محور المقاومة ضد إسرائيل: الخريطة، والإمكانات، والأدوار

مقدمة:

منذ اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، شاركت أذرع وقوى محور المقاومة -وإن بنسبٍ محددة- في الحرب ضد إسرائيل دعمًا لحماس ونصرةً لغزة. وقد شارك حزب الله بوصفه أهم أذرع محور المقاومة في الحرب عبر استهداف واستنزاف الجيش الإسرائيلي وإشغاله على الحدود الشمالية لتخفيف العبء العسكري عن غزة، وفق قواعد اشتباك منضبطة على مستوياتٍ متعددة. إلا أنه، وخلال الأشهر القليلة الماضية، أخذ الصراع بين حزب الله وإسرائيل على الحدود اللبنانية الفلسطينية يتصاعد إلى حد بلوغ الحرب المباشرة المفتوحة والاجتياح البري للأراضي اللبنانية من جانب إسرائيل في الأول من أكتوبر 2024. أدى ذلك إلى ردود أفعال متباينة في الشدة والتأثير من جانب محور المقاومة، وطرح تساؤلات عن مدى تطور وملاءمة أدوار واستراتيجيات المحور في التصدي للمتغيرات الإقليمية.

في ضوء ذلك، تناقش الورقة تطور دور وإمكانيات محور المقاومة بعد التصعيد بين حزب الله وإسرائيل واجتياح لبنان. وننطلق في هذا الصدد من سؤال رئيسي: كيف تطور دور وإمكانيات محور المقاومة في مواجهة إسرائيل بعد اجتياح الأراضي اللبنانية؟ وكيف تفاعلت مكونات محور المقاومة مع هذا التصعيد؟ وعليه تنقسم الورقة إلى أربعة محاور؛ يناقش الأول نشأة وتطور محور المقاومة، ويناقش الثاني دور واستراتيجيات محور المقاومة في المنطقة قبل طوفان الأقصى، بينما يسلط المحور الثالث الضوء على استجابة ومشاركة المحور بعد طوفان الأقصى والحرب ضد إسرائيل، وأخيرًا يتناول المحور الرابع دور محور المقاومة واستجابته بعد التصعيد بين حزب الله وإسرائيل والاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية.

المحور الأول- محور المقاومة: النشأة، والتطور

ظهر مصطلح “محور المقاومة” كنقيض لمصطلح “محور الشر” الذي استخدمه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عقب أحداث سبتمبر 2001، للإشارة إلى السياسات المعادية للولايات المتحدة التي كانت تنتهجها إيران والعراق وكوريا الشمالية في ذلك الوقت. ولأن مصطلح “محور الشر” حمل إيحاءات أيديولوجية وقيمية سلبية، فقد كان من الطبيعي أن يتعرض لانتقاداتٍ لاذعة وردود فعل مقابلة. وقد اختلفت الآراء حول استخدام مصطلح “محور المقاومة” للمرة الأولى؛ فتذهب بعض الآراء إلى نشر مجلة الزحف الأخضر اللبيبة لمقال عام 2002 جاء فيه أن رفض الهيمنة الأمريكية على العالم ومنطقة الشرق الأوسط هو القاسم المشترك بين سياسات الدول الثلاث التي تُسمى “محور الشر”، ومن ثم فالأجدر أن تُسمى “محور المقاومة”، بينما يذهب آخرون أن المصطلح تم استخدامه بدايةً بواسطة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعدد من قادة الحزب والمسؤولين الإيرانيين، وبعض وسائل الإعلام المؤيدة لهذا المحور مثل قناتي الميادين والمنار[1].

ويضم هذا التحالف دولا ذات سيادة مثل إيران وسوريا، بجانب فاعلين من غير الدول مثل حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله في اليمن، وبعض الفصائل العراقية، وحركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين. ويرعى هذا المحور فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وقد أشرف على تطويره وتنظيمه القائد السابق للفيلق اللواء قاسم سليماني، ومهمات هذا المحور الدفاع عن دول وقوى المقاومة في كل المنطقة، ولا تقتصر مهماته على القضية الفلسطينية فحسب. وفي الوقت الحالي، يُستخدم مصطلح “محور المقاومة” في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام للدلالة على القوى (من الدول ومن غير الدول) التي تتشارك معًا في تقديم الدعم العسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وحزب الله في الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة ولبنان[2].

نستطيع القول إن مفهوم “محور المقاومة” أو “محور الممانعة” يُشير إلى تحالف أيديولوجي وسياسي واسع يضم جماعات أقرب للأذرع الإيرانية في بلدانها، ومجموعاتٍ أخرى تحظى باستقلالٍ تام عن إيران وباقي محور المقاومة، ومجموعات ثالثة تشارك إيران في رسم سياسات مشتركة في المنطقة[3]. والواقع أن هذا المحور لم يظهر فجأةً إلى حيز الوجود، وإنما تعود جذوره الحقيقية إلى نهاية سبعينيات القرن العشرين التي شهدت حدثين على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية: خروج مصر من المعادلة العسكرية للصراع مع الكيان الصهيوني عقب توقيعها على اتفاقيتي كامب ديفيد والسلام عامي 1978، و1979، واندلاع ثورة إيران الإسلامية في يناير عام 1979. ولأن سوريا هي الدولة العربية الوحيدة التي أيدت الثورة الإيرانية، ورأت في نجاحها عمقًا استراتيجيًا للقوى الرافضة لفرض التسوية بالشروط الإسرائيلية على دول المنطقة، فقد شكل تحالفهما منذ تلك اللحظة النواة الأساسية للمحور المقاوم للمخططات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، والرافض لتصفية القضية الفلسطينية[4].

تبلور وجود هذا المحور وثقله خلال العقود السابقة، من دون وجود اتفاق هيكلي أو اتحاد شكلي أو بنية تنظيمية مؤسساتية. ومن خلال متابعة التطورات وطبيعة الصراع الجيوستراتيجي القائم على مستوى المنطقة، فإن محور المقاومة الذي بدأت دائرة أعضائه بالاتساع والزيادة، مر بثلاث مراحل متتالية؛ مرحلة النشأة والوجود (1979-1990)، شهدت هذه المرحلة خروج مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي بعد اتفاقية السلام وكامب ديفيد. كما شهدت تلك الفترة الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني في 1979 والإطاحة بنظام الشاه الموالي للهيمنة الأمريكية في المنطقة -كما أُشير. رفعت الثورة شعارات معاداة الكيان الصهيوني والهيمنة الأمريكية ودعم القضية الفلسطينية، وفي عام 1982، ومع قيام الاحتلال الإسرائيلي باجتياح بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، تم الاتفاق على تأسيس حزب الله والذي حمل اسم المقاومة الإسلامية حتى عام 1985[5].

مثلت المرحلة الثانية (1990 -2006) مرحلة تكامل وتقارب. فقدت شهدت تلك المنطقة حرب الخليج الثانية، واستدعاء القوات الأمريكية إلى الخليج، وتمكن الكيان الإسرائيلي من عقد اتفاقيات سلام والتنسيق مع السلطة الفلسطينية عبر اتفاقية أوسلو ومع الأردن من خلال اتفاقية وداي عربة في 1993-1994. كما سقط الاتحاد السوفيتي وتفردت الولايات المتحدة بالهيمنة الدولية، وغاب أي دعم عربي لانتفاضة القدس الأولى عام 1987. وقد شكلت تلك العوامل دوافع قوية للتقارب بين سوريا وإيران من ناحية، وبين حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية من جانبٍ آخر. وفي تلك المرحلة، قدمت كل من إيران وسوريا دعمًا سياسيًا ولوجستيًا لحركات المقاومة. وهو ما انعكس بشكلٍ جلي على أداء العمليات الفدائية لحركات المقاومة، والتي تمثلت بدايةً في إيقاع الخسائر بالعدو الإسرائيلي في عدوانه الذي شنه تحت مسمى “تصفية الحسابات” في يوليو 1993، ومن ثم “عناقيد الغضب” في أبريل 1996، وصولًا إلى تمكن المقاومة اللبنانية في لبنان من إجبار العدو على الانسحاب من معظم أراضي الجنوب المحتلة والبقاع الغربي في مايو 2000، بعد استنزافه.

منذ العام 2006، دخل المحور مرحلةً جديدة؛ فقد تم توجيه اتهامات الإرهاب، وبالتالي تضييق الخناق على سوريا وإيران وحزب الله من جانب الولايات المتحدة وفرض العقوبات الاقتصادية. وصولا إلى العام 2011 حيث الربيع العربي وفي إطاره الثورة السورية، إذ حاولت الولايات المتحدة توظيف المشهد لصالحها والتخلص من النظام السوري المتحالف مع إيران. وفي هذا السياق، واجه محور المقاومة أكثر التحديات صعوبةً نتيجة التورط في الحرب الأهلية السورية، وما ترتب على ذلك من استنزاف وتشتت لقوى المحور. وهو ما انعكس على وضع قواه وبالتحديد حزب الله، الذي أدت مشاركته في الحرب في سوريا إلى انكشافه أمنيًا واستخباراتيًا وسهولة اختراقه من جانب إسرائيل فيما بعد[6]. وعلى الرغم من ذلك، استطاع المحور الحفاظ على وجوده محاولا مواءمة التطورات[7].

المحور الثاني- الدور والاستراتيجيات قبل طوفان الأقصى

تشكل محور المقاومة بقيادة إيران في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ تدريجي. إذ بدأت إيران منذ مطلع التسعينيات في دعم الحركات الفلسطينية الرافضة لاتفاقية أوسلو، ثم استطاعت بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 أن تُنشئ وتنشر المليشيات التابعة لها في العراق. ومع مجيء الربيع العربي، تحالفت إيران مع النظام السوري في قمع الثورة السورية، واستطاعت بعد عام 2011 توطيد تواجدها في سوريا. وفي اليمن استطاعت جماعة أنصار الله الحوثية، التي استثمرت فيها إيران لفترة طويلة قبل ذلك، أن توسع نفوذها حتى سيطرت عام 2014 على العاصمة صنعاء. بالإضافة إلى ذلك، فلإيران امتداداتها الاجتماعية والثقافية الديموغرافية والاقتصادية المعقدة، الأمر الذي ساعدها لأن تقوم بلعب أدوارٍ إقليمية بتوظيف ومساعدة من محور المقاومة[8]. فما أهم ملامح الدور الذي لعبه محور المقاومة قبل عملية طوفان الأقصى في منطقة الشرق الأوسط، وكيف توسع وطور من استراتيجياته؟

مثل غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 مرحلة مهمة في تشكيل وتطوير محور المقاومة. فقد وفر الغزو لإيران فرصةً لدعم الجماعات الشيعية في العراق، كأحد الأذرع المهمة لمحور المقاومة. كما أدى الغزو إلى تعزيز الوزن السياسي للشيعة في العراق وتحسين أوضاعهم وتأثيرهم السياسي، مما جعل العراق ركنًا وشريكًا استراتيجيًا لإيران في المنطقة انطلقت منه إلى باقي الدول. وقد حاولت إيران استثمار السنوات الأولى بعد سقوط نظام صدام حسين، وسعت إلى خلق عراق شيعي ليصبح حليفًا استراتيجيًا لها في المنطقة، وحاولت تعزيز نفوذها الأمني والاقتصادي في أوساط الشيعة في العراق. وقد ساعدها ذلك في بسط نفوذها، ومده إلى العديد من الدول، وتدعيم دور محور المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين[9].

استمر الدور الإيراني في تطوير محور المقاومة وفي التوسع في المنطقة، وبمجيء عام 2011، وقيام الثورات في عددٍ من الدول العربية، سيطرت حالة من عدم الاستقرار الإقليمي الواسع والمتداخل. وسعت إيران إلى توسيع نفوذها من خلال بذل مزيدٍ من الجهود لتوسيع وتدعيم محور المقاومة كأداة مهمة في إعادة تشكيل الواقع الإقليمي، وتعزيز تأثيرها في المنطقة[10]. إذ وسع فيلق القدس نشاطه واستراتيجياته في المنطقة منذ عام 2011، وكان مسؤولا بشكلٍ رئيسي عن توسع إيران في الشرق الأوسط. أدى ذلك إلى توسيع مسرح العمليات بشكلٍ فعال، حيث أضاف سوريا واليمن إلى نقاط التركيز السابقة في لبنان والعراق. وفي الوقت نفسه، لم يقتصر أمر فيلق القدس على توسيع وتدعيم الجماعات المتحالفة معه، حيث شمل الوافدون الجدد المليشيات ذات الخلفيات المختلفة في سوريا وكذلك الحوثيين في اليمن، وزاد أيضًا عدد المقاتلين الذين قادهم ودربهم وجهزهم ومولهم كأذرع لمحور المقاومة. وفقًا لبعض التقديرات، ارتفع العدد الإجمالي من 110,000 إلى 130,000 مقاتل في عام 2011، ومن حوالي 140,000 إلى 180,000 مقاتل في عام 2018[11].

ويفتخر الحرس الثوري بأن فيلق القدس أسس 60 لواءً جديدًا مع 70 ألف مقاتل في سوريا وحدها. وفي عام 2015، حاولت إيران من خلال محور المقاومة إنشاء جبهة ثانية في سوريا، وتحقيقًا لذلك زودت حليفها حزب الله بصواريخ أكثر عددًا وأشد دقة. وفي العراق، أمنت المليشيات الموالية لإيران الجسر البري الذي تم نقل الأفراد والمعدات والأسلحة من خلاله من إيران إلى جنوب سوريا ولبنان، كما هاجموا القوات الأمريكية في البلاد لإجبارها على الانسحاب. ويمكن القول إن الانتفاضة في سوريا، وما تبعها من حربٍ أهلية، أدت إلى تقبل النظام السوري للتواجد الإيراني وتواجد حزب الله المكثف على الأراضي السورية وتأسيس نفوذ خاص وسط الشيعة. يشير ذلك إلى اكتساب إيران ومحور المقاومة جبهة جديدة جعلت محور المقاومة أكثر توسعًا ونفوذًا في المنطقة، وذلك تحت مظلة فيلق القدس ونشاطه في تأمين الجبهات وخطوط الإمداد والحدود[12].

بالإضافة إلى مساعدة النظام السوري في قمع الثورة السورية، ساعد المستشارون العسكريون الإيرانيون والمليشيات المحلية التي تسيطر عليها إيران في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وفي اليمن، تمد الجمهورية الإسلامية دعمها للحوثيين منذ عام 2014، لدرجة مكنت الحوثيين من فرض أنفسهم في مواجهة أطراف داخلية وخارجية، وردًا على ذلك التوسع، تدخلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن عام 2015 لمنع انتصار الحوثيين. علمًا أنه منذ عام 2017، تهاجم إسرائيل أهدافًا في سوريا والعراق بهدف وقف بناء الجبهة الثانية والجسر البري.

في هذا السياق، أعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن تكرار نيته استخدام المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني لمناقشة توسع إيران. كما أوضحت الحكومات الأوروبية مرارًا وتكرارًا في السنوات القليلة الماضية أنها تعتبر نهج الجمهورية الإسلامية في لبنان وسوريا والعراق واليمن مثيرًا للمشاكل[13].

كانت الخصائص والسمات العامة التي سادت البيئة الإقليمية والعالمية من بين أهم العوامل التي أسهمت في تطور محور المقاومة في تلك الفترة. إذ اجتاحت المنطقة موجات من الاضطراب والفوضى بعد ثورات الربيع العربي. فقد أدت الثورات إلى سقوط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، فضلا عن تصاعد خطر داعش في سوريا والعراق، واندلاع الصراعات الطائفية في العديد من الدول.

كل ذلك أسهم في زعزعة استقرار المنطقة ومفهوم الدولة التقليدي، كما أدى هذا الوضع إلى تراجع في أدوار القوى الإقليمية التقليدية في المنطقة لصالح قوى جديدة تتمثل في إيران وتركيا والإمارات وقطر والسعودية. في ظل تلك التحولات برز نمطان من التحولات النوعية؛ الأول تمثل في الانهيار الأوسع للنظام الإقليمي العربي وتكثيف عمليات العنف والإرهاب بالمنطقة. بينما تجلى الثاني في فرض القوى الفاعلة الأخرى نفسها على علمية صنع القرار الإقليمي. ومع تلاقي هذه التحولات، تبلور هيكل جيوسياسي جديد في المنطقة انعكس على تطور محور المقاومة وتوسعه[14]. أما دوليًا، فقد أدى التقارب الروسي الإيراني خلال الأزمة السورية واستمرار هذا التقارب وتأكيده خلال الأزمة الأوكرانية فيما بعد، إلى دعم روسيا لتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة وبالتالي توسع محور المقاومة[15].

تُظهر الصورة الكلية أن إيران تغلغلت في المنطقة وأسست لنفسها قواعد قوية من خلال محور المقاومة. على الجانب الآخر، تواجه أطراف محور المقاومة معضلات حقيقية تتعلق بالاستقرار السياسي والتنمية. إذ تمثل أذرع محور المقاومة أطرافًا عسكرية، وغالبًا ما ينجحون في المواجهات المسلحة، لكنهم عاجزون بعد ذلك عن تطبيق النفوذ المكتسب لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي. وينطبق هذا، على سبيل المثال، على لبنان والعراق، حيث تمتلك مختلف القوى الموالية لإيران حق النقض الفعلي في السياسة وتستخدم موارد البلدين، دون أن تُبدي أي اهتمام بدولة فعالة. هذه الأطراف قوية عسكريًا لدرجة يبدو معها أنه لا يمكن إزالتها من السلطة، وفي الوقت نفسه، فإن الدول التي تهيمن عليها هذه الأطراف معرضة للفشل السياسي والاقتصادي وعدم الاستقرار على المدى الطويل.

في معظم البلدان، يؤدي هذا الوضع إلى حالة من الجمود؛ نجد أنه بعد سنوات من الانتشار في سوريا، أصبح حزب الله أقوى في لبنان، التي تشهد تدهورًا سياسيًا واقتصاديًا وارتفاع معدلات الفساد وعواقب الحرب. مما أدى إلى ظهور حركة احتجاج في أواخر عام 2019، بما في ذلك ضد حزب الله، ومع ذلك لم يتمكن المتظاهرون من تقليل نفوذ الحزب الشيعي. لا يزال حزب الله القوة العسكرية المهيمنة في البلاد، ويؤثر ذلك على الإصلاحات السياسية في لبنان. أما في سوريا، تمكن بشار الأسد من زمام الحرب الأهلية بمساعدة إيران (وروسيا)، لكن أجزاء من البلاد لا تزال خارج سيطرته، علاوة على ذلك، فإن الاقتصاد في حالة سيئة للغاية، مما يعني أن أي استقرار للبلاد سيكون في المستقبل البعيد.

وفي العراق، أصبحت إيران أكثر قوة من أي وقتٍ مضى بسبب القوة المكتسبة حديثًا للمليشيات الموالية لها وأجنحتها السياسية. وقد شهدت العراق موجات من الاحتجاجات ضد الأحزاب والمليشيات الشيعية الموالية لإيران، لكن المتظاهرين لم يتمكنوا من إضعاف تلك الجماعات. في اليمن، نجح الحوثيون في تهديد المملكة العربية السعودية، وقد عززوا قدراتهم العسكرية. ومع ذلك، لم يتمكن الحوثيون من السيطرة على الجزء الجنوبي منها أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الاقتصادي كارثي، مما سيساهم في بقاء اليمن دولة فاشلة، وبالتالي حليفًا ضعيفًا لسنواتٍ قادمة[16].

محور المقاومة ووحدة الساحات:

تم إطلاق مصطلح “وحدة الساحات” بعد معركة “سيف القدس” التي أطلقتها حركة “حماس” في شهر مايو 2021 دفاعًا عن المسجد الأقصى، وردًا على الانتهاكات الصهيونية للمسجد والقدس ومحاولة إزالة حي الشيخ جراح في القدس. وتمت ترجمة هذا المصطلح بصورةٍ واضحة على أرض الواقع، عبر إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وجنوبي لبنان وسوريا، مع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية، واندلاع مواجهات في عدة مناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948[17]، وقد تعزز هذا المصطلح بعد معركة حركة الجهاد الإسلامي في أبريل 2023 والتي انتهت بوقف إطلاق النار. في هذا السياق يقصد بـ “وحدة الساحات” تحريك عدة ساحات أو جبهات في الوقت نفسه ضد العدو الإسرائيلي، حتى لو بدأت المعركة إحدى حركات المقاومة لأسبابٍ معينة. وهذه الساحات تشمل قطاع غزة، والضفة الغربية، ولبنان، والجولان السوري، والعراق، واليمن، وأحيانًا يشارك فيها فلسطينيو 1948. وتشير وحدة الساحات إلى وجود تنسيق وتعاون بين كل قوى المقاومة في المنطقة، قد يتجلى في إنشاء غرفة عمليات مشتركة ونشاطات مشتركة في التدريب وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية[18].

بشكلٍ عام، وظفت إيران في سبيل إنجاح تمددها وتواجدها في المنطقة مختلف الأدوات الصلبة والناعمة، ودعمت أذرع محور المقاومة بتوفير التخصيصات المالية واللوجستية. وقد ساعد على اتساع الدور الإيراني في المنطقة عدد من العوامل من أهمها تراجع دور القوى التقليدية مثل مصر والعراق وسوريا، وما نتج عنه من فراغ في الساحة الإقليمية نتيجة لعددٍ من المتغيرات كان من أهمها غزو الولايات المتحدة للعراق وثورات الربيع العربي. أدى ذلك إلى لعب إيران أدوار إقليمية في عدة مواقع بالاعتماد على أدوات وآليات مختلفة من أهمها أذرع محور المقاومة، وتوظيف المرجعية الدينية والسعي لهيمنة مذهبية على الشيعة، وجذب قطاعاتٍ من مواطني دول الجوار الإيراني لمشروعها، لتحصيل أكبر عددٍ من الأتباع والمؤيدين للنظام في الخارج، والتأثير السياسي على كافة طوائف الشيعة[19].

المحور الثالث- محور المقاومة بعد طوفان الأقصى

شنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” صباح السابع من أكتوبر 2023 هجومًا مباغتًا استهدف مواقع للجيش الإسرائيلي في غلاف قطاع غزة، وتمكنت من السيطرة على قاعدةٍ عسكرية كبيرة وعددٍ من المواقع ونقاط المراقبة الإسرائيلية المنتشرة على حدود القطاع، كما سيطرت وحدات كوماندوس تابعة للحركة على نحو 20 مستوطنة إسرائيلية داخل ما يسمى “الخط الأخضر”. وأسفرت هذه العملية، غير المسبوقة، وفق المعطيات التي أعلنها الجيش الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 1200 عسكري ومدني إسرائيلي، وإصابة نحو 3000 جريح، بينهم العديد من كبار الضباط، كما أسرت حماس وفصائل أخرى أكثر من 130 إسرائيليًا. وقد جاءت العملية التي أطلقت عليها حماس اسم “طوفان الأقصى” على خلفية الاعتداءات المستمرة التي تقوم بها حكومة اليمين، الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، مستبيحة أراضيهم تمهيدًا لمصادرتها وتهويدها، إضافةً إلى اعتداءات المستوطنين المتكررة على المسجد الأقصى بحماية من الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية. كما كانت قد حشدت الحكومة الإسرائيلية نحو 30 كتيبة من قوات الجيش في الضفة الغربية المحتلة لردع أي رد فعل فلسطيني على ممارسات المستوطنين، وتمهيدًا لاقتحام المخيمات والبلدات والمدن الفلسطينية التي تشهد عمليات مقاومة ضد قوات الاحتلال والمستوطنين. أما في قطاع غزة، فتستمر إسرائيل في حصاره منذ عام 2006، وتقلص حقوق الأسرى الفلسطينيين، وتزيد سوء معاملتهم، وترفض عقد اتفاق لتبادل الأسرى، مستغلةً ضعف الموقف العربي واستعداد دول عربية عديدة لتطبيع العلاقات معها بمعزل عن الحقوق الفلسطينية[20].

تأخر الرد الإسرائيلي لساعاتٍ بعد عملية طوفان الأقصى وتمثل بإعلان حرب واسعة النطاق على قطاع غزة، حرب حددت لها تل أبيب ثلاثة اهداف أساسية: أولها تحرير الأسرى الإسرائيليين، والثاني تفكيك المقاومة الفلسطينية في غزة وسحق حماس، والثالث إحداث تغيير ديموغرافي في قطاع غزة بما يضمن أمن المستوطنات في غلافها ويمنع الهجوم عليها مجددًا، وهو هدف يرمي ضمنيًا -كما اتضح- إلى إفراغ شمال غزة من سكانه وتهجير معظم سكان القطاع إلى خارجه. وكان من المتوقع أن تُنهي إسرائيل حربها في غضون ثلاثة أشهر في حدٍ أقصى، لكن عاملين حالا دون توقف الحرب ضمن هذه القيود: الأول، العجز عن تحقيق أي إنجاز عسكري أو استراتيجي، حيث أبدت المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة بسالةً وشجاعةً وصلابةً منقطعة النظير، ومن ثم كان وقف النار في هذه الوضع إقرارًا بالهزيمة. أما العامل الثاني، فهو خشية مسؤولين في المستويين السياسي والعسكري من وقف الحرب دون نصر، وبالتالي ملاحقتهم بعد ذلك بمسؤوليتهم عن التقصير الذي أدى إلى هزيمة ٧ أكتوبر. أفضى ذلك إلى ممارسة إسرائيل أبشع الجرائم الإنسانية في قطاع غزة من قتل وتشريد وتهجير وتجويع وحرمان القطاع من أدنى متطلبات المعيشة من ماءٍ وغذاءٍ ودواء، وارتكاب مئات المجازر ضد مدنيين[21]، حيث وصل عدد الشهداء في فلسطين حتى نوفمبر 2024 إلى أكثر من 43 ألف شهيد طبقًا للجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين، ويستمر العدد في التزايد[22].

مسارات التفاعل واختبار  وحدة الساحات:

بعد أقل من أسبوع على هجوم طوفان الأقصى بدأ وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان، أولى جولاته الخمس على دول المنطقة؛ بهدف عقد مشاورات مع مسؤولي دول الجوار ولقاءات تنسيقية مع قادة جماعات محور المقاومة وتوجيه رسائل إقليمية، فتوجه إلى العراق وواصل زيارته إلى دمشق، ومنها إلى بيروت، وانتهى المطاف في الدوحة. وحينها وجهت إيران رسالة لإسرائيل، بأنها قد تواجه عدة جبهات إذا لم تتوقف عملياتها العسكرية في غزة. أما ثاني محطة لإيران بعد طوفان الأقصى، فقد بدأت بعد شهر من اندلاع الحرب في غزة؛ حيث دعا المرشد الإيراني علي خامنئي إلى ما وصفه بـقطع الشرايين الاقتصادية لإسرائيل، خصوصًا ممرات النفط والطاقة. ومنها دخلت الجماعات المرتبطة بطهران، وخاصةً جماعة الحوثي على خط الأزمة، وشنت هجمات على سفن تجارية على مدى أشهر، أثرت على حركة الملاحة في البحر الأحمر. كما باشرت المليشيات والفصائل العراقية الموالية لإيران، هجمات بالطائرات المسيرة على إسرائيل والقواعد الأمريكية على حدٍّ سواء[23].

وقد تجلت وحدة الساحات عمليًا بشكلٍ واسع في “طوفان الأقصى”، ففي خلال الفترة الممتدة من إطلاق هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 وحتى فبراير 2024، شن محور المقاومة أكثر من 160 هجوم مسلح على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، ونفذت قوات جماعة أنصار الله الحوثية عمليات عسكرية في البحر الأحمر أدت إلى ارتباكٍ كبير في حركة الملاحة البحرية، علاوةً على الهجوم على موقع “البرج 22” بالأردن الذي أودى بحياة ثلاثة جنود أمريكيين[24].

لقد وضعت الحرب في غزة استراتيجية وحدة الساحات على المحك، وذلك بعد أن أطلقت حركة حماس وكتائب عز الدين القسام معركة طوفان الأقصى دون التنسيق مع وحدات المقاومة الأخرى في المنطقة أو مع إيران نفسها. مع ذلك، شاركت قوى محور المقاومة في المعركة[25]، ففي الثامن من أكتوبر 2023، بعد مرور يوم واحد فقط على عملية “طوفان الأقصى” وبدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فتح حزب الله جبهة عسكرية محدودة ضد إسرائيل، انطلاقًا من مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل. ومنذ البداية، أوضح حزب الله أنه لا يسعى لمواجهةٍ شاملة، بل أنه يهدف إلى حملة استنزاف محدودة لمساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأكد أنه لن يوقف هذه الحملة إلا عندما تُوقف إسرائيل حربها العدوانية على القطاع[26].

على الجبهة اليمنية، كان القرار الاستراتيجي المحوري الذي اتخذه أنصار الله الحوثيون، المتضمن إغلاق باب المندب والبحر الأحمر في وجه الملاحة البحرية التي تؤدي مصلحة لإسرائيل بالعمل من وإلى مرافئها، قرارًا فاجأ العدو والصديق، وقد وُضع موضع التنفيذ الفوري واستمر العمل به وبشكل تصاعدي رغم تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بقواتها العسكرية مع حلفاء جمعتهم تحت عنوان “التحاف الدولي حارس الرخاء” لحماية الملاحة الدولية. وقد تسبب هذا الموقف اليمني بإغلاق مرفأ أم الرشراش -إيلات في فلسطين المحتلة- وتعطيل الملاحة الدولية التي تستفيد منها إسرائيل، وأرسل رسالة مضمونها “أوقفوا حصار غزة نوقف حصارنا لكم[27]“. وكان للمقاومة العراقية مساهمتها ودورها أولا ضد القواعد الأمريكية؛ انتقامًا من الولايات المتحدة التي أقامت الجسور الجوية لتزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة بشكلٍ غير محدود، ثم استهدفت بعض الأهداف داخل إسرائيل[28].

وفي خلاصة المشهد الميداني، يمكن القول إننا شهدنا العديد من التحركات لتثبيت منطق “وحدة الساحات”، لكنها لم تصل إلى مستوى إطلاق الحرب الشاملة والمشتركة. وقد يعود ذلك إلى غياب التنسيق والتحضير المسبق بين هذه القوى -كما سلف الذكر- وكذلك لأن بدء حرب شاملة قد يؤدي إلى حربٍ دولية كبرى في المنطقة، وخصوصًا في ظل التهديدات الأمريكية لإيران وحزب الله بأن توسعة الجبهة ستؤدي إلى ردودٍ قاسية عليهما. مع الإشارة إلى أن توسعة الجبهة وتحولها إلى حرب شاملة بقيا احتمالًا قائمًا في حال لم تتوقف الحرب على غزة[29].

المحور الرابع- دور محور المقاومة بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان

منذ عملية طوفان الأقصى اتخذت المواجهة بين حزب الله وإسرائيل على الحدود اللبنانية الفلسطينية منحى منضبط نسبيًا وفق قواعد اشتباك محددة. إلا أنه خلال الشهرين الماضيين أخذت تلك المواجهة منحى تصاعديًا بلغ حد الحرب المفتوحة بين الطرفين، بدأت بعمليات أمنية دقيقة وقصف جوي كثيف استهدف قادة الصف الأول من حزب الله، ونحو أربعة آلاف عضو عسكري ومدني في الحزب عبر عمليات تفخيخ أجهزة التبليغ والاتصال لديه، فضلًا عن ضرب المواقع الأمامية والخلفية، بما فيها الأنفاق ومخازن الأسلحة. وفي الأول من أكتوبر 2024 بدأت إسرائيل هجومها البري على لبنان، محاولةً الدخول إلى الأراضي اللبنانية[30]. في هذا القسم تناقش الورقة تطور المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، وصولا إلى الحرب البرية المباشرة، وتفاعل ودور محور المقاومة مع ذلك التصعيد.

منذ أعلن حزب الله عن فتح جبهة إسناد لغزة في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، التزمت كل من إسرائيل وحزب الله بقواعد اشتباك محددة؛ إذ تبادلا القصف على جانبي الحدود بعمق يراوح بين 5-10 كيلومترًا، علمًا أن هذا المستوى من الاشتباك أدى إلى نزوح أكثر من 60 ألف مستوطن إسرائيلي ونحو 110 آلاف مواطن لبناني على جانبي الحدود. وعلى الرغم من أن إسرائيل سوت قرى حدودية لبنانية كاملة بالأرض، واستهدفت بالاغتيال عددًا كبيرًا من عناصر وقادة حزب الله الميدانيين على مدى شهورٍ من المواجهة، في محاولةٍ منها لدفع الحزب إلى وقف إسناد غزة، وفك الارتباط بها، فإن قواعد الاشتباك ظلت مع ذلك قائمة بين الطرفين باستثناءات قليلة؛ منها اغتيال إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت في يناير 2024. بدأ هذا الوضع يتغير في يوليو 2024؛ إذ استغلت إسرائيل سقوط صاروخ على مدرسة في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، تسبب في مقتل عشرة أطفال (وقد نفى حزب الله بشدة مسؤوليته عنه) لتغيير قواعد الاشتباك. كان هذا القرار متخذًا بغض النظر عن المبرر اللحظي، لذا استهدفت إسرائيل في أواخر الشهر نفسه القائد العسكري لحزب الله، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية، لتبدأ بعدها سلسلة اغتيالات شملت كبار قادة الحزب وأكثر أعضاء مجلسه الجهادي. واغتالت أيضًا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أثناء حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، في طهران في يوليو 2024، كما أحبطت تل أبيب ما ادعت أنه تجهيز لرد حزب الله على اغتيال شكر بقصف واسع لمنصات إطلاق الصواريخ في الجنوب. وفي حين تمسك حزب الله بعملية إسناد هدفها تخفيف الضغط عن غزة والتضامن مع المقاومة فيها ضمن قواعد اشتباك محددة، وتجنب الحرب مع إسرائيل في الوقت ذاته، انتقلت إسرائيل إلى وضع أهداف استراتيجية ذات علاقة بوضع حزب الله عمومًا؛ ما اقتضى عدم الالتزام بأي قواعد اشتباك والانتقال إلى الحرب[31].

وكانت الحرب قد بدأت عمليًا قبل نحو أسبوعين من الاجتياح البري، عندما قامت إسرائيل بتفجير آلاف من أجهزة النداء “البيجر” التي يستخدمها قادة وعناصر في الحزب يوم 17 سبتمبر 2024، بعد أن جرى زرع عبوات ناسفة صغيرة فيها قبل أن تُباع لحزب الله. وقد أدت هذه العملية الإرهابية الإجرامية إلى مقتل العشرات وإصابة الآلاف، من بينهم مدنيون. وكان قد تحول حزب الله إلى استخدام هذه الأجهزة بعد أن تبين له أن الاتصال بالهاتف المحمول لم يعد آمنًا نتيجة استغلال إسرائيل له في تحديد مواقع قادته وعناصره، ومن ثم استهدافهم. في اليوم التالي، قامت إسرائيل بتفجير أجهزة اللاسلكي (Walkie-Talkie)  لتشل بذلك شبكة اتصالات حزب الله كاملة[32].

مثلت تلك الخطوة مقدمة لتصعيد أكبر قامت به إسرائيل؛ شمل، في اليوم العشرين من الشهر نفسه اغتيال إبراهيم عقيل، قائد العمليات الخاصة في الحزب، إلى جانب قادة من وحدة الرضوان. وفي 23 سبتمبر أطلقت إسرائيل عملية “سهام الشمال”، وهي أعنف حملة قصف جوي يشهدها لبنان منذ حرب 2006، وشملت مختلف المناطق اللبنانية من الجنوب وصولًا إلى المعابر الحدودية مع سوريا في الشمال[33]. وجاءت ذروة التصعيد الإسرائيلي في 27 سبتمبر باستهداف مقر القيادة المركزية لحزب الله، وقد أدت إلى اغتيال أمينه العام، حسن نصر الله، وقادة عسكريين آخرين، لتبدأ بعدها عملية قصف واسع النطاق شملت الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى على امتداد لبنان[34].

ورغم أن القتال برًّا ظل محصورًا بعد شهر من اندلاعه على طول الحدود بسبب المقاومة الشديدة التي يُبديها حزب الله، فإن نطاق الضربات الجوية شمل أجزاءً واسعة من لبنان مع التركيز خصوصًا على المناطق التي توجد فيها قواعد لحزب الله أو حاضنته الشعبية، مثل الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب، حيث جرى تشريد أكثر من مليون شخص. وتهدف الحملة العسكرية الإسرائيلية، التي أدت أيضًا إلى دمار واسع خاصةً في القرى الجنوبية، إلى إجبار حزب الله والحكومة اللبنانية على الرضوخ للشروط الإسرائيلية الهادفة إلى تعديل قرار مجلس الأمن 1701؛ بما يضمن نزع سلاح حزب الله، أو على الأقل ضمان عدم استعادته قوته أو وجوده في مناطق جنوب نهر الليطاني[35].

استجابة محور المقاومة للعدوان الإسرائيلي على لبنان:

منذ الأيام الأولى للحرب استعاد حزب الله منظومة القيادة والسيطرة لديه بدرجةٍ معقولة؛ فواجه عمليات التدخل البري الإسرائيلية، المدعمة بهجماتٍ متواصلة من سلاح الطيران الحربي والمسير، بإمكانيات قتالية وتسليحية وتنظيمية حالت دون تحقيق الهجوم البري الإسرائيلي طوال الشهر الأول من الحرب أي اختراق استراتيجي يُذكر لخطوط الدفاع الأمامية للمقاومة في جنوب لبنان، أو حتى أي احتلال كامل لقرى وبلدات لبنانية تقع على حافة الحدود اللبنانية – الفلسطينية، بل إن تلك الإمكانيات أوقعت في صفوف الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية وتسليحية عالية.

كما حافظت المقاومة في لبنان خلال الشهر الأول من الحرب البرية، على القيام بعمليات هجومية دفاعية بالصواريخ والمسيرات في أعماق الكيان الصهيوني، وبخاصةٍ في شمال إسرائيل الذي يحوي المواقع الخلفية للقوات الإسرائيلية المشاركة في الحرب وبعض الصناعات العسكرية الحساسة، والكثير من النقاط الحيوية والاستراتيجية لديه. لذا تلجأ إسرائيل في هذه الحرب، على نمط حرب غزة، إلى التعويض عن فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية باستهداف المدنيين وتدمير الأحياء السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية والثقافية في القرى والمدن التابعة للبيئة الحاضنة للمقاومة، لممارسة المزيد من الضغط السياسي والمعنوي على المقاومة وحاضنتها[36].

في الوقت نفسه، ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على حزب الله، شنت المليشيات العراقية ضمن إطار ما يُعرف بـ “المقاومة الإسلامية في العراق” هجمات متفرقة بالطائرات المسيرة ضد إسرائيل، وأعلنت الأخيرة اعتراضها بالطائرات الحربية. كما قامت المليشيات بالرد على اغتيال حسن نصر الله بعدة عمليات هجومية داخل إسرائيل في سياق عملية الوعد الصادق 2 وذلك على مرحلتين؛ المرحلة الأولى هاجمت فيها المليشيات العراقية ميناء إيلات جنوب إسرائيل بمسيرة متطورة القدرات -طبقًا لوصف المليشيات. والعملية الثانية شنت فيها الفصائل ثلاث هجمات منفصلة بمسيرات على عدة مناطق في الجولان المحتل وطبريا، وقد أسفرت عن وقوع خسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين ووفاة ثلاثة منهم. كما أعلنت الفصائل عزمها الاستمرار في مهاجمة المدن الإسرائيلية بوتيرةٍ متصاعدة خلال الفترة القادمة.

هذه الاستهدافات لها بالطبع دلالتها، وسيكون لها نتائج وتداعيات من شأنها أن تضع المليشيات العراقية والعراق في مرمى الرد الإسرائيلي المحتمل. وقد عكست تلك العمليات أمرين؛ أولا التأكيد على استمرارية وجود الفصائل العراقية ضمن جبهة محور المقاومة والتأكيد على مبدأ وحدة الساحات، وخاصةً بعد فترة الكمون التي اتسمت بها تفاعلات المليشيات العراقية مع المقاومة الفلسطينية. ثانيًا، انتقال إسناد المليشيات العراقية بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى مراحل أكثر فعالية وتطورًا في رد الفعل. وهو ما يشير إلى أن الفصائل لم تعد محكومة بنطاقٍ محدد في استهدافها الداخل الإسرائيلي، وبالتالي ستستمر في استهداف مناطق هامة في هذا النطاق بدلا من استهداف التواجد الأمريكي في العراق فقط[37].

وفي اليمن، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين أنه سيتم تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية ضد إسرائيل؛ نصرًا للأخوة في فلسطين ولبنان، وأنه لن تتوقف العمليات العسكرية في الأيام المقبلة حتى يتوقف العدوان على غزة ولبنان. واستمرت الجماعة في استهداف سفن شحن إسرائيلية أو سفن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر بصواريخٍ ومسيرات[38]. كما استهدفت الجماعة إسرائيل بإطلاق صاروخ بالستي صوب تل أبيب[39]، واستهدفت منطقة صناعية في عسقلان جنوبي إسرائيل باستخدام طائرات مسيرة لم يعترضها سلاح الجو الإسرائيلي[40]. بشكلٍ عام، شهدت هجمات الحوثيين ازديادًا بعد هجوم إسرائيل على لبنان، كما ارتفعت وتيرة العمليات التي تستهدف المدن والموانئ الإسرائيلية.

من جهته، غاب النظام السوري عن المواجهة منذ أحداث طوفان الأقصى، وذلك لأسبابٍ منها رغبة النظام السوري في عدم التورط في أي تصعيدٍ مع إسرائيل، منعًا لتوسيع حالة الاستهداف العسكري التي تقوم بها من آنٍ لآخر لمناطق عسكرية مهمة في دمشق، خاصةً في مناطق الجنوب والوسط حيث مطار دمشق الدولي. كما أن العلاقة بين النظام السوري وحركة حماس ليست بقوة العلاقة مع حزب الله الذي قدم دعمًا عسكريًا كبيرًا للنظام لقمع المعارضة والاحتجاجات الشعبية في سوريا[41].

على مستوى إيران، اتسمت سياستها منذ اندلاع طوفان الأقصى بتجنب التصعيد والمواجهة المباشرة. ويرجع ذلك إلى عددٍ من العوامل من أهمها توجهها إلى تلطيف علاقتها مع الغرب؛ رغبةً منها في رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها وأيضًا من أجل التركيز على الملف النووي وإعادة المفاوضات. كما تخشى إيران قيام حرب مفتوحة مع إسرائيل مما سيؤدي حتمًا إلى تدخل الولايات المتحدة، والذي قد ينتج عنه استهداف المنشآت النووية الإيرانية[42]. بالرغم من ذلك، اختارت إسرائيل التصعيد باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران في يوليو 2024، ومقتل حسن نصر الله وقيادات حزب الله في لبنان في سبتمبر. ردًا على ذلك، وجهت إيران ضربات مباشرة لإسرائيل في الأول من أكتوبر 2024 من خلال إطلاق نحو 200 صاروخ باتجاه إسرائيل. وكانت هذه الضربة هي الرد الأول من إيران بعد الحرب المباشرة بين إسرائيل وحزب الله، ويُعد الهجوم الثاني التي تستهدف فيه الأراضي الإسرائيلية مباشرةً بعد اندلاع حرب غزة إثر عملية طوفان الأقصى، حيث أطلقت إيران من أراضيها في أبريل حوالي 300 طائرة مسيرة على إسرائيل ردًا على قصف قنصليتها في دمشق ومقتل قائد الحرس الثوري في سوريا ومنسق قوات فيلق القدس. وقد أعلنت إسرائيل إنها أحبطت 99 في المائة من الهجوم الإيراني، ووجهت ضربة محدودة، مستهدفة منظومة رادار بالقرب من منشآت حساسة، بينما قللت طهران من أهمية الهجوم[43]. ذلك حيث توالت الضربات بين إيران وإسرائيل، والتي كان أخرها رد إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر 2024 والذي استهدف عدة مدن إيرانية[44].

بشكلٍ عام، تصاعدت الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل تدريجيًا منذ 8 أكتوبر 2023. وتفيد الأرقام أن حزب الله أطلق 6700 قذيفة وصاروخ في المدة من 8 أكتوبر 2023 حتى بداية أغسطس 2024، أي بمعدل 20 قذيفة وصاروخًا يوميًا. وتجاوز كم القذائف والصواريخ بعد الاجتياح البري للبنان 100 صاروخ وقذيفة في الهجمة. وبالمقارنة بحرب حزب الله وإسرائيل في 2006، تفوقت قدرات حزب الله العسكرية الحالية على مستوى القدرات العسكرية للقوات من غير الدول. وهي تظل مع ذلك ضعيفة نسبيًا في المجالين الجوي والبحري، وأقل فاعلية نسبيًا في الدفاع الجوي الأرضي. وعلى الرغم من الخسائر التي أصابت حزب الله، فقد برهن على أنه رغم قسوة الضربات استطاع أن يستعيد التوازن سريعًا، بعد الاهتزاز الذي أصابه، في غضون أحد عشر يومًا فقط، وباشر منذ 8 أكتوبر 2024 مجموعة من العمليات التي آلمت العدو[45].

وتُشير التقديرات أن القوة البشرية لحزب الله تبلغ 50 ألف مقاتل إضافةً إلى قوة احتياط بحجمٍ مماثل، وهي أرقام تقريبية. فيما يخص القتال بالمدرعات، فقد تمرس حزب الله أثناء الحرب السورية على القتال بالدبابات. ويوجد الجزء الأكبر من ترسانته المدرعة في سوريا، وليس في لبنان، وذلك لأغراض الحماية بسبب التفوق الجوي الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية. ومع ذلك، فإن وحدات حزب الله أشد قدرةً وخبرةً وفتكًا في حرب المشاة المضادة للدبابات. وتعتمد القوة البرية للحزب على المدفعية الصاروخية ومدفعية المشاة على نحوٍ كبير، وهو ما تم استخدامه في مواجهة التوغل البري الإسرائيلي. بالنسبة للدفاع الجوي، أثبت حزب الله -بحسب مقاطع مصورة- امتلاكه أكثر من 13 نوعًا من أنظمة الدفاع الجوي القصيرة المدى، غير أنه أقل قدرة على الدفاع الجوي المتوسط والبعيد المدى. وعمومًا، يظل فرع الدفاع الجوي من بين أضعف فروعه القتالية، ما يخلق عددًا من التحديات الاستراتيجية والعملياتية للحزب[46].

ويمتلك الحزب بجانب المجال البري، أصولا محدودة في المجال الجوي (المسيرات)، ولديه على مستوى المجال البحري أسطول صغير من الزوارق الهجومية السريعة الخفيفة التسليح. ويمتلك بعض القدرات في الحرب الإلكترونية والسيبرانية، ولكن رغم الخبرة الكبيرة لجهاز استخباراته في الحرب النفسية والعمليات المعلوماتية ومكافحة التجسس، فإن شبكات اتصالاته ثبت أنها غير آمنة عقب تفجير إسرائيل لأجهزة اتصالات الحزب.

ومما هو جدير بالذكر، أنه رغم ضعف الإمكانيات، إلا أن قوات الحزب تقدمت في مجال العمليات الجوية، ففي عام 2024، زاد مستوى الدقة والمدى والحمولة الخاص بالقوات الجوية للحزب. كما أظهر الحزب قدرة جديدة نسبيًا في استخدام المسيرات؛ إذ بات يمكنه الرؤية عميقًا في إسرائيل. وقد نجح حزب الله في تنفيذ العديد من الخروقات للمجال الجوي الإسرائيلي، حيث اخترقت مسيراته العسكرية هذا المجال في عمقه لجمع المعلومات الاستخباراتية، وإجراء عمليات المراقبة والاستطلاع، وكانت عملية قيساريا التي استهدفت منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية وعززت من خسائر العدو خير مثال.

وخلال الحرب، قامت المسيرات بنقل إحداثيات مواقع أهدافها إلى بطاريات الصواريخ، والمدفعية، لتوجيه ضرباتٍ دقيقة. ولكن واجه حزب الله تحديات في تطوير قواته الجوية غير المأهولة وبنائها وتوظيفها؛ حيث افتقر خلال الحرب إلى القدرة على نشر أسراب كبيرة من المسيرات والحفاظ عليها، وهو ما يلزم لتحقيق تفوق جوي. مع ذلك، كثف حزب الله حرب المسيرات ليقوض الهدف العملياتي لإسرائيل بفاعلية، واستخدم عدة أنواع من المسيرات لمجابهة القوات الإسرائيلية[47].

بشكلٍ عام، يمكن الإشارة إلى الخسائر التي تكبدتها إسرائيل خلال نحو شهرٍ من القتال، حيث قتل حزب الله 90 جنديًا وأصاب 750، ودمر 38 دبابة، وأسقط 5 مسيرات، وماتزال القوات الإسرائيلية تجد صعوبة في التقدم في قرى الحافة الأمامية. وقد اعتبر أن المعدل اليومي لهذه العمليات -الذي وصل إلى ثلاثة قتلى ونحو 25 جريحًا- يكبد تل أبيب خسائر كبيرة لا تستطيع تحملها على المدى الطويل[48].

فيما يتعلق بالتنسيق مع الأذرع الأخرى لمحور المقاومة، بدا كما لو كانت هناك عدة جبهات تعمل في الوقت نفسه ضد إسرائيل. إلا أن تطورات الأحداث عكست افتقاد تلك الجبهات للتنسيق، كل فريق له حساباته الخاصة، ولم يكن هناك تكامل أو اتفاق مسبق على عملٍ مشترك. إذ لم تتسبب هجمات الحوثيين أو الفصائل العراقية أو تلك العاملة بسوريا بأضرارٍ جدية لإسرائيل، كما كان الهدف منذ عملية الأقصى إظهار التضامن وليس المشاركة الفعلية، فقد كانت إيران، التي ترعى وتمول تلك الفصائل، تخشى أن تؤدي المشاركة الفعلية إلى بدء حرب إقليمية كبرى تدخلها أمريكا إلى جانب إسرائيل، وتكون عواقبها وخيمة على طهران ومحور المقاومة. لكن التطور الأهم الذي قد يُطيح عمليًا بوحدة الساحات، هو اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، والذي يفرض على حزب الله شروطًا تجعل استئناف العمليات ضد إسرائيل شبه مستحيل، على الأقل في المدى المنظور. كما أن جبهات المساندة الأخرى تراجعت هجماتها بشدة خلال الفترة الماضية، وحتى لو استمر بعضها في العمل، فإن تأثيرها يكاد يكون منعدمًا[49].

خاتمة:

أحدث التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل، وما رافق ذلك من اجتياح الأراضي اللبنانية من قبل الجيش الإسرائيلي، تحولًا في طبيعة الصراع الإقليمي والردود والأدوار المتوقعة من محور المقاومة. وقد أظهرت هذه الأحداث دورًا متزايدًا ومتغيرًا لمحور المقاومة في تعزيز استراتيجيات المواجهة، من خلال ارتفاع عدد الضربات وحدتها واستهدافها للداخل الإسرائيلي بشكلٍ متزايد. وفي حين أن التحديات تزداد تعقيدًا، فإن هذه المرحلة الجديدة تبرز أهمية التنسيق بين مكونات محور المقاومة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مما يفتح بابًا واسعًا لتحليل سبل تعزيز الفاعلية الاستراتيجية لهذا المحور، عبر استعراض هذه التطورات وتفاعلاتها.

في هذا الإطار، ناقشت الورقة التطور في إمكانيات وأدوار محور المقاومة استجابةً للسياقات والصراعات الإقليمية المختلفة. وقد انقسمت إلى أربعة محاور؛ تناول المحور الأول نشأة محور المقاومة عبر عدة مراحل، بينما ناقش المحور الثاني دور واستراتيجيات محور المقاومة بالتركيز على تأثير ثورات الربيع العربي وما تبعها من تغيرات إقليمية وتغيرات في موازين القوى على تطور وتوسع محور المقاومة وتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، أما المحور الثالث فسلط الضوء على دور ومساهمة محور المقاومة بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2024، ومدى تجسيد وحدة الساحات، وأخيرًا ناقش المحور الرابع دور محور المقاومة واستجابته بعد تطور المواجهات بين حزب الله وإسرائيل واجتياح إسرائيل بريا للبنان، وما كان من نقاط قوة ومكامن ضعف.

_______________

هوامش

باحثة في العلوم السياسية.

[1] حسن نافعة، “محور المقاومة” في مرآة “طوفان الأقصى”، الميادين، 19 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/kxvlby

[2] محور المقاومة.. تحالف إقليمي لمواجهة إسرائيل، الجزيرة، 19 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع:: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/fxbolw

[3] محمد علي إسماعيل، مستقبل محور المقاومة وسيناريوهات التوسُّع الإقليمي للحرب، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 7 مايو 2024، تاريخ الاطلاع:: 17نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/puezan

[4] حسن نافعة، “محور المقاومة” في مرآة “طوفان الأقصى”، مرجع سابق.

[5] محور المقاومة والممانعة والاستثمار في الفشل، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 5 يناير 2019، تاريخ الاطلاع:: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/zbD1EtAF

[6] محمد سالم، تورُّط مليشيا “حزب الله” في سوريا.. من التوظيف إلى الاختراق الأمني، مركز الحوار السوري، 1 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 29 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/usqngh

[7]محمد نادر العمري، محور المقاومة.. النشأة والتطوّر ووحدة المصير، الميادين، 6 يوليو 2021، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/dbpnuf

[8] منير موسى، آسية قوراري، موقف إيران كقوة تعديلية في ميزان القوى الجديد في الشرق الأوسط، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 13 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/xmyioc

[9] محجوب الزويري، العبء المذهبي: العوامل الحاكمة للسياسة الإيرانية تجاه العالم العربي، السياسة الدولية، 15 مارس 2015، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/0bVbPh1b

[10] Edward Wastnidge, Simon Mabon, The resistance axis and regional order in the Middle East: nomos, space, and normative alternatives, British Journal of Middle Eastern Studies, 21 Feb 2023, p. 8.

[11] Seth G. Jones, War by Proxy: Iran’s Growing Footprint in the Middle East, Center for Strategic and International Studies (CSIS), 11 March 2019, accessed at: 17Novmber 2024, available at: https://2u.pw/nYCP4QhA

[12] Edward Wastnidge, Simon Mabon, Ibid, p. 7.

[13] Guido Steinberg, the “Axis of Resistance”, German Institute for International and Security Affairs, August 2021, p. 5.

[14] سعيد الصباغ، العمق الاستراتيجي الإيراني بمنطقة الشرق الأوسط دراسة حالة ” محور المقاومة الإسلامية”، مجلة رسالة المشرق، المجلد 37، العدد الأول، 2022، ص ص 185، 186.

[15] عمار جلو، تطور العلاقات الروسية-الإيرانية بعد الحرب الأوكرانية، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 20 مايو 2024، تاريخ الاطلاع: 30 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/umdrnh

[16] Ibid, p. 6.

[17] عوض الرجوب، في ذكراها الأولى.. كيف شكّلت معركة “سيف القدس” نقطة تحوّل في المقاومة الفلسطينية؟، الجزيرة، 17 مايو 2022، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/xovcal

[18] قاسم قصير، وحدة الساحات أو وحدة الجبهات أو محور المقاومة: بين الشعارات والوقائع، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2023، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/nhUiJua

[19] منير موسى، آسية قوراري، مرجع سابق.

[20] عملية “طوفان الأقصى”: انهيار الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه غزة، المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، 12 أكتوبر 2023، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي:   https://2u.pw/mUfEjjU

[21] الأبعاد الاستراتيجية لتدخل دول محور المقاومة وحركاتها عسكريًا نصرةً لغزة، وتأثيراته، الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، 10 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/N3gsrNpB

[22] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/k3v3Gfj

[23] عادل السالمي، ثماني محطات إيرانية بعد «طوفان الأقصى»، الشرق الأوسط، 10 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 30 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/jghlcl

[24] محمد السعيد إدريس، علاقات إيران مع محور المقاومة في ضوء تحديات طوفان الأقصى، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 28 مايو 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/0ftVTN57

[25] قاسم قصير، مرجع سابق.

[26] المواجهة بين حزب الله وإسرائيل واحتمالات اندلاع حرب شاملة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 3 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/jKJZRN9D

[27] على الذهب، انخراط الحوثيين في حرب غزة وتداعياته على أمن البحر الأحمر، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 28 يناير 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/QJ2lePLR

[28] المقاومة الإسلامية في العراق.. فصائل موالية لإيران تكتلت بعد طوفان الأقصى، الجزيرة، 5 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح على الرابط التالي: http://surl.li/viyhft

[29] قاسم قصير، مرجع سابق.

[30] الحرب البرية الإسرائيلية على لبنان: أهدافها ومساراتها، مركز دراسات الوحدة العربية، 9 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/olqwdz

[31] العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد استهداف مقر القيادة المركزية لحزب الله واغتيال أمينه، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 29 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/MYLu7jdY

[32] 9 قتلى و2750 مصابا في انفجار أجهزة اتصال بلبنان وحزب الله يتوعد إسرائيل، الجزيرة، 17 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/nvssvo

[33] آمال شحادة، “سهام الشمال” تجر المنطقة إلى حرب شاملة وفريق إسرائيلي لرسم خريطة طريق لإنهائها، اندبندت عربية، 25 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/acshid

[34] مايكل يونغ، إسرائيل اغتالت أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ديوان، 30 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/rxsapi

[35] التحرك الأميركي نحو لبنان: التفاوض تحت النار، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 24 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي:  https://2u.pw/NeNURcoX

[36] الحرب البرية الإسرائيلية على لبنان: أهدافها ومساراتها، مرجع سابق.

[37] صافيناز محمد أحمد، المليشيات العراقية والحساب المفتوح ضد إسرائيل.. ماذا بعد اغتيال نصر الله، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/jh1Gfntz

[38] إسرائيل تتوعد الحوثيين بعد حزب الله والجماعة تؤكد استمرار المقاومة، الجزيرة، 28 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/qzjzyw

[39] وضاح الجليل، الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف في إسرائيل وتحذير يمني من التصعيد، الشرق الأوسط، 27 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/brrfqz

[40] الحوثيون يتبنون هجوما بالمسيرات على عسقلان، الجزيرة، 29 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/ksqgnh

[41] صافيناز محمد أحمد، وحدة الساحات والحرب بين إسرائيل وحزب الله، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 16 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/B0xdrBRe

[42] ميشال أبو نجم، 4 عوامل رئيسية تبقي إيران بعيدة عن حرب لبنان، الشرق الأوسط، 27 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/tqmmjf

[43] محطات الصراع بين إيران وإسرائيل… من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة، الشرق الأوسط، 17 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/ehsbyh

[44] غنى الخطيب، 10 أسئلة تشرح تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على إيران، الجزيرة، 27 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 17 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/kpxiyi

[45] محمد شقير، هل بدأ «حزب الله» يستعيد توازنه في مواجهة إسرائيل؟، الشرق الأوسط، 29 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 1 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/iysday

[46]  نهاد ذكي، لماذا تخشى إسرائيل القدرات العسكرية لحزب الله؟، الجزيرة، 19 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 1 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/dxzpnc

أسلحة وصواريخ حزب الله اللبناني.. أنواعها ومداها واستخداماتها، الجزيرة، 21 نوفمبر 202، تاريخ الاطلاع: 1 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/pchgwp

[47]إسلام المنسي، مرحلة إيلام العدو: كيف تطورت استراتيجية حزب الله العسكرية؟، كروم، 19 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 1 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: http://surl.li/yhazap

[48] عبد الله عبد السلام، من «الدفاع العربي المشترك» إلى «وحدة الساحات»، العربية، 29 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 1 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/zm65L

[49] عبد الله عبد السلام، مرجع سابق.

  •  فصلية قضايا ونظرات- العدد السادس والثلاثون- يناير 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى