أفغانستان بين باكستان وإيران: المواقف والقضايا بعد الانسحاب الأمريكي
مقدمة:
وفقًا للخرائط الجغرافية والثقافية تتشارك كلٍ من باكستان وإيران مع أفغانستان الحدود السياسية، والعرقيات، والتاريخ، إذ يتجاوز طول الحدود المشتركة بين باكستان وأفغانستان 2600 كم، أما مع إيران فيبلغ طول الحدود بينهما أقل من 1000 كم. من ناحية التاريخ كانت أفغانستان جزءً من الإمبراطورية الفارسية، في حين أنها كانت تاريخيًا ضد التقسيم الحدودي بينها وبين باكستان، كما كانت الدولة الوحيدة التي رفضت انضمام باكستان للأمم المتحدة، ولا يعني ذلك انعدام الروابط الثقافية بين الأخيرة وأفغانستان بل على العكس من ذلك، تُعد الأغلبية العرقية السائدة في أفغانستان (البشتون) أغلبية عرقية في باكستان أيضًا، وتجتمع العائلات بين خطي الشريط الحدودي بوشائج التمازج العرقي واللغوي وصلات القرابة. أما إيران فكانت روابطها أوثق مع الأقليات الدينية الشيعية والعرقية الفارسية من الطاجيك وغيرهم، وعملت دائمًا على أن تكون الداعم الأساسي لحقوقهم ووجودهم آمنين في أفغانستان.
وفي هذا الإطار تلعب كثير من العوامل دورًا كبيرًا في التأثير على العلاقات بين الدولتين (باكستان وإيران) وأفغانستان. يأتي على رأس هذه العوامل: طبيعة حكومة كابول، فتوجهات هذه الحكومة غالبًا ما تؤثر في علاقاتها بالفاعلين الإقليميين المختلفين، وتؤثر في مواقفهم منها، فباكستان تاريخيًا كانت ترغب في حكومة صديقة لها، معادية للهند أو على الأقل غير متعاونة معها، في حين ترغب إيران في حكومة متحالفة معها، تحفظ حقوق الشيعة الهزارة والأقليات الداعمة لها في أفغانستان، ويُتوقع أن يحضر هذا العامل في أجندات الدول الثلاث في الأجل القصير، ما يؤثر على مواقفها السياسية والدبلوماسية، على التفصيل الوارد في المحور الأول من هذه الدراسة.
أما العامل الثاني فمنبعه الأبعاد الجيوسياسية، المتمثلة أساسًا في أمن الحدود، والقضاء على الجماعات الإرهابية المناهضة للدولتين، ومنع تهريب وإتجار المخدرات (الأفيون الأفغاني)، وتدفق المياه من الأنهار الأفغانية إلى الدولتين، وتشترك كلا الدولتين –باكستان وإيران- في هذه المصالح، فكلما كانت الحدود أكثر استقرارًا بين الدولتين وأفغانستان، والجماعات الإرهابية أقل نشاطًا، وتدفقات المياه مستمرة، كانت العلاقات أكثر استقرارًا وسلميةً، والعكس بالعكس.
ويتصل العامل الثالث بالمحددات الجيواقتصادية، التي تظهر في نقل الغاز من آسيا الوسطى عبر أفغانستان، وفي أي الموانئ ستعتمد عليها أفغانستان –كدولة حبيسة- كمحور لنقل تجارتها عبرها، وفي الحفاظ على تدفقات النفط الإيراني إلى أفغانستان باعتبارها المصدر الأهم للنفط لأفغانستان في هذا الوقت. وترتبط قدرة هذه العوامل في التأثير على العلاقات بين الدول الثلاث بأدوار الأطراف الثالثة[1] الإقليمية والدولية كالهند، والصين، والولايات المتحدة. وبصفة عامة، تؤثر علاقات هذه الدول مع الدولتين في علاقاتهما المتبادلة؛ فعلاقات إيران والهند (القوية) تنعكس سلبًا على علاقاتها بباكستان، أما تنامي علاقات الصين وإيران فيصب في صالح توطيد العلاقات بين طهران وإسلام أباد.
وكذلك يمكن أن تلعب العوامل “الإدراكية”: النفسية والتاريخية والإيديولوجية، والعوامل المتعلقة بصناع القرار، دورًا مهمًا في توجيه العلاقات بين أضلاع المثلث، فإيران لها ذاكرة سلبية مع طالبان عندما جاءت إلى السلطة عام 1996، وكذلك لديها تحفظات على أيديولوجية طالبان السنية، في المقابل لدى باكستان رؤية معينة لطالبان، وأجندة مُحددة تجاه أفغانستان ترغب في تحقيقها، وهو ما قد يؤثر على علاقتهما سلبًا وإيجابًا حسب رؤية صناع القرار لمدى تحقق هذه الرؤية. وفي الجانب المقابل لحركة طالبان ذاكرة هي الأخرى بشأن العلاقات مع باكستان وإيران؛ ففي حين دعمتها باكستان منذ نشأتها، لعبت دورًا مزدوجًا في الفترة التي أعقبت 2001 في إطار ما عُرف بالحرب على الإرهاب، كما شاركت إيران هي الأخرى في هذه الحرب ضدها.
وعلى هذا الأساس، تراكمت مجموعة من القضايا -تقريبًا نفسها- في العلاقات بين كلٍ من باكستان وإيران من جانب وأفغانستان من جانب آخر، بعضها كان مُحددًا للموقف من التواجد ثمَّ الانحساب الأمريكي من أفغانستان، منها ما كان متصلا بالعلاقات الدبلوماسية والسياسية بين أضلاع المثلث والجهات الفاعلة في أفغانستان وعلى رأسها حركة طالبان، وبعضها كان محفزًا أو مثبطًا للعلاقات الاقتصادية بين الأطراف، وبعضها الآخر كان مُهيئًا لعلاقات جيوسياسية وأمنية مُحددة، في حين كان جانب من القضايا مرتبطًا بأدوار وعلاقات الأطراف الثالثة المتداخلة في أفغانستان ومجمل الإقليم. ويستعرض هذا التقرير بشيءٍ من التفصيل هذه التداخلات بين القضايا والمحددات وأدوارها في رسم المواقف الباكستانية والإيرانية من التطورات في أفغانستان موضحين اتجاهات هذه التقاطعات في الآجال القصيرة والمتوسطة وبعيدة المدى بناءً على رصيد العلاقات التاريخية بين الأطراف.
أولًا- المواقف السياسية والدبلوماسية بعد الانسحاب الأمريكي:
منذ إعلان أوباما خطة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2011، وتخطط باكستان وإيران لسيناريوهات ما بعد هذا الانسحاب، وتقيمان آثاره على الأمن القومي لكلٍ منهما. ولكن هذه الخطة أخذت مراحل طويلة مذ ذلك الوقت، ليجري اتخاذ القرار في عهد أوباما، والترتيب له في عهد ترامب، ثمَّ جاءت المرحلة الأخيرة من التنفيذ في ظل رئاسة بايدن. ورغم أن الانسحاب كان مرحبًا به في كلٍ من إسلام أباد وطهران إلا أن ذلك كان من وجهات نظر متباينة تجلت في المواقف من المشهد النهائي لانسحاب القوات الأمريكية في أواخر أغسطس 2021، والتطورات التي ترافقت معه خاصةً سيطرة طالبان، وهو ما نرصده في النقاط التالية:
كانت باكستان ثاني الدول التي ترسل ممثلين عنها لكابول بعد سيطرة طالبان عليها –كانت الزيارة الأولى من قبل مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA))- فأرسلت وفدًا “رفيع المستوى” على قمته مدير جهاز مخابراتها ISI)) فايز حميد في الرابع من سبتمبر 2021 بعد سقوط العاصة بـ20 يوم تقريبًا. ما نُشر عن هذه الزيارة يشير إلى أنها كانت بناءً على دعوة من طالبان نفسها[2]. وقد شهدت الزيارة لقاءً بين مدير جهاز المخابرات والسفير الباكستاني في أفغانستان، ويُعتقد –بخلاف تصريح فايز- أنها شملت أيضًا لقاء عدد من كبار القادة في طالبان للوقوف على عددٍ من المسائل الأمنية والسياسية المتعلقة بالحدود وتشكيل الحكومة القادمة[3]. وفي فيديو قصير عن الزيارة صرح فايز –بابتسامة- أن “كل شيء سيكون على ما يرام”[4] في رسالة منه إلى العالم أن الأمور تسير بخير في أفغانستان، معبرًا بذلك عن ارتياح بلاده لما يحدث في أفغانستان؛ أي سيطرة طالبان على الحكم في البلاد.
أتبع هذه الزيارة، زيارة وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي برفقة مدير المخبارات في 21 أكتوبر 2021، وحسب بيان الخارجية الباكستانية ناقش اللقاء كافة القضايا ذات الصلة بالعلاقات الثنائية مع أفغانستان بدءً من تحقيق السلام والاستقرار على أراضيها مرورًا بقضايا الحدود والتبادل التجاري، والعلاقات بين شعبي البلدين[5]. بعدها بأقل من عشر أيام أرسلت طالبان مبعوثها لتولي مسؤولية السفارة الأفغانية في إسلام أباد إلى جانب ثلاثة آخرين لتسيير أعمال القنصليات الثلاث الأخرى في باكستان[6]. تلاها زيارة القائم بأعمال وزارة الخارجية الأفغانية أمير خان متقي التي استمرت لثلاثة أيام من 10 إلى 12 نوفمبر 2021 لزيادة التشاور بشأن القضايا السياسية والاقتصادية المتعلقة بتعزيز التبادل التجاري، وتسهيل التنقل عبر الحدود، والتكامل الإقليمي[7]، وبحثًا عن الاعتراف الدولي بحكومة طالبان[8].
أما عن العلاقات الدبلوماسية بين إيران وأفغانستان طالبان، فلم تكن بنفس الزخم رفيع المستوى، ومع ذلك فقد قررت الخارجية الإيرانية في 17 أغسطس 2021 استمرار سفارتها في كابول وقنصليتها في هرات للعمل في أفغانستان بعد سيطرة طالبان[9]، في حين جاءت أول زيارة في 3 أكتوبر 2021 من قبل حاكم خراسان لنظيره محافظ هرات الذي عينته طالبان في وقتٍ سابق[10]؛ وذلك “لدراسة وحل المشكلات التي تعترض تنمية التجارة بين خراسان وأفغانستان”، ومعه شحنات بمعدات طيبة إيرانية لمجابهة انتشار فيروس كورونا في أفغانستان[11]. بعدها بيومين التقى المسؤول نفسه وفدًا من طالبان في كابول، وقد شمل اللقاء بنودًا واضحة للتعاون التجاري والاقتصادي والصحي بين البلدين[12].
عكست سرعة التحرك ومستوى العلاقات الثنائية مبدئيًا مواقف الدولتين من التطورات في أفغانستان بين مرحبٍ بشدة ومتحمس لوصول طالبان إلى قمة السلطة في دولة الجوار (باكستان)، وبين حذرٍ مازال يًقيم تداعيات تشكيل حكومة طالبانية على مصالحه في أفغانستان ومجمل الإقليم (إيران)؛ ولذلك لا يُستغرب أن يكون مدير جهاز الاستخبارات الباكستاني من أوائل الواصلين إلى كابول، في حين أن مجمل الدبلوماسية الثنائية الإيرانية قادها مسؤول في مستوى متواضع نوعًا ما. ولكن بخلاف الدبلوماسية الثنائية الخافتة، كانت إيران أكثر انخراطًا عبر الآليات الإقليمية مُتعددة الأطراف، ونشاطًا في التحاور مع الأطراف الأخرى المعنية، وعلى رأسها: باكستان، وقطر، وروسيا، والصين، ودول من آسيا الوسطى.
انطلقت أولى لقاءات “دول جوار أفغانستان” افتراضيًا بمبادرة من الحكومة الباكستانية في 8 سبتمبر 2021 بحضور وزراء خارجية كلٍ من: باكستان، والصين، وإيران، وطاجكستان، وتركمنستان، وأوزباكستان، وقد أكد هذا اللقاء على ما يلي[13]:
- ضرورة أن يكون مستقبل أفغانستان موجه من قبل الأفغان أنفسهم ولصالحهم “Afghan-led, Afghan-Owned Process”.
- أهمية تمثيل كافة الفئات والمجموعات العرقية في العملية السياسية.
- الحاجة إلى أن يضطلع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بدروه المنوط به لإحلال السلام في أفغانستان.
- ضرورة العمل الجماعي من قبل كافة دول جوار أفغانستان والمجتمع الدولي للتصدي للأخطار والتحديات المشتركة لجلب الاستقرار إلى أفغانستان والمنطقة.
أما اللقاء الثاني، الذي يأتي ضمن ما أطلق عليه “صيغة موسكو”[14]، فاستضافته روسيا في 20 أكتوبر 2021، وحضره ممثلون عن طالبان، وناقش “وفاء طالبان بحقوق الإنسان والمساواة، وتعزيز الجهود الدولية لمنع أزمة إنسانية، ومنع عودة عناصر تنظيم داعش، والدفع لتشكيل حكومة جامعة”[15]. أما اللقاء الثالث فُعقد في طهران في 27 أكتوبر 2021 بحضور كافة الدول التي دأبت على حضور الاجتماعات السابقة، مع مشاركة وزارء خارجية الصين وروسيا افتراضيًا، بالإضافة إلى وفدٍ من طالبان، ودعا المؤتمر في بيانه الختامي إلى: “تحقيق المصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة شاملة، ومكافحة الإرهاب في أفغانستان”[16]. أما المؤتمر أو اللقاء الرابع، الذي حضرته إيران وغابت عنه باكستان واعتذرت عنه الصين، فكان في نيودلهي في 10 نوفمبر 2021[17]، وأكدت فيه إيران نفس ما أكدت عليه في اللقاءات السابقة بشأن “الحكومة الشاملة” في أفغانستان[18].
أما أحد اللقاءات الأخرى المهمة التي كانت في باكستان، وأحجمت إيران عن حضوره، فيُطلق عليه “الترويكا بلس Troika Plus”[19]، وضم كل من الولايات المتحدة والصين وروسيا وباكستان في اجتماع موسع بشأن أفغانستان، والتقى المجتمعون على هامشه مع قادة من طالبان. وقد شمل البيان الصحفي النهائي للترويكا بنودًا كثيرة معظمها لا يتبنى نهج هجومي تجاه طالبان، وإنما فيها ترحيب بجهود طالبان فيما يخص “السماح بالمرور الآمن لكافة الراغبين بالسفر من أفغانستان وإليها”، كما حث البيان على مواصلة طالبان العملية السياسية لتشكيل حكومة شاملة، وإدماج النساء في التعليم وفي قطاعات المجتمع كافة[20].
على مستوى آخر، خصصت لقاءات واتصالات ثنائية بين إيران وباكستان حيز كبير لنقاش الشأن الأفغاني، فاستقبل وزير الخارجية الباكستاني نائب وزير الخارجية الإيراني في 5 أكتوبر 2021[21] ضمن ما يُعرف بالجلسة 11 للتشاور السياسي الثنائي بين البلدين[22]. ثمَّ زيارة رئيس هيئة الأركان الإيرانية في 12 أكتوبر 2021[23]. هذا فضلًا عن لقاء آخر أُجري في باكستان على مستوى يندرج ضمن الدبلوماسية البرلمانية بين البرلمانين الباكستاني والإيراني[24].
إجمالًا يشير الرصد السابق إلى عدة أمور:
أولا: كثافة الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف الباكستانية، ويبدو هذا منطقيًا ومتسقًا مع الدور الدبلوماسي التاريخي الذي أرادت باكستان لعبه في أفغاستان، وتحديدًا تجاه حركة طالبان، إذ سعت تاريخيًا للعب دور مبعوث طالبان للعالم، خاصةً لدى القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية[25]. ولا يشذ مجمل الخطاب الدبلوماسي الحالي عن ضرورة تقديم الدعم لطالبان، والانخراط مع الحركة دبلوماسيًا، ومساعدتها للسيطرة على الأوضاع الإنسانية في أفغانستان تدعيمًا لتحقيق الاستقرار فيها[26].
ثانيًا: عَكَسَ مستوى الانخراط الدبلوماسي الإيراني وتفضيله للأطر مُتعددة الأطراف طبيعة الاقتراب التقييمي “الحذر” من وصول طالبان إلى السلطة في كابول، فإيران عمقت حوارها الدبلوماسي مع الأطراف الإقليمية بعد الانسحاب الأمريكي بغية تقييم الوضع وعدم التسرع آخذةً في الاعتبار الخلفيات التاريخية للعلاقات الإيرانية – الطالبانية خاصةً في الفترة من 1996 حتى 2001 حين سيطرت طالبان على السلطة، وقامت بقتل دبلوماسيين إيرانيين في قنصلية بلادهم، كما أومأ –هذا الاقتراب- إلى الصراع على مستوى صنع القرار في طهران بشأن الانخراط مع طالبان بين مؤيد ومتحفظ (وربما معارض)، وهو ما يصيب صنع القرار الإيراني بالازدواجية، ويفقده وحدته إزاء أفغانستان[27].
ثالثًا: تشهد العلاقات بين باكستان وإيران رواجًا كبيرًا في الأيام التي أعقبت الانسحاب الأمريكي؛ اقتناعًا من جانب إيران بأهيمة الدور الباكستاني وقدرته على التأثير في طالبان، ومن جانب باكستان بمحورية إيران كقوة إقليمية، ولاعب أساسي في التنمية الاقتصادية في أفغانستان، فضلًا عن محاولتها لخلخلة التعاون الهندي – الإيراني، وهو ما نعود له في المحور القادم من هذا التقرير.
لكن لم تحسم هذه اللقاءات الدبلوماسية المتكررة الملفات السياسية العالقة بين الثلاثي، ولم تقرب وجهات النظر إلى درجة التوحد بشأن الملف الأفغاني في شقه السياسي على الأقل، فإيران موقفها واضح من حكومة طالبان، فهي لا تقبل إلا بحكومة شاملة -لا تُهمين عليها طالبان- يُمثل فيها جميع العرقيات ومن ضمنهم الأقليات الشيعية رغبةً منها في التأكد من وجود حكومة تحفظ مصالحها الاستراتيجية في أفغانستان، وللحد من احتمالات توظيف الاختلافات الأيديولوجية والسياسية من حركة سنية “وهابية” -وفق تصور بعض الجهات في إيران– ضدها[28]. لذا تشكل الموازنة بين الاعتراف بالحكومة الجديدة[29]، ومصالح العرقيات المختلفة التي تدعمها إيران التحدي الأهم للسياسة الإيرانية في ظل وجود طالبان[30].
من جانب باكستان، في حين تدعو لأهمية التواصل مع طالبان بغض النظر عن الاعتراف بحكومتها، تتريث هي ذاتها في الاعتراف الرسمي بحكومة طالبان، إذ ترى أن “الاعتراف بإدارة طالبان سيكون قرارًا إقليميًا يُتخذ بعد مشاورات مع القوى الإقليمية والدولية”[31]؛ وربما يرجع ذلك إلى عاملين؛ الأول: تجنب لتكرار سنياريو التسعينيات حينما استولت طالبان على الحكم، وتُركت باكستان الدولة الوحيدة المعترفة بها بعد أن سحبت كل من السعودية والإمارات اعترافهما بها، والثاني: وربما الأهم هو أنها لم تصل بعد لاتفاقات واضحة بصدد الملفات الأكثر أهمية في علاقتها مع أفغانستان بشأن اعتراف الأخيرة بالخط الحدودي الفاصل بينهما، وحركة طالبان باكستان ((TTP وقضايا المياه، والعلاقة مع الهند. ومع ذلك تقدر باكستان خطورة أن تبقى أفغانستان في ظل عزلة دبلوماسية، وعرضة للعقوبات الدولية، ما قد يؤدى لسلوك عدواني من قبل طالبان يؤثر في استقرار الإقليم والداخل الباكستاني، ويضر أيضًا بسمعة باكستان الدولية كداعم أساسي لطالبان[32]، فضلًا عن احتمالات تدهور الأوضاع الإنسانية في أفغانستان ما يؤدي إلى زيادة التوتر على الحدود، وتدفق اللاجئين إليها[33].
وعليه، يُظهر الرصد السابق أن اتجاهات المستقبل القريب –خلال الأشهر القادمة- سيهيمن عليها القضايا الآنية المتمثلة في: الاعتراف الرسمي بحكومة طالبان، وإدارة الحدود بطريقة فعالة، وعدم استخدام أراضي طالبان لتوجيه أي ضربات أو أعمال إرهابية تجاه دول الجوار أو الدول الأخرى، ويؤكد أيضًا هذا الرصد على أن إحراز التقدم في هذه القضايا مجتمعةً يتوقف على سلوك طالبان من ناحية، ومجمل السلوك الإقليمي والدولي من ناحيةٍ أخرى، إذ يتضح أن أية دولة –بما فيها باكستان الأوثق علاقة مع طالبان– لن تُقدم على عمل أحادي يخرجها عن سياق أو محددات التوافق الإقليمي والدولي تجاه طالبان. ومن ثمَّ يمكن القول إن الاعتراف بحكومة طالبان سابق لأوانه ويرتبط بسياقات متداخلة، لا يُمكن التكهن بها بفحص العلاقات بين الأطراف المختلفة في بعدها الدبلوماسي وحسب، بل يقتضي الأمر تمحيص هذه العلاقات من أبعاد مُتعددة مع عدم الاقتصار على اللحظة الراهنة، وهو ما يسعى إليه التقرير فيما هو قادم.
ثانيًا– من الآني إلى الاستراتيجي: قضايا مستقبل العلاقات الباكستانية – الأفغانية – الإيرانية:
يرتبط فهم الاتجاهات المستقبلية للعلاقات بين أضلاع المثلث بفهم المصالح العامة والقضايا الكبرى في سياق العلاقات فيما بينهم. ويمكن تقسيم هذه المصالح والقضايا إلى: أبعاد اقتصادية، وأبعاد أمنية وجيوسياسية، وأبعاد تتعلق بأدوار الأطراف الثالثة (الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى)، وذلك على النحو التالي:
- البُعد الاقتصادي-الاجتماعي:
ولَّد الارتباط الجغرافي ارتباطًا اقتصاديًا واجتماعيًا بين كلٍ من باكستان وأفغانستان من ناحية، وإيران وأفغانستان من ناحية أخرى. بالنسبة لباكستان، فعلى الصعيد الاجتماعي تُمثل العلاقات بين عرقية البشتون التي تشكل 48% من سكان أفغانستان وغالبية سكان باكستان حجر زاوية في العلاقات بين الدولتين، حيث عاش عدد كبير من الأفغانيين البشتون ومنهم أعضاء من طالبان في مخيمات اللاجئين في باكستان، كما تلقى هؤلاء تعليهم في “مدارس الديوبندية”[34]. ليس هذا فحسب بل اختلط معظم اللاجئين البشتون بالسكان المحليين في باكستان، وتنلقوا في معظم أرجاء الدولة بين كراتشي وإسلام أباد وبلوشستان[35]، ولذلك كانت باكستان أكثر الدول التي يعيش فيها لاجئون أفغان، إذ يتجاوز عددهم الثلاثة ملايين لاجئ. كما ساعدت باكستان في توفير ملاذات آمنة لقيادات وأعضاء طالبان وأسرهم في الأوقات العصيبة، أيضًا وفرت لهم الرعاية الصحية، بل وسمحت لهم بامتلاك وتأسيس شركات تدر عليهم أرباح[36].
كما ولَّد هذا الارتباط العرقي والاجتماعي رغبة (مصلحة) مزدوجة لدى باكستان في أفغانستان، فهي تسعى من جانب إلى أن تكون على رأس الحكومة الموالية لها في أفغانستان عرقية البشتون (حكومة يُهيمن عليها البشتون)[37]، ومن جانب آخر تمنع أي محاولات للتوحد بغرض الانفصال بين العائلات البشتونية على جانبي الشريط الحدودي بينها وبين أفغانستان، والتي ظهرت مع تشكل حركات ذات نزعة انفصالية –من الممكن أن يلعب الغريم التقليدي لباكستان: “الهند” دورًا في توظيفها ضدها- تطالب بمساءلة حكومة إسلام أباد عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها جيشها ضد المدنيين البشتون في خضم معركته ضد الإرهاب أو ما يُعرف بـ”طالبان الباكستانية”[38].
اقتصاديًا، عززت الروابط السابقة حركة التبادل التجاري والاعتماد الاقتصادي بين البلدين، وظلت باكستان الشريك الاقتصادي الأكبر لأفغانستان لمدة طويلة، إذ كانت باكستان أكبر الدول التي استوردت سلع من أفغانستان لعدة سنوات آخرها كان عام 2018، بعده أخذت الهند الصدارة، وحتى آخر إحصائيات في عام 2019 فإن باكستان هي ثالث أكبر دولة تستورد منها أفغانستان -سلعًا- بعد إيران والصين، ووفقًا للاتفاقيات الثنائية تعتمد أفغانستان على موانئ: كراتشي، وجودار، وقاسم لتصدير سلعها للدول الأخرى[39].
أما فيما يتعلق بإيران فترتبط أكثر بمجموعات الأقلية الدينية والعرقية في أفغانستان، وبخاصة الشيعة الإثنا عشرية (الهزارة)، وأقليات الطاجيك، التي تعيش في الأجزاء الوسطى والغربية من أفغانستان، وكلاهما يتحدث الفارسية، وله روابط رمزية مع الدولة الإيرانية، كما طورت إيران مع هذه الأجزاء علاقات تبادل اقتصادي وبشري وثيقة[40]. ولذلك تعتبر هذه المجموعات مفتاح مهم يضمن لها أوراق يمكنها استخدامها للتأثير في أفغانستان[41]. ومع ذلك تحاول إيران أيضًا التواصل مع المجموعات العرقية صاحبة الأغلبية في أفغانستان (البشتون)، عبر لعب دور الأخ الأكبر مستعينةً بالتقارب الثقافي واللغوي، إذ سهلت اللغة الدارية Dari (القريبة من الفارسية) التواصل بين الإيرانيين والنخب البشتونية، إلا أن هذا الدور –رغم قبول بعض البشتون به– ظل مرفوضًا بصفةٍ عامة داخل مجتمع البشتون ذي الغالبية السنية[42].
إلى جانب ذلك، تستضيف إيران عددًا ضخمًا من اللاجئين منذ ثمانينيات القرن العشرين، القليل منهم لديه أوراق رسمية، يصل عددهم إلى 800 ألف لاجئ، في حين يعيش ما يقرب من 2 مليون لاجئ داخل إيران دون أوراق قانونية. ويشكل هذا العدد الضخم ضغطًا على الاقتصاد الإيراني المُثقل بالعقوبات الدولية([43])، وهو ما يدفع إيران أحيانًا لاستخدام هذا الأمر كورقة ضغط سياسية على أفغانستان بالتهديد بترحيل اللاجئين تارة[44] أو في سياق تعاملها مع المجتمع الدولي بالدعوة لرفع العقوبات عليها تارةً أخرى[45].
يُعد هذا البعد -المتصل باللاجئين- واحد من أهم الملفات الذي سيكون له تأثير على العلاقات بين البلدان الثلاثة في الآجال: القريبة والمتوسطة والبعيدة. في الأجل القريب ستطلب حكومة طالبان بقاء الوضع على ما هو عليه فيما يخص اللاجئين، وعدم تصدير أي لاجئين من دولتي الجوار إلى حين تحقق الاستقرار الاقتصادي داخليًا، وهو ما يتطلب موازنة أكثر في علاقتها مع باكستان وإيران والأطراف الثالثة ذات الصلة، وهو ما أكده الرصد السابق في المحور الأول من هذا التقرير. في حين ستكون هذه القضية مثار جدل في الأجلين المتوسط والبعيد معتمدةً على مجمل العلاقات بين الدول الثلاث؛ فإذا وجدت إيران أو باكستان العلاقات تسير في اتجاهٍ لا تقبله فعادةً ما سترفع هذه الورقة في وجه طالبان للإنذار من أجل تنسيق السياسات، كما سيتوقف تأثير شدتها على مستوى النمو التي ستحققه أفغانستان في ظل حكم طالبان.
2-من الجيو-سياسي إلى الجيو-اقتصادي:
تقع أفغانستان في مفترق طرق بين مناطق عدة من العالم في الشرق الأوسط، وجنوب وغرب آسيا، وتُعد مفتاح كلٍ من باكستان وإيران لآسيا الوسطى، كما تربطها قضايا حدودية وأمنية عميقة معهما، على نحو ما أُشير[46]. وذلك على النحو التالي:
فالمناطق الحدودية الباكستانية –الأفغانية، والإيرانية -الأفغانية تمثل موطن الاقتصاد غير المشروع والاتجار في المخدرات. ومن ثمَّ طُرح موضوع “الإدارة الفعالة للحدود” لمكافحة المخدرات، وأعمال التهريب عبر الحدود كقضايا محل اهتمام مشترك بين الدول الثلاث، كما أضحت هذه الحدود مواقع تدريبية، ومناطق عمليات لتنظيمات مثل تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان، وطالبان الباكستانية[47]، التي نشطت بصورة ملحوظة في الوقت الذي سيطرت فيه طالبان على كابول، وتخشى باكستان من امتداد الروابط بين طالبان باكستان وطالبان أفغانستان بما يوفر ملاذات آمنة لأعضاء الحركة[48]، أو أن يبعث انتصار الأخيرة الروح في طالبان الباكستانية، بما يُحْيِي أمل الحركة في تكوين إمارة إسلامية في باكستان على غرار الإمارة الإسلامية في أفغانستان[49]، ويبدو الحل الوحيد في أفغانستان مستقرة وسلمية تعمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة الباكستانية[50].
وتشاطر إيران باكستان الاهتمام نفسه بذات القضايا، إذ تعاني إيران من ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات –التي مصدرها بالأساس الحدود المشتركة مع أفغانستان- بين سكانها، كما تزدهر تجارة تهريبها عبر حدود إيران إلى أوربا، وبسبب الأوضاع الاقتصادية الإيرانية بات استهلاك المخدرات وبيعه شائعًا في إيران[51]. ولذلك عملت إيران، خلال السنوات التي أعقبت أحداث 11 من سبتمبر 2001، على إقامة منطقة عازلة في هرات، إذ أضحت “مجال النفوذ الاقتصادي لإيران في أفغانستان، فركزت إيران الجزء الأكبر من استثماراتها هناك بإقامة مشاريع البنية التحتية والطرق وإنشاء الجسور والتعليم والزراعة وتوليد الطاقة ومشاريع الاتصالات، كما أُقيمت غرفة تجارة إيرانية أفغانية مشتركة في هرات عام 2009”[52]. فضلًا عن ذلك يعمل أكثر من 2000 شركة إيرانية في أفغانستان في المجالات المختلفة، أهمها مجال البنية التحتية، الذي انخرطت فيه إيران بكثافة ما بعد 2001، كما توفر إيران ما يزيد عن 50% من احتياجات أفغانستان من النفط[53]، وهو ما دفع حركة طالبان للدعوة لإعادة استئناف تصدير النفط الإيراني في 24 أغسطس 2021 بعد ما كان قد تم تعليقه في 6 أغسطس من العام نفسه[54].
كما يشكل الخط الحدودي “دوراند” النزاع التاريخي بين باكستان وأفغانستان، إذ رُسمت هذه الحدود عام 1893 بيد السلطات البريطانية في الهند، ولطالما اعتبرت أفغانستان أن هذا الترسيم غير عادل، في المقابل تسعى باكستان إلى حكومة في كابول تعترف به رسميًا نزعًا لفتيل أي خلافات مستقبلية بشأنه[55].
من ناحية أخرى، طفت مؤخرًا قضايا استمرار تدفق المياه من أفغانستان إلى باكستان بعدما استثمرت الهند أموالها عام 2018 لبناء سد الشحتوت على نهر كابول، ما أثار مخاوف باكستانية من أن تمارس الهند دورًا في تقييد إمدادات المياه إلى باكستان في أوقات الأزمات أو توتر العلاقات بينهما[56].
وكما تخشى إيران تفاقم قضايا انتشار الجماعات الإرهابية المضادة لها على حدودها مع أفغانستان، وموجات هجرة جديدة إلى أراضيها عبر الحدود[57]، تخشى كذلك أي نقصٍ في تدفقات المياه القادمة من أفغانستان –لكن من منطلق مغاير للمنطلق الباكستاني– بسبب شح المياه في الأقاليم الإيرانية الشرقية الملاصقة لأفغانستان؛ إذ يُعد نهر هلمند، الذي تقيم عليه أفغانستان مجموعة سدود لأغراض تنموية، مصدرًا رئيسًا للمياه لإقليمي سيستان وبلوشستان الإيرانيين[58]، ولذلك تُعد هذه القضية من أهم القضايا الخلافية بين أفغانستان وإيران في ظل تلميحات من الحكومة الأفغانية السابقة على طالبان بأن “المياه مقابل النفط”، وهو منطق يُعقد التفاوض في هذا الموضوع، ويجعله من الأمور التي ستكون محل نظر في إدارة قضايا مستقبل العلاقات بين البلدين[59].
على جانب آخر، تنظر باكستان إلى أفغانستان كمحطة مهمة في الوصول إلى جمهوريات آسيا الوسطى[60]، إذ ترغب في أن تعمل أفغانستان كممر تجاري، ومحور لضمان تأثير إسلام أباد في هذه الجمهوريات؛ لتحقيق مصالح اقتصادية ونفطية بالأساس (جيو-اقتصادية)[61]، تمثلت في محاولات إبرام اتفاقيات إنشاء خطوط أنابيب نفط تبدأ من تركمنستان وتمر عبر أفغانستان إلى باكستان وإيران، وخط نقل الطاقة بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا (CASA-1000)[62]، وكل هذه الخطوط تمثل “أفغانستان مستقرة صديقة لإسلام أباد” عنصر الربط فيها مع باكستان[63]. ومع ذلك يدخل هذا المنظور باكستان في علاقة تنافس مع قوى إقليمية أخرى، على رأسها إيران خاصةً في مجال الموانئ البحرية، و”ذلك على خلفية الدور الهندي في تطوير ميناء تشابهار الإيراني، والدور المناظر للصين في تطوير ميناء جوادر الباكستاني، مع سعي الهند لدفع أفغانستان إلى استخدام تشابهار منفذًا لتجارتها إلى دول الجوار تجاوزًا للموانئ والمعابر الباكستانية”[64].
ومن المتوقع أن تشغل هذه القضايا أجندة صناع القرار في الدول الثلاث في المديين المتوسط والبعيد، إذ لا زالت هذه القضايا على أهميتها وارتباطها بمصالح حيوية للدول الثلاث مؤجلة لحين استقرار الأوضاع في أفغانستان أو حدوث تطورات تستدعي إحدى هذه القضايا على نحو ما ظهر في استئناف وارادت النفط الإيرانية إلى أفغانستان، ومع ذلك تظهر إشارات بين حينٍ وآخر لهذه القضايا، فإيران ألمحت، عقب حدوث هجمات من داعش على مساجد الهزارة في أكتوبر 2021، إلى رغبتها في مساعدة طالبان للقضاء على تنظيم الدولة عبر التدخل باستخدام ميليشيات لواء فاطميون[65]، وردت طالبان بالرفض القاطع على هذا العرض[66] في ظل تأكيدها على أن طالبان لا تسمح باستخدام أراضيها لشن أي هجمات ضد أي دولة أخرى بما فيها إيران[67].
3-الأطراف الثالثة الأخرى (المثلث الموازي): الولايات المتحدة – الهند – الصين:
لن تتحدد العلاقة بين المثلث: الباكستاني – الأفغاني – الإيراني منفصلة عن المثلث الموزاي لها: الصين – الهند – الولايات المتحدة، إذ تتشابك علاقات الدول الثلاث الأولى بالدول الثلاث الأخيرة، وتُسهم علاقات كل طرف فيها بتشكيل علاقات الأطراف الأخرى فيما بينها. فبينما يصب خروج الولايات المتحدة من أفغانستان في ناحية تحقيق الهدف الاستراتيجي لإيران المتمثل في رغبتها في إخراج القوات الأمريكية من المنطقة[68]، بما يخفف عنها ضغوط وجود قوات معادية لها (أمريكية) إلى جوارها، ويقلل احتمالات استخدمها ضدها، فإن الخروج الأمريكي ليس له نفس الدلالة بالنسبة لباكستان، إذ كان الملف الأفغاني هو ما يضفي الزخم على العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة، ويجعل الأخيرة تقدم لها المساعدات، ما يُمَّكن باكستان لأن توازن الحضور الهندي في أجندة واشنطن. ومن ثمَّ –حسب بعض التعليقات– يمكن أن يقلل الانسحاب الأمريكي من أهمية باكستان في مقابل الهند لدى الولايات المتحدة بصفةٍ عامة في ظل عزم الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن على قصر الاهتمام بينها وبين إدارة عمران خان على الملف الأفغاني[69].
ومع ذلك ترد تعليقات أخرى باحتمالات أن يعلي الانسحاب من شأن باكستان في لعبة التوازنات الإقليمية في ظل وجود طالبان المقربة منها في الحكم، وذلك إذا أخذنا في الاعتبار أن الولايات المتحدة هي من كانت تشجع الهند على لعب دور الموازن لباكستان في أفغانستان من مدخل إعادة الإعمار[70]، وأن ما يحفظ لباكستان أهميتها لدى واشنطن هو إمكانية استخدام الجيش الأمريكي المجال الجوي الباكستاني؛ إذ يوفر تواجد القواعد الجوية الأمريكية في باكستان فرصة لمكافحة الإرهاب في أفغانستان بما يحول دون أن تصبح أفغانستان مرة أخرى مركزًا للجماعات الإرهابية العابرة للحدود الوطنية مثل القاعدة وداعش[71]. كما يبقى لدى الولايات المتحدة اهتمام قائم بباكستان بسبب سياستها النووية في ظل وضع أمني غير مستقر، إذ تخشى من وقوع أسلحة نووية في يد جماعات إرهابية[72].
وبذلك يُعد العامل الهندي من أهم مرتكزات السياسة الباكستانية في أفغانستان، فمع سيطرة طالبان يُنظر إلى أن باكستان قد أضحت على مقربة من تحقيق “العمق الاستراتيجي”[73] المأمول في أفغانستان، الذي يعني إنهاء أي نفوذ حقيقي للهند في أفغانستان أو على الأقل فيما يتصل بصنع القرار في كابول بشكل خاص، ووقف دعمها للجماعات المناهضة لباكستان عن طريق أفغانستان[74]. وهو ما دفع باكستان -كما سبق وأشرنا- إلى الاعتراض على مشروع السد الذي تموله الهند، ويجعلها تعترض على تطوير الهند لميناء تشابهار الإيراني.
وهو ما يدفع باكستان من جانب آخر إلى تطوير علاقتها بالصين، فانضمت لمبادرة الحزام والطريق، ودعمت انضمام أفغانستان لها[75]. كما رأت في الصين القدرة على تقديم ما لا تستطيع باكستان تقديمه لأفغانستان، ما يمكنها أن تلعب على أقل تقدير دور الموازن في مقابل الهند[76].
أما إيران فنمت علاقات وثيقة بينها وبين الهند خاصةً في ظل تطوير الأولى للميناء الإيراني، الذي يرغب البلدان في أن يكون محطة نقل البضائع بينهما عبر أفغانستان إلى آسيا الوسطى([77])، كما نمت علاقات بينها وبين الصين أيضًا، إذ وقعت اتفاق لتعزيز التعاون الاستراتيجي مع الصين لمدة 25 عام، وستلعب أفغانستان صديقة طهران دورًا كبيرًا في دفع تنفيذ بنود الشراكة مع الصين[78].
خاتمة: إطلالة على سيناريوهات المستقبل
بناءً على هذه القراءة الأولية، يمكن القول إن وضع إيران الإقليمي يمكن أن يأخذ دفعةً كبيرة في ظل التطورات التي شهدتها أفغانستان إذا ما استمرت في التشاور مع حكومة طالبان، وتنسيق سياساتها مع القوى الإقليمية؛ عزز ذلك رصيد العلاقات الإيرانية الإقليمية الودية مع كل القوى الرئيسية الفاعلة في أقغانستان، وقدرتها على التحاور معها، في المقابل، وعلى الرغم من أن وصول طالبان للحكم يسبب ارتياح لإسلام أباد إلا أن استمرار الصراع الباكستاني –الهندي يحد من خياراتها الإقليمية، ويجعلها تنظر بحذر لتطوير علاقات الأطراف الأخرى ومنها حكومة طالبان وإيران بالهند. وفي هذا الإطار يمكن وضع ثلاثة سيناريوهات أو مشاهد لمستقبل العلاقات بين المثلث: باكستان – أفغانستان – إيران.
السيناريو الأول: التقارب الباكستاني – الإيراني – الصيني
يفترض هذا السيناريو نمو الدور الصيني في أفغانستان وفي المنطقة ليصبح محور ربط بين الدول الثلاث، فيزيد دوره في باكستان، وتُفعل شراكته مع إيران، ويدخل شريك أساسي لحكومة طالبان في إعادة الإعمار، وبذلك تقترب حكومة إيران من باكستان بقدر بعدها عن الهند، مع الإبقاء على الصلات الاقتصادية بينهما، وبذلك تجد حكومة طالبان نفسها مضطرة للتنسيق القوي مع كلٍ من: باكستان، وإيران، والصين، في ظل علاقات هامشية مع حكومة نيودلهي. يفترض هذا السيناريو أيضًا اقتناع الأطراف المعنية بأهمية دور باكستان –في مقابل الهند- في التأثير على طالبان، ويمكن أن يؤدي هذا التقارب إلى تسريع الاعتراف بحكومة طالبان، وحل الكثير من القضايا العالقة في الأجل المتوسط كالحدود، وتدفق اللاجئين، والتبادل التجاري.
السيناريو الثاني: التباعد الباكستاني – الإيراني في ظل علاقة الأخيرة مع الهند
يعتمد هذا السيناريو -على النقيض من الأول- على نمو الدور الهندي، وعلى تطورات سلوك حكومة طالبان، وعلاقاتها بالقوى الإقليمية وعلى رأسها الهند، وفيه يميل سلوك طالبان إلى الابتعاد عن التنسيق مع باكستان، وتتخذ قرارات بعدم تخليها عن الحركات المسلحة الموجهة ضد باكستان أو غضها الطرف عن نشاطها، في إطار هذا السيناريو تميل طالبان أيضًا لموازنة علاقتها مع الهند، والقبول بدور أكبر لها، في الوقت الذي توسع فيه طهران علاقتها مع نيودلهي (وهو أمر يصب تجاه تباعد باكستاني إيراني)، وتزيد فيه التنسيق معها في أفغانستان، هذا في مقابل تراجع للدور الصيني في أفغانستان والإقليم، وهامشيته كمنظم للعلاقات بين المثلث: باكستان – أفغانستان – إيرن. بالإضافة إلى ذلك، لا تستطيع حكومة طالبان إيقاف هجمات تنظيم القاعدة ضد مجموعات الشيعة الهزارة، ما يُصعد الاختلافات المذهبية بين إيران وطالبان إلى مستوى الخلاف، ويزيد العداء بين الدولتين، وبين كل أضلاع المثلث بصفة عامة. يقلل هذا السيناريو من فرص الاعتراف بحكومة طالبان في الأجل القصير، بل يدفع ناحية الانهيار وعدم الاستقرار في أفغانستان ومجمل الإقليم.
السيناريو الثالث: التوازن الصعب
ينبني هذا السيناريو على “تحقيق مصلحة الإقليم ككل”، ويقوم على مفهوم التوازن بصورة أساسية بين كل الأطراف، فالصين تدخل لموازنة قوة الهند الاقتصادية في أفغانستان، كما تقوم حكومة طالبان بموازنة علاقاتها بين الهند وباكستان، وبالمثل تفعل إيران، في المقابل تجد باكستان نفسها مجبرة على التخلي عن عقيدة “العمق الاستراتيجي”، وتتعاطى مع الأطراف المختلفة، مع تحول طالبان من عقلية الإمارة أو الحركة إلى عقلية الدولة، ما يدعم ظهور اتجاهات مستقلة للسياسة الخارجية الأفغانية بعيدة عن إملاءات دولة بعينها. ورغم أن هذا لا يسرع بالاعتراف بحكومة طالبان إلا أنه يضمن تحقيقه على الأقل في الأجل المتوسط، وبنطاق أوسع من السيناريو الأول، كما يمكن أن يحقق على المدى الطويل استقرار أفغانستان، حين تستطيع طالبان أن تلعب دور حيادي في إقليم مضطرب.
وفي المجمل لا يمكن التحقق من أي السيناريوهات أقرب للوقوع في الأجلين المتوسط والبعيد، وإن كان السيناريو الثاني لا يجد شواهده في المدى القصير؛ لأنها ترتبط بالأساس بحسابات الدول الإقليمية والمجاورة لأفغانستان، وبعقليات صناع القرار: هل ستُرَجِح عوامل “الرشد” في صنع القرار، أم سيكون للعوامل النفسية دور ما في قراءة السياقات المُعقدة أصلًا؟ وهل ستُرَجِح الآني على حساب الاستراتيجي؟ وكيف ستتعامل مع القضايا العالقة؟ وماذا ستستدعي من الذاكرة التاريخية؟ كما يرتبط أيضًا الأمر برؤية أجهزة صنع القرار في هذه الدول، واتجاهات الجهات التي تستطيع إنفاذ رؤيتها مدنيةً كانت أو عسكرية.
===========================
الهوامش
[1] يُستخدم مفهوم “الأطراف الثالثة” Third Parties في سياق هذا التقرير للإشارة إلى كافة الفاعلين من الدول المؤثرين في العلاقات بين المثلث: باكستان – أفغانستان – إيران، ويمكن أن يكون لهم دورًا في توجيه العلاقات بين الدول الثلاثة سلبًا وإيجابًا، ومنهم على سبيل المثال: الصين، والولايات المتحدة، والهند، وروسيا.
[2] وزير خارجية باكستان يزور كابول للمرة الأولى منذ استيلاء طالبان على أفغانستان، النهار، 21 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع11 نوفبمر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3FATKah
[3] Pakistan’s Intelligence Chief Visits Afghanistan’s Capital, Anadolu Agency, 4 September 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3DOzX6R.
IsI Chief Visits Kabul to Meet Taliban Leadership, Tribune, 5 September 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3qWq7Mf.
[4] ‘Don’t Worry, Everything Will Be Okay’: ISI Chief During Kabul Visit, Dawn, 4 September 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://cutt.us/eDB5v
[5] Curtain Raiser: Visit of Foreign Minister Makhdoom Shah Mahmood Qureshi to Kabul, 21 October 2021, Minister of Foreign Affairs Government of Pakistan, 21 October 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3cx2BgM
Pakistan Foreign Minister Makes First Trip to Kabul since Taliban Takeover, Reuters, 21 October 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://reut.rs/3cwCmXx.
[6] مبعوث من حركة طالبان في سفارة أفغانستان بإسلام أباد، العربي، 30 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3FxRCjm
[7] Visit of the Afghan Delegation, Minister of Foreign Affairs Government of Pakistan, 9 November 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://cutt.us/66X7B
[8] وزير خارجية أفغانستان يزور باكستان وسط مساعي طالبان لنيل الاعتراف الدولي، يورونيوز، 10 نوفمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ldzd3V.
[9] الخارجية الإيرانية: ممثلياتنا في أفغانستان مفتوحة، وكالة الأناضول، 17 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3qPEwKk.
انظر أيضًا: إيران تعلن أن جميع دبلوماسييها في “هرات” الأفغانية بخير، وكالة الأناضول، 13 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3cukP2d.
[10]إيران تغازل طالبان بـ”عيون بيضاء” وتواصل “على استحياء”، العين الإخبارية، 4 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/dUNhU
[11] أول مسؤول إيراني يزور كابول بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، إرم نيوز، 4 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3lfvoLA.
- مسؤول إيراني يلتقي وزراء في حكومة “طالبان” ويتوصل إلى “اتفاقات بناءة”، روسيا اليوم، 5 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Fv2gax
- طالبان: إيران وأفغانستان تتفقان على تسهيل التجارة الثنائية، وكالة الأناضول، 5 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3281H8g
[13] Joint Statement issued at the Conclusion of the Foreign Ministers’ Meeting on the Afghan Issue Among the Neighboring Countries of Afghanistan, Minister of Foreign Affairs Government of Pakistan, 8 September 2021, available at: https://bit.ly/3FC5x7Y
[14] إطار جماعي (مؤتمر) دُشن عام 2017، يناقش الأوضاع في أفغانستان، وينخرط فيه ممثلون عن الدول المهتمة، بالإضافة إلى ممثلين عن أفغانستان بما فيهم طالبان، ولكن الأخير حضره أعضاء حكومة طالبان فقط كممثلين عن أفغانستان، وكان هذا اللقاء هو الثالث في إطار صيغة موسكو، للمزيد انظر:
- محادثات موسكو بشأن أفغانستان.. رسائل متقاطعة وفوائد لطالبان وغياب قوى فاعلة، الجزيرة. نت، 22 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ny73lG
[15] “صيغة موسكو”.. ملفات بارزة ولا اعتراف بطالبان، سكاي نيوز عربية، 20 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 2021 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3DuiyQx
[16] دول جوار أفغانستان تدعوها لمصالحة وطنية، وكالة الأناضول، 28 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3x23kQt
[17] حضور ومقاطعة واعتذار.. دول جوار أفغانستان تلتقي في الهند، العين الإخبارية، 10 نوفمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/kYPwc
[18] Nsa Meet in Delhi: Iran Calls for Inclusive Govt in Afghanistan, ANI, 10 November 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3Hzb4yd
[19] كانت روسيا هي من دعا سابقًا إلى هذه الصيغة الموسعة للترويكا لتضم 4 دول بالإضافة إلى روسيا هي: الولايات المتحدة، والصين، وباكستان، وإيران.
- Taliban Foreign Minister Meets with Us, Russian, Chinese, Pakistani Special Representatives, VOA, 11 November 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3FECzER
[20] بيان مشترك بشأن اجتماع الترويكا الموسعة بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 في إسلام آباد، مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، 11 نوفمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/30Giwag.
[21] Foreign Minister Receives Iran’s Deputy Foreign Minister, Minister of Foreign Affairs Government of Pakistan, 5 October 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://2u.pw/Ajo0h
[22] 11th Session of Pakistan-Iran Bilateral Political Consultations, Minister of Foreign Affairs Government of Pakistan, 5 October 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://2u.pw/borG4
- رئيس هيئة الأركان الإيرانية يزور باكستان: سياقات الزيارة وأجندتها، العربي الجديد، 12 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Ct5byR.
- توافق باكستاني إيراني لتعزيز التعاون العسكري، وكالة الأناضول، 13 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3Dv6WwC
[24] وفد برلماني إيراني في باكستان للتباحث حول توطيد العلاقات، وكالة أنباء فارس، 11 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 19 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/mFSe1
[25] Ijaz Khan, Pakistan’s Strategic Culture and Foreign Policy Making: A Study of Pakistan’s Post 9/11 Afghan Policy Change, (New York: Nova Science Pub Incorporated, 2007), pp. 53-54, 57.
[26] Foreign Minister’s Remarks at 2nd Ministerial Meeting of Neighboring Countries of Afghanistan (Tehran, 27 October 2021), Minister of Foreign Affairs Government of Pakistan, 27 October 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3nxeUzQ.
[27] الموقف الإيراني في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، مركز الإمارات للسياسيات، 14 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3oOPE7L.
[28] لتتبع هذه السياسية تاريخيًا، يُنظر:
- Kayhan Barzegar, Iran’s Foreign Policy in Post-Taliban Afghanistan, The Washington Quarterly, 37, No. 2, 2014, pp. 127-129.
[29] عبرت الخارجية الإيرانية، مع تشكل حكومة طالبان في أوائل سبتمبر 2021، عن استيائها الضمني من شكل الحكومة، معبرة عن ضرورة الوصول لحكومة شاملة “تعكس التركبية العرقية والديغرافية”، في حين أن الرد من أفغانستان كان واضحًا بأن “حكومتهم لن تقوم على أساس العرق”، وأنهم لن يسمحوا بهذا النوع من السياسية. ثمَّ أكدت في سياقٍ آخر على أنه “من السابق لأوانه الاعتراف بحكومة طالبان”، للمزيد انظر:
- إيران تحذّر طالبان بعد إعلان الأخيرة عن حكومتها، عربي 21، 8 سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3kU6qky.
- إيران: الحديث عن الاعتراف بحكومة أفغانية مستقبلية أمر “سابق لأوانه”، شينخوا، 14 سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3p3fbKz.
- إيران تلمح للاعتراف بحكومة طالبان، إرم نيوز، 27 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3p0xzDG.
[30] طالبان وتأثيراتها في الشرق الأوسط، مركز كارنيجي للشرق الأوسط، موقع اليوتيوب، 17سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/kZXnB.
[31] Afghanistan: What Taliban Takeover Means for the Region, DW, 19 August 2021, Accessed: 20 November 2021,available at: https://bit.ly/3HPzFPs
[32] Aqil Shah, Pakistan’s “Moderate Taliban” Strategy Won’t Hold up—for Anyone, Carnegie Endowment for International Peace, 30 September 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3nzRkT2
[33] Pakistan, the Taliban, and the Future of Afghanistan, Carnegie India, 3 September 2021, Youtube, Accessed: 20 November 2021, available at: https://2u.pw/22Ywh
[34] Brenda Shaffer (ed.), The Limits of Culture: Islam and Foreign Policy, (Massachusetts: MIT press, 2006), p. 315.
– وبالنسبة إلى “مدارس الديوبندية”، فهي مدارس أصلها الفكر الإسلامي الذي شجعت جامعة دار العلوم التي تأسست في الهند عام 1857 على انتشاره، وهي تتبنى المذهب الحنفي من مذاهب أهل السنة والجماعة، ولا تعتبر نفسها مذهب أو طائفة إسلامية وإنما مؤسسة تعليمية، وانتشر فكرها في كافة أنحاء شبه القارة الهندية، وأُنشأت لها مدارس عدة في باكستان، كما تلقى اللاجئون الأفغان وأعضاء طالبان تعليمهم في هذه المدارس في باكستان. للمزيد، انظر:
– حسن الرشيدي، كيف تفكر طالبان؟!، البيان، 17 يوليو 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3kSO57y
[35] Executive Summary and Key Finds, (in) Muhammad Amir Rana (ed), Conflict and Peace Studies, Pakistan Institute for Peace Studies (PIPS), Vol. 8, No. 1, (Jan-Jun 2016), p 14.
[36] Elizabeth Threlkeld and Grace Easterly, Afghanistan-Pakistan Ties and Future Stability in Afghanistan, (Washington: United States Institute of Peace, August 2021), p. 2.
[37] Afganistan as Seen from Pakistan (in): Umer Farooq (ed.), PIPS Paper Series, (Islamabad: Pakistan Institute for Peace Studies (PIPS), Jul-Sep 2021), p.1-2.
[38] Aqil Shah, What Will Happen to Afghanistan and Pakistan’s Uneasy Border?, Carnegie Endowment for International Peace, 13 August 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://bit.ly/3HCDK9r
[39] Look at:
- Leveraging International Relationships for Afghan Peace: Addressing Afghan-Pakistan Economic Relations, Swedish International Development Cooperation Agency, BAHAM 4 Peace, 2021, 5, available at: https://2u.pw/8DAxg
- Afghanistan Trade, World Integrated Trade Solution, 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://2u.pw/oI9r6
[40] Srinjoy Bose, Nishank Motwani, and WilliamMaley(eds), Afghanistan:Challenges and Prospects, (UK: Routledge, 2017), p. 211.
[41] Sumitha Narayanan Kutty, Iran’s Continuing Interests in Afghanistan, The Washington Quarterly, Vol. 37, No. 2, 2014, p. 143.
[42] Srinjoy Bose, Nishank Motwani, and William Maley, Afghanistan–Challenges and Prospects, Op. cit., pp. 213, 216.
[43] Sumitha Narayanan Kutty, Iran’s Continuing Interests in Afghanistan, Op. cit., p. 145.
[44]عليرظا نادر، علي ج. سكوتن، أحمد إدريس رحماني، روبرت ستيوارت، ليلى مهند، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار المُترتبة على الانسحاب الأمريكي، (واشنطن: مؤسسة راند، 2014)، ص 22.
- مهاجرون أفغان رحّلتهم السلطات الإيرانية يتّهمونها بإساءة المعاملة، فرانس 24، 11 نوفمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3kU99L0.
- اللاجئون والمهاجرون الأفغان أمام مستقبلٍ قاتم في إيران، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 10 نوفمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3xatznF
[46] Iba Karachi Huma Baqai, Nausheen Wasi, Pakistan-Afghanistan Relations: Pitfalls and the Way Forward, (Islam Abad: The Institute of Strategic Studies Islamabad (ISSI) and Friedrich-Ebert-Stiftung (FES), Pakistan, 2021), p. 34.
[47] Executive Summary and Key Finds, (in) Muhammad Amir Rana (ed), Op. cit., pp. 14, 16.
[48] Madiha Afzal, An Uneasy Limbo for Us-Pakistan Relations Amidst the Withdrawal from Afghanistan, Brookings Institution, 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://brook.gs/3x60hql
[49] Aqil Shah, Pakistan’s “Moderate Taliban” Strategy Won’t Hold up—for Anyone, Op. cit.
[50] Panel Discussion on “Conversations on the Afghan Peace Process: Pakistan’s Role in Afghanistan”, Institute of Strategic Studies Islamabad ISSI, 2 November 2021, Youtube, Accessed: 20 November 2021: available at: https://2u.pw/jLiJQ
[51]عليرظا نادر، علي ج. سكوتن، أحمد إدريس رحماني، روبرت ستيوارت، ليلى مهند، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار المُترتبة على الانسحاب الأمريكي، مرجع سابق، ص 19.
[52] Sumitha Narayanan Kutty, Iran’s Continuing Interests in Afghanistan, Op. cit., p. 148.
[53] Srinjoy Bose, Nishank Motwani, and William Maley, Afghanistan–Challenges and Prospects, Op. cit., p. 210.
[54] تلبية لـ”طالبان”.. إيران تستأنف تصدير الوقود إلى أفغانستان، وكالة الأناضول، 24 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3nxOE8w.
[55] Ghulam Ali, China–Pakistan Cooperation on Afghanistan: Assessing Key Interests and Implementing Strategies, The Pacific Review, 2020, p. 7.
[56] Elizabeth Threlkeld and Grace Easterly, Afghanistan-Pakistan Ties and Future Stability in Afghanistan, Op. cit., p. 9.
[57] Kayhan Barzegar, Iran’s Foreign Policy in Post-Taliban Afghanistan, Op. cit., p. 214.
[58] عليرظا نادر، علي ج. سكوتن، أحمد إدريس رحماني، روبرت ستيوارت، ليلى مهند، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار المُترتبة على الانسحاب الأمريكي، مرجع سابق، ص ص 17-18.
[59] الموقف الإيراني في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، مركز الإمارات للسياسيات، مرجع سابق.
[60] Ghulam Ali, China–Pakistan Cooperation on Afghanistan: Assessing Key Interests and Implementing Strategies, Op. cit., p. 3.
[61] Brenda Shaffer, The Limits of Culture: Islam and Foreign Policy, Op. cit., p. 315.
[62] للمزيد بشأن مشروع casa 1000، راجع موقعه، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/fSFx7
[63] Elizabeth Threlkeld and Grace Easterly, Afghanistan-Pakistan Ties and Future Stability in Afghanistan, Op. cit., pp. 12, 14.
[64] سياسة باكستان في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية، مركز الإمارات للسياسيات، 27 يوليو 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3oKEukc
[65] مجموعة مقاتلين أفغان يعتنقون المذهب الشيعي جندتهم إيران لصالحها، ووظفتهم في الصراع في سوريا. ولكن مع وصول طالبان للسلطة، وانسحاب القوات الأمريكية، عاد ذكر لواء فاطميون في المشهد الأفغاني واحتمالات عودتهم واستخدامها في الداخل الأفغاني، في حين مازالت تؤكد إيران وقادة اللواء عدم وجود نية حالية في العودة لأفغانستان بمهمة عسكرية. للمزيد، انظر:
- «لواء فاطميون» المدعوم من إيران يتفادى بحذر الاشتباك مع «طالبان»، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2 سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3qRM5QN.
[66] محمد مجيد، «طالبان» ترفض عرض إيران مساعدتها ضد «داعش»، القبس الدولية، 21 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2Z7AVvN.
[67] طالبان: لن نسمح لداعش بالاعتداء على ايران انطلاقًا من اراضي أفغانستان، ميدل إيست نيوز، 6 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع: 20 نوفمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3FCU2gT
[68] طالبان وتأثيراتها في الشرق الأوسط، مركز كارنيجي الشرق الأوسط، مرجع سابق.
[69] Post Afghanistan, Us-Pakistan Relations Stand on the Edge of a Precipice, Brooking Institute, 13 October 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://brook.gs/3DElha2.
[70] Umer Farooq, Afganistan as Seen from Pakistan, Op. cit., p. 1-2.
[71] Afghanistan: What Taliban Takeover Means for the Region, DW, 19 August 2021, Accessed: 20 November 2021, available at:https://bit.ly/3HPzFPs.
[72] Marvin Kalb, The Agonizing Problem of Pakistan’s Nukes, Brooking Institute, 28 September 2021, Accessed: 20 November 2021, available at: https://brook.gs/3qWzwni.
[73] Ijaz Khan, Pakistan’s Strategic Culture and Foreign Policy Making: A Study of Pakistan’s Post 9/11 Afghan Policy Change, Op. cit., pp. 27-28.
[74] Iba Karachi Huma Baqai, Nausheen Wasi, Pakistan-Afghanistan Relations: Pitfalls and the Way Forward, Op. cit., pp. xii, 118.
[75] Ghulam Ali, China–Pakistan Cooperation on Afghanistan: Assessing Key Interests and Implementing Strategies, Op. cit. pp. 11-12.
[76] Executive Summary and Key Finds, Op. cit., p. 13.
[77] عليرظا نادر، علي ج. سكوتن، أحمد إدريس رحماني، روبرت ستيوارت، ليلى مهند، النفوذ الإيراني في أفغانستان: الآثار المُترتبة على الانسحاب الأمريكي، مرجع سابق، ص27.
[78] Ali Fathollah-Nejad, Hamidreza Azizi, Iran and the Taliban after the US fiasco in Afghanistan, Middle East Institute, 22 September 2021, Accessed: 28 November 2021, available at: https://bit.ly/2Zuokmn.