إيران بين الداخل والخارج: مسارات الرئاسة الجديدة


مقدمة:
في لحظةٍ استثنائية يأتي مسعود بزشكيان إلى منصب الرئاسة في إيران، ليس فقط لأنه أتى إلى الحكم في انتخاباتٍ مبكرة على إثر وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة، وإنما ينبع الاستثناء في المقام الأول من الحالة الإقليمية. نعم إن طوفان الأقصى اندلعت في 7 أكتوبر 2023، كما أن التساؤلات حول موقع إيران من المشهد كانت متداولة –وبشدة- منذ اللحظة الأولى، إلا أن المرحلة التي رافقت وصول بزشكيان إلى الحكم وما تلاها من تطورات أتت بإيران إلى صدارة الأحداث. من المحطات البارزة لتلك المرحلة الضربات المتبادلة مع إسرائيل في أبريل 2024….. كذلك اغتيال إسماعيل هنية في إيران أثناء تواجده للمشاركة في مراسم تنصيب بزشكيان، فضلا عن اغتيال فؤاد شكر القائد البارز بحزب الله، لنأتي إلى الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان والتي كان أخطر فصولها اغتيال حسن نصر الله، هنا تكررت التساؤلات عن الرد المفترض من إيران وعواقبه.
يتمحور التساؤل الأساسي لهذا التقرير حول مساحات الحركة المتوقعة والممكنة للرئيس الإيراني الجديد، في ظل العديد من التحديات الداخلية (استقطاب سياسي ومجتمعي، حنق على أوضاع الحقوق والحريات، تأزم اقتصادي) والمواجهات الإقليمية التي يُخشى أن تتحول إلى حرب، وما يمكن أن تتركه من تعقد الملف النووي في مراحل تالية. فهل بإمكان الرئيس الإصلاحي استيعاب الأزمات الاقتصادية والاجتماعة في الداخل وإدارة المواجهة في الخارج؟ ما مسارات الحركة المتاحة في ظل العديد من المتغيرات المتشابكة على الصعيدين الداخلي والخارجي؟
إن الثابت في إيران هو هوية النظام الأيديولوجية، بيد أن هناك مساحة متغيرة تسمح لأي رئيس أن يترك بصمة مهمة في الحياة السياسية للبلاد[1]. فعلى الرغم من أن السلطات في إيران تتركز بشكل أساسي في يد المرشد الأعلى بموجب الدستور، والرئيس في إيران هو الشخص الثاني في النظام؛ فإن ذلك لا ينفي أن للرئيس هامشا من الحركة، ربما يسمح له بالتأثير في بعض القرارات على المستويين الداخلي والخارجي[2].
تمهيد: في دلالات فوز بزشكيان
أعلنت لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية، يوم السبت 6 يوليو 2024، فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على 16 مليونًا و384 ألفًا و403 من الأصوات، مُقابل منافسه المحافظ سعيد جليلي الذي حصل على 13 مليونًا و538 ألفًا و179 صوتًا. علمًا بأنه بلغت نسبة المشاركة في الجولة الانتخابية الثانية نحو 50٪؛ إذ أدلى ما يقرب من 30.5 مليون ناخب بأصواتهم، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية. ودُعي لهذه الانتخابات نحو 61 مليون ناخب، للإدلاء بأصواتهم في 58638 مركزا في أنحاء إيران[3].
من هو بزشكيان؟
ينتمي الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إلى التيار الإصلاحي، ومن أبرز الرؤساء المنتمين لهذا التيار أبو الحسن بني صدر، الذي تولى المنصب في فبراير 1980 وخلعه مجلس الشورى في أغسطس 1981، ومحمد خاتمي، الذي تولى المنصب لولايتين متتاليتين (من 1997 إلى 2005).[4] وُلد بزشكيان في 29 سبتمبر 1954 في مدينة مهاباد الواقعة في محافظة أذربيجان الغربية، لأسرة متدينة. ويتحدث الأذرية والكردية، إذ ينتمي بزشكيان إلى أقلية من العرق الأذري، ومن ثم يدعم حقوق الأقليات العرقية -كما سنرى[5]. وقد أصبح جراح قلب وعمل رئيسًا لكلية العلوم الطبية في جامعة تبريز. في عام 1994 عُيِّن رئيسا لجامعة تبريز للعلوم الطبية، واستمرت رئاسته حتى عام 2000. ثم نُقل إلى طهران وتولى منصب نائب وزير الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي. وفي الولاية الثانية لرئاسة محمد خاتمي، حصل بزشكيان على ثقة من البرلمان وزيرًا للصحة والعلاج والتعليم الطبي. وحصلت خلافات بينه وبين البرلمان أدت إلى استجوابه، ومن ثم ترك منصبه.[6]
ومنذ عام 2008، يمثّل مدينة تبريز في البرلمان، وأصبح معروفًا بانتقاداته للحكومة، لا سيما إبان الحركة الاحتجاجية واسعة النطاق التي أثارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في سبتمبر 2022، بعد توقيفها بدعوى سوء الحجاب[7].
وقد كانت له محاولات سابقة للترشح للرئاسة، ففي 11 مايو 2013، وفي اليوم الأخير للتسجيل للانتخابات الرئاسية الإيرانية آنذاك، قدم ترشيحه، لكن مجلس صيانة الدستور رفض ملفه[8] ما أتاح فوزًا سهلا لرئيسي. وقبل انتخابات البرلمان في مارس 2024، كان بزشكيان من بين مشرّعين في البرلمان السابق، رفض مجلس صيانة الدستور أهليتهم؛ تحت دعوى “عدم الالتزام بمبادئ الثورة”، لكنه حصل في نهاية المطاف على موافقة لخوض الانتخابات البرلمانية بعد تقديم احتجاج. وقال بزشكيان حینها: «لولا تدخل المرشد، كان من الممكن استبعادي، لكن لماذا يجب أن يتدخل المرشد؟». وإن كانت تلك المواجهات لا تنفي أن بزشكيان مُوالٍ للحكم في إيران، ولا يعتزم خلال رئاسته مواجهة صفرية مع متشدديه، وسبق أن تعهد في مناظرات ومقابلات تلفزيونية بعدم معارضة سياسات خامنئي[9].
دلالات الفوز:
إن تصدر بزشكيان لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، أحيا الأمل لدى قطاعات واسعة من الشعب الإيراني الساعية للتغيير في المشاركة في الجولة الثانية، بما يضمن عودة التيار الإصلاحي للسلطة، ممثلة في منصب الرئاسة، عقب تراجع فرصه في المشاركة في السلطة داخل إيران خلال السنوات الأخيرة، مقابل هيمنة المحافظين على مفاصل الحكم. ولا شك في أن الدعم الذي حصل عليه بزشكيان من رموز التيارين الإصلاحي والمعتدل، أدى دورًا حاسمًا في فوزه؛ إذ أبدى خاتمي ووزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، دعمهما لبزشكيان منذ البداية، كما انضم لدعمه الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، ورئيس البرلمان الأسبق، مهدي كروبي، وغيرهم[10]. وقد حمل مشهد الفوز العديد من الدلالات:
- أزمة الشرعية التي يواجهها النظام: حتى أنه يُعد إفساح مجلس صيانة الدستور المجال لقبول أهلية بزشكيان للترشح للانتخابات الرئاسية، رغبةً من النظام في تعزيز فرص المشاركة الشعبية، في ضوء تدني تلك النسبة خلال انتخابات البرلمان وخبراء القيادة التي أُجريت في مارس 2024[11].
وقد أقر خامنئي بالمشاركة الضعيفة في الجولة الأولى، وحثّ المواطنين على المشاركة في الجولة الثانية، مع رفضه وصف عدم المصوتين كلهم بـ«المعارضين»، إذ ردَّ عدم المشاركة إلى انشغالهم. يعكس استجداء المرشد للإيرانيين للتصويت سعي النظام لترميم شرعيته داخليًّا وخارجيًّا، وتخوفه من استمرار اتساع الفجوة بينه وبين المواطنين، وبالتالي تزايد احتمالات العنف السياسي عبر الاحتجاجات[12].
– نجاح الإصلاحيين في جذب بعض ناخبي ما يُسمى “الكتلة الرمادية”، والتي لم تشارك في الجولة الأولى من الانتخابات، لتضاف إلى إجمالي الأصوات التي حصل عليها بزشكيان في الجولة الأولى[13]. علمًا بأن المشاركة في الانتخابات الإيرانية بدأت تدخل مسار هبوط منذ الانتخابات الرئاسية الـ13 عام 2021، بعد تسجيلها نسبة 48.8٪ ثم هبطت إلى 42٪ في الانتخابات البرلمانية خلال مارس 2024، وكذلك الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية الأخيرة، لتصل إلى 40٪[14]. وقد أرجع عالم الاجتماع مجيد أبهري سبب مقاطعة 60٪ من الناخبين في الجولة الأولى إلى امتعاضهم من تدهور الوضع المعيشي وتراجع قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى فقدان شريحة من المجتمع ثقتها بقدرة الحكومات المتعاقبة على تحسين الاقتصاد[15].
وذلك بما يعني أن هناك كتلة من المجتمع الإيراني تجاوزت في الجولة الثانية التكتلات السياسية، بل أيضًا المعارضة في الخارج التي بذلت قصارى جهدها لتقوية المقاطعة[16]، وأنها تبحث عمن يتناغم مع مطالبها. حيث إن الوعود التي قطعها بزشكيان بخصوص عدد من الملفات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية قبيل الجولة الثانية (بخلاف عدم وضوح برامج المرشحين في الجولة الأولى)، حفزت الطبقة الرمادية على المشاركة والتصويت لصالحه[17]. وبالتالي، تمكّن بزشكيان من الفوز بثقة قاعدة انتخابية يُعتقد بأنها تتألف من أبناء الطبقة الوسطى الحضرية والشبان المصابين بخيبة أمل كبيرة من الحملات الأمنية التي تخنق أي معارضة علنية[18].
- إدراك الإيرانيين الحاجة إلى رؤية مرنة لإدارة ملفات الخارج، فقد تزامنت الانتخابات مع تصاعد التوتر في المنطقة بسبب الحرب في غزة وتبعاتها في لبنان، وهما من حلفاء إيران، فضلا عن زيادة الضغوط الغربية على إيران بشأن برنامجها النووي[19]. ومن ثم، فإيران بحاجة إلى الانسجام والوحدة في الداخل، في ظل تلك الظروف الإقليمية والدولية المضطربة، حتى يمكن التصدي للتهديدات الخارجية ورفع العقوبات، وعليه يجب عدم ترك الأمور تحت سيطرة فئة محدودة لفترة طويلة[20].
المحور الأول- أزمات الداخل: ضرورة الحلحلة
جاءت وعود بزشكيان براقة وقريبة من معاناة الشعب بمختلف فئاته بدرجة كبيرة، فتحدث عن الاقتصاد وحقوق الأقليات ودعم الحريات والمرأة، وضرورة تمثيل الجميع، وهي ملفات تتزايد تعقيداتها يومًا بعد يوم حتى هددت بركود السياسة والمجتمع، في مقابل غض النظام الطرف عنها؛ خوفًا أن يؤدي منح أي مساحة للتغيير إلى تغيير النظام ذاته. لذا فسنتناول في هذا المحور أبرز ملفات الداخل من حيث رؤية بزشكيان بصددها، وما اتخذه من خطوات في هذا الإطار عبر المدة القصيرة التي قضاها في الرئاسة حتى الآن.
لكن قبل البحث في مسارات التغيير المنتظرة لا بد من إدراك أن الطريق ليس ممهدًا، بل إن هناك العديد من التحديات التي من شأنها مواجهة بزشكيان، من أبرزها:
– توجهات المرشد إلى عدم التغيير: فقد حثت الرسالة الأولى التي وجهها خامنئي لبزشكيان[21]، على الالتزام بالخط الذي بدأه الرئيس الراحل رئيسي، والتي طالما انتقد بزشكيان بعض سياساتها، وكأن رسالة خامنئي تبعث بمضامين تتعلق بأنه إذا كان النظام قد سمح بترشح وفوز رئيس إصلاحي، رغبةً في احتواء الغضب الشعبي المُتنامي، بالإضافة إلى ضيق الوقت والذي ربما لم يسمح للنظام بهندسة الانتخابات بما يتفق ورؤاه؛ فإنه لا يسمح أن يحيد بزشكيان عن طريق الثورة والنظام[22]. في الوقت ذاته حرصت بعض رموز النظام على تأكيد استعدادها للتعاون مع الرئيس الجديد، على سبيل المثال، صرح القائد العام للحرس الثوري الايراني اللواء حسين سلامي، في رسالة تهنئة بمناسبة انتخاب بزشكيان، على “الاستعداد الشامل لمواصلة وتعزيز التفاعل والتعاون بين حرس ثورة والحكومة”[23].
– سيطرة الجناح المُتشدد داخل التيار المحافظ: بالرغم من هزيمة المحافظين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فإن نتائجها أوضحت أن ما يُسمى بـ”جبهه پایداری” أو “جبهة ثبات الثورة الإسلامية”، ستكون لها السيطرة والغلبة داخل التيار خلال الفترة المقبلة؛ لأن المرشح الفائز من الجولة الأولى كان سعيد جليلي، الذي ينتمي لهذه الجبهة، في مقابل المرشح الذي خسر من الجولة الأولى، وهو رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والذي ينتمي للجناح البراجماتي في التيار المحافظ[24].
– غياب الظهير البرلماني لبزشكيان، فوفق الدستور الإيراني سيكون الوزراء مهددين بسحب الثقة منهم، بل وحتى الرئيس نفسه، وأي اتفاق جديد لا بد أن يمر على البرلمان للتصديق عليه، ونظرًا إلى هيمنة المحافظين على البرلمان فبكل تأكيد سيكون الأمر في غاية الصعوبة، كما قد يكون البرلمان من أدوات المرشد لتطويع الرئيس الجديد، إذ يتوقف حجم الصدام بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان على علاقة الرئيس بالمرشد[25].
ملفات الداخل:
1- الحكومة والفريق المعاون:
تعهّد بزشكيان بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تجمع أصحاب الكفاءات، من جميع التوجّهات المعترَف بها لدى السلطة في الداخل الإيراني. لكن الأمر لم يكن سهلا، في ضوء ما سبق رصده من تحديات، على سبيل المثال، قال خامنئي للمرشحين قبل الجولة الأولى، إن “أي شخص مرتبط بأمريكا لن يكون مرافقًا جيدًا لكم”، الرسالة التي حالت لاحقًا دون اختيار جواد ظريف، الذي يواجه تُهَمًا من المحافظين بـ “خيانة إيران” من أجل التوصل إلى الاتفاق، وزيرًا للخارجية[26].
ويبدو أن بزشكيان لم يرغب في صدامٍ، فأدار الأمر ببراجماتية، وإن كان ذلك لا يعني أنه لم تكن هناك مواضع للجدل بشأن تشكيل الحكومة على الجانبين المحافظ والإصلاحي.
لقد حصل كامل التشكيل الوزاري الذي اقترحه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، والمكون من 19 وزيرًا، على ثقة البرلمان، يوم 21 أغسطس 2024، وهو ما لم يحدث منذ أكثر من عقدين، إذ لم يتمكن رئيس إيراني من تمرير جميع وزرائه من خلال البرلمان، منذ عهد خاتمي. حيث حرص بزشكيان على ضمان تأييد خامنئي للحكومة، ومن ثم قطع شوطًا لا بأس به للحصول على ثقة البرلمان الخاضع لسيطرة التيار المحافظ، وقد دفع ثمنًا خسارة ظريف أهم حلفائه الذي اعترض على تشكيل الحكومة -كما سنرى.
لكن في الوقت ذاته، فرض تشكيل حكومة بزشكيان حالة من الجدل، وفي هذا الإطار، يمكن تسليط الضوء على دلالات التشكيل الوزاري الجديد:
-جاء التصويت بثقة البرلمان في الحكومة عقب دفاعات عدة قام بها بزشكيان، وخلال هذه الدفاعات، أكد بزشكيان أن الوزراء المقترحين حصلوا على توافق المؤسسات الأمنية، والحرس الثوري، فضلا عن إشارته إلى حصوله بشكل مباشر على ثقة المرشد بشأن أعضاء الحكومة.
– على الجانب الآخر، ترافق تقديم بزشكيان تشكيل الحكومة الجديدة، مع انتقادات عدة من جانب التيار الإصلاحي، وخاصةً من أحد أهم حلفاء الرئيس وهو وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، الذي بادر بالاستقالة من منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية[27]؛ وهو منصب كان استحدثه بزشكيان للاستفادة من خبرات ظريف (بعد عدم الرضاء عنه كوزير خارجية من قبل النظام)، ومكافأة له على دعمه خلال الانتخابات. وعبّر ظريف عن خيبة أمله من التشكيل الحكومي المُقدم إلى البرلمان.
– اعتبر التشكيل مخالفًا للوعود التي قطعها بزشكيان على نفسه خلال حملته الانتخابية، بأنه سيشكل حكومة تغيير تستطيع الوفاء بمتطلبات المرحلة الصعبة التي تمر بها إيران، لا سيما مع الاحتفاظ بثلاثة وزراء من حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، من بينهم الاستخبارات، والإعلام، فضلا عن خمسة وزراء من حكومة الرئيس الأسبق، حسن روحاني. كما تضمن التشكيل ثمانية أصوليين.
-عدم كفاءة التمثيل؛ حيث غاب الشباب والأقليات، بينما كان قد وعد بزشكيان بأن تكون حكومته الجديدة بمثابة “حكومة توافق وطني”، تعبر عن الشباب والمرأة والأقليات وتمثلهم. على سبيل المثال، أغلب أعضاء الحكومة بعمر يزيد عن 60 عامًا، مع وجود امرأة واحدة هي وزيرة الطرق المهندسة فرزانة صادق، والتي تُعد ثاني وزيرة في الحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ نجاح الثورة الإسلامية. كما خلا التشكيل الحكومي الجديد من تمثيل أهل السُّنة، على عكس ما وعد بزشكيان، وذلك بالرغم من اقتراح اسم عماد حسيني كوزير سُني لوزارة النفط[28].
2- الحقوق والحريات:
إفساح المجال لمزيد من الحريات كان الأمل الدافع للعديدين لانتخاب بزشكيان؛ حيث مواقفه الرافضة للممارسات التي وصفها بـ”القمعية” لشرطة الأخلاق ضد النساء. كما انتقد بزشكيان ممارسات الحكومة في قمع الاحتجاجات تجاه المتظاهرين في احتجاجات “الحركة الخضراء” عام 2009. وتعهد الرئيس الجديد بضمان منع الرقابة وتقييد الإنترنت، وتمثيل حكومي أوسع نطاقًا للنساء والأقليات القومية والمذهبية خصوصًا الأكراد والبلوش، علمًا بأن بزشكيان نفسه ينتمي لأب أذري وأم كردية –كما أشير[29]. لكن على جانب آخر، قال بزشكيان: «السجناء السياسيون ليسوا ضمن اختصاصي، وإذا كنت أريد فعل شيء، فلا سلطة لديّ»[30].
وفيما يلي نشير إلى مواقفه وسياساته بشأن الأقليات والمرأة:
- الأقليات: يشار إلى أن بزشكيان تصدر نتائج الانتخابات في المحافظات التي يقطنها السنة، وخاصة المناطق الكردية الموزعة بين عدة محافظات ومحافظة سيستان وبلوشستان[31]. وكان قد صرح في إحدى المناظرات التي خاضها “علينا أن نرى جميع المذاهب وألا نتعامل مع الشيعة فقط”. وأضاف “إذا كنت سنيًا فلن يعطوني مكانة في هذه البلاد.. لأن السلطات لم تمنح السني منصبًا مهما كان لائقًا”[32].
ومع توليه الحكم، عيّن الرئيس الإيراني أول سياسي من الأقلية السنية عبد الكريم حسين زاده نائبا له لشؤون التنمية الريفية[33]. ولكن ذلك لم يكن مرضيًا؛ حيث لم يعين وزيرًا سنيًا كما سبقت الإشارة، وردًا على الانتقاد بهذا الشأن، لفت بزشكيان إلى أنه على الرغم من عدم وجود شخصية سنية بين أعضاء الحكومة حتى اليوم، ولكن اليوم أحد نواب الرئيس من السنة، وسنحاول اختيار الأشخاص المؤهلين بغض النظر عن العرق والدين واللهجة أو الانتماءات[34].
- المرأة: لخصت الناشطة في مجال المرأة برستو بهرامي راد، مطالب المرأة الإيرانية من الرئيس المنتخب في محورين؛ الأول: أن يثق بقدراتها في إدارة البلاد وأن يوكل إليها عددا من الحقائب الوزارية. الثاني: أن يستمع إلى مطالبها الاجتماعية، لا سيما بخصوص نضالها من أجل مواجهة سياسة فرض الحجاب الإجباري[35].
ومن المعروف أن لبزشكيان مواقف داعمة لحرية المرأة، على سبيل المثال، في 2022، طالب بزشكيان السلطات بتوضيحٍ لوفاة مهسا أميني، وهي امرأة توفيت وهي رهن الاحتجاز بعد القبض عليها بدعوى «سوء الحجاب»، وأثارت وفاتها احتجاجات شعبية واسعة. وفي هذا الإطار، قال بزشكيان بعد الإدلاء بصوته في الجولة الأولى: “سنحترم قانون الحجاب، لكن يجب ألا يكون هناك أي سلوك تطفلي أو غير إنساني تجاه النساء”[36].
كما أن بزشكيان في إحدى خطبه أمام حشد كبير من النساء في أول تجمع انتخابي بارز للإيرانيات بطهران، وسط حضور ناشطات ومسؤولات سابقات من التيار الإصلاحي، قال: “إذا جاءت النساء والفتيات الإيرانيات وأولئك الذين قاطعوا صناديق الاقتراع إلى صناديق الاقتراع، يمكننا على الأقل منع الاستبداد والنظرة الضيقة للطرف الآخر”[37].
وعقب توليه الرئاسة، عين بزشكيان الدكتورة “زهراء بهروز اذر”، نائبةً له في شؤون المرأة والأسرة[38]. وهي أحد منتقدي شرطة الأخلاق وممارساتها؛ فيما يظل دورها مرهونًا بمدى قدرتها على إحداث تغيير يمتص غضب النساء والأسر المتضررة من سياسات شرطة الأخلاق، ولا سيما مع تجدد ممارساتها العنيفة، ونشر فيديو مؤخرًا يظهر التعدي على فتاتين بالضرب المبرح والسحل ومن ثم الاعتقال، بالرغم من أن إحداهن تبلغ من العمر 14 عامًا فقط[39]. وفي تصريح له في سبتمبر 2024، قال بزشكيان بشأن دوريات الإرشاد ومطالب المرأة، أنه تقرر تنظيم أنظمة ولوائح في وزارة الداخلية.
وبشأن مكانة المرأة في الحكومة الجديدة، والتي لم تكن مرضية على غرار وضع الأقليات، صرح: “نسعى في الحكومة للإفادة من النساء في المواقع التي يجب أن يكن فيها، وأوصيت الوزراء بتعيين النساء في التعاونيات”[40].
3- الوضع الاقتصادي:
من أهم الملفات الشائكة التي على بزشكيان التعامل معها حجم الأزمة المعيشية التي تمر بها البلاد، في ظل تضخّم يتراوح بين 45 و50 في المائة[41]. ويعد تراجع قيمة العملة من بين أهم معززات التضخم، ويرتبط هذا ارتباطًا وثيقًا باستمرار العقوبات الأمريكية. بينما تحسنت صادرات النفط، المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي الإيراني، وارتفعت إلى معدل تصدير يومي تجاوز حاجز مليون و400 ألف برميل، مقارنة بأقل من 500 ألف برميل يوميًّا في أواخر عهد روحاني، لكنها مع ذلك تظل أقل من معدلات تصدير ما قبل العقوبات التي تجاوزت 2 مليون و300 ألف برميل في اليوم[42]. إضافة إلى وجود تحديات اقتصادية أخرى مثل: مكافحة الفساد، وبيئة الأعمال الطاردة للاستثمارات المحلية والخارجية، وسطوة ونفوذ المؤسسة الدينية والحرس الثوري على الاقتصاد بنسب لا يستهان بها، وعجز الموازنة وارتفاع الديون الحكومية الداخلية، وانقطاع الكهرباء بسبب نقص إمدادات الغاز المحلية، وأزمة ندرة المساكن وارتفاع أسعارها[43].
وترتكز رؤية بزشكيان لمعالجة الأزمة على مواصلة المفاوضات الرامية لرفع العقوبات؛ بما يسهل لطهران نقل أصولها المجمدة في الخارج إلى داخل البلاد وإلغاء العقوبات التي تهدف إلى تصفير صادرات طهران من النفط الخام. إلى جانب أهمية التوقيع على قوانين مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (فاتف)، أي أنه يربط الأمر بدرجة كبيرة بالملف النووي والتواصل مع الغرب.
ومن المؤشرات الإيجابية على احتمالية نجاح هذه الاستراتيجية، وهي ليست ذات دلالة كافية بالطبع، استقبال بورصة طهران نبأ فوز الإصلاحي بزشكيان بإغلاق مؤشرها الرئيس عند مستوى مليونين و188 ألف نقطة، مسجلا ارتفاعًا بمقدار 88 ألفا و179 نقطة، وذلك بعد تدهور متواصل منذ سنوات. كما انتعشت العملة الإيرانية عقب الإعلان عن فوز بزشكيان أمام الدولار بنحو 20 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، بعد أن تم تداولها بنحو 615 ألف ريال[44].
لكن ما يجب الالتفات إليه، وما يستدعي من بزشكيان الاستعداد له، الصدمات الداخلية المتوقعة بين الرئيس الإصلاحي الجديد وبين المحافظين في كثير من الملفات؛ لعل من أبرزها رؤيته ضرورة انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي الدولي لمكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب، من أجل تسهيل جذب الاستثمارات إلى إيران وتحسين وضع البلاد في مؤشرات الشفافية ومواجهة الفساد، وهو ملف يعارضه مجلس تشخيص مصلحة النظام منذ سنوات، خشية اكتشاف تعاملات إيران المالية الخارجية مع شبكات الالتفاف على العقوبات أو مع الجماعات المسلحة في دول مثل سوريا ولبنان واليمن. فضلا عن ملف تدخلات المؤسسة الدينية والحرس الثوري في الاقتصاد، الذي ظهرت معارضة بزشكيان له في مناظراته الانتخابية[45].
كما يظل على الحكومة الجديدة وضع سياسات طويلة المدى، تُولي أهمية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في قطاعي النفط والغاز، إلى جانب تحديث خطوطها الجوية المتهالكة جراء العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع النقل الجوي[46].
وبشكلٍ عام، لا يمكن للرئيس الجديد الفكاك من قبضة النظام الأصولي، أو الخروج من عباءة المرشد، الذي سمح منذ البداية بوجود مرشح إصلاحي للرئاسة، ووافق مسبقًا على كل أعضاء الحكومة بل وشارك في تكوينها، باعتراف بزشكيان؛ وخاصة أن الوزارات السيادية اختياراتها بيد المرشد عُرفًا، وهي الاستخبارات، والخارجية، والداخلية، والدفاع، والنفط[47]. ولا يعني ذلك القول باستحالة التغيير، ولكنه -كما عكست تصريحات بزشكيان عقب توليه الرئاسة- سيكون تغييرًا تدرجيًا براجماتيًا، ويبقى الأهم ألا يكون شكليًا.
أما حاضنة التغيير، فهي أمر يستحق إيلاءه الكثير من النظر، فالثنائية القطبية التي تكونت في المجتمع الإيراني خلال السنوات الماضية وتعززت خلال الحملات الانتخابية الأخيرة، تفرض على الرئيس المنتخب اتخاذ خطوات تمهد للمصالحة الوطنية خاصةً بين جيل الشباب والسلطات الحاكمة[48].
المحور الثاني- الخارج: احتدام المواجهات
على مستوى التوجه، كتب الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، مقالا في صحيفة “طهران تايمز” الإيرانية، بعنوان “رسالتي إلى العالم الجديد”، تحدّث فيه عن نهجه ورؤيته في السياسة الخارجية والعلاقات مع العالم. شدّد بزشكيان على أنّ إدارته ستجعل في سلم أولوياتها الحفاظ على كرامة إيران الوطنية ومكانتها الدولية في كل الظروف.
وأضاف أنّ طهران “ستضع تعزيز العلاقات مع جيراننا على رأس أولوياتها”، وستعمل على إرساء أسس “منطقة قوية”، بدلا من منطقة تسعى فيها دولة واحدة لفرض هيمنتها وسيطرتها على الدول الأخرى. وأعرب أيضًا عن اعتقاده بأنّ “الدول المجاورة والشقيقة ينبغي ألا تهدر مواردها الثمينة في منافسات استنزافية، أو سباقات تسلح. وأضاف: “سنبادر إلى التعاون مع تركيا والسعودية وسلطنة عُمان والعراق والبحرين وقطر والكويت والإمارات، والمنظمات الإقليمية، لتعميق العلاقات الاقتصادية، وتعزيز العلاقات التجارية، وزيادة الاستثمار المشترك، ومعالجة التحديات المشتركة، والمضي قدمًا نحو إنشاء إطار إقليمي للحوار وبناء الثقة والتنمية”[49].
أما الأدوات، فهو يُعلي من المسارات الدبلوماسية، إذ أكد بزشكيان بشدة خلال الحملة الانتخابية على الحاجة إلى إعادة إحياء الدبلوماسية، ووصفها بأنها المفتاح لحل مشكلة إيران الرئيسية المتمثلة في التدهور الاقتصادي[50]. فمن أهم الفرص التي يحظى بها أنه شخص من المرجح أن ترحب به القوى العالمية[51]، ويتمتع بعض أعضاء فريقه -مثل وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف- بمهارة في عرض قضية إيران في وسائل الإعلام الدولية، ويمكنهم البدء مباشرة في التفاوض في حال حصلوا على الضوء الأخضر[52].
في المقابل، يمكن رصد عدد من التحديات على صعيد السياسة الخارجية لبزشكيان:
– سيطرة المرشد الإيراني علي خامنئي على القرارات المتعلقة بالقضايا الكبرى كالبرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في الإقليم، ولا يستطيع الرئيس إحداث أي تحول جذري بهذا الصدد، بيد أن الرئيس يمكنه التأثير من خلال ضبط إيقاع السياسة الإيرانية، كما أنه سيشارك بشكل وثيق في اختيار خليفة خامنئي، الذي يبلغ من العمر حاليا 85 عاما[53].
– سيطرة المتشددين الذين يعارضون أجندة بزشكيان على الكثير من المناصب المهمة بالمؤسسات ذات الصلة بقرارات السياسة الخارجية. على سبيل المثال، المجلس الأعلى للأمن القومي، المسؤول عن الكثير من ملفات السياسة الخارجية، يصطف الكثير من أعضائه ضد بزشكيان مثل: خصمه في الانتخابات الرئاسية سعيد جليلي، رئيس مجلس الشورى محمد قاليباف، رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسن إيجئي، أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور. وذلك بجانب الجنرالات الأربعة الذين يترأسون الحرس الثوري الإيراني، وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، والجيش الإيراني، وقيادة إنفاذ القانون[54]. وجدير بالذكر أنه حين عودة العلاقات مع السعودية في مارس 2023، تولى المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك مهمة التفاوض والتوقيع مع الجانب السعودي، وذلك على حساب وزارة الخارجية؛ وهو ما ينقلنا إلى النقطة التالية.
– تراجع نفوذ وزارة الخارجية تحت قيادة رئيسي إلى دور يعادل دور المستشار القانوني للرئيس. وكانت أبرز محطات ذلك التراجع في أكتوبر 2023، حين اعتماد خطة التنمية السابعة التي أدت إلى تهميش الخارجية، من خلال استثناء القوات المسلحة ومنظمة الطاقة الذرية ووزارة الاستخبارات من التنسيق مع وزارة الخارجية.
–إرث السياسة الخارجية لرئيسي، والذي اتسم بما يلي: تحوّل استراتيجي نحو المركزية والعسكرة والسلطوية، وتزايد دور الجهات غير الدبلوماسية في السياسة الخارجية[55]. وهو أمر مع خطورته ودفعه نحو التصعيد، إلا أن اللحظة الراهنة من المواجهات والتهديدات المحيطة بطهران تجعل من الصعب التراجع عنه تمامًا أو الاعتماد على الدبلوماسية بصورتها التقليدية. ومن ثم، يمكن القول إن بزشكيان لن يبادر إلى إحداث “انقلابات” في السياسة الخارجية، أو تحولات تربك حسابات مؤسسات الدولة الإيرانية العميقة وتوازناتها[56].
وتتجلى السياسة الخارجية الإيرانية عبر عدة مستويات، أبرزها:
- العلاقات مع الغرب والملف نووي:
أكد بزشكيان خلال حملته الدعائية عزمه رفع العقوبات وخفض التوتر مع الدول الغربية وحلحلة القضايا الشائكة بين طهران والعواصم الأوروبية والأمريكية، بما يحقق المصالح الإيرانية[57].
ورغم إعلان بزشكيان في هذا السياق مرارًا استعداده للتفاوض، وتأكيد موقف طهران بشأن العقيدة الدفاعية، قائلا: أريد التأكيد مرة أخرى أنّ العقيدة الدفاعية الإيرانية لا تتضمّن الأسلحة النووية، وأدعو الولايات المتحدة للتعلّم من أخطاء الماضي واتخاذ سياسة جديدة وفقًا لذلك. إلا أنه لم يخرج عن ثوابت الموقف الإيراني من الولايات المتحدة؛ فشدّد الرئيس الإيراني على “ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أنّ إيران لا ولن تستجيب للضغوط”، وأضاف: “الولايات المتحدة انسحبت بشكل غير قانوني من الاتفاق وقامت بفرض عقوبات أحادية تتجاوز الحدود الإقليمية. وتابع “أنه إلى جانب شن الحرب الاقتصادية ضد إيران، فإنّ واشنطن عمدت أيضًا إلى تصعيد حدة الصراع عبر الانخراط في إرهاب الدولة، من خلال اغتيال قائد قوة القدس في حرس الثورة، الشهيد قاسم سليماني”[58]. كما كرر التهديد بالخروج من معاهدة NPT بصورة غير مباشرة، إذ قال: “في الوقت ذاته لم تفوَّت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الفرصة التاريخية لتقليل التوترات وإدارتها في المنطقة والعالم فحسب، وإنما أضعفوا بجدية معاهدة حظر الانتشار NPT، لأنهم أثبتوا أنّ كلفة الالتزام بمبادئ حظر الانتشار قد تفوق الفوائد التي قد يقدمها”[59].
لكن تعهّد بزشكيان بشكل أساسي بالانخراط في مفاوضات مباشرة مع واشنطن؛ لإحياء المحادثات حول ملف البرنامج النووي الإيراني، المتوقفة منذ انسحاب الولايات المتحدة في 2018 من الاتفاق الدولي بعد ثلاث سنوات من إبرامه[60]. وكان ذلك من أبرز معالم الاختلاف مع منافسه سعيد جليلي، الذي قال صراحةً إنه لا يثق بأمريكا لأنها لا تلتزم باتفاقاتها[61].
ويدرك بزشكيان أهمية الفاعل الأوروبي في هذا المسار، مشيرًا إلى ما شهدته العلاقات مع أوروبا من الكثير من التذبذبات صعودا وهبوطا. وفي هذا الإطار، أشار بزشكيان إلى أنّ الدول الأوروبية تراجعت عن التزاماتها الـ11 التي كان من المفترض العمل بها من أجل إنقاذ الاتفاق النووي وتخفيف تأثير العقوبات غير القانونية وأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة على الاقتصاد الإيراني. وكان من بين هذه الالتزامات ضمان المعاملات المصرفية الفعالة، والحماية الفعالة للشركات من العقوبات. وتابع أنه: على الرغم من ذلك، فانه يتطلّع إلى الدخول في حوار بنّاء مع دول أوروبا[62].
وهنا نرصد اتجاهين للرأي حول إمكانية التفاوض: فهناك اتجاه يرى صعوبته، جراء الوضع الإقليمي المعقد؛ فقد حدث انهيار لـ “شهر العسل الأمريكي مع إيران” الذي شمل صفقة تبادل سجناء ودفع 6 مليارات دولار لطهران وتعهدات إيران بوقف تطوير برنامجها النووي، ولكن بعد هجوم “طوفان الأقصى” وتداعياته الإقليمية، اشتعلت الجبهات الحليفة لإيران ضد إسرائيل ابتداء من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر إلى العراق، واستأنفت إيران تخصيب اليورانيوم مجددًا (إلى 60٪)[63]. ومع الخطوة الأخيرة، صارت إيران أقرب إلى مستوى 90٪ اللازم لصنع القنبلة الذرية، وتجاوزت بكثير نسبة 3.67٪ المستخدمة في محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية[64].
بالإضافة إلى الخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب، فضلا عن صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا وخاصة فرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا، وفوز حزب العمال في بريطانيا، وهم على خلاف كبير مع النظام الإيراني[65]. وكذلك احتمالية وصول ترامب إلى البيت الأبيض ثانية، وإن كان مما تجدر الإشارة إليه أن رئيس حملة بزشكيان الانتخابية الناشط الإصلاحي علي عبد العلي زاده شدد على إمكانية تفاوض طهران حتى مع ترامب، مؤكدًا أن بلاده لن تستعجل للتوقيع على أي اتفاق محتمل إلا مع الإدارة الأمريكية المقبلة[66].
وعلى الصعيد الداخلي، يعتبر بزشكيان ومستشارُه ظريف قانونَ الخطوة الاستراتيجية الذي شرعه البرلمان في ديسمبر 2020، عقبة أمام التوصل إلى اتفاق، مؤكدًا أنه سيحاول إلغاءه. يشار إلى أن حكومة الرئيس السابق حسن روحاني أظهرت مرات عدة أن هذا القانون منعها من إحياء الاتفاق النووي في الأشهر الستة الأخيرة من عمرها، أي مع بدء تولي بايدن[67]؛ حيث رفعت إيران تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المائة، بعد شهر من اعتماد القانون، كما قلّصت تدريجيًا مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد تخلّيها عن البروتوكول الإضافي الذي وافقت عليه طوعًا خلال توقيع الاتفاق النووي[68]. إلا أن مسألة إلغاء القانون لن تكون بالأمر الهين، إذ أعلن المرشد الإيراني تأييده للقانون في عدة مناسبات، مشدّدًا على أن هذا القانون أنقذ البلاد من التيه في القضية النووية[69].
كذلك من تحديات التوصل إلى اتفاق، ضغوط السجال السياسي والإعلامي الداخلي بين جناحي النظام والاتهامات المتبادلة، الأمر الذي تجلى أثناء الحملة الانتخابية؛ حيث أكد بزشكيان مرارًا أن بلاده في مأزق بسبب العقوبات، واتهم خصمه المحافظ جليلي بأنه يريد البقاء في ظلها، وبالمقابل اتهم الأخير بزشكيان بالسعي إلى تقديم تنازلات للغرب[70]. وفي هذه السياقات، تعثّرت المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي عدة مرات منذ 2022، وأجرَت واشنطن مفاوضات بوساطة بعض الدول مع حكومة إبراهيم رئيسي[71].
وهناك اتجاه يُرجِّح أن تتحرك المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، بسبب الظروف الإقليمية التي ستدفع واشنطن لإيجاد حل يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني، تخوفًا من استخدامه في مواجهات إيرانية إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة. إلا أن هذا قد يكون على المدى الطويل.
لكن في ظل السياق الراهن، قد تلجأ الأطراف إلى الاتفاق على خطوات أصغر حجمًا، مثل زيادة وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المواقع النووية، وخفض إنتاج إيران من اليورانيوم العالي التخصيب. وفي المقابل، يمكن لواشنطن أن تعرض مواصلة التساهل مع مبيعات النفط الإيراني للصين، كما يمكن أن تطلب واشنطن من صندوق النقد الدولي أو جهات مماثلة العمل مع حكومة بزشكيان لتحقيق هدفه الذي أعلن عنه مرارًا والمتمثل في إخراج إيران من القائمة السوداء التي تحتفظ بها فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية. وهذا بالطبع سيتطلب من طهران اتخاذ خطوات رسمية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. في حين يمكن للجانب الأوروبي التعهد بعدم استخدام بنود “إعادة فرض العقوبات” وتركها لينتهي مفعولها في أكتوبر 2025[72].
- العلاقات مع روسيا والصين… استراتيجية “التوجه شرقًا”
تعني سياسة “الاتجاه شرقًا” بشكل أساسي توطيد العلاقات مع القوى غير الغربية مثل: روسيا والصين والقوى الأخرى الصاعدة سواء في آسيا أم غيرها- بديلا استراتيجيًا[73]. كانت قد اتسمت سياسة إيران الخارجية في عهد رئيسي بشكلٍ متزايد بتمتين الروابط مع القوى الشرقية، لا سيما روسيا والصين، في مقابل الابتعاد عن الانخراط الدبلوماسي مع الغرب[74]. وقد أكّد بزشكيان أنّ كلا من روسيا والصين “وقفتا إلى جانب طهران خلال الأوقات الصعبة”. وعن موسكو خاصةً، أكد بزشكيان أنّ روسيا “حليف استراتيجي وجار مهم لإيران”. وأكد كذلك أنّ خريطة الطريق التي أبرمتها إيران مع الصين، والتي تمتد على مدى 25 عامًا، “تمثّل معلمًا مهمًا نحو إقامة شراكة استراتيجية شاملة[75].
وتنبع أهمية العلاقات مع روسيا والصين في هذه المرحلة من الاعتبارات الآتية: اعتقاد بزشكيان أن توطيد العلاقات مع دول الشرق مثل روسيا والصين وأيضا مع دول الجوار “سيمنح إيران وضعا قويا في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة”[76].
أما بشأن الانخراط الإيراني في مسار الحرب الروسية -الأوكرانية وما أثاره من جدل حول جدوى الدعم الإيراني لروسيا بالطائرات المسيرة، وما يمكن أن تجنيه إيران من ناحية وتخسره من ناحية أخرى. فثمة مُحفِّزات من شأنها أن تدفع إيران إلى الاستمرار في دعم روسيا، وتتمثل في: الحفاظ على الثقة في كفاءة الإنتاج العسكري عقب التأثير الملحوظ الذي حققته طائراتها المسيرة في استهداف المواقع المهمة في أوكرانيا، وكذلك الاستفادة من وضع روسيا في خندق العزلة والعقوبات عبر تعزيز شراكتهما الاقتصادية.
كما أن دعم طهران لموسكو جعلها على وشك الحصول على صفقة الطائرات المقاتلة “سوخوي-35″، التي ستعد نقطة فارقة في القدرات العسكرية الإيرانية، علمًا بأنه تتردد أنباء عن تنسيق روسي-إيراني لتدشين مصنع في شبه جزيرة القرم لإنتاج ما يصل إلى 6 آلاف طائرة مسيرة إيرانية. ذلك بجانب تعزيز التفاهم الثنائي في الملف السوري، وأن إيران لا تجد مفرًا من الاعتماد على الدعم الروسي للاتفاق النووي لا سيما في ظل قدرة روسيا على عرقلة قرارات تصعيدية بشأن إيران في مجلس الأمن باستخدامها حق الفيتو حال إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن مجددًا[77].
لكن ثمة تحديات تتمثل في: تزايد الضغوط الغربية، وتزايد خلافات النخبة الإيرانية حول تطور العلاقات مع روسيا؛ حيث يدعو اتجاه -تمثله مؤسسة الحرس الثوري وقياداتها، وبعض رموز النظام مثل رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف- إلى دعم العلاقات مع روسيا بالسبل المتاحة لدى إيران وبما يحقق الأهداف سالفة الذكر. فيما ينبه اتجاه آخر إلى وجوب توخي الحذر إزاء الاصطفاف الكامل مع روسيا، وإن كان لا يرفض التقارب معها، حتى لا يتعمق العداء مع الدول الغربية في هذا السياق. ومع التسليم بأن لدى روسيا سقفا أقصى لشكل التعاون الاستراتيجي مع إيران، يمكن أن تصل إليه سريعًا خلال هذه الفترة كرد على الدعم الإيراني لها، فإن بلوغ هذا السقف في المستقبل سيؤدي إلى ترجيح رؤية الاتجاه الثاني داخل النخبة الإيرانية[78].
وبالنسبة إلى بزشكيان فإنه أقرب إلى الاتجاه الثاني، فهو وإن كان يدعم “الاتجاه شرقًا” إلا أن لديه تحفظاته؛ إذ يقول على سبيل المثال: “لن نكون مناهضين للغرب ولا للشرق»، لكنه انتقد في إحدى المناظرات التلفزيونية “بيع النفط بسعر منخفض إلى العسكريين الصينيين”[79]. كما أنه لا يوجد اتفاق في الداخل الإيراني حول جدوى الاتفاقات الإطارية مع الصين روسيا؛ حيث تَعتبِر أصوات من المحافظين والإصلاحيين أن هذه الاتفاقات تحول إيران إلى سلة للسلع الروسية والصينية[80].
- محور المقاومة والمواجهة مع إسرائيل:
يعد محور المقاومة من أهم ثوابت السياسة الخارجية الإيرانية، وتنبع أهميته في الاستراتيجية الإيرانية من أنه في السنوات التي تلت الحرب العراقية -الإيرانيّة، قررت طهران اعتماد استراتيجيّة “الدفاع المتقدّم”، وذلك بهدف حماية الداخل الإيراني بسبب هشاشته الأمنية. وقد أشرف على هذا المشروع، قائد «فيلق القدس» قاسم سليمانيّ، الذي ركّز على وكلاء إيران في المنطقة، من العراق إلى سوريا ولبنان ووصولا إلى اليمن. إضافة إلى مد النفوذ في الإقليم. كما كان الهدف خلق ستار ضبابيّ للسلوك الإيراني يعطيه القدرة على التهرّب من المسؤولية[81].
ويتم تحديد دور كل من هؤلاء الوكلاء وفقًا لطبيعة البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيش فيها، وماهية الأهداف التي تريدها إيران. في هذا الإطار، طُرح التساؤل: هل تلك علاقة تقارب أيديولوجي ومصالح مشتركة، أم أنها علاقات توجيه وهيمنة وتبعية؟ أم أنه مزيج بين الحالين؟
يستخدم قادة إيران وهذه التنظيمات شعارات تؤكد عمق الصلة بينهم، مثل: «محور المقاومة»، وكذلك شعار «غرفة العمليات المشتركة» التي أُعلن عن تشكيلها فى عام 2021 إبان معركة سيف القدس بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي. فضلا عن شعار «وحدة الساحات»، الذي استخدمته إيران لوصف العلاقة التي تربطها بهذه التنظيمات، وهو نفس الشعار الذي أطلقته “سرايا القدس” على المواجهة مع إسرائيل في عام 2022. في الوقت نفسه، ثمة تصريحات أخرى تعطي انطباعًا مُخالفًا، فتؤكد استقلال كل تنظيم لتحقيق أهدافه الوطنية.
وقد أفصح هذا الالتباس عن نفسه في التصريحات الخاصة بهجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023؛ حيث تركزت تعقيبات أطراف ما يُسمى بـ «محور المقاومة» على أن قرار هذه العملية كان فلسطينيًا بحتًا. واتصالا بذلك باركت إيران هذه العملية، مؤكدة أنها ليست لها أي صلة بها. لكن الأمر المؤكد –وفق د.محمد السعيد إدريس- أن هناك تشابكات وترابطات بين إيران وتلك التنظيمات؛ فقد قامت إيران بأدوار مختلفة في تأسيسها وتسليحها، كما أنها تمثل أحد المصادر المهمة لتمويل هذه التنظيمات الفلسطينية، ومع تضييق الخناق على طرق نقل هذه الأسلحة وفرت لها طهران المعرفة التقنية اللازمة لتصنيعها محليًا، ووفرت إيران لها أيضًا مستشارين من الحرس الثوري لتقديم الخبرة والمشاركة في التخطيط[82].
ويمكن في هذا الصدد تحديد أكثر من بؤرة تمثل تحديًا للسياسة الخارجية لبزشكيان على صعيد هذا المحور، وهي جميعها مترابطة، خاصةً في الوقت الراهن:
- الحرب على غزة: استحوذت القضية الفلسطينية على جزء كبير من نشاط وفاعلية السياسة الخارجية الإيرانية في عهد رئيسي، إلى حد إطلاق لقب “وزير خارجية المقاومة” على عبد اللهيان بعد الحرب في غزة. وقد سبق لبزشكيان عبر مساره السياسي أن اتخذ مواقف تعبر عن دعمه للمقاومة في مواجهة إسرائيل، إذ أعدّ برفقة جمع من البرلمانيين في العام 2008 مشروع قانون عاجل يُلزم الحكومة بالدعم الشامل لشعب فلسطين. وبعد عمليّة “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، قال بزشكيان إنّ “إسرائيل لن تجرؤ ثانية على القصف والاغتيال في أي مكان ووقت تريد”[83].
وفي تأكيدٍ على هذا الموقف عقب توليه السلطة، رد بزشكيان على رسالة نصر الله لتهنئته أنّ “نهج الدفاع عن المقاومة متجذّر في السياسات المبدئية لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران”، كما شدَّد في الرسالة المناظرة إلى هنية أنّ “طهران مستمرّة في دعمها الشامل للشعب الفلسطيني حتى تحقيق جميع أهدافه واسترداد حقوقه وتحرير القدس”[84].
أكد بزشكيان أنّ إدارته ستحثّ “كإجراء أولي، الدول العربية المجاورة على التعاون والاستفادة من كل الوسائل السياسية والدبلوماسية، لإعطاء الأولوية لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في القطاع، بهدف وقف المذبحة ومنع اتساع الصراع”. وقال إن “جميع الدول ملزمة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية، وليس مكافأتها من خلال تطبيع العلاقات مع مرتكبيها المجرمين”[85].
- الجماعات الموالية لإيران بالعراق: ونركز في هذا الصدد على ما يتصل بارتباط الساحة العراقية بتطورات المواجهة بين محور المقاومة والكيان الصهيوني؛ حيث تشارك فصائل منضوية في إطار “المقاومة الإسلامية في العراق” بشن هجمات على إسرائيل انطلاقًا من الأراضي العراقية في سياق التضامن مع الفلسطينيين[86]. وعلى إثر هجمات بالصواريخ البالستية على مدينة أربيل في يناير 2024 أعلن الحرس الثوري مسؤوليته عنها، كادت الأوضاع بين العراق وإيران أن تتدهور؛ حيث جاء في بيان الحرس الثوري أن هجوم الصواريخ استهدف ما أسماه مقرًا تجسسيًا رئيسيا للموساد في إقليم كردستان العراق، الأمر الذي نفاه العراق. وبالتالي، جاءت زيارة بزشكيان للعراق في سبتمبر 2024 في محاولة لتهدئة الغضب المتكرر من سلوك الجماعات الموالية لإيران، فضلا عن بعض الملفات الاقتصادية والأمنية المتعلقة بالمعارضة الكردية[87].
- الحوثيون باليمن: لعب الحوثيون دورًا اتسم بقدر من الاستمرارية عقب اندلاع طوفان الأقصى عبر الضربات المتتالية، ولكن لا يمكن اعتبار أن للحوثيين في المعركة الأهمية الاستراتيجية ذاتها التي تشكلها حماس أو حزب الله، وكان الهدف من الضربات تشتيت انتباه إسرائيل، ورسالة تحذير إلى المجتمع الدولي بأنه إن لم يتحرك لوقف العدوان فقد يتم تهديد الملاحة في البحر الأحمر، ولكن بلا جدوى[88]. وقد نفى بزشكيان مؤخرًا تزويد بلاده للحوثيين بصواريخ في هجماتها، قائلا: “حلفاؤنا في اليمن يمتلكون التقنية اللازمة وهم ينتجون هذه الصواريخ”، وكأنه على النهج الإيراني في تأكيد التحالف مع الاستقلالية في الوقت ذاته[89].
- حزب الله بلبنان: عمدت إيران، إلى فتح جبهة لبنان كجبهة إسناد تسمح بتثبيت كثير من القوات الإسرائيليّة على الجبهة الشمالية مع لبنان، بهدف تخفيف الضغط عن قطاع غزة[90]، لكن تفاقمت الأوضاع، كما سنرى لاحقًا.
وبشأن احتمالات المواجهة المباشرة بين إيران والكيان الصهيوني، اتسمت تفاعلات إيران مع هجوم طوفان الأقصى وحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة بالحرص على قدر ما من “النأي بالنفس” عن هذه الحرب، والالتزام بعدم التورط في حرب إقليمية موسعة مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، واتضح ذلك حينما سارع الجنرال قاآني بالسفر إلى العراق للضغط على التنظيمات التي هاجمت القواعد الأمريكية لعدم التصعيد بعد الرد الأمريكي، الذي استهدف 85 هدفًا في سبعة مواقع مختلفة (3 في العراق و4 في سوريا) بما فيها مراكز قيادية واستخباراتية[91]. ويعكس ذلك بقاء النظام الإيراني أولوية لدى القائمين عليه، إذ لا تحتمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الدخول في مثل هذه الحرب.
ورغم ذلك، فإن إيران لم تنجُ من المواجهة، ولو بصورة محدودة، فقد وجهت إسرائيل ضربة عسكرية للقنصلية الإيرانية في دمشق في أول أبريل 2024، وهو ما ردت عليه إيران بضربات عسكرية لأول مرة داخل إسرئيل في 13 من الشهر نفسه، وقامت الأخيرة بدورها بالرد المضاد بعد ذلك بستة أيام[92].
على الجانب الأمريكي، نجد أيضًا أن واشنطن حريصة على تجنب توسيع حرب غزة من حرب محدودة إلى حرب إقليمية والصدام المباشر مع إيران، وأن واشنطن إذا اضطرت للتورط في حرب مع إيران سيكون البرنامج النووي الإيراني هو المحدد الأساسي لمثل هذا الخيار؛ لذلك كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حريصًا وهو يهيء للهجوم الأمريكي الذي نفذته الولايات المتحدة ضد مواقع لفصائل موالية لإيران في العراق وسوريا في فبراير 2024، على تأكيد أن واشنطن “ستعمل على تجنب اتساع نطاق الصراع”. كما نقلت شبكة “سي. بي. اس” الأمريكية عن مسئولين أمريكيين قولهم إن “إدارة الرئيس بايدن لا تسعى إلى حرب مع إيران حتى مع تزايد ضغوط الجمهوريين عليها لترد بقوة”[93]. لذا كانت هناك معارضة أمريكية للضربة الإسرائيلية في أبريل 2024، وقد أبلغ وزير الدفاع الأمريكي نظيره الإسرائيلي أن تلك الضربة تعرض القوات الأمريكية في الشرق الأوسط للخطر[94].
لكن الأمور ربما تخرج عن تلك المحددات التقليدية مع دخول المواجهات مرحلة جديدة على الساحة اللبنانية؛ حيث توسعت إسرائيل في التوغل في عمق الجنوب اللبناني وقراه وصولا إلى بعلبك شرق لبنان واستشهاد عدد كبير من قادة الصف الأول والثاني، كما وقعت عشرات الضربات الإسرائيلية لمواقع تخص الوجود العسكري الإيراني في سوريا، ومواقع تخص حزب الله، ومع ذلك حرصت إيران على ممارسة “ضبط أعصاب حديدي” وممارسة ضغوط على حزب الله لعدم الانجرار في توسيع جبهة الحرب مع إسرائيل[95]. حتى اعتُبر أن قرار الحوثيين بعدم الرد على استهداف الحديدة قرارا إيرانيا، كما هو حال قرار الميليشيات العراقية بوقف هجماتها على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق؛ حيث اعتبر أن “كلا القرارين يقدمهما بزشكيان وحكومته كمبادرة حسن نية لإدارة جو بايدن والديمقراطيين، على أمل إحياء الاتفاق النووي، إذا دخلت كامالا هاريس البيت الأبيض”[96].
لكن مع اغتيال حسن نصر الله اتسمت الأمور بكثيرٍ من عدم الوضوح، وصارت الخيارات غير محسومة؛ حيث باتت الغطرسة الإسرائيلية توجه المشهد الإقليمي باتجاه حربٍ مفتوحة. فقد كان حزب الله بمثابة حائط صد في المواجهات الجارية –رغم محدودية دوره- بعد بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، وإذا كان تثبيت القوات الإسرائيليّة على الحدود اللبنانية هدفًا استراتيجيًا لـحزب الله، لكن هذا الأمر قدّم أيضًا خدمة لهذه القوات إذ سمح للإسرائيليين بمزيد من الوقت للتعرف على طريقة تنظيم، وكيفيّة عمل، مقاتلي حزب الله. وفي الوقت ذاته، ولأن المعركة تستلزم حركيّة مستمرّة للقيادات العسكريّة، استطاعت إسرائيل استهداف القيادات الميدانيّة لـ«حزب الله» بأعداد كبيرة[97]. بالإضافة إلى كل ذلك، شكّل الوجود العسكريّ الإسرائيلي المُثبّت في الشمال، نقطة انطلاق للحملة الحالية على حزب الله، كما ساعد في التحضير للانتقال من الحرب الحالية الموضعيّة وحرب الاستنزاف، إلى حرب المناورة، في حال قرّرت إسرائيل خوض الحرب البريّة[98].
وقد صرح نتنياهو بأن الحرب ضد ما وصفه بـ”محور الشر الإيراني” ضرورية[99]، وهو يستهدف حزب الله، الوكيل الأبرز والأقوى، لـمحور المقاومة، والمشروع الإيراني الإقليميّ[100]. فهل ستسمح إيران بذلك بسقوطه؟ وهل أخطأ كل من «حزب الله» وإيران بالحسابات الاستراتيجيّة؟
تعتقد إسرائيل أنها ضربت جبهتين من جبهات “وحدة الساحات”، هما قطاع غزّة والضفة الغربيّة. وهي اليوم تتعامل بقوّة مع الجبهة الأهم والأخطر عليها، جبهة لبنان. ولكن ماذا عن المتبقي من وحدة الساحات؛ أي اليمن والعراق وإيران؟ لا تشكّل جبهة العراق خطرًا وجوديًّا على إسرائيل كما تشكّل جبهة لبنان. أما اليمن، فقد يكون مشكلة لإسرائيل، لكنه أيضًا مشكلة إقليميّة ودولية نظرًا إلى سلوك الحوثيين في باب المندب. ولكن ماذا عن إيران[101]؟ هل تدخل إسرائيل في حرب مباشرة معها على نطاق واسع؟ وهل طهران لديها قابلية واستعداد لخوض مثل تلك الحرب؟!
على خلفية اغتيال نصر الله، وفضلا عن المواقف الرسمية المعتادة، من تنديد شديد اللهجة على لسان الرئيس مسعود بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي[102]؛ ربط علي لاريجاني، العضو البارز في مجمع تشخيص مصلحة النظام ومستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، بين دعم طهران لمحور المقاومة والأمن القومي الإيراني، معتبرا أن إسرائيل تتخطى الخطوط الحمراء لطهران[103]. ذلك أن اغتيال نصر الله برفقة عدد آخر من كبار القادة المقربين من طهران، جاء بعد دقائق فقط من تهديد بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن “أي مكان في إيران ستصله ذراع إسرائيل الطويلة” في حال هاجمت كيانه.
تتمثّل معضلة بزشكيان الحالية في انعدام الخيارات الجيّدة، فالتدخل المباشر باهظ التكلفة اقتصاديًا وسياسيًا، والامتناع يؤثر سلبًا على مصداقية إيران، وبالتالي يضيع الاستثمار الإيراني الذي بدأ منذ عقود فيما يُسمّى محور المقاومة، لتنهار المنظومة. في هذا الإطار، اختارت طهران ردا يعد “محدودًا” على الاغتيالات الإسرائيلية، معلنة على لسان مسؤوليها أنها لا تنوي التوسع فيه، إلا أن تل أبيب توعدت برد قوي، كانت التكهنات بأنه قد يستهدف منشآت النفط ومنشآت عسكرية[104].
لكن ما أبرز المعضلات التي تحيط بإيران في حال استمرت أو اتسعت المواجهات مع إسرائيل؟
– استهداف المنظومة القيادية للحلفاء: خاصةً حماس وحزب الله، وهو ما يستدعي حتمية إعادة تركيب المنظومة القياديّة. ولا شك أن إعادة ترتيب وضع المقاومة سيحتاج بالطبع إلى وقت ليس بقصير[105]، وإن كان ذلك لا يعني أن حزب الله على سبيل المثال قد تراجع تمامًا كما تروج الآلة الإعلامية الإسرائيلية، فقد أثبت عبر عمليات متتالية موجهة إلى إسرائيل قوة بنيانه، خاصةً عمليات يوم 13 أكتوبر ذات الدلالات النوعية المتعددة[106].
– الاختراق الاستخباراتي: فأخطر ما أظهرته أحداث الاغتيالات الأخيرة هو مدى هشاشة الأمن القومي الإيرانيّ. فقد تعرضت الأجهزة الاستخباراتية للجمهورية الإسلامية لعدة هزائم من اختراقات وهجمات على أماكن سرية نووية وسرقة وثائق حتى الفشل في حماية الشخصيات الهامة في سوريا ولبنان والعراق وإيران؛ ظهر هذا الأمر في سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية المتكررة للعلماء النوويّين، وأبرزهم بالطبع محسن فخري زاده. كما تظهّر أيضًا في سرقة إسرائيل للأرشيف النووي من محيط العاصمة طهران. لكن صورة الضعف الأخطر لإيران ظهرت عقب مقتل الرئيس إبراهيم رئيسيّ، فقد استعانت إيران بقوى خارجية للوصول إلى مكان تحطّم مروحيّته، ما سلّط الضوء على حالة سلاح الجوّ الإيراني الكارثيّة[107]؛ حتى أنه طرحت تساؤلات حول ما إذا كان أحد رءوس النظام الإيراني متورطًا بما يسمح بهذا القدر من الاختراق، وفي هذا السياق كانت الشكوك حول إسماعيل قاآني إثر اختفائه الفترة الأخيرة.
كما أن إسرائيل متفوقة في تنفيذ العمليات السرية التي يمكن أن تقلل من قوة الأعداء وتعزز الأمن الداخلي؛ مثل قتل هنية ثم نصر الله، في حين محاولات المحور الإيراني لكسر أهداف إسرائيلية في دول ثالثة مثل ما حدث في قبرص دائمًا ما تبوء بالفشل[108]. وبالتالي، ما لم يتم الكشف عن مواضع الخلل، فقد تخسر إيران معاركها قصيرة وطويلة المدى.
– الخلل في التوازن العسكري: تمتلك إسرائيل معدات عسكرية متقدمة تشمل مقاتلات الجيل الخامس، وأنظمة دفاع صاروخي مثل القبة الحديدية، وأنظمة دفاعية أخرى يمكنها تحييد التهديدات الصاروخية والجوية بفعالية. وفي المقابل، انصب تركيز مكونات المحور الإيراني في السنوات الأخيرة على تصميم البرامج العسكرية وفق أهداف بعدت نوعًا ما عن الهدف الصهيوني. على سبيل المثال، طوَّر حزب الله قدراته التسليحية بناءً على الحرب في سوريا، والحوثيون بناءً على حروبهم الداخلية، والجماعات العراقية لمعاركها على حدودها، وحتى الحرس الثوري انغمس في تلك المعارك الفرعية[109].
– تعميق الاستقطاب في الداخل الإيراني: يشبه التوافقُ الداخلي العام على ضرورة تجنب الانخراط في حرب مباشرة “جبلَ الجليد”، الذي تظهر قمته فقط في حين يختفي قسمه الأكبر تحت الماء[110]. فقد أفرز التصعيد الإسرائيلي الأخير انقسامًا كبيرًا في إيران؛ فثمة من يرى أن سياسة ضبط النفس الإيرانية منحت العدو جرأة على التمادي في عدوانه. بينما تعتقد شريحة أخرى بأن الهدف الأساس من التصعيد الإسرائيلي للاغتيالات في لبنان وسوريا والعراق وإيران هو جرّ طهران إلى الحرب، وبالتالي لا ينبغي للجمهورية الإسلامية اللعب وفق إرادة العدو. لا سيما أن الجمهورية الإسلامية استُدرجت بالفعل إلى التورط في حربين طاحنتين هما الحرب الروسية على أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على غزة وحزب الله اللبناني، وأن شعبها يدفع ضريبة هذه التطورات[111]. كما أن هناك تخوفا في طهران من أن إسرائيل تنتظر الفرصة المناسبة لضرب قواعد البرنامج النووي، وقد يكون التحرك العسكري الإيراني المباشر لدعم “حزب الله” مبررا لهذه الضربة[112].
يدعم من هذا التوجه سوء الوضع الاقتصادي الإيراني، فإيران في السنوات الأخيرة لم تكن في وضع اقتصادي مناسب بسبب العقوبات دولية واضطرابات داخلية، مما يمكن أن يحوِّل موارد واهتمام الحكومة عن القضايا الخارجية.
– الدعم الدبلوماسي لإسرائيل: تتمتع إسرائيل بدعم دبلوماسي قوي في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة من خلال حق الفيتو الأمريكي، هذا الدعم يمكن أن يقلل من الضغوط الدولية ضد إسرائيل ويعزز موقفها في حالة اتساع دائرة الحرب[113]. انطلاقًا من ذلك يخشى الساسة الإيرانيون أن يؤثر تصعيدهم العسكري المباشر وغير المباشر لدعم “حزب الله” سلبًا على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما يزيد من حظوظ دونالد ترامب غير المرغوب فيه في طهران[114]. في المقابل لا يحظى المحور الإيراني بدعم دولي قوي، وحتى الصين وروسيا لا تميلان للتدخل في النزاعات طويلة المدى متسعة النطاق[115].
لا يعني التطرق إلى ما سبق من نقاط تتصل بميل الميزان الاستراتيجي نوعًا ما لصالح الكيان الصهيوني أن المعركة قد حسمت لصالحه، ربما لم تبدأ المعركة بعد، ربما أن الأمة في مرحلة استعداد، استعداد يحتاج إلى الوعي والبصيرة الاستراتيجية، فلا تنحرف المعارك الحقيقية عن بوصلتها، فلا يجب أن تتطور المواجهات الراهنة لتصير قضايا الأمة الكبرى ومقاومتها ساحة مساومة بين إيران والغرب على قضايا أخرى كالملف النووي، وفي الوقت ذاته لا يجب أن تتخلى الأمة عن مقاومتها فقط لتترك المجال للقضاء على إيران.
خاتمة:
تناول التقرير الحالة الإيرانية على مستوييها الداخلي والخارجي، في ظل رئاسة الرئيس الإصلاحي بزشكيان، في محاولة للإجابة عن سؤال إمكانيات التغيير المحتملة ومساراته، في ظل سياق معقد يمتد من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية في الداخل الإيراني، وصولا إلى حرب قد تدق أبواب طهران في أي لحظة، بل إن لم تدق أبوابها فإن نيرانها تطال مشروعًا إقليميًّا استغرق بناؤه عقودا من موارد الشعب الإيراني تطلعًا لمكانة إقليمية وعده بها ساسته.
على المستوى الداخلي، ربما يجد بزشكيان فرصًا تتمثل في ظهير شعبي ونخبوي تمسك بالتغيير هذه المرة رافضًا المقاطعة، لكن في الوقت ذاته قد لا تعاونه مؤسسات النظام الأخرى المخالفة له في التوجه كما ينبغي. لذا، فقد بدا أنه اتجه لاختيار الحلول الوسط التدرجية عبر منهج براجماتي غير صدامي مع المرشد، كما في تمكين المرأة والأقليات، فضلا عن اختيار أعضاء حكومته. بيد أن الملف الاقتصادي هو المعضلة الحقيقية نظرًا لارتباطه بقضية العقوبات وارتباطاتها الخارجية، وإن قطع شوطٍ معقولٍ في هذا الصدد يحتاج من الرئيس الجديد إيجاد خطاب جامع يحقق نوعًا من اصطفاف المؤسسات الإيرانية على اختلاف توجهاتها.
أما على الصعيد الخارجي، برغم تمسك طهران بعدم التصعيد، تتعدد السيناريوهات المتوقعة بشأن المواجهات المحتدمة بين إيران ومحورها والكيان الصهيوني، خاصةً فيما يتصل بالمواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران. بين من يرى أن طهران ستبقى متمسكة بما أطلق عليه “الصبر الاستراتيجي”، وأن المنطقة ستبقى في حالة “لا حرب شاملة ولا سلام كامل” لفترة طويلة، لا سيما مع فشل نتنياهو في تحقيق واحد من أبرز أهدافه المعلنة ألا وهو تحرير الأسرى في قطاع غزة. أو أن الأمور قد تعود إلى نصابها بعد فترة قليلة تحت وطأة الضغوط الأمريكية على مختلف الأطراف[116]. فضلا عن أن هناك احتمالية لاتساع نطاق الحرب إذا جاء الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية الأخيرة أكبر من المعتاد في الضربات الانتقامية المتبادلة بين الطرفين.
ويمكن القول إنه على الرئيس الجديد اتباع خطة قصيرة المدى، وأخرى طويلة المدى؛ فعلى المدى القصير:
– هناك حاجة إلى تغيير استراتيجيات التنسيق مع جبهات محور المقاومة. فمازال لدى الميليشيات في العراق والحوثيين الرغبة لاتباع نهج أكثر قتالية[117]. وهو أمر يحتاج إلى توظيفه وفق توقيتات محسوبة بدقة.
– كذلك هناك حاجة ماسة لتطوير الأداء الاستخباراتي بما يواكب مستجدات الحروب السيبرانية، على نحو ما حدث من اختراق عبر أجهزة التليفون المحمول في لبنان. كما أُعلن في أغسطس 2024 عن تعرض البنك المركزي الإيراني لهجوم إلكتروني كبير، وعن شن الهجوم السيبراني على بنوك أخرى في إيران، ما أدى إلى اضطرابات واسعة النطاق في الأنظمة المصرفية في البلاد[118].
ومن سبل المواجهة معالجةُ الازدواجية الاستخباراتية بإيران في هذا الوقت الدقيق؛ حيث الازدواجية ما بين استخبارات عامة ونظير لها للحرس الثوري، وما يكون من تحدٍ وتضارب بين مثل هذه الجهات. كما يجب إيلاء مزيد من الاهتمام لعلاج قصور الجهات المنوط بها تأمين كبار الشخصيات، وتفعيل آليات المحاسبة[119].
-توجيه خطاب أكثر مرونة وذكاء إلى العالم، واستثمار الفرص المتاحة لحشد توجه عالمي ضد الممارسات الصهيونية. على سبيل المثال، اعتبر الرئيس الإيراني، المواقف الأخيرة للحكومة الفرنسية في إدانة إجراءات الكيان الصهيوني داخل لبنان، ووقف تزويده بالسلاح، أنها “إيجابية”، وحث بزشكيان خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على تفعيل الآليات الكفيلة بوقف المواجهات وإرساء وقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الصهيوني[120].
– كما أنه لا بد من الوعي إزاء أي ترتيبات أمريكية لوقف الحرب ضد إيران، ولا نعني رفضها بالكلية، لأن هذا معناه فرض معادلة سياسية – أمنية لمستقبل غزة والقضية الفلسطينية تحت نيران الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني وشروط قادة كيان الاحتلال الإسرائيلي[121].
أما على المدى الطويل، فينبغي العمل على:
- التخلي عن الطائفية والمذهبية في إدارة العلاقات مع مكونات الأمة، التي تقدم الذريعة للتخلي عن المقاومة، وهو أمر يدركه بزشكيان، إذ أكد خلال لقائه مع علماء أهل السنة في إيران أن الاتحاد والتكاتف هما أفضل عاملين لحل مشاكل البلاد كي لا يستمر الكيان الصهيوني بجرأته ويقتل النساء والأطفال في ظل صمت مُطبِق منا. واعتبر بزشكيان أن أعظم معروف هو الوحدة والانسجام وأخطر شر هو التفرق والخلاف[122].
- الاهتمام بمسارات وأطروحات التكامل الاقتصادي الإسلامي، بما يخفف وطأة العقوبات ويسهم في توحيد المصالح الاقتصادية بين بلدان العالم الإسلامي. على سبيل المثال، في اجتماع رؤساء البنوك المركزية للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني أن محور الاجتماع تمثل في البحث بشأن خلق القناة المالية المشتركة واستخدام العملات الوطنية في المعاملات التجارية[123].
تفعيل طرح بزشكيان حول إنشاء “إطار إقليمي للحوار وبناء الثقة والتنمية”، بحيث يعمل على تحويل الروابط الثقافية إلى فعاليات تنموية، ويمكن أن تكون تركيا عنصرا فاعلا في هذا الكيان، فضلا عن مصر والمملكة العربية السعودية كصيغة لتفعيل المصالحة مع طهران.
_________________
هوامش
[1] إيران والعالم.. هل تشهد السياسة الخارجية تغييرًا مع بزشكيان؟، سكاي نيوز عربية، 6 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع 27 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/rFHRqxZN
[2] شريف هريدي، عودة الإصلاحيين: حدود تأثير فوز بزشكيان في السياسة الداخلية والخارجية لإيران، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 8 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع 28 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/wW3FYcOX
[3] المرجع السابق.
[4] مسعود بزشكيان.. ثالث إصلاحي يرأس إيران، الجزيرة، 6 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/2qrbKegl
[5] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، الشرق الأوسط، 6 يوليو 2024، https://linksshortcut.com/SyIYV
[6] مسعود بزشكيان.. ثالث إصلاحي يرأس إيران، مرجع سابق.
[7] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[8] مسعود بزشكيان.. ثالث إصلاحي يرأس إيران، مرجع سابق.
[9] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[10] شريف هريدي، عودة الإصلاحيين، مرجع سابق.
[11] المرجع السابق.
[12] فوز بزشكيان بالرئاسة في إيران.. التداعيات والتحديات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 6 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://rasanah-iiis.org/?p=35553
[13] شريف هريدي، عودة الإصلاحيين، مرجع سابق.
[14] فوز مسعود بزشكيان للرئاسة الإيرانية.. أسباب ودلالات، ميدل إيست نيوز، 6 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/wcW9F9qP
[15] إقبال أكبر برئاسيات إيران.. هل تؤثر النتائج على السياستين الداخلية والخارجية؟، الجزيرة، 5 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع 28 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/FxNhBio9
[16]غزل أريحي، الاتفاق النووي نقطة الخلاف البارزة في المناظرة الإيرانية الأخيرة، الجزيرة، 3 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/yBPfA
[17] بزشكيان أمام جملة مطالب بإيران.. إليك أبرزها، الجزيرة، 10 يوليو 2024، تم الاطلاع عليه بتاريخ 28 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/PrceN
[18] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[19] إيران والعالم.. هل تشهد السياسة الخارجية تغييرًا مع بزشكيان؟، مرجع سابق.
[20] فوز مسعود بزشكيان للرئاسة الإيرانية.. أسباب ودلالات، مرجع سابق.
[21] بعد فوز بزشكيان.. ما هي وصايا السيد خامنئي للرئيس الجديد؟، الميادين، 6 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/6UgSzV9K
[22] شريف هريدي، عودة الإصلاحيين، مرجع سابق.
[23] إيران والعالم، مرجع سابق.
[24] شريف هريدي، عودة الإصلاحيين، مرجع سابق.
[25] فوز بزشكيان بالرئاسة في إيران.. التداعيات والتحديات، مرجع سابق.
[26] عادل السالمي، الاتفاق النووي ورفع العقوبات… اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية، الشرق الأوسط، 6 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/dWJljJrS
[27] انظر حول استقالة ظريف: دوافع جواد ظريف للاستقالة من منصب نائب الرئيس الإيراني، الجزيرة، 13 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/3HPoKV6I
[28] رانيا مكرم، توازنات بزشكيان: حدود التغيير في سياسات إيران بعد تشكيل الحكومة الجديدة، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 26 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/uYqyQ6V8
[29] شريف هريدي، مرجع سابق.
[30] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[31] فوز مسعود بزشكيان للرئاسة الإيرانية.. أسباب ودلالات، مرجع سابق.
[32] السُّنة والمسيحيون وغيرهم.. لمن يصوّت غير الشيعة في إيران؟، الجزيرة، 5 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 28 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/UJhvb
[33] الرئيس الإيراني يُعين أول نائب له من الأقلية السنية، إرم نيوز، 26 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي:
https://www.eremnews.com/news/world/1l1p161
[34] بزشكيان: عدم الوحدة هي التي جعلت الكيان الصهيوني يتجرأ ويقتل النساء والأطفال الأبرياء، وكالة مهر للأنباء، 17 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/kAYgDxe4
[35] بزشكيان أمام جملة مطالب بإيران، مرجع سابق.
[36] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[37] بزشكيان ينتقد الخطة «الظلامية» لتشديد قوانين الحجاب، الشرق الأوسط، 15 يونيو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/boBFqONb
[38] الرئيس بزشكيان يعيّن أول امرأة في حكومته الجديدة، وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، 10 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/EntcTZ3i
[39] رانيا مكرم، توازنات بزشكيان، مرجع سابق.
[40] بزشكيان: نمهد الأرضية لحضور المرأة، وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، 16 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/ZDLQSZb0
[41] عادل السالمي، الاتفاق النووي ورفع العقوبات… اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية، مرجع سابق.
[42] فوز بزشكيان بالرئاسة في إيران.. التداعيات والتحديات، مرجع سابق.
[43] المرجع السابق.
[44] رسول آل حائي، بعد فوز بزشكيان.. ماذا سيتغير في سياسة طهران الداخلية والخارجية؟، الجزيرة، 6 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع 28 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/gUFjr
[45] فوز بزشكيان بالرئاسة في إيران.. التداعيات والتحديات، مرجع سابق.
المستشار الاقتصادي لـ “بزشكيان”.. ما هي خطته لمواجهة الأزمة الاقتصادية للبلاد؟، ميدل إيست نيوز، 9 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/QUnJe8NX
[46] رسول آل حائي، بعد فوز بزشكيان.. ماذا سيتغير في سياسة طهران الداخلية والخارجية؟، مرجع سابق.
[47] رانيا مكرم، توازنات بزشكيان، مرجع سابق.
[48] بزشكيان أمام جملة مطالب بإيران، مرجع سابق.
[49] في مقال بعنوان “رسالتي الى العالم الجديد”..، بزشكيان يشرح رؤيته في السياسة الخارجية والعلاقات مع دول العالم، وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (ارنا)، 13 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 27 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/Jfotc
[50] پاتريك كلاوسون، التحدث بلطف مع بزشكيان مع تأجيل خطوات رئيسية، معهد واشنطن، ١٠ يوليو ٢٠٢٤، تاريخ الاطلاع 27 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/rUfbTxaC
[51] إيران والعالم.. هل تشهد السياسة الخارجية تغييرًا مع بزشكيان؟، مرجع سابق.
[52] پاتريك كلاوسون، التحدث بلطف مع بزشكيان مع تأجيل خطوات رئيسية، مرجع سابق.
[53] إيران والعالم، مرجع سابق.
[54] پاتريك كلاوسون، التحدث بلطف مع بزشكيان مع تأجيل خطوات رئيسية، مرجع سابق.
[55] أحمد فاروق، بين فكر روحاني وإرث رئيسي.. كيف سيخط بزشكيان نهجه في السياسة الخارجية؟، جادة إيران، 16 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/qViW9c5r
[56] بينها العقدة العراقية.. السياسة الخارجية لبزشكيان لها ضوابطها، شفق نيوز، 7 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/5aKZH5ev
[57] رسول آل حائي، بعد فوز بزشكيان.. ماذا سيتغير في سياسة طهران الداخلية والخارجية؟، مرجع سابق.
[58] في مقال بعنوان “رسالتي الى العالم الجديد”..، مرجع سابق.
[59] أحمد فاروق، بين فكر روحاني وإرث رئيسي.. كيف سيخط بزشكيان نهجه في السياسة الخارجية؟، مرجع سابق.
[60] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[61] خبيران: بزشكيان يدعم محور المقاومة لكنه يريد إحياء المفاوضات مع واشنطن، الجزيرة، 7 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/rgsteQSK
[62] في مقال بعنوان “رسالتي الى العالم الجديد”..، مرجع سابق.
[63] د. محمد السعيد إدريس، علاقات إيران مع محور المقاومة في ضوء تحديات طوفان الأقصى، الملف المصري- مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 116، مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/HH9YSfaG
[64] عادل السالمي، الاتفاق النووي ورفع العقوبات… اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية، مرجع سابق.
[65] إيران والعالم، مرجع سابق.
[66] رسول آل حائي، بعد فوز بزشكيان.. ماذا سيتغير في سياسة طهران الداخلية والخارجية؟، مرجع سابق.
[67]غزل أريحي، الاتفاق النووي نقطة الخلاف البارزة في المناظرة الإيرانية الأخيرة، مرجع سابق.
[68] الاتفاق النووي ورفع العقوبات… اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية، مرجع سابق.
[69] المرجع السابق.
[70]غزل أريحي، الاتفاق النووي نقطة الخلاف البارزة في المناظرة الإيرانية الأخيرة، مرجع سابق.
[71] عادل السالمي، الاتفاق النووي ورفع العقوبات… اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية، مرجع سابق.
[72] پاتريك كلاوسون، التحدث بلطف مع بزشكيان مع تأجيل خطوات رئيسية، مرجع سابق.
[73] شريف هريدي، عودة الإصلاحيين: حدود تأثير فوز بزشكيان في السياسة الداخلية والخارجية لإيران، مرجع سابق.
[74] أحمد فاروق، بين فكر روحاني وإرث رئيسي.. كيف سيخط بزشكيان نهجه في السياسة الخارجية؟، مرجع سابق.
[75] في مقال بعنوان “رسالتي الى العالم الجديد”..، مرجع سابق.
[76] خبيران: بزشكيان يدعم محور المقاومة لكنه يريد إحياء المفاوضات مع واشنطن، مرجع سابق.
[77] رانيا مكرم، مُحفِّزات وكوابح استمرار إيران في دعم روسيا في الحرب على أوكرانيا ملف خاص بعنوان “عام على الحرب الروسية-الأوكرانية: تحولات ومسارات”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 4 مارس 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/5ZKMKg55
[78] المرجع السابق.
[79] آمال ملايين الإيرانيين معلقة على بزشكيان لاتخاذ مواقف معتدلة، مرجع سابق.
[80] رانيا مكرم، العلاقات الإيرانية مع روسيا والصين وتحديات التحالف الثلاثي، مرجع سابق.
انظر تقييما لسياسة إيران للتوجه شرقًا على نحو سلبي:
شيرين هانتر، لماذا فشلت سياسة إيران في التوجه شرقًا؟، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 4 أبريل 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/2uEkYnyh
[81] مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»، الشرق الأوسط، 28 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/3m7vdeRz
[82] د. محمد السعيد إدريس، علاقات إيران مع محور المقاومة في ضوء تحديات طوفان الأقصى، مرجع سابق.
[83] أحمد فاروق، بين فكر روحاني وإرث رئيسي، مرجع سابق.
[84] المرجع السابق.
[85] في مقال بعنوان “رسالتي الى العالم الجديد”..، مرجع سابق.
[86] العقدة العراقية. بينها العقدة العراقية.. السياسة الخارجية لبزشكيان لها ضوابطها، مرجع سابق.
[87] بزشكيان في العراق: ماذا وراء الزيارة؟، بي بي سي عربي، 11 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://www.bbc.com/arabic/articles/cgl2r9z74w3o
[88] شيماء منير، “وحدة الساحات”: هل يشكل الحوثيون رقمًا مهمًا في معادلة “طوفان الأقصى”؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 4 نوفمبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/4veataP6
[89] بزشكيان: أولويتنا تحسين العلاقة مع الجيران ولا نزود الحوثيين بصواريخ، ميدل إيست نيوز، 16 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/GhYqpivF
[90] مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»، الشرق الأوسط، 28 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/7C0B3p3A
[91] د. محمد السعيد إدريس، علاقات إيران مع محور المقاومة في ضوء تحديات طوفان الأقصى، مرجع سابق.
[92] المرجع السابق.
[93] المرجع السابق.
[94] عمرو عبد العاطي، العلاقات الامريكية – الإيرانية.. مأزق التطورات الإقليمية وآفاق الانتخابات الأمريكية، الملف المصري- مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 116، مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/HH9YSfaG
[95] د. محمد السعيد إدريس، علاقات إيران مع محور المقاومة في ضوء تحديات طوفان الأقصى، مرجع سابق.
[96] ضياء عودة، إيران “وحدة الساحات” في الاختبار اللبناني.. ماذا تريد إيران الآن؟، الحرة، 25 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/FiOwF
[97] مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»، الشرق الأوسط، 28 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/7C0B3p3A
[98] المرجع السابق.
[99] نتنياهو: الحرب ضد المحور الإيراني ضرورية لتأمين مستقبل الغرب كله، ميدل إيست نيوز، 27 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي:
https://2u.pw/ezozcM5x
[100] مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»، مرجع سابق.
[101] المرجع السابق.
[102] رسول آل حائي، كيف تقرأ إيران اغتيال نصر الله وما السيناريوهات القادمة؟، الجزيرة، 28 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/5oJbChLl
[103] المرجع السابق.
[104] د.بلال التليدي، لماذا لم تردّ إسرائيل على الضربة الإيرانية حتى الآن؟، الجزيرة، 12 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/15RB9dZ1
[105] مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»، مرجع سابق.
[106] هجمات حزب الله تربك حسابات إسرائيل، روسيا اليوم، 14 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/q15g6NH6
[107] مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»، مرجع سابق.
[108] المحور الإيراني.. خبير يكشف بالتفاصيل كيف فشل مشروع “توحيد الجبهات”، العربية.نت، 4 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/URIYf
[109] المرجع السابق.
[110] د. محمد عباس ناجي، كيف يوظف النظام الإيراني تحديات الخارج في الداخل، الملف المصري، العدد رقم 116، مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/HH9YSfaG
[111] رسول آل حائي، كيف تقرأ إيران اغتيال نصر الله وما السيناريوهات القادمة؟، مرجع سابق.
[112] نتنياهو: الحرب ضد المحور الإيراني ضرورية لتأمين مستقبل الغرب كله، ميدل إيست نيوز، 27 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/ezozcM5x
[113] المحور الإيراني.. خبير يكشف بالتفاصيل كيف فشل مشروع “توحيد الجبهات”، مرجع سابق.
[114] ضياء عودة، إيران “وحدة الساحات” في الاختبار اللبناني.. ماذا تريد إيران الآن؟، الحرة، 25 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://linksshortcut.com/FiOwF
[115] المحور الإيراني.. خبير يكشف بالتفاصيل كيف فشل مشروع “توحيد الجبهات”، مرجع سابق.
[116] رسول آل حائي، كيف تقرأ إيران اغتيال نصر الله وما السيناريوهات القادمة؟، مرجع سابق.
[117] تصدعات بين طهران وميليشياتها.. الانتقام يقسم “المحور الإيراني”، العربية.نت، 20 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/iNIW
[118] هجوم سيبراني يستهدف البنك المركزي الإيراني، القاهرة الإخبارية، 14 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/ovTa
[119] انظر لمزيد من التفاصيل:
مرفت زكريا، حدود هشة… مناعة الجبهة الداخلية الإيرانية أمام الاختراقات الأمنية، الملف المصري- مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 116، مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/HH9YSfaG
[120] بزشكيان وماكرون يبحثان آليات خفض التصعيد في المنطقة، روسيا اليوم، 13 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/YTAk
[121] د. محمد السعيد إدريس، علاقات إيران مع محور المقاومة في ضوء تحديات طوفان الأقصى، مرجع سابق.
[122] بزشكيان: عدم الوحدة هي التي جعلت الكيان الصهيوني يتجرأ ويقتل النساء والأطفال الأبرياء، وكالة مهر للأنباء، 17 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/PNtN
[123] مسؤول ايراني: بدء مفاوضات لإنشاء قناة مالية مشتركة بين الدول الإسلامية، وكالة مهر للأنباء، 30 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/FAWK
- فصلية قضايا ونظرات – العدد الخامس والثلاثون – أكتوبر 2024