حصار قطر: الآثار والمآلات

مقدمة:

في 5 يونيو2017، اتخذت كلٌّ من: السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، قراراتٍ ضد قطر، تشمل قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وفرض حصار جوي وبري وبحري عليها، في خطوةٍ تصعيدية، عكست رغبة ثنائي الرياض/أبوظبي في استكمال الهيمنة على دول الخليج، وإرغام الدوحة على تغيير تحالفاتها الإقليمية والدولية وسياستها الخارجية عمومًا، وتجاه الثورات العربية خصوصًا، لتبدأ منذ ذلك الحين الأزمة الخليجية المستمرة فصولًا ووقائع.
وبدلًا من تعزيز العلاقات البينية الخليجية، والعمل على تطوير دور مجلس التعاون الخليجي، بما يزيد من وزن دول الخليج ومكانتها كفاعل إقليمي يمتلك موارد مالية مهمّة، فتحت الأزمةُ الخليجية الجديدة الباب واسعًا أمام القوى الدولية والإقليمية، لكي تستفيد من الخلافات الخليجية وتوظّفها إلى أقصى حد.
لقد أفرزت الأزمةُ تداعياتٍ خطيرة على عدة مستويات داخلية وخليجية وعربية وإقليمية، بيد أن الأطراف التي افتعلتها، لم تتوقع على الأرجح، أنها ستؤدي إلى “تعميق المأزق الداخلي الخليجي”، وزيادة الاعتماد على السياسة الأميركية، والإلحاح على استدعاء دورها لمواجهة ما يسمّى “التهديد الإيراني”، ضمن سياق أشمل ينطوي على “تعاون خليجي/إسرائيلي، ضد الخطر الشيعي المُفترض”.
وإذا كان إحجام إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن دعم قوى الثورات العربية والشباب وحركات التغيير، قد شجّع الثنائي السعودي/الإماراتي على الانقلاب على ثورة 25 يناير المصرية وإجهاض التغيير في اليمن وسورية وليبيا، فإن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2017، قد شجّع على إطلاق “موجة ثانية من الثورات المضادة”، التي بدأت بحصار قطر بعد أسبوعين من زيارة ترامب للسعودية وإسرائيل والضفة الغربية 20–23 مايو 2017، والتي حملت إشاراتٍ مهمة حول ملامح السياسة الخارجية الأميركية في عهده، تجاه إقليم الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، ثمة ثلاث ملاحظات تمهيدية يحسُن إبرازها لإدراك جوهر الأزمة وتداعياتها ومآلاتها المحتملة:
1-رغم أن هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها في العلاقات الخليجية–الخليجية؛ وهي لن تكون الأخيرة على الأرجح، فإنها اختلفت عن كل سابقاتها، خصوصًا في جوانب: اتساع نطاق الأزمة، وتعدّد الأطراف المتدخلة فيها، وسرعة تطورها وتلاحق أحداثها، وحِدة مواقف “دول حصار قطر”، وكثرة التكهنات حول الدوافع الحقيقية وراء افتعال الأزمة.
2- منهجيًّا، لا يمكن فصل هذه الأزمة، عن سياسات إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، لا سيما بعد تراجع الموجة الأولى من الثورات العربية اعتبارًا من منتصف عام 2013؛ إذ تسعى “دول حصار قطر” لإجهاض ما تبقى من آثار لتلك الثورات، والتي تولّد عنها صراعٌ مستعرٌ بين قوى التغيير في الإقليم، وبين القوى الراغبة في الحفاظ على الوضع الراهن، الذي كان سائدًا قبل عام 2011.
وفي هذا السياق يرى البعض “أن واقع إقليم الشرق الأوسط يتجسّد في أمرين؛ أحدهما أن الإقليم مُقسّمٌ بين هؤلاء الذين يريدون السلام والاستقرار، اللذين هما شرطان للتنمية، وبين هؤلاء الذين يعارضون السلام والاستقرار بسبب التاريخ أو فهم معين للدين، أو عدم الرغبة في التنمية. أما الآخر فهو أن هناك حربًا صريحة أو باردة تجري بين الطرفين. والعمل الأساسي في الشرق الأوسط الآن، هو تشجيع الدول على أن تصل إلى السلام والتنمية، اعتمادًا على نفسها، مع حرمان القوى الراديكالية من إفساد هذا الجهد”(1).
بهذا المعنى، فإن إقليم الشرق الأوسط، يمرُّ بمرحلة انتقالية حرجة تتسم بدرجة من السيولة؛ إذ يتم فيها إعادة تشكيل تحالفات المنطقة وعلاقاتها، سواء على صعيد العلاقات العربية-العربية، أم العلاقات العربية-الإقليمية، أم العلاقات العربية–الدولية، وذلك في غياب أي فاعل عربي يملك مشروعًا إقليميًّا مستقبليًّا، أو حتى رؤية استراتيجية لمستقبل العالم العربي ودوله المختلفة، ناهيك عن امتلاك أدوات وآليات تنفيذ مشروع على الأرض؛ إذ لا مشروع عربيًّا بعد إجهاض الموجة الأولى من الثورات العربية.
3- رغم جهود أمير الكويت -ومحاولاته الدبلوماسية المدعومة دوليًّا وإقليميًّا- في الوساطة بين أطراف الأزمة الخليجية، فإنها استمرت إلى الآن؛ إذ يبدو واضحًا تعثّر مسار الحوار ومحاولات تهدئة الأزمة أو تسويتها. في مقابل غلبة مسار تصعيد الأزمة، الذي يبدو مرتبطًا بطبيعة التغير الذي يحدث في السعودية على صعيد سياساتها الداخلية والخارجية.
فمنذ تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد منتصف عام 2017، تعاظمت رغبة ثنائي الرياض/أبوظبي في تجنيد لوبيات ضغط في واشنطن، بهدف استثمار وجود الرئيس دونالد ترامب -بتوجّهاته اليمينة وذهنية الصفقة التي تتحكّم في إدارته- بُغية التأثير على السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، خصوصًا في ثلاثة اتجاهات: تحجيم نفوذ إيران الإقليمي، وتقليص قدرتها على تدريب الميليشيات الشيعية وتمويلها وتوجيهها، والتضييق على الحركات الإسلامية “السُّنيّة” في المنطقة، وكذلك الضغط على داعميها، وفي مقدمتهم: تركيا وقطر.
وعلى ضوء هذه الملاحظات، تسعى هذه الدراسة إلى تحليل تأثير حصار قطر على ثلاثة مستويات؛ أولها منظومة مجلس التعاون الخليجي. وثانيها “الإطار العربي”. وثالثها “النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط”.

أولًا- تداعيات الأزمة على الصعيد الخليجي:

1-كشفت الأزمة نجاح جهود الإمارات نسبيًّا، وجهود ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بخاصة، في التأثير على سياسات الرياض خليجيًّا وعربيًّا وإقليميًّا، لا سيما بعد تولّي محمد بن سلمان منصب ولي العهد السعودي؛ إذ تمكّنت الإمارات من جرِّ السعودية، رغم كونها الدولة الأكبر وزنًا وأهميةً في دول الخليج، إلى تبني أجندة الإمارات على الأصعدة الخليجية والعربية والإقليمية، فيما يمكن تسميته “لحظة هيمنة إماراتية”، على الخليج واليمن.
ورغم تاريخ الخلافات الممتد بين السعودية والإمارات – حول قضايا حدودية ونفطية وتجارية ومسألة استضافة مقر البنك المركزي الخليجي، خصوصًا في الفترة (2006 – 2009)، ومحاولات الإمارات المتكرّرة في تحريض واشنطن ضد الرياض(2)– فإن اندلاع الثورات العربية وصعود تيار الإخوان المسلمين بين عامي 2011 و2013 قد أدى إلى “تقارب واضح” بين السعودية والإمارات، بهدف إحباط هذا التغيير، وإبقاء الوضع القائم الذي تتمتع فيه كلتا الدولتين بوضع “شبه مهيمن” في الخليج والعالم العربي.
هذا النجاح الإماراتي “النسبي”، دفع السعوديةَ إلى مستوى من “الخصومة غير المسبوقة” مع قطر. وحتى بافتراض حلّ هذه الأزمة الخليجية جذريًا أو الاكتفاء بتهدئتها مستقبلًا، فإن “انكسارًا حقيقيًّا وقع في العلاقات القطرية-السعودية، ربما يفوق الانكسار في العلاقات القطرية-الإماراتية، وأنّ قدْرًا ملموسًا من فقدان الثقة ترسَّب في رؤية كل من الرياض والدوحة للأخرى. إن قطر قد لا تنسى بسهولةٍ اللغة التي استُخدمت في الحملة الإعلامية ضدها، ولا أن السعودية فرضت عليها حصارًا قُصد به تجويع سكانها، وقطع صلات الرحم الوثيقة بين شعبي البلدين. ويصعب تصوّر عودة علاقات الرياض-الدوحة إلى طبيعتها، خاصة أن الأزمة ضربت كلَّ الإنجازات التي حققها مجلس التعاون الخليجي منذ نشوئه، مثل حرية تنقل الأفراد، والعلاقات البنكية، وغيرها من الإنجازات على قِلَّتها”(3).
لكن من الضروري في هذا السياق التأكيد على نسبيّة هذا النجاح الإماراتي في التأثير على القرار السعودي، في ضوء ثلاثة أمور: أولها “آنية التحالفات الخليجية وتقلباتها”. وثانيها “تذبذب العلاقات العربية البينية”، وانتقالها من الصراع إلى التعاون في فترات زمنية قصيرة نسبيًّا. وثالثها تزايد ملامح عدم الاستقرار وحالة “التأزم الداخلي”، التي تخيّم على الحالة السعودية منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مطلع عام 2015.
لقد برزت متغيراتٌ منذ ذلك الحين تؤكد أن “تغيرًا ما” يَحدث في بنية النظام السعودي، في جانبين على الأقل؛ أحدهما يتعلق بانتقال السلطة، وصعود الأمير محمد بن سلمان، وتجاوز القواعد المستقرة بتوارث العرش داخل الأسرة المالكة، وما يمكن أن يَحمله ذلك من تداعيات مستقبلية على تماسكها(4). إذ يرى البعض في إقصاء ولي العهد السابق وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف – من ولاية العهد، ومن جميع مناصبه الأخرى- “انقلابًا أبيض” له عدة دلالات؛ أولها أنه يعتبر تجاوزًا لقرار “هيئة البيعة” التي أقرت تعيين ابن نايف في منصب ولي العهد عام 2015. وثانيها أن تعيين ابن سلمان لم يأتِ ليسد فراغًا في منصب ولاية العهد، بل ليطيح بولي العهد ابن نايف، الذي لم يُتهم بارتكاب أخطاء أو مخالفات تفقده صلاحية البقاء في المنصب، رغم تعرضه بعدها لحملة لتشويه صورته بوصفه “مدمنًا على أدوية مُخدرة”. وثالثها أن ما رشح عن طريقة مبايعة ولي العهد الجديد -بإخراجها السيء- قد تدل على أن ابن نايف كان مُكرهًا على هذه البيعة، وقد تكون مدخلًا للتعرف على مسار العلاقات داخل أسرة آل سعود، التي بدأت صراعاتها تطفو للعلن بصورةٍ غير مألوفة، منذ صراع الأمير فيصل بن عبد العزيز مع أخيه الملك سعود في ستينيات القرن العشرين”(5).
أما الجانب الآخر، الذي يكشف حدوث “تغيُّر ما” في بنية النظام السعودي، فيتعلق بإعادة رسم “العلاقة بين السياسي والديني”، التي كانت تشكّل أقوى أسس شرعية الدولة السعودية الأولى، منذ نشأتها في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، عبر عقد حلف ديني-سياسي بين المصلح والقائد الديني للحركة الوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين محمد بن سعود أمير مدينة الدرعية(6).
ورغم أن الثورات العربية أدّت إلى إضعاف “جاذبية” النظام السعودي و”شرعيته” على الصعد الداخلية والعربية والإقليمية، فإن هذا النظام ما زال يحظى ببعض الخصوصية، ربما تعود إلى تفوقه النسبيّ على باقي النظم العربية في “مسألة الشرعية”(7)؛ إذ “يحظى رجال الدين السعوديين بوصفهم شركاء مؤسِّسين للنظام السياسي، بمكانةٍ سياسية واجتماعية لا تُقارن بأي وضعية مماثلة في العالم العربي. ورغم ذلك، فإن الانفتاح على الأسواق الدولية، وتبنّي الدولة السعودية “خيار التحديث” -في الجانب الاقتصادي على الأقل- ولّد ديناميات تحوّل في الدولة والمجتمع وفي التيار الديني نفسه، قادت إلى تحولات بطيئة، لكنها عميقة”(8).
وهنا تبرز خطورة ما يقوم به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من تقليص صلاحيات “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، ونزع الضبطية القضائية منها، وتواتر الأنباء عن وجود نيات لفصل منصب الملك، عن لقب “خادم الحرمين الشريفين”، في إطار مسعى لتحديث شكل النظام، وربما بحثًا عن نمط جديد للشرعية يمزج بين “الشرعية الاقتصادية” المتمثّلة في تقديم الوعود الاقتصادية للشعب السعودي وإنعاش آمال الشباب في المستقبل عبر طرح وثيقة/رؤية 2030، وبين “شرعية الانفتاح الاجتماعي”، عبر السماح باختلاط الرجال والنساء في احتفالات العيد الوطني للمملكة، ثم عبر قرار العاهل السعودي أواخر سبتمبر 2017 بالسماح للمرأة بقيادة السيارة(9).
لقد أسهمت الأزمة الخليجية، وتولّي ابن سلمان ولاية العهد، في تسليط الأضواء على تردي أوضاع حقوق الإنسان في السعودية، واتجاه السلطات نحو توسيع الاعتقالات في حق النشطاء السياسيين والحقوقيين وعلماء الدين الذين لا يؤيدون السلطة وسياساتها بشكل صريح، مثل الشيخ سلمان العودة، الذي جرى اعتقاله ضمن حملةٍ كانت تستهدف إخماد أية أصوات تطالب بالإصلاح والتغيير، ما أفرز دعواتٍ إلى حراك سلمي في السعودية يوم 15 سبتمبر 2017، دون أن تتحقق طموحات الداعين إليه.
بيد أن التداعيات السلبية لهذا التوجّه السياسي لولي العهد، قد لا تقتصر على تأزيم الداخل السعودي فحسب، وإنما قد تمتد لتبني سياسة خارجية سعودية أكثر اندفاعًا وخطورة على المصالح الخليجية والعربية والإقليمية؛ إذ تقوم بتوليد أزمات إقليمية تؤدي إلى زيادة التدخلات الدولية وتحكم العوامل الخارجية في تفاقم مشكلات المنطقة، وربما تكون الأزمة التي أثارتها الرياض باحتجازها رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في نوفمبر 2017، ذات دلالة خاصة في هذا السياق(10).
ففي ظل قيادة محمد بن سلمان، الأمير الشاب الطموح، الذي يفتقد الحنكة السياسية والخبرة في التعامل مع الأزمات الخليجية والإقليمية، تبدو السعودية أكثر شراسة في مواقفها من دول الخليج. وبدلًا من الإجماع الخليجي الذي كانت تعلنه كراعية للوحدة والتعاون المشترك، تفضّل الرياض اليوم، مفهوم اللعبة الصفرية المبنية على “مبدأ أن تكون معي أو تكون ضدي”. وقد يفضي ذلك إلى انحسار “خطاب الدبلوماسية” وتبني “خطاب المصادمة والعسكرة والحصار” على أية دولة تعتبر مشاغبة من المنظور السعودي، كما سيفتك بالسّلم الخليجي والنسيج الاجتماعي؛ إذ زجَّت الرياض بمواطنين خليجيين في الصراع السياسي، كطلب ترحيل مواطنين مقيمين في دولة ما إلى دولتهم الأم خلال الأزمات. كما حدث عام 1990-1991 حيث رحَّلت السعودية مئات الآلاف من اليمنيين إلى بلادهم بعد أن اصطفَّ علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني حينها، مع صدام حسين خلال حرب الخليج”(11).
“وفي العهد السعودي الجديد قد يُعتبر المال أهم من الدبلوماسية، وقد يُستعمل لشراء الولاء، لكن ذلك قد يجدي نفعًا مع دول تحتاج للدعم المالي السعودي، أما مع دولة غنية مثل قطر فإنه يبقى محدود الأثر”(12).
لقد أوجدت “دبلوماسية المال” واقعًا جديدًا في العالمين العربي والإسلامي، واستطاعت إحداث تغييرات سياسية ونفسية، ربما تحول دون تكرر ظاهرة “الربيع العربي”، وتخلق قبولًا لدى الرأي العام العربي بالواقع المرّ الذي من تجلياته التطبيع مع الكيان الاسرائيلي وشيطنة الدول العربية والإسلامية المستهدَفة مثل إيران وقطر وتركيا وقوى المقاومة. ووفرت دبلوماسية المال للإمارات الفرصة لتبني سياسة توسعية غير مسبوقة، واستعداء الدول الجارة مثل سلطنة عمان وقطر والكويت وإيران. كما استطاعت وضع النظام المصري، تحت عباءة حكام الإمارات والسعودية. ووفرت غطاءً دبلوماسيًّا لهذه الدول لممارسة سياسات قمع غير مسبوقة في المنطقة. ورغم الإقرار بتلك النتائج الخطيرة، فإنها غير قابلة للاستمرار طويلًا، لأن ثنائي الرياض/أبوظبي لا يملك قدراتٍ ذاتية ورؤية استراتيجية، بل هو مدعوم من قبل إسرائيل وأمريكا فحسب. والمؤكد أن سياسات التوسع السعودية/الإماراتية سوف تصطدم بمصالح الدول الغربية من جهة، وتؤثر سلبًا على مصالح الدول العربية والإسلامية الكبرى من جهة أخرى”(13).
2- “انقسام مجلس التعاون الخليجي إلى معسكرين: قطر وعُمان والكويت، في جانب، والسعودية والبحرين والإمارات، في جانب آخر؛ الأمر الذي لم يُصب المجلس بالشلل، وحسب، بل ويهدد وجوده أيضًا. وإذا فقدت السعودية النفوذ على مجالها القريب فكيف يمكنها أن تمارس نفوذًا على مجالات أبعد، مثل العالمين العربي والإسلامي”(14).
ومن مفارقات الأزمة الخليجية، أنها أضعفت مجلس التعاون الخليجي بوصفه إطارًا جامعًا، لكنها في الوقت نفسه، وسّعت مجالات الحركة الدبلوماسية والسياسية أمام الكويت وسلطنة عُمان وقطر.
وربما تمثّل هذه الدول الثلاث نواةً محتملة لبداية “مسارات” خليجية جديدة، تعلن اختلافها الجزئي مع سياسات الرياض، رغم حرص الكويت على التجاوب مع بعض الخطوات السعودية، لا سيما فيما يتعلق بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
ورغم أنه يصعب إجراء مقارنةٍ دقيقةٍ بين أزمة سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة ربيع 2014، وبين الأزمة الخليجية منذ يونيو 2017، وهي أكثر تعقيدًا من كل سابقاتها، فإن الكويت لعبت دور وساطة في كلتيهما. وبحكم موقع الكويت الجغرافي المحاط بثلاث قوى كبيرة في الخليج، وهي إيران والعراق والسعودية، وسعي الكويت إلى البقاء وحماية نفسها من صراعات هذه القوى، فقد طوّرت منذ استقلالها منهجًا دبلوماسيًّا منفتحًا ونشيطًا ومتوازنًا.
ومنذ الأيام الأولى في الأزمة الخليجية، بادرت الكويت إلى القيام بجهود وساطة لإيجاد تسوية لها؛ إذ قام الشيخ صباح الأحمد بزيارة الرياض وأبو ظبي والدوحة من أجل تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة. علمًا بأن الكويت تبقى الطرف المؤهّل للقيام بهذا الدور؛ إذ تقف دومًا على الحياد في الأزمات والخلافات السياسية التي تظهر بين دول الخليج، كما تحظّى المساعي الكويتية في جهود الوساطة بتأييد أغلب الأطراف الإقليمية والدولية، وأهمها: تركيا وألمانيا والولايات المتحدة. ولكن الرياض وأبو ظبي لم تعلنا بشكل واضح هذا الالتزام بقبول الوساطة الكويتية، وهو ما يمكن أن يُضعف من فرص نجاحها. كما أن الحرب الإعلامية ضد الدوحة التي تشنُّها قنواتٌ فضائية وصحفٌ مملوكة للسعودية والإمارات، وصلت إلى مراحل غير مسبوقة، ما يدل على أن فرص حل هذه الأزمة عن طريق جهود الوساطة ما زالت ضئيلة(15).
ويبدو أن “تغيرًا ما” طرأ على الدبلوماسية الكويتية بمجرد توليها المقعد غير الدائم عن المجموعة العربية في مجلس الأمن منذ مطلع 2018؛ إذ باتت تشهد مزيدًا من النشاط والفعالية في الدفاع عن القضايا العربية، حتى لو أدى ذلك إلى الاختلاف النسبي مع الولايات المتحدة الأميركية نفسها، كما حدث إثر مجزرة غزة في 14 مايو 2018، التي تزامنت مع احتفالية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
أما سلطنة عُمان، التي تدعم جهود الوساطة الكويتية في أزمة حصار قطر، فقد زار وزير الشؤون الخارجية يوسف بن علوي، الكويت في 7 يونيو 2017. وبعيدًا عن هذه الأزمة تحديدًا فإن ثمة سوابق عديدة تؤكّد تصاعد أدوار الوساطة العُمانية في الإقليم؛ إذ تصف بعض المصادر مسقط بوصفها “جنيف العرب”، ولاسيما في تسهيل التفاهمات الأميركية –الإيرانية في عهد الرئيس باراك أوباما، ثم في الملف اليمني منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014. وربما يعكس ذلك تحولًا في دور سلطنة عُمان، ويمكن تفسيره بستة أسباب؛ أولها الحفاظ على المصالح الوطنية العُمانية. وثانيها التخوف من مردودات الفوضى الإقليمية. وثالثها درء احتمال التعرض لموجة من التهديدات الإرهابية. ورابعها مجاراة التحولات الانتقالية الإقليمية. وخامسها مقاومة الهيمنة الإقليمية السعودية. وسادسها دعم العلاقة الاستراتيجية بين عُمان وإيران(16).
“إن هذه التوازن العُماني في الوساطة بشأن الأزمات الإقليمية، يجمع بين الأضداد أو بين تفاعلات ذات نمطين، بما جنّب سلطنة عُمان أن تكون طرفًا في حروب بالوكالة، وابتعدت مسقط من ثمَّ عن سياسة المحاور والاستقطاب، ونأت بنفسها عن مختلف أشكال المواجهات السياسية والحروب الإعلامية، واحتفظت بهامش واسع من المناورة واللجوء إلى خيارات متعددة في إقليم يزداد اشتعالًا يومًا بعد آخر، بما جعلها حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة وبريطانيا، وعضوًا مؤثّرًا في مجلس التعاون الخليجي، وشريكًا رئيسًا لإيران، ولاعبًا محوريًّا بالنسبة للقوى الأوروبية والدول العربية في جهود الوساطة السرية والعلنية في الإقليم”(17).
أما قطر، المستهدَف الرئيس في هذه الأزمة الخليجية، فلربما يمكن الزعم بأنها استفادت من هذه الأزمة على أكثر من صعيد.
فعلى الصعيد الدبلوماسي/السياسي، برزت “القدرة القطرية على استثمار عوائد القوة الناعمة، والاقتراب من الثنائي الكويتي/العماني الذي أضحى أكثر انحيازًا إلى “السردية القطرية”، وإن احتفظ في العلن بالحياد لاعتبارات سياسية محض؛ فلو انحازت عمان والكويت إلى الثلاثي السعودي/الإماراتي/البحريني، أو حتى التزمتا بالحياد السلبي، لأفضى ذلك إلى تداعيات بالغة ترهق قطر، لا سيما أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان هو الأداة الإقليمية الأولى التي سعت دول الحصار إلى استخدامها لخنق قطر، وتجريدها من شرعية الانتماء والحضور الإقليمي. ولكن الممانعة الكويتية/العمانية أحبطت ذلك المسعى، ومكَّنت قطر بالتالي من الاحتفاظ بكافة استحقاقات عضوية المجلس. صحيحٌ أن هذه الممانعة ولَّدت مزيجًا من الغضب والارتباك لدى معسكر الحصار، ولكنها أيضًا أحدثت تحولًا في الحسابات الجيوستراتيجية لإدارة الصراع. لو نجح مسعى إخراج قطر من منظومة التعاون، أو تجميد عضويتها، لكانت أحدثت تحولًا جذريًّا في خارطة التحالفات القطرية، لا سيما الإقليمية منها، خاصة لجهة الاقتراب من إيران بحسبانها ظهيرًا إقليميًّا محتملًا، ولكن الممانعة الكويتية/العمانية تلك أسهمت في جعل الارتباط القطري-الإيراني في درجاته الدنيا، ورفعت قيمة الاعتماد على الظهير الخليجي المتبقي المتمثل في الدولتين: الكويت وعمان”(18).
وعلى صعيد تقويم إدارة قطر لهذه الأزمة الخليجية، يرى باحث أن “الدوحة نجحت في إدارة الأزمة بطريقة واقعيّة عقلانية؛ إذ أدركت بشكل سليم مقدراتها من جهة، وهامش المناورة والحركة ضمن توازنات الإقليم وتفاعلات النظام الدولي من جهة أخرى. وحرصت قطر على تجنب ردّات الفعل الارتجالية غير المنضبطة، مع إيلاء الجانب القيمي أهمية كبيرة في مواجهة الهجوم الإعلامي والسياسي الذي شنّته دول الحصار. وقد تدرّجت الدوحة في إدارة الأزمة من أساليب الامتصاص والاحتواء إلى أساليب حمائيّة وأخرى وقائيّة، مهدت، في فترة لاحقة، إلى التخلي عن النهج الدفاعي، وتبني أساليب أكثر هجومية ومباغتة، تقوم على حصار المُحَاصِرين وتعرية إجراءاتهم التعسفية سياسيًّا وإنسانيًّا، وهو ما جعل إدارة قطر لهذه الأزمة محط اهتمام الباحثين والأكاديميين في حقلي العلاقات الدولية وتخصص إدارة الأزمات الدولية(19).
“وربما يكون من إيجابيات هذه الأزمة أنها جعلت قطر أكثر اعتمادًا على نفسها، وأكثر تحسبًا للمخاطر الخارجية، وأكثر قدرة على المناورة والبقاء، في بيئة إقليمية معادية ومليئة بالاضطرابات والمشكلات”(20).
ويرى كاتب عُماني، أن “قطر بعد عام من الأزمة، تقترب من بدء مشروع بناء دولة وطنية على النموذج السنغافوري؛ بتحقيق شرط السيادة الوطنية في علاقاتها الخارجية، وفي سياساتها الاقتصادية؛ إذ منحت هذه الأزمةُ الدوحةَ فرصةً تاريخية لمراجعة سياساتها السابقة، وعلاقاتها بجيرانها، وبمحيطها الإقليمي والدولي، ومراجعة برامجها الاستثمارية الخارجية والداخلية. ومن المهم أن تشرع قطر في “الالتفات أكثر إلى تمكين الإنسان في الداخل، والشروع في حزمة إصلاح سياسي ودستوري، يحولها إلى نظام حكم دستوري ديمقراطي، ونموذج ديمقراطي عربي، قادر على إقناع العالم بصواب مسارها ومشروعها الوطني”(21).

ثانيًا- انعكاسات أزمة حصار قطر على “الإطار العربي”:

رغم أن هذه الأزمة بدأت أزمةً خليجية خالصة؛ إذ وقعت في نطاق مجلس التعاون الخليجي، الذي كان يُعتقد أنه أحد أنجح التنظيمات الإقليمية الفرعية وأكثرها فعالية في المنطقة العربية، فإن انعدام دور جامعة الدول العربية في التعامل مع هذه الأزمة على أي مستوى، فضلًا عن إخفاقاتها السابقة في حلّ الخلافات بين أعضائها، سواء عبر آليات الحوار والوساطة والتحكيم أو إنشاء آلية لتسوية المنازعات العربية ومحكمة العدل العربية، كل ذلك قدّم أدلة إضافية على أن الجامعة وأغلب المؤسسات التابعة لها، لم تعد ذات صلة بما يحدث من تطورات على الأرض، لا سيما بعد اندلاع الثورات العربية أواخر عام 2010.
ولعل ذلك يؤكد الحاجة الماسّة إلى مراجعة مفهوم “النظام الإقليمي العربي”، مراجعة علمية نقدية، في ضوء عجز الجامعة العربية المقيم، واشتداد الانقسامات العربية، وعودة سياسة المحاور العربية بصورة أوضح من ذي قبل، وغياب أية مصداقية حقيقية لمفهوم “الأمن القومي العربي”، في ظل تحالف أطراف عربية مع العدو التاريخي للعرب (أي إسرائيل)، ضد دول عربية أخرى، أو ضد إيران وتركيا(22).
ويمكن في هذا السياق إبراز الملاحظات الآتية:
1-أن حصار قطر يمثّل ذروةً جديدة في تدهور العلاقات العربية البينية، التي شهدت –ولا تزال- أزماتٍ وصراعات وانقسامات متكررة، لأسباب واعتبارات متعددة(23).
“وفي حين سارت دول عربية قليلة في ركاب مواقف الثنائي السعودي/الإماراتي، وانضمت إلى معسكر “دول الحصار”، وهي: موريتانيا وجيبوتي، إضافة إلى الحكومة اليمينة، التي تتخذ من الرياض مقرًّا لها، و”حكومة طبرق” الليبية غير المعترف بها دوليًّا، والتي تخضع لسيطرة خليفة حفتر، وتعتمد كليًّا على المساعدات الإماراتية(24).
بيد أن دولًا عربية أخرى لم تقبل الانصياع لضغوط الرياض وأبو ظبي؛ فقد “رفض السودان، الذي تتواجد قواته ضمن التحالف العربي في اليمن، اتخاذ أي إجراء ضد قطر(25). وكذلك كان موقف الجزائر وتونس ولبنان وفلسطين والحكومة الليبية المعترف بها دوليًّا في طرابلس. ولم يكتفِ العراق بالتزام موقف محايد ودعوة الأطراف إلى الحوار، كما فعل أغلب الدول العربية، بل أعلن رفضًا صريحًا لمقاطعة قطر وحصارها. وقد فاجأ المغرب، الذي يحتفظ بعلاقات تقليدية وثيقة بالسعودية والإمارات، حلفاءه في الرياض وأبو ظبي برفض تأييد مقاطعة قطر وحصارها، بل والمبادرة بإرسال طائرة من المعونات الغذائية إلى قطر، في خطوة رمزية للدلالة على التضامن العربي والإنساني(26). بل إن العاهل المغربي قام بزيارة الدوحة في إطار جولة خليجية له في نوفمبر 2017.
2- اتخذ الأردن موقفًا يحاول إرضاء دول الحصار، بدون أن يذهب نحو قطيعة كاملة مع قطر، وذلك بإصدار قرار بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وقرار إداري آخر بإلغاء ترخيص مكتب الجزيرة في عَمَّان.
3- بخلاف الموقف المصري من أزمة سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة ربيع 2014، اتخذت القاهرة في أزمة حصار قطر2017، موقفًا أكثر انخراطًا وتصعيدًا في الشأن الخليجي.
ورغم أن شكاوى القاهرة من سلوك قطر هي قديمة نسبيًّا، لا سيما ما يتعلق بتغطية شبكة الجزيرة للشأن المصري، ورغم توتر العلاقات المصرية-القطرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، فإن إدخال مصر في أزمة خليجية بينية -من ألفها إلى يائها– كان هدفه إطالة أمدها، وتكثيف الضغط والحصار النفسي على قطر، عبر استخدام الثقل الديمغرافي والعسكري المصري، لتخويف الدوحة بأن أكبر دولة عربية تعارض توجهات قطر وإعلامها وصحفها، وبأن عليها أن تتغير، لتتوافق مع التوجهات المصرية/السعودية/الإماراتية المحافظة والمعادية لأي تغيير في المنطقة، مهما كان محدودًا. وهي رسالة واضحة من القاهرة بأن في مقدورها تصعيد “سياسة الانتقام من الدوحة”، لمسافات بعيدة جدًا، سواء عبر التنسيق مع دول الحصار، أم الترويج لإمكانية إنشاء قاعدة عسكرية مصرية في البحرين لردع الدوحة عن سياساتها، أم عبر محاولات مصر تحريك مجلس الأمن الدولي لاتخاذ خطوات ضد قطر، بزعم تمويلها “الإرهاب”.
4- بقي موقف الجامعة العربية من أزمة حصار قطر غائبًا، ويسهل تفسير ذلك لأن كلًا من السعودية ومصر والإمارات تلعب دورًا أصيلًا في التصعيد ضد الدوحة. بيد أن الملاحظ أن القمة العربية التاسعة والعشرين التي انعقدت في مدينة الظهران السعودية في 15 أبريل 2018، لم تبحث الأزمة الخليجية، رغم مطالبة أمير الكويت في كلمته أمام القمة “ببذل جهود لتسوية الخلافات العربية”(27).
باختصار، فقد كشفت أزمة حصار قطر ضعفًا شديدًا في الأداء الدبلوماسي العربي وغياب دور الوساطات العربية لحل الأزمة، ربما باستثناء حالة الكويت، كما ذكر آنفًا.

ثالثًا- التداعيات على “النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط”:

كما أشير أعلاه، لا يمكن فصل أزمة حصار قطر، عن سياسات إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، وإعادة ترتيب أدوار اللاعبين فيه، واحتدام صراع المحاور بين قوى التغيير في الإقليم، وبين القوى الراغبة في الحفاظ على الوضع الراهن، الذي كان سائدًا قبل عام 2011.
ويلخص البعض “البيئة الجيوسياسية للصراع في الإقليم العربي–التركي–الإيراني على أنها حركة تدافع بين كتل تكتونية تمثّل حربًا باردة عربية، وكتل تكتونية أخرى تمثل حربًا باردة إيرانية-أميركية، وكتل تكتونية ثالثة تمثّل حربًا باردة روسية-أميركية. ويبدو واضحًا الآن أن الحرب الباردة الإقليمية/الدولية التي تنشط فيها أميركا وإيران وروسيا وتركيا، تطغى على الحرب الباردة العربية؛ إذ إن الأدوار الروسية والإيرانية والتركية تشكّل سقفًا لعملية الحرب والتسوية في سورية والعراق وشبه الجزيرة العربية. لم تعد ديناميات الصراع في إقليم الشرق الأوسط، وفي قلبه العالم العربي، تنتظم حول محورين رئيسيين متراكبين يغذي أحدهما الآخر فحسب، بل صار المحور الشرقي الأوسع (إيران وروسيا وتركيا) يمارس تأثيرًا أكبر في المحور العربي–الإسرائيلي، نظرًا إلى تداعيات حضور موسكو وطهران وأنقرة على ميزان القوى الاستراتيجي في الشرق الأوسط. وبناء على سيناريو متفائل يستند إلى تراجع النفوذ الأميركي وعودة الدور المؤثر لروسيا في الأزمات الإقليمية، طُرح تصور لإمكان قيام آلية للأمن والتعاون الإقليمي تضم المجموعة العربية وإيران وتركيا وروسيا تمهيدًا لتأسيس نظام إقليمي جديد يحدّ من تأثير الشراكة الأميركية/الإسرائيلية، ويحبط “صفقة القرن”، التي يحاول دونالد ترامب فرضها، سعيًا لتهميش قضية فلسطين، وفصلها عن محيطها العربي/الإسلامي”(28).
لقد شكّلت الأزمة الخليجية فرصةً للطرف الإسرائيلي، لكي يعيد التأكيد بأن “إسرائيل ليست سبب مشكلات المنطقة، وأن الدوحة تدعم حركة حماس”. بالإضافة إلى عداء الإمارات والسعودية للحركات الإسلامية، هو أمر تشترك فيه إسرائيل أيضًا، فضلًا عن تصاعد العداء الدبلوماسي بين قطر وإسرائيل منذ حرب غزة 2014(29).
ولأسباب ودوافع مختلفة تمامًا عن الحالة الإسرائيلية، أظهرت أزمة حصار قطر الثقل الإقليمي الخاص الذي تتمتع به تركيا. فرغم دبلوماسيتها الهادئة في بداية الأزمة، ودعواتها للحوار والتهدئة، فإنها ربما نجحت في التأثير على الموقف الأميركي ومواقف دولية أخرى، بعد مصادقة البرلمان التركي 7 يونيو 2017 على اتفاقيتين تسمحان بنشر قوات عسكرية في قاعدة تركية في قطر تطبيقًا لاتفاقية الدفاع المشترك التي وقعها البلدان عام 2014، بالإضافة إلى تدريب قوات الدرك(30).
وبهذا وجّهت تركيا مسار هذه الأزمة نحو خفض التوتر والتصعيد، بدخولها بقوتها العسكرية، بهدف دفع ثنائي الرياض/أبوظبي -المدعوم من واشنطن- إلى تخفيض نبرة خطابه، ووقف التلويح بخيارات عسكرية ضد قطر.
ورغم حرص أنقرة على الدعوة للحوار وعدم اتخاذ مواقف حدّية من السعودية والإمارات في البداية، فقد جاء خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان 9 يوينو حاسمًا في مطالبته برفع الحصار عن قطر، وليس تخفيفه كما دعا لذلك وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون؛ إذ قال أردوغان إن تركيا لن تتخلّى عن قطر. وناشد السعودية، الشقيقة الأكبر في الخليج، أن يقوم الملك سلمان بجمع الأشقاء ونبذ الخلافات، فهذا المنتظر من بلاد الحرمين الشريفين، وهذا حق المسلمين عليها. وتحدث الرئيس التركي عن اتفاقية التعاون العسكري مع قطر، مذكرًا بأنها لم تبرم اليوم، وإنما هي نتاج مسيرة دامت لسنتين. وغمز أردوغان بخطابه الجهاتِ الخليجية التي دعمت المحاولة الانقلابية الفاشلة في بلاده 15 يوليو 2016.
والملاحظ على الموقف التركي أنه أدار سياسته بدبلوماسية تصعيد متدرجة جمعت بين الرسائل السياسية والعسكرية، مع تأكيد عدم تخلي أنقرة عن الدوحة، فجاءت رسالة التوازن التي دعمت الموقف القطري، مع إقناع الطرف الآخر بضرورة ووحدانية الحل الدبلوماسي وطاولة الحوار، والتخلي عن الضغط للحصول على تنازلات، أو التهديد بالتدخل المباشر في قطر، أو التلويح بالانقلابات العسكرية(31).
كما استقبل الرئيسُ أردوغان، وزيرَ خارجية البحرين خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة؛ إذ صرح وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو أن أردوغان أكد الحاجة لحل مسألة الخلاف الخليجي مع قطر قبل نهاية شهر رمضان لأنها تتنافى مع ديننا ومعتقداتنا وعاداتنا. وقال أوغلو إن القاعدة العسكرية التركية في قطر، هدفها المساهمة في أمن منطقة الخليج، وليس أمن دولة بعينها في الخليج. ورحّب آل خليفة بتعليقات أردوغان خلال لقائهما فيما يتعلق بأن القاعدة العسكرية لصالح المنطقة كلها، لا دولة بعينها في الخليج(32).
أما قراءة إيران لهذه الأزمة الخليجية، فقد ركّزت على دور الرئيس ترامب كمحرِّك ومسبِّب لها، وأنه أعطى الضوء الأخضر للسعودية والإمارات لمعاقبة قطر، ما يفرض على طهران ضرورة أن تستثمر هذه التطورات استراتيجيًّا، بعد أن أصبحت “وحدة الصف الخليجي” طي الماضي؛ فالخلافات الخليجية عميقة وقديمة، وتعود لأسباب سياسية واقتصادية وبنيوية(33).
لقد فتحت إيران موانئها أمام السفن القطرية للتقليل من تأثيرات الحصار على الدوحة. بيد أن النجاح الأبرز الذي حققته طهران في هذه الأزمة، ربما هو إضعاف فرص السعودية في تشكيل حلف إقليمي ضد إيران، بحيث تعود إيران إلى حدودها الجغرافية وتخسر نفوذها في العراق واليمن وسورية ولبنان. وقد برز تراجع النفوذ السعودي في تطورات حرب اليمن، فضلًا عن استقبال القيادة السعودية قيادات من “الحشد الشعبي” العراقي، كانت الرياض تعتبرهم دائمًا مخالب إيران في تمزيق المنطقة(34).
أضف إلى ذلك، أن حصار قطر، دفع الأمير تميم آل ثاني في خطابه أمام مؤتمر ميونخ للأمن الدولي في فبراير 2018 إلى الدعوة إلى “البدء باتفاقية أمنية إقليمية، تشمل إيران، تجعل الاضطرابات في المنطقة شيئًا من الماضي”.
ورغم أن ثمة دعوات أكاديمية لتعاون إسلامي أعمق، تعكسها مفاهيم “الأمن الحضاري للأمة الإسلامية”(35)، و”نظام أمني إقليمي عربي-إسلامي”(36)، فإن أزمة حصار قطر قد أكدت أن إيران تبقى طرفًا مؤثرًا على توازنات الخليج والمشرق العربي، مهما كانت درجة الاختلاف العربي حول انحراف سياساتها في العراق وسورية.
وفي هذا السياق، دعا وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، إلى “نموذج أمني جديد في المنطقة، لا يصبو إلى استبعاد الاختلاف في الرؤى، أو غض الطرف عن المشكلات التاريخية، بل هي أسلوب يحول دون تزايد النزاعات والتحالفات المرحلية العقيمة”(37).
وأخيرًا، فقد اتخذت إثيوبيا موقفًا من أزمة حصار قطر يقوم على عدم التورط في الخلافات العربية–العربية، وتأييد المساعي الكويتية لاحتواء الأزمة، ربما حرصًا على استمرار علاقاتها الوثيقة بدول الخليج، وتشجيع الاستثمارات الخليجية.
ويبدو أن “حصار قطر لم يسهم في شقّ الصف الخليجي فحسب، وإنما ألقى بظلاله أيضًا على القرن الأفريقي، لاسيما بعدما سعت دول الحصار إلى استقطاب دوله بشتى وسائل الترغيب والترهيب. ففي حين أيدت إريتريا وجيبوتي دول الحصار، فضّلت الصومال والسودان، وكذلك إثيوبيا، الحياد. ولذلك رفضت الاستجابة لمطالب دول الحصار، خصوصًا في القمة الأفريقية التي استضافتها في يوليو 2017، وفضلت الحياد على الانحياز إليها، رغم الإغراءات والعلاقات الوطيدة معها. بل قام رئيس وزرائها، هاله ميريام ديسالين في نوفمبر 2017 بأول زيارة لقطر بعد الحصار، ما يعني أنه بات في الطرف الآخر من وجهة نظر السعودية والإمارات”(38).
“وإزاء هذه التباينات التي أحدثتها أزمة الحصار باتت منطقة القرن الأفريقي أمام تحالفين مقترحين، يضم أحدهما دول الحصار، بالإضافة إلى إريتريا وجيبوتي وأرض الصومال. في مقابل تحالف آخر آخذ في التشكل، يضم قطر وإثيوبيا والسودان، وربما تركيا، باعتبارها إحدى الدول التي لديها علاقات وطيدة بكل من الدوحة من ناحية، والصومال، والسودان من ناحية ثانية. وقد اتضحت بعض معالم هذا التحالف الناشئ ربما في زيارة رئيس وزراء إثيوبيا الدوحة وتوقيعه على اتفاقيات اقتصادية ودفاعية”(39).

خاتمة: (مآلات الأزمة الخليجية):

بعد مرور عام على أزمة حصار قطر، ربما ينبغي قراءة تداعياتها ومآلاتها، في سياق سياسات إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، الجارية على قدم وساق حاليًا.
المفارقة في هذه الأزمة أن تداعياتها السلبية قد انعكست على رباعي حصار قطر، أكثر من الدوحة نفسها، بمجرد زوال تأثير “الصدمة” في الشهور الثلاثة الأولى من هذا الحصار.
على الصعيد الخليجي، لا مبالغة في القول بأن مصير مجلس التعاون الخليجي أصبح يتراوح بين التجميد والإلغاء، في ظل توجهات الهيمنة لدى ثنائي الرياض/أبوظبي، التي ترفض بوضوح سياسات قطر، وتتحسب من توجهات الكويت وعُمان، سواء بسبب خطابها المتوازن إزاء إيران، أم بسبب نزعة البلدين لتمييز نفسيهما عن السياسات السعودية.
على الصعيد العربي، أضافت أزمةُ حصار قطر مشكلةً أخرى إلى سلسلة الصراعات العربية–العربية، التي تزيد من الضعف العربي وتستجلب مزيدًا من التدخلات الخارجية، سواء الإقليمية أم الدولية، بشكل يهدّد مصالح الشعوب العربية على نحو خطير، لا سيما في ضوء انسياق بعض النظم العربية نحو مجاراة المقاربة الأميركية لمكافحة الإرهاب في عهد ترامب، بل وافتعال أزمات عربية-عربية بدعوى “مكافحة الإرهاب”، ما يؤدي إلى إفساح المجال بصورة أكبر لتحكم العوامل والتدخلات الخارجية في تقرير شؤون المنطقة ومصير شعوبها، التي باتت مهيئةً أكثر لانفجارات شعبية ومجتمعية، بسبب عجز الأنظمة العربية عن اجتراح معادلات سياسية وديمقراطية جديدة تنصف الشعوب وتعاقب النخب والقيادات التي تصرّ على قمع المطالبات بالتغيير والحرية تحت دعوى “مكافحة الإرهاب”، فيما هي المسؤولة عن تخليق البيئة السياسية والمجتمعية المحتقنة، الدافعة للإرهاب(40).
أما على الصعيد الإقليمي، فيمكن القول إن “قطر قد قطعت المرحلة الأصعب في التعامل مع دول الحصار، وشرعت في التكيّف مع الأوضاع الجديدة التي توحي بعدم وجود حل حقيقي قريب للأزمة، ما دفع الدوحة إلى تعزيز الاعتماد على النفس تحسبًا للمستقبل. كما تطوّر التحالف القطري- التركي، مع استضافة قطر أول قاعدة عسكرية تركية في العالم العربي، كما تعكس صفقات التسلح الموقعة مع الشركات الدفاعية التركية في معرض الدوحة الدولي للدفاع البحري “ديمديكس 2018″، الرؤية المستقبلية لهذا التحالف، والحرص على أن تسهم أنقرة بشكل فعّال في مكونات الاستراتيجية الدفاعية القطرية. أما اقتصاديًّا، فإن الطرفين يهدفان إلى تحويل الطفرة التجارية المؤقتة لإعطاء زخم مستدام للعلاقات الاقتصادية الثنائية مستقبلًا لا سيما في مجالات التجارة والغذاء والإنشاءات والصناعات الدوائية والنقل والصناعات البلاستيكية وغيرها من القطاعات”(41).
“أما بالنسبة لإيران، فإن جلَّ ما ستحاول الدوحة فعله، هو تعزيز الانفتاح الاقتصادي ضمن الآليات المتاحة. ولأن طهران تعي ذلك أيضًا، فهي غير معترضة على الاستفادة من هذا الانفتاح خاصة أن المحور الذي تقوده السعودية في هذه الأزمة خدم مصالح إيران اقتصاديًّا مع قطر، وسياسيًّا وعسكريًّا مع تركيا. ولأن الملف النووي الإيراني سيبقى ساخنًا في عهد إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فإن سياسة التحوط القطرية التي اعتمدت جزئيًا على الشق الاقتصادي مع إيران ستتعزز، لكن دون الانتقال إلى شق سياسي أو عسكري، نظرًا للتعقيدات الإقليمية والدولية القائمة، بالإضافة إلى مخاطر انفتاح قطر على إيران في هذا التوقيت، مع عدم جاهزية الطرفين لانفتاح حقيقي مع استمرار التضارب الإقليمي في ملفات أخرى” (42).
مهم أيضًا وضع أزمة حصار قطر، في إطار سياسة ترامب وأخطاء حسابات إدارته، الأمر الذي، يمكن أن يؤدي إلى انتعاش العلاقة الروسية-التركية-الإيرانية، مع احتمال انضمام قطر إلى هذه العلاقة، وأن مواقف تركيا وإيران وتنسيقهما في هذه الأزمة الذي تجلّى في زيارة وزير خارجية إيران لأنقرة، فضلا عن بروز الموقف الألماني ودعوته الصريحة لرفع الحصار عن قطر، يمكن أن تؤدي لإضعاف موقف إدارة ترامب وحلفائها في الخليج، خصوصًا موقفي السعودية والإمارات(43).
*****

الهوامش:

(*) باحث متخصص في الشؤون العربية والإقليمية- إسطنبول
(1) عبد المنعم سعيد، “ما بعد الربيع العربي.. الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط”، السياسة الدولية، العدد 201، يوليو 2015، ص 47.
(2) لمزيد من التفاصيل حول قضايا الخلاف بين الرياض وأبوظبي، راجع: “الحلفاء الأعداء.. تاريخ الخلافات السعودية الإماراتية الذي لا نعرفه”، نون بوست 21/6/2017. على الرابط:
https://goo.gl/gnMunm
(3) راجع: “الخليج: أزمة غير مسبوقة وتداعيات كبيرة”، تقدير موقف، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 9/6/2017. على الرابط:
https://goo.gl/GDxL6A
(4) لمزيد من التفاصيل راجع: أمجد أحمد جبريل، “ماذا يحدث في السعودية: السياسة الخارجية بين الاستمرار والتغيير”، إدراك للدراسات والاستشارات 24/10/2017، على الرابط:
https://goo.gl/HR6bFC
(5) سعيد الشهابي، “ثلاثة انقلابات سعودية في أعوام ثلاثة”، القدس العربي 28/6/2017. على الرابط:
https://goo.gl/MTzNk6
(6) خالد الدخيل، الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث، 2013، ص 17-18.
(7) لمزيد من التفاصيل حول شرعية النظام السعودي مقارنةً بغيره من النظم السياسية العربية، راجع: سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل، في النظرية السياسية من منظور إسلامي: منهجية التجديد السياسي وخبرة الواقع العربي المعاصر، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة الرسائل الجامعية، (25)، 1419ه/1998، ص 494- 497.
وحول انسجام “النموذج التنموي السعودي”، مع عقائد النخبة والمحيط العام الذي يتواجد فيه النظام السعودي، راجع: منى أبو الفضل، المدخل المنهجي لدراسة النظم العربية، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2013، ص 252- 254.
(8) توفيق السيف، “علاقة الدين بالدولة في السعودية ودور المؤسسة الوهابية في الحكم”، المستقبل العربي، العدد 407، يناير 2013، ص 59.
(9) انظر: أمجد أحمد جبريل، مصدر سابق.
(10) زياد ماجد، “العلاقات اللبنانية-السعودية وتأثيراتها على المشهد السياسي اللبناني”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 7/2/2018. على الرابط: https://goo.gl/f3zcHw
(11) مضاوي الرشيد، “السعودية وجيرانها: علاقة مضطربة”، في: عز الدين عبد المولى والحواس تقية (محرران) حصار قطر: سياقات الأزمة الخليجية وتداعياتها، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2017، ص 65. متاح على الرابط: https://goo.gl/5wmW9k
(12) المصدر نفسه، ص 66.
(13) بتصرف عن: سعيد الشهابي، “دبلوماسية المال مزقت الأمة العربية”، القدس العربي 4/6/2018. على الرابط:
https://goo.gl/AWNEaZ
(14) بتصرف عن: مركز الجزيرة للدراسات، “حصار قطر: التقديرات والارتدادات”، في: عز الدين عبد المولى والحواس تقية (محرران) حصار قطر، مصدر سابق، ص 162. متاح على الرابط:
https://goo.gl/cwp57d
(15) انظر: فيصل أبو صليب، “الوساطة الكويتية: خبرات تاريخية في مواجهة أزمة فريدة”، في: عز الدين عبد المولى والحواس تقية (محرران) حصار قطر، مصدر سابق، ص 127- 136. متاح على الرابط:
https://goo.gl/JovwWo
(16) مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، التقرير الاستراتيجي العربي 2015، القاهرة: المركز، 2016، ص 310- 322.
(17) المصدر نفسه، ص 310. ولمزيد من التفاصيل حول السياسة الخليجية والعربية لسلطنة عُمان راجع المصادر الآتية:
– إبراهيم نوار، “السياسة الخارجية العمانية من العزلة إلى دبلوماسية الوساطة”، السياسة الدولية، العدد 110، أكتوبر 1992، ص 22- 44.
– أحمد سالم أحمد الشنفري، سياسة عُمان العربية في عهد السلطان قابوس، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، 1995.
– محمد مبارك العريمي، “الرؤية العمانية للتعاون الخليجي”، أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دراسات استراتيجية، العدد 121، 2007.
– جورج سمعان، “الترياق العماني لليمن فقط دون الرمادي و… عرسال؟”، الحياة 1/6/2015.
– مصطفى شفيق علام، “نهج استقلالي: سياسة عُمان الخارجية في سياقات إقليمية استقطابية”، حالة الإقليم، العدد 20أغسطس 2015، ص 9- 12.
– علاء حمودة، “السياسة الخارجية العمانية: موازنة العلاقات في إقليم متشابك”، رؤى مصرية، العدد 10، نوفمبر 2015، ص 30- 34.
– بدر الإبراهيم، “في فهم السياسة العُمانية”، العربي الجديد 23/11/2015.
– مريم يوسف البلوشي، “أثر العلاقات العمانية- الإيرانية في أمن دول مجلس التعاون بعد الربيع العربي”، المستقبل العربي، العدد 445، مارس 2016، ص 50- 67.
(18) عبد الله محمد الغيلاني، “الممانعة الإيجابية: دور المحور الكويتي-العماني في صلابة قطر”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 24/5/2018. على الرابط: https://goo.gl/EBQLK4
(19) بتصرف عن: حمزة المصطفى، “إدارة الأزمة الخليجية.. نموذج قطر الناجح”، العربي الجديد 8/9/2017. على الرابط:
https://goo.gl/hphn2p
(20) نقلًا عن: علي حسين باكير، “فك الخناق: الدور التركي والإيراني في إسناد قطر”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 29/5/2018. على الرابط: https://goo.gl/Em3n8i
(21) ورد كلام الكاتب محمد اليحيائي، في: نزيهة سعيد، “قطر في عام الحصار.. دولة أقوى وصمود سياسي”، العربي الجديد 4/6/2018. على الرابط: https://goo.gl/q7VKLd
(22) يرى الباحث أن مفهوم “النظام العربي” غير دقيق علميًّا، فهو مفهوم جرى صكّه من قِبل باحثين عرب لأسباب وظيفية سياسية أساسًا. ولمزيد من التفاصيل حول مستقبل “الإطار العربي” بعد الثورات العربية، بين احتمالات: التطوير، والتكيف، والأزمة، والانكشاف، والذوبان في نظام إقليمي أوسع، راجع المصادر الآتية:
– علي الدين هلال، “النظام الإقليمي العربي في مرحلة تحوّل”، سلسلة أوراق عربية، (27)، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012.
– محمد السيد سليم، “ضغوط ما بعد الثورات: الانكشاف المتزايد للنظام الإقليمي العربي”، السياسة الدولية، العدد 192،أبريل 2013.
– عبد المنعم المشاط، “نهاية النظام الإقليمي العربي”، الشروق 24/8/2016. على الرابط: https://goo.gl/K51pSd.
– أمجد أحمد جبريل، “أبعد من الخلاف السعودي المصري”، العربي الجديد 2/11/2016. على الرابط:
https://goo.gl/7GAk8v
(23) لمزيد من التفاصيل حول العلاقات العربية البينية، والصراعات العربية، وسماتها وأدواتها، راجع المصادر الآتية:
– أحمد يوسف أحمد، الصراعات العربية – العربية 1945-1981: دراسة استطلاعية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 1996.
– أحمد يوسف أحمد، “مستقبل العلاقات العربية-العربية”، شؤون عربية، العدد 93، أذار/مارس 1998، ص 7-25.
– عطا محمد صالح زهرة، “الخلافات العربية: السمات، العوامل المؤثرة، المستقبل”، شؤون عربية، العدد 95، أيلول/سبتمبر 1998، ص 47- 69.
– محمد سعد أبو عامود، “العلاقات العربية-العربية في النصف الثاني من القرن العشرين: الظواهر-الإشكاليات-المستقبل”، السياسة الدولية، العدد 139، كانون الثاني/يناير 2000.
– أمجد أحمد جبريل، “الثورات العربية والعلاقات العربية البينية: التوتر المصري -السعودي نموذجًا”، شؤون عربية، العدد 150، صيف 2012، ص 184-198.
(24) بتصرف عن: مركز الجزيرة للدراسات، “حصار قطر: التقديرات والارتدادات”، في: عز الدين عبد المولى والحواس تقية (محرران) حصار قطر، مصدر سابق، ص 155- 156. متاح على الرابط:
https://goo.gl/cwp57d
(25) منى عبد الفتاح، “في تداعيات الأزمة الخليجية على السودان”، العربي الجديد 11/2/2018. على الرابط:
https://goo.gl/WQPfr
(26) المصدر نفسه.
(27) انظر: “أمير الكويت يطالب ببذل جهود لتسوية الخلافات العربية”، الحياة 16/4/2018. على الرابط:
https://goo.gl/s2ZrRG
(28) بتصرف عن: ميشال نوفل، “بعد تفكك النظام الإقليمي العربي: ماذا تغير في الشرق الأوسط”، الدراسات الفلسطينية، العدد 114، ربيع 2018، ص 74.
(29) لمزيد من التفاصيل راجع المصادر الآتية:
– عدنان أبو عامر، “الموقف الإسرائيلي من الأزمة الخليجية”، الجزيرة نت 7/6/2017. على الرابط: https://goo.gl/jw5fKn
-“قطع العلاقات مع دولة قطر بعيون الصحافة الإسرائيلية”، إدراك للدراسات والاستشارات 5/6/2017. على الرابط:
https://goo.gl/a1soxE
-وحدة تحليل السياسات، “لماذا تقود إسرائيل حملة ممنهجة ضدّ قطر؟”، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 12/1/2015. على الرابط: https://goo.gl/53RXYu
(30) “ماذا يعني قرار إرسال قوات تركية إلى قطر؟”، الجزيرة نت 7/6/2017. على الرابط: https://goo.gl/iQ8C7N
(31) راجع: سعيد الحاج، “تركيا وقطر رسائل سياسية وعسكرية”، رأي اليوم 9/6/2017. على الرابط: https://goo.gl/bxbDNh
(32) “أردوغان يدعو لحل الخلاف مع قطر قبل نهاية رمضان”، رويترز 10/6/2017. على الرابط: https://goo.gl/RdwhtU
(33) راجع: فاطمة الصمادي، “كيف قرأت إيران الأزمة مع قطر؟ الوحدة الخليجية أصبحت من الماضي”، في: عز الدين عبد المولى والحواس تقية (محرران) حصار قطر، مصدر سابق، ص 85- 91.
(34) “الأزمة الخليجية: مسارات مفتوحة”، في: عز الدين عبد المولى والحواس تقية (محرران) حصار قطر، مصدر سابق، ص 194.
(35) انظر: نادية محمود مصطفى، “التدخلات الخارجية ومسيرة أزمات المنطقة: التجربة التاريخية وآفاق المستقبل”، في: أسامة أحمد مجاهد (محرر ومراجع) إيران والعرب: المصالح القومية وتدخلات الخارج، برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية-جامعة القاهرة، 2009، ص 99.
(36) راجع: ياسين سويد، الوجود العسكري الأجنبي في الخليج: دعوة إلى أمن عربي إسلامي في الخليج، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2004، ص 186- 197.؛ أحمد صدقي الدجاني، عمران لا طغيان: تجددنا الحضاري وتعمير العالم، القاهرة: دار المستقبل العربي، 1994، ص 180-185.
(37) محمد جواد ظريف، “نحو نموذج أمني جديد في المنطقة”، العربي الجديد 20/3/2018. على الرابط:
https://goo.gl/ebDoqG
(38) نقلًا عن: بدر شافعي، “حصار قطر والتحالفات في القرن الأفريقي”، العربي الجديد 29/11/2017. على الرابط:
https://goo.gl/dx6cM1
(39) المصدر نفسه.
(40) لمزيد من التفاصيل راجع:
– أحمد يوسف أحمد، “تأثير الإرهاب في جامعة الدول العربية والتكتلات العربية: أفكار للنقاش”، السياسة الدولية، العدد 199، كانون الثاني/يناير 2015، ص 60- 65.
– محمد فهاد الشلالده وأحمد حسن أبو جعفر، “إشكالية التوسع في تهم الإرهاب في المنطقة بدوافع سياسية”، دراسات شرق أوسطية، العدد 72، صيف 2015، ص 15- 41.
– أمجد أحمد جبريل، “تداعيات توسيع الحرب على الإرهاب في المنطقة العربية”، إدراك للدراسات والاستشارات 30/7/2017. على الرابط:
https://goo.gl/54Ezcg
(41) علي حسين باكير، مصدر سابق.
(42) المصدر نفسه.
(43) انظر: حسين حجازي، “الأزمة الخليجية تعيد خلط التوازنات الإقليمية والدولية”، الأيام (رام الله) 10/6/2017. على الرابط:
https://goo.gl/JLn5m8

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى