الصين وروسيا وإعادة تشكيل تحالفات إقليمية وعالمية في مواجهة الغرب


مقدمة
بينما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية للإبقاء على هيكل النظام الدولي كما تشكل بعد نهاية الحرب الباردة، حيث الأحادية القطبية والهيمنة والسيادة العالمية التي لا يُنافسها فيها أحد، كانت مصالح قوى كبرى أخرى وعلى رأسها الصين وروسيا تختل، مما جعل شغلهم الشاغل يتركز على محاولة كسر الهيمنة الغربية على العالم وتحويل النظام الدولي إلى نظامٍ متعدد الأقطاب. وبناءًا على هذا المسعى الحثيث للقوتين الصاعدتين الروسية والصينية، وفي ظل ما يتبدى للناظر في الواقع السياسي العالمي من كمٍ هائل من التغيرات والإرهاصات التي تُنبئ بتغيراتٍ مستقبلية على صعيد القوى العالمية والأسس التي يقوم عليها النظام العالمي وتوازن القوى، تستمر كل من الصين وروسيا في زيادة مساحات التعاون بينهما وبناء التحالفات التي من شأنها تعزيز قوتهما في مواجهة الغرب.
ومن ثم، يأتي هذا التقرير لرصد طبيعة التقارب بين الصين وروسيا، وذلك من خلال الوقوف على خلفية هذه العلاقة والعوامل المؤثرة فيها من ناحية، وما أفضت إليه من تحالفاتٍ إقليمية وعالمية من ناحيةٍ أخرى، وهذا في ضوء التغيرات والأحداث التي يشهدها العالم ومنها الحرب الروسية على أوكرانيا، ووضع الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الغربية وتداعيات ذلك، وأخيرًا مستقبل التحالفات الصينية الروسية وانعكاساتها على النظام الدولي.
أولًا– الصين وروسيا: محددات التقارب والمصالح المشتركة
لقد شكك معظم المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين منذ عقدٍ من الزمن بمتانة الشراكة الناشئة بين الصين وروسيا، حيث كانت وجهة النظر السائدة في العواصم الغربية ترى أن التقارب مع الصين الذي يتباهى به الكرملين منذ 2014 مصيره الفشل؛ لأن العلاقات بين هذين العملاقين الأوراسيين ستتهاوى على الدوام بفعل عدم تكافؤ القوة بينهما وأرجحية الصين في ذلك، وأيضًا نتيجة استمرار انعدام الثقة بين البلدين الجارين في سياق العديد من الخلافات التاريخية، والمسافة الثقافية الفاصلة بين المجتمعين الصيني والروسي ونخبهما. وكان من المعتقد أنه بغض النظر عن مدى محاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التودد إلى القيادة الصينية، فإن الصين ستُعطي الأولوية دائمًا لعلاقاتها مع الولايات المتحدة وحلفائها على علاقاتها الرمزية مع روسيا. وفي الوقت نفسه، كان من المتوقع أن تخشى موسكو صعود بكين، وتسعى إلى إيجاد الثقل في التعاون مع الغرب، إلا أن هذه الشكوك الغربية تتجاهل واقع وحقيقة مهمة وهي أن الصين وروسيا أصبحتا الآن أكثر تماسكًا من أي وقتٍ مضى[1]. ولعلنا نقف في هذا السياق على أبرز دوافع ومحددات التقارب التي يمكن رصدها بين الطرفين، ويمكن تلخيصها في النقاط الآتية:
1- التصدي للهيمنة الأمريكية المتزايدة: حيث تشترك كلتا الدولتين في معارضة سياسات التحالفات الأمريكية في مواقع يعتبرها كل منهما مناطق نفوذ خاصة به؛ فموسكو ترى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) يُمثل تهديدًا كبيرًا لأمنها القومي بما يسعى إليه من ضم الدول المجاورة لها والتوسع على حساب نفوذها.
كذلك ترى بكين ذات التهديد ولكن من جانب شبكات المعاهدات الدفاعية التي تقيمها واشنطن مع دول الجوار في منطقة المحيطين الهادي والهندي، وأبرزها رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN). ولقد ساهمت هذه التحالفات في تعميق العزلة التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرضها على كلتا الدولتين بشكلٍ مستمر.
2- التشابه بين قضيتي تايوان وأوكرانيا: فبينما ترى روسيا أن الأراضي الأوكرانية جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الروسية لوحدة التاريخ والهوية، وتعتبرها موقعًا استراتيجيًا لحماية أمنها القومي، كذلك ترى بكين أن تايوان تمثل جزءًا من الأراضي الصينية، حيث تنادي دومًا بوحدة أراضيها التي تضم العديد من العرقيات والهويات المتباينة، وفي هذا السياق تحاول كلتا الدولتين التصدي لأية تدخلات أجنبية في هذا الصدد[2].
3- حاجة الاقتصاد الروسي إلى الاستثمارات الصينية: فروسيا لديها موارد طبيعية وافرة، لكنها تحتاج إلى التكنولوجيا والمال، فيما تحتاج الصين إلى الموارد الطبيعية ولديها المال المطلوب والتكنولوجيا التي يمكنها مشاركتها[3]. فالصين مكتظة بالشركات النامية القادرة على الدخول بقوة في استثماراتٍ حيوية، في المقابل نجد روسيا، لاسيما بعد خروج العديد من الشركات الأجنبية، تحتاج إلى تلك الاستثمارات التي تُعيد بناء الدولة مرةً أخرى، كما توجد قطاعات تحتاج إلى الحضور الصيني بها كقطاعات التعدين والتكنولوجيا والمشروعات الخدمية والصناعات التقنية، وهذا يُمثل أحد محاور التعاون المشترك بين الجانبين.
4-الانسجام السياسي والأيديولوجي بين كلا النظامين: فكلا الرئيسين الروسي والصيني أظهرا تصميمًا على السعي قُدمًا تجاه تعاون البلدين، رافعين شعار “علاقة بلا حدود” كما اشتركا في رغبة التصدي للنفوذ الأمريكي في السيطرة على العالم، هذا إلى جانب التشابه الكبير في ظروف نشأة كل منهما، بالإضافة إلى التقارب في سياسات النظامين داخليًا، والطامحة إلى الانفراد بالسلطة وتراجع المعارضة، كما أن الدولتين تسعيان على الصعيد الخارجي إلى إحداث تغيير في هيكل النظام الدولي[4].
5- الحرب الروسية -الأوكرانية: وسنُفصل في هذا الصدد بعض الشيء، فلقد دفع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا وما يحمله من دلالات إلى مزيدٍ من المواجهة مع الغرب بشكل كبير ومن ثم تعميق التعاون بين روسيا والصين، ففي أعقاب الغزو الشامل لأوكرانيا عام 2022، غدت الحرب المبدأ الرئيس الذي ينظم السياسات الداخلية والاقتصادية والخارجية لروسيا، حيث يقوم الكرملين بتقييم كل علاقاته مع القوى الخارجية من خلال ثلاثة اعتبارات أساس: ما إذا كان بإمكان هذا الطرف أو ذاك مساعدة روسيا بصورةٍ مباشرة في ساحة المعركة في أوكرانيا، إمكانية المساعدة في الحفاظ على الاقتصاد الروسي والتحايل على العقوبات، مدى القدرة على دعم موسكو في مواجهة الغرب ومعاقبة الولايات المتحدة وحلفائها بسبب دعمهم كييف.
ونجد أن علاقة روسيا بالصين في هذا الإطار تُصيب تمامًا جميع تلك الاعتبارات الثلاثة. فالتعاون الروسي -الصيني أسهم بدرجةٍ كبيرة في تمكين بوتين من متابعة عدوانه على أوكرانيا، في الوقت نفسه لا تقدم بكين دعمًا فتاكًا لموسكو على نحوٍ مباشر، لكن دعمها غير المباشر لمجهود روسيا الحربي يشكل دعمًا أساسًا لا غنى عنه، فهو يتضمن تزويد موسكو بمسيرات تجسس تجارية، ورقائق الكمبيوتر صينية الصنع، وغيرها من المكونات الحيوية التي تستخدمها صناعة الدفاع الروسية. ومن الناحية الاقتصادية، تعتمد موازنة بوتين الحربية بصورة كبيرة على الإيرادات التي تأتي من المشتريات الصينية من الصادرات الروسية، كما تعمل واردات السيارات والإلكترونيات وغيرها من السلع الاستهلاكية على إبقاء المتاجر ممتلئة بصورة جيدة ومن ثم تُرضي المواطن الروسي.
أما على صعيد مجابهة الغرب، فقد أعلن بوتين مرارًا وتكرارًا خلال الحرب أن العدو الحقيقي لروسيا ليس أوكرانيا، بل الغرب، الذي يسعى، من وجهة نظره، إلى إضعاف روسيا وتقطيع أوصالها، لذا فإن مساعدة الصين في تقويض الهيمنة الأمريكية الدولية باتت هدفًا مهمًا بالنسبة لروسيا لأن ذلك قد يسرع النصر في الحرب ضد الغرب التي يرى الكرملين أنه يخوضها[5].
أما بالنسبة لبكين، فإنه بعد اجتياح بوتين لأوكرانيا وفي الوقت ذاته بعد أن شرع بايدن قيودًا واسعة على الصادرات الأمريكية إلى الصين في أكتبر 2022، لم يكن التخلي عن بوتين خيارًا بالنسبة للصين، وفي حال كانت المواجهة طويلة الأمد بين الصين والولايات المتحدة أمرًا حتميًا، فإن بكين تحتاج إلى كل شريك يمكنها استمالته، ذلك أن الولايات المتحدة تتمتع بأرجحية كبيرة في هذا الجانب تتمثل بشبكة كبرى من الحلفاء الفعالين والمؤثرين، وبالتالي ما من قوة أخرى غير روسيا يمكنها تقديم أمور ذات قيمة على طاولة الصين، خصوصًا في الوقت الراهن. فغنى روسيا الكبير بالموارد الطبيعية -ليس فقط النفط والغاز، بل أيضًا المعادن واليورانيوم والأسمدة والخشب والمواد الزراعية والمياه- يمكن أن يدعم الاقتصاد الصيني بصورةٍ كبيرة[6].
أيضًا مثّلت الحرب في أوكرانيا فرصة جديدة للصين لتجديد مساعيها لتعزيز العلاقات مع الجنوب العالمي في ظل انشغال القوى الأخرى، كما عملت على تعزيز نفوذها في منطقة جغرافية مهمة ضمن خطط مُبادرة الحزام والطريق الخاصة بها.
ثانيًا- مجالات التعاون بين روسيا والصين:
في ظل التأكيد الروسي -الصيني على متانة العلاقة بينهما، نعود في هذا الجزء إلى الوراء قليلًا لنقف عند محطات التعاون الهامة بين البلدين خلال العقد الأخير والتطورات التي طرأت عليها خاصةً في ظل المتغيرات العالمية الحالية وأبرزها الحرب الروسية -الأوكرانية، وذلك في مواجهة الغرب وفي ضوء المحددات التي ذكرناها آنفًا.
ولعلنا نبدأ منذ لحظة انهيار العلاقات الروسية -الأمريكية عقب ضم روسيا للقرم عام 2014، حيث حول الكرملين وجهته إلى الشرق رغبةً في الالتفاف على آثار العقوبات الاقتصادية الغربية ومد الاقتصاد الروسي بمزيدٍ من المرونة أمام الضغوط الغربية. فلقد زادت روسيا من صادرات أسلحتها الأكثر تطورًا إلى بكين، كصواريخ أرض -جو إس -400 وطائرات سو -35 الحربية، واستثمرت في توسعة وتمديد خطوط أنابيب النفط والغاز والسكك الحديد والمرافئ والجسور العابرة للحدود التي توصل الموارد الطبيعية الروسية إلى الأسواق الصينية، والواردات الصينية إلى روسيا.
ونتيجة لهذا زادت معدلات التبادل التجاري بين البلدين، ضمن ميزان التجارة الروسي العام، من 10 في المئة قبل ضم القرم إلى 18 في المئة قبل بداية الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، لكن على رغم ذلك ظل في هذه المرحلة الاتحاد الأوروبي شريكًا أهم لروسيا، إذ يبلغ معدل تبادلاته التجارية معها 38 في المئة، وهو أيضًا المستثمر الأكبر في روسيا ومزودها الأول بالتكنولوجيا والمستورد الأساسي لنفطها وغازها، وبالنسبة للصين أيضًا كانت العلاقات التجارية والمالية والتكنولوجية مع الولايات المتحدة وأوروبا أكثر أهمية بكثير لديناميكية اقتصادها من علاقاتها المعادلة مع روسيا[7].
ولكن اجتماع فبراير 2022 بين الرئيسين الروسي والصيني في بكين، الذي جاء قبل فترة محدودة من غزو بوتين لأوكرانيا، مثل محطة هامة في تطور العلاقات بين الجانبين؛ حيث رسم إطارًا لهذا التعاون ولأهم القضايا المركزية التي يدور حولها والتي تمنحه عمقًا وقوة استراتيجية، ففي هذا الاجتماع تم التأكيد على أن العلاقة بين الصين وروسيا تتطور، وأن “العالم يدخل مرحلة جديدة”، مرحلة السيولة والتحول، والتحديات والأزمات المتعددة التي تواجه البشرية، كما أكد الاجتماع أن “المشهد الدولي مليء بالتطور العميق والمعقد، وفي هذا الصدد، يجب أن يتطور الدعم المتبادل بين الجانبين من أجل “دعم العدالة الدولية”، و”التصدي بشكلٍ فعال للتدخلات الخارجية والتهديدات التي تستهدف الأمن الدولي والأمن الإقليمي”، ومن ثم تم تحديد القضايا الرئيسية التي يدور حولها التعاون بين الجانبين وتشكل الركيزة الأساسية لـ “الشراكة بلا حدود”، وتشمل هذه القضايا الحاجة إلى تشكيل حوكمة عالمية بما يتناسب مع المصالح المتبادلة لكلٍ من الصين وروسيا، وخلق بدائل اقتصادية وعسكرية “للنظام الدولي القائم على القواعد” الذي يُروج له الغرب بقيادة الولايات المتحدة، واتخاذ “إجراءات مسؤولة” تجاه العالم، في تحفيز النمو الاقتصادي ومعالجة تغير المناخ[8].
وبالانتقال إلى بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، نجد أنه عندما بدأ الغزو عام 2022 التزمت الصين الحياد من جهة، ودعمت روسيا ضمنيًا من جهةٍ أخرى؛ إذ ترى الصين أن توسع الناتو في أوروبا هو السبب الرئيس للأزمة، وهو ما يتفق مع الرؤية الروسية[9]، فمن ناحية حافظت على علاقاتها مع روسيا، ومن ناحيةٍ أخرى انتهزت الفرصة لشراء النفط الروسي الرخيص، كما أنها لم تنتقد العدوان الروسي بصورةٍ مباشرة. وفي الوقت نفسه، امتنعت بكين عن تزويد موسكو بالمساعدات الفتاكة، باستثناء الشحنات الصغيرة من الذخائر والمعدات الحربية بين الحين والآخر، ودعمت رسميًا سيادة أوكرانيا الوطنية، ولم تمارس انتهاكات مباشرة للعقوبات الغربية على رغم أن عديدًا من الشركات الصينية شملتها عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مطلع 2024 لقيامها بشحن بضائع محظورة إلى روسيا.
لم تستمر هذه المقاربة الحذرة بين البلدين؛ حيث تطورت العلاقات بينهما بشكلٍ كبير بعد بدء الحرب الروسية -الأوكرانية، إذ اتسع التعاون في شتى المجالات، ويمكننا تقسيم مجالات التعاون كالتالي:
1-التعاون الدبلوماسي وتبادل الزيارات: فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا شهدت اللقاءات المباشرة بين النخب الروسية والصينية تزايدًا ملحوظًا، حيث أكد الرئيسان على أهمية عمل كبار مسؤوليهما معًا والتعرف على بعضهم بعضًا، فمنذ الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين إلى روسيا في مارس 2023، سافر رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين وكبار أعضاء فريقه إلى الصين مرتين، إضافةً إلى رحلة بوتين الخاصة إلى بكين في أكتوبر 2023. أيضًا طوال عام 2023، قام العديد من كبار المسؤولين الروس والمديرين التنفيذيين لكبرى الشركات المملوكة للدولة والخاصة بالتنقل من وإلى الصين، كما قام كبار القادة الصينيين -وبخاصةٍ من القطاعين العسكري والأمني- برحلاتٍ إلى روسيا[10].
وفي 16 مايو 2024 قام الرئيس الروسي بزيارة بكين بدعوى من الرئيس الصيني كأول زيارة خارجية له بعد تسلمه ولاية جديدة في السلطة حتى عام 2030، في إشارةٍ واضحة على رغبة الجانبين في تطوير التعاون بينهما، ومما يعزز ذلك أن الرئيس بوتين حين استلم فترة ولايته الخامسة بعث إليه شي جين تهانيه بفوزه في الانتخابات الرئاسية الروسية ليكون من أوائل الرؤساء المهنئين لبوتين، حيث أشار إلى أن “إعادة انتخاب بوتين تعكس بالكامل حقيقة دعم الشعب الروسي لنهجه”. وخلال الزيارة، وعند الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين للعلاقات الدبلوماسية الروسية -الصينية، صرّح بوتين بأن هناك عبارة كانت تتداول قبل 75 عامًا وأصبحت الآن شعارًا وهي “الروس والصينيون إخوة إلى الأبد”[11]، وهذا مما يُعزز العمل ضمن إطار “الشراكة بلا حدود” بين الصين وروسيا، هذه العبارة التي أعلن عنها شي وبوتين لأول مرة في البيان المشترك الصادر عن اجتماعهما سالف الذكر في فبراير 2022 على هامش دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين[12].
ولقد جاءت هذه الزيارة في مايو 2024 في ظل مواجهة روسيا والصين ضغوطًا كبيرة من السياسات الأمريكية التي تهدف إلى احتواء نفوذهما، ومنها على سبيل المثال، نشر الولايات المتحدة صواريخ متوسطة المدى في الفلبين وجزيرة بورنهولم الدنماركية بما يُعد تحدي مباشر لأمن البلدين؛ وهو ما يدفع موسكو وبكين إلى تعزيز تعاونهما في المجالات العسكرية والدفاعية[13]، وفي هذا الإطار قد قام الرئيسان أثناء هذه الزيارة بإصدار بيانًا مشتركًا مليئًا بالإشارات من قبل القيادتين الروسية والصينية للعالم ضد محاولات الولايات المتحدة لتأكيد هيمنتها على مناطق العالم التي ينبغي لها أن تبقى بعيدًا عنها[14].
ولقد أفرزت هذه الزيارات توطيد التعاون بين روسيا الصين في المجالات الأخرى، كما سيلي بيانه.
2-المجال التجاري والاستثماري: ففي عام 2022 نما التبادل التجاري بين البلدين بمعدل 36 في المئة ليبلغ 190 مليار دولار، وفي عام 2023 تصاعد حجم هذا التبادل إلى 240 مليار دولار، أي إنه تخطى في نوفمبر 2023 عتبة الـ200 مليار دولار، وهي العتبة التي كان شي وبوتين قد خططا لتحقيقيها في عام 2025.
كما استوردت الصين سلع طاقة بقيمة 129 مليار دولار؛ معظمها من النفط والغاز عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال، والفحم، الذي يمثل 73 في المئة من الصادرات الروسية إلى الصين، إلى جانب المعادن والمنتجات الزراعية والخشب. وفي الوقت نفسه، صدرت الصين بضائع بقيمة 111 مليار دولار إلى روسيا، في طليعتها المعدات الصناعية (قرابة 23 في المئة من الصادرات)، والسيارات (20 في المئة) والإلكترونيات الاستهلاكية (15 في المئة).
وفي هذا الإطار، كانت العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا تدفعها نحو مزيد من التحول إلى استيراد السلع الصناعية والاستهلاكية المصنعة في الصين. ونتيجة لهذا قفزت مبيعات المعدات الصناعية الصينية بمعدل 54 في المئة عام 2023 مقارنةً بالعام السابق (2022)، فيما تضاعفت مبيعات السيارات الصينية أربع مرات تقريبًا، حيث أصبحت روسيا أكبر سوق خارجية للسيارات الصينية ذات محركات الاحتراق. هذا بالإضافة إلى الأدوات والمعدات الصينية التي تتوجه مباشرةً لتعزيز الآلة العسكرية الروسية، وذاك يتضمن تزايدًا في صادرات الشرائح الإلكترونية والمعدات البصرية والمسيرات وأدوات التصنيع المتطورة[15].
وتعتبر الآلية الرئيسة للتعاون بين البلدين في مجال الاستثمارات هي اللجنة الحكومية الدولية المشتركة للتعاون الاستثماري، فمنذ عام 2012، يعمل الصندوق الاستثماري الروسي -الصيني المشترك، الذي تأسس بالتعاون بين الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة ومؤسسة الاستثمار الصينية، وفي عام 2018 أُنشئ صندوق التنمية الإقليمي الصيني -الروسي، وهو يستهدف المشروعات في إطار تكامل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومبادرة “الحزام والطريق”، والتعاون مع المقاطعات الشمالية الشرقية للصين، ومناطق الشرق الأقصى الروسي.
وفقًا لبيانات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية في ديسمبر2023، تنفذ روسيا والصين 83 مشروعًا كبيرًا بإجمالي استثمارات تقدر بـ 200 مليار دولار. تشمل هذه الاستثمارات مجموعة واسعة من القطاعات، تتضمن المطارات، والموانئ، والشركات الزراعية، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، والرعاية الصحية[16].
3-المجال الأمني: فقد ازداد التقارب الروسي -الصيني في مجال التعاون الأمني، إذ قام جيش التحرير الشعبي الصيني بزيادة عدد الأنشطة المشتركة التي نفذها مع الجيش الروسي. ففي سبتمبر 2022، أجرت روسيا تدريبات استراتيجية في أقصى شرقها، وفي ذلك الحين أرسلت الصين ألفين من جنودها للمشاركة بها. وبعد أشهر قليلة، في ديسمبر من العام نفسه، أقامت القوات البحرية الصينية والروسية تدريباتها السنوية، وهذه المرة في بحر شرق الصين. وفي عام 2023 أجرت بكين وموسكو ثلاث جولات من التدريبات البحرية، كما أجرتا أربع مناورات مشتركة في آسيا بمشاركة قاذفات مسلحة نوويًا، وفي هذا تأكيد من قبل الجيشين الصيني والروسي على تعميق احتمالات التعاون بينهما عسكريًا[17].
4- مجال التكنولوجيا: تسعى روسيا والصين إلى توسيع التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار، ومن ذلك تطوير شبكات الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، ويهدف هذا التعاون إلى خلق بدائل قوية للتكنولوجيا الغربية، وتعزيز السيادة التكنولوجية للبلدين، ويؤكد بوتين وشي جين بينغ أهمية البحث والتطوير المشترك لتعزيز الابتكار والاستقلالية التقنية. وعلى صعيد الفضاء السيبراني وفي ظل التهديدات المتزايدة في سياقه، قررت روسيا والصين تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، ويشمل هذا التعاون تطوير تقنيات حماية البيانات، والتصدي للهجمات السيبرانية، وتأمين البنية التحتية الرقمية، ويُعد هذا التعاون خطوة مهمة لحماية المصالح الاستراتيجية للبلدين في العالم الرقمي[18].
ثالثًا- الامتداد الإقليمي والعالمي للتحالف بين روسيا والصين
1- الصين وروسيا وتشكيل تحالفات إقليمية: العلاقات مع إيران وكوريا الشمالية
على الصعيد الإقليمي، نجد تطابقًا في الرؤى بين الصين وروسيا حول الموقف من إيران وبالأخص الملف النووي، حيث يتبنى الطرفان وجهة النظر نفسها بهذا الخصوص والمتمثلة في دعم الرؤية الإيرانية حول كون برنامجها النووي هو لأغراض سلمية، وهنا تواصل كل من موسكو وبكين دعم مشاريع بناء مفاعلات نووية في إيران على غرار “مفاعل بوشاهر” الذي تعمل فيه روسيا، كما تعمل الصين أيضًا على تزويده ببعض المعدات المتطورة، ولا تتوانى الدولتان عن التصريح برفض أي عمل عدائي ضد طهران.
وعلى صعيد الاستثمارات المشتركة، نجد المشروع الروسي الصيني المشترك مع إيران في نقل النفط من أراضيها إلى باكستان والهند والصين، حيث بلغت قيمة استثمارات تطوير إنتاج وضخ ونقل النفط والغاز من إيران من قبل روسيا والصين 18 مليار دولار[19]. وفي هذا السياق، وضعت الصين نفسها “شريك استراتيجي شامل” لإيران، كما أنها أكبر شريك تجاري لها ومستورد لـ90 في المائة من النفط الإيراني. وفي الوقت نفسه، منذ عام 2022، أصبحت روسيا أكبر داعم عسكري لإيران، وقد لعبت الأخيرة أيضًا دورًا في دعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري.
ووفقًا لتقرير الكونجرس الأمريكي الصادر في أبريل 2024، والذي يبين عمق العلاقة بين إيران وروسيا في المجال العسكري، فإن إيران لا تحتفظ فقط بإمدادات ثابتة من الطائرات دون طيار والذخائر جو -أرض وذخيرة المدفعية لروسيا، بل تقوم أيضًا ببناء مصنع لإنتاج الطائرات دون طيار داخل الأراضي الروسية[20]. هذا بالإضافة إلى المناورات البحرية المشتركة بين السفن الحربية للدول الثلاث (روسيا والصين وإيران) التي تجري في “خليج عمان” باسم “الحزام الأمني البحري”، وفي هذا السياق نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية أن تحالفا جديدًا يجري تشكيله في شمال المحيط الهندي بين الصين وروسيا وإيران، كما أوضحت الصحيفة أن المناورات المشتركة تحظى بأهمية خاصة بالنسبة لموسكو في ضوء الصراع في أوكرانيا. وفي تكرار التدريبات المشتركة بين القوات البحرية لروسيا وإيران والصين دليل على التعاون المتزايد بين الدول الثلاث في البحر، وهذا مهم بشكل خاص لأن البحر الأحمر أصبح ساحة معركة جديدة بين إيران والتحالف الغربي[21].
من مؤشرات التقارب مع إيران أيضًا موقف القوتين الصينية والروسية من العدوان الإسرائيلي على غزة؛ حيث إبداء مواقف متشابهة وفي نفس الوقت مباينة للعالم الغربي، وعلى رأسه الولايات المتحدة بشأن العدوان، فخلال الأيام الأولى للعدوان قال الكرملين إن الرئيس بوتين أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصالٍ هاتفي في 16 أكتوبر 2023 استعداد روسيا للمساعدة في إنهاء المواجهة في المنطقة بالوسائل السلمية، في وقتٍ طرحت فيه موسكو مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف إطلاق النار، دون الإشارة إلى حماس، حيث شبه المبعوث الروسي للأمم المتحدة القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة بالحصار الوحشي الذي فُرض على لينينجراد خلال الحرب العالمية. وعلى نفس خطى الموقف الروسي، قالت الصين إنها سترسل مبعوثًا إلى الشرق الأوسط لتشجيع المحادثات وأدانت “جميع الأعمال التي تُلحق الضرر بالمدنيين”، كما قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن تصرفات إسرائيل إنها “تجاوزت نطاق الدفاع عن النفس”، وفي المقابل لم توجه تلك الإدانة إلى حماس، ولم تذكر الحركة في بياناتها، وذلك في مقابل تماهي الغرب مع الرواية الإسرائيلية[22].
وفي ضوء ذلك التقارب الثلاثي يُشير المحللون إلى أن هذا التقارب بمثابة محور مناهض للغرب يجتمعون فيه على لرؤيتهم المشتركة لتشكيل النظام العالمي الذي يتطلعون إليه[23].
على صعيدٍ آخر، شهدت السنوات الأخيرة انضمام كوريا الشمالية أيضًا إلى محور التقارب الروسي الصيني الإيراني؛ ويتجلى ذلك في مجالاتٍ عديدة تشمل السياسي والعسكري والاقتصادي والتكنولوجي، بما يهدف إلى تعزيز المصالح المشتركة لهذه الدول في مواجهة الضغوط والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها، حسبما ذكر مركز دراسات “ذي سايفر” الأمريكي.
فعلى الصعيد السياسي، تتفق روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية على رؤية متعددة الأقطاب للعالم، ترفض فيها هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها، وتدافع عن سيادة كل دولة على شؤونها الداخلية، وتطالب بإصلاح المؤسسات الدولية لتعكس التغيرات في موازين القوى، كما تتبادل هذه الدول التأييد والتضامن في المحافل الدولية، مثل مجلس الأمن ومجموعة الـ 20 ومنظمة شانغهاي للتعاون.
أيضًا على الصعيد العسكري، تشارك هذه الدول في مناورات عسكرية مشتركة، تُظهر فيها قدراتها القتالية وترسل رسائل ردع لخصومها، مثل ما يجري في منطقة المحيط الهادئ أو خليج عُمان أو بحر قزوين. وفي إطار التعاون المشترك، تستضيف هذه الدول ضباط وخبراء عسكريين من بعضها البعض، لتبادل الخبرات والمعلومات والتدريبات في مجالات مثل الدفاع الجوي والحروب الإلكترونية. وعلى الصعيد الاقتصادي، تتشارك تلك الدول في مشاريع إقليمية أو عالمية ذات رؤية استراتيجية، مثل “مبادرة الحزام والطريق”، و”اتحاد أوراسيا للطاقة”، و”بنك التنمية الآسيوي”.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا التحالف المتنامي في مواجهة الغرب يستثير ردود الفعل الأمريكية ويثير مخاوفها، حيث بدأت أمريكا وحلفاؤها في أوروبا وآسيا في اتخاذ إجراءات مضادة لمواجهة ذلك التقارب بين الدول الأربع، فقامت الولايات المتحدة بإنشاء تحالف “أوكوس” الرباعي مع أستراليا وبريطانيا واليابان، لمواجهة النفوذ المتنامي للصين في المنطقة، وردع التجارب النووية لكوريا الشمالية، ومن ناحية أخرى كثفت واشنطن دعمها لكييف عسكريًا وماليًا لإلحاق الهزيمة بروسيا وتكبيدها أكبر الخسائر[24].
2- الصين وروسيا وتشكيل تحالفات عالمية: منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس
لقد أثارت فعاليات ومخرجات القمة الرابعة والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون والأمن في يوليو 2024 الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول انعكاسات هذا التجمع الدولي الكبير على مستقبل النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ لما حملته هذه القمة من دلالات توحي بأن التعاون الروسي -الصيني ومن ينضم إليه من حلفاء دول وسط آسيا، أصبح بمثابة جرس إنذار لـ”الناتو” بأن هناك من يسعى لإيجاد ثقل موازن له[25].
لقد تأسست منظمة شنغهاي للتعاون “إس سي أو” عام 1996 بوصفها تكتلًا إقليميًا أوراسيًا باسم “خماسية شنغهاي”، يضم الصين وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان، وبعد انضمام أوزبكستان والهند وباكستان ثم انضمام إيران في قمة الهند عام 2023 أصبحت المنظمة تضم حوالي نصف سكان الأرض. تهدف منظمة شنغهاي للتعاون إلى تعزيز سياسة حسن الجوار بين الدول الأعضاء، إلى جانب دعم التعاون بينها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومواجهة التكتلات الدولية بالعمل على إقامة نظام دولي ديمقراطي وعادل، فمنذ تأسيس المنظمة، كان التعاون الأمني أحد مهامها الرئيسية، ولا يزال على قمة أولوياتها وهدفًا رئيسيًا في المستقبل، ومما تجدر الإشارة إليه أن الكثير من المحللين يرون أن منظمة شنغهاي تعد حلفًا عسكريًا جديدًا في مواجهة حلف شمال الأطلسي (الناتو)[26].
ولعل ما يهمنا في هذا السياق ما يتعلق بالتطورات التي انبثقت عن القمة الأخيرة (الـ 24) التي عُقدت خلال الفترة من 3 يوليو إلى 4 يوليو 2024 بحضور ومشاركة العديد من رؤساء الدول الأعضاء، وفي مُقدمتهم الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وعلى الرغم من أن تلك القمة توارت عن الأنظار والأسماع كونها أتت وسط ضجيج الأحداث الدولية، ما بين انتخابات أوروبية مغرقة في الصراع بين اليمين واليسار، وأخرى أمريكية، هي الأكثر إثارةً للجدل منذ عقود، وقمة حلف الأطلسي المأزوم في واشنطن؛ إلا أنها تطرح سؤالًا حول إمكانية اعتبار هذا التجمع الآسيوي، بمثابة كتلة جيوسياسية وليدة، ساعية لخلق نوع جديد من التوازنات القطبية، والوصول إلى عالم متعدد الأقطاب، لاسيما أن غالبية أعضائها على علاقة متوترة بالغرب عامةً والولايات المتحدة خاصة.
وفي هذا السياق تبدو رؤية شنغهاي للتعاون وكأنها جامعة غير مجزأة، فعلى الرغم من حضور قضايا الطاقة والتجارة والبيئة والتمويل، إلا أن البعد الخاص بالإطار الأمني الجماعي يطفو على السطح، وفي هذا الإطار يدعو الرئيس الصيني إلى ضرورة التمسك بنظام أمني مشترك وشامل، تعاوني ومستدام، باعتبار أن الأمن الحقيقي يقوم على أمن جميع البلدان، كما أن فلاديمير بوتين أبدى في خطابه أثناء الجلسة رغبته في أن تكون المنظمة حجر زاوية في بناء “نظام عالمي عادل”، ومتعدد الأقطاب، يستند إلى الدور المحوري لمنظمة الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتطلعات الدول صاحبة السيادة لشراكة تقوم على الفائدة المتبادلة[27].
وعلى هامش القمة، التقى الرئيسان شي وبوتين، وأشادا بالتوافق المتنامي بين بلديهما، واصفان العلاقات الثنائية بأنها تشهد أفضل فترة تاريخية من شأنها أن تعزز الاستقرار العالمي، مع التأكيد على دورهما في ترسيخ منظمة شنغهاي التي باتت إحدى أهم الركائز الأساسية للتحول نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب عادل[28].
لعل من أهم مخرجات هذه القمة أنها تُفصح بوضوح عن أهداف الدول المشاركة وما تم إجراؤه من اتفاقيات بينية على استخدام العملات الوطنية في التجارة بين الدول الأعضاء، والدعوة إلى توسيع أنظمة الدفع والتسوية غير المرتبطة بنظام “سويفت” العالمي؛ أي إنهاء “زمن الدولرة”، ومجابهة عقوبات الغرب الاقتصادية[29].
ولكن مما تجدر الإشارة إليه أن سعي منظمة شنغهاي لتوطيد التعاون بين أعضائها وتشكيل ثقل يواجه الغرب مازال أمامه معوقات، على رأسها ضعف الانسجام بين أعضائها، كما أن العديد من هذه الدول تتمتع بعلاقات وثيقة واستراتيجية مع الدول الغربية الرائدة، على سبيل المثال الهند مع بريطانيا والسعودية مع الولايات المتحدة[30].
على صعيدٍ آخر وفي نفس هذا السياق الساعي لمجابهة الغرب، نجد مجموعة بريكس، والتي باتت مشاعر الغرب تجاهها تزداد قلقًا. من المعلوم أن مجموعة (بريكس) يعد تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في سبتمبر 2006، حينما عُقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ويضم هذا التكتل 5 دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا[31].
تُشكّل دول مجموعة بريكس مجتمعة نحو 40٪ من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 40٪ من سكان الكرة الأرضية، حيث تضم أكبر 5 دول مساحةً في العالم وأكثرها كثافة سكانية، وهي بذلك تهدف إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة مجموعة السبع العالمية، وهذا ما تثبته الأرقام الصادرة عن مجموعة بريكس، التي تكشف عن تفوقها لأول مرة على دول مجموعة السبع، فقد وصلت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5٪، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند 30.7 ٪. إلى جانب ذلك، تعمل مجموعة بريكس على تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات الاقتصادية والسياسية والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون الاقتصادي بين الدول الخمس، وهو ما من شأنه أن يُسهم في خلق نظام اقتصادي عالمي، يكسر هيمنة الغرب بزعامة أمريكا[32].
ومن المحطات الهامة في تاريخ المنظمة، والتي تحمل دلالات رغبة الدول الأعضاء في كسر الهيمنة الغربية على العالم، افتتاح بنك “التنمية الجديد” (NDB) أثناء انعقاد القمة السابعة للمجموعة والتي عُقدت في مدينة أوفا في روسيا عام 2015، حيث يُعتبر هذا البنك في تصور المجموعة بديلًا عن مؤسسة البنك الدولي، فدوره الأساسي منح قروض بمليارات الدولارات لتمويل مشاريع البنيات الأساسية والصحة والتعليم، وما إلى ذلك، في البلدان الأعضاء بالمجموعة، وكذلك البلدان الناشئة الأخرى[33].
من ناحيةٍ أخرى تسعى المنظمة إلى التوسع، ففي الرابع من سبتمبر 2017، عقدت دول بريكس القمة السنوية للمجموعة في شيامن بالصين، وانضمت إليها في هذه القمة كل من تايلند والمكسيك ومصر وغينيا وطاجيكستان كدولٍ مراقبة، لمناقشة خطة “بريكس بلس”، التي تهدف إلى التوسع المحتمل للمجموعة، وقد ازداد هذا الاهتمام بعد الحرب الروسية الأوكرانية وما رافقها من تساؤلات حول إعادة تشكيل نظام عالمي جديد، خاصةً في ظل الاتجاه نحو تكتلات جيوسياسية واقتصادية جديدة، وأيضًا بحث روسيا عن شركاء داعمين لها في وجه العقوبات الاقتصادية الغربية، وبالفعل انضمت الإمارات العربية المتحدة وبنجلاديش وأوروجواي رسميا إلى “بنك التنمية الجديد” التابع للمجموعة أواخر عام 2021، قبل أن تنضم مصر أيضًا نهاية مارس 2023 للمؤسسة نفسها[34].
كما تسعى دول مجموعة بريكس إلى إطلاق عملة موحدة بينها تنهي بها هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، إذ أعلن ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو 2022، مشددًا على أن مجموعة بريكس تعمل على تطوير عملة احتياطية جديدة، وذلك بهدف كسر هيمنة الدولار الأمريكي وإنهاء تحكمه في الاقتصاد العالمي، وفي الوقت نفسه ترى دول بريكس في الأزمة الروسية الأوكرانية فرصة مواتية لإصدار هذه العملة والاستفادة من التذمر المتزايد من السياسات الأمريكية[35].
وفي هذا السياق، يتفاءل البعض بما يمكن أن تُحدثه مجموعة بريكس من تحولاتٍ حقيقية في خريطة المنطقة، لاسيما في ظل سعي البلدان في الجنوب العالمي بشكلٍ متزايد إلى شكل من أشكال عدم الانحياز في المشهد العالمي، وهذا يشمل الدول التي لا تزال قريبة من الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مثل الهند والسعودية، حيث أشار مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية الأفريقية إلى أن دول البريكس تسمح لهم بالحفاظ على روابطهم الغربية بينما لا يزالون في كتلة مع دول الجنوب العالمي الأخرى، كذلك الدول التي تتعارض بطريقة ما مع الغرب مثل روسيا والصين، مما يعني أن مجموعة البريكس يمكن أن تشكل نوعًا من الكتلة التي تتمتع بنوع من المرونة وهذا قد يكسبها قوة[36].
من ناحيةٍ أخرى، يرى البعض أن المجموعة قد تنجح في ضم أعضاء جدد، لكن من دون أن تتحول إلى قطبٍ دولي، أو تحد من دور الولايات المتحدة العالمي، وربما يظل دورها في التصدي والتنديد بالسياسات الأمريكية. كما تظل المؤسسات المالية التي أنشأتها دول المجموعة غير فاعلة بالمستوى المرغوب فيه، وفي ظل هذا الإطار قد تزداد قدرة المجموعة على التأثير على جدول الأعمال العالمي، ولكن قدرتها لن تكفي لفرض قضايا محددة على الأجندة الدولية[37].
رابعًا- مستقبل التحالفات الصينية الروسية وانعكاساتها في ظل تراجع أمريكي
بناءًا على ما سبق طرحه من معطيات تبين مدى اتساع مساحات التعاون بين روسيا والصين يطرح المحللون سيناريوهات عدة منها: السيناريو الأول، حيث يرى البعض أن هذا التعاون هو مجرد تعاون مرحلي سينتهي بانتهاء تحقيق مصالح محدودة مرجوة، حيث يرسم هذا السيناريو توقعًا لتعاون مرحلي بين البلدين في فترات معينة لتحقيق أهداف محددة، ويستند إلى عوامل ظرفية أو مصالح مثل الأزمات الاقتصادية أو الحاجة إلى الدعم السياسي في مواجهة العقوبات الدولية، أي يظل التعاون بينهما تعاونًا براجماتيًا[38].
من ناحية أخرى، يأتي السيناريو الأكثر تفاؤلًا والأكثر ترجيحًا، إذ يرى متبنوه أن التعاون والعلاقات بين الصين وروسيا آخذة بالتطور وبشكلٍ متزايد، وأن التعاون بين الجانبين عميق وفي إطارٍ مؤسسي، حيث يستند إلى المصالح المتبادلة والتهديدات المشتركة والرؤية إزاء العالم أحادي القطب والرغبة في تحويله إلى عالم متعدد الأقطاب. وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية والتاريخية، فإن كلتا الدولتين شريك استراتيجيّ في مختلف القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والطاقة والتكنولوجيا والدفاع، كما أن الجانبين يستثمران بشكل تعاوني في مشاريع البنية التحتية والطاقة، مثل خط أنابيب غاز “قوة سيبيريا 2” النفطي، ومشاريع الربط الاقتصادي المختلفة[39].
كما أن لدى كلٍ من روسيا والصين القدرة على بناء العديد من التحالفات المرنة، فضلًا عن نجاحهما في توظيف تفوقهما العسكري والتكنولوجي لتوسيع خريطة تحالفاتهما الإقليمية والدولية، وذلك في ظل معارضتهما سياسة القوة والهيمنة والعقوبات أحادية الجانب، ورفضهما الهيمنة الغربية على القرار الدولي، وهذا يأتي في مقابل تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة وضعف التحالفات الغربية[40].
وإذا أردنا الوقوف عند أسباب هذا التراجع الأمريكي ومدى قوته، نجد أنه تشكل من خلال العديد من الأحداث عبر ما يزيد عن عشرين عامًا، منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى الحرب الدائرة الآن في غزة. فهجمات سبتمبر 2001 أُثبتت أنّ المناعة الأمريكية يمكن اختراقها، كما لقد أدّى ردّ الولايات المتحدة المتسرّع وغير المدروس إلى إعلانها الحرب على أفغانستان عام 2001 التي انتهت بهزيمة طالبان، إلا أنّ الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا في البلاد ساهمت في عودة طالبان، مما اضطرّ الولايات المتحدة إلى التفاوض معها على الرغم من إدراجها على قائمة الإرهاب، حيث توصّل الطرفان إلى اتفاقية في فبراير 2020 في الدوحة تقضي بانسحاب أمريكا الشامل من البلاد في سبتمبر 2021[41].
كذلك جاءت الحرب على العراق 2003 التي كانت نتائجها كارثية على أمريكا واقتصادها ودورها، حيث أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي مما أدّى إلى انسحابها عام 2011 دون أيّة نتيجة مرجوة إلا تمزيق البلد المحتل. ثم تأتي الحرب السورية لتبين مدى تآكل الدور الأمريكي، وخاصةً بعد التدخل الروسي الإيراني الذي جاء من البوابة العريضة لمساندة الرئيس السوري بشار الأسد بعد مراهنة أمريكا على إزاحته، والذي لم يتحقق، وعليه فإن الفراغ الذي حدث في سوريا ملأته روسيا وإيران، ولم يعد للوجود الأمريكي أيّ أثر وفاعلية في البلاد، إلّا في المناطق التي تحتلّها الولايات المتحدة الأمرييكية وتُقيم فيها قواعد عسكرية. وفي هذا السياق، استعرضت روسيا قوتها العسكرية في سوريا، في محاولةٍ لفرض نفسها كقوة كبرى دولية لها دور فاعل وقوي على الصعيد الدولي بوجه الولايات المتحدة[42].
ولعل الحرب الأوكرانية شكلت أصعب الإكراهات الجيوستراتيجية أمام الولايات المتحدة وساهمت في إحداث أزمة مع الحلفاء الأوروبيين، حيث كشفت الحرب الضعف الأوروبي وهرولته إلى مظلة الناتو، وهذه أحد أهداف أمريكا من هذه الحرب. إلا أن هذه الاستراتيجية جاءت بنتيجة عكسية؛ حيث تسبب إجبار أوروبا على مجاراة الولايات المتحدة ومعاداة روسيا وقطع العلاقات الاقتصادية والتضحية بالاستفادة من الطاقة الروسية الرخيصة في انزلاق أوروبا نحو التضخّم وارتفاع الأسعار وغضب المواطنين، مما دفع القادة الأوروبيين إلى التوجه نحو الصين شرقًا باعتبارها الأكثر استعدادًا لتقديم الحلول لتلك الأزمة، فالصين تمثل شريكًا تجاريًّا ضخمًا لأوروبا حيث بلغ حجم التجارة 517 مليار عام [43]2020، وفي سبيل تعزيز هذه الشراكة كان قد قام الاتحاد الأوروبي بتوقيع اتفاقية الاستثمار الشامل في ديسمبر 2020[44].
وفي هذا الإطار، قام المستشار الألماني بزيارة إلى الصين عام 2022، وفي 2023 حذا الرئيس الفرنسي ماكرون حذوه وقام بالذهاب إلى بكين، والاعتراف بدولة الصين كإحدى الدول العظمى على الصعيد العالمي عامة. وقد صرح ماكرون بعد عودته قائلا: “إنّ الأوروبيين يجب ألا يكونوا أتباعًا لأمريكا في أزمات لا دخل لهم فيها”، مشيرًا إلى الحرب الأوكرانية الروسية وأنّ التحالف لا يعني التبعيّة”[45]. تلك المواقف يمكن تسكينها أيضًا في سياق ضعف حلف الناتو وعدم الانقياد الأوروبي التام خلف المواقف الأمريكية، الأمر الذي كانت إحدى تجلياته ما قاله رئيس أركان القوات البحرية الإيطالية السابق، بينيلي مانتيلي، تعليقًا على غياب إيطاليا وفرنسا عن التحالف الأمريكي في البحر الأحمر لمنع هجمات “أنصار الله”، حيث قال “إن فشل الحلفاء الغربيين في تشكيل تحالف بحري قوي في البحر الأحمر يُعد “إشارة مثيرة للقلق”، على انقسام الاتحاد الأوروبي وضعف حلف شمال الأطلسي”[46].
ومما يعزز من أسباب هذا التراجع الأمريكي أيضًا هو تحول الحلفاء بالخليج إلى قوى مناوئة للولايات المتحدة، وتحديدًا تقوية العلاقات مع الصين وروسيا سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، واستخدام عملات أخرى غير الدولار الأمريكي لمساندة الموجة العالمية للتخلّي عن استخدام العملة الأمريكية التي بدأت في مجموعة “بريكس”[47].
من ناحية أخرى، وبجانب هذه العوامل والأسباب الخارجية للضعف الأمريكي، تأتي عوامل الضعف في الداخل الأمريكي، مثل: جائحة كورونا، ثم الحروب الثقافية والعرقية والفجوة الآخذة في الاتساع بين الأغنياء والفقراء[48].
خاتمة:
من هنا يمكننا القول إن تراجع مكانة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، في مقابل السعي الروسي الصيني الحثيث في إرساء أسس التعاون المشترك في شتى المجالات وتوسعة المجال الجغرافي لهذا التعاون في إطار بناء التحالفات الإقليمية والعالمية لمواجهة الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، هذا ينذر بتحولات قد يشهدها النظام العالمي في المستقبل، خاصةً في ظل ما يعيشه العالم اليوم من تورط غربي أمريكي بالإبادة الجماعية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على غزة مما شوه من صورة الولايات المتحدة وكشف زيف ادعاءاتها، حيث صار الصوت الأمريكي غريبًا في العالم.
وبعد كلّ هذه الأحداث يبدو أن الهيمنة الأمريكية في تراجعٍ مستمر، وأن الأحادية القطبية لن تستمر طويلًا، وأن العالم ذاهب إلى فوضى في القوى ضمن نسق عالم بلا مهيمن، سيتبعها إعادة توزيع الأدوار العالمية وظهور أقطاب جديدة، مما يحدث انتقالًا وتغييرًا محتملا في بُنية النظام الدولي[49]، لاسيما إن بقت الأمور على ما هي عليه.
__________
هوامش
[1] ألكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، الإندبندنت العربية، 27 مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/S179E
[2] محمد عثمان، العوامل المحددة لمسار العلاقات الروسية- الصينية المستقبلية، مجلة السياسة الدولية، 29 أغسطس 2022، متاح عبر الرابط التالي:
[3] ألكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، مرجع سابق.
[4] محمد عثمان، العوامل المحددة لمسار العلاقات الروسية- الصينية المستقبلية، مرجع سابق.
[5] الكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، مرجع سابق
[6] المرجع السابق.
[7] الكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، مرجع سابق.
[8] Anushka Saxena, 75 Years of China-Russia Relations: Indeed a ‘No Limits’ Partnership, Op.cit.
[9] ديميتري بريجع، بوتين في الصين إعادة تشكيل النظام العالمي، مرجع سابق.
[10] الكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، مرجع سابق
[11] عائشة إبراهيم، آفاق العلاقات الصينية-الروسية في ضوء زيارة فلاديمير بوتين للصين، تريندز للبحوث والإستشارات، 4 يونيو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/yVff6
[12] Anushka Saxena, 75 Years of China-Russia Relations: Indeed a ‘No Limits’ Partnership, Institute For Security And Development Policy, 27 May 2024, available at: https://shorturl.at/hJ5aK
[13] ديميتري بريجع، بوتين في الصين إعادة تشكيل النظام العالمي، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 3 يونيو 2024، متاح عبر الرابط التالي:
[14] إيكونوميست: ماذا يعني التحالف الروسي الصيني المناهض للولايات المتحدة عمليا، الجزيرة، 17 مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي:
[15] الكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، مرجع سابق.
[16] ديميتري بريجع، بوتين في الصين إعادة تشكيل النظام العالمي، مرجع سابق.
[17] الكسندر جابويف، حلف صيني – روسي: التحديات وسبل المواجهة الغربية، مرجع سابق.
[18] ديميتري بريجع، بوتين في الصين إعادة تشكيل النظام العالمي، مرجع سابق.
[19] قسايسية إلياس، العلاقات الروسية الصينية وأثرها على التوازن الدولي في القرن الواحد والعشرين، مجلة أكاديميا للعلوم السياسية، مجلد 6، عدد 2، 30 يونيو 2020، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/STZHX
[20] Anushka Saxena, 75 Years of China-Russia Relations: Indeed a ‘No Limits’ Partnership, Op.cit.
[21] صحيفة روسية: محور موسكو طهران بكين يصبح حقيقة في البحر، الجزيرة، 21 مارس 2024، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/jio0t
[22] عبدالله آدم، بعد حرب أوكرانيا هل تعزز “طوفان الأقصى” التقارب الروسي الصيني؟، الجزيرة، 17 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي:
[23] Anushka Saxena, 75 Years of China-Russia Relations: Indeed a ‘No Limits’ Partnership, Op.cit.
[24] مازن إسلام، روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية تحالف رباعي لمواجهة أمريكا والغرب، القاهرة الإخبارية، 2 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي:
[25]إميل أمين، شنغهاي للتعاون وعالم التعددية القطبية، الشرق الأوسط، 13 يوليو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/ZxlFX
[26]منظمة شنغهاي حلف عسكري يضم نصف البشرية، الجزيرة ، 5 يوليو 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/jN3xj
[27] إميل أمين، شنغهاي للتعاون وعالم التعددية القطبية، مرجع سابق.
[28] هل تنجح منظمة شنغهاي في تدشين نظام عالمي جديد، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 12 يوليو 2024، متاح على الرابط التالي:
[29]إميل أمين، شنغهاي للتعاون وعالم التعددية القطبية، مرجع سابق.
[30] فهيم الصوراني، قمة منظمة شنغهاي في أستانا التعاون رغم غياب الانسجام، الجزيرة، 4 يوليو 2024، متاح على الرابط التالي:
[31] بريكس تكتل اقتصادي يسعى لكسر هيمنة الغرب على الاقتصاد العالمي، الجزيرة، 4 مايو 2023، متاح على الرابط التالي: https://rb.gy/i5jy49
[32] المرجع السابق.
[33] المرجع السابق.
[34] المرجع السابق.
[35] المرجع السابق.
[36] عبدالعزيز أبوبكر، توقعات بانضمام 20 دولة جديدة هل تقدم مجموعة البريكس بديلا للتكتلات الغربية، الجزيرة ، 21 أغسطس 2023، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/J8RZm
[37]محمد الظهورى، يسري أحمد، التحديات والمستقبل: بريكس والدعوة إلى إعادة التوازن للنظام الدولي، 5 يونيو 2023، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/4BLvb
[38] عائشة إبراهيم، آفاق العلاقات الصينية-الروسية في ضوء زيارة فلاديمير بوتين للصين، مرجع سابق.
[39]المرجع السابق.
[40] كيف ستكون العلاقات الروسية- الصينية في ولاية بوتين الخامسة؟، مرمز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 31 مارس 2024، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/TlVjl
[41] محمد حمدان، تراجع الهيمنة الأميريكية على العالم ومستقبل النظام الدولي، مركز الدراسات والأبحاث الأنتروستراتيجية، 16 مارس 2024، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/m6c5o
[42] المرجع السابق.
[43] المرجع السابق
[44] أحمد قنديل، اتفاقية الإستثمار التاريخية بين الصين والإتحاد الأوروبي وتوازنات القوى الدولية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 1 يناير 2021، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/RSWES
[45] محمد حمدان، تراجع الهيمنة الأميريكية على العالم ومستقبل النظام الدولي، مرجع سابق.
[46] فشل التحالف الأمريكي في البحر الأحمر يكشف ضعف الناتو، سبوتنيك عربي، 9 يناير 2024، متاح على الرابط التالي:
[47] المرجع السابق.
[48] المرجع السابق.
[49] المرجع السابق.
- فصلية قضايا ونظرات – العدد الخامس والثلاثون – أكتوبر 2024