اللقاء الافتتاحي (الأول) للملتقى مسئوليات الباحث الإنسان

اللقاء الافتتاحي (الأول) للملتقى: مسئوليات الباحث الإنسان

 

26/12/2007

بدأت فاعليات الملتقى العلمي الشهري لمركز الحضارة للدراسات السياسية بعقد اللقاء الافتتاحي للملتقى يوم الأربعاء 26 ديسمبر 2007 واستمر زهاء الثلاث ساعات (من 4.30: 7.30 مساءً).  هذا اللقاء إذ يمثل باكورة نشاطات المركز وفاعلياته الجماعية في مقره الجديد، قد ترافق مع الاحتفال بمرور عشر سنوات على إنشاء المركز وتدشينه مرحلة جديدة يعيد خلالها تثبيت عُرى خططه العلمية بعد أن ترك موطأ قدمٍ في مجال البحث في قضايا الأمة وأحوالها وتوثيق صلاته بالجماعة البحثية المهتمة بمنظور حضاري إسلامي للمعرفة وجمعها بشتى فروعها (الاجتماعية والشرعية وغيرها) وبمختلف مستويات باحثيها (علماء وأساتذة وشباب باحثين).

 

وإذ يمثل الملتقى آلية وتحرك من قِبل مركز الحضارة لوصل رحم العلم بين أهله من باحثين وأساتذة ومهتمين -أملاً في أن يكون رافدًا من روافد إصلاح الأمة ونهوض باحثيها- فقد دعا المركز مجموعة متنوعة من شركائه وأصدقائه لحضور لقائه التأسيسي /الافتتاحي.

 

ترحيب …

بدأت فاعليات اللقاء الافتتاحي بكلمات الترحيب والافتتاح من قِبل إدارة المركز وإدارة الملتقى: حيث بُدأت بكلمة الأستاذة الدكتورة نادية مصطفى (المدير العام للمركز) التي رحبت خلالها بالحضور للملتقى الذي يتأسس مع تأسيس المقر الجديد للمركز، وأكدت على أهمية دور الشباب في عمل المركز وأهمية تواصلهم مع خبرة الأساتذة.

وعبر استعراضها الموجز لمسيرة المركز البحثية والعلمية، أوضحت الدور المهم للإدارة التنفيذية للمركز وسكرتارية تحرير الحولية الصادرة عنه (أمتي في العالم)؛ حيث تولى مسئوليتها مع افتتاح المركز أ. جلال الدين عز الدين ثم انتقلت إلى أ. مدحت ماهر الليثي محملة بعبء إنجاز تحرير موسوعة “الأمة في قرن” التي مثلت عددًا خاصًا من الحولية صدر في ستة مجلدات.

وبالطبع، لم يكن دور الإدارة التنفيذية مقصورًا على إخراج الحولية بأعدادها، بل تجاوزه لمهام أخرى يأتي تنسيق وإعداد فاعليات هذا الملتقى العلمي وغيره من سلسلة نشاطات وفاعليات مخطط لها (دورات علمية، سيمنارات، تعاون مع جهات بحثية في الداخل والخارج،…).

كما رحبت أ.د. نادية مصطفى بالأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أحد الشركاء الأساسيين في تأسيس المركز ومحاضر هذا اللقاء الافتتاحي، وبانضمام د. هبة رءوف لإدارة المركز وفاعلياته في مقره الجديد.

 

 

 

الملتقى .. الفكرة والأهداف

الكلمة الثانية: كانت لمدير الملتقى ومقرّره د. هبة رءوف، التي بدأتها ببيان لـفكرة الملتقى والغاية منه المتمثلة في عملية التواصل بين الجماعة البحثية المعنية بمنظور حضاري إسلامي للعلم والبحث والمعرفة عمومًا. وما ينضوي عليه من أهداف منها: 

موضوع اللقاء .. مسئوليات الباحث الإنسان 

 الكلمة الأساسية (محاضرة اللقاء) ألقاها أ.د. سيف الدين عبد الفتاح حول “مسئوليات الباحث الإنسان”. وعلى الرغم من أنها لم تتجاوز النصف ساعة وقتًا (بهدف ترك مساحة أكبر للتفاعل والنقاش بين الحضور)، إلا أنها –وكعادة محاضرات أستاذنا الجليل- قد أعطت الحضور الأطر التنظيرية التي يهتدي بها الباحث –الإنسان في متاهات عوالم التغير ومثبطات الهمم وبواعث الإحباط- والمفاهيم المفتاحية التي ينفذ بها الباحث الإنسان من خضم التناقضات الحياتية ليدخل إلى وسع نظرية الفسيلة (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فليغرسها)، ونظامية منظور المقاصد (الضرورات، الحاجيات، التحسينات: المقاصد كمعيار إدارة وأداة نجاح).

–   وحيث إن “الباحث كائن اجتماعي”، فإن د. سيف قد استدعى للحضور مقالاً ذا صلة لفت اهتمامه وكان عنوانه: “الباحث ككائن اجتماعي” (مقال منى فياض ومادلين نصر بأحد أعداد  مجلة باحثات). والذي لمس همومًا بحثية تجمع مشارب الباحثين في أمتنا مثل: فوضى الحالة البحثية، وحالة “النداوتية الحادة”.

–   فإذا كان مجتمعنا- كما عبر د. سيف- قد أصابته “ندوة” (وفي اللفظ تورية: فالندورة تصيب الزرع فتحرقه)، فحينما يصير الباحث منا باحثًا مقاصديًا، فقد امتلك نواحي مسئولياته وعرف للعلم آدابه (أدب العالم والمتعلم)، بيد أنه بحاجة إلى معطيات وروافد دعمٍ من خارج نفسه؛ فإذا كان المنطلق المقاصدي يجعل الباحث قادرًا على: تحديد الضرورات البحثية، ومداخل فهم الواقع، ووضع مؤشرات دراسته والتعامل معه، فإن باحثًا إنسانًا مسئولاً بمفرده سيكون دوره محدودًا إذا لم تتم “عملية التنادي” بينه وبين جماعته العلمية لتفعيل فكرة “الشورى البحثية”؛ تتشارك وتتناقش حول قضاياها وهمومها واحتياجاتها وأطر وآليات التعامل معها.

وإن ثمة ملتقى علميًّا يجمع هذه الجماعة البحثية مثل “الملتقى العلمي الشهري لمركز الحضارة” –بهذا الطرح والفهم- ليمثلَ نموذجًا لمؤسسة من “مؤسسات التقوى”.

وقد د. سيف محاضرته –مختصرة الوقت عظيمة الفائدة- مؤكدًا على الدور الأساسي ومسئوليات لكل فرد من حضور الملتقى سواء في مجتمعه (البحثي والإنساني)، أو في أداء وفاعليات هذا الملتقى العلمي –الذي سيعقد دوريًا بإذن الله- بالتناصح والشورى والاقتراح…

ومن ثم، مسئوليات الباحث الإنسان الفرد ترتبط وتتكامل مع مسئوليات هذه الجماعة ككلٍّ واحد.

وبعد الكلمة الأساسية (المحاضرة) فُتِح للحضور باب المناقشة حول الموضوع المحدد للقاء (مسئوليات الباحث الإنسان)، وهذا عرض مختصر لما جاء فيها:

 

 أولاً- مداخلات حول فكرة الملتقى: تغذية عكسية:

-ظهرت حالة أشبه بالإجماع لدى الحضور على الإشادة بفكرة الملتقى العلمي ومسألة عقده دوريًا، وأثره الباعث فيهم على الأمل والعزم والإشباع الوجداني في زخم مثبطات الهمم ومضعِفات العزائم.

-كما أكد لسان حالهم ومنطوق بعضهم على أهمية تجذر وتفعيل فكرة “المؤسسية” في هذا الملتقى الوليد؛ حتى لا يرتبط بشخوص القائمين عليه فقط فيصاب بالتشرذم بعد حين.

– الملتقى هو إعادة اعتبار لقيمة العلم في مجتمعنا الذي صار لا يعتدُ إلا بالشهادة أو الرسميات المجوفة.

– الملتقى بموضوعه الافتتاحي يمثل ناقوس تحذير للباحث؛ على أن المشكلة فيه كما في مجتمعه (كيف يصل إلى الناس حتى يغير مجتمعه: إنها مسئوليات الباحث الإنسان).

– الملتقى في حد ذاته ومن فكرته الأولى آلية للتواصل ولتفعيل دور الباحث الإنسان في مجتمعه والانفكاك من الدائرة المفرغة: مسئولية الفرد/ المجتمع. وعلى أصدقاء الملتقى أن يحدد كل منهم تصورًا لآلية/ آليات تفعيل دور الباحث الإنسان ومسئولياته.

 

ثانيًا: مسئوليات الباحث الإنسان: آليات ومقترحات للتفعيل:

–   هذه الآليات تتطلب تحديد الأسئلة ووجهتها: (طرح د. عمرو الورداني) ماهية المسئوليات، طبيعتها، ما المسئول عنه، المستفادون من هذه المسئوليات، مَن المنوط بالمساءلة، مَن الباحث (الباحث التاجر: يستحلب الكتب، أم الباحث العيّاش: الذي يعايش قضايا مجتمعه) كما تتطلب تحديد المفاهيم الحاكمة في هذا الإطار: الالتزام، الواجب، الحق (حقوق الباحث والتزاماته) المصلحة، المعرفة، الشأن العام، العلم (مسئوليات العالم والمتعلم وأدب التعرف على “أسرار العلم وخفاياه”).

– إعادة صياغة بنود العقد الاجتماعي بين الباحث والمجتمع وبين الجماعة والبحثية ذاتها… (طرح د. عمرو الورداني).

– حرص الباحث على الاحتكاك بالعامة وبالمجتمع ونبضه، فليس كل باحث يحظى بهذه الخبرة التفاعلية بنفس الدرجة (تفاوت نسبي بين الباحث الداعية، الباحث الأكاديمي في الجامعة، الباحث في غرفٍ مغلقة، الباحث الناشط مجتمعيًا،…).

– إعادة ربط الباحثين في مجالات العلوم الوضعية بالعلوم الشرعية ولو بفكرة التعلم من جديد (دورات، دروس علم، معاهد تدريس علوم شرعية،…).


– المتابعة والرصد لمستجدات وقائع المجتمع ثم نقاشها وتفسيرها والخروج بآليات حل وحركة تفعيل لدور الباحث الإنسان -متمثلاً في رواد الملتقى-  في مجتمعه وأمته.

 

ومن هنا كانت التعقيبات الختامية لإدارة المركز والملتقى في ختام اللقاء (التي نستعرضها تفصيلاً؛ لأهميتها):

 

 

 

 

 

– أولاً: تعقيب الأساتذة:

  أ.د. سيف الدين عبد الفتاح:

–       حيث ذَكَرَ الحضور بأمرين: – نظرية الفسيلة: على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح.

– عدم بلوغ الباحث لمرام ومقصود جهده لا يجب أن يعرقله عن استكماله. كما لا يجب أن يصرفه تتبع النتائج عن مسيرة مسئولياته، وحسبه قوله تعالى: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ ﴾.

 

–       ثانيًا: إدارة الملتقى:

  د. هبة رءوف:

حيث قدمت اقتراحين :

أولهما: أن يُفعّل كل منا دوره كشريك في الملتقى بالاقتراحات والأطروحات حول القضايا الأجدر بالاهتمام والتناول، والتغذية الاسترجاعية بين الأعضاء.

 ثاني الاقتراحات: إعداد ورش عمل (تقسيم الأعضاء عليها) تعمل على موضوع/ قضية لمدة ثلاثة شهور، تكون مهامها: قراءة وعروض كتب، تسجيل أفكار، إعداد حلقات نقاشية…

 

– علينا النظر لمفهوم “الباحث” بالمعنى الواسع للكلمة؛ فكل منا باحث في مجال ودائرة عمله واهتمامه.

–       علينا كذلك أن نشترك جميعًا في وضع أجندة قضايا وموضوعات للتناول في لقاءات الملتقى تباعًا.

 

–       بناء دائرة تلاقٍ وحوار حول قضايا وهموم الوطن والأمة والجماعة البحثية.

–       إتاحة الفرصة لانضمام أعضاء وأصدقاء الملتقى لأسرة معدّي تقرير “أمتي
 في العالم”.

–       تجسير الفجوة بين العلوم الاجتماعية والإسلامية.

–   عدم جعل الملتقى دائرة مغلقة على هذه المجموعة، بل السعي لتبادل الخبرات والآراء مع توجهات وتيارات أخرى (بحيث يمثّل مجموعة حضور اللقاء الافتتاحي مجموعة بؤرية).

–       الملتقى يمثل فرصة لاستفادة رواده وأصدقائه من خبرة الأساتذة القائمين عليه وارتياد مكاتبهم ومكتباتهم.

–   كما أكدت د. هبة رءوف في مختتم حديثها، أن مَهمَة هذا الملتقى العلمي تستدعي أحد مقولات الأستاذ زكي نجيب محمود في سياق حديثه عن مسئوليات المثقف، المتمثلة في ثلاثية: “العالم- العابد- العامل”، وأنه انطلاقًا من إيمان إدارة المركز والملتقى بهذه المسئولية، فإن عنوان هذا اللقاء الافتتاحي جاء تحت عنوان “مسئوليات الباحث- الإنسان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى