بنجلاديش والانتعاش الاقتصادي: مسارات وتحديات

مقدمة:

كان لصعود الاقتصاد البنجالي عبر العقدين الماضيين بُعيد طفرة النمور الآسيوية أثره على التفاعلات الإقليمية في منطقة الباسيفيك وكذلك التفاعلات العالمية، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، حيث أصبحت محطَّ اهتمام العديد من الخبراء ونموذجًا تنمويًّا يُشاد به، ودليلًا على أن مسارات التنمية متعدِّدة وممكنة من خارج النموذج الرأسمالي الغربي السائد أو بتعديلات فيه دون أخذه بحذافيره.

بينما تتحدَّث العديد من النخب الاقتصادية والسياسية في العديد من الدول عن النموذج التنموي الغربي كمسار وحيد، فإن تجارب عدَّة سواء من داخل هذا النموذج أو من خارجه قد حادتْ عن تطبيق حذافير النموذج ونجحت إلى حدٍّ كبير في تحقيق مؤشرات تنموية كبيرة بالذات في مواجهة الفقر والعجز وأزمات التمويل والتشغيل وغيرها من الأزمات التي تطال الاقتصاد الكلي والجزئي، كان من بين أهم هذه التجارب التجربة البنجالية سواء في تخفيض حدَّة الفقر والبطالة أو تحسين التعليم والمساواة ومضاعفة متوسط دخل الفرد في السنوات العشر الأخيرة فقط.

وإذا كان الحديث الدائم عن النمو السكاني وعدد السكان كعائق، فإننا إزاء عدَّة تجارب لدول ذات تعدادات سكانية حقَّقت معدَّلات تنموية كبيرة تصل حدَّ الطفرات في مواجهة الفقر والبطالة والتضخُّم كأزمات رئيسية في النموذج النيوليبرالي الغربي المعتمد على نظرية التساقط وتحسين بعض المؤشِّرات السطحية المرتبطة بالنمو في الأرقام الكلية على أمل أن تتساقط ثمار هذا النمو تلقائيًّا على الفقراء والفئات المهمَّشة، لكنها في الحقيقة كانت تُسقط هؤلاء من حسبانها بينما يتساقطون هم في دوَّامة الفقر والجوع.

وإذا كنَّا نتحدَّث عن الفقر والأزمات ونقص الموارد، فإننا إزاء إحدى البلدان التي استقلَّت في السبعينيات عن جارتها باكستان، وعانت احتلالًا لأراضيها لعقود، ثم دخلت في أزمات مناخية حادَّة قادتْ لمجاعةٍ راح ضحيَّتها الملايين، ولم يكن لها حضور في الأخبار سوى في الكوارث الطبيعية، ويمكن القول إنها لا تمتلك سوى البشر والماء.

نحن هنا إزاء تجربة بنجلاديش التنموية بكافة أبعادها نتعرض لها عبر عدَّة أسئلة تدور في معظمها حول لماذا بدأت بنجلاديش تتحول من أفقر الدول في العالم إلى دولة صاعدة؟ ما هي أهم المسارات التي اتخذتها في هذا الصعود؟ وما هي أهم التحديات التي تواجهها؟ وكيف تواجهها؟ لعل الإجابة على هذه الأسئلة تعطي نموذجًا عمليًّا إضافيًّا لما أشارت إليه عدَّة دراسات جادَّة حول تجارب أخرى لمن يريد أن يسلك طريق التنمية للجميع وبالجميع، وفي دراسة التجربة البنجالية فإننا يمكننا التعريج على العناصر الهامَّة التالية:

أولًا- العنصر التمويلي للتنمية الريفية المستقلة

من حسن حظِّ بنجلاديش وجود مفكِّرين كبار مهتمِّين بمكافحة الفقر وتحقيق تنمية مستنِدة لأسس علمية من حيث المعطيات المجتمعية والتمويل والتخطيط والتنفيذ، حيث كان البروفيسور والاقتصادي المحنَّك محمد يونس والفريق البحثي الخاص به من المهتمين بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر الريفي ذوي تجربة رائدة عبر تأسيس بنك الفقراء “بنك جرامين”، حيث كان البنك يستهدف أفقر الفقراء بالتمويل، مع التركيز بشكل خاص على النساء، اللائي كنَّ مستبعدات من آليات التمويل التقليدية وأصبحن يحْصلن على 95 في المائة من قروض البنك، كان لدى النساء فرص أقل للوصول إلى البدائل المالية لخطوط الائتمان العادية والدخول، حيث كان يُنظر إليهن على أنهن يتمتَّعن بنصيبٍ غير عادلٍ من السلطة في صنع القرار الأسْري. وجد يونس وآخرون أن إقراض النساء يولِّد آثارًا ثانوية كبيرة، بما في ذلك تمكين شريحة مهمَّشة من المجتمع، الذين يتشاركون في تحسين الدخل مع أطفالهم، على عكس العديد من الرجال. يدَّعي يونس منذ عام 2004، أن المرأة ما زالت تواجه صعوبة في الحصول على القروض، فالنساء كنَّ يشكِّلْن أقلَّ من 1٪ من المقترضين من البنوك التجارية وأن معدَّلات الفائدة التي تتقاضاها مؤسسات التمويل الأصغر بما في ذلك بنك جرامين مرتفعة بالمقارنة مع البنوك التقليدية، حيث الفائدة (أساس الرصيد المتناقص) على منتجها الائتماني الرئيسي حوالي 20٪.

يعتبر الإقراض التضامني الذي اتبعه البنك حجر الزاوية في الإقراض الأصغر، ويُستخدم النظام الآن في أكثر من 43 دولة، إن يونس ورفاقه آمنوا بأنه “عندما تمسك العالم في راحة يدك وتفحصه فقط من وجهة نظر الطيور، تميل إلى الغطرسة، لا تدرك أن الأشياء تصبح ضبابية عند النظر إليها من مسافة شاسعة، اخترت بدلًا من ذلك “وجهة نظر الديدان”… لقد علَّمني الفقراء اقتصاديات جديدة تمامًا، لقد تعلَّمت عن المشاكل أنهم يواجهونها من منظورهم الخاص”[1].

كان يونس يؤمن بمبدأين أحدهما أن الفقراء لديهم طاقات خلَّاقة وقدرات إبداعية في العيش والتعايش مع أسوأ الظروف وأنهم راغبون بشدَّة في تغييرها ويملكون التزامًا أخلاقيًّا جماعيًّا بذلك، وفي المقابل فإنهم يحتاجون فقط إلى رأسمال بسيط لتحويل أفكارهم وطموحاتهم لمشروعات تنتشلهم من الفقر.

وفقًا لموقع البنك في أكتوبر من العام ٢٠٢١ كان عدد المتعاملين معه قرابة ٩,٤ مليون عميل، ٩٧٪ منهم من النساء، ومن خلال ٢٥٦٨ فرعًا، يقدِّم البنك خدماته في ٨١٦٧٨ قرية تغطِّي أكثر من ٩٣٪ من إجمالي القرى في بنجلاديش، تمَّ توثيق التأثير الإيجابي لبنك جرامين على المقترضين الفقراء في العديد من الدراسات المستقلَّة التي أجرتْها مؤسسات دولية ومحلية بما في ذلك البنك الدولي والمعهد الدولي لسياسات أبحاث الغذاء (IFPRI) ومعهد بنجلاديش لدراسات التنمية BIDS[2].

نحن هنا لا نتحدَّث عن تجربة تمويلية صغيرة إنما نتحدَّث عن بنك تمكَّن من إقراض أكثر من خمسين مليون عميلٍ من أفقر الفقراء، بمبالغ تجاوزتْ ما يقرب من ٢٦,٦ مليار دولار في عام ٢٠٢٠ وفقًا لبيانات البنك نفسه كما هو موضَّح بالرسم أعلاه[3].

تقوم فكرة التضامنية هنا على أن المقترضين المحتملين يشكِّلون مجموعات من خمسة أشخاص في نفس الوضع، والذين يسجلون كـ “مجموعة دعم” ويقرِّرون فيما بينهم أول عضوين يتمتَّعان بامتياز التقدُّم بطلبٍ للحصول على قرض، لا يضمن أعضاء المجموعة الخمسة قروض بعضهم البعض، لكن القروض المتتالية لأي عضو في مجموعة معينة تعتمد على تاريخ السداد لجميع أعضاء المجموعة[4]. وبالتالي فهناك ما يشبه المسئولية التضامنية القائمة على السمعة حتى وإن كانت غير مكتوبة حيث يحرص الجميع على مساعدة بعضهم للسداد، وهي أمور متاحة في الأعراف والمجتمعات الريفية.

وهذه التجربة تعطينا دروسًا في الاقتصاد السياسي للتمويل في البلدان النامية، حيث رسم يونس وتجربة بنك جرامين مخطَّطًا لممارسات الإقراض في البنك والتي واجهت بعض المشكلات التي تتعلَّق بالسياق السياسي والثقافي والبيئي والمالي المعقَّد، خلال قرابة أربعة عقود من الإقراض الأصغر عبر المشاريع الناجحة التي يتم تجربة تكرار نجاحها في قرى مختلفة مع تكييفها لتلائم الظروف الثقافية والسياسية والاقتصادية المحلية في البلدان النامية الفقيرة الأخرى بل وقد تكون مفيدة كذلك في المناطق الفقيرة نسبيًّا في البلدان الصناعية المتقدمة، ولعل التجارب التي استلهمت فكرة هذا النوع من التمويل انتشرت في العديد من البلدان تراوحت مواقع المشاريع من ريف ماليزيا ومدن في الفلبين إلى أركنساس الريفية ووسط مدينة شيكاغو ونيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.

تَعْزُو بعضُ التقارير قوةَ وضع البلاد اليوم إلى هذا النظام الائتماني الصغير الناجح، الذي بدأ يترسَّخ في ثمانينيات القرن الماضي، ويمثِّل نموذجًا يُحتذى به لاقتصادات الدول النامية، ومن الأسباب الأخرى للنجاح تركيز الحكومة على تمكين المرأة الريفية من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام، ومنح الأولوية للتعليم والصحة[5].

وبالإضافة إلى ما سبق فقد دعمت الحكومة مبادرات الشمول المالي، فأصبح 34.1% من البالغين البنجال لديهم حسابات بنكية في 2017، وقاموا بعمليات مصرفية عبر الإنترنت، بالمقارنة بمتوسط 27.8% في غرب آسيا، و10.4% فقط من الحسابات المصرفية في بنجلاديش كانت من دون عمليات إيداع ولا سحب، مقابل 48% في الهند، وفقًا لبيانات البنك الدولي[6].

ثانيًا- تعزيز القطاعات الإنتاجية للاقتصاد تنمية للجميع

التجربة البنجالية في قطاع الزراعة تشير إلى استخدام التنمية الزراعية في تحقيق التنمية وتقليل معدلات الفقر، حيث إن الفقر الريفي كان ملمحًا رئيسيًّا للاقتصاد البنجالي، فإن السياسات الزراعية ركَّزت على أن هبوط معدلات الفقر في المناطق الريفية من بين العوامل الرئيسية في مجمل عمليات تقليص الفقر على المستوى القومي.

وهنا تشيد التقارير الدولية حول التنمية بالتجربة البنجالية في عدَّة جوانب أهمها تعزيز الطلب على التعليم في المناطق الريفية عبر برامج التحويلات النقدية وأطر التمويل البنكية الجديدة، وهو الأمر الذي حدث أيضًا في تجارب مثل البرازيل والمكسيك. تساقطت آثار النمو على الفقر عبر مشاركة سكَّان المناطق الريفية في أسواق المنتجات عالية القيمة، بشكلٍ مباشرٍ في بنجلاديش، وهو ما ارتبط بقطاعات مثل القطن والاستزراع السمكي وكان نتيجة لسياسات عامة قوية في القطاع ودور قوي للمجتمع المدني. سياسة تعزيز عملية إدارة المخاطر بزيادة انفتاح الحدود وتجارة القطاع الخاص، وهو ما جرى عند نجاح إدارة نقْص مخزون الأرز في بنجلاديش نتيجة للفيضانات في عام 1998[7].

بفضل السياسة الزراعية الجيدة بالتوازي مع دعم التمويل الريفي للمشروعات الصغيرة والمتوسِّطة، ورغم تعرُّضها لتقلُّبات مناخية شديدة من فيضانات وكوراث طبيعية، يشير مؤشِّر الأمن الغذائي إلى تقدُّم ملحوظ لبنجلاديش ذات ال163 مليون مواطن في السنوات الأخيرة، وهي وفقًا للمؤشر رغم وقوعها في المرتبة ٨٤ من بين ١١٣ دولة، فهي تتمتَّع بخمسة عناصر قوة رئيسية تتمثَّل في (الأمن الغذائي والتزامات سياسة الوصول للغذاء – جودة المعايير الغذائية – مواجهة تقلبات الإنتاج الزراعي – معايير سلامة الغذاء الجيدة – مواجهة فقدان الطعام) بينما لا تزال تواجه تحديًا يتعلَّق بضعف مؤشِّر التنوُّع الغذائي[8].

كذلك فإن التخصُّص في صناعة الملابس والمنسوجات وتعزيزها، يُعَدُّ سرًّا من أسرار نجاح التجربة البنجالية في التنمية، فقد كان للسياسات الزراعية ولتعزيز صناعة النسيج وضبط قوانين العمل دور في استقطاب الشركات الكبرى المحلية والأجنبية للاستثمار في قطاع النسيج، وكان للصادرات -خصوصًا في مجال الملابس الجاهزة- دورٌ هائلٌ في تحقيق تلك الطفرة في الصادرات، ففي ظل تبنِّي قطاع الملابس لاستراتيجية قومية تركِّز على التصنيع، ازدادت صادرات البلاد بمعدَّل متوسط سنوي يتراوح بين 15 و17% خلال السنوات الأخيرة. وفي عام 2017، صدَّرت بنجلاديش ملابس تتجاوز قيمتها 28 مليار دولار، محقِّقة المركز الثاني بعد الصين في التصدير،كذلك تمثل صادرات الملابس 14% تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي، و80% من إجمالي الصادرات[9].

وقد حقَّقت بنجلاديش أكبر نموٍّ لإجمالي الناتج المحلي خلال العام المالي 2017-2018، ونسبته 7.86%، متخطِّية النمو التقديري البالغ 7.65%، مما ساعد على انتشال 50 مليون شخص من الفقر المدْقع، بحسب صندوق النقد الدولي، ووفقًا لرئيسة وزرائها شيخة حسينة، فإن بلادها أصبحت من بين أسرع خمسة اقتصادات نموًّا في العالم وتحتلُّ المرتبة 41 من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وعلى مدى العقد الماضي قامت بتخفيض معدَّل الفقر من 31.5% إلى 20.5%، كما قفز دخْل الفرد إلى أكثر من ثلاثة أضعاف في عقد واحد فقط، كما وصلَ احتياطي العملات الأجنبية لدينا إلى أعلى مستوى له على الإطلاق إلى 48 مليار دولار، وحقَّقت بنجلاديش تقدُّمًا مذهلًا في المجال الاجتماعي والاقتصادي وتمكين المرأة[10].

تشير الدراسات إلى أن معدَّل النمو المرتفع والمستمر انعكس على زيادة متوسِّط دخل الفرد، والذي زاد من 870 دولارًا عام 2011 إلى 1.751 دولارًا عام 2018، أي بمعدَّل زيادة 201% تقريبا خلال أقل من عشر سنوات، ورغم التزايد السكاني الضخم خلال العقد الماضي فإن النمو الاقتصادي استطاع أن يستوعب الأعداد المتزايدة الداخلة إلى سوق العمل، واستمرَّ معدَّل البطالة المنخفض في البلاد على حاله تقريبًا منذ عام 2000 والذي بلغ خلال تلك الفترة 3.3% بينما تراوح بين 4.3% و4.4% في الأعوام الخمسة الأخيرة. كما استمرَّ معدَّل البطالة بين الذكور في حدود 3% إلى 3.3% خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينما انخفض معدَّل البطالة بين الإناث من 7.1% عام 2005 إلى 6.5% عام 2018[11].

ثالثًا- نظام سياسي ديمقراطي شبه مستقر

رغم التعدُّدية العرقية والدينية في بنجلاديش، فإن استقرار نظامها السياسي على مدار العقدين الماضيين حتى ولو كان استقرارًا هشًّا فقد كان عاملًا رئيسيًّا في التنمية والطفرة الاقتصادية، وهذا ما تشير إليه أدبيات التنمية السياسية الحديثة، والدراسات التي تتناول الظاهرة الصعودية للاقتصاد البنجالي من مداخل الاقتصاد السياسي.

نحن إزاء دولة تحكمها سيدة في منصب رئيسة الوزراء في نظام ديمقراطي شبه مستقر، قد احتفلت العام الماضي ٢٠٢١ بعِيد استقلالها الـ٥٠ عن جارتها باكستان بعد حرب تحرير دامت تسعة أشهر أعقبها حكم عسكري دام ١٥ عامًا ثم تحوُّل ديمقراطي بتعدُّدية منقسمة بين تيارات دينية وأخرى علمانية تخلَّلتها تحالفات دقيقة، وعانتْ من كوارث طبيعية مثل الفيضانات والمجاعات والأوبئة التي تتبعها، ولم يمْضِ عقدان على استقلالها حتى حازت على الاهتمام الدولي بتجربة النجاح التنموي في مواجهة الفقر والبطالة واللامساواة على النحو الذي أوضحناه.

يشكِّل التوازنُ بين العسكريين والعلمانيين والجماعات الإسلامية المعتدلة وبعض التيارات المتشدِّدة والمتطرِّفة والأحزاب التابعة لهذه القوى خريطةَ المشهد السياسي البنجالي الذي أفْضى لما يشبه حكم الحزب الواحد بتوازن دقيق للتحالفات والتفاهمات مع القوى الأخرى، لكن السرَّ هنا في النجاح الاقتصادي الكبير الذي حافظ على معدَّل نموٍّ يتجاوز متوسِّطه 6% منذ عام ١٩٩١ وحتى الآن، وهي فترة تخلَّلتها بعض الاضطرابات السياسية في الفترة ٢٠٠٦-٢٠٠٨ وفي ٢٠١٤-٢٠١6، وليس السر فقط في معدَّل النمو بحدِّ ذاته، وإنما فيما يمكن تسميتُه بعدالة التوزيع، فالنموُّ كان يصبُّ بشكلٍ أكبر في صالح الفئات الأفقر والأكثر تهميشًا على النحو الذي أوضحْناه سابقًا في عملية التمويل الصغير ومتناهي الصغر لأفقر الفقراء وللمرأة والريف بشكل خاص.

وبرغم أن بعض الدراسات كانت تشير لمؤشِّرات مقْلقة بشأن مستقبل النظام السياسي هناك سواء فيما يتعلَّق بالصراع بين التيارات العلمانية والإسلامية والمجموعات الجهادية وبعض الأحزاب السياسية المتبنِّية للعنف في الصراع مع السلطة، في الأعوام ٢٠١٤-٢٠١٦ وكذلك التخوُّفات من صعود تنظيمات جهادية عابرة للحدود[12]، فإن شرعية الإنجاز الاقتصادي والاجتماعي جعلت هذه التيارات في موضع حرج وزادت من حجم الطبقة الوسطى المؤيِّدة لاستقرار النظام السياسي والتحالف الحاكم الحالي بقيادة حزب رابطة عوامي وزعيمته شيخة حسينة التي تحافظ على قدرٍ من الاعتدال في مواجهة تيارات علمانية من جهة وأخرى يمينية دينية متطرفة.

وإذا كان الإرهاب والعنف والتطرف مُعِيقًا رئيسيًّا للتنمية كما تتحجَّج العديد من الحكومات، فإننا إزاء بلد وصف بأنه مركز للمجموعات الإرهابية الصاعدة في وسط آسيا من قبل العديد من الكتاب الغربيين[13]، ومع ذلك فإن معدَّلات نموِّه الاقتصادي والاجتماعي لا تزال متقدِّمة وتوقُّعاته للسنوات القادمة متفائلة بشدَّة.

لكن تبْقى بعضُ المعوِّقات التي قد تقوِّض التنمية الاقتصادية يومًا وهي الاحتمالية المستمرَّة لتدخُّل العسكريين في العملية السياسية، مع وجود الإرهاب والحركات المتطرِّفة التي تجد لها ذرائع قوية بنموِّ الخطاب اليميني القومي المتطرِّف في دول الجوار المباشر ضد المسلمين في دول مثل الهند وميانمار وفيتنام وغيرها. تتعامل الحكومة هناك بحذرٍ شديدٍ في المواقف المرتبطة بهذه التحديات معتمدة على الاهتمام بالتعليم ومواجهة الخطابات الشعبوية عن يمينها ويسارها بهدوء كسبيل لمواجهة التطرُّف.

وكذلك تمثِّل الفيضانات والكوارث الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ تحديًا كبيرًا للحكومة البنجالية حيث تسبَّبت الموجات المتكرِّرة من الأعاصير في عمليات نزوح داخلي كبيرة، وتشير التقارير إلى أن ٧٠٠ ألف شخص نزحوا سنويًّا خلال العقد الماضي، بسبب الكوارث الطبيعية هناك، تتسبَّب الأعاصير المتكرِّرة بأضرار كبيرة في السدود المنتشرة على السواحل، والبالغ طولها نحو ٥٥٠٠كم، وتواجه الحكومة هذا التحدِّي بإنفاقٍ عالٍ للتكيُّف مع هذه التغيُّرات المناخية يصل سنويًّا لنحو ٥ مليارات دولار، كما أنها تطالب بتعويضات على المستوى الدولي، بقيمة ١٠٠ مليار دولار للدول المتأثِّرة بتغيُّر المناخ[14].

أي إننا نتحدَّث عن بنجلاديش التي تمَّ تصنيفها يومًا بين أفقر دول العالم، والأكثر كثافة سكَّانية على مستوى العالم، ورابع أكبر دولة من حيث عدد السكَّان المسلمين، كمثال لقصة نجاح اقتصادي كبيرة في مواجهة الفقر والبطالة واللامساوة وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية في وقت قصير رغم العقبات الكبيرة.

رابعًا- النمو المرتبط بالسياسة الخارجية الناجحة:

عندما نتحدَّث عن بنجلاديش فنحن بصدد أحد أكبر البلدان المصدِّرة للعمالة في العالم، وبالتالي فهي واحدة من أكبر متلقِّي تحويلات العمالة في الخارج، ولقد كانت هذه التحويلات أحد أهم عوامل الصمود في وجه الأزمة المتعلِّقة بفيروس كورونا وتبعاتها الاقتصادية، حيث كان معدَّل الزيادة في تحويلات العاملين البنجاليين هي الأكبر عالميًّا بحوالي ١٨٪ زيادة عن العام ٢٠١٩ وفقًا لبعض التقارير نقلًا عن موقع ستاتستكا[15] كما يتَّضح من الشكل التالي:

وهو مؤشِّرٌ هامٌّ للنموِّ وللحفاظ على الاستقرار في سعر العملة وعلى الاحتياطيات الأجنبية وميزان المدفوعات، حيث تحوَّلت بنجلاديش بنجاح من بلد يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المعونات والمنح والقروض الأجنبية، إلى بلدٍ مصدِّرٍ للعديد من السلع والخدمات، ونموذجٍ اقتصاديٍ ملهِم في بعض جوانبه فيما يتعلَّق بمحاربة الفقر في الريف على الأقل، وتمَّ ذلك بفضْل سياسة داخلية جيدة وسياسة خارجية متميزة حافظت على وحدة البلاد واستقرارها في ظل حرب باردة قوية بين الشرق والغرب، ومن جانب آخر، كانت باكستان والهند وبنجلاديش بؤرةَ توتُّر كبيرة فيها، وجزءًا هامًّا من الصراع على التحالفات والموارد والأنظمة الإقليمية، ووفقًا لبعض الدراسات فإن التنمية الاقتصادية التي حقَّقَتْها كانت بحلول ٢٠٢١ قادرة على إكسابها صفة القوة المتوسطة والقدرة على قول (لا) في الأوقات الصعبة بحرية كبيرة استنادًا إلى النجاحات الكبيرة في الاقتصاد[16].

ارتبطت هذه السياسة الخارجية بإدراك الحكومة للدور الذي يمكن أن تلعبه البلد في إطار تقسيم العمل الدولي، سواء عبر التخصُّص في صناعة الملابس الجاهزة والمنسوجات كقطاع تحْظي فيه البلاد بميزات تنافسية، أو عبر استغلال الجائحة في تعزيز صادراتها من خلال إنتاج وتصدير معدات الوقاية الشخصية عالية الجودة أثناء الجائحة، والتي لن تتضاءَل احتياجاتها في المستقبل القريب، أو عبر تعزيز القوى البشرية العاملة بالقطاع التكنولوجي حيث تُعَدُّ البلد حاضنةً تكنولوجيةً قويةً في جنوب آسيا والمزوِّد الثاني عالميًّا في مجال القوى العاملة عبر الإنترنت[17].

أي إننا إزاء تصدير حقيقي للعمالة وتصدير لخدمات التعهيد عبر الإنترنت أصبحت تنافس فيه الهند والصين بقوة، وبتكلفة بسيطة عبر الاهتمام بالتعليم والتعليم التقني، واتبعت البلاد أيضًا ما يُطلِق عليه البعض “الدبلوماسية التنموية” و”دبلوماسية الموانئ”، بحيث انفتحت على الجميع ولكن بشروط تتعلَّق بالاتفاقات التجارية والتصديرية العادلة، بحيث أصبح لديها علاقات تنموية قوية مع الصين واليابان ودول الخليج العربي أي دول الجوار المباشر والقريب كأولوية وكثير من دول العالم كأولوية ثانية، مع الأخذ في الاعتبار ألا تعتمد على شريك تجاري واحد بشكل مكثَّف، أي إنها تعتمد سياسة تعدُّد الشركاء سواء في عمليات تطوير الموانئ والبنية التحتية أو حتى شركاء التجارة الخارجية[18].

ساعدت هذه السياسة التنموية بنجلاديش في تعزيز سياستها الخارجية بحيث استطاعت أن تحتجَّ على السياسات الدولية بحق ميانمار، وطالبت بالاعتراف بالمجازر العسكرية بحقِّ الروهينجا وتفعيل القانون الدولي الإنساني بشأن التعامل مع الأوضاع في جارتها ميانمار والتي تسبَّبت مجازرُ النظام القومي المتطرِّف فيها ضدَّ الروهينجا إلى لجوء قرابة ١,٢ مليون شخص إلى بنجلاديش وحدها، وساهمت في وضع هذه القضية على الأجندة الأممية التي أشاد خبراؤها بالسياسات البنجالية في هذه المسألة[19].

وفي الوقت نفسه فإن السياسة الخارجية الجيدة وأنشطة السفارات في الترويج للعمالة البنجالية ودعمها، فتحت أسواقًا جديدة للعمالة البنجالية في الخارج لا سيما في دول الخليج التي هي الوجهة الأولى للعمالة البنجالية إذ تستضيف السعودية وحدها قرابة ٢,٥ مليون عامل بحسب تصريحات سعودية[20]، كما تستضيف سلطنة عمان قرابة نصف مليون وهي تعد الجالية الأكبر في البلاد، ويتوقَّع أن تستضيف ١٦٠ ألف وافد بنجالي جديد في عام ٢٠٢٢، وذلك بارتفاع يزيد عن ٦٠ ألف عامل فقط العام الماضي وفقًا لتقرير لصحيفة خليج أونلاين[21].

وبالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر، فإنها تاريخيًّا لم تشهد معدلات مرتفعة منه بحسب الـUNCTAD، إذ إنها في السنوات من ٢٠١١-٢٠٢٠ بلغت في المتوسط ٢,١ مليار دولار[22].

صحيح أنها استقطبت استثمارات أجنبية ضعيفة على مدار السنوات الماضية، وأن مؤشِّر الاستثمار الأجنبي المباشر فيها لا يزال منخفضًا تاريخيًّا إلا أن وتيرة انخفاض هذه الاستثمارات كانت الأقل عالميًّا جرَّاء أزمة كورونا، فبينما انخفض هذا المؤشِّر عالميًّا بنسبة ٤٢٪ في التسعة أشهر الأولى من عام ٢٠٢٠ فإن النسبة في بنجلاديش كانت ١٩,٥٪[23].

كما أنها تعزِّز اقتصادها بالاعتماد على موارد تمويل داخلية جيدة وباعتماد أقل على الديون الخارجية، فنحن إزاء دولة استطاعت مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي فيها أكثر من ست مرات في ٢٠ عامًا (من ٥٣,٣ مليار دولار عام ٢٠٠٠ إلى ٣٢٣ مليار دولار في ٢٠٢٠[24]، وينخفض اعتمادها على الديون الخارجية إذ يبلغ حجم الدين الخارجي إلى الناتج القومي الإجمالي فيها في ٢٠٢٠ حوالي ٢٠٪ انخفاضًا من ٤٤,٥٪ منه عام ١٩٩٤[25]. يمكننا القول إن مصادر التمويل الدولي الأساسية للاقتصاد البنجالي تعتمد على الصادرات القوية، وتحويلات العاملين بالخارج وهي موارد يسهل التحكُّم بها وزيادتها، وبدرجات أقل على المساعدات الخارجية والمنح، وكذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، وأخيرًا الديون والقروض التي لا تشكِّل نسبةً كبيرةً من الناتج القومي. ينبئنا هذا الوضع أن سياسات الاعتماد على الذات ليست وهمًا اشتراكيًّا أو مجرد طنين لأصوات مدرسة التبعية في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، بل هو أمر ممكن ومسار لا بدَّ منه في أي طريق نحو التنمية الحقيقية.

خاتمة:

تنبئنا تجربة بنجلاديش في التنمية على ما بها من تعثُّرات ونقاط مضيئة، أنه لا مستحيل إذا كان هناك نظام ديمقراطي مستقر أو شبه مستقر، ونخب اقتصادية ومالية تعمل لصالح غالبية المواطنين، وتسخِّر معارفها وطاقاتها للنهوض بهؤلاء المواطنين، وتؤمن بقدراتهم وطاقاتهم دون تخوين أو تشكيك في ولاءات المواطنين.

لا يمكن أن تحدث تنمية حقيقية من دون نظام تمويلي موجَّه للفئات الأكثر فقرًا، فأنظمة التمويل الرأسمالي القائمة في البلدان الفقيرة تحافظ على الفقر والتفاوت والتعثُّر الاقتصادي بشكل بنيوي، وتعمل بشكل آلي على تسريب القيمة للفئات الأكثر غني وتقود لتدهور ولاء المواطنين وإحساسهم بأنهم أصحاب هذا الوطن.

لا تزال المعادلة القائمة بين التنمية الاقتصادية والسياستين الداخلية والخارجية في بنجلاديش هشَّة وتحتاج لعوامل استقرار تدعم استمراريتها وترتبط بتداول سلمي للسلطة بين الأحزاب الرئيسية مع نمط حكم يحد من فكرة سيطرة الحزب الواحد لمدى زمني طويل ويقبل بصعود الإسلاميين للسلطة لكي يتمَّ ترويضهم في أروقة الدولة وتحدياتها بعيدًا عن الاستقطابات الأيديولوجية الحادَّة ذات الطابع الشعبوي، لكن هذه التجربة تشير إلى أن التنمية الاقتصادية الحقيقية غير ممكنة وغير مجْدية إذا لم يكن المواطن هدفها الأول، وإذا لم تكن تستهدف تحسين حياة المواطنين الأكثر فقرًا والأقل حظًّا من التعليم والخدمات العامة المختلفة، وهذا مرتبط أيضًا بوجود نظام سياسي ناجح في إحداث تعاون حقيقي مع المؤسسات الأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني، ففكرة بنك الفقراء انطلقت من مجتمع الأكاديميا إلى المجتمع بأكمله عبر مجتمع مدني قوي في سياق معقول من الحريات والحقوق الأساسية والتنظيمية للمواطنين، كذلك ساعدت قوانين العمل والاستقرار النسبي في تقديم مناخ أكثر تنافسية للشركات من بلدان مجاورة مثل الهند وسريلانكا وغيرها.

تعطينا هذه التجربة أيضًا دروسًا في أنه لا تنمية حقيقية من دون تخطيط جيد سياسات عامة رشيدة موجَّهة للقطاعات الإنتاجية سواء في الزراعة والصناعة كأولوية على أية مشروعات شخصية للقيادات السياسية، لأن هذه القطاعات هي الضامن الحقيقي لرفع معدلات التشغيل وخفض البطالة وزيادة الموارد العامة التي بها يمكن تحسين الخدمات العامة في الصحة والتعليم والسكن والمواصلات، وضمان رضاء غالبية المواطنين عن مخرجات النظامين السياسي والاقتصادي، وهذا الرضاء هو ركيزة الاستقرار.

____________________

الهوامش

 

[1] Muhammad Yunus & A. Jolis, Banker to the Poor: Micro-lending and the Battle against World Poverty, available at: https://bit.ly/3FRmr3O

[2] Grameen Bank official website, available at: https://cutt.us/FNFij

[3] Grameen Bank formal website, Graphical data, Cumulative Disbursement Of Loans From 2010-2020, Available at: https://grameenbank.org

[4] Tim Büthe, Reviewed Work: Banker to the Poor: Micro-Lending and the Battle Against World Poverty by Muhammad Yunus, Alan Jolis, Journal of International Affairs Vol. 53, No. 2, 2000, pp. 741-45, available at: https://cutt.us/8q6it

[5] براكريتي غوبتا، بنغلاديش تنتصر على الفقر بالنمو الاقتصادي، الشرق الأوسط، ٦ يناير ٢٠١٩، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3wFCKOj

[6] أحمد ذكر الله، ازدهار بنغلاديش: دروس اقتصادية إلى السلطة المصرية، الجزيرة نت، ٧ فبراير ٢٠١١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Mf14LH

[7] البنك الدولي، تقرير التنمية في العالم ٢٠٠٨: الزراعة من أجل التنمية، ص ص ١٢-١٤، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3GRaUlG

[8] Global Food Security Index 2021, Bangladesh, available at: https://bit.ly/3MoD88y

[9] براكريتي غوبتا، بنغلاديش تنتصر على الفقر بالنمو الاقتصادي، مرجع سابق.

[10] وكالة الأناضول للأنباء، شيخة حسينة: بنغلاديش من بين أسرع 5 اقتصادات نموًّا في العالم، ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٠، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3xaPDyS

[11] أحمد ذكر الله، ازدهار بنغلاديش، مرجع سابق.

[12] علي رياض، بنغلاديش ومؤشرات مقلقة: مواجهة الإسلاميين وفشل الديمقراطية، ترجمة: كريم الماجري، مركز الجزيرة للدراسات، ٣٠ يونيو ٢٠١٦، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Mj9TnM

[13] Sajjan M. Gohel, “Bangladesh: An Emerging Centre for Terrorism in Asia”, Perspectives on Terrorism, Vol. 8, No. 3, 2014, pp 84-91, available at: https://cutt.us/0cISw

[14] وكالة الأناضول للأنباء، بنغلاديش.. نزوح وأمراض ومعاناة جراء تغير المناخ: ٧٠٠ ألف شخص نزحوا سنويًّا خلال العقد الماضي، بسبب الكوارث الطبيعية، ٢٠ يونيو ٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3tM4vTE

[15] أكبر 10 دول متلقية للتحويلات في العالم.. تعرف عليها!، العربية نت، ١٦ مايو ٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3PGF4fC

[16] Lailufar Yasmin, “Bangladesh at 50: The Rise of A Bangladesh That Can Say No”, Daniel K. Inouye Asia-Pacific Center for Security Studies, 2022, pp. 1-2, available at: https://cutt.us/lR5vf

[17] Ibid, p. 3.

[18] Ibid, p. 5.

[19] خبير أممي: بنغلاديش أنقذت عددًا لا يحْصَى من أرواح الروهينجا من الجرائم الفظيعة في ميانمار، الأمم المتحدة، ١٩ ديسمبر ٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3xfLA5M

[20] لتعزيز العلاقات.. وزير الخارجية السعودي يصل إلى بنجلاديش، موقع صحيفة الخليج الجديد، ١٥ مارس ٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3NknwUX

[21] توقعات باستقبال عُمان 160 ألف عامل بنغالي في 2022، الخليج أونلاين، ٥ مايو ٢٠٢٢، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3NQPBD6

[22] Rejaul Karim Byron, FDI outlook bleak for Bangladesh, the daily star, Jun 22, 2021, available at: https://bit.ly/3NWnouQ

[23] Bangladesh sees slump in FDI inflow as foreign investment falls worldwide, The financial express, 25 January 2021, available at: https://bit.ly/3Nfmjy9

[24] World Bank national accounts data, and OECD National Accounts data files, GDP (current US$) – Bangladesh, World Bank national, available at: https://bit.ly/3arIGSC

[25] International Debt Statistics, External debt stocks (% of GNI) – Bangladesh, World Bank, https://bit.ly/3GOOpxM

فصلية قضايا ونظرات – العدد السادس والعشرون ـ يوليو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى