المؤسسية المجتمعية ودورها في النهوض

اللقاء السادس من الموسم العلمي لمركز الحضارة للدراسات والبحوث

تقديم

في التاسع من ديسمبر  2023 عُقِد اللقاء السادس من الموسم العلمي لمركز الحضارة للدراسات والبحوث، الذي يُعنى بالجديد في العلوم المرتبطة بالواقع وفق منظور حضاري. وهو اللقاء الذي قدمته د. ريهام خفاجي(*)، ودار حول موضوع مهم هو”المؤسسية المجتمعية ودورها في النهوض“.

ويستهدف المركز من العناية بهذه الموضوعات دفع محاولات تطوير الذات والمساهمة فيها، في ظل سيطرة الحضارة الغربية على مجال العلوم السياسية والاجتماعية. وقد بيَّن ما قطعناه من شوط في سبيل هذا التطور أن الأطروحات الغربية؛ حيث مركزية الدولة ومركزية مفهوم القوة، ليست هي الخيار الأفضل في النظر للعلوم الاجتماعية والسياسة بصفة خاصة، ولا بد أن يكون هناك مركزية لمنظور العمران؛ وهو ما يستدعي دور المجتمع. ونجد في تاريخنا وتراثنا وحضارتنا نماذج فكرية وواقعية جديرة بالاهتمام في هذا الإطار، كما برزت العناية بالمجتمع في فكرنا العربي والإسلامي المعاصر، واهتمت اتجاهات اليسار وكذلك بعض الاتجاهات الغربية بالمجتمعات العربية أنثروبولوجيا أو من مناهج سوسيولوجية مختلفة.

وفي الرؤية الحضارية الإسلامية قُدِّمت رؤى مهمة مثل شبكة العلاقات الاجتماعية، والحديث عن الحركات الأهلية والمجتمعية، وما يجب أن تكون عليه صورتها، وعلاقة المجتمع بالدولة، وتأكيد أهمية التنظيمات أو التكوينات المؤسسية المجتمعية؛ كل ذلك في مقابل الرؤى الغربية التي تتعامل مع المجتمعات بصورة أفراد، والتي تمثل قطيعة عن تاريخنا ومصالحنا.

ورغم أن الغرب ما زال له السبق في التنظير لرؤيته في هذه الساحة المهمة، إلا أنه من المهم أن نطرح رؤيتنا الحضارية في ذلك، وأن نطلع على ما هو جديد حول المؤسسية ودورها في النهوض بالمجتمعات ومن وراءها الدول والأمة.

ملاحظات افتتاحية:

بدأت د.ريهام خفاجي حديثها ببيان أن دراسة المؤسسات المجتمعية يمكن اعتبارها شكلا من أشكال الإصلاح أو التغيير؛ حيث وصلت الدولة لدرجة من التكلّف يصعب معها تحقيق إصلاح بنيوي أو جذري.

  • وأكدت في هذا الإطار، أن هناك حالة من التزاوج بين العلم والعمل في تناول القضايا المتعلقة بالمؤسسات المجتمعية. وقد ساد لفترات زمنية طويلة تصور معين حول الأدوار المنوطة بمؤسسات المجتمع المدني وتعريفاتها، وكلها مرتبطة بالتعريفات الغربية، وهو تصور مخالف للمؤسسات المجتمعية في العالم الإسلامي التي تملك رؤية متكاملة مختلفة نشير إليها لاحقا. وبالتالي فإن تسكين المؤسسات المدنية بوضعها الحالي كان في حال إشكالية وكان من الأسهل اقتباس النموذج الغربي في هذه الحالة.
  • في الفترة الأخيرة، بدا أن هناك تحولات في الأكاديميا الغربية تجاه الفكر المؤسسي بشكل عام، على الرغم من أن الحديث عن المؤسسات في الدوائر الأكاديمية والعلمية قديم جدا يعود إلى بدايات الحديث عن التحليل السياسي منذ بداية القرن الماضي.
  • المؤسسية التقليدية كانت تركز إلى حد كبير على مؤسسات الدولة الرسمية باعتبارها ركائز المجتمع؛ فكانت الدولة هي من تضع حدود المؤسسات الأخرى وتضفي عليها الشرعية وتحدد إطار حركتها.

أولا- الفروق بين المؤسسية التقليدية والجديدة:

هناك إحياء لفكرة المؤسسة (البنية –التنظيم) في التحليل السياسي والاجتماعي بعد الانحسار النسبي للمدرسة السلوكية، وهناك إعادة اعتبار للمؤسسات وأهميتها.

ويتمثل إسهام “المؤسسية الجديدة” في ثلاثة عناصر أساسية:

  1. تعيد دراسة المؤسسة بشكل عام: بها مزيد من الطابع التفكيكي، فالمؤسسات ليست قوالب جامدة وثابتة أو نمطية كما كانت من قبل في المرحلة التقليدية ؛حيث لم تكن هناك حاجة للتشكيك في فعاليتها أو هيكلها أو غيره.
  2. فما الذي تعيد النظر فيه؟ البعد الثقافي.. وهذا يخدم الدول الصغرى أو الحضارات غير المركزية (غير الغربية)؛ حيث يفتح الباب لإدراك فكرة التنوع والتمايز والقابلية له.
  3. فالبعد الثقافي هو أساس قراءة المؤسسات في الاتجاهات الجديدة. وهنا توجد ثلاث مدارس أساسية، الاختلافات بينها تدور حول: طبيعة الفاعل المؤثر في تشكيل المؤسسة، وتحديد وظائفها والمنوط به تعريف مصالحها، وإدارة عملية تغييرها.

ثانيا- مدارس المؤسسية الجديدة: تنازع أم تكامل؟

  • مدرسة الاختيار الرشيد:

ترى أن المؤسسات تعبر عن التوافق بين اختيارات الأفراد؛ المفترض فيها درجة من الرشادة، وتجميع مصالحهم الاستراتيجية وشبه الثابتة. وبالتالي هي أقرب لنموذج الشركات؛ حيث توجد مصالح يتم التوافق عليها وتحويلها إلى بنية تنظيمية. ومن ثم تصبح الرسالية لدى هذه المدرسة محل تساؤل وشك.

هذا النموذج لديه عدة تحديات:-

  • أنه أقرب إلى نموذج بناء مؤسسات الدولة في نظريات العقد الاجتماعي؛ حيث في المراحل الأولى لنشوء الدولة كان على الأفراد أن يتنازلوا عن جزء من مصالحهم/حقوقهم الشخصية للوصول إلى مصلحة عامة، ويتم تأسيس كيان منفصل عنهم ويقوم على رعاية مصالحهم. فوفق هذه المدرسة، قرر الأفراد بعد مرحلة التوافق على الاختيارات أن يكون هناك مؤسسات.

وإشكالية هذه الرؤية: هل يحدث التوافق بشكل أساسي ومتكرر، وفق الصورة المثالية القائمة على الاختيارات الرشيدة وتحقق التوافق المستمر، وبالتالي يتم التوافق حول عملية تأسيس وتشكيل المؤسسة، وكذلك حول عملية التغيير المؤسسي عند الحاجة إليه. ولكن هل لدينا مجتمعات دائما مستقرة ومتسقة يمكننا من خلالها الوصول إلى ذلك التوافق وأن تكون المرجعية الوحيدة للمؤسسات هي مصالح الأفراد؟! إذا لم تكن هذه الحالة موجودة فإننا سنفتقد لهذا الاختيار الجمعي والرشادة.

  • تحدي آخر هو افتراض حالة مثالية تقوم على اختيارات الأفراد الرشيدة والاستراتيجية وشبه الثابتة، وبالتالي ما مدى وجود حالة من التضحية والرسالية؟ فهذه الحالة الأخيرة تقوم على وجود مساحة من عدم الرشادة، بمعنى الكفاحية.

وهذه المدرسة- الاختيار الرشيد- يكون من الصعب فيها تخيل أن بعض المؤسسات المجتمعية تنشأ لأهداف غير مصلحية، ويصعب عليها أن تفسر حالات المجتمع المدني والمؤسسات التطوعية غير المصلحية.

مدرسة التحليل المؤسسي/الاجتماعي

  • وفق هذه المدرسة، تتخطى المؤسسات الأفراد وتصبح هي محور الفعل، وتكون اختيارات الأفراد مقيدة بقواعدها وروتينها.
  • الإسهام الجديد للتحليل المؤسسي الاجتماعي هو إضافة حالة من التدافع بين المؤسسات والثقافة والأفراد في تشكيل روتين المؤسسة. فالجوهر هو روتين وقواعد المؤسسة؛ التي ليست بالضرورة مجموعا لمصالح الأفراد، ولا تؤدي بالضرورة إلى مصالحهم بشكل مطلق، ولكن يتوافق الأفراد على المعايير العامة ثم تطور المؤسسة داخليا ثقافتها وأعرافها وقواعدها، ومن ثم هذه الأعراف والقواعد والثقافة المؤسسية تُحترم لذاتها؛ أقرب مثال لذلك الدولة.
  • ومما أضافته هذه المدرسة أيضا، أن الثقافة لا تشمل فقط الأعراف والقواعد التنظيمية داخل المؤسسة ولكن تشمل كذلك جوانب إدراكية ورمزية؛ بمعنى تصوّر الأفراد عن أولوية هذه المؤسسة.
  • كيف تتم عملية الحراك داخل المجتمع وفق التحليل المؤسسي/ الاجتماعي؟

عملية الحركة والتغير المؤسسي والاجتماعي، سواء في بنية المؤسسة أو في قوعدها التنظيمية، قائمة على حالة من التدافع وتوازن القوى بين المؤسسات المختلفة، حيث الأفراد غير واضح مصالحهم داخل نسيج هذه المؤسسات.

مدرسة التحليل التاريخي:

  • أضافت إضافة نوعية فيما يتعلق بإسهامات المؤسسية الجديدة؛ حيث أدخلت عنصر التاريخ، فاعتبرت أن المؤسسة ليست مجرد أفراد أو ثقافة أو قواعد، ولكنها رؤية تاريخية؛ بمعنى أن إدراك الأفراد للقواعد والثقافة مرتبط بالتطور التاريخي والثقافي للمجتمع، والمؤسسة نفسها أعيد تشكيلها لتكون جزءا من نسيج المجتمع.
  • والفاعل الرئيسي في حال التحليل التاريخي ليس الفرد ولا المؤسسة ولكن الثقافة والتاريخ في المجتمع، ومن ثم يكون تعريف الأفراد لمصالحهم في إطار التطور التاريخي للمجتمع، أو صعود ثقافة جديدة أو تدشين لقواعد سلوك جديدة (مثلا مدى قبول فكرة المقاومة مجتمعيا).
  • وهذا يعني أن الدولة تمثل المرجعية الأساسية للفعل المجتمعي، وأن أي خروج عن المقبول اجتماعيا وسياسيا وقانونيا مرفوض، فتعريف الأفراد لمصالحهم وما يتم اختياره من صيغ للمؤسسات يكون فقط في إطار المقبول ووفق السائد مجتمعيا. وبالتالي فإن التحليل التاريخي للمؤسسية المجتمعية ينطوي على حالة من الجمود (العمل في إطار المتاح)، ويمثل التغيير فيه إعادة تدوير للقائم في إطار المساحات المتاحة والمقبولة؛ فمدارس المؤسسية الجديدة تسكت عمَّا هو غير مقبول مجتمعيا.

من هنا، يثور تساؤل مهم: متى يمكن أن نصل إلى مرحلة تغيير جذري أو بنيوي؟ حيث لا يخفى على أحد الحديث عن أزمة الديمقراطية التمثيلية في المجتمعات الغربية وكيف أنها لا تعبر بشكل دائم عن تطلعات الأفراد، وبالتالي يُطرح سؤال: كيف يمكن أن تكون هناك آلية للتغيير البنيوي بما يتخطى حدود القائم أو السائد والمقبول مجتمعيا؟ ونضيف على هذا التساؤل: هل السائد والمقبول اجتماعيا وثقافيا صحيح أم لا؟! فربما في فترات تاريخية سابقة كان السائد والمقبول يتضمن أن يكون لدى دولة ما مستعمرات، فهل هذا أمر مقبول أو أخلاقي؟

التحليل التاريخي يثير هذه التساؤلات والنقاط والجدل ولكنه لا يجيب عنها، فليس هناك وضوح في آليات تأثير الثقافة على الاختيارات المؤسسية، وذلك بخلاف المؤسسية في المجتمعات المسلمة التي تطرح التساؤل حول كيف يمكن إحداث تغيير جذري أو بنيوي؟ وهل المقبول والسائد هو الصحيح؟ وما معيار ذلك؟

ثالثًا- المؤسسية المجتمعية…مراجعات حضارية

هذه التساؤلات حول ما تقدمه مدارس المؤسسية الجديدة تفرض علينا في المجتمعات غير الغربية القيام بمراجعات من داخل حضارتنا على المستويين النظري والعملي.

مراجعات الإطار النظري

  • رد الاعتبار لدور السياق الثقافي والتاريخي في تشكل المؤسسات: فالمؤسسات في المجتمعات غير الغربية لها سياق تاريخي وثقافي مختلف عن المؤسسات في الغرب، بل إن الأكاديميا الغربية نفسها توقفت عن تنميط المؤسسات.
  • الإقرار بالتنوع والتعددية: وقد كان ذلك أمرا شديد الصعوبة، خصوصا في الأكاديميا المهتمة بالقطاع الثالث والمجتمع المدني؛ فتصوراتها عن المجتمع المدني ومؤسساته كانت مرتبطة بالمجتمع الغربي لحين الإقرار بالتنوع من داخله.
  • إعادة النظر في التعريفات التأسيسية للمؤسسات:
  • “الرسالة” (مساحات الدور والوظيفة)

هل رسالة المؤسسة دائمة وثابته؟ هل مساحات دورها مطلقة؟ ظلت الأكاديميا الغربية لفترات طويلة سابقة ترى أن العِبرة بمساحة الوظيفة وليس بعمق الدور والتحول الاجتماعي، ولكن في المراحل الحالية بدأت إعادة النظر في ذلك واعتبار أن رسالة المؤسسة مرتبطة بالثقافة وتحولاتها؛ ومن ثم فنحن بحاجة لإعادة تعريف مساحات الدور والوظيفة.

  • “المرجعية”

هل المرجعية مرتبطة بالمصلحة أم بالقيم؟ ومن يحدد هذه المرجعية؟ فمرجعية المؤسسة ودورها في المجتمعات الإسلامية يجعل من الدولة الأولَ بين متساويين في إطار رسالة مجتمعية متكاملة، بخلاف النموذج الغربي الذي تحدد فيه الدولةُ المرجعيةَ بناءا على معايير السيادة، وفي هذه الحالة لدينا مشكلة: ماذا لو كانت الدولة لا تتحرك ضمن إطار قيمي مقبول، أو لديها تحيز لبعض المصالح دون غيرها؟! يُحدِث ذلك توترا في الرؤية قبل التوتر في الفعل[1].

  • “الشرعية”…من يضفي الشرعية على المؤسسات؟

كما سبق القول، تعبر المؤسسية الجديدة عن المقبول والسائد، وتعيد إنتاجه في ظل التساؤل حول مدى صحته. حتى وإن تم اختراقه بفعل مقاوِم، فإن الدولة هي من يضفي الشرعية على المؤسسات والفاعلين المختلفين، الذين تسميهم (الآخرين/ الأغيار/ ما سوى الدولة). فالإشكالية أن الدولة -التي هي جزء من المجتمع- هي التي تضفي الشرعية على الفاعلين المجتمعيين، في حين أنه من المفترض أن تكون (الشرعية- والمرجعية- والرسالة) للفاعلين المجتمعيين مستقلة عن كل المؤسسات المجتمعية والدولة.

المراجعات العملية

  • يفترض أن تكون هناك قراءة جديدة متعمقة لتاريخ المؤسسات في الحضارة الإسلامية، في إطار رؤية شاملة مفادها أنها جميعا مؤسسات مجتمعية (سواء مؤسسات الأمة أو مؤسسات الدولة)؛ فمنذ هيمنة الدولة الحديثة على المجتمعات المسلمة نجد أن هناك قراءة فقط في تاريخ مؤسسات الدولة الرسمية، وحتى معايير فترات النهوض والتدهور في المجتمع مرتبطة بقوة مؤسسات الدولة، وهو معيار غير دقيق؛ فقد شهد التاريخ الإسلامي خلاف ذلك من قوة مؤسسات المجتمع في أوقات ضعفت فيها مؤسسات الدولة. من ناحية أخرى، ساد الفصل بين كل من مؤسسات الدولة والمجتمع عند دراستها؛ فما أُجري من دراسات عن تاريخ المؤسسات الأخرى، مثل الأوقاف وطوائف الحِرف وغيرها، كان في إطار أنها مؤسسات الأمة في مقابل مؤسسات الدولة.
  • مراجعة وظائف المؤسسات: فلا بد من مراجعة فكرة التكليف والدور وما يرتبط به من وظيفة، وكذلك مراجعة فكرة المساءلة. فإعادة قراءة التاريخ يمكن أن ينتج رؤية جديدة لتصور وظائف المؤسسات وأدوارها في إطار تكليف الأمة.

رابعا: المؤسسية المجتمعية: مساحات الفعل الحالي

  • لدينا حالة من هيمنة الرؤية المؤسسية الغربية، القائمة على أولوية الدولة وسيادة مرجعيتها. ولكن الجدير بالذكر أن هناك تحديا كبيرا لهذه الهيمنة هو تحدي العولمة؛ فهناك قدرة على الانفتاح وتوافر المعلومات وإعادة النظر في مفاهيم كانت سائدة لفترات طويلة، بغض النظر عن شكل النظام السياسي ومن ثم هناك تحدٍ لسيادة الدولة في حرية المعلومات، والانفتاح على مرجعيات وقراءات مفاهيمية متنوعة.
  • الأزمات الاقتصادية والمجتمعية: التي تجعل أحد مكونات سيادة الدولة مفقودة بسبب الضعف في أداء الوظائف، وهنا الدولة تلجأ للمجتمع ليؤدي بعض وظائفها؛ وهو ما يؤكد أن “المجتمعات هي الأصل وليس العكس”.
  • المجتمعات الشابة: الشباب لديهم رؤية نقدية عالية، وقابلية لذلك في كل شيء ورغبة في الفعل المجتمعي المرتبط بكل شيء.
  • الوظائف المنوطة بالمؤسسات (غير مؤسسات الدولة):
    • الإغاثة الإنسانية
    • الدعم الاجتماعي
    • الإسناد الحكومي: شكل من أشكال تحلل الدولة عن وظائفها ولكن في إطارها وبمرجعيتها.
  • البنية التنظيمية: المؤسسات المجتمعية في الوضع الحالي لديها نهم شديد إلى اقتباس الآليات التنظيمية ومعايير الحوكمة الجيدة من الغرب. واقتباس البنية يعيدنا إلى المؤسسية الجديدة التي ترى أن كل القواعد داخل المؤسسة هي نتاج للمقبول والسائد والمنتشر في ثقافتها، وبالتالي حتى لو كان هناك اقتباس للبنية لا بد أن يكون هناك تكييف لهذه الآليات.

خامسا: المؤسسية المجتمعية…مسارات النهوض المأمول

  • التجديد: الرؤية – الوظيفة – البنية

– الرؤية…نحو رؤية تأصيلية تصحيحية للتكليف والدور. حيث يكون هناك رؤى طموحة تتخطى مجرد ما تُرك من الدولة، يتم تأسيسها وتأصيلها على رؤية المجتمع الحضارية المرتبطة بتكليف الأمة والعمران، حتى لو لم تتحقق هذه الرؤية فلا بد من تأسيس لها، لتمثل دور المؤسسات المجتمعية.

–  الوظيفة…اختراق المساحات المتاحة، كلما أمكن. واختراق المساحات لكي يكون بنّاءا وتراكميا لا بد أن يكون مستندا إلى رؤية؛ فلا يكون مجرد قيام بدور إجرائي.

– البنية…التعرف على الإبداعات وتكييفها مع الرؤية: كثير من الأدوات التنظيمية لصيقة بمجتمعاتها، فــــــلا بد عند الاستفادة من هذه الآليات التنظيمية من تكييفها مع رؤية الحضارة الإسلامية.

  • التدافع: ليس هناك من يدعوك لتقوم بدورك، لا بد أن يكون هناك درجة من الإقبال ليس فقط على الدور ولكن لتوسيع مساحته وتطبيقه كما يجب أن يكون وفق الرؤية.
  • التشبيك: شهدت الفترة الأخيرة تشبيكا بين القوى المجتمعية من غير الدول وتأثيرا كبيرا لهذه القوى، وتحالفات مجتمعية، وتفاعلا مع المحيط العالمي للتعرف على التجارب الحضارية والاستفادة منها ودعمها.

 

 

____________

هوامش

(*) أستاذ العلوم السياسية – قسم الدراسات الدولية – جامعة زايد.

[1] راجع: د. ريهام أحمد خفاجي، حركة الشعوب بين مقاومة التحديات وبناء مساحات تنموية من منظور حضاري عمراني، فصلية قضايا ونظرات، العدد الحادي والثلاثون، أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي:

https://hadaracenter.com/?p=7847

 

الموسم العلمي لمركز الحضارة للعام 2023/2024

اللقاء السادس: السبت 9 ديسمبر 2023

يمكن مشاهدة المحاضرة من خلال هذا الرابط

إعداد التقرير : الزهراء نادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى