الإغـاثة الإنسانية في ظـل الانقسـام: كارثة درنة نمُوذجًا

مـقـدمــة:

تُعدُّ إدارةُ الأزمات والكوارث من المجالات والعلوم الحيويَّة والمُهمَّة الآن، وخاصَّةً مع التَّطوُّرات المُتلاحقة والمُتغيِّرات المُفاجئة التي تُواجهُها الدُّولُ النَّاميةُ على الصَّعيدين الإقليميِّ والعالميِّ، والتي تتطلَّبُ الاستعداد الجيِّد والتَّخطيط العلميِّ والتَّدريب المُستمرِّ لتحقيق الجاهزيَّة المُرتفعة وسُرعة الاستجابة لمُواجهة تلك الكوارث والأزمات[1]. وتنبُعُ التَّحدِّياتُ التي تفرضُها الكوارثُ من طبيعتها المُفاجئة، وما ينتُجُ عن ذلك من صُعُوبة التَّنبُّؤ بها وبحجمها وأبعادها ومخاطرها. ولذا؛ تقتضي طبيعةُ الكارثة نُهُوض مُؤسَّساتٍ عديدةٍ بنشاطاتٍ مُتنوِّعةٍ، ممَّا يستوجـبُ الخُـرُوج على النَّمط التَّقليديِّ لعـمـل المُؤسَّسات الإداريَّة في المُجتمــع[2].

والمُلاحظُ أنَّ التَّعامُل الدَّوليَّ مع الكوارث الطبيعيَّة قد تطور على صعيد الإدراك وصياغة القواعد، وكذلك سُرعة الاستجابة من قبل المُنظَّمات والهيئات الدَّوليَّة المعنيَّة إجْمَالًا. ويُمكنُ القولُ إنَّ الكوارث الطَّبيعيَّة تطالُ كُلَّ قارات العالم ومناطقه، بل ورُبَّما لم تترُك دولةً واحدةً دُون أنْ يكُون لها نصيبٌ منها، قلَّ أو كثُر، تقارب أو تباعد زمنُ حُدُوثها. الكثير من الكوارث الطبيعية في العالم تحدث بشكلٍ مفاجئ ودون سابق إنذار أو بإنذارٍ ضئيلٍ من حيث الوقت، قسوة بعض الكوارث وحدتها تؤدي ليس فقط إلى فقد الآلاف من الأرواح، وإنما إلى تشريد أعداد مضاعفة من السكان، ناهيك عن الدمار الهائل الذي يُصيب المباني والبنية الأساسية والتربة والحيوانات وغير ذلك[3]. ضمن هذا الإطار، سوف نتناولُ في هذا التقرير موضُوع “الإغاثة في ظلِّ الانقسام السياسي”، مع التَّركيز على نمُوذج مدينة درنة الليبيَّة التي تضرَّرت من السُّيُول والفيضانات جرَّاء “الإعصار دانيال” المُدمِّر.

أوَّلًا- الإغاثةُ الإنسانيَّةُ والكـوارثُ: المفهوم، والسياق الليبي المعقد:

1-المفهُـومُ والدلالاتُ:

جاء في بعض معاجم اللغة العربيَّة: الاستغاثةُ: طَلَبُ الغَوْثِ، وهُو التَّخْليصُ من الشِّدَّة والنِّقْمَةِ، والعون على الفكاك من الشَّدَائِدِ[4]، وقد كانت الخبرة الإسلامية سبَّاقةً في إرساء دعائم مبدأ “الإغاثة الإنسانيَّة” بمفهُومها المُعاصر، المُتمثِّل بتقديم الخدمات وتوفير المُساعدات والإعانات أثناء الكارثة أو بعد حُدُوثها مُباشرةً لتلبية احتياجات حفظ الحياة وسدِّ الحاجات الأساسيَّة للسُّكَّان المُتضرِّرين والمنكُوبين، بغضِّ النظر عن دينهم أو جنسهم أو جنسيَّتهم، حتَّى بات يُنْظرُ اليوم إلى حقِّ الحُصُول على الإغاثة كأحد المبادئ الأساسيَّة المُتعلِّقة بحماية حُقُوق الإنسان، فلا يجُـوزُ أنْ يُحْرم منهُ مُواطنُو أيِّ بلدٍ من البُلدان[5]. ولذلك تُعرَّف المُساعداتُ الإنسانيَّةُ بأنَّها: “معُونةٌ تُقدَّمُ لسُكَّانٍ مُتضرِّرين، يُقْصدُ بها في المقام الأوَّل السَّعْيُ لإنقاذ الأرواح، والتَّخفيف من مُعاناة السُّكَّان المُتضرِّرين بالأزمة، ويتعيَّنُ أنْ يكُون تقديمُ المُساعدات الإنسانيَّة وفقا ًللمبادئ الإنسانيَّة، ومبدأي الحياد والنَّزاهــة”[6]. فالعمل الإنساني نشاط مدني سلمي، يرفض المنطق القائم على تجزئة الجنس البشري؛ فالمساعدات الإنسانية في الكوارث والأزمات تكون لكل من يستحقها دون تمييز، فالحق في الحياة وتخفيف الآلام وتوفير الغذاء والكساء والماء هو حق أصيل للجميع دون استثناء[7].

ومن هُنا نُعرِّجُ بإيجازٍ على مفهُوم “الكارثة”، حَيْثُ يُعرَّفُ مُصطلح “الكارثة” منْ عدَّة وجهات نظرٍ رئيسةٍ؛ الأولى من منظُور العلُوم الطَّبيعيَّة أو البيئيَّة، انطلاقًا من الأضرار التي تُسبِّبها الكارثة، والثانية من منظُور العلُوم الاجتماعيَّة عن طريق المُساهـمات البشريَّـة التي تُؤثرُ فيها. فيرى الفريقُ الأوَّلُ: أنَّ الكوارث ظاهرةٌ طبيعيَّةٌ (أعاصيرٌ، زلازلٌ، عـواصــفٌ، بـراكينٌ)، ويُـؤكِّـدُ -هـذا الفـريقُ- أنَّها وقعـت بسببٍ جيُوفيزيـائيٍّ سبَّبتهُ قــوىً طبيعيَّةٌ.

بينما يرى الفريقُ الثاني: أنَّ الكوارث هي أيُّ مخاطر (طبيعيَّة، بشريَّة، تكنُولُوجيَّة)، ويُشـدِّدُ هذا الفـريقُ على أنَّها وقعـت بسبب حَـدَثٍ بَشَــرِيٍّ سَبَّبَتْهُ القِــوَى الاجْتماعـيَّة[8].

الكارثة إذن وضْعٌ مُتأزِّمٌ يتسبَّبُ في إحداث أضرارٍ واسعة النِّطاق تفُوقُ كثيرًا مقدرة المُجتمعات المُتضرِّرة على التَّعـافي منها وحدها، وبالتــالي، فالكـارثةُ هي “حـادثةٌ كبيرةُ الحجـم تنجُمُ عنها خسائرٌ جسيمةٌ في الأرواح والمُمتلكات، وتتطلَّبُ مُواجهتها قُدرات وطنيَّة كافية، أو معُونةً دوليَّةً إذا كانت القُــدرةُ على مُـواجهتها تفُـوقُ القُـدرات الوطنيَّة”[9].

2- ملامحُ الوضع الليبيِّ المُعقَّـد وفـاجعـةُ كـارثة درنـة:

  • المشهـدُ السِّيـاسيُّ الليبيُّ الرَّاهــنُ: يُمكنُ توصيفُ ملامح هذا المشهــد بإيجازٍ في النقـاط التــاليــة:

أ- استمرار مشهد الانقسام السياسي في ليبيا: حيثُ إنَّهُ تُوجدُ حاليًّا حُكُومتان، الأولى: برئاسة عبد الحميد الدبيبة تعملُ من العاصمة طرابلس، (وتم منحها الثقة من البرلمان في 10 مارس2021)، وهي ترفُضُ تسليم السُّلْطة للحُكُومة الجديدة التي كلَّفها البرلمانُ، برئاسة فتحي باشاغا في فبراير عام 2022. علمًا أنه في 16 مايو2023 قرر مجلس النواب إيقاف رئيس الحكومة المكلفة من قبله، فتحي باشاغا، وإحالته إلى التحقيق، وتكليف وزير المالية والتخطيط أسامة حماد بتسيير مهام رئاسة مجلس الوزراء بدلا من باشاغا بعد نحو 15 شهرًا من تسلمه لهذا المنصب. ويعني ذلك استمرار الانقسام في بعض المُؤسَّسات، والتَّضارُب في القرارات، وإهدار المال العام.. فنحنُ هُنا -وفق قراءةٍ من منظُور الجُغرافيَّا السِّياسيَّة- بصدد “ثُنائيَّةٍ إقليميَّةٍ” تُشكِّلُ خطرًا على الوحدة الوطنيَّة، مبْعثُها أنَّ الشريط السَّاحليَّ الذي يحتضنُ هذه الثنائيَّة يحملُ فوق سطحه جُلَّ المعْمُور الليبيِّ، فأصبحت هُناك حُكُومتان وبرلمانان، وما يزيدُ منْ حساسيَّة هذه الثنائيَّة الإقليميَّة وُقُوعُ آبار النفط والغاز في الهلال النفطيِّ الذي يتولَّى الجيشُ الوطنيُّ الليبيُّ حمايتهُ[10].

ب- التعـديلُ الدستُوريُّ الثالثُ عـشـر: حيثُ تمَّ إقرارُ هذا التَّعديل بإجماع النُّوَّاب الحاضرين في جلسة مجلس النواب المُنعقدة في بنغازي بتاريخ: 7 فبراير2023. وتضمَّن التَّعْديلُ ثلاث وثلاثين مادَّةً، على سبيل المثال نصت المادة الثانية على أنه: “يتكون نظام الحكم من سلطة تشريعية مكونة من غُرفتين تحث مسمى مجلس الأمة، وسلطة تنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرةً من الشعب”. وتضمَّن التَّعديلُ مواد تتعلق بتكوين مجلس النواب ومشروعات القوانين ومُقترحاتها، والسؤال والاستجواب، وتكوين مجلس الشيوخ، والعضوية فيه، وانعقاد جلساته، واختصاصاته، واللجنة المشتركة وغيرها.. ونصَّت المادَّةُ (30) من التَّعديل الدستُوريِّ على: (حُكم انتقالي لانتخابات مجلس الأمة ورئيس الدَّولة)، وذلك كالتالي: “أنْ تُجْرَى انتخاباتُ الرئيس والمجلس خلال 240 يومًا من تاريخ دُخُول قوانين الانتخابات حيِّز التنفيذ، وفي حال تعذُّر إجراء الانتخابات الرِّئاسيَّة لأيِّ سببٍ كان، تُعْتبرُ كُلُّ الإجراءات المُتعلِّقة بالعمليَّة الانتخابيَّة كأن لمْ تكُن”.[11]

ج-تشكيلُ اللجنة المُشتركة لإعـداد القوانين الانتخابية (6+6): جاء في المادة: (30) الفقرة: (ب)، حسب التعديل الدستوري الثالث عشر: “تُشكَّلُ لجنةٌ مُشتركةٌ منْ قبل مجلسي النُّوَّاب والدَّولة بواقع ستة أعضاء عن كل مجلسٍ، للتَّوافُق بأغلبيَّة الثُّلُثين من أعضاء كُلِّ مجلسٍ؛ وذلك لإعداد مشرُوعات قوانين الاستفتاء والانتخابات، وفي حال عدم التوافُق على النِّقاط الخِلاَفِيَّةِ، تَضَعُ اللجنةُ آليَّة اتِّخاذ القرار بِشَأْنِهَا، وتكُونُ قـرارتُها نهائيَّةً ومُلـزمةً”[12].

وبناءً على هذه المادَّة، تمَّ تشكيلُ اللجنة منْ قبل المجلسين (النُّوَّاب والأعلى للدَّولة)، وعُقدت تلك اللجنةُ المُشتركة بتاريخ: (5 أبريل 2023)، اجتماعها الأوَّل بمقر المجلس الأعلى للدَّولة في طرابلس، وهُو الاجتماعُ “التَّحضيريُّ الأوَّلُ” للجنة، تمهيدًا لوضع القوانين والتَّشريعات للانتخابات المُزمع إجراؤُها قبل نهاية هذا العام وفقًا للتَّعديل الدُّسْتُوريِّ الثَّالِثَ عَشَرَ. وتمَّ خلال الاجتماع تبادُل وجهات النَّظر حول استراتيجيَّة عمل اللجنة، والآليَّات التي ستُتَّبعُ لأداء المهامِّ المُوكلة إليها، وتحديد الأُسس التي ستنطلقُ منْها[13].

د- مُبادرة عبد الله باتيلي المُمثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا: حيث تم تعيين السيد عبد الله باتيلي، من السنغال، اعتبارًا من 25 سبتمبر2022، ممثلًا خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وبعد عدد من المباحثات التي أجراها باتيلي مع الفرقاء الليبيين، وبعض دول الجوار، أطلق مبادرته حول الأزمة الليبية، والتي تقوم على أن معظم مُؤسَّسات الدَّولة فقدت شرعيَّتها مُنذُ أعوامٍ، وأنَّ مجلسي النواب والدولة فشلا في التوافُق على قاعدة دُستُوريَّةٍ للانتخابات. وأشار في مُبادرته إلى أنَّ: “تنفيذ الانتخابات الرِّئاسيَّة والتَّشريعيَّة يتطلَّبُ توافُقًا وطنيًّا واسعًا ينطوي على التَّأييد والمُشاركة الفاعلين لطيفٍ أوسع من الأطراف المعنيَّة، بما في ذلك المُؤسَّساتُ الوطنيَّةُ، والشَّخصيَّات السِّياسيَّة، والأطراف الأمنيَّة، وزُعماء القبائل وغيرهم من الفاعلين”. واقترح باتيلي إنشاء “لجنة توجيه رفيعة المُستوى في ليبيا”، وستعملُ الآليَّةُ المُقترحة على الجَمْعِ بين مُختلف الأطراف الليبيَّة المَعْنيَّة بمن فيهم مُمثلُو المُؤسَّسات السِّياسيَّة وأبرز الشَّخصيَّات السِّياسيَّة وزُعماء القبائل، ومُنظمات المُجتمع المدنيِّ، والأطراف الأمنيَّة الفاعلة، ومُمثلين عن النِّساء والشَّباب[14].

وغداة إعلان باتيلي عن تفاصيل مُبادرته لاحت بوادرُ «انقسامٍ ورفضٍ» لهذا الطَّرح، وخُصُوصًا بين المُؤيِّدين لمسار مجلسي النواب والأعلى للدولة الرَّامي للتَّوصُّل إلى الاستحقاق بعد مُوافقتهما على التَّعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري. وبدت بوادر الرفض للخطة الأممية ظاهرةً في تعليقات العديد من النواب وأعضاء مجلس الدولة، وخصوصًا بعد إشارته إلى إن “مدة انتخاب أعضاء مجلس النواب انتهت، وعليهم تقديم أنفسهم للشعب من جديد لانتخابهم”. وكانت رؤية باتيلي تهدف إلى وضع خريطة طريق واضحة للوصول إلى الانتخابات لإجراء الاقتراع في نهاية عام (2023)، كما أنها تعتمدُ على تهيئة المسارين الأمنيِّ والعسكريِّ، بما يضْمنُ سلامة الأجواء المُحيطة بالانتخابات. وبشأن اللجنة المعنيَّة بالانتخابات، طمأن باتيلي المُتخوِّفين منْ تشكيلها، وقال إنها: “ستكُونُ مُخوَّلةً بتنفيذ المُبادرة الأممية، ولا تحْملُ حلًا من الخارج، ولا تهدفُ إلى تجاوُز الأطراف السِّياسيَّة المحلِّيَّة”[15].

  • كـارثة درنـة: درنة هي مدينةٌ جبليَّةٌ تقعُ على ساحل البحر الأبيض المُتوسِّط في شمال شرق ليبيا، تتميَّزُ بموقعٍ مُهمٍّ وطبيعةٍ خلاَّبةٍ، يقْسمُها وادي درنة إلى قسمين تقريبًا، وتتميَّزُ درنة بغطاءٍ نباتيٍّ وفيرٍ تُغذِّيه مياهُ الينابيع، منها نبعُ عين البلاد وعين بو منصور، ممَّا يجعلُها وجهةً للسِّياحة الدَّاخليَّة.

وفي فجر يوم الاثنين11 سبتمبر2023، ضرب (الإعصار دانيال) بعض مُدُن الجبل الأخضر والسَّاحل الشرقيِّ الليبيِّ، وكانت الضربة الأشد في مدينة درنة، حيث تسببت كميات الأمطار الضخمة التي سقطت بغزارةٍ على المدينة في انهيار سدَّيْهَا (درنة، والمنصور)، اللذين يحتجزان خلفهما كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي زاد من كتلة المياه وحجم الفيضانات والسيول، حيث تدفقت مياه السَّدين إلى المدينة بكل قوة، فجرفت كل ما في طريقها من بيوت وسيارات وبنية تحتية..، فكان حجم الكارثة كبيرًا جدًا، فقد كان عدد الضحايا والمفقودين بالآلاف، إذ قالت منظمة (أطباء بلا حدود) في بيانٍ لها، “إن ما لا يقل عن 5000 شخص في ليبيا، لقوا حتفهم بسبب الفيضانات”[16]. في حين أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العربية الليبية أن: “عدد شهداء مدينة درنة حتى يوم 10 أكتوبر2023 بلغ 4278”. (وفق آخر بيان منشور بهذا الخصوص)[17]. في غضون ذلك، قال الناطق باسم المنظمة الدولية للهجرة في تصريحاتٍ صحفيَّةٍ: “إنَّ ثلاثين ألفًا على الأقـلِّ شُـرِّدُوا في مدينة درنة” جــراء الفيضانات[18].

على إثر تلك الفاجعة المُروِّعة، سيطر الغَضَبُ والتَّوتُّرُ على المشهد الليبيِّ، وبدا الارتباكُ واضحًا على أداء المُؤسَّسات الحُكُوميَّة (المُنقسمة) التي لم تكُنْ على استعدادٍ للتَّعامُل مع كارثةٍ بهذا الحجم، ورغم مظاهر التَّماسُك الوطنيِّ، ووُقُوف الليبيين -من كافَّة المُدُن والمناطق في الدَّولة- إلى جانب أهالي المُدُن المنكُوبة وتقديم المُساعدات العاجلة والمُساهمة في إنقاذ العالقين وانتشال الجثامين، في إطار حملة (فزعة خوت)[19]، كانت هُناك أيضًا بياناتٌ ونداءاتٌ كثيرةٌ تُطالبُ بالتَّحقيق في أسباب هذه الكارثة، ومُحاسبة المسؤُولين عنها، وتتَّجهُ باللوْمِ نحو الحُكُومات والبرلمان، وتُطالِبُ أيضًا بإعادة إعمار المدينة المنكُوبة، والإسراع في عمليَّة تعويض المُتضرِّرين، وتكليف شركاتٍ أجنبيَّةٍ بمشاريع إعادة الإعمار، والدَّعوة إلى أنْ يتولَّى النَّائبُ العامُّ في ليبيا التَّحقيق في هذه المأساة، ومُحاسبة كُـلِّ منْ يثبُتُ تورُّطُـهُ في هـذه الكـارثــة..

وكان البرلمان الليبي قد عقد يوم 14 سبتمبر 2023 جلسةً طارئةً في بنغازي بخصوص تلك الأحداث، خلصت لعدة نقاط منها: أن مجلس النواب صوّت بالإجماع على إقرار ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليار دينار ليبي لمعالجة آثار الفيضانات في المناطق المتضررة. -تشكيل لجنة برئاسة السيد رئيس مجلس النواب، وعضوية محافظ مصرف ليبيا المركزي، وعضوية مندوب عن القيادة العامة للقوات المسلحة تتولى فتح حساب في مصرف ليبيا المركزي تودع فيه المخصصات أو المعونات المحلية والدولية، والإشراف على صرفها للأغراض المخصصة لها. ذلك بالإضافة إلى تكليف اللجنة التشريعية بمجلس النواب لإعداد مشروع قانون إنشاء صندوق “إعمار ليبيا”، وتكليف جهاز الطب والطوارئ بإدارة الأزمة الطبية في المناطق المنكوبة تحت إشراف ومتابعة لجنة الصحة بمجلس النواب. أيضًا بجانب مطالبة النائب العام بالتحقيق في أسباب حصول هذه الكارثة، وتبيان ما إذا كان هناك قصور أو تقصير من أي جهةٍ كانت[20].

وبالفعل، بدأ النائب العام في أداء مهامه في درنة، يوم 15 سبتمبر 2023، فأخذ في معاينة الأضرار التي ترتبت على الفيضان الذي شهدته المدينة؛ والتقى وكلاءه المكلفين بإجراء تحقيق الكارثة؛ ووجه بإجراء بحث بغرض تحليل حادثة الفيضان؛ وتعيين المسؤولية المتولدة عنها.

والتقى النائب العام برئيس مجلس وزراء الحكومة، والنائب الأول لرئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية، ورئيس لجنة متابعة وزارة الداخلية، بحضور قادة الجهات الأمنية، والوحدات العسكرية، فتناول اللقاء جهود مواجهة تداعيات كارثة الفيضان، وما انتهت إليه النيابة العامة من تدابير في هذا الخصوص[21]. وفي 25 سبتمبر حركت سلطة التحقيق في مكتب النائب العام الدعوى الجنائية في مواجهة ستة عشر مسؤولًا عن إدارة مرفق السدود في البلاد. وبفراغ المحققين من إجراء الاستجواب؛ انتهوا إلى حبس ذوي الصِّفات المذكُورة احتياطيًّا؛ ومضوا في طلب ما يلزمُ التَّحقيق في مُواجهة بقيَّة المسْؤُولين عن حادثة فيضان درنة؛ وغيرهم ممن أساء إدارة مشرُوع إعادة إعمارها، أو حَصَّلَ منافع غير مشرُوعةٍ نتيجة هذه الإسـاءة[22].

ويرى الخُبراء أنَّهُ بصرف النَّظر عن العاصفة القويَّة نفسها، فإنَّ كارثة ليبيا تفاقمت إلى حدٍّ كبيرٍ بسبب مجمُوعة قاتلةٍ من العوامل، بما في ذلك: عُمْرُ الأبنية والبُنية التَّحتيَّة المُتهالكة، والبناءُ العشوائيُّ في مجرى السَّيْلِ، والتَّحذيراتُ غير الكافية، وعدم صيانة السُّدُود مُنذُ فترةٍ طويلةٍ، وتأثيراتُ أزمة المناخ المُتَسَـارِعَــةِ[23].

ثانيًا- جُهُـودُ الإغـاثة الإنسانيَّة في ظـلِّ الانقسام السِّياسيِّ: دراسة حالة الهلال الأحمر الليبي في كارثة درنة:

تأسَّست جمعيَّةُ الهلال الأحمر الليبيِّ رسميًّا في أكتوبر 1957، واعترفت بها اللجنة الدَّوليَّةُ للصَّليب الأحمر في سبتمبر 1958. وهي جمعيَّةٌ وطنيَّةٌ إنسانيَّةٌ تطوُّعيَّةٌ مُساندةٌ للسُّلطات المحلِّيَّة، تَعْمَلُ لتخفيف مُعاناة الفئات المُستضعفة، وحماية الكرامة الإنسانيَّة، وهي الهيئةُ الوحيدةُ التي تُمثِّلُ الحركة الدَّوليَّة للصَّليب الأحمر والهلال الأحمر في ليبيا طبقًا للقواعد المنصُوص عليها في الاتِّفاقيَّات الدَّوليَّة. ويقُومُ الهلالُ الأحمرُ الليبيُّ بتنفيذ أنشطته وبرامجه من خلال فُرُوعه المُنتشرة في جميع أنحاء الأراضي الليبيَّة، والبالغ عددُها: 38 فـرعًا لتلبية احتياجات المُجتمع المحلِّيِّ. وهو يعتمد على كوادر مُؤهَّلة من المُتطوِّعين البالغ عـددُهُم: 3000 متطوع نشط تقريبًا، ويُـوجــدُ مقــرُّ الأمـانة العــامَّة في مدينة بنغـازي[24].

* تحليل الوضع الحالي لجمعية الهلال الأحمر الليبي:

نقاط القوة نقاط الضعف
– انتشار الجمعية على رقعة جغرافية واسعة بواقع 38 فرعًا و5 مكاتب و14 شعبة تابعة للفروع، ليصل عدد الأماكن التي تعمل فيها الجمعية إلى 57 منطقة، معتمدة على حوالي 3000 متطوع تقريبًا لتنفيذ الأنشطة الإنسانية والوصول إلى الفئات الأشد ضعفًا في مختلف الأراضي الليبية.

– بالرغم من الانقسامات السياسية، حافظت الجمعية الوطنية على وحدتها متمثلة بإدارة واحدة مقرها مدينة بنغازي.

– التزام الجمعية بمبادئ الحركة الدولية، ومنها الحياد وعدم التحيز، مما ساهم في زيادة قبول الجمعية على الأرض ومكّنها من الوصول وتقديم خدماتها للمتضررين في مختلف أماكن النزاع في ليبيا.

– الجمعية نشطة على المستوى الدولي، وهي عضو في مجلس إدارة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر.

– جزء كبير من الكادر الوظيفي في الإدارة العامة والفروع هم من فئة الشباب، ومن خلفية تطوعية.

– التشبيك الجيد مع السلطات المحلية، مع تنوع في شراكات الجمعية الوطنية.

– عدم توفر المعلومات الكاملة عن إمكانيات الجمعية لدى الشركاء من خارج الحركة لا يجعل الجمعية هي الخيار الأول في الشراكات الإنسانية في ليبيا.

– عدم وجود قانون داخل الدولة وتشريعاتها لحماية الشارة.

– تفاوت في القدرات والإمكانيات بين الفروع، مما قد يؤثر على كفاءة تنفيذ الأنشطة والبرامج الداخلية.

– عدم وجود قاعدة بيانات لمتطوعي الجمعية، مع الاحتياج لتفعيل سياسة استقطاب وتنمية المتطوعين بالجمعية.

– قصور في البنى التحتية، وعدم توافر جميع المعدات اللازمة لتنفيذ أنشطة الجمعية، والحاجة إلى رفع إمكانيات المخازن الاستراتيجية وزيادة عددها.

– اعتماد الجمعية على مصادر محدودة.

– ضعف في الهوية البصرية والظهور لكافة ممتلكات الجمعية، ونقص في التجهيزات الخاصة بالمتطوعين مثل الزي بما يراعي الاختلافات الجغرافية والمناخية لتعزيز الحماية.

– غياب بعض الإجراءات القياسية والسياسات.

– اهتمام الجمعية بالاستجابة الميدانية على حساب ملف تنمية وتطوير الجمعية.

*المصدر: استراتيجية الهلال الأحمر الليبي: (2019-2025)، ص ص15-16، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/TUL1O

1- استراتيجيَّة الهلال الأحـمر الليبيِّ خلال “كـارثة درنة”:

كان من أبرز التَّحدِّيات التي واجهتها جمعيَّةُ الهلال الأحمر الليبيِّ خلال السَّنوات القليلة الماضية، خُصُوصًا فيما يتعلَّقُ بالمُحافظة على هـويَّة ووحدة الجمعيَّة، الانقسامُ السِّياسيُّ في ليبيا. ومن الجدير بالذِّكْر أنَّ الجمعيَّة تمكَّنت من الحفاظ على وحدتها بالرُّغم من ذلك الانقسام النَّاجم عن الصِّراعات السِّياسيَّة والظُّرُوف الحاليَّة التي تمُرُّ بها البلادُ، حيثُ تطلَّبت هذه الظُّرُوفُ من الجمعيَّة مُراجعة وتعديل البرامج التي كانت تُنفِّذُها قبل الأزمة، مثل: برامج التَّوعية بالإسعافات الأوليَّة وبرامج السَّلامة على الطُّرُقات وبرامج النَّظافة الصِّحِّيَّة للأطفال، والعمل على استحداث برامج إضافيَّة لمُواءمة الاحتياجات الإنسانيَّة النَّاجمة عن النِّزاعات المُسلَّحة، وتلك المُترتِّبة على آثار الهجرة والكوارث الطَّبيعيَّة المُرتبطة بالتَّغيير المُناخيِّ.

وفيما يتعلق بموضوع التمويل والقدرات المالية، فقد تأثرت أغلب ممتلكات الجمعية واستثماراتها المتمثلة في 6 مستشفيات و29 مركزًا صحيًا بالنزاعات المسلحة التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية، من إضرار للمباني والمعدات والأجهزة الطبية. هذا بالإضافة إلى حصول نقص حاد في الموارد المالية نتيجة توقف الإعانات المقدمة لها من الدولة الليبية منذ سنة 2011 وحتى الآن. وتقوم الجمعية الوطنية حاليًا بتغطية جزء من التكاليف التشغيلية من بعض مواردها الخاصة المحدودة، ومن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالإضافة إلى الدَّعم المُقــدَّم من باقي مُكوِّنات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (مثل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر..)، بعد تأثُّر مصدر الدَّخل الرَّئيسيِّ المُتمثِّل في المُستشفيات والمراكز الصِّحِّيَّة بدرجةٍ كبيرةٍ[25].

وفي كارثة بحجم كارثة درنة ومدن الشرق الليبي، بسبب الفيضانات والسيول الناجمة عن إعصار دانيال، وفي ظل وجود حكومتين إحداهما في غرب البلاد، والأخرى في شرقها، يصبح عمل منظمة إنسانية كالهلال الأحمر الليبي وتنسيق جهودها الإغاثية أمرًا بالغ الصعوبة والتعقيد.

2- الأهـدافُ الاستراتيجيَّةُ لجمعية الهلال الأحمر الليبي:

إنَّ الأهداف الاستراتيجيَّة تأتي لتحقيق مُهمَّة الهلال الأحمر الليبيِّ في ظلِّ رُؤية الجمعيَّة في أنْ تكُون رائدةً في تقديم الخدمات الإنسانيَّة للمُجتمعات المحلِّيَّة والفئات الأشدِّ ضعفًا، وتأتي هذه الأهدافُ لتمكين الجمعيَّة منْ تقديم الخدمات وتنفيذ البرامج الصِّحِّيَّة والاستجابة إلى الاحتياجات الإنسـانيَّـة باستخـدام آليَّاتٍ فعَّـالةٍ ومُتطـوِّرةٍ ومُستـدامةٍ؛ للحــدِّ مـن مـواطـن الضَّعف وتعزيز القُـدرات الذَّاتيَّة.

واستجابةً للاحتياجات الميدانية، تم تحديد خمسة أهداف استراتيجية تسعى الجمعية لتحقيقها مع نهاية عام 2025، وهي كما يلي:

-جمعية وطنية قوية قادرة على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للفئات الأشد ضعفًا في المجتمعات المحلية.

– تعزيز دور الهلال الأحمر الليبي كشريك أساسي للسلطات المحلية في تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية والطارئة بشكلٍ فعال، وباستخدام أساليب حديثة ومتطورة.

– تقليل آثار المخاطر من خلال تعزيز قدرات الاستجابة العملياتية والمؤسسية التي تمكّن الهلال الأحمر الليبي من التعامل مع الأزمات والكوارث، وذلك عبر تقديم أنشطة التأهب، والوقاية، والحماية، والاستجابة، والتعافي.

– نشر روح العمل التطوعي، والقيم الإنسانية، والتثقيف باتجاه تغيير السلوك للمساهمة في بناء منظومة تطوعية قوية ومستدامة لدعم البرامج والمشاريع.

– حشد الموارد وبناء شراكات مستدامة، من خلال استدامة قدرات الجمعية في تقديم الخدمات الإنسانية للفئات الأكثر ضعفًا، وتنويع مصادر الدخل المتاحة، وتعزيز مبدأ الاستقلالية في صنع القرار[26].

3– التعامل مع كارثة درنة:

ومن خلال مُتابعة ورصد الدَّور التَّطوُّعيِّ والإنسانيِّ المُهمِّ الذي قامت به الجمعيَّةُ خلال كارثة فيضانات درنة والمُدُن المُجاورة لها، يُمْكنُ معرفةُ كيفيَّة تعاطي الجمعيَّة مع هذه الكارثة، والاستراتيجيَّة التي عملت من خلالها، وذلك وفـقـًا لـما يـلي[27]:

– عقد مُتطوِّعُو الهلال الأحمر الليبيِّ فرع درنة يوم 10 سبتمبر2023 اجتماعًا لتقسيم المهامِّ على رُؤساء الفرق المُكلَّفة بتسيير مُجريات الأحداث خلال فترة الأزمة، والاستعداد لأيِّ طــارئ.

– مع بداية الفيضانات والسيول في بعض مدن الجبل الأخضر بسبب غزارة الأمطار، بدأت فرق الطوارئ التابعة للهلال الأحمر الليبي منذ الساعات الأولى من صباح يوم 11 سبتمبر في إخلاء بعض المنازل المتضررة بسبب الفيضانات، وتنظيف مجاري مياه الأمطار، وتقديم الدعم والإغاثة اللازمة للسكان. كما نشرت الجمعية عبر صفحتها الرسمية على (فيس بوك) أرقام فرق الطوارئ التابعة لها لتلقي البلاغات العاجلة من المدن والمناطق المتضررة.

– تزايدت خُطُورةُ الفيضانات والسُّيُول في مدينة درنة يوم 11 سبتمبر، وكان رجالُ جمعيَّة الهلال الأحمر الليبيِّ في الميدان، يُقـدِّمُون الاستجابة في كافَّة مناطق المدينة، بما يتلاءمُ مع الإمكانيَّات المُتوفِّـرة لديهم، حيث كانوا يساهمون في إخلاء العالقين وتقديم الإسعافات الأولية، والبحث عن المفقودين وتخفيف المُعاناة النَّاجمة عن السُّيُول التي تشهدُها المُـدُنُ المُتضرِّرةُ، رغم تصاعُــد الأزمة وحــدَّتها وصُعُـوبَتِهَـــا..

– أكد الهلال الأحمر مساء يوم 11 سبتمبر وفاة أكثر من 300 شخصًا جراء السيول التي ضربت مدينة درنة، ونشر صورًا لجثث الضحايا قبل دفنها. وأكد أنه “مشهد مؤلم ومحزن لا يمكن تصوره بالكلمات”. كما أعلن الهلال عن وفاة بعض أفراده شهداء العمل الإنساني، أثناء استجابتهم في ميدان العمل بمدينة درنة.

– في يوم 12 سبتمبر، وتحت شعار (نداء وطن واحد)، توجَّه الهلالُ الأحمرُ الليبيُّ بنداء استغاثةٍ مُلحٍّ للمُساعدة في تخفيف المُعاناة التي يُعاني منها المُتضرِّرُون من السُّيُول والفيضانات في شرق البلاد، كما نشر مقطع فيديو بهذا الخصوص، وذكر فيه أرقام الحسابات المصرفية الخاصة بالجمعية لتلقي التبرعات من كل مكان للمتضررين في المدن الشرقية المنكوبة. يهدف النداء إلى تقديم الإمدادات الأساسية للأشخاص الذين فقدوا منازلهم وتعرضوا للأضرار من الإعصار (دانيال)، بما في ذلك الطعامُ والماءُ والمأوى والرِّعاية الصِّحِّيَّة وتقديم الدَّعـم النَّفسيِّ والاجتماعيِّ للأشخــاص المُتضرِّرين.

– من أبرز التَّحدِّيات التي واجهها مُتطوِّعُو الهلال الأحمر استخراجُ مئات الجُثث في مدينة درنة، سـواءٌ من تحت الأنقاض أو من البحر..، وإنقاذُ العالقين الأحياء في ذات الأماكن، وقد تمَّ بثُّ العـديد من مقاطع الفيديو المؤثرة التي تُظْهِـرُ ذلك.

– بعد أنْ قسَّمت السُّيُول والفيضانات درنة إلى جُزْئين، أصبح من الصَّعْبِ الوُصُول إلى شرق درنة بسُهُولةٍ. هذا الوضعُ أدَّى إلى نقصٍ في إمدادات الغذاء والدَّواء ومياه الشُّرب. لذا، قرَّرت فرقُ الهلال الأحمر في 15 سبتمبر التواجُد على السَّاحل الشَّرقيِّ لدرنة، وفتح طُرُق لتقديم المُساعدات الغذائيَّة وغير الغذائيَّة.

– استلامُ المُساعدات منْ كُلِّ مكانٍ في المخازن الاستراتيجيَّة للهلال الأحمر الليبيِّ في بنغازي، ثم إعادة توزيعها على المُدُن والمناطق المُتضرِّرة في شرق البلاد. حيثُ أعلنت المُنظَّمةُ عن استلام مُساعداتٍ عاجلةٍ منْ عدَّة دولٍ عربيَّةٍ، منها: مُساعداتٌ من مُؤسَّسة سلمان للإغاثة من المملكة العربيَّة السُّعُوديَّة (16/9)، مُساعداتٌ من الهلال الأحمر الإماراتيِّ (18/9) و(24/9)، مُساعداتٌ من دولة الكويت (19/9)، مُساعداتٌ من جُمهُوريَّة مصر العربيَّة (12/9)، وغيرها من المُساعدات التي قُدِّمت من كثيرٍ من الدُّول الصَّديقة والشَّقيقة.. وخُصُوصًا في الأيام الأولى للكارثة، ولا يتَّسعُ المَقَامُ لذِكْرِهَا جَمِيعًا.

– توافُدُ قوافل فُرُوع الهلال الأحمر من المُدُن الليبيَّة الأُخرى تحملُ المُساعدات المُختلفة والمُتطوِّعين.

– التركيزُ على جانب التَّوعية الصِّحِّيَّة للسُّكَّان في المناطق المُتضرِّرة، وتنبيههم بضرُورة أخذ الحيطة والحذر من المخاطر المختلفة المُحيطة بهم، وتوعية أنفُسهم وذويهم، واتباع الإرشادات الضَّرُوريَّة لضمان سلامتهم.

– يوم 20 سبتمبر نشر الهلال الأحمر الليبي على صفحته الرسمية على (فيس بوك) ما يلي: “نحنُ نبذلُ قُصارى جُهدنا منذ الساعات الأولى في جميع المناطق المُتضرِّرة جرَّاء إعصار دانيال الذي ضرب الشَّرق الليبيَّ. حيثُ يعملُ فريقُنا المُؤلَّفُ من 400 مُتطوِّع مُدرَّبين على الاستجابة في حالات الطوارئ في شتَّى المجالات؛ وذلك بهدف تخفيف المُعاناة وتوفير الحدِّ الأدْنى للعيش الكريم لمن تضرَّرُوا من هذه الكارثة. وهذا لا يعني أبدًا أنَّنا لسنا على جاهزيَّةٍ كاملةٍ لزيادة عدد المُتطوِّعين في مُختلف الميادين إذا ما استدعت الحاجةُ لذلك”. وجاء عمل فرق الجمعية على هذا النحو:

فريقُ الدَّعم النَّفسيِّ الاجتماعيِّ: حيثُ قام بدورٍ مُهمٍّ طوال فترة الكارثة وما بعدها، إذ عمل على تقديم الدَّعْم النَّفسيِّ لأفراد الأُسر النَّاجين والذين فقدُوا ذويهم في الفيضانات والسُّيُول، كما نظَّم نشاطاتٍ ترفيهيَّةٍ لأطفال النَّازحين بمراكز الإيواء، منها: ما كان بالتَّعاوُنِ مَعَ ‎(يونيسف) ليبيا ومُنظَّمة ‎”صُنَّاع الحياة”، تضمَّن النَّشاطُ إقامة ألعابٍ ومرسم فُنُونٍ تشكيليَّةٍ، وذلك منْ أجل تعزيز الصِّحَّة النَّفسيَّة والتَّواصُل الاجتماعيِّ للأطفال في ظُـرُوف الكَـوَارِثِ.

فرقُ الدَّعم والطَّوارئ: وهي فرقٌ تابعةٌ للهلال الأحمر، تتواجدُ في الأماكن التي تضرَّرت من جرَّاء إعصار دانيال، ومُهمَّتُها تقديمُ الدَّعم العاجل والفوريِّ، وتلقِّي البلاغات، وتقديم كافَّة المُساعدات اللازمة..

منصَّةُ ضحايا الإعصار المُوحَّدة بالتَّعاوُن مع هيئة الاتِّصالات والمعلوماتيَّة: حيث خُصصت لتسجيل بيانات المفقودين جراء إعصار دانيال في درنة، وذلك من قبل فريق الهلال الأحمر في المدينة، سعيًا منهُم لتوفير وسيلةٍ مركزيَّةٍ لتوثيق وتسجيل المعلُومات المُتعلِّقة بالأشخاص المفقُودين، ولجمع البيانات من جميع أصحاب المُبادرات ذات الاهتمام للوُصُـول إلى جميع المعلُومات.

دورُ قسم الإعلام والتَّواصُل بالجمعيَّة: يُعْتبرُ هذا القسم من ضمن الأقسام المُهمَّة في الجمعيَّة، حيثُ يقُومُ بتقديم الخدمات المُساندة الأساسيَّة في المجال الإعلاميِّ لضمان تنفيذ البرامج والعمليَّات تحقيقًا لرُؤية الجمعـيَّة، ودورُهـا كَجِهَةٍ مُسـانـدةٍ للسُّلطَـاتِ المَحَلِّيَّةِ، ويُشْـرِفُ عـليه كـوادرُ مُؤهَّـلةٌ من المُوظَّفين.

ولُوحظ خلال فترة الأيام الأولى للكارثة أنَّ بعض وسائل الإعلام المرئيَّة أو المسمُوعة أو المقرُوءة تنْقلُ أخبارًا مغلُوطةً عن عدد ضحايا الكارثة وتنسبها للهلال الأحمر الليبي، وهُنا كان دورُ هذا الأخير تفنيدُ هذه المعلُومات، ونشر الأخبار المُؤكَّدة منْ قِبَلِهِ، فمثلا عقَّب المُتحدِّثُ باسم الهلال الأحمر الليبيِّ توفيق الشكري على بعض تلك المعلومات بقوله: “نحنُ للأمانة نستغربُ الزَّجَّ باسم الهلال الأحمر في مثل هذه الإحصاءات ونحْنُ لمْ نُصرِّح بهذه الأرقام”. مُعْتبرًا أنَّها “تُرْبكُ الوضع، وخاصَّةً بالنِّسْبَةِ لذوي المفقُودين”[28].

وفي تصريحاتٍ أخرى قال الشكري: “نحتاجُ للمُعدَّات التي تُساعـدُ فرق الإنقاذ سواءٌ المحلِّيَّة أو الدَّوليَّة في البحث عن الضَّحايا تحت الأنقاض، بالإضافة إلى الاحتياجات الطبِّيَّة المُلحَّة، ودورُنا كمُنظَّمةٍ إنسانيَّةٍ مُساندةٍ للسُّلطات المحلِّيَّة تتمثلُ في الإغاثة الغذائيَّة وغير الغذائيَّة، وانتشال الجُثث بمُساندة السُّلطات، بالإضافة إلى فتح مراكز خاصَّةٍ لتسجيل المفقُودين، وإنشاء ملفَّاتٍ لهُم”. وأضاف أنَّ “مُنظَّمة (اليونيسيف) صرَّحت بالأمس أنَّ هُناك ثلاثمائة طفلٍ مُتضرِّرٍ تقريبًا في هذه المنطقة، يحتاجُون إلى الرِّعاية، سواءٌ الاهتمامُ بالعودة إلى الدِّراسة، أو برامج الدَّعم النَّفسيِّ المُهمَّة لهؤلاء الأطفال”[29].

خــاتـمـة:

إنَّ موضُوع إدارة الكوارث يُعْتبرُ من ضمن الموضُوعات المُهمَّة والحيويَّة التي تتطلَّبُ مزيدًا من الاهتمام والدَّعـم الحُكُوميِّ في عالمنا العـربيِّ؛ لما لها من أهمِّيَّةٍ قُصوى في إنقاذ المُجتمعات وحمــاية الأرواح، وإبقـاء كُلِّ الجُهُود مُستنفرةً بشكـلٍ دائمٍ لأيِّ طــوارئ يُمكنُ أنْ تحــدُث مُستقبلًا..

ومن خلال ما تقدم يمكن القول إن كارثة طبيعية بحجم تلك التي أصابت مدينة درنة الليبية وما جاورها من مدن ومناطق الجبل الأخضر على الساحل الشرقي، بسبب الإعصار (دانيال)، وفي ظل ظروف الانقسام والتشظي التي تشهدها البلاد حاليًا، لم يكن من السهل أبدًا التعامل معها بالشكل الملائم، بل كانت الحاجة ملحة لتلقي الدعم والمساندة الفنية واللوجستية والبشرية (محليًا وإقليميًا ودوليًا)؛ وذلك بسبب ضخامة وطبيعة الكارثة وحجم الخسائر البشرية، التي لم تتعرض البلاد لمثلها من قبــل.

وعبر العرض السابق تم توضيح استراتيجية منظمة أهلية وطنية في التعامل مع هذه الكارثة، وهي جمعية الهلال الأحمر الليبي، التي كان لها دور مهم خلال فترة الأزمة.

وبرصد أدبيات المنظمة، ومتابعة منشوراتها الرسمية على مواقعها وصفحاتها الإلكترونية، وكذلك رصد نشاطها على أرض الواقع، تبين بشكلٍ واضح أنها قد بذلت قصارى جهدها -رغم قلة الإمكانيات- لتقديم المساعدة والدعم لمساندة السلطات المحلية في كارثة درنة، والمدن المجاورة، وتمثل الدعم بإيجاز في: تقديم المساعدات (الغذائية والطبية) للسكان المتضررين، وإنقاذ العالقين، وانتشال جثث الضحايا، وكذلك تقديم الدعم النفسي للأفراد الناجين من هذه الكارثة.

وقد شكل الانقسام السياسي تحديًا كبيرًا بالنسبة لعمل جمعية الهلال الأحمر الليبي، ليس فقط أثناء فترة الإعصار دانيال ونتائجه بل حتى قبل ذلك وبعده أيضًا؛ باعتبار أن هذا الانقسام ترتب عليه صراعًا شرسًا على الموارد، وإرباكًا للمشهد السياسي والإداري في الدولة، دفع ثمنه المواطن العادي، الذي تعطلت بعض مصالحه، وأصبح يُعاني سوء الخدمات الصحية وانقطاع الكهرباء وتأخر المرتبات ونقص السيولة النقدية وغيرها، حيث يوجد تضارب في القرارات أحيانًا بين الحكومتين، وانقسام واضح في بعض المؤسسات. وقد طالبت العديد من الوزارات في حكومة حماد بعدم التعامل مع الحكومة منتهية الولاية في طرابلس، في حين أن هذه الأخيرة هي التي تقوم بالإنفاق، وصرف المرتبات، في ظل عدم إصدار قانون للموازنة العامة، وغياب للمساءلة والمحاسبة، وقد كشف تقرير ديوان المحاسبة الليبي الأخير لسنة 2022 تفاصيل حول حجم الفساد المالي في الدولة، وإهدار المال العام.

لقد كان السياق السياسي المعقد والسياق الأمني الهش بمثابة بيئة محلية صعبة وضاغطة في إطار عمل جمعية الهلال الأحمر الليبي، ولقد كشفت كارثة درنة مزيدًا من ملامح تلك البيئة الصعبة، ففي ظل الارتباك الذي حصل، والانقسام وحجم الكارثة كان الهلال الأحمر الليبي يواجه صعوبات جمة، ويتطلع إلى التعاون والتكاتف من قبل كل المؤسسات المدنية والحكومية في مواجهة تلك الكارثة. وحقيقة الأمر أنه برغم كل التحديات والإخفاقات التي حصلت في مواجهة الدولة الليبية بكل مؤسساتها لتبعات الإعصار دانيال، فإنه يمكن القول ختامًا إن مثل هذه التجربة القاسية يمكن أن تقود في النهاية إلى وقفة مُحاسبة مع النفس، لمعرفة حجم الإمكانيات والقُدرات المُتاحة، والتفكير في كيفية الاستعداد لمُواجهة أزمات مُشابهة في المُستقبل.

________

هوامش

[1] انظر: نائل محمد المومني، إدارة الكوارث والأزمات، عمَّان: دار وائل للنشر والتوزيع، 2012م، ص4.

[2] للمزيد انظر: محمد نصر مهنا، إدارة الأزمات والكوارث، الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2008م، ص232. وكذلك: عباس رشدي العماري، إدارة الأزمات في عالم متغير، القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1993م، ص20.

[3] السيد صدقي عابدين، “إشكاليات التعامل الدولي مع الكوارث الطبيعية”، موقع: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بتاريخ: 25/فبراير/2023م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/WQOtw

[4] انظر: خليفة محمد التليسي، النفيس من كنوز القواميس: صفوة المتن اللغوي من تاج العروس ومراجعه الكبرى، الجزء الثالث، طرابلس/ تونس: الدار العربية للكتاب، 2007م، ص1670.

[5] محمد عبد الصاحب الكعبي، المسؤولية المدنية عن أضرار الكوارث الطبيعية: دراسة مقارنة، الإسكندرية: دار التعليم الجامعي، 2020م، ص175.

[6] غسان الكحلوت، العـمـل الإنسـاني: الواقـع والتحديـات، بيروت: المركز العربي للأبحـاث ودراسة السياسات، 2020م، ص144.

[7] للمزيد انظر: جـان هـيرف بـرادول، “مـقـدمة: تأثير النظام الدولي على النشاطات الإنسانية”، في: مجمُوعة باحثين، في ظـل حروب عـادلة: العنف والسياسة والعـمل الإنسـاني، أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2006م، ص ص14-18.

[8] لمزيد من التفصيل حول هذا المفهوم أنظر: ريم عبد المجيد، “الكوارث البيئية: المفاهيم والنظريات”، المجلة الدولية للدراسـات الإنسـانيـة، الرياض، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، العدد: 6، يناير 2022م، ص ص95-100. و: فادي حسن عقيلان، إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية والغير طبيعية، عمَّان: دار المعتز للنشر والتوزيع، 2015م، ص ص14-15.

[9] غسان الكحلوت، العـمـل الإنسـاني: الواقـع والتحديـات، مرجع سبق ذكره، ص26.

[10] انظر: محمود توفيق، “الأزمة الليبية بين الجغرافيا والسياسة”، مجلة السياسة الدولية، القاهرة: مؤسسة الأهرام، العدد: 230، المجلد: 57، أكتوبر 2022م، ص ص 116-117.

[11] “التعديل الدستوري الثالث عشر”، الجريدة الرسمية، مجلس النواب الليبي، بنغازي، العدد: الرابع، السنة: الأولى، 23/2/2023م، ص ص125-137.

[12] “التعديل الدستوري الثالث عشر”، الجريدة الرسمية، المـادة: (30)، الفقرة: (ب)، مرجع سبق ذكره، ص137.

[13] لجنة «6+6» تعقد اجتماعها الأول بمقر مجلس الدولة في طرابلس”، بوابة الوسط، بتاريخ: 5/أبريل/2023م، متاح عبر الرابط التالي: https://alwasat.ly/news/libya/394736

[14] “نص إحاطة باتيلي أمام مجلس الأمن: أغلب المؤسسات فقدت الشرعية.. ومبادرة لإجراء الانتخابات في 2023م”، القاهرة، بوابة الوسط، بتاريخ: 27 فبراير 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://alwasat.ly/news/libya/390476

[15] جمال جوهر، “انقسامات مبكرة في ليبيا حول مبادرة باتيلي للانتخابات: البعض اعتبرها: “كلامًا نظريًا يصعب تطبيقه”، جريدة الشرق الأوسط، 13/مارس/2023م، رقم العـدد: [16176]، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/1qlUI

[16] “شرح بالصورة.. كيف تسببت الفيضانات بكارثة مدينة درنة الليبية؟”، موقع: CNN) بالعربية، 15 سبتمبر2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/CqJNj

[17] “بيان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العربية الليبية”، منشور بتاريخ: 15/أكتوبر/2023م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/1vGC6

[18] “المنظمة الدولية للهجرة: 30 ألف مشرد على الأقل إثر كارثة السيول في درنة”، أصوات مغاربية، بتاريخ: 13/سبتمبر/2023م، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/2UFL2

[19] نقلت بعضُ وسائل الإعلام عن المبعُوث الأمميِّ إلى ليبيا قولهُ: “إنَّ الشَّعب الليبيَّ يضربُ أعظم الأمثلة في الوحدة والتعاطُف والصُّمُود في مُواجهة المأساة المُدمِّرة”. موقع: نبض، بتاريخ: 14/9/2023م:  http://nabdapp.com/t/125067799

[20] “تصريح المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب بشأن الجلسة الطارئة التي عُقدت اليوم الخميس”، موقع: مجلس النواب الليبي، بتـاريـــخ: 14 سبتمبر2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/4G1I9

[21] “مكتب النائب العام بدولة ليبيا”، الصفحة الرسمية على موقع الفيس بوك، بتاريخ: 17/9/2023، الرابط التالي: https://cutt.us/PVRAp

[22] المرجع السابق.

[23] انظر: “شرح بالصورة.. كيف تسببت الفيضانات بكارثة مدينة درنة الليبية؟”، CNN بالعربية، 15/9/2023م، سبق ذكره.

[24] انظر:

– قانون رقم 2 لسنة 2019م بشأن الهلال الأحمر الليبي، مجلس النواب، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/KPsLR

– كذلك: “الهلال الأحمر الليبي”، المركز العربي للاستعداد للكوارث، 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/iSLBD

وحول طبيعة العلاقة بين الهلال الأحمر والنظام السابق، انظر: أم العـز علي الفارسي، أنماط التفاعل بين الدولة والمنظمات غير الحكومية في ليبيا: دراسة حالة جمعية الهلال الأحمر الليبي (1957-1994)، رسالة ماجستير غير منشورة، بنغازي: جامعة قاريونس، كلية الاقتصاد، 1995م. وكذلك: محمد زاهي المغيربي، المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في ليبيا، القاهرة: مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، دار الأمين للنشر والتوزيع، 1995م، ص138.

[25] استراتيجية الهلال الأحمر الليبي: (2019-2025)، ص 10، ص14. متاح عبر الرابط التالي:https://cutt.us/TUL1O

[26] المـرجـع الســابـق نفـســـه، ص ص17-20.

[27] تم رصد ومتابعة دور الهلال الأحمر الليبي في كارثة مدينة درنة والمدن المجاورة لها من خلال الآتي:

– منشورات الموقع الرسمي للهلال الأحمر على شبكة المعلومات الدولية على الرابط التالي: https://lrc.org.ly/

– كذلك صفحته الرسمية على موقع (فيس بوك): https://www.facebook.com/libyan.red.crescent

[28] “مأساة درنة.. الهلال الأحمر الليبي ينفي حصيلة الـ11 ألف قتيل”، موقع: سكاي نيوز عربية- أبوظبي، بتاريخ: 17 سبتمبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/4YL6O

[29] “المتحدث الرسمي باسم الهلال الأحمر الليبي للجزيرة: البنية التحتية تضررت والاحتياجات ملحة”، قناة الجزيرة، بتاريخ: 17 سبتمبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/pg04X

 

  • نُشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات- العد الثاني والثلاثون- يناير 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى