المؤسسات السياسية والاستراتيجية بين بلاغة الوهن وتداعيين!!

مقدمة:

يتناول هذا التقرير رصدًا(*) لعدد من المؤسسات السياسية والاستراتيجية فيما يتعلق بتأثيرها في حال الأمة الإسلامية في عام 2008. ويتبع التقرير نهجًا رصديًّا للمفاصل الرئيسية لقمم وقرارات هذه المؤسسات. وتتمثل المؤسسات التي يتناولها التقرير في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والتي تمثل اثنتين من أهم “مؤسسات الأمة”، والأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن كأهم أجهزتها، والاتحاد الأفريقي كمنظمة إقليمية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربى، وحلف شمال الأطلنطي (الناتو).
ويركز التقرير على عدد من القضايا التي تعرضت لها هذه المؤسسات. وتتمثل هذه القضايا في: القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي ويشمل ذلك قضايا تتعلق بالأوضاع في كل من لبنان وسوريا، والوضع في السودان والحالة في الصومال، والحالة في العراق، والملف النووي الإيراني، والوضع في أفغانستان. وسنتناول هذه القضايا في إطار أنشطة المؤسسات المشار إليها وما يصدر عنها من وثائق وبيانات وقرارات.
كما يرصد التقرير إلى أي مدى تؤثر تلك المؤسسات في أمن واستقرار الأمة الإسلامية سلبيًّا أو إيجابيًّا، في مواجهة الأزمات والأخطار والتحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى فاعلية وكفاءة، بل وحضور أو غياب هذه المؤسسات. هذا هو السؤال المحورى للتقرير. ومنه يتفرع سؤالان آخران: ما مدى فاعلية وكفاءة المؤسسات التي تكونها دول ضعيفة وأخرى قوية. وهل التداعى الداخلي؛ أي ضعف الدول الإسلامية والمؤسسات التي تنشئها (إن ثُبت ضعف هذه المؤسسات) سبب في تداعى الأكلة عليها؛ أي تقسيم الأدوار وتقاسم المكاسب بين أصحاب المصالح من الدول الكبرى والمنظمات الدولية التي تستهدف ثروات ومقدرات الأمة؟
عقدت المؤسسات المشار إليها عددًا من القمم خلال عام 2008، لعل أهمها: قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في دكار عاصمة السنغال في 13-14 مارس /آذار والتي أطُلق عليها (دورة الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين)، والقمة العربية بدمشق في الفترة 29-30 مارس /آذار، وقمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في بوخارست في الثالث والرابع من أبريل/نيسان، وقمة الاتحاد الأفريقي في شرم الشيخ في الفترة 29 يونيو – 1 يوليو، وقمة مجلس التعـاون لـدول الخليج العربيـة في مسقط ـ سلطنة عمان في الفترة 29-30 ديسمبر.
إضافة إلى عدد من المؤتمرات والفعاليات المختلفة في درجات أهميتها. وفيما يلي نتناول القضايا المشار إليها ومواقف هذه المؤسسات منها:

أولًا- الصراع العربي الإسرائيلي: بلاغة الوهن

1- فلسطين:

واصلت إسرائيل عدوانها الوحشي على غزة، والذي لم يبدأ بعملية “الشتاء الساخن” في 27 فبراير 2008 ولن ينتهى بعملية “الرصاص المنصهر” في 27 ديسمبر من العام نفسه والتي استشهد فيها-حتى كتابة هذه السطور- مئات الفلسطيينين. وكان موقف مؤسسات الأمة كالمعتاد يقتصر على الإدانة والاستنكار والشجب؛ تلك الكلمات التي أصبحت من فرط استخدامها سيئة السمعة.
وقد أكدت منظمة المؤتمر الإسلامي في قمتها التي انعقدت في دكار في مارس/آذار 2008 مجددا الطابع المركزي لقضية القدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية “جمعاء”. وأكدت على الهوية العربية والإسلامية للقدس الشرقية المحتلة، وضرورة الدفاع عن حرمة الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة. كما جدد المؤتمر إدانته القوية لإسرائيل، باعتبارها قوة احتلال؛ لاستمرارها في عدوانها على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس الشريف وما حولها، ولما تقوم به من حفريات غير قانونية تحت الحرم الشريف والمسجد الأقصى، ولجميع التدابير غير القانونية الاستفزازية، التي تقوم بها بهدف تغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة وتركيبتها السكانية وطابعها، ولا سيما ممارستها الاستعمارية، بما في ذلك، من جملة أمور أخرى، أنشطتها الاستيطانية وبنائها للجدار العنصري في المدينة وحولها.
كما أدان المؤتمر الحملة العسكرية الإسرائيلية المتنامية ضد الشعب الفلسطيني، التي تواصل من خلالها إسرائيل، ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم حرب، بما في ذلك قتل وجرح المدنيين الفلسطينيين أطفالًا ونساءً وشيوخًا باستخدام القوة المفرطة والعشوائية والقاتلة، وكذا ممارستها المتواصلة لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون، والتدمير الوحشي واسع النطاق لمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم وبنياتهم التحتية وأراضيهم الزراعية وغيرها من مصادر العيش، واعتقال وسجن الآلاف من الفلسطينيين، بمن فيهم المئات من النساء والأطفال. وعبر المؤتمر عن قلقه البالغ إزاء العمليات العسكرية والاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في قطاع غزة، والتي أسفرت عن مئات الضحايا الفلسطينيين، حيث تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة أصلًا. وأعرب المؤتمر عن قلقه البالغ إزاء تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتفاقم الأزمة الإنسانية خاصة في قطاع غزة، بسبب استمرار الحصاروالحظر والإغلاق الإسرائيلي غير القانوني، وغير ذلك من الإجراءات غير القانونية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع. وأكد المؤتمر على قلقه الشديد لتزايد الفقر والبطالة والجوع، وكذا لتدهور الوضع الصحي في أوساط المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الانتشار الواسع لسوء التغذية وفقر الدم بين الأطفال، بسبب القطع الإسرائيلي المتعمد لإمدادات الغذاء والدواء والرعاية الطبية وتقليص إمدادات الوقود والكهرباء. واعتبر المؤتمر هذا العقاب الإسرائيلي الجماعي للسكان المدنيين بمثابة خرق خطير للقانون الدولي الإنساني، وأن قوة الاحتلال ينبغي أن تتحمل مسؤولية جرائم الحرب هذه. لذلك، دعا المؤتمر المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل، لكي تنهي فورا حصارها وعقابها الجماعي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من خلال رفع الحصار وفتح جميع المعابر الحدودية للسماح بحركة الأشخاص والبضائع من قطاع غزة وإليه، بما في ذلك إزالة جميع العراقيل التي تحول دون وصول المعونة الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني، وانتقال المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج الطبي خارج غزة.
ودعا المؤتمر مجددًا الرباعية الدولية، والمجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، لبذل جهود فورية من أجل معالجة الأزمة السياسية والإنسانية الحالية. كما دعا لبذل الجهود من أجل دعم عملية السلام واستئناف المفاوضات الثنائية بين الجانبين، والتنفيذ الكامل لخارطة الطريق بهدف إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وبالتالي الوصول إلى الحل المبني على دولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات عملية السلام في الشرق الأوسط ومبادئها. ودعا جميع الأطراف المعنية للعمل بجدية من أجل إيجاد حل عادل ودائم وشامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والعربي-الإسرائيلي بشكل عام. وفي هذا الصدد، أكد المؤتمر مجددا أهمية القرارات التي صدرت عن القمة العربية، في الرياض بالمملكة العربية السعودية، في شهر مارس 2007، ولا سيما تفعيل مبادرة السلام العربية التي اعتمدت في بيروت بلبنان، في مارس 2002.
وفيما يتعلق باستمرار الخلافات بين الفصائل السياسية الفلسطينية أعرب المؤتمر عن قلقه إزاءها، وطالب مجددا بإعادة الوضع الميداني في قطاع غزة إلى ما كان عليه قبل اندلاع أحداث يونية 2007، وذلك للسماح باستعادة السلطة الشرعية. أي السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، لدورها في قطاع غزة، وصون وحدة الشعب الفلسطيني وسلامة أراضيه. وفي هذا السياق، أكد المؤتمر الحاجة إلى حوار وطني بين الفلسطينيين لتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة خدمةً للمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني. وأكد مجددًا دعمه الكامل لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثلَ الشرعي و”الوحيد” للشعب الفلسطيني، وللسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس. وأكد مجددا دعمه لجميع المؤسسات الفلسطينية المنتخبة ديموقراطيا[1].
هذه القرارات شديدة العمومية بليغة الألفاظ تكتفي بالتعبير عن القلق وتحذر من التداعيات وتؤكد على مواقف سابقة، مما يجعلها تقع ضمن ما يمكن وصفه بأنه كلام عظيم المبنى قليل -إن لم يكن عديم- المعنى. ومن ذلك ترحيب المؤتمر “بإحياء عملية السلام” ودعوته للمحافظة على ما “نتج عن مؤتمر أنابوليس من تفاهمات”، على الرغم من الجدل حول هذه التفاهمات وكونها ليست أكثر من تأجيل للقضايا الرئيسية في القضية الفلسطينية كالقدس وعودة اللاجئين.
وقبل أن ينقضى العام، بدأ العدوان الإسرائيلى على غزة في 27 ديسمبر، دون أن يجتمع وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي لمناقشة العدوان على غزة، وإن كان من المعروف أن ما سيخرجون به لن يتجاوز الإدانة ومناشدة أطراف أخرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة للقيام بمسئوليتها. أما مسئوليتها هي فيبدو أنها تتخيل أنها تنحصر في الإدانة، وربما بعض المساعدات “الإنسانية”. وهو ما يتناقض مع أهدافها التي من بينها -للتذكير فقط- صون وحماية المصالح المشتركة ومناصرة القضايا العادلة للدول الأعضاء، واستعادة السيادة الكاملة ووحدة أراضي أية دولة عضو خاضعة للاحتلال من جراء العدوان.
أما جامعة الدول العربية فقد انعقد مجلسها على المستوى الوزاري في 31 ديسمبر 2008، بعد خمسة أيام كاملة من المذابح في غزة، وبعد ما هو معتاد من الإدانة وأخواتها، قرر توجيه طلب فوري لعقد مجلس الأمن، ومطالبته باستصدار قرار يُلزم إسرائيل بالوقف الفوري لعدوانها على غزة، وتكليف وفد وزاري عربي من أعضاء لجنة مبادرة السلام العربية بالتوجه إلى مجلس الأمن وتفويضه لتحقيق ذلك. أما ما دعت إليه سوريا واليمن وقطر من عقد قمة عربية غير عادية للنظر في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته واستعداد دولة قطر استضافتها في الدوحة، فقد قرر الوزراء استمرار التواصل فيما بينهم بشأن عقد القمة في حالة عدم استجابة مجلس الأمن للتحرك العربي الهادف لوقف العدوان؛ وذلك للنظر في الإجراءات الكفيلة بوضع حد للعدوان الإسرائيلي ووضع استراتيجية للتعامل مع الوضع الفلسطيني بكافة جوانبه.
كانت القمة العربية التي انعقدت في دمشق في مارس 2008 قد أكدت على أن استمرار الجانب العربي في طرح مبادرة السلام العربية مرتبط ببدء تنفيذ إسرائيل التزاماتها في إطار المرجعيات الدولية لتحقيق السلام في المنطقة. ودعت إلى القيام بإجراء تقييم ومراجعة للاستراتيجية العربية وخطة التحرك إزاء مسار جهود إحياء عملية السلام تمهيدًا لإقرار خطوات التحرك العربي المقبلة في ضوء هذا التقييم، وهو ما يعد تطورًا مهما في قرارات القمم العربية بعد شيوع مقولة “السلام خيار استراتيجي” في قمم سابقة شريطة أن تتم هذه المراجعة من الأطراف الداخلة في عملية التسوية والداعية والمؤيدة لها، وهو ما يعد أمرًا بعيدًا عن التحقق في ضوء انخفاض مستوى تمثيل معظم هذه الأطراف في هذه القمة. فقد مثل السعودية في القمة مندوبها الدائم في الجامعة، ومثل مصر وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، وذلك لتوترعلاقات مصر والسعودية مع سوريا، كما مثل الأردن مندوبها الدائم لدى الجامعة. وقد انخفض عدد الرؤساء والملوك والأمراء الذين حضروا قمة دمشق بالمقارنة بقمة الرياض مارس/آذار 2007. فبينما كان هذا العدد في الرياض سبعة عشر، تراجع إلى تسعة في قمة دمشق. ناهيك عن عمق الخلافات بين سوريا من جهة وكل من السعودية ومصر من جهة أخرى بعد أن كان هناك بعض التنسيق بينهم. وقد زادت هذه الخلافات من عجز الجامعة في التعامل مع قضايا الأمة فأضاف وهنًا على وهنها.
وفيما يتعلق بالنـزاع بين الأطراف الفلسطينية فقد أعربت القمة عن الدعم والتقدير للجهود العربية وللمبادرة اليمنية لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية؛ تأكيداً لوحدة الصف الوطني الفلسطيني أرضًا وشعبًا وسلطةً واحدة، والتأكيد على ضرورة استمرار الجهود العربية وكذلك استمرار التنسيق مع الأمين العام لتحقيق هذا الهدف.
فيما عدا ذلك واصلت هذه القمة تكرار قرارات سابقة لها، في لغة يغلب عليها “بلاغة الضعف” و”ضعف البلوغ” إلى ما يُرام، فهي قرارات طنانة في لغتها، ضعيفة في مردودها، يغيب عنها تحديد المسئوليات والمهام ورصد الموارد، ووضع الآجال المحددة للإنجاز، وآليات المتابعة.
فقد شددت القمة على مواصلة تقديم “كل أشكال الدعم” السياسي والمادي والمعنوي للشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العدوانية التي تقوض حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والإفراج عن المعتقلين والمختطفين العرب من السجون الإسرائيلية كافة، والتأكيد على وحدة الصف الفلسطيني لتمكينه من صون قضيته وحقوقه. كل ذلك دون أن تفصل وتبين بعضًا من “كل أشكال الدعم” وحذرت القمة في بيانها الختامي من تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سياسة الحصار وإغلاق المعابر وتصعيد الاعتداءات وبشكل خاص على قطاع غزة واعتبار هذه الجرائم الإسرائيلية جرائم حرب تستدعي اتخاذ الإجراءات اللازمة إزاءها ومطالبة إسرائيل بالوقف الفوري لهذه الممارسات العدوانية ضد المدنيين وكذلك ممارساتها في القدس المحتلة، ودعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته إزاء هذا الوضع، وحث كل الأطراف المعنية للعمل على فك الحصار وفتح المعابر لتوفير المتطلبات الإنسانية للشعب الفلسطيني، وذلك دون تحديد مسئولية أيٍّ من هذه الأطراف[2].
كما دعت إلى العمل على إحلال السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط والذي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد بما يكفل استعادة الحقوق العربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس وانسحاب إسرائيل الكامل من الجولان العربي السوري المحتل حتى خط الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967، وكذلك الانسحاب الإسرائيلي مما تبقى من الأراضى اللبنانية المحتلة.
وخصص الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في 26 نوفمبر في القاهرة للبحث في الانقسام الفلسطيني، إلا أن خلافات حادة وقعت بين مصر والسعودية والأردن من جهة وسورية من جهة أخرى، على خلفية رفض مشاركة حركة «حماس» في الاجتماع. وفيما دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى اغتنام المستجدات الدولية الإيجابية، محذرًا من أن غياب وحدة الصف الفلسطيني يُفقد العرب قدرتهم على التأثير في أي طرف دولي، ألمح نظيره المصري أحمد أبو الغيط إلى مسئولية «حماس» عن عرقلة المصالحة، مشيرًا إلى أنها «أبدت تعاونًا أقل من باقي الفصائل»[3].
ورحب البيان الختامي للاجتماع بإعلان مصر استئناف جهودها للمصالحة الفلسطينية، ودعوا كل الفصائل للانضمام إلى الحوار مع ضرورة الانتهاء من عملية المصالحة في أسرع وقت ممكن، ووافقوا على إرسال معونات إلى غزة بالتنسيق بين الجامعة والحكومة المصرية، وطالبوا باحترام الشرعية الوطنية الفلسطينية. ودعا البيان الرئيس محمود عباس إلى الاستمرار في تحمل مسئولياته كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية إلى حين إتمام المصالحة والاتفاق على موعد لانتخابات رئاسية وتشريعية[4].
وبعد انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلنت جامعة الدول العربية في منتصف شهر ديسمبر أنها وجهت خطابًا، وقّعه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، بصفته الرئيس الحالي لمجلس وزراء الخارجية العرب، والأمين العام للجامعة عمرو موسى، إلى الرئيس الأميركي المنتخب، لإبلاغه باستعداد الدول العربية للسلام مع إسرائيل، على مبدأ الأرض مقابل السلام.
وأوضح بيان الجامعة أن الخطاب، الذي سلّمه السفير السعودي ورئيس مكتب الجــامعة العربية في واشنطن إلى مستشار أوباما، يؤكد الاستعداد لإقــامة ســلام عادل ودائم مع إسرائيل طبقًا لمبدأ “الأرض مقابل الســلام” وقرارات الأمم المتحدة ووفقًا لمبادرة السلام العربية ومتطلباتها، مشيرًا إلى قرار (من الجامعة) بتكثيف الاتصال بعناصر الإدارة الأميركية الجديدة لطرح الموقف العربي[5].
ولم تأتِ القمة الخليجية بجديدٍ؛ ففي بيانها الختامي كرّرت بطريقة شبه حرفية ما ورد في القمتين الإسلامية والعربية من مناشدات ومطالبات ودعوة لوحدة الصف الفلسطيني، بالإضافة إلى إدانة العدوان الإسرائيلى على غزة الذي بدأ في 27 ديسمبر قبل القمة بيومين. ولم تنسَ القمة أن تعرب عن “أملها” في أن يولي الرئيس المنتخب باراك أوباما القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط أولوية قصوى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية[6]. والجدير بالملاحظة أن العدوان على غزة احتل مكانًا متأخرًا في البيان الختامى للقمة، الذي تصدرته مجالات التعاون المشترك الاقتصادية، والتنسيق والتعاون الأمنيين، ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية، والشئون العسكرية، وشئون الإنسان والبيئة، والتعاون الإعلامي، والتعاون مع الجمهورية اليمنية.
وعلى نفس الوتيرة جاءت قرارت قمة الاتحاد الأفريقي؛ حيث أكد القادة الأفارقة دعمهم للقضية الفلسطينية وللعملية السلمية لتسوية للنزاع العربي-الإسرائيلي ولمبادرة السلام العربية مطالبين بأن تُغتنم الفرصة التاريخية التي تهدف إلى إنهاء النزاع العربي-الاسرائيلي وإحلال السلام في المنطقة[7].
وفي الوقت الذي لم تتعرض قمة حلف الأطلنطي في بوخارست التي عُقدت في الثالث والرابع من أبريل/نيسان 2008 للصراع العربي-الإسرائيلي مباشرة، فإن ما جاء في الفقرة (15) من إعلان بوخارست حول الحرب على الإرهاب من أن الحلف “يدين بأقوى العبارات كل أعمال الإرهاب أيًّا كانت دوافعها أو مظاهرها”، يبدو كما لو كان موجها بصفة خاصة إلى عناصر المقاومة العربية في كل من فلسطين ولبنان والعراق والسودان والصومال، حيث يستبعد الحلف بهذه العبارة مشروعية مقاومة الاحتلال والعدوان[8].

2- سوريا: دعم خطابي

لم يختلف وضع قرارات القمتين الإسلامية والعربية بخصوص سوريا عن القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. فقد طالب مؤتمر القمة الإسلامية إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيه 1967، وفقًا لقراري مجلس الأمن رقم 242/1967 ورقم 338/1973، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام، ومبادرة السلام العربية التي اعتمدتها القمة العربية في بيروت، بتاريخ 28 آذار/ مارس 2002، وأكدت عليها قمة الرياض العربية، في آذار/ مارس 2007.
وأدان المؤتمر قرارات الإدارة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية أحادية الجانب على سورية. كما أعرب عن رفضه لما يسمى بقانون محاسبة سورية، واعتبره باطلًا ولاغيًا، وتجاوزًا فاضحًا لمبادئ القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة وميثاقها،، وانحيازًا سافرًا لإسرائيل. كما أعرب المؤتمر عن تضامنه مع سوريا، وعن تقديره لموقفها الداعي إلى تغليب لغة الحوار والدبلوماسية في العلاقات الدولية لحل الخلافات، وطلب من الولايات المتحدة الأمريكية إعادة النظر في هذا القانون، بأسرع وقت ممكن، وإلغاء جميع القرارات الصادرة بهذا الشأن[9].
وفي نفس السياق أكدت القمة العربية على التضامن العربي مع سورية إزاء ما يُسمى “قانون محاسبة سورية” باعتباره تجاوزًا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة[10]. وإذا كان الغرب لم يعلق على هذه اللغة القوية كما فعل في قمة بيروت 2004 حين كان هناك توجه لإدانة الدعم الأمريكي لإسرائيل ثم تراجعت القمة قبل صدور بيانها الختامي، فلعل ذلك يرجع إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر لذلك الأمر على أنه ليس إلا مجرد “دعم خطابي” لسورية في قمة غاب عنها حضور فاعل لما تسميه محور الاعتدال العربي: السعودية ومصر والأردن، وأن سوريا التي تعتبرها أحد أركان محور التطرف بل والشر في المنطقة والعالم، وهي البلد المضيف للقمة لن تقبل بأقل من إدانة القمة للقانون الأمريكي الذي يعاقبها.

3- لبنان: نجاح جزئي محل اختبار؟

أكد مؤتمر القمة الإسلامية على دعم المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية، ودعوة القيادات السياسية اللبنانية إلى إنجاز انتخاب المرشح التوافقي في الموعد المقرر (الذي انتخب فيما بعد وهو ميشيل سليمان)، والاتفاق على أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بأسرع وقت ممكن، بما يمنع التداعيات الناجمة عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وبما يمنع الانقسامات، ويضمن وضع لبنان على طريق الوحدة والأمن والاستقرار. كما أكد المؤتمر على التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة اللبنانية، بما يضمن وحدة لبنان وأمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه.
وأعرب المؤتمر عن الإدانة الشديدة للعدوان الإسرائيلي الوحشي الذي تعرض له لبنان عام 2006، وما رافقه من جرائم تستوجب الملاحقة القانونية، ودعا إلى اقرار وقف إطلاق نار ثابت ودائم، وإلى ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانتهاكاتها للسيادة اللبنانية وللقرار 1701. وأشاد بالدور الوطني الذي يقوم به “الجيش اللبناني” في جنوب لبنان وكافة المناطق اللبنانية.
وأكد على دعم جهود الحكومة اللبنانية، والجيش اللبناني، في مكافحة الإرهاب، ولا سيما في استئصال مجموعة “فتح الإسلام” الإرهابية كما وصفها البيان الختامي للقمة؛ ودعا المؤتمر لمساندة جهود الحكومة في إعادة إعمار مخيم نهر البارد، وعودة النازحين منه إليه، مع التأكيد على الحاجة لمساندة الموقف اللبناني الرافض لأي شكل من أشكال توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
كما دعا المؤتمر، بعد إقرار مجلس الأمن الدولي للمحكمة ذات الطابع الدولي، إلى استكمال الإجراءات اللازمة لقيامها من أجل الكشف عن الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. ودعا إلى تأمين كل العوامل الكفيلة بتمكينها من الإسراع في القيام بعملها، بعيدًا عن الانتقام والتسييس، وبما يضمن إحقاق العدالة، وحماية اللبنانيين من الاعتداءات، وتعزيز الأمن في لبنان[11].
أما جامعة الدول العربية فقد قررت التمسك بالمبادرة العربية لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته، ودعم جهود الأمين العام لتشجيع الأطراف اللبنانية على التوافق فيما بينها لتجاوز هذه الأزمة، بما يصون أمن ووحدة واستقرار لبنان وازدهاره[12].
ومع تدهور الوضع في لبنان في شهر مايو، ووقوع مصادمات مسلحة بين الأطراف اللبنانية المتنازعة (أي الموالاة والمعارضة) اجتمع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في اجتماع غير عادي في 11 مايو، وأكد على رفض الدول العربية الكامل لما آلت إليه التطورات في الأيام الأخيرة في لبنان، وبشكل خاص استخدام السلاح واللجوء إلى العنف وبما يهدد السلم الأهلي في هذا البلد.
كما رفض المجلس استخدام العنف المسلح لتحقيق أهداف سياسية خارج إطار الشرعية الدستورية، والتأكيد على ضرورة سحب جميع المظاهر المسلحة من الشارع اللبناني، وتسوية الأزمة السياسية اللبنانية الراهنة بشكل يحفظ لكل طائفة دورها الفعال في التركيبة اللبنانية.
ورحب الاجتماع بالإعلان الذي أصدرته قيادة الجيش بالتعامل مع القرارين الخاصين بجهاز أمن المطار وشبكة الاتصالات السلكية ووضعهما في عهدته، وكذلك الترحيب بتفويض الحكومة للجيش بتولي مسؤولية حماية الأمن العام وتهدئة الأوضاع وتأمين عمل المؤسسات العامة والخاصة، والإشادة بدور الجيش والتأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدته ودعم دوره وتعزيز قدراته صونًا لأمن البلاد.
وأكد على المبادرة العربية بكافة عناصرها باعتبارها أساسًا لأي حل. كما دعا المجلس رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء وقادة الموالاة والمعارضة لحضور جلسة خاصة مع اللجنة الوزارية المشار إليها فيما بعد لمناقشة الوضع والاتفاق على التنفيذ العاجل للمبادرة العربية والإحاطة بالوضع الخطير الذي يهدد به استمرار التطورات الجارية. كما شكلت الجامعة لجنة وزارية برئاسة رئيس وزراء دولة قطر، والأمين العام، طلبت من اللجنة الوزارية السفر إلى بيروت فورًا[13].
وقد نجحت الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية برئاسة قطر في جهود إعادة الحوار اللبناني، والاتفاق حول انتخاب الرئيس سليمان وتشكيل الحكومة اللبنانية من الموالاة والمعارضة إلا أن ذلك لا ينفصل عن الأجواء العربية والإقليمية والدولية بل والداخلية اللبنانية التي أدت إلى نجاح اتفاق الدوحة، والذي لا يزال يتعرض من آن إلى آخر إلى اختبارات صعبة.
ويُذكر أن مجلس الأمن في القرار رقم 1815 بتاريخ 2 يونية / حزيران قد مدّ ولاية لجنة التحقيق الدولية بشأن مقتل رفيق الحريري الذي وقع في ١٤ شباط/فبراير ٢٠٠٥، وكذلك جميع الهجمات الأخرى التي وقعت في لبنان منذ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٤. حدد المجلس أجل هذا المد حتى ٣١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٨ وطلب من اللجنة أن تقدم تقريرًا إلى اﻟﻤﺠلس عن التقدم المحَرز في التحقيق في موعد أقصاه ستة أشهر، أو في أي وقت آخر تراه مناسبًا قبل ذلك الموعد؛ وأعلن استعداده لإنهاء هذه الولاية قبل ذلك التاريخ متى أفادت اللجنة بأنها أتمت تنفيذ ولايتها[14]. وهكذا بينما تتابع مؤسسات الأمة المشكلات البارزة، وتحث في اتجاه الحلول القائمة، فإن المؤسسات خارج الأمة تصوب سهامها تجاه مفاصل الزعزعة وزراعة الأسافين في صورة العمل على تحقيق العدالة وما إليها.
أما قمة الخليج فقد رحبت باتفاق الدوحة وبإقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان[15].

ثانيًّا- السودان والصومال: الاستضعاف الهيكلي والتداعي

1- السودان

أكد مؤتمر القمة الإسلامية تضامنه التام مع حكومة جمهورية السودان وشعبها. وأعرب عن دعمه للجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية والسلم والاستقرار الدائم في جمهورية السودان، والاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه. ودعا المجتمع الدولي لتقديم مزيد من الدعم لهذه الجهود، ولإعادة إعمار البلد وتنميته وتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعبه، بما في ذلك دارفور.
كما رحب المؤتمر بالتطورات الإيجابية في موضوع دارفور، ولا سيما نشر القوات المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وبدء محادثات السلام في ليبيا، والتي بدأت في 27 أكتوبر 2007. وحث المؤتمر جميع فصائل المتمردين على المشاركة في هذه المحادثات الحاسمة والأخيرة. ودعا المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عقابية في حق الأفراد أو المجموعات، التي ترفض المشاركة في محادثات السلام، أو تسيء بأي حال من الأحوال لعملية السلام.
ورحب المؤتمر بالجهود الجارية لعقد مؤتمر دولي حول تأهيل دارفور وإعادة إعماره، تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية. ودعا الدول الأعضاء، ومجتمع المانحين، للمشاركة بفعالية في هذا المؤتمر[16].
وكانت الجامعة العربية قد أكدت على نفس الأمور في قمة دمشق، حيث أكدت على وحدة السودان وسيادته واستقراره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، ودعم جهود تنفيذ اتفاق السلام الشامل، ومعالجة الأوضاع في دارفور، ودعوة كافة الأطراف الإقليمية والدولية إلى مساعدة الحكومة السودانية لتحقيق السلام وإعادة الأمن والاستقرار في السودان.
على الجانب الآخر فقد اتخذ مجلس الأمن القرار رقم 1812 في 30 أبريل / نيسان في إطار الفصل السابع من الميثاق، وبموجبه قرر أن الحالة في السودان لا تزال تشكل خطرا يهدد السلم والأمن الدوليين، ومدد ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان حتى ٣٠ نيسان/أبريل٢٠٠٩ بنية تجديدها لفترات أخرى. الأمر الذي يتسق تمامًا مع ملاحظتنا بالنسبة للشأن اللبناني ولجنة التحقيق في اغتيال الحريري.
وشدد قرار المجلس على أهمية التنفيذ الكامل والعاجل لجميع عناصر اتفاق السلام الشامل، واتفاق سلام دارفور، واتفاق سلام شرق السودان المبرم في تشرين الأول /أكتوبر٢٠٠٦، ويدعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقات دون إبطاء؛ ودعا جميع الأطراف إلى أن تتعاون بشكل كامل ودون قيود مع عملية البعثة للرصد والتحقق في منطقة أبيي، دون المساس بالاتفاق النهائي بشأن الحدود الفعلية بين الجانبين، ويحث البعثة على أن تتشاور مع الأطراف، وعلى أن تنشر، حسب الاقتضاء، أفرادًا في منطقة أبيي، بما في ذلك مناطق كردفان؛ ودعا الأطراف إلى معالجة مسألة أبيي وإيجاد حل يكون مقبولًا للجميع[17].
وقد أدان مجلس الجامعة العربية على مستوى الوزاري في دورته غير العادية بتاريخ 11/5/2008 العملية الإرهابية التي قامت بها حركة العدل والمساواة انطلاقًا من الأراضي التشادية بهدف زعزعة الاستقرار في السودان، وطالب الحركة بنبذ كافة أشكال العنف وصوره. وأكد دعم الجامعة للجهود التي تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية لتحقيق السلم والأمن والاستقرار في كافة ربوع السودان، ووقوفه إلى جانب السودان في ما يتعرض له من اعتداءات تستهدف أمنه واستقراره وسلامة أراضيه.
وطالب مجلس الجامعة المجموعات المتمردة المسلحة التي لم توقع على اتفاق سلام دارفور بنبذ خيارات التصعيد العسكري، والالتزام بالحوار كوسيلة وحيدة لتحقيق السلام في دارفور، مع مطالبة المجتمع الدولي بذل الجهود للحيلولة دون مناهضة الاتفاق عسكريًّا أو من خلال إثارة النعرات القبلية داخل معسكرات النازحين واللاجئين.
وبالإضافة إلى ذلك دعت الجامعة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ التدابير اللازمة لفرض العقوبات المناسبة على أي حركات مسلحة، تستهدف تهديد الأمن والسلم والاستقرار في السودان وتعرقل العملية السلمية في دارفور .كما دعت المجتمع الدولي إلى الوفاء بالتزاماته نحو دعم وإنفاذ اتفاق سلام دارفور والضغط على كافة الحركات المسلحة المتمردة لاستئناف العملية السلمية في أسرع وقت ممكن، والكف عن كل ما من شأنه أن يهدد وحدة وامن واستقرار السودان وسلامة أراضيه.
وفي 14 يوليو / تموز قام لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باتهام الرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب في دارفور. وكان مجلس الأمن قد حث في منتصف شهر يونيو الحكومة السودانية والأطراف المشاركة في النزاع في دارفور على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان تقديم المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في الإقليم للعدالة فيما يشبه التمهيد الممنهج لقرار الاتهام الذي أصدره المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني عمر البشير.
وقد اجتمع مجلس الجامعة العربية في 19 يوليو لبحث الطلب الصادر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني وقرر:
عدم قبول الموقف غير المتوازن للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في الطلب الوارد في مذكرته المرفوعة إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن إصدار قرار في حق الرئيس السوداني.
بالإضافة إلى التأكيد على أهلية القضاء السوداني واستقلاليته، وكونه صاحب الولاية الأصيلة في إحقاق العدالة، وفي ضوء المحاكمات التي جرت يدعو إلى استكمال المحاكمات وتحقيق العدالة الناجزة بمتابعة من جانب جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي. كما أكد المجلس رفضه لأي محاولات لتسييس مبادئ العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها وأمنها واستقرارها ورموزها الوطنية.
وطلب المجلس من مجلس الأمن، تحمل مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتوخي الحذر الشديد في التعامل مع الأوضاع في السودان خلال المرحلة القادمة، وعدم إتاحة الفرصة لأي طرف أو عمل أو إجراء يؤدي إلى تقويض جهود التسوية السياسية لأزمة دارفور، أو خلق مناخ من عدم الاستقرار في البلاد يهدد مستقبل جهود حفظ السلام في دارفور أو في جنوب السودان، وطالب بإعطاء أولوية لإنجاز التسوية السياسية وضرورة تفعيلها، والدعوة إلى عقد اجتماع دولي رفيع المستوى لدفع العملية السياسية في دارفور ووضع خريطة طريق وإطار زمني لتنفيذها. ودعوة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالمشاركة مع جامعة الدول العربية إلى اتخاذ الإجراءات العملية نحو عقد هذا الاجتماع وكلف الأمين العام بعرض خطة التحرك التي تم الاتفاق عليها على الحكومة السودانية خلال زيارته للسودان يوم 20 يوليو/تموز.
وتنفيذًا لهذا القرار، قام عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بزيارة العاصمة السودانية يومي 20 و21 يوليو، حيث أجرى اتصالات مكثفة مع الرئيس السوداني عمر البشير، ونائبه علي عثمان محمد طه، ومستشار رئيس الجمهورية د. مصطفى عثمان إسماعيل، وكذلك مع عدد من أقطاب المعارضة السودانية وممثلين عن قبائل دارفور، وتركزت المباحثات حول خطة التحرك العربية التي أجازها المجلس الوزاري. وقد أسفرت هذه الاتصالات والمشاورات عن الاتفاق على “حزمة للحل” تتضمن مجموعة من الإجراءات والخطوات السياسية والقانونية لحل الأزمة في دارفور بأبعادها المختلفة، على مستوى التسوية السياسية، أو التعامل القانوني مع آثارها وذلك بالتعاون بين الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة تأكيدًا على أهلية القضاء السوداني واستقلاليته باعتباره صاحب الولاية الأصيلة والمسؤولية في إحقاق العدالة، ولتعزيز دور قوة حفظ السلام المشتركة وفيما يلي أهم العناصر التي جاءت في “حزمة الحل” التي جرى الاتفاق عليها:
– إعطاء الأولوية للتسوية السياسية لقضية دارفور وتأكيد حكم القانون وتحقيق العدالة، وتنشيط جهود مبادرة الحل السياسي للقوى الوطنية السودانية، وتجاوز عقبات مشاركة الحركات المسلحة في مساعي الحل السياسي المستند إلى اتفاق أبوجا وذلك دون شروط مسبقة.
– تعزيز دور قوة يوناميد وتوفير احتياجاتها وتسهيل أدائها لواجباتها المكلفة بها، وتأمين التعاون الثلاثي القائم بين جمهورية السودان والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في تقديم المساعدات الإنسانية لأهل دارفور.
– مواصلة القضاء السوداني نظره في الجرائم التي حدثت وفق تحريات اللجان القضائية الموجودة أو التي تستجد، وتأكيد الحكومة السودانية على تقديم كل من يثبت مشاركته في أي نشاط إجرامي للعدالة مهما كان موقعه، واتخاذ المشرع السوداني الإجراءات اللازمة لتكون كافة الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني مشمولة في القانون الجنائي السوداني حسب نصوص الدستور، وإتاحة القضاء السوداني الفرصة لفريق من الخبراء القانونيين من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة للاطلاع على اتساق القوانين السودانية وشموليتها وسلامة إجراءات التقاضي، وتشكيل محاكم خاصة لنظر الجرائم المتعلقة بالحالة في دارفور تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة وكذلك تعيين مدعي عام يخصص لهذا الغرض.
– معالجة رواسب النزاع في دارفور وفق القانون بإجراءات قضائية وبالاحتكام إلى العرف السوداني الإفريقي السائد في دارفور بشأن المصالحات والتعويضات. وعليه، وضمانًا لحسن سير العملية السياسية الرامية للحل الشامل في دارفور، سوف يتم طلب وقف مجلس الأمن للإجراءات التي اتخذت في إطار قرار المجلس رقم 1593 وتداعياته تجاوبًا مع مساعي الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والحكومة السودانية الرامية إلى تطويق مشكلة دارفور واحتوائها ثم حلها، وقيام جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي بمشاركة من الأمم المتحدة بالتعاون مع الأطراف السودانية لتحقيق المصالحة الأهلية واستعادة السلام الاجتماعي، وإطلاق آلية قادرة على دفع الحوار الدارفوري الدارفوري، مع عمل الجامعة العربية بالتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى المعنية على تجنب تعريض متطلبات العدالة للتأثير سلبيًّا في مساعي السلام والاستقرار في دارفور[18].
وقد جاء القرار الثاني لمجلس الأمن بخصوص السودان في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو القرار رقم 1828 في 31 يوليو 2008، والذي قرر أن الحالة في السودان لا تزال تشكِّل ﺗﻬديدا للسلام والأمن الدوليين، ليقرر تمديد ولاية العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور لفترة ١٢ شهرًا أخرى حتى؛ ٣١ يوليو ٢٠٠٩.
وأكد أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للنزاع الدائر في دارفور، وأن التوصل إلى تسوية سياسية شاملة والنشر الناجح للعملية المختلطة عنصران لا غنى عنهما لإعادة السلام إلى دارفور؛ وأعرب مجددًا عن استعداده لاتخاذ إجراءات ضد أي طرف يعيق عملية السلام أو المساعدة الإنسانية أو نشر العملية المختلطة؛ ويسلم بضرورة أن تأخذ الإجراءات القانونية الواجبة مجراها؛ دون أن يتعرض لطلب جامعة الدول العربية وقف مجلس الأمن للإجراءات التي اتخذت في إطار قرار المجلس رقم 1593 وتداعياته، أى وقف اتهام المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني[19].
وكان القادة الأفارقة في قمة شرم الشيخ قد أكدوا على الحاجة إلى مواصلة الجهود لنشر القوات المشتركة التابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في إقليم دارفور لوقف العنف المتواصل في الإقليم مطالبين بضرورة إحراز تقدم في العملية السياسية وتعاون الأطراف بالإقليم مع جهود الوساطة.
وكانت قمة بوخارست قد تعرضت لقضية دارفور بأن عبّرت عن اهتمامها الشديد “بالعنف والتعذيب” في دارفور، ودعت إلى إيقاف الاعتداءات، كما عبرت عن استعدادها -بالتشاور مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي- لدعم جهود حفظ السلام في المنطقة، وذكرت أن الحلف رحب بالتعاون المباشر بين الحلف والاتحاد الأفريقي عبر دعم مهمة الاتحاد الأفريقي في السودان وقوة الدعم الأفريقية. ويعكس موقف القمة رغبة دول الحلف بالتدخل في السودان وأفريقيا عموما لكنه لا يبدي استعدادًا كبيرًا لتحمل أعباء إضافية وخاصة بشرية من أجل هذا الغرض.
أما قمة دول مجلس التعاون الخليجى فاقتصر موقفها على الأسف لاستمرار المعاناة الإنسانية في إقليم دارفور، والإشادة ً بالجهود التي تبذلها الحكومة السودانية لمعالجة الأزمة وتعاونها مع الجهود التي تبذل لحل مشكلة دارفور. والتضامن مع السودان وعدم القبول بالموقف غير المتوازن للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وفي هذا الإطار ثمنت القمة الجهود التي تبذلها اللجنة الوزارية العربية الإفريقية برئاسة دولة قطر لترتيب ورعاية محادثات السلام المتوقع إجراؤُها في الدوحة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة[20].

2-الصومال

احتل الصومال مساحة واسعة من اهتمام مجلس الأمن الدولي الذي أصدر عشرة قرارات بشأنه، تقع جميعها ضمن إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مع تحديد الجهات المسئولة عن التنفيذ والإمكانيات والخطط والقدرات لأهمية الموضوع بالنسبة لأعضائه الدائمين وتعلقه بمصالحهم خصوصا قضية ما اصطلح على تسميته القرصنة البحرية في مياه الصومال والمياه الدولية .
يتعلق القرار الأول رقم 1801 الصادر في 20 فبراير/ شباط باستمرار الحظر المفروض على توريد الأسلحة للأطراف الصومالية المتنازعة متجاهلًا الاحتلال الإثيوبي لأراضى الصومال. وأكد المجلس اعتزامه اتخاذ تدابير ضد من يحاولون منع تنفيذ عملية سياسية سلمية أو إعاقتها، أو من يهددون بالقوة المؤسسات الاتحادية الانتقالية أو بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، أو من يقومون بأعمال تزعزع الاستقرار في الصومال أو في المنطقة؛ في إشارة إلى المقاومة الصومالية. كما حثَّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي على المساهمة في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وتقديم ما يلزم من موارد مالية وموظفين ومعدات وخدمات لنشرها في الصومال بشكل كامل؛ وحث المؤسسات الاتحادية الانتقالية وجميع الأطراف في الصومال على احترام النتائج التي خلص إليها مؤتمر المصالحة الوطنية، والقيام في أعقابه بمؤازرة عملية سياسية دائمة تشمل الجميع على قدم المساواة، ويشترك فيها جميع أصحاب المصلحة في نهاية المطاف، وشجع الدول الأعضاء التي لديها سفن حربية تبحر في المياه الدولية وطائرات عسكرية تحلق في اﻟﻤﺠال الجوي، المتاخمين لساحل الصومال على التحلي باليقظة إزاء أي عمل من أعمال القرصنة يجري فيها واتخاذ التدابير اللازمة لحماية السفن التجارية[21].
أما القرار الثاني فهو القرار رقم 1811 بتاريخ 29 أبريل / نسيان فهو يؤكد على الحظر على الأسلحة والتحقيق في جميع الأنشطة، التي تدر عوائد تستخدم لارتكاب انتهاكات لحظر توريد الأسلحة؛ بما فيها الأنشطة المتعلقة بالقطاعين المالي والبحري وغيرها ومواصلة التحقيق بشأن جميع وسائط النقل والطرق والموانئ والمطارات وغيرها من المرافق المستخدمة في ارتكاب انتهاكات حظر توريد الأسلحة[22].
ويأتي القرار الثالث رقم 1814 بتاريخ 4 مايو/ أيار ليعمل على ما يسميه عملية سياسية متواصلة في الصومال، تكون في نهاية المطاف شاملة للجميع، لمساعدة المؤسسات الاتحادية الانتقالية في تحقيق السلام والاستقرار في الصومال. كما قرر أن يقوم مكتب الأمم المتحدة السياسي للصومال وفريق الأمم المتحدة القطري، بالترويج لتسوية شاملة ودائمة في الصومال ومن خلال الترويج للعملية السياسية الجارية، بتعزيز دعمهما للمؤسسات الاتحادية الانتقالية بهدف وضع دستور وإجراء استفتاء دستوري وانتخابات حرة وديمقراطية في عام ٢٠٠٩، وفقًا لما ينص عليه الميثاق الاتحادي الانتقالي، وتيسير تنسيق الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي لهذه الجهود.
وأشار المجلس إلى اعتزامه اتخاذ تدابير ضد مَن يحاولون منع أو إعاقة عملية سياسية سلمية، أو من يهددون بالقوة المؤسسات الاتحادية الانتقالية أو بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، أو من يقومون بأعمال تقوض الاستقرار في الصومال أو في المنطقة. كما أشار إلى اعتزامه تعزيز فعالية حظر توريد الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال، ويفيد باعتزامه اتخاذ تدابير ضد من ينتهكون الحظر المفروض على توريد الأسلحة، ومن يدعموﻧﻬم للقيام بذلك[23].
وركز مجلس الأمن في القرار الرابع بشأن الصومال، وهو القرار رقم 1816 بتاريخ 2 يونيو /حزيران على قضية القرصنة والسطو بجوار سواحل الصومال وهو يشير هنا إلى مجموعة نشاطات مسلحة من بينها عمليات للمقاومة الصومالية للاحتلال الإثيوبي، وفيه يحث الدول التي لها سفن حربية وطائرات عسكر ية تعمل في أعالي البحار وفي اﻟﻤﺠال الجوي قبالة سواحل الصومال على توخي اليقظة إزاء أعمال القرصنة والسطو المسلح، مع تشجيع الدول المهتمة باستخدام الطرق البحرية التجارية قبالة سواحل الصومال بشكل خاص على تكثيف إجراءاتها وتنسيقها لردع أعمال القرصنة والسطو المسلح في البحر بالتعاون مع الحكومة الاتحادية الانتقالية؛ وكذا حثها على التعاون فيما بينها ومع المنظمة البحرية الدولية، ومع المنظمات الإقليمية ذات الصلة إذا اقتضى الحال، بشأن أعمال القرصنة والسطو المسلح في المياه الإقليمية وفي أعالي البحار قبالة سواحل الصومال، وتبادل المعلومات بهذا الشأن، وتقديم المساعدة، وفقًا للقانون الدولي ذي الصلة، إلى السفن المعرضة لتهديد أو هجوم القراصنة أو مرتكبي السطو المسلح. وقد أجاز القرار، لمدة ستة أشهر اعتبارًا من تاريخ صدوره، للدول التي تتعاون مع الحكومة الاتحادية الانتقالية على مكافحة القرصنة والسطو المسلح في البحر قبالة سواحل الصومال، والتي تقدم الحكومة الاتحادية الانتقالية إشعارا مسبقا بشأنها إلى الأمين العام، القيام بما يلي:
أ- دخول المياه الإقليمية للصومال بغرض قمع أعمال القرصنة والسطو المسلح في البحر، بشكل متسق مع الإجراءات التي يسمح بها القانون الدولي ذو الصلة في أعالي البحار فيما يتعلق بالقرصنة؛
ب-القيام، داخل مياه الصومال الإقليمية، وبشكل متسق مع الإجراءات التي يسمح بها القانون الدولي ذو الصلة في أعالي البحار فيما يتعلق بالقرصنة، باستخدام جميع الوسائل اللازمة لقمع أعمال القرصنة والسطو المسلح[24].
وفي القرارات الستة الأخرى (القرارات 1831, و1838، و1844، و1846، و1851، 1853) واصل مجلس الأمن تركيزه على أعمال القرصنة والسطو المسلح التي تستهدف السفن في المياه الواقعة قبالة سواحل الصومال، ولم ترِد حالة الصومال الداخلية إلا عرَضًا، وفي إطار تناوله لقضية القرصنة.
ولم يختلف تعامل مؤتمر القمة الإسلامي مع الوضع في الصومال عن تعامله مع باقي القضايا السابق الإشارة إليها، فقد أكد المؤتمر احترامه لسيادة الصومال وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي ووحدته، وفقًا لأهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه. ودعا الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إلى النظر في توفير قوات، وأشكال أخرى من المساعدات، من أجل نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مستقبلًا في الصومال، من أجل دعم السلام والاستقرار في هذا البلد. كما دعا المؤتمر المجتمع الدولي إلى توفير الدعم اللوجستي والمالي والفني، وغيره من أشكال الدعم، إلى مهمة الاتحاد الإفريقي في الصومال. وأعرب المؤتمر عن دعمه لجهود الوساطة التي تضطلع بها الحكومة الفيدرالية الانتقالية. وناشد الحكومة الصومالية والمعارضة، والمجتمع الدولي، لدعم عملية المصالحة الجارية حاليًّا، بهدف تحقيق السلام الدائم والآمن في الصومال. وأدان المؤتمر بشدة الأعمال الإرهابية في الصومال، بما في ذلك تزايد وتيرة العمليات الانتحارية والاغتيالات الموجهة.
وكان قصارى ما توصلت إليه قمة دمشق التأكيد على وحدة الصومال وسيادته واستقراره وتجديد الدعم للمصالحة الوطنية الصومالية، ومساعدته على تجاوز هذه الأزمة. وفي بيان لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية عقد بالقاهرة 4 ديسمبر 2008 بشأن تطورات الأوضاع في الصومال أكد المجلس على العمل على توفير الدعم المادي واللوجيستي لتأهيل القوات الصومالية على أسس وطنية لأداء مهامها للحفاظ على الأمن والاستقرار في الصومال بعد قرار دولة إثيوبيا سحب قواتها من الصومال طبقًا لاتفاق جيبوتي، وأدان حوادث القرصنة والسطو المسلح سواء في المياه الإقليمية للصومال أو في أعالي البحار قبالة السواحل الصومالية،
وأدانت القمة الأفريقية جميع المحاولات الرامية إلى تقويض عملية السلم والمصالحة الجارية في الصومال مرحبة بالتقدم الذي تم إحرازه في تعزيز العملية السياسية الشاملة في الصومال.
أما القمة الخليجية، فقد دعت كافة الأطراف الصومالية لوقف العنف والتخلي عن كافة العمليات التي تضع العراقيل في طريق جهود المصالحة الوطنية وحثت كافة الأطراف الصومالية على الالتزام بالاتفاقات والتعهدات التي تم توقيعها في مدينة جدة بالسعودية برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز[25].
والحق أن ما يجمع ما بين حالتي السودان والصومال هو تداعي الداخل في شكل الصراع الداخلي وعدم السعي بجدية لحله، مما أتاح الفرصة لأصحاب المصالح باختلاف أسبابهم: الغرب بزعامة الولايات المتحدة في حالة السودان طمعًا في بتروله، وإثيوبيا بدعوى مكافحة الإرهاب في الصومال. فالكل هنا يبحث عن مصالحه فيما يشبه “تداعي تحالف الأكلة”، ولا شيء يغرى القويّ باستخدام قوته كضعف فريسته. ولا مانع من تقسيم الأدوار تمهيدًا لاقتسام الأنصبة من المكاسب هذا التداعي الداخلي، المتمثل أولًا في أن الأطراف الداخلية وعلى رأسها الحكومات، لا تدرى أين مصالحها ولا مصالح الأطراف الخارجية إلا متأخرًا، وبعد الإدراك المتأخر تتباطأ في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتسوية النزاعات الداخلية؛ وهو ما قد يكون السبب الأساسي فيما تنتهجه القوى الغربية من “استضعاف هيكلي” لدول ضعيفة بالفعل؛ بمعنى استهداف بنية النظام والمجتمع من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر آليات عديدة من بينها المنظمات الدولية التي تستأثر تلك القوى بالتأثير فيما يعتبر فاعلًا من هيئاتها وخصوصًا مجلس الأمن، وهذا هو التداعي الخارجي: تداعي الأكَلة.
ولأن هاتين الدولتين متداعيتان داخليًّا، فضلًا عن غياب الإرادة السياسية الحقيقية في التفعيل من جانب باقى الدول الأعضاء، فإن المنظمات التي تنتميان إليها، سواء كانت منظمة المؤتمر الإسلامي أو جامعة الدول العربية أو الاتحاد الأفريقي هي أشد تداعيًّا؛ باعتبار أن المنظمات الدولية تعبر عن الإرادات السياسية للدول المكونة لها، وفعاليتها مستمدة من تلك الإرادات، ومما تمنحه لها من قدرات وموارد، وما توافق عليه وما تؤسس له من هيكل إجرائيى قادر على تحقيق مصالحها والحفاظ على أمنها ضمن مبادئ وأهداف هذه المنظمات، بالإضافة إلى أن سجل المنظمات الثلاث في معظم القضايا الأخرى ليس بأفضل حالًا من قضيتى السودان والصومال.

ثالثًا- العراق وأفغانستان: استمرار تداعي الممانعة

1- العراق

من أكثر قرارات مؤتمر القمة الإسلامية أهمية بخصوص العراق دعوة جميع الدول الأعضاء إلى إعادة فتح سفاراتها في العراق، معتبرًا أن ذلك له أثر في “عودة الحياة الطبيعية للعراق”. كما دعا المؤتمر إلى تسريع الإجراءات لفتح مكتب تنسيق للمنظمة في بغداد. ورحب بتخصيص الحكومة العراقية مبنى له، وأعلن عن نية الأمانة العامة إرسال وفد في القريب العاجل، وفي موعد يُتفق عليه بين الطرفين، يضم مسؤولين من الأمانة العامة والأجهزة الفرعية كافة، لإجراء مفاوضات مع المؤسسات العراقية لبحث سبل تدعيم التعاون بين الطرفين، ووضع تصور لخطة عمل شاملة في هذا الإطار. ويعد ذلك استمراراً للتداعى الواضح في موقف المنظمة التي لم تشر إلى الاحتلال الأمريكى للعراق، واستمرارًا لمواقف سابقة حيث أعربت قمة المنظمة في مكة في ديسمبر 2005 عن ترحيبها بالعملية السياسية في العراق تحت الاحتلال، وإن كانت قمة مكة قد فرقت بين “الإرهاب والكفاح المشروع ضد الاحتلال الأجنبي والذي لا يقتل أبرياء”، وحثت الدول الأعضاء على معالجة الأسباب الحقيقية للإرهاب والتي قالت إنها تشمل الاحتلال والظلم والفقر.
إن المقارنة بين خطابي القمتيْن (2005، 2008) لتكشف بوضوح اتجاه التحرك الذي تمضي فيه مؤسسات الأمة وقممها: للوراء.
ورحب مؤتمر قمة داكار بما أقرته حكومة العراق بإلغاء قانون اجتثاث البعث وإبدال به قانون المساءلة والعدالة؛ وكذلك العفو العام الذي أعلن بتاريخ 13 فبراير 2008 واعتبرها خطوة إيجابية في الطريق الصحيح. ورحب كذلك ببدء العمل رسميًّا بالعهد الدولي مع العراق، في 3 مايو 2007، في شرم الشيخ، والذي يشكل جزءًا من الدعم الإقليمي والدولي المستمر الرامي إلى تنمية العراق.
وأكد المؤتمر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق. ورحب بإعلان العراق عن إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار، وعن الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الصدد، على أساس الاحترام المتبادل؛ وكذا إعلانه عن التقيد بالمعاهدات والاتفاقيات القائمة، ولا سيما ما يتعلق منها بالحدود المعترف بها دوليًّا.
وأدان المؤتمر بشدة الأعمال الإرهابية التي نفذت، ولا تزال تنفذ، ضد أبناء الشعب العراقي والمسؤولين العراقيين، والدبلوماسيين العرب والأجانب، والأماكن الدينية المقدسة والمؤسسات المدنية. ودعا إلى تقديم الدعم من أجل إنهاء العنف والقضاء على أسباب الإرهاب. وأكد المؤتمر أيضا ضرورة احترام الأطراف كافة، بما فيها القوات المتعددة الجنسيات، للحقوق المدنية والدينية لأبناء الشعب العراقي؛ وكذا الحفاظ على المواقع الدينية، والتراث الثقافي والتاريخي للعراق[26]. ولم يتعرض المؤتمر للمقاومة العراقية، ويبدو أن تطور الأمور في العراق وانحسار عمليات المقاومة ضد قوة الاحتلال إلى حد ما هو السبب في ذلك، مع استمرار العمليات التي تستهدف المدنيين العراقيين.
أما جامعة الدول العربية فقد دعت قمة دمشق إلى الحفاظ على وحدة العراق أرضًا وشعبًا والتمسك بهويته العربية والإسلامية وضرورة تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، والإسراع بإنهاء الوجود الأجنبي وضمان الأمن والاستقرار والسيادة الكاملة للعراق، ودعوة الأشقاء في العراق إلى الوقف الفوري لإراقة الدماء والحفاظ على أرواح المواطنين الأبرياء ومصالحهم، واعتماد الحوار لتجاوز الخلافات والتوصل إلى التوافق والمصالحة الوطنية العراقية[27].
وتواجه الجامعة في العراق تجاهلًا من الولايات المتحدة والحكومة العراقية؛ فقد ذكر رئيس بعثة جامعة الدول العربية في بغداد هاني خلاف أن الولايات المتحدة وأطرافًا عراقية وإقليمية لا ترغب في وجود دور قوي للجامعة العربية في العراق[28]. وقد اتضح ذلك جليًّا في الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومية العراقية حيث أكد الناطق باسم الحكومة العراقية على الدباغ بأن العراق غير ملزم بإطلاع جامعة الدول العربية ودول العالم الأخرى على مصير الاتفاقية[29].
أما مجلس الأمن فقد مدد في قراره رقم 1830 الصادر في 7 أغسطس / آب ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق لفترة اثني عشر شهرا من تاريخ صدوره[30].
ومن ناحية أخرى، أكدت قمة الأطلنطي في بوخارست التزامها بدعم حكومة وشعب العراق وبالمساعدة في تطوير قوات الأمن العراقية، وأنهم قد أجابوا بإيجابية على طلب المالكي تمديد مهمة الحلف التدريبية في العراق في العام 2009، كما أنهم يوافقون على طلب العراق مدّ هذه المهمة إلى مجالات تدريب قيادات الأسطول والقوات الجوية وتدريب الشرطة وأمن الحدود والحرب على الإرهاب والإصلاح الدفاعي وبناء المؤسسات الدفاعية والتعامل مع الأسلحة الصغيرة والمعدات الخفيفة المنتشرة في العراق لدى الميليشيات والسكان . كذلك فقد صدّق الحلف على إطار للتعاون المؤسسي لتطوير علاقات الحلف الطويلة المدى مع العراق، وأن يستمر في تنمية وتطوير قدرات العراق لمواجهة التحديات والتهديدات المشتركة. ويعكس الموقف من العراق امتداد اقتصار دور الحلف على الجانب التدريبي والدعم السياسي فقط، لكن الجديد هو العمل على تحقيق تعاون مؤسسي طويل المدى، مما يعني عمليًّا الاستمرار في إبعاد العراق عن أمته العربية وارتباطه بعلاقات ممتدة مع الحلف[31].
ولم تزد القمة الخليجية في تعاملها مع الشأن العراقي عن القمتين العربية والإسلامية إلا في حثّ الأمم المتحدة، والجهات الأخرى ذات العلاقة، على الاستمرار في جهودها لإنهاء موضوعي إعادة الأرشيف الوطني لدولة الكويت، والتعرف على مصير من تبقى من الأسرى والمفقودين من مواطني الكويت، وغيرهم من مواطني الدول الأخرى[32].

2- أفغانستان

رحب مؤتمر القمة الإسلامية بإنشاء مؤسسات سياسية منتخبة، وإعلام حرّ، وبناء المؤسسات الأمنية، وتحسين قطاعي الصحة والتعليم، ووضع حقوق الإنسان في أفغانستان. وأعرب عن دعمه للجهود التي يبذلها شعب أفغانستان وحكومته لمكافحة الإرهاب، والتصدي لمشكلة المخدرات، وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة والمستديمة. أعرب المؤتمر عن تقديره لمساعدة الدول الأعضاء لأفغانستان، وطلب تقديم مزيد من “التبرعات السخية” لتنمية هذا البلد، من خلال صندوق مساعدة الشعب الأفغاني. وناشد المجتمع الدولي التعجيل بتقديم المساعدة، التي تعهد بها لأفغانستان في مؤتمرات المانحين، التي عقدت في طوكيو في 2002؛ وبرلين في 2004؛ ولندن في 2006. ورحب المؤتمر باقتراح جمهورية أفغانستان الإسلامية، الذي قدمته للدورة الرابعة والثلاثين للمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية (15- 17 مايو 2007 في إسلام آباد) لعقد مؤتمر دولي للعلماء المسلمين في كابل، تحت رعاية منظمة المؤتمر الإسلامي، لمناقشة المبادئ النبيلة للإسلام ودوره في محاربة الإرهاب.
وأعرب المؤتمر عن دعمه القويّ لمواصلة عملية أنقرة، التي شرعت تركيا في تنفيذها في أبريل 2007، للمساهمة في تطوير العلاقات بين باكستان وأفغانستان، من خلال الثقة والتعاون المتبادلين، وأعرب المؤتمر عن تقديره للحكومات، وبصفة خاصة لجمهورية باكستان الإسلامية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ لاستضافتهما عددًا كبيرًا من اللاجئين الأفغان، وأقر بالعبء الكبير الذي وقع عليهما في هذا الصدد.
كما ناشد المؤتمر المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، تقديم المساعدة للاجئين والنازحين الأفغان داخل وخارج أفغانستان، لتسريع العودة الطوعية والآمنة والكريمة إلى أوطانهم وأماكن إقامتهم الأصلية، للمساهمة في استقرار أفغانستان. وأدان المؤتمر بقوة الأعمال الإرهابية والإجرامية، التي تقترفها كل من طالبان والقاعدة وغيرهما من الجماعات المتطرفة، بما في ذلك تنامي ظاهرة الهجمات الانتحارية ضد الشعب الأفغاني[33]. ولم يُشر المؤتمر إلى عمليات حلف الأطلنطى في العديد من المناطق الأفغانية التي راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين الأفغان من الأطفال والنساء.
أما مجلس الأمن فقد مدّ ولاية بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان إلى 23 مارس/ آذار 2009 بموجب قراره رقم ١٨٠٦ الذي اتخذه في 20 مارس/ آذار 2008 لتقوية التعاون مع القوة الدولية للمساعدة الأمنية (قوات حلف الأطلنطي) على جميع المستويات وفي جميع أرجاء البلد، وفقًا لولاياتها القائمة، وذلك بهدف تحسين التنسيق المدني – العسكري، وتيسير تبادل المعلومات في حينها وكفالة الاتساق بين الأنشطة التي تقوم بها القوات الأمنية الوطنية والدولية والجهات الفاعلة المدنية دعمًا لعملية التنمية وتحقيق الاستقرار التي تقودها أفغانستان، وتقديم الدعم، بناء على طلب السلطات الأفغانية، إلى العملية الانتخابية ولا سيما من خلال اللجنة الأفغانية المستقلة للانتخابات، وذلك بتقديم المساعدة التقنية، وتنسيق أعمال الجهات المانحة والوكالات والمنظمات الدولية الأخرى التي تقدم المساعدة وتوجيه الأموال المتاحة والإضافية المرصودة لدعم هذه العملية؛ ويدين ما وصفه بالأعمال الإرهابية التي تقوم بها طالبان والقاعدة في أفغانستان[34].
ثم أولى مجلس الأمن عناية تفصيلية بزراعة الأفيون في أفغانستان من خلال قراره رقم 1807 في 11يونيه / حزيران، وفيه أعرب عن قلقه البالغ إزاء ازدياد زراعة الأفيون وإنتاجه والاتجار به[35]، وما يلحقه ذلك من ضرر جسيم بالأمن والتنمية والحوكمة (هكذا!) ودعا للتعاون الدولى من أجل مكافحة الإنتاج والاتجار غير المشروعين بالمخدرات في أفغانستان، بما في ذلك عن طريق تعزيز رصد التجارة الدولية في هذه النوعية من المخدرات ودعا لعدد من الإجراءات في هذا المجال.
وهكذا، استمر تداعي الممانعة من جانب الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي فيما يتعلق بالعراق وأفغانستان. فبينما كان هناك بعض الممانعة -وليس المقاومة- في بداية احتلال العراق وأفغانستان والمتمثل في عدم التعاون مع قوى الاحتلال ووصفها بأنها قوة احتلال، شهدت مؤتمرات سابقة للمنظمتين ترحيبًا بتطور الأوضاع والعملية السياسية في هذين البلدين دون الإشارة الواضحة للضحايا المدنيين الناتجة عن عمليات قوى الاحتلال والتركيز على ضحايا عمليات إرهابية لا يمكن وصفها بالمقاومة، فضلًا عن عدم التمييز المعلن الصريح بين عمليات المقاومة والأنشطة الإرهابية. وإن كان التراجع في ممانعة الجامعة أقل فيما يتعلق بالعراق، وربما يرجع ذلك لانعقاد القمة في دمشق، والتي دعت لإنهاء الوجود الأجنبي في العراق، ومن الطبيعي ألا تتعرض الجامعة للوضع في أفغانستان.

رابعًا-الملف النووي الإيراني

دعا مؤتمر القمة الإسلامية لضرورة حل المسألة النووية الإيرانية حلًا شاملًا، بالوسائل السلمية وعن طريق المفاوضات، دون شروط مسبقة، في إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وطبقاً لمقتضيات معاهدة منع الانتشار النووي، والنظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأعرب المؤتمر عن قلقه إزاء الضغوط المتزايدة التي تمارس على إيران، وإزاء العواقب التي قد تترتب على ذلك بالنسبة للسلم والأمن داخل المنطقة وخارجها. كما رحّب المؤتمر بخطة العمل المتفق عليها بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تمخضت عن حل جميع المسائل العالقة، كما هو منصوص عليه في التقرير الأخير للمدير العام للوكالة بخصوص البرنامج النووي لإيران. وأكد في هذا الصدد مجددًا أن تنفيذ نظام الضمانات في إيران، ينبغي أن يتم بكيفية اعتيادية[36].
ودعا مؤتمر القمة الإسلامية جميع الدول، بما فيها الدول الأعضاء في مؤتمر نزع السلاح، لا سيما الدول الحائزة للأسلحة النووية، إلى العمل على نحو عاجل باتجاه وضع صك قانوني ملزم على أساس المفاوضات متعددة الأطراف، وذلك من أجل منح الضمانات غير المشروطة للدول غير الحائزة للأسلحة النووية، من استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها، واستكشاف السبل الإضافية لتوفير الضمانات الفعالة للدول غير الحائزة للأسلحة النووية، في السياق العالمي أو الإقليمي
كما أعاد المؤتمر التأكيد على الحقوق الثابتة للدول الإسلامية في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، كما تنص على ذلك معاهدة منع الانتشار النووي، والنظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أما مجلس الأمن فقد أصدر قراره رقم 1803 في 3 مارس /آذار، بموجب المادة ٤١ من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وفيه يطالب إيران باتخاذ -دون مزيد من التأخير- الخطوات التي طلبها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي لا بد منها لبناء الثقة في أن برنامجها النووي مخصص حصرًا لأغراض سلمية.
وفرض القرار عددًا من العقوبات على إيران منها طلب أن تتخذ جميع الدول التدابير اللازمة للحيلولة دون دخول أفراد حددهم بالمرفق الثاني لهذا القرار إلى أراضيها أو مرورهم العابر بها، وكذلك الأشخاص الإضافيين الذين يسمِّيهم مجلس الأمن أو اللجنة بوصفهم مشتركين في أنشطة إيران النووية ذات الطابع الحساس من حيث الانتشار أو في تطوير منظومات إيصال الأسلحة النووية أو بوصفهم مرتبطين ﺑﻬذه الأنشطة بشكل مباشر أو يقدمون الدعم لها بطرقٍ ما.
كما قرر أن تتخذ جميع الدول التدابير اللازمة للحيلولة دون توريد أو بيع أو نقل عدد من الأصناف والمواد والمعدات والسلع والتكنولوجيات التي حددها إلى إيران، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، انطلاقا من أراضيها، أو من جانب رعاياها أو باستخدام السفن أو الطائرات التي ترفع أعلامها، أو لاستخدامها في إيران أو لاستفادة إيران منها، سواء كان مصدر هذه المواد أراضي هذه الدول أم لا[37].
ولقد عبّر حلف الأطلنطي عن قلقه العميق من مخاطر برامج التسليح النووي والصاروخي الإيراني، وطالب إيران بالالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن. واتفق الحلفاء على مضاعفة جهودهم من أجل التطبيق الكامل لاتفاقات وقرارات مجلس الأمن الخاصة بعدم الانتشار التي يؤكدون دعمهم لها والالتزام بها[38]. وتبدو هذه لهجة مخففة تعكس اختلاف دول الحلف بشأن معالجة القضية الإيرانية.
أما جامعة الدول العربية فلم تتعرض للملف النووي الإيراني بشكل مباشر، واكتفت بالدعوة إلى العمل على جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الأسلحة النووية، ودعوة المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل بالانضمام الفوري إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وإخضاع منشآتها النووية إلى رقابة الوكالة الدولية، والتأكيد على حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وضوابط الوكالة الدولية للطاقة الذرية[39].
وتصدر إشارات متضاربة من إيران بشأن موقفها من مواقف الدول العربية من ملفها النووي بين زيارات الرئيس الإيراني لسورية والجزائر وتصريحات بعض المسئولين الإيرانيين، ومنها تصريحات لمساعد وزير الخارجية الإيراني قال فيها إن الشرق الأوسط سيبقى مركزا للأزمات طالما ظلت الأنظمة الملكية قائمة في الخليج؛ مما دعا الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي عبد الرحمن بن حمد العطية إلى أن يطلب من إيران توضيحًا فوريًّا على هذه التصريحات، وأعرب العطية عن بالغ استياء وقلق دول مجلس التعاون مما جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الإيراني منوجهر محمدي[40].
وجددت القمة الخليجية الدعوة إلى جعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج خالية من الأسلحة النووية ومن كافة أسلحة الدمار الشامل، مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك تقنية نووية للاستخدامات السلمية، وفي إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. ورحب المجلس الأعلى بالمشاورات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول الغربية. وعبّر عن أمله في أن يتم التوصل إلى تسوية دبلوماسية[41].

ملاحظات ختامية:

1- من اللافت للنظر أنه قد صدر عن مجلس الأمن خلال عام 2008 خمسة وستون (65) قرارًا، ما يخص الدول الإسلامية بشكل خاص يبلغ (30) قرارًا بنسبة 46% تقريبًا (انظر الملحق). والجدير بالذكر أن مجلس الأمن أصدر (35) قرارًا تصرّف فيها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، منها (20) قرارات تتعلق بدول وقضايا إسلامية بنسبة 57,1%.
ويعكس ذلك تداعيًّا من أصحاب المصالح على الأمة، فليس طبيعيًّا أن يكون نصيب خُمس سكان العالم من أخطر قرارات أعلى هيئة دولية تختص بالسلم والأمن الدوليين أكثر من النصف، وليس ذلك من عقلية المؤامرة في شيئ، فالعنصر الأساسي في المؤامرة منتفٍ وهو السرية، فمعظم -إن لم يكن كل- الأمور معلنة… ويبدو أن ذلك هو تداعي الأكلة. وأهم الأسباب في ذلك التداعي هو وهن دول العالم الإسلامي وبدلًا من أن تسعى للفعالية تكتفي ببلاغة الوهن. إلا إنه من الظلم أن ترد البلاغة هنا بمعنى سلبي، فالأكثر خطورة أن مطابقة الكلام للحال تؤكد بالفعل أن الوهن بالغٌ مداه.
2- يندر ظهور أخبار ذات دلالة إقليمية أو دولية عن مجلس التعاون لدول الخليج العربى والاتحاد الأفريقي وبالمثل الاتحاد المغاربي؛ مما يدل على تراجع في الأداء وغياب عن الفعل المؤثر في أمة العرب والمسلمين.
3- برز واضحًا دور مؤثر لكل من الأمين العام في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. ورغم أن هذا الأمر جيد؛ ونعني به وجود شخصيتين إحداهما دينامكية (عمرو موسى) والأخرى ذات عمق فكري (أكمل الدين إحسان أغلو) على رأس المنظمتين، إلا أن ذلك قد يشير إلى سؤال مهم حول أثر التقاء عالم الأشخاص بعالم المؤسسات، وهل يكون هذا الالتقاء إيجابيًّا غالبًا أم أنه عندما تبرز شخصية الأمين العام (ودوره إداري بشكل أساسي في معظم المنظمات الدولية) فإن ذلك قد يشير إلى ضعف الجانب المؤسسي في المنظمة؟ هذا السؤال دونه دراسات وأبحاثِ عديدة ينبغي القيام بها.
4- تم تعديل ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي في قمة داكار، ومن أهم التعديلات ما يتعلق بالعضوية؛ حيث أصبح الانضمام للمنظمة يحق لأي دولة عضو بالأمم المتحدة ذات أغلبية مسلمة تقدم طلبًا للعضوية في المنظمة إذا تمت الموافقة على ذلك بتوافق الآراء في مجلس وزراء الخارجية، بعد أن كانت العضوية حق لكل دولة إسلامية بشرط تحقق أغلبية الثلثين في مؤتمر وزراء الخارجية. الجيد في التعديل هو تخفيض الأغلبية المطلوبة، لكن اشتراط عضوية الأمم المتحدة لمن ينضم للمنظمة الإسلامية، وهو أمر يتوقف على موافقة مجلس الأمن يجعلنا نتساءل عن مبرر هذا القيد ودوافعه وآثاره المحتملة! ومن المهم أيضًا الإشارة إلى هدف جديد، ضمن أهداف جديدة أخرى للمنظمة، في ميثاقها بعد التعديل؛ وهو استعادة السيادة الكاملة ووحدة أراضي أية دولة عضو بالمنظمة خاضعة للاحتلال من جراء العدوان، وذلك استنادًا إلى القانون الدولى والتعاون مع المنظمات الدوليّة والإقليمية ذات الصلة.
5- تأتى القمة الاقتصادية التنموية الاجتماعية العربية التي تنعقد في 19 و20 يناير 2009 في ظل الأزمة المالية العالمية، وهناك حالة ترقب لهذه القمة، وما ستسفر عنه من نتائج يأمل البعض أن تخفف من الآثار السلبية للأزمة المالية، وتكون بداية حقيقية لتفعيل التكامل الاقتصادي العربي، ولكن جاء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ليحدث انقساماً عربيًّا حول طريقة التعامل مع هذا الاعتداء، مما سيؤثر على انعقاد القمة ونتائجها.
وصفوة القول: إن مؤسسات الأمة قد قدمت عرضًا تمثيليًّا متكررًا وواهنًا في مواجهة الأزمات والأخطار التي تواجه الأمة وهو أمر ليس بجديد. فقضايا الأمن والاستقرار لا تزال يتسلمها عام من عام سابق، كما هي، وربما أشد تدهورًا بالإضافة إلى قابلية عالية لتفاقم أوضاع الكثير من الدول، وانفجار صراعات وأزمات من آن لآخر… بينما ترقد آلية مثل الضمان الجماعي أو الدفاع المشترك في سبات عميق، ويتم تجاوز كل مكنات الأمة وقدراتها الذاتية لصالح مطالبات ومناشدات ونداءات –أشبه بالتوسل والتسول معًا- توجه إلى ما يسمى بـ”المجتمع الدولي” و”المنظمات الدولية” و”الأطراف المعنية”، و”الدول الكبرى”، وكأن هذه جهات محددة فعلًا، أو جهات خيرية وأبوية يجب عليها أن تتحمل مسئولياتنا أو تقوم هي بواجباتنا؛ حيث غابت الاستراتيجية الجامعة لمواجهة التحديات الحاضرة، وفتح آفاق مستقبل أفضل، وسيطرت آلية المعالجة الوقتية غير الجادة؛ فأشبهت هذه المؤسسات قاعات محاكمة يترافع فيها الضعفاء.
ويمكن القول بأن الدول الضعيفة تتجه إلى تكوين منظمات أضعف منها، أما الدول القوية فتنشئ منظمات قوية. ويبدو أن هذا منطقي فالجسد الرخو يصعب -وقد يستحيل- أن تكون ذراعه قوية، ومتى يستقيم الظل والعود أعوج؟! فكثير من الدول العربية والإسلامية ليس لديها مؤسسات داخلية فعالة، فكيف تنجح في إنشاء منظمات دولية فيما بينها تتسم بالفعالية؟ إن هذه المنظمات هي حاصل جمع بيروقراطيات غير فاعلة تنقصها الإرادات السياسية للدول المكونة لها، بل الأخطر أنها قد تكون حاصل ضرب مما يضاعف عجزها. فقد حال الدول العربية والإسلامية ومنظمتيها: جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي يصدق عليه القول: إنه لا عقد ولا عنق. فإن المنظمتين تبدوان –ومن خلال العرض السابق- غير فاعلتين بشكل عام في تزكية أمن واستقرار ورخاء شعوبهما. وبعيدًا عن التفكير الخطىّ المهتم بتحديد نقطة بداية العجز: الدول أم المؤسسات التي تنشئها فيما بينها، فإن عجز الاثنين يتغذى من بعضه البعض.

ملحق: قرارات مجلس الأمن 2008

الحالة بشأن العراق [تمديد الترتيبات المحددة بشأن إيداع العائدات المتأتية من مبيعات صادرات النفظ والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في صندوق تنمية العراق]
2008-12-22
S/RES/1859
الحالة في بوروندي [تمديد ولاية مكتب الأمم المتحدة المتكامل في بوروندي حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2009]
2008-12-22
S/RES/1858
الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية [التدابير المتعلقة بالأسلحة]
2008-12-22
S/RES/1857
الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية [بعثة منظمة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية]
2008-12-22
S/RES/1856
المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن أعمال الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في إقليم رواندا والمواطنين الروانديين المسؤولين عن الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات المماثلة التي ارتكبت في أراضي الدول المجاروة بين 1 كانون الثاني/يناير 1994 و31 كانون الأول/ديسمبر 1994
2008-12-19
S/RES/1855
الحالة في ليبريا وغرب أفريقيا
2008-12-19
S/RES/1854
الحالة في الصومال [تمديد ولاية فريق الرصد]
2008-12-19
S/RES/1853
الحالة في الشرق الأوسط [لبنان – تمديد ولاية لجنة التحقيق الدولية المستقلة حتى 28 شباط/فبراير 2009]
2008-12-17
S/RES/1852
الحالة في الصومال [أعمال القرصنة والسطو المسلح التي تستهدف السفن في المياه الواقعة قبالة سواحل الصومال]
2008-12-16
S/RES/1851
الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين
2008-12-22
S/RES/1850
المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة [تعيين قضاة خاصين إضافيين]
2008-12-12
S/RES/1849
الحالة في الشرق الأوسط [تجديد ولاية قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك حتى 30 حزيران/يونيه 2009]
2008-12-12
S/RES/1848
الحالة في قبرص
2008-12-12
S/RES/1847
الحالة في الصومال
2008-12-02
S/RES/1846
النزاعات في يوغوسلافيا السابقة، الحالة في البوسنة والهرسك
2008-11-20
S/RES/1845
الحالة في الصومال
2008-11-20
S/RES/1844
الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية [زيادة مؤقتة في القوام العسكري المأذون به للبعثة وزيادة في قوام وحدة الشرطة المشكلة التابعة لها]
2008-11-20
S/RES/1843
الحالة في كوت ديفوار [تمديد العمل بالتدابير المتعلقة بالأسلحة والتدابير المالية والمتعلقة بالسفر حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر 2009]
2008-10-29
S/RES/1842
الحالة في السودان [تمديد ولاية فريق الخبراء الحالي حتى ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩ ]
2008-10-15
S/RES/1841
الحالة بشأن هايتي [ تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقر ار في هايتي حتى ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩]
2008-10-14
S/RES/1840
الحالة في جورجيا [تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لفترة جديدة تنتهي في 15 شباط/فبراير 2009]
2008-10-09
S/RES/1839
الحالة في الصومال [أعمال القرصنة والسطو المسلح في البحر على السفن قبالة سواحل الصومال]
2008-10-07
S/RES/1838
المحكمة الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في إقليم يوغوسلافيا السابقة منذ عام 1991
2008-09-29
S/RES/1837
الحالة في ليبريا والمنطقة دون الإقليمية
2008-09-29
S/RES/1836
عدم انتشار الأسلحة النووية [المسألة النووية الإيرانية]
2008-09-27
S/RES/1835
الوضع في تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى والمنطقة دون الإقليمية
2008-09-24
S/RES/1834
الحالة في أفغانستان
2008-09-22
S/RES/1833
الحالة في الشرق الأوسط
2008-08-27
S/RES/1832
الحالة في الصومال
2008-08-20
S/RES/1831
الحالة بشأن العراق
2008-08-07
S/RES/1830
الحالة في سيراليون
2008-08-04
S/RES/1829
تقارير الأمين العام عن السودان [تمديد ولاية العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور لفترة 12 شهرا حتى 31 تموز/يوليه 2009]
2008-07-31
S/RES/1828
الحالة بين إثيوبيا وإريتريا [إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا]
2008-07-30
S/RES/1827
الحالة في كوت ديفوار
2008-07-29
S/RES/1826
نيبال [ رسالة مؤرخة 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 موجهة من الأمين العام إلى رئيس مجلس الأمن (S/2006/920)]
2008-07-23
S/RES/1825
المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن أعمال الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في إقليم رواندا والمواطنين الروانديين المسؤولين عن الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات المماثلة التي ارتكبت في أراضي الدول المجاروة بين 1 كانون الثاني/يناير 1994 و31 كانون الأول/ديسمبر 1994
2008-07-18
S/RES/1824
الحالة المتعلقة في رواندا
2008-07-10
S/RES/1823
الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين بسبب الإرهاب
2008-06-30
S/RES/1822
الحالة في الشرق الأوسط
2008-06-27
S/RES/1821
المرأة والسلام والأمن
2008-06-19
S/RES/1820
الحالة في ليبريا وغرب أفريقيا
2008-06-18
S/RES/1819
الحالة في قبرص
2008-06-13
S/RES/1818
الحالة في أفغانستان
2008-06-11
S/RES/1817
الحالة في الصومال
2008-06-02
S/RES/1816
الحالة في الشرق الأوسط
2008-06-02
S/RES/1815
الحالة في الصومال
2008-05-15
S/RES/1814
الحالة المتعلقة بالصحراء الغربية
2008-04-30
S/RES/1813
الحالة في السودان (تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان وتقديم الأمين العام تقارير إلى المجلس عن تنفيذ ولاية البعثة والتقدم المحرز)
2008-04-30
S/RES/1812
الحالة في الصومال
2008-04-29
S/RES/1811
عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل
2008-04-25
S/RES/1810
السلام والأمن في أفريقيا
2008-04-16
S/RES/1809
الحالة في جورجيا
2008-04-15
S/RES/1808
الحالة المتعلقة بجمهورية الكونغو الديمقراطية
2008-03-31
S/RES/1807
الحالة في أفغانستان
2008-03-20
S/RES/1806
الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين بسبب الإرهاب
2008-03-20
S/RES/1805
الحالة في منطقة البحيرات الكبرى
2008-03-13
S/RES/1804
عدم الانتشار
2008-03-03
S/RES/1803
الحالة في تيمور – ليشتي
2008-02-22
S/RES/1802
الحالة في الصومال
2008-02-20
S/RES/1801
المحكمة الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في إقليم يوغوسلافيا السابقة منذ عام 1991
2008-02-20
S/RES/1800
الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية (تمديد التدابير المتعلقة بالأسلحة)
2008-02-15
S/RES/1799
الحالة بين إثيوبيا وإريتريا
2008-01-30
S/RES/1798
الحالة المتعلقة بجمهورية الكونغو الديمقراطية
2008-01-30
S/RES/1797
تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في نيبال وفقا لقرار مجلس الأمن 1740(2007) حتى 23 تموز/يوليه 2008
2008-01-23
S/RES/1796
الحالة في كوت ديفوار
2008-01-15
S/RES/1795

المصدر: http://www.un.org/arabic/sc/SCRes08.htm
*****

الهوامش:

(*) ويعتمد التقرير في رصده في المقام الأول على مواقع هذه المؤسسات على شبكة الانترنت، بالإضافة إلى بعض التحليلات من بعض الصحف العربية.

[1]http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf البيان الختامي لقمة داكار
[2]http://www.arableagueonline.org/las/arabic/details_ar.jsp?art_id=5505&level_id=202
[3]http://www.alhayat.com/arab_news/levant_news/11-2008/Item-20081126-da561501-c0a8-10ed-0074-2397438b47f2/story.html
[4]http://www.arableagueonline.org/las/picture_gallery/reports26-11-2008.pdf
[5]http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=1113&ChannelId=25471&ArticleId=1151&Author=
[6] (http://www.gcc-sg.org/index.php?action=Sec-Show&ID=290
[7]http://www.alarabonline.org/print.asp?fname=/data/2008/06/06-30/986.htm
[8] طلعت مسلم، قمة الأطلسي والقضايا العربية،
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/AC44262D-444C-4F37-8B22-714CEF76600F.htm-
[9] http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf
[10]http://www.arableagueonline.org/las/arabic/details_ar.jsp?art_id=5505&level_id=202.
[11] http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf
[12]http://www.arableagueonline.org/las/arabic/details_ar.jsp?art_id=5505&level_id=202
[13]http://www.arableagueonline.org/las/picture_gallery/issue11-5-2008.pdf-
[14]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/362/05/PDF/N0836205.pdf?OpenElemen
[15] http://www.gcc-sg.org/index.php?action=Sec-Show&ID=290
[16]http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf
[17]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/325/25/PDF/N0832525.pdf?OpenElement
[18]http://www.arableagueonline.org/las/arabic/details_ar.jsp?art_id=5666&level_id=944
[19]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/446/00/PDF/N0844600.pdf?OpenElement
[20] http://www.gcc-sg.org/index.php?action=Sec-Show&ID=290
[21]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/246/96/PDF/N0824696.pdf?OpenElement
[22]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/322/39/PDF/N0832239.pdf?OpenElement
[23]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/343/77/PDF/N0834377.pdf?OpenElement
[24]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/361/75/PDF/N0836175.pdf?OpenElement
[25] http://www.gcc-sg.org/index.php?action=Sec-Show&ID=290
[26]http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf
[27]http://www.arableagueonline.org/las/arabic/details_ar.jsp?art_id=5505&level_id=202
[28] http://www.iraqiparty.com/rasd/2008-8-27/2782008rsd/
[29] http://www.almowaten.com/index.html
[30]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/453/86/PDF/N0845386.pdf?OpenElement
[31] طلعت مسلم، قمة الأطلسي والقضايا العربية،
– http://www.aljazeera.net/NR/exeres/AC44262D-444C-4F37-8B22-714CEF76600F.htm
[32] http://www.gcc-sg.org/index.php?action=Sec-Show&ID=290
[33] http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf
[34]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/279/29/PDF/N0827929.pdf?OpenElement
[35]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/279/29/PDF/N0827929.pdf?OpenElement
[36]http://www.oic-oci.org/oicnew/is11/arabic/FC-SUM-11%20Arabic.pdf
[37]http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/257/79/PDF/N0825779.pdf?OpenElement
[38]http://www.nato.int/docu/basictxt/b060906e.htm
[39]http://www.arableagueonline.org/las/arabic/details_ar.jsp?art_id=5505&level_id=202
[40] http://www.aljazeera.net/NR/exeres/5EB8737E-1D27-4E75-9120-97BEA05DF362.htm
[41] http://www.gcc-sg.org/index.php?action=Sec-Show&ID=290

نشر في حولية أمتي في العام، عدد 2009

للتحميل اضغط هنا 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى