مصر في خطر

مصر في خطر:

انقلاب عسكري بغطاء دستوري ونذر تجدد ثورة شاملة

وصف الحالة:

أولا وقبل كل شيء : الثورة مستمرة في ربوع مصر.. لم ولن تفشل .. لم تتجمد وإن تعثرت؛ لأن الثورات لا تفشل وإن استمرت سنوات؛ ولأنها عملية ممتدة من تغيير القيم والثقافة والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعمليات المراجعة والنقد الذاتي الراهنة يجب ألا تتحول إلى جلد ذات وألا تتأثر بالحرب النفسية والدعاية السوداء المنتشرة اليوم. ولابد مع نقد الذات أن نتقدم برؤى الاستكمال والإصرار على التغيير.

 

1-  يمثل الحكمان الصادران عن المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012 انقلابا كاملا على ثورة 25 يناير وأهدافها وثورة مضادة منكشفة، قام بها المجلس العسكري تحت غطاء دستوري، في إطار استغفال واستغلال لأخطاء جسيمة وقعت فيها كافة القوى السياسية من إسلاميين وعلمانيين وشباب قوى ثورية.

2-  تكشف مسارات الترتيبات والتوقيتات خلال الأشهر القليلة الماضية عن شبكة من القوى الأمنية والسياسية والسرية التي تخطط بعمق وتنفذ بحرفية عالية مؤامرة متكاملة الأركان من أجل الإجهاز على الثورة وتشويهها وفصل الشعب عنها من جهة، ومن جهة أخرى استعادة كاملة لقوى نظام حسني مبارك، بداية من الحزب الوطني المنحل وفلوله ورجال أعماله وإعلامه، ومرورا بتمرير أحد رموز النظام عبر الانتخابات الرئاسية، وانتهاء بعودة النظام البوليسي القمعي. وهكذا تحولت الدولة العميقة (الخفية والغاطسة) إلى العلن والعمل المنهجي الواضح في معركة تتخيل أنها النهائية.

3-  المجلس العسكري يدير خطة يقول إنه لن يوقفها عن تنفيذها لا براكين ولا زلازل، وهذا يعني أنه لا مجال للتفاوض معه، بل لابد من الخطة المضادة المحركة لقوى الثورة وشعبها. فلا تعامل من حوار أو تفاوض مع المجلس العسكري إلا في ظل علانية مطلقة وبقرارات جماعية لا ينفرد بها فصيل أو مجموعات معينة.

4-  يعيش الشعب المصري الآن لحالة عامة من الإحباط والحيرة المتعمدين، بالإضافة إلى انقسام حاد بين خيارات غامضة وغير معبرة عن آمال المصريين وثورتهم، مع محاولات لتجديد أجواء إعلام الأيام الأولى من الثورة من التخويف من الثورة والمعارضة والتهديد بالفوضى أو الضرب بيد من حديد. الخطورة فيهذا الموقف أن عملية اندلاع الثورة الثانية لن تكون سهلة، وإن لم تكن مستحيلة.

5-  تحتاج الثورة المصرية إلى كثير من الترشيد فيما يتعلق بتجديد روح الثورة شعبيا، وحل إشكال القيادة والتنسيق، ومواجهة الحرب النفسية والإعلامية الراهنة، مع اتخاذ موقف حاسم من القيادات السياسية التقليدية ودورها في المرحلة المقبلة، والتركيز على مواجهة الثورة المضادة وتجنب الدخول في أية سجالات فكرية بينية.. فقد أخطأ الجميع أخطاء جسيمة وعلى رأسهم شباب الثورة والإخوان واليسار الحقيقي… وكثير من القوى الأخرى وقع في أسر الخيار المضاد للثورة.

6-  لابد من القيادة ذات المصداقية والقبول الأعلى (وإن لم تكن جامعة مانعة لصعوبة ذلك جدا)، ولابد معها من رؤية لما ننشده في المديين القريب والمتوسط (خلال الأيام القليلة القادمة – ستة أشهر – 2015)، وبالتالي ما سنعمله وآلياته وأدواته. ولابد في الرؤية والقيادة من تجنب الخطأ المستمر المتعلق بالتسويف وأخطاء التوقيت والتشكيك في القوى الوطنية، ولابد من الإصرار على الجبهة الوطنية بمن حضر واستمر، وعدم التعجل في الخيار الاستراتيجي وأن نراقب خياراتنا حتى لا يتم تلغيمها، وأن نحذر الاختراقات من معسكر هدم الثورة. هذه القيادة ستمثل الثورة المدنية في مواجهة الثورة المضادة العسكرية.

7-  الإعلام هو الخنجر المسموم الذي ضربت به الحياة السياسية والعقل والوجدان، ولابد من استعادة التوازن فيه من كل طريق. ولابد للخط الإعلامي الجديد أن يعمل على تقديم نخبة جديدة من الشباب ومؤيديهم، وعدم الالتفات إلى نخبة المتحولين.

 

التوقعات والسيناريوهات المنتظرة:

تبدو كل السيناريوهات سيئة في ظل دولة وثورة تتراجع عن مكاسبها وتبطل مؤسساتها السيادية وتنزع شرعياتها، وعلى رأسها مجلس الشعب، وتلويث سمعة القضاء المصري، واحتمالات عالية لتزوير الانتخابات الرئاسية بعد وصلة مستمرة من تزييف الوعي والإرادة العامة.

1-     السيناريو الأسوأ لا يتمثل فقط في فوز الفريق أحمد شفيق مع ما يعنيه ذلك من استمرار نظام مبارك، بل المؤشرات تدل على إعداد المجلس العسكري لفرض حالة من عسكرة البلاد وقمع المعارضة باسم فرض “الأمن” و”الشرعية”، والاستعداد المنهجي لمواجهة الثورة وقمع فعالياتها ميدانيا.

         ينذر هذا السيناريو بمخاوف اندلاع موجة من العنف والعنف المضاد، والدخول في نفق مظلم ينحرف بالثورة المصري إلى “النموذج السوري” ومأساته.

         لا يتوقف تنفيذ هذا المخطط على نجاح شفيق وإن كان يقويه جدا، لكن قانون الضبطية القضائية للعسكريين 4991 الذي أصدره وزير العدل 13 يونيو في توقيت مفهوم، يمكن المجلس العسكري من تنفيذ هذا المخطط بل البقاء بقوة تنفيذية أمنية وقمعية تضيق الخناق على السلطة المدنية.

         ويتطلب التحسب لهذا السيناريو عملا مبكرا من القوى السياسية والثورية والقانونية؛ أهمها: توجيه خطابات مفتوحة إلى القوى المختلفة وعلى رأسها المجلس العسكري بضرورة ضبط النفس والالتزام بقدسية الدم المصري، وتحميل المسئولية كاملة للجيش في حالة انفلات الأمور أو الصدام. وكذلك تحرك رجال القانون والقضاء الشرفاء لمحاصرة هذا السيناريو بأدوات قانونية دامغة، وتحرك الدعاة وقادة الرأي وقطاعات الشعب لحماية مصر من الخطر الداهم.. كما يتطلب من قوى الثورة بكافة روافدها ومشاربها أن تتحسب لعدم الانجرار إلى هذا المخطط.

 

2-     السيناريو الأدنى سوءا هو وصول شفيق إلى الرئاسة وبداية عملية مدنية –يحميها العسكر- لاستعادة قوى نظام مبارك بكل فعالياته، بطريقة سلمية وباسم الشرعية والقانون.

         ومع الاعتراف بالوضعية الجديدة فإن قوى الثورة والتغيير لن تضع يدها في يد هذا النظام وستعمل على تقويضه سلميا وتصحيح الأوضاع ومعالجة الأسباب لتي انحرفت بالثورة بأدوات قانونية وسياسية وإعلامية وثورية.

 

3-     السيناريو الثالث هو وصول محمد مرسي في قيود من التضييق على ممارسته للسلطة في ظل اقتناص المجلس العسكري للسلطة التشريعية وهذا يتطلب حراكا سياسيا وثوريا وقانونيا لتعزيز هذا الكسب الجزئي واستعادة مسار الثورة.

 


ما يجب عمله الآن:

1-     دعوة قوى الثورة المصرية بكافة روافدها وقواها للاصطفاف جنبا إلى جنب من أجل مواجهة المخطط المكشوف لاستعادة نظام مبارك:

[رئيس فلول + استئساد المجلس العسكري وقبضه على السلطة + حل مجلس الشعب + قانون الضبطية + عودة فلول الوطني والدولة العميقة + الخلل القضائي المتماشي مع مخطط إجهاض الثورة + إجهاض محاكمات النظام + الحرب الإعلامية الشعواء + أجواء تواطؤ خارجي].

 

2-     الاتفاق على استمرار الثورة بكامل فعالياتها لمدة ثلاث سنوات كحد أدنى (حتى 2015). العمل على بث روح الأمل والإصرار في الناس والشباب من أجل مواصلة الثورة.

 

3-   تعدد مسارات الحركة على محاور أربعة:

أ‌)       المسار الدستوري والقانوني والقضائي: يتطلب تشكيل كيان متخصص ومنظم يقوم بمحاصرة مخطط إجهاض الثورة من هذه الجبهة:

         مواصلة الدفع بعزل شفيق وأن ما انتهت إليه المحكمة الدستورية تجب مراجعته لما يشوبه من تجاوزات. وكثير من الوثائق الملزمة الوطنية والدولية تؤيد وجوب مراجعة حكم الدستورية.

         الدعوة لمواصلة انعقاد مجلس الشعب المنتخب انتخابا حرا نزيها على الأقل بثلثي أعضائه الذين لا يمسهم حكم الدستورية، وأنه ليس من حق المحكمة الدستورية ولا المجلس العسكري أن يحولا دون ذلك، وما يحدث الآن يجب مواجهته بكل السبل، وكشف أمارات التسييس فيه.

         الرفض التام والبات لقانون وزير العدل 4991 وعرضه على مجلس الدولة فورا للبت في مخالفاته الصارخة، وإبطاله.

         الحفاظ على شرعية الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، بشخصيتها المعنوية التامة والقانونية والمستقلة عن كافة السلطات، وأن تستمر في أداء دورها الوطني المنشود.

         رفض القول باستعادة المجلس العسكري لسلطة التشريع بحل البرلمان، والتأكيد على نزع السلطة التنفيذية منه بمجرد انتخاب الرئيس الجديد، ورفض أي تدخل له في شئون الحكم.

         كشف وفضح خطة التلاعب بإعلان الدستوري والإعلانات المكملة والمراسيم وغيرها مما أصدره المجلس عبر 15 شهرا كاملة، أمام الرأي العام المصري والعالمي.

         الدعوة من جانب آخر لسرعة انتخاب الثلث المكمل والمستقل من مجلس الشعب، وإعداد القانون الخاص بذلك ودعوة الأحزاب لسرعة العمل في هذا الطريق.

         كشف صراع الشرعيات الماثل في مصر وتأكيد الشرعية الثورية والشعبية، وعدم شرعية تغول الدولة العميقة والعسكر على السلطات الثلاث وتغلغلهم فيها، وأن هذا هو ما يجب أن تواجهه الثورة اليوم.

 

ب‌)    المسار السياسي، ويقوده مجلس استشاري للثورة يقدم الرؤية والخطابات اللازمة:

         إعلان استمرار الثورة وعدم الاستسلام للانقلاب عليها، وضرورة استمرار مكتسبات الثورة من أحزاب ونقابات ومجموعات شبابية ومجلسي شعب وشورى، في التكاتف من أجل تحقيق الإرادة الشعبية.

         العمل على نزع الشرعية عن المنقلبين على الثورة وكشف مخططاتهم الآثمة، ورفض مفهوم (الشرعية العسكرية). ورصد المخططات الخارجية الإقليمية والدولية من الثورة ومسارها وقواها. ومواجهة محاولات التقسيم والاختراق السياسي. ورفض أي مسار لا يستهدف الإسقاط الكلي للنظام الحاكم غير الشرعي. واستثمار محنة الانقلاب في صناعة منحة التوحد.

         تقديم رؤية ثورية تشمل أهداف الثورة في الفترة القادمة بمراحلها الراهنة ومتوسطة وبعيدة المدى، والقوى القادرة على تنفيذها، وآليات ذلك وأدواته المقترحة.

         تشكيل الجبهة الوطنية للثورة المصرية ونمط قيادتها وتوجيهها والعلاقات بين مستوياتها، ومتابعة عمليات تأسيس القيادة الثورية ، والنخبة الجديدة المحيطة بها، والدفع بخطابها إلى الرأي العام.

         توجيه خطابات إلى كافة الأطراف بتحمل مسئولياتها الوطنية كاملة فيما تتعرض له الثورة من انقلاب عليها. وتوجيه الرأي العام المصري والعالمي إلى ما تتعرض له مصر من تلاعبات خطيرة تشترك فيها أطراف مختلفة:

         مؤازرة المجهود الثوري المواجه للانقلاب الراهن بكل السبل السياسية المنظمة علما وعملا. والعمل على نقل الأداء من رد الفعل إلى المبادرة وفق رؤية استراتيجية تتحسب لمخطط الثورة المضاد وتوقع تحركاته.

         توجيه قوى الثورة السياسية للتواصل المباشر مع مطالب الشارع والمواطنين مدمجة في أهداف الثورة.

         تقديم رؤية للجمعية التأسيسية لعمل ما عليها لإنقاذ الثورة من خلال الدستور.

         الانتباه والإعداد لمعركة المحليات، فهي واحدة من الجبهات التي تواجه الثورة فيها الفساد والاستبداد من أسفل، ومحاصرة عودة الحزب الوطني إليها.

         عدم تمرير أو الغفلة عن أي صغيرة أو كبيرة تصدر عن المنقلبين على الثورة، والتوجيه السريع للمسارات المختلفة لمواجهتها.

         بحث ملف التدويل المحتمل بحثا عميقا، وفرصه ومخاطره واستراتيجية التعامل معه.

 

ج) المسار الثوري الميداني، ويقوده الحركات الشبابية ذات المصداقية السياسية المشهودة:

         يجدد المطالبة بأهداف الثورة والالتزام بالعمل على تحقيقها بالطرق السلمية والمكفولة قانونيا.

         يعمل على استعادة روح الميدان من الانصهار الوطني والمساواة والتماسك وراء أهداف الثورة.

         يستمر هذا الخط الثوري مهما كانت نتائج انتخابات الرئاسة لأن الإطار المحيط هو ضد الثورة م كل طريق.

         العمل على تثوير قطاعات من الشعب لم تشارك بعد في معركة الثورة من خلال التواصل المباشر والفعال.

         الاستمرار في محاولات الاصطفاف الشبابي من كل التيارات تحت راية (إنقاذ الثورة)، والاستفادة من حملات مرشحي الثورة في الجولة الأولى من الانتخابات (حمدين وأبو الفتوح..).

         للثورة أدواتها الملائمة لها والتي يجب أن يفهم المنقلبون أنها لن تنكسر أو تنهزم.

         دراسة الرد السريع على الانقلاب قبل أن يفقد وهجه، بالدعوة لمجموعة من الاعتصامات في: البرلمان والجامعات، والجامع الأزهر، والميادين، وأمام القضاء العالي والمحكمة الدستورية،.. وغيرها.

 

د) المسار الإعلامي، لمواجهة الهجمة الشرسة على الثورة وقواها ومحاولات تمرير عودة النظام السابق، ويقوده لجنة تنسيق واسعة المجال يدعمها رجال أعمال وإعلام ودعاة ونخبة جديدة وطنية:

         وضع خطة فعالة لتصنيف القنوات الإعلامية (فضائية وصحفية وإذاعية وإلكترونية) بين الثورة ومضاداتها، والعمل للاستفادة من كل منها لاستنقاذ الثورة.

         الدفع بنخبة سياسية وثورية وإعلامية جديدة في القنوات المختلفة، وبخطابات مخططة وتستهدف جمهورا محددا ورسائل معينة.

للحصول علي الملف بصيغة pdf

اضغط هنا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى