التحريض ضد اللاجئين في المنطقة العربية وجوارها: المبررات والدلالات

مقدمة:

شهدت المنطقة العربية وجوارها الحضاري خلال العقد الأخير موجات من التحريض المتزايد ضد اللاجئين. يُعد هذا التحريض نتاجًا لعدة عوامل متشابكة، تشمل الأزمات الاقتصادية والسياسية، والتوترات الاجتماعية، وكذلك الاستغلال السياسي من قبل بعض الفاعلين السياسيين لهذا كله، هذه الظاهرة التي باتت واضحةً في عددٍ من الدول، حيث أصبحت محط اهتمام كبير نظرًا لتداعياتها الخطيرة على الأمن الاجتماعي والسياسي في تلك الدول. ويعكس التحريض ضد اللاجئين مزيجًا معقدًا على مستوى الخطاب والسياسات الحكومية التي تنبني على عوامل موجهة سواء سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو أمنية تتشابك لتُشكل صورة مناهضة للاجئين، وتُترجم إلى أفعال عنف وتمييز تضر بهم وبالمجتمعات المضيفة على حدٍ سواء.

يتضمن التحريض ضد اللاجئين والمهاجرين كافة الأفعال والخطابات التي تهدف إلى إثارة الكراهية والعنف تجاههم، وتشجيع المجتمع على النظر إليهم على أنهم تهديد أو عبء. وتتخذ هذه الأفعال أشكالًا مختلفة، بدءًا من التصريحات العلنية من قبل السياسيين ووسائل الإعلام، مرورًا بالتحركات القانونية والسياسات الحكومية التي تسعى إلى تقييد حقوق اللاجئين، وصولًا إلى أعمال العنف المباشرة التي تستهدفهم.

بعد ثورات الربيع العربي التي بدأت في عام 2011، برزت ظاهرة التحريض ضد اللاجئين بشكلٍ واضح في العديد من الدول العربية وجوارها، حيث شهدت المنطقة موجات نزوح جماعية بسبب الصراعات والحروب الأهلية التي اندلعت في عدة بلدان، مثل سوريا واليمن وليبيا. وقد أدى هذا الوضع إلى تصاعد خطاب التحريض ضد اللاجئين في الدول المضيفة، خاصةً في مصر، ولبنان، والأردن، وتركيا.

وقد لعبت العوامل السياسية دورًا كبيرًا في تأجيج التحريض ضد اللاجئين في العديد من الحالات، حيث يُستخدم اللاجئون كأداة سياسية من قبل الحكومات والأحزاب المعارضة لتحويل الانتباه عن القضايا الداخلية الملحة مثل الفساد والفشل الاقتصادي. في تركيا، على سبيل المثال، استُخدمت قضية اللاجئين السوريين كورقة ضغط في السياسة الخارجية مع الاتحاد الأوروبي، كما أصبحت جزءًا من الصراع السياسي الداخلي بين الحكومة والمعارضة. وفي مصر، تُستخدم مسألة اللاجئين السودانيين لتوجيه الغضب الشعبي بعيدًا عن سياسات الحكومة، خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، إذ يُعد العامل الاقتصادي من أقوى المحركات للتحريض ضد اللاجئين. في الدول التي تعاني أزمات اقتصادية، يُنظر إلى اللاجئين على أنهم منافسون على الموارد الشحيحة مثل الوظائف والخدمات. هذا الشعور يتفاقم في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستوى المعيشة، مما يُسهل على الفاعلين السياسيين والإعلاميين توجيه اللوم للاجئين واعتبارهم سببًا رئيسيًا للمشاكل الاقتصادية، كما تلعب الفروقات الثقافية والدينية دورًا كبيرًا في تأجيج التحريض ضد اللاجئين في العديد من المجتمعات المضيفة، حيث يُنظر إلى اللاجئين على أنهم “آخر” لا يتوافق مع القيم المحلية، مما يؤدي إلى تصاعد التوترات الاجتماعية. كما يُستخدم العامل الأمني أحيانًا لتبرير التحريض ضد اللاجئين، إذ يُصورون على أنهم تهديد محتمل للأمن القومي والاستقرار الداخلي، وفي ظل تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة، بات من السهل توجيه الاتهامات للاجئين بأنهم يُشكلون قاعدة للعنف أو التطرف. هذا الخطاب يُستخدم لتبرير سياسات قمعية تستهدف اللاجئين وتُقيد حريتهم.

منهجيًا؛ لإبراز الصورة الكلية للظاهرة ورسم خريطة تفاعلية لأوضاع اللاجئين في المنطقة العربية وجوارها وما يتعرضون له من تحريض واضطهاد، يستدعي ذلك رصد الظاهرة في جزئياتها من كافة أبعادها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية وكذلك دوائر الاشتباك بين هذه الأبعاد استنادًا للواقع الفعلي، ومن ثم الانتقال إلى الصورة الكلية لظاهرة اللاجئين باعتبارهم وحدة مجتمعية تؤثر وتتأثر بالسياسات الحكومية والتفاعلات غير الحكومية، وينبثق عنها تداعيات وآثار على الفرد والمجتمع.

وعليه، نستهدف في هذا التقرير تحليل ظاهرة التحريض ضد اللاجئين في المنطقة العربية وجوارها من أبعادها المختلفة، وذلك من خلال عدة محاور: تمهيد حول السياق التاريخي والسياسي للتحريض ضد اللاجئين، التحريض ضد اللاجئين في مصر وتركيا كدراستي حالة، ظاهرة التحريض ضد اللاجئين: جذور وأسباب، الدلالات السياسية والحضارية للتحريض ضد اللاجئين.

تمهيد: السياق التاريخي والسياسي للتحريض ضد اللاجئين

تاريخيًّا، ظهر مفهوم “اللاجئ” في القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، مع توقيع اتفاقية جنيف لعام 1951، التي وضعت الأسس القانونية لحماية اللاجئين. غير أن المنطقة العربية عرفت ظاهرة اللجوء منذ قرون، نتيجة لتقلباتٍ سياسية واجتماعية ودينية. كانت الموجات الأولى من اللجوء في المنطقة مرتبطة بالصراعات الدينية والسياسية في العصور الوسطى، إلا أن القرن العشرين شهد تسارعًا كبيرًا في معدلات اللجوء، خاصةً مع نشوب الصراعات المسلحة والحروب.[1]

في العصر الحديث، يمكن تقسيم موجات اللجوء في المنطقة العربية إلى فتراتٍ زمنية محددة. فالفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية شهدت نزوح الفلسطينيين بعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948، ما أدى إلى واحدة من أكبر موجات اللجوء في التاريخ الحديث. بعدها، جاءت موجة اللجوء المرتبطة بالحرب الأهلية اللبنانية في سبعينيات القرن العشرين، والتي تسببت في تهجير مئات الآلاف من اللبنانيين إلى دول الجوار. وفي السنوات الأخيرة، أدت الحرب الأهلية السورية إلى نزوح ملايين السوريين إلى دول مثل تركيا، ولبنان، والأردن، ومصر، كما أدت الحرب في السودان -بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع- منذ أبريل 2023، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 إلى موجةٍ جديدة من اللاجئين السودانيين والفلسطينيين إلى عددٍ من الدول العربية لاسيما مصر.

سياسيًّا، تختلف ملامح ظاهرة التحريض ضد اللاجئين باختلاف السياقات السياسية لكل دولة. في العديد من الحالات، يرتبط التحريض بصعود التيارات القومية والشعبوية، التي ترى في اللاجئين تهديدًا للأمن القومي والهوية الثقافية. وفي دولٍ أخرى، يكون التحريض نتيجة لسياسات حكومية تستهدف تحويل الانتباه عن مشاكل داخلية إلى “الآخر” المتمثل في اللاجئين. كما تختلف الظاهرة من حيث المصدر ومدى التأثير تبعًا للوضع السياسي في الدول المضيفة، ففي بعض الدول يأتي التصعيد من أعلى لأسفل -أي من فواعل سياسيين أو مقربين منهم- أو من أسفل لأعلى تماشيًا مع الظروف والمناخ السياسي الداخلي. من ثم، فإن تنامي الظاهرة يحدث في سياق سياسي معقد يرتبط بالعديد من التطورات على الصعيدين الداخلي والخارجي. حيث يتمثل هذا السياق في التأثيرات التي تمارسها الديناميكيات السياسية المحلية، والصراعات الإقليمية، والضغوط الدولية، مما يؤثر على تعامل الدول مع قضية اللاجئين وتوجيه الخطاب السياسي ضدهم، ولا شك أن كل حالة تحتاج إلى نظرٍ مختلف ومن ثم أدوات معالجة مختلفة.

أولًا- الوضع الحالي لظاهرة التحريض ضد اللاجئين:

تصاعدت موجات التحريض ضد اللاجئين في دول المنطقة العربية وجوارها الحضاري بشكلٍ ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، على نحو ما أُشير. يعود ذلك إلى مجموعة من العوامل المترابطة التي أدت إلى تفاقم الأوضاع، حيث تتزايد وتيرة الصراعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط لاسيما الحرب في السودان والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومعها تزايدت أعداد اللاجئين بشكلٍ مضاعف، هذا بالتزامن مع التدهور الاقتصادي، والأزمات السياسية الداخلية، وتزايد النزعات القومية والشعبوية. ففي ظل ذلك المشهد المعقد، بدأت الحكومات في توجيه اللوم نحو اللاجئين باعتبارهم سببًا رئيسيًا للتدهور الاقتصادي، مما أدى إلى تأجيج مشاعر الكراهية والعنف ضدهم.

تتشابه أوضاع اللاجئين في معظم دول المنطقة إلى حدٍ كبير، حيث استقبلت لبنان ما يُقارب مليون لاجئ سوري مقابل استقبال سوريا القوات التابعة لحزب الله التي ساندت النظام السوري في مواجهة المدنيين، بجانب وجود عشرات الآلاف من الأرمن وحوالي ربع مليون لاجئ فلسطيني[2]. كذلك تُعد تونس من أهم الدول التي نزح إليها اللاجئون الليبيون لقربها الجغرافي، حيث تستضيف حوالي 1.8 مليون لاجئ منذ الثورة الليبية عام 2011، وتضطر السلطات التونسية لإغلاق الحدود للتعامل مع التدفقات المفاجئة للاجئين، كما أنه مع الوقت بدأت تتأجج مشاهد الكراهية ضد اللاجئين الليبيين في تونس بعد ثبوت تورط العديد من التونسيين ومشاركتهم في تفجيرات ليبيا 2016 وتزايد المخاوف من عمليات انتقامية داخل تونس[3]. مؤخرًا، شُنت حملات استهدفت اللاجئين والمطالبة بطردهم وترحيلهم لأسباب سياسية واقتصادية محضة، حيث تداخلت الحسابات السياسية والأيديولوجية لتُشكل مشهدًا معاديًا للاجئين. وتعتبر مصر وتركيا من أكثر دول المنطقة استقبالًا للاجئين، خاصةً من السودان وسوريا، لذا ينبغي قراءتهم بشيءٍ من التفصيل.

1- التحريض ضد اللاجئين السودانيين في مصر

في مصر، أعلن رئيس الوزراء أن مصر تستضيف ما يزيد عن 9 مليون لاجئ من 133 جنسية مختلفة[4]، بينما تفيد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن مصر تستضيف حوالي 753 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة. فحتى 26 أغسطس 2024، وصل عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية إلى 469,664 لاجئًا من السودان و157,673 من سوريا و45,079 من جنوب السودان و38,938 من إريتريا و18,721 من إثيوبيا و8,649 من اليمن و8,411 من الصومال و5,722 من العراق وأكثر من 54 جنسية أخرى. وبهذا تشير التقديرات أن اللاجئين السودانيين يمثلون النسبة الأكبر  من إجمالي اللاجئين المسجلين في مصر، يليهم اللاجئون السوريون. ويعيش هؤلاء اللاجئون وطالبو اللجوء في مناطق حضرية داخل مصر، ويتمركزون بشكلٍ أساسي في القاهرة الكبرى، والإسكندرية، ودمياط، وعدة مدن على طول الساحل الشمالي ومدن القناة. إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة فاقمت من معاناة اللاجئين وأفراد المجتمع المضيف على حدٍ سواء. في ظل غياب مصدر دخل ثابت وارتفاع معدلات التضخم، يجد العديد من اللاجئين صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية. من بين التحديات الأخرى التي يواجهونها محدودية الوصول إلى فرص كسب العيش، فضلًا عن عائق اللغة بالنسبة للاجئين الذين لا يتحدثون العربية. بالإضافة إلى ذلك، يفتقر بعضهم إلى التعليم الرسمي المستدام الذي يمكن أن يدعم تطورهم، ويعتمد عدد كبير منهم على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية والحصول على الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي[5].

أدَّى تضاعف أعداد اللاجئين -لاسيما بعد الحرب الراهنة في السودان- إلى تصاعد الأصوات المطالبة بإيجاد حل رسمي من قبل الحكومة لقضية تزايد أعداد اللاجئين تزايدًا ملحوظًا، وهذا ما انعكس على مواقع التواصل الاجتماعي حيث أصبحت هذه القضية محور نقاشٍ واسع. انتشرت فيديوهات وصور تُظهر تجمعات اللاجئين أو المهاجرين في عددٍ من الأحياء داخل العاصمة المصرية القاهرة وفي محافظاتٍ أخرى، مما أثار جدلًا حول تأثيرهم على المجتمع. كما لوحظ انتشار محلات تجارية متخصصة ببيع منتجات مستوردة من بلدان اللاجئين، مثل المحلات السودانية التي تبيع منتجات وعطورًا خاصة، والمحلات السورية التي تبيع التوابل والمأكولات، بالإضافة إلى مطاعم ليبية وغيرها. وقد اعتبر البعض أن هذا الانتشار يُمثل ظاهرة قد تؤثر على الثقافة المصرية، وتؤدي إلى تغييرات ديموغرافية محتملة في المجتمع.[6] الأمر الذي أسفر عن موجة من الكراهية والتحريض ضد اللاجئين -خاصةً السودانيين- في أوساط المجتمع المصري.

منذ احتدام الصراعات السياسية في السودان 2023، تزامن معها موجة نزوح آلاف اللاجئين السودانيين إلى مصر، وهنا ظهرت حملات ممنهجة للتحريض ضد اللاجئين بشكلٍ عام والسودانيين خاصة، وتنوعت قنوات انتشار هذه الحملات عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي[7]، حيث انتشرت العديد من الوسوم (الهاشتاجات) خاصةً على موقع إكس -تويتر سابقًا- تحمل عبارات مناهضة للاجئين مثل #طرد_اللاجئين_من_ مصر، #غير_مرحب_باللاجئين_في_ مصر وغيرها. وقد تنوعت موضوعات خطاب الكراهية ضد اللاجئين السودانيين في مصر بين ما يتعلق بمخاطر توطين وتجنيس السودانيين، واستنزاف الموارد الاقتصادية، وما يتصل بالأمن حيث اتُهم اللاجئون السودانيون بالبلطجة والإرهاب نظرًا لنشأتهم في بيئة قبلية يغلب عليها النزاعات والحروب، كما دعت هذه الحملات إلى ضرورة طرد اللاجئين السودانيين من مصر حفاظًا على الهوية المصرية في مواجهة المركزية الإفريقية “الأفروسنتريك” التي تهدد بتغييرات ديموغرافية وثقافية للمجتمع المصري. وإن خطاب التحريض والكراهية ضد اللاجئين السودانيين في مصر قد اتخذ مظاهر عدة من بينها الدفع باتجاه تقييد حقوقهم، وإلقاء اللوم على الحكومة وسياساتها التي فتحت الحدود أمام اللاجئين، والتحقير والازدراء والسخرية وإظهار التفوق للشعب المصري، بجانب التحريض المباشر على العنف[8].

وقد ساهمت الحكومة المصرية في تأجيج هذا الخطاب التحريضي من خلال فرض قيود جديدة على اللاجئين السودانيين، بما في ذلك تقليص فرص الحصول على الخدمات العامة والتعليم. كما شهدت البلاد زيادة في حوادث العنف والتمييز ضد السودانيين، مما أدى إلى تدهور علاقتهم بالمجتمع المحلي وزيادة عزلتهم، حيث شرعت الحكومة المصرية في يونيو 2023 في إصدار مشروع قانون “لجوء الأجانب” الذي يُلزم اللاجئين وطالبي اللجوء بتوفيق أوضاعهم خلال سنة من تاريخ إصدار القانون، بجانب إنشاء لجنة تُسمى “اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين” لتكون هي الجهة المهيمنة على أمر اللاجئين كافة بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بأعدادهم، كما صدر قرار مجلس الوزراء رقم 3326 لسنة 2023 الذي يُلزم الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية بتوفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مُستضيف مصري الجنسية[9]، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مُقابل سداد مصروفات إدارية بما يُعادل ألف دولار أمريكي تودع بالحساب المخصص لذلك وفقًا للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية.

ويرى محللون أن الضبابية التي أحاطت مشروع القانون تثير المخاوف والشكوك حول فعالية أي قوانين أو سياسات لتنظيم شؤون اللاجئين، كما أن ممارسات الحكومة المصرية يشوبها التناقض بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والتزاماتها بالمعايير الدولية؛ كونها من الدول التي وقعت وصدقت على العديد من الاتفاقيات الدولية الأساسية المرتبطة بحقوق الإنسان وحقوق الأشخاص المتنقلين واللاجئين[10]. إذ تأتي هذه السياسات من منظور أمني عقابي يجعل من المجتمع المصري أرض خصبة لتفشي أمراض الكراهية والتحريض ضد اللاجئين والأجانب، ويخلِّف انتهاكات، ويُتيح الإفلات من العقاب، ولا يُحقق العدالة للضحايا.

نتيجة لتلك السياسات العقابية، تعرض العديد من السودانيين للاعتقال التعسفي والاحتجاز والترحيل، حيث نشرت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” تقريرًا بعنوان “كبلونا وكأننا مجرمون خطرون: الاعتقال التعسفي والإعادة القسرية للاجئين السودانيين في مصر”، ويكشف التقرير وقوع حالات اعتقال للاجئين سودانيين في مصر، قبل ترحيلهم بشكلٍ غير قانوني إلى السودان على الرغم من الصراع الدائر هناك، وذلك في غياب كامل لأي ضمان لحقوقهم أو لإمكانية طلبهم للجوء، واعتبرت المنظمة عمليات الترحيل هذه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، مشيرةً إلى وجود أدلة على أن آلاف اللاجئين السودانيين تعرضوا للاعتقال التعسفي ثم طُردوا بشكلٍ جماعي. ويستند التقرير إلى تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حول ترحيل 3000 شخص من مصر إلى السودان في سبتمبر 2023. كما يتناول التقرير بالتفصيل المحن التي تعرض لها 27 لاجئًا سودانيًا، تعرضوا للاعتقال التعسفي، إلى جانب نحو 260 آخرين في الفترة بين أكتوبر 2023 إلى مارس 2024، على يد أفراد شرطة الحدود المصرية التابعة لوزارة الدفاع، وكذلك على أيدي ضباط الشرطة. كما يكشف التقرير أن السلطات أعادت قسرًا ما لا يقل عن 800 محتجزًا سودانيًا بين يناير إلى مارس 2024، وجميعهم حُرموا من فرصة طلب اللجوء، بما في ذلك من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين[11].

2- التحريض ضد اللاجئين السوريين في تركيا

يُشكل اللاجئون السوريون السواد الأعظم في مشهد اللجوء التركي، خاصةً أن عددهم وصل 3,115,8441 شخصًا بحسب الإحصائية الصادرة من إدارة الهجرة التركية في أبريل 2024 من بين 4.5 مليون أجنبي[12]، حيث رحبت تركيا وفتحت حدودها أمام اللاجئين السوريين منذ بداية الثورة السورية عام 2011 من خلال ما سُمي بسياسة “الباب المفتوح” التي استندت إلى العلاقات الثقافية والتاريخية بين الشعبين التركي والسوري، إذ شبه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اللاجئين السوريين بالمهاجرين والأتراك بالأنصار[13].

مؤخرًا، شهدت تركيا تصاعدًا ملحوظًا في الخطاب التحريضي ضد اللاجئين السوريين، يُرجع البعض زيادة موجة العنصرية وخطاب الكراهية ضد الأجانب في تركيا -خاصةً السوريين- إلى دور أحزاب المعارضة في تعبئة الشارع التركي ضد اللاجئين العرب لاستفزاز الحكومة التركية ودفعها لاتخاذ إجراءات من شأنها تنفير فئة الأتراك المعادية للتواجد الأجنبي في تركيا، إذ شهد نهاية عام 2023 العديد من أحداث العنف ضد الأجانب[14].

في يونيو 2024، انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر شابًا يتحرش بطفلة في مدينة قيصري التركية، وانتشرت شائعات مغلوطة تُفيد بأن المعتدي سوري والطفلة تركية. في غضون ساعات، بدأت مجموعات تركية شبه منظمة بشن هجمات استهدفت ممتلكات السوريين، بما في ذلك حرق وتكسير السيارات، والمحال التجارية، والمساكن، بجانب اعتداءات على من يُشتبه بأنهم سوريون في الشوارع. وعلى الرغم من إعلان ولاية قيصري أن الرجل المتورط سوري الجنسية وقد تم اعتقاله، وأن الطفلة نفسها سورية وتم نقلها إلى مركز حماية تابع لوزارة الأسرة[15]، لم تتوقف الهجمات على السوريين، حيث تحولت الأحداث إلى موجة عنف وشغب استهدفت السوريين في تركيا، ومن ثم تعرضوا لأضرارٍ جسيمة في أرواحهم وممتلكاتهم في العديد من الولايات التركية. ويُعزى ذلك إلى غياب التدابير الحاسمة من قبل الحكومة التركية في مواجهة الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين.

كما أن اعتماد الحكومة التركية على دائرة الهجرة كمسؤول وحيد عن معالجة المشكلات القانونية التي يواجهها السوريون، سواء كأفراد أو كجماعة، أدى إلى حرمان اللاجئين السوريين من إمكانية المطالبة بحقوقهم عبر الأجهزة القضائية التركية. بالإضافة إلى ذلك، تسببت عمليات الترحيل المستمرة والخطاب السياسي العدائي تجاه اللاجئين في إشعال موجة من الاحتجاجات وأعمال العنف في الشمال السوري، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا.[16]

موقف الحكومة التركية “السلبي” من الأحداث يشير إلى تحولات عنيفة في السياسة التركية تجاه اللاجئين السوريين، النحو الذي يتجلى في تبني سياسات بديلة تتراوح بين تشجيع اللاجئين نحو العودة الطوعية إلى بلادهم أو تشديد الإجراءات الخاصة بإقامتهم وتقييد حركتهم وصولًا إلى ترحيل المخالفين، ظهر ذلك في إعلان الرئيس التركي عن تحضير حكومته مشروعًا يُتيح العودة الطوعية لمليون لاجئ سوري تجاوبًا مع تنامي الرفض الشعبي للاجئين, تضافر مع ذلك التقارب السوري -التركي برعاية روسية منتصف 2022 ضمن الإجراءات الحكومية التي تسعى للتخلص من عبء اللاجئين السوريين[17] لاعتباراتٍ سياسية واقتصادية تستعيض بها عن الروابط التاريخية والثقافية التي شيدت سياسة الباب المفتوح.

وقد تعرضت السياسات التركية -المستجيبة لحملات التحريض ضد اللاجئين- للعديد من الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية بشأن ترحيل السوريين لمصيرٍ مجهول، حيث أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرٍ لها للتجاوزات التي تقوم بها السلطات التركية لترحيل آلاف السوريين والضغط عليهم لمغادرة البلاد في ظل ظروف إنسانية مزرية[18]، هذه التطورات تُسلط الضوء على التوتر المتزايد بين اللاجئين والمجتمع المضيف، وتبرز الحاجة إلى معالجة هذه القضايا بشكلٍ أكثر شمولية لضمان حقوق جميع الأطراف وحماية اللاجئين من التمييز والعنف.

هكذا تشكلت ظاهرة التحريض ضد اللاجئين في دول المنطقة العربية وجوراها -خاصةً السوريين في تركيا والسودانيين في مصر- ويمكن القول إن الظاهرة ليست وليدة اليوم، وإنما هي نتاج تراكمات وتفاعلات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية معقدة، وتضرب بجذورها لحقب الاستعمار وما تبعها من نفايات حضارية أجهضت معظم محاولات السمو المجتمعي وفق أسس ثقافية وتاريخية تتسق مع السياق الحضاري الإسلامي والعربي الذي يضع الأجنبي -مقيم كان أو لاجئ- موضع احترامٍ وتقدير، وبالتالي جعلت من المجتمعات العربية بيئةً خصبةً تنمو وتزدهر فيها خطابات الكراهية والعنف ضد اللاجئين.

ثانيًا- ظاهرة التحريض ضد اللاجئين: الجذور والدلالات الحضارية

1- جذور وأسباب

بطبيعة الحال، يُعد ملف اللاجئين من الملفات التي تُطرح على أجندة الدول -لاسيما التي لها ثقل سياسي في جوارها- وفق طابع متأرجح بين النظر للمنفعة العامة للدولة وسياساتها الداخلية التي تتوافق مع سياسات الحزب الحاكم وتوجهات الحكومة، وبالتالي يتأثر ملف اللاجئين -سلبًا وإيجابًا- بالسياسات الداخلية للدول، بجانب كونه أحد المؤثرات في سياسة الدول خارجيًا، فضلًا عن تأثير السياق الإقليمي والدولي في توجيه اللاجئين.

ومن هنا يمكن القول إن ظاهرة التحريض ضد اللاجئين لها جذور وأسباب داخلية: تتمثل في السياسات والقوانين والقرارات الداخلية للدول المستضيفة، وخارجية: تتمثل في تعاطي المحيط الإقليمي والدولي مع أوضاع اللاجئين كمًا وكيفًا، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الأسباب لا تأخذ نمطًا ثابتًا في كل المجتمعات بل تختلف -في المدى والتأثير- من مجتمعٍ لآخر، كما تتشابك وتتقاطع هذه الأسباب في كثيرٍ من الأحيان لتشكل الصورة الكلية للظاهرة.

  • الأسباب الاقتصادية

تعد الأزمات الاقتصادية من أبرز العوامل التي تُغذي التحريض ضد اللاجئين في العديد من الدول المضيفة، حيث يُنظر إلى اللاجئين على أنهم منافسون على الموارد الشحيحة مثل الوظائف، والإسكان، والخدمات الاجتماعية. وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، يُصبح من السهل على السياسيين والإعلام توجيه اللوم نحو اللاجئين باعتبارهم السبب الرئيسي لهذه المشكلات. هذا الاتجاه يمكن ملاحظته بشكلٍ واضح في دول مثل تركيا ومصر، حيث تم تصوير اللاجئين على أنهم عبء اقتصادي.

في تركيا، يُعزى الجزء الأكبر من التوجهات الرافضة لاستمرار وجود اللاجئين إلى الأزمة الاقتصادية في البلاد، والتي تفاقمت جراء جائحة كورونا وما نتج عن زلزال السادس من فبراير 2023 من تداعياتٍ اقتصادية كارثية، حيث صار ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وتراجع العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وتدني الأجور، من أكبر المشكلات الاقتصادية التي تواجهها تركيا. في هذا السياق، يُصور اللاجئون السوريون في الخطاب العام على أنهم يُزاحمون الأتراك على الموارد الاقتصادية التي أصبحت شحيحة بدورها، خاصةً في القطاع غير الرسمي، إذ يعمل العديد منهم بأجورٍ منخفضة، وقد ظهر في العديد من البرامج الانتخابية ضمن الآليات لتجاوز الأزمة الاقتصادية ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم، هذه الديناميكية أدت إلى تصاعد مشاعر العداء تجاههم، وزادت من الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات حازمة ضدهم[19].

كذلك الحال في مصر، إذ حُمل اللاجئون تبعات الأزمات الاقتصادية المتتالية، في محاولة لتشتيت انتباه المواطنين عن الأسباب الحقيقية للأزمة، وتم استغلال المشاعر العامة وتوجيهها بعيدًا عن الحقائق الاقتصادية. فبدلًا من الاعتراف بالمكاسب الاقتصادية الناتجة عن تواجد اللاجئين – لاسيما السوريين- تم تجاهلها بالكامل. فالشريحة الميسورة من هؤلاء تستطيع تلبية احتياجاتها الأساسية، مما يساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي. علاوة على ذلك، يوفر اللاجئون عمالة لقطاعاتٍ عديدة تُعاني عزوف العمالة المصرية، ما يساهم في سد الفجوات في سوق العمل. بالإضافة إلى ما سبق، تجني الحكومة عوائد مالية كبيرة من رسوم الإقامة التي تصل إلى 1000 دولار للشخص الواحد[20]، هذا بينما وُجهت اتهامات صريحة للاجئين بمسؤوليتهم عن أزمات مثل السكر والذهب والدولار، وقد ظهر ذلك في تغريدات ومنشورات مختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضمن حملات ممنهجة وقنوات إعلامية عدة.

  • الأسباب السياسية

تلعب العوامل السياسية دورًا محوريًا في تأجيج التحريض ضد اللاجئين. حيث استُخدمت قضية اللاجئين كورقة تفاوضية في العلاقات بين اللاعبين السياسيين، على الصعيد الداخلي، فأصبحت قضية اللاجئين جزءًا من الجدل السياسي الداخلي في الدول المستضيفة، حيث تستغلها الأحزاب المعارضة كوسيلة لانتقاد الحكومة.

في تركيا، اُستُخدم اللاجئون السوريون كورقة للتنافس السياسي بين الأحزاب؛ إذ أطلقت المعارضة التركية شائعات بأن السوريين هم السبب في تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية حيث يحصلون على رواتب شهرية من ميزانية الدولة، وينافسون الأتراك على الوظائف ويرتكبون جرائم تهدد السلم الاجتماعي.. إلخ، الأمر الذي دفع الحكومة التركية للتضييق على السوريين وأنشطتهم في محاولة لاحتواء الآثار السياسية الناجمة عن ادعاءات المعارضة، على نحو ما سلف الذكر. في هذا الإطار استغلت المعارضة التركية قضية اللاجئين في العديد من الاستحقاقات الانتخابية المحلية والبرلمانية والرئاسية، وذلك من خلال تعبئة شعبية تتضمن إثارة العنصرية والكراهية -لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي- ضد التواجد السوري في تركيا، وعلى إثر ذلك ظهرت حالة عداء تجاه اللاجئين نتج عنها حوادث عنف وقتل ضد السوريين، فضلًا عن استخدام الحكومة التركية ورقة اللاجئين السوريين في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي للحصول على المساعدات المالية[21].

في مصر، يُستخدم التحريض ضد اللاجئين السودانيين كوسيلة لتحويل الانتباه عن المشاكل الداخلية، مثل الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، من خلال التركيز على “التهديد” الذي يُشكله اللاجئون عبر التسبب في اختلال وتوتر سياسي وارتباط ذلك بنشاط اللاجئين وتوجهاتهم الأيديولوجية ومدى تعارضها مع التوجهات السياسية للدولة. هذا النهج يؤدي إلى تعزيز الاستقطاب الاجتماعي ويزيد من حدة التوترات بين اللاجئين والمجتمع المحلي دون مبرر، فقد أثبتت الدراسات أن اللاجئين السوريين -على سبيل المثال- لا يُشكلون تداعيات سلبية على الحياة السياسية في مصر نظرًا لتدني الاعتبارات الأيديولوجية لديهم لحساب توفير الحاجات الأساسية من فرص العمل والتعليم والصحة[22].

  • الأسباب الاجتماعية والثقافية

إلى جانب الأسباب الاقتصادية والسياسية، تلعب العوامل الاجتماعية والثقافية دورًا كبيرًا في تصاعد التحريض ضد اللاجئين في العديد من الدول المضيفة، حيث تختلف الخلفيات الثقافية والدينية للاجئين عن تلك الخاصة بالسكان المحليين، مما يؤدي إلى حدوث توترات. في بعض الحالات، يُنظر إلى اللاجئين على أنهم تهديد للهوية الوطنية أو الثقافية، وهو ما يُستغل من قبل بعض القوى السياسية لتأجيج مشاعر الكراهية.

في تركيا، رغم الروابط الثقافية والدينية بين الشعبين التركي والسوري، فإن الاختلافات في العادات والتقاليد يمكن أن تكون مصدرًا للتوتر. حيث يُنظر إلى اللاجئين السوريين في بعض الأحيان على أنهم لا يندمجون بشكلٍ كافٍ في المجتمع التركي، مما يؤدي إلى تعزيز الفجوة بينهم وبين السكان المحليين، لذلك شكلت السلوكيات الاجتماعية والثقافية مصدرًا لتهديد النسق الاجتماعي والأخلاقي من وجهة نظر العديد من الأتراك، حيث يعتقد 62٪ من المجتمع التركي أن اللاجئين السوريين متورطون في جرائم مثل السرقة والعنف والابتزاز والمخدرات والبغاء، لذا فهم يشكلون تهديدًا للنظام العام والسلام المجتمعي محدثين تغييرات جذرية في التركيبة الديموغرافية. وعليه، فقد تحولت مشاعر التعاطف والأخوة التي أظهرها الأتراك تجاه اللاجئين السوريين في بداية الأزمة في سوريا إلى العدائية والرفض، وقد دأبت الأحزاب السياسية التركية على تغذية هذه المشاعر السلبية معتبرين موجات اللجوء إلى تركيا غزو ومؤامرة على الهيكل الديموغرافي والثقافي للمجتمع التركي[23].

بينما في مصر، يُنظر إلى السودانيين على أنهم “آخر” يختلف عن المجتمع المصري في العادات والتقاليد، مما يُسهم في تعزيز مشاعر العداء والتمييز ضدهم، فقد تضمن خطاب التحريض والكراهية ضد اللاجئين السودانيين سردية تتعلق بحماية الهوية الوطنية المصرية في مواجهة المركزية الإفريقية -أو الأفروسنتريك- التي تعتقد أن السكان الأصليين لشمال أفريقيا هم أصحاب البشرة السمراء فقط، حيث يعتبر العديد من مدوني هذا الخطاب أن اللاجئين السودانيين في مصر محملين بهذا الفكر، كما تضمن هذا الخطاب أيضًا ما يتعلق بالتهديد الديموغرافي والإثني للمجتمع المصري من خلال تصوير اللاجئين بالاحتلال الذي تمكن من السيطرة على محافظاتٍ وأحياءٍ كاملة[24]. كذلك الحال بالنسبة للاجئين السوريين، في حين أن هناك دراسات حديثة أثبتت أن السوريين في مصر يتجانسون مع التركيب اللغوي والديني والعرقي للمجتمع المصري، ولا يُتوقع أنهم قد يُحدثون خللًا ديموغرافيًا أو عرقيًا أو لغويًا أو مذهبيًا لتماثلهم مع المجتمع المضيف[25]، وهذا ما قد أثبته الواقع خلال العقد الأخير.

بناءًا على ما سبق، نجد أن التحريض ضد اللاجئين في المنطقة العربية وجوارها ينبني على أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تتشابك وتتقاطع لتُشكل ظاهرة الكراهية والعداء ضد اللاجئين بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم، وعلى الرغم من خلو بعض هذه الأسباب من مضمونها -كما أوضحنا- إلا أن التوظيف السياسي للأزمات قد عزز من تنامي خطاب العداء تجاه اللاجئين في تلك المجتمعات، وبهذا يمكن ملاحظة أن جوهر هذا الخطاب لا يتماشى مع الاتجاهات الحقيقية لأعضاء هذه المجتمعات، وإنما يعكس حالة الاستقطاب السياسي والاجتماعي.

مما لا شك فيه أن ظاهرة التحريض والكراهية ضد اللاجئين لها تداعيات وانعكاسات مباشرة وغير مباشرة على اللاجئين أنفسهم والدول المضيفة كذلك، فالتحريض ضد اللاجئين له تأثيرات مباشرة على حياتهم اليومية وأمانهم الشخصي، وتدني مستوى المعيشة بشكلٍ عام بسبب صعوبة الحصول على فرص عمل جيدة، فضلًا عن صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. ففي تركيا، أدى تصاعد التحريض إلى زيادة في حوادث العنف ضد اللاجئين السوريين، حيث واجه العديد منهم اعتداءات جسدية ولفظية. كما تسبب التحريض في تقييد حركتهم داخل المجتمع، وزيادة التمييز ضدهم في أماكن العمل والمدارس، كما واجه اللاجئون السودانيون في مصر تحديات مماثلة؛ إذ أدى التحريض إلى تصاعد التوترات بينهم وبين السكان المحليين، وزيادة حوادث العنف ضدهم، فضلا عن تفاقم الصعوبات التي يواجهها السودانيون في الوصول إلى الخدمات الأساسية.

ولا تقتصر تداعيات التحريض على اللاجئين فقط، بل تمتد لتؤثر على الدول المضيفة نفسها. حيث يؤدي التحريض إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية وزيادة الاستقطاب داخل المجتمع، مما يُهدد الاستقرار الداخلي والسلم المجتمعي. في تركيا، على سبيل المثال، أدى تصاعد التوترات بين الأتراك واللاجئين السوريين إلى حدوث أعمال شغب واحتجاجات في بعض المناطق، مما شكل تحديًا للحكومة في الحفاظ على الأمن والنظام. في مصر، يمكن أن يؤدي استمرار التحريض ضد السودانيين إلى تصاعد التوترات العرقية، مما قد يُسفر عن زعزعة الاستقرار الداخلي. كما يمكن أن يتسبب التحريض في تقويض الجهود الدولية والإقليمية لحل الأزمات الإنسانية، إذ قد تتراجع الدول المضيفة عن التزاماتها الدولية المتعلقة بحماية اللاجئين.

2- الدلالات السياسية والحضارية للتحريض ضد اللاجئين

يُقدم تصاعد التحريض ضد اللاجئين في عام 2024 دلالات عدة على تحولات عميقة في السياقات السياسية والاجتماعية للدول المضيفة. ويعكس هذا التحريض تراجعًا في القيم الإنسانية والأخلاقية لشريحة كبيرة من المجتمعات العربية والإسلامية، حيث أصبح يُنظر إلى اللاجئين ليس كضحايا للنزاعات والحروب، بل كمصدر للمشكلات الداخلية. كما يُعبر التحريض عن تصاعد النزعات القومية والشعبوية، التي تسعى إلى إلقاء اللوم على “الآخر” لتبرير الفشل الداخلي، هذه الدلالات تشير إلى التحولات السياسية والاجتماعية في المنطقة، وتسلط الضوء على القيم والمفاهيم الحضارية التي تواجه تحديات في ظل الأزمات المتعاقبة، ويُمكن بلورة هذه الدلالات فيما يلي:

  • تصاعد التحريض ضد اللاجئين هو غالبًا نتيجة للأزمات السياسية الداخلية التي تعاني منها الدول المضيفة. حيث تستخدم بعض الأنظمة السياسية اللاجئين كأداة لتحويل الأنظار عن المشاكل والأزمات الداخلية. فقد أُستخدم اللاجئون السوريون كورقة سياسية في الصراع بين الحكومة والمعارضة -كما ذكرنا- هذا التحريض السياسي يعكس الفشل في معالجة القضايا الأساسية مثل البطالة وتراجع الخدمات الاجتماعية.
  • التحريض ضد اللاجئين هو جزء من الصراعات الإقليمية التي تشهدها المنطقة. فاللاجئون السوريون في تركيا واللاجئون السودانيون في مصر، على سبيل المثال، يشكلون جزءًا من تداعيات الحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية، وتُستخدم قضية اللاجئين -في كثيرٍ من الأحيان- للضغط على أطراف النزاع الإقليمي أو تعزيز مواقف سياسية معينة، مثل استخدام اللاجئين السوريين كورقة تفاوض في العلاقات التركية الأوروبية.
  • التحريض ضد اللاجئين يعكس أيضًا تحولًا في السياسات الدولية تجاه قضايا الهجرة واللجوء. فمع تصاعد الحركات القومية والشعبوية في العديد من الدول في الغرب، أصبحت سياسات الهجرة أكثر تقييدًا، وتم تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود. وهذا التحول يظهر بشكلٍ جلي في الدول الأوروبية وكذلك تسرب إلى العديد من الدول العربية، حيث أصبحت السياسات تجاه اللاجئين أكثر صرامة، مما أدى إلى زيادة التحريض ضدهم.
  • ففي المقابل، أدى التحريض ضد اللاجئين إلى تقوية التيارات الشعبوية التي تقوم على مفاهيم القومية الضيقة والمعادية للأجانب في السياق الإقليمي. حيث يُستخدم اللاجئون كأداة لتعزيز الخطاب الشعبوي الذي يُصورهم على أنهم تهديد لهوية الدولة القومية. ويؤدي ذلك إلى تقويض المؤسسات ودورها في حماية حقوق الإنسان واستيعاب اللاجئين.
  • من الدلالات الحضارية المهمة لتصاعد التحريض ضد اللاجئين هو تهديد مفهوم التعددية الثقافية في المجتمعات المضيفة. فاللاجئون يجلبون معهم لغاتهم، وثقافاتهم، وعاداتهم، مما يُضيف تنوعًا ثقافيًا إلى المجتمعات المضيفة. إلا أن التحريض يعزز من التوترات بين المجتمعات الأصلية واللاجئين، ويؤدي إلى رفض التعددية وتفضيل النقاء الثقافي. وهذا التحريض يمكن أن يسفر عن انغلاق المجتمعات المحلية وانهيار القيم التي تدعو للتعايش السلمي والتسامح؛ حيث يُنظر إلى اللاجئين على أنهم غرباء لا ينتمون إلى الثقافة المحلية. وهذه الظاهرة لها تأثير عميق على العلاقات الحضارية بين الشعوب، حيث تُغلق الأبواب أمام فرص التفاعل الثقافي وتبادل القيم الإنسانية.
  • لطالما اعتبرت المجتمعات العربية والإسلامية الضيافة والكرم من القيم الحضارية الأساسية، خاصةً تجاه الفارين من النزاعات والحروب. إلا أن تصاعد التحريض ضد اللاجئين في المنطقة يعكس تراجعًا في هذه القيم أمام الضغوط الاقتصادية والسياسية. هذا التراجع يُثير تساؤلات حول مستقبل القيم الحضارية التي لطالما شكلت جزءًا من هوية المنطقة، ويشير إلى تحولاتٍ عميقة في المفاهيم الاجتماعية المتعلقة بالآخر.
  • تصاعد التحريض ضد اللاجئين يعكس أيضًا التوتر المستمر بين القيم الإنسانية العالمية والمصالح السياسية الضيقة. ففي الوقت الذي تدعو فيه المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان إلى حماية اللاجئين وضمان حقوقهم الأساسية، نجد أن بعض الحكومات تستخدم خطاب التحريض لكسب الدعم الشعبي أو تحقيق أهداف سياسية ضيقة. هذا التوتر يعبر عن أزمة حضارية أوسع تتعلق بكيفية التوفيق بين الالتزامات الأخلاقية والقيم الإنسانية من جهة، والمصالح السياسية والاقتصادية من جهةٍ أخرى.
  • مستقبلًا، إذا استمر التحريض ضد اللاجئين دون معالجة فعالة، فإن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية في الدول المضيفة وليس مواجهتها. من المرجح أن يؤدي التحريض إلى زيادة العنف والتمييز ضد اللاجئين، مما سيؤدي بدوره إلى زيادة عزلة هذه الفئات وتقويض فرصها في الاندماج في المجتمع. كما يمكن أن يؤدي التحريض إلى زعزعة الاستقرار الداخلي، مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد والتنمية الاجتماعية.

خاتمة:

من خلال قراءتنا لظاهرة التحريض ضد اللاجئين في المنطقة العربية وجوارها، نخلص إلى ما يلي:

تتباين التقديرات الخاصة ببيانات وإحصائيات اللاجئين في الدول العربية، حيث تشير التقديرات الحكومية لوجود أعداد مضاعفة لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها أن الحكومات لا تفرق بين اللاجئ والمقيم لأسباب متعددة، في حين أن المنظمات الأممية والدولية لا تعترف سوى باللاجئين المسجلين وفق طلبات لجوء رسمية، كما أن ديناميكية الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية أدت لوجود أعداد كبيرة من اللاجئين بشكلٍ غير قانوني، وبالتالي أصبحت عملية رصد وتحقيق أعداد وبيانات اللاجئين، لمعالجة قضاياهم مهمة صعبة.

يُمثل التحريض ضد اللاجئين في المنطقة العربية وجوارها الحضاري تحديًا كبيرًا للسلام الاجتماعي والاستقرار السياسي، سواء على المستويات المحلية أو الإقليمية. تُعد الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وراء هذا التحريض معقدة ومتشابكة، وهي تعكس في الكثير من الأحيان استغلالًا سياسيًا متعمدًا من قبل بعض الجهات الفاعلة التي تنظر إلى اللاجئين على أنهم “عبئًا” ضمن الخطاب العام في العديد من الدول، وهذا الخطاب يُمثل -من وجهة نظرنا- أحد أشكال الحرب النفسية ضد اللاجئين الذين صارت الحرب من خلفهم ومن أمامهم، في حالة تعكس تراجعًا حادًا في القيم الإنسانية والأخلاقية فضلًا عن تبعات ذلك سياسيًا واقتصاديًا.

من أجل مواجهة التحريض ضد اللاجئين ومعالجة آثاره السلبية، هناك حاجة ماسة إلى:

-تعزيز سياسات الدمج الاجتماعي: ذلك بدلًا من تهميش اللاجئين، ومن ثم يجب تطوير سياسات تهدف إلى دمجهم في المجتمعات المضيفة، مع توفير الفرص الاقتصادية والتعليمية التي تمكنهم من المساهمة في النمو والتنمية.

-الحد من استغلال قضية اللاجئين سياسيًا: يجب الحد من استخدام اللاجئين كورقة سياسية في الصراعات الداخلية. فتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي يتطلب الابتعاد عن التحريض والتمييز، والتركيز على سياسات واقعية تضع مصلحة الجميع في الاعتبار.

-تعزيز الحوار الثقافي والتفاهم المشترك: من الضروري العمل على تعزيز الحوار بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة، بهدف بناء جسور التفاهم وتجاوز الفروقات الثقافية والاجتماعية. حيث يمكن للحوار أن يُسهم في تخفيف التوترات، وتحقيق التعايش السلمي بين الجانبين.

ولعل مما يستوجب الانتباه أن ظاهرة التحريض ضد اللاجئين في المنطقة العربية تمثل امتدادًا للفكر الوافد دون معالجة حقيقية، فبالرغم من وجود أسباب ودوافع لتنامي الظاهرة -قد ذكرناها آنفًا- إلا أن النظر والتمحيص يؤكد إمكانية تفادي ذلك واستغلال تواجد اللاجئين في إطار تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة، فأرض الله واسعة والهجرة سعيًا للأمان -بمختلف أشكاله- من أسس الدين الحنيف، قال تعالى في وعيد من ترك الهجرة حفاظًا على دينه وإيمانه، مُؤْثِرًا أرضه على دينه، ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ (النساء: 97).

_________

هوامش

 [1] للمزيد حول تطور قضية اللاجئين، انظر: محمد يوسف طرابلسي، قضية اللاجئين من المنظور الدولي، مجلة الدبلوماسي، العدد 9، ديسمبر 1987، ص ص 72 – 62.

 [2] استهداف اللاجئين في لبنان: أزمة أخلاقية أم سياسية؟، مجلة البيان، العدد 388، أغسطس 2019، ص 68 – 69.

[3]  أشرف ميلاد روكسي، أوضاع اللاجئين في دول الجوار: مؤشرات ودوافع كراهية، مجلة الديمقراطية، مؤسسة الأهرام، المجلد 19، العدد 76، أكتوبر 2019، ص 187.

[4]  مصر تحصر تكلفة تواجد 9.5 مليون أجنبي من 133 على أراضيها، العربية، 18 أبريل 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/ZM3ARjq4

 [5] الأرقام والنسب المئوية الواردة حسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، انظر: سياق اللاجئين في مصر، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/hOQlyog

[6] مي عبد المنعم، أزمة اللاجئين في مصر: حصر الأعداد والكلفة الاقتصادية، العربية، تاريخ النشر: 6 مايو 2024، تاريخ الاطلاع: 3 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/caliws6S

[7]  للمزيد انظر: معركة الشاورما والضيوف: حملة جديدة للاجئين في مصر، تقرير منصة متصدقش المنشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/RuWFEQEG

[8] نجوى إبراهيم سيد، خطاب الكراهية والتحريض ضد اللاجئين في مصر على موقع تويتر: دراسة تحليلية، المجلة العلمية لبحوث الصحافة، العدد 26، يوليو/ ديسمبر 2023، ص ص، 514 – 520.

[9]  إسلام ضيف، حملات تستهدف اللاجئين في مصر.. من يقف خلفها؟، السفير العربي، تاريخ النشر: 1 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع: 4 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/AMGlJXFu

[10]  عشرة أشهر من التجهيل والتجاهل: ورقة موقف عن قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم ٢٤٣ لسنة ٢٠٢٣، منصة اللاجئين في مصر، تاريخ النشر: 8 أبريل 2024، تاريخ الاطلاع: 5 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://rpegy.org/editions/1603/

[11] انظر: كبلونا وكأننا مجرمون خطرون: الاعتقال التعسفي والإعادة القسرية للاجئين السودانيين في مصر، منظمة العفو الدولية، تاريخ النشر: 19 يونيو 2024، تاريخ الاطلاع: 19 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/f03GpZqr

[12] overview of migrant situation: overview of migrant presence in türkiye, international organization for migration, 24 june2024,accessed:7 sept2024, available at: https://2u.pw/o9h2ofdy

[13] أحمد درويش، ملف اللاجئين على الطاولة التركية.. الملامح والتداعيات (1)، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 24 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع: 7 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://aja.me/i90u15

[14]  محمود عاشور مؤمن، الاعتداءات على الأجانب المقيمين في تركيا، هل هي موجة عنصرية؟، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، تاريخ النشر: 30 أكتوبر 2023، تاريخ الاطلاع: 7 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/QBI4Qnwu

[15]  مازن عزي، تركيا على الخط السريع للتصادم بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة، الشرق الأوسط، تاريخ النشر: 10 يوليو 2024، تاريخ الاطلاع: 8 سبتمبر 2024،  متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/kja1btDf

[16] Escalation of Threats and Violence Against Syrian Refugees in Turkey: An Urgent Call to Protect Human Rights, Syrian Network for Human Rights, 5 Jul 2024, Accessed: 8 sept 2024, available at: https://2u.pw/J0aO2Kid

[17]  نوران عوضين، دوافع تحول السياسة التركية إزاء تدفقات اللاجئين، تقديرات مصرية، المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، العدد 60، يونيو 2024، ص 20

[18]  Syrians Face Dire Conditions in Turkish-Occupied ‘Safe Zone’, human rights watch, 28 march 2024, accessed: 19 sept 2024, available at: https://2u.pw/qz5PBp5l

[19]  نوران عوضين، مرجع سابق، ص 21.

[20] رشا رمزي، هل ينمو “خطاب الكراهية” ضد اللاجئين على مواقع التواصل الاجتماعي فقط؟، فكرتاني، تاريخ النشر: 12 أبريل 2024، تاريخ الاطلاع: 9 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/UUwOOScT

[21] علي جبير، اللاجئون السوريون في تركيا (الأبعاد والتحديات)، مجلة رواق ميسلون، العدد الرابع، ديسمبر 2021، ص ص 90 – 92.

[22]  للمزيد، انظر: أنور سيد كامل، تداعيات اللجوء السوري على مصر وسياسات مجابهته: دراسة في الجغرافية السياسية، حولية كلية الآداب، جامعة بني سويف، مج 11، ج3، ص ص 1439 – 1501.

[23]  على جبير، مرجع سابق، ص 97 – 98.

[24]  نجوى إبراهيم، مرجع سابق، ص517.

[25]  أنور سيد كامل، مرجع سابق، ص 1470.

 

  • فصلية قضايا ونظرات – العدد الخامس والثلاثون – أكتوبر 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى