السياسة الإقليمية الصينية: استعادة السيادة، وبناء محور استراتيجي

مقدمة:

تبدو الصين في إقليمها كعملاقٍ بين أقزام، ولكن كثرة هؤلاء الأقزام وخوفهم من العملاق قد يدفعهم إلى تقييده بخيوطٍ رفيعة كما حدث في قصة “رحلات جليفر” Gulliver’s Travels حينما زار جزيرة الأقزام. بالمثل تنظر الدول المحيطة بالصين إليها، وتتشكك دومًا في نواياها الإقليمية، وهذا ليس وليد الصدفة، وإنما مبني على قراءة للفكر الصيني ولتاريخ الصين، التي دائمًا ما ترى نفسها مملكة وسطى على الجميع أن يطوف بها إن أراد البقاء. كما يتأكد ذلك من دروس الواقع بشكلٍ عام، التي تشير إلى أن أي قوة دولية في مرحلة بناء عظمتها إنما تبدأ من السيطرة على إقليمها. وهو ما جعل كافة هذه الدول المحيطة بالصين تسعى لا لتجاوزها، ولكن لتوسيع شراكاتها مع كافة القوى الدولية خارج القارة وداخلها في محاولة منها لتقييد سلوك الصين الإقليمي[1].

ولكن العملاق لكونه عملاق، لن يقبل بذلك بسهولة، وإنما دفع نحو تغيير هذه المعادلة تارةً بإطلاق التطمينات المختلفة في محيطه الإقليمي وعالميًا عبر عدة مقولات بدأت من “إخفاء الصعود، وتغذية الغموض” في التسعينيات، فمقولة “الصعود السلمي” في بداية الألفينيات، ثمّ مقولة “الحلم الصيني”[2]، ومجتمع المصير المشترك مع “شي جين بينج” في بداية العقد الثاني من الألفية الحالية. وتارةً أخرى عبر تأكيد الصين صعودها بإطلاق دعوات لبناء عالم متعدد الأقطاب، وإصلاح مجلس الأمن، وبناء أنظمة اقتصادية وسياسية وإعلامية عالمية جديدة، فضلا عن بناء نمط جديد من علاقات القوى الكبرى يقوم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التصادم والربح المشترك[3].

يقف هذا التقرير على أهم معالم السياسة الإقليمية للصين مقدمًا قراءة لمستجدات هذه السياسة في ضوء القضايا الساخنة في آسيا: تايوان، وميانمار، وكوريا الشمالية، وذلك في ثلاثة محاور؛ يتناول الأول: المقصود بالسياسة الإقليمية للصين، وأهم أهداف ومصالح الصين في نطاق الإقليم وعالمًيًا. أما المحور الثاني، فتحت عنوان: استعادة السيادة الصينية، يشرح مبدأ “صين واحدة ونظامان”، وتطبيقاته على حالة تايوان في الوقت الراهن، وكذا مسائل السيادة الإقليمية في بحري الصين الجنوبي والشرقي، وضمان استقرار الحدود الصينية. أما محور الثالث فتحت عنوان: بناء الشراكات الاستراتيجية ويحلل موقع مبادرة الحزام والطريق وتنويع مصادر الطاقة من بناء محور استراتيجي مع ميانمار، وكذا يدرس الحالة الكورية في إطار مكون البراجماتية والتعددية في السياسة الإقليمية الصينية، وبناء المؤسسات الدولية البديلة.

المحور الأول: في معنى السياسة الإقليمية وأهداف الصين:

يتعين علينا قبل البدء في تناول مسائل السياسة الإقليمية الصينية، أولًا: تحديد النطاق الإقليمي لهذا التقرير، أو بمعنى آخر الإجابة عن سؤال مفاده إلى أي إقليم تنتمي الصين، أو ما حدود السياسة الإقليمية للصين؟ ثم بيان أهم مصالح الصين وأهدافها في هذا الإقليم تاليًا.

بدايةً يتنازع الصين الانتماء إلى عدة فضاءات جغرافية، بعضها طبيعية بحكم الجبال والهضاب والأنهار، وبعضها سياسية ترتبط بالحدود السياسية، وبعضها مُتخيلة تتحدد على أساس نظرة القوى الأخرى للصين وموقعهم منها. فلكون الصين ثاني أكبر دولة عملاقة في آسيا من حيث المساحة، والأولى من حيث السكان، أضحت قلب آسيا، وتُحسب فيه قوة كبرى أساسية، ولذلك نجد الصين جغرافيًا تقع في شرق، وجنوب، وجنوب شرق آسيا، وتتشارك الحدود السياسية مع 14 دولة، لديها نزاعات حدودية مع 11 دولة منها اليابان والهند وكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين وفيتنام، وحتى روسيا وكوريا الشمالية. أما وفقًا للفضاءات المتخلية، أي تلك التي رسمها المنظرون والاستراتيجيون في العالم، فتنتمي الصين إلى ما يعرف بمنطقة المحيطين الهادي والهندي (الهندو باسيفيك) Indo- Pacific، وهو فضاء رسمته الولايات المتحدة لحلفائها لزيادة تعقيد الفضاء الذي تنتمي إليها الصين جغرافيًا، وتوسيع دائرة الاهتمام بالصعود الصيني والقوى الصاعدة في آسيا، ويضم الدول المطلة على المحيطين، ومنهم الولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا[4].

هيأت هذه الجغرافيات للصين –إن صح التعبير– إلى تشكل قناعة لدى القادة الصينيين، أن تحقيق القوة الصينية، بل وبنائها، ينطلق من أن تكون الصين قوة كبرى في الإقليم (مرجعية)، ولا بد أن تكون قوية لكي تستطيع أن تجاري هذه القوى الإقليمية، وأن تحتفظ بحقوقها المختلفة في آسيا خاصةً في ظل تعدد نزاعاتها الحدودية والبرية. كما تشكل لدى الباحثين قناعة مبنية على هذه الفكرة سواء للصين – أو لأي قوة صاعدة- حيث إن تحولها لقوة عالمية (عظمى) إنما يبدأ من إقليمها وتحديدًا من السيطرة والهيمنة عليه[5]، تُعد أطروحة “جون ميرشايمر” حول “المُهيمن الإقليمي”[6]، هي الأبرز في هذا الصدد.

وعلى هذا الأساس تراكمت للصين في إطار جغرافيتها، مجموعة من المصالح الجوهرية Core Interests تمثلت في ثلاث كلمات هي: الأمن، والسيادة، والتنمية[7].

  • الأمن: يرتبط الأمن في المخيلة الصينية بأمن النظام السياسي والاجتماعي للصين، ومن ثمّ يجب حماية الحزب الشيوعي الصيني وضمان سيطرته على النظام السياسي ضد أي ثورات أو عمليات تغيير سياسية ناحية الديمقراطية الغربية.
  • السيادة: تتجسد في ضرورة حماية السيادة الإقليمية للصين، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الصينية، والتصدي لأي محاولات انفصالية، وقمع أي حركات تنادي بالاستقلال عن الصين سواء في هونج كونج أو شينجيانج أو التبت أو تايوان.
  • التنمية: لازالت تطمح الصين إلى استمرار تنميتها، وتهيئة كافة الظروف الدولية الموائمة لذلك، إذ تعمل على منع نشوب أي حروب في جوارها الإقليمي، وضمان استقرار تدفقات الطاقة لها من الأقاليم المختلفة، وكذا حرية الملاحة في الممرات والمضائق الدولية.

ومن هذه المصالح الجوهرية تفرع للصين مجموعة من الأهداف الإقليمية، وفقًا للخريطة الجيو-سياسية للمنطقة، تتمثل في:

أولًا: استعادة السيادة على تايوان، وتأكيدها على كافة المقاطعات الصينية، والمناطق المتنازع عليها في بحري الصين الجنوبي والشرقي.

ثانيًا: حفظ الاستقرار والأمن في المناطق (الأقاليم) الحدودية، والأقاليم المجاورة للصين، ومنها إقليمي كاشين وشان القريبين من مقاطعة يونان الصينية.

ثالثًا: التحول لقوة بحرية عظمى، والسيطرة على كافة المضائق والممرات الدولية (في نطاق إقليمها)، ومنها مضيق ملقا، وبحرا الصين الجنوبي والشرقي..

رابعًا: حل المشكلات الإقليمية بعيدًا عن تداخلات القوى الدولية (الغرب، وخاصة الولايات المتحدة).

ويمكن القول إن هذه الأهداف تتمحور حول ضرورة الحد من التواجد العسكري للولايات المتحدة في الإقليم خاصةً في كوريا الجنوبية واليابان، والحد من “تحكمها” في مضيق ملقا، والتقليل من نفوذها السياسي، بل وإخراجها من المنطقة، ومن ثمّ أضحى هناك هدف رئيس للصين –ليس فقط في إقليم جنوب شرق آسيا– ولكن عالميًا ألا وهو مناهضة الهيمنة الأمريكية وإقامة عصر التعددية القطبية[8].

ومما سبق نستنتج أن السياسة الإقليمية الصينية محكومة بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، يأتي على رأسها نفوذ القوى الدولية في الإقليم وأهمها: الولايات المتحدة والقوى المتحالفة معها: كوريا الجنوبية واليابان وتايوان، ثمّ نيوزيلندا، وأستراليا. وكذا نمط التحالفات القائمة بينهم، وطبيعة التواجد العسكري في المنطقة، وبقرب المضائق والممرات البحرية كمضيق ملقا. أما ثانيها: فيتمثل في أمن الطاقة الذي يعتبر مكون أساس في الفكر الاستراتيجي الصين لضمان استمرار نموها واستدامة صعودها. أما ثالثها: فيتعلق بضمان الوحدة الصينية وتحقيق الاستقرار داخل حدود الصين وخارجها مع الدول المحيطة، ومناهضة كافة صور النزعات الانفصالية أو الاستقلالية، ومن هنا تنبع أهمية تايوان، وهونج كونج، والتبت، وشينجيانج، ويونان وغيرها. أما رابعها: فيتمثل في رغبة الصين أن تكون قوة بحرية كبرى، وهو ما يدفعها إلى النظر إلى بحري الصين الشرقي والجنوبي على أنه بحيرة صينية. أما خامسها: فيتمثل في عامل الفكر والإدراك، الذي يظهر من خلال “وضوح عناصر الاستراتيجية” و”المرونة” و”البراجماتية” في التفكير في التعامل مع القضايا المختلفة، ووزنها من المنظار الاستراتيجي الصيني، فضلا عن رؤى القيادة الصينية تحت قيادة شي جين بينج الذي يبدو أن لديه شخصية وطموح مختلف عن سابقيه[9].

ولأن تحقيق هذه المصالح، وهذه الأهداف يدور حول محورين رئيسين؛ الأول يتمثل في استعادة السيادة، والثاني يرتبط ببناء محور استراتيجي مع دول المنطقة، فإن هذه الدراسة فيما يلي تستعرض هاتين النقطتين من خلال دراسة ثلاث حالات هي: تايوان، وكوريا الشمالية، وميانمار، في محاولة لإبراز معالم الاستراتيجية الصينية عالميًا وإقليميًا لتحقيق أهدافها في الإقليم وفي هذه الدول.

المحور الثاني- استعادة السيادة: تايوان نموذجًا

أولًا- الوحدة الصينية: مبدأ “صين واحدة ونظامان”:

تُعد مسألة تحقيق السيادة الصينية على أقاليمها من أهم المسائل المرتبطة بعملية بناء القوة والتأثير للصين، ويُعتقد أن تحقيق هذه السيادة إنما يتعلق أساسًا باستعادة تايوان[10]، ثمّ تحقيق السيادة على بحري الصين الجنوبي والشرقي. وتنظر الصين إلى تايوان على أنها جزء لا يتجزأ منها، وأنها في وضعها الحالي مقاطعة “منشقة”! وتدعو قادتها إلى الدخول تحت مظلة سياسة “صين واحدة ونظامان”[11]، التي دخلت بموجبها هونج كونج إلى السيادة الصينية، مع تمتعها بقدر كبير من الاستقلالية في الإدارة. وتدعو الصين تايوان إلى ذلك، بالإضافة إلى أنها ستسمح لقادة تايوان لأن يكونوا من القيادات العليا في الحزب الشيوعي والسلطات السياسية.

إزاء ذلك تقف الأحزاب السياسية في تايوان موقفًا منقسمًا تجاه الوحدة مع الصين، فمنهم من يعتقد بأن الأمر في النهاية سيصل إلى الوحدة مع الصين، مثل حزب الكومينتانغ وقد سعى الرئيس السابق منهم ما يينغ-جئو إلى تعميق العلاقات الاقتصادية والثقافية بين (البلدين). ومنهم من ينادي بضرورة إعلان الاستقلال عن الصين، وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي التقدمي (DPP) والذي منهم الرئيسة الحالية تساي إنج ون، التي ما فتئت تؤكد على أن تايوان دولة ذات سيادة، وتتبع نهج ديمقراطي خاص بها، وانضمامها للصين لا يضمن لها ذلك[12].

وتصريحات القيادات من “البلدين” تجاه بعضهم البعض، ومناوراتهما لا تنقطع بشأن هذه القضية، فعلى سبيل المثال كثفت الصين الدوريات الاستطلاعية العسكرية فوق منطقة الدفاعات الجوية التايوانية قبيل الذكرى الأربعين لاستقلال تايوان في يوليو 2021[13] كما تجري الصين باستمرار تدريبات قريبة من تايوان، آخرها كان في منتصف أبريل 2022. وهو ما كان له أصداء مباشرة في الجزيرة، التي أعلنت تأهبها لأي تحركات صينية عسكرية ضدها، فقاموا بعمل محاكاة للكيفية التي سيتحرك بها القوات والناس حال حدوث غزو، وأصدر الجيش كتيبًا ليكون بمثابة دليل يُمكن للناس استخدامه في حالات الطوارئ[14].

كما تجعل الصين الالتزام بمبدأ صين واحدة (قضية تايوان) شرطًا سياسيًا، ومتغيرًا أساسًا لإقامة أي علاقات مع الدول الأخرى، وتصرح بأن هذه القضية هي مفتاح تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة والقوى الغربية، كما تتابع عن كثب أي تحركات لهذه القوى في تلك القضية، إذ أدانت تغيير في موقع وزارة الخارجية الأمريكية حول توصيف العلاقات الأمريكية مع تايوان، التي حذفت فيها جملة “عدم استقلال تايوان”، وأضافت كلمة “بلد” وصفًا لتايوان.[15] فضلًا عن شن حملة هجوم ضد دولة ليتوانيا بعد أن أطلقت اسم تايوان على المكتب المُمثل للجزيرة.[16] بالإضافة إلى أن تمتع الدول بأي مزايا تجارية أو منافع اقتصادية أو انضمام للآليات الدبلوماسية والمبادرات التي تنشئها الصين هي رهن الإقرار بهذا المبدأ، وسحب الاعتراف بتايوان (انظر بشأن هذه الآليات المحور الثالث). ومن أحدث مظاهر هذا الالتزام الصيني بمبدأ صين واحدة رفض الصين القاطع بشأن دعوة تايوان إلى جمعية منظمة الصحة العالمية، التي تُعقد في 22 من مايو لهذا العام، بصفة عضو مراقب بناءً على طلب الولايات المتحدة[17].

ثانيًا- استعادة السيادة البحرية: خريطة الخطوط التسعة:

يُعد الصراع حول أحقية جزر بحري الصين الجنوبي والشرقي من أهم الصراعات المستعرة في شرق، وجنوب شرق آسيا، وتدعي الصين أن هذا البحر هو بحيرة صينية. ولذا رسمت عام 2009 خريطة موضح فيها تسعة خطوط Nine-Dash line تحاوط فيها بحر الصين بالكامل، مدعيةً امتلاك ما يقرب من 90% منه! (انظر خريطة رقم 1 توضح النزاعات في بحر الصين الجنوبي)

خريطة (1): خريطة الإدعاءات والنزاعات الحدودية في بحر الصين الجنوبي[18]

وتعود أهمية هذا البحر بالنسبة للصين إلى أولًا: أهمية موقعه، الذي يجعله قناة الربط بين المحيطين الهادي والهندي، ومن ثمّ التحكم في المضائق والممرات البحرية الموجودة في المنطقة، وثانيًا: تأمين تدفقات النفط إلى الصين، التي يأتي معظمها عن طريق هذه المنطقة، واستغلال الثروات النفطية الكامنة فيه، وثالثًا: محوريته في بناء قوة عسكرية بحرية تمكنها من مراقبة جيرانها، وتتبع القوات العسكرية الموجودة في المنطقة، فضلًا عن ضمان سيادتها على البحر.[19] وذلك من خلال سيطرتها على الجزر الواقعة على هذا البحر، التي ستكثف اكتشافاتها للاحتياطات النفطية الكامنة فيه، وبناء قواعد عسكرية وجزر صناعية لذات الأغراض، ومن هذه الجزر بارسيل، وسبراتلي موضع النزاع بين الصين والفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي.[20] كما تتنازع كوريا الشمالية والصين على سيادة بعض الجزر في نهري يالو وتومين؛ وبالمثل بالنسبة لجزيرة لينكورت روكس (التسمية اليابانية) مع الصين واليابان وكوريا الجنوبية، في حين يتنازع ثلاثتهم بالإضافة إلى تايوان حول جزيرة ديايو (التسمية الصينية)، ولكل منهم تسمية خاصة لها.[21] وأساس التنازع بين هذه الدول هو تقسيم المناطق الاقتصادية الخالصة بينها. ويسهم ذلك فيما يعرف بأمننة بحر الصين؛ إذ تسعى كل دولة لحشد قواتها إلى المنطقة أو بقرب المناطق المتنازع عليها فضلا عن سعيها لبناء ترسانة أسلحة قوية لحماية ادعاءاتها بشأن ملكية الجزر، فضلًا عن قيام القوى المتحالفة بمناورات وتدريبات مشتركة في المنطقة بحيث تكون بين الولايات المتحدة واليابان وتايوان من جانب، والصين من جانب آخر[22].

ولذلك تتقاطع طموحات الصين حول السيادة البحرية مع خططها للتحديث العسكري، وأهداف بناء جيش قوي عصري بحلول عام 2049، وزيادة إنفاقها العسكري لتحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، وإن كان بفارق كبير، مع سعيها لنشر أسطولها البحري في محيط بحر الصين. كما تضع الصين أهدافًا مرحلية لها، إذ تطمح أن يكون لديها 67 سفينة سطحية رئيسية جديدة و12 غواصة نووية بقدوم 2030، وهو ما يكفي للسيطرة على المحيط الهندي. ومن ثمّ تطمح لأن تكون أقوى قوة بحرية في العالم مع عام 2049،[23] ومن هنا يتفق الجميع على سمة التفكير الاستراتيجي بعيد المدى للقادة الصينيين.

ثالثًا: ضمان الاستقرار على الحدود:

نظرًا لكون عدد من الأقاليم (المقاطعات) الصينية ذات الأهمية الاستراتيجية حدودية، وتضم أقليات عرقية، ويرتبط بها نزاعات مع دول مجاورة، وبعضها مُحاط بدول غير مستقرة كميانمار أو تعاني من ضغوط اقتصادية دولية ككوريا الشمالية تتبع الصين سياسة حازمة بشأن ضمان استقرار هذه الحدود. فإقليم شينجيانج يضم ثلث الاحتياطي الصيني من النفط، ويساهم في إنتاج 40% من الحجر الجيري، ويضم أقلية الإيجور تركية الأصل، التي لا تتقبل الحضارة الصينية، وينشأ فيها العديد من الحركات الانفصالية التي تقمعها الصين، وتمثل ما يقرب من نصف سكان الإقليم. أما التبت فغنية أرضها بخام الحديد والنحاس،[24] ويسكنها أغلبية بوذية، وتقع أقصى غرب الصين، وهي الأقرب لدول جنوب آسيا. وتسعى القيادة في بكين إلى تصيين هذه الأقليات، بقهر هويتهم العرقية، وتعليمهم اللغة الصينية بعيدًا عن لغاتهم القومية، وفرض قيود على ممارسة الأديان، وذلك عن طريق القوانين أولًا، التي تمنع تولي غير أعضاء الحزب الشيوعي الصيني المناصب السياسية في الأقاليم[25]، والمعسكرات الثقافية ثانيًا.[26] وتكرر الصين دائمًا دعوتها “للولايات المتحدة تحديدًا” والقوى الغربية بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، أو الحض على استقلال أي من أقاليمها ومنهم شينجيانج (تركستان الشرقية) والتبت[27].

ويظهر من بين هذه الأقاليم، إقليم “يونان الصيني”، الذي يقع على الحدود مع ميانمار (بورما)، وتخشى الصين انتقال حالة عدم الاستقرار والاضطراب في هذه المنطقة إلى الإقليم الصيني، أو نزوح عدد من اللاجئين إلى داخل الحدود الصينية.[28] وذلك، أولًا: خوفًا من انتقال أي عدوى أو أمراض بسبب ارتفاع معدلات الإصابة بمرض نقص المناعة البشرية (الإيدز) في ميانمار، وثانيًا: انتقال المخدرات (الأفيون والهيروين) عن طريق التجارة غير المشروعة على حدود الصين[29].

ويكتسب هذا الإقليم أهمية إضافية من كونه يقع ضمن استراتيجية المحيطين للصين، حيث يمكنها عبره الوصول إلى المحيط الهندي عبر النفاذ من خلاله إلى ميانمار (انظر خريطة 2) بما يضمن لها تنمية المنطقة من ناحية، وبناء ممرات اقتصادية بينها وبين ميانمار من ناحية أخرى.[30] ونعود لهذا الموضوع في المحور التالي.

خريطة (2): النفاذ إلى المحيط الهندي عبر الممر الاقتصادي بين ميانمار والصين[31]

 

المحور الثالث: بناء محور استراتيجي:

أولًا: الحزام والطريق والسيطرة على مصادر الطاقة وممراتها:

يُعد أمن الطاقة من الهواجس الرئيسة للصين، ومدار أساس في نهج الاستراتيجيات، وبناء الشراكات الإقليمية والدولية. وطرحت الصين في عام 2020 استراتيجية تتمحور حول عمل عدة إصلاحات في مركب الطاقة واستهلاكها داخل الصين، وتنويع الشراكات مع الدول المختلفة.[32] ومن هنا يأتي الاهتمام الإقليمي الصيني بدولة مثل ميانمار تحديدًا، إذ تُقدر احتياطات النفط الكامنة فيها بأكثر من 90 تريليون قدم مكعب. ويهدف الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار إلى مد خطوط أنابيب بطول 800 كيلو متر من ميانمار إلى كون منغ عاصمة مقاطعة يونان التي تقع على حدود الصين[33]، وتتمتع الصين بفضل دعمها لنظامها العسكري مؤخرًا بمزايا كبرى في عقد الصفقات واستغلال موارد الطاقة.

وفي ذلك تفصيل مهم، تقع معظم اكتشافات ميانمار في محيط إقليم راخين (أراكان سابقًا)، الذي يضم أقلية الروهينجا المسلمة، ويتعرض لعمليات عنف وتغيير ديمغرافي، ولم تعارض الصين تحركات النظام تجاه الروهينجا، بل وفرت دعمًا عسكريًا للجيش في ميانمار، كما اعتبرت أن هذه المسائل بمثابة شؤون داخلية على الدول الأخرى ألا تتدخل فيها، وفي ذلك إشارة ضمنية للنهج الذي ترغب في تعامل العالم مع قضايا الأقليات فيها. كما يبدو من سلوكها ترحيبًا بإخلاء الإقليم من الأقليات المعارضة للسلطات السياسية.[34] وكذلك يمكن للصين عبر هذا الإقليم الولوج إلى المحيط الهندي في صورة تشبه الفرعين (بالإضافة إلى ولاية شان). (انظر الخريطة 2)

وفي هذا الإطار، تدخل ميانمار ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية (عقد اللؤلؤ)، التي تهدف إلى تعزيز ربط الصين بآسيا أولًا، ثمّ باقي قارات العالم تاليًا.[35] ومن هنا نجد أن موانئ  جوادر (باكتسان)، وهامبانتوتا (سيرلانكا)، وتشاوبيو (راخين – ميانمار) ويانغون (ميانمار) تسهم في تعزيز السيطرة الصينية على المحيط الهندي.[36] وذلك فضلًا عن مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها داخل معظم دول جنوب شرق آسيا. وتركز الشركات الصينية استثماراتها في قطاع الطاقة لدى هذه الدول، إذ تبلغ الاستثمارات الصينية 27% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة في ميانمار.[37] كما تستثمر في كوريا الشمالية في مجالات البنية التحتية، وفي قطاعات الصناعة والطاقة، خاصةً في ميادين التعدين: كالذهب، والنحاس، والزنك، والرصاص، والتيتانيوم، والفحم والحديد. وتُعد الصين المستثمر الأجنبي الوحيد في كوريا الشمالية، الذي يوفر فرص عمل للمواطنين هناك.[38]

ثانيًا: البراجماتية: الدعم المزدوج واستراتيجيات التوازن:

تتسم السياسة الصينية في كثير من الملفات الإقليمية بالبراجماتية والمرونة.[39] فإذ هي الشريك الوحيد لكوريا الشمالية، فإنها في الوقت نفسه تضع كوريا الجنوبية ومنذ عام 2013 ضمن ما تطلق عليه “استراتيجية التعاون الشاملة”، وتتعمق علاقتها الاقتصادية معها في كل الميادين والمجالات.[40] ويتبين النهج الصيني المزدوج في قضية الكوريتين في أنها وإذ ترغب في إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، وعدم تملك أي من الشطرين لهذا السلاح، تقف حائلًا أمام انهيار نظام كوريا الشمالية، وتستخدم علاقتها معه للضغط على الولايات المتحدة، والقوى الدولية، وترفض امتلاك كوريا الجنوبية واليابان لنظام الدفاع الصاروخي النووي ثاد (Thad)[41]. فهي تنظر إلى كوريا الشمالية على أنها حاجز (عازل) مع كوريا الجنوبية، حيث القوات الأمريكية، وأن انهيارها قد يعني إما تدفق الآلاف كلاجئين إلى أراضيها، أو تحولها لنظام ديمقراطي حليف للولايات المتحدة والغرب، أو كلاهما معًا، وهو أسوأ سيناريو تخشى بكين حدوثه.[42]

تؤول براجماتية الصين في علاقاتها مع الكوريتين على أنها سياسة الإبقاء على الأنظمة السياسية للدول، ورفض التدخل في تغييرها، فهي حتى وإن كانت تخشى من النظم الديمقراطية، فإنها ترى أن تكلفة تغييرها، وانتظار نظام جديد موالي أمر لا يمكن توقعه، وهو ما يدفعها للتكيف مع الوضع الراهن، واستغلاله لصالحها.[43]

ومن هنا يمكن النظر إلى سياسات الصين الإقليمية على أنها إما سياسات لتحقيق التوازن بين القوى المختلفة، أو سياسات لتحقيق الهيمنة، حسب زاوية النظر وموقع الناظر. فانخراطها مع القوى المتنوعة في آسيا “اقتصاديًا” رغم الخلافات (النزاعات الحدودية) بينها وبينهم، وبين هؤلاء الشركاء أنفسهم (كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية نموذجًا)، وكذا دخولها شريك أساسي في ميانمار ورغبتها في الوصول إلى المحيط الهندي، هو منافسة لمناطق النفوذ التقليدي الهندي، أو موازنة القوة الهندية التقليدية في المنطقة، ومحاولة لتقليل نفوذ القوى المتحالفة مع الولايات المتحدة في آسيا. وبالمثل مهادنتها للنظام الجديد في أفغانستان، وسعيها للحوار مع طالبان، رغم ما بينهم من خلافات سياسية.[44] ومن ناحية أخرى، يمكن تأويل سلوكها على أنه سعي للهيمنة على إقليمها، للتحول من مكانة المُهيمن الكامن إلى المُهيمن الفعلي بلغة الواقعية الهجومية، أي أنها تسعى لأن تضع مبدأ “منرو الآسيوي”؛ وإجمالًا يمكن النظر إلى ذلك على أنه تقليص للنفوذ الأمريكي في المنطقة والعالم، سعيًا لبناء عالم التعددية القطبية الذي تطمح إليه الصين.

ثالثًا: بناء المؤسسات البديلة والانخراط في المؤسسات العالمية:

تربط الصين بين رغبتها في تغيير العالم أو التحول لعالم التعددية القطبية، بسعيها لتعزيز فاعليتها في المؤسسات الدولية المختلفة: البنك الدولي، مجلس الأمن، صندوق النقد الدولي، وغيرها. كما تسعى لعقد شراكات مع الدول المختلفة في العالم النامي لتقوية موقفها في هذه المؤسسات، ومنع استخدام القوى الكبرى كالولايات المتحدة هذه المؤسسات ضدها. فضلًا عن أن انخراط الصين في هذه المؤسسات يهدف من جانب آخر إلى منع تمثيل تايوان فيها، وليس رفضها لعضوية تايوان في منظمة الصحة العالمية إلا مثال واحد على ذلك.

كما تسعى هي الأخرى إلى بناء المؤسسات البديلة، ومنها البريكس، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي يضم معظم دول الإقليم ومنهم: كوريا الجنوبية، وميانمار، وأفغانستان، وباكستان. وهذه المؤسسات هدفها تعزيز اتجاه بديل للعولمة، والتأسيس لنماذج جديدة في ممارسة الحوكمة العالمية. وعلى هذا قدمت الصين نماذجًا جديدة تتمحور حول إجماع بكين Beijing Consensus، الذي يؤمن بدور أكبر للدولة والحكومة في رسم وتنفيذ السياسات العامة، وتوجيه عملية التنمية داخلها، بما يضمن الحد من تأثير تطبيق الرأسمالية الشاملة، وبرامج الإصلاح الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، أقامت بكين عددًا من الآليات الدبلوماسية الجديدة، التي هدفها تعزيز التبادل الدبلوماسي، وتوسيع التتشاور في المجالات المختلفة: الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والأمنية. ومنها منتدى التعاون الصيني الأفريقي FOCAC، والعربي الصيني، وآلية الصين ودول وسط وشرق أوروبا CEES +1. ويُعد منتدى BOAO Forum for Asia أحد هذه الآليات الدبلوماسية الإقليمية التي تجمع الصين مع 29 دولة من محيط آسيا. ويقع مقرها الرئيس في مدينة بواو بمقاطعة هاينان الصينية. وقد تمت الدعوة لها في عهد هو جينتاو عام 1999، وكان أول اجتماع لها في فبراير عام 2001، ومن وقتها وهي تعُقد سنويًا بانتظام.[45] وتسعى من خلال هذه الآليات إلى تأكيد مبادئها الأساسية وعلى رأسها مبدأ صين واحدة.

وهكذا نرى أن الاستراتيجية الصينية لتحقيق أهدافها الإقليمية الأساسية تجمع بين كافة أدوات السياسة الخارجية المتاحة لها، وذلك بدءً من استعمال الأدوات الخطابية للتأكيد عليها، مرورًا باللقاءات الدبلوماسية الثنائية، والآليات الجماعية، والمبادرات الاقتصادية، والمؤسسات البديلة، وليس انتهاءً بالأدوات العسكرية بما تتضمنه من تحديث للجيش، وتعزيز تواجده في آسيا. إذ لم تتوقف الصين على ذلك بل حاولت تقديم مفاهيم جديدة، تدعّم موقع بكين في منظومة الأفكار العالمية.

خاتمة المسلمون في السياسة الإقليمية الصينية:

طوعًا أو كرهًا وجد المسلمون أنفسهم جزءً من السياسة الإقليمية للصين، فكان قدر مسلمي الإيجور أنهم ضمن الأقليات العرقية داخلها، التي تقف لها الصين بالمرصاد، وتستدعي ضدها أشد الأدوات قسوة لصهر هذه الاختلافات في النسيج القومي الصيني. وكذلك كان قدر مسلمي الروهينجا أنهم لا يواجهون فقط النظام العسكري في بلدهم، ولكنهم يواجهونه ومعه الدعم العسكري والاقتصادي الصيني، الذي عينه على أقليات شنجيانج والتبت داخله، ما لا يجعله يدعو إلى معاملتهم بغير ما يعامل به هذه الأقليات.

ولكون الصين واحدة من أهم الدول الصاعدة في آسيا (إن لم تكن أهمها) فإن تغيير وضع المسلمين في القارة بكاملها يرتبط بسياسات الصين الإقليمية. فمع تشعب التواجد الصيني في آسيا، وتنوع أدوات سياستها الإقليمية، أضحت الصين جزءً من معادلات القوة داخل الدول القريبة منها، بل مرجحًا لقوة جماعات في مقابل أخرى، ومنها ميانمار على سبيل المثال، إذ رأينا كيف أن مشروعات الصين في إقليم راخين (أراكان) أثرت في موقف النظام منهم، وجعلت ميزان القوى يميل بصورة مطلقة لنظام ميانمار، فضلا عن إفقادهم لظهير دولي حقيقي رغم عنف تعامل النظام البين معهم.

ومن ثمّ، فالتركيز في الحوار السياسي والحقوقي مع الصين على هذا الملف يُعد مهمة كافة الدول الإسلامية عند التعامل مع الصين. ولكن صعود الصين الشامل، وتغلغلها الاقتصادي في كافة الدول الإسلامية، وتفضيل كثير منها لها كشريك اقتصادي، يصعّب من اللجوء إلى ورقة الديمقراطية وحقوق الإنسان (أو مناقشتها مع الصين)، إذ يبادلونها المعاملة بالمثل. وعليه، وبكلمات مختصرة: لن تتغير سياسات الصين تجاه المسلمين، ما لم تتغير سياسات الدول الإسلامية تجاه المسلمين داخلها (شعوبها) أولًا! ولن يتغير الداخل الإسلامي إلا ببناء المشروع الوطني المستقل، والتخلي عن عقلية الصفقة، وإزاحة الاستبداد منه، وتفعيل أدوار دول أركان الأمة، خاصةً الآسيوية منها: ماليزيا، وإندونيسيا، وباكستان، وإيران، وتركيا.

____________________________

* *يتقدم الباحث بخالص الشكر والتقدير إلى الزميل/ أحمد بسيوني على قيامه بجمع جزء كبير من مادة هذا البحث.

الهوامش

[1] مارك ليونارد، فيمً تفكر الصين؟، ترجمة: هبة عكام، (المملكة العربية السعويدة: مكتبة العبيكان، 2008)، ص 120.

[2] لكل رئيس صيني مفهوم مظلة يضعه ليكون موجه لسياسة دولته ودعايتها في الدخل والخارج، فمثلا: هو جيتناو سلف شي اختار مفهوم العالم المتناغم سياسيًا واقتصاديًا وأمنيا ليكون مظلة لسياساتها، في حين عمد شي إلى الحلم الصيني في إشارة إلى طموح الصين في أن تكون قوة عالمية كبرى، وأن تبني أنظمة دولية جديدة ملائمة لطبيعة صعودها من جانب، وتسريع التغيير في نمط الهيمنة الغربية من جانب آخر. وتسعى الصين لربط حلمها بالعالم عبر التأكيد على مفهوم مجتمع المصير المشترك، الذي على الدول أن تُعامل فيه بالاحترام المتبادل والربح المشترك على أساس السيادة والمساواة. وللمزيد بشأن معالم هذا الحلم وتأثيره على السياسة الخارجية الصينية راجع:

– Carolina Ribeiro De Sousa, The Chinese Dream: Challenges and Impacts for China’s Foreign Policy, Master thesis, (University Institute of Lisbon, 2021), pp 31-43.

 [3] للمزيد بشأن تفاصيل هذه الأطروحة والمقصود منها يراجع:

 -Suisheng Zhao, A New Model of Big Power Relations? China–Us Strategic Rivalry and Balance of Power in the Asia–Pacific, Journal of Contemporary China, Vol. 24, No. 93, 2015, p 380-381.

[4] عبد القادر دندن، التحول في تشكيل التوازنات الاستراتيجية: آسيا الباسيفيك إلى الهندوباسيفيك “دراسة حالة”، السياسة الدولية، مؤسسة الاهرام، المجلد 55، العدد 222، أكتوبر 2020، ص 14-15.

[5]عبد القادر دندن، الأدوار الأقليمية للقوى الصاعدة: الصين – دراسة ميدانية، (عمان: مركز الكتاب الأكاديمي، 2015)، ص 9-10.

[6] يشير ميرشايمر إلى أن الدول تسعى إلى القوة بشكلٍ لا نهائي، كما أنها تهدف في الأخير إلى تحقيق البقاء من خلال “الهيمنة”؛ فلا أمان للدولة إلا أن تكون هي الدولة الوحيدة المهيمنة. ولما كانت الهيمنة العالمية مستحيلة، فإن عليها أن تبقى الدولة الوحيدة “المهيمنة في إقليمها”، وتمنع أي دولة أخرى من الهيمنة في أقاليم أخرى حتى تصبح هي “المهيمن الإقليمي الوحيد”، للمزيد انظر:

  • جون ميرشايمر، مأساة سياسة القوى العظمى، ترجمة: مصطفى محمد قاسم، (الرياض: قسم النشر العلمي، جامعة الملك سعود، 2012)، ص 50-51.

[7] طُرح مفهوم المصالح الجوهرية للصين بصورة أكثر وضوحًا عام 2010، ثمّ تأكد في عهد شي جين بينج. ويرى الكثير من المتابعين أن فيه تغيير في خطاب ونهج الصين في التأكيد على مصالحها؛ ليصح أكثر حزمًا تجاه بعض المسائل وعلى رأسها قضية تايوان. للمزيد بشأن تفصيل هذه المصالح، يُراجع:

– Andrew Scobell and others, China’s Grand Strategy: Trends, Trajectories, and Long-Term Competition, Santa Monica, CA: RAND Corporation, 2020, p 12, available at: https://cutt.us/vkkp2

– Michael J. Mazarr, Timothy R. Heath, and Astrid Stuth Cevallos, China and the International Order, Santa Monica, CA: RAND Corporation, 2018, p 14, available at: https://cutt.us/FggqH

– China’s National Defense in the New Era, The State Council Information Office of the People’s Republic of China, July 2019, available at: https://cutt.us/QUIvn

[8] China and the World in the New Era, The State Council Information Office of the People’s Republic of China, September 2019, available at: https://cutt.us/d1o4B

[9] Marcin Przychodniak, A New Strategy or Just a Change of Tactics? The Main Elements of China’s Foreign Policy During Xi Jinping’s First Term, The Polish Quarterly of International Affairs, Vol. 26, No. 3, 2017, pp 8-9.

[10] Yu-Hua Chen, ‘Bringing Geography Back In: Buffer Thinking in Chinese Foreign Policy’, Ph.D. Thesis, The Australian National University, 2019, p 53.

[11] للمزيد بصدد تفاصيل المقترح الصين لحل أزمة تايوان، انظر:

– عدنان البدراني، أثر التوتر المقيد في السياسة الخارجية الصينية تجاه تايوان، مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، مركز جيل البحث العلمي، المجلد العدد الخامس، 2016، ص ص 124- 120.

– متروك بن هايس الفالح، النموذج الصيني للتوحيد الدولة الواحدة ذات النظامين: دراسة في الأصول والعوامل والدلالات، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، المجلد 14، العدد 152، أكتوبر 1991، ص ص 17 -23.

[12] الصين وتايوان: رئيسة الجزيرة تؤكد أنها لن ترضخ لضغوط بكين، بي بي سي عربي، 10 اكتوبر 2021، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 12:10، متاح عبر الرابط التاليhttps://bbc/.in/3lzNis2 :

[13] الصين وتايوان: الرئيس الصيني يتعهد بـ”إعادة التوحيد” مع الجزيرة، بي بي سي عربي، 9 أكتوبر 2021، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 12:19، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/9kClE

[14]لأول مرة.. تحرك أميركي بريطاني وخطط طوارئ حول ملف تايوان، سكاي نيوز عربية، 1 مايو 2022، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 12:00، متاح عبر الرابط التالي.https://bit.ly/3yWeUiT

[15] المرجع السابق.

[16] أحمد عبد الرحمن خليفة، أولويات أوروبا عند التعامل مع الصعود الصيني، فصلية قضايا ونظرات، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، العدد 25، أبريل 2022، ص59.

[17] رفض الصين مشاركة منطقة تايوان في جمعية الصحة العالمية يحظى بدعم المجتمع الدولي، صحيفة الشعب اليومية أون لاين، 23 مايو 2022، تاريخ الإطلاع: 24 مايو 2022، الساعة 12:40، متاح عبر الرابط التالي https://cutt.ly/SHXUhyu

[18] ما هو أساس الخلاف حول بحر الصين الجنوبي؟، بي بي سي عربي، 12 يوليو 2016، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 11:10، متاح عبر الرابط التالي https://cutt.ly/aHC8PjJ

[19] عبد القادر دندن، العامل الطاقوي في علاقات الصين ببنغلاديش وميانمار: الوجه الآخر للتنافس الصيني-الهندي في جنوب آسيا، شؤون الأوسط، مركز الدراسات الاستراتيجية، العدد 166، شتاء 2022، ص 84-85.

[20] إيمان فخري، بحر الصين الجنوبي.. صدام محتمل بين واشنطن وبكين، السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام، المجلد 56، العدد 223، يناير 2021، ص 182.

[21] عبد القادر دندن، الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على الاستقرار في محيطه الإقليمي: آسيا الوسطى – حنوب آسيا – شرق وجنوب شرق آسيا، (الجزائر: رسالة دكتوراة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر – باتنة، 2013)، ص 296.

[22] المرجع السابق، ص 304.

[23] للمزيد راجع:

– Korea, North, CIA.gov, 15 May 2022, Accessed: 24 May 2022, 12:57, available at: https://bit.ly/3PuXlfE

– عبد القادر دندن، الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على الاستقرار في محيطه الإقليمي: آسيا الوسطى – حنوب آسيا – شرق وجنوب شرق آسيا، مرجع سابق، ص297.

[24] عبد الأمير محسن الأسدي، أمبر نجم عبود، السياسة الصينية اتجاه دول جنوب شرق آسيا في القرن الحادي والعشرين: دراسة في أبعادها الاقتصادية والأمنية، المجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية كلية العلوم السياسية، العدد 41-42، ديسمبر 2019، ص 19.

[25] بشأن الوقوف على الوضع الحقوقي في الصين راجع:

– China: Events on 2021, (in):  Word report  2022, (New York: Human Rights Watch, 2022(, pp 159- 178.

[26] الصين “ترغم” الآلاف من سكان التبت على الالتحاق بمعسكرات العمل الجماعية، بي بي سي عربي، 23 سبتمبر 2020، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 18:10، متاح عبر الرابط التالي.https://bbc.in/3wFpcBn

[27] الصين تحث الولايات المتحدة على عدم دعم “استقلال التبت”، صحيفة الشعب اليومية أون لاين، 20 مايو 2022، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 12:30، متاح عبر الرابط التالي.https://bit.ly/3wIvQH5

[28] Akkas Ahamed, Md Sayedur Rahman, and Nur Hossain, China-Myanmar Bilateral Relations: An Analytical Study of Some Geostrategic and Economic Issues, Journal of Public Administration and Governance, Vol. 10, No. 3, 2020. p 339-340.

[29] Shan State Exemplifies China’s Tangled Myanmar Ties, The Diplomat, 4 May 2022, Accessed: 12:40 2022, 23 May,  available at:  https://bit.ly/38K2XSL

[30] John Nielsen, Myanmar – China´S West Coast Dream, Copenhagen: Danish Inistitute for International Studies (DIIS), May 2022, available at:  https://bit.ly/3ySm1ZH

[31] Ibid.

[32] Energy in China’s New Era, The State Council Information Office of the People’s Republic of China, December 2020, available at:  https://cutt.us/FgxkF

[33] عبد القادر دندن، العامل الطاقوي في علاقات الصين ببنغلاديش وميانمار: الوجه الآخر للتنافس الصيني-الهندي في جنوب آسيا، مرجع سابق، ص 89-91.

[34] Yun Sun, China’s Role in Myanmar’s Internal Conflicts, US Institute of Peace—USIP Senior Study Group Report, no. 1, 2018, p 33.

[35] أسماء بن مشيرح، التغلغل الصيني في جنوب آسيا بين المكاسب الجيواستراتيجية والمعضلة الأمنية، دفاتر السياسة والقانون، جامعة قاصدي مرباح ورقلة – كلية الحقوق والعلوم السياسية، المجلد 13، العدد الثاني، 2021، ص 389.

[36] China Seeks to Dominate Bay of Bengal through Myanmar Ports, Op. cit.

[37] Foreign Energy Giants Leave Myanmar, Chinese Companies to Likely Replace Them, Thai PBS World, 13 May 2022, Accessed: 23 May 2022, 21:30,  available at: https://cutt.ly/zHXzI3Z

[38] Riccardo Rossi, North Korea-Chin a Economic Relations and the United Nations Sanctions, SpecialEurasia, 16 May 2022, Accessed: 23 May 2022, 21: 40, avilable at: https://cutt.ly/aHXxHwo

[39] محمد غروي، عام على الانقلاب في ميانمار… عنف يتأجج ومأساة إنسانية تتجدد، إندبندنت عربية، 1 فبراير 2022، تاريخ الإطلاع: 23 مايو 2022، الساعة 22:10، متاح عبر الرابط التالي.https://cutt.ly/2HXn60C

[40] China and Republic of Korea, Minstery of Foreign Affairs of People’s Republic of China, Accessed: 24 May 2022, 3:30, available at: https://cutt.ly/yHXvqjG

[41] Scott Snyder, China-South Korea Relations under South Korea’s New Yoon Administration: The Challenge of Defining ‘Mutual Respect’, Forbes, 11 May 2022, Accessed: 23 May 2022, 3:45, available at: https://cutt.ly/tHXnJri

[42] ناصر التميمي، صعود الصين: المصالح الجوهرية لبكين والتداعيات المحتملة عربياً، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، المجلد 40، العدد 461، يوليو 2017، ص ص 72-74.

[43] Andrew J Nathan, China’s Challenge, Journal of Democracy, Vol. 26, No. 1, 2015, p 156.

[44] للمزيد بشأن موقف الصين من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان راجع:

– أحمد عبد الرحمن خليفة، أفغانستان بين باكستان وإيران: المواقف والتداعيات بعد الانسحاب الأمريكي، فصلية قضايا ونظرت، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، العدد 24، يناير 2022، ص 112.

– أحمد عبد الحافظ فواز، مواقف قوى شرقية كبرى من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فصلية قضايا ونظرات، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، العدد 24، يناير 2022، ص 96-100.

[45]للمزيد بشأن هذا المنتدى، انظر: https://cutt.ly/rH8Ewin

فصلية قضايا ونظرات – العدد السادس والعشرون – يوليو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى