عن الخوف الذي (لا) يوحدنا! كورونا والمجتمعات الافتراضية والحداثة

البداية

منذ بدأت أزمة كورونا بالانتشار أواخر العام الماضي([1])، بدا واضحا أن المجتمعات الافتراضية ستكون في قلب تلك الأزمة، فقد كانت منصات التواصل الاجتماعي منابر أساسية للتعبير عن المخاوف الجماعية المتعلقة بانتشار الجائحة. وكانت حالة الهلع مما ستؤول إليه الأمور محفزة للعديد من النقاشات في الواقع الافتراضي. يطرح ما سبق العديد من التساؤلات حول العلاقة بين العالمين الواقعي والافتراضي، ودور كل منهما إزاء محاولات الأفراد تحقيق أمنهم الشخصي والجماعي، والسياقات التي نشأ فيها الافتراضي والتي عكست جانبا من هذه المحاولات، والكيفية التي تحول من خلالها الافتراضي، وخصوصا في ظل الجائحة، من بديل محتمل إلى خيار ضروري.

هذه التساؤلات وغيرها سيتم التطرق لها في هذه الورقة من خلال تتبع العلاقة بين الواقعي والافتراضي عبر محطات سريعة تعرض في قسمها الأول (1-5) للتطور التاريخي لفكرة المجتمعات الافتراضية، في تقاطعها مع أفكار الحداثة والسلطة والثقافة المضادة والتقانة الرقمية، ثم تعرض في قسمها الثاني (6-10) للطريقة التي تفاعلت من خلالها الظاهرة الافتراضية مع جائحة كورونا، والكيفية التي ظهرت من خلالها كبديل للمجتمعات الواقعية المتعثرة، وانتهاء باستعراض صعوبات التغلب على الخوف وتحقيق الأمن من خلال الطريقة التي ترادف الأخير بمفهوم البقاء، وهي الطريقة التي يبدو أنها مازالت تسيطر على اتجاهات الوعي سواء في المجتمعات الواقعية أو الافتراضية.

  • الحداثة

تتعدد تعريفات الحداثة ولكنها تتعلق بشكل أو بآخر بالرغبة في تعظيم القدرة على التحكم العقلاني في الواقع المادي بهدف التحرر من الضعف الإنساني. كان المشروع الحداثي قد قطع على نفسه وعودا كثيرة، من أبرزها الوعد باستئصال الخوف وإخضاعه لإرادة وإدارة عقلانيتين. فالجماعة التي ترهب الفرد وتمارس سيطرتها عليه سيواجهها بالفردية، والدين الذي يخوفه من عواقب أفعاله سيتم مواجهته بالعلمانية، أما ضربات الطبيعة والمرض والموت فسيتم مواجهتها بالعلم. وكانت أبرز أدوات المشروع الحداثي في ذلك هي التقانة والنظم القانونية والمؤسسات العقلانية، وفي مقدمتها الدولة الحديثة([2]).

ولكن في غمار مواجهتها لهذه المخاوف تسببت الحداثة في مفاقمتها بمعنى من المعاني. فهي من ناحية أفقدت الإنسان القدرة على المقاومة عندما جردته من كافة شبكات التضامن الجماعي التي كانت في الماضي تمده بوسائل الضبط الفعالة أو بالمهارات اللازمة لمواجهة المخاوف والمخاطر([3]). ومن ناحية أخرى ساهمت عمليا في مفاقمة الخوف من الفقر والجوع والمرض.. إلخ، من خلال انتهاجها منهجا غير متوازن في مواجهة هذه المشكلات، فالانحياز لصالح الرأسمالية والتصنيع والتقانة الحديثة أدى في كثير من الأحيان إلى تهميش المضمون الأخلاقي، وتدمير البيئة، وانتشار الفقر، واستغلال النساء والأطفال، وعدم المبالاة بالتفكك الاجتماعي. كما امتدت يد الإنسان الحداثي للعبث في الطبيعة، واقترب أو تخطى الحدود التي تفصل عالمه عن الحياة البرية، وقام بالعبث غير المسؤول بالفيروسات والجراثيم، لتوفير أسلحة بيولوجية يدمر بها أقرانه من البشر([4]).

كل ما سبق، وغيره الكثير، أفرز إنسانا قلقا، مغتربا، متشظيا، يحيا بنفسه ولنفسه، ويستغني أو يتظاهر بالاستغناء عن الآخرين، الذين صاروا بالنسبة له جحيما، يتعين تحاشيهم وتجنبهم، كما يتعين عدم الانشغال بمصائرهم. بعبارة أخرى تراجع نموذج “الإنسان” من حيث هو ذات اجتماعية لها إرادة أخلاقية مسئولة، واسُتبقي نموذج “الفرد” الذي يمكن التحكم فيه وتوجيهه باتجاه المصلحة والنفع العام، عبر قولبته وتشكيله وصناعة إدراكه ووعيه.

  • الرفض

فشل الحداثة في تحقيق وعودها بالأمن الكامل ثم إسهامها في مضاعفة إحساس الفرد بالعزلة والخوف، دفع البعض باتجاه التفكير في تكوين مجتمعات بديلة للمجتمعات الحداثية (بعد حداثية)، وكان من أشهر من نحا هذا المنحى، الحركات الاجتماعية التي أطلقت شرارة مظاهرات الطلبة في الستينيات من القرن الفائت، والتي عبرت عن اتجاه ناقم على المجتمع الحداثي وقيمه ونظمه ومؤسساته، وذلك في إطار من ثقافة الرفض أو الثقافة المضادة counterculture التي اعتبرت أن الحداثة هي مجرد مشروع للاضطهاد المنظم، أكثر منها إطارا لحل مشكلات الواقع([5]).

ولدت “الثقافة المضادة” كحركة معارضة، في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وامتدت منهما إلى أرجاء العالم، على شكل موجات من الاحتجاجات المناهضة للعسكرة والأبوية وكافة أشكال السلطة([6]). وكانت هذه الحركات تتكون بشكل رئيسي من شباب الطبقة الوسطى ممن رفعوا شعارات تطالب بعالم تسوده الأخوة والمساواة والحرية، وتنبذ قيم الاستلاب والاستهلاك وسياسات الحرب والإفقار والخوف. وقاد هؤلاء تمردا على المؤسسات التي غذت قرارات الحرب، وعلى القيم المجتمعية الكامنة خلفها، والتي نظروا إليها على أنها قيم فاسدة ورجعية، معترضين لكون صوتهم لا يسمع في إطار هذه المؤسسات، ولكون أدوارهم فيها لا تتناسب مع طموحاتهم، ولكونهم لا يملكون وسائل للتأثير في عمليات صنع واتخاذ القرار التي تمس مصائرهم ومصائر الكثيرين عبر العالم. كل هذا جعلهم يتوقون إلى عالم جديد ومجتمعات بديلة يشعرون فيها بالتمكين المرادف لعدم الاستبعاد أو الخضوع لسلطة أعلى([7]).

وقد دعا هؤلاء إلى تبني تكوينات جماعية تعكس شكل المجتمع الحر الذي يرغبون في تحقيقه. فبدلاً من المجتمعات الهرمية، التي تنحرف دائما نحو الاستبداد والأبوية، دعا هؤلاء إلى بناء كوميونات، communes لا يكون فيها ثمة مجال لممارسة السلطة، وإنما فقط تفاعل مباشر بين أنداد. فمن وجهة نظرهم إذا عاش البشر وفقًا للنظام الطبيعي، فسيحدث للمجتمع نفس الشيء الذي حدث للطبيعة؛ أي سيتوازن([8]).

وقد أخذ احتجاج أنصار الثقافة المضادة على التقاليد والمؤسسات والقيم المجتمعية شكلاً صارخا تمثل في الملابس الغريبة، الجنوح الجنسي، الموسيقى الصاخبة، العقاقير المخدرة، والسلوكيات الشاذة. وكان الهدف من كل ما سبق إصابة المجتمع بنوع من الصدمة في كل ما استقر عليه، فكل ما يمثل نوعا من العادة أو التقليد، وكل ما يمثل السلطة الأبوية؛ (الحكومة، المؤسسة الدينية، الأسرة) أصبح في مرمى نيران أنصار ثقافة الرفض بوصفه تعبيرا عن أبنية اجتماعية تحمل بداخلها معنى السيطرة والتحكم في الآخرين.

 

  • التقانة

في البداية مثلت التقانة بالنسبة لأنصار الثقافة المضادة مرادفا لكل القيم السلبية التي يعادونها مثل البيروقراطية، المركزية، الهندسة الاجتماعية، الرشادة القسرية. ولهذا تعرضت التقانة بشكل عام وتقانة الحوسبة بشكل خاص لهجومهم وانتقادهم. وفي هذا الصدد أكد لويس مامفورد في كتابه “أسطورة الآلة” أن الحاسوب الرقمي ما أنشئ إلا لتحجيم الحرية الإنسانية، وندد بالتقانيين الذين يعكفون على صنع هذه الآلات الخارقة التي تقيد من حرية الفرد([9]).

ولكن خلال عقد واحد تغيرت نظرة المحتجين لهذا النوع من التقانة، وتحول موقفهم من الحوسبة من الرفض بوصفها أداة للسيطرة والتحكم، إلى الإعجاب بوصفها رمزا للتعبير عن التحرر الفردي([10]). وظهرت قناعة بأن التقانة الجديدة يمكن أن تؤدي إلى عالم أفضل، وأن التقدم التقاني ضروري لتحويل المبادئ التحررية إلى حقائق اجتماعية، وأن تلاقي منتجات التقانة مثل الحوسبة والاتصالات السلكية واللاسلكية مع وسائل التواصل والإعلام مع الإنسان الفرد هو السبيل لتحقيق يوتوبيا رقمية يصبح بمقدور الجميع فيها التعبير عن آرائهم دون خوف، وبلوغ مجتمع بديل للمجتمع الهرمي التقليدي، يتساوى جميع أفراده ويتخلصون من البيروقراطية ومن الشعور بالاغتراب)[11](.

وقد مثلت التقانة بالنسبة لهذا التيار موردا لم يتم احتكاره ككل شيء آخر، ولم يتم السيطرة عليه مركزيا، فهو بطبيعته مورد حر، ومن ثم يمكن للأفراد المهمشين، والذين لا يملكون شيئا في إطار المجتمع التقليدي، الذي استنفدت جميع موارده، أو سبقهم إليها ذوو النفوذ، أن يعلنوا سيادتهم عليه، كما يمكن أن يكون أداة من أدوات التغلب على الخوف. وفي إطار هذا التصور ولد مصطلح الـ ecotechnics، والذي يصير الفرد بموجبه جزءا من نظام أفقي system، وليس جزءا من تراتبية Hierarchy هرمية([12]).

وقد أصبح التيار الذي يتبني الحل التقاني كوسيلة للتحرر تيارا غالبا بين أنصار ثقافة الرفض، وقد اعتبر هؤلاء أن تغيير الوعي من خلال الإمكانات التقانية مدخل مناسب للتغيير الاجتماعي، فإذا كانت ثقافة الحداثة السائدة عالميا هي ثقافة الصراع، فإن ثقافة عالمهم البديل ستكون ثقافة الوئام. وإذا نشرت الدول أنظمة التسلح الضخمة من أجل تدمير الشعوب، فسيقوم هؤلاء بتبني التقانات لجمع الناس مع بعضهم البعض والسماح لهم بممارسة إنسانيتهم ​​المشتركة. وأخيرًا، إذا اشترطت البيروقراطيات الرسمية أن يصبح الأفراد معزولين ومنقسمين، فإن تجربة العمل الجماعي المستفيدة من التقانة سوف تسمح لهم بأن يصبحوا جزءا من مجتمع واحد مرة أخرى([13]).

تحول رهان أنصار الثقافة المضادة إذن إلى التقانة، وتحديدا إلى تقانة الحوسبة، التي مثلت شبكاتها لاحقا وسيلة لاتصال أعضاء الكوميونات ببعضهم البعض، ووصلهم بالعالم في ذات الوقت، الأمر الذي ساعدهم على توفير سبل العيش المشترك فيما بينهم، من دون الخضوع للأشكال السياسية التقليدية برقابتها الشديدة على أفعال الأفراد. وهكذا مثلت التقانة بالنسبة لأنصار الثقافة المضادة مصدرا لنوع جديد من السلوك والتفكير، بل ولنوع معين من الأخلاقيات..

  • الـافتراضي

بعد تطور تقانات الاتصالات والمعلومات (ICT)،([14]) وظهور الانترنت، أصبح الطريق ممهدا أمام أصحاب الأفكار المتشابهة للعثور على بعضهم البعض، والقفز على قيود المجتمع المادي، وتخطي الحواجز التي تضعها الأنظمة السياسية والنظم القانونية والترتيبات المؤسسية، فيما مثل نواة لما عرف لاحقا باسم المجتمعات الافتراضية([15])، المجتمعات الافتراضية، بهذا المعنى، هي امتداد موضوعي لثقافة الرفض من حيث هي احتجاج على المنظومة الحداثية، التي ثبت بتراكم حالات الشذوذ أنها لم تنجح في القضاء على الخوف، ونجحت فقط في تكبيل الأفراد بالقواعد والنظم العقلانية التي منعت حركتهم، وقيدت إبداعهم، وخوفتهم من كل عمل يقع خارج المنظومة القانونية والمؤسسية للدولة الحديثة. ولهذا سعت هذه المجتمعات للانعتاق من القيود والتحرر من الخوف من خلال البحث عن المشابهين، والاحتماء بهم، والتضامن معهم، في محاولة لتحقيق نوع من الاستقرار الداخلي من دون الحاجة إلى قرارات مركزية أو سلطة هرمية([16]).

ولم يقتصر سعي الحركات الاجتماعية الافتراضية على محاولة الاستقلال عن فضاءات السلطة، وإنما حاولت في أحيان أخرى مقاومتها وتحدى قواعدها، فعندما ولدت فكرة المجتمعات الافتراضية لدى أنصار ثقافة الرفض كانت تسعى لتحقيق تغييرات اجتماعية/سياسية، تضمنت تغيير علاقات القوة بين مكونات المجتمع وأجهزة السلطة ([17]).

  • السلطة

مثلت “السلطة/الدولة” الفاعل الأساسي في إطار منظومة الحداثة، والتجلي الفعلي لمقولاتها عن الرشادة والمؤسسية والتنظيم القانوني، وقد حملت في طياتها نفس الحذر الحداثي من كل ما هو خارج منظومة الضبط والتحكم، أي من كل ما لا يمكن مراقبته وتوجيهه وحمله على القبول بالإرادة الرسمية.

من هنا نشأت كراهية متبادلة بين الرسمي من جهة والافتراضي من جهة أخرى، وكان أحد دواعي هذه الكراهية أن الافتراضي يطرح مجالا عاما بديلا لذلك الذي تسمح به السلطة، يقع خارج حدود قدرتها على التأثير، فحتى لو كانت التفاعلات الافتراضية تقع أو تتم داخل حدود منظومة الرسمي، فإنها تمثل بمعنى من المعاني ظاهرة خارجة عن قدرة منظومة التحكم على الضبط والمراقبة الكاملة.

من ناحية أخرى كان الافتراضي يلعب دوما دور المنصة الجاهزة لنقد الرسمي وتوجيه الاتهامات له والتشكيك في قراراته وقدراته وإنجازاته، اتساقا مع كونه امتدادا لثقافة الرفض التي لم تكفر فقط بالرسمي، وإنما اتهمته بأنه مسؤول بشكل أو بآخر عن المآسي التي لحقت بالمجتمع بفعل قراراته السياسية والعسكرية. هذه الاعتبارات هيأت الرسمي لمعاملة المجتمع الافتراضي كعدو. ولم يقتصر التوجس الرسمي على القراصنة الرقميين، والمتسللين، ومسربي المعلومات فقط، وإنما امتد ليطال الناشطين الرقميين، والمؤثرين، وصناع المحتوى أيا ما كانت طبيعة ما يقدمونه.

بهذه الحيثيات صار الافتراضي هدفا مستمرا لمحاولات التقنين، والتنظيم، والتحكم، وبدأت محاولات دؤوبة لقولبته في الأطر التي تعمل على وفقها منصات الإعلام التقليدية، فاعتبر صناع المحتوى مثلهم مثل الصحفيين، واعتبرت صفحات التواصل الاجتماعي مثل صفحات الجرائد. ورغم ذلك، يظل الافتراضي بمثابة مشكلة مستمرة للرسمي، لأن محتواه يقبل دائما إعادة التشكيل، على نحو يتخطى المحاصرة القانونية، ويخلق لنفسه مساحات جديدة من التأثير.

  • الجائحة

مثلت الجائحة تحديا مزدوجا لكل من المشروع الحداثي، بوصفها خللا في منظومة الضبط والتحكم والتوقع، وكذا للمجتمع الافتراضي الذي اعتاد أن يكون له عالمه الخاص وأهدافه المغايرة للمجتمع الواقعي والرسمي، فإذا به بفعل الجائحة يصبح مقصدا للجميع، حتى أولئك الذين اعتادوا مهاجمته، أو لم يؤمنوا بأنه يصلح بديلا للواقع. وقد لجأ الكثيرون إلى الافتراضي لأنهم فقدوا تقنيات الجماعة والترابط، ولأن تقنيات الحداثة لم تغن عنهم شيئا في مواجهة الجائحة، ففي مقابل العزلة الحداثية، التي عمقتها سياسات التباعد الاجتماعي، وفر العالم الافتراضي الفرصة لتقارب اجتماعي من خلال وسيطٍ شبكيّ، صحيح أنه تقارب بين أشخاص لا يعرف بعضهم بعضاً غالبا، ولكن في إطار الجوائح تصبح الرغبة في الحصول على الدعم أقوى من القلق النابع من التواصل مع مجهولين.

انعكس ذلك على صورة نشاط استثنائي للمجتمعات الافتراضية، تحولت بموجبه إلى ملاذ آمن. فبحكم طول المدّة الزمنيّة للحجْر الصحّي، وما نَجم عنه من تباعُدٍ اجتماعيّ، تحوَّل الافتراضي إلى واقع اضطراري، وبيئة موازية وليس مجرد بيئة بديلة للمُجتمعات المادية. وبعد أن كان الانخراطُ في الافتراضي قبل زمن الجائحة اختياراً، تُمليه إمّا ضرورة العمل أو الرغبة في التجريب، فإنّه مع الوضعيّة الاجتماعيّة المُستجدّة تحوَّل إلى ضروري، وإلزامي، بحيث لم يعد للأفراد رفاهية المفاضلة بينه وبين غيره([18]).

وقد خفف التواصل الافتراضي بالفعل من صعوبة العزلة الفردية. وأصبحت الكثير من الحلول التقانية التي كانت في السابق عرضة للانتقاد الشديد، ملجأ يشعر فيه الأفراد بالأمان([19]). وفي هذه الأثناء حدثت فورة محمومة من تبادل المعلومات عبر الافتراضي، حتى اضحى استهلاك المعلومات طقسا يوميا، سواء للحصول على اليقين المفقود، أو حتى لتعزيز القلق والتوتر، فالأمر الثابت تمثل في سعي الجميع للحصول على حصة معلوماتية، تقرّب الفرد مما يشبهه، وتؤكد له أن هناك آخرون يشاركونه قلقه وخوفه وأمله.

وبتحول الافتراضي إلى بديل ضروري للواقعي، انتقلت إليه نفس التركيبة البشرية والتوزيعة السلوكية الموجودة في الواقع، فالمقتنعين بنظريات المؤامرة، والمشددين على أهمية التثبت من المعلومة، والهاربين من الحقيقة، والساخرين من كل ما يجري حولهم، ومن الجائحة نفسها بطبيعة الحال، كل هؤلاء انعكسوا على الافتراضي، حتى اصطبغ بصبغتهم وعكس خصائصهم. أما أغرب النتائج التي ترتبت على الجائحة فتمثلت في أن “الرسمي” نفسه أصبح طرفا في المجتمع الافتراضي ولاعبا أساسيا من لاعبيه. فأصبحت هناك صفحات للحكومات والمسئولين، وبدأ السياسيّون في ممارسة عملية إدارة الدولة ومؤسّساتها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، كما بدأ الإعلاميون تقديم موادّهم الإعلاميّة عبر منصات طالما حذروا من الالتفاف حولها أو الثقة في محتواها، وبدأ التواصل الرسمي مع المُواطنين يأخذ شكلاً نظاميا عبر المواقع التي كانت توصف من قبل بأنها أدوات لحروب الجيل الرابع أو الخامس. حتى أضحى الافتراضي بموجب الجائحة بيئة طبيعية للرسميين وليس فقط للرافضين أو الهاربين من الواقع المادي([20]).

صحيح أن الحضور الرسمي على المنصات الافتراضية سبق الجائحة إلا أنه تأكد بعدها، وكان الحضور الرسمي الأبرز في مجال العالم الافتراضي، هو الحضور الرسمي للمؤسسات التعليمية، فبعد الإغلاق الكامل أو الجزئيّ للعديد من المدارس والجامعات، وَجدت مُعظم الدول نفسها مُجبَرة على التعامُل مع البديل التقاني في التعليم من أجل إنقاذ برامجها الدراسيّة، باعتماد أشكال التعليم عن بُعد. وقد كان تواضع أو افتقاد البنية التقانية التي تسمح بتطبيق هذه الأشكال التعليمية في العديد من الدول، عنصر ضغط على هذه الدول من أجل مواجهة الجائحة من خلال منصّاتٍ تعليميّة مجّانيّة، أو باستخدام تطبيقات تسمح بمُشارَكة المعلومات بين أفرادٍ عدّة، أو، وهو الأهم في حالتنا، من خلال اللّجوء إلى مَواقِع التواصل الاجتماعيّ والواقع الافتراضي([21]).

  • التعثر

أظهر الرسمي حالة من التعثر في مواجهة الجائحة، على تفاوت في الدرجة – وليس المضمون – بين أنظمة الدول المتقدمة وأنظمة الدول النامية، حيث تبين ألا حلول جاهزة، وأن ثمة مفاجآت يمكن أن تخرج عن ميكانزمات عمل المنظومات الرسمية، وعن قدرتها على الرد المباشر، فلا توجد بروتوكولات للتعامل مع المرض، ولا سياسات اجتماعية بحجم التحدي المفاجئ، وكشفت الجائحة عن ثغرات في الأنظمة الصحية لمعظم الدول، وبدأت العديد من الأنظمة في تبني السردية الأخلاقية للتغطية على عجزها البنيوي([22]). كما أصبح واضحا أن سياسات الحظر تعكس تخبطاً واضحاً، فمن حيث أريد تنظيم التباعد الاجتماعي، تكثفت حالات الاختلاط في الفترات التي سمح فيها باستئناف التفاعل، على نحو خرج بالتباعد في كثير من الأحيان عن معناه أو مقصوده.

من ناحية أخرى أجبرت الجائحة كثيرا من الأنظمة الحداثية على التنصل من مقولات ومفاهيم طالما ألحت عليها، مثل مفهوم الحقوق الأساسية، الذي أشاعه عصر التنوير وصادقت عليه المؤسسات الحداثية الكبرى. ففي العديد من الدول الكبرى، تُرك كبار السن يموتون دون مد يد العون لهم، بعدما شارفت الأنظمة الصحية هناك على الانهيار، وصار من الصعب توفير أجهزة مساعدة على التنفس لكل المرضى. ولكم بدا هذا مأساوياً وصادما في الوقت ذاته، فقد أظهرت الجائحة الجانب الدارويني في المجتمع الحداثي، الذي لا يبدو أنه يؤمن على وجه الحقيقة بالحق المتساوي في الحياة لكل إنسان، مهما كان عرقه أو طبقته أو ديانته، أو معتقده؛ والأهم، مهما كانت فئته العمرية([23]).

ومع الحملات التي حثت الأفراد على العزلة الاجتماعية، والتي بدت وكأنها تجسيد للحظة الحداثية النموذجية، التي يقف فيها الفرد منفردا ووحيدا إزاء العالم، لم يبد الأمر -بالنسبة لكثيرين- على أنه مما يستحق الاحتفاء، حيث تبين أن روبنسن كروزو المعاصر عاجز تماما عن أن يستمر في الحياة بمفرده، لأن المنظومة الاجتماعية التي صار عليه أن يتأقلم بداخلها، صيغت وفق منطق صارم لتقسيم العمل، ولم تصمم على نحو يحتمل أن يظل المرء وحيدا أو مستغنيا بنفسه عن غيره. وعلى الرغم من أن البقاء في المنزل، والعمل من المنزل، والابتعاد عن المجتمع، مثلت أحلاما محرمة في إطار المجتمع الحداثي، إلا أن تحققها بالطريقة التي سادت أثناء الجائحة، لم يترجم إلى حالة الرضى المتصورة. فالسلام الفردي، تحول إلى نوع من الوحشة، وتحول البقاء في المنزل وساعات حظر التجوال الطويلة إلى نوع من الحبس الانفرادي، فاقم الإحساس بالقلق.

   (8) البديل

يذهب البعض إلى أننا محظوظون لأننا نواجه الجائحة وتوابعها، من عزلة وتباعد اجتماعيين، في عصر تساعدنا فيه التقانة على التقارب مع الآخرين افتراضيا، بعد أن انقطعت بيننا سبل التواصل ماديا. فقد نجح الافتراضي وفقا لهؤلاء فيما فشلت فيه الكوميونات قديما، أي في خلق مجتمعات متماسكة، وقادرة على الانتظام الذاتي، من دون الحاجة لتوجيه السلطة وإدارتها. ولكن الثابت أنه عندما تتباعد المسافات، فإن أنماط التواصل التقاني هذه لا يمكن أن تحل محل التواصل وجهًا لوجه، ولا يمكن أن تمثل آليات بديلة للتقارب الاجتماعي([24]).

صحيح أن التواصل عبر الواقع الافتراضي أفضل بكثير من عدم التواصل، إلا أنه لا يمكن أن يعوض غياب التفاعل الاجتماعي، بما ينطوي عليه من مزايا نفسية. إذ تتكون لدى الأفراد حالة من الاتزان النفسي والعاطفي في أثناء الممارسات والأنشطة الجماعية، وكما يقول ماريو سمول، عالِم الاجتماع في جامعة هارفارد إن التفاعلات الجماعية تضخم الإحساس بشكل كبير بالنسبة للفرد، كما تعمل أيضًا على تعزيز فكرة أن الفرد أكبر من نفسه، مضيفًا أن مثل هذه الأحداث تساعد على بناء التماسك الاجتماعي([25]).

صعوبات التواصل الافتراضي وضعف قدرته على أن يحل بشكل كامل محل التواصل الطبيعي وقت الجائحة لم تكن هي الأثر الوحيد السلبي للانغماس في العالم الافتراضي، فقد أكدت الجائحة أيضا أن الافتراضي لم يحل دون تزايد الإحساس بالخوف والقلق. وذلك لأن الانغماس في الافتراضي، ضمن أشياء عديدة، أعاد تشكيل روتين الحياة اليومي فخلط بين الالتزامات العائلية والتزامات العمل، وجمع ذوي الميول السلبية معا، وسهل نشر التوقعات والأفكار المتشائمة، وراكم من مصادر التوتر. باختصار لم تعمل اليد الخفية على النحو المرجو، ولم ينجح الافتراضي في أن يظهر كبديل مقنع للواقعي.

(9) الوعي

بشكل عام أظهرت جائحة كورونا أن محاولة التغلب على الخوف، وتحقيق الأمن الشخصي والاجتماعي، تواجه صعوبات سواء في المجتمع الواقعي أو الافتراضي، فالواقعي/الرسمي حاول أن يثبت كفاءته العقلانية، ولكن بدت إجراءاته في هذا الصدد كما لو كانت نسخة من برنامج شمولي للهندسة الاجتماعية، أو درسا في البيروقراطية الكونية، أو محاولة لتحويل العالم الاجتماعي إلى منظومة آلية يتم التحكم فيها وفقا لاعتبارات قياسية. أما الافتراضي، فقد ظهر أنه ليس مجالا للتقارب الاجتماعي إلا بقدر ما هو مجال للانعزال عن الآخرين. وبشكل عام يظل مفهوم الافتراضي للتقارب الاجتماعي مفهوما ملتبسا لأنه في الأغلب تقارب بين مجهولين، ومن هذه الحيثية يمكن أن يصبح مصدرا لبث الخوف والذعر في نفوس أعضائه، الذين وضعتهم الأزمة في حالة من التشبث بأية معلومة، حتى لو لم يعلموا طبيعة مصدرها.

من ناحية أخرى أظهرت الأزمة أن وفرة المعلومات لا تعني زيادة الوعي، ولا تترجم مباشرة إلى زيادة الإحساس بالأمن، فتوافر منصات متعددة ورخيصة للحصول على المعلومات بكل أنواعها، لم يترجم بالضرورة إلى انخفاض في منسوب الخوف. بل إن كثرة المعلومات خلقت في بعض الأحيان حالة من الفوضى والتشوش وزادت من منسوب القلق، فآفة الأخبار هم رواتها، وبخاصة عندما لا تعلم حالتهم، وفي حالة الافتراضي ينطبق هذا الشرط بامتياز.

الإيجابية الأساسية في هذا السياق تكمن ربما في أن الكثيرين قد أصبحوا مقتنعين أنهم أضعف من أن يستغنوا بذاتهم عن الآخرين، وأبعد من أن يتحملوا عبء الخوف منهم والابتعاد عنهم. كأن الجائحة قد أعادت إلى الأفراد قدرا من الوعي بضرورة الإنسان وأهمية مجتمع البشر الواقعيين، وقدمت فرصة أدرك فيها الفرد أن الأنا ليست كافية، ولا تصلح كبديل دائم، صحيح أنه يمكن الهروب إليها والاحتماء بها بين الحين والآخر، ولكنها لا يمكن أن تمثل هوية بديلة تغني عن الانتماء إلى ذات أوسع.

(10) البقاء

في معرض تعليقه على الجائحة، والتفاعل الرسمي والمجتمعي معها، تساءل الفيلسوف الإيطالي جورجيو أجامبين، عن قيمة المجتمع الذي لا هم له سوى البقاء، مؤكدا أنه لا يمكن للمجتمع الذي يعيش في حالة طوارئ دائمة أن يكون مجتمعا حرا. فـ”نحن في الواقع نعيش في مجتمع ضحى بالحرية لـ”أسباب تتعلق بالأمن” وبالتالي حكم على نفسه بالعيش في حالة دائمة من الخوف وانعدام الأمن. يقول أجامبين: “إن أول شيء تظهره بوضوح موجة الذعر التي أصابت العالم بالشلل هو أن مجتمعنا لم يعد يؤمن بأي شيء يتجاوز الحياة المجردة … من الواضح أن الناس مستعدون للتضحية عمليًا بكل شيء – ظروف الحياة الطبيعية، والعلاقات الاجتماعية، العمل، وحتى الصداقات، والعواطف، والمعتقدات الدينية والسياسية – خوفا من الإصابة بالمرض. إن الحياة المجردة – والخوف من خطر فقدانها – ليست شيئًا يوحد الناس، بل يعميهم ويفرقهم. فالبشر الآخرون، صار يُنظَر إليهم الآن على أنهم ناشرون محتملون للمرض ومن ثم يجب على المرء تجنبهم بأي ثمن. ولكن السؤال هو ماذا يصبح شكل العلاقات الإنسانية في مجتمع يعيش بهذه الطريقة لأجل غير معلوم؟ وكيف يكون شكل المجتمع الذي لا هم له سوى البقاء؟([26])

الخسارة المزدوجة للحرية والأمن معاً على نحو ما يشتكي أجامبين يطلق عليها البعض اسم “صفقة فاوست” ففاوست الذي ضحى بمصيره من أجل أن ينال سعادة غير مؤجلة، خسر مصيره، ولم يتحصل على السعادة العاجلة التي منّى نفسه بها. ويبدو أن الأنظمة تعقد مع شعوبها بمناسبة الجائحة صفقة مماثلة، فهي تعدهم بأن توفر لهم الأمن، في مقابل تخليهم عن حرياتهم. ولكن كما في صفقة فاوست الخاسرة، قد يؤدى القبول بهذه الصيغة إلى فقدان الحرية والأمن معاً([27]).

ما يثير القلق في هذه الصيغة -وفقا لأجامبين- أنها قابلة للتوظيف السلبي في المستقبل. “فمثلما خلفت فترات الحروب لفترات السلام إرثا من التقنيات المشؤومة، من الألغام الأرضية إلى محطات الطاقة النووية، فمن المحتمل أيضًا أن تترك الفترة الحالية إرثا يصعب التخلي عنه، حتى بعد انتهاء حالة الطوارئ الصحية: مثل إغلاق الجامعات والمدارس والاكتفاء بإجراء الدروس عن بعد، ووضع حد نهائي للتجمعات والاكتفاء بتبادل الرسائل الرقمية، وإحلال الآلات محل كل اتصال – يحتمل العدوى – بين البشر.”([28]) ومن المفهوم أن العديد من الشركات العاملة في مجال تقانات المعلومات والاتصالات تدفع باتجاه جعل الوضع المؤقت دائما، لأنها وجدت فيه فرصة لتحقيق أرباح وفيرة عبر التسابق على إنتاج وتسويق تقنياته وادواته([29]).

وإذا كان أجامبين يشتكي من حال المجتمع الواقعي الذي فقد توازنه بعد أن انحصرت مخاوفه في بقائه المجرد، فإن المجتمعات الافتراضية ليست بعيدة عن هذا النقد بدورها، خاصة وأن المرتحلين إليها اصطحبوا الكثير من عيوب المجتمعات الواقعية معهم، فما زال اندماجهم أقرب إلى الفردية، وما زالت هويات أغلبهم محجوبة، ومازالت علاقتهم بالفردي أقوى وأهم من علاقتهم بالإنساني والمجتمعي والكوني. لقد تحول الافتراضي في أحسن الأحوال إلى عالم موازي، يكتفي رواده بالفاعلية الافتراضية، ولا يفكرون في كيفية ترجمة تفاعلاتهم إلى نوع من التأثير الذي يبتغي تحقيق مصلحة المجتمع وتحقيق مقتضيات العيش المشترك.

إن هشاشة الإنسان المعاصر أمام الجائحة قد لا تتعلق بوجوده في عالم مادي أو في عالم افتراضي، وإنما تتعلق أكثر بالطريقة التي يحدد من خلالها الغاية من وجوده في كلا العالمين، بعبارة أخرى لا يمثل مجرد الولوج في أي من العالمين ضمانا بالتحرر من الخوف، فالخوف الذي استولى على الأفراد في العالم الواقعي، لم يبدده -على نحو كامل- احتمائهم بالافتراضي، ما قد يوازن المعادلة على نحو أفضل ربما يكمن في إعادة تعريف الأمن بحيث يعكس طموحا أكبر من مجرد البقاء، فالبقاء المجرد لا يمنع من الخوف، والخوف بمفرده لا يحقق التماسك، لا في المجتمع الواقعي ولا في المجتمع الافتراضي.

*****

الهوامش

([1]) تذهب العديد من الدراسات إلى أن أول ظهور للمرض يعود إلى ديسمبر 2019، انظر: بوعلام غبشي، تاريخ ظهور فيروس كورونا، France24، 07/05/2020، على الرابط: https://bit.ly/3lh5kx5

([2]) انظر: هبة رءوف عزت، تقديم، في زيجمونت باومان، الخوف السائل، ترجمة: حجاج أبو بكر (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017)، ص .11

([3]) المرجع السابق.

([4]) وائل حلاق، الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي، ترجمة: عمرو عثمان (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014). فخري صالح، اخفاق فلسفي في فهم ما تعنيه جائحة كورونا (كوفيد-19)، تكلُّس النظرية وهذيان ما بعد الحداثة، موقع قنطرة، على الرابط: https://bit.ly/33BFmOH

)[5]( Gina Misiroglu, American Countercultures: An Encyclopedia of Nonconformists, Alternative Lifestyles, and Radical Ideas in U.S. History (NY: Sharpe Reference, 2013).

([6]) وقد اشتهر من بين أطياف هذا التيار جماعات متعددة مثل الهيبي Hippies، والبانك Punk، والخطاب الحر Free Speech والحركات المناهضة للحرب Anti-War Movements

([7]) Fred Turner , From Counterculture to Cyberculture : Stewart Brand, the Whole Earth Network, and the Rise of Digital Utopianism (Chicago: The University of Chicago Press, 2006), p. 29.

([8]) Jason Rhode, The religious creed of Silicon Valley, Salon, APRIL 1, 2018, at: https://bit.ly/3iAhU8Y

([9]) Lewis Mumford, The Myth of the Machine: Technics and Human Development (NY: Harcourt, 1967).

([10]) John Markoff, What the Dormouse Said: How the 60s Counterculture Shaped the Personal Computer (NY: Viking Adult, 2005), p. 4.

([11]) Richard Barbrook and Andy Cameron, The Californian Ideology, Science as Culture, vol. 6, no. 1 (1996), pp. 44-72.

([12]) John Michael Greer, The Ecotechnic Future: Envisioning a Post-Peak World (Gabriola: New Society Publishers, 2009).

([13]) Fred Turner, Op. Cit., p. 4.

([14]) Information and Communication Technology.

([15]) Athina A. Lazakidou, ed. Virtual Communities, Social Networks and Collaboration, vol. 15 )New York: Springer Science & Business Media, 2012). Mia Consalvo, and Charles Ess, eds. The handbook of internet studies. vol. 14 (John Wiley & Sons, 2011), p. 314.

([16]) انظر: جوهر الجموسي، الافتراضي والثورة، مكانة الانترنت في نشأة مجتمع مدني عربي (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016)، ص. 13، كمال عبد اللطيف، المعرفي، الأيديولوجي، الشبكي: تقاطعات ورهانات (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012). ص. 59.

([17]) Fred Turner, Op. Cit., p. 35.

([18]) انظر: زهور كرام، التكنولوجيا وسيولة كورونا، مؤسسة الفكر العربي، 22 مايو 2020، على الرابط: https://bit.ly/2GGaDHh

([19]) التكنولوجيا في زمن كورونا، DW، 08/03/2020، على الرابط: https://bit.ly/36zjsh4

([20]) انظر: زهور إكرام، مرجع سابق.

([21]) المرجع السابق.

([22]) انظر: ساري حنفي، عالم ما بعد كورونا: بعض الرهانات الاجتماعية، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 124، خريف 2020 (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

([23]) فخري صالح، اخفاق فلسفي في فهم ما تعنيه جائحة كورونا (كوفيد-19)، تكلُّس النظرية وهذيان ما بعد الحداثة، موقع قنطرة، على الرابط: https://bit.ly/33BFmOH

([24]) ساري حنفي، مرجع سابق، ص 36.

([25]) أحمد حسن بلح، الهدوء النفسي في زمن كورونا، للعلم، Scientific American، 26/04/2020، على الرابط: https://bit.ly/3d5g4LV،

وانظر:

 Colleen Walsh, The Value of Talking to Strangers — and Nodding Acquaintances, The Harvard Gazette, 27/08/2020 at: https://bit.ly/33BTVC3

([26]) Giorgio Agamben, The Enemy is Not Outside, It Is Within Us, Stanford University: The Book Haven, at: https://stanford.io/36G8Gpo

([27]) Geof Wood, Staying Secure, Staying Poor: The Faustian Bargain, World Development, vol. 31, no. 3 (2003), pp. 455-471.

([28]) Agamben, Op.Cit.

([29]) ساري حنفي، مرجع سابق، ص 36.

فصلية قضايا ونظرات – العدد التاسع عشر – أكتوبر 2020

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى