السياسات الإسرائيلية الأمريكية ومثلث سوريا ولبنان والعراق: التطورات، الأسباب، الأهداف

مقدمة:

تقدِّم الفترة الراهنة في تاريخ إقليم الشرق الأوسط، مثالًا جيِّدًا لمفهوم “المراحل الانتقالية” في النظامين الإقليمي والعالمي، وتأثيرات هذه المراحل على تحالفات وسياسات اللاعبين الإقليميِّين والدوليِّين، بما يشمل السياسات الإسرائيلية والأمريكية في الإقليم.

وفي حين تتزايد العوامل والمحفِّزات التي قد تؤشِّر -في نظر البعض- إلى مواجهاتٍ محتملة أو مرتقبة، في المدى المنظور، يرصد آخرون كوابح وقيودًا متصاعدة أمام اللجوء إلى الأداة العسكرية، ما يعني إجمالًا تضاؤل احتمال شنِّ الحروب الشاملة، من قِبل أغلب الأطراف، بوصفها وسيلةً ناجعة، لحسم الصراعات الإقليمية المعقَّدة بطبيعتها، وعلى رأسها الصراع مع إسرائيل، رغم أن ذلك لا يمنع بالضرورة، بعض الأطراف الدولية والإقليمية، خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، من اللجوء أحيانًا إلى التهديد بالحرب وإجراء المناورات العسكرية لاستعراض القوة، وشنِّ الحملات النفسية والدعائية، والانخراط الكثيف في “الحروب الكلامية”، وفرض العقوبات الاقتصادية الصارمة.. إلخ.

ولهذا فإن تحليل السياسات الإسرائيلية والأمريكية تجاه سورية ولبنان والعراق في عام 2019، يبقى محاطًا بصعوبات منهجية:

أولاها- صعوبة فصل السياسات الإسرائيلية تجاه مثلث سورية ولبنان والعراق، عن مجمل سياسات تل أبيب على الصعيد الإقليمي، خصوصًا تجاه قطاع غزة وإيران وتركيا، وأيضًا سياسات إسرائيل تجاه حلفائها في مصر ودول الخليج العربي، فضلًا عن سياسات دولة الاحتلال تجاه قبرص واليونان، لا سيما بشأن موضوع غاز شرق المتوسط، الذي يبدو مؤهَّلًا لتوليد صراعات إقليمية جديدة.

وثانيتها- صعوبة فصل السياسات الإسرائيلية عن الأمريكية تجاه المنطقة، على ما بينهما من تفاوت جزئي، لا يصل مطلقًا إلى حدِّ “التضارب الكامل/الكلي”، خصوصًا ما يتعلَّق بالأفكار الأمريكية للسلام، “صفقة القرن”، التي روَّجت لها إدارة دونالد ترامب، بالتوازي مع توطيد العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية في بُعديها الشخصي والأيديولوجي، بين الرئيس ترامب وبين رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وكذا بين تيارٍ في الحزب الجمهوري الأمريكي واليمين الإسرائيلي.

وثالثها- قِصر مدة هذا التقرير، الذي يغطِّي عامًا واحدًا، بما قد يصعِّب مسألة اختبار فرضياتٍ علمية أو مقولات بحثية، تساعد على كشف تغيُّر أو استمرارية الدور الإسرائيلي في العالم العربي وإقليم الشرق الأوسط، بعد اندلاع موجة الثورات العربية الأولى عام 2011، والتي لعبت إسرائيل، بالإضافة إلى فاعلين آخرين، أدوارًا مهمَّة في إفشالها، بغية الحدِّ من تداعياتها الاستراتيجية على المنطقة.

وعلى الرغم من براعة/نجاح إسرائيل في توظيف المتغيِّرات الدولية والإقليمية عمومًا، في توسيع دورها الوظيفي في إقليم الشرق الأوسط، وقدرتها على تحقيق أجندتها تجاه الإقليم بشكل متكرِّر، وعلى حساب العرب والأتراك والإيرانيِّين دائمًا، فليس هناك من ضمانةٍ أكيدة لاستمرارية هذا النجاح الإسرائيلي في المدى البعيد/الاستراتيجي، وربما حتى في المدى المتوسط، في حال طرأت متغيراتٌ جوهرية على بنية النظام الدولي بعامة، وعلى السياسة الأمريكية تجاه الإقليم بخاصة، لا سيما إذا كان النظام الدولي، كما يتوقَّع بعض الدارسين، ربما يتَّجه إلى نظام ثلاثي القطبية، يسوده التنافس بين واشنطن وبكين وموسكو[1].

وبناء على ما تقدَّم، سينقسم هذا التقرير إلى ثلاثة عناصر: يتناول أولها السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه سورية. أما الثاني فيحلل السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه لبنان. بينما يعالج العنصر الثالث، السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه العراق. ثم تأتي الخاتمة في النهاية.

أولًا- السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه سورية

تزامنت التعقيدات في “المسألة السورية” مع مرحلة تحوُّلٍ على صعيد قمة النظام الدولي وتوازنات القوة بين القوى الدولية؛ إذ “وقعت الثورة السورية في مرحلةِ تغيُّرٍ في مفهوم الأمن القومي لدى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تدخُّلها الفاشل في العراق وأفغانستان، وفي مرحلةٍ تحاول فيها روسيا العودة إلى دورٍ عالمي، باعتبارها قوة عظمى لها رأيٌ في الأقاليم القريبة منها، خصوصًا في آسيا”[2].

وفي ظل حالة السيولة والتغيُّر في السياقين الدولي والإقليمي، وتعاظُم تأثير متغيرَّي “مكافحة الإرهاب” و”التصدِّي للخطر الإيراني” على السياسات الدولية والإقليمية، تحوَّلت سوريا إلى أرض مستباحةٍ من قِبل أطراف إقليمية ودولية عديدة، بشكلٍ ربما يعكس أهمية “المسألة السورية” في عملية إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، الجارية على قدمٍ وساق حاليًّا.

وفي هذا الإطار، أصبحت الاعتداءات الجوية الإسرائيلية ضدَّ الأراضي السورية عملًا متكرِّرًا منذ اندلاع الثورة عام 2011[3]. وكثيرًا ما كانت هناك هجمات جوية على أهدافٍ سورية عسكرية أو مدنية علمية تؤكِّد الشواهد أنها هجمات إسرائيلية، إلا أن الموقف الرسمي الإسرائيلي كان يتمسَّك بالنفي وبعدم صلته بتلك الهجمات. ويبدو أن استراتيجية النفي هذه تغيَّرت جزئيًّا في عام 2017، فقد بات الإعلان عن غاراتٍ جوية إسرائيلية أمرًا عاديًّا، ويتم تبريره باعتباره دفاعًا عن النفس، وتطبيقًا لما تراه إسرائيل خطوطًا حمراء لا تقبل التراجع عنها، ومنها: منع دمشق من إحراز أي تفوق نوعي عسكري، ولا سيما في مجال البحوث النووية، ومنع سوريا من أن تكون معبرًا للأسلحة والمنظومات الصاروخية الإيرانية إلى حزب الله اللبناني، ومنع وجود واستقرار أي قواتٍ عسكرية إيرانية على الأراضي السورية، ولا سيما بالقرب من الجولان المحتل أو الأردن، وإبعاد أي وجود لأيِّ جماعةٍ مسلحة حليفة للجيش السوري، وأن تبقى تلك المنطقة منزوعة السلاح، والأهم هو استمرار حرية الطيران الإسرائيلي فوق الأراضي السورية من دون أي قيود أو تهديدات، وأضيف إلى كل ذلك مؤخرًا عدم التسامح مع وجود أنظمة دفاع جوي متطوِّرة، ولا سيما منظومة إس 300 الروسية، مع التهديد بإبادتها، حسب تعبير وزير الدفاع الإسرائيلي، إذا نُشرت على الأراضي السورية، أو إذا استُخدمت ضدَّ الطائرات الإسرائيلية[4].

وبعد تدخُّل روسيا العسكري في سورية أواخر سبتمبر 2015، أصبحت موسكو أهم اللاعبين الخارجيين المتدخِّلين، في الصراع السوري؛ إذ نجحت في إدارته وتنسيق الجهود لحله وفق أولويَّتين: إحداهما- “الحرب على الإرهاب”، والأخرى- “تخفيض العنف بين النظام السوري والمعارضة”. وبهذا تحوَّل الشأن السوري إلى شأن تقني/إداري، وتمَّ تغييب البُعد السياسي والحقوقي، إذ ركَّزت موسكو، ولا تزال، على الجانب التقني لتخفيض العنف، بغرض تصفية القضية السورية وإنهاء كل بحث في التغيير السياسي، والاكتفاء بالكلام عن مصالحات وإعادة إعمار بعد وقف النار الميداني، وبحيث يبقى النظام المسؤول عن خراب سورية وعن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مسيطرًا على قسمٍ واسع من البلاد”[5].

بيد أن اللافت في هذا السياق هو نجاح إسرائيل في التنسيق مع موسكو، فضلًا عن واشنطن بالطبع، لفرض اعتبارات “أمنها القومي” على الساحة السورية، رغم كثرة اللاعبين الدوليين والإقليميين المتدخِّلين فيها؛ إذ كانت روسيا حريصةً على مراعاة المطالبات الإسرائيلية لمنع أيِّ أسبابٍ قد تؤدِّي إلى اندلاع مواجهاتٍ عسكرية مفتوحة بين إسرائيل من جهة، وبين الجيش السوري والحلفاء الإيرانيين من جهة أخرى، وبما يربك الحسابات الروسية في الشأن السوري”[6].

وفي سياق تحليل أهم تطورات السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه سورية في عام 2019، يمكن الإشارة إلى الآتي:

1) قرار ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان

وقَّع الرئيس ترامب، في 25 مارس 2019، أمرًا تنفيذيًّا ينصُّ على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، وذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي وصف الخطوة بأنها “تاريخية”[7].

ورغم أن هذا القرار يخالف السياسات الأمريكية المستقرَّة في التعامل مع الأراضي العربية المحتلَّة بعد 5 يونيو 1967، فإن ترامب ركَّز على مزاعم الاعتبارات الأمنية لإسرائيل في محاولته تبريره. بيد أن ثمة ثلاثة دوافع أخرى؛ أولها- محاولة دعم نتنياهو في انتخابات الكنيست الإسرائيلية أبريل 2019، والتي كان يواجه فيها تحدِّيّا كبيرًا واتهامات بالرشوة والفساد. الثاني- يتعلَّق بحسابات انتخابية لترامب، الذي يريد تعزيز فرصه الانتخابية عام 2020، عبر استرضاء القاعدة العريضة للمسيحيين الإنجيليين الذين صوَّتوا لصالحه بأعداد كبيرة في الانتخابات الرئاسية عام 2016. وينتمي بعض رموز إدارة ترامب إلى هذه القاعدة، مثل نائبه مايك بنس، ووزير خارجيته مايك بومبيو. وكان لافتًا أن بومبيو صرَّح من إسرائيل، قبل أيام فقط من إعلان ترامب بشأن الجولان، أن “ترامب قد يكون هدية من الربِّ لإنقاذ اليهود من إيران”[8]. الدافع الثالث- يتمثَّل في رغبة ترامب في إزالة قضية هضبة الجولان -التي تزعج إسرائيل- من المفاوضات، مثلما فعل في مسألة اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ديسمبر 2017، ثم نقل السفارة الأمريكية إليها في مايو 2018، وذلك استثمارًا لضعف النظام السوري، وعجزه عن الرد، وارتهانه لحسابات روسيا في المنطقة[9].

2)  الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس المحتلة

انعقد هذا الاجتماع في مدينة القدس في 24 و25 يونيو 2019؛ حيث استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اجتماعًا أمنيًّا ثلاثيًّا، ضمَّ كلًّا من: مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، وأمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات. وتناول الاجتماع قضايا استراتيجية تمس المنطقة، وفي مقدِّمتها الوضع في سورية والوجود الإيراني فيها[10].

وثمة من رأى في انعقاد هذا الاجتماع في القدس المحتلَّة مؤشِّرًا على “عمق العلاقة التي أنشأها نتنياهو خلال السنوات الأخيرة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا؛ إذ يوضِّح الأهمية التي باتت تحتلُّها إسرائيل في استراتيجية القوَّتين الكبريين في المنطقة، وحرصهما الواضح على أمنها ومصالحها، في ترجمة فعلية لتفاهم ترامب-بوتين في قمة هلسنكي في يوليو 2018 على “إعطاء أولوية لضمان أمن إسرائيل”. وهو الأمر الذي فاخر به نتنياهو بأن اجتماع القوتين العظميين في بلاده للبحث عن تسوية مسألة معقدة مثل سورية، دليلٌ على المكانة الدولية التي تحظى بها[11].

الجدير بالذكر أن علاقات موسكو مع تل أبيب شهدت “توتُّرًا”، بعد أن تسبَّبت إسرائيل في إسقاط طائرة روسية في سبتمبر 2018، خلال اشتباك فوق الساحل السوري[12]، ما استدعى قيام بنيامين نتنياهو بزيارة موسكو في أبريل 2019؛ حيث اقترح تشكيل فريق مشترك للعمل على سحب جميع القوات الأجنبية من سورية، إضافة إلى استئناف التنسيق العسكري بين الطرفين الروسي والإسرائيلي. كما قدَّم وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، خلال زيارته سوتشي في مايو 2019، ولقائه الرئيس الروسي بوتين، عرضًا أو مقترحًا مفاده استعداد واشنطن وتل أبيب للمساعدة في تأهيل النظام السوري إقليميًّا ودوليًّا، في مقابل أن تساعد روسيا في إخراج القوات الإيرانية والميليشيات المدعومة من قِبلها من سورية[13].

لقد كان “هدف روسيا من الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس، يتعلق برغبة الرئيس بوتين في الحصول على دعم نتنياهو، وتأثيره لدى ترامب، من أجل دعم الجهد الروسي للتوصُّل إلى حلٍّ للمسألة السورية، بما يضمن إعادة تأهيل النظام السوري دوليًّا وجذب الاستثمارات اللازمة للبدء في “إعادة الإعمار”، وهي الجهود التي كبحتْها إدارة ترامب بعد أن نجحت موسكو في إقناع بعض الدول العربية (مثل الإمارات والبحرين والسودان)، باستئناف علاقاتها مع النظام السوري. وهذا يشير إلى أن روسيا ترى ضرورة التعاون الإسرائيلي والأمريكي في المرحلة القادمة، لتحويل مكاسب موسكو الميدانية إلى نصر سياسي، وتمكينها من أداء دور في الوساطة السياسية، وليس الأمنية فحسب، بين نظام الأسد وإسرائيل”[14].

“وبعد الخدمات التي قدَّمتْها روسيا لإسرائيل، عبر إعادة ترتيب الأوضاع في جنوب سورية، وتهيئة الظروف من أجل عودة قوات الفصل التابعة للأمم المتحدة “أندوف”، وقبولها بإبعاد إيران ومليشياتها مسافة 100 كيلومتر عن خط الفصل في الجولان المحتل، وعودة الهدوء الكامل إلى الجبهة السورية كما كان الحال ما بين 1974 و2011 حين انطلقت الثورة ضد حكم بشار الأسد، تأْمل موسكو في أن تساعد اللوبيات التابعة لإسرائيل في الولايات المتحدة، في تخفيف العقوبات الغربية عن روسيا، المفروضة منذ أزمة ضمِّ شبه جزيرة القرم في 2014، التي أثَّرت في مستوى معيشة الروس، وتسبَّبت في تراجع شعبية بوتين”[15].

3) تكرار القصف الإسرائيلي لسورية: رسائل لمن؟

بعد مرور أقل من عشرة أيام من الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس، عاد طيران دولة الاحتلال إلى استهداف مواقع عسكرية لقوات النظام السوري في ريف دمشق وحمص، يُعتقد أنها تحوَّلت إلى نقاط تمركز لمليشيات يشرف عليها “الحرس الثوري” الإيراني، فضلًا عن قصف إسرائيل مواقع عسكرية تابعة لحزب الله اللبناني، في جرود بلدتي قارة وفليطة في القلمون الغربي[16]. وقد رأى المحلل العسكري السوري، العميد أحمد رحال، أن هذه الغارات الإسرائيلية على مواقع لقوات النظام لم تَعُدْ مفاجئةً بل باتت حدثًا عاديًّا، إذ تستمر إسرائيل في ضرب مواقع تابعة لحزب الله وإيران، وهذا ما يفسِّر انسحاب الحزب من محيط دمشق باتجاه القلمون الغربي لأنه لا يتحمَّل الخسائر الكبيرة. لكن بات واضحًا أن لدى إسرائيل قناعة كاملة أن إيران تغلغلت في مفاصل الدولة السورية، ومن ضمنها وزارة الدفاع، بحيث أصبحت كل مراكز التصنيع العسكري والبحوث العلمية، إضافة للثكنات والقواعد الجوية تحت تصرُّف الإيرانيين، ومن ثم فإن قصف أيِّ موقع تابع لنظام بشار الأسد يعني قصف الإيرانيِّين؛ فالطيران الإسرائيلي يقصف المراكز الأكثر أهمية، ففي غربي مدينة حمص، قرب بحيرة قطنية هناك في هذا الموقع منشأة كيميائية، ربما يحاول الإيرانيون استخدامها في تطوير أسلحة كيميائية”[17].

وثمة من يرى أن إسرائيل ترفض بوضوح أيَّ ترسيخ لوجود إيران العسكري في جنوب سورية ووسطها، إذ “تزعم إسرائيل أنه يمثل الخطر الأكبر عليها، بل إن الخطاب الإسرائيلي حول التصدِّي لهذا الوجود، ربما بات يتقدَّم على اهتمامها بوقف المشروع النووي الإيراني. وتتَّهم إسرائيل إيران بأنها لا تسعى إلى الحفاظ على النظام السوري فحسب، وهو ما تتفهَّمه إسرائيل وتتسامح معه، وإنما تسعى أيضًا إلى إقامة وجود عسكري دائم في سوريا، ما يمكِّنها -أي إيران- من فتح جبهة عسكرية ضد إسرائيل من سورية، إلى جانب لبنان، لتشكِّلا معًا قوة ضغط على إسرائيل في حال تعرَّضت إيران لهجوم. وترى إسرائيل أن هذا يسهم في تحقيق تواصل إقليمي برِّي من إيران وحتى لبنان مرورًا بالعراق وسورية؛ ما يمكِّن إيران من نقل أسلحة نوعية وتحريك قوات عسكرية إلى سورية ولبنان متى شاءت”[18].

وربما يمكن القول إن الخطاب الإسرائيلي شهد بعض التصعيد في تهديد إيران؛ إذ هدَّد وزير الحرب الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بتحويل سورية إلى فيتنام بالنسبة لإيران، متعهِّدًا بمنع التمركز العسكري الإيراني في الأراضي السورية، داعيًا للانتقال من الردع إلى الهجوم، وقال إن إيران تسعى إلى فرض طوق ناري حول إسرائيل، وتمركزت في لبنان وتحاول إرساء وجودها في سورية وغزة وأماكن أخرى[19].

وفي إطار حروب التصريحات، ردَّ المستشار في الحرس الثوري الإيراني، اللواء مرتضى قرباني، على تصريحات إسرائيلية بشنِّ عمل عسكري ضدَّ بلاده: “في حال ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، سنسوي تل أبيب بالتراب انطلاقًا من لبنان، وقال إن بلاده لا تسعى لحيازة السلاح النووي، وإسرائيل أصغر من أن ترتكب أي خطأ تجاه إيران، لأن أيدي مقاتلينا على الزناد بأمر من المرشد الأعلى، علي خامنئي، وإذا أمر المرشد بشن هجومٍ صاروخي على إسرائيل، سيرفع جميع الصهاينة أيديهم مستسلمين”[20].

في حين ردَّ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، على تصريح قرباني بأن إسرائيل “لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي، وإذا كان هذا الخيار الأخير، فسنعمل عسكريًّا. ولن يردعنا أي تهديد؛ فإسرائيل ليست المتظاهرين الإيرانيِّين العزل الذين يُذبحون على أيدي نظام آيات الله، وسنعرف كيف نرد بقوة شديدة على أي تهديد أو استهداف”[21].

وعلى الرغم من تفاقم الأزمة السياسية في إسرائيل بعد انتخابات 17 سبتمبر 2019، التي عكست تنافسًا بين يمين متطرف وتحالف قومي-ديني من جهة، ويمين علماني عسكرتاري من جهة أخرى، وفشل كل من: زعيم الليكود بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب “كاحول لفان” (أبيض أزرق) رئيس الأركان السابق الجنرال بيني جانتس، في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة[22]، واتجاه إسرائيل إلى انتخابات ثالثة في مارس 2020، فإن بعض التقارير تتوقَّع أن حالة الفوضى السياسية في إسرائيل لن تمنعها من استمرار التركيز على إيران، بل إن إسرائيل قد تبادر إلى توجيه ضربة وقائية لإيران، إذا شعرت أن من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 قد يتَّخذ موقفًا لينًا إزاء طهران[23].

ولذلك ربما يمكن القول إن تكرار القصف الإسرائيلي لسوريا يحمل رسائل ردعٍ واضحة لإيران وحركات المقاومة الإسلامية اللبنانية والفلسطينية، في محاولةٍ لثنيها جميعًا عن التفكير في تغيير التوازنات الإقليمية أو استهداف إسرائيل، بأية صورة من الصور، خصوصًا عبر الصواريخ أو الطائرات المسيرة.

ثانيًا- السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه لبنان

ربما لا يمكن تحليل هذه السياسات دون التذكير بأن هناك صراعًا متعدِّد الأبعاد بين لبنان وإسرائيل، خصوصًا منذ حرب لبنان صيف 2006، التي أفرزت تداعيات استراتيجية، لا يزال بعضها مستمرًّا حتى الآن، سواء على مسار الصراع العربي-الإسرائيلي، أو تغيُّر أدوار اللاعبين والفاعلين الإقليميِّين والدوليِّين في إقليم الشرق الأوسط، بدرجة أو بأخرى، أو بروز حزب الله بوصفه أهم الفاعلين من غير الدولة (Non-State Actor) في الإقليم، وحجر الزاوية في استراتيجية إيران الإقليمية تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي بخاصة، وتجاه منطقة المشرق العربي بعامة، وفي القلب منها سورية ولبنان والعراق[24].

وبُغية تسليط الضوء على السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه لبنان، والصراع متعدِّد الأبعاد بين إسرائيل ولبنان، يمكن التركيز على موضوعين في هذا الصدد. وهما: النزاع اللبناني-الإسرائيلي على الغاز في شرق المتوسط، وإمكانية أن تفضي التهديدات الإسرائيلية إلى حرب واسعة على لبنان.

1) النزاع اللبناني الإسرائيلي على الغاز في شرق المتوسط

ربما يمكن القول إن حرب لبنان صيف 2006 وضعت قواعد جديدة للصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، ما أدَّى في العقد التالي إلى تغيير شكل الصراع وأدواته دون إنهائه بالطبع؛ إذ برزت أدوات الصراع السيبراني والحرب النفسية[25]، وكذلك الصراع حول غاز شرق المتوسط، الذي بدأت تترتَّب عليه تداعيات جيو سياسية مهمة، قد تعيد ربط الصراع على لبنان بالصراع الإقليمي في مجمل المنطقة[26].

ويرى البعض أن “منطقة شرق المتوسط حيوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية حيث تتقاطع ثلاثة ملفات مهمة: أولها- “أمن إسرائيل” والصراع العربي-الإسرائيلي، وثانيها- قضية قبرص ومسألة تقسيم الجزيرة، أما ثالثها- فهو تأمين إمدادات الطاقة لحلفائها الأوروبيين[27].

“وفي ظل ما هو معروف من انحياز أمريكي صارخ لإسرائيل، اقترحت واشنطن أن تتقاسم لبنان وإسرائيل ملكية 860 كيلومترًا مربَّعًا من المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، بنسبة 60%‏ للبنان و40%‏ لإسرائيل. ورغم معرفة أمريكا أن المنطقة المتنازع عليها لبنانية مئة بالمئة، لأنه لو كان لإسرائيل أي حق فيها لأمطرتنا بالحجج القانونية، غير أن إدراكها للبلطجة الإسرائيلية يجعلها تحاول أن تَخلُص من النزاع لإسرائيل بأيِّ مكسب، عبر تحويل النزاع من “قانوني” بامتياز إلى صفقة تجارية يُختلف فيها على ميزان الربح والخسارة، تمامًا مثلما تفعل في القضية الفلسطينية التي تريد تصفيتها عبر “صفقة القرن”، لمصلحة تل أبيب دائمًا، بحيث تصب الدبلوماسية الأمريكية مزيدًا من الزيت على نيران يزداد اشتعالها يومًا بعد آخر”[28].

وفي هذا ما قد يدل على تخلِّي واشنطن عن خطاب “التوازن النسبي” تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي، رغم أنه لم يفضِ إلى حلِّ الصراع، في إدارات جيمي كارتر 1977-1980 أثناء مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل، وبوش الأب في مؤتمر مدريد أواخر 1991، الذي ضغط على إسرائيل عبر حجب ضمانات القروض الأمريكية للمستوطنات الإسرائيلية، وباراك أوباما الذي سمح أواخر عام 2016، بتمرير قرار مجلس الأمن 2334، الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي[29].

والجدير بالذكر أن وزير الخارجية الأمريكي في خطابه بالجامعة الأمريكية في القاهرة (10 يناير 2019) قد قال: “وفي لبنان، لا يزال حزب الله موجودًا بقوَّة، ولكننا لن نقبل بهذا الوضع الراهن. إن حملة العقوبات الشرسة ضد إيران موجهة أيضًا إلى الجماعة الإرهابية وقادتها، بمن فيهم حسن نصر الله، رئيس حزب الله”[30].

وأضاف أن “الولايات المتحدة في لبنان من أجل الحدِّ من ترسانة حزب الله الصاروخية، والتي تستهدف إسرائيل، وفي إمكانها أن تصل إلى كل النقاط داخلها، نتيجة للعديد من الصواريخ المجهَّزة بنظام توجيه متقدِّم، وفَّرتها إيران، وهو أمر غير مقبول”[31].

وفي وقت لاحق، قاطع لبنان مؤتمر وارسو 13 و14 فبراير 2019، وعلَّل وزير خارجية لبنان جبران باسيل ذلك بسببين؛ أحدهما- حضور إسرائيل المؤتمر. والآخر- اتباع لبنان سياسة النأي عن مشكلات المنطقة، وعدم الاصطفاف في محاور. بينما قال أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في خطاب له: “إنه مستعدٌّ للحصول على أنظمة دفاع جوي إيرانية، لمواجهة الطائرات الإسرائيلية، وتأمين كل ما يلزم، ليصبح أقوى جيش في المنطقة”[32].

وعلى ضوء الحراك الشعبي اللبناني المستمر منذ 17 أكتوبر 2019، ثمة من يرى أن هناك ضغوطًا على لبنان لكي “يقبل بوساطة أمريكية بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة، بغية اعتماد التسوية الأمريكية بشأن تحديد الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، بما يمكِّن إسرائيل من الاستيلاء على قسم من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، وهذا هو هدف زيارة وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، ديفيد هيل، إلى بيروت، رغم ادِّعائه أن بلاده ليس لها دور في اختيار رئيس الحكومة بعد استقالة سعد الحريري، وأن واشنطن تدعو المسؤولين والمواطنين اللبنانيِّين إلى تسريع إجراء الإصلاحات الضرورية لتفادي الانهيار الاقتصادي”[33].

2) إمكانية أن تفضي التهديدات الإسرائيلية إلى حربٍ واسعة على لبنان

يمكن ملاحظة ارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، وتصاعد نبرة حزب الله في الرد عليها. فقد استخدم أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في خطابه 16 أغسطس 2019 نغمةً حادَّة لتحذير إسرائيل من مغبَّة شنِّ حرب جديدة على حزب الله، قائلًا: “لن نكتفي في الحرب القادمة بتدمير ألْويتكم وفرقكم وآلاتكم العسكرية، ولكننا سنجعلكم تشاهدون وتتابعون هذا التدمير بأم أعينكم، في بث مباشر على الهواء من ميدان المعركة”.

وعبر تحليل هذا الخطاب، كتب باحثٌ مختص أن نصر الله يرى أن “محور المقاومة” تمكَّن من تحقيق ما يكفي من “توازن الردع” للحيلولة دون تمكين المحور الأمريكي-الإسرائيلي من فرض إرادته أو إملاء شروطه عليه، وأن أيَّ محاولة لتغيير التوازن القائم بين المحورين بقوة السلاح، ستؤدِّي حتمًا إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة. ولأن جميع مكونات محور المقاومة تدرك -في تصور نصر الله- أن مصيرها واحد، وأن نجاح محور واشنطن-تل أبيب في كسر إرادة -أو تصفية- أي منها يعني أن البقية ستلقى المصير نفسه، إن آجلا أو عاجلا، فمن الطبيعي أن ترتبط معًا بنظام للأمن الجماعي، بصرف النظر عن وجود أو غياب إطار مؤسَّسي أو قانوني له. بعبارة أخرى، يرى نصر الله أن زمن المواجهات الثنائية قد ولَّى، وأن أيَّ محاولة لتغيير أوضاع أو موازين القوى القائمة على أيٍّ من ساحات المواجهة بين المحورين، لن تبقى محصورة داخل نطاقها الجغرافي الضيق، مثلما كان عليه الحال من قبل، وإنما ستقود على الأرجح إلى انفجار لمجمل الأوضاع في المنطقة، أي إلى حرب إقليمية شاملة[34].

واستنادًا إلى تطوُّرات العلاقة بين إسرائيل وحزب الله، يمكن القول إن ثمة وجهتي نظر في مدى قدرة حزب الله على ممارسة عملية “ردع” ضدَّ إسرائيل، ومنعها بالتالي من شنِّ حربٍ واسعة على لبنان، أي بما يتجاوز منطق “المناوشات المحدودة” و”الضربات الموضعية”، التي تحمل معنى “التصعيد المحسوب”، وهما:

أ) حزب الله قادر على “ردع إسرائيل”:

“ففي 17 أغسطس 2010 أقرَّ مجلس النواب اللبناني قانون التنقيب عن الغاز، في حين أعلنت إسرائيل اكتشاف حقل غاز ضخم قبالة شواطئ حيفا أطلقت عليه اسم “ليفييثان”، وبهدف ابتلاع المنطقة التي أهملتها خرائط الاتفاق اللبناني-القبرصي، هدَّدت إسرائيل باستعمال القوة لحماية ما تراه حقوقًا سياديةً لها، فردَّ أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، على التهديد الإسرائيلي محذِّرًا أن “كل من يمد يده إلى هذه المنطقة ليسرق ثروة لبنانية في مياه لبنانية، وكل من تراوده فكرة ضرب المنشآت البترولية اللبنانية، ستكون منشآته هدفًا لنا”. ويبدو أن تهديد المقاومة اللبنانية كان كافيًا لردع إسرائيل؛ فتحذير حزب الله بتوجيه صواريخه نحو أي منشآت إسرائيلية تُقام على مساحاتٍ مائية لبنانية أخاف الشركات الأجنبية والإسرائيلية، ودفع الحكومة الإسرائيلية إلى صرف النظر عن بناء مصنع تسييل الغاز على شاطئ فلسطين المحتلة، والاتجاه بدلًا من ذلك إلى بناء مصنع في قبرص تستعمله إسرائيل، لتصدير الغاز من حقلي تامار وليفييثان إلى تركيا وأوروبا”[35].

وبسبب هذه القدرات “الردعية” لدى المقاومة اللبنانية؛ فقد “باتت إسرائيل تنظر بقلق أكبر إلى الجهد المبذول من قبل حزب الله لمراكمة أسباب القوة، وإلى نجاحه في توفير مظلَّة ردع تسمح له بمواصلة مسار تعاظم قدراته النوعية والكمية؛ فقد تحوَّل الحديث عن تطوُّر قدرات حزب الله الصاروخية إلى مفردة ثابتة في المقاربة العسكرية والسياسية والإعلامية الإسرائيلية. وفي مقابل تصميم حزب الله على تبنِّي سياسة تعاظم القدرات، فإن إسرائيل مصمِّمة على منع هذا المسار، ما يعني أن إمكانية التصعيد بينهما تصبح مرتفعة، لا سيما أن إسرائيل تفكر في “اليوم التالي” بعد انتهاء الحرب السورية، لأنه سيؤثِّر على وضع واستعدادات حزب الله[36].

ب) إسرائيل قد تلجأ إلى شنِّ حرب ضد لبنان

أما وجهة النظر الأخرى، فترى أن وصول إسرائيل إلى السيناريو الأسوأ، أو “سيناريو الكابوس”، يمكن مواجهته عبر اعتمادها على قدراتها العسكرية المتطوِّرة للردع، والرد العنيف على أيِّ استهدافٍ لها أو لحدودها[37].

وفي هذا السياق، يرى الجنرال المتقاعد رون تيرا أن الثورات العربية أدَّتْ إلى تحوُّلٍ كبير في مكانة العلاقة الإسرائيلية مع الولايات المتحدة، كمركب في الأمن القومي الإسرائيلي؛ إذ لم يعد ممكنًا افتراض أن العلاقة الخاصة مع واشنطن ضامنة للأمن القومي الإسرائيلي، كما كانت عليه الأمور في السابق، وهذا يفرض على إسرائيل الاستعداد للاعتماد على الذات في مواجهة التهديدات الاستراتيجية، وعلى رأسها المشروع النووي الإيراني، وذلك عبر الوفاء بخمسة متطلبات أساسية[38]:

أولها- أن تواصل إسرائيل مراكمة القوة العسكرية في المجالين التقليدي وغير التقليدي، لكي تضمن الخروج منتصرةً في أية مواجهةٍ مستقبلية. وثانيها- أن يراعي صنَّاع القرار الإسرائيلي الرأي العام العربي والعالمي، بسبب تزايد دور الأول في دوائر صنع القرار العربي، وتأثير الثاني على منح الشرعية الدولية لإسرائيل أو حجبها. وثالثها- الاستثمار في مجال الاستخبارات بسبب حاجة إسرائيل إلى معرفة ما يدور داخل مصر، خصوصًا بعد ثورة 25 يناير، بدرجة تسمح بتوفُّر إنذارٍ مسبق قبل إقدام القاهرة على أيِّ سلوك (حربي أو دبلوماسي) ضدَّ إسرائيل، وذلك لاتِّخاذ الخطوات اللازمة وعدم الوقوع ضحية تأثير المفاجأة، ما يستدعي استثمار إمكانيات أكبر في مجال الاستخبارات. ورابعها- العمل السري خلف حدود “العدو”، عبر استعادة قيادة الجيش الإسرائيلي طرائق العمل السري، ما يتطلَّب الاستثمار في مجال الأسلحة والتجهيزات الحربية واللوجستية بعيدة المدى، خصوصًا المتعلِّقة بسلاحي الجو والبحرية. وخامسها- الحرص الإسرائيلي على السلام مع مصر والأردن، ومحاولة رأب الصدع مع تركيا، وبحث فرص التعاون مع السعودية في احتواء “الاهتزازات الإقليمية”[39].

وعلى ضوء هذه الاستعدادات الإسرائيلية، ربما لا يمكن استبعاد انفلات الأوضاع بين حزب الله وإسرائيل نحو حروبٍ محدودة، لإعادة تعديل قواعد الاشتباك السابقة التي اضطر الحزب إلى القبول بها في سورية، خصوصًا مع تعقُّد الوضع، ووجود تفاهمات بين موسكو وتل أبيب، تمنع أيَّ ردٍّ من الأراضي السورية، في حين تبقى الحدود اللبنانية ساحةً مفتوحة أمام حزب الله، وإن كانت تحدُّها توازنات تتعلَّق بالمعادلة اللبنانية الداخلية[40].

وثمة من يقرأ في حديث “حزب الله” عن نيَّته إسقاط الطائرات الإسرائيلية المسيَّرة التي تحلِّق في سماء لبنان، رغبةً في إظهار قوته وقدرته على الرد، بل وقد يحوِّل الردَّ عملًا مستمرًّا كلَّما قصف الصهاينة موقعًا للحزب في سورية، وأدَّى هذا القصف إلى سقوط خسائر بشرية، وأن هذا الرد سيكون من لبنان، في محاولةٍ لفرض قاعدة اشتباك جديدة قد تتوسَّع مستقبلًا، مفادها أن قصفًا على مواقع الحزب وحلفائه في سورية سيؤدِّي إلى ردٍّ عسكري من لبنان، وفي ذلك توسيع لرقعة المواجهة، مع احتمال أن تشهد المنطقة تصعيدًا غير مسبوق، قد تمتد نيرانه أكثر، فتشهد تشابكًا بين الجبهات في فلسطين ولبنان وسورية والعراق، يتم فيها إيجاد قواعد اشتباك مؤقتة، ما تلبث أن تنهار، ليأتي غيرها وفق موازين قوى جديدة، قد تغيّر معادلات سائدة[41].

ثالثًا- السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه العراق

رغم أن العراق يشهد صراعًا بالوكالة بين واشنطن وطهران منذ احتلاله عام 2003، وفي هذا قد يتشابه جزئيًّا مع الحالتين السورية واللبنانية، فإن الساحة العراقية تنفرد بموقع استراتيجي ومزايا جيوبوليتيكية أكثر أهمية، ترفع من قيمتها الاستراتيجية لدى أطراف دولية وإقليمية مختلفة، خصوصًا الطرفين الأمريكي والإيراني.

وبسبب انكشاف وضع العراق المحتل على تطورات الصراع الأمريكي الإيراني، فقد أصبح “من أولويات العراق أن يضمن ألا يُستغل مجاله الجوي، في حال وقوع صراع عسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران”[42].

لقد انعكست تطورات الصراع بين واشنطن وطهران، على الوضع العراقي؛ فبعد زيارة مفاجئة قام بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى بغداد، في مايو 2019، عرض معلومات على رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، بشأن صواريخ نقلتها إيران إلى فصائل من الحشد الشعبي يصل مدى بعضها إلى 700 كيلومتر، وأن هذا التطور يخرق حياد العراق في الأزمة بين طهران وواشنطن، وهدَّد بومبيو بأنه إذا لم يتمكَّن العراق من إزالة هذه الصواريخ، فإن هذا سوف يعرِّضها للتدمير[43].

وفي وقت لاحق أبلغ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بأن إسرائيل قد تقصف في أيِّ وقت، أهدافًا داخل الأراضي العراقية، ترتبط بفصائل مسلَّحة تقاتل في سورية، وأن واشنطن لن تستطيع أن تقف إلى الأبد في وجه الرغبة الإسرائيلية بقصف مقرَّات داخل العراق. كما نقل بومبيو أيضًا وجهة النظر الإسرائيلية التي تقول بعدم جدوى مهاجمة مقرَّات الفصائل العراقية المرتبطة بإيران داخل سورية، لأنها تعود كل مرة إلى تنظيم صفوفها والانطلاق من العراق مجدَّدًا، وبالتالي يتوجَّب ضربها داخل العراق، وأضاف أن واشنطن لن تتدخَّل إذا قصفت إسرائيل مواقع الحشد الشعبي[44].

وقد شهد شهرا يوليو وأغسطس 2019، قصفًا إسرائيليًّا على مواقع عراقية في: معسكر الشهداء، (في منطقة آمرلي بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد)، ومعسكر أبو منتظر المحمداوي (في محافظة ديالى شمال شرق بغداد)، ومعسكر مشترك تديره الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي (في جنوبي بغداد)، ومعسكر الحشد الشعبي (في جنوب محافظة صلاح الدين) تتشارك فيه “كتائب حزب الله” وميليشيا “جند الإمام”، وموقع الحشد الشعبي في مدينة القائم (أقصى غرب العراق على الحدود مع سورية)[45].

كما “قامت إسرائيل في 24 و25 أغسطس 2019، باستهداف مواقع مرتبطة بإيران في كلٍّ من سورية والعراق ولبنان، في تصعيد جديد لمستوى المواجهة بين الطرفين، والتي باتت تمتد على مساحة المشرق العربي، بعد أن ظلَّت مقتصرة، في الأعوام الأخيرة، على استهداف الوجود الإيراني على الساحة السورية. وكان لافتًا في هذه الهجمات الإسرائيلية إعلان إسرائيل رسميًّا عن بعض تلك الهجمات، وتبنِّي بعضها الآخر، كما جاء في تصريحات الناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وكذلك التهديدات التي أطلقها كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي، ما يعني خروجًا عن نهج الغموض الذي اتَّبعته إسرائيل في استهدافها إيران وحلفاءها خلال السنوات الماضية”[46].

وفي إطار تحليل هذه الضربات الإسرائيلية، رأى باحثٌ مختص أن “الهجوم على أهداف في كلٍّ من العراق وسورية ولبنان بشكل متتابع، يعكس تحوُّلًا مهمًّا فى السياسة الإسرائيليَّة، وهو الانتقال من استراتيجية تقوم على الغموض، إلى الإعلان المباشر عن ذلك وعرض أسبابه ودوافعه؛ فلقد دخلت إسرائيل مرحلة تصعيد حربها ضدَّ إيران وحلفائها فى مسرح استراتيجي واحد من منظورها، يضمُّ سورية والعراق ولبنان؛ إذ يعتبر المسؤولون الإسرائيليُّون أنهم يقومون بحرب استباقيَّة من جهة، من خلال قصف مواقع كانت إيران وحلفاؤها يتهيَّأون لاستعمالها لقصف أهداف إسرائيلية منها، وحرب وقائية من جهة أخرى، لمنع إيران وحلفائها من تعزيز مواقعهم في مسرح المواجهة الممتدِّ من بغداد إلى بيروت، حسب التعريف الإسرائيلي”[47].

كما تحقِّق هذه الاستراتيجيَّة الاستباقيَّة والوقائيَّة التي تطبِّقها تل أبيب هدف إبعاد إيران عن حدود إسرائيل، وإضعاف موقعها المباشر وبواسطة حلفائها فى الصراع العربي-الإسرائيلى، وهو الهدف الاستراتيجي الحيوي لإسرائيل، ولذا جاء الردُّ العسكريُّ من حزب الله محدودًا، فى إطار إعادة صياغة قواعد جديدة للاشتباك ورسم حالة من “توازن الردع” الذى يوفِّر الاستقرار، ويمنع الانزلاق نحو حرب مفتوحة ومدمِّرة لا يريدها أحد، لأنَّه لا يستطيع تحمُّل تداعياتها[48].

خاتمة:

رغم أن عام 2019 كان “عامًا انتقاليًّا” في إقليم الشرق الأوسط، فإنه رسَّخ متغيرات جديدة في السياسات الإسرائيلية الأمريكية تجاه مثلث سورية ولبنان والعراق، ومن ورائه استهداف إيران ومشروعها الإقليمي. ولعل أبرز هذه المتغيرات نجاح إسرائيل في توسيع استهدافها المصالح والأهداف الإيرانية ليس في سورية فحسب، وإنما في لبنان والعراق أيضًا.

ولم يكن مفاجئًا أن يعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمام الكنيست في يوليو 2019، أن بلاده تشارك في المباحثات الدولية لإقامة “تحالف بحري دولي لحماية أمن الخليج”، في ضوء توسُّع مساحات التطبيع الخليجي-الإسرائيلي.

وإضافةً إلى استراتيجية تل أبيب في “صدِّ إيران، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية-الخليجية”، ثمَّة احتمال أن تشارك في تأمين الملاحة في مضيق باب المندب، بما في ذلك انتشار سفنٍ حربية إسرائيلية مزوَّدة بالصواريخ في المضيق، سيكون هدفها تأمين حركة الملاحة من خطر الحوثيِّين في اليمن، لا سيما لجهة تقليص قدرة إيران على استخدامهم ورقةً في معادلات الصراع الإقليمي، خصوصًا عبر ميناء الحديدة.

لقد تعاظم الدور الإسرائيلي في إقليم الشرق الأوسط، عبر تطبيعها مع دول الخليج لتقول كلمتها في أمن الخليج عام 2019، بعد أن كانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب طلبت من إسرائيل إبان الحرب على العراق عام 1991، عدم التدخُّل، والامتناع عن الرد على الصواريخ العراقية التي استهدفتها آنذاك، في مفارقةٍ قد تعكس تطور الدور الوظيفي لدولة الاحتلال.

بيد أن تطورات عام 2019 ربما تشير أيضًا إلى أن الصراع الإيراني-الإسرائيلي قد يدخل مرحلةً جديدة، فيها الكثير من التعقيد والتشابك، مع تصاعد الدور الإقليمي التركي والتراجع الواضح في أدوار الدول العربية، بسبب تفاقم الضعف العربي وانهيار بنية “الأمن العربي” تمامًا.

صحيح أنه ليس متوقَّعًا أن يحمل عام 2020 فرصًا كبيرة للدول العربية للتأثير في السياسات الإسرائيلية والأمريكية تجاه إقليم الشرق الأوسط، بيد أن دخول روسيا لاعبًا مهيمنًا في الملف السوري، قد يزعج إسرائيل في المديين المنظور والمتوسط، وعلى الرغم من احتمال توسُّع الدور الإقليمي الإسرائيلي على حساب العرب، فإن ثمة قيودًا تفرضها سياسات موسكو وأنقرة وطهران على هذا التوسُّع الإسرائيلي، المدعوم أمريكيًّا بكل قوة.

يبقى القول إن معادلات القوة الأمريكية الإسرائيلية في إقليم الشرق الأوسط ليست مطلقة، بل هي متغيرة، بحسب استجابة القوى العربية والإقليمية والدولية لها، مع عدم استبعاد عودة الشعوب العربية إلى التأثير في مجريات الأمور، كلَّما تصاعد البُعد الشعبي/الشبابي وازداد حضورًا وفعالية، في تشكيل مشاهد المستقبل في المديين المنظور والمتوسط.

*****

هوامش

[1] لمزيد من التفاصيل راجع المصادر الثلاثة الآتية:

– Walter Russell Mead, The Return of Geopolitics: The Revenge of the Revisionist Powers, Foreign Affairs, May/June 2014, pp. 69-79, available at: https://fam.ag/2LFJ00J

– علاء عبد الحفيظ محمد، تأثيرات الصعود الروسي والصيني في هيكل النظام الدولي في إطار نظرية تحول القوة، المجلة العربية للعلوم السياسية، العددان 47- 48، صيف/خريف 2015، ص ص 9-22.

– علي الجرباوي، الرؤى الاستراتيجية لثلاثي القطبية الدولية: تحليل مضمون مقارن، سياسات عربية، العدد 31، مارس 2018، ص ص 7-22.

[2] بتصرف عن: عزمي بشارة، سورية: درب الآلام نحو الحرية: محاولة في التاريخ الراهن، (بيروت والدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013)،  ص 445.

[3] لمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة دراسات عربية كثيرة تناولت الدور الإسرائيلي في ظلِّ الثورات العربية، ومن أمثلتها المصادر الآتية:

  • محسن محمد صالح، السلوك الإسرائيلي تجاه الثورات العربية، شؤون الأوسط، العدد 138، ربيع 2011.
  • عبد العليم محمد، اتجاهات السياسة الإسرائيلية إزاء الثورة المصرية ومستقبل العلاقات المصرية–الإسرائيلية، في: مجموعة مؤلفين، الثورة المصرية: الدوافع والاتجاهات والتحديات، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص ص 523-554.
  • طارق فهمي، الرؤية الإسرائيلية للثورات العربية، الديمقراطية، العدد 46، أبريل 2012، ص ص 97-108.
  • عماد جاد، التقييم الإسرائيلي للأوضاع في المنطقة، شؤون عربية، العدد 152، شتاء 2012، ص ص 92-99.
  • صالح النعامي، العقل الاستراتيجي الإسرائيلي: قراءة في الثورات العربية واستشراف لمآلاتها، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، وبيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، أوراق الجزيرة [30]، 2013).
  • بنيديتا بيرتي، إسرائيل والربيع العربي: المواقف والاستجابات تجاه الشرق الأوسط الجديد، في: مجموعة باحثين، الحكومات الغربية والإسلام السياسي بعد 2011، (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2013)، ص ص 335-372.
  • أمجد أحمد جبريل، السياسة الإسرائيلية تجاه الثورات العربية: سورية نموذجًا، شؤون عربية، العدد 154، صيف 2013، ص ص 123-133.

[4] أحمد يوسف أحمد ونيفين مسعد (تحرير)، حال الأمة العربية 2017-2018: عام الأمل والخطر، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، يوليو 2018)، ص 124.

[5] انظر: زياد ماجد، نحو “تصفية تقنية” روسية-أمريكية للقضية السورية، مركز الجزيرة للدراسات، 24 أغسطس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/347I9fz

[6] أحمد يوسف أحمد ونيفين مسعد، حال الأمة العربية 2017-2018، مرجع سابق، ص ص 124-125.

[7] انظر: وحدة الدراسات السياسية، قرار ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان: خلفياته ودوافعه، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 27 مارس 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2Ps77S

[8] نقلًا عن المرجع السابق.

[9] المرجع السابق.

[10] وحدة الدراسات السياسية، الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس: الأهداف والنتائج، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2 يوليو 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2XKkxOY

[11] المرجع السابق.

[12] حول التوتر في العلاقات الروسية-الإسرائيلية، بسبب إسقاط طائرة “إيل 20″، التي كان على متنها 15 عسكريًّا روسيًّا في الساحل الغربي السوري، راجع المصادر الثلاثة الآتية:

– فيتالي نعومكين، من له مصلحة في كارثة الطائرة الروسية غرب سوريا؟، الشرق الأوسط، 26 سبتمبر 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2rNBQkp

– جلبير الأشقر، عن التوتر في تواطؤ روسيا مع إسرائيل في سوريا، القدس العربي، 26 سبتمبر 2018، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2rPQoA4

– مروان قبلان، هل سقطت تلك التفاهمات الروسية الإسرائيلية؟، العربي الجديد، 26 سبتمبر 2018، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2PTAGf6

[13] الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس: الأهداف والنتائج، مرجع سابق.

[14] بتصرف عن: المرجع السابق.

[15] سامر إلياس، روسيا تستعجل حلًّا لسورية مع أمريكا من بوابة إسرائيل، العربي الجديد، 24 يونيو 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/31PGKKJ

[16] انظر: أمين العاصي، القصف الإسرائيلي على سورية: رسائل جديدة للإيرانيين، العربي الجديد، 2 يوليو 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2XfaD3t

[17] المرجع السابق.

[18] نقلا عن: الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس: الأهداف والنتائج، مرجع سابق.

[19] انظر: “غارات غامضة” جديدة تقتل موالين لإيران شرق سوريا، الشرق الأوسط، 10 ديسمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2Yz5rKc

[20] كاتس مهددًا إيران: لسنا متظاهرين عزل، الأيام (رام الله)، 10 ديسمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/34c0Z57

[21] المرجع السابق.

[22] لمزيد من التفاصيل، راجع: وحدة الدراسات السياسية، انتخابات الكنيست: هل انتهت حقبة نتنياهو؟، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 19 سبتمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2kwfgZU

[23] Amid Political Chaos, Israel Remains Focused on Iran, Stratfor, 3 December 2019, available at: https://bit.ly/2RmyyyD

[24] لمزيد من التفاصيل، راجع المصادر الآتية على سبيل المثال، لا الحصر:

  • عزمي بشارة، التداعيات على إسرائيل، في: أحمد يوسف أحمد وآخرون، الحرب الإسرائيلية على لبنان: التداعيات اللبنانية والإسرائيلية وتأثيراتها العربية والإقليمية والدولية، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2006).
  • محمد أبو رمان، “الفاعلون الجدد”.. وإعادة ترتيب قواعد اللعبة الإقليمية، السياسة الدولية، العدد 168، نيسان/أبريل 2007.
  • عبد المنعم المشاط وناهد عز الدين (تحرير)، الحرب الإسرائيلية-اللبنانية وتداعياتها على مستقبل الشرق الأوسط، (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2008).
  • أمجد أحمد جبريل، السياسة السعودية تجاه فلسطين والعراق (2001-2010)، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2014).
  • سماح عبد الصبور عبد الحي، القوة الذكية في السياسة الخارجية: دراسة في أدوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان 2005- 2013، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية ودار البشير للثقافة والعلوم، 2014).

[25] لمزيد من التفاصيل، راجع المصادر الآتية:

  • دانييل سوبلمان، قواعد جديدة للعبة: إسرائيل وحزب الله بعد الانسحاب من لبنان، (بيروت: الدار العربية للعلوم، 2004).
  • داني بركوفيتش، هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا: معركة إضعاف حزب الله، تقديم ومراجعة: إبراهيم البيومي غانم، (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2009).

يوسف نصر الله، تداعي الأسطورة: مقاربات نقدية لمشهدية الحرب السادسة، (بيروت: دار الفارابي، 2011).

يوسف نصر الله، الحرب النفسية: قراءات في استراتيجيات حزب الله، (بيروت: دار الفارابي، 2012).

سامي خليفة، هكذا صار حزب الله خطرًا إلكترونيًّا على إسرائيل، المدن، 29 نوفمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2MFDdsH

[26] لمزيد من التفاصيل عن إسرائيل وغاز شرق المتوسط، راجع المصادر الآتية:

  • وليد خدوري، اكتشافات الغاز الإسرائيلية: التوقعات والعقبات، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 82، ربيع 2010، ص ص 64-69.
  • كمال ديب، لعنة قايين: حروب الغاز من روسيا وقطر إلى سورية ولبنان، (بيروت: دار الفارابي، 2018)، ص ص 203-237.
  • علي حسين باكير، النزاع على الغاز في شرق المتوسط ومخاطر الاشتباك، مركز الجزيرة للدراسات، 22 أبريل 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2ZafhT8
  • رامي الجندي، إسرائيل وغاز شرق المتوسط: دبلوماسية الطاقة، المعهد المصري للدراسات، 1 يونيو 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/35Km9Jl

[27] زهير حامدي، الآثار الجيوسياسية لاكتشافات الغاز الإسرائيلية في شرق المتوسط، سياسات عربية، العدد 1، مارس 2013، ص ص 110- 126، والاقتباس من ص 124.

[28] أحمد يوسف أحمد، مبادئ جديدة في تسوية النزاعات الدولية، الاتحاد (أبوظبي)، 20 فبراير 2018، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2sY6mby

[29] بتصرف عن: المرجع السابق.

[30] See: Michael R. Pompeo, A Force for Good: America Reinvigorated in the Middle East, 10 January 2019, available at: https://bit.ly/2rq7zI8

[31] نقلًا عن: رغدة البهي، الشرق الأوسط في مؤتمر وارسو 2019، قضايا ونظرات، العدد 14، يوليو 2019، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث)، ص 93.

[32] المرجع السابق.

[33] بتصرف عن: عصام نعمان، هل بدأ “تعريق” لبنان؟، القدس العربي، 23 ديسمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2ENU5J8

[34] حسن نافعة، “حزب الله” وخريطة الصراعات والتحالفات في المنطقة، القدس العربي، 22 أغسطس 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2HhNcBK

[35] كمال ديب، لعنة قايين: حروب الغاز من روسيا وقطر إلى سورية ولبنان، (بيروت: دار الفارابي، 2018)، ص ص 212-213.

[36] بتصرف عن: يوسف نصر الله، دومينو الصراعات.. تحولات البيئة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، (بيروت: مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، 2019)، ص 271.

[37] انظر: عماد جاد، التقييم الإسرائيلي للأوضاع في المنطقة، شؤون عربية، العدد 152، شتاء 2012، ص 99.

[38] صالح النعامي، العقل الاستراتيجي الإسرائيلي: قراءة في الثورات العربية واستشراف لمآلاتها، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، وبيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، أوراق الجزيرة [30]، 2013)، ص 120- 121.

[39] بتصرف عن: المرجع السابق، ص ص 121-123.

[40] معين الطاهر، قواعد جديدة لمواجهات مقبلة، العربي الجديد، 29 أغسطس 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/30ISddY

[41] نقلًا عن: المرجع السابق.

[42] جين كينينمونت وجاريث ستانسفيلد وعمر سري، العراق على الساحة الدولية: السياسة الخارجية والهوية الوطنية في المرحلة الانتقالية، دراسات عالمية، العدد 126، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014)، ص 59.

[43] وحدة الدراسات السياسية، مستقبل الحشد الشعبي في العراق: بين سيادة الدولة وصراع المحاور، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 9 سبتمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2lMyVoM

[44] نقلًا عن: حاتم الفلاحي، الهجمات الإسرائيلية في المنطقة: الضرب بالنيابة، مركز الجزيرة للدراسات، 5 سبتمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي:https://bit.ly/2QZ8sSh

[45] الرجع السابق، وأيضًا:

– Alissa J. Rubin & Ronen Bergman, Israeli Airstrike Hits Weapons Depot in Iraq, The New York Times, 22 August 2019, accessed on: 24 December 2019, available at: https://nyti.ms/2Mx2B5d

[46] وحدة الدراسات السياسية، حسابات التصعيد الإسرائيلي ضد إيران على جبهات متعددة، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 29 أغسطس 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://bit.ly/2Lgy9Jx

[47] ناصيف حتي، حروب إسرائيل فى “المسرح الاستراتيجي السوري”، الشروق (مصر)، 10 سبتمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/31Wsi3n

[48] المرجع السابق.

 

 فصلية قضايا ونظرات- العدد السادس عشر – يناير 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى