أزمات الغذاء في أفريقيا: موجات جفاف متكررة

مقدمة:

تتمتع القارة الأفريقية بثروة بشرية هائلة، حيث يُقدر عدد سكانها بحوالي 39٪ من عدد السكان في العالم أجمع[1]، غير أن القارة دومًا ما تعاني تدهور وضع الأمن الغذائي فيها، حيث بلغ عدد المتضررين من أزمة الغذاء الراهنة حوالي 346 مليون شخص وفقًا لأحدث التقديرات الصادرة عن كلٍ من الاتحاد الأفريقي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وتجتاح الأزمة معظم دول القارة حيث تمتد من موريتانيا وبوركينا فاسو في الغرب حتى الصومال وإثيوبيا في الشرق[2].

وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها القارة أزمات الأمن الغذائي، إلا أن الأزمة هذه المرة مدفوعة بعوامل أكثر تعقيدًا كالتغيرات المناخية والأزمات الاقتصادية والحروب العالمية مما يسرع من وتيرتها. وقد أصدر برنامج الأغذية العالمي في مايو 2022 تقريرًا عن “النقاط الساخنة للجوع” وحدد 20 بؤرة ساخنة تحتاج إلى التدخل الإنساني العاجل وإلا فإن الجوع فيها سيتفاقم، وقد حدد التقرير ست بلدان باعتبار مستويات الجوع فيها تدعو إلى أعلى مستوى من القلق ومنها ثلاث دول تقع في القرن الأفريقي هي: إثيوبيا، وجنوب السودان، والصومال[3].

وفيما يلي نتناول أزمة الأمن الغذائي الحالية في القارة الأفريقية، وذلك من خلال المحاور الآتية: واقع الأزمة في مختلف دول القارة، وجذور المشكلة وتبعاتها، وأبرز الخطوات التي تم اتخاذها لمكافحة الأزمة سواء على النطاق الداخلي أو العالمي.

أولًا- واقع الأزمة في مختلف دول القارة:

يُعد العام الحالي عامًا صعبًا على القارة السمراء، حيث سادت كثير من دول القارة حالة عامة من عدم كفاية الغذاء خاصةً مناطق الشرق والغرب والجنوب، وهناك دول تدهورت فيها الأوضاع إلى الدرجة التي تهدد بوقوع كارثة حيث تتجاوز نسبة السكان غير الحاصلين على كفايتهم من الغذاء نصف عدد السكان، وتشمل هذه الدول ما يلي[4]:

الدولة نسبة السكان غير الحاصلين على كفايتهم من الغذاء
النيجر 75.9٪
مالي 59.2٪
جنوب السودان 59.1٪
بوركينا فاسو 54.6٪

الدول الأفريقية الأكثر معاناةً من نقص كمية الغذاء المتاحة وفقا لتقديرات في شهر يوليو  2022

وفيما يلي نستعرض أبرز أوضاع المناطق المختلفة في القارة السمراء:

1- شرق أفريقيا

يُعد الشرق الأفريقي من أكثر المناطق تضررًا من أزمات الغذاء، فقد بلغ عدد العاجزين عن الحصول على كميات كافية من الغذاء حوالي 61.1 مليون شخص يتوزعون بين ست بلدان في الشرق الأفريقي، وذلك وفق تقديرات في يوليو 2022. وتتضافر عدة عوامل تقف وراء هذا الوضع، ومنها: الصراعات، وأحوال الطقس، والأوضاع الاقتصادية المتعلقة بشح النقد الأجنبي، وارتفاع أسعار كل من المواد الغذائية والوقود، والانكماش الاقتصادي. وتعد جنوب السودان البلد الذي يمكن تصنيف أوضاعه بـ “الأزمة” في هذه المنطقة، إذ تبلغ نسبة العاجزين عن الحصول على كميات كافية من الغذاء حوالي 59.1٪ من إجمالي السكان[5]، أما في كلٍ من إثيوبيا وأوغندا ورواندا فالأمن الغذائي أيضًا في خطر لكن الوضع أقل حدة وكارثية مقارنةً بجنوب السودان[6].

2- جنوب أفريقيا

لم يكن جنوب أفريقيا بعيدًا عن الأزمة، فقد بلغ عدد العاجزين عن الحصول على كميات كافية من الغذاء في يوليو 2022 حوالي 19.1 مليون شخص يتوزعون بين أربع دول[7].

تعاني مالاوي أزمة أمن غذائي مدفوعة بالعوامل الطبيعية والظروف الاقتصادية، وأما في موزمبيق فقد تفاوتت مناطق البلاد المختلفة من حيث تأثرها بالأزمة، فبينما يتوافر الغذاء ويصل إلى المناطق الريفية منخفضة الدخل، نجد أن الأجزاء الجنوبية من البلاد والوسطى والشمالية تأثرت بالجفاف والأعاصير المدارية، مما أدى إلى انخفاض متوسط المحاصيل، وبالتالي انخفاض توافر الأغذية الأساسية في معظم الأسواق المحلية وترتفع أسعارها تبعًا لذلك.

تتفاوت المناطق المختلفة في زيمبابوي أيضًا في تأثرها بالأزمة، فهناك مناطق تأخرت زراعة المحاصيل فيها كما أن إنتاج هذه المحاصيل في الحصاد كان أقل من المعتاد، بينما هناك مناطق أخرى تتمتع باحتياطيات إما من الموسم السابق وإما لأن إنتاجها من المحاصيل هذا الموسم جاء فوق المتوسط. كما تعاني زيمبابوي من تأثيرات اضطرابات سلاسل التوريد الغذائي العالمية مما يؤدي لارتفاع أسعار الغذاء[8].

3-غرب أفريقيا

يشهد الغرب الأفريقي أوضاعًا مزرية، فقد بلغ عدد العاجزين عن الحصول على كميات كافية من الغذاء حوالي 107.7 مليون شخص يتوزعون بين سبعة بلدان وذلك وفق تقديرات في يوليو 2022، وتعد بوركينا فاسو ومالي الدولتان الأكثر تأثرًا بالأزمة، حيث بلغت نسبة السكان العاجزين عن الحصول على كميات كافية من الغذاء في مالي 59.2٪ بينما بلغت النسبة في بوركينا فاسو 54.6٪[9].

ومن المتوقع أن يؤدي الجفاف إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مرة أخرى، حتى أن التوقعات تشير إلى أنها ستتخطى متوسط أسعارها خلال الخمس سنوات الماضية، مما يوهن قدرة الأسر الفقيرة على الوصول إلى الغذاء. ففي بوركينا فاسو على سبيل المثال، تؤدي الأحداث العالمية إلى تأخير وصول الأسمدة الزراعية وقلتها مما يؤثر على الإنتاجية الزراعية، كما تعاني أيضًا من الاضطرابات الأمنية في مناطق الريف والتي تحول دون وصول سلاسل الإمدادات الغذائية إلى الأسر الريفية، وبالتالي تصنف أوضاع الأمن الغذائي في هذه المناطق على أنها أزمة أو حالة طارئة[10].

وأما في مالي، فالوضع يُصنف أيضًا على أنه وضع أزمة، حيث انخفض إنتاج الحبوب في البلاد بشكلٍ عام خاصةً في المناطق غير الآمنة، وتراجعت معها تجارة الحبوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب بنسبة 30٪ تقريبًا. بينما في النيجر تعوق الحوادث الأمنية وصول الغذاء للأسر في أقصى الغرب وأقصى جنوب الشرق وجنوب الوسط، وبالتالي فوضع الأمن الغذائي مرشح لمزيد من التدهور، ومن المتوقع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية بنسبة 25-30٪ تقريبًا، وأما المواد الغذائية المستوردة فقد تزيد بنسبة 50٪ أو أكثر. وأما في نيجيريا، فقد تضافرت عوامل استمرار الجفاف وتدهور الأوضاع الاقتصادية ولعل مؤشرات التضخم التي بلغت 16.82٪ في إبريل 2022 خير دليل على ذلك، وبالتالي قل المعروض من المنتجات الغذائية وارتفعت أسعار المواد الغذائية أيضًا، مما قلص من وصول هذه المواد إلى الأسر الفقيرة[11]. وبهذا يتضح أن الأزمة منتشرة عبر دول القارة، وإن كانت حدة الأزمة تختلف من دولة لأخرى بل تتباين داخل الدولة الواحدة من منطقة لأخرى.

ثانيًا- أبعاد الأزمة:

تتعدد أبعاد الأزمة العذائية في أفريقيا، فما بين أسباب مناخية طبيعية تؤثر على وضع الزراعة وإنتاجها مثل المحاصيل المدمرة ونقص المياه مما يتسبب في عطش الأرض الزراعية وبالتالي تموت ملايين الماشية أو تحتضر، وما بين أسباب اقتصادية إما داخلية أو خارجية مثل ارتفاع أسعار الحبوب والغذاء عالميًا، وما بين أسباب تتعلق بفشل الزراعة المعتمدة على الأمطار مما يدفع المزارعين إلى هجر الزراعة والنزوح نحو المدن بحثًا عن سبل بديلة للمعيشة لإعالة أنفسهم وعوائلهم، وفيما يلي نُفصل أبرز هذه الأسباب:

1- الظروف الطبيعية

تعد الظروف الطبيعية أحد أبرز العوامل التي تقف خلف أزمات الأمن الغذائي في أفريقيا، ففي شرق أفريقيا على سبيل المثال يستمر الجفاف مما يؤثر على إنتاجية المحاصيل، وقد شهدت المنطقة ظروفًا مناخية لم تشهدها خلال الأربعين عامًا الماضية[12]، وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية انقطاع الأمطار عن الهطول للعام الخامس على التوالي بسبب الجفاف، مما يفاقم الأزمة في المنطقة[13].

كما اجتاحت الفيضانات المناطق الداخلية من مالي، مما تسبب في انخفاض إنتاج الحبوب إلى حوالي 20٪ عن المستويات المعتادة (وهو ما يعني فقدان 80٪ من الإنتاج المعتاد للحبوب) الأمر الذي يُنذر بكارثة حقيقية.

2- ظروف عالمية (الحرب في أوكرانيا)

تكمن مصيبة الحرب في أنها تحد إمكانية الوصول إلى الفئات المهمشة والضعيفة لتلبية احتياجاتها، وتعد الدول التي تعتمد على كلٍ من روسيا وأوكرانيا في الحصول على القمح لسد احتياجاتها الغذائية الأكثر تضررًا من الأزمات الغذائية، وتشمل هذه الدول عدة دول أفريقية تتفاوت نسب اعتمادها على كل من روسيا وأوكرانيا -باعتبارهما الدولتان المنتجتان لحوالي ربع احتياجات الغذاء العالمية. ومن الدول التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على روسيا وأوكرانيا في توفير غذائها الصومال (التي تعتمد على الدولتين بنسبة 90٪)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (تتجاوز نسبة اعتمادها 80٪)، وكذلك بوركينا فاسو والكاميرون وإثيوبيا ونيجيريا والسودان (تتراوح نسبة اعتمادهم ما بين 20- 45٪) تقريبًا[14].

3- التداخل بين أزمة الأمن الغذائي وجائحة كورونا

من أبرز العوامل التي فاقمت أزمة الأمن الغذائي ارتباطها بأزمة انتشار فيروس كورونا، فالدول الأفريقية تعاني أصلا من تدني الأوضاع الصحية في الظروف المعتادة، وبالتالي فمعاناتها مضاعفة في حالات الطوارئ مثل فيروس كورونا.

أدى انتشار الفيروس إلى اتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي، ولم تكن القارة السمراء بعيدة عن هذه التدابير. وبالتالي أقدمت الحكومات الأفريقية على إغلاق كلٍ من الأسواق والحدود، وقد أدى ذلك إلى عدة نتائج خلفت أثرًا بالغًا على الأمن الغذائي، ومنها:

  • ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، بل تضاعف بعضها في بعض الدول مثل توجو.
  • فقدان شريحة كبرى من السكان لوظائفهم وأعمالهم، حيث تشكل العمالة في القطاع غير الرسمي حوالي 70٪ من إجمالي عمالة القارة، ويعمل كثير من السكان في المنتجات الغذائية إنتاجًا أو معالجةً أو تجارة. وبالتالي يمثل غلق الأسواق والحدود كارثة حقيقية بالنسبة لهم، فنظرًا لعملهم في القطاع غير الرسمي فلا يتمتعون بتأمين اجتماعي ولا صحي مما يضعهم في موقف بالغ الصعوبة، إذ يكون اعتمادهم على أسرهم أو العاملين خارج القارة دون انتظار أي سياسات حكومية توفر لهم قدرًا من الحماية[15].

4- تدهور الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول

تُفاقم الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول معضلة الأمن الغذائي، ففي جنوب السودان على سبيل المثال تدهورت مؤشرات الاقتصاد الكلي وانخفضت قيمة العملة المحلية، ومن ثم بالتزامن مع انخفاض الدخل وزيادة أسعار المواد الغذائية واجهت معظم الأسر ذات الدخل المنخفض صعوبات في الحصول على الغذاء من الأسواق. كما يتكرر الأمر أيضًا في منطقة جنوب أفريقيا؛ حيث تنخفض الاحتياطات الأجنبية وترتقع معدلات التضخم مما يؤدي لارتفاع قيمة السلع الغذائية[16]. ولا تقتصر صعوبة الأوضاع الاقتصادية فقط على مستوى الاستهلاك اليومي، بل تتجاوزه إلى التأثير في إنتاجية الغذاء من الأساس، فقد ارتفعت تكاليف الأسمدة بما يتجاوز قُدرة معظم المزارعين على تحمُّلها؛ ما يهدِّد محصول العام المقبل الذي ستُزرَع فيه نسبة أقل من المحاصيل[17].

5- النزاعات والصراعات 

تسببت النزاعات في فقدان الأصول وتدهور سبل المعيشة مما أدى إلى تقلص القوة الشرائية لغالبية الأسر ذات الدخل المنخفض، ونموذج جنوب السودان خير دليل على ذلك[18]. وفي مناطق أخرى فالنزاع مفتعل، والمجاعات تُستغل كأحد أدوات الحرب، ففي إثيوبيا على سبيل المثال اندلع القتال بين جبهة تحرير شعب تجراي –الحزب الحاكم في هذه المنطقة- والحكومة الفيدرالية بقيادة رئيس الوزراء “أبي أحمد”، وقد عطلت الحرب الخدمات وأوقفت أكبر نظام خصصته الحكومة لمواجهة الطوارئ، كما احتلت القوات التابعة للحكومة أكثر الأجزاء خصوبة في إقليم تجراي، واستعانت الحكومة كذلك بالجيش الإريتري في الإقليم والذي اتُهِم بحرق المحاصيل ومنع المزارعين من حرث أراضيهم، فبالتالي حُرِم شعب التجراي من مزارعهم مما أثر على توافر غذائهم وفرص عملهم كذلك[19].

ونظرا لأن شعب التجراي يتوزع بين ثلاث مناطق: حيث يعيش ثلثهم تقريبًا في مناطق تسيطر عليها الحكومة الإثيوبية، بينما الثلث الثاني يعيش في مناطق يسيطر عليها الجيش الإريتري -حليف الحكومة الإثيوبية- في حين يعيش مليون ونصف في مناطق يسيطر عليها المتمردون التجراي وتعد الحكومة بأنها ستسيطر عليها قريبًا، وبالتالي فالقسمان الأخيران يعيشان في مناطق لا تتعاون مع عمال الوكالات الإنسانية[20].

يعاني إقليم التجراي من أزمات الغذاء، لكن الحكومة تواجه ذلك برفض وصفه بأنه مجاعة والاكتفاء بتصنيفه كحالة طوارئ في محاولة للتعتيم -كما وصفتها “سامانثا باور” مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية-، وقالت بعض وكالات الإغاثة إن الزراعة توقفت في إقليم التجراي إما لأن السكان لا يجدون بذور الزراعة ولا أدواتها وإما لأنهم مهددون من قبل الجنود بالعقاب إذا مارسوا الزراعة[21]. وتُسهم هذه الأسباب مجتمعة (من تغيرات في الطبيعة، وصراعات، وتدهور اقتصادي إلى غير ذلك) في مفاقمة أزمات الأمن الغذائي وتكرارها في أفريقيا.

ثالثًا- تبعات الأزمة:

تتفاقم خطورة أزمة الغذاء في أفريقيا، ومما يفاقم خطورتها التبعات المتعلقة بها، وتتعدد هذه التبعات وتتنوع مجالاتها، ومن هذه التبعات:

1- تبعات صحية (سوء التغذية)

تعد المشكلات الصحية من أبرز التبعات التي تفاقم خطورة المجاعات، حيث يتسبب نقص الغذاء في أمراض سوء التغذية، وينتج سوء التغذية عن تدهور القدرة الشرائية، والعجز عن توفير غذاء صحي ورعاية صحية ملائمة لكل فرد، وتتزايد نسب من يعانون من سوء التغذية في كلٍ من كينيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتُقدر أعداد من يعانون من سوء التغذية بحوالي 10.5 مليون شخص في كلٍ من بوركينا فاسو ومالي والنيجر وموريتانيا[22].

يزيد سوء التغذية من احتماليات الإصابة بالأمراض الخطيرة والوفاة، ويزيد ذلك في حالات الفئات الأشد ضعفًا كالأطفال والنساء الحوامل والمرضى. كما أن المياه غير الصالحة للشرب تؤدي إلى مخاطر عالية، خاصةً وأن بعض الأمراض قد تنتقل من خلال المياه[23].

 2-أزمات ديموجرافية (أزمات النزوح)

تعد أزمات النزوح الأثر الأبرز لأزمات الأمن الغذائي في منطقة وسط أفريقيا وساحلها، فقد تسببت أزمات الأمن الغذائي ووباء كورونا في تدهور الاقتصاد ونزوح أكثر من 7 ملايين شخص، وتشهد بوركينا فاسو الوتيرة الأسرع للنزوح حيث تضاعفت موجات النزوح ثلاثة أضعاف في مايو عام 2022 مقارنةً بالأشهر السابقة عليه في ذات العام[24]، وتتعدى آثار النزوح الجغرافيا إلى الصحة حيث إن معدلات النزوح العالية تُصعب مراقبة الأمراض الوبائية وتعرقل التحصينات الدورية، كما تكثف الضغط على موارد المناطق التي نُزِح إليها، ومن ثم فمع محدودية الموارد وتزايد الضغط عليها قد تتزايد النزاعات حول الموارد[25].

ونظرًا لخطورة هذه التداعيات، فإنها استدعت تحركات على مستوياتٍ مختلفة لمواجهتها، فكان منها تحركات عاجلة لمعالجة أوضاع الطوارئ، وكان بعضها تحركات على المدى الطويل تهدف إلى معالجة الأسباب العميقة لمثل هذه الأزمات، وفيما يلي تفصيل ذلك على المستويين الأفريقي والدولي.

رابعًا- جهود مكافحة الأزمة في الداخل الأفريقي:

بُذِلت بعض الجهود لمكافحة الأزمة، وتنوعت هذه الجهود بين جهود محلية من الدول الأفريقية، وجهود أخرى دولية، لكن السمت الغالب على هذه الأزمة هو ثقل الاعتماد على الفاعلين الدوليين وقلة الاعتماد على الدول ذاتها أو على الفاعلين المحليين، وفيما يلي نتعرض لأبرز هذه الجهود على مستوى الحكومات والمنظمات الأفريقية.

تباينت ردود أفعال الحكومات المختلفة حيال أزمة الأمن الغذائي في دولها، فبينما سارعت بعض الدول والحكومات لحل الأزمة نجد أن حكومات أخرى كانت سببًا في تفاقمها، وفيما يلي نسرد ردود أفعال الحكومات في منطقتي القرن والغرب الأفريقيين باعتبارهما المنطقتين الأصعب في مستوى الأزمة، وذلك كما يلي:

1- الاتحاد الأفريقي

اقتصرت جهود الاتحاد الأفريقي على المساعي الدبلوماسية لمواجهة أزمة الجفاف، وتراوحت خطابات الاتحاد بين الشدة واللين، فبينما اتفق الاتحاد الإفريقي مع الاتحاد الأوروبي أولا على رسالة موحدة شديدة اللهجة بشأن الأمن الغذائي تلقي باللائمة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتحذر من “كارثة” المجاعة[26]، نجد أن رئيس الاتحاد الأفريقي “ماكي سال” والرئيس السنغالي يلتقيا في يونيو 2022 بالرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، لشرح أوضاع الغذاء في أفريقيا وتوضيح تداعيات الحصار على “الحبوب والأسمدة الأوكرانية” وانعكاساته على أفريقيا، وحث كلٌ منهما “بوتين” على رفع الحصار خاصةً في ظل أزمة غذائية عالمية متوقعة، وتحذيرات من مجاعة قد تهدد الدول الفقيرة حول العالم[27].

كما عملت مفوضية الاتحاد الأفريقي في عام 2021 بالتعاون مع وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية (نيباد) للخروج بموقف أفريقي مشترك قبل قمة النظم الغذائية؛ وذلك ليتسق مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. هذا في محاولة لبلورة رؤية حول كيفية تحويل النظم الغذائية في أفريقيا على مدار العقد المقبل. وذلك من خلال برنامج شامل لتنمية الزراعة في أفريقيا، ويشمل الأمر التوسع السريع في الإنتاجية الغذائية والزراعية لتعزيز القدرة على الإنتاج، ودمج محاصيل غذائية معينة في سلسلة القيمة الزراعية الخاصة ببعض دول أفريقيا بما يعمل على تقليل واردات القمح والحبوب، بالإضافة إلى تعزيز التجارة البينية الأفريقية[28].

مما سبق يتضح أن الغالب على جهود الاتحاد الأفريقي أنها جهود دبلوماسية، وعلى الرغم من أن جهود الاتحاد قد تبدو متواضعة بالنسبة لحجم الأزمة إلا أنها تكشف عن أزمة الافتقار إلى الاستقلالية التامة في معالجة التحديات التي تواجه القارة والاعتماد على خارج أفريقيا لا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خاصةً في حالات الطوارئ، كما تكشف عن التراخي في التعامل مع الأزمات المتكررة بين الفينة والأخرى كأزمة المجاعات.

  • جهود الدول والحكومات في القرن الأفريقي

عملت بعض دول القرن الأفريقي على مواجهة الأسباب السطحية أو العميقة للأزمة، ففي الصومال تمكن الصوماليون من انتخاب “شيخ محمود” رئيسًا للبلاد في 15 مايو 2022 ليتولى مواجهات ثلة من التحديات أبرزها الجفاف، وذلك بعد عامٍ كامل من المشاحنات والتوترات. وبذلك أصبح هناك قيادة أوكلت إليها مسؤولية مواجهة الجفاف باعتباره أحد أبرز أسباب أزمة الغذاء والتي تترك تداعياتها على حياة الصوماليين ومستقبل أطفالهم، بل حتى الديموجرافيا فيها وتوزيع السكان بين الحضر والريف[29]. لكن الرئيس لم يكن لديه حل طارئ للأزمة، وأعلن رسميًا دخول بلاده في مجاعة في 30 يوليو 2022، كما أعلن عن وفيات في بلاده بسبب الجوع، ودعا إلى استجابة محلية ودولية سريعة[30].

بعد توليه الرئاسة عين “شيخ محمود” النائب البرلماني “حمزة عبده بري” رئيسًا للوزراء في 15 يونيو 2022[31]، وبعد عدة محاولات توصل “بري” إلى تشكيل مجلس وزاري، وانعقدت أولى جلسات المجلس لمناقشة أزمة الجفاف واتخاذ قرارات حاسمة، ومنها:

  • تنشيط الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث، وهي وكالة قانونية تابعة لوزارة الداخلية.
  • تعيين لجنة وطنية من أعضاء مجلس الوزراء، والعلماء، ورجال الأعمال، ومنظمات المجتمع المدني لمكافحة الجفاف.
  • الموافقة على خارطة طريق لكل اللجان، والهيئات المعنية بالتعامل مع أزمة الجفاف[32].

وأما في إثيوبيا، فقد كانت الدولة والحكومة عاملا لتفاقم الأزمة وليس حلها، إذ شكلت عاملا في تفاقم النزاعات مع شعب التجراي –على نحو ما أُشير- كما دمرت البنية التحتية للمساعدات قبل بدء الحرب، ووضعت العديد من العراقيل البيروقراطية لإعاقة عمل الوكالات الإنسانية، كما اتُهِمت قوات الحكومة الإريترية بسرقة المساعدات الإنسانية التي تقدم إلى شعب التجراي، وأشارت بعض التقديرات المستقلة إلى أن 13٪ فقط من أصل 5.2 مليون شخص يحصلون على المساعدة، ومنعت القوات الإثيوبية أيضًا بعض عمال الإغاثة من الوصول إلى المناطق الريفية واتهمتهم بمساعدة المتمردين، وقد أبلغت الأمم المتحدة عن 129 حالة انتهاك وصول من قبل القوات الإثيوبية والإريترية، بل هناك اتهامات للقوات الإثيوبية بقتل بعض عمال الإغاثة[33].

2- الغرب الأفريقي (منظمة الإيكواس)

لعبت منظمة الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) الدور الأبرز في مواجهة المجاعة في المنطقة، حيث قدمت مساعدات غذائية واقتصادية لبعض دول المنطقة، فمثلا قدمت أكثر من 6500 طن من الإمدادات الغذائية إلى بوركينا فاسو، وقد خصصتها للنازحين داخليًا هربًا من أعمال عنف الحركات المسلحة[34].

وأما في مالي، فقد قررت الإيكواس رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وكانت الإيكواس قد فرضت حظرًا تجاريًا وماليًا على مالي في يناير 2022 بعد أن كشفت حكومتها العسكرية عن مخطط للحكم لمدة خمس سنوات، ذلك على أن تجري مالي انتخابات رئاسية في فبراير 2024، ويسبق الاقتراع استفتاء على الدستور المعدل في مارس 2023 وانتخابات تشريعية في أواخر عام 2023[35]. ويمكن أن يسهم رفع هذا الحظر في تسهيل دخول المواد الغذائية إلى مالي، وبالتالي تنخفض حدة أزمات الغذاء فيها.

خامسًا- جهود مواجهة الأزمة على المستوى الدولي:

تنوعت الجهود الدولية بين جهود بعض الدول خاصةً الولايات المتحدة، وبين جهود المنظمات الدولية، وفيما يلي تفصيل ذلك.

1-جهود الدول

قدمت الولايات المتحدة الأمريكية ممثلةً في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مبلغًا قدره 1.3 مليار دولار كمساعدات للقرن الأفريقي للتغلب على أزمة المجاعة الجماعية والوفيات، وقد تم تقسيم هذه المساعدات ما بين مواد غذائية عينية تم تقديمها للأسر ومواد غذائية عينية أخرى قُدمت بهدف الوقاية من سوء تغذية الأطفال، ودعم للخدمات الصحية وتوفير المياه النظيفة للوقاية من تفشي الأمراض، ودعم للنساء ضد المخاطر المختلفة[36].

وبالنسبة إلى الفاعل الأوروبي، فقد تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 600 مليون يورو لدعم الدول التي تواجه أزمات الغذاء بسبب اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، وتشمل هذه الدول دولا أفريقية وأخرى في منطقة الكاريبي وغيرها، وتنقسم هذه الأموال بين 150 مليون يورو تقدم كمساعدات إنسانية عاجلة، و350 مليون يورو تستهدف تعزيز الإنتاج الغذائي المستدام على المدى الطويل.

كما قام الاتحاد الأوروبي ببعض الجهود السياسية، فقد أدان الاتحاد روسيا وحمّلها مسؤولية تزعزع الأمن الغذائي، وقد وصف منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” في 20 يونيو 2022 الحصار الروسي بأنه “جريمة حرب حقيقية” وحذر من أن موسكو ستتحمل المسؤولية إذا استمرت في وقف الصادرات، كما أن الاتحاد يدعم جهود الأمم المتحدة للتوسط في اتفاق بين أوكرانيا وروسيا وتركيا للتوصل إلى اتفاق بشأن الحبوب ولم يتم إبرام هذا الاتفاق بعد[37].

وعلى الرغم من هذا الدعم المالي والسياسي، إلا أن دور الاتحاد الأوروبي قد يواجه الانتقادات، لأن التنسيقات بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي لم تتضمن أي حديث عن “ممرات التضامن”، وهي عبارة عن ممرات لوجستية يتم إنشاؤها كممرات بديلة للقمح الأوكراني باستخدام وسائل النقل ذات الصلة. فقد كانت هناك اقتراحات لإنشاء ممر عبر بيلاروسيا، أو قبول عرض رئيس الوزراء البلغاري “كيريل بيتكوف” لاستخدام ميناء بحر فارنا البلغاري كطريق بديل. وبينما تُرِك هذا الأمر لمفوضية الاتحاد الأوروبي لإخراجه بحيث يكون آمنًا ومثمرًا لأوكرانيا، نجد أن الاتحاد الأوروبي لم يتخذ أي خطوات جادة في هذا الصدد، وذلك على الرغم من إدراك وزراء المفوضية بضيق الوقت بين أيديهم لحل هذه المعضلة[38].

كما بذلت فرنسا جهودًا في هذا الصدد، فقد اقترح الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” مبادرة الأمن الغذائيFARM، وترتكز هذه المبادرة على ثلاث ركائز، وهي: الشفافية والأسواق المفتوحة والتضامن مع البلدان الضعيفة وتعزيز النظم الزراعية والغذائية[39]، ودعا إلى خطة دولية عاجلة لتجنب “المجاعة” في البلدان المعرضة للخطر -لا سيما في أفريقيا- والإفراج عن مخزونات الحبوب بعد أن شهدت الحرب الروسية في أوكرانيا انخفاضًا حادًا في صادرات الحبوب. ودعا “ماكرون” كذلك إلى “التنسيق بين البلدان المنتجة للحبوب هذا الصيف لرفع عتبات الإنتاج مؤقتًا إن كان ذلك ممكناً”، ووضع استراتيجيات لضمان وصول الغذاء للجميع –خاصةً الفئات الضعيفة- بكمياتٍ كافية وبأسعارٍ معقولة، كما دعا روسيا للسماح بالإنتاج الزراعي للحبوب في أوكرانيا[40].

ويبدو أن الدول الكبرى –بخلاف الولايات المتحدة- لم تضطلع بمهام مباشرة في مكافحة المجاعة في أفريقيا، واكتفت بالجهود الدبلوماسية الفردية أو العمل مع المنظمات الدولية للتعامل مع المشكلة؛ سواء في أمدها القصير العاجل، أو أمدها البعيد الذي يتعامل مع الجذور العميقة للأزمة.

2- المنظمات الدولية

بذلت بعض المنظمات الدولية جهودًا بغرض مكافحة المجاعات في أفريقيا، وتنوعت هذه الجهود بين الجهود غير المباشرة ويُقصد بها الجهود الدبلوماسية أو جهود تقديم مقترحات وخطط عمل لحل الأزمة الغذائية، والجهود المباشرة المتمثلة في تقديم مساعدات غذائية.

– الجهود المباشرة

تتعدد المنظمات الدولية العاملة في مجال مكافحة المجاعات، ومنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي في إحدى مراحل عملها نفذت عمليات في عشر دول أفريقية بالتنسيق مع جهات أخرى لدعم 2.8 مليون شخص.

يعمل البنك الدولي كذلك على مواجهة المجاعات إما بشكل مباشر من خلال تقديم الدعم للمعنيين، أو بشكلٍ غير مباشر من خلال تقديم الدعم لمنظمات أخرى تعمل في ذات النطاق.

ففي غرب أفريقيا على سبيل المثال، يعتمد البنك الدولي استراتيجية تقوم على تفعيل الاستجابة الطارئة والمساعدات الإنسانية لأزمات الغذاء على المدى القصير، ودعم شبكات الأمان الاجتماعي على المدى الطويل، وفي هذين الإطارين قدم دعمًا مقداره 256 مليون دولارًا لبوركينا فاسو و30 مليون دولارًا لتشاد وساهم في حشد 12.5 مليون دولارًا لمالي وكذلك 60.76 مليون دولارًا للنيجر[41].

وأما الأمم المتحدة، فقد خصصت 100 مليون دولارًا من المساعدات من الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ (CERF) لمشاريع الإغاثة في ست دول أفريقية واليمن، وسيُمكن هذا الدعم وكالات الأمم المتحدة وشركاءها من تقديم مساعدات غذائية ونقدية وتغذوية ضرورية بالإضافة إلى المؤن الأخرى، بما في ذلك الخدمات الطبية والمأوى والمياه النظيفة، كما سيتم تصميم المشاريع لمساعدة النساء والفتيات خلال أزمة تعرضهن لمخاطر إضافية[42].

وقد تم تقسيم إجمالي التمويل بين الدول الأفريقية على هذا النحو:

الدولة المبلغ المخصص
السودان 20 مليون دولار
جنوب السودان 15  مليون دولار
نيجيريا 15  مليون دولار
الصومال 14 مليون دولار
إثيوبيا 12 مليون دولار
كينيا 4 ملايين دولار

قائمة بالدول التي شملها تمويل الأمم المتحدة لدعمها في مواجهة المجاعة لعام 2022[43]

– الجهود غير المباشرة (تقديم خطط ومقترحات)

أطلقت بعض المنظمات الدولية جملة من المقترحات لحل أزمات الغذاء في بعض الدول، ففي إثيوبيا -على سبيل المثال- أوصى رئيس “مجلس اللاجئين النرويجي” “جان إيجلاند” بضرورة وقف إطلاق النار في إثيوبيا لمنع المجاعة، ويشمل ذلك وقف الأعمال العدائية، وحماية المدنيين المعرضين لخطر العنف بما في ذلك الاغتصاب، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإن كانت مسألة وقف إطلاق النار غير مرحب بها من الطرفين المتنازعين[44]. وبذلك يتضح أن معظم جهود الدعم –خاصةً المالية- لأفريقيا جاءت من قبل الشركاء الدوليين وليس الفاعلين المحليين.

خاتمة وتوصيات:

    تطرق التقرير إلى إحدى الأزمات الحالية التي تواجه أفريقيا وهي معضلة “الأمن الغذائي”، ولعلها تفاقمت في سياقٍ مأزومٍ بالفعل ومن ثم كان التعامل معها ليس باليسير. ولذا؛ يمكن الإدلاء ببعض المقترحات لتوضيح كيفية التعامل المطلوب مع الأزمة، وتتضمن هذه المقترحات ما يلي:

1- حماية سلاسل الإمداد الغذائي: في حالات الطوارئ، لا بد من حماية سلاسل الإمداد الغذائي واعتبارها خدمات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها مهما حدث، بمعنى إنزالها منزلة الصحة والصيدلة كما حدث خلال جائحة كورونا، فيجب على الحكومات السماح للبضائع الأساسية والشركات والمواد الغذائية المرور باستمرار[45].

2- دعم القطاع الغذائي بشكلٍ غير مباشر من خلال النظر في الحوافز المالية والنقدية: يجب على الحكومات الأفريقية النظر في تحفيز الجهات العاملة في الغذاء، ووضع حوافز لها مثل إلغاء ضريبة القيمة المضافة والرسوم والضرائب الأخرى المفروضة على الأعمال الغذائية لاستمرار سير عملها دون انقطاع، كما يُقترح تقديم قروض ميسرة أو تسهيل ضمانات القروض للجهات العاملة في مجال الغذاء[46].

3- حماية الفئات الأكثر ضعفًا وتضررًا في المجتمع: ويقصد بذلك حماية الفئات التي يجتمع عليها الفقر والعجز والجوع، ومن ثم يجب على الحكومات إعادة النظر في المخصصات النقدية الشهرية لهذه الفئات لتمكينهم من الحصول على الطعام وتغطية باقي احتياجاتهم الأساسية. كما يجب على الحكومات استثمار الدعم الذي تحصل عليه من المؤسسات المالية الدولية لإدراج دعم لهذه الفئات في الميزانية، إضافةً إلى حض الشركات والمؤسسات الخيرية ودعمها للتبرع لبنوك الطعام والمحتاجين[47].

4- دعم العاملين في القطاع الغذائي وحمايتهم: ويتضمن ذلك حماية كافة العاملين في مجال الأغذية والسلسلة الغذائية، واعتبار وظائفهم وظائف أساسية لا يمكن الاستغناء عنها[48].

5- عدم فرض حظر على الصادرات: يجب على الحكومات ألا تلجأ إلى حظر التصدير، لأن ذلك من شأنه تقليل كمية المواد الغذائية المعروضة، وفي ظل استمرار الطلب عليها وعدم مرونتها اقتصاديًا (Non- Elastic Products) فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى رفع أسعار الغذاء عالميًا[49].

6- يتوجب على الدول إعادة النظر في علاقاتها الخارجية ودوائر الانتماء، وتفعيل هذه الدوائر في حل أزماتها: فمثلا الصومال كانت دائرة انتمائها للعالم العربي والإسلامي قوية، وبالتالي كان جمع التبرعات من دول هذين العالمين يسيرًا على الشعوب، بينما حاليًا الانتماء لا يزال قائمًا لكن تفعيله ضعيف جدًا.

7- يجب النظر في حلول متنوعة على الآماد المختلفة: ذلك بحيث تستهدف توصيل الأغذية والمساعدات في حالات الطوارئ على المدى القصير، هذا فضلا عن العمل على حل الأسباب الهيكلية للأزمات على المدى الطويل، مثل: وضع استراتيجيات لمكافحة الفقر باعتباره السبب الرئيسي للعجز عن مواجهة الأزمات، وتوفير شبكات الأمان الاجتماعي، وصياغة رؤية استراتيجية للعلاقات الدولية لتأمين ممرات غذاء وبدائل مختلفة حتى في حالات الحروب، والعمل على دعم تكنولوجيا توفر حلولا للزراعة وتعظم عوائدها، والعمل على تقوية أسس الدولة ومنع هشاشتها وصياغة عقد اجتماعي يحقق توافقًا بين الشركاء ويحول دون اتخاذ النزاعات كسبيل أول للحصول على مكتسبات سياسية.

8- وضع هدف استقلالية إنتاج الغذاء كأحد أهم الأهداف التي يتوجب العمل عليها: وذلك لتفادي آثار التغيرات على الصعيد العالمي سواء الاقتصادية أو العسكرية أو غيرها، تلك الاستقلالية في حال تحققت من شأنها الإسهام في خفض الكلفة الاقتصادية للحصول على الغذاء.

9- العمل على نشر ثقافة “التراحم” في التفاعلات السياسية عمومًا، وفي أوقات النزاعات وحالات الطوارئ خصوصًا: هذا بما تتضمنه تلك الثقافة من رحمة الصغار والمرضى والضعفاء والشيوخ، وأحد صور الرحمة عدم الحيلولة بين الطعام وبين محتاجيه.

__________________

الهوامش

[1] Laté Lawson-Lartego, Marc J. Cohen, 10 recommendations for African governments to ensure food security for poor and vulnerable populations during COVID-19, Food Secur, Vol., 12, No., 4, 12 July 2020, accessed at 5th September 2022, available at: https://cutt.us/XXItv

[2] Nothing to eat: Food crisis is soaring across Africa, International Committee of the Red Cross, 30 May 2022, Accessed at: 1st September 2022, available at: https://cutt.us/CVMu2

[3] Horn of Africa Hunger crisis, the Center for Disaster Philanthropy, 6th September 2022, accessed on 9th September 2022, available at: https://cutt.us/KMgIu

[4] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Alliance for a Green Revolution in Africa, Edition 27, July 2022, p.10, available at : https://cutt.us/Qlc9U

[5] Ibid.

[6] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Alliance for a Green Revolution in Africa, Edition 25, May 2022, p.7, available at:  https://cutt.us/uAQvp

[7] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Edition 27, Op.Cit, p.10.

[8] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Edition 25, Op.Cit, p.7.

[9] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Edition 27, Op. CIT, p.10.

[10] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Edition 25, Op.Cit, p.7.

[11] Ibid

[12] Ibid, p.17.

[13] Horn of Africa Hunger crisis, the Center for Disaster Philanthropy, 6th September 2022, accessed at 9th September 2022, available at: https://cutt.us/a0yAK

[14] Nothing to eat: Food crisis is soaring across Africa, Op.tc.

[15] Laté Lawson-Lartego, Marc J. Cohen, Op.Cit.

[16] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Op.Cit.

[17] من شبح المجاعات إلى اعتماد البتكوين.. أبرز تحديات تواجه شرق أفريقيا، ساسة بوست، 14 مايو 2022م، تاريخ الاطلاع: 10 سبتمبر 2022م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/IgQSQ

[18] Food Security Monitor: Africa Food Trade and Resilience Initiative, Op.tc

[19] Alex de Waal, Ethiopia’s Tigray crisis: Tragedy of the man-made famine, BBC News, 11 June 2021, accessed at 10th September 2022, available at: https://cutt.us/kn26Q

[20]  Ibid

[21] Ibid.

[22] Nothing to eat: Food crisis is soaring across Africa, Op.tc.

[23] Regional Emergency Response Appeal for the greater horn of Africa, WHO, July 2022, available at: https://cutt.us/m9nw9

[24] Nothing to eat: Food crisis is soaring across Africa, Op.tc.

[25] Regional Emergency Response Appeal for the greater horn of Africa, Op.Cit.

[26] Natasha Foote, African Union and EU agree united stance on food security amid famine warnings, EURACTIV, 31 May 2022, accessed at: 21st September 2022, available at: https://cutt.us/63F8z

[27] الاتحاد الأفريقي يوجّه نداءً لـ “بوتين” بعد تحذيرات من المجاعة، The Levant، 3 يونيو 2022م، تاريخ الاطلاع 10 سبتمبر 2022م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/KQnJ4

[28] غادة البياع، اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية وانعكاساتها على الاقتصادات االإفريقية، مجلة متابعات إفريقية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات، العدد (29)، أغسطس 2022م، ص 37، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/YIQuq

[29] أميرة محمد عبدالحليم، انتخاب شيخ محمود .. مرحلة جديدة من مواجهة التحديات في الصومال، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 18 مايو 2022م، تاريخ الاطلاع 9 سبتمبر 2022م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/hcqHw

[30] رئيس الصومال يعلن رسمياً دخول بلاده في مجاعة، VDL News، 30 يوليو 2022م، تاريخ الاطلاع 9 سبتمبر 2022م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/rg3zs

[31] حفريات، الصومال: تعيين ريس وزراء جديد.. تعرف عليه، 16 يونيو 2022م، تاريخ الاطلاع 9 سبتمبر 2022م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/aK8uA

[32] معاوية فارح، مواجهة الجفاف محور أول اجتماع رسمي للحكومة الصومالية، العين الإخبارية، 17 أغسطس 2022م، تاريخ الاطلاع 9 سبتمبر 2022م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/1O0tl

[33] Alex de Waal, Ethiopia’s Tigray crisis: Tragedy of the man-made famine, Op.Cit.

[34] Camille Pauvarel, Burkina Faso receives over 6,500 tons of food supplies from the ECOWAS, 18 June 2022, accessed on 10 September 2022, available at: https://cutt.us/F3IWr

[35] Ecowas lifts Mali sanctions, agrees on Burkina transition, Africa News, 4th July 2022, accessed at: 10 September 2022, available at: https://cutt.us/icpXT

[36] The United States Provides Nearly $1.3 Billion in Surge of Humanitarian and Development Assistance to the Horn of Africa, USAID, 18th July 2022, Accessed at: 10th September 2022, available at: https://cutt.us/gJivG

[37] EU pledges $630m to Africa, Caribbean and others for food crisis, Al Jazeera, 21 June 2022, Accessed at 21st September 2022, available at: https://cutt.us/JPeLD

[38]Natasha Foote, African Union and EU agree united stance on food security amid famine warnings, Op.Cit.

[39] We must support those most vulnerable and attack the causes of food insecurity, Mission Permanente de la France Auprès des Nations Unies À New York, 18 July 2022, accessed at: 21st September 2022, available at: https://cutt.us/uiFwU

[40]  France urges food security crisis plan to avoid famine stoked by Ukraine war, RFI, 25 March 2022, accessed at 21st September 2022, available at: https://cutt.us/ahD2y

[41] Responding to the Food Crisis in the Sahel by Addressing the Food Emergencies and Structural Challenges of the West African food system, The World Bank, 10 May 2022, accessed  at: 10th September 2022, available at : https://cutt.us/k4nnf

[42] UN allocates $100 million to fight hunger in Africa and the Middle East, OCHA, 14th April 2022, accessed at: 10th September 2022, available at : https://cutt.us/Zx2Ym

[43] المرجع السابق.

[44] Alex de Waal, Ethiopia’s Tigray crisis: Tragedy of the man-made famine, Op.Cit.

[45] Laté Lawson-Lartego, Marc J. Cohen,  Op.Cit.

[46] Ibid.

[47] Ibid.

[48] Ibid.

[49] Ibid

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى