مسلمو أمريكا في تدافعات السياسة الداخلية الأمريكية: الانتخابات وقضية غزة

مقدمة:

تعد السياسة الداخلية الأمريكية أحد أهم الميادين التي ركزت عليها أنظار العالم في متابعتها للإبادة الجارية منذ عام في غزة؛ حيث كانت هذه الفترة حافلة بالمواجهات بين اللوبي الصهيوني الموالي لإسرائيل والأقلية المسلمة بالولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذه المواجهات لم تسفر عن إيقاف الإبادة، إلا أنها كشفت عن تطور واضح في قدرة هذه الأقلية على الحشد وإنشاء التحالفات وخوض المعارك السياسية بما يعكس درجة أعلى من الاندماج السياسي مقارنة بأداء هذه الجالية في مواجهة أزمات سابقة.

يحاول هذا المقال التدقيق في هذا الاستنتاج؛ حيث إن الطبيعة الفريدة لأزمة غزة كعملية إبادة ممتدة لفترة طويلة، ووقوف الضمير العالمي على المستوى الشعبي لصالح مطلب وقف الإبادة فوريًا، قد تكون هي التي تسببت في ظهور هذه الأقلية بمظهر أفضل مقارنة بالأزمات السابقة التي واجهتها. تقوم عملية التدقيق على استعارة آلية المؤرخ أرنولد توينبي حول التحدي والاستجابة، والتي سبق له تطبيقها على الحضارات في التاريخ ليحاول الوصول إلى أسباب صعود وسقوط الحضارات. حيث يتناول المقال عددا من الأزمات التي سبق أن واجهتها الأقلية المسلمة في أمريكا وكيفية استجابتها للتعامل معها، مقارنة بردة فعلها تجاه الإبادة في غزة. تركز عملية المقارنة على ثلاثة مؤشرات رئيسية، وهي ردة فعل الناخبين من الأقلية المسلمة بالمؤسسات الأمريكية الفيدرالية، وقدرة الأقلية على الحشد وبناء التحالفات السياسية مع الجماعات الأخرى، وأخيرًا القدرة على التأثير على قرارات الإدارة.

ينقسم المقال إلى أربعة أجزاء رئيسية وهي: التعريف بالتركيبة العرقية والانتشار الجغرافي للأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، وتاريخ التحديات التي واجهت الأقلية خلال العقدين الأخيرين[1]، وتفاعل الأقلية مع الإبادة في غزة، وأخيرًا الخاتمة.

أولًا- تركيبة الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة

يبلغ تعداد الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة حوالي أربعة ملايين ونصف نسمة، بما يساوي 1.3٪ من إجمالى عدد السكان[2]؛ أي أنها أقلية صغيرة التعداد مما يحدُّ من قدرتها على التأثير في مجمل الانتخابات الفيدرالية الرئاسية اعتمادًا على كتلتها العددية. يُضاف إلى ذلك أنها أقلية لا تتركز في إقليم جغرافي واحد، ولكنها تعيش في كافة الولايات الأمريكية الخمسين بتركيزات مختلفة، أكثر هذه التركيزات في ولايتي نيويورك (725 ألف نسمة) وكاليفورنيا (505 ألف نسمة)[3]، وهذه الأعداد تعد قليلة مقارنة بإجمالي عدد سكان هذه الولايات؛ فالمسلمون يمثلون 3.6٪ من سكان ولاية نيويورك، و1.6٪ من سكان كاليفورنيا، وأعلى نسبة للمسلمين من سكان أي ولاية أمريكية هي 3.7٪ في ولاية إلينواي[4]. كذلك فإن هذه الأقلية لا تشمل عرقية واحدة، مثل أن تكون أقلية مسلمة عربية، بل تشمل العديد من العرقيات بنسب مختلفة. يمثل الأمريكيون من أصول أفريقية ربع الأقلية المسلمة، ومن أصول قوقازية 24٪، ثم يأتي الأمريكيون العرب 18٪ بالتساوي مع الأمريكيين من أصول آسيوية، وأخيرًا يمثل الأمريكيون من أصول لاتينية 5٪[5].

هذه الصفات الثلاث للأقلية المسلمة في الولايات المتحدة من القلة العددية، وعدم التركز الجغرافي، وشمول العديد من الأعراق؛ حمَّلها بالعديد من القيود والأعباء على حركتها وقدرتها على التأثير؛ حيث لا تمثل كتلة عددية انتخابية قوية. وعزَّز من ذلك طبيعة النظام الانتخابي الفيدرالي الأمريكي للمؤسستين التنفيذية (الرئاسة) والتشريعية (الكونجرس) الذي يقوم على الأغلبية؛ أي أن المرشحين الفائزين بأغلبية الأصوات يحصلون على كافة المقاعد المتنافس عليها، والخاسرين لا يحصلون على أي تمثيل، مما لا يتيح تمثيل الأقليات بشكل جيد ويتجاهل العديد من الأصوات. وهذا على عكس نظام التمثيل النسبي الذي يتيح لكل الأصوات التصويت بما يعكس نسبتها من مجمل الأصوات[6]. كذلك فالتشتت الجغرافي والتعدد العرقي يضيف أجندات خاصة جغرافية وعرقية إلى أجندة الأقلية المسلمة، الأمر الذي يفرض تحديات حول التنسيق والتحالف بين مختلف العرقيات والجماعات تجاه القضايا المختلفة.

لكن كما تفرض هذه الصفات عددا من القيود، فإنها توفر عددا من الفرص؛ فبينما يحرم النظام الانتخابي الأمريكي الأقليات من تمثيل عادل، فإنه يوفر لبعضها القدرة على لعب دور الأقلية المرجحة لأحد الحزبين الكبيرين (الجمهوري والديمقراطي). ويعد اهتمام الحزب الديمقراطي بالأقلية المسلمة في ولاية ميتشجن أكبر دليل على ذلك، فرغم أن الولاية تأتي في المرتبة السادسة من حيث عدد المسلمين، ونسبة المسلمين لإجمالي سكان الولاية لا تتخطى 2.4٪[7]؛ إلا أنها أحد الولايات المتأرجحة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وليس لديها نمط تصويتي ثابت، فقد انتخبت المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” عام 2016 بينما صوتت بفارق ضئيل للمرشح الديمقراطي “جو بايدن” عام 2020[8]. كذلك فالتعدد العرقي والانتشار الجغرافي يوفر فرصة للأقلية المسلمة للتواصل بشكل أوسع مع أقليات عرقية أخرى وتوعيتها وبناء تحالفات معها على غرار ما حدث مع الأمريكيين من أصول أفريقية تجاه الإبادة في غزة؛ حيث كشف استبيان رأي هذا العام عن أن أكثر من ثلثي الأمريكيين من أصول أفريقية يرون ضرورة لعب الولايات المتحدة دور أكبر لوقف الحرب بشكل فوري، وما يقرب من 60٪ يرون ضرورة فرض مشروطية تتعلق باحترام القوانين الأمريكية على الأسلحة المصدرة إلى إسرائيل لضمان استخدامها بشكل شرعي للدفاع عن النفس[9].

ثانيًا- تاريخ الأقلية المسلمة في مواجهة التحديات السياسية    

تشكلت الهوية الجمعية لمسلمي الولايات المتحدة تاريخيًا تحت ضغط ظروف دفاعية في أغلبها، فتاريخهم يكشف أنهم لم يسعوا من البداية إلى أن يكونوا أقلية مؤثرة في السياسة الأمريكية تحت مظلة الهوية الدينية، كما أن أغلبهم انغمسوا في أطر أقليات تحمل أجندات عرقية ووطنية تتعلق بمصالحهم في أوطانهم الأصلية[10]. لكن هذه الأقلية بدأت في إدراك أهمية تفعيل هويتها الدينية الجامعة في الساحات الدينية عندما واجهت ضغوطًا وهجومًا من غالبية المجتمع الأمريكي أو بعض الأقليات الأخرى لأسباب مختلفة تتعلق بأحداث كبرى داخل وخارج الولايات المتحدة. تعد حرب أكتوبر1973 أحد أهم التحديات التاريخية التي واجهت الأقلية المسلمة؛ حيث أوقفت الدول العربية تصدير البترول إلى الدول الغربية الداعمة لإسرائيل مما تسبب في ارتفاع أسعار الطاقة وأثَّر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي دفع المجتمع نحو رؤية الأقلية المسلمة من منظور سلبي والربط بينها وبين الأثر السلبي على الاقتصاد الأمريكي[11].

كذلك فإن محطات أخرى، مثل أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران بعد الثورة الإسلامية ضد نظام الشاه، وتفجير السفارة الأمريكية في بيروت في الثمانينيات، ومركز التجارة العالمي 1993، رسخت صورة سلبية عن الهوية الدينية للأقلية المسلمة في نظر المجتمع الأمريكي[12]. توازى ذلك مع قدر من عزوف الأقلية المسلمة عن المشاركة السياسية لأسباب تتعلق بعدم ترحيب المناخ العام بها تحت تأثير دعاية اللوبي الصهيوني الموالي لإسرائيل، الذي كان حريصًا على حضور الدين كمكون رئيسي في الصراع العربي-الإسرائيلي، بالإضافة إلى عدم فهم العملية السياسية ذات الطبيعة المعقدة في الولايات المتحدة؛ الأمر الذي أثَّر على المشاركة السياسية للمسلمين في الولايات المتحدة لتصبح الأقلية المسلمة هي الأقل في المشاركة السياسية مقارنة بنظيراتها في الدول الأوروبية[13].

وتشير أماني جمال[14] إلى أن النظرة السلبية للهوية المسلمة بالمجتمع الأمريكي لا تنطبق بالضرورة على الأعراق المنتمية لهذه الدين، فالإحصائيات تشير إلى أن الأمريكيين من أصول عربية يواجهون ممارسات أقل تمييزًا عند الإشارة إلى هويتهم العربية مقارنة بهويتهم الدينية، فنظرة المجتمع الأمريكي أقل سلبية للعرب مقارنة بالمسلمين. العوامل السابقة دفعت مسلمي الولايات المتحدة إلى إيجاد كيانات وأطر جماعية تساعدهم على الحشد والتأثير السياسي في مواجهة الممارسات التمييزية بعد كل مناسبة بعيدًا عن الأطر العرقية، من هذه الأطر مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية CAIR، والتحالف الإسلامي-الأمريكي AMA، ومجلس الشئون العامة الإسلامية MPAC، والمجتمع الإسلامي-الأمريكي MAS، والمجتمع الإسلامي في أمريكا الشمالية ISNA[15].

واجهت الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة أكبر تحديين في تاريخها خلال العقدين الماضيين؛ حيث واجهت حملة كبيرة من التمييز والكراهية عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وكذلك بعد تولى الرئيس “دونالد ترامب” للسلطة عام 2016. فعلى الرغم من اختلاف الظرفين التاريخيين، فإن الجامع لهما هو قسوة التمييز الذي تعرضت له الأقلية المسلمة؛ فبعد الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر حمَّل المجتمع الأمريكي المسلمين داخل وخارج الولايات المتحدة مسئولية الهجمات. وقاد المجتمع عدة ممارسات تمييزية خاصة ضد المؤسسات الخيرية الإسلامية تحت شعار حماية الأمن القومي، وعزز هذه الممارسات أفعالُ وخطاباتُ مسئولي الإدارة الأمريكية بشأن الحرب على الإرهاب، بل والقوانين التي صدرت تحت هذه المظلة[16]، وكذلك المنصات الإعلامية من مختلف الاتجاهات التي شيطنت العالميْن العربي والإسلامي[17]. كانت ردة فعل الأقلية المسلمة متمثلة في اللجوء لعدة آليات لمواجهة هذه الممارسات؛ منها إدانة الإرهاب، والتوعية بالإسلام كدين وثقافة، والأهم من ذلك الانغماس في العمل السياسي على الصعيدين المحلي والفيدرالي للتصدي لأي مبادرات حكومية تستهدفهم، والمشاركة في العديد من الانتخابات والدفع بمرشحين[18].

على الجانب الآخر، تعد تجربة الأقلية المسلمة تحت حكم “دونالد ترامب” أقل قسوة من تجربة هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وهنا يجدر التذكير بأن أغلبية الأقلية المسلمة أقرب في مواقفها السياسية إلى الحزب الديمقراطي الأمريكي بنسبة تتخطى الستين بالمائة، إلا أن هناك نسبة تصل للخُمس تقريبا تميل إلى دعم الحزب الجمهوري لأسباب مختلفة، على رأسها موقفه الرافض لتقديم الدعم المادي والخدمي لإجهاض الأجنة وكذلك موقفه المناهض للمثليين جنسيًا، بينما تظل نسبة تصل إلى الخُمس لا تميل صراحة إلى أي من الحزبين[19]. وتشير المسوح الميدانية إلى أن حوالي 17٪ من الأقلية المسلمة صوتت لترامب في انتخابات 2016، وأنهم لعبوا دورًا مهمًا في حسم بعض الولايات المتأرجحة لصالحه على حساب المرشحة الديمقراطية “هيلاري كلينتون”، مثل ولاية ميتشجن التي صوَّت ما يقرب من 25٪ من مسلميها لصالح ترامب[20]؛ وذلك رغم تصريحاته المعادية للمسلمين خلال حملته الانتخابية وتعهده بتطبيق قانون لحظر دخول المسلمين إلى البلاد، وهو ما طبقه فعليًا عقب توليه الحكم بحظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى البلاد، وهي: العراق وإيران والصومال والسودان وليبيا وسوريا واليمن[21].

ولكن يظل الفارق الجوهري بين هذه التجربة وتجربة ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر أن الأقلية وجدت قدرًا كبيرًا من الدعم المجتمعي في مواجهة ترامب، سواء من الحزب الديمقراطي الذي كان ينظر إلى ترامب باعتباره دخيلا على السياسة الأمريكية ولا يمثل النخبة الحاكمة، وكذلك الأقليات الأخرى التي عانت من سياسات إدارة ترامب التمييزية وعلى رأسهم الأمريكيين من أصول أفريقية. ذلك التضامن لم يمنع بعض أعضاء الأقلية المسلمة من اللجوء للعزلة وتقليل الاحتكاك بالمجال العام[22]، ولكنه في ذات الوقت دفع آخرين لبناء التحالفات السياسية والاشتباك بجرأة مع الحياة السياسية مستغلين التعدد العرقي للأقلية في التواصل مع الأقليات العرقية الأخرى استنادًا إلى التقارب القائم بين المسلمين من أصول أفريقية وعربية وآسيوية خاصةً على صعيد إنشاء وإدارة المساجد[23].

التجربتان تركتا الأقلية المسلمة ممثلة بأربعة أعضاء بمجلس النواب الأمريكي (كيس أليسون، وأندري كارسون، وإلهان عمر، ورشيدة طالب)؛ فاز أليسون وكارسون بمقاعدهما في انتخابات تمت تحت حكم إدارة بوش الابن، وقد اعتزل الأول العمل السياسي على المستوى الفيدرالي في 2019، أما إلهان عمر ورشيدة طالب نجحتا في انتزاع مقاعدهما بعد انتخابات تنافسية قوية عام 2018 تحت حكم إدارة ترامب[24]، بينما لم ينجح “ممت أوز” في أن يكون أول مسلم في الفوز بعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2022[25]. ويؤشر عدم فوز أي مسلم من قبل بعضوية مجلس الشيوخ على ما سبق ذكره أعلاه عن عدم الترحيب العام بالهوية المسلمة في المجتمع الأمريكي. فبينما يحتاج مرشح مجلس النواب الفوز بأصوات دوائر انتخابية ذات مساحات جغرافية محدودة، يحتاج مرشح مجلس الشيوخ للفوز بأغلبية الأصوات في الولاية بأكملها؛ حيث يخصص لكل ولاية مقعدين فقط.

ومن ناحية الانتماء العرقي، فإن ثلاثة من أولئك الأعضاء  المسلمين من أصول أفريقية، وواحدة -رشيدة طالب- من أصل فلسطيني، وجميعهم ينتمون للحزب الديمقراطي، ونجحوا بتمثيل دوائر في ولايات وسط الغرب الأمريكي “ميتشجن وأنديانا ومينيسوتا”؛ حيث يتركز المسلمون (ميتشجن ومينيسوتا) والأقلية الصومالية (مينيسوتا) بأعداد كبيرة في دوائرهم الانتخابية. الأمر الذي يعكس أن الانتقال من مرحلة ردة الفعل إلى التأثير في العملية السياسية من جانب الأقلية المسلمة ليس مرتبطا فقط بانغماسهم في العملية السياسية ولكن أيضًا بطبيعة النظام الانتخابي والترحيب المجتمعي بهوياتهم التي تعطي الفرص للبعض وتحجبها عن آخرين.

ثالثًا- الأقلية المسلمة والإبادة في غزة 

على الرغم من توالي التحديات التي واجهتها الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، فإن الإبادة في غزة كانت ذات طابع خاص؛ حيث إنها استدعت التحرك للتأثير في سياسات الإدارة الأمريكية الديمقراطية برئاسة “جو بايدن” لتعديل سياساتها الخارجية بشأن دعمها المطلق لإسرائيل ووقف عملياتها العسكرية التي تخطت حدود الدفاع عن النفس في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر إلى الإبادة للمدنيين في غزة. ووصف الإبادة في هذا المقام إنما هو توصيف علمي وقانوني دقيق استدعى المحكمة الجنائية الدولية بمطالبة إسرائيل بمنع الإبادة بعد النظر في دعوى جنوب أفريقيا أمامها في 26 يناير 2024[26].

خصوصية الإبادة تنبع أيضًا من أن جهود الأقلية المسلمة للتأثير في سياسات الإدارة الأمريكية واجهت جهودا في الاتجاه المضاد من اللوبي الصهيوني شديد التنظيم والثراء وصاحب الخبرة الطويلة في التأثير على عمليتي صنع واتخاذ القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية في الولايات المتحدة[27]. إذن فالأقلية المسلمة واللوبي الصهيوني يتحركان للتأثير على إدارة ديمقراطية أسهم كلاهما في فوزها بالانتخابات الرئاسية عام 2020؛ حيث صوتت الغالبية العظمى من الأقليتين المسلمة واليهودية[28] لمرشح الحزب الديمقراطي[29]، مما يقلل هامش حركة ومناورة الإدارة للاستجابة لطلبات الداعمين من الطرفين. فطبيعة النظام السياسي الأمريكي التي لا تسمح إلا لحزبين كبيرين (الجمهوري والديمقراطي) بالتنافس على قيادة الحكومة[30]، فرضت طبيعة خاصة للأحزاب السياسية بها التي تعد أشبه بالتحالفات السياسية بين مجموعات ليست بالضرورة متوافقة على كافة مواقف الحزب. ورغم أن اللوبي الصهيوني يحاول موازنة تأثيره ودعمه للحزبين الجمهوريين والديمقراطي ليضمن المصالح الإسرائيلية أيًا كان الحزب الذي يقود الحكومة، إلا أن الأقلية اليهودية أكثر ميلا وارتباطًا بالحزب الديمقراطي المعروف بأنه حزب الأقليات، والذي ناضل داخله اليهود للحصول على حقوقهم في الولايات المتحدة تاريخيًا في مطلع القرن الماضي[31].

لم تفرض خصوصية الإبادة تحديات فقط، بل وفرت أيضًا فرصًا؛ حيث فرض الاستخدامُ الممنهجُ للقوة المفرطة من جانب دولة الاحتلال ضد المدنيين في غزة تعاطفًا عالميًا وصل إلى الجامعات والشارع الأمريكي، الأمر الذي وفر للأقلية المسلمة دعمًا ربما لم تحظَ به من قبل في مواجهة أي من تحدياتها السابقة، وكان قرار الأقلية هو تفعيل كل الأطر والآليات التي شُيِّدت خلال التحديات السابقة على المستوى القيادي مع الإدارة والحزب وضغوط مؤسسات مجتمع مدني وجمعيات طلابية وتنشيط التحالفات مع المجموعات العرقية والدينية الأخرى في المجتمع. ويمكن إجمال استجابة الأقلية المسلمة للإبادة في غزة على مستويين: الأول هو الاشتباك مع المؤسسات السياسية الأمريكية من البيت الأبيض إلى الحزب الديمقراطي مرورًا بالمؤسسة التشريعية (الكونجرس الأمريكي)، والمستوى الثاني هو الشارع والجامعات الأمريكية من خلال التظاهر والاعتصامات.

المستوى الأول: الاشتباك على المستوى القيادي للإدارة والحزب

في هذا المستوى حاولت الأقلية المسلمة ترتيب مقابلات عدة ومباشرة مع الرئيس الأمريكي ومسئولي البيت الأبيض خلال فترات مختلفة منذ بداية الإبادة، في محاولة للتأثير المبكر على موقف الإدارة الأمريكية من الإبادة في غزة؛ فتسارع الهجمات الإسرائيلية في غزة لم يكن يسمح بالانتظار إلى بدء الترتيبات الحزبية للانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2024 حتى تبدأ محاولات التأثير على الإدارة.

طلبت الأقلية المسلمة -ممثلة في وفد من قياداتها- لقاء الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض خلال أكتوبر 2023، على غرار استقباله لقيادات الأقلية اليهودية في 11 أكتوبر 2023 وتأكيده التزام الإدارة بدعم إسرائيل ومواجهة ما أسماه “معاداة السامية”[32]. ونجحوا في لقاء الرئيس الأمريكي خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر 2023، وكانت رسالتهم شديدة الوضوح بأن الجالية المسلمة كانت من أشد الداعمين له أثناء الانتخابات الرئاسية 2020، وأنه في حاجة لمراعاة مصالحها وأمنها، من خلال إظهار توازن بالموقف الأمريكي يحث إسرائيل على حماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع[33]، بالإضافة إلى تجنب المزيد من الهجمات الفردية ضد المسلمين في الولايات المتحدة خاصة ذوي الأصول العربية بعد طعن مواطن أمريكي لأم وطفلها بمدينة شيكاجو لأنهم من أصول فلسطينية في منتصف أكتوبر 2023[34].

جاءت استجابة الإدارة لهذه المطالب عاكسة لثقل كل من اللوبي الصهيوني والأقلية المسلمة لدى الإدارة والحزب، فبينما استمرت الإدارة في التزامها بما أسمته “أمن إسرائيل” من خلال إمدادها بالمساعدات العسكرية، عملت بالتوازي على تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة من خلال تعيين السفير “ديفيد ساترفيلد” كمبعوث أمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط[35]، بالإضافة لانغماسها في جهود الوساطة إلى جانب مصر وقطر للتوصل لوقف إطلاق نار. هذه السياسة تبدو متزنة أمام الأمريكيين، إلا أن التدقيق في التفاصيل والأرقام تكشف الانحياز الكامل من جانب الإدارة لصالح الحكومة الإسرائيلية، بل إن بعض إجراءاتها تناقضت مع الأخرى. فالإحصائيات تكشف أن الإدارة قدمت مساعدات عسكرية -منها أسلحة هجومية- لإسرائيل بقيمة 12.5 مليار دولار منذ السابع من أكتوبر 2023؛ أي أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لإسرائيل والمقدرة بـ3.9 مليار دولار[36]. بينما يبلغ إجمالي ما قدمته الولايات المتحدة كمساعدات إنسانية إلى غزة حتى الآن ما يقرب من 674 مليون دولار[37]. هذا بالإضافة إلى المواقف الرسمية التي اتخذتها الولايات المتحدة كوسيط، والتي انطلقت من دعمها للحكومة الإسرائيلية وتحميلها “حماس” أغلب الوقت مسئولية فشل التوصل لاتفاق[38].

لم تسعَ الأقلية المسلمة لعقد مزيد من اللقاءات مع الإدارة بسبب ما رأته من استجابة شكلية لمطالبها، ويكاد يكون المكسب الحقيقي الذي حصلت عليه الأقلية المسلمة هو إدانة الرئيس الأمريكي لحادثة مقتل الطفل من أصول فلسطينية في شيكاجو[39] على الرغم من عدم توقف استهداف المسلمين والعرب لاحقًا في الولايات المتحدة[40]. هذا بالإضافة إلى ما نشأ من توترات لاحقة بين البيت الأبيض ومنظمة CAIR على خلفية تصريحات مدير المنظمة التي عبَّر فيها عن سعادته بما فعله الفلسطينيون في السابع من أكتوبر[41].

تبدلت الأوضاع مع استمرار الإبادة والحراك في الشارع والجامعة وارتفاع عدد الضحايا وبداية الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي استعدادًا للانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2024؛ حيث بدأت حملة الرئيس بايدن في محاولة لقاء قيادات الأقلية المسلمة في ميتشجن تحديدًا، فرغم أن العدد الأكبر للمسلمين في الولايات المتحدة يتركز في ولاية نيويورك إلا أنه -كما سبق الإيضاح- ليس له وزن مؤثر في نتائج الانتخابات بسبب كبر حجم الولاية ونظام الانتخاب الذي يسمح بتمثيل الأغلبية، وبالتالى فإن الأقلية المسلمة في ميتشجن هي الأهم حيث تلعب دور المرجح في ولاية متأرجحة التصويت بين الحزبين، حيث انتخبت ترامب في 2016 وبايدن في 2020[42]. وفي الانتخابات الرئاسية يركز المرشحان على الولايات المتأرجحة التي تحسم فعليًا المنافسة، والتي كانت ست ولايات حتى انتخابات عام 2020 وهي: بنسلفانيا، وميتشجن، ويسكنسون، ونيفادا، وأريزونا، وجورجيا[43]، وأُضيفت ولاية كارولينا الشمالية حديثًا لهذه الولايات في ضوء تغير تركبيتها السكانية واحتمالية زيادة فرص الحزب الديمقراطي فيها خلال الانتخابات القادمة، بعد أن اعتادت التصويت لصالح الحزب الجمهوري[44]. وتظل الأقلية المسلمة في ميتشجن هي الأهم، فالانتخابات حُسِمت في عام 2020 بفارق 150 ألف صوت لصالح بايدن، وتملك ميتشجن ما يقرب من 15 صوتا داخل المجمع الانتخابي للرئيس الذي يبلغ مجموع أصواته 538 صوت[45].

رفضت الأقلية المسلمة لقاء مندوبي حملة بايدن ولقائه هو شخصيًا مرتين خلال الفترة ما بين يناير ومارس 2024[46]، وتوازى ذلك مع رفض الأغلبية من قادتها تلبية دعوة الرئيس لحضور الإفطار السنوي بشهر رمضان 2024[47]، الأمر الذي أبرز تنسيقًا واضحًا في مواقف قادة الأقلية ليس فقط حول رفض استئناف آلية الاجتماعات مع بايدن بل أيضًا بتأكيد أنه لا دعم انتخابي له إلا بالتوصل لوقف دائم للإبادة في غزة. هذا الموقف تغير بعد استبعاد الحزب الديمقراطي “بايدن” -الذي ينتمي إلى يمين الحزب الديمقراطي- واختيار مرشحة أخرى هي نائبته “كمالا هاريس” -المنتمية إلى وسط الحزب الديمقراطي والممثلة أكثر للأقليات والملونين بالحزب- وذلك بسبب افتقاره للياقة الذهنية المطلوبة للترشح[48]. فقررت الأقلية المسلمة تفعيل آلية اجتماع القيادات مع الإدارة والحزب مرة أخرى، وشجعها على ذلك تصريحات سابقة لهاريس عن الإبادة في غزة أولت فيها مسألة التوصل إلى وقف إطلاق دائم أولوية قصوى لديها منذ ديسمبر 2023، والدفع بحل الدولتين وإنهاء الصراع[49]، وكذلك قيامها بترتيب لقاء لأطباء أمريكيين سافروا إلى غزة مع بايدن في أبريل الماضي لشرح الوضع الإنساني في القطاع[50].

استطاعت هاريس انتزاع تأييد من أعلى مسئول مسلم عربي في ميتشجن وهو أسعد الطرفي- نائب الرئيس التنفيذي لمقاطعة واين- على هامش زيارتها الانتخابية إلى ولاية ميتشجن مطلع أغسطس[51]، الأمر الذي أحدث قدرا من الانقسام داخل الأقلية المسلمة حيث رأوا في ذلك تسرعًا قبل الحصول على أي مقابل ملموس في غزة. وأصبح المحك لرأب هذه الصدع هو مدى قبول الحزب الديمقراطي لتمثيل الأقلية المسلمة في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاجو نهاية أغسطس، وعلى الرغم من محاولة هاريس استمرار تبني موقف متوازن بين دعم إسرائيل ومراعاة شواغل الأقلية المسلمة في مداخلتها، إلا أن الحزب رفض قيام أي ممثل للأقلية المسلمة بإلقاء كلمة أو مداخلة عن غزة في المؤتمر[52]، الأمر الذي جمع صفوف الأقلية مؤقتًا حول موقف موحد وهو عدم الالتزام بالتصويت لهاريس دون وقف لإطلاق النار ووقف تدفق الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل، قبل أن يعلن “أمير غالب” حاكم مدينة “هامترامك” ذات الأغلبية المسلمة بولاية “ميتشجن” دعمه لترامب في سبتمبر 2024، وقد تضمن الإعلان تأكيد وجود اختلافات مع “ترامب” وأن الدعم جاء عقابًا للإدارة الديمقراطية[53].

في ذات السياق أعلنت منظمة EMGAGE -التي تعد أول منظمة سياسية تعمل على حشد المسلمين للتصويت، وكانت قد نشأت في 2006 للحشد للتصويت ضد الحزب الجمهوري بعد فترتي حكم “بوش الابن”- دعمها لهاريس في 25 سبتمبر، وأكد بيانها أن دعم “هاريس” جاء رغم الخلافات مع سياسات إدارة “بايدن” تجاه الإبادة، وذلك إدراكًا لخطر “ترامب” على الأقلية المسلمة[54]. تعكس هذه الانقسامات المزيد من الحاجة للتنسيق على مستوى القيادة للأقلية المسلمة حتى يتسنى لهم اتخاذ موقف موحد في اللحظات الحاسمة سياسيًا. فحاكم “هامترامك” وكذلك منظمة EMGAGE لا يمثلون كل الأقلية المسلمة، وإن كان “غالب” حاكم منتخب، ومنظمة EMGAGE استطاعت حشد ما يقرب من مليون مسلم في مختلف الولايات للتصويت في 2020 إلا أن هذه المعطيات تتجاهل حالة الانقسام في الرأي داخل الأقلية بعكس انتخابات 2020، وانخراط عدد كبير من سكان “هامترامك” وأعضاء منظمة EMGAGE في حركة “عدم الالتزام”.

وفي الكونجرس استطاع النواب الثلاثة المسلمون تكوين تحالف مع عدد من النواب من أصول إفريقية ولاتينية بالحزب الديمقراطي للدعوة لوقف الإبادة، وعلى الرغم من محدودية عدد النواب المنضمين للتحالف (عشرة من أصل 435) إلا أنهم استطاعوا أن يمثلوا صوتًا للأقلية المسلمة لأول مرة في تاريخ الكونجرس؛ حيث دأبت كلٌ من رشيدة طالب (النائبة من أصل فلسطيني) وإلهان عمر على إطلاع مجلس النواب على تدهور الوضع الإنساني في غزة منذ السابع من أكتوبر، وكذلك التصدي لكافة محاولات اللوبي الصهيوني إسكاتهم هم وزملائهم من خلال تنظيم عدد من جلسات الاستماع تحت عنوان معاداة السامية سواء بشكل عام أو في الجامعات الأمريكية لتصوير الدعوة إلى وقف الإبادة على أنها معاداة للسامية طبقًا لتعريفها الضيق المقتصر على إسرائيل[55].

ورغم توالي حوادث الاعتداء على المتظاهرين لوقف الإبادة وتعدد حوادث مقتل أمريكيين مسلمين من أصول عربية وفلسطينية، كانت هناك مقاومة قوية من العديد من أعضاء الكونجرس لإقامة أي جلسة استماع عن ظاهرة الإسلاموفوبيا، إلى أن أُقيمت جلسة استماع باللجنة القضائية في مجلس الشيوخ عن “جرائم الكراهية” في سبتمبر 2024[56].

لم يكن ما أحدثته هذه المجموعة من النواب الرافضة للإبادة من حراك لِيَمُر دون رد من اللوبي الصهيوني، الذي أعلن صراحة استهدافه السياسي لهم، ودعم منافسيهم في دوائرهم الانتخابية بالمال السياسي على مستوى الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي والانتخابات النهائية في نوفمبر لمنع فوزهم في الانتخابات التشريعية القادمة، وقد نجح اللوبي الصهيوني بالفعل في الإطاحة بكل من النائبيْن “جمال بومان” و”كوري بوش” في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديقراطي[57]، بينما فشل اللوبي الصهيوني في إقناع أي مرشح من أصول أفريقية أن يترشح لمنافسة “رشيدة طالب” في دائرتها الانتخابية بولاية ميتشجن ذات الأغلبية من أصول أفريقية[58]، الأمر الذي يُصعِّب إمكانية تحقيق أي فوز لمرشح جمهوري في دائرتها، وكذلك نجحت “إلهان عمر” في الفوز بالانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي ولكن وجد اللوبي الصهيوني ضالته في منافستها الجمهورية من أصول عراقية مسلمة “داليا العقيدي” الداعمة للحكومة الإسرائيلية منذ أحداث السابع من أكتوبر، ومن المنتظر أن يدعمها اللوبي في انتخابات نوفمبر 2024[59].

المستوى الثاني: الاشتباك في المجال العام

كان الاشتباك على هذا المستوى بالتوازي والتداخل مع المستوى القيادي، والفصل في هذه الورقة لغرض التحليل فقط. ويتمثل النجاح الأكبر على هذا المستوى في تشكيل وبلورة حركة “عدم الالتزام”، التي تعني عدم الالتزام بالتصويت لصالح مرشح الحزب الديمقراطي سواء كان بايدن أو هاريس في الانتخابات الرئاسية 2024. نشأت هذه الحركة بين المصوتين الذين يشكلون الكتلة الصلبة الداعمة للحزب الديمقراطي في عدد من الولايات خاصةً المتأرجحة، والذين أعلنوا خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية داخل الحزب الديمقراطي عدم التزامهم بالتصويت لصالح “بايدن” في حينه، وذلك بسبب موقف الإدارة من الإبادة في غزة وعدم اللياقة الذهنية للرئيس.

شكلت الأقلية المسلمة، بالإضافة للجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي (يسار الحزب الديمقراطي)، قلب هذه الحركة، وهو الأمر الذي أثار مخاوف قيادة الحزب الديمقراطي؛ حيث سبق أن لعب عزوفُ الجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي دورًا مهمًا في خسارة هيلاري كلينتون لانتخابات 2016 في ولاية بنسلفانيا على وجه الخصوص. ونجحت حركة عدم الالتزام في جذب عدد كبير من الأصوات في ولايات ميتشجن وويسكنسون ومينيسوتا[60]، ولكن جاء استبدال هاريس ببايدن نهاية يوليو ليخاطب شواغل غير الملتزمين بسبب اللياقة الذهنية لبايدن، وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات واضحة تمكننا من رؤية تأثير ذلك الاستبدال على حجم حركة عدم الالتزام، إلا أن مؤشرات تأييد المرشحيْن الرئاسييْن أظهرت زيادة التأييد لهاريس مقارنة ببايدن في السابق[61]؛ الأمر الذي قد يعني في أحد تفسيراته أن حركة عدم الالتزام فقدت عددا من مؤيديها.

وتُمثِّل الجامعات المحور الثاني للاشتباك في المجال العام؛ حيث استطاعت الأقلية المسلمة من خلال حركة “العدالة من أجل فلسطين” -وهي حركة طلابية تأسست مطلع التسعينيات من جانب شباب فلسطيني مهاجر إلى الولايات المتحدة- تأسيس تحالف مع الحركات التقدمية الطلابية الأخرى في الجامعات الكبرى ومنها كولومبيا وهارفارد وميتشجن وبنسلفانيا وتكساس وكاليفورنيا لوس أنجلوس وكاليفورنيا سان فرانسسكو، وقيادة عدد كبير من الاحتجاجات وإقامة الاعتصامات لمطالبة إدارات الجامعات بالتوقف عن الاستثمار في الشركات الداعمة للإبادة.

الزخم الذي اكتسبته هذه الاحتجاجات ذكَّرت المجتمعَ الأمريكيَ باحتجاجات الطلاب ضد الحرب في فيتنام في ستينيات القرن العشرين[62]. لكن مرة أخرى كان رد اللوبي الصهيوني حاضرًا بوصم هذه الاحتجاجات بمعاداة السامية ومحاولة تجريمها، والتحقيق مع رؤساء الجامعات من خلال جلسات استماع بالكونجرس والضغط عليهم لمنع هذه الاحتجاجات باستخدام القوة لو لزم الأمر، والتهديد بوقف تمويل الجامعات لإجبار رؤساء الجامعات على الاستقالة وهو ما حدث مع رؤساء جامعات هارفارد وبنسلفانيا وأخيرًا جامعة كولومبيا[63]، وبالفعل تم استدعاء الشرطة لإنهاء الاعتصامات بالعديد من الجامعات، والقبض على الطلاب ومحاسبتهم قضائيا ومنعهم من استكمال تعليمهم الجامعي، وتوعدهم من جانب أصحاب الأعمال بعدم توظيفهم، وعلى الرغم من قدرة هذه الإجراءات على الاحتواء لحركات طلاب خاصةً مع بدء الأجازة الدراسية الصيفية، ولكن استطاع الطلاب انتزاع قرارات من بعض إدارات الجامعات بدراسة وقف الاستثمار بالشركات الداعمة للإبادة مثل جامعة “براون” وإن كان الأمر ما زال يواجه عقبات[64].

وأخيرًا يأتي الاشتباك على مستوى الشارع، الذي تمثل في تسيير مظاهرات في العديد من المدن الأمريكية شملت واشنطن دي سي العاصمة، ونيويورك، وشيكاجو، وديترويت، وديربون، سياتل، ولوس أنجلوس. في المقابل حشد اللوبي الصهيوني للتظاهرات في ذات المدن لإظهار الدعم المقابل لإسرائيل في البلاد. ولكن الاشتباك والحشد على مستوى الشارع لم يتوقف عند هذا الحد، بل أظهرت العديد من منظمات الأقلية المسلمة الداعمة لفلسطين قيام العديد من المسلمين بجهود كبيرة للضغط على المجالس المحلية بالمدن الصغيرة في الولايات المختلفة للتوقف عن الاستثمار في الشركات الداعمة للإبادة بولايات ماين، وأوهايو، وإلينوي، وميتشجن، ومينيسوتا، وميسوري[65].

خاتمة:

أوضح تتبع المؤشرات الثلاثة المتمثلة في استجابة ممثلي الأقلية المسلمة المنتخبين في المؤسسات الفيدرالية، والقدرة على الحشد وبناء التحالفات، وأخيرًا التأثير على قرارات الإدارة؛ أن استجابة الأقلية المسلمة للإبادة في غزة استفادت بشكل كبير من تجربتيها في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتولي ترامب للسلطة؛ حيث إن مستوى الاستجابة تجاوز في كيفه وكمه كافة الاستجابات للتحديات التي واجهتها الأقلية على مدار العقدين السابقين خاصة على مستوى المؤشرين الأول والثاني، واستطاعت استخدامَ العديد من الآليات والأطر المؤسسية التي أخذت وقتًا طويلا في تأسيسها ودعمها مثل مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية، والتحالف الإسلامي-الأمريكي، ومجلس الشئون العامة الإسلامية، والمجتمع الإسلامي-الأمريكي، والمجتمع الإسلامي في أمريكا الشمالية، ولكن يظل المكسب الأكبر للأقلية المسلمة هو زيادة الوعي السياسي والفهم العام للعملية السياسية المعقدة في الولايات المتحدة، والذي انعكس بشدة في الاشتباك مع كافة مستويات الحكم في الولايات المتحدة من المجالس المحلية في المدن الصغيرة إلى البيت الأبيض، وتغطية كافة مساحات المجال العام.

ينعكس ذلك النضج أيضًا في الموقف السياسي الأخير الذي تزعمته حركة “عدم الالتزام” برفض التصويت لهاريس إلا بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار دائم في غزة. فعلى الرغم من أن الأقلية المسلمة تدرك جيدًا أن فوز ترامب بالسلطة قد يكون الأسوء لها ولغزة، ولكن يرى قادة الأقلية أنه لا بد من كشف ثقل الأقلية لحزبها الديمقراطي للتأثير على سلوك الإدارات الديمقراطية مستقبلا تجاه مصالح الأقلية. يعلم قادة الأقلية أيضًا أن عزوف المسلمين عن التصويت قد لا يمنع فوز هاريس بالانتخابات، ولكنهم مصرين على إحداث متاعب للحزب الديمقراطي. هذا الموقف وإن لم يمر دون وجود انقسام حوله كما سبق القول، ولكنه ما زال جاذبًا لأغلب أعضاء الأقلية.

في النهاية وعلى الرغم من عدم قدرة الأقلية المسلمة على تحقيق المؤشر الثالث المتمثل في التأثير على قرارات الإدارة، فإن أدائها كان مفاجئًا لخصم سياسي قوي مثل اللوبي الصهيوني، أخذا في الاعتبار أن عدم فاعلية التأثير لا تعود فقط لقوة اللوبي الصهيوني ولكن أيضًا لانحيازات مؤسسات الدولة الأمريكية التي تعطى أولوية لأمن إسرائيل كتابع استراتيجي يحمي المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. كل ذلك يوضح حجم التحدي الذي خاضته الأقلية بإمكانات ضعيفة أهمها الوعي السياسي.

________

هوامش

[1] واجهت الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة العديد من التحديات منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي متأثرة إما بالمواجهات بين الغرب ودولها الأصلية (حرب أكتوبر 1973 ووقف تصدير النفط للغرب)، أو بتحديات داخلية في الولايات المتحدة (تفجير مبنى التجارة العالمي عام 1993). ويركز المقال على التحديات القريبة خلال العقدين الماضيين خاصة هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وغزو العراق عام 2003، وأخيرًا صعود التيار الشعبوي إلى السلطة متمثلا في رئاسة “دونالد ترامب” للبلاد عام 2016.

[2] Clifford Grammich et al., 2020 U.S. Religion Census: Religious Congregations & Adherents Study, (Lenexa, Kansas: Association of Statisticians of American Religious Bodies, 2023), p. 12.

[3] World Population Review, Muslim Population by State 2024, World Population Review, 2024, Accessed 08 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/pydTFSGd

[4] Ibid.

[5] Ibid.

[6] لمزيد من المعلومات بشأن الاختلافات بين نظام تمثيل الأغلبية ونظام التمثيل النسبي يمكن الاطلاع على:

Indridi H. Indridason, Proportional Representation, Majoritarian Legislatures, and Coalitional Voting, American Journal of Political Science, vol. 55, no. 4, 7 July 2011, pp. 955-971,available at: https://2u.pw/mLR8wp9p

[7] World Population Review, Muslim Population by State 2024, Op. cit.

[8] Dalia Mogahed, and Saher Selod, The Muslim American Vote Matters and It Can No Longer Be Taken for Granted, Al Jazeera, 25 Aug. 2024, Accessed: 08 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/WbkIABq6

[9] Christopher Shell, Most Black Americans Want a More Active U.S. Role in Ending the War in Gaza and Protecting Palestinian Lives, Carnegie Endowment for International Peace, 25 Apr. 2024, Accessed 09 Sept. 2024, available at: https://linksshortcut.com/TkwfQ

[10] Abdulkader Sinno, Muslim Underrepresentation in American Politics, in: Abdulkader H. Sinno (ed.), Muslims In Western Politics, (Bloomington, IN: Indiana University Press, 2009), pp. 69-70.

[11] Anny Bakalian, and Mehdi Bozorgmehr, Muslim American Mobilization, Diaspora: A Journal of Transnational Studies, Vol. 14, No. 1, Mar. 2005, pp. 7-8.

[12] Erik Nisbet, et al., Public Opinion toward Muslim Americans: Civil Liberties and the Role of Religiosity, Ideology, and Media Use, in: Abdulkader H. Sinno (ed.), Muslims In Western Politics, Op. cit., pp. 167-168.

[13] Abdulkader Sinno, Muslim Underrepresentation in American Politics, Op. cit., p. 80.

[14] Amaney Jamal, The Political Participation and Engagement of Muslim Americans, American Politics Research, Vol. 33, No. 4, July 2005, pp. 521-522, available at: https://2u.pw/usIEKwhE

[15] Sinno, Abdulkader, Muslim Underrepresentation in American Politics, Op. cit., p. 80.

[16] شهدت الفترة في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر إصدار العديد من القوانين التي وُصِفت أنها مقيِّدة للحرية وشملت انتهاكات للخصوصية وحرية التعبير عن الرأي وعلى رأسها قانون “باتريوت”، للمزيد من التفاصيل يمكن الاطلاع على:

Sunya Kashan, The USA Patriot Act: Impact on Freedoms and Civil Liberties, ESSAI, Vol. 7, Article 28, 2009, Available at: https://2u.pw/2YLOWM0J

[17] Erik Nisbet, et al., Public Opinion toward Muslim Americans, Op. cit. p. 172.

[18] Anny Bakalian, and Mehdi Bozorgmehr, Muslim American Mobilization, Diaspora, Op. cit. pp. 7-9.

[19] Grace Yukich, Muslim American Activism in the Age of Trump, Sociology of Religion, vol. 79, no. 2, 2018, pp. 220-222.

Pew Research Center, Religious Landscape Study, Pew Research Center, 12 May 2015, Accessed 18 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/CU0WM4LO

[20] EMGAGE, 2016 American Muslim Post-Election Survey, Accessed 19 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/d4okzWPV

[21] Amnesty International UK, A Licence to Discriminate: Trump’s Muslim & Refugee Ban, Amnesty International, 6 Oct. 2020, Accessed 18 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/I5kGvCpX

[22] Hobbs, William, and Nazita Lajevardi, Effects of Divisive Political Campaigns on the Day-to-Day Segregation of Arab and Muslim Americans, American Political Science Review, Vol. 113, No. 1, 27 December 2018, p. 275.

[23] Amaney Jamal, The Political Participation and Engagement of Muslim Americans, Op. cit., p. 525.

[24] Jeff Diamant, Faith on the Hill, Pew Research Center, 3 Jan. 2023, Accessed 19 Sept. 2024, available at: https://linksshortcut.com/NtlbQ

[25] WilliamB, Kevin, Democrat John Fetterman Defeats Trump-Backed GOP Rival Dr. Mehmet Oz in Pivotal Pennsylvania Senate Race, NBC News Projects, CNBC, 9 November 2022, Accessed: 19 September 2024,  available at: https://2u.pw/EHVtEXEj

[26] Human Rights Watch, Gaza: World Court Orders Israel to Prevent Genocide, Human Rights Watch, 26 Jan. 2024, Accessed 21 September 2024, available at:  https://2u.pw/euzrfxb4

[27]  لمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع يمكن الرجوع للمرجع التالي:

John J. Mearsheimer, and Stephen M. Walt. The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy, March 2006, SSRN,  availabe at: https://2u.pw/Ebv5b3e1

[28] ليست كل الأقلية اليهودية صهيوينة أو مؤيدة لإسرائيل، ولكن جزء مهم منها يصل إلى الثلثين داعم وينشط بقوة ضمن مجموعات اللوبي الصهيوني، كما أن هناك جماعات يهودية متدينة تدافع عن القضية الفلسطينية، للمزيد انظر:

Travis. Mitchell, 7. U.S. Jews’ Connections with and Attitudes toward Israel, Pew Research Center, 11 May 2021, Accessed 21 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/23MiB1WS

[29] Travis Mitchell, 8. U.S. Jews’ Political Views, Pew Research Center, 11 May 2021, Accessed 21 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/G072RwpC

EMGAGE, Muslim Voters Voted Overwhelmingly for Biden, Support …” EMGAGE, 21 Nov. 2021, Accessed 22 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/nCcn9hk4

[30] يوجد العديد من الأسباب لبقاء النظام السياسي أسيرًا لحزبين كبيرين يتنافسان على السلطة على الرغم من وجود العديد من الأحزاب الآخرى، وعلى رأسها النظام الانتخابي المصمم لصالح الأغلبية ولا يسمح بالتمثيل النسبي، وتعديل مثل هذا النظام يحتاج لدعم الكونجرس المسيطَر عليه من جانب الحزبين، لمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع يمكن الاطلاع على المرجع التالي:

Martin Shefter, Political Parties and the State: The American Historical Experience, (Princeton University Press, 2001).

[31] Kyle Sepe, American Jews and the Democratic Party: Historical and Biblical Perspectives on Jewish Adherence to the Democratic Party and Implications for Future Presidential Elections (APSA 2014 Annual Meeting Paper), 2014, Available at: https://2u.pw/nC48jITe

[32] The White House, Meeting with Jewish Leaders on Biden-Administration’s Commitment to Supporting Israel and Countering Antisemitism, The White House, 12 Oct. 2023, Accessed 21 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/8b2X2Wgg

[33] Kevin Liptak, Muslim-American Leaders, in Private Meeting, Tell Biden He Needs to Show More Empathy toward Palestinians, CNN, 27 Oct. 2023, Accessed 21 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/gaNiMHR6

[34] Alexx Altmen, Illinois Landlord Pleads Not Guilty to Hate Crime, Murder of Palestinian Boy, CBS, 16 Oct. 2023, Accessed 21 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/HSEbkdRl

[35] U.S. Department of State, Appointment of David Satterfield as Special Envoy for Middle East Humanitarian Issues, U.S. Department of State, 15 Oct. 2023, Accessed 22 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/rtOTtIb

[36] Masters, Jonathan, and Will Merrow, U.S. Aid to Israel in Four Charts, Council on Foreign Relations, 31 May 2024, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/YXIGJp38

[37] U.S. Agency for International Development, The United States Announces $404 Million of Additional Humanitarian Assistance for Gaza, West Bank, and the Region, U.S. Agency for International Development, 12 June 2024, Accessed 22 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/nDCrV4ba

[38] Lazar Berman, After Three-Hour Blinken Meeting, Netanyahu Says Israel Backs New US Hostage Proposal, Times of Israel, 19 Aug. 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/qcrXu4Kf

[39] Caitlin O’Kane, President Biden Condemns Killing of 6-Year-Old Muslim Boy as Suspect Faces Federal Hate Crime Investigation, CBS News, 16 Oct. 2023, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/dRueKAPA

[40] Lisa Rathke, and Holly Ramer, 3 Young Palestinian Men Were Shot in Vermont. Their Families Thought the US Would Be Safer,” AP News, 30 Nov. 2023, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/PtZTlESa

[41] Besty Klein, White House Slams Comments from CAIR Leader about October 7, CAIR Says Remark Was Taken out of Context, CNN, 8 Dec. 2023, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/g4TXzb3S

[42] CNN, Michigan 2020 Election Results, CNN, 6 Mar. 2024, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/DqDHNgqN

[43] NPR Staff, These States Will Decide the Election. We Went to All of Them to Talk to Voters, YPR, NPR, 16 Sept. 2024, Accessed 22 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/wpWP390P

[44] Mary Radcliffe, and Nathaniel Rakich, How Democrats Could Finally Win North Carolina in 2024, ABC News Network, 19 Sept. 2022, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/2dvLl0XO

[45] CNN, Michigan 2020 Election Results, Op. cit.

[46] Joey Cappelletti, and Mike Householder, Michigan’s Largest Arab American Cities Reject Biden over His Handling of Israel-Hamas War, AP News, 28 Feb. 2024, Accessed 22 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/ec4UXwnI

[47] Cleve Wootson Jr., and Yasmeen Abutaleb, Muslim Leaders Decline White House Ramadan Invitation, Press Herald, 2 Apr. 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/JoijPlgv

[48] Bill Barrow, 5 Ways the 2024 Race Has Changed with Harris Replacing Biden on the Democratic Ticket, AP News, 30 July 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/Rsq4pNRi

[49] Eugene Daniels, and Holly Otterbein, Kamala Harris pushes White House to be more sympathetic toward Palestinians, Politico, 14 Dec. 2023, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/ui4hcUIL

[50] Jordan Freiman, Palestinian American Doctor Explains Why He Walked out of Biden Meeting, CBS News, , 4 Apr. 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/aWqsv4Gj

[51] Dearborn.org, Deputy Wayne County Executive Assad Turfe Endorses Harris, Saying She ‘Embodies the America We Deserve, Dearborn.Org, 8 Aug. 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/Xi96iuOn

[52] Yash Roy, Muslim Women for Harris Pulls Support over Palestinian DNC Speaker Controversy, The Hill, 23 Aug. 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/UK8Aohr2

[53] Al Jazeera, Mayor of Only Muslim-Run City in US Endorses Trump for Election, Al Jazeera, 23 Sept. 2024, Accessed 26 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/7otd5w7N

[54] Shannon McDonagh, Top Muslim-Voter Organization Endorses Harris as Middle East Crisis Deepens, Newsweek, 26 Sept. 2024, Accessed 26 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/ibdFevcW

[55] عقد الكونجرس بمجلسيه ولجانه المختلفة عددا كبيرا من جلسات الاستماع تحت مظلة معاداة السامية، شملت استدعاء رؤساء الجامعات ومسئولين محليين، ومسئولين بالإدارة، وناشطين من المجتمع المدني، ومن أمثلة ذلك جلسة الاستماع التي عقدت في مايو الماضي لاستجواب عدد من المسئولين المحليين في ولاية نيويورك بشأن ما اعتُبِر معاداة للسامية.

Lisa Desjardins, and Eliot Barnhart, Congress Grills District Leaders on Rise in Antisemitic Incidents at High Schools, PBS, Public Broadcasting Service, 8 May 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/cdsv0WUO

[56] Shirin Ali, A Republican Senator Decided a Hearing on Hate Crimes Was a Great Time to Be Quite Hateful, Slate Magazine, 20 Sept. 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/wopO3s9B

[57] Gregory Krieg, Squad Member Cori Bush Loses Democratic Primary in Missouri, CNN, 7 Aug. 2024, Accessed 23 Sept. 2024. Available at: https://2u.pw/SQRqVGqS

[58] Tara Suter, Democratic Senate Candidate Says He Rejected $20m Offer to Challenge Tlaib, The Hill, 22 Nov. 2023, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/aC0OYtKT

[59] Anna Canizales, This Pro-Israel Muslim Immigrant Wants to Unseat Ilhan Omar, Politico, 3 Nov. 2023, Accessed 24 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/YeTOzrO4

[60] Al Jazeera, Wisconsin Is Latest US State to Send ‘uncommitted’ Message to Biden on Gaza, Al Jazeera, 3 Apr. 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/Tlv7zaij

[61] Mark Murray, Poll: Newly Popular Harris Builds Momentum, Challenging Trump for the Mantle of Change, NBCNews.Com, NBCUniversal News Group, 22 Sept. 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/9PqR7zz7

[62] NPR, How the College Protests Echo History, NPR, 29 Apr. 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at:  https://2u.pw/fuLRQLrG

[63] Mandy Taheri, Full List of College Presidents Who Have Resigned amid Campus Protests, Newsweek, 15 Aug. 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/VhBmu8F6

[64] Josh Moody, Brown Trustee Resigns in Protest Over Divestment Vote, Bloomberg, 10 Sept. 2024, Accessed 23 Sept. 2024,  available at: https://2u.pw/I0yiVDTO

[65] Middle East Monitor, US City Council Votes Unanimously to Divest from Companies Doing Business with Israel, Middle East Monitor, 5 Sept. 2024, Accessed 23 Sept. 2024, available at: https://2u.pw/HfaiRoC1

 

  • فصلية قضايا ونظرات – العدد الخامس والثلاثون – أكتوبر 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى