مآلات مواقف التيار الفكري اليساري الاشتراكي العربي من المشروع الإسرائيلي

مقدمة

في حياة كل أمة قضية أو قضايا تمثل اختبارًا لكل تياراتها، وتحدد جماهير أبناء هذه الأمة مكانة هذا التيار أو ذاك تبعًا لموقف هذا التيار من هذه القضية. وتمثل القضية الفلسطينية القضية المركزية التي يتَّخذها المنتمون للأمَّة العربية والإسلامية معيارًا لتقييم كافة التيارات الفكرية والسياسية.
يتناول هذا التقرير مواقف التيار اليساري الاشتراكي العربي من المشروع الإسرائيلي ومآلات هذه المواقف. والمقصود بالتيار اليساري الاشتراكي العربي -يُشار إليه لاحقًا بالتيار اليساري للاختصار- هو المنظمات والأحزاب العربية التى تتخذ من الأفكار اليسارية إطارًا مرجعيًّا في رؤيتها للعالم وتصوراتها وبرامجها وتتبنَّى مقولاتها الأساسية بدءًا من المساواة والعدالة الاجتماعية وصولًا إلى الصراع الطبقي (محرك التاريخ في نظر الماركسيِّين منهم)؛ ومن ثم يضم التقرير طيفًا واسعًا من تلك التنظيمات التي تصف نفسها بأنها اشتراكية، أو اشتراكية ديمقراطية أو شيوعية أو ماركسية، أو ترد فى أسمائها إشارة واضحة إلى البعد الاجتماعي ويضم برنامجها ما يقطع بهويتها الاشتراكية. ولذلك يخرج من نطاق هذا التقرير التيار القومي، لا لأنه غير يساري ولكن بسبب التمايز الواضح بين التنظيمات المشار إليها والأحزاب والتنظيمات القومية لاختلاف الرؤية والأولويات ممَّا يبرِّر إفراد التيار القومي بتقرير منفرد.
ونعني بالمشروع الإسرائيلي الاحتلال الاستيطاني الإحلالي للأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية وتوسُّعها وسعيها للسيطرة على ثروات المنطقة العربية عبر ما يسمَّى بالتطبيع الاقتصادي والثقافي.
يستعرض التقرير رؤية اليسار العربي للمشروع الإسرائيلي والصراع العربي معه: طبيعته، ومحدداته، ومداخل التعامل معه حربًا أو سلامًا، ومواقف اليسار العربي من هذا المشروع والصراع في عدَّة محطات تاريخية: كانهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيره على الصراع، ومعاهدات السلام العربية-الإسرائيلية، ودور اليسار العربي في العمل المسلح.

أولًا- طبيعة المشروع الإسرائيلي والصراع معه

يرى اليسار العربي أن المشروع الإسرائيلي مشروع استعماري استيطاني إحلالي، وهو جزء من الإمبريالية العالمية، والصراع معه صراع بين حركة تحرُّر وطني وهذه الإمبريالية. وتتفاوت تقديرات اليساريِّين العرب لاستقلالية المشروع الإسرائيلي ومصادر ديناميكيَّاته الخاصَّة والمستقلَّة نسبيًّا عن الإمبريالية، ويمكن الإشارة إلى أربعة اتجاهات في هذا المجال:
الأول- اتجاه يرى أن إسرائيل مجرد أداة من أدوات الإمبريالية للسيطرة على المنطقة (مع وجود قدر ضئيل من الاستقلالية)، فإسرائيل عند هذا الفريق مرتكز محلي للإمبريالية ورجل شرطتها والذراع المسلح للغرب، وحصان طروادة الغرب في المنطقة. باختصار، إسرائيل صنيعة وأداة للإمبريالية.
الثاني- اتجاه يرى أن إسرائيل كيان مجتمعي له استقلاليَّته النسبية، لكن لا يمكن الاعتماد على سيرورة الصراع الطبقي داخله في إفراز قوى تقدُّمية معادية للصهيونية، وتطوير المجتمع الإسرائيلي لديناميكياته يزيد من صلابة علاقته بالإمبريالية ويمنحه قدرة على الحركة والمناورة في إطار التحالف الاستراتيجي الذي يستند إلى وحدة المصالح.
الثالث- اتجاه ينظر لإسرائيل ككيان مجتمعي مستقر تبلورت فيه سمات خاصة أصبح بمقتضاه مجتمعًا طبقيًّا توجد فيه فرصة تنامي التناقضات الاجتماعية وتعبيراتها السياسية (يمين ويسار وفاشية).
الرابع- اتجاه يرى إسرائيل كيانًا في طريقه إلى الاستقرار كإمبريالية فرعية إقليمية، لكن من غير المأمول أن يؤدِّي إلى تطور الصراع الطبقي بما يسمح بظهور قوى تقدُّمية حقيقية معادية للصهيونية(1). وينتقد حلمي شعراوي الرؤى العربية التي تُلِحُّ على التحالف مع القوى التي توصف بالديمقراطية والتقدُّمية في إسرائيل، ويلفت النظر إلى أن “القوى الديمقراطية التي يشير إليها البعض لا تصدر عن قوى عمالية (الهستدروت) أو فلاحية (الكيبوتزات)، وإنما تصدر عن تجمُّعات مهنية ومثقفين يرتبطون بمنهج ليبرالي هدفه إنقاذ “الوطن اليهودي” وليس تصفية طبيعة العنصرية في المنطقة”(2).

ثانيًا- موقف اليسار من البُعد الديني في الصراع

يرفض اليسار العربي التشخيص الديني للصراع العربي-الإسرائيلي، ويحذِّر معظم المفكرين والكوادر اليسارية العربية من هذا التشخيص لأنه يعوق التحالف مع الشعوب غير المسلمة ومع القوى العلمانية العربية، ويشلُّ أي إمكانية لاستنهاض واستقطاب حلفاء من داخل النظام الإسرائيلي نفسه، كما أنه يمهِّد لاستخدام سلاح الفرقة الدينية داخل الدول العربية.
ويعتبر سمير أمين أن تشخيص الصراع على أنه صراع ديني من أخطر الخرافات التى اخترعتها الرجعية العربية بقيادة السعودية، متناسيًا أن البعد الديني في الصراع حاضر منذ بداية المشروع الإسرائيلي وقبل تأسيس المملكة العربية السعودية. ومن أخطر النتائج المترتبة على هذا التشخيص في نظره “أنه يعزلنا عن حلفائنا. فإذا كان الصراع دينيًّا فما دخل شعوب الإخوة الآسيويين والأفارقة غير المسلمين فيه؟ هذا بالإضافة إلى أن هذا التشخيص يقوم على مبدأ قبول نفس مبدأ الصهيونية، أي مبدأ المعادة المزعومة ضد اليهود”. وهو ما يتَّفق معه جعفر محمد صادق الماركسي السوداني الذي يرى أن “إضفاء الطابع الديني والعرقي لهذا النِّضال أفقده الكثير من العناصر العالمية غير العربية”(3). وهما هنا يتنكَّران لحقيقة موضوعية ثابتة تؤكد أن تراجع دعم الدول والشعوب غير الإسلامية للقضية الفلسطينية وإقامتها علاقات رسمية وشعبية مع إسرائيل جاء بعد عقد معاهدات السلام مع إسرائيل وليس بسبب تأكيد الحركة الإسلامية الدائم على أهمية ومركزية البعد الديني للصراع.
ويطرح سمير أمين سؤالا افتراضيًّا يتَّسم باللجاجة وعدم الذكاء التاريخي: “لو افترضنا أن المستوطنين على أرض فلسطين كانوا غرباء غير يهود (بل مسلمين من إندونيسيا مثلا) فهل تصبح المشكلة مختلفة”؟(4) مجرد الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تعطيها أهمية لا تستحقها، فهي أسئلة خطابية للقنص تعزز حجة انعدام أي بُعد ديني للصراع. وقد حكم مسلمون فلسطين من كافة الأجناس كالأكراد والأتراك وغيرهم ولم يكن هناك أي صراع لا مع مسلمي فلسطين ولا مسيحيِّيها ولا حتى يهودها، لأنه لم يكن احتلالا (من باب النزول على حجة الخصم) اقتلاعيًّا لأي مجموعة دينية أو عرقية. وهو سؤال يعكس مدى العداء الأيديولوجي الطائفي لصاحبه لكل ما يمتُّ للإسلام بصلة، وهو نتاج لعقلية غير متَّسقة تدَّعي تبحُّرها في الاقتصاد، أيَّدت مشروعات ثبت عدم جدواها –اعترف النظام الذى أقامها بأنها لرفع الروح المعنوية- لمجرد الكيد والمعاندة للحركة الإسلامية(5).
ويعدِّد بعض اليساريِّين العرب حجَجَهم حول أن الصراع ليس دينيًّا ما بين “أن الدولة الحديثة بغض النظر عن فلسفتها الاجتماعية لا تُدخِل الدين كعنصر أساسي في اعتبارها وإلا أثارت البلبلة والتناقضات داخلها”(6). وبين أن هذا التشخيص يمنع “استنهاض واستقطاب الحلفاء داخل النظام الإسرائيلي نفسه”، وأن الطرف المعادِي يسعى لتوظيف الدين -وبوجه خاص سلاح الفرقة الدينية- لإضعاف جانب الشعوب العربية”(7). وهي حجج مردود عليها، أولًا- بأن الطرف الإسرائيلي يؤكِّد على البعد الدينى للصراع أو على أقل تقدير يستغلُّه ويستثمره خارجيًّا لجلب تأييد العديد من صور الدعم، وداخليًّا فى دعم تماسك مجتمعه بين العلمانيِّين والمتديِّنين اليهود، بل وفي تجاوز التناقض بينهم. ثانيًا- لم يمنع تشخيص الحركة الإسلامية للصراع بأن جزءًا كبيرًا منه ديني بعض القوى اليسارية والليبرالية من إقامة شراكات مع مثيلاتها الإسرائيلية كجماعة كوبنهاجن وغيرها، بل وتمهيدها لعقد اتفاقيات سلام بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية مع إسرائيل، والنتائج الوخيمة الكارثية لهذه التحالفات على المصالح العربية أوضح من أن يُشار إليها. ثالثًا- الخلافات الدينية السُّنية الشيعية لا تنفي اتفاق الفريقين على ضرورة مواجهة إسرائيل، بل مزايدة عدد من النُّظم بعضها على بعض في ذلك. وما يجري من خلافات بين المسلمين وعدد من الطوائف غير المسلمة وأحداث كالمسيحيِّين في مصر، بل واستهدافهم من داعش في سوريا والعراق ومعهم اليزيديون، لم يغيِّر من المواقف المعلنة لهذه الطوائف في مساندة القضية الفلسطينية خصوصًا أن إسرائيل لا تقصر فى الاعتداء على المقدَّسات المسيحية في فلسطين.
ومن يرى من المفكرين اليساريِّين أن جزءًا من الصراع العربي-الإسرائيلي ثقافي، مثل المفكر الماركسي العراقي هادي العلوي، لأن إسرائيل دولة غربية إمبريالية النظام تحمل نفس المأخذ الثقافي للاستعمار الغربي، يجزم بأن “ليس لهذا المنحى صلة بالدين، لأن الصدام بين العالم العربي والمعسكر الإمبريالي وليس بين الإسلام وبين الدين الرسمي لهذا المعسكر”(8)، مع أنه يرى أن إسرائيل هي مشروع ديني في الأساس(9)، وأن القضية الفلسطينية تشتمل في الأصل على محور صراع ديني طرفاه اليهودية والإسلام، مؤكِّدًا أن “إسرائيل في الجوهر كيان يهودي يتوحَّد فيه الدين بالدولة، التي تعتبر مسؤولة عن الدين اليهودي باعتباره التجسيد النهائي لمبادئ هذا الدين”(10).
وكان لرفض اليسار أن يكون الدينُ أحد أبعاد الصراع العربي وإسرائيل تأثيره في رؤيتهم لحل الصراع، ويتمثَّل في نظر العديد من اليساريِّين في حلِّ الدولة “العلمانية” الواحدة؛ وهو ما يراه سلامة كيلة “ضرورة في كل البلاد العربية وأشد ضرورة في فلسطين؛ لأن إلغاء يهودية الدولة التي يؤكِّد عليها القادة الصهاينة لا يفترض بناء دولة قائمة على أساس الدين، بل يجب أن تكون محايدة تجاه الأديان، فالصراع الذي يبدو أنه صراع بين عرب ويهود (وهو ما كانت تصر عليه الحركة الصهيونية، وتصر عليه معظم الأحزاب الصهيونية) يجب أن يقود إلى بناء دولة علمانية”(11)؛ وهو حل يتبناه الغالبية العظمى من المفكرين اليساريِّين خصوصًا الماركسيين منهم(12).

ثالثًا- انهيار الاتحاد السوفيتي

مع بداية التحول في الاتحاد السوفيتى السابق، حاول اليسار العربي فهم تأثير البيروسترويكا على الصراع العربي-الإسرائيلي في ظلِّ مبادرة جورباتشوف حول الصراعات الإقليمية التي طرحها في 24 أكتوبر 1985، والتي أكَّد فيها على ضرورة تسوية جميع النزاعات الإقليمية بالطرق السياسية وحدها دون سواها وعلى أساس الحلول الوسط، واعتبر جورباتشوف في كتابه “البيروسترويكا” الصراعَ العربي-الإسرائيلي نزاعًا بين إسرائيل وجيرانها، وأكَّد أن الاتحاد السوفيتي لا يكنُّ لإسرائيل أيَّ عداء من حيث المبدأ ويعترف بحق إسرائيل في الوجود، وأنه على ضوء الأعمال التي تقترفها إسرائيل لا يمكن إقامة علاقة دبلوماسية معها، ومع ذلك يمكن إعادة النظر في الأمر إذا ما بدت في الأفق إمكانية تطبيع وتسوية في الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت يعلن معارضة الاتحاد السوفيتي الثابتة للتوسُّع الإسرائيلي ودفاعه عن الحقوق المشروعة ومن بينها حقوق الشعب العربي الفلسطيني(13).
وأثير من جديد السؤال الجديد القديم: هل الصراع مع إسرائيل صراع وجود أم حدود؟ أثار السؤال نبيل الهلالي، ورأى محمد محمود الإمام أنه صراع وجود، وتساءل: “هل الوجود هو وجود التابع التخاذلي الذي يرضى بأن يعيش على هامش الرأسمالية باعتبار أنها القوة الوحيدة أم الوجود النضالي”؟ مجيبًا: “فقدنا الروح النضالية”؛ ولذلك رأى أنه ليس من حق اليسار العربي توجيه أي لوم لجورباتشوف بخصوص موقفه من الصراع العربي-الإسرائيلي، موضحًا: “قد تكون ميوله يهودية وروابطه العائلية يهودية.. لكن ليس هذا هو الأساس.. الأساس هو نحن”(14).
وفي تفسيره لموقف الاتحاد السوفيتي يقول محمود أمين العالم إن السبيل لإنهاء الواجهة بين الاتحاد السوفيتى مع الإمبريالية العالمية والرأسمالية العالمية يتمثل في أنه “لابد للاتحاد السوفيتي أن يغيِّر علاقته مع إسرائيل التي تلعب دورًا كبيرًا في هذا النظام الرأسمالي العالمي”، كما أن إسرائيل هي المدخل للتفاعل والتحالف بين الاتحاد السوفيتى والأحزاب الاشتركية الديمقراطية؛ والسبب في ذلك -كما يؤكد أمين العالم- “أن الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في العالم تغلب على قيادتها –بالفعل- العناصر الصهيونية”(15).
ويحكي محمد سيد أحمد قصة لقائه مع أحد الإسرائيليِّين في ندوة قدَّم فيها ورقة بحثية، وجاءه هذا الإسرائيلي وقال له: “ورقة لا تعجبني لأن معناها أنك لا تريدني في المنطقة”، فرد عليه: “إني لا أعبر عن نفسي، إنني أعبر عن المنطقة.. إننا لا نؤمن أن لكم مستقبلًا في المنطقة؛ لأننا لا نؤمن بأن لكم ماضيًا في المنطقة. وهناك فرق بين صراعنا معكم، وبين الصراع بين فرنسا وألمانيا، أو بين العراق وإيران.. وهو أن كل هؤلاء لا مفرَّ من التفاهم فيما بينهم مهما كانت الخلافات بينهم.. لأنهم عاشوا مع بعضهم البعض دائمًا.. بينما نحن نراكم مثل الحروب الصليبة: أتيتم وتذهبون…”.
ورد عليه الإسرائيلي: “يجب أن تفهم معنى السلام، تعريف السلام هو أن تتكيَّفوا مع وجودنا؛ لأننا تواجدنا ليس بفضلكم.. فإذا كنتم تريدون سلامًا يجب عليكم أن تدفعوا الثمن، والثمن هو أن تتكيَّفوا مع وجودنا، وأن تفهموا نهائيًّا أن الأمر هكذا”.
غضب سيد أحمد وقال: “في هذا أنت مخطئ.. والفرق بيينا وبينكم أننا ننهزم مئة مرة ونبقى، بينما أنتم إذا انهزمتم مرة فمعنى ذلك نهاية وجودكم في المنطقة.. قضية السلام تتلخَّص في السؤال: ماذا عليكم أن تفعلوه الآن كي -إذا ما انهزمتم مرة واحدة في أي مستقبل قريب أو بعيد- تضمنوا لنفسكم البقاء؟ إن هذا ثمن عليكم أن تدفعوه اليوم، وليس عندما تحدث هذه الهزيمة ولو بعد ثلاثة قرون.. هذا هو السلام.. هذا هو ثمنه”.
فكان رد الإسرائيلي: “الحمد لله.. عندنا ديمونا!” وقصد بذلك ترسانة القنابل النووية الإسرائيلية.. أي رد بمنطق شمشون: فلنسقط المعبد علينا وعليكم.
ويعتقد سيد أحمد أن هذا الحوار من الأمور الجوهرية، ويؤكِّد أن الإسرائيليِّين، بهذه اللغة يمكن أن يوضعوا في زاوية “كورنر” لأن التاريخ معنا في النهاية.
رد عليه كريم مروة: “ولكن الجغرافيا ليست معنا” فأجابه: “نعم.. الحل القديم هو أن ندفع بهم للبحر، لكن الحل الذي نطرحه اليوم هو أن يبقوا، لكن بمعنى يكون مقبولا لنا. ما هو هذا الثمن؟ أن تُستثمر إمكانيَّاتهم لحساب المنطقة ككل، وليس لحسابهم على حساب المنطقة. نحن نرضى بهذا السلام، لكن هذا السلام غير مطروح.
كان هذا في عام 1990م ولم تمضِ سنوات حتى طرح شيمون بيريز فكرة “الشرق الأوسط الجديد” الذي تقوم على استثمار القوات البشرية والتكنولوجية لإسرائيل مع الأموال الخليجية والعمالة العربية رخيصة الثمن فى تنمية المنطقة كحل للصراع العربي-الإسرائيلي؛ وهى فكرة تشابه ما طرحه محمد سيد أحمد الذي يؤكد أن هذا الصراع، كقضية سلام، هو الطرح الذي-جدليًّا- في سبيل مباشرته.. هناك مواجهة، معركة سلامية نضالية في الوقت نفسه وتطويرية لكياننا فى مواجهة هذا التحدِّي “فهو يعتبر إسرائيل والصراع معها التحدِّي الذي يشكِّل عنصر تطويرنا”(16).
القصة السابقة طويلة، أوردناها لتوضيح أنه رغم ما لخبرات المواجهة الشخصية (لقاء محمد سيد أحمد بإسرائيلي) والتحولات العالمية (انهيار الاتحاد السوفيتي) من تأثير على بعض المواقف، إلا أن الثوابت الفكرية لهذا التيار هي التي لها الحسم الأخير في بلورة وتشكيل مواقفه من الصراع العربي-الإسرائيلي، فقانون الجدل الماركسى بين الأطروحة ونقيضها والمولِّد لشيء جديد هو الذي وجَّه هذا المفكر فيما قاله من أن إسرائيل تعتبر تحديًا يشكِّل عنصرَ تطوير.

رابعًا- موقف اليسار من التسوية السلمية

بشكل عام، يعترض اليسار العربي على كافَّة اتفاقيات السلام التى وقَّعتها دول عربية مع إسرائيل، فهم يرفضون اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية، واتفاقية كامب ديفيد عام 1978م، واتفاقية أوسلو المعروفة رسميًّا باسم “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي” وهو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمَّت فيها المحادثات السرِّية التي تمَّت في عام 1991م، واتفاق غزة-أريحا، والمعنون رسميًّا “اتفاق حول قطاع غزة ومنطقة أريحا”، وُقِّع في 4 مايو 1994 لاحقًا على “اتفاقية أوسلو”، وفيه خلص الأطراف إلى تفاصيل الحكم الذاتي الفلسطيني ويعرف الاتفاق باسم “اتفاق القاهرة” 1994م. كما يرفض اليسار معاهدة السلام الأردنية-الإسرائيلية المعروفة باسم اتفاقية “وادي عربة” عام 1994م، واتفاق طابا-أوسلو 2 في سبتمبر 1995، واتفاق الخليل في 1997م، واتفاق “واي ريفر” أو “واي بلنتيشن” في أكتوبر 1998، واتفاقية شرم الشيخ (واي ريفر2) في سبتمبر 1999.
واستمرارًا لنهج الشعارات “لتسقط الإمبريالية – ليسقط وعد بلفور – ليسقط الإقطاعيون المتزمِّتون – ليسقط المغامرون الصهاينة – عاشت البروليتياريا الموحَّدة في فلسطين – عاش الاتحاد المستقل للعمَّال والفلاحين لجميع الأقطار العربية”(17)، يواصل اليساريُّون في بياناتهم ووثائقهم “تسقط كامب ديفيد، تسقط وادي عربة، تسقط أوسلو”.
والحق أن اليسار الشيوعي العربي منذ البداية له تصوُّر وبرنامج واضح لهذا الصراع وحله وإمكانية تسويته، يوضح فيه الحلفاء والأعداء؛ إذ يذكر أحد بيانات الحزب الشيوعي الفلسطيني: “أيها العمال والفلاحون والمواطنون الشرفاء.. لاتسمحوا لأنفسكم أن تُضلَّلوا بالإثارة الشوفينية العمياء.. اعملوا من أجل وحدة الجماهير العربية-اليهودية العريضة، ينبغي للعمال اليهود والعرب أن يسيروا ليس مع البرجوازيِّين الصهاينة ضد الجماهير الفقيرة، وليس مع الإقطاعيين المتزمِّتين، ولكن بوحدة أخوية، يدًا بيد في نضال مشترك ضدَّ أعداء طبقتهم تحت راية الحزب الشيوعي”(18).

خامسًا- دور اليسار في العمل المسلح ضد إسرائيل

نشير إلي دور اليسار العربي فى العمل المسلَّح من باب الموضوعية والإنصاف وتقديرًا واحترامًا لدماء شهدائه في هذا المجال وأسْراه في السجون الإسرائيلية الذين شاركوا فى هذا العمل، في إطار دعم كل مجهود يبذل فى المقاومة المباشرة للعدوان الصهيوني وتذكيرًا للأجيال الجديدة من اليسار العربي بهذا الجهد رغم انحساره الآن لعل بعضهم يستئنفه ويمهِّد لعودته بشكل أو بآخر متجاوزرًا مجرد الفخر به في مجال السجال مع التيارات الفكرية العربية الأخرى كالتيار القومي والتيار الإسلامي.
يستخدم أحد الباحثين اليساريِّين عبارة “اليسار المقاوم” للدلالة على فصائل اليسار التي انخرطت في حركة المقاومة الفلسطينية وتبنَّت ومارست المقاومة المسلحة، ويعني به حصرًا الجبهتين الشعبية والديمقراطية.
قامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالعديد من العمليات المسلَّحة ضد إسرائيل ومصالحها داخل وخارج الأراضي الفلسطينية كخطف الطائرات الإسرائيلية وعملية سينما (حين) في 12 ديسمبر 1974 أول عملية استشهادية يستخدم فيها الحزام الناسف قتل فيها 62 صهيونيًا، واغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في أكتوبر 2001.
أمَّا الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فقد دعت إلى سياسة تعبوية عامة للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وخاصة في أراضي 1948 ولبنان والأردن، ومارست فعلًا سياسة تعبوية متقدِّمة، ولها دور رئيسي في كل حروب الدفاع عن الشُّعب والمخيَّمات والثورة في أغوار الأردن والجولان، وسيناء وجنوب لبنان، ونفذت عشرات العمليات العسكرية النوعيَّة الكبيرة ضدَّ الاحتلال الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة 1948 و1967(19).
إن مشاركة بعض منظمات اليسار العربي فى المقاومة المسلَّحة هي أهم الجهود التى حفظت لكل اليسار العربي سمعته فى هذا الصراع؛ فلقد “تميَّز الموقف اليساري قبل العام 1967م بموقف الشيوعيِّين حصرًا من القضية الوطنية. فالموافقة على قرار التقسيم، وعلى شرعية الوجود الصهيوني في فلسطين بالاستناد لمقولة حق تقرير المصير، ولاحقًا الموقف النقدي (وأحيانًا العدائي) من ظاهرة المقاومة الفلسطينية، والعمل المسلَّح تحديدًا… كل ذلك ألحق الضرر بمكانة ومصداقية اليسار في فلسطين والمنطقة العربية طوال الخمسينيات والستينيات”(20). ويكفي في بيان هذا الأثر السلبي الإشارة إلى ما صرَّح به جورج حاوي الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني حول تأثير موقف الحزب من تقسيم فلسطين على نفوذ الحزب، إذ يفيد حاوي أن عضوية الحزب بلغت في العام 1946 حوالي 45 ألف عضو بتأثير نضالات الحزب للاستقلال وانتصار السوفييت في الحرب العالمية الثانية… ولكن سرعان ما تراجع قوام الحزب ليبلغ خمسة آلاف عضو بعد قرار الحزب بتأييد تقسيم فلسطين”(21).

خاتمة

لا يخفى على أحد أن نتيجة الصراع العربي-الإسرائيلي حتى الآن في صالح إسرائيل؛ فالمشروع الإسرائيلي حقق أهدافه في احتلال الأراضي الفلسطينية وإحلال اليهود محل الشعب الفلسطيني، وهذا المشروع في تقدُّم مستمر بعد عقده اتفاقيات سلام مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، وصارت هذه الأنظمة -ومعها النظام السوري- مجرَّد حرَّاس على الحدود مع إسرائيل يحمونها من أي عمل عسكري أو مسلَّح مقاوم، كما أن التطبيع الثقافي والاقتصادي العلني والسرِّي يجري مع أكثر من دولة عربية سواء فى الخليج أو المغرب العربي، بل تجاوز الأمر مجرد المعاهدات والتطبيع ليصل لمرحلة التنسيق والتعاون الأمني بين إسرائيل وهذه الأنظمة.
كل هذا يعني إخفاقًا كاملًا وفشلًا ذريعًا لكافَّة القوى العربية الرسمية وغير الرسمية في مواجهة المشروع الإسرائيلي، وهذا الإخفاق والفشل مسؤولية الجميع.
إن إخفاق وفشل مواقف التيار الفكري اليساري الاشتراكي العربي من المشروع الإسرائيلي جزء من الإخفاق والفشل العربي الذي تتحمَّل وِزْرَهُ الأنظمةُ والنخبُ والشعوبُ العربية، وبالطبع فإن الوزن النسبى الذي يتحمَّله كل طرف من هذه الأطراف الثلاثة مختلف، فالأنظمة تتحمَّل الجزءَ الأكبر، تتلوها النُّخب ويأتي بعد ذلك الشعوب.
ويصعب تقدير الوزن النسبي لفشل التيار اليساري ضمن نصيب النخب العربية من الفشل الجماعي لها، لكن استمرار فشل هذا التيار وتزايد نصيبه من العجز العربي في مواجهة المشروع الإسرائيلي يرتبط بإصرار جزء غير قليل منه على أن التناقض الرئيسي (وهو مفهوم يساري، ماوي تحديدًا) هو بينهم وبين الحركة الإسلامية التي يفضِّلون تسميتها بالإسلام السياسي ويضعونه جنبًا إلى جنب مع الإمبريالية العالمية (بل والصهيونية) بدعوى وجود تحالف عضوي بينهما بحسب ما يقولون، وقد تزايد هذا الإصرار على أكثر من صعيد، منها المحاولات الثورية العربية أواخر 2010م، كما يرتبط هذا الفشل بإغفال قسم كبير من اليسار العربي المركَّب الديني للحركة الصهيونية والمشروع الإسرائيلي.
بالطبع، لا يمكن الطلب من تيار فكري التخلِّي عن لُبِّ رؤيتِه وتصوُّرِه، لكن غاية ما هنالك التذكير بتحذير قريب وجَّهه “هادي العلوي” لما اعتبره “حركة المقاومة العلمانية” من “أن تنجرَّ أطراف معيَّنة من هذه الحركة إلى الاصطدام بالمدِّ السلفي فتخلق بها جبهة صراع خارجة عن صراعها التاريخي مع إسرائيل والولايات المتحدة”(22). والحال الآن يوضِّح بجلاء تحقُّق هذه النبوءة، ليس فقط مع المدِّ السلفي بل مع الإسلام ذاته كما يفهمه عامَّة المسلمين، وهم في التحليل الأخير، إن كان هناك تحليل أخير، أكبر وأهم رصيد حقيقي في الصراع العربي-الإسرائيلي.
وختامًا، نشير لأبيات شعرية عامية أبدعها الشاعر فؤاد حداد الذي كان يصف نفسه بالشيوعي المسلم، يقول فيها:
ياسامعين: أبناء بلد واحدة
تحت السما الواحدة وياما جرى
مرت سنين على الدنيا متقدَّرة
الغرب سمَّاها العصور الوسيطة
ونظر وقال كان الزمن مظلم
أما الحقيقة البسيطة
بتقول فى دار الشرق
مهما جرى ومهما يجري
من أول تاريخ الهجرة
كان عندي فجر انشق
نوره فى عين الجبارين مؤلم
القصيدة بعنوان “الأرض بتتكلم عربي” من ديوان “نور الخيال وصنع الأجيال”. لعل الأجيال الجديدة من اليسار العربي، على قلَّة عددها، تسعى لرؤية نور الشرق الذي انطلق مع الهجرة النبوية ولا تصطف مع الجبَّارين بوعي أو بدون -ومنهم الإمبريالية والصهيونية- الذين يؤلمهم هذا النور، حتى تسهم بفعالية في تجاوز الإخفاق والفشل في التصدِّي للمشروع الإسرائيلي.
ومن منطلق واقعي يمكن طرح السؤال التالي: هل من الصعب على اليسار العربي أن ينقل تناقضه مع الحركة الإسلامية، إن لم يكن مع غالبية المسلمين، من خانة التناقض الرئيسي إلى خانة التناقض الثانوي؟ لعل ذلك يفتح الطريق للاشتراك في مواجهة إسرائيل.
*****

الهوامش:

(*) باحث في العلوم السياسية.
(1) عصام فوزي وأشرف حسين، قراءة تحليلية للشهادات، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 330.
(2) حلمي شعراوي، الكيان الصهيوني استعماري استيطاني، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 232.
(3) جعفر صادق محمد، بعيدًا عن الطبقات الحاكمة في الوطن العربي، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 211.
(4) سمير أمين، علاج الضعف العضوي أولا، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 248.
(5) راجع دفاع سمير أمين عن مشروع توسيع قناة السويس عبر مقالين، المقال الأول في: سمير أمين، قناة السويس الجديدة، صحيفة الأهرام، 4 أغسطس 2015، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/g8EQmm
ونشر باللغتين الفرنسية والإنجليزية على بعض المواقع، وبُث في لقاءات في إذاعات فرنسا الدولية وأوروبا 1 وإذاعة مونت كارلو الدولية بالعربية.
والمقال الثاني بعنوان: صحيفة لومانيتيه فرنسا بمناسبة قناة السويس الجديدة، صحيفة الأهرام، 10 سبتمبر 2015، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/gBhe5U
(6) عبد الرازق حسن، العنصر البشري ينتصر دائمًا، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 258.
(7) فوزي منصور، القوى الثورية في الاتجاه الصحيح، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 289.
(8) هادي العلوي، تصور لعالم عربي متقدِّم، (في): “مستقبل الصراع العربي الصهيوني: الانتفاضة الفلسطينية”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السابع، أكتوبر 1988، ص 321.
(9) المرجع السابق، ص 321.
(10) هادي العلوي، القوى الدينية وقضية فلسطين، (في): “الصراع العربي الصهيوني: الجذور والمواقف”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السادس، أبريل 1988، ص 170.
(11) سلامة كيلة، المسألة الفلسطينية: من سراب “حل الدولتين” إلى الدولة العلمانية الواحدة، (القاهرة: دار الهلال، 2017)، ص 239.
(12) عصام فوزي وأشرف حسين، مرجع سابق، ص 332.
(13) نبيل الهلالي، المائدة المستديرة حول البيروسترويكا والتغيير في الاتحاد السوفيتي والدولة الاشتراكية، المحور السادس: حل المشاكل الإقليمية وقضية الصراع العربي الإسرائيلي، (في): مجلة قضايا فكرية، الماركسية.. البيروسترويكا.. ومستقبل الاشتراكية، الكتاب التاسع والعاشر، نوفمبر 1990، ص 423.
(14) محمد محمود الإمام، المائدة المستديرة حول البيروسترويكا والتغيير في الاتحاد السوفيتي والدولة الاشتراكية، المحور السادس: حل المشاكل الإقليمية وقضية الصراع العربي الإسرائيلي، المرجع السابق، ص 423.
(15) محمود أمين العالم، المائدة المستديرة حول البيروسترويكا والتغيير في الاتحاد السوفيتي والدولة الاشتراكية، المحور السادس: حل المشاكل الإقليمية وقضية الصراع العربي الإسرائيلي، المرجع السابق، ص 423.
(16) مداخلة محمد سيد أحمد في المائدة المستديرة حول البيروسترويكا والتغيير في الاتحاد السوفيتي والدولة الاشتراكية، المحور السابع: أثر الفكر الجديد للبيروسترويكا في الاتحاد السوفيتي والعالم الاشتراكي على الحركة الاشتراكية في مصر والوطن العربي، مجلة قضايا فكرية، الماركسية.. البيروسترويكا.. ومستقبل الاشتراكية، الكتاب التاسع والعاشر، نوفمبر 1990، ص ص 442 – 443.
(17) إحدى بيانات الحزب الشيوعي الفلسطيني في عشرينيات القرن الماضي، نقلا عن: رفعت السعيد، الشيوعيون المصريون والقضية الفلسطينية والقومية العربية، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السادس، أبريل 1988، ص 222.
(18) المرجع السابق، ص 222.
(19) عرض كتاب تجربة اليسار الفلسطيني المسلح.. جوانب من إسهامات الجبهة الديمقراطية في إثراء العملية الوطنية التحررية، منتديات الحارة الحمراء، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/13f5jK
(20) وسام رفيدي، أربعون عامًا من صعود وهبوط مدوِّيَيْن لليسار الفلسطيني، موقع الحوار المتمدِّن، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2N3HYuv
(21) المرجع السابق.
(22) هادي العلوي، القوى الدينية وقضية فلسطين، (في): “الصراع العربي الصهيوني: الجذور والمواقف”، مجلة قضايا فكرية، الكتاب السادس، أبريل 1988، ص 177.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى