أجندة قضايا المرحلة : رؤى استراتيجية

 

أجندة قضايا المرحلة: رؤى استراتيجية
تقرير خطوات واجبة في ثورة الجامعة

31/03/2011

– ملامح من الواقع الجامعي المعيق للتحرر والفاعلية.

– معالم خطوات أساسية للإصلاح.

– ملخص ما يجب البدء به الآن.

 

قطع التعليم العالي في مصر خدوات واسعة للوراء عبر العقود الماضية. فقد امتد فساد السياسية، وتخلف الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى كيان الجامعات، فأفسد هواءها وماءها ودماءها. تحولت الجامعات إلى هياكل مفرغة من أي مضمون فكري أو علمي أو تربوي، أو تدريبي تأهيلي، وتجلى ذلك في المستويات المتدينة لخريجيها والتي تبادلت مع المجتمع وسوق العمل والإنتاج العطاء الآثم.

ومن ناحية أخرى تجمدت داخل الأحرام الجامعية الحوارات الفكرية، المفعّال مع تحولات المجتمع والدولة والعالم. غابت الفلسفة العليا الحاكمة للحياة الجامعية والعملية التعليمية غيها، بسائر أبعادها، كما أهملت استراتيجيات التطوير ولم تحظُ أيٌّ منها برعاية حقيقية. ولا شك فقد كان ذلك انعكاسًا لما يجري في محيط الجامعة الوطني، يمثل ما ارتد على الوطن مزيدًا من التخلف والجمود والفساد، وكرّس من واقع الاستبداد السياسي، والتراجع الاقتصادي، والتحلل الاجتماعي، والخواء الثقافي.وفي مقابل هذه الحالة المزرية، ارتفعت منذ وقتٍ نداءات ودعوات بل صرخات من أجل إصلاح التعليم العالي واستنفاذ الجامعة من براثن النظام المطبق عليها. وقُدمت كثير من المبادرات والدراسات والرؤى والاستراتيجيات الموجهة إلى نقاط الضعف المختلفة في الكيان الجامعي بغية المواجهة والتغيير، ولكن بلا فائدة واقعية محددة.

واليوم، وبعد نجاح الضربة الأولى لثورة 25 يناير، وارتفاع أفق التغيير والإصلاح، يجب أن تُسرع الخطه باتجاه الجامعة في مصر، وأن تُوجّه إليها معاول تطهير أركان الإفساد فيها، ومعاول البناء لتأسيس خارطة طريق الجامعة الحرة الراقية.

ولعل أولويات الجامعة اليوم يمكن إجمالها في محوري: استكمال معركة التطهير لإزالة معوقات تثوير الجامعة وتحريرها، واستئناف معركة الإصلاح والتجديد.

 

 

أ) تطهير الجامعة من معوقات التنوير والتحرير والتطوير:

1- تغيير القيادات الجامعية التي تشمل رئيس الجامعة ونوابه وعمداء الكليات وقادة العمل الشبابي في الجامعة، حتى وإن كانوا أكفاء؟ نظرًا للشبهة القوية المتعلقة بصلتهم بالنظام السابق وحزبه وجهازه الأمني، وأنه كان اختيار هؤلاء مرتبطًا إلى حد كبير –ودون تعميم مطلق- بهذا النظام الساقط.

2- تغيير سائر القيادات الجامعية التي كانت ذات عضوية صريحة في المكتب السياسي للحزب الوطني أو لجنة سياساته أو لجنة تنظيمه أو جهازه الإعلامي أو التثقيفي أو سائر أجهزته. (ودون أن يعني ذلك بالضرورة اتهامًا أو لومًا لأي شخص على اختياره السياسي الساتبق، لكنها من مقتضيات شرعية الثورة المصرية ولوازمها).

3- إبطال كافة الفعاليات أو الارتباطات داخل الجامعة التي كانت موصولة بالحزب الوطني أو أجهزة الأمن (لا سيما جهاز أمن الدولة) من مؤسسات أو مراكز أو أنشطة أو اتحادات طلابية أو غيرها.

4- تنقية القوانين واللوائح والنظم والقرارات المتعلقة بالجامعة والتي تمثل قيدًا من أي نوع على استقلالية الإرادة الجامعية، واستقلالية القرارات والفعاليات داخل الحرم الجامعي، وذلك لحين إعادة بنائه.

– عمل لجنة قانونية مستقلة لمراجعة التعديات ونظر الشكاوي القانونية لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية، ومساءلة المشكو في حقهم أو من يكونون في محل مسئولية، بناء على القوانين التي كانت سارية.

6- إبطال كافة القيود على العمل السياسي والثقافي والاجتماعي للطلاب، وإبطال أية ترتيبات داخل الجامعة تعد من قبيل الفساد السياسي الممتد من النظام الساقط وإذكاء الصراع بين التوجهات الشبابية.

7- القضاء على كافة المظاهر الطفيلية التي لوثت العملية التعليمية في الجامعة من الدروس الخصوصية وإهدار قيمية الكتاب الجامعي والمراجع، وتراجع المستوى البحثي (القضاء على الجامعة الموازية الفاسدة المفسدة).

8- إزالة كافة التمييزات الطبقية داخل الجامعة، وأية ترتيبات تخصم من النواه الصلبة للهوية المصرية، دون انغلاق أو انعزال عن التعارف الحضاري والتواصل مع سائر الثقافات والمنجزات الإنسانية.

9- تحرير نوادي أعضاء التدريس من سائرر القيود المفروضة على فعالياتهم وتحركاتهم.

10- إزالة كافة التعديات القانونية في الجامعات المستجدة (الخاصة والأجنبية) فيما يتعلق بمعايير التعليم العالي بدءًا من قبول الطلاب في الكليات وانتهاء بمعايير الامتحانات والتقويم.

ثانيًا- محور البناء والتطوير:

1.     تشكيل لجنة قانونية مستقلة تضم متخصصين في الشأن الجامعي وممثلين لسائر أطياف الحياة المصرية العامة والشباب لإعادة تأسيس قانون الجامعات بما يحرّر الإرادة الجامعية، ويضبط الحراك والتفاعلات داخل الجامعة لصالح غايات التعليم العالي والبحث العلمي وتنمية المجتمع.

2.     تشكيل لجنة جامعية متخصصة (ولها أن تستعين بالرؤى والتخصصات المختلفة) لصياغة مشروع ميثاق عن “فلسفة التعليم في مصر”: مستخلصًا من جهتين: نتائج المؤتمرات والدراسات والاستراتيجيات والمشروعات السابقة التي تعمقت في دراسة الإشكالات الجامعية والحلول الممكنة، والجهة الثانية روح ثورة 25 يناير وتطلعاتها إلى دور حضاري للجامعة المصرية في الداخل والخارج.

3.     فتح مجال منظّم لحوارات متراكمة فيما بين أعضاء هيئة التدريس داخل كل كلية داخل كل جامعة من أجل تطوير “مشروع نظام أساس لمهام أعضاء هيئة التدريس” ثم يطور على مستوى الجامعات المصرية برمتها.

4.     فتح مجال منظم لحوارات متراكمة فيما بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب داخل كلية وعلى مستوى كل جامعة من أجل تطوير رؤية لما ينبغي أن تكون عليه علاقات الأستاذ والطالب، والآليات المناسبة لتطوير هذه العلاقة تحت مظلة الأخلاق الجامعية، والحقوق والواجبات، وصلة الرحم الجامعية.

5.     تشكيل لجنة منتخبة على مستوى كل كلية لمراجعة المقررات الدراسية فيها، وتقديم طرح بمعايير بناء المناهج، ومعايير أدائها، ومعايير التقويم فيها، يعرض على الأساتذة وممثلين من الطلاب للحوار حوله والخلاص منه إلى رؤية متوازنة تحقق غايات التعليم والتأهيل وتتكافئ مع الإمكانيات والمقدرات.

6.     إجراء حوار حول “ميزانية الجامعة” ووجوه الإنفاق فيها، بحيث تتواءم مع مبادئ الجامعة وأهدافها، وإقرار مبدأ الشفافية في المسألة المالية داخل الجامعة، مع فتح أبواب التطوع والوقف والتمويل المجتمعي لصالح الجامعة… بما يغني عن كثير من اعتماد الجامعة على أنشطة الجامعة الموازية الطفيلية من جهة، ويدفع للإمام جهود البحث العلمي والتطوير الفني، ودعم الكتاب الجامعي، وتطوير مقررات التدريب والتأهيل.

أيضًا مع الشفافية في دور رجال الأعمال والشركات والأحزاب والجماعات عند تمويلها أنشطة معينة في الجامعة.

7.     ربط التعليم بمتطلبات المجتمع الحقيقة بسعتها وعمقها، وليس فقط متطلبات سوق العمل الخدمية، وذلك بزيادة الاهتمام بالوظائف والأعمال الدقيقة، والفكرية والفنية (التقنيات) والابتكار والتي يجب أن تكون منافسة لمتطلبات التعليم العالمية.

8.     إعادة الصورة الرصينة والوقورة للحرم الجامعي، بإزالة كافة التعديات الحادثة لهيبة الجامعة، أو التي تُفقد العملية التعليمية والتربوية في المجتمع الجامعي كثيرًا من خصائصها الأساسية من مثل الأسواق واستخدام المرافق الجامعية في غير ما هي مخصصة له.

9.     ضمان مستوى دخل كريم لأعضاء هيئة التدريس بما يمكّنهم من التركيز في عملهم من تدريس وبحث. وبما لا يضطرهم إلى التشتت في أعمال مختلفة خارج إطار كلياتهم أو جامعاتهم بحثًا عن مستوى عيش كريم. وكذلك العناية بتوفير أحداث البحوث والدراسات والمنشورات العلمية في الكليات والمعاهد العليا وتسهيل وصول أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا إليها.

10.        إتاحة الفرصة أمام الطلاب من أجل بلورة رؤاهم السياسية والفكرية حول الوطن والأمة ومستقبل مجتمعاتهم؛ من خلال أنشطة تعليمية وتثقيفية وطلابية، بما يمكّنهم من المشاركة الواعية والفعّالة في مجريات الحياة خارج الجامعة.

11.   تطوير الإدارة التعليمية داخل الكليات والجامعة، بحيث يؤهل موظفوها ويمنحوا حقوقهم كاملة، وكذلك تدعم بأحدث التقنيات للتواصل بين الطالب والمدرس والإدارة والمجتمع؛ وذلك استفادة من التجارب الجامعية الحديثة.

هذه الرؤية تمثل جزءًا أساسيًا من سقف التطلع إلى جامعة مصرية حضارية، تتشبع بروح ثورة مصر في أدوارها الثلاثة الرئيسية: التدريس، والبحث، وخدمة المجتمع، وتتسلح بالهوية المصرية الحضارية الجامعة، وتؤسس لمرحلة جديدة على طريق التقدم ومواكبة العصر.

ولكن هذا السقف لا يصح ولا يعقل أن نفقز إليه تارة واحدة، خاصة في مثل هذه القطاعات الحيوية التي يجب أن نجمع فيها بين التسيير والتغيير. فلابد من مضيّ العملية التعليمية والحيلولة دون الإضرار بالطلاب وشهاداتهم ومستقبلهم. ولذا يتقرر أن نمضي الآن إلى ثلاثة أعمال أساسية:

1-  إقرار هذه الرؤية وما يمكن إن يضاف إليها من تحفظات أو زيادات من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة.

2-    الشروع في وضع مخطط تنفيذي وزمني لأساسات هذه الرؤية.

3-  الشروع في تطبيق كافة التطويرات التي لا تؤثر بالسلب على تسيير حركة الجامعة وتحقيق صالح العملية التعليمية والبحثية، ومصالح الطلاب.

 

للحصول علي الملف بصيغة pdf

اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى