توجهات ومسارات الصعود الصيني: الاقتصاد العالمي وما وراءه

مقدمة:

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز نظام الأحادية القطبية الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة كقوة عظمى وقطب أوحد، يفوق غيره من القوى على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية، عملت الدول التي تختلف مع الولايات المتحدة في التوجهات والرؤى على تفادي خوض أي مواجهات عسكرية مباشرة معها. وفي هذا الإطار انشغلت القيادة الصينية طيلة فترة التسعينيات من القرن الماضي بالبحث عن وسيلة لتحييد نفسها عن الرادار الأمريكي خاصة في الفترة بين حرب الخليج الثانية وحرب يوغوسلافيا. وتوصل الصينيون فيما بعد الحرب التي شنتها أمريكا على أفغانستان (2001) والعراق (2003) إلى مفهوم “الصعود السلمي”.

ظهرت نظرية الصعود السلمي للصين في عام 2003، وصاغها آنذاك الاستراتيجي الصيني المستشار السياسي “زينغ بيجيان”، والذي حاول عبر طرحه هذا المفهوم تطمين المجتمع الدولي إلى أن عودة الصين إلى الساحة العالمية كلاعب أساسي لن تغير من هيكل النظام الدولي أو تهدد أمنه واستقراره، كما يحصل في العادة عند بروز قوى دولية جديدة أو عودة قوى قديمة. ثم جرى استخدام المفهوم نفسه من قِبل كلٍ من الأمين العام للحزب للشيوعي الصيني “هو جينتاو” ونائبه رئيس الوزراء “وين جياباو” في عام 2004، مقترحين أن يكون مفهوم “الصعود السلمي” مكونًا أساسيًا ورسميًا في السياسة الخارجية الصينية، على أن يشير المفهوم إلى خمسة عناصر رئيسية، هي[1]:

1- أن تستفيد الصين من السلام العالمي لتعزيز التنمية في البلاد، في مقابل أن تساعد هي على تحصين السلام العالمي من خلال ما تحققه من تنمية.

2- الاعتماد على قدرات الصين الذاتية فقط وعلى الجهد الكبير والمستقل المبذول من قِبلها.

3- الاستمرار في سياسة الانفتاح والقواعد الفاعلة للتجارة الدولية والتبادل التجاري كضمان لتحقيق هذا الهدف.

4- الأخذ بعين الاعتبار أن تحقيق مفهوم “الصعود السلمي” سيتطلب أجيالًا وسنين عديدة.

5- أثناء السعي لتحقيق هذا الهدف، لن يتم الوقوف بطريق أي دولة أو تعريض أي دولة أخرى للخطر، كما أنه لن ينجَز على حساب أي أمة.

وفي هذا الإطار تحددت الاستراتيجية الصينية الموجهة لتفاعلاتها في النظام الدولي، فقسمت الصين العالم إلى ثلاث مناطق: دول جوارها في جنوب شرق آسيا (دول المحيط)، والدول الكبرى والمتقدمة، ثم العالم النامي بتفريعاته المختلفة. وأثناء إدارة هو جينتاو (2003 – 2012) تبنت الصين مبدأ السياسة الخارجية “شاملة الاتجاهات” التي لا تفرق نظريًا بين المناطق الجغرافية أو البلدان، وترى أن “القوى العظمى هي المفتاح، ومحيط الصين هو الأولوية، والبلدان النامية هي الأساس، والمنصات متعددة الأطراف هي المسرح”. وتقسيم “المفتاح، والأولية، والقاعدة” لا يعني بالضرورة -وفق منطق صناع القرار في الصين- الأهمية والاستمرارية، ولكنه يعكس ترتيبًا معينًا في سُلم أولويات صناع السياسات.

وإذا كانت العلاقات مع العالم النامي هي الأساس ومحور التركيز طويل الأمد، فماذا عن أولويات الصين الحالية: دول المحيط، والدول الكبرى؟ فيما يخص دول المحيط، فللصين نظرةٌ تاريخية خاصة لهذه المنطقة مفادها أن الصين هي محورها، وأنها دائمًا ما كانت سيدة آسيا التي يطوف بها كل من حولها. وعليه، يمثل هدف منع سيطرة قوة أجنبية أخرى على آسيا والمحيط الهادئ أحد ثوابت السياسة الصينية. أما عن الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة؛ ترفض الصين كافة صور وممارسات الهيمنة وسياسات القوة، وتسعى في كل حركة إلى مناوئة الهيمنة الأمريكية، وتؤكد على أن الصين قد استخلصت دروس وعبر التاريخ عن مصير القوى الكبرى، وأهمية سلوك طريق التنمية السلمية. ولذلك، فهي لن تسعى أبدًا للهيمنة على غيرها من الدول، وتشدد على أن سوء الفهم والتحيز المعرفي هما ما قادا من أطلقوا نظرية “التهديد الصيني” نحو صياغتها، وترى على العكس من ذلك أن صعودها فرصة لدول العالم أجمع[2].

وقد شهدت الصين في عصر الرئيس الحالي شي جين بينغ استراتيجية جديدة تحمل تصورًا جديدًا لدور الصين العالمي، عُرفت بـ”دبلوماسية القوى الكبرى” في “العصر الجديد”. تعبر هذه الاستراتيجية عن هوية الصين الجديدة، فهي بجانب كونها دولة نامية، فهي قوة كبرى. والعصر الجديد هو عصر تنافس استراتيجي، كما أن التنافس الدولي أضحى حقيقةً إقليمية وعالمية، وأن عقلية الحرب الباردة بدت في الظهور على سلوك الفاعلين. وعليه فإننا نتناول بشيء من التفصيل استراتيجية الرئيس الصيني شي جين بينغ وموقع “طريق الحرير” الجديد من هذه الاستراتيجية وتفاعلاتها مع القوى الكبرى المنافِسة في النظام الدولي.

أولًا- استراتيجية شي جين بينغ للعصر الجديد:

قدم الرئيس شي جين بينغ في 18 أكتوبر عام 2017 تقريرًا للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، تضمن أفكاره حول دور الصين ومكانتها في “العصر الجديد”، وقد أقر المؤتمر أفكاره وقام بتضمينها في دستور الحزب بعنوان “فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد”، وهذا ما يعني اعتمادها استراتيجية للحزب والصين في المرحلة الحالية والقادمة، ولعل أهم ملامح هذه الاستراتيجية وفق ما جاء في التقرير هو الآتي[3]:

1- أهم ما يميز هذه الاستراتيجية يكمن في المنطلق والأبعاد، فهي في المنطلق استراتيجية للصين، وهي فخورة بمنشئها وعلى إحساس عالٍ بالتاريخ ودور الصين المستمر في الحضارة الإنسانية، وتتطلع إلى إعلاء مكانة بلادها مستقبلًا. وفي الأبعاد، ليست منغلقة على الصين، بل هي استراتيجية عالمية، مستوعبة للعولمة، شاملة ومتكاملة، تقوم على رؤية إيجابية تفاؤلية، وتعبر عن توجه انفتاحي تشاركي. فهي استراتيجية تقوم على أساس التعاون، وتدعو إلى الانسجام، وليست تصادمية يحركها الصراع. والمبدأ المحرك لها هو: “الحوار لا المجابهة، والشراكة لا الانحيار”، وفكرة العمل الأساسية فيها هي: “إحراز التقدم من خلال الحفاظ على الاستقرار”.

2- تحدد استراتيجية بينغ في “العصر الجديد” هدفها بأنه: “تحقيق انتصار حاسم في إنجاز مجتمع رغيد الحياة”، تكون فيه الصين “دولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة”. وهذا ما يحقق سعادة الشعب الصيني، ويوطد دعائم النهضة العظيمة للأمة الصينية في العصر الجديد الذي تقترب فيه الصين من صدارة المسرح الدولي يومًا بعد يوم، مواصلة تقديم إسهامات أكبر للبشرية.

3- لتحقيق التحول الصيني في “العصر الجديد”، والذي يرى بينغ قمة بلوغه في منتصف القرن الحالي، فإن رؤيته الاستراتيجية تقوم على إنهاء مرحلة التطور في الصين في عام 2020، والانطلاق في البناء عليها في مرحلتين: الأولى تستمر حتى عام 2035، والثانية تكلل التحول بالنجاح التام بحلول عام 2050. وفي المرحلة الأولى يتم إجراء “التحديثات الاشتراكية” الضرورية التي سينتج منها توطيد دعائم النمو الصيني في مختلف المجالات، وتشهد الصين خلالها حدوث “طفرة كبرى في قوتها الاقتصادية وقوتها العلمية والتكنولوجية، وتكون في مقدمة الدول المبتكِرة، وسيتم خلال هذه المرحلة “إنجاز بناء الدولة والحكومة والمجتمع الخاضعة جميعًا لحكم القانون”، وستصبح “معيشة الشعب أيسر”، ويتقدم جميع أبناء الشعب بخطوات ثابتة نحو الرخاء المشترك. أما المرحلة الثانية، وهي التي تستمر خلال الفترة 2035-2050، فيسكتمل فيها الإنجاز لتصبح الصين “دولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة”، وتكون الصين كذلك “من الدول الرائدة من حيث القوة الوطنية الشاملة والتأثير الدولي”.

4- تُشدد الإستراتيجية الصينية، كما هو وارد في وثيقة التقرير، أكثر على أهمية العامل الأيديولوجي، فهي تعتبره الركيزة الأساسية لتماسك الصين أولًا، ولتحولها إلى دولة عظمى ثانيًا. لذلك فهي تدعو إلى ضرورة الالتزام بمفهوم “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ومنهجها”. وترى هذه الأيديولوجيا أن سر نجاح الصين في “العصر الجديد” هو اتباعها هذا النهج من الاشتراكية، لأنه نهج مرن وقادر على التحول والتطور باستمرار، إذ يتفاعل مع الظروف المتغيرة، ويعبر عنها وينتج منها ويقود التغيير فيها. وهكذا لا تقتصر “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية” على الالتزام بالماركسية اللينينة الكلاسيكية، ولكنها تضيف أفكار ماو تسي تونغ، ونظرية دينغ شياو بينغ، والتمثيلات الثلاثة لجيانغ زيمين، ونظرية هو جين تاو عن التنمية العلمية. هذا المزيج المتسلسل الذي أضيفت إليه رؤية الرئيس الحالي شي جين بينغ، هو الذي يمد هذه الأيديولوجيا بالحيوية والحياة. ولعل أهم ما يميز الأيديولوجيا الصينية، قدرتها على المواءمة بين النظام السياسي الاشتراكي القائم على أسس النظرية الماركسية المحدثة وحكم الحزب الواحد، من جهة، والنظام الاقتصادي القائم على أساس السوق المفتوحة، ودعم القطاع الخاص وتشجيع المنافسة العادلة، ومنع الاحتكار، وتعزيز الاستهلاك لدفع عجلة التنمية في البلاد من جهة أخرى.

5- تعمل الاستراتيجية الجديدة أيضًا على تعزيز بنية نظام اقتصادي صناعي تكنولوجي يكون رائدًا على الصعيد العالمي، ويدعم حيوية السوق. وهكذا نجد أن هذه الاستراتيجية الصينية تتميز في رؤيتها للعلاقات الدولية، وفي الطريقة التي تطرحها لمعالجة الشؤون الدولية؛ بكونها تنطلق من منطلقات النظرية الليبرالية التي تتبناها اقتصاديًا، وليس من خلال استخدام القوة وتعظيمها وفقًا للنظرية الواقعية التي يُتوقع من نظام شمولي أن يتبناها. وترى الصين أن من واجبها الدفع في اتجاه “بناء علاقات دولية حديثة النمط قائمة على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون والفوز المشترك”. أما الهدف من ذلك فهو تعزيز “حماية السلام العالمي ودعم التنمية المشتركة”.

6- تنطلق الصين في نظرتها للعلاقات الدولية وفقًا لهذه الاستراتيجية من تأكيد المساواة بين الدول، وتؤكد احترامها لسيادة كل دولة، ومعارضتها فرض إرادة أي دولة على غيرها، وتدخلها في شئون غيرها، واستغلال القوة للاضطهاد والعنف. ومن هذا المنطلق تعلن الاستراتيجية الصينية أنه لا وجود لأي أهداف توسعية عند الصين، وأن بلادها لا تريد الهيمنة ولن تقوم بالتوسع الخارجي أبدًا مهما بلغ مستواها في التنمية. ولطمأنة جيرانها، أكدت الاستراتيجية أن الصين ستتبع “دبلوماسية الجوار” القائمة على اتخاذ الجيران أصدقاء وشركاء. وتعهدت كذلك بزيادة مساعداتها للدول النامية، من أجل تقليص الفجوة التنموية بين الشمال والجنوب.

7- وبالرغم مما تبديه الصين من نوايا حسنة وتوجهات إيجابية في رسم ملامح النظام الدولي الذي تود الإسهام في تشكيله في الحاضر والمستقبل، وتؤكد ضرورة توظيف القوة الصينية الناعمة لتحقيقها، فإنها تؤكد أنها لا تسمح للآخرين بتعريض حقوقها ومصالحها الشرعية، وخصوصًا الحفاظ على وحدة البلاد، للخطر. ولذلك فإنها تعلن أن سياستها الدفاعية وتوجهاتها الإيجابية ستسند بجيش سيكون بحلول منتصف القرن الحالي “من الدرجة الأولى في العالم”.

وبجانب تناول التقرير لمبادئ وأهدف الاستراتيجية الصينية للعصر الجديد، تناول أيضًا ما تم إنجازه من أعمال ومبادرات لتقوية الاقتصاد الصيني ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم؛ من تعديل للهيكلية الاقتصادية وتعزيز لاقتصاد السوق، وتطوير للبنية التحتية في البلاد، وإطلاق لمبادرات تنموية عديدة ومشاريع مثل “الحزام والطريق”، وتطوير للعلوم والتكنولوجيا، وتشجيع للابتكارات، وزيادة في معدلات الإنتاج والتصدير. وقد وظِّف هذا التطور الاقتصادي، ومَكَّن من تحقيق إنجازات مستمرة ومتصاعدة، في مجال تحسين حياة الشعب؛ في محاربة الفقر، ورفع معدل دخل الفرد، وتحسين الوضع التوظيفي، والارتقاء بمستوى التعليم والخدمات الصحية والضمان الاجتماعي في البلاد. كل هذه الإنجازات كانت ممكنة من جراء سيل من المبادرات وأعمال الإصلاح ومحاربة الفساد التي شملت جوانب متعددة، داخل الحزب والدولة، وفي سياقات حياة المجتمع عمومًا. ضمن هذه الإصلاحات، تم تثبيت المبدأ القاضي بأن “الشعب هو سيد الدولة”، وأن الحزب هو الذي يمثل “قيادة أبناء الشعب بمختلف قومياتهم في كل البلاد”[4].

ثانيًا- مبادرة “الحزام والطريق” في الاستراتيجية الصينية:

منذ أن أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته إلى كازاخستان عام 2013 مبادرته “البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الواحد والعشرين” المعروفة اختصارًا باسم “حزام واحد وطريق واحد”، باتت هذه المبادرة تشكل المحرك الأساس للسياسة الصينية داخليًا والدبلوماسية الصينية خارجيًا. وأدرجت رسميًا عام 2014 ضمن خطة أعمال الحكومة. ويهدف طريق الحرير الجديد إلى إحياء وتطوير طريق الحرير التاريخي من خلال مد أنابيب للغاز الطبيعي والنفط وتشييد شبكات من الطرق وسكك الحديد ومد خطوط للطاقة الكهربائية والانترنت. ويتكون طريق الحرير الجديد من طريق بري وآخر بحري، فضلاً عن الطريق الرقمي، وخطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي.

وترتكز المبادئ الحاكمة لتطبيق المبادرة على التنسيق السياسي بين الدول وتعزيز التواصل والحوار والتجارة دون عوائق لتهيئة الظروف اللازمة للتنمية الاقتصادية. وتتضمن المبادرة نحو ألف مشروع ستنفذ تدريجيًّا، تسعى إلى ربط دول آسيا وأفريقيا وأوروبا عبر شبكة مواصلات معقدة من الجسور والطرقات والسكك الحديدية والطائرات والبواخر، وكذلك بناء موانئ ومطارات وإنشاء مناطق تجارة حرة. إلى جانب أنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية وشبكات الانترنت والبنية التحتية. وقد لاقت المبادرة تجاوبًا ومشاركة نشطة من نحو سبعين دولة مطلة على هذا الخط بما فيها دول عربية وشرق أوسطية. ويغطي نطاق المبادرة نحو 70 دولة في القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، وينقسم إلى ثلاثة مستويات[5]:

– المناطق المركزية: تضم كلًّا من الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى الخمس.

– المناطق المحاذية: تشمل الدول الأعضاء الدائمين والمراقبين في منظمة تعاون شنغهاي والدول التسع للاتحاد الاقتصادي (الهند، باكستان، إيران، أفغانستان، منغوليا، روسيا البيضاء، أرمينيا، أوكرانيا ومولدافيا).

– المناطق التشعبية: تشمل دول غرب آسيا (الدول العربية) ودول الاتحاد الأوروبي، وتمتد أيضًا إلى اليابان وكوريا الجنوبية  وغيرها من دول شرق آسيا.

كما تشمل المبادرة ستة ممرات اقتصادية أساسية تشكل أعصاب شبكة التجارة والنقل والتنمية الإقليمية والدولية القادمة وهي:

  • الجسر القاري الأوراسي الجديد.
  • ممر الصين­ منغوليا­ روسيا.
  • ممر الصين ­آسيا الوسطى ­غرب آسيا.
  • ممر الصين ­شبه الجزيرة الهندية.
  • ممر الصين­ باكستان.
  • ممر بنغلاديش الصين ­الهند ­ميانمار.

أما الأهداف التي تبتغي الصين تحقيقها من وراء المبادرة، فيمكن إجمالها في الآتي[6]:

1- الاستفادة من نمو التجارة العالمية: فمن المتوقع أن تزيد التجارة العالمية في السنوات المقبلة، من خلال عدة عوامل من بينها الزيادة المتوقعة في حجم الطبقة الوسطى في العديد من دول العالم، من بينها منطقتي آسيا والمحيط الهادي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبنمو التجارة العالمية تصل الصين لتصريف منتجاتها إلى العالم.

2- تعزيز مكانة العملة الصينية (اليوان) عالميًا: تهدف الصين عبر مشروعها إلى توسيع نطاق تداول عملتها الوطنية اليوان وجعلها عملة رئيسية في التبادل التجاري العالمي، خاصة بعدما تمكن اليوان عام 2016 من الانضمام إلى سلة حقوق السحب الخاصة “التابعة إلى سلة النقد الدولي إلى جانب أربع عملات أخرى مدرجة وهي الدولار الأمريكي، اليورو الأوروبي، والين الياباني والجنيه الإسترليني”، و يمثل استخدام  اليوان في تسوية التعاملات التجارية الصينية مع الدول الأعضاء في المبادرة خطوة كبيرة تسعى إليها الصين لتداول عملتها الوطنية.

3- تطوير الاقتصاد الصيني: تسعى الحكومة الصينية إلى تبني العديد من المبادرات لتطوير المناطق الغربية في البلاد والتي تعاني من ضعف اقتصادي، وعليه أطلقت الصين في عام 2000 حملة في هذا الإطار تحت شعار “الاتجاه غربًا” لتحفيز النمو الاقتصادي هناك، وقامت باستثمار مليارات الدولارات لاستكشاف النفط والغاز الطبيعي في تلك المناطق، ومن المتوقع أن تسهم مبادرة الحزام و الطريق، وبالتحديد الحزام البري في تطوير إقليمي سينغيانغ وقانسو اقتصاديًا وغيرهما من الأقاليم الغربية، ومن ثم تمثل المبادرة في جانبها محاولة لإحداث توازن في التنمية الاقتصادية بين مختلف مناطق الدولة.

ومــن جهــة ثانيــة، تهــدف “مبــادرة الحــزام والطريــق” إلــى مســاعدة الصيــن علــى إنفــاذ خطتهــا الاقتصاديــة التــي تحمــل شــعار “صنــع فــي الصيــن 2025″، والتــي تهــدف إلــى تحويــل الصيــن إلــى اقتصــاد متقــدم ذي قيمــة مضافــة عاليــة، مــع نقــل الشــركات ذات التصنيــع منخفــض التكلفــة إلــى الــدول الأخــرى فــي منطقــة جنــوب شــرق آســيا، وهذا سيسهم على المدى طويل في جعل الاقتصاد الصيني ينمو بوتيرة أسرع من الاقتصاد العالمي بحيث أن المبادرة الصينية تجعل الاقتصاد الصيني يصبح محرك الاقتصاد العالمي بإعادة المكانة للاقتصادات الكبرى الصاعدة. وعليه فإن هذه المبادرة تحقق للصين هذه الميزة بتحقيقها ما يلي من أهداف استراتيجية على المستوى العالمي[7]:

1- تعزيـز مكانـة شـركات تكنولوجيـا الاتصـالات الصينيـة: تسـعى الحكومــة الصينيــة إلــى تشــجيع شــركاتها العاملــة فــي مجــال تكنولوجيــا الاتصـالات إلــى الاســتفادة مــن المبــادرة، مــن أجــل لعــب دور حيــوي فــي إنشــاء البنيــة التحتيــة لقطــاع تكنولوجيــا المعلومـات والاتصـالات فـي عـدد كبيـر مـن دول المبـادرة، بمـا يســاهم فــي تعزيــز نشــاط الشــركات الصينيــة، خاصــة شــركة هــواوي فضلًا عــن زيــادة حصتهــا الســوقية مــن التجــارة الإلكترونيــة العالميــة.

2- تعزيز الوجود الصيني في منطقة أوراسيا: يرى محللون أن الصين تهدف من خلال  مشروعها إلى تعزيز وجودها في منطقة أوراسيا ذات الأهمية الجيواستراتيجية الكبيرة والتي تمتاز بإمكانيات اقتصادية هائلة بسبب غناها بالموارد الطبيعية، كما تمثل أوراسيا للصين عمقًا استراتيجيًا تستثمر فيه الأخيرة عبر مشروعها الحزام والطريق، بحيث توفر لها هدف الحماية الأمنية، وقوة جغرافية واقتصادية لما تمتلكه المنطقة من موارد.

3- توســيع الــدور الخارجــي للصيــن: تشــمل المبــادرة دولًا ومناطــق تعانــي صراعــات واضطرابــات داخليــة، وهــو الأمــر الــذي يتطلــب حمايــة المشــروعات الضخمــة التــي يتــم إنشــاؤها ضمــن المبــادرة، وهــو مــا يتطلــب توفيــر قــوات عســكرية لحمايتهــا، ونظرًا إلى أن العديد من الدول التي تشملها المبادرة تعاني ضعفًا في القدرات الأمنية، كماهي الحال في بعض الدول الأفريقية، فقد بدأت العديد من الشركات الأمنية الصينية الخاصة بالعمل هناك، كقيامها بتأمين السفن التجارية وناقلات النفط التي تمر بالقرب من السواحل الصومالية لحمايتها من القرصنة، ويأتي في هذا السياق أيضًا قيام شركة “مجموعة ديوي الأمنية المحدودة” الصينية بحماية الشركات الصينية العاملة في بناء الطرق في كينيا.

4- تأمين استقرار إمدادات الطاقة: تسعى الصين إلى تجنب أزمة حادة تترتــب عليهــا إعاقــة وصــول إمــدادات الطاقــة مــا يهــدد اســتقرار الاقتصــاد الصينــي. وتتعاظــم هــذه المخــاوف نظــرًا لأن 80% مــن احتياجــات بكيــن مــن الطاقــة تمـر عبـر مضيـق ملقـا، وذلـك علـى الرغم مـن تزايـد وارداتها مـن الطاقـة مـن كل مـن روسـيا وكازاخسـتان. وقـد عبـر الرئيـس الصينـي “هـو جينتـاو” فـي عـام 2003 عـن هـذه المخـاوف، إذ أكـد ضـرورة التخفيـف مـن حدة مـا أسـماه “معضلة ملقـا”. ولذلك تهــدف الصيــن مــن خلال مشــروع الحــزام والطريــق إلــى تطويـر عـدد مـن الممـرات التجاريـة البديلـة للمضيـق، مثـل خـط أنابيـب النفـط بيـن الصيـن وميانمـار وكذلـك “الممـر الاقتصـادي الباكسـتاني–الصيني”، والـذي يهـدف إلـى ربـط مينـاء “جـوادر” جنـوب باكسـتان بمنطقـة “شـينغيانغ” شـمال غـرب الصيـن، عبـر مجموعــة مــن الطـرق والســكك الحديديــة وأنابيــب النفــط. ومــع اكتمـال المشـروع، يتوقـع أن يسـتخدم الممـر لاسـتيراد احتياجاتها مـن الطاقـة مـن منطقـة الخليـج العربـي.

وهكذا تعتبر مبادرة الحزام والطريق إحدى الاستراتيجيات التي تعتمدها الصين في  سياستها الخارجية لزيادة نفوذها على المستوى الإقليمي والدولي، فرغم أنها مبادرة اقتصادية إلا أن أبعادها السياسية والأمنية والثقافية تبرز مع التقدم في المشاريع المبرمجة وتفاعل الدول معها. فالمبادرة هي مشروع طموح يتكون من طريق بري يربط الصين بامتداداتها القارية في جنوب ووسط آسيا وصولاً إلى أوروبا الغربية، بالإضافة للطريق البحري الذي يمر عبر دول الخليج وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، وسيكلف الصين 12 ضعف ما أنفقته الولايات المتحدة الأمريكية في مشروع مارشال لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، ويشمل ربط خطوط نقل وتشييد بنى تحتية في منطقة جغرافية واسعة تضم قرابة 70 دولة في آسيا وأوروبا وأفريقيا، وسيؤثر في 60 % من سكان العالم[8]. وقد أسست الصين عدة جهات لتمويل المشروع، منها “صندوق طريق الحرير” الذي أنشئ في عام 2014 برأسمال قدره 40 مليار دولار، و”البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية” برأسمال قدره 15 مليار دولار سنويًاء[9].

يضاف إلى هذا أن هذا المشروع يعكس أبعادًا جيواستراتيجية تعبر عن موقع الصين كقوة كبرى في العالم، وصولًا إلى تأثيراتها المتوقعة على بنية النظام الدولي، ونذكر منها[10]:

1- موقـع الصيـن كقـوة كبـرى فـي ظـل المبـادرة: تهـدف مبادرة “الحــزام والطريــق” وفــق العديــد مــن الآراء إلــى جعــل آســيا وأوروبـا فضـاءً مشـتركًا، حيث تكـون الصيـن بـدلًا مـن الولايـات المتحــدة هــي محــوره، مــن خــلال مجموعــة مــن المؤسســات الماليـة الدوليـة التـي أسسـتها الصيـن، والتـي تهـدف مـن خلالهـا إلـى تقديمهـا كبديـل لنظـام “بريتـون وودز”، ومـن ثـم فهـي تهـدف إلـى بنـاء عولمـة جديـدة محورهـا بكيـن، أو إلـى وضـع أسـس مـا يسـمى بـ”العولمـة الصينيـة”. ومــن ثــم تهــدف المبــادرة إلــى تحــدي النظــام الدولــي الــذي أرســت أركانــه الولايــات المتحــدة، عبــر إرســاء مؤسســات اقتصاديــة بديلــة للمؤسســات القائمــة علــى نظــام بريتــون وودز كمـا سـبقت الإشـارة، ولأن الاسـتثمارات الصينيـة الهائلـة عبـر أقاليـم العالـم المختلفـة سـوف تحتـاج إلـى بيئـة مسـتقرة، ونظـرًا لغيــاب مثــل هــذه البيئــة، فإنــه مــن المتوقــع أن تتحــول بكيــن تدريجيـًا إلـى مـزود رئيسـي للأمـن فـي هـذه الـدول، مـع الأخـذ فــي الاعتبــار أن المســؤولين الصينييــن يؤكــدون علــى غيــاب البعــد العســكري لهــذه المبــادرة.

2- بنيــة النظــام الدولــي فــي ظــل المبــادرة: تؤثــر المبــادرة الصينيـة علـى بنيـة النظـام الدولـي، باتجـاه التأكيـد علـى الطابـع متعــدد الأقطاب، والــذي كان أحــد التطــورات التــي ســاهمت فــي تأكيــده هــو الأزمــة الماليــة العالميــة فــي عــام 2008، والتــي أضعفــت مركــز الولايــات المتحــدة باعتبارهــا مركــز النظــام الاقتصــادي العالمــي. وقــد انعكــس ذلــك بصــورة مباشــرة فــي صعـود أهميـة “مجموعـة العشـرين”، لاسـيما قمتهـا التـي انعقـدت فــي واشــنطن فــي شــهر نوفمبــر مــن عــام 2008 فــي أعقــاب انهيــار بنــك ليمــان بــراذرز.

وبجانب هذه التوجهات الاقتصادية المتضمنة في مشروع الحزام والطريق، عملت الصين على تعزيز حضورها العسكري في محيطها الحيوي في جنوب شرق آسيا ليمتد إلى القارة الإفريقية والمحيط الهادئ والشرق المتوسط، واعتمدت الصين استراتيجية قائمة على السيطرة والاستحواذ على سلسلة من الموانئ في المحيط الهندي خاصة في دول مثل كمبوديا، لاوس وتايلاند، والتي بدأت الصين فيها بنشر سلسلة من القواعد العسكرية الخاصة بها في المياه الإقليمية لهذه الدول عبر استراتيجية عرفت بإسم اللآلئ الصينية أو استراتيجية “عقد الؤلؤ” لحماية خطوط التجارة الصينية، إذ قامت الصين وفي إطار هذه الاستراتيجية عام 2017 بافتتاح قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، وهي أول قاعدة عسكرية خارج حدودها، كما قامت عام 2018 ببناء قاعدة “جيواني” العكسرية لها في باكستان على بعد 500 كم من مضيق هرمز لتأمين وارداتها من الغاز والنفط القادمة من الخليج العربي، فضلًا عن الاستحواذ على ميناء “هامبانتوتا” في سيريلانكا، كما تعتمد استراتيجية الصين هذه في تأمين ساحلها الشرقي من خلال بناء عدة جزر صناعية في بحر الصين الجنوبي، وبناء دفاعات عليها كمراكز متقدمة للدفاع عن الساحل الحيوي[11].

أي أن هذا المشروع بالإضافة إلى كونه اقتصاديا له أهداف سياسية واستراتيجية وسيؤدي إلى فرض المزيد من الهيمنة الصينية على المناطق التي يمر بها المشروع والدول الأوروبية على حد السواء وإلى المزيد من هيمنة المنتجات الصينية على الأسواق العالمية، أي أنه ذات أبعاد سياسية واستراتيجية؛ فالصين تسعى من خلال تنفيذ المشروع إلى الظهور بمظهر الدولة العظمى واستخدم الوفرة في الإمكانيات العسكرية والاقتصادية والاستراتيجية الصينية لفرض نفسها على العالم كقوة مؤثرة وفاعلة في العالم.

ثالثًا- ردود الفعل الدولية على الاستراتيجية الصينية الجديدة:

تباينت ردود الأفعال العالمية على استراتيجية الصين الجديدة في النظام العالمي، فجاءت بين ردود فعل رافضة ومناوئة للدور الصيني الجديد وتحاول التصدي له أو موازنته، وأخرى حاولت الاستفادة منه، وهذا ما نعرضه بشيء من التفصيل فيما يلي:

أ- الولايات المتحدة:

ليس التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين بخافٍ، فالأولى تصنِّف الثانية في وثائقها الرسمية وخطاباتها على أنها من المصادر التي تهدد مصالحها وأمنها القومي. والثانية تشكك في كل ما تطرحه واشنطن، وتؤكد أنها تعتمد نهج التنمية السلمية الذي يعود بالفائدة ليس فقط على الصين وإنما على باقي دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تقول بكين إنه بينما تبحث واشنطن عن الهيمنة، والعودة إلى التصرف بعقلية الحرب الباردة، والاهتمام بمصالحها الأمنية فقط دون أي اعتبار لمصالح الآخرين، فإنها (بكين) تطرح منظورًا شاملاً ومستدامًا للأمن، وتؤكد في الوقت نفسه أنها لا تتدخل في الشئون الداخلية للدول كما تفعل واشنطن.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب لم تقدم موقفًا رسميًا من مبادرة الحزام والطريق، إلا أن خلافاتها مع الصين قد زادت في تلك الفترة. وجاء في استراتيجية الأمن القومي التي تم الإعلان عنها في ديسمبر 2017 أن الصين منافس استراتيجي لأمريكا، واعتبرت أن الوسائل التي تستعملها الصين حاليًا تعمل على زيادة نفوذها في العالم، و تبنى الرئيس (دونالد ترامب) في نوفمبر 2017 ما يسمى (استراتيجية من أجل هند باسفيكي حر ومفتوح)؛ حيث يدعو إلى تقوية التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان واستراليا والهند[12].

وفي عهد الرئيس الحالي جو بايدن أطلقت الولايات المتحدة استراتيجية جديدة بهدف احتواء الصين؛ فقد اختتم الرئيس الأميركي جو بايدن في 24 مايو 2022، جولة آسيوية هي الأولى له في المنطقة منذ أن تولى الرئاسة في مطلع عام 2021 ، وقادته إلى كوريا الجنوبية واليابان. وأعلن عزمه تركيز السياسة الخارجية الأميركية نحو منطقة المحيط الهادئ بهدف احتواء الصين الصاعدة في المنطقة وعالميًا. وقد جاءت هذه الجولة ضمن هذا السياق؛ إذ حرص على توظيف الحرب الروسية في أوكرانيا ليوجه رسالة إلى الصين مفادها أن الولايات المتحدة الأميركية ستعمل مع حلفائها للحفاظ على مبادئ النظام الدولي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ “الاندو- باسيفيك”. وتسعى واشنطن لاحتواء الصين عبر ما أسماه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين: “تشكيل البيئة الاستراتيجية” حولها. ويشمل ذلك الإعلان عن إطلاق “الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ”، الذي يضم، إضافة إلى الولايات المتحدة 12 دولة آسيوية، مع استثناء الصين تحديدًا، فضلًا عن تعزيز التنسيق والتعاون في المنطقة بين دول ما يُعرف بـ “الحوار الأمني الرباعي” أو “الرباعية”، المكوَّنة من الولايات المتحدة واستراليا واليابان والهند[13].

تقوم الاستراتيجية الأميركية الجديدة نحو الصين، وفق خطاب لوزير الخارجية أنتوني بلينكن ألقاه في 26 مايو 2022 على ثلاثة قوائم: استثمار، تحالف، نافس. وبحسب هذه المقاربة، يقود القائمان الأول والثاني إلى الثالث[14]:

  • الاستثمار: يحيل مصطلح “الاستثمار” على ضخ المزيد من الموارد في الاقتصاد الأميركي، وهنا يشير مسؤولو إدارة بايدن إلى تمرير قانون البنية التحتية في نوفمبر 2021، بقيمة 1.2 تريليون دولار. وحض بلينكين الكونغرس على التصديق على تشريع يزيد من تمويل البحث والتطوير في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والحوسبة الكمومية، محذرًا من أن الصين تسعى للهيمنة على صناعات المستقبل، وأنها تريد أن تجعل من نفسها “مركز الابتكار العالمي والتصنيع، وزيادة الاعتماد التكنولوجي للدول الأخرى عليها، ثمَّ استخدام هذا الاعتماد لفرض تفضيلاتها في السياسة الخارجية”، ولن يكون الحل إلا عبر تعزيز الاستثمار في الداخل، لتبقى واشنطن قادرة على المنافسة. وفعلًا، يعكف الكونغرس حاليًا على تشريع “قانون المنافسة والابتكار الأميركي”، الهادف إلى زيادة الاستثمار الأميركي محليًا للتغلب على الصين عالميًا.
  • التحالفات: أما مصطلح التحالف، في تقدير بلينكين، فيهدف إلى التعاون الوثيق مع الحلفاء، ولا سيما في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لضمان أسس تنافس سليمة مع الصين، قائمة على “تكافؤ الفرص”، فضلًا عن توحيد حلفاء الولايات المتحدة وشركائها للدفاع عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مثل حق تقرير المصير والسيادة والتسوية السلمية للنزاعات. وتُقسم التحالفات الأميركية لاحتواء الصين نوعين: اقتصادية وعسكرية:

أ- الاقتصادية: تعمل فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها على مقاومة الانتهاكات الاقتصادية الصينية، وإلزام بكين بوقف الممارسات الاحتكارية، وإخضاعها للمعايير الدولية. وكذلك ستعمل واشنطن وحلفاؤها على تشكيل سلاسل توريد بعيدة عن الصين، خاصة بعدما خلقت الحرب التجارية التي خاضها ترامب ضد الصين، وتأثيرات كورونا بعد ذلك، أزمات في سلاسل الإمداد العالمية المعتمدة على الصين، ما دفع الشركات الغربية لإدراك خطورة الاعتماد المتزايد على بكين، الذي قد توظفه لممارسة ضغوط اقتصادية. وقد وضعت استراتيجية الولايات المتحدة خطة لمواجهة مبادرة الحزام والطريق، أسمتها “إعادة بناء عالم أفضل” هدفها تطوير البنى التحتية في الدول النامية عبر “بنك البنية التحتية” الذي سيعمل على دعم المشروعات الكبرى في الدول النامية[15].

ب- أمنيًا وعسكريًا: تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تحديد أفضل السبل للتعامل مع المخاطر العسكرية التي يطرحها الصعود الصيني ومخاطر العدوان البحري في منطقة “الإندو- باسيفيك”، الذي لا يشمل فقط تهديد بحرية جيش التحرير الشعبي لدول الجوار، أو ضم مناطق متنازع عليها، بل كذلك تعمل واشنطن على ردع الاعتداءات الاقتصادية، مثل أسطول الصيد المسلح الصيني، وأعمال التنقيب والسيطرة على الموارد التي تستند إلى قوة عسكرية. وفي ذلك قامت الولايات المتحدة بإنشاء عدة اتفاقيات أمنية، منها، الاتفاق الأمني الثلاثي (AUKUS) والحوار الرباعي (Quad)، الأول يضم كلاً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واستراليا، والثاني يضم الأولى والأخيرة إضافة إلى كل من الهند واليابان[16].

  • التنافس: أما القائم الثالث، المتمثل في ما تصفه إدارة بايدن بـ”المنافسة الاستراتيجية”، فسيكون نتيجة نجاح القائميْن الأول والثاني. ويشدد بايدن على أن الولايات المتحدة لا تملك خيارًا غير الظفر في هذه المنافسة، اقتصاديًا وعسكريًا، أو أن الصين “ستأكل غذاءنا”[17].

ب- أوروبا:

لا تتعامل أوروبا مع الصين بنفس منطق الولايات المتحدة، بل وفق منطق: “الصين شريك متعاون مع الاتحاد الأوروبي، لدى الاتحاد الأوروبي أهداف منسقة معها، وشريك مفاوض؛ يحتاج الاتحاد الأوروبي معها لإيجاد توازن في المصالح، ومنافس اقتصادي في السعي وراء الريادة التكنولوجية، ومنافسًا منهاجيًا؛ يروج لنماذج بديلة للحوكمة”. وكل نمط من هذه المستويات يرتبط بحزمة معينة من القضايا، فالتعاون يفرض نفسه في مجالات المناخ والبيئة؛ إذ الصين شريك أساسي في تحقيق أهداف اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، ومن دون الشراكة مع الصين في هذه المجالات، فإن التغيير لن يحدث، فالصين مسؤولة عن حوالي 30 ٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية سنويًا، وكذلك الحال في القضايا التي تكون فيها الصين طرفًا في المشكلة وفي الوقت نفسه جزءًا من الحل، كمسائل انتشار التسلح النووي، وقضايا الإرهاب والقرصنة، والطاقة النظيفة[18].

وأما مجال الاقتصاد فيحكمه التفاوض، ففيما يعد أكثر محاولات الصين والاتحاد الأوروبي شمولاً حتى الآن لوضع العلاقات الاقتصادية بينهما على أرضية صلبة، أعلن الجانبان، في 30 ديسمبر 2020، عن التوصل إلى اتفاقية استثمار “تاريخية” بينهما. وجاء هذا الإعلان عن الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين ((CAI بعد اجتماع عبر الفيديو بين الرئيس الصيني تشي جين بينغ والمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وتهدف الاتفاقية إلى استبدال أكثر من عشرين معاهدة استثمار ثنائية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 والصين.

ومن المتوقع أن تفتح هذه الاتفاقية مساحة أكبر بكثير للشركات الأوروبية والصينية لتوسيع أعمالها في أسواق بعضها البعض، حيث من المنتظر أن توفر هذه الاتفاقية للشركات الأوروبية فرصا استثمارية ضخمة في الصين، خاصة في مجالات: خدمات النقل البحري والجوي، والتمويل، والكومبيوتر، والأبحاث والتطوير، والسيارات ذات المحركات البديلة، والاتصالات، وخدمات الحوسبة السحابية، وكذلك في مجال تشغيل المستشفيات الخاصة. كما أنه من المرجح أن تزيل الاتفاقية كثيرا من القيود أمام الشركات الأوروبية للوصول إلى السوق الصينية، بما في ذلك متطلبات الترخيص الصينية وحدود الملكية الأجنبية في قطاعات معينة. هذا فضلاً عن أن الاتفاقية سوف تضمن احترام الملكية الفكرية للشركات الأوروبية، وتحظر عمليات النقل القسري للتكنولوجيا، وتفرض قواعد شفافية على المساعدات التي تتلقاها الشركات العامة الصينية، وتحظر العمل القسري. ومن جهة أخرى، من المنتظر أن تستفيد الشركات الصينية من هذه الاتفاقية في تخفيف القيود المشددة المفروضة أوروبيًّا على قيام الشركات الصينية بشراء ما تعتبره أوروبا “قطاعات استراتيجية”، مثل الاتصالات والبنية التحتية للطاقة[19].

وأما عن موقف أوروبا من مبادرة الحزام والطريق، فقد استعملت أوروبا أسلوب الموازنة أيضًا؛ حيث إنها ستستفيد من المشروع بشكل كبير، وفي المقابل حاولت أن تتغلب على مخاوفها من التغلل الصيني في أراضيها بعد أن دخلت فيها دول أوروبية أساسية، كاليونان (2018)، والبرتغال (2018)، وإيطاليا (2019)، وهي واحدة من ضمن مجموعة دول السبعة الكبرى في العالم. فاتجه الاتحاد الأوروبي إلى تنسيق جهوده، وإطلاق شراكات ومبادرات موازنة (وموازية) للحزام والطريق؛ منها مثلا إطلاق سياسته للربط بين آسيا وأوروبا Connecting Europe and Asia Policy، كما أقرض بنك الاستثمار الأوروبي مبلغ 2.7 مليار دولار أمريكي لمشاريع البنية التحتية الآسيوية، وخاصة في الهند. بعدها أعلن الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2021 عن مبادرته “البوابة العالمية Global Gateway Initiative”، والتي تطمح لأن تقدم البنية التحتية التي تحتاجها الدول وفقًا للمعايير الأوروبية، كما رُصد لها ما يقرب من 300 مليار يورو خلال الفترة من 2021 حتى 2027، وذلك لدعم الدور الأوروبي عالميًا[20].

ج- روسيا:

بالرغم من أن روسيا تعتبر آسيا الوسطي “فناءها الخلفي”، وهو ما قد يبدو غير مواتٍ لمبادرات من قبيل الحزام والطريق، وكان ينظر للمشروع في البداية على أنه منافس للاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EEU)، إلا أن روسيا أعربت رسميًا عن دعمها للمشروع وتهدف إلى العمل مع الصين بشأن مقترحات ملموسة، إذ تعد الشراكة الصينية- الروسية أساسية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الصينية الأساسية، مثل مبادرة الحزام والطريق، وفي هذا الصدد أثبتت الاتفاقية الموقعة بين الحزام الاقتصادي لطريق الحرير (SREB) والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، المؤسَّس من قبل الرئيس الروسي بوتين عام 2015 أنه إجراء لا غنى عنه لبناء الثقة؛ مما يساعد على تحييد المخاوف الروسية من النزوح الاستراتيجي من قبل الصين[21].

كما أعلنت الصين وروسيا في 4 فبراير 2022، مولد شراكة استراتيجية عميقة، هدفها تحقيق التوازن مع ما وصفته الدولتان بالتأثير “الخبيث” للولايات المتحدة في العالم. وجاء هذا الإعلان وسط مشهد انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، الذي استضاف فيه الرئيس الصيني شي جينبينج نظيره الروسي فلاديمير بوتين. ويمثل إعلان الشراكة الصينية-الروسية بداية “حقبة جديدة” في العلاقات الدولية، حسبما ورد في البيان المشترك الصادر عن قمة شي-بوتين. إذ أكد هذا البيان على تجديد دعم الصين للمطالب الأمنية الروسية، من أجل حل الأزمة الأوكرانية، مشددًا على انضمام بكين إلى موسكو في معارضة توسع الناتو مستقبلاً. ومن ناحية أخرى، اتهم البيان الولايات المتحدة بإشعال الاحتجاجات في هونج كونج، وتشجيع الاستقلال في تايوان، منددًا بـ”التأثير السلبي لاستراتيجية واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على السلام والاستقرار في هذه المنطقة”، لإنشاء تحالف “أوكوس” العسكري بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، كونه يزيد من خطر سباق التسلح بالمنطقة ويخلق مخاطر انتشار الأسلحة النووية[22].

وإلى جانب التوافق السياسي التام لمواجهة أنشطة واشنطن “الخبيثة”، كشفت القمة الصينية-الروسية عن ميلاد تحالف استراتيجي غير مسبوق في مجال الطاقة. إذ اتفق الرئيسان الصيني والروسي على صفقات بمئات المليارات من الدولارات في مجالي الغاز والبترول، قدَّرها البعض بقيمة 117.5 مليار دولار. فمن ناحية، وقعت شركة “روسنفت” الروسية صفقة مدتها 10 سنوات مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) لتوريد 100 مليون طن من النفط الخام، عبر كازاخستان على مدار عشر سنوات. ومن ناحية ثانية، أبرمت شركة “غازبروم” الروسية صفقة مدتها 25 عاما لتسليم 10 مليارات متر مكعب سنويا، بإجمالي 48 مليار متر مكعب من الإمدادات عبر خط أنابيب غاز سيبيريا الذي تم إطلاقه في عام2019[23].

خاتمة:

صعود الصين في السياسة العالمية يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات الدولية وطبيعة النظام الدولي الذي سينتج، وهل سيؤدي هذا الصعود إلى تغير في موازين القوى، وإن حدث ذلك فالتساؤل الأكبر هو كيف سيحدث هذا التغيير؛ هل سيكون بشكل سلمي أم عنيف؟ وإن كانت كل المؤشرات الراهنة ترجح الطريق الأول.

فالصين كغيرها من القوى العظمى تتحرك في محيطها الإقليمي والدولي لتحقيق مصالحها العليا وضمان أمنها القومي، ويظهر ذلك في شكل تفاعلاتها مع هذه القوى والتنافس معها على مصادر الطاقة، التي تعتبر المحرك الأساسي لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها منذ 2013. فهي تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة للصناعة الصينية ومواجهة تحدي سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على أهم الممرات البرية والمنافذ البحرية في آسيا الوسطى، جنوب شرق آسيا، أفريقيا، والشرق الأوسط، من خلال بناء شراكات مع الدول المعنية بالمبادرة لأجل هذا الغرض وإن كان ما تعلنه هو تحقيق التنمية الاقتصادية في هذه الدول.

كما تعتبر الاستراتيجية الصينية لعصر جديد، والمرتكزة على مبادئ اقتصادية أهمها مبادرة “الحزام والطريق”، مفتاح التحول للدور الصيني في النظام العالمي، فالاستراتيجية تعمد إلى إعادة تموضع الصين في هرم القوة العالمية، متحدية بذلك الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

_____________________________________

الهوامش

[1]  على حسين باكير، مفهوم “الصعود السلمي” في سياسة الصين الخارجية، مركز الجزيرة للدراسات، 21 أبريل 2011، تاريخ الاطلاع: 15 يونيو 2022، متاح على الرابط: https://2u.pw/uP9pt

[2] أحمد عبدالرحمن خليفة، التنافس الأمريكي الصيني في غرب أفريقيا خلال الفترة – 2009 – 2020، رسالة ماجستير، جامعة الاسكندرية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، 2022، ص ص 100-101.

[3]   انظر الآتي:

  • النص الكامل لتقرير شي جين بينغ في المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، صحيفة الشعب اليومية أونلاين، 14 نوفمبر 2017، تاريخ الاطلاع: 16 يونيو 2022، متاح على الرابط: https://cutt.us/YrtJK
  • علي الجرباوي، الرؤى الاستراتيجية لثلاثي القطبية الدولية: تحليل مضمون مقارن، مجلة سياسات عربية، العدد 31، مارس 2018، ص ص 14-16.

[4]  المصدر السابق، ص14.

[5]  عزت شحرور، مبادرة الحزام والطريق: رؤية نقدية، مركز الجزيرة للدراسات، 11مايو 2017، تاريخ الاطلاع: 20 يونيو 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/ZQPIt

[6] أميرة أحمد حرزلي، مبادرة الحزام والطريق الصينية: الخلفية- الأهداف- المكاسب، في: مجموعة مؤلفين، مبادرة الحزام والطريق الصينية: مشروع القرن الاقتصادي في العالم، (برلين: المركز الديمقراطي العربي، 2019)، ص79.

[7]  علي صلاح، مشروع الحزام والطريق: كيف تربط الصين اقتصادها بالعالم الخارجي؟، مركز المستقبل للأحداث والدراسات المتقدمة، تقرير المستقبل في دورية اتجاهات الأحداث، العدد 26، 2018، ص ص 4-5.

[8] ويكن فايزة، مبادرة الحزام والطريق: ين إعادة تموقع الصين ومواجهة التحديات، في: مجموعة مؤلفين، مبادرة الحزام والطريق الصينية: مشروع القرن الاقتصادي في العالم، مرجع سابق، ص131.

[9]  شريفة كلاع، جيوسياسية الصين ومكانتها من خلال استراتيحية عقد الؤلؤ: هل تخلق لها رهانات وتحديات؟، المجلة الجزائرية للأمن والتنمية، المجلد 10، العدد 1، يناير 2021، ص545.

[10] علي صلاح، مشروع الحزام والطريق: كيف تربط الصين اقتصادها بالعالم الخارجي؟، مصدر سابق، ص11.

[11] المصدر السابق، ص545.

[12]  شناز بن قانة، الرهانات الاستراتيجية لمبادرة الحزام والطريق الصينية، في: مجموعة مؤلفين، مبادرة الحزام والطريق الصينية: مشروع القرن الاقتصادي في العالم، مرجع سابق، ص1161.

[13]  أسامة أبو ارشيد، جولة بايدن الآسيوية:احتواء الصين بوصفه هدفًا استراتيجيًا، تقييم حالة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 5 يونيو 2022، تاريخ الاطلاع: 27 يونيه 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/xQP1J

[14]  المصدر السابق.

[15]  عبدالمجيد أبو العلا، ردع الصين: التحالفات الأمريكية الجديدة في عهد إدارة بايدن، كراسات استراتيجية، مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، المجلد 31، العدد 335، أبريل 2022، ص31.

[16]  المصدر السابق، ص 27.

[17] أسامة أبو ارشيد، جولة بايدن الآسيوية:احتواء الصين بوصفه هدفًا استراتيجيًا، مصدر سابق.

[18] أحمد عبدالرحمن خليفة،  أولويات أوروبا عند التعامل مع الصعود الصيني، فصلية قضايا ونظرات، مركز الحضارة للبحوث والدراسات، العدد 25، أبريل 2022، ص62.

[19] أحمد قنديل، اتفاقية الاستثمار “التاريخية” بين الصين والاتحاد الأوروبي والتوازنات الدولية، مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، 10 يناير 2021، تاريخ الاطلاع: 28 يونيو 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/ZMIFH

[20]  أحمد عبدالرحمن خليفة،  أولويات أوروبا عند التعامل مع الصعود الصيني، مصدر سابق، ص65.

[21]  صفاء خليفة، الصين نحو تنافسية قطبية متعددة في القرن الحادي والعشرين: مبادرة الحزام والطريق أنموذجًا (2013-2021)، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد 13، يناير 2022، ص180.

[22] أحمد قنديل، الصين وروسيا: هل هي “شراكة بلا حدود” في مواجهة الولايات المتحدة؟، مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، 9 فبراير 2022، تاريخ الاطلاع: 27 يونيو 2022، متاح على الرابط: https://cutt.us/98Hqx

[23] المصدر السابق.

فصلية قضايا ونظرات – العدد السادس والعشرون – يوليو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى