إشكاليَّات الوقف وتحوُّلاته في مصر

مقدمة

الوقف يعني توقف المالك عن التصرُّف في المال والانتفاع به لصالح الجهة الموقوف عليها بغاية التقرُّب إلى الله ونيل الثواب والجزاء الحسن، والوقف بهذا المعنى ارتبط بالتصوُّر الذي جاء به الإسلام حول الحياة والأحياء وامتدَّ به المسلمون في الواقع فأسْهَم في ترشيح جملة من المعاني الجليلة في وجدان الأمة، وأسْهَم في تنمية إحساسها بضرورة تماسُكها، كما أسهم في تنميتها تنمية تتوافق مع أصول تكوينها؛ فأنتج بذلك مجتمعًا غنيًّا بذاته، متماسكًا بأعضائه، متراحمًا بين أفراده(1).
ويعتبر الوقف من النظم الاجتماعية ذات الأبعاد المتشعِّبة التي عرفتها المجتمعات العربية والإسلامية ومارستها، وأسهم الوقف بدور هام في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الأمْنِيَّة، وذلك من خلال تقديمه الخدمات المجانية للمجتمع، والتي تمثَّلت في: إنشاء الجوامع والمدارس والمستشفيات والمكتبات وإنشاء الجسور وقنوات الري ودور رعاية الأيتام وإقامة الحصون الأمنية والقلاع الحصينة لتوفير الأمن والاستقرار وتزويد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح؛ مما ساهم في تعزيز استقلالية الأمة والمحافظة على إرادتها الحرة، وساهم أيضًا في التخفيف عن كاهل الموازنة العامة للدولة الحديثة.
وكانت مصر من المجتمعات العربية والإسلامية التي عرفت نظام الوقف، وكان له إسهام بارز في إنشاء العديد من مؤسسات المنافع العامة، وتحقيق الكثير من الأنشطة ودفع عجلة التطور. وتأثر تأسيس الوقف في مصر الحديثة بنوعين من المؤثرات: الأول معنوي، والثاني مادي، المعنوي: يتمثل في الوازع الديني الذي يحث على فعل الخيرات وبذل الصدقات ابتغاء القرب من الله، ولنيل الثواب في الآخرة، ويعد الوازع الديني جزءًا من مكونات الثقافة الأصيلة الموروثة والمرسخة في وجدان الأفراد، أما المادي: فهو مجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والقانونية وأثرت على نظام الوقف ذاته، ففي الفترات التي أبيحت فيها الملكية الفردية الكاملة، وقلَّت فيها القيود المفروضة على نموِّها واتِّساع قاعدتها، وقَلَّ تدخُّل الدولة في مجال الخدمات العامة؛ زاد الإقبال على الوقف بأنواعه الثلاثة (الأهلي والخيري والمشترك)، وفي الفترات التي فرض فيها القيود من قبل الدولة قلَّ الإقبال على الوقف، وبذلك نجد أن الوازع الديني وحده غير كافي لظهور الأوقاف بالرغم من ضرورته وأهميته، وذلك لأن المؤثِّرات المادِّية تعدُّ عاملًا مهمًّا في إنشاء الوقف؛ فهي التي يمكنها مساعدة أو عرقلة نشأته(2).
مَرَّ الوقف بالكثير من التحوُّلات وواجه بعض الإشكاليَّات التي أثَّرت عليه، خاصَّة في ظلِّ نمط الدولة الحديثة، ومن ثم سوف يركز التقرير على أهمِّ التحوُّلات والإشكاليَّات التي تعرَّض لها نظام الوقف خاصَّة منذ تحويله إلى وزارة وحتى عام 1952.

الوقف في مصر بين النشوء والتطور

عرفت مصر تاريخ الوقف منذ دخلها الإسلام على يد عمرو بن العاص، ويذكر أن جامع عمرو بن العاص كان أول وقف في مصر، وأن قيسبة بن كلثوم التحبيبي قد تصدَّق به ليكون مسجدًا للمسلمين، وذلك في 21هـ/641م وهي سنة الفتح(3)، وتزايد الوقف فيها حتى بلغ حجم الأوقاف حدًّا كبيرًا، حيث كانت نسبته 40 بالمئة من جملة أراضي مصر الزراعية إضافة إلى العقارات المبنية والمساجد وغيرها من أنواع الوقف التي كانت توقف على أعمال البرِّ، مثل: الرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة وقنوات الري وغيرها(4).
ويرجع تأسيس أول ديوان للأوقاف في مصر في عهد الأمويِّين والذي يعدُّ أول تنظيم للأوقاف ليس في مصر فقط، ولكن في كافَّة أنحاء الدولة الإسلامية، مما ساهم في تطوُّر نظام الوقف واتِّساع نطاقه، وبلغ الوقف أوج ازدهاره في عصر المماليك حيث تسابق إليه كثير من السلاطين والأمراء؛ لينهضوا بالمجتمع حيث أقاموا المؤسَّسات التعليمية والمساجد والمستشفيات والأسبلة وغيرها، وحبسوا عليها الأوقاف التي تمكنها من تحقيق رسالتها(5).
ومَرَّ نظام الوقف بمراحل متعدِّدة في التاريخ الحديث يمكن تقسيمها إلى مرحلتين: المرحلة الأولى أثناء حكم محمد علي حتى الاحتلال البريطاني، والمرحلة الثانية من 1913 حتى 1952.

المرحلة الأولى- أثناء حكم محمد على حتى الاحتلال البريطاني

عندما تولَّى محمد علي حكم مصر، وبدأ مشروعه في النهوض، ولكي يمكن لهذه النهضة من تحديث عناصر الإنتاج والنهوض بالاقتصاد، قام بإحكام السيطرة على أيِّ وسائل للإنتاج أو أيِّ مصادر تموِّل مشروعه، وكان نظام الوقف من المصادر التي تمَّت السيطرة عليها(6)؛ لأنه كان من أغنى المصادر التي تمكِّن محمد علي من النهوض.
فوضع يده عليه وهيمن على إدارته(7)؛ لذلك أنشأ إدارة عمومية سُمِّيَتْ ديوان الأوقاف في 1835، ويعتبر هذا الديوان أول هيئة في مصر لإدارة ومراقبة الوقف(8)، وتمركزت مهام الديوان في مهمَّتين فقط، هما: وضع دفاتر تتضمَّن قوائم بأسماء الأوقاف الخيريَّة وحساباتها، وإنشاء قلم لمحاسبة نظَّار تلك الأوقاف، ولكن سرعان ما صدر قرار بإلغاء الديوان بعد ثلاث سنوات، ويعتبر هذا الديوان تأشيرة التدخُّل المركزي في مجال الوقف(9)، وألغى بعد ذلك محمد علي الأوقاف كلها، وتمَّ انتزاع أوقاف المساجد وجهات البرِّ وصارت كلها مِلْكًا للدولة أو بالأحرى مِلْكًا لمحمد علي(10)، وأُلِّفَ الديوان للمرة الثانية بناءً على قرار المجلس الخصوصي الذي صدر بأمر عباس باشا الأول 1851، ولكن الديوان هذه المرة شمل مهام أكثر وسلطات أوسع من المرة الأولى(11).
وتوسَّعت مسؤوليات الديوان واختصاصاته؛ بسبب إحالة عدد كبير من الأوقاف عليه لإدارتها، وأصبحت له فروع وإدارات متعدِّدة واتَّسعت دائرته من المحاسبة إلى إدارة الأعيان الموقوفة، ومنها إلى المؤسَّسات الموقوفة، وبذلك كان مهيَّأً لكي يتمَّ تحويله إلى وزارة من وزارات الحكومة عند تشكيل أول مجلس للوزراء في أواخر عهد إسماعيل سنة 1878، وكان أول وزير للأوقاف هو علي باشا مبارك، وقام أثناء وزارته ببعض الإصلاحات التي عادت بالفائدة على الكثير من المؤسسات الخيرية، ولكن تم إلغاء وزارة الأوقاف والعودة إلى الديوان مرة أخرى في 1884 باعتباره هيئة مستقلة عن الوزارات الحكومية التي كانت قد خضعت لنفوذ الاحتلال ونظام المستشارين الأجانب(12).
ولم يَسْعَ الاحتلال البريطاني في بدايته للتدخُّل في شؤون نظام الوقف، كما فعل الاحتلال بعامة الأقطار العربية الأخرى من السعي للسيطرة على نظام الوقف بواسطة إدارة الدولة الخاضعة لسلطة الاحتلال، لذلك ترك الاحتلال للخديوي ثلاثة مجالات لم يجز لنفسه التدخُّل الواضح فيها وهي: المحاكم الشرعية والأزهر والأوقاف، ولم يحاول الاقتراب منها بشكل واضح إلا في عام 1899 بعد أن ضمن استقرار كافَّة الأوضاع السياسية(13).

المرحلة الثانية- من 1913 إلى 1952

أصدر الخديوي عباس حلمي الثاني 1913 أمرًا عاليًا بإنشاء وزارة الأوقاف للمرة الثانية، يرأسها وزير ويعاونه مجلس الأوقاف الأعلى، ويتكوَّن المجلس الأعلى من الوزير بصفته رئيسًا، ومن شيخ الأزهر، ومن مفتى الديار المصرية، ومن ثلاثة أعضاء آخرين يكون تعيينهم من قبل الخديوي بناء على طلب مجلس الوزارة، ويتَّضح أن تكوين المجلس على هذا النحو المتقدِّم يمثِّل بداية العقبات القانونية أمام الوقف وبداية للتدخُّل القانوني في الأحكام الفقهية المستقرَّة للوقف، ووصل الأمر إلى أن لو كان رأي شيخ الأزهر والمفتي مخالفًا لرأي رئيس المجلس والأعضاء لأمر شرعي ورجَّح الوزير الرأي الآخر يُؤخذ به(14).
وكان قرار الإنشاء ناتجًا عن ضغط من المعتمد البريطاني على الخديوي، وجاء مع إعلان الحماية البريطانية على البلاد، وتمَّ تشكيل وزارة موالية للإنجليز، وأصبحت بذلك وزارة الأوقاف من وزارات الدولة(15).
وترتَّب على ذلك خضوع دخل الأوقاف للحكومة كأيِّ وزارة أخرى يتدخَّل الاحتلال في شؤونها، كما تمَّ تعيين أحمد حشمت باشا وزير الأوقاف ناظرًا على جميع الأوقاف التي كانت في نظارة إبراهيم نجيب باشا (آخر مدير لديوان الأوقاف قبل تحويله إلى وزارة) وبهذا التحويل تغيَّر المركز القانوني للشخصيَّة المعنويَّة التي كان يمثِّلها، فبعد أن كانت مستقلة عن الحكومة أصبحت جزءًا منها(16).
وشهدت الفترة من 1914 إلى سنة 1934 توسُّعًا في عملية إحالة الأوقاف بمختلف أقسامها إلى وزارة الأوقاف لإدارتها والإشراف عليها وعلى ما يتبعها من مؤسسات اجتماعية وأعمال خيرية، حيث زادت في الفترة من 1914 إلى سنة 1924 بمقدار 51.560 فدان، وفي الفترة من سنة 1934 زادت المساحة بنسبة مئة بالمئة تقريبًا، وذلك خلال عشرين عامًا، وفي عهد السلطان حسين كامل الذي خلف الخديوي عباس حلمي أصدرت محكمة مصر الشرعية قرارًا بإقامة السلطان حسين وزيرًا على جميع الأوقاف التي كانت في نظر الخديوي السابق، ثم توالت عملية نقل السلطة والوزارة على الأوقاف وتوالت التقارير الصادرة من المحاكم الشرعية بإقامة حكام مصر وزراء على الأوقاف -خلال الفترة من 1913 إلى 1952(17)- ثم شهدت الفترة التالية من 1935 إلى 1952 تراجُعًا واضحًا في حجم الأوقاف التي أدارتها الوزارة(18).
وخلال هذه المرحلة مَرَّ نظام الوقف بالعديد من التحوُّلات والإشكاليَّات التي طرأت عليه، ويمكن إجمالها في الآتي: الإطار القانوني، والبناء الإداري، والفاعلية.

أولًا- الإطار القانوني

اعتبر البعض أن الانتكاسة الحقيقيَّة للوقف في مصر بدأت مع بداية التنظيم القانوني له، فقد كانت تحكمه في نشأته وإدارته القواعد الراجحة من المذاهب الفقهية عامة والمذهب الحنفي على وجه الخصوص(19)، وأنه مَحَى التصوُّر الراسخ في الأذهان حول الوقف واستبدله بنظام آخر يخالفه وإن كان اسمه الوقف(20).
وصدر أول تشريع قانوني للوقف في 17 يونيو 1946، واشتمل على اثنتين وستين مادة تتعلَّق بشروط وكيفية إنشاء الوقف وحالات الرجوع عنه والتغيير في مصارفه وانتهاء الوقف واستحقاقه وقسمته ومسؤوليات الناظر ومحاسبته وعمارة الوقف وغير ذلك من الأحكام العامة(21)، وصدر في 16 يوليو 1948 القانون المدني المصري وقضى في مادته رقم 731 بأنه يجوز فرض الحراسة القضائية على الأموال الموقوفة في الأحوال الآتية:
– إذا كان الوقف شاغرًا أو قام نزاع بين نُظَّاره، أو نزاع من أشخاص يدَّعون حقَّ النظر عليه أو كانت هناك دعوى مرفوعة بعزل الناظر، وكل هذا إذا تبيَّن أن الحراسة إجراء لا بدَّ منه للمحافظة على ما قد يكون لذوي الشأن من الحقوق وتنتهي الحراسة في هذه الأحوال إذا عين ناظر على الوقف سواء كان بصفة مؤقتة أم بصفة نهائية.
– إذا كان الوقف مدينًا.
– إذا كان أحد المستحقِّين مدينًا معسرًا وتكون الحراسة على حصَّته وحدها إن أمكن فرزها ولو بقسمة مؤقَّتة، وإلا فعلى الوقف كله، ويشترط أن تكون الحراسة في الحالتين هي الوسيلة الوحيدة لعدم ضياع حقوق الدائنين بسبب سوء إدارة الناظر أو سوء نيَّته.
وقد ساعد هذا في نهب الأوقاف خاصَّة فيما يتَّصل بأجر الحارس وما خوَّله له القانون من تصرُّفات في مال الوقف المفروض عليه الحراسة القضائية(22).
وعقب ثورة يوليو 1952، أمعنت السياسات الجديدة في استخدام آلية التشريع وإصدار القوانين، وكان نظام الأوقاف مادَّة أساسيَّة لهذه التوجُّهات التشريعيَّة التي انتهجها مجلس قيادة الثورة، وصدر القانون 180 لسنة 1952، والذي نصَّ على إلغاء الوقف على الخيرات، ورمى القانون إلى تكريس الملكية العامة للدولة، وتقليص خصوصيات المجتمع المدني من أملاك عينيَّة خاصَّة وأوقاف أهليَّة، أي إنه لا يجوز الوقف في المستقبل إلا على الخيرات، أما الوقف الأهلي فلا سبيل لذكره إلا إذا كان تصفية لقضايا قديمة(23)، وبذلك يكون قد انتهى الوقف الأهلي وانتهت بمقتضاه نظارة الأوقاف الأهلية، ولكن بقيت سيطرة الوزراء على الأوقاف حتى تمَّ تسليمها إلى المستحقِّين الذين صاروا مُلَّاكًا، ثم آلت من بعد ذلك لوزارة الأوقاف.
واعتبر البعض أن إلغاء الوقف الأهلي بمثابة ضمور أصاب مؤسَّسة الوقف(24)، أما بالنسبة للوقف الخيري فإنه صدرت بشأنه عدَّة قوانين متوالية تنظم الولاية عليه وأولها القانون 247 لسنة 1953 وجعل الولاية على الوقف لوزارة الأوقاف(25)، ويتَّضح من ذلك أن سلطة الثورة اعتبرت بقاء الأوقاف خارج سيطرة الدولة من شأنه أن يعرقل تنفيذ برامجها الإصلاحية الاجتماعية والاقتصادية، لذلك رأت من الضروري وضع يدها على الأوقاف وإخضاعها لقوانين الإصلاح الزراعي وقوانين التأمينات الاشتراكية(26).
واعتبر البعض أن نظام الوقف الذي بلغ عمره أكثر من أربعة عشر قرنًا قُدِّرَ له أن ينهار على يد ثورة يوليو في ثمانية عشر عامًا، وأن هذه الفترة مزَّقت أصوله المادِّيَّة وشوَّهت فكرته الخيريَّة بسبب الإجراءات التي اتَّخذتها حكومات الثورة منذ يوليو سنة 1952 وحتى نهاية الستينيَّات(27)، وأنها مَسَّتْ ثقة المتبرع في ما سيؤول إليه تبرُّعه الوقفي، ولم تعد هذه الثقة إلى أفراد المجتمع في هذا النظام الوقفي الخيري العريق(28)، فهذه التغيُّرات القانونية جعلت أفراد المجتمع يستشعرون أنهم حين يتبرعون بأموالهم فكأنما يتنازلون عنها للدولة(29).
ويتَّضح ممَّا سبق أن البنية القانونية التي تمَّ وضعها لنظام الوقف قد أَسَرَتْ نظام الوقف داخلها وعَزَلَتْه عن المجتمع وحركته الحرَّة، كما أنها أسهمت ضمن عوامل كثيرة في إضعاف الميل الاجتماعي نحو إنشاء أوقاف جديدة، بل وفي حجب نظام الأوقاف وتقاليده المؤسسية الخاصة به عن مجاله الاجتماعي الفسيح(30).

ثانيًا- البناء الإداري لنظام الوقف

مرَّت المؤسسة الوقفية على امتداد تاريخها بتحوُّلات عديدة في طبيعة النسق التنظيمي الإداري، وذلك بعد أن دخلت مصر دور الدولة الحديثة، ورأت الحكومات على اختلاف توجُّهاتها أن نظام الوقف يمثل تهديدًا لوجودها كحالة سياسية، ولم تنظر إليه باعتباره نظامًا معبِّرًا عن القاعدة العريضة من المجتمع الأهلي؛ لذلك قامت بالتدخُّل في شؤونه، وجاء هذا التدخُّل في إطار ترتيب أو تحولات إدارية وإجراءات تنظيمية نعرض أهمها على النحو التالي:
– الإدارة المباشرة للدولة على الأوقاف:
تركت الحكومة للواقفين الحق في تعيين من يتولَّى أمرها، وحافظت على استقلاليَّة الأموال الوقفيَّة في إدارتها واستعمال إيراداتها لأغراضها التي شرطها الواقف، وفرضت عليها رقابة قضائية من القضاة المحليِّين، أمَّا في الأحوال التي لا تعرف فيها ما هي شروط الواقف فإن الجهة الحكومية تتولَّى إدارة الأموال الوقفية(31).
– تحكُّم الدولة في الوقف تحت الغطاء القانوني:
نَصَّ القانون 46 لسنة 1948 على أن تكون نظارة الوقف لمن شرط له الواقف، ثم لمن يصلح له من ذرِّيَّته، وإن لم يوجد فلوزارة الأوقاف، وصدر بعد ذلك حوالي 30 تعديلًا للقانون جعل وزارة الأوقاف هي الناظر للأوقاف أي المديرة لها، وأن يكون لها الحق في تغيير شروط الوقف، وتمَّ بمقتضى القانون جعل الأوقاف الخيرية بمثابة أموال عامة للدولة، وأن تكون وزارة الأوقاف أحق بالنظر على الوقف؛ لأنها كجهة حكومية ليس لها أيَّة مطامع في أموال الوقف، وهذا في حالة عدم وجود الواقف أو ناظر معيَّن من قبل الجهات القضائيَّة باعتبار هذه الأخيرة جهة رقابية على تصرُّفات النُّظَّار.
– إحكام سيطرة الحكومة على الوقف:
أدارت الحكومة أموال الأوقاف ومنعت تولية أي ناظر على الوقف غير الإدارة الرسمية، ومارست الإدارة الحكومية دورها حسب النُّظم الرسمية في إدارة الأموال العامة، وأخضعتها لأساليب التفتيش والرقابة السلطوية المطبَّقة على فروع الحكومة الأخرى.
ووجدت الحكومة فرصة لمصادرة الأوقاف وتأميمها (كما في حالة إلغاء الأوقاف الأهلية) أو بالاحتواء (كما في حالة الأوقاف الخيرية)، وذلك عندما زادت النفقات على الجهات الدينية والخيرية وتجاوزت الإيرادات المستخلصة من أموال الأوقاف، ممَّا استدعى أن تقدِّم الحكومة دعمًا للإنفاق على الوجوه الوقفيَّة وبخاصَّة المساجد من الميزانية العامة نفسها(32).
ومما سبق يتَّضح أن كلَّ تنظيم إداري جديد للأوقاف يصدر في أيِّ عهد من عهود الحكم يعبِّر عن إرادة أعلى سلطة للدولة، ويعني هذا أن التدخُّل من الناحية الإدارية في شؤون الأوقاف كان سياسة واعية للدولة الحديثة في مصر منذ بدايات تكوينها في مطلع القرن التاسع عشر، وكان هدف هذه السياسة هو السعي لتطويع وإدماج نظام الوقف في البيروقراطية العامة لجهاز الدولة وإضافة قوَّته إلى قوَّتها(33)، وهذا ما نجحت فيه حكومة ثورة يوليو 1952 فاستطاعت إحكام سيطرتها على الأوقاف وحوَّلتها إلى جزء من البيروقراطية الحكومية دون أن تطوِّرها أو تحدِّث إدارتها أو تقوم بتجديد بنيتها المادِّيَّة أو المعنويَّة في الوعي الاجتماعي العام(34).

ثالثًا- فاعلية نظام الوقف

ترتبط فاعلية الوقف بالسياق المحيط به، وبمدى استقلاله عن سلطة الدولة من جهة، وبمدى سلامته من عوامل الفساد الإداري والأخلاقي من جهة أخرى.
ففي بداية الأمر كان نظام الوقف بمثابة قاعدةٍ مادِّيَّةٍ ومعنويَّةٍ لكثيرٍ من مؤسَّسات العمل الأهلي وأنشطته المتعدِّدة، واستطاع أن يوفِّر قسطًا لا يُستهان به من الموارد المالية التي تطلَّبها النشاط الأهلي وخاصَّة في تقديم الخدمات الاجتماعية، ومن ثم توفَّر لتلك الأنشطة الاستقلال النسبي -المالي والإداري- وظلَّ مرتبطًا بالمجتمعات المحلية وملَبِّيًا لحاجاتها المتنوِّعة(35).
وكان هو المصدر الأساسي لقوَّة المجتمع أمام الدولة، ولعل تأسيسه من الناحية المعرفية على فكرة فروض الكفاية جعلته مصدر الفاعلية والتجدُّد والتنوُّع في المجتمع، وكان بمثابة الإجابة العمليَّة للمجتمع على جميع الإشكاليَّات والحاجات والمستجدَّات التي تطرأ عليه، لذلك كان هدفًا تسعى الدولة لامتلاكه ووضع قبضتها عليه أو تقليصه.
وتعتبر الفترة التي تمتَّع بها الوقف بفاعليَّة عالية، هي فترة الاستقلاليَّة مع اللامركزيَّة، وتعبِّر استقلاليَّة الأوقاف عن إحدى أهمِّ السمات القانونيَّة والأخلاقيَّة التي لا بدَّ وأن يتميَّز بها الوقف(36)، أما اللامركزيَّة فتعني عدم وجود إدارة مركزيَّة موحَّدة مختصَّة بشؤون جميع الأوقاف، بل كانت هناك إدارات متعدِّدة، وتجلَّتْ أيضًا على صعيد الممارسة الاجتماعية فلم تتركَّز في فئة أو جماعة ما دون أخرى، بل إنها انتشرت وشملت النسيج الاجتماعي للأمَّة بتكويناتها المختلفة بغضِّ النظر عن الجنس والدين والمكانة(37)، وقَلَّتْ فاعليَّته في فترة تمتُّعه بالاستقلاليَّة مع المركزيَّة، وهي التي أُنشئ فيها ديوان مستقل للأوقاف يحافظ على استقلال كلِّ وقف على حدة، ولكنه يديرها بصورة مركزيَّة ولو من خلال استخدام القضاة في تعيين النُّظَّار، وظلَّت الأوقاف في هذه الفترة لها ميزانيَّتها الخاصَّة مع خضوعها لإدارة مركزيَّة(38).
وتراجعت الفاعليَّة في فترة فقدان الاستقلال مع المركزيَّة، وأصبح نظام الوقف ملكيَّة عامَّة للدولة تفعل به ما تشاء، وأصبحت موارده جزءًا من ميزانيَّة الدولة، أي انتهاء فلسفة الوقف مع بقاء مظاهره، فالدولة تحصل على عوائد الأوقاف وتقوم بإدخالها في ميزانيَّاتها كدخل قومي لها وتخرج من ميزانيتها للإنفاق على الأغراض الموقوفة، ومن هنا تمَّ قطع العلاقة بين الواقف والموقف عليه(39).
وبذلك يكون قد تمَّ إخضاع الوقف وإلحاقه بالدولة التي عمدت إلى إعادة توجيه هذا النظام وظيفيًّا، بحيث أصبحت قدراته المادِّيَّة والمعنويَّة والرمزيَّة عاملة في خدمة السياسة العامة للدولة، وجرت عملية إعادة التوجيه الوظيفي لنظام الوقف عبر آليَّتين وهما: الأولى- وضع جميع الأوقاف الخيريَّة تحت إدارة وزارة الأوقاف بعد أن كانت أغلبها تُدار إدارة أهليَّة مستقلَّة، الثانية- تخويل وزير الأوقاف سلطة تغيير مصارف الأوقاف الخيريَّة دون تقييد بشروط.
وهنا نجد أنه بالآليَّة الأولى تمَّ تقويض استقلاليَّة الوقف الخيري ومؤسَّساته، وبالآليَّة الثانية تمَّ توظيف نظام الوقف برمَّته في خدمة السياسة العامة الحكوميَّة(40)، وبذلك تكون الدولة الحديثة نجحت في الهيمنة على نظام الوقف وتحويله من فاعل مرتبط بالأمَّة يَجْبُرُ تقصيرَ الدولة إلى نظام لا جدوى منه، عمله غير متَّصل في نسيج قوي كما في السابق، فالدولة بدَّدت فاعليَّة الوقف؛ وذلك بإدخاله ضمن مؤسَّساتها، وجاء هذا الإدخال ضدَّ المجتمع وحتى ضدَّ الدولة نفسها، لأنها بدت في صورة العاجزة عن تلبية أبسط الخدمات الاجتماعيَّة لأفراد المجتمع.
وممَّا سبق يمكن أن نستخلص بعض الإشكاليَّات التي واجهت الوقف وحدَّتْ من فاعليَّته، منها:
– إشكاليَّة وظيفة ناظر الوقف، حيث كان يخضع تعيين النَّاظر فيه للواقف وللأوصياء من بعده الذين قد لا يكونون مؤهَّلين لمهمة اختياره.
– إشكاليَّة عدم وجود سياسة واضحة لمحاسبة النُّظَّار على الوقف.
– الإشكاليَّة الأكبر هي الإشكالية النابعة من الدولة، مثل رغبة الحكَّام في الاستيلاء على الوقف سواء لشخص الحاكم أو الاستيلاء على الوقف لصالح الدولة، وذلك بغية تثبيت دعائم حكمها وإضعاف المجتمع.
وخلاصة ما سبق نجد أن القوانين والتدخُّل الحكومي في الإدارة والبيئة السياسيَّة جميعها إشكاليَّات ساعدت في وصول الوقف لحالة الوهن والضعف التي هو عليها(41).
ويمكن القول إن الوقف كان فاعلًا عندما كان يتمتَّع بالإرادة الحرَّة والاستقلال، وبدأ يضعف وتنحسر فاعليته وذلك عندما تدخَّلت السلطة الحكوميَّة فيه وقامت بتغيير نظامه الفقهي وإعادة صياغته عبر سلسلة من القوانين والتشريعات أدَّتْ إلى إدماجه في الجهاز الحكومي.

خاتمة

نستخلص مما سبق بعض النقاط التي توضِّح لنا التحوُّلات التي طرأت على نظام الوقف، وهي على النحو التالي:
– فرض السيطرة الحكومية على نظام الوقف أدَّى إلى تقويض الفاعليَّة الاجتماعيَّة له، وأفقدته أهمَّ وظائفه، التي تمثَّلت تاريخيًّا في تحقيق التوازن بين المجتمع والدولة وبناء مجال تعاوني مشترك بينهما، وهذه السيطرة جعلت العلاقة بينهما تتَّسم بالصراع في أغلب الوقت، فهي لا تتَّخذه سندًا لها ولفاعليَّتها، بل تعتقد أن الوقف ينال من مركزيَّتها وعناصر سيادتها؛ لذلك سعت للسيطرة عليه، وبذلك تكون قد هدمت المبدأ الأساسي للعلاقة بينها وبينه وهو التعاون والتكامل.
– استُخدمت القوانين الصادرة لتنظيم الوقف في تحجيمه والحدِّ من قدراته وأدواره، وجعلته يُعاني من حالة وهن شديدة، وأعطت مساحة للدولة في إدارة الوقف وتنظيمه واستثماره، وفي المقابل تتقلَّص مساحات الفعل الأهلي والمدني في تنظيم الوقف وتفعيله.
– التحوُّلات القانونية والإدارية التي طرأت على الوقف أدَّت في نهاية الأمر إلى إكساب نظام الوقف موقعًا وظيفيًّا داخل النظام السياسي وخارج النسق الاجتماعي الذي ينتمي إليه الوقف من الأساس، وتحويله من كوْنه صدقة جارية إلى ما يشبه وصية المنافع، وتغيير الصورة الراسخة في أذهان أفراد المجتمع حول الوقف، وأصبحت الصورة المنتشرة في الأذهان أن هذه المؤسَّسة فاسدة ولا تخضع للشفافية.
– إن ازدهار وانحسار الوقف لم يكن بعيدًا عن الدولة وسياساتها وما تتعرَّض له من أحداث داخليَّة أو خارجيَّة، ففترات ازدهاره نتجتْ عن عدم فرض قيود بيروقراطيَّة أو تعقيدات رسميَّة عليه، مما مكَّنه من ممارسة دورٍ حضاريٍّ حيويٍّ ومتطوِّرٍ وفاعل في تحقيق النهضة. واستطاع أن يساهم في بناء النسق الاجتماعي العام بما يحتويه من أنساق فرعية اقتصادية واجتماعية وسياسية وإدارية، وملأ مساحات مؤثرة في مجال النشاط المدني والعمراني سواء في الإنتاج والخدمات أو في المرافق والأشغال العامة، أو في التوظيف وإيجاد فرص عمل أو رعاية المحتاجين، وأسهم بدرجات متفاوتة من القوة والضعف حسب ظروف كل فترة في تأسيس أوضاع وممارسات كانت تغني عن تدخُّل السلطة الحاكمة في المجال الاجتماعي العام أو على الأقل تحدُّ من قدرتها على هذا التدخُّل. أمَّا فترات انحساره فكانت نتيجة لعدَّة أسباب، منها: سيطرة وضغط الاحتلال على السلطة لتعطيل دور الوقف، ومنها أيضًا إصدار قوانين وقرارات لتقييده أو لإلغائه، كما تعرَّضت بعض ممتلكات الأوقاف للاستيلاء وسوء الإدارة والتسييس، ممَّا جعلها تُصاب بالضمور وعدم التجاوب مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
*****

الهوامش:

(*) باحثة بمركز الحضارة للدراسات والبحوث.
(1) سعاد أشتيب، الأبعاد القيمية لمفهوم الوقف، موقع وقفنا، 1شعبان 1428ه، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us/FUpnI
(2) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف السياسية في مصر، (القاهرة: دار الشروق، 1998)، ص ص 94، 96، 97.
(3) المرجع السابق، ص 74.
(4) محمود كيشانة، بين الواقع والمأمول.. الوقف الإسلامي تنظيمًا واقتصادًا، صحيفة حفريات، القاهرة: مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي، 2017، ص 4.
(5) حسين عبد المطلب الأسرج، نحو إحياء لدور الوقف التنموي في جمهورية مصر العربية، مجلة العلوم الاجتماعية، 27 نوفمبر2012، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us/GgeoK
(6) طارق البشري، جهاز الدولة وإدارة الحكم في مصر المعاصرة، (القاهرة: دار نهضة مصر، 2015)، ص 217.
(7) حسين عبد المطلب الأسرج، نحو إحياء لدور الوقف التنموي، مرجع سابق.
(8) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف في المجتمعات الإسلامية.. دراسة حالة جمهورية مصر العربية، (الكويت: الأمانة العامة للأوقاف، إدارة الدراسات والعلاقات الخارجية، 2006)، ص 72.
(9) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف السياسية في مصر، مرجع سابق، ص ص 387-388.
(10) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف، مرجع سابق، ص 73.
(11) الطاهر زياني، جوانب من تطور الوقف في مصر، موقع الألوكة، 19 أبريل 2015، متاح عبر الرابط التالي: http://cutt.us/28VXH
(12) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف السياسية في مصر، مرجع سابق، ص ص 396-397.
(13) طارق البشري، جهاز الدولة وإدارة الحكم في مصر المعاصرة، مرجع سابق، ص ص 217-218.
(14) عطية عبد الحليم صقر، اقتصاديات الوقف، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1998)، ص 60.
(15) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف، مرجع سابق، ص ص 74-75.
(16) هند محمد عبد الرحمن، خلاف الملك فؤاد وأمينة هانم إلهامي حول الوقف الخاص بها 1924-1925، القاهرة: مجلة المنيا للبحوث السياسية والضيافة، جامعة المنيا – كلية السياحة والفنادق، المجلد 3، العدد 1، 2018، ص 180.
(17) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف، مرجع سابق، ص 180.
(18) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف السياسية في مصر، مرجع سابق، ص 404.
(19) عطية عبد الحليم صقر، اقتصاديات الوقف، مرجع سابق، ص 60.
(20) داهي الفاضلي، تحول نظام الأوقاف: مائة عام من محاولات الهدم وتجارب الإصلاح، (في): د. نادية مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (تحرير)، موسوعة الأمة في قرن، عدد خاص من حولية أمتي في العالم، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، دار الشروق الدولية، 2002)، الكتاب الرابع، ص 356.
(21) عطية عبد الحليم، اقتصاديات الوقف، مرجع سابق، ص 60.
(22) المرجع السابق، ص62.
(23) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف، مرجع سابق، ص ص 130-131
(24) طارق البشري، جهاز الدولة وإدارة الحكم في مصر المعاصرة، مرجع سابق، ص 225.
(25) المرجع السابق، ص ص 146-147.
(26) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف ومعضلات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، موقع إضاءات، 10 سبتمبر 2018، متاح عبر الرابط التالي:
http://cutt.us/cCkZn
(27) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف من لفائف الخمسينيات إلى لفائف الستينيات السوداء، إضاءات، 27 أغسطس 2016، متاح عبر الرابط التالي: http://cutt.us/zbAPB
(28) – إبراهيم البيومي، الأوقاف ومعضلات الإصلاح، مرجع سابق.
(29) عطية عبد الحليم، اقتصاديات الوقف، مرجع سابق، ص 67.
(30) إبراهيم البيومي غانم، الوعي بنظام الوقف الإسلامي، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، دار البشير للثقافة والعلوم، 2016)، سلسلة الوعي الحضاري (16)، ص 157.
(31) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف، مرجع سابق، ص ص111-112-113.
(32) المرجع السابق، ص ص 113-114-115.
(33) إبراهيم البيومي غانم، تجديد الوعي بنظام الوقف الإسلامي، مرجع سابق، ص 238.
(34) المرجع السابق، ص 156.
(35) داهي الفاضلي، تحول نظام الأوقاف، مرجع سابق، ص ص 366-367.
(36) مليحة محمد رزق، التطور المؤسسي لقطاع الأوقاف، مرجع سابق، ص 9.
(37) إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف السياسية في مصر، مرجع سابق، ص 89.
(38) نصر عارف، البناء المؤسسي لنظام الوقف: الإشكاليات وتجارب الإصلاح، مجلة الكلمة، بيروت، العدد 39، 2003، ص ص 7-8، 13-14.
(39) المرجع السابق، ص 14.
(40) إبراهيم البيومي غانم، تجديد الوعي بنظام الوقف، مرجع سابق، ص ص 118-119.
(41) نصر عارف، مرجع سابق، ص 16.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى