في متطلبات التغيير الحضاري

في متطلبات التغيير الحضاري

من الذاكرة الحضارية إلى رؤية عن النهوض الحضاري وخطط وبرامج استراتيجية للتغيير

 

أ.د.نادية محمود مصطفى

 

أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية

بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة

02/05/2011

 

بعد أن تجسدت الثورة ذاتها في نموذج حضاري أثار انتباه الجميع من الداخل والخارج، وفي ظل التحديات التي تواجهها عملية بناء النظام الجديد والتي سرعان ما تحولت إلى نوعٍ من التهديد خلال أقل من شهر بعد خلع مبارك، لابد وأن نقف من جديد ونؤكد إنه إذا كان نموذج الثورة نموذجًا حضاريًا يؤسس لتوافق مجتمعي جديد، فمن ثم لابد من اكتشاف وتدعيم فرص التغيير الحضاري.

وهو الأمر الذي يستدعي بدوره التحذير من فقدان الفرص من جديد، بعد أن ظللنا نفقد ولأكثر من قرن من الزمان فرصًا متوالية، وكانت أسباب ذلك الفقدان معرفية وفكرية وسياسية على حدٍ سواء.

إن التأكيد على القول السابق والتحذير من ضياع الفرص ليس بالطبع نتاج خبرة الشهرين الماضيين فقط، ولكن مثل هذه الأمور المتصلة بالتغيير الحضاري في الأمم لابد وأن تستند إلى الذاكرة الحضارية ولابد أن تنبع منها. فإن هذه الذاكرة تقدم الكثير من الدلالات حول مسار الخبو الحضاري للأمة ثم مسار النهوض المأمول.

هذا، ولقد اقتربت جهود فكرية وسياسية متنوعة الاتجاهات، وبكثافة كبيرة وتكرار منتظم، من المنطقة المسماة “مشروع النهوض الحضاري أو المشروع التنموي الشامل”، وذلك خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، بل وأيضًا خلال العقد الأخير من الألفية الثانية.

وقد كان تقييم هذه الجهود في حد ذاتها غاية علمية وعملية أمامي. ولقد قمت على هذا التقييم منذ عامين (2009)([i][1])، مهتدية بمنهج علمي منظم ومستهدفة متطلبات صياغة مشروع استراتيجي لنهوض حضاري إسلامي وسطي.

ولقد سجلت مجموعة من النتائج عن “الحاضر الغائب” في مشروعات النهوض والذي أفصحت عنه القراءة النقدية المتراكمة في الأدبيات عن هذه المشروعات.

 وخلال تفاعلي مع نموذج الثورة المصرية وما تواجهه من تحديات وتهديدات أمام فرص “التغيير الحضاري” كانت ذاكرتي تستدعي ما سجلته من هذه النتائج، وأضحيت أتساءل: هل الثورة المصرية اختبار متجدد لأهمية نتائج هذا التقييم؟ ومن ثم، كيف لابد لنا، ونحن نواجه متطلبات حركة ثورية –التطهير والبناء- أن نستعين بالرؤى والتوجهات التي أُنجزت بالفعل ومازالت تنجز، سعيًا نحو تخطيط الحركة الرشيدة المأمولة، وهو التخطيط الذي بقدر ما يكون إبداعيًا، لابد وأن يستند إلى خبرة الذاكرة الحضارية حتى لا نبدأ دائمًا من الصفر؟

بعبارة أخرى، أريد الآن استدعاء أهم هذه النتائج أولًا على أن أترك للقارئ ثانيًا، أن يجتهد ويحدد الإجابة عن تحذيري من أن نضيع الفرصة مجددًا، وذلك على ضوء ما سأقدمه من تصور عن متطلبات مشروع نهوض استراتيجي وسطي حضاري، وما سأطرحه من أفكار تربط بين واقع الثورة الآن وبين دلالة الذاكرة الحضارية.

 

أولًا- نتائج مراجعة حالة الفكر العربي الإسلامي عن النهضة:

تتلخص هذه النتائج في مجموعتين:

1.    ملامح وخصائص كبرى للحالة الفكرية الراهنة عن النهضة: بين الحاضر والغائب في الأدبيات:

تتلخص أهم هذه الملامح في الآتي:

منناحية: نجد أن تحديات الغرب في ظل التغيرات العالمية منذ نهاية القرن العشرين تمثل المنطلق في الدعوة إلى الحاجة لمشروع نهوض في ظل استحكام أزمة الواقع العربي والإسلامي، وباعتباره امتدادًا لحلقات سابقة من التأزم والتدخل الخارجي.

مما يعني أن الداخل والخارج أضحيا في تداخل وتضافر شديدين ولدرجة أضحى الخارج هو المنطلق نحو الداخل. ومن ثم، أضحى رصد فقه واقع هذا الخارج بمثابة المدخل والمحدد الأساس.

ومن ثم، فإن الخيط الناظم عبر مراحل تعاقب التاريخ خلال ما يزيد عن القرنين هو تزايد وطأة تدخلات الخارجي وتأثيراته وذلك بواسطة أدوات متطورة من أجل إجهاض مشروع حضاري مستقل عن المشروع الغربي، سواء كان عروبيًّا أو إسلاميًّا.

وفي المقابل، فإن الوجه الثاني من هذا الخيط هو أنه في مواجهة هذه التحديات والتهديدات (الحضارية الشاملة التي تنجدل فيها مختلف الأبعاد العسكرية– السياسية– الاقتصادية مع المعرفية العقيدية القيمية) لم تنقطع أنماط المقاومة والاستجابة من الدائرة الحضارية العربية والإسلامية، إلا أنها أخفقت في تحقيق أهدافها.

ومن ناحية أخرى: فإن الاقتراب من تفسير هذا الوضع، بعد رصد خصائصه وأعراضه، لا يقتصر على الأسباب الراهنة فقط، ولكن يتم على النحو الذي يبرز أن الوضع الراهن ليس إلاَّ نتاجَ إخفاقات متكررة في مسار عملية النهوض التي بدأت منذ ما يزيد عن قرنين دون تحول نوعي جذري في الحالة.

إلا أن هذه الاقترابات التفسيرية بالرجوع إلى التاريخ تفتقد للآتي: تفسير استمرار التخلف والتبعية بالرغم من تتابع جهود النهوض (لماذا؟ وكيف؟): هل نتاج تزايد وطأة التدخل الخارجي، أم لغياب فقه التغيير الحضاري الشامل؟ أم لافتقاد البعد الاستراتيجي اللازم لتحويل الفكر إلى حركة؟ أم لتركيز جهود النهوض على النخب دون الامتداد إلى الشعوب وعدم اعتبارها قوى مشاركة؟

ومن ناحية ثالثة: نجد أن الحديث عن مشروعات نهوض الأمة ككل، وليس الأوطان ابتداءً، وهو الأمر الذي يعكس مستوى كلي في التحليل يفترض أن “وحدة الأمة” سبيل إلى نهوض أوطانها، وإذا افترضنا العكس، أي أن النهوض يبدأ من الأوطان، فإن الحديث لا يحدد من يقوم بالعملية: النظم العاجزة أم الجماهير غير القادرة أو غير الممكَّنة من اختيار توجهها الحضاري. ناهيك عن أن الاستغراق في الأمة وعمومياتها هو السبب في غلبة الفكري العام على حساب رصد وتشخيص الواقع من ناحية وعلى حساب تصميم الخطط التنفيذية ووضع البرامج والسياسات والمؤسسات لمواجهة المشاكل وإبداع الحلول.

ومن ناحية رابعة: فإن من الملامح والخصائص الكبرى أيضًا ذلك الافتقاد إلى تأصيل مرجعية مشروع النهوض كمنطلق لبيان نمط المشروع المأمول والمتوافق عليه مجتمعيًّا.

فالمطلوب التأصيل المرجعي للنهوض (المعيار، الميزان) ثم تقويم نتائج مسار عملية النهوض، فكرًا وحركة، سعيًا لتحديد عوامل الإخفاق وعوامل النهوض على ضوء المعيار والميزان. ثم فقه الواقع أو فقه عملية الانتقال من مرحلة إلى أخرى من تطوره وأخيرًا بالطبع “فقه بدائل المستقبل”.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الملمح يستدعي الحديث عن فروق أخرى بين الاقترابات “العروبية” لمشروع النهضة وبين نظائرها الإسلامية. وتمثل هذه المقابلة، بين العروبى والإسلامي، وكذلك بين الإسلامي والحضاري، أحد أوجه الثنائيات السائدة في فكر تقويم جهود النهضة.

 

2.    خريطة الثنائيات السائدة على حالة فكر النهضة:

وتندرج في خريطة أكبر من الثنائيات، أو هي بمثابة فرع من تيار واضح في أدبيات الفكر العربي والإسلامي بصفةٍ عامة وعن النهضة بصفة خاصة.

ولقد كانت هذه الظاهرة محل رصد وتحليل، وتمثل منطلقًا أساسيًّا للنقد والمراجعة عن الظواهر السياسية والمجتمعية من منظور حضاري إسلامي، حتى أضحى هذا المنظور هو السبيل لتجاوز هذه الثنائيات وعلاج ما يترتب عليها من نقائص تحليلية وعملية.

تقع أغلب الثنائيات” ضمن تصنيفة: القديم والحديث، التراثي والمعاصر، ومنها ثنائيات: الدين والعلم، والديني والسياسي، والإسلامي والغربي، والإسلامي والعلماني، الخصوصية والعالمية، الحوار والصراع، … إلخ. هذه الثنائيات التي باتت تملأ حياتنا الفكرية والعلمية والثقافية، وتؤثر في وعينا بالعالم من حولنا وإدراكنا لأنفسنا ولقضايانا وللعلاقات فيما بيننا.

لقد كرست هذه الثنائيات مفهوم وحالة “الفصل” و”الفصام النكد” بين مكونات ذاتنا الحضارية (قديمها وجديدها) تارة، وبين طموحاتها الحضارية (التقدم والوحدة والتمكين) وبين إمكاناتها وقدراتها (الموروثة والمستجدة)، وبين مجالات عيشها: السياسي والثقافي، والاجتماعي والاقتصادي، وبين حقائقها النوعية: المرأة والرجل، والأسرة والمجتمع والدولة والأمة، والطفل والشاب، والأجيال، الأمر الذي تسرّب إلى العديد من إسهامات الإسلاميين أنفسهم.

إن رسم هذه الخريطة من الثنائيات وتحديد ملامحها خطوة منهاجية أساسية ولا غنى عنها، ينطلق منها تصورنا النقدي والبنائي عن متطلبات صياغة مشروع استراتيجي حضاري وسطي لنهضة الأمة الإسلامية ويمكن تلخيص أبعاد هذه الخريطة فيما يلي:

 

أ- ثنائية النطاق الزمني والوجهة: التاريخ المستقبل مرورًا بالواقع

إن هذه الثنائية تطرح بقوة ضرورة تأصيل مفهوم الاستراتيجي وما يرتبط به من سيناريوهات المستقبل، بلا انفصال عن التاريخ أو الواقع الراهن، وما يرتبط به أيضًا من سيناريوهات.

 

ب- ثنائيات النهوض أو النهضة ووصفها بالحضاري

– فهناك معنيان أو مفهومان للنهوض: مقاومة الاستعمار أو بناء كيان جديد.

– وهناك تياران للنهوض: تغريبي حداثي/ أصيل أو عربي وإسلامي.

– وهناك مستويان لمشروع النهوض: فكري وحركي.

– وهناك بيئتان للنهوض ومحدداته: داخلية وخارجية.

– وهناك تجليات للنهوض: إخفاقًا أو نجاحًا.

– وهناك وجهان لعملية النهوض: ثباتًا وتغيرًا فهي ليست لخطة استاتيكية ولكن عملية تختلف تحدياتها واستجاباتها من مرحلة إلى أخرى.

– وهناك منظومات لقضايا النهوض وأولوياته الداخلي (الإصلاح) أم البينى (الوحدة ومسائلها) أم الخارجي (الاستقلال ومسائله).

– وهناك مستويان لتنفيذ النهوض: جزئي ينطلق من مدخل محدد نحو مداخل أخرى وفق رؤية عن الأولويات أو الترتيب أو الشروط.

– وهناك فواعل قائدة أو محركة للنهوض: نخب، جماعات، دول، أمم…

– وهناك التعارف والتواصل والتدافع الحضاري مع النماذج الحضارية المقارنة للنهوض: نقلاً وتقليدًا، أم انفتاحًا وتفاعلاً أم انغلاقًا.

وهذه المجموعة من الثنائيات تطرح مفهوم الحضاري” بكل أبعاده، وباعتباره جوهر منظور من مرجعية إسلامية، ويعكس خصائص الرؤية الإسلامية للعالم والنموذج المعرفي الإسلامي.

والحضاري المقصود هنا هو ذلك الذي يتجاوز كل الثنائيات السابقة فيجدل في رؤية منظومية كلية شاملة تعبر عن الذات الحضارية بين مستويات النهوض ومجالاتها وتياراتها وعلى نحوٍ يجمع بين الأبعاد المادية والأبعاد القيمية وخاصةً بين الأبعاد الدينية والثقافية والأبعاد الأخرى السياسية (وغيرها).

 

ج- ثنائية العروبي – الإسلامي: نموذجًا شارحًا

والتوقف عند هذه الحالة ليس انتقائيًا عشوائيًا ولكن انتقائي ذو دلالة معرفية ومنهجية. باعتبار أن قضية مرجعية نهوض الأمة بكل تياراتها هي قضية محورية بل لعلها القضية المحورية التي تعوق مشروع النهوض عن تحقيق أهدافه عبر ما يزيد عن القرنين، منذ أن بدأت عملية الإصلاحات والتجديدات تتأثر بقوة: اصطدامًا واحتكاكًا في ظل فرض وقسر وليس في ظل مناخ تثاقف وتفاعل حضاري “طبيعي”. بل لقد اعتبر البعض أن آفة عدم نجاح مشروع النهوض عبر قرنين هي الصدع الذي أصاب مرجعية الأمة بين أصيل ووافد ولقد انعكست قضية المرجعية على نمط تفسير أزمة التدهور والركود وعلى التصورات عن نمط التغيير المطلوب ووجهته، وعلى تقدير رؤية الخارجي مقارنةً بالداخل سواء في التدهور أو في إعاقة النهوض من جديد، وهكذا.

فإن المقابلة بين الاختلافات في الرؤى على الجانبين –القومي والإسلامي وموضعها من أسباب إخفاقات مشروع النهوض- تطرح بقوة مفهوم “المشروع الوسطي”، ليس وفق مفهوم “الوسطية” السائد في الدراسات الإسلامية ولكن بمعنى المشروع الذي يتوافق حول ملامحه الكبرى وتوجهاته الاستراتيجية التيار الرئيس في الجماعة الوطنية، وهو الأمر الذي يطرح بدوره أهمية وضرورة أن يتبلور هذا التيار حيث إن أدبيات التنمية أو التحول الديمقراطي في العالم العربي والإسلامي تتوافق على أن أحد أهم أسباب الإخفاقات، ليس الإسلام كمرجعية (كما ترى بعض التيارات) ولكن عدم وجود توافق وطني أو قومي حول توجهات استراتجية النهوض ومن ثم التغير أو الإصلاح المطلوب. بعبارة أخرى، فإن “الوسطي” هنا يشير إلى المشروع الذي يتحقق من نتاج رأب الصدع بين التيارات الفكرية الأصلية والتيارات الفكرية الوافدة، بل وعلى صعيد كل مجموعة من هذه التيارات. لأن الإسلامية تتنوع ليس تنوع التكامل المحمود ولكنه التنوع الذي انقلب إلى تعددية تدعم من التجزأة أكثر مما يحقق توزيع الأدوار([ii][2]).

 

ثانيًا- متطلبات صياغة تصور لمشروع استراتيجي وسطي حضاري للنهوض

صفات الاستراتيجي الحضاري الإسلامي الوسطى هي سبيل لتجاوز الثنائيات والاختزالات التي سادت حالة الفكر عن مشروعات النهوض والسابق عرضها. كما أن هذه المفاهيم تولد ثلاث مجموعات من المتطلبات:

(1)             توجه مستقبل الأمة.

(2)             أولويات مستويات النهوض ومجالاته.

(3)             عملية بناء الاستراتيجية وتحديد السياسات والبرامج.

 

(1)             توجه مستقبل الأمة:

لابد وأن يتحدد بناءً على خطوتين: الأولى: تحديد ما يميز جوهر الحضارة العربية الإسلامية ويصبغها بصبغته، وفهم واستيعاب أهلها لهذا الجوهر ثم كيفية تحويل هذا الجوهر إلى حركة وفعل وسلوك سواء لعلاج خلل قائم في تحديد الجوهر أو الوعي به والقيام عليه، أو سواء لإنشاء كيان حضاري جديد. والملحوظ أن النقص الساري في فكر النهضة هو كيفية ابتكار المستقبل في عالم متغير، ويظل الحاضر الغائب في كافة الاجتهادات هو عملية الانتقال من التفكير إلى الحركة أي كيفية النظر إلى التطبيق والجانب العملي وإمكانية تحويل النظرية إلى واقع ملموس وعلى نحوٍ يتصف بالوضوح والواقعية ومواكبة تحديات الواقع، وأن تكون رؤية عقلانية، وأن تتجه للناس وتحدد آجال زمنية لا تغرق في العموميات لدرجة توقعها في المثاليات ولا تقع في أسر الأجل السريع فتفتقد لكل رابطة مع التحول المطلوب([iii][3]).

الخطوة الثانية: رسم سيناريوهات مستقبل الأمة الإسلامية. ومن أبرز الجهود في هذا المجال ما قدمه “سهيل عناية الله” في بحث قيم بعنوان Alternatives Futures for the Islamic Ummah([iv][4]).

 

وهو يميز بين خمسة سيناريوهات:

السيناريو الأول (perfection of the past): محاولة العالم الإسلامي العودة إلى الذاكرة التاريخية عن “العظمة” من خلال إعادة تكرار ظروف القرن السابع هجريًا. وهذا سيناريو يبدو في نظر معظم المسلمين كنوع من الانحدار وليس النهوض.

السيناريو الثاني (Divided Islam, Divided world): تزايد الانقسامات داخل العالم الإسلامي، وحرب مع الغرب وبين الدول المسلمة أنفسها وبين طوائف الإسلام. وهذا سيناريو للانحدار المأساوي يتم ببطء.

السيناريو الثالث (The liner ascent): يتبع العالم الإسلامي من خلال الإسلام الخط الصاعد ويصبح جزءً من العالم الحداثي العلماني.

– السيناريو الرابع (A pendulum shift): يتداول فيه المسلمون والغرب المواقع صعودًا وهبوطًا.

والسيناريو الخامس (Virtuous spiral): يتصور حداثة بديلة للعالم الإسلامي، وكذلك مستقبل عالمي بديل بحيث تصبح التعددية داخل الإسلام وفي النظام العالمي قيمة أصيلة. ومن ثم، يصبح الإسلام جزء من البيئة العالمية المشاركة والحوكمة العالمية، وعلى نحوٍ يقدم حلولًا للأمة العالمية في الأفكار والسيادة والسياسة.

وهكذا، فإن سيناريوهات “سهيل عناية الله” الخمسة قد لمست عصبًا أساسيًّا كان مفقودًا بالكامل في الأدبيات التي انشغلت بالنهوض والنهضة، ألا وهو وجهة النهوض وتوجهه: نحو أي سيناريو؟ فمما لا شك فيه أن تحديد جهة النهوض أو النهضة شرط ضروري لابد وأن ينعكس على طبيعة التصور الاستراتيجي عن كيفية النهوض: فهل الغاية إحياء الماضي الذي يتطلب سقوط الحضارة الغربية؟! أم مواجهة حالة “الاستيعاب” الجارية في النظام العولمي؟! أم نهوض في ظل عالم متعدد؟! أم…

بعبارة أخرى، فإن “سهيل عناية الله” قد ركز الضوء على حاضر غائب في خلفيات كل الجهود الباحثة في مشروع نهوض، وعلى نحوٍ يبين كيف أن السيناريو الخامس هو السيناريو الذي يرشحه “عناية الله”، وآخرون، وهو على عكس تيارات حركية تراهن على سقوط الحضارة الغربية كشرطٍ لنهوض إسلامي جديد. في حين تراهن تيارات أخرى أن بمقدور الإسلام أن يقدم حلول لمشاكل العالم بأسره، فلديه الكثير ليقدمه للعالم الحديث في أزمته الراهنة، (ومن أمثالهم: منى أبو الفضل، أحمد داوود أوغلو، أحمد كمال أبو المجد).

والجدير بالإشارة أن د.زكي الميلاد([v][5])، قد نقد بقوة أسانيد الاتجاه الذي يرى أن البديل الحضاري الإسلامي هو البديل الحتمي للحضارة الغربية التي لابد وأن تنهار، جزمًا بأن البديل الإسلامي هو البديل الحتمي للنظام العالمي القائم. وبالتالي، يرفض الميلاد بذلك إطلاق الحتميات بدون توضيح الأسباب والعوامل؛ على أساس أن الإيمان بالجانب العقيدي وإن كان الأساس إلا أنه لا يغني عن (ولا يجدر أن) ينفصل عن السنن المحركة للنهوض، ولا عن برامج الفعل والعمل. وتلك الأخيرة هي التي تنقصنا في العالم العربي والإسلامي.

بعبارة أخرى، فإن تيارًا كبيرًا من المفكرين المهتمين بالمشروع الحضاري الإسلامي يتوافقون على السيناريو الخامس الذي قدمه “سهيل عناية الله”.

كيف يمكن تنفيذ هذا السيناريو؟ وما البرامج والخطط اللازمة، ومَنْ يقود هذا المشروع الحضاري على صعيد الأمة؟

فمما لا شك فيه، على سبيل المثال، أن نهج كل من إيران وتركيا والسعودية ومصر يعكس توجهًا مختلفًا نحو مستقبل وضع العالم الإسلامي في النظام الدولي… إذن، ما الذي يرجح كفة سيناريو على آخر من سيناريوهات المستقبل؟

 ومن ثم، كيف يمكن أن نخطط لمشروع نهوض يتخطى مرحلة التأصيل العام نحو حركة فعلية دون أن يكون هناك –على مستوى الحركة- توافق على السيناريو المأمول؟

وحيث تظل منظمة المؤتمر الإسلامي مجرد ساحة لجمع شمل الفرقاء، وعلى ضوء كل جهود تقويم أدائها، مقارنةً بغيرها من التنظيمات التي نجحت في تحقيق توافق على سيناريو وعلى مشروع نهوض مثل الاتحاد الأوروبي، فسيظل السؤال السابق طرحه قائمًا يحتاج إلى إجابة. وعلى الأساتذة المفكرين والمحللين المهتمين بهذا الأمر –من داخل العالم الإسلامي وخارجه– أن يقدموا له إجابة. فكيف يمكن أن نخطط مشروع دون تحديد وجهة ودون تحديد قيادة ومن ثم دون تحديد برامج وخطط عمل تتجاوز مجرد الشائع من التفكير حول القواعد والمبادئ والأسس الفكرية والتأصيلية؟

إذن، أليس اندلاع الثورات العربية 2011، وخاصةً الثورة المصرية يقدم آفاق أمام الإجابة عن هذه الأسئلة؟ وأليس مستقبل نجاح الثورة المصرية محكًا لتوافر القيادة اللازمة للأمة في المرحلة المقبلة”؟ أليست الثورة المصرية منطلقًا لاستعادة دور مصر القيادي في الدائرة العربية والإسلامية ونحو دور يشارك في متطلبات التغيير العالمي نحو عالم أكثر عدالة إنسانية؟ إن تفرد نموذج الثورة المصرية والمخزون الحضاري لشعب مصر لابد أن ينعكس في مصر جديدة تؤمن بدورها الحضاري وتستعيد ما كان لهذا الدور من تأثير في مراحل سابقة عبر تاريخ الأمة العربية والإسلامية.

 

(2)            مستويات الرؤية والاستراتيجية ومجالاتها:

والمقصود بالمستويات: الداخلية والخارجية، وبالمجالات تلك السياسية أو الاقتصادية… إلخ من مجالات العمل والحركة. أما المقصود بالاستراتيجي فهو الذي ينتقل بالفكر من المعرفي والفكري والنظري إلى العملي، وتصبح السياسات العامة هي حلقة الوصل بين التأصيل الفقهي والحضاري وبين التنزيل على الواقع بصورة عملية. ومن ثم، فإن تحديد مستويات هذا التصور ومجالاته والعلاقات البينية التي تجدلها وتضفرها معًا خطوة نحو صياغة السياسات العامة.

   المستوى الأول ومجالاته: الداخلي المتصل بالإصلاح والتجديد في داخل الأمة (تفاعلا مع المستوى الثاني (الخارجي وتأثيراته)).

ويستوجب الانطلاق من رؤية حول مآل ونتائج جهود النهوض السابقة –ولنأخًذ مثالا مشروع الإمام محمد عبده: وما كتبته عن هذا المشروع منذ خمسة أعوام، خلال الاحتفال بمرور مائة عام على وفاته. فما مآله وما دلالة هذا المآل بالنسبة لأبعاد تصور استراتيجي مستقبلي عما يحتاجه الداخل الآن؟

ومنطلق الحديث في هذا المستوى أن حال أزمة الداخل الآن لا تتحمل تكرار حديث ما قبل مائة عام. فنحن الآن لا نتحدث عن كيف ننقل من الغرب أو ماذا ننقل، ولكن نتحدث عما سبق النقل عن الغرب من أزمات وكيف يُصَدر لنا الغرب أزماته مع الحداثة؟ ومن ثم، فإن البدء بالإشارة إلى مآل مشروع محمد عبده (كمثال) إنما لتوضيح دلالة الملاحظة السابقة.

ما المآل والمحصلة عبر مائة عام منذ مشروع الإمام محمد عبده([vi][6])؟:

بداية الاقتباس: “كان للإمام مقولةٌ، وإن لم تحظ بشهرة قولته في السياسة، إلا أنها لا تقل أهمية، وهي: إنه بدون الإصلاح التربوي والتعليمي –ومن منطلق الإصلاح الديني– سيعود الاستبداد والاحتلال بعد كل ثورة.

وإن هذا المشروع لم يتحقق كاملا حتى الآن لعدة اعتبارات نوجزها فيما يلي:

فالإصلاح الديني الذي دعى له محمد عبده كسبيلٍ لتجديد الدنيا لم يتحقق من خلال الربط الفاعل بالدنيوي. ولذا؛ فإن هدف حفظ الدين -خوفًا من تدخل السلطة السياسية الدنيوية وتلاعبها السياسي باسم الدين، وخوفًا أيضًا من عواقب صدمة الاحتكاك المباشر بالغرب– قد آل إلى الحفظ بمعنى الجمود. ومن ثم، وفي مواجهة ضغوط التحدي المزدوج من جانب الاستبداد الداخلي والخارجي، على حدٍ سواء، لم يعد بمقدور الإصلاح الديني أن يقدم طريقًا مستقلا وفاعلا يقاوم هذين النمطين من الاستبداد ولو بالمناورة بأحدهما ضد الآخر.

ومن ناحية أخرى، لم يتدعم الإسلام الحضاري، كقاعدة لإصلاح المجتمع، بقدر ما تدعم بالتدريج الإسلام السياسي؛ ومن ثم فقد تدعم التغيير السياسي منفصلًا عن التغيير المجتمعي مما أدى بكل فرص لما يسمى “التغيير الحضاري”.

فإن حركة القوى الوطنية لم تنطلق من رؤى استراتيجية تجمع كافة أنماط الجهود وفق متطلبات الإصلاح الشامل الحضاري، وليس السياسي فقط، بحيث لا يبدو جانبا النضال الوطني على صعيد الإصلاح المجتمعي، وعلى صعيد النضال السياسي والعسكري كما لو كانا بديلين يستبعد أحدهما الآخر، في حين أنهما متكاملان متعاضدان ويعكسان نوعًا من التوزيع الحميد للأدوار الذي تتطلبه متطلبات بناء القوة الشاملة. إلا أن هذا النمط من الاستبعاد والإقصاء المتبادل، وإن لم نقل التنافس بين الأدوار النضالية السياسية والأدوار الإصلاحية، قد ظل ممتدًا عبر مائة عام بعد محمد عبده، سواء على صعيد التيار الإسلامي أو غيره. فنجد على صعيد التيار الإسلامي أنه قد تفرع إلى روافد فكرية وحركية تنغمس كل منها إما في النضال السياسي، أو الإصلاحي العقيدي والتربوي والمجتمعي، كما لو أن هذه المجالات منفصلة أو لا تمثل درجات متراكمة من الجهاد بمعناه الشامل، أو ليس من المفترض أن تصب مخرجات كل رافد في الأخرى وتدعم بعضها البعض، بل قد تتبادل هذه الروافد الاتهامات. وبذا، غاب مفهوم الإصلاح الإسلامي الشامل في مرحلة ما بعد الاستقلال تحت تأثير ظروف عديدة وحال الضعف الحضاري –بالرغم من ملامح تجدد عناصر القوة المادية- دون تحقيق أهداف الحرية والاستقلال.

وفي ظل تجارب النظم الحاكمة في الدول القطرية ما بعد الاستقلال، برزت أبعاد الوجه الآخر للعملة، لدى التيارات الأخرى: سواء القومية أو اليسارية أو الليبرالية ألا وهو علو أولوية السياسي والاقتصادي (سواء ضد الغرب أو إلحاقًا به) على حساب الديني أو هوية الدولة أو التربوي التعليمي والمجتمعي. فجميع هذه التيارات لم تعتبر الإصلاح الديني منطلقًا مناسبًا أو على الأقل حصرته في نطاق ضيق –لا يتعدى حدود الفرد– إن لم تكن قد استبعدته على الإطلاق على اعتبار أن توظيف الدين اجتماعيًا وسياسيًا هو مصدر التخلف والاستبداد، أو أن الفصل بين الدين والسياسة ضرورة الدولة الحديثة.

إن مـآل خبرة المائة عام هذه لتؤكد على أمورٍ ثلاثة وهي أن الإصلاح التربوي– الديني والإصلاح السياسي وجهان لعملة واحدة، وأن جهود الإصلاح الحقيقية لا تحوز رعاية المحتل أو قوى التدخل الخارجية وكذلك قوى الاستبداد الداخلي، وأن مصالح هذه القوى لا تستقيم ودور فاعل للمكون الديني في عمليات الإصلاح.

بعبارة أخرى، فإن مسار خبرة الإصلاح الإسلامي بعد صدمة الحملة الفرنسية، مرورًا بالبعوث إلى الخارج والمدارس التبشيرية وصولًا إلى الاحتلال وما بعده، ومن ثم، نتائج هذه الخبرة المحدودة حتى الآن لتبين – كما يرى البعض- فقدان الميزان الإسلامي العصري للتعامل مع التيارات الحضارية الوافدة لتأخذ طابعًا إسلاميًا قوميًا مميزًا. فهذه هي الإشكالية التي تصدى لها الإمام منذ مائة عام، ولكن لم ينجح ورثة مشروعه في الفكاك منها. مما يدفع بالسؤال: لماذا؟ وما الدلالة الآن وبالنسبة للمستقبل؟ ومن ثم، وبعد ما يزيد عن مائة عام من رحيل الإمام محمد عبده، فإن واقعنا المعاصر يتسم بالتعقيد والتشابك الكبير بين الداخلي والخارجي، بين الثقافي والسياسي، بين الديني– التربوي– التعليمي وبين السياسي، وعلى نحوٍ أبرز وبقوة الآن وأكثر من أوقات سابقة حديث الإصلاح، الذي بيَّن، وبطريقة أكثر ظهورًا عما قبل، إشكالية العلاقة بين الديني والسياسي سواء الداخلي أو الخارجي (تجديد الخطاب الديني بين دوافع ومبررات ومجالات الداخل والخارج) وكذلك العلاقة بين التربوي- التعليمي والسياسي الداخلي (التربية المدنية كشرطٍ أو كداعم للتحول الديموقراطي)، وأخيرًا: العلاقة بين أنماط التفاعل الحضاري (حوارًا أو صراعًا من أجل التجديد الذاتي أو الإلحاق والتبعية الحضارية) وبين آفاق الاستقلال وبناء منظومة القوة الشاملة، حيث أضحى حوار الثقافات أو صراعها في صميم الفعل السياسي داخليًّا وخارجيًّا.

بعبارة أخرى، أضحت قضية الإصلاح في قلب قضايا العلاقات الدولية الراهنة للأمة الإسلامية، أي في قلب المتطلبات الداخلية لإحياء الأمة والخارجية النابعة من صميم وضعها في النظام العالمي وعلاقاتها مع نظمه الفرعية ناهيك بالطبع عن نظامه السائد (في ظل الهيمنة الأمريكية). ومهما بدا لنا من بروز البعد العسكري في الحرب العالمية على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية –وحلفاؤها– ومهما بدا لنا أيضًا من ظهور البعد العسكري في نمط جديد هو الأعمال الإرهابية أحيانًا وأعمال المقاومة ضد الاحتلال والهيمنة أحيانًا أخرى لمواجهة مشاريع الهيمنة الأمريكية الصهيونية ليس على العالم العربي والإسلامي فقط ولكن العالم برمته، فإن البعد الديني، الثقافي، الفكري، التربوي والتعليمي يحوز أولويته أيضًا باعتباره دافعًا أو مبررًا أو أداة سواء للهيمنة أو لمقاومتها.

ومن ناحية أخرى، وإن بدا لنا أننا نتكلم عن دول عربية ومستقلة (لا تضاهي حالة الاحتلال منذ مائة عام)، إلا أننا في الواقع نعايش حالة احتلال عسكري جديد وحالة استعمار في مرحلة ما بعد الاستعمار الجديد، وفي ظل وضع فكري وثقافي مجتمعي ليس أقل تأزمًا مما كان قائمًا منذ مائة عام، حقيقةً زادت المؤشرات الكمية عن التعليم والصحة… وغيرها من مؤشرات “التحديث” إلا أن الأثر في مضمون فكر وعقل ووجدان الأمة كان واهيًا، بدليل تقلص علامات إرادة الفعل القوية المعارضة والمناهضة للاحتلال الداخلي والهيمنة الخارجية والتي كان يجب أن تترجم نفسها في حركة واسعة على صعيد الشعوب وليس صعيد النخب فقط.

ولذا؛ ومع صعود ملامح النضال السياسي والجهاد العسكري في أماكن متفرقة من الأمة، ترتفع أيضًا من جديد ملامح للنضال الإصلاحي الديني– الثقافي- التربوي التعليمي. وبذا، ألا يمكن القول إن الدلالة التاريخية لعصر محمد عبده تتكرر –من جديد– بعد مائة عام، ولكن في ظل سياقات وطنية وإقليمية وعالمية مختلفة؟ وهذه السياقات وإن أفرزت تحديات متجددة، إلا أنها تظل تعكس ثبات المضامين في ظل أشكال متغيرة. فها نحن الآن نعايش: تدخل أجنبي متزايد باسم حماية الأقليات وحقوق الإنسان والديموقراطية، وهو في الواقع من أجل مصالح استراتيجية كبرى، وخطاب ديني مأزوم كجزء من أزمة مجتمعية وسياسية شاملة في ظل استماتة النظم القائمة على البقاء باسم مسئولية الإصلاح، وتجريم مقاومة الاحتلال والاستيطان والاعتداء على الإسلام ورموزه باسم محاربة الإرهاب، وتفكيك كل رابطة من روابط الانتماء والتماسك الداخلي الإقليمي عبر أرجاء الأمة على نحو يشيع مخاطر التجزئة على مستوى الوطن الواحد أو الدولة الواحدة…

ولهذا كله؛ تبدو أهمية إعادة قراءة منظومة فكر وحركة مفكرين من أمثال الإمام محمد عبده للتذكرة والعبرة والنصح، في سبيل استراتيجية شاملة، ليس للنهضة أو الإحياء أو التجديد، ولكن ربما لأمر جلل أكبر من هذا هو حفظ الأمة، ليس بتجميدها ولكن حفظ بقائها حتى يتيسر نماؤها؛ حيث إن الأمة تتعرض لعملية إفناء منظمة يشارك فيها الداخل والخارج على حدٍ سواء. ولذا؛ أتساءل لماذا لا يحظى الداعون إلى الإصلاح الديني والتربوي والتعليمي، من منظور حضاري، من اهتمام بمثل ما حظي به “المدعويين” بالإرهابيين من جانب “الاحتلال الداخلي” أي سلطة الاستبداد من الداخل، وسلطة الهيمنة الخارجية.

فإن عملية الإصلاح المجتمعية الشاملة المطلوبة، ليست مَهمة الحكومات والقادة السياسيين والحزبيين فقط ولكنها بالأساس وابتداءً مهمة قادة الفكر والمجتمع الأهلي بمؤسساته المختلفة، ليس باعتبارها في صراع مع الدولة (وفق المنظور الواقعي عن وظيفة المجتمع المدني ودوره)، ولكن باعتبارها ذوات دور موازٍ لدور النظم والمؤسسات الرسمية ووظائفها. فمهما استمسكت هذه النظم بالبقاء والاستمرار مدعية أنها قادرة على الإصلاح، ومهما كانت درجة خضوعها لتدخلات وضغوط خارجية باسم الإصلاح أيضًا.” (انتهى الاقتباس)

وعلى ضوء تحديات التطهير والبناء التي تواجه عملية التغيير مع الثورة المصرية: فإن الخبرة الحضارية (المشار إليها) تستوجب استدعاء ذاكرتها ودلالتها عن ضرورة صياغة رؤية شاملة عن مجالات التغيير والخيوط الناظمة بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي وما هو تربوي وما هو ثقافي وبين ما هو ديني، وذلك من منظور حضاري ذو مرجعية إسلامية. وهو المنظور الذي يستطيع تجاوز الثنائيات المتضادة.

هذا، وقد بين نموذج الثورة المصرية الحضاري مدى عمق النموذج الحضاري لشعب مصر، وكيف أنه مازال في هذه الأمة أحرار قادرون على الفعل الحضاري. ولعلهم يسترشدون بهذه الذاكرة الحضارية الحية ويعدون متطلباتها وهم يرسمون خطة الحركة والانتقال من الرؤى والأفكار إلى الخطط وبرامج العمل.

 

 

(3)            عملية بناء الاستراتيجية وتحديد السياسات والبرامج:

أنقل هنا عن مخطط عكف على إعداده مركز الحضارة للدراسات السياسية (2009)([vii][7]) لتقديم تصور استراتيجي عن النهوض يستكمل ما سبق تقديمه في إصدارات حولية “أمتي في العالم”، وانطلاقًا من طبيعة الحالة الراهنة  حينئذٍ في مصر والعالم العربي والتي كان يسيطر عليها تراجع خطى التغيير وخمود جذوة الإصلاح بعد اشتدادها. كان محور هذا المخطط ومنطلقه هو كيفية تجديد أنماط الاستجابات الإستراتيجية وضرورة الحديث عن كيفيات الإصلاح (أي عن الحاضر الغائب دائمًا: كيفية الانتقال من الرؤى إلى التطبيق).

 

(بداية الاقتباس)“وفي هذا الصدد قدم المخطط الأفكار التالية:

1- الخط الذي ينبغي الشروع فيه يشتمل على ثلاث ضرورات:

– ضرورة بيان حال الوعي بالتحديات ورصد الخرائط الإدراكية الخاصة بها لدى النخب والجماهير؛ وذلك في سبيل إيقاظ هذا الوعي وتقويم هذه الخرائط.

– ضرورة بناء القدرة على إنتاج الاستجابات الصحيحة والصالحة المكافئة للتحديات؛ والتعرف على أنماط الاستجابات السالبة والسلبية، وتعديلها أو تحويلها أو إيقافها.

ضرورة تأسيس استراتيجيات وفكر استراتيجي طويل المدى واسع المجال؛ من أجل استشراف مستقبل الأمة ضمن مشروع حضاري متكامل؛ يبدأ بالرؤية الكلية ويتحرك صوب القطاعات والمجالات النوعية، يرصد تحدياتها، ويقوّم الاستجابات لها، ويؤسّس لاستراتيجيات التعامل البنّاء معها.

2- ومن ثم، اقترح أن تُقدّم الرؤية الكلية التأسيسية التي تنبني –بدورها- على تلخيص ونقد لمجموعة التحديات والاستجابات التي رصدتها الحولية عبر أعداها السبعة الأولى، وأعمال رصدية استراتيجية موازنة. هذه الرؤية الكلية المعنية بكيفيات الإصلاح: مناهج، واستراتيجيات، وسياساتٍ، وإبداعًا، تشتمل على رسمٍ للخرائط الإدراكية الخاصة بتحديات الأمة وأنماط الاستجابات لها، ومناهج بناء الاستجابات الإيجابية الفعّالة، استراتيجيات الإصلاح والنهوض الحضارية:

– كيف تدرك النخبة والجماهير تحديات الأمة وأولوياتها وأنماط الاستجابات الفعلية وسماتها؟.

– ما استراتيجيات الإصلاح والتغيير القائمة والتي يقدمها الداخل أو يقُحمها علينا الخارج؟

– “كيفية بناء مشروع حضاري للتغيير والإصلاح؟”.

  هل قَدّم أحدهم/ أو بعض المؤسسات مشروعًا حضاريًّا للإصلاح؟

– هل؟ ومن؟ ومتى؟ وكيف؟

        – ما سمات هذه المشروعات؟ هل هي مشروعات استراتيجية مستقبلية؟ أم أنها تكرر رصدًا وتشخيصًا دون طرح سيناريوهات محددة للعمل؟ ولعل هذا ما تم في هذه الدراسة الاستكشافية التي بين أيدينا والتي نحن بصدد خاتمتها.

– كيفية تقديم رؤية إبداعية تجديدية للاستجابات والاستراتيجيات من أجل المواجهة والإصلاح.

وفي هذا تم التنبيه –بل التحذير- من الوقوف عند حدّ رصد التحديات، أو الاقتصار على العمل التنظيري أو التأصيلي، أو طرح الأفكار العامة، أو الاكتفاء بالدعوة إلى التغيير والإصلاح، وضرورة التأكيد على أن “الكيفيات” هي الهدف، وأن إبداع حلول للمشكلات ومخارج للأزمات هو المطلوب.

وفي هذا جرى نقاشٌ حول ماهية “المشروع الحضاري” ومناطه: الأمة أم الدولة؟ الفرد أم الجماعة؟ السياسي أم الاجتماعي؟ الديني أم المدني؟ الداخل أم الخارج؟… وما إلى ذلك من ثنائيات شاع التصارع بها وعليها ومنها. وكانت خلاصة هذا النقاش أنه إذا كانت الرؤية الإسلامية قد أرست قاعدة اجتماعية عامة تزرع في كل فرد فيها المسئولية والدافعية لتغيير السلبي ومواجهة التحدي من خلال الوصية والتنبيه النبوي الجامع: “كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته…”، فإن الفرد أو الإنسان المسلم هو مناط التغيير والإصلاح ومنطلقه في مشهد الأمة الحضاري الراهن. ومن ثم، فإن استقصاء هذا العدد للخرائط الإدراكية لوعي أطراف الأمة من نخب فكرية وعلمية وسياسية، وقبلها وبعدها وعي المواطن ورجل الشارع العادي بخرائط تحديات الأمة واستجاباتها وآليات تحقيق استراتيجياتها النهضوية الإصلاحية، يمثل خطوة أساسية في بناء مشروع حضاري إسلامي يستهدف فكَّ شفرة قابلية الانقسام المشهودة وإصلاح هذه القابلية لدى الإنسان المسلم –باعتبارها خطوة أولية تأسيسية- وجعله مفتاحًا للخير والتحضر مغلاقًا للشر والتعثر، قادرًا على تقديم إجابات لتساؤلات على نحو:

  أسباب عدم قدرة عالم المسلمين وأمتهم على إبداع حلول للمشكلات، وتنفيذها في واقعهم الحضاري المتأزم.

  كيف يكون التغيير للأصلح؟ وما منطلقه؟

  وما حجم إصرارنا على إنجازه؟

  وبأي مستوىً نبدأ…؟

كيف يمكن أن نحوّل قابليات الأمة للاختراق والتبعية إلى ممانعات ومواطن مقاومة؟ وكيف نحسِّن كفاءة تفكيرنا لكي نحول الضغوط والتحديات إلى فرصٍ وإمكانات؟

3-       تفعيل المداخل المنهاجية التي أنتجها التنظير في المنظور الحضاري. وذلك من قبيل مدخل القيم، ومدخل الأنساق المعرفية المتقابلة، والنموذج المعرفي التوحيدي، والمنظور المعرفي، وفلسفة التغيير، والمدخل السُّفني، والأنماط التاريخية للعلاقات الدولية، ومدخل الأمة القطب، ومدخل المقاصد، ومدخل السُّنن، ومدخل التحديات والاستجابات.

 وعقد حلقات نقاشية حول الموضوعات الفرعية يحضرها خبراء متخصصون وأساتذة لطرح رؤاهم العملية حول إجراءات واستراتيجيات التغيير، على أن يتم تحرير مداخلاتهم والاستفادة منها في إنجاز الملفات والدراسات سواء تلك التي يعدها الباحثون الخبراء، أو شباب الباحثين والتي ينفذها شباب الناشطين.

4- بناء الاستراتيجيات: وقضية بناء الاستراتيجيات الإصلاحية والتغييرية في الأمة، يشار فيها إلى أن المدخل المقاصدي يبرز العديد من القدرات والإمكانيات؛ حيث يشتمل على ثماني نظريات أو عمليات واضحة تتضافر في تحقيق هذا الغرض؛ هي: تحديد المجالات (مجالات التحديات، ومجالات بناء الاستراتيجيات) ثم الأولويات، فالوسط أو الواقع المحيط الذي يعد الفقه فيه ومعرفته جيدًا بحاله ومجاله ومآله (أو آثاره) وفجواته وجسوره من أول خطوات بناء الاستراتيجيات، ثم تحديد المناطات الكفيلة بتسكين ما هو جزئي متعين في كليٍّ يفسره ويكشف عن الكثير من خصائصه، فمراعاة قضية الحفظ بنوعيه (إيجابًا وسلبًا) فبناء الموازين والقيام بالموازنات اللازمة للاختيار بين البدائل الاستراتيجية وإنجازها، ومتابعتها، وتقويمها، ثم فقه الآليات والوسائل الأنسب لإنفاذ الاستراتيجية وتطبيقها، ثم تبين المآلات.

وهذه الاستراتيجيات بهذا التكوين المنهجي توفر إمكانية لبناء: السياسات، فالعلاقات، فالمؤسسات، وقبل كل ذلك بناء وإعداد الإدراكات لكي تتواءم مع المتطلبات الاستراتيجية… الأمر الذي لا يعدم حاجة مستمرة إلى المراجعات ذهابًا وإيابًا تحقيقًا لمعنى “الباحث الأوّاب”.

وفي بناء استراتيجيات الأمة، نعني بمنظومة استراتيجيات بناء الأمة، وهي التي تتكفل بها في الخارج جهات وفعاليات يجيد الغربيون الاستفادة منها؛ من قبيل: مراكز التفكير الاستراتيجي، والحاجات ذات البعد الاجتماعي والإسهام الحضاري، والتقارير الاستراتيجية الكاشفة عن التحديات وعن الفرص، والطارحة للبدائل الأكثر فعالية وكفاءة، والسياسات الواعية لحتميات التغير والتغيير وضرورات المواكبة لها بالتعديل والإصلاح الدائمين، والأطر الدولية والإقليمية التي ينبغي أن تهيّأ لاستقبال عمليات البناء والإصلاح استقبالاً غير معيق ولا مانع ولا قاطع للطريق…

إن عمليات بناء استراتيجيات الأمة يقصد بها منظومة من الأعمال والإجراءات التي تقوم عليها قطاعات الأمة وسائر “إنسانها” من أجل تجميع طاقات الأمة وإمكاناتها –وعيًا وسعيًا- بما يحقق لها استقلال القرار، وتقوية الذات، والاعتصام فيما بين الأجزاء والمكونات.” (انتهى الاقتباس)

وعلى ضوء متطلبات التطهير والبناء، فإن الخطط والبرامج تحتل أولوية لإحداث تغيير، وإن التخطيط الاستراتيجي للتحرك من الفكر إلى التطبيق والتنفيذ مجال حيوي ومهم ولكنه يعاني القصور ويحتاج لمزيد من الانطلاق، وليس العودة مرة أخرى للوقوع في مزالق الحديث عن “المشروع” وليس عن الخطط والسياسات والبرامج.

إن هذا الانطلاق يستلزم أمورًا محددة: رؤى جديدة في القطاعات المفصلية، وروابط في القطاعات بين أصحاب الأدوات والآليات الإبداعية في التنفيذ على كافة المجالات. ومن هنا، وعلى ضوء طبيعة نموذج الثورة ذاته كنموذج حضاري توافقي، لابد وأن نسجل ضرورة بل وحيوية التشبيك بين مستويات ثلاثة: أصحاب الرؤى والأفكار، المخططون الاستراتيجيون، الناشطون المبادرون بالحركة على الأرض. وهو التشبيك الذي يمثل طريقًا ذا اتجاهين (من أول مستوى إلى الثالث عبر الثاني، ثم من الثالث إلى الأول عبر الثاني أيضًا).[viii][8]

خلاصة القول:[ix][9]إن الدراسة المعمقة حول “مشاريع النهوض الحضاري عبر القرن العشرين”، حاولت  فهم حالة التفكير حولها، وجرى الحوار عليها؛ وأوضحت أطروحات هذه المشروعات بإجمال والتي اتسم الكثير منها بالشمول مثل (الجامعة الإسلامية)، وكذلك كيف جاء تركيز أغلب الطروحات على: أسباب ضعف الأمة (الاستعمار والاستبداد والتخلف)، ومحاولة تجاوز النظر إلى الواقع وتطوراته إلى مستقبل أرحب لكن دون استيعاب للواقع نفسه يبرزه خطاب هذه المشروعات.

كما اتسم كثير من المشروعات بالتعميم المفرط، والاجتزاء في مداخل الإصلاح: سياسي، أو اقتصادي، أو تربوي، دون ربط، وكذلك العناية بعالم الأفكار دون عوالم المؤسسات والأشخاص والأحداث، وأخيرًا اتسمت أغلب هذه المشروعات بالفصل بين الداخل والخارج بصورةٍ عامة. والخلاصة، أنها تعبر عن جهود فكرية عميقة لكن بلا جهد حقيقي للتقريب من التنفيذ. لقد كانت رؤى الإسلاميين مثلًا في هذا الصدد بارزة ومتراوحة بين الخطاب العام ومشروعات ما أسمي الإسلام السياسي وقابله الديني والتربوي والاجتماعي.

وأمام التساءل لماذا لم تثمر كثير من المشاريع الفكرية والنهضوية نتيجة حقيقية؟ طرحت تفسيرات تتعلق بالفصل الذي أقامه بعض الرواد بين الديني المجتمعي التربوي وبين الشأن السياسي والاستراتيجي، وضعف اتصال الفكر النهضوي بالواقع، كذلك انطلقت مشروعات من قطيعة إما مع المرجعية والأصل، أو مع جديد العصر.

وفي النهاية، فإننا أمام فرصة تاريخية لإنجازمشروع نهضوي عملي يبدأ من مصر ويمتد إلى سائر الأمة فالعالم، كما أننا ينبغي أن نستفيد من مثالب التجارب السالفة سواء في المشاريع الفكرية أو الخبرات العملية (كثورات مصر 1919، 1952..)، فالمشروع النهضوي بات في حاجة ماسة إلى الجمع بين الفكر والعمل. الفكر يشمل: الرؤية التأسيسية، والهوية والانتماء الحضاري، ومداخل التغيير، وأولويات المرحلة. والعمل يشمل: التوعية والاتصال بقطاعات المجتمع المختلفة، وآليات عدة: لإنشاء أو تبني كيانات تقوم على تفعيل فكر النهوض، وآليات للتحريك والتحويل من الفكر إلى الحركة، ضمن فقه تدبير عملي، وآليات للتنسيق والتجميع، وآليات ترشيد وحفز.

وختامًا، إن المناخ الذي خلقته الثورة، الحرية المسئولة، يقدم فرصًا كبيرة. فلقد كسر واستبعد التساؤل عمن يبدأ التغيير الحضاري في ظل حكم مستبد، فإن الثورة الشعبية كسرت الحلقة المفرغة وقدمت نموذجًا للإنسان المصري لابد أن ينتشر ويصبح روحًا سارية في كل مصر.

ولكن حذار أن يعلو مجددًا جانب على جانب من جوانب التغيير الحضاري فنعود إلى دائرة مفرغة من الأولويات الكاذبة؛ الديمقراطية أولا أم العدالة الاجتماعية، الهوية أولا أم الديمقراطية…!

 وحذار أن نقفز على قضية هوية الأمة والدولة والمجتمع، فنعود إلى ما لدى الوافد من شكل دون جوهر، ونتمسك بثبات الأصيل دون اجتهاد واعٍ وتجديدي.

 وحذار أن ننسى أننا جزء من العالم يؤثر فينا ونؤثر فيه مع الوعي بأننا أمة ذات ذات جوهر حضاري متجدد وعلينا مسؤلية تجاه العالم أيضًا.

وحذار أن نعود إلى الثنائيات الاستقطابية بين مرجعيات النخب والقادة، فلابد أن نتجاوزها ونتحرك نحو توافق مجتمعي لبناء تيار رئيس في الجماعة الوطنية.

وحذار أن نظل أسرى الرؤى والأفكار دون إبداع. فإن الاستجابة لهذه المحاذير وغيرها لابد أن تقود الثورة إلى تغيير حضاري، وليس مجرد تغيير سياسي. إن هذه التحذيرات، على ضوء خبرة الذاكرة الحضارية، إنما تستلزمها حزمة التهديدات التي تحيط بالثورة الآن، وجميعها تتطلب حفز الوعي وتعبئة القدرة الثورية ودعم القدرة على الاستمرار. ولعل في الذاكرة الحضارية ما يضيء طريق المستقبل.

القاهرة 15/4/2011

 

الهوامش



 



([i][1]) د. نادية محمود مصطفى: دراسة استكشافية في مشروعات نهضة الأمة: نحو بناء مشروع استراتيجي لنهوض حضاري وسطي، في: أ.د.نادية محمود مصطفى، د.هبة رءوف عزت (محرران)، مشروع النهوض الحضاري ونماذجه التطبيقية: الأمة والعالم، مركز الحضارة للدراسات السياسية، منتدى النهضة والتواصل الحضاري، القاهرة، الخرطوم، 2009 (تحت الطبع).

(([ii][2] انظر في هذا الصدد؛ أي حول سمات الجماعة الوطنية وشروط رأب الصدع على صعيدها: طارق البشري، المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية، دار الشروق، القاهرة، 1988.

 (([iii][3] زكي الميلاد، المسألة الحضارية: كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟ مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، 2008.

 ([iv][4] (Sohail Inayatullah, Alternative Futures for the Islamic Ummah, at: http://www.metafuture.org/Articles/AltFuturesUmmah.htm

(([v][5] زكي الميلاد، مرجع سابق، ص 211- 234.

 ([vi][6]) نادية محمود مصطفى: العلاقات الدولية للأمة الإسلامية في منظومة فكر الإمام وحركته، مجلة المسلم المعاصر، عدد 119-120 (عدد خاص عن الإمام محمد عبده)، إبريل – يونيو 2006.

([vii][7]) أعد المخطط وناقشه كل من: المستشار طارق البشري، د.سيف الدين عبد الفتاح، د.نادية مصطفى، أ.مدحت ماهر الليثي. وصاغ التقرير المنقول عنه أ.مدحت ماهر الليثي المدير التنفيذي لمركز الحضارة للدراسات السياسية.

([viii][8])انظر مبادرات تحالف الفكر الحر الذي يجمع بين أصحاب الرؤى وخبرة التخطيط الاستراتيجي والعمل الحر على موقع مركز الحضارة للدراسات السياسية: http://www.ccps-egypt.com

 

([ix][9] ) انظر تقرير أعده أ.مدحت ماهر عن حلقة نقاشية نظمها مركز الحضارة للدراسات السياسية في 2/4/2011 حول أسس تحالف وطني للتنمية على ضوء رؤية عن مشروع نهوض حضاري شارك فيها كل من: د.نادية مصطفى    م.إيهاب الفولي    د.بسمة عبد الغفار    د.مجدي سعيد – أ.هشام جعفر    أ.توفيق غانم    د.باكينام الشرقاوي    أ.أيمن شحاتة – أ.عبد الرحمن حمدي    أ.عبد الله عرفان –  أ. محمد كمال محمد – مدحت ماهر. وهو متوافر على موقع المركز: http://www.ccps-egypt.com

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى