فتح جبهة لبنان والأوضاع في غزة: بين وحدة الجبهات وفك الارتباط


مقدمة**:
أعلن محمد الضيف القائد العسكري لحركة حماس في كلمته المسجلة بعد هجمات السابع من أكتوبر: “يا إخوتنا في المقاومة في لبنان وسورية والعراق وإيران، هذا اليوم الذي ستلتحم فيه الجبهات”[1]، مُنذ ذلك الحين وفي 8 أكتوبر 2023 انخرط حزب الله في حرب مقيدة الأهداف ضد إسرائيل تمثلت في إسناد يهدف إلى تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة وذلك في إطار قواعد الاشتباك المعمول بها منذ حرب عام 2006.
إلا أنه ومُنذ شهر يوليو ومع وقوع حادثة مجدل شمس أخذت الأحداث تتجه ناحية التصعيد؛ فاغتالت إسرائيل رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر في 30 يوليو الماضي في أكبر عملية اغتيال لقيادي عسكري لحزب الله بعد اغتيال عماد مغنية عام 2008، ثم جاءت تفجيرات البيجر في 17 سبتمبر وما تزامن معها من نقل إسرائيل ثقل قواتها للشمال وإعلان مجلس الحرب إضافة هدف جديد ضمن الأهداف الاستراتيجية للحرب الدائرة في غزة وهو إعادة سكان الشمال لموطنهم، ليمثل ذلك ذروة التصعيد وكسر قواعد الاشتباك بين الطرفين وفاتحة لجبهة الشمال.
وبالرغم من تمسك حزب الله بالتزامه اتجاه إسناد غزة وعدم فصل الجبهتين حتى في ظل الضربات القوية التي وجهت له في عملية البيجر إلا أن ذلك الموقف شهد تراجعًا في ظل اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وتولي نعيم قاسم خلفًا له، والذي أبدى استعداده لفصل الجبهة اللبنانية عن غزة والسير في طريق المفاوضات، وتمخض عن تلك المفاوضات توصُّل الطرفين الإسرائيلي واللبناني لاتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي.
وفي خضم استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة والتوصل لوقف إطلاق النار في لبنان تعددت وتباينت الآراء ما بين نجاح إسرائيل في تحقيق هدفها الاستراتيجي في فصل الجبهتين للانفراد بغزة، وبين فشل المخطط الإسرائيلي في فصل الجبهات معللين ذلك بعدم عودة سكان الشمال إلى منازلهم وأن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني انتهاء الدعم بشكل كامل. وبين هذا وذاك يبرز التساؤل الرئيسي والمتمثل في: كيف أثر فتح الجبهة الشمالية على الأوضاع في غزة؟ ويسعى هذا التقرير للإجابة عن ذلك التساؤل الرئيسي في إطار العلاقة بين الحرب والسياسية لتحديد درجة التأثير بين الجبهتين، وعليه ينبثق سؤالان فرعيان هما:
1- كيف أدرات إسرائيل حروبها في لبنان وغزة؟ وما انعكاس ذلك على الجبهتين؟
2- ما أثر المسار التفاوضي على العلاقة بين لبنان وغزة؟ وما مدى تأثير العلاقة بين نتيناهو والمؤسسة الأمنية وعلى رأسها الجيش على ذلك المسار التفاوضي؟
المحور الأول- إسرائيل وإدارة الحروب في غزة ولبنان
إن إجراء تقييم لأي عملية إدارة للحروب -warfare- يتطلب النظر في ثلاث مستويات، وهي:
1- المستوى الاستراتيجي (ماكرو).
2- المستوى العملياتي (ميزو).
3- المستوى التكتيكي (ميكرو).
تلك المستويات الثلاثة تتضافر فيما بينها وتؤثر في بعضها البعض، مما ينتج عنها تداعيات وعواقب حيث يؤثر المستوى الاستراتيجي للحرب –المستوى الأعلى– في المستويين الأدنى منه –العملياتي والتكتيكي- والعكس صحيح[2]. وقد لخَّص المُنظِّر العسكري الشهير صن تزو ذلك في مقولته “الاستراتيجية بدون تكتيكات هي أبطأ طريق للنصر، أما التكتيكات بدون استراتيجية فهي ضجيج ما قبل الهزيمة”[3].
وفي هذا الصدد، يعالج هذا المحور كيفية إدارة القوات الإسرائيلية لحروبها في جبهة لبنان وغزة بالتوازي وانعكاس ذلك على الجبهتين، وذلك في إطار المستويات الثلاثة السالف بيانها؛ حيث ينظر المستوى الاستراتيجي إلى جُملة الأهداف السياسية أو الأمنية التي تحددها الدولة وكيفية استخدام وتسخير الموارد الوطنية لتحقيق تلك الأهداف، أما المستوى العملياتي فهو يرتبط بمسارح العمليات وتنفيذ الحملات العسكرية فيها وتبرز أهميته في كونه يُعد الضامن للتماسك بين الأهداف والمتطلبات التي تأتي من المستوى الاستراتيجي وما يتم القيام به على المستوى التكتيكي من قِبل العناصر العسكرية[4]، وبالنسبة للمستوى التكتيكي فهو يشير إلى فن استخدام القوة وتنظيمها أثناء الاشتباك مع الخصم في ميدان المعركة؛ ويكون الهدف ترجمة المهارات والموارد القتالية لميزة أو انتصار في المعركة[5].
أولا- جبهة لبنان
مُنذ الثامن من أكتوبر 2023 تصاعدت الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل بسرعة من حيث الشدة والحجم والمدى، فعلى سبيل المثال مُنذ منتصف فبراير 2024 تجاوز عدد الهجمات الصاروخية التي أُطلِقت من جنوب لبنان تلك التي أُطلقت من غزة ليصل معدلها خلال مارس وأبريل 2024 إلى 100 صاروخ في بعض الأيام وهو عدد قريب من المعدل اليومي البالغ 120 صاروخًا في حرب عام 2006[6].
كان لتلك الهجمات أثر عسكري على الجانب الإسرائيلي من حيث الإشارات الاستراتيجية والحرب النفسية واستنزاف الأنظمة الدفاعية الجوية الإسرائيلية وتثبيت فِرق إسرائيلية في الشمال وبناء خطوط دفاع ثابتة في العمق تحسبًا لأي غارات برية محتملة من حزب الله في شمال فلسطين، لكن ما لبث أن تحول ذلك التمركز الدفاعي إلى تمركز هجومي[7].
يأتي ذلك التحول الدراماتيكي من التمركز في وضع الدفاع إلى هجوم مع رفض حزب الله الدخول في تسوية منفردة لوقف التصعيد في الجبهة الشمالية لإسرائيل تأكيدًا على استراتيجية “وحدة الساحات”، وتزايد الضغوط من قِبل سكان الشمال لرفضهم العودة إلى الشمال في حال أُعلنت تسوية مع لبنان بدون حسم عسكري ضد حزب الله، فضلا عن الرغبة المتزايدة للأوساط اليمينية في حكومة نتنياهو في فتح مواجهة عسكرية واسعة على الجبهة اللبنانية كونها فرصة للاستيلاء على جنوب لبنان[8]، كلتلك العوامل جعلت من مسألة فتح جبهة الشمال مسألة وقت حتى أعلنت الحكومة الإسرائيلية في 17 سبتمبر توسيع أهدافها لحرب غزة لتشمل هدفًا رابعًا وهو إعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم[9].
تزامن توسيع الهدف الاستراتيجي مع تحول على المستويين العملياتي والتكتيكي؛ فمن حيث المستوى العملياتي اتسعت مسارح عمليات الجيش الإسرائيلي لتشمل الجبهة الشمالية حيث قام الجيش الإسرائيلي بنشر مجموعة كبيرة من القوات في الشمال بما في ذلك ألوية من الفرقة 36 النظامية التابعة للقيادة الشمالية وفرقة المظليين النخبوية 98 وفرقة المدرعات الاحتياطية 146 ليمثل حجم المجموعات القتالية الحالية التي تم حشدها في الشمال ما يتجاوز حجم أربع فرق، وهو أضعاف حجم القوات الإسرائيلية الغازية للبنان عام 2006[10].
بالتوازي مع ذلك وعلى المستوى التكتيكي تم تنفيذ عملية تفجيرات أجهزة البيجر التي تستخدمها عناصر حزب الله في يوم 17 سبتمبر 2024 والتي مثلت أولى خطوات التصعيد الحقيقي ونقل مركز ثقل العمليات العسكرية شمالا حسبما صرح به وزير الدفاع آنذاك غالانت ورئيس الوزراء نتنياهو[11]؛ أعقب ذلك غارة جوية يوم 20 سبتمبر أسفرت عن مقتل 45 شخصًا على الأقل منهم اثنان من كبار قادة حزب الله. وعقب ثلاثة أيام في 23 سبتمبر نفذت مئات الغارات الجوية وأكثر من ألف طلعة جوية استهدفت 1600 موقع يُعتقد أنها تابعة لحزب الله، وضمن عملية سهام الشمال استهدفت إسرائيل من خلال سلسلة من الغارات مستودعات الصواريخ الموجهة وغير الموجهة ومخازن الذخيرة ومواقع منصات الإطلاق والمسيرات الخاصة بالاستطلاع والهجوم، وفي خطوة تصعيدية قام سلاح الجو الإسرائيلي باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بتاريخ 27 سبتمبر وذلك بإلقاء أكثر من 80 قنبلة خارقة للتحصينات[12].
ما تجدر الإشارة إليه أنه وبالرغم من الحشد الهائل للقوات من جانب إسرائيل إلا أن العملية البرية ظلت محدودة، وبدلا من ذلك اعتمدت إسرائيل -في إطار تكتيك “جز العشب”*– على تفوقها من ناحية سلاح الجو في ضرب أهدافٍ للحزب مثل المواقع العسكرية وتخزين الأسلحة[13] بقصد إضعاف قدرات الحزب العسكرية؛ لا سيما ما عُرف بـ”ثورة الصواريخ” المكونة من أربع ركائز رئيسية هي: الدقة (الصواريخ الموجَّهة وحِزم التوجيه)، الاتصالات (بين وحدات المدفعية الصاروخية والمسيرات)، الاستطلاع/ أجهزة الاستشعار (طائرات الاستطلاع قصيرة ومتوسطة المدى التي يمكنها رصد المواقع العسكرية والأمنية الإسرائيلية)، المدى (الصواريخ المتوسطة المدى مثل صواريخ فاتح 110 الموجَّهة وصواريخ زلزال 2 غير الموجهة)[14].
ومن ناحية أخرى، وإدراكًا من إسرائيل لأهمية قضية ولاء السكان في نجاح المقاومة ودعمها[15]، عملت من خلال الاعتماد مرة أخرى على تفوقها الجوي في مُعاقبة المدنيين بسبب احتضانهم لمقاتلي المقاومة في إطار ما يعرف بـ”عقيدة الضاحية”؛ حيث يتم ضرب البنية التحتية العسكرية والمدنية في المنطقة المستهدَفة وذلك بغية خلق بيئة مدنية معادية للمقاومة[16].
يمكن القول إنه على المستوى التكتيكي والعملياتي قد نجحت إسرائيل في إحراز تقدم في هذا الشأن من حيث إضعاف موارد الحزب العسكرية وضرب هيكله القيادي فضلا عن نجاحه في إرهاب المدنيين وفقًا لعقيدة الضاحية المشار إليها آنفًا، لكن وبالرغم من ذلك فإنه يجب الأخذ في الاعتبار أن “للطرف المقابل صوتًا دائمًا”. وعليه يبقى التساؤل الأساسي في ذلك الشأن عما إذا كان لدى حزب الله القدرات اللازمة لتنفيذ ضربات نوعية من حيث المدى والدقة والقوة التفجيرية، أم أن القوات الإسرائيلية قد نجحت بالفعل في تقليص تلك القدرات بحيث باتت محدودة التأثير عملياتيًّا[17]؟
في سياق الإجابة عن ذلك السؤال يمكن القول إنه بالرغم من الضربات التي تعرض لها الحزب فإنه استطاع امتصاص الصدمة الناتجة عن تلك الضربات؛ فتركيز القوة النارية الساحقة وتوجيه ضربات عميقة لقطع رأس خلايا حزب الله لا معنى لها إذا كانت موجهة ضد شبكة لا مركزية[18]؛ حيث أشارت تقارير الاستخبارت العسكرية الإسرائيلية إلى أن قوات الحزب على الخطوط الأمامية ما زالت منضبطة ومحافظة على تسلسل عسكري صارم فضلا عن تمتع وحدات حزب الله على الأرض بقدر كبير من الاستقلال لمواجهة القوات الإسرائيلية، فهي تعرف المهمة المُكلفة بها وتستطيع تنفيذها دون الحاجة إلى وجود اتصال دائم بسلسلة القيادة. يضاف إلى ذلك أن الحزب كثف من استخدامه للصواريخ غير الموجهة لمنع الحكومة الإسرائيلية من إعادة مواطنيها لديارهم في الشمال[19].
على المستوى الاستراتيجي، وبالرغم من توصل الطرفين لاتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر؛ ما يعني ظاهريًا أن النجاحات التكتيكية والعملياتية التي حققها الجيش الإسرائيلي قد آتت أُكلها على المستوى الاستراتيجي، إلا أنه يرجَّح أن إسرائيل قبلت بذلك إدراكًا منها بأن التقدم الذي أحرزته في جنوب لبنان قليل جدًا وأن ما تم تحقيقه بالفعل جاء بتكلفة باهظة للغاية وبتحول الجبهة إلى حرب استنزاف لا تستطيع إسرائيل الفوز بها[20]، وهو الأمر الذي ظهر جليًا في تصريح نتنياهو حول أسباب وقف إطلاق النار بأنه فرصة لإنعاش الجيش[21].
يضاف إلى ذلك أنه ما زال من المبكر الحكم على نجاح إسرائيل من الناحية الاستراتيجية بمجرد توصلها إلى وقف إطلاق النار؛ كونه مرهونا بمدى التزام الطرفين بتلك الاتفاقية، لا سيما في ظل توعد نتيناهو باتخاذ إجراءات عسكرية ردًا على أي خرق، وهو ما قد يشعل فتيل الصراع من جديد[22]. ففي أعقاب سريان الهدنة الحالية أصدر وزير الدفاع أوامر للجيش الإسرائيلي “للتحرك بقوة ودون تنازلات” لمواجهة أي تقدم لحزب الله في جنوب لبنان تزامنا مع إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على عدة مركبات في كفر كلا يشتبه أن تكون تابعة لعناصر الحزب[23]، يضاف إلى ذلك أن إسرائيل ما زالت مترقبة من مدى التزام الحزب بوقف إطلاق النار وآية ذلك أن الحكومة الإسرائيلية لم تدعُ المستوطنين والسكان –حتى وقت كتابة هذه السطور– إلى العودة الشمال إلا لحين ثبوت الهدنة[24].
ثانيًا- جبهة غزة
تزامن مع التصعيد التدريجي في شهر يوليو الماضي بين إسرائيل وحزب الله ونقل الثقل العملياتي إلى الشمال إعلان الجيش الإسرائيلي دخول الحرب في غزة المرحلة الثالثة، التي شملت على المستوى العملياتي تخفيض قوات الجيش في القطاع بسحب القوات من داخل المدن والأحياء مع إبقاء السيطرة على محور نتساريم الذي يفصل الشمال عن الجنوب فضلا عن إنهاء الجيش عملياته العسكرية الكبرى في رفح جنوبي القطاع وسحب القوات من هناك وإبقاء السيطرة على محور فيلادليفيا[25]. ومن الناحية التكتيكية، ركزت المرحلة الثالثة على الملاحقة الأمنية لحركة حماس كمجموعة خلايا متمردة من خلال جمع أوسع وأدق للعلومات وتوجيه نيراني دقيق للغاية ومساحة أكبر لخنق القدرة على المناورة المرنة التي أظهرتها حماس عسكريًا منذ بداية الحرب[26].
تتفق المرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة مع طرح نتنياهو لرؤية استراتيجية تتمثل في إقامة حكم عسكري في قطاع غزة، والتي نُشرت في وثيقة في 23 فبراير الماضي وأشارت إلى أنه “بعد القضاء على حكم حماس وقوتها العسكرية في قطاع غزة” تأتي مرحلة انتقالية غير محددة زمنيًا يخضع فيها القطاع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية تمامًا كما في الضفة الغربية[27].
بدأت تتشكل ملامح تلك الرؤية على أرض الواقع أولا مع تعيين مسؤول عسكري إسرائيلي عن إدارة الوضع الإنساني في قطاع غزة مطلع سبتمبر الماضي ثم جاءت حملة جباليا لتؤسس أركان ذلك الحكم العسكري[28]؛ حيث سعت إسرائيل من خلال تكتيكات القصف العشوائي والأحزمة النارية وتدمير المباني، إضافة إلى حصار السكان وتجويعهم، إلى ضرب مركز ثقل المقاومة الفلسطينية والأكبر من حيث الكثافة؛ مما يؤدي إلى إجبار المقاومين على الاستسلام وإطلاق سراح الأسرى، أو الموت من الجوع[29].
في المقابل، فإن حماس استطاعت إطالة أمد مقاومتها للقوة النارية المتفوقة لدى إسرائيل من خلال استغلالها لشبكة الأنفاق في قطاع غزة. وليس ذلك فحسب، بل استطاعت من خلال صمودها فرض تكاليف اقتصادية وعسكرية واجتماعية كبيرة على إسرائيل، يضاف إلى ذلك أن حماس استطاعت التكيف مع الحصار المفروض عليها من خلال اكتساب الذخيرة الإسرائيلية غير المنفجرة لتجديد ترسانتها. بالإضافة إلى قدرتها على تجنيد مقاتلين[30]، ونرى أن قدرة حماس في حشدها للمقاتلين هي نتاج سياسة إسرائيل ذاتها في إطار ما يسمى بعقيدة الضاحية التي تمت الإشارة إليها آنفًا؛ فوقفًا لأدبيات مكافحة التمرد فإن وحشية تعامل القوات النظامية مع السكان تؤثر في ولائهم، ومن ثم تساعد تلك الوحشية في تجنيد الأفراد وجلب الموارد وإضفاء الشرعية؛ وهو ما أطلق عليه الجنرال ستانلي ماكريستال القائد السابق للقوات الأمريكية في أفغانستان اسم “حساب المتمردين”؛ فكل مدني بريء تقتله القوات النظامية يولد عشرة مقاتلين جدد ضدهم[31].
انعكس ذلك كله بالإيجاب على أداء المقاومة، سيما في إطار انتهاجها لتكتيكات الدفاع المرن من خلال تنفيذ العديد من الغارات والهجمات المضادة وإعداد الكمائن المركبة؛ فعلى سبيل المثال استطاعت المقاومة تنفيذ كمين نوعي في يوم 10 أكتوبر الماضي استهدف بنجاح سَرية للجيش الإسرائيلي مكونة من 12 مركبة عسكرية وشاحنة محملة بالجنود، فضلا عن كمين وقع في 20 من نفس الشهر وأسفر عن مقتل 4 ضباط إسرائيليين، ومن بين المؤشرات المهمة كذلك على نجاح المقاومة في عملياتها في صد الهجوم: تراجع “أيلاند” العقل المدبر وراء خطة الجنرلات عنها وتحذيره من مخاطر مواصلة الحرب في غزة[32].
صفوة القول في شأن ما تقدم، أنه يلاحظ على أداء الجيش الإسرائيلي في إدارته لحروبه بجبهتي غزة ولبنان أن جبهة غزة ظلت هي الأولوية بالنسبة لإسرائيل عن جبهة الشمال. فالهدف السياسي أو الاستراتيجي من حملة الشمال، وهو إعادة مستوطني الشمال، حمل دلالة على محدودية العمل العسكري؛ حيث كان الهدف منه إبعاد خطر حزب الله وتحييده فقط دون الانخراط في عملية برية موسعة على غرار تلك التي حدثت في عام 1982 على سبيل المثال، وكل ذلك بقصد التركيز على جبهة غزة؛ وآية ذلك تصريح نتنياهو نفسه عقب الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار أن الهدف منه فصل الجبهات وعزل حماس مما سيزيد من الضغوط على الحركة[33]. يضاف إلى ذلك أن جبهة غزة لم تهدأ حتى في ظل التصعيد في الشمال، بل عملت إسرائيل -كما سبق القول- على ضرب المقاومة في أحد أهم معاقلها وهو الشمال، والذي تجلى في تنفيذ خطة الجنرالات. ومن ثم يمكن القول إن تأثير التصعيد في جبهة لبنان على غزة من حيث المستوى العسكري كان محدودًا لم يعمل على تخفيف حدة العمليات في القطاع.
المحور الثاني: الداخل الإسرائيلي وانعكاسه على المسار التفاوضي
لا ينفصل الوجه القاسي للحرب عن الوجه الآخر وهو السياسة؛ أي التحرك السياسي والدبلوماسي على كافة الأصعدة: الثنائي والجماعي والأممي، من أجل وقف الحرب وإيجاد تسوية سلمية[34]. وفي هذا الإطار يتناول هذا المحور مسار مفاوضات وقف الحرب في كل من لبنان وغزة في محاولة لرصد العلاقة بينهما ومدى تأثير كل منهما على الآخر. ومن ناحية أخرى، وانطلاقًا من أهمية العلاقة بين الداخل والخارج، فإن هذا المحور سيعالج كذلك على المستوى السياسي الخلافات بين المؤسسة العسكرية وحكومة نتنياهو حول مسألة اليوم التالي في غزة وكذا حول فتح جبهة الشمال وأثر ذلك على الجبهتين.
أولا- مسار مفاوضات لبنان وغزة
تتكرر المفاوضات التي تسعى للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة برعاية أمريكية، لكن ما يُلاحظ بشكل جلي أن تلك المفاوضات يغلب عليها مشهد عبثي لا يمت للواقع بصلة، ففي حين يدَّعي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن إسرائيل توافق على المقترحات الأمريكية وأن حماس هي من ترفض الوصول لاتفاق مع الجانب الإسرائيلي يتضح العكس تمامًا[35]؛ فمنذ بداية الحرب سعت إسرائيل ومن ورائها شركاؤها الغربيون من خلال المفاوضات إلى توفير غطاء وتبرير للاستمرار في العدوان حتى تحقق أهدافها المعلنة والحقيقية منها؛ فإسرائيل لا تريد وقف الحرب حتى يتم تفريغ قطاع غزة وتمهيد الطريق لإعادة تشكيله دون وجود حماس في الصورة بشكل نهائي[36].
تجلى ذلك في عدة مؤشرات؛ فمن ناحية إسرائيل يلاحَظ دائمًا أنها عملت على وضع عُقد في المنشار لعرقلة الاتفاقات التي توافق عليها حماس، وكان أبرزها وضع شروط تعجيزية على مبادرة بايدن التي أُطلقت في يونيو، ومن ضمن تلك الشروط عودة إسرائيل للقتال بعد الهدنة، وتقييد عودة النازحين لشمال غزة، والاستمرار في احتلال محور صلاح الدين والإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين[37].
ولم تكتفِ إسرائيل بعرقلة المفاوضات بوضع مثل تلك الشروط، بل عملت كذلك على اغتيال المفاوضين أنفسهم في إشارة واضحة منها أنها لا تنوي المُضي قُدمًا بجدية في المفاوضات؛ فاغتالت إسماعيل هنية –رحمه الله– في قلب العاصمة الإيرانية طهران في 31 يوليو الماضي وكان الهدف من وراء ذلك توجيه ضربة قاصمة للمرونة التي تبديها حماس في المفاوضات بقبولها أكثر من مرة بمقترحات أمريكية وأمريكية مصرية قطرية في شهري مايو ويوليو، وبالفعل أفضى ذلك إلى تعقد مسار التفاوض بل وتوقفه[38]. وبالرغم من أن استشهاد يحيى السنوار -خليفة إسماعيل هنية في المنصب- في 16 أكتوبر الماضي كان من المفترض أن يوفر “فرصة لتحقيق السلام في غزة” -على حد تعبير الرئيس الأمريكي جو بايدن- بما يتضمنه ذلك من استئناف المفاوضات إلا أن ذلك لم يتحقق؛ كون نتنياهو يريد تحقيق “نصر شامل” يتمثل في القضاء على حماس واستيطان غزة، وبالتالي لم ترَ إسرائيل في مقتل السنوار فرصة لإنهاء الحرب على غزة[39].
على الجانب الآخر، اتسم موقف الولايات المتحدة بالدعم الكامل لإسرائيل في المسار الدبلوماسي والسياسي؛ ففي كل مرة تعمد الحكومة الإسرائيلية إلى إضافة شروط ومطالب جديدة سرعان ما تتبناها الإدارة الأمريكية وهو ما يضعها في موقف الخصم وليس الوسيط الساعي للتهدئة[40]، فضلا عن أن الولايات المتحدة لا تضغط على إسرائيل بشكل حقيقي بل نرى أنها توافق على ممارساتها الرافضة لأي اتفاق لوقف الحرب، والعمل على توفير الأعذار والمبررات لها لاستمرار الحرب[41].
لعل من أبرز المواقف الدالة على ذلك قيام إسرائيل بعملية عسكرية في رفح، والتي جاءت متزامنة مع إعلان حماس موافقتها على مقترح الهدنة الذي قدمته مصر وقطر بالتنسيق مع واشنطن، وقد جرى ذلك في ظل وجود تفاهم بين حكومة نتنياهو وبايدن على قيام إسرائيل بعملية عسكرية محدودة في رفح بهدف الضغط على حماس لتقديم مزيد من التنازلات في مفاوضات تبادل الأسرى مما أدى إلى انهيار المفاوضات[42]. وهو الأمر الذي يتفق ورؤية إسرائيل في اتخاذها من العمليات والتهديدات العسكرية وسيلة للضغط على مسار المفاوضات سعيًا لإجبار المقاومة على قبول تنازلات[43]، ثم جاءت زيارة نتنياهو لأمريكا وخطابه في الكونجرس الأمريكي في 25 يوليو الماضي ليؤكد قوة التحالف الأمريكي الإسرائيلي باعتبارهما كيانًا واحدًا لا يمكن تجزئته يواجه نفس الخطر والمصير والمنفعة المتبادلة، فضلا عن منح نتنياهو فرصة من خلال ذلك الخطاب لتبرير الممارسات الإسرائيلية بل وتعزيز السردية الإسرائيلية حيال أحداث السابع من أكتوبر[44].
وعلى نفس المنوال انتهجت كل من إسرائيل والولايات المتحدة ذات النهج التفاوضي السابق فيما يتعلق بلبنان؛ فالبرغم من أن جبهة لبنان كانت على وشك أن تهدأ في 25 سبتمبر الماضي نتيجة جهود فرنسية أمريكية مشتركة إلا أن الجبهة ما لبثت أن اشتعلت مرة أخرى بتصعيد من قِبل إسرائيل باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وتحول موقف البيت الأبيض على أثر ذلك التصعيد من الدعوة لوقف إطلاق النار إلى دعم كامل لعمليات إسرائيل داخل لبنان[45]. فالبتزامن مع شن إسرائيل لحملة جوية واسعة عبر لبنان شملت عشرات الأهداف تابعة لحزب الله، جاءت زيارة هوكشتاين للبنان في 21 أكتوبر الماضي ليعرض فيها شروط إسرائيل للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان والمتمثلة في السماح للقوات الإسرائيلية بالمشاركة النشطة للتأكد من عدم إعادة تسليح حزب الله أو إعادة بناء قدراته العسكرية بالقرب من الحدود فضلا عن حرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني؛ وهو ما يعد محاولة للضغط على حكومة لبنان للرضوخ للشروط الإسرائيلية[46].
وبالرغم من توصل كل من إسرائيل وحزب الله لاتفاق لوقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي إلا أنه يُلاحظ أن الاتفاق حمل في مضمونه تحيزًا واضحًا من الجانب الأمريكي لصالح إسرائيل؛ فخلافًا لما قيل من أن الاتفاق الجديد جاء ليطبق القرار 1701 بحذافيره؛ بما يعني عدم تواجد أي قوات أجنبية، إلا أننا نجد أن الاتفاق الجديد تم تعديله بما يتوافق مع ما طرحته إسرائيل سابقًا؛ فالانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من الشريط الحدودي خلال مدة ستين يومًا يعني أن إسرائيل حصلت على بند “حرية الحركة”[47]، فضلا عن وجود تفاهم بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول السماح لإسرائيل بالاستمرار للتصدي لأي تهديد يصدر من لبنان وتعهد أمريكي بالتعاون الاستخباراتي مع إسرائيل لحمايتها من أي تهديد مستقبلي من الجانب اللبناني[48].
وفرت تلك الضمانات الأمريكية فرصة لإسرائيل لخرق الاتفاق في الساعات الأولى من تنفيذه؛ حيث استهدف الجيش الإسرائيلي المدنيين وشن غارات جوية على مناطق لبنانية بما في ذلك الواقعة شمال نهر الليطاني، فضلا عن قيامه بمنع سكان أكثر من 60 بلدة من العودة لمنازلهم، وعلى أثر ذلك رد حزب الله باستهداف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا المحتلة[49].
على الجانب الآخر، كان لنجاح المسار التفاوضي في لبنان –بغض النظر عن الخروقات التي حدثت فيما بعد- والذي تكلل بالتوصل لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أثر إيجابي تمثل في تحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بمفاوضات غزة والتي شهدت جمودًا وتعثرات عدة، فعقب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار أبدت حركة حماس للوسطاء رغبتها في إبرام اتفاق مع إسرائيل بشأن هدنة في غزة[50]، أعقب ذلك تحرك دبلوماسي كثيف من مصر وبدعم من الولايات المتحدة وقطر لصياغة اقتراح وقف إطلاق النار. ويُلاحظ أن هذا الاقتراح شبيه بذلك الذي تم إبرامه في لبنان؛ حيث ينسحب الجيش الإسرائيلي جزئيًا خلال 60 يوما من القطاع يتم خلالها التفاوض على إنهاء الحرب بين الطرفين[51].
ثانيًا: الخلاف بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو
تستدعي قراءة المشهد الإسرائيلي من الداخل وفهمه بشكل صحيح الانطلاق من المقاربة القائلة بأن الدولة مفهوم ديناميكي وغير متجانس، ومن ثم فإن ما تصدره الدولة من قرارت إنما هو محصلة صراعات اللاعبين السياسيين ضمن إطار الدولة نفسها[52]؛ وفي هذا الصدد سيتم تناول “مسألة اليوم التالي” لغزة و”ملف الأسرى الإسرائليين” باعتبارهما أهم نقاط الصراع بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية -لا سيما الجيش- وحكومة نتنياهو، في محاولة لفهم أثر ذلك على مسارات التفاوض ذاتها في كل من لبنان وغزة، ومن ثم تشكيل رؤية كلية فيما يتعلق بالمستوى السياسي.
مثلت عملية السابع من أكتوبر صدمة كبرى لإسرائيل، تلك الصدمة تطلبت حلا تكتيكيًا عاجلا وردًا سريعًا على هجمات المقاومة حتى قبل وضع تصورات واضحة حول مستقبل قطاع غزة، تجسدت معضلة وضع تلك التصورات في مقولة “اليوم التالي” التي أطلقتها الولايات المتحدة في بداية الحرب حول ما ينبغي فعله اتجاه القطاع[53]. وبالرغم من أن حكومة نتنياهو وضعت أهدافًا للحرب تمثلت في: أولا- تحرير الرهائن المحتجزين في غزة، ثانيًا- القضاء على حركة حماس، ثالثًا- ضمان أن غزة لن تشكل تهديدًا مستقبليًا على أمن إسرائيل، إلا أن تحقق تلك الأهداف يعني حدوث تغيرات جذرية وكلية في منظومة الحكم في قطاع غزة، الأمر يستدعي ضرورة وضع رؤية واضحة لتساؤل “ماذا بعد؟”[54].
وفي هذا الصدد نجد أن نتنياهو رفض تقديم رؤية كلية عن كيفية انتهاء الحرب أو تحديد الفترة التي ستستغرقها لإطالتها، أملا في تحسين شعبيته والحفاظ على ائتلافه الحكومي[55]. تجلى ذلك الرفض في عدة مظاهر، منها رفض نتيناهو لمبادئ طوكيو الخمسة المقدمة من الولايات المتحدة، ولجوئه لاستراتيجية منع عقد اجتماعات بين قاد الجيش والمخابرات ووزير الدفاع يوآف غالانت لمناقشة العمليات العسكرية وجهود إنقاذ الرهائن، فضلا عن امتناعه عن مناقشة الطلبات المقدمة من رؤساء الأجهزة الأمنية حول ترتيبات ما بعد الحرب[56].
على أثر ذلك تفجر خلاف حاد بين نتنياهو وأنصاره من اليمين المتطرف من جهة والمؤسسة العسكرية والأمنية من جهة أخرى بشأن ضرورة توفير بديل حقيقي عن حكم حماس في القطاع، كون عدم توافر ذلك يفتح مجالا واسعًا لعودة سيطرة حماس في كل مرة ينسحب فيها الحيش الإسرائيلي[57]؛ الأمر الذي دعا يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها بطرح مبادرته الخاصة في 4 يناير الماضي للإجابة عن مُعضلة “اليوم التالي”، والتي رسمت الخطوط العريضة لكيفية حكم غزة وركزت بشكل أساسي على تولي هيئات مدنية فلسطينية غير معادية لإسرائيل إدارة القطاع مع احتفاظ السلطات الإسرائيلية بالحق في السيطرة على حدود قطاع غزة والقيام بعمليات عسكرية متى اقتضت الحاجة؛ وتتماشى تلك الرؤية مع الرؤية الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أن تلك الخطة تضمنت استبعاد مسألة توطين الإسرائليين في القطاع، وهو ما أغضب المسؤولين الإسرائيليين ومن ضمنهم وزير المالية سموتريش وكذا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اللذين كررا الدعوة لضرورة عودة المستوطنين الإسرائيليين لغزة بعد الحرب وتهجير مواطني غزة خارج القطاع[58].
في المقابل، تبنى نتنياهو -نتيجة الضغوط المستمرة من الإدارة الأمريكية والمؤسسة الأمنية- اقتراح العميد رومان غوفمان بإقامة حكم عسكري إسرائيلي مؤقت في قطاع غزة، وهو الأمر الذي رفضه غالانت بشدة في بيان له صدر في 15 مايو 2024؛ حيث طالب نتنياهو باستبعاد خيار تولي إسرائيل الحكم العسكري في غزة كونه يستنزف قدرات إسرائيل العسكرية والأمنية، فضلا عن الكُلفة الاقتصادية الهائلة التي سيتطلبها مثل ذلك السيناريو[59]. ولم يكن غالانت الوحيد في المؤسسة العسكرية الذي انتقد نتيناهو علنًا، فقد انتقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتزل هاليفي غياب استراتيجية “اليوم التالي” في رؤية نتيناهو، ما يجعل من الجهود الحربية التي تقوم بها إسرائيل في مهب الريح. ويعكس كل ما سبق حالة الإحباط السائدة في المؤسسات الأمنية حيال سياسات نتيناهو المترددة -كما وصفت-[60] لا سيما في ملف الأسرى الإسرائليين في قطاع غزة؛ حيث كشف تحقيق استقصائي لصحيفة يديعوت أحرنوت أن نتنياهو له سلطة شبه مطلقة على المفاوضات ويديرها بشكل منفرد دون إشرك مؤسسات أمنية حيوية مثل الجيش الإسرائيلي؛ وهو ما كان يرفضه غالانت[61].
لم تبقَ تلك الخلافات محصورة في تراشق الاتهامات والبيانات بل امتد أثرها على أرض الواقع؛ ففي كل مرة تصل العمليات العسكرية في غزة إلى نهايتها وعدم وجود ما يمكن أن يقدمه الجيش الإسرائيلي والشروع في بدء عملية تفاوضية للوصول لاتفاق هدنة وصفقة تبادل مع حماس، نرى أن نتيناهو اتبع استراتيجية الهروب للأمام من خلال وضع شروط -كما سبق القول- يصعب تحقيقها في ظل ما حققته حماس، أو انتهاج سياسات تصعيدية تمثلت في فتح جبهة الشمال تزامنا مع سعي الجيش الإسرائيلي في منتصف يونيو الماضي للتفاوض مع حركة حماس، وهو ما ظهر ذلك بشكل واضح في إعلان المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري أنه من غير الممكن القضاء على حماس كفكرة في إشارة إلى أن الجيش فعل كل ما يمكن القيام به للقضاء على حماس وأن الأمور باتت في انتظار خطوة سياسية[62]، وتريث غالانت لإعطاء فرصة إضافية للوساطة قبل شن هجوم قد يتحول لحرب شاملة[63].
وقد وصل الصراع بين المؤسسة العسكرية ونتنياهو ذروته عندما تمت إقالة غالانت في 5 نوفمبر الماضي وتعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس محله، فنتيناهو لم يتخلص من عدو لدود فحسب بل حل محله شخص منسجم كليًا مع رؤيته ومواقفه، سواء كان ذلك في صراع نتيناهو مع المؤسسة العسكرية والأمنية أو في مجمل سياساته بما في ذلك الحرب في غزة وأزمة المحتجزين الإسرائيليين[64].
إجمالا، ومن خلال استقراء واقع المشهد الإسرائيلي الداخلي فيما يخص ملف الأسرى و”اليوم التالي” لغزة، وعلاقة ذلك بما يخص الصراع بين المؤسسات الأمنية وعلى رأسها الجيش في مقابل نتيناهو وائتلافه المتطرف؛ فإنه يلاحظ أن هناك اتجاهين فيما يخص الحرب: أولا– اتجاه المؤسسة الأمنية في ظل وجود يوآف غالانت، والذي يتمثل في ضرورة التفاوض مع حماس وسرعة إبرام صفقة فيما يخص الأسرى حتى لا يذهب المجهود الحربي سُدى، ثانيًا– اتجاه نتيناهو ومن ورائه ائتلافه المتطرف الذي يمثل النهج التصعيدي لإطالة أمد الحرب في غزة تجنبًا للمساءلة السياسية فيما يتعلق بأحداث السابع من أكتوبر وهو ما يمثل نهاية تراجيدية لمستقبله السياسي وانتهائه بشكل كامل.
انعكس كل ما سبق بدوره على مسار المفاوضات فيما يتعلق بغزة؛ حيث اتضح أن الغلبة كانت لنتنياهو بحكم خضوع المؤسسات الأمنية لرئيس الوزراء، ومن ثم اتسمت المفاوضات بالتعثر المتكرر وعدم الرغبة الجدية في الوصول لمفاوضات حقيقة مع حماس، بل وفي سبيل التأكد من عدم إحراز تقدم بخصوص مفاوضات غزة اتبع نتيناهو استراتيجية التصعيد من خلال فتح جبهة لبنان وتوسيع الحملة هناك على عكس ما كان يريده غالانت.
خاتمة وسيناريوهات:
من خلال العرض السابق نستطيع القول إن العلاقة بين جبهة لبنان وجبهة غزة علاقة طردية؛ ففي حين كان يتوقع البعض أن تهدأ جبهة غزة وتتحول إلى جبهة ثانوية حال دخول إسرائيل في مواجهة مفتوحة مع حزب الله، لم يحدث ذلك بل تم التصعيد كذلك في جبهة غزة لا سيما بتطبيق خطة الجنرالات في شمال القطاع الحاضنة للمقاومة. وعلى الجانب الآخر نرى أن الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان أعقبه تحرك دبلوماسي نحو صياغة اتفاق مماثل في غزة بين حماس وإسرائيل.
وفي هذا الإطار نتوقع سيناريوهين بهذا الصدد:
أولا- تعطيل إسرائيل للمفاوضات واستمرار العمليات العسكرية:
وهو ما تُخبرنا به خبرة نتيناهو في تعامله مع المفاوضات، كون همه الأول والأخير ضمان بقائه في السلطة، وفي ظل وجود وزير دفاع موالٍ لسياساته، وانتظار نيتناهو وصول ترامب في بداية العام القادم إلى السلطة، سيما مع إسناد الأخير السياسة الخارجية إلى شخصيات موالية لحرب إسرائيل وسياستها التوسيعة فضلا عن انتهاجها سياسات الصدام في العلاقات الخارجية[65]، وهو ما يتفق مع نهج نتيناهو ذاته.
والشواهد حتى قبل تولي ترامب على السياسات التصعيدية كثيرة؛ منها استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وكذا إلغاء اتفاق فض الاشتباك مع سوريا والتوغل في الجولان السوري؛ وهو ما نرى معه انعكاس ذلك بالسلب على مسار مفاوضات غزة الحالية.
ثانيًا- قبول الجلوس على طاولة المفاوضات:
فعقب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار أبدا الشارع الإسرائيلي إحباطه من الوصول لاتفاق مع حزب الله بدلا من التوصل لصفقة إطلاق سراح الرهائن مع حماس كأولوية، وهو ما مثَّل ضغطًا متزايدًا على نتيناهو أدى إلى إبداء استعداده الوصول إلى صفقة تحرير رهائن مع حماس. تزامن ذلك مع ضغط من الولايات المتحدة سعيا من الإدارة الحالية لجو بايدن إلى تحقيق مكاسب دبلوماسية قبيل خروجه من الرئاسة، ومن ناحية أخرى توعد ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا لم تتم صفقة.
_____________
هوامش
⁕ باحث في العلوم السياسية.
** يتقدم الباحث بالشكر إلى كل من الزميل/ أحمد عبد الرحمن خليفه. لقيامه بعرض بعض الأفكار والمقترحات حول البحث، والأستاذ/ البدوي عبد القادر البدوي. الباحث بالدراسات الأمنية النقدية بمعهد الدوحة للدراسات العليا بشأن إبداء الملاحظات حول المحور الأول من التقرير.
[1] أدهم صولي، بين الهوية والقلق والحرب: حزب الله وتراجيديا غزة، عمران، المجلد الثالث عشر، العدد 13، صيف 2024، ص68.
[2] Christopher Tuck, Understanding Land Warfare, (New York: Routledge, 2022), Second Edition, p 22.
[3] عمر عاشور، الأداء القتالي للقوات الإسرائيلية في غزة ولبنان: ملاحظات على المستوى العملياتي (2023-2024)، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 7 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 24 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Zm1tWu.
[4] Christopher Tuck, Understanding Land Warfare, Op. cit, pp. 3-4.
[5] عمر عاشور، كيف يقاتل تنظيم الدولة “داعش”؟ التكتيكات العسكرية في العراق وسورية وليبيا ومصر، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، 2022)، ص ص 49-50.
[6] عمر عاشور، الأداء القتالي للقوات الإسرائيلية في غزة ولبنان: ملاحظات على المستوى العملياتي (2023-2024)، مرجع سبق ذكره.
[7] المرجع السابق.
[8] شيماء منير، حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله، ملفات: ماذا لو اندلعت الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/xb5XVmpo
[9] الحكومة الإسرائيلية تقرر إضافة هدف جديد من الحرب في الشمال، العربية نت،17 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 25 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3CFoSJB
[10] Omar Ashour, Israel’s war on Lebanon: Lethal tactics, no endgame, Middle East Eye, 27 September 2024, accessed at: 25 November 2024, available at: https://bit.ly/4g2piI2.
[11] وحدة الدراسات السياسية، “مجزرة” تفجير شبكة اتصال حزب الله: الدلالات والتداعيات، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 22 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 25 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/495AQYS.
[12] عمر عاشور، الأداء القتالي للقوات الإسرائيلية في غزة ولبنان: ملاحظات على المستوى العملياتي (2023-2024)، مرجع سبق ذكره.
* يشير مفهوم “جز العشب” إلى تقبل إسرائيل بعدم قدرتها القضاء على حركات المقاومة وبدلا من ذلك تعمل على استهداف قادة تلك الحركات بشكل دوري مع استخدام القوة الكافية لردع تلك الجماعات دون الإطاحة بها بشكل مطلق.
[13] شيماء منير، حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله، مرجع سبق ذكره، ص8.
[14] عمر عاشور، الأداء القتالي للقوات الإسرائيلية في غزة ولبنان: ملاحظات على المستوى العملياتي (2023-2024)، مرجع سبق ذكره.
[15] عمر عاشور، كيف يقاتل تنظيم الدولة “داعش”؟ التكتيكات العسكرية في العراق وسورية وليبيا ومصر، مرجع سبق ذكره، ص ص 32-33.
[16] عمر عاشور، ما مدى فاعلية حزب الله القتالية؟ تقييم عسكري، المركزالعربي للأبحاث ودراسة السياسات، 28 أغسطس 2024، تاريخ الاطلاع: 25 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4g68Fv8.
[17] عمر عاشور، الأداء القتالي للقوات الإسرائيلية في غزة ولبنان: ملاحظات على المستوى العملياتي (2023-2024)، مرجع سبق ذكره.
[18] أندرياس كريغ، نموذج الشبكات يظهر متانة وسط اتساع الصدام بين إسرائيل وإيران، أمواج ميديا، 15 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 26 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4eK9kl2.
[19] Nicholas Blanford, Israel versus Hezbollah: Not a full-scale war- yet, Atlantic Council, 22 October 2024, Accessed at: 26 November 2024, available at: https://bit.ly/3Zn9Cd0.
[20] Tom Hussain, As Israel’s war with Lebanon intensifies, US-brokered ceasefire talks hang by a thread, South China Morning Post, 25 november 2024, Accessed: 27 november 2024, available at: https://bit.ly/4i6axGc.
[21] إسرائيل تصدق على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، الجزيرة نت، 26 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 27 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4g8IELF.
[22] ما الذي نعرفه عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان؟ وهل سيؤثر على حرب غزة؟، سي إن إن بالعربية، 27 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 27 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3OtGtqi
[23] هدنة لبنان… وزيردفاع إسرائيل يدعو قواته لـ “التحرك بقوة ودون تنازلات” ضد عناصر حزب الله، سي إن إن بالعربية، 27 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 27 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4g4u5sL.
[24] 9 آلاف مبنى دمر.. ولا عودة قريبة لمستوطني شمال إسرائيل، العربية نت، 27 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 27 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3OtdUtd.
[25] المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية على غزة… ما شكلها وما هي أهدافها؟، العربي، 2 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 28 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ZgBfDA.
[26] ساري عرابي ومحمود هدهود، ما وراء جباليا: الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت، مدى مصر، 23 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع:28 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/494YEfr
[27] وحدة الدراسات السياسية، هل تفجر الخلافات حول رؤية اليوم التالي للحرب في غزة حكومة نتنياهو؟، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 26 مايو 2024، تاريخ الاطلاع: 28 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4i8CfC8.
[28] ساري عرابي ومحمود هدهود، ما وراء جباليا: الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت مرجع سبق ذكره.
[29] شيماء منير، المقاومة الفلسطينية في غزة.. فعالية التكتيكات ومآلات حرب الاستنزاف، الملف المصري، العدد 121، أكتوبر 2024، ص 34.
[30] Harrison Morgan, A Year Since October 7: Three Key Lessons from the War in Gaza, Modern War Institute, 7 October 2024, Accessed at: 28 November 2024, available at: https://bit.ly/4g56c4e.
[31] عمر عاشور، كيف يقاتل تنظيم الدولة “داعش”؟ التكتيكات العسكرية في العراق وسورية وليبيا ومصر، مرجع سبق ذكره، ص ص 33-34.
[32] شيماء منير، المقاومة الفلسطينية في غزة.. فعالية التكتيكات ومآلات حرب الاستنزاف، مرجع سبق ذكره، ص37.
[33] لماذا وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار في لبنان؟ نتنياهو يوضح، سي إن إن بالعربية، 26 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 28 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3CN6QVL
[34] نادية مصطفى، ما بعد عام كامل من الطوفان والعدوان والمقاومة: جديد الدوائر المفرغة بين الحرب والسياسة، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 7 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 2 ديسمبر2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3CT6SLH.
[35] مروان المعشر، أنتوني بلينكن والمفاوضات العبثية، مركز مالكوم كير كارنيجي للشرق الأوسط، 2 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 2 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3VjJnSB.
[36] نادية مصطفى، ما بعد عام كامل من الطوفان والعدوان والمقاومة: جديد الدوائر المفرغة بين الحرب والسياسة، مرجع سبق ذكره.
[37] ساري عرابي ومحمود هدهود، ما وراء جباليا: الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت، مرجع سبق ذكره.
[38] حسن صالح أيوب، مسار الحرب على قطاع غزة بعد السنوار: اندفاع إسرائيل وتصلب المقاومة، مركز الجزيرة للدراسات، 21 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 3 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4itpnXA.
[39] ه.هيليير، اغتيال السنوار لن يغير في المعادلة، مركز مالكوم كير كارنيجي للشرق الأوسط، 24 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 3 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4fUfPCZ.
[40] حسن صالح أيوب، سياسات التفاوض الأمريكي في غزة… كسب الوقت وهيمنة إسرائيل في الإقليم، مركز الجزيرة للدراسات، 25 أغسطس 2024، تاريخ الاطلاع:3 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3CYRWMf.
[41] نادية مصطفى، ما بعد عام كامل من الطوفان والعدوان والمقاومة: جديد الدوائر المفرغة بين الحرب والسياسة، مرجع سبق ذكره.
[42] وحدة الدراسات السياسية، خلفيات الهجوم الإسرائيلي على رفح وحدوده، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 14 مايو 2024، تاريخ الاطلاع: 4 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ZCbs9Z.
[43] نادية مصطفى، ما بعد عام كامل من الطوفان والعدوان والمقاومة: جديد الدوائر المفرغة بين الحرب والسياسة، مرجع سبق ذكره.
[44] آية محمود عنان، خطاب نتنياهو في الكونجرس الأمريكي يوليو 2024: أبعاد ودلالات، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 10 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 4 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4igTuBf.
[45] Daniel E.Mouton, How American diplomacy can stabilize Lebanon-and the Middle East, Atlantic Council, 3 October 2024, Accessed at: 4 December 2024, available at: https://bit.ly/3ZjqC2Q.
[46] وحدة الدراسات السياسية، التحرك الأمريكي نحو لبنان: التفاوض تحت النار، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 24 أكتوبر 2024، تاريخ الاطلاع: 5 ديسمبر 2024 ، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/49rv0kL.
[47] رابحة سيف علام، هدنة لبنان: نهاية للحرب أم التقاط أنفاس قبل جولة قتال أخرى؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 30 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 5 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4g0aVEC.
[48] وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة، مركز الجزيرة للدراسات، 3 ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 5 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ODnz0r.
[49] نجية دهشة، خروقات إسرائيل تضع وقف إطلاق النار في لبنان على المحك، الجزيرة نت، 4 ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 5 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4fYB9aI.
[50] حماس: مستعدون لاتفاق جاد يوقف النار في غزة، العربية.نت، 27 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 5 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/vaDlt.
[51] صحيفة إسرائيلية تكشف تفاصيل الاقتراح الجديد لوقف إطلاق النار بغزة، الجزيرة نت، 5 ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 5 ديسمبر2024، متوفر من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/3ZJj5eW.
[52] ساري عرابي ومحمود هدهود، ما وراء جباليا: الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت، مرجع سبق ذكره.
[53] المرجع السابق.
[54] عمر شعبان، الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة: سيناريوهات ما بعد الحرب، مبادرة الإصلاح العربي، 30 أبريل 2024، تاريخ الاطلاع: 6 ديسمبر 2024، متوفر من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/3BqdmkM.
[55] وحدة الدراسات السياسية، هل تفجر الخلافات حول رؤية اليوم التالي للحرب في غزة حكومة نتنياهو؟، مرجع سبق ذكره.
[56] غاي زيف، حرب نتنياهو مع الجنرالات، معهد الشرق الأوسط، 31 مايو 2024، تاريخ الاطلاع: 6 ديسمبر 2024، متوفر من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/3BgdQKo.
[57] وحدة الدراسات السياسية، هل تفجر الخلافات حول رؤية اليوم التالي للحرب في غزة حكومة نتنياهو؟، مرجع سبق ذكره.
[58] أسماء رفاعي الشحري، سيناريوهات اليوم التالي للحرب في غزة، رئاسة الوزراء-مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 13 مارس 2024، تاريخ الاطلاع: 6 ديسمبر 2024، متوفر من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/3Be8LCn.
[59] وحدة الدراسات السياسية، هل تفجر الخلافات حول رؤية اليوم التالي للحرب في غزة حكومة نتنياهو؟، مرجع سبق ذكره.
[60] غاي زيف، حرب نتنياهو مع الجنرالات، معهد الشرق الأوسط، مرجع سبق ذكره.
[61] تحقيق استقصائي يكشف هيمنة نتيناهو على ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، الجزيرة نت، 20 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 6 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/41q9qeI.
[62] ساري عرابي ومحمود هدهود، ما وراء جباليا: الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت مرجع سبق ذكره.
[63] وسط خلافات مع الجيش.. نتنياهو يتجه للتصعيد في الشمال، دي بليو، 16 سبتمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 6 ديسمبر 2024، متوفر من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/4gpn59T.
[64] وحدة الدراسات السياسية، إقالة غالانت وتوسيع ائتلاف حكومة نتنياهو: التدعايات والتحديات، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 12 نوفمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 7 ديسمبر 2024، متوفر من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/3ZSQiox.
[65] الحواس تقية، مفترق حرج: استراتيجية ترامب الشرق أوسطية، مركز الجزيرة للدراسات، 8 ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع: 9 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/Py6vd
- فصلية قضايا ونظرات- العدد السادس والثلاثون- يناير 2025