التحول في المواقف الرسمية الفلسطينية تجاه إسرائيل

مقدمة

قانون “الدولة القومية اليهودية” الذي صدَّقت عليه لجنة التشريع الوزارية في الحكومة الإسرائيلية بالإجماع بعد أربع سنوات من طرحه لأول مرة وصدَّق عليه الكنيست في 10 مايو 2017 لا يقرُّ بحقِّ “تقرير المصير” لغير اليهود، ويعرِّف إسرائيل بأنها دولة يهودية وديمقراطية وأن القدس هي عاصمة إسرائيل واللغة العبرية هي اللغة الرسمية(1)، الأمر الذي يعني ضمنًا أنه لا مكان للفلسطينيِّين الذين بقوا يعيشون في قراهم وبلداتهم بعد أن سيطرت عليها إسرائيل عام 1948م وهم الذين يحملون قسرًا جوازات سفر إسرائيلية ويلقَّبون بعرب إسرائيل، وهم من الناحية الواقعية يمثِّلون خطَّ الدفاع الفلسطيني الأول في مواجهة المشروع الصهيوني. من المتوقَّع أن تكون هذه مقدِّمات لترحيلهم أو عزلهم تمامًا، عبر عملية نقل قسرية (ترانسفير) كان قد نادى بها أفيجدور ليبرمان(2)، وهي خطة لترحيل أو طرد الفلسطينيِّين المحتلَّة أرضهم سنة 1948م وعددهم يزيد عن مليون ونصف المليون فلسطيني، أي حوالي 18% من سكَّان إسرائيل، بهدف تحقيق الفصل الكامل بين الفلسطينيِّين والإسرائيليِّين(3). الأمر الذي يعني وفق هذا القانون العنصري تعرض الفلسطينيِّين لنكبة ثانية. هذا بالنسبة للجزء الذي مساحته 78% من أرض فلسطين والذي أقيم عليه عنوة الكيان الصهيوني.
أمَّا بالنسبة لأرض فلسطين المحتلة عام 1967م، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ومساحتها 22% من مساحة أرض فلسطين البالغة 27000 كيلو متر مربع، فإن القيادة الفلسطينية استنادًا إلى مؤتمر “مدريد” (1991م) واتفاقيتي “أوسلو” الأولى (1993م) والثانية (1995م) مرورًا بقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في 10 أكتوبر 1993 بإنشاء السلطة الفلسطينية، قد قبلت قيام دولة فلسطينية على حدود 1967م، الأمر الذي يعني التنازل عن 78% من أرض فلسطين. بينما الرؤية الصهيونية الأمريكية على أرض الواقع وبعد قرابة ما يزيد عن ربع قرن من التفاوض، من الواضح والمؤكد أنها لا تريد خيار الدولتين الذي تمَّ إقراره أول مرة عام 1947م، ولا تريد أن تمنح الفلسطينيِّين دولة على حدود 1967م. إن ما تمَّ على أرض الواقع هو قيام حكم ذاتي في قطاع غزة، وفي 39% من مساحة الضفة الغربية. فالضفة الغربية قد تمَّ تقسيمها وفقًا لاتفاقيتي “أوسلو” إلى ثلاث مناطق: المنطقة (أ) تحت سيطرة فلسطينية (18% من مساحة الضفة الغربية) ولا توجد فيها مستوطنات، والمنطقة (ب) تحت سيطرة مشتركة (21%) ولا توجد فيها مستوطنات أيضًا، والمنطقة (ج) تحت سيطرة إسرائيلية (61%) وتوجد فيها مستوطنات ومن ثمَّ لا تدخل ضمن الحكم الذاتي الفلسطيني.
وعليه فإن الدولة الفلسطينية التي ستنشأ على أرض الواقع ستكون على 9% من مساحة أرض فلسطين، أمَّا نسبة الـ 13% المتبقِّية من نسبة الـ 22% فإنها تشمل القدس الشرقية والمنطقة (ج) من الضفَّة الغربية. علاوة على ذلك فإن هذه الدولة لم تتحقَّق حتى هذه اللحظة. فوعد ترامب ينفي أن تكون القدس عاصمة لفلسطين، وما يسمَّى بصفقة العصر(4) يدور الحديث بخصوصها من قبل البعض عن كيان فلسطيني في غزة موسَّع في سيناء.
والسؤال من الذي سيسكن سيناء من الفلسطينيِّين، لو فرضنا جدلًا بأن هناك تدبيرًا لهذا الأمر؟ هل سيسكنها الفلسطينيون الذين احتُلَّت أرضهم عام 1948م ومازالوا فيها؟ وهي النكبة الثانية المحتملة في المدى المتوسط، أم هم أهل الضفة الغربية؟ وهي النكبة الثالثة المحتملة في المدى البعيد. وفي حال أن مقترح توطين الفلسطينيِّين في سيناء لم يُكتب له النجاح، فالمنطق من المنظور الصهيوني الأمريكي سيُفضي في أفضل الأحوال وعلى المدى القصير أو المتوسط إلى الإبقاء على حكميْن ذاتيَّيْن متناحريْن أحدهما في قطاع غزة وعاصمته مدينة غزة تسيطر عليه “حماس” عسكريًّا حتى في ظلِّ حكومة وحدة وطنية، والآخر في المنطقتين (أ) و (ب) من الضفة الغربية وعاصمته رام الله تسيطر عليه “فتح”، وكلاهما سيخضع للتوغُّل والحصار والعدوان المتكرِّر بين الحين والآخر. أمَّا في أسوأ الأحوال وعلى المدى المتوسط أو البعيد، وهو الأرجح، فالهدف الصهيوني الأمريكي من التفاوض، ولربع قرن آخر من الزمان وربما نصف قرن، هو المماطلة وتضييع الوقت لمواصلة بناء مزيد من المستوطنات. في نهاية المطاف ستصل الأمور إلى حد الانتقال لبناء المستوطنات في المنطقة (ب) ذات السيطرة المشتركة ثم في المنطقة (أ) ذات السيطرة الفلسطينية، أو ربما إقدام إسرائيل على تنفيذ تبادل قسري للفلسطينيِّين المحتلَّة أرضهم عام 1948م مع مستوطني الضفَّة وربما مع جزء منهم. وهكذا لن يبقى أمام الفلسطينيِّين سوى قطاع غزة وكيان موسَّع في سيناء وفق توقُّعات البعض. ولكن بصرف النظر عن هذه التوقعات المتشائمة، فالمحصلة الحالية على أرض الواقع، وربما تكون هي نهاية المطاف: حكمان ذاتيان على 9% من أرض فلسطين قابلان للانكماش والضمور مع بناء المستوطنات بخطى متسارعة يومًا بعد يوم.
في ضوء الوضع الحالي للقضية الفلسطينية والتوقُّعات المستقبلية القاتمة، التساؤل الذي يطرح نفسه: لماذا مازالت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية متمسِّكة بالخيار التفاوضي كخيار استراتيجي وهي تعلم أنه لا طائل من ورائه؟ لقد مرَّ التفاوض بثلاث مراحل: مرحلة تحقيق بعض المكاسب مع تأسيس سلطة الحكم الذاتي، ومرحلة التراجع مع وجود أمل بقيام الدولة الفلسطينية رغم العدوان الإسرائيلي المتكرِّر على غزة والضفَّة ومحاولات تدمير السلطة واستبدالها تدريجيًّا بالإدارة المدنية الإسرائيلية، ومرحلة التراجع مع فقدان الأمل بقيام دولة فلسطينية في ظلِّ وعد ترامب وصفقة القرن، وهي المرحلة الحالية المفروضة التي أصبح اللعب فيها على المكشوف من الوسيط الأمريكي. وهناك تساؤل آخر: لماذا القيادة الفلسطينية غافلة عن تفعيل وتوجيه ودعم المقاومة المدنية الشاملة رغم أنها تستطيع ذلك في إطار خيار التفاوض، لكن الأمور اقتصرت على مقاومة مدنية في مناطق محدَّدة وبمجهودات شعبيَّة لم تَلْقَ دعمًا من أحد؟ ولماذا خيار الانتفاضة غائب الآن؟ على ماذا تفاوض القيادة الفلسطينية إذن؟ ما هي المكاسب المتوقَّع الحصول عليها بعد هذا كله؟ وفي ظل اللاءات الصهيونية: لا لحدود 1967م كأساس للمفاوضات، لا للسيادة الفلسطينية الكاملة، لا لحق عودة اللاجئين، لا لتقسيم القدس ولا لأيِّ حديث عنها، لا لوقف الاستيطان، لا للانسحاب من الكتل الاستيطانية الكبرى بالضفة العربية، لا للانسحاب من غور الأردن، لا للمبادرة العربية، ولا لاستئناف المفاوضات دون الاعتراف الفلسطيني المسبق بيهودية دولة إسرائيل. هل يكفي العمل الدبلوماسي لمواجهة هذه الحالة أم أن الاكتفاء بذلك يعكس قصورًا كبيرًا على المستوى الرسمي الفلسطيني؟
من الواضح أن حلَّ الصراع وفقًا للرؤية الصهيونية الأمريكية يحمل صورة قاتمة في ظل الخديعة والمماطلة والتهويد والاستيطان، ويؤكِّد ذلك صدور “وعد بلفور” آخر في أواخر عام 2017م وبعد مئة عام من الوعد الأول. والسؤال الذي يطرح نفسه أيضًا: إن كان خيار الدولتين على أرض الواقع لم يعد ممكنًا والنوايا الصهيونية الأمريكية تعكس ذلك، فهل نحن نقترب من ضياع فلسطين، وما تبقَّى هو التشبُّث بالأرض في إطار الحكم الذاتي. هل إدراك القيادة الفلسطينية لذلك كله دفعها لإحداث تحوُّل في مواقفها الرسمية رغم التزامها باستراتيجية التفاوض والخيار السلمي؟ ما هو واقع هذا التحول؟ وكيف يمكن تقييمه، وما هو التحوُّل المأمول من القيادة الفلسطينية؟ وما هي مثبِّطات هذا التحوُّل وما هي محفِّزاته؟ هل يمكن إعادة الاعتبار للَّاءات العربية: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض، أو: لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات مع إسرائيل. وكذلك: لا لتهويد القدس، لا للقرار الأمريكي، لا للجدار، لا للتمييز العنصري، ولا للمستوطنات. هل يمكن انتقالها من طور الشعارات إلى طور الممارسة لتصبح أمرًا واقعًا؟
في إطار هذا التساؤلات، سيتمُّ في هذا التقرير تناول ثلاث نقاط هي: ملامح التحوُّل، بيئة التحوُّل، وتقييم التحوُّل والمأمول منه.

أولًا- ملامح التحول

لقد شهدت المواقف الرسمية الفلسطينية تجاه إسرائيل تحوُّلًا في الآونة الأخيرة يمكن الاستدلال عليه من خلال متابعة تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكلماته التي ألقاها في مناسبات عدَّة وتحرُّكاته الدبلوماسية على المستوييْن الإقليمي والدولي وقراراته التي اتَّخذها، ويمكن أيضًا الاستدلال على هذا التحوُّل من خلال متابعة اجتماعات وقرارات مؤسَّسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية في رام الله، وأيضًا حركة “فتح”. ونظرًا لسيطرة الرئيس عباس على المؤسَّسات المذكورة ونجاحه في استبعاد معارضيه ومنتقديه يمكن القول بأن ما تقوم به هذه المؤسَّسات لا يعدو كونه تنفيذًا لما يراه الرئيس عباس واستبعادًا للآراء الأخرى. فبعد فصل محمد دحلان من عضوية اللجنة المركزية لحركة “فتح” لتورُّطه في قضايا فساد مالي ولإقدامه على تنفيذ اغتيالات لفلسطينيِّين أبرياء، كما يُقال، تخلص عباس من مؤيدي دحلان في المجلس المركزي، ودحلان بدوره اتَّهم عباس وأولاده باختلاس أكثر من مليار دولار من أموال الشعب الفلسطيني. ومارس عباس الضغوط على منتقديه في “الجبهة الشعبية” بقطع مخصَّصاتهم المالية من الصندوق القومي الفلسطيني وهم الذين اتَّهموه بالتقصير وعدم تنفيذ قرارات المجلس المركزي وطالبوا بمحاسبته(5). ويلاحظ أن هذا التحوُّل الذي يقوده الرئيس عباس مازال يتحرَّك في إطار سقف التفاوض القائم على حلِّ الدولتيْن ولم يتجاوزْه، أملًا في استئناف عملية التسوية السلمية من حيث انتهت، وليس من بدايتها كما يريد اليمين الصهيوني بقيادة نتنياهو. كما سيرصد التقرير التحوُّل في المواقف الرسمية لحكومة “حماس” في قطاع غزة الذي عبَّرت عنه “وثيقة حماس” والتغيير القيادي الأخير في مؤسسات الحركة.
أ- ملامح التحول في المواقف الرسمية لقيادة المنظمة والسلطة الفلسطينية في رام الله:
وتتجلَّى ملامح التحوُّل في المواقف الرسمية الفلسطينية لدى قيادة “المنظَّمة” و”السلطة” في رام الله من خلال تناول ستِّ قضايا كبرى هي: مواصلة الاستيطان الصهيوني، والسيطرة الصهيونية على المسجد الأقصى، والمعاناة الفلسطينية في ظلِّ الاحتلال، وحل الصراع، ووعد ترامب لليهود بشأن القدس، وبدء عملية مراجعة فلسطينية شاملة بهدف إعداد استراتيجية جديدة لإدارة الصراع. وفي إطار هذه القضايا سيتمُّ التعرُّف على الإجراءات الفلسطينية التي تمَّ اتِّخاذها على أرض الواقع في ضوء هذه المتغيِّرات.
1- مواصلة الاستيطان الصهيوني:
أصدر الرئيس عباس عدَّة تصريحات واتَّخذ بعض الإجراءات على المستوييْن المحلي والدولي ردًّا على استمرار سياسة الاستيطان الصهيوني.
فعلى المستوى المحلي، هاجم التشريعَ الذي سَنَّهُ الكنيست الإسرائيلي لإجازة سرقة الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنين بما فيها القدس الشرقية باعتباره مخالفًا للقانون الدولي. واعتبر إعلانات الحكومة الإسرائيلية عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967م عدوانًا على الشعب الفلسطيني مؤكِّدًا أنه ستتمُّ مواجهتُه في كافَّة المحافل الدولية(6). وهدَّد الرئيس عباس بأنه قد يضطر لقطع التعاون الأمني مع إسرائيل(7)، وأدان قرار “الليكود” بشأن ضمِّ أراضٍ فلسطينية لتوسيع المستوطنات وأدان استراتيجية “الليكود” لعام 2018م القاضية بإنهاء الوجود الفلسطيني وفرض مشروع إسرائيل الكبرى على أرض فلسطين التاريخية(8). ورفض الرئيس عباس لقاء السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان المعروف بانحيازه الشديد لإسرائيل والاستيطان(9).
وعلى المستوى الدولي، دعا الرئيس عباس المجتمع الدولي إلى توفير الحماية الدولية ووقف الاستيطان ووقف كل الممارسات غير الأخلاقية وغير الإنسانية التي تمارسها إسرائيل بحقِّ الشعب الفلسطيني(10). ورفض عباس اقتراحًا أمريكيًّا للقاء نتنياهو طرحَه وزير الخارجية جون كيري (إدارة أوباما) لاستئناف المفاوضات بين الطرفين في (11 أغسطس 2016) واشتراط وقف المستوطنات وإطلاق سراح سجناء الدفعة الرابعة فورًا(11). وتمَّ استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية(12)، وإعلان مواصلة العمل مع المحاكم الدولية لحماية الوجود الفلسطيني وبقائه على أرضه(13). وتحدَّث عباس في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي أولاند (8 فبراير 2017) عن سياسة الاستيطان وسرقة الأرض الفلسطينية وعبَّر عن قلقه بشأن قانون إسرائيلي يضفي الشرعية بأثر رجعي على نحو أربعة آلاف منزل للمستوطنين شُيِّدوا على أراض يملكها فلسطينيون في الضفَّة الغربية المحتلَّة(14). وأكَّد على ما جاء في بيان مؤتمر “باريس الدولي للسلام” إزاء أهمية الحفاظ على حلِّ الدولتين ووقف الاستيطان وفق قرار مجلس الأمن رقم (2334) وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967م وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967(15). وفي السياق نفسه، قرَّرت السلطة الفلسطينية التوجُّه إلى محكمة الجنايات الدولية لتقديم طلب إحاطة بشأن النشاط الاستيطاني (27 يناير 2017)(16)، ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله لوقف الاستيطان (9 فبراير 2017)، بينما صرح الرئيس عباس بأن مواصلة الاستيطان يضع العراقيل أمام البدء بعملية سياسية جادَّة(17). وانتقد الدعم المطلق لإسرائيل من إدارة ترامب التي رفضت إدانة المستوطنات وجرائم الاحتلال المنهجية ضدَّ الشعب الفلسطيني(18).
2- السيطرة الصهيونية على المسجد الأقصى:
تركَّز ردُّ الفعل الفلسطيني الرسمي إزاء سيطرة الإسرائيليِّين الكاملة على المسجد الأقصى في إجراء الاتصالات الهاتفية وتجميد اللقاءات المباشرة ووقف التنسيق الأمني معهم، ودعوة المؤسَّسات السياسية الفلسطينية للانعقاد ودعوة الأمم المتحدة للمساندة.
فقد جرى اتصال هاتفي بين عباس ونتنياهو(19)، وأعلن عباس تجميد الاتصالات ووقف التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال، واشترط إعادة أمور “الأقصى” إلى ما كانت عليه كشرط لاستئناف العلاقات الثنائية. وأعلن رفضه الكامل للبوابات الإلكترونية الكاشفة للمعادن التي تستخدم كإجراء أمني، معتبِرًا أنها إجراءات سياسية مغلَّفة بغلاف أمني وهمي تهدف إلى فرض السيطرة على المسجد الأقصى والتهرب من عملية السلام واستحقاقاتها(20)، وحرْف الصراع من “سياسي” إلى “ديني” وتقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا(21). وقد دعا عباسُ في رام الله إلى اجتماع طارئ للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة “فتح” لمناقشة تطوُّرات أحداث “الأقصى”، ودعا أيضًا المجلسَ المركزي الفلسطيني للانعقاد الدائم وكذلك اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني. كما دعا عباس الأممَ المتحدة لمساندة الشعب الفلسطيني(22)، وأصرَّ على إزالة إسرائيل الحواجز والبوابات الإلكترونية للمسجد الأقصى(23).
وما إن نجح الضغط الفلسطيني والعربي واستنكار العالم من الإجراءات القمعية بالأقصى ومحيطه من زرع بوابات حديدية وكاميرات إلكترونية به، رضخت إسرائيل وأزالت هذه التجاوزات. عندها أعلن عباس أن صلاة الظهر ستتمُّ داخل المسجد الأقصى(24).
ومن الواضح هنا أنه لا يوجد أي تحوُّل في الموقف الرسمي الفلسطيني، فهذه بمثابة تصرُّفات اعتيادية مقتصرة على التحرُّك الدبلوماسي والسياسي ولا ترقى إلى مستوى الحدث بسبب الالتزام الدقيق بقيود الخيار السلمي التفاوضي.
3- المعاناة الفلسطينية في ظلِّ الاحتلال الصهيوني:
اقتصرت المواقف الرسمية الفلسطينية بهذا الخصوص على التصريحات والتحرُّكات الدبلوماسية على المستوى الدولي لانتقاد إسرائيل وسياساتها وممارساتها بحق الفلسطينيِّين وكشف حقيقتها أمام العالم، علاوة على رفضه في بعض الأحيان لقاءات مسؤولين إسرائيليِّين. فقد رفض عباس وساطة رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز للاجتماع مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين في بروكسل(25). وألقى كلمة في الأمم المتحدة (30 سبتمبر 2015) شرح فيها المعاناة الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وعكس تصريحُه فيها بأن الفلسطينيِّين لا يمكنهم الاستمرار في الالتزام بالاتفاقات مع إسرائيل طالما أنها لم تلتزم بها تحوُّلًا في الموقف الفلسطيني في التعامل مع إسرائيل(26). لكن من غير المعروف ما إذا كان الرئيس عباس جادًّا في ذلك إذا ما تفاقمت الأمور وتمادت إسرائيل في ممارساتها، أم أنه فقط يمارس ضغوطات دبلوماسية. وتحدَّث عباس عن ممارسات إسرائيل بحق الفلسطينيِّين من عمليات قتل وتدمير واعتقال واقتحامات وهدم للمنازل(27). وانتقد بشدَّة أمام البرلمان الأوروبي إسرائيل وسياساتها في الضفة الغربية(28). من ناحية أخرى، تحدث مستشاره للشؤون الدينية د. محمد الهباش عن الظلم والاضطهاد الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني على مدى قرن من الإرهاب الصهيوني، وذلك لدى مشاركته في مؤتمر دولي بالإسكندرية(29).
4- حل الصراع:
بعد محاولات تسوية القضية الفلسطينية من عام 1991م إلى عام 2013م التي بلغت حصيلتُها ثمانية من المؤتمرات والاتفاقيات والمبادرات(30)، فإن المحصِّلة لم تُسفر عن شيء لصالح القضية الفلسطينية، سوى حكم ذاتي ازدواجي يعيش حالة من الانقسام والتصارع والحصار الخانق، تديره سلطة وطنية تحت الاحتلال الذي يفرض مزيدًا من الخطوات على أرض الواقع، حيث البناء المتسارع للمستوطنات الصهيونية على الأرض الفلسطينية التي تُغتصب تدريجيًّا، وحيث تهويد القدس والسيطرة على المسجد الأقصى والعدوان المتكرِّر على المدن والقرى الفلسطينية ليس فقط لمنع تطوُّر أي قوة عسكرية فلسطينية وإنما أيضًا لتدمير المؤسسات المدنية والمباني السكَّانية والبنى التحتيَّة الفلسطينية وذلك لحمل الفلسطينيِّين على الرحيل خارج بلادهم.
ضمن هذا السياق، ما زالت المواقف الرسمية الفلسطينية في ظلِّ قيادة عباس تتحرَّك حتى هذه اللحظة في إطار “السلام” كخيار استراتيجي، على أمل أن تتهيَّأ الظروف لاستئناف التسوية السلمية وتحقيق خيار الدولتين على أرض الواقع، من منطلق أنه بالطرق السلمية والدبلوماسية يمكن أن يبني الفلسطينيون دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية(31). ومن ثم فخيار التفاوض ما زال الخيار الوحيد الذي تتَّبعه، أما الخيار الانتفاضي فما زال عباس يرفضه في السرِّ والعلن، بل ويمارس القمع بحق المنتفِضين في الضفَّة الغربية، حتى ولو كانوا من حركة “فتح”. فقد تعرَّض عباس زكي (عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”) لانتقاد عباس على خلفية دعوته العلنيَّة لانتفاضة ثالثة، حيث استُدعي لمقرِّ المقاطعة وتمَّ تذكيره بأنه عضو قيادي ينبغي عليه الالتزام في تصريحاته بما تقرِّره الهيئات الشرعية لحركة “فتح”. وتمَّ لفت نظره إلى أن اللجنة المركزية قد تضطر لإعلان أن ما يصدر عنه لا يمثِّلها(32).
كل ذلك يجري في ظلِّ حالة من الغموض واللبس تكتنف الحالة السياسية الفلسطينية الرسمية في مرحلة ما بعد “أوسلو” وخصوصًا بعد تعثُّر المفاوضات ثم وقفها عام 2010م وإلى وقتنا هذا، وفي ظلِّ عدم جدِّيَّة إسرائيل والولايات المتحدة في التوصُّل إلى سلام يمكِّن الفلسطينيِّين من دولة مستقلَّة في الضفَّة وغزَّة(33)، وهو ما حدا باليمين الصهيوني الحاكم إلى رفض طلب القيادة الفلسطينية بمواصلة التفاوض من آخر نقطة تمَّ التوصُّل فيها لاتِّفاق، وإيثاره إعادة التفاوض إلى نقطة البداية، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية بصورة كلِّية. الأمر الذي يثير الحديث عن وهم الاتفاقات مع الكيان الصهيوني وأخطاء القيادة الفلسطينية التي أدَّت بها إلى التخلِّي المبكِّر عن برنامج التحرُّر الوطني لمصلحة بناء سلطة تحت الاحتلال، ورفع شعار التفاوض بديلًا عن شعار المقاومة(34)، ممَّا أدَّى إلى شقِّ الصف الفلسطيني ودخول القيادة في حالة من التناحر والعداء المستحكم بين من يرفعون منهم شعار “المقاومة” ومن يرفعون شعار “التفاوض”. أمَّا اتفاق “أوسلو” فإنه لم يحقِّق التسوية المنشودة وفق حلِّ الدولتين، والسياسة الفلسطينية لم تحرِّرْ نفسَها من هذا الوهم، فحل الدولتين لم يعد ممكنًا من الناحية الفعلية(35).
وبصفة عامَّة، فإن خيار الدولتين على المستوى الفلسطيني يتجلَّى في ثلاثة اتجاهات، الاتجاه الأول- يقبل حلَّ الدولتين كخيار استراتيجي بحجَّة توازنات القوى، ولكنه يرفض يهودية الدولة وضم القدس لإسرائيل ويطالب بعودة اللاجئين ويندِّد بالاستيطان، لكن موقفَه التفاوضي الضعيف يجعله دائمًا عرضة للتنازلات. الاتجاه الثاني- يوافق على خيار الدولتين كخيار مرحلي تكتيكي إلى أن تتغيَّر الظروف، ويصرُّ على المطالبة بفلسطين التاريخية. الاتجاه الثالث- يرفض أيَّ حديث عن التسوية ويطالب بالمقاومة المستمرة إلى حين تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني. ويمكن تصنيف المواقف الرسمية الفلسطينية ضمن الاتجاه الأول. وفي المقابل تعلن السلطة الفلسطينية طوال الوقت التزامها بالتفاوض كطريق أساسية ووحيدة للتعاطي مع إسرائيل بهدف إقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود 1976م(36).
في هذا الإطار، نشطت المساعي الرسمية الفلسطينية لحلِّ الصراع على المستوييْن الإقليمي والدولي من خلال الاتصالات والتصريحات واللقاءات الدبلوماسية والكلمات التي ألقيت في المنابر الدولية مطالِبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، من منطلق رفض خيار الدولة الواحدة وطرح خيار الدولتين الذي وافقت عليه الدول العربية ويحظى بشكل معلن بموافقة فرنسا وروسيا والبرلمان الأوروبي، وتوافق عليه ظاهريًّا الولايات المتحدة، ولكن اللعب على المكشوف في ظلِّ إدارة ترامب الذي وقَّع على أن القدس عاصمة لإسرائيل وأنه سيعاقب الدول التي تعارض هذا القرار عند التصويت عليه في الأمم المتحدة، أظهر بجلاء كيف أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تكن جادَّة سوى في إضاعة الحق الفلسطيني ولا تريد سوى ما تقرِّره إسرائيل بمحض إرادتها.
وقد تمثَّلت المساعي الفلسطينية الرسمية بشكل أساسي في تصريحات وتحرُّكات الرئيس عباس، ففي كلمته أمام الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أعلن عن رفضه لخيار الدولة الواحدة والتحذير منه، وأكَّد بأن فلسطين حقيقة واقعة وذات جذور أصيلة في النظام الدولي ومن غير المُجْدِي لمصلحة السلام والعدالة أن يتحدَّث البعض عن محاولات دمج لها في إطار إقليمي(37). فالشعب الفلسطيني، وفقًا لما قاله في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والستين للنكبة، لن يطوي صفحة النكبة إلا بعد تحقيق السلام العادل والشامل على أساس قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام بما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وحق اللاجئين الفلسطينيِّين في العودة والتعويض بموجب القرار (194)(38). ولذلك يكرِّر الرئيس عباس دائمًا مقولته: “من دون دولة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية لن نقبل أيَّ حل”(39). لكن إسرائيل، كما يرى الرئيس عباس، لا تريد التقدُّم قيد أنملة على طريق السلام وتواصل الاستيطان وانتهاك المقدسات والتطهير العرقي والقتل المتعمَّد بحق الفلسطينيين(40).
وفي إطار مساعي حل الصراع على المستوى الدولي، ومع استقبال ترامب للرئيس عباس في البيت الأبيض مؤكِّدًا له التزام واشنطن بتحقيق السلام من خلال المفاوضات المباشرة(41)، ومع دعوة ترامب للإسرائيليِّين أن يكُفُّوا عن إلقاء اللوم على فشل المحادثات على الطرف الفلسطيني مؤكِّدًا أن أبو مازن شريك حقيقي في صنع السلام لا يمكن تجاوزه(42)، فقد صرَّح الرئيس عباس بأنه سيدعم بكل قوة مبادرة السلام التي أطلقها ترامب وتعهَّد فيها بإنجاز حلِّ الدولتين خلال عام واحد وفق حدود 1967م(43)، وأشاد في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بجدِّيَّة ترامب في تحقيق الصفقة(44). ويبدو أن القيادة الفلسطينية وكذلك القيادات العربية كانت تتوهَّم بأن الصفقة التي سيقدِّمها ترامب تقوم على خيار الدولتين وتأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967م، لكن اتَّضح فيما بعد، وعلى حدِّ تعبير الرئيس عباس نفسه، أنها صفعة العصر، وذلك بعدما قدَّم ترامب وعده لليهود بأن تكون القدسُ عاصمةً لهم.
على المستوى الأمريكي أيضًا، وفي مرحلة ما قبل وعد ترامب، فإن الرئيس عباس في لقائه مع جيسون جرينبلات مبعوث ترامب، قدَّم تصوُّرًا فلسطينيًّا لاستئناف عملية السلام مستندًا إلى أربعة شروط هي: وقف الاستيطان، وإطلاق سراح دفعة من الأسرى القدامى، وبدء مفاوضات ترسيم حدود 1967م بعد تعهُّد إسرائيلي أمريكي بحق الفلسطينيِّين في دولة ضمن هذه الحدود، وتحديد سقف زمني للمفاوضات. ويعني هذا الطرح قبولًا فلسطينيًّا لدور أمريكي في عملية السلام على أساس خيار حلِّ الدولتين عبر مفاوضات مباشرة مع إسرائيل بعدما كانت السلطة تشترط آليةً دوليةً للعودة إلى المفاوضات(45). ويبدو أن الأمريكيِّين يميطون اللثام عن نواياهم الحقيقية كطرف غير نزيه وغير محايد تدريجيًّا، فقد أبلغ كوشنر، كبير مستشاري الرئيس ترامب، الرئيسَ عباس أن ترامب سيتَّخذ قرارًا إمَّا بتقديم مبادرة سلام أو التوقُّف عن مساعيه في ضوء ما سيعرضه على ترامب من نتائج محادثاته وما سيتضمَّنه تقريره مما سيقدِّمه عباس ونتنياهو من رؤية للحل السياسي(46). وقد كان لقاءً غير مشجِّع، وخاصَّة بعد اجتماع جرينبلات بصائب عريقات حيث تفجَّر بينهما خلاف لدى مطالبة جرينبلات بوقف دفع رواتب الأسرى باعتبارها تحريضًا على العنف، فردَّ عريقات مطالبًا جرينبلات بالعمل على وقف الاستيطان الصهيوني على الأرض الفلسطينية باعتباره العنف الأكبر والمحرِّض الأكبر، واصفًا إسرائيل بأنها لا تريد إحياء المسار السياسي، على عكس القيادة الفلسطينية الملتزمة بحلِّ الدولتين والتنفيذ الكامل للقانون الدولي. ووصف عريقات مطالبة إسرائيل للجانب الأمريكي بالعمل على وقف التحريض، واعتبار رواتب أسر الشهداء والأسرى تحريضًا على العنف، بأنها محاولات لوسم نضال الشعب الفلسطيني بالإرهاب وتجريم شهدائه وأسراه(47).
من المنظور الروسي المعلن، فإن حلَّ الدولتين شرط أساسي للاستقرار في المنطقة وفقًا لبوتين في لقاء له مع عباس(48)، والأمر نفسه من المنظور الفرنسي، ففي إطار حرص عباس على لقاءات الرئيس الفرنسي والمسؤولين الفرنسيِّين، انعقد مؤتمر “باريس الدولي للسلام” وفقًا لأفكار المبادرة الفرنسية(49). ويعدُّ تصريح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بأن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية إذا أخفقت جهودها التي تقوم بها لمحاولة إنهاء حالة الجمود بين الفلسطينيِّين والإسرائيليِّين، يُعَدُّ إنجازًا من المنظور الفلسطيني الرسمي.
5- وعد ترامب لليهود بشأن القدس:
خدع ترامب القيادات الفلسطينية والعربية ونجح إلى حدٍّ ما في الوقيعة بينهم وبين شعوبهم، وخاصَّة على الصعيد الفلسطيني، عندما تحدَّث عن “صفقة القرن” دون أن يوضِّح مقصوده منها، وما زالت ملامح الرؤية الأمريكية لمضمون هذه الصفقة غير واضحة حتى هذه اللحظة(50). ولما تعالت التصريحات المؤيِّدة لهذه الصفقة من قِبل الرئيس عباس وبعض الزعماء العرب دون أن يعلموا مضمونها، لكنهم كانوا يتوقَّعون أو يتأمَّلون أو يحاولون إغراء ترامب بالمال وبالتصريحات الدبلوماسية لدفعه إلى مساندتهم في تحقيق مصالحهم المحلية والإقليمية ودفعه أيضًا إلى سرعة تنفيذ خيار الدولتين والسَّير قدمًا في طريق قيام دولة فلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، فإذا به يفاجئهم ويفاجئ العالمين العربي والإسلامي بوعد وقَّع عليه لليهود يصادف مناسبة مرور مئة عام على “وعد بلفور” الأول، في تأكيد بأنه “وعد بلفور” ثان. الوعد الأول قَدَّمَ فلسطين وطنًا قوميًّا لليهود، والوعد الثاني قَدَّم القدس عاصمةً لهم. في مؤشر إلى أن هناك وعودًا أخرى قادمة من الغرب لليهود على ما يبدو إلى أن يتمكَّنوا من بناء دولتهم من النيل إلى الفرات، أما عن الأهداف الاستعمارية الغربية فإن استحضار نظرية “الدولة الوظيفية” لعبد الوهاب المسيري والمقولة الشهيرة للجنرال الفرنسي جورو: “ها قد عدنا صلاح الدين” وتصريح بوش الابن بأن حربًا صليبية قد بدأت عقب أحداث سبتمبر، يفسِّر بوضوح السلوك البريطاني الأمريكي الغربي تجاه مختلف قضايا العالمين العربي والإسلامي.
لذلك كان طبيعيًّا وصف “صفقة القرن” بأنها “صفعة القرن” ومشروع سياسي يستهدف وأد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، أو بعبارة أخرى صفقة لتصفية القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني(51)، في إطار تفاوضي يخدم فقط الأجندة الصهيونية. لذلك فأمام هذه الضغوطات الأمريكية على القيادة الفلسطينية سرعة إنهاء الانقسام وإرساء المصالحة الوطنية وعدم الخضوع للإملاءات الأمريكية والتمسُّك بالثوابت الوطنية، واتِّخاذ قرارات بشأن كلِّ الاتفاقات الموقَّعة مع إسرائيل. ومن الملاحظ أن “صفقة القرن” جاءت في ظلِّ انقلاب كامل لحال العرب على ضوء التطوُّرات الجارية في سوريا والعراق ولبنان واليمن والسعودية ودول الخليج، وفي ظلِّ الصراع على السلطة والظروف الاقتصادية الخانقة التي تُعاني منها سائر دول المنطقة، فكان ذلك مواتيًا من المنظور الصهيوني الأمريكي لإعلان البند الأهم في “صفقة القرن”، وربما هناك بنود أخرى، يتوقَّع البعض، كما أسلفنا، أن يكون الحلُّ النهائي دولة فلسطينية في غزَّة موسَّعة في سيناء(52)، تُمنح مقابلها مصر دعمًا مادِّيًّا هائلًا.
ومن الملاحظ أن الموقف الفلسطيني الرسمي بعد وعد ترامب حدث فيه تحوُّل كبير مقارنة بمرحلة ما قبل الوعد. فقبل الوعد طالبت القيادة الفلسطينية الإدارة الأمريكية بأن تتأسَّس مبادرتُها المسمَّاة بصفقة القرن على مبدأ حل الدولتين القائم على خيار التفاوض، وهو موقف يعبِّر عنه الرئيس عباس في كل المناسبات والمحافل الدولية. وفي ظلِّ الضغط الذي يتعرَّض له لتسريع وتيرة التطبيع مع إسرائيل قبل تنفيذها الانسحاب وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967م، قال بأنه يفضِّل الشهادة على أن يقبل بتمرير أي حلول ومبادرات وصفقات لا ترتقي إلى حجم تضحيات الشعب الفلسطيني ولا تستجيب لحقوقه وآماله(53). لكن مواقف الرئيس عباس اختلفت كثيرًا بعد الوعد رغم أنه لم يتعدَّ الخيار التفاوضي بعد.
ففي خطابه الذي ألقاه عقب انتهاء ترامب من إعلان وعده قال بأن قرار ترامب يناقض الإجماع الدولي، وهو جريمة كبرى ولا يحمل أيَّ شرعية، بل هو انتهاك صارخ للقانون الدولي والاتفاقات، وهو أمر مستنكر ومرفوض يشكل تقويضًا متعمدًا لعملية السلام، وإعلانًا بانسحاب الولايات المتحدة من عملية السلام، إذ لم تعد راعية لها(54). واعتبر أن هذا الإجراء أحادي الجانب يمثِّل مكافأة لإسرائيل(55). وقال أيضًا بأن الإدارة الأمريكية لن يكون لها دور في عملية السلام بعد قرار ترامب؛ لأنها منحازة كل الانحياز لإسرائيل، ولن تقبل بعد اليوم وساطتها(56)، وهي اختارت أن تتجاهل الإجماع الدولي. إن إعلان ترامب يمثِّل تشجيعًا لها لمواصلة الاستيطان والتطهير العرقي بحق الفلسطينيِّين(57). وذكَّر بأن أمريكا كانت شريكًا أساسيًّا في “وعد بلفور”، والآن ترامب يقدِّم القدس هدية للصهاينة كأنها مدينة أمريكية ويقدِّم لهم “وعد بلفور” آخر. وقال: لن نلتزم بالتفاهمات السابقة ما لم تتراجع واشنطن عن قرارها الأخير(58)، ولن تكون هناك دولة فلسطينية دون أن تكون القدس عاصمة لها(59). وذكَر في أكثر من مناسبة أن إعلان ترامب لم ولن يمر(60).
ولم تقتصر ردود عباس على التصريحات والخطب، بل تعدَّاها إلى الفعل القانوني والسياسي والدبلوماسي(61)، والمشاركة في اجتماعات ولقاءات قمة إقليمية ودولية. فقد أعلن التوجُّه الفلسطيني اليومي إلى مجلس الأمن لطلب عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وأمر بتقديم طلبات الانضمام إلى مزيد من المؤسَّسات والمنظَّمات الأمميَّة وعددها 522 منظمة ومعاهدة دولية، حيث تمَّ الانضمام فعليًّا إلى 98 منها، وهي في ازدياد يومي. كما أنه قرَّر مقاطعة المسؤولين الأمريكيِّين، مؤكِّدًا رفض استقبال أي مبعوث أميركي إلى الرئاسة الفلسطينية لأن الولايات المتحدة فقدت أهليَّتها كوسيط نزيه(62). فرفض استقبال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الذي طلب لقاء عباس في بيت لحم(63)، ورفض التحذير الأمريكي بتبعات إلغاء هذا اللقاء ورفض التهديدات من أي مصدر(64). وقال جبريل الرجوب: “باسم “فتح” نطلب من بقية العواصم العربية ألا تلتقي زعيما أمريكيًّا”(65). وأمر عباس بعدم التعامل مع القنصل الأمريكي في القدس دونالد بلوم، وكل الفلسطينيِّين ممنوع عليهم أن يتعاملوا معه(66)، وكذلك جميع المؤسَّسات والشخصيَّات الرسميَّة الفلسطينيَّة. فالتعليمات الصادرة تنصُّ على عدم إجراء أي لقاءات أو اتصالات مع القنصلية الأميركية وعدم تلبية دعواتها الخاصَّة والعامَّة وعدم الاستجابة لعقد لقاءات مع موظَّفيها أو مبعوثيها. وكشف عباس أن الدول العربية تتفهَّم الموقف الفلسطيني، ولم تَعُدْ تطلب الانفتاح على الإدارة الأميركية(67).
كما أمر عباس بعدم لقاء أي مسؤول أو مبعوث أمريكي، فالولايات المتحدة من وجهة نظره لم تعد وسيطًا نزيهًا، وصرَّح كذلك برفض أي خطة سياسية أمريكية مقبلة. وحين أرادت الإدارة الأميركية إغلاق مكتب “منظمة التحرير” في واشنطن ردَّ عباس بالقول: “إن أرادت الإدارة إغلاق المكتب فلن تجد من تتحدَّث إليه.. لأننا سنحيلها إلى الاتصال بسفيرنا هناك ولن نستقبلها هنا في فلسطين”(68). وتمَّ استدعاء السفير الفلسطيني في واشنطن للتشاور، وأصدر قرارًا رسميًّا بمقاطعة الشخصيَّات والمؤسَّسات الحكومية الأمريكية، وأَمَرَ طاقم بعثة فلسطين في واشنطن بمقاطعة الاتصالات مع المسؤولين الأمريكيِّين، واقتصار عملهم على الإعلام والمجتمع المدني والكونجرس.
وانتقد عباس استخدام الولايات المتحدة حقَّ النقض في مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار قدَّمته مصر(69) ووافق عليه أربع عشرة دولة ورفضته واشنطن(70). مؤكِّدًا رفض أيِّ قرار أحادي بشأن مصير مدينة القدس. ثم طلبت تركيا ودول عربية وإسلامية عقد جلسة طارئة للجمعية العامة (21 ديسمبر 2017) للتصويت على مشروع قرار يدعو لسحب إعلان ترامب، صوَّتت فيه 128 دولة لصالح القرار واعترضت 9 دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتنعت 35 دولة عن التصويت من بينها المكسيك والأرجنتين وكندا وأستراليا وكرواتيا وتشيكيا والمجر ورومانيا والفلبين. وتدعو مسودة القرار إلى إحجام الدول عن تأسيس بعثات دبلوماسية في القدس.
وأبلغت السلطة الفلسطينية القنصل الأمريكي في القدس المحتلة أن أي قرار أميركي بشأن النقل أو الاعتراف سيواجه باحتجاجات واسعة داخل فلسطين وفي العالمين العربي والإسلامي، وسينطوي على مخاطر لا تحمد عقباها(71). وترأَّس عباس اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة لبحث الخيارات الفلسطينية المستقبلية من خلال ثلاثة مسارات، أولًا- المسار السياسي: برعاية دولية متعدِّدة تحت مظلَّة “الأمم المتحدة” على نحو يخرج القضية الفلسطينية من دائرة التفرُّد والانحياز الأمريكي لإسرائيل، مع إجراء تقييم شامل لنتائج المرحلة الانتقالية التي بدأت مع اتفاق “أوسلو”، وصولًا إلى صيغة سياسية جديدة للتخلُّص من أعباء هذه المرحلة التي لم تنفِّذ إسرائيل فيها أيًّا من التزاماتها، فضلًا عن التوجُّه لكل دول العالم التي تعترف بحلِّ الدولتين لإعلان اعترافها بدولة فلسطين رسميًّا، ودعم المطلب الخاص بأن تكون دولة فلسطين دولة كاملة العضوية في “الأمم المتحدة”. ثانيًا- المسار القانوني: ويتمثَّل في تعزيز المكانة القانونية لدولة فلسطين من خلال توسيع عضويَّتها بالاتفاقيات والمنظَّمات الدولية، والتقدُّم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي متضمِّنًا شكوى ضدَّ الولايات المتحدة لانتهاكها القانون الدولي وقرارات المجلس ذاته المتعلِّقة بالقدس. كما سيتمُّ التوجُّه إلى محكمة العدل الدولية بملفات تتعلَّق بالاستيطان الصهيوني والأسرى الفلسطينيِّين في سجون الاحتلال والعدوان المتكرِّر على قطاع غزة، والتي تنطوي جميعًا على ارتكاب سلطات الاحتلال جرائم حرب ضدَّ الشعب الفلسطيني لاتِّخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الانتهاكات. ثالثًا- مسار تعزيز التحرُّكات الشعبية في القدس ومختلف المدن الفلسطينية، مشيدًا بالتحرُّكات الشعبية في الوطن العربي ومختلف العواصم العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة(72). علاوة على ذلك تمَّ عقد جلسة طارئة للمجلس المركزي برئاسة عباس تعهَّد فيها بعدم بقاء الوضع القائم(73).
من جهة أخرى وعلى المستوييْن الإقليمي والدولي، شارك عباس في الاجتماع الوزاري العربي لتنسيق المواقف ضدَّ قرار ترامب، وألقى خطابًا في قمَّة الدول الإسلامية في إسطنبول قال فيه بأنه لن يكون هناك سلام ولا استقرار دون القدس الشرقية المحتلَّة عاصمة لفلسطين، وأعلن أن الفلسطينيِّين لن يلتزموا بالتفاهمات السابقة مع الأمريكيِّين ما لم تتراجع واشنطن عن قراراتها الأخيرة. ودعا القمة إلى اتِّخاذ جملة من القرارات، عرضها في ست عشرة نقطة، منها:
تحديد علاقات الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي بدول العالم على ضوء مواقفها وردود أفعالها من قضية القدس وتحديدًا قرار ترامب، واتخاذ مواقف وإجراءات سياسية واقتصادية تجاه إسرائيل من قبل الجميع لإجبارها على الانصياع لإرادة المجتمع الدولي، ومطالبة دول العالم بمراجعة اعترافها بدولة إسرائيل ما دامت تُصِرُّ على مخالفة قواعد القانون الدولي وخرق جميع القرارات الدولية، والتوجُّه بمشاريع قرارات لمجلس الأمن ولكلِّ مؤسَّسات الأمم المتحدة والمنظَّمات الدولية بهدف إبطال ما اتَّخذته الولايات المتحدة من قرارات بشأن القدس، وطلب عقد دورة خاصَّة لمجلس حقوق الإنسان لتتحمَّل الدول الأعضاء مسؤوليَّاتها نحو انتهاك القانون الدولي الإنساني وخصوصًا اتفاقية جنيف الرابعة، والمطالبة باتخاذ قرار بنقل ملف الصراع برمَّته للأمم المتحدة وتشكيل آلية جديدة تتبنَّى مسارًا جديدًا لضمان تطبيق قرارات الشرعية الدولية إذ لم تعد الولايات المتحدة أهلًا للتوسُّط في عملية السلام، والتحذير من إنشاء أية بعثة دبلوماسية في القدس أو نقلها إليها باعتبار ذلك خرقًا للقانون الدولي واعتداءً صريحًا على الأمَّتين العربية والإسلامية وعلى حقوق المسيحيِّين والمسلمين والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومواجهة تمادي إسرائيل في انتهاك هوية وطابع مدينة القدس واستمرار الحفريات والاستيطان وانتهاكاتها للمقدَّسات الإسلامية والمسيحية وبخاصَّة المسجد الأقصى، ومطالبة الدول التي تؤمن بحلِّ الدولتيْن أن تأخذ خطوات عملية تجاه اعترافها بدولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم مساعي دولة فلسطين في الانضمام لجميع المنظَّمات والمعاهدات الدولية باعتبارها حقًّا طبيعيًّا لها وبهدف تثبيت وجود دولة فلسطين في النظام الدولي، واستمرار إسرائيل بانتهاكاتها وممارساتها الاستعمارية وبخاصَّة في القدس يجعل القيادة الفلسطينية في حِلٍّ من الاتفاقيات الموقَّعة معها، والتعامل مع حكومة دولة فلسطين كبديل عن السلطة الوطنية الفلسطينية، في حال استمرار الانتهاكات الإسرائيلية فالقيادة الفلسطينية غير ملتزمة بأيِّ اتفاق مع إسرائيل ومن ضمن ذلك اتفاق “أوسلو”، وعلى إسرائيل أن تتحمَّل كافَّة المسؤوليَّات في الصحة والتعليم والمياه كدولة احتلال، وتعزيز صمود الفلسطينيِّين في القدس بدعمهم بكل الوسائل المادية والمعنوية وتشكيل وقفية إسلامية دولية لدعم فلسطين والمقدَّسات بقيمة مليار دولار(74).
وخلصت القمَّة إلى اعترافها بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية ردًّا على قرار ترامب(75). وقال عباس في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي ماكرون: لن نقبل أيَّ مبادرات من الجانب الأمريكي، لأن أمريكا لم تَعُدْ وسيطًا نزيهًا للسلام(76) وأدان الموقف الأمريكي بربط المساعدات الأمريكية بالتصويت لصالح القرار الأمريكي بشأن القدس(77).
وبالإضافة إلى الهجوم الدبلوماسي على إدارة ترامب ونتنياهو، أدان عباس دعوة بريطانيا لنتنياهو لحضور احتفالات ذكرى مرور مئة عام على صدور “وعد بلفور” عام 1917م، وطالب الحكومة البريطانية بالاعتذار للشعب الفلسطيني على ما حلَّ به من نكبات ومآس وظلم وما ارتكبته من دمار وتشريد للشعب الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطين وفق توصية مجلس العموم البريطاني في العام 2014(78). ودعا عباس بريطانيا أن تستخلص العبر والدروس وأن تتحمَّل المسؤولية التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج هذا الوعد وتصحيح هذه الكارثة التاريخية ومعالجة نتائجها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية(79). وقال بأن على إسرائيل وأصدقائها أن يدركوا جيدًا أن حلَّ الدولتين قد ينتهي تمامًا، إلا أن الشعب الفلسطيني باق على أرضه وسيواصل سعيَه من أجل استرداد حريَّته، سواء كان ذلك من خلال حلِّ الدولتين أو من خلال النِّضال للحصول على حقوق متساوية لكل من يعيش في فلسطين التاريخية(80).
6- بدء عملية مراجعة فلسطينية شاملة بهدف إعداد استراتيجية جديدة لإدارة الصراع:
على مدى سنوات من الصراع أدَّى غياب التفكير والتخطيط الاستراتيجي لدى القيادات الفلسطينية لنتائج مدمِّرة، بدءًا من استنزاف القدرات البشرية والمادِّية في مواجهات وصراعات جانبية دون تحقيق أي منجز وطني، وانتهاء بالأزمة التي يمرُّ بها المشروع الوطني برمَّته، حيث تبدَّدت كثير من الجهود المخلصة وضاعت تضحيات جسيمة أدراج الرياح بسبب عدم وجود رؤية استراتيجية. اليوم مع انسداد الأفق السياسي وفشل خيار المفاوضات وغياب الكفاح المسلَّح وضعف المقاومة وعدم تبنِّي برامج حقيقية وفاعلة لها؛ تجد القيادة الفلسطينية نفسها في موقف حرج(81). وفي ضوء التطوُّرات التي تمرُّ بها القضية الفلسطينية والمنطقة العربية، وفي ظلِّ حالة الانكشاف التي بدت واضحة للعيان، فإن المواقف الفلسطينية الرسمية لو استمرَّت على ما هي عليه، تعيش على أمل أن يَمُنَّ عليها الإسرائيليُّون والأمريكيُّون بدولة على حدود 1967م، فستضيع فلسطين ولن يكون هناك دولة بهذا الاسم، ولن يبقى أمام الفلسطينيِّين سوى التشبُّث بأرضهم مهما اختلفت المسمَّيات.
لذلك فإن بدء عملية المراجعة الشاملة والجدِّية لمرحلة الخيار التفاوضي (1991 – 2018) بهدف إعداد استراتيجية وطنية جديدة للصراع أضحت ضرورة مُلِحَّة، بحيث تتجاوز هذه الاستراتيجية قيود اتفاقيتي “أوسلو” وواقع الانقسام وحالات التيه السياسي والتخبُّط في المفاوضات ومواجهة تحديات فشل الاتفاقيات وضرورة التحرُّر منها، وإلَّا فالقضية ستظلُّ في حالة تيه وسيسير النظام السياسي الفلسطيني نحو مزيد من التفكُّك، وستتَّجه “فتح” و”المنظمة” و”السلطة” نحو مزيد من التآكل. ويبدو أن ما فعله ترامب أيقظ القيادة الفلسطينية كي تجري عملية مراجعة شاملة وتُعَدُّ استراتيجية جديدة لإدارة الصراع، الأمر الذي يوحي لأول وهلة بقرب لحظة سحب الاعتراف بإسرائيل وإلغاء كلِّ الاتفاقيات معها، وإعلانها كيان غاصب لكل فلسطين، ومن ثمَّ المطالبة بالدولة الفلسطينية على حدود 1948م، أي كل فلسطين، وليس فقط حدود 1967م، لكن حقيقة الأمر أن الموقف الرسمي الفلسطيني، وفي ظلِّ الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة العربية، لا يقوى على فعل ذلك. لذلك تكتفي القيادة الفلسطينية بالتصريحات السياسية النارية كي تمتصَّ غضب الشارع الفلسطيني، لكنها في الوقت نفسه حريصة على الالتزام بالخيار السلمي التفاوضي ورفض الخيار المسلَّح وقمع كل من يستخدمه. مع ملاحظة أن القيادة الفلسطينية يمكنها بالجهود الدبلوماسية تعريف العالم بحقيقة إسرائيل، كما فعل الرئيس عباس في جلسة المجلس المركزي الطارئة يوم 14 يناير 2018 عندما تحدَّث عن المشروع الصهيوني منذ منتصف القرن السابع عشر، وبين حقيقته كاملة، ويا ليته يفعل ذلك مرارًا وتكرارًا في الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي وكل المحافل الدولية.
وهنا يثور التساؤل: لماذا لا يترك عباس أنصار الخيار الانتفاضي وشأنهم؟ وهل الخيار الانتفاضي فقط العمل المسلح؟ بالطبع لا، فالمقاومة المدنية والشعبية الشاملة تدخل في سياقه، فالخيار التفاوضي الذي تتبعه القيادة يتيح لها فرصة في هذا المجال. وهنا توصي إحدى الدراسات ضرورة بناء استراتيجية مقاومة فلسطينية جامعة تعتمد الاحتجاج الشعبي السلمي المنظَّم والعمل على تنفيذ هذه الاستراتيجية بشكلٍ مثابر(82). لكن القيادة الفلسطينية لم تفعل شيئًا في هذا المضمار، بل إنها نائمة، تترك الأمور للجهود الشعبية. أين التخطيط والمتابعة وتشكيل لجان لهذا الغرض وتوظيف الجهود؟ ما من شك أن حالة الانقسام وعدم إتمام المصالحة تقف عائقًا أمام تحقيق ذلك. فقد كان مقرَّرًا عقد المجلس المركزي بحضور “حماس” و”الجهاد” لإجراء المراجعة الشاملة وإعداد استراتيجية جديدة، لكنهما لم يشاركا، وأثار ذلك حفيظة الرئيس عباس. كما أنه لم يُسَرَّ لموقف “الجبهة الشعبية” التي هدَّدَتْ بالانسحاب من اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير إن دخل القنصل الأمريكي في القدس وشارك في الاجتماع(83). وترى الدراسة أن موقف القوى السياسية الثلاث “الجبهة الشعبية” و”حماس” و”الجهاد”، دلالة على إدراكها برجوع القيادة الفلسطينية إلى سابق عهدها، وأنه من غير المتوقَّع أن يحدث تحوُّل جذري في المواقف الفلسطينية الرسمية بقيادة عباس، وأنها ستبقى أسيرة الخيار السلمي التفاوضي، وأنها لن تقوى على أن تتجاوز قيود “أوسلو” رغم تهديدها بذلك، فيبدو أن التصريح في العلن شيء، وحقيقة الأمور شيء آخر.
ويرى البعض أن العمل السياسي الفلسطيني في ظلِّ التسوية السياسية يعمل بدون استراتيجية واضحة المعالم أدَّتْ إلى حالة التيه السياسي التي تنتاب “السلطة” و”منظمة التحرير” بكل فصائلها، الأمر الذي يعكس وجود خلل في الاتفاقيات الموقَّعة مع إسرائيل من الضروري التحرُّر من قيودها، وهو ما طالب به المجلس المركزي لمنظَّمة التحرير في اجتماعه يومي الرابع والخامس من مارس 2015، وأكَّدت عليه اللجنة التنفيذية للمنظمة في اجتماعاتها اللاحقة(84). إلا أن ذلك لم يحصل حتى هذه اللحظة، لذلك طالبت “الجبهة الشعبية” بمحاسبة الرئيس عباس.
لذلك، فإن لم تتدارك القيادة الفلسطينية نفسها بالاتفاق على برنامج واستراتيجية وطنية، كمرجعية لعمل النظام السياسي الفلسطيني في ظلِّ المتغيِّرات العربية والدولية المفتوحة على كل الاحتمالات، فستسير القضية الفلسطينية نحو مستقبل مجهول وستتَّجه “منظمة التحرير” وحركة “فتح” نحو مزيد من التآكل(85).
وهكذا فالتحوُّل في المواقف الفلسطينية الرسميَّة تجاه إسرائيل ليس بالتحوُّل القوي طالما أن هذه المواقف ما زالت تتحرَّك في إطار الخيار التفاوضي وترفض التعامل مع الخيار الانتفاضي، علاوة على أن سحب الاعتراف بإسرائيل أو إلغاء الاتفاقيات معها أمر غير وارد في الحسبان، وخاصَّة في مخيلة الرئيس عباس الذي يسيطر بديكتاتورية كاملة على “منظمة التحرير” و”السلطة الفلسطينية”، فما يعلنه ليس بالضرورة ينفِّذه، وهذا أمر محيِّر. يبدو أنه يمارس حنكته الدبلوماسية على المؤسَّسات السياسية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني أكثر ممَّا يمارسها في مواجهة الصهاينة.
على سبيل المثال، يعلن عن وقف التنسيق الأمني، والتنسيق ما زال مستمرًّا، ويقول إنه قطع علاقاته بالأمريكيِّين وفي الوقت نفسه تهدِّد “الجبهة الشعبية” بانسحابها من لقاء المجلس المركزي الفلسطيني الذي تمَّ في (14 يناير 2018) بسبب دعوة وُجِّهَتْ للقنصل الأمريكي في القدس للحضور.
ب- ملامح التحول في المواقف الرسمية لقيادة حكومة “حماس” في غزة:
قبل إعلان “حماس” عن تشكيلة قيادتها الجديدة، التي اختير فيها إسماعيل هنية رئيسًا لمكتبها السياسي خلفًا لخالد مشعل بعد تنافس شديد مع موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة واختير فيها أيضًا أعضاء المكتب السياسي البالغ عددهم 18 عضوًا، لجأت الحركة في سياق عملها لفتح الأبواب المغلقة إلى الإعلان عن وثيقة سياسية جديدة لها هي: “وثيقة المبادئ والسياسات العامَّة”(86). وقد شكَّلت هذه الوثيقة، التي أعلنها خالد مشعل في مايو 2017(87)، وهي امتداد لميثاقها الأساسي، تحوُّلًا في سياسة الحركة تجاه إسرائيل. فقد تعرَّضت “حماس” لكثير من الضغوطات ومحاولات التضييق عليها خلال سنوات حكمها لغزة، الأمر الذي دفعها من خلال هذه الوثيقة أن تعلن عن عدم ممانعتها لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م مع عدم الاعتراف بإسرائيل والتأكيد على حق عودة اللاجئين(88)، وفي الوقت نفسه تدعو الوثيقة إلى تحرير فلسطين بالكامل من دون التخلِّي عن أيِّ حقوق ومن دون الإخلال بالثوابت مع اعتبار الصراع مع إسرائيل صراعًا سياسيًّا، ومن ثمَّ التمسُّك بحق مقاومة الاحتلال بكل الأساليب باعتباره حقًّا مشروعًا، وعدم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين التاريخية مهما كانت الظروف والأسباب والضغوط، ورفض أي بديل عن تحرير فلسطين تحريرًا كاملًا من نهرها إلى بحرها. وتتضمَّن الوثيقة تعريف “حماس” نفسها كحركة وطنية ذات مرجعية إسلامية، وتأكيد استعدادها للانخراط في “منظمة التحرير” مع ضرورة العمل على إصلاحها باعتبارها الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني(89).
وشملت الوثيقة الإعلان عن استقلالية الحركة وعدم تبعيَّتها لأيِّ جهة خارجية، على خلاف ميثاق التأسيس الذي كان يشير لتبعيَّتها لجماعة الإخوان المسلمين، بهدف الحصول على قبول دولي، وإعادة فتح الأبواب المغلقة مع النظام المصري، الذي ظلَّ طوال ثلاث سنوات يقف موقف العداء للحركة(90). ويرى المراقبون أن الوثيقة تشكِّل مدخلًا لأن تحظى “حماس” بالشرعية والاعتراف من المجتمع الدولي بما يسمح لها ببناء علاقات إقليمية ودولية استنادًا إلى نبذها للإرهاب والعنف(91). ويثور التساؤل: هل المسار الجديد الذي رسمته “حماس” في وثيقتها تعديل جذري لرؤيتها أم محاولة توفيقية للمواءمة مع المتغيِّرات السياسية في المنطقة والعالم؟ الأمر الذي أثار شكوكًا لدى البعض حول ما إذا كانت الوثيقة الجديدة تعكس مراجعة حقيقية ونقدًا ذاتيًّا تتناغم فيه مع مراجعات جماعات الإسلام السياسي، أم أنها برجماتية سياسية بهدف محاولة الخروج من المأزق الذي تعانيه في إدارة قطاع غزة بسبب الحصار الخانق(92).
إن ثمة قراءة أولية للوثيقة توضِّح إضافة إلى ما سبق مسألة البعد الوطني في الحركة، فبعد أن كانت تعرِّف نفسها بأنها جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، أصبحت الآن تعرِّف نفسها بأنها حركة تحرُّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية. ويمثِّل هذا تطوُّرًا في فكر الحركة التي كثيرًا ما نأت بنفسها عن البعد الوطني، وبالتالي تصبح “حماس” مع هذه الوثيقة جزءًا داخليًّا أصيلًا من الحركة الوطنية الفلسطينية. كما تعكس الوثيقة التحوُّل في توجُّه الحركة نحو الاعتدال ووسطية الإسلام والتفرقة بين الصهيونية واليهودية ورفضها لظاهرة اللاسامية واضطهاد اليهود. علاوة على ذلك؛ فإن انفتاح حماس والتشديد على قبولها بمبادئ التعددية والديمقراطية والشراكة الوطنية وقبول الآخر، يعني فتح التعاون مع جميع الحركات والفصائل على الساحة الفلسطينية. وهو ما يعكس في نهاية المطاف مرونة الحركة وواقعيَّتها. فالوثيقة تؤكِّد رفض المشروع والكيان والاحتلال الإسرائيلي وجميع الاتفاقيات والمبادرات ومشروعات التسوية التي تجحف بالحقوق الوطنية والشرعية للشعب الفلسطيني، وهو ما يوجب تحرير فلسطين ويؤكِّد مشروعية المقاومة بجميع الأساليب بما فيها المقاومة المسلحة(93).
وبصفة عامة، فقد نظر البعض لهذه الوثيقة على أن “حماس” تتَّجه نحو الاعتدال الذي يمكن أن يمهِّد، بحسب مسؤولين ومحلِّلين، لقبولها دوليًّا، ولا سيما بعد اعترافها بحدود عام 1967م وتوصيف الصراع مع إسرائيل بأنه صراع سياسي لا ديني(94).
أمَّا عن موقف “حماس” من قرار ترامب، فقد أعلن الناطق الرسمي باسم “حماس” سامي أبو زهري بأن قرار ترامب لن يفلح في تغيير حقيقة كون القدس أرضًا عربية وإسلامية(95).

ثانيًا- بيئة التحوُّل

ما من شك في أن بيئة التحول، محلِّيًّا وإقليميًّا ودوليًّا، لم تكن مواتية لإحداث تحوُّل فارق وجوهري في المواقف الرسمية الفلسطينية. إذ يمكن القول إنها كانت وما زالت بيئة معاكسة تزداد سلبية بشكل تصاعدي يومًا بعد يوم. فالمستوى المحلِّي تسيطر عليه قضايا الانقسام وكيفية تجاوزه وعثرات احتمالات المصالحة، والمستوى الإقليمي يأتي على رأسه حالة الضعف العربي الناجمة عن إفشال الربيع العربي ومنع النُّظُمِ المستبدَّة التوجُّهَ نحو الديمقراطية الحقيقية، أمَّا على المستوى الدولي فالقوَّة العُظمى الراعية لحلِّ الصراع فقدَت مصداقيَّتها نتيجة حالة الانكشاف في مواقفها في ظلِّ إدارة ترامب.
فعلى المستوى المحلِّي، وبعد عشر سنوات على الانقسام الداخلي بين “فتح” و”حماس” انطلق قطار المصالحة بعقد 19 جولة(96)، حيث أعلنت القيادة الجديدة لحماس من القاهرة حلَّ اللجنة الإدارية التي شكَّلتها في غزة، وهو ما كلَّلَ جهود المصالحة مع “فتح” بإعلان جديد من القاهرة. لكن العثرات لإغلاق هذا الملف ما زالت مستمرَّة وتوقَّفت الجهود عند قضية تمكين الحكومة الفلسطينية، وهو ما لم يتم حتى الآن(97). ولم تكن الخلافات الفتحاوية الداخلية أقلَّ حظًا وخاصَّة تجاه تيار دحلان(98)، ومن المتوقَّع أنه مقابل الضغط على السلطة سيزداد الدعم العربي لتيار دحلان ماليًّا وسياسيًّا تمهيدًا للتعامل معه بصفة رسميَّة. فالرئيس عباس يزيد حدَّة مشاكل حركة “فتح” بطريقة غير مباشرة من خلال سياسته في معالجة موضوع الموالين لتيار دحلان عبر فصلهم واعتقالهم وقطع رواتبهم وإحالة بعضهم على التقاعد المبكر، وتهميش الرئيس لموظفي حركة “فتح” في القطاع(99). علاوة على عدم قدرة السلطة الفلسطينية على تلبية المطالب الوطنية الفلسطينية وإقامة دولة بواسطة المفاوضات مع إسرائيل، ورفضها إجراء انتخابات ورفضها استخدام المقاومة العنيفة، وفي المقابل اختار عباس استراتيجية تدويل الصراع كأسلوب وحيد للمقاومة، حيث يخوض الطرف الفلسطيني معركة دبلوماسية وقانونية وإعلامية. وفي الشأن الداخلي تعاني السلطة الفلسطينية من ضعف لأجهزتها الأمنية في مناطق كثيرة(100).
وعلى المستوى الإقليمي، أدَّت تداعيات الربيع العربي وانشغال العرب بمشاكلهم الداخلية وإدراك إسرائيل لتراجع القضية الفلسطينية لدى العرب، أن زادت من اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وأفشلت كل مبادرات السلام(101). كما أدَّت إلى أن فرضت الإدارة الأمريكية على السلطة الفلسطينية في عام 2013م أن تقوم باستئناف المفاوضات مع إسرائيل، في محاولة واضحة لاستغلال الظرف الراهن باعتباره فرصة سانحة لحملهم على القبول بالإملاءات الإسرائيلية والأمريكية في ظل انشغال العرب بأحوالهم الداخلية وانقسام الفلسطينيِّين. وبصفة عامة، تراجعت مكانة فلسطين في الأجندات العربية، ووجد الفلسطينيُّون أنفسهم مكشوفين تمامًا أمام إسرائيل سياسيًّا وعسكريًّا وعلى صعيد الإجراءات العملية(102). كما أن إسرائيل تسعى لاستثمار المبادرة العربية ليس لتحقيق خطوات جادَّة لحلِّ القضية الفلسطينية ولكن لإقامة علاقات مع الدول العربية السُّنِّية لمواجهة إيران.
وقد ترتَّب على ذلك كله، أن حدث تحوُّل من كون القضية الفلسطينية مدخلًا عمليًّا لتسوية فلسطينية-إسرائيلية ضمن إطار تطبيع شامل بين الدول العربية وإسرائيل، إلى إمكانية حصول إسرائيل على التطبيع مع العرب من دون دفع الثمن المتمثِّل في تسوية القضية الفلسطينية سلميًّا. بحيث يكون التطبيع مع الدول العربية من المنظور الصهيوني الأمريكي مقدِّمة لتسوية القضية، لا أن يكون نجاح التسوية شرطًا للتطبيع. وقد شكَّل انكفاء الدول العربية والعجز العربي الرسمي عن مساندة القضية الفلسطينية، بالتوازي مع استثمار القوى الإقليمية غير العربية (إيران) لهذا العجز، محور السياسات الإقليمية في المنطقة. ثم جاء الربيع العربي بآماله العريضة وما لبث أن تحوَّل إلى حروب أهلية وتراجعت القضية الفلسطينية من أجندة الدول العربية التي انشغلت بتداعيات الربيع العربي والتهديدات من المصادر الإقليمية، فلم تعد القضية الفلسطينية وسيلة لإضفاء المشروعية على دولها كما كان الأمر في السابق، وإنما أصبحت عبئًا على قدراتها في مواجهة إيران، وأمست التحديات المشتركة التي تواجه الدول العربية وإسرائيل هي الشعار المرفوع لإمالة ميزان القوى الإقليمي ضد إيران، في حين تراجعت القضية الفلسطينية(103).
وقد تراجعت العلاقات الفلسطينية-المصرية بعد رفض الرئيس عباس لمبادرة “الرباعية العربية” التي قدَّمتها مصر والأردن والسعودية والإمارات في سبتمبر 2016 لتسوية الخلاف بين عباس ودحلان، ومن ثم يتم العمل على مصالحة “حماس” و”فتح”، لقطع الطريق على إسرائيل التي تدَّعي عدم وجود شريك فلسطيني بسبب الانقسام الفلسطيني وعدم سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة(104).
وقد تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، فلم تعد القضية الفلسطينية في مركز الاهتمامات العربية بسبب ضعف الحركة الوطنية الفلسطينية لتحوُّلها إلى سلطة بعد اتفاق “أوسلو” (1993م)، وبسبب حالة الانقسام الفلسطيني والتنازع على المكانة والقيادة والسلطة منذ أكثر من عشرة أعوام وشيوع نوع من الإحباط والضياع بين الفلسطينيِّين بحكم تهميش “منظمة التحرير”(105).
أمَّا على المستوى الدولي، فقد تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية بسبب حالة الانقسام الفلسطيني، وغياب النظام العربي وتشتُّتِه، واستنكاف الولايات المتحدة عن القيام بأي مبادرة لإخراج عملية التسوية من جمودها. وتركَّزت الجهود الدولية في مواجهة خطر “داعش” و”القاعدة” وترتيب أوضاع المنطقة وإعادة هيكلتها بما يحقق مزيدًا من المصالح للقوة العظمى والدول الكبرى وحليفتهم إسرائيل. وهو ما أدَّى إلى تراجع القضية الفلسطينية في العالم وغياب الإجماع عليها(106).
علاوة على ذلك، فقد شجَّعت إسرائيل والولايات المتحدة على تغلغل إيران في المشهد العربي، واستثمرت إسرائيل ذلك في السعي لتوطيد علاقتها بالدول العربية، لمواجهة إيران وأذرعها. ولذلك، فإيران بسلوكها تحقِّق مصلحة إسرائيل، وأي لقاء إسرائيلي-عربي هو لقاء مصالح لمواجهة إيران وأي تهديد آخر للأنظمة العربية(107).

ثالثًا- تقييم التحوُّل والمأمول منه

من الطبيعي أن يكون التحوُّل في المواقف الرسمية الفلسطينية تجاه إسرائيل ضعيفًا وليس على مستوى المرحلة، طالما أن الانقسام الفلسطيني مازال مستشريًا على مستوى القيادة والمؤسَّسات السياسية والفصائل وداخل الفصيل الواحد وداخل المؤسسة السياسية الواحدة (لجنة تنفيذية، لجنة مركزية، مجلس مركزي، مؤتمر عام) في إطار فردية صنع القرار، وطالما أن خيار التفاوض والتسوية السلمية ما زال قائمًا رغم أن إسرائيل تمضي قدمًا وبخطى متسارعة في بناء المستوطنات وتهويد القدس والمسجد الأقصى. ومن المتوقع أيضًا في ضوء هذه الحالة أن تسعى إسرائيل تدريجيًّا إلى تقليص مهام “السلطة الفلسطينية” والزيادة التدريجية لمهام “الإدارة المدنية الإسرائيلية”(108).
ولذلك هناك أربع وسائل ثمينة تحقِّق إسرائيل من خلالها ما تريد وبشكل تدريجي:
الوسيلة الأولى- استثمار اعتراف “منظمة التحرير الفلسطينية” بها وبأن الصراع على حدود 1967م في أن تظهر أمام العالم كحركة تحرُّر وطني كما أسلفنا.
الوسيلة الثانية- خيار التفاوض والتسوية الذي يُكَبِّل القيادة الفلسطينية بقيود لا تجعلها قادرة على منع إسرائيل ممَّا تفعله سوى ممارسة العمل الدبلوماسي والقانوني. ويمكن تقييم الموقف الرسمي الفلسطيني من عملية التسوية والاتفاقات الموقَّعة بشكل عام من خلال التأكيد على أن دخول “منظمة التحرير” منذ البداية في هذه العملية لم يكن أمرًا صائبًا، والقفز على جهود فريق المفاوضين الذي قاده حيدر عبد الشافي واستعجال النتائج في “أوسلو” كان خطأً كبيرًا. كما أنه كان من المفروض تقييم الممارسة الفلسطينية على الاتفاقيَّات الموقعة(109)، لكن فردية صنع القرار وقفت حائلًا دون ذلك.
الوسيلة الثالثة- الانقسام الفلسطيني الذي يعيق القدرة على تفعيل الخيار الانتفاضي.
الوسيلة الرابعة- الضعف العربي الذي يجعل الشعب الفلسطيني وحيدًا وبدون دعم من حاضنته المعهودة.
وعلى مستوى التطوُّرات الأخيرة التي أعقبت “وعد ترامب” لليهود أن تكون القدس عاصمة لهم، فقد وجَّهت الجبهة الشعبية انتقادات بسبب تأخُّر اللجنتيْن “المركزية” و”التنفيذية” في الانعقاد رغم مرور شهر على قرار ترامب، وبسبب عدم توجُّه الرئيس عباس للمحكمة الجنائية الدولية، وبسبب عدم تنفيذ القرارات السابقة للمجلس المركزي(110). وأثير الحديث عن غياب المؤسَّسة السياسية الفلسطينية التي غَدَتْ مهمَّشة(111) في ظلِّ الشخصانيَّة المفروضة. ولذلك طالبت الجبهة الشعبية بإخضاع الرئيس عباس للمساءلة(112). وفي سلوك طريق معاقبة كل من يعترضه وينتقد سياستَه الداخلية والخارجية أوعز الرئيس عباس باتِّخاذ خطوات رسمية عقابية ضدَّ “الجبهة الشعبية”، تمثَّلت بقرار وقف المستحقَّات المالية للجبهة الشعبة لتحرير فلسطين، من الصندوق القومي الفلسطيني، ابتداءً من بداية عام 2016(113).
من جهة أخرى جاء خطاب الرئيس عباس في افتتاح دورة انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله مخيِّبًا للآمال، لأنه لم يتطرَّق مطلقًا إلى القضايا المحورية التي يطالب الشعب الفلسطيني باتِّخاذ قرارات حاسمة بشأنها، مثل سحب الاعتراف بإسرائيل، وإلغاء التنسيق الأمني معها، وإنهاء اتفاقيتي “أوسلو”، ولم يطالب مطلقًا بتصعيد الانتفاضة وتقديم كلِّ الدَّعم لها(114). ورغم أن قرارات المجلسيْن “الوطني” و”المركزي” بإيقاف التنسيق الأمني صدرت منذ سنوات(115)، إلا أنه ما زال قائمًا منذ أكثر من عشرين عامًا. أمَّا على مستوى حركتي “حماس” و”الجهاد” فقد قاطعتا اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي عقد يوم 14 يناير 2018 بمجرَّد إصرار الرئيس عباس على عقده في قاعة المقاطعة في رام الله، وعدم الاستجابة لقرارات اللجنة التحضيرية بعقده في بيروت أو خارج المناطق المحتلة. وكان المقترح أن ينعقد في الخارج وكذلك “المجلس الوطني”، ويتم التدقيق في أهلية الأعضاء دون أي إقصاء أو قوائم سوداء يضعها الرئيس والقيادة المحيطة به، وتكون هناك محاسبة حقيقية لأداء “السلطة” و”المنظمة”(116). وقد تبيَّن أن الاجتماع جرى استخدامه لامتصاص حالة الغضب الفلسطينية وإعطاء السلطة ورقة ضغط على إسرائيل لاستئناف المفاوضات(117).
وعلى الرغم من خطورة التحدِّيات، فإن القيادة الفلسطينية لا تزال تعتمد سياسة الانتظار والاكتفاء بإطلاق التهديدات باتخاذ إجراءات لا تصل إلى مستوى سحب أو تعليق الاعتراف بإسرائيل والعمل على تجميد عضويتها في الأمم المتحدة، وتفعيل الملاحقة القانونية للقادة الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية بشأن ملفات جرائم الحرب، ومنها الاستيطان والعدوان على قطاع غزة وعمليات الإعدام الميداني والأسري، وهي إجراءات سبق أن صدر بشأنها قرارات من المجلس المركزي لمنظمة التحرير منذ مارس 2015 دون أن تطبق حتى اليوم(118). وعليه، فليس هذا هو التحوُّل المأمول.
لذلك، فإن المطلوب هو إدارة موحَّدة واستراتيجية موحَّدة للصراع تصبُّ في صالح القضية الفلسطينية، ومن الضروري أن يكون هناك عقل سياسي يدير المقاومة بحكمة كبيرة، فالمقاومة لا تعني بالضرورة فقط المقاومة المُسلَّحة، وهنا يتعيَّن على الفلسطينيِّين أن يتوافقوا على أساليب المقاومة، والحفاظ على سلاح المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني بحاجة إلى استراتيجية جامعة، تبدأ من إعادة بناء “منظمة التحرير الفلسطينية”، وتمرُّ بتشكيل حكومة تتبنَّى استراتيجية شاملة للمقاومة بعمومية الكلمة التي لا تقتصر على نوع معيَّن. فمن الممكن أن تكون مقاومة شعبية سلمية، ومن الممكن أن تكون في بعض الأوقات مُسلَّحة(119).
والتحوُّل المأمول تجاه إسرائيل هو إلغاء قرار الاعتراف بها وإلغاء اتفاقيتي “أوسلو” وكل الاتفاقيات الأخرى، والرجوع إلى نصِّ “الميثاق الوطني الفلسطيني” قبل تغييره. ومن محفِّزات التحوُّل المأمول: المصالحة، والوحدة الوطنية، وإصلاح “منظمة التحرير”، وإصلاح الوضع العربي، وبناء الاستراتيجية الشاملة، واتِّباع الخيار الانتفاضي، والقيام بمقاومة مدنية شاملة.

خاتمة

وهكذا لم يكن التحوُّل في المواقف الرسمية الفلسطينية على مستوى المرحلة، ولا هو التحوُّل المأمول، رغم أنها خطوة في الاتجاه الصحيح. وبيئة التحوُّل لم تكن مواتية محلِّيًّا وعربيًّا ودوليًّا، لذلك ينبغي العمل على إيجاد بيئة مواتية، والبدء بالمستوى الفلسطيني، بتحقيق المصالحة وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني ومؤسَّساته على أُسس ديمقراطية، بحيث يتمُّ تجاوز شخصانية القيادة وفردية صنع القرار فهي عامل ضعف كبير، بينما مؤسَّسية صنع القرار وتفعيل آلية المحاسبة هي أمر لا غنى عنه.
فضلًا عن ذلك ينبغي عدم الانتقاص من قدر تطوير القوة العسكرية الفلسطينية. وعلى القيادة الفلسطينية أن تتحرَّر من خطئها الأكبر الذي ارتكبته، وهو خيار التسوية والتفاوض، أو عليها أن تزاوج بينه وبين الخيار الانتفاضي، أو حتى تترك أنصار الخيار الانتفاضي يفعلون ما يشاؤون.
وعلى القيادة الفلسطينية أن تُولِيَ اهتمامًا كبيرًا للمقاومة المدنية الشاملة لا أن تقتصر على التحرُّكات الدبلوماسية والتصريحات السياسية، أمَّا الجانب القانوني، فقد حدث فيه تطوُّر كبير، لكنه بحاجة إلى المزيد.
وعلى المستوى العربي، وفي ضوء انكشاف التحوُّل في المواقف العربية تجاه إسرائيل وتهيئة الأجواء للتطبيع الكامل بحجَّة أنه تهيئة مناسبة تسبق الحلَّ الجذري للصراع، وهذا أسلوب خداع صهيوني أمريكي معهود، تضرَّرت بسببه القضية الفلسطينية. ومن الواضح أن الرؤية الصهيونية الأمريكية تقوم على أن تقارب المصالح العربية الإسرائيلية لمواجهة “إيران” و”الإخوان” و”القاعدة” و”داعش” و”حزب الله” يمكن أن تكون وسيلة ناجعة للتطبيع الشامل دونما حاجة لشرط الحلِّ الجذري للصراع، أو يمكن أن يكون هناك حلٌّ جذري لكنه على طريقة ترامب ونتنياهو مجحف بحقِّ الشعب الفلسطيني إلى أبعد الحدود.
لقد تضرَّرت القضية الفلسطينية أيضًا بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي في كثير من الدول العربية، وما من شك في أن حلَّ النزاعات الطائفية وتجاوز أزمة الصراع على السلطة تزيد الفلسطينيِّين قوة. وأحوال العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا اليوم، وكذلك مصر والسودان، ومواجهة دول مجلس التعاون لإيران، ما من شك في أن كل هذا يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على القضية الفلسطينية. فإذا كانت الدول العربية بخير وتنعم بالاستقرار والأمان، فإن القضية الفلسطينية ستكون بخير أيضًا وقادرة على مواجهة المشروع الصهيوني، والعكس صحيح.
*****

الهوامش:

(*) أستاذ العلوم السياسية المساعد، قسم الدراسات الدولية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة زايد، أبو ظبي.
(1) انظر:
– “الوقائع الفلسطينية”، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العدد 27، يوليو 2017، ص 135.
– المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قانون “الدولة القومية للشعب اليهودي”، موقع عرب 48، 17 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/YHEXX1
(2) اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان أن أيَّ محاولة لحلِّ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أساس مبدأ “الأرض مقابل السلام” محكوم عليها بالفشل. وجدَّدَ اقتراحَه السابق بتبادل السكَّان، صحيفة القدس العربي، 13 مارس 2017، نقلا عن: “الوقائع الفلسطينية”، مجلة سياسات عربية، العدد 26، مايو 2017، ص 124.
(3) د. محسن صالح (رئيس التحرير)، الترانسفير: طرد الفلسطينيين في الفكر والممارسة الإسرائيلية، تقرير معلومات (10)، (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2009)، ص 38، وانظر بالتفصيل: ص ص 6 – 52، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2KIKeZW
(4) أحد الباحثين الفلسطينيين يرى أنه لا وجود لما يُسمَّى “صفقة القرن”، وكل حديث بشأنها إمَّا تكهُّنات أو تسريبات صحفية لأغراض سياسية غالبًا ما تقع في إطار الحرب النفسية. انظر: عبد الغني سلامة، صفقة القرن حقيقة أم وهم، صحيفة الأيام الفلسطينية، العدد 7940، 3 يناير 2018، ص 13، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2lSqc0T
(5) فتحي صبَّاح، الشعبية تطالب بألا تصبح اجتماعات القيادة بديلًا لاجتماعات اللجنة التنفيذية، الحياة اللندنية، 27 أغسطس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Qn32CS
(6) الرئيس الفلسطيني من باريس: سنواصل العمل مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا وبقائنا على أرضنا، بوابة الأهرام، 7 فبراير 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/5KCme3
(7) عباس: سأضطر لقطع التعاون الأمني مع إسرائيل بسبب الاستيطان، بوابة الأهرام، 8 فبراير 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/5qFbEL
(8) محمود عباس يدين قرار الليكود بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة لتوسيع المستوطنات، بوابة الأهرام،1 يناير 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/wTGdN3
(9) واشنطن تلمح إلى احتمال التخلي عن مبادرة السلام، بوابة الأهرام، 24 يونيو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/CiQguG
(10) الرئيس الفلسطيني: بالطرق السلمية والدبلوماسية سنصل إلى حقنا وسنبني الدولة وعاصمتها القدس الشرقية، بوابة الأهرام، 18 يناير 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/4qP3M1
(11) معتز أحمد إبراهيم، القدس: الرئيس الفلسطيني يرفض اقتراحًا أمريكيًا للقاء نتنياهو لاستئناف المفاوضات، بوابة الأهرام، 11 أغسطس 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/yWUcus
(12) انظر:
– متحدث باسم عباس: قرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان صفعة لسياسة إسرائيل، بوابة الأهرام، 23 ديسمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/8oEF6Y
– أبو مازن: سنطرح مشروع قرار على مجلس الأمن ضد الاستيطان الإسرائيلي، بوابة الأهرام، 1 مارس 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/o34ur1
(13) الرئيس الفلسطيني من باريس: سنواصل العمل مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا وبقائنا على أرضنا، مرجع سابق.
(14) عباس: سأضطر لقطع التعاون الأمني مع إسرائيل بسبب الاستيطان، مرجع سابق.
(15)الرئيس الفلسطيني من باريس: سنواصل العمل مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا وبقائنا على أرضنا، مرجع سابق.
وانظر أيضًا: الرئيس أبو مازن يؤكد ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، بوابة الأهرام، 24 فبراير 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/2AXnZT
(16) القدس العربي، 27 يناير 2017، نقلا عن: “الوقائع الفلسطينية”، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العدد 25، مارس 2017، ص 124.
(17) عباس: الاستيطان الإسرائيلي يقوض مساعي السلام، بوابة الأهرام، 9 مارس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/41anHf
(18) محمود عباس يدين قرار الليكود بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة لتوسيع المستوطنات، مرجع سابق.
(19) اتصال هاتفي بين عباس ونتنياهو بشأن الأحداث في الأقصى، بوابة الأهرام، 14 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/pWq1bU
(20) عباس يعلن تجميد الاتصالات مع إسرائيل بسبب إجراءاتها في الأقصى، القدس العربي، 21 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2lVbbv6
وانظر: أبو مازن يشترط إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في الأقصى لاستئناف “العلاقات الثنائية” مع إسرائيل، بوابة الأهرام، 25 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/PLjY9e
(21) الرئيس الفلسطيني يعلن تجميد الاتصالات مع إسرائيل لحين تراجعها عن إجراءاتها بحق الأقصى، بوابة الأهرام، 21 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/qE53TP
(22) انظر:
– الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعلن تجميد الاتصالات الكاملة مع إسرائيل”، موقع I24 NEWS، 21 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2KZC8Jn
– أبو مازن يشترط إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في الأقصى لاستئناف العلاقات الثنائية مع إسرائيل، مرجع سابق.
(23) الرئيس الفلسطيني: لن نسمح بالبوابات الإلكترونية على أبواب الأقصى، بوابة الأهرام، 23 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/3922Qi
(24) الرئيس الفلسطيني: صلاة الظهر اليوم ستتم داخل المسجد الأقصى، بوابة الأهرام، 27 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/4NQd3T
(25) هآرتس: عباس رفض لقاء الرئيس الإسرائيلي ريفلين في بروكسل، بوابة الأهرام، 23 يونيو 2016، https://goo.gl/LVbTJ8
(26) د. محمد خالد الأزعر، دلالة القرار الفلسطيني بعدم الالتزام بالاتفاقات مع إسرائيل وتداعياته، مجلة شؤون عربية، العدد 164، شتاء 2015، ص ص 53 – 54.
(27) عباس: الاستيطان الإسرائيلي يقوض مساعي السلام، بوابة الأهرام، 9 مارس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/hntrBr
(28) هآرتس: عباس رفض لقاء الرئيس الإسرائيلي ريفلين في بروكسل، بوابة الأهرام، مرجع سابق.
(29) محمد عبد الغني، مستشار الرئيس الفلسطيني: القضاء على الإرهاب يبدأ بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بوابة الأهرام، 17 يناير 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/6cThBE
(30) تجلَّت هذه المحاولات في: مؤتمر “مدريد” للسلام (نوفمبر 1991)، واتفاق “أوسلو” (13 سبتمبر 1993)، واتفاق صانعي السلام في شرم الشيخ (13 مارس 1996)، ومباحثات “كامب ديفيد” (يوليو 2000)، ومبادرة السلام العربية (2002) التي قدَّمتها السعودية وتضمَّنت قيام دولة فلسطينية مستقلَّة وعاصمتها القدس الشرقية على خط الرابع من يونيو 1967 وتسوية عادلة لقضية عودة اللاجئين وفق القرار 194 مقابل إقامة الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل، لكن إسرائيل رفضت المبادرة، وخطة خريطة الطريق (2002) بمبادرة من رئيس وزراء إسبانيا حيث تم إنشاء اللجنة الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بهدف وضع خطة لتحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس حلِّ الدولتين، لكن إسرائيل لم تلتزم بشيء بينما التزم الفلسطينيون وضمن ذلك استحداث منصب رئيس الوزراء، ومؤتمر “أنابوليس” بولاية ميريلاند (27 نوفمبر 2007) لتحريك عملية السلام وقد أُلغي بتولِّي نتنياهو، ولقاء واشنطن وشرم الشيخ (2010) ولم يسفر عن شيء لتعنُّت نتنياهو، ومفاوضات التسعة أشهر (29 يوليو 2013) في أمريكا التي قادها جون كيري وأعلن فشلها بسبب التعنُّت الإسرائيلي.
انظر: د. بركات الفرا، انعكاسات البيئة العربية على القضية الفلسطينية، مجلة السياسة الدولية، العدد 198، أكتوبر 2014، ص ص 130 – 132.
(31) الرئيس الفلسطيني: بالطرق السلمية والدبلوماسية سنصل إلى حقنا وسنبني الدولة وعاصمتها القدس الشرقية، مرجع سابق.
(32) انتقاد رئاسي لعباس زكي بحضور الجنرال ماجد فرج ومطالبته البقاء ضمن الخط، موقع رأي اليوم، 11 يناير 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/7rnQwT
(33) فقد تبيَّن أن لهما أهداف ومنطلقات مغايرة يسعون إلى تحقيقها أهمها: توظيف اتفاقات التسوية في تكريس شرعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من خلال فرض الرواية الصهيونية بأن الصراع بدأ مع حرب 1967م وليس مع حرب 1948م، وتوقيع الفلسطينيين على وثيقة الاعتراف بإسرائيل واستثمار ذلك في محاولة إغلاق ملف القضية الفلسطينية نهائيًّا، ومراهنة إسرائيل والولايات المتحدة بأن الوضع العربي والدولي يمثل فرصة سانحة لترتيب الأوضاع في المنطقة بما يخدم أهدافهما، ومحاولة إثارة الشقاق داخل الصف الفلسطيني وبين الشعب الفلسطيني وقيادته، ومراهنة إسرائيل وأمريكا بأن التسوية ضمن شروطهما قد تؤدِّي إلى اندلاع حرب أهلية وانهيار “السلطة” و”منظمة التحرير”، وتكريس النظر إلى المطالب العربية بشأن القضية الفلسطينية على أنها تدخُّلات في شؤون الغير، واستثمار حالة الضعف العربي اليوم في دفع الدول العربية للتطبيع المسبق مع إسرائيل كتمهيد لإيجاد حلٍّ جذري للصراع فيما بعد، وليس كوعد عربي يشترط أولًا قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967م كما هو الحال بالنسبة لمبادرة السلام العربية.
انظر: إبراهيم أبراش، البديل الوطني لاتفاقية أوسلو وتوابعها، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 262 – 263، ربيع 2016، ص ص 5 – 8.
(34) الأخطاء التي ارتكبت على المستوى الفلسطيني الرسمي هي:
أولًا- الاعتراف الرسمي والمعلن من قبل قيادة منظمة التحرير بدولة إسرائيل قبل اعتراف الأخيرة بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
ثانيًا- توقيع اتفاق مع إسرائيل عام 1993م لا ينصُّ بشكل واضح وجليٍّ وموثَّق دوليًّا على اعترافها بدولة فلسطينية كاملة السيادة على كل الأرض التي احتُلت عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية واستعدادها لتفكيك مستوطناتها في هذه الأراضي دون الانتقاص من حق العودة، الأمر الذي يجعل هذا التوقيع خطأً استراتيجيًّا كبيرًا.
ثالثًا- تهميش القيادة الفلسطينية للمؤسَّسات الوطنية الجامعة لصالح بناء مؤسَّسات حكم ذاتي. وكانت نتيجة هذه الأخطاء أن وصل مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة على 22٪ من أرض فلسطين إلى مأزق كلي. ولم تنجح المفاوضات ولا المقاومة المسلحة في وقف الاستيطان ومنع تجزئة الضفة إلى معازل، ولا منعت تحويل غزة إلى معسكر اعتقال جماعي، ولا هي أوقفت تهويد القدس وتهجير سكَّانها ومواصلة فرض التقسيم الزمني على المسجد الأقصى. ولذلك، فبسبب السياسات التي تبنَّتها “منظمة التحرير” في الثمانينيات والتسعينيات؛ عزَّزت الحركة الصهيونية رؤيتها لنفسها على أنها حركة تحرُّر وطني للشعب اليهودي خاضت خلاله حرب الاستقلال ضد إرهاب فلسطيني. هذا كان الخطأ الأهم للحركة الفلسطينية. والآن حل الدولتين بات مستحيلًا بحكم التغييرات الجغرافية والسكَّانية على الأرض، ولأنه ينطوي على إقرار ضمني للصهيونية كحركة تحرُّر وطني والتراجع عن اعتبارها حركة استعمارية استيطانية إحلالية.
انظر: جميل هلال، سر استعصاء الدولة الفلسطينية، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 262 – 263، ربيع 2016، ص ص 31، 35 – 38.
(35) علي الجرباوي، ترميم الوضع الفلسطيني الداخلي، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 108، خريف 2016، ص 77 – 78.
(36) القضية الفلسطينية وحل الدولتين.. مراحل ومواقف، سلسلة البحث الراجع، العدد 25، أكتوبر 2017، (بيروت: المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق)، ص 17.
(37) عباس يحذر من محاولات دمج القضية الفلسطينية في “إطار إقليمي”، بوابة الأهرام، 27 فبراير 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/bfQyV9
(38) أبو مازن: لن نطوي صفحة “النكبة” إلا بالاعتراف بكامل الحقوق الفلسطينية، بوابة الأهرام، 15 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Au42qx
(39) أبو مازن: من دون دولة وعاصمتها القدس لن نقبل بأي حل، بوابة الأهرام، 3 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/NPVJ2j
(40) عباس يرد على تصريحات نتنياهو بشأن التطهير العرقي، بوابة الأهرام، 12 سبتمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/WWzT6M
(41) يوميات عربية – أيار/مايو 2017، مجلة المستقبل العربي، المجلد 40، العدد 461، يوليو 2017، ص 191.
(42) علاء سالم، التسوية الفلسطينية المحتملة في ضوء جولة ترامب الإقليمية، مجلة السياسة الدولية، العدد 209، يوليو 2017، ص 108.
(43) الرئيس الفلسطيني: سأدعم مشروع ترامب لدولة على حدود 1967، بوابة الأهرام، 9 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/1Sfrnb
(44) شاهر عياد، تحولات الموقف المصري من فلسطين على إيقاع صفقة القرن، موقع المنصة، 21 سبتمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/1VEk7Y
(45)عباس يستقبل المبعوث الأمريكي اليوم، وأنباء عن أربع شروط فلسطينية للعودة إلى المفاوضات”، بوابة الأهرام، 14 مارس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Je3Wzs
(46) واشنطن تلمح إلى احتمال التخلي عن مبادرة السلام، بوابة الأهرام، 24 يونيو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/YsSB3v
(47) المرجع السابق.
(48) يوميات عربية – أيار/مايو 2017، مجلة المستقبل العربي، المجلد 40، العدد 461، يوليو 2017، ص 191.
(49) أبو مازن: سنطرح مشروع قرار على مجلس الأمن ضد الاستيطان الإسرائيلي، بوابة الأهرام، 1 مارس 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Ls35ns
(50) مأمون سويدان، كيف يبدو الموقف الرسمي الفلسطيني مما يُسمَّى بـ”صفقة القرن” الأمريكية، موقع وكالة سوا، 23 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/tCLGgT
(51) د. إبراهيم أبراش، ما وراء التحول المفاجئ في ملف المصالحة الفلسطينية، موقع فلسطين اليوم، 1 أكتوبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2J0WO1N
(52) عدنان الصباح، ترامب صفقة الإفقار لصالح الإرضاخ”، موقع الحوار المتمدن، 17 نوفمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2KGFVz1
(53) مأمون سويدان، كيف يبدو الموقف الرسمي الفلسطيني مما يُسمَّى بـ”صفقة القرن” الأمريكية، مرجع سابق.
(54) الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصل إلى العاصمة السعودية، العربية.نت، 20 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/bdhNY6
(55) عبد الفتاح بدوي، أول رد رسمي من الرئيس الفلسطيني على اعتراف ترامب بيهودية القدس (نص الخطاب)، موقع المصري اليوم، 6 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/rgZxtN
(56) الرئيس الفلسطيني يهدد بالانسحاب من اتفاقية أوسلو، موقع SPUTNIK، 13 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/XZczmD
(57) الرئيس الفلسطيني: ترامب يشجع إسرائيل على انتهاج سياسة التطهير العرقي، بوابة الأهرام، 6 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/n7jYUJ
(58) الرئيس الفلسطيني: ترامب ارتكب جريمة كبرى، موقع صحيفة سبق الإلكترونية، 13 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/GRHom1
(59) سمر نصر، أبو مازن: قرار نقل السفارة الأمريكية “صفعة العصر”، ولن تكون هناك دولة فلسطينية بدون القدس، بوابة الأهرام، 13 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/w19mDo
(60) فادي أبو سعدي، رام الله: الأشد قسوة على القضية الفلسطينية بـ”وعد ترامب” والاستيطان، موقع القدس العربي، 30 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2NwVM0N
(61) عباس: سنتخذ “إجراءات قانونية وسياسية ودبلوماسية” ضد إعلان ترامب بشأن القدس، بوابة الأهرام، 18 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/5Lza7r
(62) سلطان الحطاب، إعادة التوازن في خطاب أبو مازن، موقع الحياة الجديدة، 16 ديسمبر 2017.
(63) الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصل إلى العاصمة السعودية، مرجع سابق.
(64) مستشار الرئيس الفلسطيني: أبو مازن لن يستقبل نائب الرئيس الأمريكي، بوابة الأهرام، 9 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/x9oPqe
(65) مسؤول في حركة فتح: نائب الرئيس الأمريكي غير مرحب به في فلسطين، بوابة الأهرام، 7 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/2oQYPQ
(66) سلطان الحطاب، إعادة التوازن في خطاب أبو مازن، مرجع سابق.
(67) السلطة تقاطع واشنطن وتستدعي السفير، الحياة اللندنية، العدد 19996، 2 يناير 2018، ص 4، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2zkQMcK
(68) سلطان الحطاب، إعادة التوازن في خطاب أبو مازن، مرجع سابق.
(69) الرئيس الفلسطيني في الرياض وسط تحرك دولي جديد بشأن القدس، موقع BBC عربي، 20 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/9vwiRf
(70) الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصل إلى العاصمة السعودية، مرجع سابق.
(71) عامر خليل، حراك شعبي ضد الممثليات الأمريكية في العالم والاعتصام الدائم أمامها، موقع الاستقلال، 6 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2zgH2jJ
(72) العزب الطيب الطاهر، غدًا.. تنفيذية منظمة التحرير تبحث برئاسة عباس استراتيجية فلسطينية جديدة، بوابة الأهرام، 17 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/MFGQ9U
(73) أبو مازن: جلسة طارئة للمجلس المركزي الفلسطيني.. والمؤامرة على القدس لن تمر، بوابة الأهرام، 31 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/9NMBvq
(74) إيمان محمود، ننشر نص كلمة الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإسلامية الطارئة بإسطنبول، موقع مصراوي، 13 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/WVebof
(75) عباس من القمة الإسلامية: الملك سلمان أكَّد لي لا حل بدون دولة فلسطينية عاصمتها القدس، صحيفة مكة المكرمة، السنة الرابعة، العدد 1428، 14 ديسمبر 2017، ص 1، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2ucfmqb
(76) الرئيس الفلسطيني: لن نقبل أي خطة سلام أميركية، موقع الإمارات اليوم، 23 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/VAevT2
(77) عباس: أمريكا لا يمكنها أن تلعب دور الوساطة في عملية السلام بالشرق الأوسط بعد قرار القدس، بوابة الأهرام، 22 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Fucj97
(78) الرئيس الفلسطيني من باريس: سنواصل العمل مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا وبقائنا على أرضنا، مرجع سابق.
(79) أبو مازن يطالب بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور لليهود في 1917، بوابة الأهرام، 22 سبتمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/GHbaKo
(80) عباس يطالب بريطانيا بالاعتراف بخطأ إصدار وعد بلفور، بوابة الأهرام، 1 نوفمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/67JsAi
(81) عبد الغني سلامة، الاستراتيجية الفلسطينية، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 264، صيف 2016، ص ص 54 – 55.
(82) محمود الفطافطة، عرض كتاب: “إسرائيل والبيئة الإقليمية.. التحولات الاستراتيجية والحالة الفلسطينية”، المؤلف: مهند مصطفى، الناشر: المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات، ط 2016، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 266.
(83) فتحي صبّاح، «الشعبية» تطالب بألا تصبح اجتماعات «القيادة» بديلًا لاجتماعات اللجنة التنفيذية، موقع الحياة، 27 أغسطس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Vw7d5C
(84) إبراهيم أبراش، البديل الوطني لاتفاقية أوسلو وتوابعها، مجلة شؤون فلسطينية، مرجع سابق.
(85) المرجع السابق، ص 27.
(86) علي الجرباوي، وثيقة “حماس” الجديدة: نهاية المطاف أم بداية مسار جديد؟، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 111، صيف 2017، ص 60.
(87) إبراهيم أبراش، مقاربة استراتيجية لوثيقة حركة حماس، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 268، صيف 2017، ص 84.
(88) آية شمعة ـ قسم الدراسات، أوراق على طاولة حماس في ظل متغيرات إقليمية ودولية، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 23 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/qMjQhw
(89) أوراق على طاولة حماس في ظل متغيرات إقليمية ودولية، مرجع سابق.
(90) أشرف الهور، غزة: حماس ومصر بعد العسر يسر، مرجع سابق.
(91) أوراق على طاولة حماس في ظل متغيرات إقليمية ودولية مرجع سابق.
(92) إبراهيم أبراش، مقاربة استراتيجية لوثيقة حركة حماس، مرجع سابق، ص 84.
(93) علي الجرباوي، وثيقة حماس الجديدة، مرجع سابق، ص ص 62 – 63.
(94)حماس ستكشف وثيقة جديدة تعترف بحدود 1967 قد تجعلها مقبولة دوليا، موقع القدس العربي، 29 أبريل 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2pfBhLQ
(95) بسام رمضان، أول تعليق من حركة حماس على قرار ترامب، موقع المصري اليوم، 6 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2m20VBi
(96) وهذه الجولات هي: وثيقة إعلان القاهرة (2005م)، ثم وثيقة الأسرى (2006م)، ثم وثيقة اتفاق مكة (2007م)، ثم لقاء صنعاء (2008م)، ثم لقاء السنغال (2009م)، ثم اتفاقية الوفاق الوطني في القاهرة (2010م)، ثم لقاء الخرطوم (2010م)، ثم لقاء دمشق (2010م)، ثم اتفاقية الوفاق الوطني في القاهرة (2011م)، ثم لقاء المغرب (2012م)، ثم اتفاقية الدوحة (2012م)، ثم لقاء بيروت (2013م)، ثم اتفاق القاهرة (2013م)، ثم اتفاق مخيم الشاطئ (2014م)، ثم لقاءات الدوحة (2015م)، ثم لقاء جنوب أفريقيا (2016م)، ثم لقاءات جنيف (2016م)، ثم لقاءات بيروت ومبادرة النقاط العشر (2017م)، ثم لقاء موسكو (2017م)، انظر:
– عقل صلاح، حركة فتح بين الخلافات الداخلية والضغوط الخارجية، مجلة المستقبل العربي، المجلد 40، العدد 459، مايو 2017، ص 129.
(97) فادي أبو سعدي، رام الله: الأشد قسوة على القضية الفلسطينية بـ”وعد ترامب” والاستيطان، مرجع سابق.
(98) انظر بالتفصيل: عقل صلاح، حركة فتح بين الخلافات الداخلية والضغوط الخارجية، مرجع سابق، ص ص 121 – 125.
(99) المرجع السابق، ص 138.
(100) عليَّان الهندي، القضية الفلسطينية في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي السنوي 2016 – 2017، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 267، ربيع 2017، ص 115.
(101) د. بركات الفرَّا، انعكاسات البيئة العربية على القضية الفلسطينية، مجلة السياسة الدولية، العدد 198، أكتوبر 2014، ص ص 130 – 133.
(102) ماجد كيالي، القضية الفلسطينية في سلم الاهتمامات العربية الراهنة، مجلة شؤون عربية، العدد 164، شتاء 2015، ص ص 43 – 46.
(103) مصطفى اللباد، السياسات العربية حيال القضية الفلسطينية بين الغياب والتواطؤ، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 108، خريف 2016، ص ص 102 – 103.
(104) مخيمر سعود أبو سعدة، المتغيرات في الشرق الأوسط وأثرها على القضية الفلسطينية، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 267، ربيع 2017، ص ص 17 – 19.
(105) ماجد كيالي، المقاربة الإقليمية لتسوية القضية الفلسطينية واحتمالاتها، مجلة شؤون عربية، العدد 170، صيف 2017، ص 49.
(106) المرجع السابق، ص 50.
(107) المرجع السابق، ص ص 54 – 56.
(108) عقل صلاح، حركة فتح بين الخلافات الداخلية والضغوط الخارجية، مرجع سابق، ص 126.
(109) إبراهيم أبراش، البديل الوطني لاتفاقية أوسلو وتوابعها، مرجع سابق، ص ص 5 – 30.
(110) عبد الباري عطوان، لماذا نؤيد بقوة مقاطعة حركتي حماس والجهاد الإسلامي لاجتماع المجلس المركزي غدا ونتمنى ان تلحق بهما الجبهة الشعبية؟ ولماذا رام الله وليس غزة؟ وما الذي يريد الرئيس عباس الحصول عليه؟ وهل هذا الاجتماع شرعي؟، موقع رأي اليوم، 13 يناير 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/pa7jAK
(111) د. فايز أبو شمالة، أين الموقف الفلسطيني الرسمي من قرار ترامب؟، موقع رأي اليوم، 12 ديسمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/krQNks
(112) الجبهة الشعبية تصعد من لغة الانتقاد وتطالب بـ”إخضاع أبو مازن للمساءلة” وحل لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي وتدعو حركة فتح لمساءلة رئيس اللجنة محمد المدني، موقع رأي اليوم، 16 سبتمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/fhf2nx
(113) نادر الصفدي، عقاب عباس للشعبية يثير الجدل حول تفرده بالقرار الفلسطيني، موقع الخليج أون لاين، غزة، 11 أبريل 2016، متاح عبر الرابط التالي: http://klj.onl/Z22qmk6
(114) انظر:
– عبد الباري عطوان، لماذا نؤيد بقوة مقاطعة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” لاجتماع المجلس المركزي…؟، مرجع سابق.
– افتتاحية “رأي اليوم”، عباس لم يتغير وتجنبه سحب الاعتراف وإلغاء أوسلو أمام المركزي الدليل الأبرز، وإعجابه بالمفاوض الإيراني يتناقض مع إدارته للمفاوضات، وكيف نصدق وقف الاتصالات مع أمريكا في ظل دعوة قنصلها؟ ولماذا كانت شكوك “حماس” و”الجهاد” في محلها؟، موقع رأي اليوم، 15 يناير 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/qHcJCc
(115) افتتاحية “رأي اليوم”، لماذا “الجبهة الشعبية” وحدها وليس “حماس” التي تحرق صور عباس وتطالبه بالرحيل؟ وبأي حق يجمد الرئيس مخصصاتها الشهرية لاعتراضها على سياساته؟ ولماذا تأخرت هذه المظاهرات كل هذه السنوات؟ ولماذا نعتذر لشاعرنا الكبير سميح القاسم؟، موقع رأي اليوم، 12 أبريل 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/sbQ4MR
(116) عبد الباري عطوان، لماذا نؤيد بقوة مقاطعة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” لاجتماع المجلس المركزي…؟، مرجع سابق.
(117) المرجع السابق.
(118) خليل شاهين، حكومة نتنياهو تقتنص الفرص لتعميق الضم والتطبيع الإقليمي، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 110، ربيع 2017، ص 204 – 205.
(119) إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان لتجريد غزة من السلاح، مفكر مصري: التحول المفاجئ في الموقف الدولي من المصالحة مقدمة لصفقة القرن، موقع فلسطين اليوم، 5 أكتوبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Lqb4U9

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى