المؤسسات الدينية ودورها في المجال الثقافي

مقدمة

إن موضوع الدين والثقافة من المواضيع التي تتعدّد وجوه القول والبحث فيها، وبالأساس فإن مصطلح “ثقافة” مصطلح إشكالي، لا يستقر على تعريف محدّد جامع مانع.كما أن مفهوم الدين (وليس الدين نفسه) مفهوم ملتبس، على الأقل لجهة التمييز بين ما هو دين، وبين ما هو فكر ديني. وإذا كان الفكر الديني هو المعرفة البشرية بالدين، تَحتّم علينا أن نصنِّف الفكر الديني في خانة المعطى الثقافي. ولكن هذا التصنيف لا يتم إلا بعد التوافق على أن مصطلح الثقافة، مهما تتباين تحديداته وتعريفاته، فإنها تُجمِع على أن النشاط الفكري المعرفي هو عنصر أساسي من عناصر مصطلح الثقافة، وهكذا تغدو الخبرة الدينية أيضا خبرة ثقافية. ولعل هذا هو ما يسوِّغ استعمال مصطلح “الثقافة الدينية” إلى جانب مصطلحات ثقافية أخرى، كالثقافة العلمية، والثقافة الأدبية، والفنية، والسياسية، فقد شكلت المؤسسات الدينية حالة فكرية ثقافية مهمة على مدار أربعة عشر قرنا كانت هذه المؤسسات تضطلع بعدد كبير من الأدوار الاجتماعية والتربوية والفكرية الثقافية.
فقد أضفت المدارس الفكرية الإسلامية[1] المتعددة طابعا خصبًا كبيرًا على هيئة هذه المؤسسات وتوجهاتها الدينية؛ حيث شكلت هذه المدارس الفكرية العريقة المعين الذي أخذت عنه المؤسسات الدينية فكرها وتأثرت -بلا شك- بالسجال والحراك الفكري الدائر بين هذه المدارس، وهو الأمر الذي يفرض داعيًا منهجيًا مهمًا لتناول هذه المؤسسات بالبحث والدراسة والتحليل للوقوف على طبيعة دورها في الحياة الثقافية، من خلال اختيار عدد من النماذج الإسلامية المعاصرة باعتبارها حلقة الوصل بين المؤسسة الدينية والمجتمع الذي يمثل مجالا لتأثير هذه المؤسسة بطريقة مباشرة من خلال ما ينشر للعامة فيها من آراء وتوجهات ومواقف.
كما شهد دور المؤسسة الدينية في العالم الإسلامي موجات من المدر والجزر، على طول تاريخها، وبخاصة في عصرنا الحديث، هذا العصر الذي ثار الحديث فيه عن أزمة المؤسسة الدينية وعن إشكالات دورها ومهماتها، وعن التحديات الجديدة، وبخاصة الدينية تجاهها والتي لا تبدأ من الحركات الدينية الصاعدة منذ عشرينيات القرن العشرين، كما لا تنتهي بالفضائيات الدينية والزخم الديني والدعوي على شبكة الإنترنت، وهو ما يراه الكثيرون سحبًا للبساط من تحت أقدامها.
وعلى الجانب الآخر من التطورات المعاصرة يأتي التطرف الديني والتشرزم المذهبي والكراهية الطائفية لتطرق الباب من جديد لإعادة النظر في الدور الذي لابد أن تقوم به المؤسسات الدينية في ترسيخ قيم المواطنة وتقبل الآخر؛ أي بناء الإنسان المعاصر وتغيير منظومته الثقافية التي قد يشوبها الكثير من الرواسب المعاصرة. فتنمية الدور الثقافي التوعوي للمؤسسات الدينية أحد الأبعاد الاستراتيجية التي يجب أن يحرص عليها الجميع، بالعمل على وجود تلك المؤسسات الدينية القوية في مجتمعاتنا. لأن هذه المؤسسات الدينية القوية ستخلق حالة من الاستقرار والتوازن عند أفراد المجتمع[2]، و بالتالي تبرز أهمية رصد هذا الدور الثقافي للمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي من هذا المنطلق المهم.

أولا- مفاهيم الدراسة:

يرى الباحث ضرورة منهاجية تقتضي التبيان والتوضيح لماهية المفاهيم المستخدمة في هذه الورقة البحثية إيمانا بأن المفاهيم لبنات أساسية في التحليل السياسي بصفة عامة وفي بناء الفكر بصفة خاصة وتحليل الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية في الواقع الثقافي العربي بصفة خاصة. فالحالة المفاهيمية لها أهمية خاصة في فهم هذا الفكر ومآلاته، فمن المعلوم أن الفكر الإسلامي يعتبر الآلية المركزية والمحورية التي تعمل من خلالها المؤسسات الدينية، مقترنًا بالإنجاز الحضاري، أي أن الفكر الإسلامي لابد أن يقترن بوظيفة حضارية اجتماعية إيجابية. كما أن الفكر نتاج التراكم العلمي والمعرفي، فليس هناك انقطاع في الفكر وإنما هناك اختلاف منبعه سنة الله في خلقة وغايته الاستفادة القصوى من التنوع من خلال التفاعل بين العوالم الفكرية والأنساق الثقافية البشرية.
وتقودنا هذه الوظيفة الحضارية لعنصر آخر يميز الفكر الإسلامي وهو القدرة على خلق الحراك[3]، المتأتي من القدرة التي تحول الفكر إلى حركة تثري الحضارة وتصل الماضي بالحاضر وتقوده إلى المستقبل، وهنا تنتج الطفرة الحضارية ويحقق الفكر غايته بل ويتعداها ليصبح للفكر وظيفة جديدة وقائية[4] احترازية وأخرى تنبوئية استشرافية. وفي هذا السياق الواعي لدور وطبيعة الفكر تنبع الأهمية المنهاجية من ترسيم خارطة المفاهيم الخاصة بكل فكر على حده، فالمفهوم يمثل عنصر ضبط منهاجي للتعامل مع الظاهرة المدروسة من خلال بناء الإطار المفاهيمي وبناء المصطلحات، وفاعليتها ودواعيها.
وعلى الرغم من الأهمية الخاصة بالمفهوم وضرورته إلا أنه يثير عددًا من الاشكاليات النظرية، أولها يدور في فلك العلاقة بين المفهوم وأيديولوجيات العولمة والتدويل، تحت دعوى “تثبيت المفاهيم” لتكون وحدات تحليل ثابتة[5]، وهو ما لا يصح اجرائيًا أو تنظيريًا، إذا كان التحليل مرتبط بسلامة البناء المفاهيمي ووضوح الخارطة المفاهيمية وعلم اجتماع المفهوم ودواعيه وهو ما لا يستقيم مع محاولات التنميط الثقافي والحضاري التي يضرب على وترها توحيد المفاهيم، فالتنميط يسير بالمفهوم خارج نطاق التحليل، فكل مفهوم ينتمي إلى إطاره الفكري الذي يعمل بداخله وهو ما يمكن أن نعبر عنه بالعلاقة بين المفهوم والأطر المرجعية التي تعتبر البيئة الخاصة بالمفهوم، والتي يتوقف عليها صحة المفهوم وفاعليته. وفي هذا السياق كان لابد من الاشارة إلى الأهمية النظرية المتصلة بتحديد المفاهيم ذات الصلة بهذه الدراسة وهي:
1- مفهوم الثقافة.
2- مفهوم الديني.
3- مفهوم المؤسسة الدينية.
ولتحقيق التكامل الأكاديمي بين النظرية والتطبيق الواقعي كان على هذه الورقة أن تدرس الدور الثقافي الذي تمارسه المؤسسات الدينية في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر، من خلال عدد من النماذج الواقعية التحليلية؛ وهي: مجلة “منبر الإسلام” الصادرة عن وزارة الأوقاف المصرية، ومجلة “التسامح” الصادرة عن وزارة الأوقاف العُمانية، ومجلة “منار الإسلام” الصادرة عن هيئة الأوقاف الإمارتية. وتحقيقا لمبدأ الحياد الأكاديمي وتوحيداً لرؤية التأثير العربي الإسلامي في المنطقة الإقليمية كان على هذه الورقة أن تتعرض لنموذج إسلامي آخر يحمل تأثيرًا نوعيًا على بعض أجزاء من الإقليم[6] الإسلامي المعاصر وهي مجلة “حوزة ” الصادرة عن الحوزة العلمية في إيران والتي تعتبر المؤسسة الدينية الرسمية للفكر الشيعي الإيراني، وهذا لتكتمل الصورة العامة عن طبيعة الأدوار التي قد تلعبها المؤسسات الدينية من خلال وسائل تعبيرها عن موقفها وآرائها ورؤيتها للواقع المعاش، فلا شك أن تواصل المؤسسات الدينية مع الأفراد هو بالأساس مناط هذا التأثير المتوقع على السلوك العام للفرد الذي يتأثر سلوكه بهذه الأفكار والآراء.
وستقوم هذه الورقة بمراجعة بعض الأعداد -ما استطعنا إلى ذلك سبيلا- الصادرة من المجلات الفصلية سالفة الذكر في عام 2010 كنماذج، من خلال العناصر التالية:
· مدى الارتباط العضوي بين الموضوعات المطروحة في الأعداد والواقع المعاش وسائر الأوضاع المعاصرة لصدور الأعداد.
· كيفية تناول الموضوعات وما تعبر عنه من ضحالة وعمق وأصالة ومعاصرة، وهل التناول للموضوعات يتم بشكل أكاديمي معمق مرتبط بغاية وأهداف أم أنه مجرد طرح عشوائي لقضايا سطحية غير مرتبطة.
· دور الموضوعات المطروحة في تكوين الوجدان الجمعي العام للمتلقي، وهل تحمل الموضوعات رسالة للمتلقي أم أنها مجرد اجتهادات أكاديمية بغرض التعليم والتوضح ليس أكثر.

التعريف اللغوي للثقافة:

يدل لفظ (الثقافة) في معاجم العربية وقواميسها والقرآن الكريم وعلومه والسنة النبوية وعلومها وكتب التراث الإسلامي بعامة على الصفات الذاتية للمتعلم وهي: (الفهم – الفطنة – الحذق – سرعة التعلم – ضبط العلم). فتُعرف الثقافة في “معجم لسان العرب” على أنها ثقف الشيء أي علمه وتعرف عليه، أي أن الثقافة هنا تعني سرعة التعلم[7]، كما يحدد العلامة فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين، ثقف يثقف ثقافة، أي فطن وحذق، فالمثقف إذا هو الحاذق الفطن، وبالتالي أجمعت معظم المعاجم الحديثة على أن الثقافه هي الحذق وسرعة الفهم. والقواميس الحديثة تقول ” ثقف ثقافة:صار حاذقاً خفيفا, وثقف الكلام فهمه بسرعة”[8].
كما تدل بعض التعريفات على معنى الآلة؛ حيث استعملت الثقافة أداةً وأسلوبا في (تسوية المعوج وما يدخل في ذلك من التهذيب والإصلاح والتقويم) كقولنا: ثقف الصانع الرمح، ويؤيد هذا ما ورد في بعض المصادر عن آلة كانت تسوى بها الرماح تسمى “الثقافة”.
ومنها ما يدل على معنى زائد عن الصفات التي يتصف بها المتعلم، ليشمل موضوع الثقافة محسوسا كان أو معنىً كما في (الإمساك بالشيء والظفر به ومصادفته وحيازته)، وكذلك الحصول على الشيء وإدراكه والتمكين منه قال تعالى (واقتلوهم حيث ثقفتموهم)[9]. وبالتأمل فيما سبق نجد أن لمفهوم الثقافة دلالات[10] أصلية ودلالات متطورة وأن بين المعنى الأصلي والمعنى المتطور علاقة وقرينة, وعلى هذا فليس غريباً أن نجد بين المعنى اللغوي للثقافة, ومعناها الاصطلاحي صلة ونسبًا[11].
ومن الصعب أن يجد الباحث تعريفًا جامعًا متفقًا عليه للثقافة بمعناها العام, لاختلاف العقائد والفلسفات والأيدلوجيات التي تنطلق منها هذه التعريفات وما تقوم به من تصورات, ولكن يمكن أن نذكر أن أبرز هذه التعريفات ما يلي:

الثقافة في أذهان الباحثين فهما:

1- فهم قائم بأذهان أصحاب الدراسات الإنسانية: والثقافة في نظر أصحاب هذا الفهم هي طريقة الحياة، وتشمل حسب هذا التصور كل نواحي النشاط العادي كالعمل والعبادة والزواج وكل ما يصدق عليه أنه من العادات والتقاليد.
2- الفهم الثاني يلتزم به الناظرون في الحياة الفكرية للشعوب. والثقافة في نظر أصحاب هذا الفهم هي نتاج الفكر وتشمل كل نواحي النشاط الفكري, كالفلسفة والعلم والأدب بفروعه المختلفة. ويعد عالم الأجناس البريطاني ادوارد تايلور[12] أول من وضع تعريفًا عامًا شاملا للثقافة الإنسانية من منطلق الأنثروبولوجيا الغربية, في كتابه “الثقافة البدائية”، وينص هذا التعريف على أن الثقافة بمعناها العام “نظام كلي متشابك مركب, ويشمل: المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعادات والتقاليد وجميع العناصر التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوًا في المجتمع”.
3- تعريف الثقافة باعتبارها ظاهرة خاصة مرتبطة بمجتمع معين، وقد قال بهذا التعريف مجموعة من علماء الإنسان الأمريكيين, والثقافة تبعًا لهذا التعريف نظام اجتماعي يستمد من تاريخ وتراث مجتمع معين, ويظهر في منهج خاص للحياة متقدم أو متخلف يتبعه أفراد ذلك المجتمع, وهذا النظام يشمل اللغة والتقاليد والمؤسسات والأفكار الموجهة والعقائد والقيم التي تسود في الواقع الاجتماعي[13].
4- تعريفات قال بها بعض التربويين العرب وبعض المفكرين المسلمين، مرة بإضافة الثقافة ووصفها وتخصيصها, ومرة بإطلاقها وعدم تقييدها[14].
من هنا جاءت تعريفات الثقافة في كتابات المفكرين المسلمين المعاصرين كثيرة ومتنوعة ومن أبرزها الآتي: “مجموعة الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعوريا العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه”، و”الصورة الحية للأمة فهي التي تحدد ملامح شخصيتها وقوام وجودها وهي التي تضبط سيرها في الحياة وتحدد اتجاهها فيها إنها عقيدتها التي تؤمن بها ومبادئها التي تحرص عليها ونظمها التي تعمل على التزامها وتراثها الذي تخشى عليه من الضياع والاندثار وفكرها الذي تود له الذيوع والانتشار”، وعرفها مجمع اللغة العربية بـ” جملة العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب الحذق بها”.

مفهوم الثقافة في اللغات الأخرى:

تعددت دلالات الثقافة في اللغة اللاتينية ثم في اللغات التي تطورت عنها بخاصة الإنجليزية وتطورت حتى أصبحت مصطلحًا لعلم بعينه وخلاصته في الآتي:
استُخدم لفظ الثقافة في اللاتينية منذ القدم بمعنى حرث الأرض وزراعتها, وهذا معنى حسي, واستخدمت كذلك في المعنى المجازي للإشارة إلى تهذيب العقل وتنميته. وارتبط هذا المعنى الفلسفي كذلك بتنشئة الناس على تكريم الآلهة, كما أكد بعض الباحثين على أن هذه المعاني للفظ الثقافة ظلت مستمرة طوال العصرين اليوناني والروماني، بل استمرت حتى القرون الوسطى حيث أطلقت في فرنسا على الطقوس الدينية.
واقتصر مفهوم الثقافة في الغرب في عصر النهضة على مدلوله الفني والأدبي, فتمثل في دراسات تتناول التربية والإبداع فعمد فلاسفة القرن السابع عشر الميلادي إلى تطبيق المناهج العلمية في دراسة المسائل الإنسانية، فأفردوا مضمارًا خاصًا للعمليات المتعلقة بمفهوم (الثقافة), واستخدم مفهومها للدلالة على تنمية العقل وغرسه بالذوق والفهم وتزيينه بالمعرفة, واستعملت فيما يبذله الإنسان من عمل لغاية تطويرية سواءً أكانت مادية أم معنوية.
وقد وضع إدوارد تايلور[15] تعريفًا علميًا يعد من أوفى التعريفات وأشملها لمفهوم الثقافة؛ حيث عرفها بأنها “ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعرف، وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في مجتمع”[16]، في حين يرى الدكتور نصر عارف أن كلمة ثقافة يستحيل أن تحمل طابعا عربيا[17].
من هنا نخلص إلى أن الثقافة كمفهوم لا يمكن أن تستقيم بدون اضافة تحدد محتوى المفهوم وتسهم في تفعيله داخل المنظومة الفكرية التي يعمل فيها كأن نقول الثقافة السياسية، أو الثقافة الإسلامية أو الثقافة المعاصرة، فهذا المفهوم يعطى درجة عالية من الفاعلية على مستوى التحليل والتنظير، وهو الأمر الذي يحدد المفهوم.
فإذا نظرنا إلى الثقافة على أنها موقف أيديولوجي ترتب على ذلك أن يفقد مفهوم الثقافة جزءًا كبيرًا من فاعليته التحليلية، ويتحول إلى مجرد موقف أيديولوجي متحيز لتوجهات خاصة[18] وتقل بذلك قدراته التحليلية، وأيضا قد يصبح مفهوما نخبويا بذات الطريقة، أو قد يتحول إلى مفهوم يرسخ تمايزات وتحيزات انسانية كأن نقول الثقافة الإسلامية مثلا أو الثقافة الغربية وما إلى ذلك من تخصيصات لمفهوم الثقافة تحد من فاعليته وقدراته التحليلية وهذا الخلل بالطبع لا يرتبط بمفهوم الثقاقة في حد ذاته وانما يرتبط بالاستخدام الخاطئ والحمولة الزائفة التي تلقى على المفهوم، فدلالة المفهوم وبناءه لابد أن تتسم بقدر عالي من الوضوح والتعاضد بين الجانب التوضيحي والتعريفي للمفهوم والجانب التحليلي المعياري أو الكمي لذات المفهوم وإلا أصبح المفهوم وصفا لظاهرة ما أو موقف أيديولوجي معين أو توجة عام وخرج من إطار كونه مفهوما.
فكما يرى ميشيل فوكو[19] فإن المنظومة الفكرية “هي المسلمات والفرضيات الضمنية التي تتحول إلى ممارسات فكرية تتغير بتغير الزمان والمكان”، بما يمكَّن من التعبير عن التحيزات وخلافها من المواقف والتعبيرات والانتماءات الايديولوجية والفكرية، وعندها يضحى المفهوم أداة فعالة في التحليل ورصد التغيرات وتحديد اسبابها ومسارتها بطريقة واضحة ودرجة حياد علمي كبير.

مفهوم الدين[20] والمؤسسة الدينية:

لا يوجد للدين تعريف واضح وثابت فهناك العديد من التعريفات للدين، وتتصارع جميعها على محاولة أشمل وأدق تعريف. فالدين يتناول واحدة من أقدم نقاط النقاش، ففي القِدم كان النقاش يتناول شكل وطبيعة الإله الذي يجب أن يُعبد، أما في العصر الحديث فيتركز النقاش بالأساس حول وجود أو عدم وجود إله خالق تتوجب عبادته، لذلك نجد محاولات لتعريف الدين من منطلق إيماني روحاني يقيني، أو من منطلق إلحادي، أو من منطلق عقلاني يحاول دراسة الدين كظاهرة اجتماعية نفسية فلسفية، بينما ينظر علماء الاجتماع إلى الدين على أنه مجموعة مجردة من القيم والمثل والخبرات التي تتطور ضمن المنظومة الثقافية للجماعة البشرية. ويرتبط بمفهوم الدين مفاهيم أخرى مثل: العقيدة والعبادة والتدين والملة والوحدانية، ويمكننا أن نفكر في مفهومنا عن الدين من اتجاهات عدة: هل نتحدث عن الدين بوصفه اسماً، أم باعتباره صفة، أم حالاً، أم فعلاً؟ فالدين باعتباره اسماً يعبر عن مجموعة من التعاليم الدينية، أو عن شيء عالمي نرى أثره في كلّ البشر.
أمّا الدين باعتباره صفة، أو حالاً، فإنه يعدُ وسيلة لوصف أشياء أو سلوكيات بعينها (كقولنا: كتب دينية، مؤسسات دينية… إلخ). كما يمكننا أيضاً أن نتوسع في الحديث ليشمل «التدّين»، أي كفعل يدل على الدين نفسه”[21].
وبالرجوع إلى قواميس اللغة العربية نجد أن كلمة الدين أخذت عدة معاني؛ فكلمة الدين تؤخذ من فعل متعدٍ بنفسه “دانه يدينه”، وتعني ملكه وحكمه وساسه ودبره وحاسبه وقضى في شأنه وجازاه وكافأه وأذله. كما تؤخذ كلمة الدين من فعل متعدٍ باللام “دان له”، وتعني أطاعه وخضع له. وكلمة الدين لله يفهم منها كلا المعنيين الحكم لله والخضوع لله، كما في قوله تعالى: (وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا). وتؤخذ كلمة الدين أيضًا من فعل متعد بالباء “دان به”، وتعني اتخذه ديناً ومذهباً، أي اعتقده واعتاد عليه أو تخلق به، فالدين هو المذهب أو الطريقة التي يسير عليها المرء نظرياً وعملياً. يُفهم مما سبق أن كلمة الدين تشير إلى علاقة بين طرفين يعظم أحدهما الآخر ويخضع له. فإذا وصف بها الطرف الأول كان خضوعاً وانقياداً، وإذا وصف بها الطرف الثاني كانت أمراً وسلطاناً وحكماً، وإذا نظر بها إلى الرباط الجامع بين الطرفين، كانت هي الدستور المنظم لتلك العلاقة، أو المظهر الذي يعبر عنه المبدأ الذي يلتزم الانقياد له”.
بينما أخذت معان أخرى في اللغة الانجليزية؛ حيث يتناول قاموس أكسفورد معنى كلمة الدين بأنها تعني الربط معاً، أي ربط البشر بالآلهة، وربط الناس ببعضهم البعض من خلال ما يُفرض عليهم من القوة الإلهية التي هي فوق البشر التي يجب أن تُطاع وتُعبد، وذلك من خلال السلوك والطقوس والاعتقاد والقيم الأخلاقية[22].
وإذا أضفنا كلمة “الدين” إلى أي أمة أو شعب لأصبح المعنى الناتج هو”مجموعة المعتقدات والمبادئ التي تؤمن بها تلك الأمة أو الشعب”. وما يترتب على اعتناق هذه المعتقدات درج العلماء على تسميته “شريعة”[23].
ومن الصعب إيجاد تعريف شامل يجمع كل الأديان، لذا توجد تعريفات كثيرة للدين تجنح إلى وضع مفهوم أولي لهذا المصطلح، ولا تهدف إلا إلى رسم الإطار العام له دون تحديده بمعنى عام شامل، فيختلف معنى “الديني” باختلاف “الثقافة” التي يقترن بها[24]. وقد قال بذلك البروفيسير مالوري ناي[25] في كتابه المسمي بـ”الدين الأسس” “عند حديثه عن الدين[26].
أما تاريخ المؤسسة الدينية فيعود ظهورها إلى تأسيس “المدارس النظامية”[27]، ويمكن تعريف المؤسسة الدينية بأنها: “مجموعة الأحكام والقوانين الثابتة التي تحدد السلوك والعلاقات الاجتماعية في المجتمع”، ويمكن أن تُشبَّه بالعضو أو الجهاز الذي يُنجز وظائف مهمة للمجتمع. وهي أيضا أمكنة تؤدي فيها العبادات الدينية كالمساجد، وقد تكون أمكنة تتلقي فيها الثقافات الدينية كالجمعيات، وتؤدي خدمات ثقافية مثل: المحاضرات والندوات والاحتفالات بالمناسبات الدينية، وإصدار النشرات الدينية[28].
وقد عرفها د.رضوان السيد تعريفا وظيفياً؛ حيث يري أن “المهامَّ التقليدية للمؤسسات الدينية تشملُ إقامة العبادات، والتعليم الديني، والفتوى، وممارسة القضاء”[29]، فيما يري الباحث العراقي عبد الجبار الرفاعي أنها تعني تحول كل شيء يرتبط بالدين إلى مؤسسة[30]، وينبغي التأكيد علي أن الإسلام في مهده لم يعرف وجود مؤسسات دينية بالصورة التنظيمية التي هي عليها اليوم، كما أنه ليس في الإسلام وساطة بين العبد وربه أو نظام كهنوتي هيراركي أو أن الدين حكراً علي فئة دون أخري، لكن التطور التاريخي والمجتمعي والسياسي أدي الي قيام مؤسسات دينية تطورت عبر مختلف العصور، ويمكن أن تكون لهذه النقطة بحث آخر.

ثانيًا- علاقة الدين بالثقافة وأهمية الدور الثقافي للمؤسسات الدينية:

من خلال هذا العرض المفاهيمي لكلا من الثقافة والدين نجد أنهما قد يرتبطان بعدد كبير من العلاقات المتداخلة فإذا نظرنا إلى الثقافة فقد تحتوي الدين كأحد مكوناتها، فيمكن أن تكون العلاقة بين الثقافة والدين هي علاقة كل بجزء، وإذا قيمنا علاقة الدين بالثقافة وجدنا العديد من الخبرات التاريخية التي تثبت وجود علاقة أزلية حضارية تربط بينهما.
وعلى الرغم من أن هذه الورقة ليس من أهدافها أن تقف على طبيعة هذه العلاقة بين الثقافة والدين إلا أننا لا بد أن نشير إلى أن أهمية هذه العلاقة -وخاصة في هذه اللحظة الحضارية التي تشهد الكثير من التنظيرات التي تؤكد على أن الدين قد يتعارض مع الثقافة العامة التي يسمونها بالعولمة. فقد أشار صمويل هنتجتون في مقاله “صدام الحضارات”، إلى أن الثقافة الدينية تدفع الأفراد إلى التمسك بهوياتهم الأولية والحفاظ عليها، الأمر الذي سيؤدي إلى صدام حتمي بين الثقافات، وهو نفس الاطار الذي بنى عليه فوكوياما أطروحته “نهاية التاريخ” حيث رأى أن الثقافة الموحدة هي التي ستنتشر، وهذه الثقافة في الغالب ثقافة عالمية لا علاقة لها بالدين، وبنفس المنطق واستنادا على التكهنات حول مضمون العلاقة بين الدين والثقافة اتُخذت الكثير من القرارات الدولية لتحجيم هذه العلاقة بين الدين والثقافة وعلى رأس هذه القرارات بلاشك هو قرار الحرب على الإرهاب.
ومن شأن المؤسسات الدينية أن تلعب دورًا ثقافيًا مهمًا سواء على المستوى القومي؛ حيث يفرض الدور الثقافي للدين قيم التسامح ونبذ العنف وقيم الحوار واحترام الآخر وتقبله وهو ما عبر عنه القرآن الكريم في تحديد غاية خلق الانسان واستخلافه في الأرض “وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”[31].
وأيضًا على المستوى الدولي الدور الثقافي للمؤسسسات الدينية مطلوب في هذه اللحظة وخاصة لتعالي درجات الاختلاف الديني التي قد تصل احيانا إلى درجة التناحر والتقاتل، في حين أن اختلاف الأديان لا يعني أبدًا الاختلاف في القيم، والأحكام، والأهداف المشروعة، فضلا عن إلحاح ملف الارهاب الدولي على الساحة الدولية، وغيرها من الملفات الطائفية والاثنية التي تحتاج من المؤسسات الدينية أن تمارس دورها في تغيير المنظومة الثقافية العالمية وتعديل مساراتها، وتبيان الغاية العامة لتنظيم مصالح البشر في هذا العالم، مهما اختلفت أديانهم. فغياب الدور الثقافي للمؤسسات الدينية من شأنه أن يخلق مناخا اجتماعيا وسياسيا وانسانيا ملئيا بالكراهية والبغض والعنف والانحراف عن قيم الانسانية والمواطنة واحترام الآخر.
فالخبرة التاريخية تؤكد على أن تحصَّن الفكر الديني ضد أسئلة الثقافة وتحدياتها انتهت بعزلة الدين في حقبة من حقب التاريخ، أي في القرون الوسطى الأوروبية التي تلتها حقبة عصر النهضة في أوروبا وسيادة فصل الدين عن الدولة.
وهكذا تغدو كل محاولة لعزل الدين عن تحديات المعرفة (وكذلك توسيع صلاحيات الدين للإجابة الكاملة عن أسئلة لا تقع في دائرة صلاحياته هو صورة من صور عزله) محاولةً لتجريد الدين من بعده الثقافي الذي يتصل فيه ابتداءً، واستمراراً ومصيراً[32].
فحضور البعد الثقافي في الخبرة الدينية ظاهرة موضوعية، ليست مفتعله من أجل أغراض دينية أو أغراض إلحادية. لذلك نرى أن توسيع دائرة التعامل بينهما (الدين والثقافة) مسألة يُمليها هذا الواقع الموضوعي، وصولاً إلى التماس الحدود والأبعاد المشتركة بينهما، وكذلك الحدود والأبعاد التي تخص كلَّ واحد منهما، فكلاهما بعدين مكتملين متكاملين متقاطعين لخدمة البشر وتحقيق غاية الاجتماع البشري على هذه الأرض.

ثالثًا- النماذج التطبيقية للدراسة:

1- مجلة منبر الإسلام:
وهي مجلة شهرية تصدر عن المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية، وخاضعة بشكل مباشر لوزارة الأوقاف المصرية، صدر العدد الأول منها منذ احدى وسبعون عاما اي في عام 1940، رئيس مجلس ادارتها هو الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري السابق.
ويمكن بيان الدور الثقافي للمجلة من خلال:

· المحتوى والموضوعات:
حققت مجلة منبر الإسلام الجمع بين البساطة في العرض بالقدرة على إيصال المعلومات إلى فكر القارئ بأقل جهد ممكن والدقة في تحليل الموضوعات التي يحتويها من خلال التأصيل والتعمق في البحث، وهي اعتبارات من الصعب التوفيق بينها، إلا أن هذه المجلة أثبتت أن الصعب ليس مستحيل، فموضوعاتها تحمل قد كبير من التنوع بين التفاسير القرآنية والأمور الحياتية والانسانية والثقافية للمسلم، فهي تهدف إلى توسيع دائرة ونطاق اهتمام الفرد المسلم لتخرج من الدائرة التقليدية التي تحصر الدين في القرآن والسنة لتعمق له مفاهيمة وتمدة بالصلة الحقيقة بين الدين والحياة التي يعيشها المسلم.

· أصالة الموضوعات وارتباطها بالميراث الثقافي والحضاري:
تعتبر مجلة منبر الإسلام من أقدم المجلات التي تتناولها هذه الدراسة، وهذا القدم بلا شك أعطاها قدرا من الخبرة في التعامل مع الجماهير، وهو ما يدل على أنها هي الأخرى شهدت تطورات عديدة في طريقة التناول والعرض لموضوعاتها التي تميزت بالمزج بين الأصالة والمعاصرة، في اطار نهجها التعليمي التثقيفي، فهذه المجلة لا تخاطب المثقف فقط بل بساطتها ودقتها وسلاستها في العرض تجعل منها مجلة تعليمية تثقيفية في المجال الأول، فقد عملت هذه المجلة على الدمج بين التراث الإسلامي الخصب وبين القصص القرآني الشيق وبين البلاغة القرآنية الممتعة والاعجاز العلمي المبهر والتطويع والتحليل الواقعي للأحداث التي تواجة الأمة الإسلامية لتخرج متكاملة الجوانب، لتخاطب قطاعا عريضا من المسلمين وهو ما يعتبر اضافة هامة تقدمها هذه المجلة.

· الارتباط بالواقع والتعبير عنه:
لم يكن ارتباط مجلة منبر الإسلام بالواقع هو أحد أهم أسباب نجاحها فقط بل ارتباطها بالقطاعات البسيطة من المتلقين من الجماهير، وهو في رأيي عامل النجاح الأوحد للنموذج التعليمي التثقيفي التربوي الذي تقدمه مجلة منبر الإسلام، ومما يؤكد هذه الرؤية سعر المجلة المنخفض بما يجعلها في متناول كل الفئات، أي أنها تخاطب الجمهور الذي يحتاج دفعة للتعلم، وتسعى للتأثير على قطاعات البسطاء من الناس، الذين تبهرهم فكرة التدين وقد يأخذهم هذا الانبهار إلى اتجاهات لن تكون في مجملها صحيحة، فهي تمثل منبرا يهديهم ويرسم لهم أسباب الفهم الصحيح البسيط للتدين وهذه النقطة تمثل عامل نجاح هام لهذه المجلة.

2- مجلة التسامح:
مجلة فكرية[33] دورية مستقلة، تعنى بقضايا التسامح وحقوق الإنسان، وهي فصلية يصدر منها أربعة أعداد سنوية، وكان العدد الأول منها قد صدر في شهر كانون الثاني -ديسمبر- من العام 2003، وتسعى لنشر ثقافة معاصرة تنويرية من خلال تأكيدها على قيم حقوق الإنسان والتسامح والتنوع الثقافي.
كما تسعى إلى دعم ومناصرة مبادئ التسامح، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحكم الصالح ونشرها على أوسع نطاق ممكن، في الفضاء المحلي، والعربي، والدولي.
ويلاحظ بشأن هذه المجلة:

· من حيث المحتوى والموضوعات:
مجلة التسامح من أكثر المجلات تنوعا في تناول الموضوعات، مع الثبات في المبنى والهيكل العام للمجلة؛ فتقسيم الأبواب ثابت منذ العدد الأول لهذه المجلة، وخاصة ذلك الجزء المتعلق باختيار آية قرآنية في مستهل كل عدد. فهناك موضوع أساسي يدور في فلكه العدد ضمانا للوحدة العضوية والبنائية للعدد ككل، وهو ما يحدث نوعا من التناغم والتكامل لدى المتلقي.
وهذا الثبات في الهيكل والأبواب يقابله تنوع هائل في طبيعة الموضوعات المطروحة والمتناولة في كل عدد ليس فقط في المادة والمحتوي وإنما أيضًا في التناول. فليس غريبا أن يشهد كل عدد أسماءً متنوعة من المثقفين والأكاديمين الذين يكتبون في شتى الموضوعات من شتى الدول ومن مختلف الخلفيات الثقافية سواء كانت عربية أو غربية وهذا بدوره يعمل على إثراء المحتوى والموضوعات المتناوله في كل عدد حتى في طريقة التناول والعرض، وخاصة في باب وجهات النظر الذي يطرح فيه مقالات لكتاب مختلفين عن نفس القضية يعرض كل كاتب مقاله الأكاديمي من وجهة نظره وانطلاقا من خلفياته وقناعته فتخرج بذلك المجلة جامعة لكل الآراء ومتضمنة لكافة الاتجاهات والتوجهات.
ولنا أن نشير إلى أنه غالبا ما يتضمن كل عدد مقال أو أكثر لكاتب أجنبي، تحقيقا للتنوع والتعدد فتخرج الصورة النهائية للمجلة ثرية بمحتواها وغنية بموضوعاتها.

· من حيث أصالة الموضوعات وارتباطها بالميراث الثقافي والحضاري:
تعرض مجلة التسامح تجربة فريدة في أصالة التناول للموضوعات المعروضة في المجلة، فعلى الرغم من مواكبة موضوعاتها لكافة الشواغل المعاصرة يبقى التناول في حد ذاته أصيلا ومرتبطا بغاية تهدف إلى ترسيخ القيم والمبادئ الحضارية الثقافية الإسلامية، فلم تمنع أصالة التناول من تعدد الموضوعات وتنوعها بل سارت أصالة التناول جنبا إلى جنب مع تنوع الموضوعات، فغاية ثبات الخطاب أو توحيده لم تكن عاملا محركا لاختيار الموضوعات بقدر ما كان الثبات في عرض وجهة النظر بحياد مع احترام وجهة نظر عارضها في اطار منهاجي أكاديمي عام.
وهذا التوازن بين الأصالة في طرح الموضوعات وتعددها كان هو الاساس في خلق نوع من الحياد والتوازن بين مقالات المجلة فإذا عرضت المجلة رأيا فهي تعرض في مقابله آراء آخرى دون أن تعكس ايا من هذه الآراء توجها ما، فلم نجد أيا من المقالات يرجح على أنه الأصوب بل على العكس، كان التوجه العام للمجلة هو حرية العرض وفسحة التناول والحياد التام في اعطاء كل فرد فرصته المتكافئة في عرض وجهة نظره الخاصة طالما كانت تلتزم بالمعايير الأكاديمية للبحث العلمي فحسب.

· من حيث الارتباط بالواقع والتعبير عنه:
كما أشرنا في خضم الحديث عن العلاقة بين الثقافة والدين، وحددنا أنها تكاملية تفاعلية، فقد عبرت مجلة التسامح عن هذه العلاقة بين الثقافة والدين من خلال الموضوعات التي طرحتها في جميع أعدادها.
فتوجه المجلة العام لا يرى حدودا فاصلة بين الثقافة والدين وهو ما ساعد هذه المجلة على أن تضمن مساحة كبيرة من التنوع بين الموضوعات الثقافية والدينية، ولم يمنعها من التعبير عن الأحداث المختلفة سواء على الساحة الدولية أو الساحة الأقليمية أو الساحة العربية من منظور ثقافي ديني متنوع فيه ثراء فكري وإفاده عامة للمتلقي.

3- مجلة حوزة الايرانية:
مجلة حوزة الايرانية، أو “انديشية حوزة” بالفارسية، صدر في صيف عام 1995م العدد الأول منها. وهي مجلة فصلية سياسية اجتماعية ثقافية، تصدرها جامعة العلوم الرضوية[34] بمدينة مشهد.
وقد اشتمل هذا العدد على مقالات في الفقه والسياسة والعلوم القرآنية والثقافة والأدب والأديان والفلسفة، وتقارير عن بعض الكتب.
وعن البعد الثقافي للمجلة، يُلاحظ:

· من حيث المحتوى والموضوعات:
تعتبر مجلة “حوزة” من أقوى المجلات الإسلامية الايرانية الرسمية داخل ايران حيث أنها تصدر مباشرة من الجهات الرسمية في إيران فهي خاضعة للحوزة العلمية الايرانية، وتمثل حلقة التواصل بين ايران وجمهور الشيعة في الداخل والخارج، وهو ما انعكس على التناول والمحتوى الخاص بالمجلة فقد كان خطابها يتميز بالحدة والتعبئة والفخر بالرموز الدينة، كما حرصت “الحوزة” على احياء أفكار هذه الرموز وتبسيطها بطريقة أكاديمية سهلة للمتلقي، فجاء الناتج العام حماسيا متحيزا لهذه الرموز ومناشدا للمتلقي بالفخر وتذكر هذه الرموز.
وقد عرضت المجلة في محتواها طريقة لربط هذا المحتوى بالواقع تأكيدا على شمولية أصحاب هذا الفكر؛ حيث تقرن أحيانًا الفكر الشيعي بالتنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تمثل قضية ملحة في عصرنا الحالي في اشارة عامة من المجلة إلى امكانيات الفكر الشيعي على مواجهة الصعوبات العالمية المعاشة في العصر الحالي.

· من حيث أصالة الموضوعات وارتباطها بالميراث الثقافي والحضاري:
لا شك أن هذه المجلة تحمل في غاياتها رسالة تنم عن الدفاع المتواصل عن الأصالة واحترام التقاليد والارث الحضاري الشيعي وتقديس رموز هذا الفكر والعرض الجيد لهم، وتحليل رؤياهم لكافة القضايا والموضوعات في محاولة احيائية مجتهدة لتراثهم الديني والفكري، كما حملت المجلة أيضا نية الاشادة بالنماذج الفكرية المعاصرة التي تهتدي بنفس المنهج الأصيل وتسير في فلك احياء التراث والميراث الشيعي.

· من حيث التعدد والتنوع في الطرح:
يلاحظ القارئ غياب التعدد في طرح وجهات النظر، فلا نجد كاتبا لا ينتمي إلى المدرسة الشيعية يكتب في هذه المجلة، كما أننا لا نجد أيضا أقطابا أو محاور تناقش خارج اطار المجتمع الايراني، فعلى الرغم من الثراء الأكاديمي الذي تتمتع به المقالات المنشورة وتحري الدقة المنهاجية في الطرح أو الكتابة أو الحاق المراجع العلمية إلا أن الموضوعات المطروحة لا يمكن بحال من الأحوال أن تفهم الا في اطار المدرسة الشيعية ذاتها فهي محلية التناول في غالب الطرح، فلا تعطي مساحة للجانب الفكري الآخر بأي حال. وهو ما يعكس حالة فكرية متحيزة للفكر الشيعي وخاصة في مرحلة الثورة وما تلاها.

· من حيث الارتباط بالواقع والتعبير عنه:
جاءت موضوعات المجلة مرتبطة إلى حد كبير بالواقع الايراني ومتماشية إلى حد التطابق مع الرؤية الايرانية الرسمية، فوجدنا تكرارا لمقولات تؤكد ذلك مثل “الامبريالية الليبرالية والاشتراكية والشيوعية هي العدو”، أيضا “ولاية الفقية” هي النموذج الأمثل للحكم الإسلامي، وايضا “النظام الإسلامي الشيعي عالمي يحقق التنمية والازدهار، وغيرها من العبارات التي تتردد كثيرا في جنبات هذه المجلة الفكرية القوية والتي تؤكد الارتباط العضوي بين وجهة النظر الدينية الرسمية وبين الطرح الثقافي والأكاديمي لهذه المجلة النخبوية الرسمية الدينية.

4- مجلة منار الإسلام الاماراتية:
مجلة منار الإسلام مجله شهرية، ثقافية، دينية، تصدر عن الهيئة العامة للشؤن الإسلامية والأوقاف الاماراتية، تصدر منذ 26 عاما تقريبا[35]، فقد تأسست في عام 1974 للميلاد وصدر منها حتى الآن 442 عدد.

والملاحظة العامة والأهم في هذا السياق عن مجلة منار الإسلام، أنها أقرب ما تكون إلى مجلة اخبارية إعلامية وإعلانية عن أخبار الهيئة العامة للشؤن الإسلامية والأوقاف الاماراتية، فهي أقرب ما تكون إلى نشرة أو دورية أخبارية أو ما يسمى Newsletter، وهو قد يكون مطلوبا بالنسبة لهذه الهئية التي تعمل على نطاق فوق اقليمي، فالجانب الاعلامي في هذه المجلة يفوق غيره من الجوانب التعليمية أو التثقيفية.

خاتمة:

مما سبق يمكننا القول أن الدور الثقافي للمؤسسات الدينية مهم للغاية وخاصة إذا ما نظرنا اليه في سياق منظومة المقاصد والغايات الإسلامية، فالحضارة الإسلامية هي ميراث متكامل بين إعمال العقل وتوظيف وتفعيل الفكر مع النص المقدس، فيتحقق اكتشاف الانسان لذاته وإمكاناته وقدراته التي بدورها تقوده لأن يكتشف العالم الذي يحيطه ويدرك غاية وجوده في هذه الحياه وعلى هذه الأرض، فيحول طاقته وطاقة أقرانه نحو هدف من المثالية والسمو الأخلاقي والرقي والايجابية.
فمن الضروري أن يكون للمؤسسة الدينية كيان مؤسسي لا يتوقف مصيره ولا ترتبط قراراته بفرد معين أو بتوجهات رأس المؤسسة، بل بعمل جماعي يعبر عن لغة العصر، إن المؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي تعاني من أزمات ومشكلات، وليس أدل علي ذلك مثلا من تصريح شيخ الأزهر د.أحمد الطيب واعترافه بغياب منهج الأزهر الوسطى المعتدل فضلا عن تراجع وضعف مستوى الائمة والدعاة وخريجي الأزهر وعدم تحملهم مسئولية الدعوة والانجرار وراء مطالبهم الحياتية والمصالح الضيقة[36].
إن نِسب الجهل والأمية والفقر والمرض هي الأعلي بين دول العالم ناهيك عن الخلافات والنزاعات السياسية وتراجع النشاط الاقتصادي والمشاكل الاجتماعية، وغيرها من المشكلات التي تعيشها المجتمعات العربية والإسلامية، وهذه المؤسسات موجودة وأدوارها غير ملموسة للمواطن العادي وهو ما يتناقض مع خيرية الأمة الإسلامية.
كما أن هذه المؤسسات لا تعيش في بيئة منعزلة وبالتالي عليها أن تعلب دوراً فاعلاً في محاربة هذه الآفات التي تعيش في العالم العربي والإسلامي، وعلي المؤسسات الدينية إعادة هيكلة ذاتها، ومراجعة دورها وخطابها وتنظيراتها والبضاعة التي تقدمها للجمهور كي تكون مواكبة للعصر بحق لا بشعارات جوفاء أو بطلاءات لفظية لا تغني ولا تسمن من جوع، بل عليها التعامل مع الجماهير والعناية بمشاكلهم والإحساس بهموهم والتعبير عنها ثقافيا ودينياً حتي لا يكون الدين منعزلاً في صورة عبادات وشعائر وتسابيح وهمهمات، بل متلاحماً متعاضداً، لأن الدين والنص المقدس لا ينطق وحده، وإنما ينطق به الرجال، وصناعة الرجال ومن قبلها العقل المتدين المثقف مهمة هذه المؤسسات التي تواتر علي محاولات إصلاحها الكثير[37].
وقد زال بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير الاستبداد السياسي والقهر الذي كان البعض يبرر به ضعف المؤسسة الدينية في مصر مثلا، فما المانع الآن إذا..؟ وهل سنصدق مقولة نصير الحرية وعدو الاستبداد الامام عبد الرحمن الكواكبي أن “الاستبداد في السياسة متولد من الاستبداد في الدين أو مساير له”..!
إن المؤسسات الدينية تضع على عاتقها وظيفة تاريخية ذات مرجعيه حضارية دينية، عليها أن تؤديها في نطاق الصراع الذي تعيشه الأسرة الدولية المعاصرة، لإنقاذ الإنسانية المعذبة من تَمَزُّقاتِها الضَّيِّقة التي فرضتها الأحداث على مجتمعنا، الذي نعيشه في الربع الأخير من القرن العشرين، علينا أن نبدأ فنزيل مجموعةً من المفاهيم الخاطئة التي لم يعد هناك موضع لتقبلها، والتي آن الأوان لكي نوضح حقيقة ما تحتويه من تشويه للخبرة التاريخية[38].
فالتناغم مع النهضة الانسانية والوظيفة الحضارية للفكر هو مناط الوظيفة الثقافية للمؤسسات الدينية الإسلامية[39].

الهوامش:

* باحث في الفكر الإسلامي والعلوم السياسية

[1]- لمزيد من المعلومات التفصيلية عن المدارس الفكرية الإسلامية وتوصيفها التفصيلي الدقيق، راجع: د.حسان عبد الله حسان، الفكر التربوي الامامي، ايران نموذجا، سلسلة الفكر الايراني المعاصر، مركز الحضارة لتنمية الفكر الايراني المعاصر، الطبعة الأولى، 2008، الجزء الأول ص 11-40.
[2] – راجع: طارق حسن السقا،المؤسسة الدينية في العالم الإسلام، مقال منشور متوفر على الرابط التالي: http://www.saaid.net/Doat/alsaqa/3.htm
[3] – راجع: محمد محمد أمزيان، مجلة إسلامية المعرفة، العدد 58، قراءة في منهج البحث الاجتماعي، بين الوضعية و المعيارية، ملخص رسالة دكتوراه لنفس الباحث، عام 1987.
[4] – راجع: سلوك المالك في تدبير الممالك، تحقيق و تعليق وترجمة الدكتور حامد ربيع، تأليف العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد بن ابي الربيع، ألفه للخليفة المعتصم بالله العباسي، الجزء الأول، ص مطابع دار الشعب بالقاهرة، 1980.
[5] – يشير الدكتور سيف الدين عبد الفتاح إلى حقيقة التعامل مع المفاهيم من خلال مبدء التجني أو التبني في اطار الاشكاليات المتصلة بالتعامل مع المفاهيم، لمزيد من المعلومات التفصيلية راجع: د.سيف الدين عبد الفتاح، محاولة لتحديد مفهوم الخصوصية الثقافية بين التأشير الاجرائي والتأصيل النظري، في: الخصوصية الثقافية نحو تفعيل التغير السياسي والاجتماعي، مراجعة وتحرير علياء وجدي، تنسيق علمي واشراف نادية محمود مصطفى، محمد صفار، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، ص 48.
[6] – يرى الباحث في توجهه العام لاختيار النماذج التحليلية لهذه الورقة أن الشيعة أحد المدارس الإسلامية ولا تختلف كثيرا من حيث الأهمية والتأثير عن باقي المدارس الإسلامية و قد اختار الباحث الحوزة العلملية ذلك للتوجة العام الشيعي في إيران على عكس مجلة المنار مثلا التي قد يكون توجهها شيعي الا أنها لا تعبر عن مؤسسسة دينية رسمية، في حين أ ن رصد تأثير هذا الأخير على المناخ و الحالة الثقافية هو ما يعني الباحث بطريقة أو بأخرى.
[7] – راجع: مالك بن نبي، مشكلات الحضارة، مشكلة الثقافة، دار الفكر المعاصر لبنان، ترجمة د. عبد الصبور شاهين الطبعة الرابعة 1984، ص19
[8] – مشكلات الحضارة والثقافة ص19.
[9] – سورة البقرة 191.
[10] – نستنتج مما سبق أن للثقافة دلالتان: معنى حقيقي (حسي)، ومعنى مجازي (معنوي). إذا الأصل في دلالة الكلمة في اللغة العربية أن تستعمل في معناها الحقيقي الحسي, لأنها تدل على الأمور المعنوية دلالة مجازية ومن هذه المعاني الأصيلة والدلالات الحقيقية ما يلي:
1. إدراك الشيء والحصول عليه.
2. تقويم الشيء المعوج و تسويته.
3. المثاقفة والملاعبة بالسيف.
ومن المعاني المجازية والدلالات المعنوية:
1. الحذق والفطنة والذكاء.
2. سرعة التعلم والفهم.
3. إدراك العلوم وضبط المعرفة المكتسبة.
4. تنمية الفكر والمواهب.
-[11] فقد عرف المجمع اللغوي للثقافة بالمعنى العام بأنها “جملة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق بها”. وعرفها المجمع الفلسفي بقوله “كل ما فيه استثارات للذهن وتهذيب للذوق.. للمزيد انظر: راشد شهوان وآخرون، الثقافة الإسلامية ثقافة المسلم وتحديات العصر، دار المناهج، الأردن، ط1، 1420 هـ ص14.
[12] – إدوارد تايلور عالم انثروبولوجي بريطاني.من ورثة عصر الأنوار الفرنسي، ومتأثر ببعض علماء الإنسان الألمان مثل غوستاف كليم، استخدم كلمة الثقافة مفردة وجعل مراحل لتطورها ودافع عن الشعوب البدائية، وقال: إن الفارق بين ثقافتهم وثقافة المتحضرين هو درجة التقدم الثقافي، وحاول إيجاد براهين على ذلك، فهو يؤيد النظرية التطورية ذات الاتجاه الواحد.
[13]- انظر: راشد شهوان وآخرون، الثقافة الإسلامية ثقافة المسلم وتحديات العصر، دار المناهج، الأردن، ط1، 1420 هـ ص14.
[14]- المرجع السابق، ص 14.
[15] – أحد أبرز علماء الاجتماع السياسي، ولد في لندن عالم 1883، من أبرز ما أبدع، كان نظرية عن علاقة الأيديولوجية بالثقافة، أو ما أسماه هو الثقافة الأولية أو التحتية. ولا يزال يستخدم تعريفه للثقافة في معظم الكتابات (الانثروبولوجية) حتى الزمن الراهن.
[16] – فتعريف الثقافة من هذه الناحية متعددة الجوانب يؤكد على تعدد روافدها و تقاطعها، فهي تشمل كل ما له علاقة بتكوين الفرد الذاتي والعقلي ومتعلقة بتحديد طبيعة علاقته مع الآخرين، ومن هذا المنطلق تبدو الثقافة أكثر اجرائية ولزوما في العلوم الاجتماعية الغربية.
[17] – فهي من اللفظ اللاتيني “Culture” أي حراثة الأرض وزراعتها، وتحول استخدامها فيما بعد في الفلسفة لتكون بمعنى زراعة العقل وتنميته، راجع: نصر عارف، الحضارة، الثقافة، المدنية، دراسة لسيرة المصطلح ودلالة المفهوم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة المفاهيم والمصطلحات ودلالة المفهوم (1)، 1994، ص 20 إلى 22.
[18] – راجع: د.نادية مصطفى ود.محمد صفار، محاورات عن الخصوصية الثقافية، نحو تفعيل التغير السياسي والاجتماعي، تحرير ومراجعة علياء وجدي، تنسيق علمي واشراف برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ص 36 وما بعدها، ط1، 2008.
[19] – فيلسوف فرنسي، يعتبر من أهم فلاسفة النصف الأخير من القرن العشرين، تأثر بالبنيويين ودرس وحلل تاريخ الجنون في كتابه “تاريخ الجنون”, وعالج مواضيع مثل الإجرام والعقوبات والممارسات الاجتماعية في السجون. ابتكر مصطلح “أركيولوجية المعرفة”.
[20] – لمزيد من القراءة عن أهمية دراسة الدين من وجهة النظر الاجتماعية، راجع: سامية مصطفي الخشاب، دراسات في الاجتماع الديني، مكتبة النصر للتوزيع والنشر، القاهرة، ط 2، 1993، ص 23- 30.
[21]- راجع: مقال محمد حلمي عبد الوهاب، الدين والثقافة والمجتمع…علاقة تتشكل مجدداً في عالمنا المعاصر، 2011، منشور علي الرابط التالي: http://international.daralhayat.com/internationalarticle/225990
[22] – راجع: مقال د. عصام محمد، مفهوم الدين ومفهوم المؤسسية الجزء الأول، 2007منشور على الرابط التالي: http://disam.maktoobblog.com/278007/، راجع أيضا: مقال، طارق حسن السقا، المؤسسة االدينية و دورها في العالم الإسلامي، منشور على الرابط التالي:http://www.saaid.net/Doat/alsaqa/3.htm
[23] – للمزيد حول تعريفات مفهوم الدين سواء كانت التعريفات وظيفية أو رمزية، انظر: سامية مصطفي الخشاب، دراسات في الاجتماع الديني، مكتبة النصر للتوزيع والنشر، القاهرة، ط 2، 1993، ص 23- 30، راجع أيضا إشكاليات مصطلح الدين والتدين والتعريفات المختلفه له عند الغربيين في: د.مهدي محمد القصاص، علم الاجتماع الديني، بحث منشور علي الانترنت، 2008، ص 15- 17.
[24] – فعلى سبيل المثال يختلف مفهوم “الديني” عبر الديانات والتكوينات الاجتماعية وغيرها من الضوابط النوعية التي من شأنها أن تحدد توجه مفهوم الديني أو تحدد فاعليته المفاهيمية، وأذكر علي سبيل المثال أن جوناثان سميث قد أورد قائمة مكوّنة من خمسين محاولة مختلفة لتعريف مفهوم الدين، ليخلص في النهاية إلى أن ذلك لا يعني عدم إمكان الوصول إلى تعريف للدين، وإنما يمكن تعريفه بوسائل عدة تصل إلى خمسين وسيلة تتراوح بين النجاح والإخفاق، راجع: مقال محمد حلمي عبد الوهاب، الدين والثقافة والمجتمع…علاقة تتشكل مجدداً في عالمنا المعاصر، 2011، منشور علي الرابط التالي: http://international.daralhayat.com/internationalarticle/225990
[25] – هو نائب مدير معهد آل مكتوم للدراسات العربية والإسلامية باسكتلندا، والمشرف علي برنامج التعددية الثقافية، وصاحب كتاب “الدين الأسس”، وهو باحث مهتم بالتعدد الثقافي والحوار الحضاري.
[26] – حيث أكد أن “النظر إليه –أي الدين- ليس باعتباره شيئاً ذا معنى مميز في ذاته فحسب، بل ويُمارَس بطرق شتى في الحياة اليومية أيضاً. ومن ثم، قصد باستخدام المصطلح في كتابه الإشارة إلى ذلك النطاق الواسع للدلالات المتنوعة المندرجة تحت مفهوم الدين في استخدامات الحياة اليومية، ونتيجة لذلك أيضاً، اقترح ناي على الباحثين أنه بدلاً من الاستغراق في إضافة تعريف جديد إلى قائمة التعريفات، عليهم أن يعملوا بدلاً من ذلك بناءً على الفرضية القائلة إنّ في كثير من السياقات الثقافية ثمة مساحة ما لنشاط ثقافي ما يُطلق عليه مصطلح «الدين». وأنه في حال قبولنا بذلك كمسلّمة يُصبح الغرضُ من دراسة الدين كمعطى ثقافي ممثلاً في «رؤية كيفية ممارسة النشاطات التي تندرج تحت هذا المصطلح المتعدد الدلالات كجزء من الحياة الثقافية ككل»،…
[27] – وهى من مدارس بغداد القديمة كانت موجهه للوقوف أمام المد الشيعى الإمامى وبعض فرق المعتزلة، وأسس هذه المدرسة الوزير السلجوقى نظام الملك عام 754 هـ وان كان بعض المؤرخين يؤكدون علي أن تأسيس المدرسة كان عام 459 هـ / 1066 م وكان مشهورا عن الوزير ميله للغة الحوار وان مقاومة الفكر لايكون الا من خلال الفكر الذي يدحض آراء الآخرين. للمزيد: انظر الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=189684
[28] – د.سامية الخشاب، مرجع سابق: ص 188.
[29] – انظر: رضوان السيد، المؤسسات الدينية بين الاحياء والاصلاح، جريدة الشرق الأوسط، علي الرابط التالي: http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=509842&issueno=11056
[30] – يري الباحث العراقي أن “تمأسس الدين هو تحول كل شيء يرتبط بالدين إلى مؤسسة تدير التعليم، والرعاية، والتوجيه، والارشاد، والدعوة، والتمويل للشأن الديني. ومادام الدين متغلغلا في المجتمعات، ويتصل بوشائج عضوية بأنماط الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية للمجتمع، فإن صيرورة المؤسسة الدينية وتمددها وانكماشها، وانفتاحها وانغلاقها، وتطورها وتخلفها، يرتبط بالاجتماع البشري وصيرورته. للمزيد انظر حوار الباحث العراقي عبد الجبار الرفاعي بعنوان: تحديث المؤسسة الدينية يعتمد على إكتشاف المنطق الذاتي للموروث، علي الرابط التالي:
http://www.babnews.com/inp/view.asp?ID=34802
[31] – سورة الحجرات 13.
[32] – راجع: محمد حسن الأمين، قضية العلاقة بين الثقافة والدين وحاجة الثقافة إلى شفافية الدين، مقال منشور على الرابط التالي: http://www.arabslink.net/vb/showthread.php?t=182
[33] – ذكرت وزارة الأوقاف العمانية في تقيمها الدوري للمجلة التالي: شكلت مجلة التسامح نقلة نوعية في منجزات الوزارة حتى عاد يشار إليها في أصقاع العالم وفرضت نفسها كدورية فصلية ينتظرها المتخصصون بفارغ الصبر لما تحمله في محاورها من نتاح الأفكار وروائع الدراسات والأبحاث زفتها إلى المجلة أقلام أساتذة متخصصين وباحثين يشار إليهم بالبنان من أنحاء العالم الإسلامي.
كما استطاعت المجلة أن تظهر كثيراً من المعارف المكنونة لا يستخرجها إلا إمعان النظر وإجالة الفكر في محور محدد كثيراً ما يكون آية قرآنية كريمة تتبارى الأقلام في رسم ظلالها وتلوين مباهجها، هذا وتعمل المجلة على ترسيخ مبدأ حق الاختلاف وتعددية وجهات النظر وتجديد الفكر الإسلامي من خلال بحوث الاجتهاد التي تعنى بمرونة الشريعة الإسلامية ومتغيرات الساحة وتصحيح المفاهيم والبحث عن الفكر المستنير. راجع النص الأصلي على موقع وزارة الأوقاف العمانية على الرابط التالي: http://www.maraoman.net/main.asp?ArticleId=148
[34] – هي كبرى الجامعات الايرانية الحكومية التي انشأت في اعقاب الثورة الايرانية في مدينة مشهد.
[35] – راجع: موقع الهيئة العامة للشؤن الإسلامية و الأوقاف الاماراتية، http://www.awqaf.ae/Manar.aspx?SectionID=8
[36] – انظر: http://www.masrawy.com/news/egypt/politics/2011/march/7/azhar_tayeb.aspx،
وانظر أيضا للمزيد: محمد سليم العوا، أزمة المؤسسة الدينية، دار الشروق، القاهرة، 1980.
[37] – انظر بحث د.عبد المعطي بيومي بعنوان: دور الأستاذ الإمام محمد عبده في إصلاح المؤسسات، علي الرابط التالي: http://www.alwasatparty.com/modules.php?name=News&file=article&sid=10320
[38] – انظر: الدكتور حامد ربيع، مقال أمتى والوظيفة الحضارية، منشور على الرابط التالي: http://www.alukah.net/Culture/1007/2422/.
[39] – راجع: د.مني أبو الفضل، الأمة القطب: في السيرة والمفهوم، مجلة الرشاد، متوفر على الرابط التالي: http://www.alrashad.org/issues/12/12-AbulFadl.htm

نشر في حولية أمتي في العالم، عدد 2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى