الأزمة الأفغانية الراهنة والذاكرة الحضارية دلالة الجغرافيا والتاريخ

لا يستقيم فهم الوضع العام للأمة في النظام الدولي -أو وضع إحدى دوائرها الإقليمية أو القطرية أو أحد الصراعات الدائرة في أي من هذه الدوائر في مرحلة ما- بانقطاع عما سبقها من مراحل. فاستدعاء التاريخ لتعميق وترشيد فهم الحاضر قضية منهجية ومعرفية محورية لا سيما من منظور حضاري إسلامي مقارن[1]. ولقد تعددت إسهامات المدارس المقارنة حول هذه القضية كما سبق وأشرنا في دراسات عدة[2]. وهي قضية منهجية عامة تطرح ما يتصل بالذاكرة الحضارية للتفاعلات الدولية وللأمم بعامة، وما تثيره هذه الذاكرة من دلالات وما تقدمه من أنماط تاريخية حول شبكة أسباب الصراعات ودوافعها الأساسية، وعملياتها ونتائجها البارزة، خلال المفاصل التاريخية لتحولات أمة ما أو لتطورات قضية ما[3]. وكذلك بالنسبة لجغرافية كل أمة؛ حيث تتطور أوضاع أقطارها في طيات تطورات أقاليمها ودوائرها الفرعية، وفي إطار تحولات الجيوبوليتيكا العالمية المزامنة لها والمتقاطعة معها.

هذه حقائق علمية ثابتة، ولكن ما علاقتها وعلاقة هذا التقديم النظري بالأزمة الأفغانية الراهنة؟ هذا ما تكشف عنه الأسطر التالية، وذلك ضمن المنظور الحضاري المقارن للنظر في الشئون الدولية الذي أتبناه منذ نحو خمسة وثلاثين عاما.

(1)

تتجلى أهمية هذا التقديم النظري في ضوء خبرة معايشة بحثية للأشهر الأربعة الحاسمة السابقة (منذ أغسطس حتى كتابة هذه السطور في نهاية ديسمبر 2021).

ففي شهر أغسطس تسارع وتداعى الإعلان عن أمرين متضافرين: تقدم طالبان في السيطرة على أرجاء أفغانستان من ناحية، وتصميم الولايات المتحدة على إتمام انسحاب قواتها من أفغانستان في 31 أغسطس من ناحية أخرى، وفق خطة بايدن المعلن عنها عقب فوزه بالرئاسة، واستعراض الولايات المتحدة استعداداتها لهذا الانسحاب. وفي حين بدا الأمران متناقضين لدى البعض، فلقد بديا أمرًا طبيعيًا في ظل ما يسمى خطة أمريكية جديدة للمنطقة من وسط إلى شرق آسيا. ومع تسارع الأحداث على الأرض وتوالي دلالاتها السياسية والاستراتيجية والحضارية، تواترت الأسئلة وتشعبت، وتعددت الإجابات المتقابلة والمتضاربة من منظورات مختلفة (كما سنرى في تقارير هذا العدد). وصار المعوَّل عليه أو الواجب هو البحث عن منظور أو مدخل يبدو أجدر باستيعاب أبعاد المنطقة وسياسات الدول تجاهها.

وبعد أن تعددت أمامي مداخل كتابة هذه الورقة المفاهيمية، وجدت السؤال عن دلالة الجغرافيا والتاريخ يجذبني. هل هناك في الجغرافيا والتاريخ ما يساعد على إذكاء البصيرة حول ما يحدث الآن؟ هل تقدم لنا الذاكرة التاريخية عن هذه المنطقة في قلب آسيا -بعيدًا عن البحر وبقومياتها وقبائلها المتعددة والممتدة فوق تضاريس جغرافية متنوعة بدورها ما بين جبال وأودية- ما يسهم في فهم مجريات الأمور الحالية؟

وزادت جاذبية هذا المدخل لدي في ضوء خبرة القضية الأفغانية المعاصرة؛ أي خلال العقود الأربعة السابقة، التي –من ناحية أخرى- تمثل مفصلًا تاريخيًّا لمرحلة انتقالية بين نظامين دوليين. فقد تطورت القضية الأفغانية وسمات النظام الدولي كلتاهما معا؛ وكانت تطورات الأولى علامات مميزة لتحولات الثانية. ومن ثم من مدخل الذاكرة لتاريخية والحضارية نحاول تأمل الأربعة أشهر الأخيرة في إطار الأربعة عقود الأخيرة، ونتفحص تطورات الحالة الأفغانية في ظلال تحولات حالة الأمة والنظام الدولي!

فقد شهد العقدان الأخيران من القرن الـعشرين ثلاثة تطورات عالمية أساسية: أولها- تجدد فعاليات الحرب الباردة، وكانت علامتها البارزة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان 1979؛ ثم ثانيا تصفية الحرب الباردة ذاتها ونهاية القطبية الثنائية، وكانت أبرز علاماتها أيضًا المقاومة الأفغانية للاحتلال السوفيتي والانسحاب الروسي الذي أعقبه إعلان تفكيك الاتحاد السوفيتي نفسه 1991، وأخيرًا اندلاع الحرب الأهلية الأفغانية (1989-1994) التي استمرت إلى أن تمكنت طالبان من السيطرة على معظم الساحة السياسية الأفغانية منذ 1996 وظلت تحكم حتى 2001. إذًا فلقد كانت الساحة الأفغانية ساحة هامة لاختبار التغيرات في توازنات القوى العالمية والإقليمية عبر هذين العقدين[4]. ولكن في ظل طبيعة النسيج المجتمعي والبناء السياسي للأمة الأفغانية، على نحو كشف الغطاء عن إشكاليات التفاعلات بين الأبعاد الدينية الثقافية وبين الأبعاد العسكرية والسياسية؛ كما كشف الغطاء في العقدين نفسيهما عن إشكاليات مقاربة عبر دوائر إسلامية أخرى (آسيا الوسطى، القوقاز، البلقان…)؛ سواء في أوضاعها الراهنة أو الجذور التاريخية لهذه الدوائر.

أما العقدان الأولان من القرن الحادي والعشرين، فلقد شهدا -منذ العدوان الأمريكي على أفغانستان 2001 ثم احتلالها تحت غطاء الناتو والأمم المتحدة- عمليات عسكرية وسياسية ومجتمعية ودينية لإعادة تشكيل الدولة الأفغانية والمجتمع الأفغاني وفق رؤية المحتل ليصبح المجتمع “مجتمعًا مدنيًا ديمقراطيًا” لا يمثل مصدرًا من مصادر التطرف والإرهاب المعادي للحضارة الغربية. أي شهد هذان العقدان الأخيران عملية شاملة لما يسمى نقل قيم الحداثة الغربية لهذا المجتمع التقليدي، في ظل عملية إعادة بناء سياسي واقتصادي. ولقد ثبت أخيرًا في أغسطس 2021 فشل هذه العملية التي استغرقت عقدين من الزمان ولم تحقق أهدافها رغم ما ضخّته فيها الولايات المتحدة من مئات مليارات من الدولارات وما فرطت فيه من آلاف الأرواح؛ سواء من الأفغان أو القوات المحتلة الأمريكية أو الدولية المتعددة. ومن ثم فلقد كان هذان العقدان أيضًا ساحة لاختبار موضع القضية الأفغانية من التوازنات الدولية والإقليمية في نظام ما بعد القطبية الثنائية المتردّد بين اليوم الأحادية الأمريكية والصعود الصيني وتجدد القوة الروسية من جديد عالميـًّا، وصعود الدوريْن الجديديْن: الإيراني والتركي إقليميًّا.

وبقدر ما كان لخبرة هذه العقود الأربعة دلالات مهمة بوصفها ذاكرة تاريخية قريبة للخبرة الأفغانية الراهنة عبر 2021، بقدر ما كان لابد من أن تستدعي التساؤل عن الذاكرة التاريخية الأعمق للعلاقة بين طبيعة الموقع الجغرافي والجغرافيا السكانية لأفغانستان من ناحية، وبين طبيعة السياق الإقليمي المحيط بأفغانستان وقواه -سواء القوى الإسلامية المتنوعة: الفارسية والتركية، أو القوى غير المسلمة: الهند، الصين، روسيا- من ناحية ثانية، وبين طبيعة توازنات القوى العالمية وموضع التنافس على قلب آسيا ضمن هذه التوازنات من ناحية ثالثة.

فهل يساعد استدعاء ملامح وخصائص هذه الذاكرة التاريخية على التدبر الرشيد فيما يحدث الآن ومآلاته على ضوء أنماط سابقة؟

إن هذه الذاكرة وتلك الجغرافيا تمكنان من الإجابة عن أسئلة الوقت الأجدر بالتناول: فلماذا تستمر هذه الممانعة المجتمعية والسياسية الأفغانية ضد التدخل العسكري الخارجي وما يصاحبه من فرض قسري علوي لتغيرات مجتمعية؟ ولماذا تتواصل هذه المقاومة العسكرية الممتدة دون توقف ضد الوجود الأجنبي؛ سواء تصاعدت أو تهابطت بين حين وآخر؛ وسواء اجتمعت عليها القبائل والقوميات أو تفرقت؟ ولماذا هذا الفشل السوفيتي ثم الأمريكي في هذه البقعة على وجه الخصوص؟ لقد تكررت هذه الأنماط عبر التاريخ الأفغاني والإسلامي، فماذا تقول الذاكرة التاريخية عن مآلات التسابق أو التنافس الاستعماري الأوربي الحديث، على هذه المنطقة (منذ القرن السادس عشر)؟ وقبل ذلك: ماذا تقول لنا هذه الذاكرة عن كيفية دخول وانتشار الإسلام في المنطقة وتطور وضعها في التوازنات والتفاعلات الدولية قبل الهجمة الأوروبية الحديثة؟ وفي ضوء ما سبق، وعقب ثبوت فشل المشروع الأمريكي في أفغانستان أغسطس2021: لماذا يحري الانسحاب الأمريكي بهذه الطريقة؟ هل هناك مقاصة أمريكية راهنة حول أفغانستان؟ وكيف؟

على ضوء القراءة في بعض الأدبيات التي بحثت في الذاكرة التاريخية لوضع الأمة في العالم وفي قلبها أفغانستان[5]، أو لتطور تاريخ النظام الدولي أو العلاقات الدولية بما فيه وضع دوائر الأمة من هذا النظام[6]، يمكن أن نقدم الملامح والخصائص التالية على نحو يساعد -في خاتمة هذه الدراسة- على الإجابة عن منظومة الأسئلة السابقة ومناقشة منظومة الإشكاليات الثلاثية المشار إليها عاليًا (الداخل الأفغاني، تطورات الإقليم والأمة، تحولات النظام العالمي).

 

 

 

(2)

دخول الإسلام أفغانستان وانتشاره[7]

لم يكن دخول الإسلام إلى أراضي الأفغان (بوصفها جزءًا مما كان يعرف بخراسان) وانتشاره فيها -بداية من سنة 21هـ=642م (القرن السابع الميلادي)، بعد معركة نهاوند الشهيرة- عملية سهلة، بل بدت رحلة صعبة وممتدة حتى القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي حين بدأ يستقر الإسلام في هذه البلاد. فلقد لقيت الفتوح الإسلامية شرقًا -بعد سقوط فارس- صعوبات عدة؛ مرجعها عدة عوامل من قبيل: المقاومة الشديدة من شعوب هذه المناطق ذات التضاريس الصعبة أمام جيوش الفتح؛ وصعوبات الفتوح بعيدًا عن مركز الخلافة في الجزيرة أو الشام بعد ذلك.

وعلى عكس فتوح الإسكندر الأكبر لهذه المناطق في قلب آسيا والتي مرت دون أن تترك أثرًا ممتدًا، فإن الفتوح الإسلامية استمرت واستقرت. ولقد كان لنمط الفتح من ناحية ونمط إدارة ما بعد المعارك العسكرية من ناحية أخرى تأثير معروف على اعتناق شعوب المنطقة للإسلام رغم تنويعاتها القومية والقبلية، بل إنهم أسهموا بعد ذلك في نشر الإسلام شرقًا فيما وراء النهر (إشارة إلى النهرين العظيمين اللذين يحدّان المنطقة شرقا وغربا: سيحون وجيحون). وكما تشير عدةٌ من المصادر عن العلاقة بين الأفغان والإسلام، فلقد أصبحت هذه الأمة من أخلص الدعاة للإسلام والمدافعين عنه، وكان تأثيره قويًّا فيها؛ فأصبح الأفغان من المتمسكين به بقوة: عقيدةً وسلوكًا.

لقد وصفهم العديد من المؤرخين والرحالة بالشعب ذي القوة والبأس الشديد، وجعل الموقع الجيوستراتيجي من بلاد الأفغان إحدى نقاط الاتصال القديمة لطريق الحرير وللهجرات البشرية. كما أن أفغانستان منذ القدم تربط بين شرق آسيا وغربها وجنوبها ووسطها. ولذا تأثرت جغرافيتها البشرية بكونها معبرًا أو موطنًا لقوميات عديدة خلال العصور المتتالية؛ وكذا باستهدافها بغزوات ما بعد الفتوح؛ ومن أهمها -كما هو معلوم- غزوة المغول الكبرى. بيد أن هذا البلاد ظلت مستعصية على الاستعمار الأوروبي العسكري المباشر، وكان الإسلام والطبيعة البشرية الأفغانية أهم عناصر هذه المقاومة. كما تأثر الوضع السياسي لأرض الأفغان وشعوبها -قبل الهجمة الأوروبية الحديثة- بالصراعات والتنافسات بين القوى الإقليمية المجاورة وبين القوى الاستعمارية الأوروبية على قلب آسيا منذ القرن الثامن عشر، بعد أن تصارعت منذ القرن السادس عشر على سواحلها الجنوبية والغربية والشرقية. ومن ثم فإن ذاكرة تطور الدولة في أفغانستان، هي حصيلة جميع هذه المحددات الداخلية والإقليمية والدولية.

(3)

أفغانستان-الدولة بين الداخل والإقليم والاستعمار: خبرة القرنين التاسع عشر والعشرين

تعرضت شعوب أركان الأمة الإسلامية –العربية والتركية والفارسية والهندية- طوال القرن التاسع عشر، وحتى منتصف العشرين لضغوط خارجية قسرية على دولها المستضعفة تحت الاحتلال العسكري في تلك المرحلة، والتي رضخت لكثير من الضغوط لإجراء ما يسمى “إصلاحات مجتمعية وقانونية وإدارية”، ما كانت في واقع الأمر إلا للتغيير نحو النموذج الحضاري الحداثي العلماني الغربي. وكانت خبرة الدولة العثمانية في مرحلة تصفيتها، وخبرة الجمهورية التركية بعد سقوط الدولة العثمانية وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى وإلغاء الخلافة، من أبرز الأمثلة على هذا التحاضن بين الاستضعاف والتدخل الخارجي وبين فرض النماذج الحضارية المغايرة[8].

ولم تكن شعوب قلب آسيا -وفي قلبها الأفغان- بعيدة عن هذه المحاولات القهرية. ولكن هل كانت لها خبرة خاصة؟ وما دلالات تلك الخبرة في المجريات الراهنة؟

تحت عنوان: أفغانستان الدولة: قرن من التشكيل عبر النفوذ الخارجي: يقدم مدحت ماهر ومحمد صلاح استعراضًا موجزًا ولكن محكمًا لوضعية الدولة في أفغانستان في ظل السياق الإقليمي والعالمي للقرنين الـ19 والـ20[9]:

(يمكن نسبة تأسيس الدولة-القومية الأفغانية إلى الأمير عبد الرحمن خان (حكم 1880-1901م) حفيد دوست محمد مؤسس حكم الدولة البركزاية لإمارة أفغانستان منذ العام 1847م، والتي لم تشهد من قبل وحتى عهد عبد الرحمن خان استقرارًا كافيًا ولا قوةً حاكمة مجمِّعة لتكوينها الداخلي تمكّن من رسم حدود الدولة وفرض المنطق التوحيدي والمركزي عليها؛ حيث تميزت سنواتُ حكمه -والمقدر عددها بإحدى وعشرين سنة- بجهودٍ رمت إلى تحديث الإمارة التي كانت حدودها مرسومة ومضغوطة لأكثر من قرن بواسطة اثنتين من الإمبراطوريات الكبرى الطامعة والمتدخلة: البريطانية والروسية. وجّه الأمير عبد الرحمن جهودَه إلى إنشاء الدولة الحديثة لأفغانستان بتوحيد أجزائها المتعددة؛ قندهار وكابول وبيشاور وهيرات ومناطق الشمال، وتجميع إثنياتها الكبرى؛ البشتون والأوزبك والطاجيك. تحقق توحدُ أفغانستان هذا عن طريق قمع الثورات والعقوبات القاسية، وكسر معقل القبائل المتمردة عليه خاصة قبائل البشتون، وبزرع سكان بينهم من غير عرقهم بل من أقوى أعدائهم مثل: الغيلزاي. وقام عبد الرحمن خان بإنشاء نظام المحافظات بدلًا عن نظام قبائل الحدود الذي كان سائدًا، ومنح حكام المقاطعات قدرًا كبيرًا من السلطة في الشئون المحلية، كما وضع قوة عسكرية تحت تصرف كل واحد منهم لجمع الضرائب وقمع المعارضة، مع مراقبته لهؤلاء الحكام من خلال نظام استخبارات بدا فعالًا. وخلال فترة حكمه، بدأت تنظيمات القبائل تتخلل السلطة الجديدة؛ حيث إن مسئولي الحكومة المحلية سمحوا بتبديل الأراضي خارج حدود القبائل والعشائر التقليدية. ولكن لم يكن ذلك بالطبع نهائيًا فظلَّ في الدولة قديمٌ وجديد.

وفي القرن التاسع عشر كانت أفغانستان مسرحًا للعمليات الحربية في الصراع بين الإمبراطورية البريطانية وروسيا القيصرية من أجل السيطرة على آسيا الوسطى، وقاد دوست محمد -ومن بعده ابنه ثم حفيده- حربين ضد بريطانيا في النصف الأول والنصف الأخير من القرن التاسع عشر، لكن استردت أفغانستان الحكمَ الذاتي بمقتضى الاتفاقية الإنجليزية الروسية عام ١٩٠٧، ثم حصلت على استقلالها التام بمقتضى معاهدة روالبندي عام ١٩١٩، وفي عام ١٩٢٦ قام الأمير أمان الله بتأسيس المملكة الأفغانية وعَملَ على تحديثها.

كانت هذه الأسرة البركزاية تخطو ببطء نحو تأسيس دولة بهذا المعنى لكن في ظل نفوذ بريطاني بالأساس، يناوشه نفوذ روسي في فترات كثيرة، وتدخلات إيرانية وهندية بدرجة تالية. ومن ثم فإن الخبرة الأفغانية تنضم إلى الحالة العامة التي شاعت في العالم الإسلامي في التحديث السياسي والإداري العام على النمط الأوروبي، وإن كان ذلك بمحدودية جغرافية وديمغرافية واضحة، مما أدى إلى بقاء أفغانستان حتى اليوم في عداد الدول الأكثر تخلفًا من الناحية الإدارية وفي سياسات التنمية بمستوياتها المختلفة، بل دخلت في نهاية القرن العشرين في عداد “الدول الفاشلة” على نحو ما أشار رئيسها الحالي أشرف غني في كتاب خصصه لهذا المعنى[10].

استمر هذا النمط من التحديث من مطلع القرن العشرين بطيئًا ومركزيًّا غير منتشر حتى وصل الملك ظاهر شاه إلى الحكم 1933 بعد وفاة والده الملك نادر شاه (1919-1933). حكم ظاهر شاه أفغانستان أربعين سنة (1933-1973م)؛ فدعم التعليم الحديث (على النمط الغربي) وأمر ببناء المدارس في جميع أنحاء البلاد، وبنى عددًا من المطارات مثل: مطاري كابول وقندهار الدوليين، ولكن الأمور اضطربت في أواخر عهده مع تسلل الفكر الشيوعي وخلاياه وتصاعد النفوذ السوفيتي في دولته، ثم تعرض البلاد لمجاعة قاسية 1971-1972 مكنت ابن عمه (ورئيس وزرائه السابق) داوود خان من استغلال سفره بالخارج لينقلب عليه 1973 ويعلن قيام الجمهورية الأفغانية ويرأسها. ولم يمكث داوود في الحكم طويلًا حيث انقلب عليه المقرَّبون منه من الشيوعيين في السابع والعشرين من أبريل 1978، ليؤسسوا جمهورية أفغانستان الديمقراطية(!!) برئاسة نور محمد تراقي (أو تراكي) رئيس حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني (الشيوعي) الموالي للسوفييت موالاة معلنة[11].

وعلى الرغم من محاولات التحديث هذه التي يشار إليها، فإن الدولة الأفغانية ظلت بدائية بصفة عامة؛ وبالأخص من الناحية المؤسسية. ففي كتابه “الكراسة الأفغانية” عن ذكرياته بين أوائل أغسطس 1978 ومنتصف أبريل 1980م، يشرح ليونيد بيجدانوف، الضابط السوفييتي الذي أسس ورأس ممثلية أمن الدولة السوفيتية (KGB) بأفغانستان في الفترة ذاتها، كيف كان حال المؤسسات الأمنية والعسكرية وسائر مؤسسات الدولة الأفغانية عشية الحرب العشرية الكبيرة، والتي ملخصها أنه لم يكن هناك من الدولة إلا اسمها الكاذب في كل أحرفه (جمهورية أفغانستان الديمقراطية)؛ فلا مؤسسات ولا كوادر ولا نظم عمل ولا نظم قوانين مسنونة أو متبعة، ولا أعراف إدارية، ولا خدمات ولا إنتاج، ولا سياسات، إنما حالة طُغمتية (أوليجاركية أشبه بالعصابات الإجرامية) ضحلة لا تعرف سوى القمع والقتل بلا قانون ولا تستهدف سوى الحفاظ على السلطة والدفاع عن الاستبداد بها.

كانت هذه البدائية المؤسسية في مجال الأمن ماثلةً في سائر قطاعات الحكم والإدارة؛ التعليم والصحة والزراعة والصناعة والتجارة. واتسم وجود المؤسسات بالانحصار في العاصمة وبعض مدن وأقاليم رئيسية محدودة، والانحسار والتراجع كل حين مع الاضطرابات والحروب التي لم تنقطع عن أفغانستان لمدة أربعة عقود كاملة وإلى اليوم. تعمقت هذه البدائية أكثر وأكثر بمقاومة شعبية ضد احتلال عسكري شديد القسوة لعشر سنوات تامة منذ بدء التدخل العسكري السوفييتي مارس 1979، ثم استكملت بحرب المجاهدين بعضهم مع بعض بين عامي 1992 و1996 حتى حسم مقاتلو طالبان ذلك الصراع لصالحهم، وأعلنوا قيام إمارة أفغانستان الإسلامية، ليأخذ السؤال منحىً جديدًا: ماذا لدى الإسلاميين من فكر وعمل يتعلق ببناء الدولة الأفغانية وتوحيد أقاليمها تحت سلطة مركزية، وتجديد مؤسساتها، ورسم السياسات الكفيلة بالوفاء بالاحتياجات الحقيقية والأساسية للشعب الأفغاني؟ هذا ما أبرزته التجربة الطالبانية لخمس سنوات متتالية لم تخل من مصاعبٍ داخلية وخارجية)[12].

إذًا، مثلت مرحلة حكم طالبان الأولى 1996- 2001، نموذجًا من الحكم “الإسلامي التقليدي” الذي تعرض لانتقادات أو هجوم على أدائه وأحيانًا تقريظه. وأيا كانت دوافع وحجج وأهداف كل اتجاه من هذه الاتجاهات المتقابلة حول تقييم هذه المرحلة الآن، فإنها تمثل تغلب تيار حركي إسلامي أفغاني على تيارات أخرى حركية إسلامية أو قبلية أفغانية طحنت البلاد في حرب دموية لمدة ست سنوات بعد الانسحاب السوفيتي. ومن ثم مثلت هذه المرحلة مشهدا من سلسلة مشاهد متتالية مرت بها أفغانستان، منذ تأسيس الملكية الأفغانية الحديثة في الربع الأول من القرن العشرين.

ويردنا هذا إلى خلاصة القول عن أفغانستان -الدولة والمجتمع- بين الداخل والخارج، في الذاكرة التاريخية؛ وصولًا إلى دلالات هذه الذاكرة والجعرافية عن اللحظة الراهنة؛ أي فشل الاحتلال الأمريكي؛  ما بين نماذج الحكم في أفغانستان عبر القرن العشرين، وتفاعل مشكلة الداخل الأفغاني مع الممانعة الممتدة حتى الانسحاب الأمريكي.

(4)

نماذج الحكم في أفغانستان عبر القرن العشرين

على ضوء التفصيل التاريخي السابق عرضه، شهدت خبرة الدولة الأفغانية الحديثة في هذا القرن، توالي أربعة نماذج فكرية–حركية سياسية ومجتمعية قبل الاحتلال الأمريكي: خبرة الملكية الليبرالية الطامحة للتحديث وفق النموذج الغربي الحداثي، ثم نموذج الحكم اليساري العسكري المدعوم من الخارج السوفيتي، ثم نموذج تصارع الفصائل الأفغانية التي قاومت الاحتلال الروسي ليتغلب أحدهم على حكم أفغانستان، فيما كان يبدو أنه مرحلة اختبار أخرى لماهية النموذج السياسي والمجتمعي الذين يمكن أن تقبله الأمة الأفغانية، وأخيرًا نموذج حكم طالبان، باعتبارها الحركة التي تغلبت على غيرها في الحرب الأهلية.

هذه النماذج الأربعة، كانت ذات صبغات أيديولوجية متقابلة، لم تكن تتنازع على روح وعقل الأمة الأفغانية فقط طيلة هذا القرن، ولكن كانت أيضًا تتجول وتتدافع في كافة أرجاء شعوب الأمة الإسلامية وأوطانها، وتحقق كل منها درجة أو أخرى من النجاح أو الفشل، ولكن أغلب نجاحاتهت كانت من النوع المؤقت الذي لا يضمن بناء نموذج توافقي جمعي تتراضى حوله قوى كل وطن من الأوطان.

بعبارة أخرى، قدمت أفغانستان نموذجًا آخر من نماذج محاولات بناء الدولة الحديثة في العالم الإسلامي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أغسطس 2021. وجميع هذه النماذج، عربية أو غير عربية، تشهد الآن ذكرى مئوية هذه البداية لتأسيس دول حديثة (بين العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين)، وهي المئوية التي تمر على العديد من هذه الدول وهي في أزمات طاحنة، ما بين دول في حروب أهلية أو تصارع التخلف والتبعية. والقليل منها الذي دعم ركائز قوته بل قدم نموذجًا مثل الحالة التركية والإيرانية.

وكانت النماذج الأربعة المتوالية في الحالة الأفغانية -ومثل غيرها من نماذج الحالات الأخرى- نتاج تفاعل عوامل داخلية وإقليمية وعالمية، صبغت كل مرحلة بنموذجها “المؤقت” “المستورد” المفروض من نخبة مستعلية بدعم خارجي.

فعلى سبيل المثال عن تأثير المتغير الإقليمي والعالمي، تمكن “اليسار” في بداية السبعينيات من السلطة في أفغانستان، وقد دخلت العلاقات الصينية–السوفيتية والعلاقات السوفيتية-الأمريكية، حالة الوفاق أو الانفراج على عكس العقود السابقة التي لم تكن الأوضاع الصينية أو السوفيتية تسمح بتوجيه الاهتمام إلى قلب آسيا؛ وأفغانستان.

ويقول لنا التاريخ إن روسيا القيصرية، بعد أن كان البلقان وشرق أوروبا (ممتلكات الدولة العثمانية) يجذبان توسعها نحو الغرب في القرنين الـ18 و19، فإن هزيمتها في حرب القرم 1856 أولًا ثم انهيار حلفها المقدس مع النمسا (ضد بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية) دفعاها نحو التوسع في الشرق؛ حيث أحكمت قبضتها على القوقاز وجمهوريات آسيا الوسطى خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ وهي الفترة التي شهدت التنسيق البريطاني الروسي لوضع مقاصات لمناطق النفوذ (قلب آسيا، الهند) منعًا للتصادم عند مواجهة أعداء مشتركين مثل ألمانيا في الحربين العالمية الأولى والثانية مثلًا.

(5)

أفغانستان: بين مشكلة الداخل والممانعة الممتدة حتى الانسحاب الأمريكي

إن الإمساك بهذه الخيوط للذاكرة التاريخية المعاصرة، ولو على نحو سريع وموجز ولكن كلي، ليس الهدف منه إلا الوصول إلى دلالات خبرة عقدي الاحتلال الأمريكي وانسحابه من ناحية، وذكرى مئوية بداية تأسيس دولة حديثة في أرجاء العالم الإسلامي من ناحية أخرى.

لقد نشطت المقاومة الأفغانية الفصائلية القبلية -ولو تحت رايات إسلامية أيضًا- ضد الاحتلال الروسي في ظل إطار إقليمي وعالمي ساند هذه المقاومة، وهو إطار تجدُّد الحرب الباردة بين القوتين العظميين، وتنامي النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط بعد اتفاق السلام المصري-الإسرائيلي والحرب الإيرانية–العراقية، مما حفز من التنسيق المصري–السعودي–الأمريكي لدعم المقاومة الأفغانية، ولو تحت رايات إسلامية قبلية؛ مما ساهم في قلب المعادلة في قلب آسيا بعد أن تمت هزيمة النموذج الحداثي اليساري المدعوم سوفيتيًا، وليدخل النموذج الحداثي الغربي في مرحلة سكون. ولكن ليظل التساؤل قائمًا: ما مآل أفغانستان حينئذٍ بين التيارات الإسلامية المتصارعة على الأرض وبين التيار الحداثي المراقب عن بعد؛ سواء من الغرب البعيد جغرافيا أو من الجوار الروسي بعد عملية إعادة بناء الدولة الروسية وتحالفاتها الإقليمية عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، وبعد عملية التغيير الاقتصادي والسياسي التي دخلتها الصين أيضًا منذ بداية الألفية الثالثة…؟

وزاد من أهمية هذا التساؤل أن المكون الأفغاني، المجتمعي الأصيل بتياراته المختلفة، ولو تحت ألوية قبلية متنوعة، كان عاملًا مشتركًا في مقاومة النموذجين الليبرالي واليساري الوافديْن. وكانت المقاومة شاملة حضارية؛ سواء بالقوة العسكرية أو بالمعارضة، والرفض للاستيعاب في نموذج آخر مفروض من أعلى قسرًا.

ولقد كان هذا النموذج المجتمعي التقليدي -دون دخول في تقييم سلبي أو إيجابي له ولصفة التقليدي الآن- الذي حرسته خبرة حكم طالبان وأرادت تجديد دعائمه وفرضه عبر البلاد، يمثل أحد أهم موضوعات تعبئة الولايات المتحدة للرأي العام العالمي ضد مساوئ حكم طالبان (أيقونات المرأة وغير المسلم وحقوق الإنسان المعروفة)، تمهيدًا لإسقاطه؛ وهو الأمر الذي قدمت أحداث 9/ 11/ 2001 طبقًا من ذهب لبداية تنفيذه، في إطار ما عرف بـ”الاستراتيجية الأمريكية العالمية لمحاربة الإرهاب” بقيادة المحافظين الجدد الأمريكيين لمدة عقد من الزمان، ثم بقيادة الديمقراطيين الأمريكيين أيضًا لمدة عقد آخر من الزمان تقريبًا، مع بعض التغييرات في أساليب وأدوات -وليس في جوهر- هذه الاستراتيجية.

ولهذا اقترن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان بهذه الاستراتيجية العالمية من ناحية، كما اقترن بخبرة ما يسمى إعادة بناء الدولة والمجتمع في أفغانستان.

وأيا كانت تفاصيل هذه الخبرة بمنحنياتها ومنخفضاتها، فلقد تعددت مداخل تقييمها، ولكن حين أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تاريخ انسحابها -وفي ظل حالة الدولة والمجتمع أفغانستان حين تم هذا الانسحاب وبعده (كما سنرى في أوراق الملف)- تبلور إجماع واحد -وإن تعددت تفسيرات أسبابه- مفاده هو: فشل الاحتلال الأمريكي والجهود الخارجية في مجموعها، في فرض نموذج جديد للدولة والمجتمع في أفغانستان، وفق القيم العلمانية الغربية وتجلياتها السياسية والاقتصادية. فلقد عادت طالبان للسلطة، أيًّا كانت الأسباب الجزئية والمباشرة لهذه العودة ولذلك الوصول السريع إلى كابول، ولكن طالبان تعود فيما يبدو في ثوب جديد لابد أن تكون فرضته خبرة عقدين من المقاومة للاحتلال الأمريكي وللنخب الأفغانية المتعاونة معه على أصعدة مختلفة.

(6)

خاتمة القول: من الذاكرة التاريخية إلى المقاومة الحضارية: دلالات الفشل الأمريكي

بناء على ما سبق، وعن دلالات خبرة الاحتلال الأمريكي وفشله وانسحابه، وعلى ضوء الذاكرة التاريخية للدولة والمجتمع والحركات الإسلامية الأفغانية، يمكن الإشارة إلى ما يلي:

  • إن الاستراتيجية الأمريكية الدولية، مثلها مثل الاستراتيجية السوفيتية السابقة، أو استراتيجية الإمبراطورية البريطانية العظمى الأسبق، ليست ذات قدرة مطلقة ولانهائية في فرض الأوضاع قسرًا على شعوب بعينها. فهناك شعوب ودول قد تبدو، بمعايير الواقعية الوضعية، صغيرة وضعيفة، ولكن لديها مقومات قادرة على إفشال تلك الاستراتيجيات؛ ذلك لأنها تتبنى استراتيجية المقاومة الحضارية الممتدة التي يصعب على الكبار في عالم القوة المادية إدراك أبعادها إلا بعد أن تنالهم الهزيمة فيها.
  • إن هدف وغاية هذه المقاومة الحضارية هو عدم الذوبان أو الخضوع للآخر، وذلك اعتزازًا بالذات والأصل؛ شريطة أن تمارس التعارف والحوار للاستفادة الحضارية من هذا الآخر.
  • وعن الدلالات في ذكرى مئوية إنشاء الدول الحديثة فهي تتصل مباشرة بالتحديات الذي يجب أن تعيها طالبان في تجربتها الراهنة والتي تستوجب ضرورة إدارتها وفق رؤية استراتيجية لدفع مصالح الأمة الأفغانية: الداخلية (محاربة الفقر والجهل والمرض)، والإقليمية (حسن الجوار والتعاون الإقليمي)، والعالمية (نقض صورة الإرهاب ومعاداة العالم وتهديده).
  • وعلى رأس العبر التي ينبغي أن يعيها الأفغان اليوم:
  • أن التغلب العسكري ليس النهاية ولكنه بداية صعبة لإدارة التوازنات السياسية والمجتمعية،
  • وأن التمسك بالأصول والعقيدة ورفض الاستيعاب في الغير لا يعني الانغلاق والجمود ولكن يفرض الاجتهاد والتجديد في مواجهة التهديدات المختلفة،
  • وأن إدارة التعددية والاختلافات ضرورة لتحقيق العدالة وليس لتغلب مذهب أو حركة أو تيار على آخر منافس أو معارض أو مهمش.
  • بعبارة أخرى، فإن مشكلة استقلال أفغانستان هذه المرة أيضًا ترتد مرة أخرة إلى الداخل، ويظل التحدي أن تمكن أفغانستان لنفسبها وليس للخارج.

إنها قيم: التدافع، التداول، ومبادئ العدالة والحرية التي تغلف كل ما سبق؛ لأنها في قلب الصمود الحضاري والثقافي الذي يجب أن تتمسك به كل شعوب الأمة، والذي يمثل منبعا تنبثق منه وعنه حلول لكل مشكل، وخروج من كل فشل، سياسي أو اقتصادي أو عسكري.

الحمد لله

28 ديسمبر 20

____________________

الهوامش

[1] عن أهمية الذاكرة التاريخية ومنهاجية استدعائها: انظر “المقدمة” في: نادية محمود مصطفى، العلاقات الدولية في التاريخ الإسلامي: منظور حضاري مقارن، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، دار البشير للثقافة والعلوم، 2015،  ص ص 17-34. وانظر:نادية محمود مصطفي، مسار علم العلاقات الدولية بين جدال المنظورات الكبرى واختلاف النماذج المعرفية، في: نادية محمود مصطفى (محرر)، العلاقات الدولية في عالم متغير: منظورات ومداخل مقارنة، الجزء الأول، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2016، ص ص 32-56.

[2] وحول مدارس تفسير وفلسفة التاريخ المختلفة انظر:

– نادية محمود مصطفى، مدخل منهاجي لدراسة التطور في وضع ودور العالم الإسلامي في النظام الدولي، (في): نادية محمود مصطفى (إشراف)، مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، الجزء السابع من المشروع، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996، ص ص 93-104.

– John Lewis Gaddis, Expanding the Data Base: Historians, Political Scientists, and the Enrichment of Security Studies, International Security, Vol. 12, No. 1, Summer 1987.

– John Lewis Gaddis, International Relations Theory and the End of the Cold War, International Security, Vol. 17, No. 3, Winter, 1992-1993.

[3] حول هذين المفهومين (الذاكرة الحضارية، المفاصل التاريخية) انظر: نادية محمود مصطفى، الهجمات الحضارية على الأمة وأنماط المقاومة: بين الذاكرة التاريخية والجديد منذ الثورات العربية، العدد الثالث عشر من أمتي في العالم “المشروع الحضاري الإسلامي: الأزمة والمخرج”، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2017، ص ص 27-31.

[4] انظر على سبيل المثال: مدحت ماهر، محمد صلاح عبد العال، الإسلاميون وبناء الدولة في أفغانستان: أين الخلل؟، العدد الرابع عشر من أمتي في العالم: “السياسات العامة في نظم ومجتمعات العالم الإسلامي: نماذج وخبرات”، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، مفكرون الدولية للنشر والتوزيع، 2019)، ص ص 417-439.

[5] انظر:

  • محمود شاكر الحرستاني، التاريخ الإسلامي، (16 مجلدا)، بيروت: المكتب الإسلامي، ط8، 1421ه/2000م، خاصة المحور التاسع: العصر الحديث.
  • إسماعيل أحمد ياغي، محمود شاكر، تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر، الرياض: دار المريخ، 1413هـ/1993م.
  • محمود قمر، تاريخ انتشار الإسلام في آسيا، الرياض: مكتبة الرشد، 2006.
  • صلاح عبود العامري، تاريخ أفغانستان وتطورها السياسي، القاهرة: العربي للنشر والتوزيع، 2012.

[6]  انظر: نادية محمود مصطفى، العلاقات الدولية في التاريخ الإسلامي..، مرجع سابق.

[7] حول دخول الإسلام إلى أفغانستان، انظر: فاروق حامد بدر، تاريخ أفغانستان من قبيل الفتح الإسلامي حتى وقتنا الحاضر، القاهرة: المطبعة النموذجية، 1980. و: محمود شيت خطاب، قادة فتح السند وأفغانستان، (القاهرة: دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، 1980)، ص ص 229-263: أفغانستان قبل الفتح الإسلامي وفي أيامه.

[8] حول العلاقة بين الاستعمار السياسي والعسكري للأمة وبين الفرض القسري لنموذجه الحضاري وعواقبها على الأمة ومقاومتها له انظر: طارق البشري، ماهية المعاصرة، القاهرة: دار الشروق، ط2، ص7-8. و:طارق البشري، التجدد الحضاري: دراسات في تداخل المفاهيم المعاصرة مع المرجعيات الموروثة، تقديم: نادية محمود مصطفى، بيروت: الشبكة العربية للنشر والأبحاث، 2015.

  • انظر أيضا سلسلة في المسألة الإسلامية المعاصرة لطارق البشري، وتتضمن الآتي:
  • بين الإسلام والعروبة، (القاهرة: دار الشروق، 1988).
  • منهج النظر في النظم السياسية المعاصرة لبلدان العالم الإسلامي، (القاهرة: دار الشروق، 1990).
  • بين الجامعة الدينية و الجامعة الوطنية في الفكر السياسي، (القاهرة: دار الشروق، 1998).
  • الحوار الإسلامي-العلماني، (القاهرة: دار الشروق، 2005).
  • الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر، (القاهرة: دار الشروق، 2005).
  • الوضع القانوني بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، (القاهرة: دار الشروق، 2005).
  • ماهية المعاصرة، (القاهرة: دار الشروق، 2005).
  • اجتهادات فقهية، (القاهرة: دار البشير، 2017).
  • نحو إسلامية المعرفة في الفكر السياسي المعاصر، (القاهرة: مفكرون للنشر، 2019).

[9] مدحت ماهر، محمد صلاح عبد العال: الإسلاميون وبناء الدولة في أفغانستان: أين الخلل؟، مرجع سابق، ص418- 419.

[10] Ashraf Ghani, Clare Lockhart, Fixing Failed State: A framework for Rebuilding A Fractured World, (Oxford: Oxford Uni. Press, 2008).

[11] انظر: ليونيد بيجدانوف، الكراسة الأفغانية، ترجمة وتقديم: علي فهمي عبد السلام، (القاهرة: المركز القومي للترجمة، ط1، 2009)، ص 11.

[12] راجع ملخص خبرة السنوات الخمس الطالبانية في: مدحت ماهر، أفغانستان والجوار: السياسات والدلالات (11 سبتمبر – 22 ديسمبر 2001)، حولية أمتي في العالم، العدد الخامس، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2002)، ص ص 172-179. وانظر أيضا:

  • محمد سرافراز، حركة طالبان من النشوء إلى السقوط، (بيروت: دار الميزان، 2008).
  • عبد السلام ضعيف، حياتي مع طالبان، تحرير: أليكس ستريك فان لينشوتن وفيلكس كويهن، (بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2014).

فصلية قضايا ونظرات – العدد الرابع والعشرون – يناير 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى