وضع التحالف الدولي بعد تحرير الموصل

مقدمة:

نادت الولايات المتحدة في أغسطس 2014 بتشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش(1). وقد بدأ التحالف الدولي عملياته الجوية ضد التنظيم في 23 سبتمبر 2014(2)، بعد أن أعلن الرئيس السابق “باراك أوباما” أن بلاده ستقود تحالفًا دوليًا للقضاء على داعش من خلال إستراتيجية شاملة مضادة للإرهاب(3).
كما حاولت إدارة أوباما آنذلك إقناع العالم بأن الحرب ضد داعش لا تعدو كونها حرب ضرورة، لا حرب اختيار، وأن التحالف الدولي الذي تسعى الولايات المتحدة لتشكيله لا يعدو كونه تحالف ضرورة لا تحالف اختيار، وأن الهدف الوحيد الذي يهدف التحالف إليه هو محاربة الإرهاب الذي بات تهديدًا للعالم أجمعه لا الولايات المتحدة وحدها(4).
وقد بنيت إستراتيجية التحالف الدولي ضد داعش على عدة أسسٍ، أهمها: دعم العمليات العسكرية، وبناء القدرات والتدريب، ووقف تدفق المقاتلين الإرهابيين، وتجفيف منابع تمويل داعش، ومعالجة الإغاثة الإنسانية، ونزع الشرعية عن أيديولوجية داعش من قبل الشركاء الإقليميين لإظهار حقيقة التنظيم الإرهابية.
وتقوم الإستراتيجية أيضًا على أن إسهامات أعضاء التحالف ليست بالضرورة عسكرية، ولكن يمكن أن تقع في أي من مجالٍ بما في ذلك الدعم السياسي. كما وافق شركاء التحالف على تبادل المعلومات والعمل المشترك من أجل منع داعش من الوصول إلى المصارف إقليميًا وعالميًا، بجانب التنسيق مع الأمم المتحدة. ويتم ذلك في إطار وضع آلياتٍ للتنسيق فيما بين الشركاء، ومحاربة داعش في سوريا، وزيادة دعم قوات المعارضة المعتدلة(5).
وقد مثّل إعلان رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” في يوليو 2017 عن تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم “داعش” حدثًا فارقًا في الحرب الدولية على التنظيم؛ إذ أسفر ذلك التحرير عن هزيمة التنظيم وإخراجه من واحدة من أهم المدن بالنسبة له، خسر على إثرها الموقع الإستراتيجي للموصل، خاصةً أنها تتحكم بطرق التجارة في الشمال، وبشكلٍ خاص الطريق السريع الرئيس باتجاه سوريا، ولها دلالات رمزية عديدة.
فمن جهة، أعلن “أبو بكر البغدادي زعيم “داعش”، عن خلافته المزعومة من على منبر جامع “النوري الكبير” في قلب المدينة، وذلك في أعقاب السيطرة عليها في يونيو 2014. ومن جهةٍ أخرى، يعد سقوط الموصل بداية النهاية للوجود “الداعشي” في العراق؛ حيث يمهد الطريق للقضاء على ما تبقى من مجموعاته وعناصره، وسيدفع آخرين منهم للذهاب إلى سوريا من أجل البحث عن ملاذٍ آمن، كما أنه يشكك في قدرة القيادة الحالية للتنظيم في الحفاظ على ما تبقى من المناطق التي يسيطر عليها(6).
وفي هذا السياق، تهدف الورقة البحثية إلى الوقوف على وضع التحالف الدولي منذ تحرير الموصل. ولتحقيق ذلك الهدف تنقسم الورقة إلى أربعة محاور رئيسة؛ يتناول أولها المبادئ التوجيهية للتحالف ما بعد الموصل، ويناقش ثانيها الملامح العامة للوضع الراهن للتحالف؛ ممثلة في: بقاء قوات التحالف وتخفيض أعدادها، واتجاه التحالف إلى إعادة إعمار العراق، ومواصلة الحرب على الإرهاب. ويتطرق ثالثها إلى أدوار التحالف ما بعد سقوط الموصل، وأخيرًا يحلل رابعها السيناريوهات المحتملة لداعش وموقع التحالف الدولي من كل منها.

أولًا- المبادئ التوجيهية للتحالف ما بعد الموصل:

وفقًا للتصريحات الرسمية للتحالف في أعقاب تحرير الموصل، لن تتحقق الهزيمة الدائمة لداعش دون القضاء على كافة الملاذات الآمنة التي يعمل من خلالها. ولتحقيق ذلك، تتحدد مهام التحالف الدولي في: القضاء على داعش كتهديدٍ إقليمي في العراق وسوريا، وإرساء الاستقرار في المجتمعات المحررة بطريقةٍ شاملة، وحشد أعضاء التحالف بجانب الشركاء الخارجيين (وذلك من خلال استخدام نهجٍ حكومي يقوض شبكات تنظيم داعش وأفرعه وشركائه، بما في ذلك أشكاله الأخرى الجديدة المحتملة، ويحرمه من حرية الحركة والملاذات الآمنة والموارد).
فضلًا عن محاربة أيديولوجية داعش للحيلولة دون عودة ظهور التنظيم مرة أخرى، والتصدي لآليات تجنيده للأفراد، ودعم الأصوات المحلية التي تقدم رؤية بديلة لدعاية داعش، ومضاعفة الجهود لحرمان داعش من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، ومنع عودة ظهور داعش من خلال دعم الإصلاحات المتبعة من قبل القطاعين السياسي والأمني في العراق، وذلك في إطار قرار مجلس الأمن رقم (2254)، والمتصل بضرورة التوصل لحلٍ سياسي في سوريا، وذلك من أجل المساعدة في معالجة الأسباب الجذرية وراء ظهور داعش.
ويتركز التحالف الدولي على عددٍ من الركائز الأساسية منذ تحرير الموصل؛ أولها، يعتبر التحالف آلية للحشد والتنسيق ومناهضة للإرهاب وفقًا لمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وثانيها، تتحمل الدول المسؤولية الأولية للدفاع عن أوطانها ضد داعش، ولذلك يعمل التحالف بجانب ومع ومن خلال شركائه. وثالثها، عضوية هذا التحالف هي عضوية طوعية. ورابعها، لا يوجد نهجًا واحدًا محددًا لهزيمة داعش، فكل نهج مصمم من أجل معالجة الطبيعة الفريدة للتهديد في منطقة أو إقليم ما. خامسها، ضرورة إدامة التعاون ووحدة الهدف في التحالف الدولي ضد داعش.
وفي هذا الإطار، ينبثق عن التحالف الدولي عدة فرق العمل، بات لزامًا على كل منها التكيف مع المعطيات الجديدة على أرض الواقع خاصة في الموصل؛ فمجموعة العمل الخاصة بمكافحة تمويل داعش (CIFG) تركز على تحديد وتعطيل مصادر عائدات تنظيم داعش وقدرته على نقل الأموال لشن حملته الإرهابية والوصول للأنظمة المالية الإقليمية والدولية. وبما أن داعش يتكيف ردًا على خسارته للأرض في العراق وسوريا، فإن مجموعة العمل هذه سوف تتكيف هي الأخرى، من خلال الاستفادة من تعاونها مع المنظمات متعددة الأطراف متشابهة الفكر وتشجيع الأعضاء على اتخاذ إجراءات ملموسة أكثر ضد تمويل داعش(7).
وقد ناقشت تلك المجموعة –التي ترأسها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية- في اجتماعها التاسع، في فبراير الماضي، مستقبل تمويل داعش على خلفية تحرير الموصل. وقد خلصت تلك المجموعة إلى أنه على الرغم من نجاح التحالف في استعادة أكثر من 98٪ من الأراضي التي سيطرت عليها داعش، إلا أن الحرب لم تنته بعد في العراق وسوريا، فقد انخفضت إيرادات داعش بشكل كبير، مما يزيد أهمية المجموعة بالمقارنة بأي وقتٍ مضى.
وتركز المجموعة حاليًا على تكتيكات داعش وأنشطتها المالية في ظل تبدد هدف “الخلافة”، وتعطيل شبكات تسهيلاتها المالية. حيث يقوم التحالف بمعالجة شبكات التوريد العالمية التابعة لداعش، من خلال إشراك القطاع الخاص المحلي في إستراتيجيات مكافحة المخاطر الناشئة؛ بما في ذلك خطر استغلال داعش لتدفق أموال مساعدات إعادة الإعمار في العراق وسوريا(8).
أما فيما يخص مجموعة العمل الخاصة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب (FTF WG) فهي تركز على دعم وتشجيع مشاركة المعلومات الوقائية والمتعلقة بمكافحة الإرهاب، من خلال قنوات ثنائية وجماعية مناسبة لإنفاذ القانون؛ مثل: الإنتربول، وإعادة التأهيل والإدماج، وإجراءات إنفاذ القانون والعدالة القانونية للتخفيف من تهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وسوف تستمر هذه المجموعة كونها منصة لنهجٍ دوليٍ، يشمل تعزيز التعاون وبناء القدرة ضمن وعبر التخصصات، والتكامل مع المؤسسات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، مثل المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب.
وتسعى مجموعة عمل الاتصالات إلى كسب المساحة الإعلامية التي يعمل داعش من خلالها وضمان أن يتبع تقلص سيطرة على الأراضي بهزيمته أيديولوجيًا. وتقوم مجموعة العمل بتنسيق نُهج الاتصالات الإستراتيجية لأعضاء التحالف، وترعى الشراكة الخارجية من أجل زيادة وصول وتأثير جهود المجتمع الدولي لشن حملات التصدي لمكافحة دعاية داعش، وبناء مناعة المتلقين المعرضين لخطر الاستقطاب، وكل ذلك بهدف تقليل قدرة داعش على استخدام الدعاية للتجنيد والتحريض والإلهام على العنف، من خلال تبادل الخبرات وتفعيل أفضل الممارسات من أجل معالجة التهديدات المستقبلية من المنظمات المتطرفة العنيفة الأخرى.
وتلعب مجموعة العمل الخاصة بإرساء الاستقرار دورًا مركزيًا في تنسيق ودعم جهود الاستقرار الدولية في العراق وفي سوريا. وتعتبر عودة النازحين مسألة أساسية من أجل دعم الهزيمة العسكرية لداعش. وستقوم تلك المجموعة خلال 2018، مع بداية الانتهاء من عملية إرساء الاستقرار في العراق، بالمساعدة أيضًا في جهود الحكومة العراقية لتأمين المكاسب العسكرية المهمة ضد داعش، ومنع حدوث عنف جديد في المناطق المحررة من خلال دعم الانتقال من الاستقرار إلى إعادة الإعمار المستدامة(9)، وتحقيق الهزيمة الكاملة والدائمة لداعش، كتهديد إقليمي في العراق وسوريا، ومنع عودة ظهور التنظيم الإرهابي وتجنيده للأفراد، والعمل على منع تدفق المقاتلين الأجانب(10).
وفي نفس الوقت، ستقوم المجموعة الفرعية لتدريب الشرطة بالتركيز على تدريب الشرطة، ودعم جهود الحكومة العراقية في إعادة بناء الشرطة الاتحادية، وتأهيل قوة الشرطة المدنية على نحو يحظى بثقة جميع مواطني العراق. وفي سوريا، ستقوم مجموعة العمل بتنسيق ودعم جهود تحقيق الاستقرار، وذلك بهدف تقوية الحكم الموثوق والشامل وغير الطائفي وفقًا ودعمًا لقرار مجلس الأمن رقم (2254).
وسوف تستمر جوانب الدفاع للتحالف في التطور مع تغير طبيعة التهديد وزيادة التركيز على شبكات داعش وأفرعه. وكما هو الحال بالنسبة لوزراء خارجية التحالف، فإن وزراء الدفاع أيضًا سيستمرون في التنسيق المنتظم حول أفضل طريقة لمعالجة التهديد. وسوف يتابع التحالف التزامه العسكري في العراق وسوريا. ومن المرجح استمرار قيادة قوات التحالف الموجودة في تامبا في دعم الجهود في المنطقة من أجل تأمين وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة.
ويسعى التحالف إلى تفعيل وضمان المشاركة الكاملة والنشطة للنساء والمنظمات النسائية وشملها في بناء السلام وجهود تحقيق الاستقرار، وذلك وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم (2242)، كما يسعى التحالف لضمان توجيه كافة سياساته وإجراءاته للجنسين بالاتساق مع أطر العمل القانونية الدولية.
ومع تطلع التحالف قدمًا، بات لزامًا عليه التطور الحتمي لمواجهة تهديدات داعش بمرونة، بما في ذلك عبر المؤسسات متعددة الأطراف والمنظمات الإقليمية القائمة لمكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف(11).

ثانيًا- الملامح العامة للوضع الراهن للتحالف:

يمكن إجمال الملامح العامة للوضع الراهن للتحالف في ثلاثة عناصر رئيسية، وذلك على النحو التالي:
أ‌- بقاء قوات التحالف وتخفيض أعدادها:
في أعقاب تحرير الموصل مباشرة، بادر كل من “رايان ديلون” المتحدث باسم التحالف الدولي ضد داعش، و”جيمس ماتيس” وزير الدفاع الأمريكي بالإعلان عن بقاء قوات التحالف في كل من العراق وسوريا حتى إحلال السلام بهما، والقضاء على داعش، والتوصل لحلٍ سياسي في البلدين. وهو ما يمكن فهمه في إطار ضرورة ملاحقة عناصر تنظيم داعش في المناطق التي أعاد تنظيم وجوده فيها بعد الهزائم الكبرى التي لحقت به، فضلًا عن أهمية تجهيز الجيش العراقي الذي يحتاج بدوره إلى وجود خبراء ومستشارين ومعسكرات؛ إذ يحتاج العراق إلى مساعداتٍ تقنية إلى جانب الجهد البشري، مما يتطلب وجود خبراء، وتوفر برامج تدريب وتأمين معدات متعلقة بالحرب الإلكترونية والاستطلاع.
وعلى صعيدٍ آخر، ربط وزير الدفاع “ماتيس” بقاء التحالف في سوريا تحديدًا بنجاح مفاوضات جنيف التي تضم ممثلين لفصائل المعارضة وممثلين لحكومة “بشار الأسد”؛ حيث يتطلب بقاء التحالف في سوريا تنسيقًا واتفاقًا مع روسيا الحليف الإستراتيجي الأهم للنظام السوري(12).
وعلى الرغم من بقاء قوات التحالف في كل من سوريا والعراق إلا أن هناك اتجاها بخفض أعدادها؛ فقد أعلن التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة واشنطن خفض قواته في العراق في العام الجاري، بعد أن خسر تنظيم داعش كافة الأراضي التي سيطر عليها في العراق تقريبًا. وقال التحالف في بيان، إن وجودًا مستمرًا للتحالف في العراق سيؤمن لكن بشروطٍ عمادها التنسيق مع الحكومة العراقية؛ أي إنه -وبعد نجاح تحرير الموصل من المتطرفين- سيغير التحالف توجهه في العراق لينتقل من دعم العمليات القتالية إلى المحافظة على المكاسب العسكرية التي تحققت ضد المسلحين المتطرفين؛ أي أن مهمة التحالف ستتطور وتمر من مقاربة استعادة الأراضي إلى مقاربة بسط الاستقرار. ومن المتوقع أن يدخل التحالف تعديلات على قواته بالتشاور مع شركائه العراقيين بهدف ضمان الهزيمة الدائمة لداعش(13).
وعلى صعيدٍ ثالث، دعم التحالف جهود تجنيد وتدريب قوات الأمن بما في ذلك الشرطة العراقية. فقد قام التحالف بتدريب 13 ألف من قوات الشرطة كما هو منصوص عليه في خطة الائتلاف. ولتحقيق هدف إنشاء قوة محلية، تم تجنيد 1500 متدرب إضافي من مخيمات النازحين خارج الموصل حتى بلغت فترات برنامج تدريب قوات الشرطة ستة أسابيع؛ بحيث يتلقى المجندون أسبوعين من التدريب في وزارة الداخلية، وأربعة أسابيع من التحالف(14).
ب‌- اتجاه التحالف إلى اعادة إعمار العراق:
وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال أعمال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، على هامش أعمال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، والذي انعقد في أعقاب تحرير الأراضي العراقية، بمشاركةٍ دولية واسعة، تمثلت في حضور 74 عضوًا من الدول والمنظمات الدولية المساندة للتحالف، بهدف ضمان الأمن والاستقرار، ووحدة العراق واستقلاله وسيادته على أراضيه، وتهيئة الظروف الملائمة للبدء بعملية إعادة الإعمار والبناء فيه.
وعلى خلفيته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي “ريكس تيلرسون”، عن تعهد الولايات المتحدة بتقديم مبلغ 200 مليون دولار، لدعم جهود التحالف الدولي ضد داعش في سوريا، تضاف إلى 7,7 مليارات دولار سبق وأن قدمتها واشنطن على شكل مساعداتٍ إنسانية منذ بداية النزاع. وتدعم واشنطن وحدات “حماية الشعب الكردية” التي تحارب تنظيم داعش في سوريا(15).
وفي هذا السياق، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش “بريت مكغيرك” عبر تويتر إن “التحالف المكون من 75 عضوًا ملتزمٌ باستقرار العراق في مرحلة ما بعد داعش”. وأضاف “نعمل مع الحكومة العراقية والبنك الدولي لوضع أساس التعافي طويل المدى للعراق”(16).
فقد نفذ العراق، بدعمٍ من الأمم المتحدة وتمويل التحالف، برامج إنسانية عدة، شملت تقديم المساعدات في مناطق النزاع وفي مخيمات النازحين داخليًا؛ بهدف الحيلولة دون اندلاع أي صراعاتٍ محتملة بين المجتمعات المضيفة والنازحين. ومع ذلك، وبالنظر إلى التكاليف الباهظة والترتيبات التي تفرضها الحرب، فإن الانتعاش والاستقرار في الموصل لن يكونا ممكنين إلا مع مضاعفة الجهود من قبل العراقيين، وكذلك المجتمع الدولي.
وتمتد الأولويات لتشمل الإجراءات الإنسانية العاجلة، والاستقرار الموسع، والحكم والمصالحة، بما في ذلك معالجة اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت السياسية. ومن المحتمل أن يستغرق التعافي الكامل في الموصل -كما هو الحال في المناطق العراقية الأخرى- عقدًا أو أكثر؛ نظرًا لمستويات الدمار المادي والجروح التي تعرض لها النسيج الاجتماعي. لكن في الأشهر المقبلة، يجب على الحكومة العراقية، بدعم دولي، أن توفر الاحتياجات الأساسية للعراقيين، وتلبي متطلبات السلامة والأمن، وإرساء الأساس لحل دوافع الصراع السياسية بطريقة مستدامة(17).
ج- مواصلة الحرب على الإرهاب:
على الرغم من سقوط الموصل ونجاح التحالف الدولي في تحرير 98% من الأراضي العراقية، وعودة 3.2 مليون عراقي من النازحين إلى ديارهم، يواصل التحالف بذل الجهود لضمان عدم عودة داعش إلى العراق وسوريا، وبخاصة أن التنظيم يعد تهديدًا لم تتوقف آليات تجنيده وعملياته السيبرانية وشبكاته الممتدة من ناحية، وأن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى ضد التنظيم الإرهابي لا تعني هزيمته النهائية أو هزيمة إرهابه من ناحيةٍ أخرى، وأن استمرار العمليات العسكرية في مواجهته هي السبيل الوحيد للحيلولة دون انتشاره إلى مناطق أخرى، في ظل سعيه للتحول إلى حركة تمرد في ليبيا وأفغانستان من ناحيةٍ ثالثة.
فقد أسفرت هزيمة داعش في العراق عن سعي التنظيم لكسب مزيدٍ من الأراضي في دولٍ أخرى، وهو ما تسعى جهود التحالف الدولي للحيلولة دونه. وفي هذا السياق، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ينس ستولتنبرغ” عن استعداد الحلف للاستجابة لدعوة الولايات المتحدة لتوسيع مهامه التدريبية التي يقوم بها في العراق، دعمًا لإعادة إعمار البلاد وكسب السلام. ومن المتوقع أن يتخذ وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف قرارًا بشأن التخطيط لتلك المهمة في يوليو القادم(18).
أو بعبارةٍ أخرى، اعتبر التحالف الدولي أن خسارة الموصل على الرغم من كونها ضربة حاسمة ضد داعش، إلا إنها لا تعني انتهاء الحرب ضد المتشددين. كما أكد وزير الدفاع البريطاني “مايكل فالون” على ضرورة بذل مزيد من الجهود في العراق بشكلٍ أوسع، نظرًا لوجود داعش في غرب الفرات، وتزايد أهمية عمليات التطهير في الموصل والمناطق المحيطة بها، بسبب تهديد العبوات الناسفة المصنعة يدويًا، وسيطرة داعش على مناطق أخرى في العراق وفي سوريا التي تقاتل فيها قوات سوريا الديموقراطية لإخراج التنظيم من معقله في مدينة الرقة(19).

ثالثًا- أدوار التحالف ما بعد سقوط الموصل:

تقاس فاعلية التحالف الدولي ضد داعش ونجاحها بمدى نجاح إستراتيجيته التي لا تقتصر على العمليات العسكرية، أو بناء القدرات والتدريب فحسب، وإنما تمتد لتشمل: تجفيف منابع التمويل، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، والإغاثة الانسانية. وعلى الصعيد العسكري، امتلك التحالف 73 شريكًا، وأكثر من تسعة آلاف جندي في العراق. كما شنَّت طائرات التحالف أكثر من 26 ألف ضربة جوية على أهداف عدة لتنظيم داعش؛ مما أدى إلى قتل أكثر من 180 من القيادات الداعشية.
كما نجحت القوات العراقية في استعادة السيطرة على بعض المدن الواقعة تحت سيطرة التنظيم بجانب السيطرة على مدينة الموصل؛ فضلًا عن استهداف مواقع التنظيم بالقرب من الحدود المشتركة مع سوريا بهدف القضاء على الملاذات الآمنة للتنظيم في المناطق الحدودية؛ وذلك بالتزامن مع عملية “السيل الجارف” التي تهدف لتطهير مناطق في شمال بغداد.
أما عن الموقف الميداني لتنظيم داعش في سوريا، فهناك مناطق تحت سيطرة التنظيم، وهي مناطق شمال ووسط شرق سوريا. وقد سيطرت قوات التحالف على نحو 30% من الأراضي السورية الواقعة تحت قبضة داعش. وقد دعم شركاء التحالف العراقيين تدريب ما يقرب من 105 آلاف من قوات الأمن العراقية، بمن فيهم جنود الجيش العراقي، وقوات مكافحة الإرهاب، وكذا البشمركة الكردية، والشرطة الاتحادية، وغيرهم. كما تبرع أعضاء التحالف بنحو ثمانية آلاف طن من المعدات العسكرية إلى السوريين والعراقيين(20).
وفيما يخص الجهد المدني، وتحقيق الاستقرار، والمساعدة الإنسانية والاقتصادية، فقد وفر أعضاء التحالف منذ عام 2014 أكثر من 22.2 مليار دولار لجهود تحقيق الاستقرار، وقدرات إزالة الألغام، والدعم الاقتصادي، والمساعدة الإنسانية في العراق وسوريا. ونتيجةً لهذا الدعم، يطهر الشركاء المحليون المدارس والعيادات من المخلفات الحربية، والأجهزة، والعبوات الناسفة. ويساعدون المواطنين على العودة إلى ديارهم. كما يقوم أعضاء التحالف بتوثيق جرائم داعش.
وعلى الصعيد الدولي، نفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتوازي مع شركاء محليين، أكثر من 350 مشروعًا حتى الآن لتحقيق الاستقرار، بتمويل من شركاء التحالف، مما أدى إلى تهيئة الظروف لعودة أكثر من 500 ألف نازح إلى “الأنبار” وحدها بشكلٍ طوعي(21).
وفي هذا الإطار، يتحتم القول بانقسام التحالف الدولي بفعل الأجندات المتعارضة، التي ستؤدي تداعياتها -خاصة فيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية ومعاملة المدنيين وإعادة إعمار ما بعد داعش- على نحو يؤثر بالسلب في مستقبل العراق بالاستقرار من عدمه.
إن القضايا الرئيسية التي تحدد معالم ما بعد الموصل لن تكون تقديم مساعدات طارئة -رغم أنها ضرورية- بل بالأحرى، اهتمام وقدرة الجهات الحكومية على التعامل مع النازحين من السُّنة بشكلٍ عادل، ومنع تجزئة وتوطين الجماعات المسلحة، والنزوح الديموغرافي، وإنشاء نظام تمثيلي حقيقي للحكم، يوفر للمجتمعات الكردية والسنية والشيعية والأقليات السيادة السياسية، وهو ما يتعذر في الوقت الراهن، بفعل عدم الثقة في الدولة، وانتشار الأسلحة، والمظالم التاريخية، ومناضلة القوى الداخلية من أجل الهيمنة(22).
كما تراجع تدفق المقاتلين الأجانب الى العراق وسوريا، وذلك بسبب تأمين الحدود بين سوريا وتركيا، بدءًا من 2 نوفمبر 2016، واعتماد الاتحاد الأوروبي بروتوكول التعرف على اسم الركاب، وتنفيذ 31 عضوًا من خارج الاتحاد الأوروبي تدابير معززة لفحص المسافرين، واتخاذ البلدان تدابير بحسب قرار مجلس الأمن رقم 2178 لتعزيز استجابتها وقدراتها على محاكمة مرتكبي الجرائم ذات الصلة، ومواجهة المقاتلين الأجانب.
وفيما يخص مكافحة التمويل، أدت الغارات الجوية التي قام بها التحالف ضد أصول الطاقة إلى إعاقة قدرة التنظيم على إنتاج النفط واستخدامه، وتحقيق الربح منه، وعمل التحالف بشكلٍ وثيق مع حكومة العراق في جهودها لمنع داعش من إساءة استخدام نظامه المالي.
وقد قامت حكومة العراق بقطع أكثر من 90 فرعًا مصرفيًا في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم من النظام المالي. وأنشأ البنك المركزي العراقي قائمة بأكثر من 100 مركز صرافة وشركات تحويل أموال عاملة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. كما حظرت الحكومة العراقية توزيع مدفوعات الرواتب الحكومية في تلك المناطق. كما اعتمدت مجموعة التحالف المعنية بمكافحة تمويل التنظيم، والتي تضم نحو 40 عضوًا ومراقبًا تقييمًا للتدفقات المالية عبر الحدود إلى العراق وسوريا، لمنع داعش من استغلال آليات تحويل الأموال.
وعلى صعيد مكافحة الدعاية الإعلامية، يبذل التحالف جهودًا لمقاومة الدعاية المتطرفة، ومكافحة استخدام داعش للإنترنت. وتعقد مجموعة العمل المعنية بالتواصل في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، اجتماعاتٍ منتظمة لأكثر من 30 دولةً مع شركات إعلام وتكنولوجيا لتبادل المعلومات لمكافحة الرسائل المتطرفة العنيفة على الإنترنت. كما يعمل التحالف الدولي مع القطاع الخاص في جهود مكافحة الدعاية الإعلامية لداعش(23).

رابعًا- السيناريوهات المستقبلية لداعش والتحالف الدولي:

على الرغم من نجاح التحالف في تحرير الموصل، إلا أن هذا لا يعني هزيمة داعش كحركة، والتي من المرجح أن تستمر في عديدٍ من المواقع، بما في ذلك تحت الأرض، كما ستستمر في السيطرة على أجزاء كثيرة من الشرق الأوسط(24). وفي هذا الإطار، يمكن إجمال عددٍ من السيناريوهات المستقبلية للتحالف الدولي تبعًا للكيفية التي يتطور ويتكيف بها داعش في أعقاب تحرير الموصل. وهو الأمر الذي يمكن الوقوف عليه من خلال السيناريوهات التالية:
السيناريو الأول- التحول لتنظيمٍ افتراضي: تذهب بعض التحليلات إلى تحول تنظيم داعش -مع الاحتفاظ بأعضائه الحاليين، واسمه، وأيديولوجيته التأسيسية– إلى المجال الافتراضي، مع الأخذ في الاعتبار أن خسارة داعش لكافة الأراضي المادية التي يسيطر عليها التنظيم وتحوله إلى منظمةٍ افتراضيةٍ بحتة، يحول دون هدف الخلافة التي أعلن عنها، وبدونها، يتصدع التنظيم، وتقل فعاليته وعمليات تجنيده(25).
ويعكس ذلك التحول –إن حدث بتلك الكيفية- قدرات داعش على التكيف، على الرغم من فقدان معاقلها الإقليمية في العراق. وعليه، يمكن لداعش نشر أيديولوجيتها بشكل فعال، وتجنيد أعضاء جدد عبر الإنترنت، لاسيما من خلال منصات التواصل الاجتماعي. وإذا تحقق هذا السيناريو، يتوقع تراجع دور التحالف الدولي في القضاء على داعش؛ ذلك أن الأداة العسكرية هي عماد إستراتيجيته، التي تتأسس -كما سبق القول- على دعم العمليات العسكرية، وبناء القدرات والتدريب، وغيرها.
إلا أن تراجع ذلك الدور لا يعنى تفكك التحالف أو نهايته، بل يعنى تحولًا كيفيًا عماده توجيه الاهتمام الأكبر لمعالجة الإغاثة الإنسانية، وإعادة الإعمار، وإيجاد آليات للردع السيبراني بالتوازي مع سبل مكافحة الإرهاب السيبراني والجريمة الإلكترونية، كي يتحقق هدف القضاء على التنظيم نهائيًا. وهو ما يتضح في سياق سعي التحالف للتعاقد مع شركات إعلام وتكنولوجيا لتبادل المعلومات لمكافحة الرسائل المتطرفة العنيفة على الإنترنت، ومكافحة الدعاية الإعلامية لداعش.
السيناريو الثاني- التوجه لمناطق جديدة: فقد يتجه داعش إلى المناطق الأقل كثافة، كالصحارى والجبال، على نحو يسمح لأعضائه بإعادة التنظيم، والتعافي بعد مواجهة تحديات المعركة الممتدة في المدن الكبرى مثل الموصل والرقة. وبذلك، سيكون لدى تنظيم داعش فرصة لصرف الانتباه عن ساحات القتال الرئيسة في سوريا والعراق، وإتاحة الفرصة لتقييم استراتيجياتها وتحركاتها المستقبلية، لاستعادة قوتها. ويشمل ذلك إعادة التأسيس، والتحول إلى عصاباتٍ، والتركيز على محاولة الاستفادة من إخفاقات الحكومتين العراقية والسورية(26).
ومن المحتمل أن تتخذ داعش خطواتٍ لشن هجماتٍ إضافية من خلال خلاياها النائمة في الغرب ومن خلال الشركات التابعة لها من أجل إثبات فعاليتها المستمرة. إن التنشيط الانتقامي للخلايا النائمة جزءًا لا يتجزأ من حملات غرس الخوف والحفاظ على الثقة في مواجهة الخسارة الإستراتيجية، بطريقةٍ تبرر شرعيته للأعضاء الحاليين والمحتملين على حد سواء.
ومن شأن هذا التطور إضعاف قدرة داعش على القيام بعملياتٍ دفاعية في المستقبل. ومن المرجح أن يتراجع مقاتلو داعش إلى معاقل أصغر، مثل: القائم، والرقة. وتقدم الرقة على وجه الخصوص ملاذًا آمنًا محتملًا، فهي بعيدة جدًا عن تركيز القوات الكردية والموالين لنظام الأسد، ومن المستبعد جدًا أن تشارك القوات العراقية في أية ملاحقاتٍ عبر الحدود السورية(27).
وإذا تحقق هذا السيناريو، فمن المتوقع تعاظم دور التحالف الدولي في سوريا وغيرها من المناطق التي يتوقع إعادة تمركز التنظيم بها، كما يتوقع قيام التحالف بشن ضرباتٍ عسكرية مكثفة لتحرير الرقة على شاكلة تحرير الموصل، والاتجاه صوب بناء قدرات الدول -وليس العراق فحسب- لمنع الإرهاب ومكافحته.
السيناريو الثالث- تفكك التنظيم- إعادة التوطين: على المستوى الأوسع، يعتقد بعض الخبراء أنه بعد زوال داعش، يمكن للمقاتلين الأجانب المشردين الانضمام لجماعاتٍ إرهابية أخرى، مثل: القاعدة أو طالبان. وفي المقابل، يمكن لهؤلاء المقاتلين إنشاء مجموعات منشقة، على شاكلة داعش، ولكن في صورة معدلة منها، في المناطق غير المستقرة التي لا تلبى فيها احتياجات المواطنين.
إن أعضاء داعش السابقين ربما يبحثون عن منظمة صاعدة أخرى للانضمام لها، أو قد ينضمون إلى تنظيم موجود بالفعل مثل تنظيم القاعدة أو طالبان، لتلبية احتياجاتهم العملية من ناحية، وتحقيق أهدافهم الراديكالية. فعديد من الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط هي في الحقيقة مجموعات منشقة عن منظماتٍ أخرى قائمة.
وإنْ تحقق هذا السيناريو، فمن المتوقع أن يشن التحالف معارك متعددة الجبهات على مختلف التنظيمات الإرهابية التي تأوي مقاتلي داعش، كما ينبغي على التحالف الدولي بالتوازي لذلك تكثيف جهود إعادة إدماج هؤلاء المقاتلين في المجتمع.
السيناريو الرابع- إعادة التمركز في ليبيا: على الرغم من الانتكاسات الأخيرة في سرت ومناطق أخرى، يلقي داعش بظلاله على ليبيا، خاصة مع الانقسامات السياسية والشعبية. ومع استمرار معاناة البلاد من الانقسامات السياسية المدمرة، قد تتحول ليبيا إلى أرضٍ خصبة للتفجيرات والاغتيالات والابتزاز وغير ذلك من الأعمال السياسية(28).
وعليه، يمكن للتحالف تحويل جهوده صوب تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في ليبيا، بالتوازي مع تحولات في الأدوار القيادية للدول الأوربية من خلال استخدام قرارات مجلس الأمن الدولي الحالي واتفاقيات الأمم المتحدة. ويمكن للاستقرار الاقتصادي والوساطة، وهما مسألتان يملك في سياقهما الاتحاد الأوروبي بعض النفوذ في ليبيا، تفادي تصعيد جديد بين القوى التي تدعم الحكومة في طرابلس والجيش الوطني الليبي(29).

خاتمة:

في ضوء ما سبق، من الأهمية بمكان إدراك تنوع السيناريوهات المحتملة لكلٍ من تنظيم داعش والتحالف الدولي. وأيًا كان المسار المستقبلي الذي يتخذه تنظيم داعش، من شبه المؤكد أن التطرف لن يتلاشى، وأن التحالف لن يحل على المدى القريب. وعلى كلٍ، فعلى التحالف الدولي أن يتطور على النحو الذي يتلاءم والكيفية التي يتكيف بها داعش، بصرف النظر عن ساحات المواجهة سوء تقليدية أو سيبرانية(30).
ومن الأهمية بمكان أيضًا الوقوف على ما قد يمثله سقوط الموصل من تداعياتٍ سلبية على تنظيم داعش. إن تحرير الموصل لا يعني القضاء على التنظيم أو نهايته بشكلٍ كامل، لاسيما أنه استطاع ترسيخ أقدامه في عقول عديد من الشباب، وهو ما يحتم خوض معارك فكرية ضد التنظيم، بمجرد انتهاء المعارك العسكرية وبالتوازي معها، ولا شك أن تلك المعارك هي الأكثر صعوبة وتعقيدًا، الأمر الذي بات يفرض وضع رؤية محددة لمواجهة أفكار التنظيم في مرحلة ما بعد داعش حتى يتم القضاء عليه بشكلٍ كامل من قبل التحالف الدولي جنبًا إلى جنب مع جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في محاربة الإرهاب.
وتظل الأولوية دائمًا للحيلولة دون اعتناق أفراد جدد للفكر الداعشي أو غيره من الأفكار المتطرفة؛ فالوقاية الفكرية يجب أن يكون لها الأولوية في حالة التعارض مع الترشيد الفكري. وتهدف هذه الوقاية إلى منع الشباب من الانخراط في تبني أفكار داعش، ومن ثم الانخراط في صفوفه، وذلك من خلال رصد المفاهيم المركزية لدى التنظيمات الإرهابية بشكلٍ عام والتي تعتمد عليها بشكل رئيسي -بعد تحريفها- في جذب الشباب وتجنيدهم إلى صفوفها مثل مفاهيم: الجهاد، والحاكمية، وحتمية المواجهة، وغيرها من المفاهيم التي يتم تحريفها(31).
*****

الهوامش:

(*) مدرس العلوم السياسية المساعد، جامعة القاهرة.
(1) مصطفى علوي، الحرب على “داعش”: تفاعلات إقليمية ودولية، السياسة الدولية، المجلد 50، العدد 199، يناير 2015، ص. 93.
(2) كمال السعيد حبيب، حدود فاعلية التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب، السياسة الدولية، يناير 2015، ص ص. 98-101
(3) محمد أنيس سالم، الدول العربية في مواجهة خطر “داعش”، السياسة الدولية، المجلد 50، العدد 199، يناير 2015، ص. 103
(4) حسن نافعة، مأزق الحرب الأمريكية.. بين الضرورة والختيار، السياسة الدولية، المجلد 50، العدد 199، يناير 2015، ص. 90.
(5) نهى بكر، فاعلية التحالف الدولي لمحاربة داعش، السياسة الدولية، المجلد 52، العدد 210، أكتوبر2017، ص. 48
(6) علي بكر، التطرف والإرهاب: التداعيات المحتملة لهزيمة “داعش” في الموصل، مقال منشور على موقع السياسة الدولية، بتاريخ 27-7-2017.
(7) U.S. Department of State, Office of the Spokesperson For Immediate Release, Joint Statement of Guiding Principles from the Global Coalition to Defeat ISIS, 13 February 2018, , Accessed 1/5/2018, Available at: https://goo.gl/CymcGV
(8) U.S. Department of The Treasury, Counter ISIS Finance Group Leaders Issue Joint Statement, 15 February 2018, Accessed 1/5/2018, Available at: https://goo.gl/TViwqG
(9) U.S. Department of State, Op. cit, Electronic Resource
(10) دينا مصطفى، محاور جديدة للقضاء على “داعش” واستقرار المنطقة، الاتحاد، 15 فبراير 2018، ، تاريخ الاطلاع: 10/6/2018م، متاح على: https://goo.gl/Vmsuos
(11) U.S. Department of State, Op.cit, Electronic Resource
(12) الحرة، التحالف الدولي..مهمة ما بعد داعش، الحرة، تاريخ الاطلاع 1 مايو 2018م، متاح على:
https://goo.gl/PBzxG5
(13) سكاي نيوز عربية، قوات التحالف الدولي تعلن خفض قواتها في العراق، تاريخ الاطلاع 1/5/2018م، متاح على:
https://goo.gl/b4aJfh
(14) Shelly Culbertson & Linda Robinson, Making Victory Count after Defeating ISIS Stabilization Challenges in Mosul and Beyond, Rand Corporation, 2017.
(15) الوطن، التحالف الدولي ضد “داعش” يدعو إلى مواصلة الحرب على الإرهاب، تاريخ الاطلاع 1/5/2018م، متاح على:
https://goo.gl/qnyWJo
(16) الحرة، التحالف الدولي: انتهاء العمليات القتالية الرئيسية ضد داعش، تاريخ الاطلاع 1/5/2018م، متاح على:
https://goo.gl/rZtbrt
(17) Shelly Culbertson & Linda Robinson, Op.cit.
(18) الوطن، مرجع سبق ذكره، مصدر إلكتروني.
(19) أخبار الآن، التحالف الدولي: تحرير الموصل “ضربة حاسمة” لداعش، تاريخ الاطلاع 1/5/2018م ،متاح على:

في سبيل بقائه.. ”باريس سان جيرمان“ يقدم عرضاً خيالياً لكيليان مبابي


(20) نهى بكر، مرجع سبق ذكره، ص ص. 50-51
(21) المرجع السابق، ص ص. 50-51
(22) Humanitarian Forecast Think Tank, Iraq 2018 Scenarios: Planning After Mosul, July 2017: https://goo.gl/f4C5bx
(23) نهى بكر، مرجع سبق ذكره، ص. 48
(24) Willem Oosterveld et al, The Rise and Fall of ISIS: from Evitability to Inevitability (Netherlands: The Hague Centre for Strategic Studies, 2017)
(25) Nicole Peterson, Future of ISIS: What Do Experts Think Will Happen Next? A Virtual Think Tank (ViTTa) Analysis, Accessed: 1/5/2018, August 2017, Available at: https://goo.gl/nH58Hd
(26) Ibid, Electronic Resource.
(27) Wikistart, Isis after the Fall of Mosul, October 2016, Accessed: 1/5/2018, Available at: https://goo.gl/EkxKMC
(28) Wikistart, Op.cit, Electronic Resource.
(29) Hayder al-Khoei, Ellie Geranmayeh & Mattia Toaldo, After ISIS: How to Win the Peace in Iraq and Libya, European Council on Foreign Relations, No. 4, 2017.
(30) Nicole Peterson, Op.cit, Electronic Resource.
(31) علي بكر، خصوصية التنظيم ومعوقات القضاء على داعش، السياسة الدولية، العدد 210، المجلد 52، أكتوبر 2017، ص. 65

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى