت الصين على المشروع، غير أنّ تفجّر الصراعات حول الجزر حال دون تنفيذ المشروع[36].

  • الحرب التكنولوجية

تمثل الحرب التكنولوجية واحدة من أبرز ساحات الصراع؛ حيث إن الولايات المتحدة تعمل على قطع الطريق أمام الصين للوصول إلى القدرات الأمريكية[37]. في هذا الإطار، جاءت عقوبات إدارة ترامب على شركة هواوي الصينية وغيرها من كبريات شركات التكنولوجيا الصينية[38]. وقد طالبت الصين بضرورة وقف الإدارة الأمريكية “القمع غير المبرر” ضد شركة هواوي[39].

وعلى المسار نفسه، ركزت وثيقة “التوجيه الإستراتيجي المؤقت لإستراتيجية الأمن القومي”، والتي أصدرتها إدارة بايدن في مارس 2021، على التحدي الصيني المتزايد في المجالين العسكري والتكنولوجي[40]. ومن ثم كثفت الولايات المتحدة جهودها لإعاقة تقدم الصين في صناعة الرقائق الإلكترونية. ففي أكتوبر 2022 أعلنت واشنطن عن بعض من قيود التصدير بحيث باتت الشركات التي تنوي تصدير هذه الرقائق إلى الصين ملزمة بالحصول على تراخيص تصدير. في المقابل، قدمت الصين شكوى ضد الولايات المتحدة إلى منظمة التجارة العالمية بشأن ضوابط تصدير أشباه الموصلات وتكنولوجيا أخرى ذات الصلة[41].

  • الصراع حول الطاقة:

أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى حرب طاقة غير مسبوقة بين روسيا والقوى الغربية. فقد فرضت الدول الأوروبية العديد من العقوبات على روسيا، واتجهت روسيا، التي تعتمد بشكل كبير على أوروبا في صادرات الغاز الطبيعي؛ للتعويض عبر الصين[42]. وقد أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في نوفمبر 2022 عمل كل من روسيا والصين لتوقيع اتفاقية بشأن “طريق الشرق الأقصى” لإمداد الأسواق الصينية بالغاز عن طريق الشرق الأقصى، وأن موسكو وبكين تعملان على زيادة حجم التجارة في قطاع الطاقة بالعملات الوطنية. ومما تجدر الإشارة إليه أن شركتي “غازبروم” الروسية و”CNPC” الصينية اتفقتا على تحويل مدفوعات إمدادات الغاز عبر خط “قوة سيبيريا” إلى الصين بالروبل واليوان[43]. علاوة على ذلك، تعتزم بكين توسيع محطات معالجة الغاز الطبيعي المسال لديها، من خلال إضافة 34 محطة جديدة بحلول عام 2035[44].

  • الأوكوس: أبرز تجليات الصراع:

أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، في سبتمبر 2021 شراكة أمنية في منطقة الهندو-باسيفيك تحت اسم “أوكوس”، ولا شك كان ذلك محل انتقاد الصين التي وصفتها بعقلية الحرب الباردة وطالبت الدول الثلاث بالابتعاد عن التحيز الأيديولوجي[45].

وفيما يتعلق بدلالة التوقيت، فقد جاء اتفاق “أوكوس” الأمني في الوقت المناسب لكل من لندن وواشنطن، فكلاهما يحاول الخروج من مرحلة حرجة في تاريخه: إرث ترامب في أمريكا، وارتدادات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)[46]؛ إذ يمكنها الاتفاق من العودة للمحيط الهادي بقوة أكبر.[47]. أما أستراليا، فقد قدمت لها فرصة لتكون واحدة من 7 دول تحوز غواصات نووية، وحققت لها مزايا استراتيجية على المدى الطويل[48].

وحول الأهداف المعلنة للاتفاق، فقد أوضح كل من بايدن ورئيس الوزراء البريطاني جونسون: أن المبادرة ستمكن الدول الثلاث من الحصول على أحدث القدرات للمناورة وصد التهديدات سريعة التطور، للحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي[49]، كما أن هذه التحركات –كما أُعلن- هي لمواجهة تهديد قيم الغرب من ديمقراطية وحرية تعبير. أما العدو الجديد هذه المرة فهو الصين، لينتقل مركز الصراع -بهذا- نحو الشرق الأقصى[50].

أما المضمون، فتشمل الاتفاقية نطاقًا واسعًا من التعاون في المجالات الدبلوماسية والتكنولوجية بين الدول الثلات[51]. ولكن أهم ما جاء بها: الالتزام بتزويد أستراليا بتكنولوجيا وقدرات تمكنها من نشر غواصات تعمل بالطاقة النووية[52].

تلك الصفقة التي تعود بالفائدة على الدول الثلاث، لكنها -في المقابل- ستؤدي إلى زيادة حدة التوتر المتصاعد بينها وبين الصين[53](التي اعتبرت أن الاتفاق من شأنه أن يزيد سباق التسلح، ويقوض معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية)[54]. حيث تأتي في إطار تصدي أمريكا للتهديد الذي تشكله الغواصات النووية التي تنشرها بكين في النقاط الإستراتيجية الساخنة وطرق التجارة الرئيسية في المحيطين الهندي والهادي[55]. كما قد تسببت الصفقة في قيام أستراليا بإلغاء عقد بعشرات المليارات من الدولارات تم توقيعه عام 2016 مع فرنسا لغواصات تعمل بالديزل والكهرباء، مما تسبب في استدعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 17 سبتمبر 2021 سفيري بلاده في كل من واشنطن وكانبيرا للتشاور[56].

واتصالا بمسار “أوكوس”، في نوفمبر 2021، طبقت قوات الدفاع الذاتي اليابانية (SDF) مشاريع القوانين الأمنية لعام 2015، والتي تسمح بأشكال محدودة من الدفاع الجماعي عن النفس، لحماية الأصول العسكرية الأسترالية خلال تمرين مشترك[57].

كما تم توقيع اتفاقية الوصول المتبادل بين اليابان وأستراليا (RAA)، في يناير 2022، وقد وصفها رئيس الوزراء الياباني كيشيدا بأنها “اختراق”[58]. وتعتبر الاتفاقية أمرًا محوريًا لمزيد من التعاون الاستراتيجي بين اليابان وأستراليا؛ حيث تمكّن RAA اليابان وأستراليا من تعزيز قدراتهما على عرض الطاقة. لكن من مواطن الضعف عدم امتلاك اليابان وأستراليا الأصول العسكرية للحفاظ على انتشار طويل الأجل في الخارج[59]. إلا أنه من المنتظر أن تتغير الأمور مع التحول في السياسة الأمنية اليابانية.

وفي أكتوبر 2022، وقع رئيسا الوزراء الياباني والأسترالي، اتفاقًا أمنيًا لتجديد اتفاقية أبرمت قبل 15 عاماً عندما كان الإرهاب وانتشار الأسلحة أكبر مصدرين للقلق. إلا أن تلك المرة  كانت موجهة ضد الصين؛ إذ صرح رئيس الوزراء الأسترالي أن هذا النص “التاريخي يوجه إشارة قوية إلى المنطقة بشأن تحالفنا الاستراتيجي”[60].

بيد أن هناك تساؤلات تلقي بظلالها على “أوكوس”؛ من ضمنها الشكوك المتعلقة بمدى استعداد بريطانيا وأستراليا لقبول العواقب التجارية والإستراتيجية المترتبة على استعداء الصين التي ترى في الاتفاقية الجديدة تهديدًا واضحا لها. كما أن إثارة حنق فرنسا ستكون له تداعيات سلبية على كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، خاصة فيما يتعلق بمواجهة الخطر الروسي.

ويمثل الموقف الأوروبي برمته علامة استفهام، فقد صرح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو أن الاتحاد لم يبلَغ مسبقا بالشراكة العسكرية الجديدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا. ورعم تصريح بلينكن حينها إن الولايات المتحدة ترحب بأن تلعب دول أوروبية دورا هاما في منطقة المحيطين الهندي والهادي[61]. إلا أنه يبدو أن هناك عدم اكتراث أمريكي بالدور الأوروبي، وهو لا شك أمر يضعف الموقف الغربي عامة في المواجهة المتجددة مع الصين وروسيا.

المحور الثاني- أبرز بؤر الصراع في الشرق الأقصى:

يتم التركيز في هذا المحور على الأوضاع في كلٍ من بحر الصين الجنوبي وتايوان.

أولا- بحر الصين الجنوبي:

يمتلك بحر الصين الجنوبي أهمية مركبة؛ فجيواستراتيجيًا، يقع بحر الصين الجنوبي في جنوب شرق آسيا ممتدًا من مضيق ملقا في الجنوب الغربي لمضيق تايوان في الشمال الشرقي[62]، من الناحية الاقتصادية، يمتاز بحر الصين الجنوبي بثرائه بالثروات الطبيعية، حيث يخزن ما يقدر بـ11 مليار برميل من النفط، و190 تريليون قدم من الغاز الطبيعي[63]. ومن ثم، هو نطاق جغرافي مهم لطرق المواصلات البحرية التي تتميز بكثافة النشاط التجاري، وكثافة السكان للدول المشاطئة؛ ومنها (تايلاند، فلبين، الصين، إندونيسيا، كمبوديا، سنغافورة، بروناي، ماليزيا)[64].

وتعُد الاستراتيجية الأمريكية بحر الصين الجنوبي عماد الملاحة البحرية للأساطيل التجارية والعسكرية، ولذلك يطلق عليه الخبراء الأمريكيون اسم “البحر المركزي”. أما اليابان، فيُعد الأمن البحري بالنسبة لها أولوية في استراتيجيتها تجاه بحر الصين الجنوبي، خاصةً أمن خطوط المواصلات البحرية التي تمر بها معظم صادراتها السلعية ووارداتها من الطاقة[65].

وقد تبنت البحرية الصينية استراتيجية الدفاع الفعال عن المناطق البحرية البعيدة نسبيًا عن الشواطئ. بالإضافة إلى اتباع استراتيجية توسعية تدريجية في بحر الصين الجنوبي، فبدأت الصين في إظهار قوتها العسكرية من خلال تطوير الطائرات ذات القواعد العسكرية لجيش التحرير الصيني[66].

وقد تصاعدت حدة التوتر بشأن النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، حيث قامت بكين ببناء مواقع عسكرية في عدة جزر صغيرة مستصلحة، كما لا تتوقف الصين عن القيام بهجمات سيبرانية ضد مصالح ومؤسسات أمريكية، وتتربص أساطيلها العسكرية بسفن صيد الدول المجاورة لها في بحر جنوب الصين، مثل الفلبين وفيتنام وإندونيسيا[67].

الأمر الذي دفع السياسة الأمريكية لتبني استراتيجية لعرقلة نمو وتنمية الصين من خلال استفزازها بالتواجد في مضيق تايوان[68]. وتنفذ الولايات المتحدة بانتظام ما تسميه عمليات ضمان حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، متحدية ما تصفه أنه قيود على المرور تفرضها الصين. وقد أعلنت بكين في يوليو 2022 أن جيشها “أبعد” مدمرة أمريكية أبحرت في القرب من جزر باراسيل المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي[69]. كما قد حلقت طائرة أمريكية فوق بحر الصين الجنوبي وتم اعتراضها من قبل طائرة مقاتلة صينية كانت جاهزة للمواجهة وذلك في 25 فبراير 2023، حيث اعتبرت الصين تلك الحادثة انتهاكًا لسيادتها[70].

ونجد التوقعات بشأن النزاع في بحر الصين الجنوبي ترجح استمرار الوضع على ما هو عليه في وعدم تطور الصراع إلى حالة من الحرب الشاملة. فعلى الرغم من التحركات الصينية إلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يواجهون تلك التحركات بشكل متوازن، لاسيما أنه في حالة حدوث صراع عنيف في المنطقة ستكون الغلبة للصين بسبب مركز انتشار القواعد العسكرية في الجزر وخاصة الجزر الصناعية[71].

وفي هذا السياق حرصت الولايات المتحدة على تحقيق توازن عبر التنسيق مع الحلفاء، فكانت قد قدمت أستراليا في يوليو 2020، مذكرة إلى لجنة حدود الجرف القاري، تماشياً مع موقف الولايات المتحدة، لدعم اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ودعماً لهيئة التحكيم التي نظرت في القضية التي رفعتها الفلبين ضد الصين[72]. كما أعلنت الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا (مجموعة كواد)، في مارس 2023 عن المخاوف في شأن الانتشار العسكري في المياه المحيطة بالصين، والتأكيد على “أهمية احترام القانون الدولي” في بحري الصين الشرقي والجنوبي[73].

على الجانب المقابل، متنت الصين التعاون مع روسيا في محيط بحر الصين الجنوبي (بما يحقق لكل منهما أهدافه)، فبينما حاولت شركات الطاقة الغربية تجنب المواجهة مع الصين، وغالباً ما تتراجع عن الاستثمارات في المناطق المتنازع عليها، سعى النظراء الروس إلى سد أية فجوات استثمارية. وفي ظل حرصها على إبقاء موسكو في صفها، بخاصة في خضم المواجهة مع الحلف الأمريكي، تسامحت بكين إلى حد كبير مع حليفها الاستراتيجي في ساحتها البحرية الخلفية[74].

ونتيجة حرب أوكرانيا وما تلاها من تحويل روسيا إلى أكثر دول العالم تعرضاً للعقوبات، فإن الحرب قد تعيد تشكيل الموازين الاستراتيجية في منطقة جنوب شرقي آسيا. فالعزلة الجديدة لروسيا لا تعني فقط تقليصاً استراتيجياً في جنوب شرقي آسيا، ولكن أيضاً زيادة الاعتماد على الصين. وهنا بدأت تشعر دول رابطة جنوب شرقي آسيا بالقلق بشأن الآثار المترتبة على بحر الصين الجنوبي. حيث محاولة روسيا أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن تتداخل مع تحركات الصين في بحر الصين الجنوبي[75].

ومما تجدر الإشارة إليه قيام جمهورية إندونيسيا في إطار رئاستها رابطة دول “آسيان”، بمساعٍ دبلوماسية للتخفيف من حدة الصراع والتوصل لاتفاق نوعي يقضي بتنظيم الحركة البحرية في بحر الصين الجنوبي. وقد بدأت بوادر تلك الجهود باجتماع عُقد بين مسؤولين ودبلوماسيين من “آسيان” والصين لمناقشة تطبيق مدونة قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي في الفترة من 8 إلى 10 مارس 2023. ورغم تفاؤل البعض بالمسعى الإندونيسي، فهناك من يتوقع ألا تأتي تلك البادرة  بجديد، إذ لم تثبت الصين جدية نواياها في حل الأزمة الممتدة والعالقة منذ عقود[76].

ثانيًا- قضية تايوان:

بدايةً، ينبع الاهتمام الأمريكي بتايوان من عدة اعتبارات تتعلق بالمصالح الأمريكية في هذه المنطقة الاستراتيجية. فالموقع الجغرافي لتايوان من مضيق تايوان وقناة باشي يعدان الممرين البحريين الرئيسيين اللذين يربطان شمال شرق آسيا بجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، فضلا عن أهمية خاصة لحلفاء واشنطن مثل اليابان التي تعتبر تايوان مهمة لأمن حدودها الجنوبية كذلك الفيليبين فيما يتصل بحدودها الشمالية. هذا إضافة إلى اشتراك أمريكا وتايوان بعدد من المصالح السياسية والاقتصادية، منها الرغبة في فتح الأسواق اليابانية أمام أنشطتهما التجارية بغية تحقيق نوع من التوازن في التبادل التجاري بين واشنطن وطوكيو والذي يميل بقوة لصالح اليابان[77]. أيضًا الولايات المتحدة تؤسس علاقتها مع تايوان باعتبارها ديمقراطية وقوة تكنولوجية صاعدة، وبالتالي هي شريك أساسي بالشرق الأقصى[78].

كما أن التعامل الأمريكي مع قضية تايوان يُعد كاشفًا لمدى مصداقية استراتيجية إدارة بايدن الجديدة المتمركزة حول نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم. فأي تحرك عسكري صيني ضد تايوان سيضع إدارة بايدن على المحك[79].

أما على الصعيد الصيني، فلدى الصين اهتمام بالغ بخصوص تايوان، ليس فقط للجذور التاريخية التي تربط تايوان بالصين ولكن بالطبع نظراً لموقعها الجيوسياسي والاستراتيجي في بحر الصين الجنوبي، والذي يؤثر فى الأمن القومي والسيادة الصينية في تلك المنطقة[80]. ومن ثم، فقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينج مرارًا، في السنوات الأخيرة، على أن إعادة دمج تايوان تحت حكم الصين أمر “لا مفر منه” ويجب تحقيقه “بكل الوسائل الضرورية” بما في ذلك استخدام القوة العسكرية. في المقابل، أكدت إدارة بايدن على أن التزامها تجاه استقلال تايوان “ثابت كالصخر”، وأنها “لن تتخلى عن تايوان” في أي محاولة لإعادة تحسين العلاقات مع الصين[81].

ومن مؤشرات التصعيد الأمريكي إزاء الصين فيما يخص تايوان، يمكن الإشارة إلى بعض الخطوات التصعيدية في عهد ترامب، مثل أنه في ديسمبر 2018 وقع قانون الدفاع الوطني الذي يسمح للبنتاجون بإرسال سفن حربية إلى تايوان، فضلا عن زيارة رئيسة تايوان الولايات المتحدة. وفي 2019 أقر الكونجرس قانون ضمان تايوان[82]. ثم كان تقديم أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون أطلق عليه “قانون التنافس الاستراتيجي لعام 2021″، ويهدف إلى السماح للولايات المتحدة بمواجهة “التحديات” التي تشكلها الصين، مع التأكيد بشكل خاص على ضرورة تعزيز العلاقات بين واشنطن وتايبيه. وبالإضافة إلى ذلك، كرّست لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية للعلاقات الأمريكية- الصينية، التابعة للكونجرس، في تقريرها السنوي لعام 2020، أحد فصولها الخمسة لتايوان، فضلاً عن إصدار مرسوم يقر بأن الولايات المتحدة كعضو في أي منظمة دولية، يجب أن تعارض أى محاولات من قبل الصين لإيذاء تايوان. كما مرر الكونجرس الأمريكي أيضًا “مبادرة الردع في المحيط الهادي”، والتي تم تمويلها بمبلغ 2.2 مليار دولار لعام 2021[83].

وقد انعكست أبعاد الصراع في الشرق الأقصى –كما سبق بيانها- على الصراع فيما يتصل بتايوان:

عسكريًا: فمنذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض في يناير 2021، صعّدت بكين من إرسال الطائرات المقاتلة والقاذفات ذات القدرات النووية لاختراق الأجواء التايوانية، مما دفع مسؤولي تايبيه إلى نشر أنظمة صواريخ وإصدار تحذيرات لمغادرة الطائرات الصينية هذه الأجواء. وتزامنت هذه التطورات المهمة مع تعيين الرئيسة التايوانية تساي إنج وين للجنرال السابق تشيو كو تشن، خريج كلية الحرب الأمريكية، وزيرًا جديدًا للدفاع بما يعنيه ذلك من تمتين التعاون العسكري.

وقد ردت بكين بخطاب صارم على مؤشرات تعزيز التعاون الاستراتيجي والعسكري بين واشنطن وتايبيه، حيث حذر وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الولايات المتحدة من “تجاوز الخطوط الحمراء واللعب بالنار” بشأن قضية تايوان. ورداً على ذلك، أكدت الناطقة الرسمية للبيت الأبيض جين بساكي على أن الولايات المتحدة “ستقف مع الأصدقاء والحلفاء لتعزيز الرخاء والأمن والقيم المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادي”. كما تعهدت الولايات المتحدة في مايو 2022 بالتدخل العسكري إذا اعتدت الصين على تايوان[84].

وفي 25 ديسمبر 2022، أجرت البحرية الصينية تدريبات إطلاق نار ودوريات بالقرب من جزيرة تايوان. وأظهرت بيانات وزارة الدفاع التايوانية أن المناورات الأخيرة هي الأكبر منذ أن بدأت الوزارة بإصدار إحصاءات يومية للتوغلات الصينية[85]. في المقابل، في يناير 2023، أعلنت البحرية الأمريكية أنّ المدمّرة “يو إس إس تشونغ-هون” نفّذت عبوراً روتينياً في مضيق تايوان في المياه التي تنطبق فيها حرية الملاحة والتحليق بموجب القانون الدولي”.، وذلك بهدف تأكيد “التزام الولايات المتّحدة بأن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرّة ومفتوحة”[86]. إلا أن الجيش الصيني أعلن أنه سيواصل تدريباته العسكرية بالقرب من تايوان بعد أن كان قد أعلن انتهاء التدريبات التي استخدم فيها الذخيرة الحية[87].

الساحة التكنولوجية: تركز الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، بشكل متزايد، على تطوير صناعة رقائق الحاسوب في تايوان. ورغم أنها جزيرة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 24 مليون نسمة، فإنها في قلب المعركة من أجل التفوق التكنولوجي العالمي، خاصةً فيما يتصل بالإجراءات الأمريكية السابق تناولها[88].

سياسيًا ودبلوماسيًا: عملت إدارة بايدن على حشد الدعم لاستقلال تايوان من الحلفاء الإقليميين، وخاصة اليابان؛ وهو الأمر الذي أسفر عن التأكيد في اجتماع “اثنين زائد اثنين” لوزيرى الخارجية والدفاع من الولايات المتحدة واليابان، في مارس 2021، على “أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان”؛ وهو الأمر الذي تكرر التأكيد عليه في اجتماعات متتالية إلى الآن[89].

وفي سبتمبر 2021، أرسلت واشنطن مسؤولا رفيع المستوى في وزارة الخارجية إلى الجزيرة في أول زيارة رسمية من نوعها منذ عقود.. وانتقدت بكين الاجتماع، وحذرت الولايات المتحدة من “عدم إرسال أي إشارات خاطئة بخصوص “استقلال تايوان”. وخلال تلك الزيارة المثيرة للجدل، أجرت الصين تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في الممر المائي الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي[90].

لكن من أبرز المحطات مؤخرًا في هذا الصدد هبوط رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، في تايبيه. وكانت محطة بيلوسي في تايبيه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس مجلس النواب الأمريكي تايوان منذ 25 عامًا[91]. وقد حذرت الصين من “التأثير السياسي لزيارة بيلوسي، قائلة إن الجيش الصيني “لن يقف مكتوف الأيدي” إذا اعتقدت بكين أن “سيادتها وسلامتها الإقليمية” مهددة. بينما قال وزير الخارجية الأمريكي، بلينكن، إن زيارة تايوان قرار من رئيس رئيسة مجلس النواب، وإن: “الكونجرس هو فرع حكومي مستقل ومتساو. القرار لرئيس المجلس بالكامل”[92]. ولكن رغم هذا التوتر، نجد أنه في منتصف أغسطس 2022 وفد من الكونجرس الأمريكي تايوان[93].

وعن موقف روسيا من قضية تايوان، فبالطبع جاء مؤيدا للصين، فقد صرح نائب وزير الخارجية الروسى أندريه رودينكو: “نعتقد أن للجانب الصينى الحق فى اتخاذ الإجراءات التى يراها ضرورية لحماية سيادته ووحدة أراضيه فيما يتعلق بقضية تايوان”. وأشار إلى أنه كان هناك تصعيد حول تايوان بسبب الأنشطة الاستفزازية من جانب واشنطن وأقمارها الصناعية”. وأضاف أن “الوضع تفاقم بشكل خطير عندما زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى الجزيرة”[94].

وبشأن احتمالات الحرب في ظل هذا الاستقطاب، هناك اتجاه يرى أن ثمة عوامل (وإن كانت غير موضوعية) قد تدفع الصين إلى استخدام القوة، منها حالة عدم اليقين في مضيق تايوان، وإمكانية قراءة الصين للسياسة الأمريكية تجاه الجزيرة بشكل مبالغ فيه (مثلما الحال مع قرءة زيارة بيلوسي)، أو غلبة طموح الرئيس شي في إنهاء هذا الملف التاريخي المعلق. وتذهب بعض التحليلات الأمريكية إلى قراءة نتائج المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في أكتوبر 2022، ونجاح شي في إزاحة بعض قيادات الحزب، كمؤشر على الدور الذي بات يتمتع به شي داخل عملية صنع القرار، وتخلصه من التيار المؤيد لمهادنة الولايات المتحدة الأمريكية[95].

على الجانب الآخر، لا يمكن استبعاد تنفيذ الولايات المتحدة استراتيجية منظمة لدفع الصين إلى التورط في عمل عسكري ضد تايوان؛ بهدف استنزافها ودفعها إلى الانكفاء على الداخل وتوجيه “ضربة” للسردية الصينية حول “الصعود السلمي”.

ذلك أن الحرب الروسية-الأوكرانية قد فتحت جدلاً واسعاً حول التأثيرات المحتملة لهذه الحرب على هذه المشكلة التاريخية. فإن كلاهما، أوكرانيا وتايوان، يحكمهما نظامان ديمقراطيان يواجهان تهديدات من دول ذات أنظمة ديكتاتورية”[96]. وقد حذّر رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، في يناير 2023 أثناء وجوده في الولايات المتحدة، لدى اختتامه جولة في دول مجموعة السبع، من أن “شرق آسيا قد يكون أوكرانيا التالية”[97].

لكن الوجه الآخر للعملة، أنه تبقى تكلفة حرب جديدة أمر من غير اليسير الإقدام عليه في ظل نظام عالمي وإقليمي لم يتعافَ بعدُ من حرب ما زالت تدور رحاها في أوكرانيا، كما أن خبرة الولايات المتحدة المأزومة في العراق وأفغانستان لا تقدم لها سندًا قويًّا لتكرار التجربة.

خاتمة:

من هذا التتبع يبدو وكأن القوى الكبرى تجتهد في تجديد بؤر الصراع في مختلف الأقاليم؛ فها هي بعد أن استقرت الأوضاع في الشرق الأوسط نسبيا بما يخدم مصالحها؛ حيث استقرار الصراعات الداخلية واستنزاف الموارد، ها هي تنتقل إلى الشرق الأقصى، لكن لخوض معارك ذات طبيعة مختلفة بما يتناسب مع تحقيق كل طرف لمصالحه. فقد أسس كل محور التحالفات والكيانات -سواء أمنية، أو اقتصادية- التي يراها ملائمة لتحقيق أهدافه. ورغم ذلك يواجه كل من التكتلين المشار إليهما بعض عوامل الضعف:

فعلى جانب التحالف الرباعي (الولايات المتحدة، اليابان، الهند، أستراليا)، هناك تحديات تتصل بما يلي:

أولا- عدم استيعاب الفاعل الأوروبي، وعدم تنسيق السياسات معه؛ الأمر الذي تجلى في أزمة الغواصات الأسترالية مع فرنسا. بينما في حال الالتفات إلى متغير الحرب الروسية الأوكرانية، نجد أن هناك دافعا للتنسيق، خاصة في ظل التنسيق الصيني الروسي. كما أن هذا الابتعاد يفتح المجال إلى تقارب أوروبي صيني، على غرار ما حدث في 30 ديسمبر 2020؛ إذ أعلن الجانبان عن التوصل إلى اتفاقية استثمار “تاريخية” بينهما، تلك الاتفاقية التي تم التوصل إليها بعد “مخاض عسير”[98]. وينقسم الأوروبيون بشأن التعامل الأمثل مع العملاق الصيني الصاعد؛ إذ يرى فريق ضرورة احتواء القوة الصينية الصاعدة، اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وتكنولوجياً، من خلال تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. بينما يرى فريق آخر أنه يجب السعى للتعاون مع الصين كلما سنحت الفرصة من أجل التعامل مع التحديات العالمية المتفاقمة[99].

ثانيًا- استمرار الأزمة الكورية، فالعلاقات بين الكوريتين في أدنى المستويات منذ سنوات مع توقف المحادثات ودعوة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى نمو “متزايد” في إنتاج الأسلحة بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية. وقد أجرت كوريا الشمالية تجارب على إطلاق عشرات الصواريخ المحظورة في 2022 مما أثار توترا لدى جيرانها في شرق آسيا، خاصة كوريا الجنوبية واليابان[100]. وهو لا شك أمر يضع الولايات المتحدة في موضع عدم الثقة أمام حليفتها كوريا الجنوبية إذا لم يمكنها التعامل الجدي معه.

ثالثًا- لا يزال الماضي يلقي بظلاله على العلاقة بين كوريا الجنوبية واليابان – وهما من أقرب حلفاء أمريكا في شرق آسيا[101]. وقد حاولت واشنطن مراراً الضغط على طوكيو لتقديم تنازلات استرضائية لكوريا تشمل الاعتذار الواضح والمباشر عن استغلال الجنود اليابانيين للنساء الكوريّات، لكنّ الردّ الياباني كان قاطعاً في أنّ اليابان دفعت ثمن كلّ أخطاء الماضي من خلال قصفها بالقنابل النووية؛ الأمر الذي يشكّل نقطة الضعف في الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأقصى، وخاصة في مواجهتها للسلاح النووي الكوري الشمالي والتطلّعات القومية للصين في تايوان[102].

على المحور الروسي- الصيني، يتصل التحدي الأساسي بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، لاسيما ما يتعلق بالعقوبات على روسيا، ومدى إمكانية أن تكون حليفًا طويل المدى، فضلا عن ثبات الاستراتيجية.

على المستوى الصيني الداخلي، ثمة أزمة قد تتوالى تداعياتها جراء النمو المتتالي بميزانية الدفاع في الصين بما يمكن أن يوسع الفجوة بين التنمية العسكرية والاقتصادية بالبلاد؛ وذلك في ضوء مساعي بكين لمواجهة التهديدات الاستراتيجية الإقليمية[103].

لكن في كل الأحوال، فإن عجلة الصراع قد درات وتحركت بالصراع العالمي الرئيس نحو شرق وجنوب شرق آسيا؛ نحو الشرق الأقصى، والأشهر القادمة كفيلة بمزيد من شرح مسارات ومآلات ذلك الصراع وتأثيراته على مناطق العالم، وخاصة العالم الإسلامي.

_______________________

الهوامش

[1]  هل يكون “الشرق الأقصى” ساحة الحرب الباردة الجديدة؟، المرصد، 24 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/m2TH5k

 [2] المرجع السابق.

[3] عائش عواس، تنافس القوى الدولية في المحيط الهندي وتأثيره على اليمن، مركز أبعاد للدراسات والبحوث، 5 يونيو 2013، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/1cnwKV

 [4] محمد المنشاوي، حرب باردة صينية أميركية لا يمكن تجنبها، الجزيرة، 21 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي:  https://2u.pw/VnRY7U

[5]  محمد فايز فرحات، تكريس حالة اللايقين حول تايوان: الحرب المحتملة القادمة في آسيا، ملف خاص بعنوان “عام على الحرب الروسية-الأوكرانية: تحولات ومسارات”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 25 فبراير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/tlHuNd

 [6] عمرو عبد العاطي، عصر نووي ثالث… نحو سلام أم مزيد من الصراع الدولي؟، ملحق تحولات استراتيجية (العصر النووي الثالث)، السياسة الدولية، العدد 231، يناير 2023، ص3.

[7]  أحمد عليبة، التنافس الدولي وضرورات تحديث القدرات النووية الأمريكية، ملحق تحولات استراتيجية (العصر النووي الثالث)، السياسة الدولية، العدد 231، يناير 2023، ص7.

  [8] د.نسيبة أشرف، الذكاء الاصطناعي والعلاقات الدولية… إطار مفاهيمي، ملحق اتجاهات نظرية، السياسة الدولية، العدد 231، يناير 2023، ص6.

 [9] براهما تشيلاني، تنافس جيوسياسي على الأمن العالمي، البيان، 25 مارس 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/fDpUxk

[10]  عائش عواس، تنافس القوى الدولية في المحيط الهندي وتأثيره على اليمن، مرجع سابق.

[11]  د.عبد القادر دندن، استراتيجية الصين في الصراع حول الهندو- باسيفيك، السياسة الدولية السياسة الدولية، العدد 231، يناير 2023، ص58.

[12] المرجع السابق، ص66.

[13]  هل يكون “الشرق الأقصى” ساحة الحرب الباردة الجديدة؟، مرجع سابق.

[14]  اليابان وأمريكا تبحثان توزيع الأدوار في تحالفهما الثنائي بعد حصول طوكيو على قدرات هجومية، بوابة الأهرام، 13 يناير 2023، متاح عبر الرابط التالي:  https://2u.pw/Ccce2H

[15] كيشيدا وبايدن يؤكدان على تقوية الحلف والتعاون بين اليابان وأمريكا، البيان، 14 يناير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/IazDh0

[16]  المرجع السابق.

[17] محمد السماك، صراع الحلفاء: نقطة الضعف الأميركية في الشرق الأقصى، أساس ميديا، 13 أكتوبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/zBBvQk

 [18] في قمة بواشنطن.. أميركا واليابان تتعهدان بمواجهة التمدد الصيني وبكين تندد، الجزيرة، 17 أبريل 2021، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/LedFUT

[19] اليابان وأمريكا تبحثان توزيع الأدوار في تحالفهما الثنائي بعد حصول طوكيو على قدرات هجومية، مرجع سابق.

[20]  د.جهاد عودة، الصراع الدولى فى الشرق الاقصى.. الاحتياج الدولى للهند وخلق المجال الاستراتيجى الهادى الهندى، العرب للأبحاث والدراسات، 27 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/2lDSt

[21]  المرجع السابق.

 [22] المرجع السابق.

[23]  رؤوس نووية تسبح في المياه.. تعرّف على أكثر المحيطات ازدحاما بالغواصات النووية، الجزيرة، 22 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/NW5Q7g

[24]  هل يكون “الشرق الأقصى” ساحة الحرب الباردة الجديدة؟، مرجع سابق.

[25]  د.عبد القادر دندن، استراتيجية الصين في الصراع حول الهندو- باسيفيك، مرجع سابق، ص68.

 [26] انظر التالي:

– عائش عواس، تنافس القوى الدولية في المحيط الهندي وتأثيره على اليمن، مرجع سابق.

– خبراء: هكذا هيمنت الصين على بحر الصين الجنوبي خلال 10 سنوات، الشرق، 12 مارس 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/flRuUw

 [27] زحف صيني نحو الشرق الأقصى الروسي، الخليج، 18 أكتوبر 2013، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/Q8MWHK

[28]  الصين وروسيا.. شراكة ضد «القطب الواحد»، البيان، 31 ديسمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/hXJAU5

[29] الصين تعرقل التوصل لاتفاق حول أوكرانيا في مجموعة العشرين، دي دبليو، 25 فبراير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/PGmQVK

[30]  د.عبد القادر دندن، استراتيجية الصين في الصراع حول الهندو- باسيفيك، مرجع سابق، ص67.

[31] المرجع السابق، ص72.

[32] المرجع السابق، ص70.

[33] الصين وروسيا تناقشان فرص الأعمال ضمن منتدى الشرق الأقصى، البلد، 8 سبتمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/olxRYN

[34]  انظر التالي:

– الصين تعلن رغبتها في مواصلة دعم روسيا بقضايا “السيادة والأمن”، الشرق، 15 يونيو 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/Hm4HTo

– افتتاح جسر عبر الحدود بين روسيا والصين مع سعي البلدين لتعزيز العلاقات، يورونيوز، 10 يونيو 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/D5BiRC

[35] المرجع السابق، ص67.

[36] محمد السماك، صراع الحلفاء: نقطة الضعف الأميركية في الشرق الأقصى، مرجع سابق.

[37] الرقائق الإلكترونية محور حرب بين الصين وأمريكا فما أبعادها؟، بي بي سي، 17 ديسمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/GvsLH7

[38]  بايدن يعمق مصاعب التكنولوجيا الصينية باستهداف سلاسل التوريد لأشباه الموصلات، الجزيرة، 6 أبريل 2021، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/UuRnr5

 [39] تصعيد مقلق.. الولايات المتحدة تقطع الإمدادات عن هواوي والصين ترد، الجزيرة، 17 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/hXMRdi

 [40] بايدن يعمق مصاعب التكنولوجيا الصينية باستهداف سلاسل التوريد لأشباه الموصلات، مرجع سابق.

[41]  الرقائق الإلكترونية محور حرب بين الصين وأمريكا فما أبعادها؟، مرجع سابق.

[42]  هل تستوعب الصين فائض إمدادات الغاز الروسي؟ (تقرير)، وكالة أنباء الأناضول، 18 ديسمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/caB2iM

[43]  الدولار خارج التعاملات: اتفاق للطاقة بين روسيا والصين عبر “طريق الشرق الأقصى”، جمهورية أونلاين، 18 نوفمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/xdMhor

[44]  هل تستوعب الصين فائض إمدادات الغاز الروسي؟، مرجع سابق.

  [45] لمواجهة نفوذ الصين.. إعلان شراكة عسكرية جديدة بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، الجزيرة، 16 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/wyHj99

 [46] أيوب الريمي، شركاء حروب الشرق الأوسط.. هل ينتقل الحلف الأميركي البريطاني لمواجهة العدو في الشرق الأقصى؟، الجزيرة، 10 يونيو 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/XoCGBW

[47] رؤوس نووية تسبح في المياه.. تعرّف على أكثر المحيطات ازدحاما بالغواصات النووية، مرجع سابق.

[48] The AUKUS Nuclear-Powered Submarine Pathway, Australian Government Defence, avilable at: https://2u.pw/XW8kTK

[49] لمواجهة نفوذ الصين.. إعلان شراكة عسكرية جديدة بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، مرجع سابق.

[50]  أيوب الريمي، شركاء حروب الشرق الأوسط، مرجع سابق.

 [51] شبهتها بسقوط جدار برلين.. إيكونوميست: الارتدادات الإستراتيجية لصفقة أوكوس ستكون كبيرة ودائمة، الجزيرة، 20 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/lEbgOe

[52] لمواجهة نفوذ الصين.. إعلان شراكة عسكرية جديدة بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، مرجع سابق.

[53] فايننشال تايمز: اتفاق “أوكوس” يثير أسئلة مربكة ويؤجج التوتر مع الصين، الجزيرة، 18 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/TdJ823

[54]  اتفاق “أوكوس” مع أستراليا.. الصين تعتبره تهديدًا للاستقرار وبلينكن يرحب بدور أوروبي، الجزيرة، 16 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/XOqh6x

[55]  فايننشال تايمز: اتفاق “أوكوس” يثير أسئلة مربكة ويؤجج التوتر مع الصين، مرجع سابق.

[56]  شبهتها بسقوط جدار برلين.. إيكونوميست: الارتدادات الإستراتيجية لصفقة أوكوس ستكون كبيرة ودائمة، مرجع سابق.

[57]  د.جهاد عودة، الصراع الدولى فى الشرق الأقصى: بزوغ أوكس بلس والتحالف الدفاعي الأسترالي الياباني، 23 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/kGcHfb

 [58] المرجع السابق.

ومن أبرز المحطات للتعاون الدفاعي الثنائي الإعلان المشترك بين اليابان وأستراليا لعام 2007 بشأن التعاون الأمني.

[59]  المرجع السابق.

[60] “اتفاق عسكري” بين اليابان وأستراليا لمواجهة “صعود” الصين، الشرق، 22 أكتوبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/O47xJg

  [61] اتفاق “أوكوس” مع أستراليا.. الصين تعتبره تهديدًا للاستقرار وبلينكن يرحب بدور أوروبي، مرجع سابق.

[62]  آمال صبحي خليفه، الصراع في بحر الصين الجنوبي…ومستقبل الهيمنة العالمية، المركز الديمقراطي العربي، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/Nz5g8u

[63] محمد غروي، هل تحسم إندونيسيا “الطويلة النفس” صراع بحر الصين؟، اندبندنت العربية، 11 مارس 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/sk7QCR

[64]  آمال صبحي خليفه، الصراع في بحر الصين الجنوبي، مرجع سابق.

[65]  د.عبد القادر دندن، استراتيجية الصين في الصراع حول الهندو- باسيفيك، مرجع سابق، ص63.

[66]  آمال صبحي خليفه، الصراع في بحر الصين الجنوبي، مرجع سابق.

[67] محمد المنشاوي، حرب باردة صينية أميركية لا يمكن تجنبها، مرجع سابق.

[68]  آمال صبحي خليفه، الصراع في بحر الصين الجنوبي…ومستقبل الهيمنة العالمية، مرجع سابق.

[69]  بكين تعلن إبعاد مدمرة أميركية من بحر الصين الجنوبي، اندبندنت عربية، 13 يوليو 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/IxPQft

[70]  آمال صبحي خليفه، الصراع في بحر الصين الجنوبي…ومستقبل الهيمنة العالمية، مرجع سابق.

[71]  المرجع السابق.

 [72] إميل أمين، بين واشنطن وبكين غيوم تتكثف فوق بحر الصين الجنوبي، اندبندنت عربية، 6 أغسطس 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/P55CRS

[73]  مجموعة “كواد” متخوفة حيال الانتشار العسكري في بحر الصين، اندبندنت عربية، 3 مارس 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/EDQ6A8

[74]  إنجي مجدي، بحر الصين الجنوبي… معركة قديمة عززت احتمالاتها حرب أوكرانيا، اندبندنت عربية، 25 فبراير 2023، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/JDtxTZ

[75]  المرجع السابق.

 [76]محمد غروي هل تحسم إندونيسيا “الطويلة النفس” صراع بحر الصين؟، مرجع سابق.

[77]  للمزيد انظر:

–  د. عابد الزريعي، الصّراعُ الأمريكيّ – الصينيّ في تايوان حساباتُ الربحِ والخسارة، مجلة الهدف الإلكترونية، العدد 42، 23 أكتوبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/eTq9RL

– د. كمال حمّاد تايوان بين الستراتيجيتين الصينيّة والأميركيّة، الموقع الرسمي للجيش اللبناني، يوليو 2000، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/Prg29

[78] U.S. Relations With Taiwan, U.S Department of States, available at:  https://2u.pw/COON51

[79]  د. أحمد قنديل تايوان: تفاقم التوتر بين الصين والولايات المتحدة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 19 أبريل 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/48xeNd

[80] محمد نبيل الغريب، سيناريوهات صراع النفوذ والتصادم الصينى-الأمريكي فى تايوان، موقع مجلة السياسة الدولية، 22 يونيو 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/i3PFBA

[81] د. أحمد قنديل تايوان: تفاقم التوتر بين الصين والولايات المتحدة، مرجع سابق.

[82] نهى عبد الرحمن أبو العينين، قضايا العلاقات الصينية الأمريكية وأثرها على مستقبل النظام الدولي “دراسة فترة دونالد ترامب من 2017- 2021″، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، المجلد الثاني عشر، العدد الثاني، 2021، ص93-94.

[83]  المرجع السابق.

[84]  المرجع السابق.

What is America’s policy of “strategic ambiguity” over Taiwan?, The Economist, 23 May 2022, available at:  https://2u.pw/67TLgs

[85]  الصين تدفع بعدد غير مسبوق من الطائرات الحربية في المجال الجوي لتايوان، دي دبليو، 26 ديسمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/P3Eucl

 [86] مدمّرة أمريكية تعبر مضيق تايوان، البيان، 6 يناير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/Isn1x2

 [87] لماذا تريد الصين ضم تايوان، بي بي سي، 3 يناير 2019، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/vawig

 [88] بسبب رقائق الحاسوب.. تايوان ساحة جديدة للحرب بين الصين والولايات المتحدة، مرجع سابق.

[89]  د. أحمد قنديل تايوان: تفاقم التوتر بين الصين والولايات المتحدة، مرجع سابق.

[90] رغم التوترات التي سببتها زيارة بيلوسي.. وفد من «الكونجرس» يزور تايوان اليوم، المصري اليوم، 14 أغسطس 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/U3clqj

[91] هبوط طائرة نانسي بيلوسي في تايوان وسط تأهب عسكري صيني، سي إن إن، 2 اغسطس 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/Zygpv

[92]  المرجع السابق. ولطالما كانت بيلوسي من الصقور ضد الصين في الكونجرس. لقد التقت سابقًا بمعارضين مؤيدين للديمقراطية والدالاي لاما – الزعيم الروحي للتبت المنفي.

 [93]  في ظل التوتر مع الصين.. وفد من الكونغرس الأميركي في تايوان، العربية، 14 أغسطس 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/1mY9kY

[94]  روسيا: الصين تفضل الأساليب السلمية فى معالجة قضية تايوان، مبتدأ، 3 يناير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/NZAmyl

[95]  محمد فايز فرحات، تكريس حالة اللايقين حول تايوان: الحرب المحتملة القادمة في آسيا، مرجع سابق.

[96]  المرجع السابق.

[97]  رئيس وزراء اليابان: شرق آسيا قد يكون “أوكرانيا التالية”، البيان، 14 يناير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/pY75a1

[98]  د. أحمد قنديل، اتفاقية الاستثمار “التاريخية” بين الصين والاتحاد الأوروبي والتوازنات الدولية، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، 10 يناير 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/hc4jkR

[99]  المرجع السابق.

[100]  بيونغ يانغ تطلق صواريخ بعد تدريبات نووية مشتركة أميركية كورية جنوبية، فرانس 24، 24 فبراير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/0Uk1gb

[101]  براهما تشيلاني، تنافس جيوسياسي على الأمن العالمي، مرجع سابق.

 [102] محمد السماك، صراع الحلفاء، مرجع سابق.

[103]  الصين.. ماذا تعني زيادة الإنفاق الدفاعي بالنسبة للاقتصاد؟، سكاي نيوز عربية، 16 مارس 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/CpW82F

 

فصلية قضايا ونظرات – العدد التاسع والعشرون – أبريل 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى