تأثر الداخل الإسرائيلي بالمواجهات والحرب مع إيران

مقدمة:

منذ عملية طوفان الأقصى 2023، يعيش الشرق الأوسط مرحلةً غير مسبوقة من التصعيد الاستراتيجي؛ حيث انتقال الصراع العربي الإسرائيلي إلى مستوى أوسع تضمن انخراط إيران بشكلٍ غير مباشر في المواجهة مع إسرائيل من خلال محور المقاومة الذي تدعمه وتمده بالموارد اللازمة وتُطور من قدراته، والأهم الانخراط بشكلٍ مباشر من خلال شن هجمات تستهدف عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة بالاعتماد على أنواعٍ متطورة من الصواريخ والمسيرات. وتُمثل تلك المواجهة منعطفًا تاريخيًا؛ إذ تُعد المرة الأولى التي تقوم فيها دولة ذات سيادة باستهداف عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكلٍ مباشر منذ حرب السادس من أكتوبر 1973. وقد أدى ذلك لإعادة رسم معادلات وموازين القوة في المنطقة، وأثار عددًا من التساؤلات حول مدى قدرة الكيان الصهيوني على التكيف والصمود داخليًا في ضوء التهديدات ومعادلات القوة الجديدة.

لقد انعكست تداعيات الحرب مع إيران على الداخل الإسرائيلي، سواء من الناحية الاقتصادية حيث الكلفة المرتفعة للغاية للحرب على الجبهات المختلفة وهجرة الكفاءات وعجز القوى العاملة، أو من الناحية العسكرية حيث الخسائر المادية والبشرية وانهيار أسطورة الردع الإسرائيلي وارتفاع نسبة جنود الاحتياط الرافضين للاستدعاءات، أو من الناحية الاجتماعية حيث الانقسام المجتمعي بين العلمانيين والمتدينين وحالة الخوف الجماعي والتدافع نحو الملاجئ وإجلاء المواطنين من الشمال ومستوطنات الغلاف، أو من الناحية السياسية حيث الانقسام والاختلاف بين القيادة السياسية والعسكرية وتزايد معدلات الهجرة الدائمة خارج إسرائيل. خلال تلك الدراسة نتناول هذه المستويات بشأن تأثر الداخل الإسرائيلي بالحرب مع إيران.

أولًا- الخسائر الاقتصادية والبشرية خلال المواجهات مع إيران ومحورها

(أ) الخسائر الناتجة عن إسناد حزب الله:

أسفرت المواجهة بين إسرائيل وحزب الله منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى أغسطس 2024 عن مقتل 44 إسرائيليًا في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتل بينهم 19 عسكريًا، وعن إصابة 271 بينهم 141 عسكريًا، وذلك وفق بيانات صادرة عن مقر المعلومات الوطني الإسرائيلي. ووفق تقرير صادر عن موقع “والا” العبري، فقد تم إجلاء 62480 مستوطنًا من الشمال. كما أعلنت سلطة الضرائب الإسرائيلية عن تلقيها 4378 طلبًا للتعويض عن الأضرار التي تعرضت لها مباني مستوطنات الشمال. لقد أسفرت هجمات حزب الله عن احتراق أكثر من 180 ألف دونم من الأراضي، وألحقت خسائر كبيرة بقطاعي الزراعة والسياحة في الشمال حيث قُدرت الخسائر المباشرة في الدخل بأكثر من 1.150 مليار شيكل، وقُدرت الخسائر في الدخل في القطاعات المرتبطة بالسياحة بقيمة 2.645 مليار شيكل مما اضطر سلطة الضرائب لدفع 1.5 مليار شيكل تعويضات لشركات سياحية في الشمال. وفي قطاع الزراعة، بلغت قيمة الخسائر غير المباشرة التي تكبدها المزارعون في الشمال مليار شيكل، كما أسفرت المواجهة مع حزب الله عن مغادرة العمال الأجانب في القطاع الزراعي (إلى جانب منع الفلسطينيين من العمل في الاقتصاد الإسرائيلي)، وقد نتج عن ذلك عجز في اليد العاملة سيؤثر على الإنتاج الزراعي مستقبلًا. بالإضافة إلى ذلك، تضرر 30 مرعى فيما أغلق 24 آخرون. أيضًا تضرر قطاع الدواجن في الشمال، والذي يُنتج أكثر من 50% من إجمالي الناتج المحلي من البيض و100 مليون طن من الدجاج الصالح للطهي، تضرُّرًا كبيرًا[1].

أما منذ بداية العملية البرية بجنوب لبنان وحتى وقف إطلاق النار، أشارت مواقع إسرائيلية منها “جيورزاليم بوست” إلى أن عدد القتلى من الجنود بلغ 75 جنديًا، وأن عدد القتلى من المستوطنين بلغ 45 إسرائيليًا[2]. وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن المواجهة مع حزب الله أسفرت عن مقتل 124 إسرائيليا بينهم 79 جنديًا منذ توسيع المواجهة في سبتمبر 2024[3]. أما السلطات الإسرائيلية، أعلنت أن مجمل عدد القتلى في شمال إسرائيل والجولان المحتل ومعارك جنوب لبنان منذ بداية إسناد حزب الله هو 73 جنديًا على الأقل و45 مستوطنًا، ويرى محللون أن تلك الأرقام غير صحيحة وأن إسرائيل تتكتم على الإحصائيات الحقيقية[4]. أما حزب الله، فقد أعلن أن جنوده خلال العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان فقط قتلوا 130 جنديًا إسرائيليًا فيما أصيب 1250 آخرون، كما أوضح الحزب أنه استهدف 76 آلية عسكرية، وأشار إلى أن مجمل عدد المستوطنات التي تم إخلاؤها بلغ 100 مستوطنة وأن عدد المستوطنين النازحين بلغ 300 ألف مستوطنًا[5].

أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن تكلفة توسيع المواجهة مع حزب الله خلال سبتمبر وأكتوبر 2024 بلغت 9 مليار دولار، وأن هجمات حزب الله منذ 2023 أدت لتضرر أكثر من 9000 مبنى و7000 مركبة دُمرت بالكامل. وقالت الصحيفة بأن إدخال مدينة حيفا -باعتبارها أهم مراكز التجارة والطاقة في الشمال- نطاق عمليات حزب الله نتج عنه خسائر بقيمة 150 مليون دولار يوميًا. ووفق دراسة لمعهد أهارون للسياسة الاقتصادية، فإن خسائر قطاع السياحة في الشمال حتى نوفمبر 2024 بلغت 3.5 مليار دولار، كما بلغت تكلفة إخلاء المستوطنات والبالغ عددها 28 مستوطنة حتى فبراير 2024 نحو 613 مليون دولار.

وأوضحت القناة 14 الإسرائيلية أن عدد الطلبات المقدمة للحصول على تعويض عن منازل تضررت في الشمال نتيجة هجمات حزب الله بلغ 6000 طلب، وقالت القناة أن طلبات التعويض كلفت الدولة حوالي 4 مليار دولار. وأشار بنك إسرائيل إلى أن تكلفة غياب حوالي 57600 من المستوطنين عن عملهم نتيجة الحرب كلف الدولة نحو 63.2 مليون دولار أسبوعيًا. إضافة إلى ذلك، ونتيجة القصف الذي يتعرض له الجليل فقد أعيقت قدرة المزارعين من المستوطنين على الوصول للبساتين، وقد نتج عن ذلك خسائر تقدر بحوالي 500 مليون دولار، كما تضررت محاصيل زراعية في الجليل بقيمة 5.4 مليون دولار كانت لا تزال على الأشجار وذلك نتيجة العجز الحاد في الأيدي العاملة والذي بلغت نسبته 90%[6].

في سياقٍ متصل، نقلت يديعوت أحرونوت عن اتحاد المقاولين في إسرائيل قولهم بأن شمال إسرائيل يحتاج لفترة زمنية تتراوح من 8 إلى 10 سنوات لإعادة تأهيله، وذلك بعد أن أجرى الاتحاد فحصًا لنطاق أعمال إعادة التأهيل المطلوبة في الشمال. وقد قدروا حدوث أضرار مباشرة لمئات المباني بأكثر من 2 مليار شيكل، هذا بالإضافة للأضرار التي حدثت للبينة التحتية في الشمال والتي قُدرت بحوالي 3 مليار شيكل. وأوضح الاتحاد أن أزمة نقص العمالة واستمرارها هي ما ستجعل عملية إعادة التأهيل تستغرق ذلك الوقت، وأنه من الصعب تقدير الأضرار التي سيُسببها تركيز الأعمال في الشمال على الأعمال في المناطق الأخرى بدولة الاحتلال. كما طالب الاتحاد الحكومة الإسرائيلية بضرورة حل أزمة العمالة[7].

(ب) الخسائر الناتجة عن إسناد الحوثيين:

لقد أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر (الذي يمر منه 12% من التجارة العالمية) على السفن التجارية وناقلات النفط إلى خسائر اقتصادية كبيرة على إسرائيل، خصوصًا أن واردات إسرائيل عن طريق البحر الأحمر وقناة السويس تمثل 40% من وارداتها عن طريق البحر، ومع توسيع الحوثيين عملياتهم لتشمل إلى جانب السفن الإسرائيلية والسفن المتوجه لإسرائيل السفن الإنجليزية والأمريكية، أصبحت الخسائر التجارية والاقتصادية عالمية، وهو ما دفع بريطانيا والولايات المتحدة لتنفيذ غارات على اليمن تحت غطاء حماية حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

نفذ الحوثيون منذ نوفمبر 2023 وحتى يوليو 2025 أكثر من 100 هجوم على سفن في البحر الأحمر، وأسفرت الهجمات عن مقتل ثمانية بحارة على الأقل وإغراق أربع سفن والاستيلاء على أخرى واحتجاز طاقمها، كما ألحقت ضررًا بعدد من السفن[8]. لقد أدت هجمات الحوثيين إلى انخفاض عدد السفن المارة بالبحر الأحمر بنسبة 70% منذ ديسمبر 2023 وخلال 2024، وتراجعت حركة نقل الحاويات بنسبة 90%، الأمر الذي أسفر عن انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 60% نتيجة انخفاض أعداد السفن المارة بها إلى أكثر من النصف[9].

كما دفعت الهجمات 40% من شركات الشحن حول العالم إلى وقف إبحار سفنها، بينما قررت أخرى ومنها شركات إسرائيلية إلى تغيير طرق إبحارها من مضيق باب المندب إلى طريق رأس الرجاء الصالح الذي يُضيف مسافة 4000 ميل على السفن وحوالي 10-14 يومًا إضافيًا من الإبحار، وهو ما أدى لتزايد تكاليف الشحن على الشركات. كما أدت الهجمات إلى زيادة كبيرة في تكاليف التأمين وبدلات المخاطر للبحارة على السفن المارة عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، خصوصًا تلك المتجهة نحو إسرائيل. وفقًا لبيانات المؤشر العالمي للحاويات، فإن متوسط تكاليف الشحن البحري زادت منذ أكتوبر 2023 وخلال 2024 بنسبة 151%، وتُعد الخطوط الملاحية بين أوروبا وآسيا الأكثر تضررًا حيث زادت تكاليف الشحن فيها بنسبة 284%[10].

كما نقلت صحيفة جلوبز الإسرائيلية عن الرئيس التنفيذي لشركة “ويند وورد الإسرائيلية لمعلومات المخاطر البحرية” قوله بأن أسعار شحن الحاويات ذات 20 و40 قدمًا زادت بنسبة تتراوح بين 4 و8 أضعاف بسبب هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية، والسفن المتجهة لإسرائيل[11]. كل ما سبق أدى لارتفاع أسعار المنتجات على المستهلك النهائي[12]. تجدر الإشارة إلى أن تكاليف الشحن والتأمين شهدت فترة من التراجع تزامنًا مع الهدنة الإنسانية في غزة، قبل أن تُعاود الارتفاع مرةً أخرى مع استئناف الحوثيين إسنادهم لغزة بسبب استئناف إسرائيل عدوانها على القطاع[13].

في السياق ذاته، أثرت هجمات الحوثيين على إمدادات النفط عبر باب المندب من دول الخليج إلى أوروبا وأمريكا. حيث بلغ متوسط تدفقات النفط عبر المضيق عام 2023 نحو 8.8 مليون برميل يوميًا، أما في عام 2024 فقد تراجعت تدفقات النفط عبر المضيق تراجعًا كبيرًا بنسبة 54% حتى أغسطس حيث انخفض المتوسط وأصبح 4 مليون برميل يوميًا مما أدى لارتفاع أسعار النفط عالميًا[14].

أيضًا أدت هجمات الحوثيين على السفن المتجهة نحو إسرائيل إلى توقف شبه كامل عن العمل لميناء إيلات، وهو الميناء الإسرائيلي الوحيد المطل على البحر الأحمر. وقد أدى منع وصول السفن إلى الميناء إلى انخفاض إيراداته بنسبة 80% نهاية عام 2023، حيث بلغت الإيرادات 42 مليون شيكل فقط في 2024 مقارنةً بنحو 212 مليون شيكل قبل السابع من أكتوبر. ووفقًا لموقع “والا” العبري، فإن توقف الميناء عن العمل دفع إسرائيل إلى فتح جسر بري من موانئ دبي إلى إسرائيل مرورًا بالسعودية والأردن، مؤكدةً أن حركة الشحن لم تتوقف بين الإمارات وإسرائيل منذ طوفان الأقصى.

لقد انخفضت حركة الشحن في الميناء بنسبة 85% بحلول مارس 2024 الأمر الذي دفع إدارة الميناء إلى فصل ما لا يقل عن نصف العاملين به، ومطالبة الحكومة بمساعدات تعويضًا عن الخسائر، كما أعلنت إدارة الميناء عن إفلاسه، وصرح الرئيس التنفيذي في منتصف 2024 بأن الميناء لم يشهد أي نشاط ولم يستقبل إيرادات خلال الثمانية أشهر الماضية[15]. الجدير بالذكر أنه تقرر إغلاق الميناء في يوليو 2025 بسبب تراكم الديون عليه (والتي بلغت 10 مليون شيكل)، الأمر الذي دفع بلدية إيلات إلى الحجز على حسابات الميناء[16]. إضافةً إلى ما سبق، تضرر قطاع السياحة أيضًا بشكلٍ كبير، حيث يُعد مطار رامون بمدينة إيلات (وهي المدينة الإسرائيلية الوحيدة المطلة على البحر الأحمر) ضمن نطاق استهدافات الحوثيين، ويتم تعليق الرحلات به من وقتٍ لآخر[17].

لم يقتصر إسناد الحوثيين على هجمات البحر الأحمر، بل شمل هجمات على أهداف حيوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كالمطارات، والموانئ، والقواعد العسكرية، ومحطات الكهرباء، والمنشآت النفطية، والمناطق الصناعية. يمتلك الحوثيون ترسانة كبيرة من الصواريخ والمسيرات بعضها قادر على تجاوز المنظومات الاعتراضية كصواريخ قدس2 وقدس3 وقدس4، وتشير التقارير إلى إطلاق اليمن أكثر من 200 صاروخ و170 مسيرة منذ بداية الإسناد وحتى نهاية 2024.

وقد نجحت إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة في اعتراض معظم تلك الصواريخ والمسيرات[18]. ومع بداية 2025، صعد الحوثيين من هجماتهم واستهدفوا الأراضي المحتلة بعشرات الصواريخ الباليستية والمسيرات الهجومية. وعلى الرغم من أن هجمات الحوثيين على الأراضي المحتلة لا تحقق سوى أضرارًا مادية وبشرية طفيفة، إلا أن لها آثارًا نفسية واقتصادية كبيرة، حيث تُدوي صافرات الإنذار في عشرات البلدان والمستوطنات من وقتٍ لآخر، ما يدفع الإسرائيليين بالتوجه نحو الملاجئ، كما يؤدي استهداف المطارات إلى توقف العمل بها وتعليق الرحلات لبعض الوقت[19].

(ج) خسائر إسرائيل خلال عمليات الوعد الصادق الثلاث:

في 13 أبريل 2024 نفذت إيران عملية الصادق1، وهو الهجوم الأول في تاريخها على دولة الاحتلال الإسرائيلي باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة مباشرة نحو الأراضي المحتلة، مستهدفةً بذلك الهجوم قاعدة تجسس في مرتفعات الجولان وقاعدة نيفاتيم التي انطلقت منها الطائرات المنفذة للهجوم على السفارة الإيرانية بدمشق. أدى الهجوم لأضرارٍ طفيفة في مطارٍ عسكري وقاعدة عسكرية، ولم يُسجل الهجوم أي وفيات، وأُصيب شخص واحد فقط بجروح طفيفة. فرغم رواية التليفزيون الإيراني بأن نصف الصواريخ أصابت أهدافها، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تمكن من اعتراض 99% من الصواريخ[20].

وفي الأول من أكتوبر نفذت إيران عملية الوعد الصادق2 مستخدمةً أكثر من 250 صاروخ من طرازات مختلفة من بينها صواريخ “فتاح” الفرط صوتية، وقد مثل ذلك تطورًا في المواجهة؛ حيث تعد المرة الأولى التي استخدمت فيها إيران صواريخ فرط صوتية في المواجهة مع إسرائيل، وقد دوت صفارات الإنذار وتوجه الإسرائيليون نحو الملاجئ. أعلنت إيران أنها استهدفت ثلاث قواعد عسكرية إسرائيلية؛ هي نيفاتيم وحتسريم وتل نوف، وأعلن الحرس الثوري أن 90% من الصواريخ أصابت أهدافها. وأعلنت إسرائيل أنها اعترضت نسبة كبية من الصواريخ بالتعاون مع القواعد الأمريكية في المنطقة، وأن قواعد جوية تضررت جراء الهجوم لكن دون أن تتضرر بنيتها التحتية، مؤكدةً أن القواعد تعمل بكامل طاقتها التشغيلية رغم تعرضها للهجوم. وأعلنت بلدية هود هشارون أن حوالي 100 منزل بالبلدية أصابها أضرار وتفاوتت الأضرار بين جسيمة وطفيفة، وأفادت شركة الكهرباء الإسرائيلية بوجود عطل في جزئي في شبكة الكهرباء في بئر السبع ومنطقة القدس بسبب الهجوم[21].

وتُشير تقارير أجنبية إلى أن طهران استهدفت قواعد جوية ومقر الموساد، وأشارت إلى أن صور الأقمار الصناعية توضح وجود 32 حفرة ناتجة عن ارتطام صواريخ في محيط قاعدة نيفاتيم التي تخزن فيها طائرات F-35، كما أن هناك معلومات بأن الصور لا يظهر بها طائرات متضررة، ولكن من المحتمل أن تكون قد تضررت أو دمرت بعض الطائرات. كما ذُكر أن ست نقاط ارتطام تظهر أن ثلاثة صواريخ أصابت حظائر الطائرات وصاروخين أصابوا مباني إدارية، بينما أصاب آخر مستودع صيانة الطائرات في الجزء الجنوبي من القاعدة، ويُعتقد أن صاروخًا آخر ضرب مبنى إداري أو صيانة في الجزء الشرقي للقاعدة. الجدير بالذكر أن إسرائيل تمارس نوعًا من التعتيم والتكتم على الأضرار؛ حيث لم تكشف عما إذا تضررت طائرات في القاعدة أم لا[22].

أما الوعد الصادق 3، فقد نُفذت في 13 يونيو 2025 ردًّا على استهداف إسرائيل المفاعلات النووية الإيرانية واغتيال علماء نوويين وقادة في الحرس الثوري الإيراني، ويُمثل الوعد الصادق 3 أشد مراحل التصعيد والمواجهة بين الطرفين حتى الآن حيث استمرت الهجمات بين الطرفين لمدة 12 يومًا. شنت إيران هجمات على العمق الإسرائيلي مستخدمةً مئات الصواريخ الباليستية والفرط صوتية. لم تُفصح إسرائيل عن الخسائر التي سببتها الهجمات الإيرانية بشكلٍ كامل، كما كانت حريصة على منع انتشار صور ومقاطع الفيديو الخاصة بالهجمات الإيرانية على مواقع التواصل حيث منعت القنوات الإعلامية والصحفيين من الوصول لمواقع الاستهدافات. لكن ذلك لم يمنع كثير من الإسرائيليين من نشر مقاطع فيديو توثق لحظات سقوط صواريخ وصور لمناطق الدمار.

أشارت تقارير إعلامية إلى أن إيران أطلقت على إسرائيل 550 صاروخًا باليستيًّا و1000 طائرة مسيرة. لقد هرع الإسرائيليون إلى الملاجئ، وسُجل وقوع حوالي 36 ضربة على مواقع مأهولة بالسكان، الأمر الذي أسفر عن مقتل 30 إسرائيليًّا وإصابة أكثر من 3200 شخص بينهم حوالي 23 إصابة خطيرة[23]. كما تم إجلاء ما يزيد عن 15000 شخصًا من منازلهم نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بعشرات المباني، وقد بلغ عدد طلبات الحصول على تعويضات عن المباني المدمرة حوالي 45000 طلبًا، وأطلقت الحكومة مبادرة “التجديد في وحدة” وخصصت 5 مليار شيكل لإعادة إعمار المباني المتضررة[24]. كما أصابت الصواريخ محطة كهرباء في جنوب إسرائيل، ومعهد وايزمان للعلوم، والمركز الطبي الجامعي سوروكا، وجامعة في وسط البلاد بأضرار جسيمة. واستُهدفت أيضًا أكبر مصفاة للنفط (بازان) في إسرائيل بمدينة حيفا؛ ما أدى لتوقفها عن العمل، وقد أدى التوقف عن العمل والإنتاج إلى خسائر يومية تُقدر بحوالي 3 مليون دولار[25].

إضافة إلى ذلك، أشارت صحيفة التلجراف أن 6 صواريخ أصابت خمس قواعد عسكرية إسرائيلية، وذلك وفقًا لبيانات الرادار التي لم تكشف عنها إسرائيل، وأشارت القناة 13 الإسرائيلية إلى أن القواعد العسكرية والمواقع الاستراتيجية الأخرى التي أصابتها الصواريخ لم تُعلن عنها إسرائيل[26]. وخلال الاثنى عشر يومًا، أُغلقت الشركات وتوقف الاقتصاد بشكل شبه كامل، وقد خصصت وزارة المالية الإسرائيلية تعويضات للشركات عن خسائرها قدرها 1.5 مليار دولار، كما أُغلق المجال الجوي الإسرائيلي وتوقف مطار بن جوريون، وقد بلغت خسائر شركة الطيران الإسرائيلية إل عال حوالي 6 مليون دولار[27]. لقد تكبدت إسرائيل خسائر مباشرة قدرها 12 مليار دولار، مع وجود توقعات لارتفاع الخسائر إلى 20 مليار دولار باحتساب الأضرار غير المباشرة، وقد قدرت التكلفة اليومية للحرب على إسرائيل بحوالي 725 مليون دولار[28].

(د) تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي:

لقد أثرت الحرب الإسرائيلية على غزة والمواجهات مع إيران سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي. حيث سجل الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأخير من عام 2023 انكماشًا بنسبة 5.7%، وفي مجمل عام 2023 بلغ عجز الميزانية 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وأشارت وزارة المالية إلى أن العجز المسجل بلغ 33.8 مليار شيكل[29]. وفي عام 2024، ارتفع عجز الموازنة ليصبح 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي[30]، وفي عام 2025 يتجه عجز الموازنة لأن يكون 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي[31]. والسبب في ذلك يعود لزيادة الانفاق العسكري لتمويل الحرب على غزة والجبهات الأخرى. إذ ارتفعت ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية في عام 2024 لتصبح 99 مليار شيكل بعد أن كانت 60 مليار شيكل في 2023[32]، كما بلغت ميزانية وزارة الدفاع في 2025 ما مقداره 109.8 مليار شيكل، وهي الميزانية الأعلى لوزارة الدفاع منذ تأسيس دولة الاحتلال كما خصصت حزمة قدرها 9 مليار شيكل لجنود الاحتياط[33].

حسب وزارة المالية الإسرائيلية، فإن رواتب 100 ألف جندي احتياط ليوم واحد تكلف الدولة حوالي 70 مليون شيكل وتصل التكلفة 100 مليون شيكل تقريبًا بحساب تكلفة إطعام الجنود وإيوائهم، كما يُكلف جنود الاحتياط أموالا إضافية بشكلٍ غير مباشر تتمثل في فقدان إنتاجهم واستدعائهم من وظائفهم، وتبلغ تكلفة فقدان إنتاجهم حوالي 100 مليون شيكل إضافية، وبالتالي تصل تكلفة جنود الاحتياط ليوم واحد فقط 200 مليون شيكل. وأشارت وزارة المالية أيضًا إلى أن تكلفة يوم واحد في الحرب من معدات وذخائر وجنود تبلغ مليار شيكل[34].

لقد قامت إسرائيل منذ بداية الحرب ولا تزال بزيادة الانفاق الحكومي بشكل يفوق الإيرادات المتاحة، وهو ما يُسفر عن عجز في الموازنة العامة. وهو أسلوب يمكن تداركه على المدى القصير في حال وجود استراتيجية لتقليل النفقات بعد انتهاء العمليات العسكرية، إلا أن امتداد العدوان والمواجهات العسكرية ينذر بإرباك التوازن المالي للحكومة؛ حيث ستجد نفسها أمام معضلة مالية بين الاستمرار في الإنفاق العسكري المرتفع لضمان الجاهزية العسكرية وبين الالتزام بضبط مؤشرات الموازنة العامة. تلك المعضلة قد تؤدي إلى تباطؤ في وتيرة النمو الاقتصادي وظهور “اقتصاد الحرب”؛ حيث التركيز على الإنفاق العسكري والأمني على حساب القطاعات المدنية الأخرى التي يتم تهميشها[35].

في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها إسرائيل وإصرار نتنياهو على استمرار العدوان على غزة والحرب مع إيران ومحور المقاومة، وشن هجمات على عددٍ من الدول العربية، اضطرت حكومته لزيادة ميزانية عام 2023 بمبلغ قدره 30 مليار شيكل لتصبح 510 مليار شيكل، كما قامت بإعادة صياغة ميزانية عام 2024 لتتناسب مع حالة الحرب. ذلك حيث اقترحت الجكومة خفض نصيب جميع الوزارات من الميزانية بنسبة 3%، كما اقترحت تخفيضات في الميزانية وزيادات في الضرائب، وزيادة ضريبة القيمة المضافة لتصبح 18% بدلًا من 17% في بداية عام 2025، ورفع الميزانية الإجمالية لعام 2024 بمبلغ قدره 69 مليار شيكل لتصبح 585 مليار شيكل، الأمر الذي يرفع من العجز المالي بنسبة 5-6% من الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2024 و2025.

وهو ما يعني التوجه للقيام بتخفيضات أخرى في ميزانيات الوزارات، ورفع الضرائب لتغطية الإنفاق العسكري المرتفع، وخفض الدين الخارجي. على سبيل المثال، اقترح سموتريتش في ميزانية 2025 تقليل ميزانية التعليم بحوالي 400 مليون شيكل بداية من 2026، وكذلك ميزانية المواصلات بحوالي 700 مليون شيكل من 2025 وحتى 2028، وأيضًا تقليل ميزانية وزارة الاقتصاد بحوالي 270 مليون شيكل[36].

فيما يخص الدين العام، فقد ارتفع بنسبة 17.9% أي حوالي 202 مليار شيكل في عام 2024 وبذلك أصبح إجمالي الدين العام 1.33 تريليون شيكل، كما ارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصبح 67.9% نهاية عام 2024 بعد أن كانت 61.5% نهاية عام 2023، ويرجع ذلك لزيادة حجم الديون وتراجع في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1% فقط[37]. كما ارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في 2025 لتصبح حوالي 70%[38].

وبالنسبة للتضخم، لقد أدت الحرب على غزة والمواجهات مع محور المقاومة إلى زيادة الأسعار في المنتجات وزيادة الضرائب، وهو ما أدى لزيادة معدلات التضخم بعد السابع من أكتوبر[39]، حيث بلغ التضخم في يوليو 2024 حوالي 3.2% بعد أن كان 2.9%، وبذلك يكون قد تخطى الحد الأقصى السنوي المستهدف والذي يُقدر بـ3%. وفي يناير 2025 بلغ التضخم 3.8%، وفي أبريل 2025 سجل التضخم 3.6%، وحتى يوليو 2025 لم ينخفض التضخم عن الحد الأقصى السنوي المستهدف (3%)[40]. كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الإسرائيلي بنسبة 0.6% في يوليو 2025[41].

وبخصوص الاستثمار الأجنبي، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، انخفضت الاستثمارات الأجنبية في الربع الأول من 2024 إلى 1.1 مليار دولار، أي أن نسبة الانخفاض بلغت 55.8%[42]. يرجع السبب في ذلك إلى عدم رغبة كثير من المستثمرين في الاستثمار في دولة تخوض حربًا وتسعى لتجنيد قوات الاحتياط، كما تعاني نقصًا كبيرًا في القوى العاملة. إضافةً إلى ذلك، سحب مستثمرون أموالهم من إسرائيل لأسباب إنسانية ورفضًا لجرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق المدنيين في قطاع غزة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الصندوق السيادي النرويجي الذي أعلن سحب استثماراته من إسرائيل وبيع حصصه في 11 شركة إسرائيلية، ويُمثل ذلك ضغطًا اقتصاديًا خارجيًا على إسرائيل قد يدفع الصناديق الاستثمارية والمؤسسات العالمية لسحب استثماراتها من إسرائيل[43].

لقد تأثرت القطاعات التي تشكل عصب الاقتصاد الإسرائيلي سلبًا بسبب المواجهات التي تخوضها إسرائيل. تلك القطاعات هي قطاع التكنولوجيا الفائقة، والصادرات العسكرية، والصناعة، وقطاع الطاقة، والزراعة، والسياحة، والخدمات المالية. بالنسبة لقطاع التكنولوجيا الفائقة، يمثل قطاع التكنولوجيا نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل ويعد أهم القطاعات مساهمةً في النمو الاقتصادي؛ حيث يساهم بحوالي 53% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، كما يُشكل ربع إيرادات الدولة من ضرائب الدخل ويعمل به حوالي 11.4% من إجمالي القوة العاملة في إسرائيل. لقد تأثر قطاع التكنولوجيا الفائقة تأثيرًا بالغًا بسبب الحرب على غزة والمواجهات مع إيران ومحور المقاومة؛ وذلك لعدد من الأسباب منها: هجرة الكفاءات، حيث شهدت الأشهر التسعة الأولى من الحرب هجرة ما لا يقل عن 8300 موظف في مجال التكنولوجيا، ويبلغ متوسط عدد المغادرين شهريًا 800 موظف بصورة مستمرة منذ بداية الحرب. كما التحق حوالي 7% من الموظفين في قطاع التكنولوجيا بقوات الاحتياط الأمر الذي أضر بالقطاع وأخفض من إنتاجيته بصورة كبيرة[44].

كما تأثر قطاع التكنولوجيا بسوء السمعة؛ حيث اكتسبت شركات التكنولوجيا الإسرائيلية سمعة سيئة نتيجة ما يرتكب بحق المدنيين في قطاع غزة من جرائم تطهير عرقي تسخر فيها إسرائيل التكنولوجيا الفائقة لخدمة أهدافها وجرائمها، كما أفادت ما يزيد عن 30% من الشركات والشركات الناشئة الإسرائيلية أنها نقلت جزء كبير من أعمالها وأنشطتها للخارج. إضافةً إلى ما سبق، يعاني قطاع التكنولوجيا من نقص التمويل وانهيار الشركات الناشئة، حيث شهدت إسرائيل تراجعًا بنسبة 70% في استقطاب رؤوس الأموال إلى صناديق الاستثمار الإسرائيلية المتخصصة في الشركات الإسرائيلية، كما انخفض حجم الاستثمار في قطاع التكنولوجيا من 28 مليار دولار عام 2022 إلى 8 مليار دولار في 2023.[45]

وبالنسبة لقطاع الصادرات العسكرية، فهو يعد أحد أبرز أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي، وتعد إسرائيل من أبرز الدول في سوق الأسلحة العالمية. إن قطاع الصادرات العسكرية القطاع الوحيد تقريبًا الذي تأثر بصورة إيجابية من الحرب على غزة والمواجهة مع إيران؛ حيث زاد الطلب على الأنظمة الدفاعية محليًا ودوليًا. ووفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن صادرات الدفاع بلغت في عام 2024 حوالي 14.8 مليار دولار بزيادة عن 13 مليار دولار عام 2023، كما بلغت تلك القيمة ضعف الصادرات قبل خمس سنوات. وعلى الرغم من ذلك، فإن عام 2025 شهد بداية التأثر في ذلك القطاع بالتزامن مع إلغاء العديد من الدول الأوروبية صفقات أسلحة مع إسرائيل وفرضها عقوبات على عدد من الشركات الدفاعية الإسرائيلية، وجاء ذلك استجابة لضغط الشارع الرافض للمجازر التي ترتكب بحق أهل غزة. ومن أبرز تلك الدول إسبانيا، حيث ألغت صفقة شراء أنظمة صواريخ مضادة للدبابات بقيمة 285 مليون دولار من شركة إسرائيلية[46].

وبالنسبة لقطاع الصناعة، تملك إسرائيل قطاع صناعي نشط خصوصًا في مجال المجوهرات (الألماس) والأدوية والأجهزة الطبية[47]. أما صناعة الأدوية والأجهزة الطبية، فقد عانت شركاتها من اضطرابات سلاسل التوريد، خصوصًا مع صعوبة وصول السفن إلى إسرائيل بسبب هجمات الحوثيين وتعليق كثير من شركات الطيران رحلاتها إلى إسرائيل، كما تأثرت صناعة الأدوية والأجهزة الطبية سلبًا باستدعاء أعداد كبرة من الموظفين بها إلى الخدمة العسكرية ما قلل بشكل كبير من طاقتها الإنتاجية. إضافة إلى ذلك، أعلنت شركة تيفا الإسرائيلية لصناعة الأدوية عن عزمها تسريح 8% من العاملين بها بحلول 2027 بهدف خفض التكاليف بحوال 700 مليون دولار، الجدير بالذكر أنه منذ بداية 2025 تراجع سعر سهم تيفا بنسبة 23% وأصبحت قيمتها السوقية 19 مليار دولار[48].

وبالنسبة لقطاع الطاقة، فقد أعلنت مجموعة بازان الإسرائيلية للطاقة إغلاق جميع منشآت التكرير عقب الاستهداف الصاروخي الإيراني لمصفاة بازان ما أسفر عن تعرضها لأضرارٍ جسيمة، كما أعلنت مقتل ثلاثة من موظفيها. إضافة إلى ذلك، أوقفت إسرائيل الإنتاج في حقلي كاريش وليفياثان البحري بسبب الهجمات الإيرانية، وقد استؤنف العمل بهما بعد ذلك[49]. أثر توقف ليفايثان على إمدادات الغاز لمصر والأردن، وقد بلغت خسائر الحقل 12 مليون دولار[50]. الجدير بالذكر أن حقل تامار قد أغلق لمدة شهر كامل في أعقاب السابع من أكتوبر[51].

وبالنسبة لقطاع السياحة، تعد السياحة أحد أهم القطاعات في إسرائيل حيث تأتي في المرتبة الخامسة بين أكبر القطاعات التصديرية. وفي أعقاب الحرب في السابع من أكتوبر وخلال المواجهة مع إيران، أعلنت إسرائيل عن انخفاضٍ حاد في عائدات السياحة، كما بلغت الخسائر في قطاع السياحة حوالي 3.4 مليار دولار، وأشارت وزارة السياحة إلى تراجع أعداد السياح بنسبة تزيد عن 90%. إضافة إلى ذلك، أوضحت جمعية الفنادق الإسرائيلية أن معدلات إشغال الفنادق تراجعت بدرجة كبيرة في عدد من المناطق لتصبح 10% فقط[52].

خلصت الدراسة التي أعدها كل من تومر فدلون واستبان كلور بعنوان “ثلاثة أحداث، وقلق واحد: تهديد للاقتصاد الإسرائيلي” إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي بعد أكثر من عام ونصف من الحرب على قطاع غزة والمواجهات مع إيران ومحور المقاومة يعيش حالة من “الصمود الظاهري”، التي تغطي على تحديات ومشاكل اقتصادية ضخمة تتمثل في هجرة الكفاءات، خاصةً في مجال التكنولوجيا الفائقة وتضخم الدين وتباطؤ النمو وإغلاق الأعمال وتراجع الاستثمارات الأجنبية. وتضيف الدراسة إلى أن استمرار الحرب وكلفتها الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة ستؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي واستقراره سلبًا على المدى الطويل، خصوصًا في ظل ما تعيشه دولة الاحتلال من عزلة دولية وعقوبات ومقاطعات[53].

ثانيًا- التداعيات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية خلال عامين من الحرب

(أ) انهيار الردع الإسرائيلي وأسطورة “القوة التي لا تقهر”: تعدد الجبهات والخلل في منظومات الدفاع:

يقصد بالردع عسكريًا امتلاك المقومات العسكرية وغير العسكرية التي تولد الرعب في نفس الخصم وتجعله معتقدًا بعدم القدرة على المواجهة؛ ما يؤدي إلى امتناعه عن بدأ القتال وتوجيه هجمات وامتناعه عن القتال الدفاعي إن تمت مهاجمته. ينقسم الردع من حيث أهدافه إلى ثلاثة أنواع، الردع الكلي الشامل ويقصد به جعل الخصم يتجنب القتال هجومًا أو دفاعًا، والردع الجزئي ويقصد به جعل الخصم يمتنع عن الهجوم مطلقًا، والردع المحدود ويقصد به جعل الخصم يمتنع عن توسيع دائرة قتاله سواء في الهجوم أو الدفاع. من حيث التخطيط والتنفيذ ينقسم الردع إلى ردع تكتيكي ميداني وردع استراتيجي، يقصد بالردع التكتيكي الميداني منع المواجهة في حيز معين من المكان والزمان، ويقصد بالردع الاستراتيجي منع المواجهة بمفهومها الشامل. ومن حيث الوسائل ينقسم الردع إلى ردع تقليدي قائم على الأسلحة التقليدية، وردع غير تقليدي قائم على أسلحة الدمار الشامل. ومن حيث الأطراف ينقسم الردع إلى ردع أحادي يقصد به أن يتمتع به طرف واحد من الأطراف، وردع متبادل يقصد به أن يتمتع به جميع أطراف المعركة. وللردع ثلاثة أركان، ركن مادي يتعلق بالقوة العسكرية الرادعة للخصم، وركن معنوي متعلق بالقوة الناعمة والإعلامية التي تصور للخصم قدرات الطرف الذي يواجهه ويعظمها في إدراكه، وركن يرتبط بالبيئة الاستراتيجية وتتعلق بمدى تقبل البيئة الدولية لنتائج المواجهة[54].

لقد اتضح من خلال الحرب المستمرة منذ عامين أن أسطورة الردع الإسرائيلي قد انهارت، وحل محلها “صورة إسرائيل المقيدة بقدرات الخصم”. كما يمكن ملاحظة أن إسرائيل قد خسرت “الاستئثار بالقوة الفاعلة والاستراتيجية والأحادية الرادعة”، وأصبحت في حالة “الردع المتبادل”. هذا حيث تملك إسرائيل نظريًا من القدرات ما قد يمنع الخصم من المبادرة إلى مهاجمتها، ولكن على الجانب الآخر يملك الخصم من القدرات المعنوية والمادية التي تمنع انتصار إسرائيل عليه وتحميلها ثمن باهظ في حال بادرت بشن هجوم عليه -كما حدث في المواجهة المباشرة مع إيران خصوصًا حرب الاثني عشر يومًا. الأمر الذي قد يمنعها من الهجوم أصلًا، بل وقد تدفعه تلك القدرات لشن هجوم عليها، كما فعلت حركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر وجبهات الإسناد في أعقاب ذلك[55].

طوال عقود تمثلت مقومات الردع الإسرائيلي في امتلاك إسرائيل أفضل التقنيات العسكرية، حيث: تمكن إسرائيل من خلال علاقاتها التاريخية القوية بالغرب من الحصول على أفضل الأسلحة والمعدات، واعتماد إسرائيل على سياسة الغموض وهو ظهر بوضوح في امتلاك إسرائيل لقدرات نووية ورفضها الانضمام لاتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، وجود إعلام قادر على إدارة حرب نفسية ضد أعداء الاحتلال الإسرائيلي حيث تضخيم القدرات والإمكانات الإسرائيلية، تجنب القتال على الأراضي المحتلة ونقل المواجهة إلى أرض العدو، تنفيذ الهجمات المفاجئة والاستباقية وتجنب احتمالية قيام العدو بالمبادرة إلى القتال، القدرة على حسم المعارك في الوقت الذي تريده إسرائيل ويحقق مصالحها، جعل المواجهة على جبهة واحدة وعرقلة تشكيل التحالفات أو تعدد الجبهات ضدها، الردع غير التقليدي اعتمادًا على القدرات النووية، الاعتماد على حماية القوى الغربية الكبرى كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، ارتكاب المجازر وممارسة الإرهاب بحق المدنيين[56].

ثمة عوامل أدت لتآكل الردع الإسرائيلي (على نحو ما اتضح في الحرب على إيران، ومن قيلها طوفان الأقصى)، وهي: تغلب الخصوم على حاجز اليأس والخوف، امتلاك الخصوم مقومات إلحاق الضرر والألم بدولة الاحتلال، تقليل الخصوم لفعالية عنصر التفوق المادي لإسرائيل، تغير بنية البيئة الاستراتيجية (وهو ما يظهر بوضوح في التوجه الدولي نحو الاعتراف بفلسطين، والتنديد بجرائم الاحتلال بحق المدنيين والتعدي على الدول الأخرى)، سقوط مبدأ الحروب الاستباقية الخاطفة والحرب على أرض الخصم حيث امتلاك الخصم أسلحة وصواريخ قادرة على الوصول للأراضي المحتلة، عدم القدرة على حسم المواجهة وتحقيق النصر، قدرة الخصم على التحمل والصمود رغم المجازر والحصار. هذا، كما أن الجرائم بحق المدنيين عززت الرغبة في الانتقام لدى المقاومة وجعلت إسرائيل تعيش نوعًا من العزلة السياسية بعد الإدانات الدولية الواسعة، وأيضًا غذّت المجازر خطاب المقاومة وعززت من صورة الشعب الفلسطيني كضحية[57].

تتجلى مظاهر انهيار الردع الإسرائيلي في قدرة حركة المقاومة حماس على تنفيذ عملية السابع من أكتوبر والهجوم على الأراضي المحتلة، وهو ما كشف عن فشل عسكري واستخباراتي إسرائيلي وتطور كبير في قدرات المقاومة، وخوض جيش الاحتلال معركة مفتوحة منذ عامين دون أن يحقق أيًا من أهدافه من العدوان على غزة والمتمثلة في “القضاء على حماس” و”إعادة الرهائن”[58]، مع استمرار خسائره معنويًا وميدانيًا مع إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على استمرار الحرب خدمةً لأهدافه الشخصية[59]، أيضًا تعدد الجبهات حيث إسناد حزب الله لغزة واستهدافه لشمال الأراضي المحتلة ما ألحق بإسرائيل خسائر ضخمة على المستوى العسكري والاقتصادي والبشري. ورغم وقف إطلاق النار بين الطرفين وبقاء إسرائيل في خمس نقاط بجنوب لبنان وفقدان حزب الله لعدد كبير من قياداته وجزء كبير من قدراته، إلا أنه لا يوجد ما يضمن عدم انضمامه للمواجهة مرةً أخرى خصوصًا في ظل رفضه التخلي عن سلاحه ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية للقرار 1701.

إضافةً إلى ما سبق، إسناد الحوثيين لغزة وفرض حصار اقتصادي على إسرائيل، وتوسيع عملياتهم رغم الهجوم الأمريكي البريطاني والهجمات الإسرائيلية المستمرة والمتزايدة على اليمن. من تجليات تراجع الردع دخول إيران في مواجهة مباشرة وتنفيذ هجمات على عمق الأراضي المحتلة، ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة طهران ولاستعادة توازن الردع. تجدر الإشارة إلى أن عملية الوعد الصادق3 أصابت المسئولين الإسرائيليين بالصدمة؛ حيث لم يتوقعوا بأن يكون الرد الإيراني بذلك الشكل الذي كلّف إسرائيل خسائر ضخمة. ويمكن القول إنه لولا تدخل الولايات المتحدة ومشاركتها في استهداف المفاعلات النووية لتكبدت إسرائيل خسائر أكبر[60].

في السياق ذاته، يُعد الخلل في منظومة الدفاع الإسرائيلية أحد أبرز صور تآكل الردع الإسرائيلي. لطالما روجت إسرائيل لتفوق منظومات الاعتراض التي وُصفت بالمتفوقة عالميًا وغير القابلة للاختراق، إلا أن المواجهة مع إيران ومحور المقاومة كشفت عن خلل في منظومات إسرائيل الاعتراضية، فحرب الاثنى عشر يومًا كشفت عن تجاوز ما لا يقل عن 10% من الصواريخ للمنظومات الدفاعية الإسرائيلية مصيبةً مناطق مزدحمة بالسكان ومواقع حيوية واستراتيجية أخرى.

الجدير بالذكر أن منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والبريطانية ساعدت في اعتراض صواريخ إيرانية، وهو ما يُدلل على احتمالية تجاوز نسبة أكبر من الصواريخ الإيرانية للمنظومات الإسرائيلية لولا مساعدة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. لقد كلفت منظومات الدفاع إسرائيل حوالي 5 مليارات شيكل خلال حرب الاثنى عشر يومًا[61].

إضافة إلى ذلك، فإنه على مدار الحرب تجاوزت صواريخ ومسيرات لحزب الله وللحوثيين منظومات الاعتراض مسببة خسائر كبيرة. من المهم الإشارة إلى أن إسرائيل تواجه نقصًا في الصواريخ المستخدمة في منظومات الاعتراض، رغم محاولتها التكتم على ذلك. كما أن الولايات المتحدة استنفدت ربع مخزونها من صواريخ ثاد للدفاع الجوي (أي حوالي 100-150 صاروخ) خلال حرب الاثنى عشر يومًا مع إيران، مع العلم أن تكلفة الصاروخ الواحد تبلغ حوالي 15 مليون دولار[62].

(ب) أزمة جنود الاحتياط في إسرائيل: تراجع الاستجابة للاستدعاءات

تعاني إسرائيل أزمة بسبب جنود الاحتياط، حيث انخفضت معدلات الاستجابة للخدمة العسكرية. في السابع من أكتوبر مباشرة تجاوزت نسبة استجابة جنود الاحتياط في بعض الوحدات 100% ويرجع ذلك لصدمة التي أحدثتها عملية طوفان الأقصى، إلا أنه مع اتساع وتيرة الحرب وتعدد الجبهات بدأت النسبة في الانخفاض تدريجيًا. وفي نوفمبر 2024، أوضحت صحيفة يديعوت أحرنوت أن نسبة الانخفاض في استجابة جنود الاحتياط تتراوح بين 15-25%. وفي مارس 2025، أشارت صحيفة هآرتس إلى أن إحدى كتائب المدرعات في الشمال انخفضت نسبة الاستجابة للحضور فيها من 90% في الجولة الثانية إلى 70% في الجولة الثالثة، مع وجود توقعات لانخفاض تلك النسبة إلى 50% في الجولات القادمة. ومع إعلان الجيش الإسرائيلي عن الاستعداد لعملية “عربات جدعون2” لاحتلال غزة، أعلن مئات من جنود الاحتياط عن توقيعهم عريضة يعبرون فيها عن رفضهم لتلك العملية، مطالبين نتنياهو بعقد صفقة يتم بموجبها وقف القتال والإفراج عن الرهائن[63].

تتعدد أسباب انخفاض استجابة جنود الاحتياط؛ حيث توجد أسباب اجتماعية تتمثل في الصعوبات الاجتماعية والمهنية التي يواجهها العديد من الجنود كالظروف الأسرية. وثمة عوامل نفسية وصحية تتمثل في معاناة عدد من الجنود من اضطرابات نفسية كاضطراب ما بعد الصدمة. وقد دفعت تلك المشكلة وزارة الدفاع لإطلاق مشروع عاميت للصحة النفسية، وقد تم تسجيل 170 ألف إسرائيلي بينهم 4000 جندي احتياط، مع العلم أنه توجد تراكم في الطلبات وتأخر في الاستجابة لعددٍ كبير من الجنود بسبب النقص في عدد الأطباء المعالجين[64].

ثمة أيضًا عوامل اقتصادية، حيث توجد مخاوف لدى جنود الاحتياط من عدم استمرار الميزانية المخصصة لدعمهم، والتي تبلغ 9 مليار شيكل، الأمر الذي قد يؤدي لانخفاض الحوافز التي يحصلون عليها. إضافة إلى ذلك، ثمة عوامل سياسية تتمثل في شعور الكثير من جنود الاحتياط بالظلم بسبب قانون إعفاء الحريديم من التجنيد، بالإضافة لوجود جنود احتياط تم إعفاؤهم من الخدمة ولم يتم استدعاؤهم أبدًا.

لقد أدى تراجع نسبة الاستجابة لجنود الاحتياط إلى تراجع الجاهزية القتالية للجيش؛ حيث يؤدي نقص القوى البشرية إلى انخفاض قدرات الجيش العملياتية واستعداده لتنفيذ المهام القتالية[65].

(ج) أزمة هروب الضباط من الخدمة الدائمة خصوصًا في الوحدات التقنية والاستخباراتية

رغم ما عكسته حرب الاثتى عشر يومًا من قدرات استخباراتية وسيبرانية على اختراق المنظومة الإيرانية، إلا أن ذلك لا ينفي ما تواجه إسرائيل من تزايد في استقالات ضباط برتبٍ متوسطة، خصوصًا بين المتخصصين في الأمن السيبراني والتكنولوجيا. ويرجع السبب في ذلك إلى ضعف الحوافز، وهو ما يخلق شعورًا لديهم بعدم التقدير، وكذلك التنافس الكبير من جانب سوق العمل المدني. وقد أشار بعض الضباط إلى أنهم “فقدوا معنى الخدمة”، وهو ما يوضح وجود أزمة هوية وظيفية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وبالتالي، فإن زيادة استقالات الضباط المتخصصين في الأمن السيبراني والتكنولوجيا قد يُفقد الجيش الإسرائيلي تفوقه النوعي في هذا المجال، كما يدل على وجود مشكلة في قدرة الجيش على الحفاظ على نخبته[66].

(د) نقص في معدات الجيش الإسرائيلي:

قبل البدء في عملية عربات جدعون 2 لاحتلال قطاع غزة كشف الإعلام الإسرائيلي أن الجيش يعاني من صعوبات عسكرية ولوجستية، تتمثل في نقص في المعدات العسكرية وتغييرات في استراتيجيات التسلح. وأشارت القناة 13 الإسرائيلية إلى وجود نقص في الدبابات من طراز ميركافا والمصفحات من طراز نمر، وأوضحت أن ما يتراوح بين 30%-40% من الجرافات من طراز D9 غير صالحة للمواجهة بعد عامين من طوفان الأقصى. وقد قامت إسرائيل بشراء 130 جرافة D9 من الولايات المتحدة وصل نصفها فقط، وهو ما لم يعالج الأزمة بشكلٍ نهائي. تواجه إسرائيل نقصًا في قذائف الدبابات، كما تعاني نقصًا في قطع غيار دبابات ميركافا التي اعتمد عليها الجيش الإسرائيلي بشكلٍ أساسي، ويرجع السبب في ذلك إلى حظر تصدير السلاح الألماني لإسرائيل، وتُعاني إسرائيل نقصًا في قطع الغيار بشكلٍ عام. وقد أشارت وحدة الاتصالات في كتيبة مدرعة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنهم “يحصلون على معدات قديمة تعرض حياتهم للخطر”، وأنهم “يواجهون نقصًا في المعدات العملياتية”[67].

كشفت صحيفة هآرتس عن توترات بين القوات البرية والقوات الجوية، وقد عمقت عملية الأسد الصاعد الإسرائيلية لاستهداف مفاعلات إيران النووية من تلك التوترات؛ حيث يُنظر إلى القوات الجوية الإسرائيلية على أنها حققت نصرًا خاطفًا، في حين يُنظر إلى غزة على أنها “مستنقع طويل الأمد” تتحمل القوات البرية الجزء الأكبر وتحتاج لإمداد لوجستي وبشري بشكل أكبر وبصورة مستمرة. وأضافت الصحيفة إلى أن نهج وزارة الدفاع في توريد المعدات للقوات البرية يختلف عن نهجها في شراء معدات سلاح الجو، والذي على الرغم من أنه يضم كميات أقل بكثير إلا أنها الأكثر تطورًا. وبالتالي، تزيد القيود على الميزانية مما يواجهه القوات البرية وجنود الاحتياط من مخاطر[68].

ثالثًا- التداعيات السياسية والاجتماعية والنفسية خلال عامين من الحرب

(أ) الهجرة العكسية للإسرائيليين بعد السابع من أكتوبر: تحديات لقانون العودة وأزمة للمشروع الصهيوني:

يعد قانون العودة الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في يوليو 1950 أحد أهم ركائز المشروع الصهيوني، حيث ينص على أن من حق كل يهودي أن يهاجر إلى إسرائيل. وكما قال بن جوريون عن القانون أنه “لم يهدف إلى منح حقوق من قبل الدولة، إنما منح الفكرة الصهيونية صبغة قانونية وتقوية الحق الجوهري لكل يهودي بكونه يهوديًا أن يهاجر إلى إسرائيل ويقيم فيها”، وأكد على أن “هذا الحق سابق لقيام إسرائيل”[69].

منذ السابع من أكتوبر وخلال المواجهة مع إيران ومحور المقاومة، هاجرت أعداد كبيرة من الإسرائيليين بسبب الوضع غير الآمن الذي تعيشه دولة الاحتلال. لقد هاجرت أعداد من الإسرائيليين بالطيران، ومنهم من لجأ للمراكب من ميناء هرتسليا إلى قبرص ومنها إلى أي مدينة أوروبية أخرى؛ وذلك بعد إعلان وزارة النقل والمواصلات الإسرائيلية منع المواطنين من الخروج عبر المطارات خلال المواجهة مع إيران، فمنهم من دخل مدينة طابا المصرية ومنها إلى مطار شرم الشيخ الدولي ثم السفر إلى الخارج.

إن هجرة الإسرائيليين في الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية الراهنة تشير إلى أحد أهم الإشكاليات بالنسبة لإسرائيل وحكومتها، وهي ألا تكون إسرائيل آمنة لسكانها لليهود بشكلٍ عام ولا جاذبةً لهم، وهو ما يُشكل تحديًا لقانون العودة وضربة قاسية للمشروع الصهيوني الاستيطاني. تُشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حوالي 30000 إسرائيلي غادر البلاد بشكلٍ دائم منذ نوفمبر 2023 وحتى مارس 2024. وعلى المستوى السنوي، بلغ عدد المغادرين عام 2023 حوالي 55000، في حين بلغ عددهم 82700 عام 2024. على الجانب الآخر، ترصد الإحصائيات انخفاضًا كبيرًا في العائدين إلى دولة الاحتلال؛ حيث بلغ عدد العائدين منذ أكتوبر 2023 ومارس 2024 ما قدره 8898 إسرائيليًا مقارنةً بحوالي 11231 إسرائيليًا خلال الفترة نفسها من العام السابق[70].

(ب) التمييز العنصري في الملاجئ الإسرائيلية:

كشفت حرب الاثنى عشر يومًا عن عنصرية في دخول الملاجئ، وهو ما أظهرته مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث مُنعت عائلات من العرب والمسلمين وعمال أجانب وقيل لهم من قبل مواطنين إسرائيليين أن الملاجئ لليهود فقط. ومن الأمثلة على ذلك، منع ممرضة عربية من دخول الملاجئ، وعائلة عربية مسلمة ترتدي إحدى نسائها الحجاب. بل يمتد الأمر إلى البنية التحتية، حيث كشفت صحيفة الجارديان البريطانية أن أقل من 15% من السلطات المحلية العربية والبالغ عددها 71 بلدية عربية وبدوية ودرزية تملك ملاجئ عامة، وهذا الرقم قليل جدًا ويُجسد مكانة العرب والمسلمين داخل دولة الاحتلال والعنصرية ضدهم التي تصل إلى حرمانهم من الحماية والأمن. في المقابل، يوجد أكثر من ألف ملجأ موزعة ضمن بنية تحتية شاملة في البلديات اليهودية[71].

(ج) الحالة النفسية للمجتمع: التدافع نحو الملاجئ “غير الكافية” وتزايد حالات الانتحار بين الجنود:

كشفت المواجهة مع إيران عن حالة فقدان الثقة والقلق الشديد غير المسبوقة التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي. حيث يتدافع الإسرائيليون نحو الملاجئ مع دوي صفارات الإنذار تزامنًا مع هجمات إيران ومحور المقاومة الأمر الذي خلق حالة من القلق الجمعي داخل المجتمع الإسرائيلي. وفي مقال بعنوان “10 أسباب لإنهاء الحرب” بصحيفة يديعوت أحرونوت أكدت كاتبته أن الإسرائيليين يعيشون أزمة نفسية عامة وحالة من فقدان الثقة إذ ذكرت أن استمرار الحرب يهدد بانهيار ما تبقى من الثقة لدى الشعب مشيرةً إلى أن “الناس يفقدون ثقتهم بالإنسان، وبالشعب، وبالطريق المشترك”. وأوضحت الكاتبة أن الأزمة النفسية باتت جلية حيث يعاني واحد من بين كل ثلاثة إسرائيليين من اضطرابات نفسية (اضطراب ما بعد الصدمة) بسبب الحرب وما نتج عنها من توتر وإحباط خصوصًا مع صعوبة التنبؤ بنهايتها[72]. وفقًا للبيانات الصادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإنه في عام 2023 قد بلغ عدد الجنود المنتحرين 17 جنديًا (منهم 7 في الثلاثة أشهر الأخيرة من العام)، وفي عام 2024 بلغ عددهم 21 جنديًا. ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية فإن عدد الجنود المنتحرين منذ بداية العام الجاري قد بلغ 18 جنديًا على الأقل. ووفقًا للصحفي الاستقصائي بصحيفة هآرتس توم ليفينسون، فإن الإحصاءات الصادرة عن جيش الاحتلال لا تضم الجنود الذين انتحروا خارج الخدمة أي تضم فقط الجنود المنتحرين أثناء الخدمة الفعلية[73]. وتشير صحيفة هآرتس إلى أن 11 مدنيًا على الأقل قد انتحروا منذ بداية الحرب وذلك بسبب المشاكل النفسية “الناتجة على ما يبدو عن خدمتهم العسكرية”، موضحةً أنه في بعض الحالات كان الجنود قد شاركوا في الحرب الحالية وفي حالات أخرى كانوا جنودًا قدامى يعيشون اضطرابات نفسية وشاركوا في حروب سابقة[74].

وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن جناح إعادة التأهيل يعالج أكثر من 17 ألف من المصابين بالحرب من بينهم نحو 9 آلاف يعانون من إصابات نفسية. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن ما يزيد عن 10 آلاف جندي ما زال يتم علاجهم من مشاكل نفسية واضطراب ما بعد الصدمة، وأنه تم الاعتراف فقط بـ3769 جنديًا على أنهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة ويخضعون لعلاج متخصص[75].

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن رئيس مركز أبحاث الانتحار في مركز روبين الأكاديمي البروفيسور يوسي ليفي قوله بأن الأرقام المسجلة حتى الآن قد لا تكون سوى البداية وأن “موجة الانتحار الحقيقية قد لا تزال قادمة” مؤكدًا على أنه ما إن تعود الأمور إلى سابق عهدها سيشعر عدد كبير من الإسرائيليين ومنهم الجنود بآثار الصدمة النفسية التي تعرضوا لها وقد تكون تلك المرحلة هي الأصعب من حيث عدد حالات الانتحار[76].

في السياق ذاته، كشفت حرب الاثني عشر يومًا مع إيران عن نقص حاد في عدد الملاجئ العامة واكتظاظ لم يسبق له مثيل وغياب للحد الأدنى من الجاهزية والخدمات بتلك الملاجئ. ففي المدن الكبرى والبلدات وجد الإسرائيليون كثير من الملاجئ متهالكة وغير صالحة للاستخدام كما كان بعضها مغلق وبعضها أشبه بمجمع للنفايات. لقد كانت الملاجئ رمزًا واضحًا لغياب العدالة في توزيع الحماية داخل دولة الاحتلال إذ أنه منذ عقود تخلت إسرائيل تدريجيا عن مسئولية تجهيز الملاجئ وقد تمت خصخصة الملاجئ داخل المباني السكنية الأمر الذي جعل الحماية متوقفة على القدرة المادية، فمن يملك الموارد المالية اللازمة يسكن في عقار به غرفة آمنة مجهزة، أما غير ذلك فيضطر للاتجاه للملاجئ العامة التي لا تتوافر بها أدنى مقومات الأمان والسلامة. ووفق تقرير مراقب الدولة في 2018 فإن 38% فقط من الإسرائيليين لديهم ملاجئ داخل منازلهم[77]، ووفق تقرير لمراقب الدولة في 2020 فإن حوالي ثلث الإسرائيليين (3 مليون)[78] يفتقرون إلى غرف مجهزة ومحصنة أو ملاجئ قريبة يمكن الوصول إليها في الوقت المحدد[79]. إضافة إلى ذلك ووفق صحيفة غلوبس الإيطالية، فقد أشارت تقديرات عقب طوفان الأقصى إلى أن أكثر من 50% من الملاجئ العامة غير جاهزة لحماية الإسرائيليين في حالة الطوارئ[80].

تجدر الإشارة إلى أنه مع نقص الملاجئ العامة اضطر كثير من الإسرائيليين للسير مسافات طويلة للوصول لملجأ في الوقت الذي تدوي فيه صفارات الإنذار، وقد اضطر بعضهم للاحتماء بمحطات المترو ومواقف السيارات. لقد اشتكى كثير من الإسرائيليين من سوء التهوية وغياب المياه والكهرباء والتغطية الهاتفية والخدمات الطارئة في العديد من الملاجئ كما كان هناك ملاجئ بها نفايات متكدسة. إضافة إلى ذلك، وجد إسرائيليون عدة ملاجئ عامة في مدن كبرى (كمدينة بني براك بتل أبيب) مغلقة نتيجة عدم وصول المسؤول عن فتحها وعدم استجابة البلدية لنداءاتهم ما أجبرهم على البحث عن آخر. ما سبق يؤكد على خلل وتقصير حكومي كبير في البنية الدفاعية المدنية بالمجتمع الإسرائيلي، كما يؤكد على أن إسرائيل لم تكن قادرة للاستمرار في المواجهة المباشرة مع إيران الأمر الذي استدعى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وضرب إيران[81].

خاتمة:

تكشف الحرب بين إسرائيل وإيران، وما سبقها وما تخللها من هجماتٍ من إيران وحلفائها مباشرة على العمق الإسرائيلي عن تحولات بنيوية في طبيعة التهديدات التي يواجهها الكيان الصهيوني. فللمرة الأولى منذ حرب أكتوبر 1973 يجد الداخل الإسرائيلي نفسه أمام تهديدات عسكرية من دولةٍ ذات سيادة، الأمر الذي ألقى بظلاله على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. فقد أدت الكلفة الاقتصادية المرتفعة للحرب، وتراجع ثقة المستثمرين، وتعطل سلاسل الإمداد والتجارة البحرية، إلى أزماتٍ داخلية أثقلت كاهل الحكومة والمجتمع. وفي الوقت ذاته، ساهمت الهجمات الصاروخية والمسيّرات في تعميق الشعور بالهشاشة وعدم الأمان داخل المجتمع الإسرائيلي، وأفرزت حالة من القلق الجماعي والضغط النفسي المستمر، انعكست في اللجوء المتكرر إلى الملاجئ وتراجع أنماط الحياة الطبيعية.

إن التداخل بين البعد الأمني والعسكري من جهة، والانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية من جهةٍ أخرى، يوضح أن الحرب مع إيران لم تكن مجرد مواجهة عسكرية عابرة، بل محطة مفصلية أعادت طرح أسئلة جوهرية حول قدرة إسرائيل على الصمود الداخلي واستدامة مشروعها السياسي. ومن ثم، فإن استمرار هذا النمط من الهجمات، أو تجدد المواجهة في المستقبل، يُهدد بتقويض ركائز الاستقرار الداخلي الإسرائيلي، ويضع المشروع الصهيوني ذاته أمام اختبارٍ غير مسبوق في تاريخه الحديث. وإجمالًا، يمكن الاتفاق مع ما قاله ألون بينكاس الدبلوماسي الإسرائيلي السابق بأن إسرائيل تعيش في حالة “دولتين داخل بلد واحد”، وأن النظام القانوني والعسكري والبيروقراطية والخصائص الثقافية العامة والصفات الوطنية “ما تزال قائمة ظاهريًا” ولكن في جوهر الأمر ثمة “حرب أهلية مستعرة في إسرائيل”، ورغم وجود “العدو المشترك والتهديد المشترك” إلا أن المجتمع لم ينجح في التوحد بالقدر الذي تقتضيه الحاجة[82].

—————————

الهوامش:

باحث في العلوم السياسية.

[1] فيفيان عقيقي، مستوطنات الشمال تحت نيران المقاومة، موقع صفر، أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/gjlVO.

[2] مقارنة بين خسائر حزب الله وإسرائيل.. مدنية وعسكرية في حرب الشهرين، العربية، 28/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/oCAXOsl4

[3] تقارير إعلامية تكشف خسائر إسرائيل على الجبهة اللبنانية، الجزيرة، 27/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/VTmbru.

[4] حقائق حول الخسائر البشرية والمادية في لبنان وإسرائيل، الجزيرة، 26/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/NkzxmLIy.

[5] حزب الله ينشر إحصائيات عن خسائر إسرائيل البشرية والمادية خلال 72 يومًا من “معركة أولي البأس”، RT بالعربية، 28/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/ow26z.

[6] عبد الوهاب المرسي، خسائر إسرائيل ف جبهة لبنان.. من يصرخ أولًا؟، الجزيرة، 5/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/wq68MNDi.

[7] جانب آخر من خسائر إسرائيل في حرب لبنان.. إعادة تأهيل الشمال قد تستغرق 10 سنوات، الشرق، 30/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/f249yP.

[8] Houthi attacks on merchant ships in the red sea, Reuters, 10 July 2025, Available at: https://2h.ae/YpBf.

[9] آلاء الخطيب، حسام بيرم، عبد الخالق الحود، كيف يهدد الحوثيون حركة التجارة العالمية؟، الشرق، 5/7/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/BZWD

[10] Jim krane, Houthi red sea attacks have global economic repercussions, Arab Center Washington DC, 5 April 2024, Available at: https://2u.pw/90sYdK

[11] أسعار الشحن زادت 8 أضعاف.. إسرائيل تواجه “عقوبات صامتة” بفعل هجمات الحوثيين، الجزيرة، 10/1/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/rqzC.

[12] شاهر الأحمد، أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين بباب المندب، الجزيرة، 16/3/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/VgSB.

[13] توقع تراجع أسعار الشحن البحري 20% بتوقف هجمات الحوثيين، الجزيرة، 22/1/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/QEEJ.

[14] شاهر الأحمد، مرجع سابق.

[15] نشوى عبد النبي، أمن الموانئ البحرية: تداعيات الهجمات على الموانئ اليمنية والإسرائيلية، مجلة السياسة الدولية، 23/7/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://www.siyassa.org.eg/News/21835.aspx.

[16]طارق فرحات، إغلاق إيلات وتحذيرات في حيفا.. هكذا أثرت هجمات الحوثيين الداعمة لغزة على الموانئ الإسرائيلية، عربي بوست، 17/7/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/1fEnp.

[17] آلاء الخطيب، حسام بيرم، عبد الخالق الحود، مرجع سابق.

[18] أبرز هجمات الحوثيين بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل، الجزيرة، 21/12/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/MawQ.

[19] خبير عسكري: هجوم الحوثيين على إسرائيل قد يكون مقدمة لمواجهة أوسع، الجزيرة، 18/3/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/veLv.

[20] “الوعد الصادق” سلسلة عمليات عسكرية شنتها إيران ضد إسرائيل، مرجع سابق

[21] المرجع السابق.

[22] Aaron Spray, No F-35 Damage Reported After Israel’s Nevatim Air Base Was Struck By 32 Iranian Missiles, Simple Flying, 4 October 2024, Available at: https://2h.ae/sqQs.

[23] Emanuel Fabian, The Israel-Iran war by the numbers, after 12 days of fighting, The Times of Israel, 26 Jun 2025, available at: https://2cm.es/1bbil.

[24] Zev Stub, Billions in damages: Israel rebuilds after Iran war, destruction in south and north, The Times of Israel, 31 Jul 2025, available at: https://2h.ae/EluV.

[25] Tarik Abdulaziz, Halime Afra Aksoy and Emir Yildirim, Israeli economy facing challenges as 12-day conflict with Iran leaves country with billions in economic losses, Anadolu Agency, 24/6/2025, available at: https://2h.ae/wzKX.

[26] “تلغراف” تكشف 5 قواعد عسكرية إسرائيلية استهدفتها إيران، الجزيرة، 5/7/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/KJmG.

[27] محمد وتد، إنجازات وخسائر إسرائيل بعد وقف الحرب على إيران، الجزيرة، 24/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/IZyJc.

[28] Murat Sofuoglu, How much did the 12-day war cost the US, Israel and Iran, TRT World, 25 Jun 2025, available at: https://2h.ae/jHJF.

[29] ارتفاع عجز الميزانية الإسرائيلية 4.2% في 2023 بسبب الحرب، CNBC عربية، 11/1/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/JMKKL.

[30] عجز موازنة إسرائيل يرتفع إلى 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، الشرق الأوسط، 13/1/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/lYTO.

[31] العجز المالي الإسرائيلي يتسع بنسبة 5.2% في 2025 لتمويل حرب غزة، الجزيرة، 19/8/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/uNWl.

[32] إسرائيل ترفع موازنة الدفاع إلى 26.6 مليار دولار، الجزيرة، 6/6/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/Xjjm.

[33] الكنيست الإسرائيلي يقر موازنة 2025 بإنفاق الدفاع الأكبر بالتاريخ، الجزيرة، 25/3/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/qOMN.

[34] Yoav Zeiton, Itamar Eichner, Meir Turgeman, Matan Tzuri, Yair Kraus, Tamar Trabelsi Hadad, Gad Lior, The most expensive war – and Israel’s goals have not yet been met: a snapshot, after 3 months, ynet, 7/1/2024, (Hebrew), available at: https://2h.ae/SMbs.

[35]Boaz Ben-Nun, Inflation again rising, but home prices continue to fall, Globes, 15 Jul 2025, available at: https://2h.ae/wPKv.

[36] محمد السيد الشاعر، تأثير الحرب في غزة على مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي، مركز ترو للدراسات، 25/8/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://truestudies.org/2503/#_ftn9.

[37] المرجع السابق.

[38] دراسة جديدة: الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة غير مسبوقة بسبب الحرب، قدس، 21/9/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/CSMW.

[39] التضخم في إسرائيل يقفز لأعلى مستوى بسبب حرب غزة، الجزيرة، 14/2/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/DOms.

[40] معدل التضخم في إسرائيل، TRADING ECONOMICS، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/f2Pd2e

[41] Maya Levin, Inflation in Israel rises back above target range, Globes, 15 August 2024, Available at: https://2h.ae/dxRG.

[42] حرب غزة تعصف بالاقتصاد الإسرائيلي والاستثمارات الأجنبية تهرب من إسرائيل، الجزيرة، 18/6/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/ENHT.

[43] دراسة جديدة: الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة غير مسبوقة بسبب الحرب، مرجع سابق.

[44] محمد سناجلة، أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي السبعة وكيف تضررت من الحرب، الجزيرة، 23/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/XTKq.

[45] Mtanes Shihadeh, The War on Gaza and Israel’s Technology Sector, Arab Center Washington DC, 1 August 2024, Available at: https://2h.ae/NMic.

[46] محمد سناجلة، مرجع سابق.

[47] نصري نصار، صناعة الألماس في إسرائيل: انخفاضات حادة وخسائر بمليارات الدولارات، I24 NEWs، 8/12/2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/wZuyh.

[48] محمد سناجلة، مرجع سابق.

[49] استئناف العمليات في حقلين للغاز الطبيعي بإسرائيل، العربية، 25/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/QDEy.

[50] حقول الغاز الإسرائيلية تُستأنف بعد إغلاقها خلال الصراع، الشرق الأوسط، 15/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/SUiq.

[51] إسرائيل تغلق حقلي لفياثان وكاريش البحريين خشية الصواريخ الإيرانية، الجزيرة، 14/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/EVVg.

[52] محمد السناجلة، مرجع سابق.

[53] Tomer Fadlon and Esteban Klor, Three Events, One Concern: A Threat to Israel’s Economy, Institute for National Security Studies (INSS), 28 April 2025, Available at: https://2h.ae/ZqbP

[54] أمين محمد حطيط، انهيار الردع الإسرائيلي، مركز دراسات الوحدة العربية، أوراق عربية (20) – شئون أممية واستراتيجية (3)، الطبعة الأولى، فبراير 2012، ص ص 7-10.

[55] محمود الفطافطة، قراءة لكتاب “انهيار الردع الإسرائيلي”، تدوين، 27/2/2014، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/1bhNQ

[56] أمين محمد حطيط، مرجع سابق، ص ص 13-18.

[57] المرجع السابق، ص ص 20-24.

[58] أمين خلف الله، جيش بلا نصر.. كيف دمرت حرب غزة منظومة الردع الإسرائيلية؟، الجزيرة، 13/8/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/deAqM

[59] هآرتس: الهجوم الفاشل على الدوحة يكشف هشاشة الردع الإسرائيلي، الوقت، 13/9/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/gVtvW

[60] حلمي موسى، تحولات العقيدة العسكرية الإسرائيلية.. من “الردع” إلى “الحرب الدائمة”، الجزيرة، 26/7/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/1bi2U

[61] محمد وتد، صواريخ إسرائيل الاعتراضية ترهق ميزانيتها ومخاوف من نفادها، الجزيرة، 21/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/WCqk

[62] سي إن إن: أميركا استنفدت ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل وإيران، الجزيرة، 28/7/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/TXdp

[63] حلمي موسى، عريضة الطيارين تشعل الاحتجاجات وتوسع الشرخ الإسرائيلي، الجزيرة، 11/4/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/tnTm

[64] تراجع استجابة جنود الاحتياط للخدمة العسكرية: هل يواجه الجيش الإسرائيلي أزمة بنيوية؟، مدار – المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، 17/3/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/WVwY

[65] المرجع السابق.

[66] ترجمة الحدث| دراسة أمنية إسرائيلية جديدة تفسّر وتكشف الانهيار الداخلي لمنظومة الاحتلال بعد 7 أكتوبر، الحدث، 19/7/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/FMPb

[67] نقص المعدات والجنود يثير مخاوف إسرائيلية قبل تعميق الهجوم على غزة، الجزيرة، 5/9/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/YxcN

[68] هآرتس: نقص المعدات يهدد القوات البرية الإسرائيلية في غزة، SKY news عربية، 27/8/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/mMdN

[69] حق العودة، مدار – المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، موسوعة المصطلحات، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/cPQeh

[70] المهدي الزايداوي، الهجرة العكسية والتحديات التي تواجه إسرائيل، الجزيرة، 22/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/MEye

[71] صواريخ إيران تكشف التمييز العنصري في الملاجئ الإسرائيلية، meo، 20/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/xTwU

[72] محمد وتد، أزمة في صفوف الجيش الإسرائيلي مع الاستعداد لعملية “عربات جدعون 2″، مرجع سابق.

[73] تزايد حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين، الجزيرة، 7/9/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/KGab

[74] أمين خلف الله، مرجع سابق.

[75] تزايد حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين، مرجع سابق.

[76] محمد وتد، ارتفاع صادم بحالات الانتحار في جيش الاحتلال منذ طوفان الأقصى، الجزيرة، 13/7/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/EDNF

[77] محمد وتد، ملاجئ إسرائيل المتهالكة تعري هشاشة الجبهة الداخلية، الجزيرة، 24/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/RMxJ.

[78] Yoav Zitun, Roee Rubinstein, State comptroller: Millions of Israelis have no protection from missiles, ynet Global, 8/3/2020, available at: https://2u.pw/Szw7lV

[79] ياسر مناع، ملاجئ لليهود والموت للعرب؟ عن أزمة الملاجئ في إسرائيل، مدار – المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، 23/6/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/rhvgV.

[80] الملاجئ في إسرائيل..  المهرب الأخير من الهجمات الصاروخية، الجزيرة، 28/3/2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/Ouoy.

[81] محمد وتد، المرجع السابق.

[82] Alon Pinkas, Analysis This Independence Day, Israel Has Split into Two Incompatible Jewish States, HAARETZ, 13 May 2024, available at: https://2u.pw/6Uls0n.

نشر في العدد 39 من فصلية قضايا ونظرات – أكتوبر 2025

محمود مجدي فاضل

باحث في العلوم السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى