الانتفاضة الفلسطينية ومسار الصراع العربي الإسرائيلي

مقدمة:

رغم الخسارة الفادحة التي مُني بها الشعب الأمريكي في الحادي عشر من سبتمبر 2001، عندما تعرضت واشنطن ونيويورك وبنسلفانيا لأعمال تفجير إرهابية طالت برجي التجارة العالميين ومبنى البنتاجون، إلا أن هذه الأحداث كانت فرصة ثمينة لإدارة بوش الابن والكيان الصهيوني معًا كي يحققا مكاسب طائلة من ورائها، فلم يكن هدفها معرفة الفاعل الحقيقي ومعاقبته ومعالجة الدوافع والأسباب التي جعلته يتجرأ على مناطحة القوة العظمى الوحيدة بلا منازع المتربعة على عرش العالم، وإنما كان الهدف محكومًا بمنطق السوق وتعظيم المكاسب قدر المستطاع، بعيدًا عن العواطف. ولذلك فإن هذه النظرة الرأسمالية القائمة على قيم الاستغلال والاستعمار، والمرتبطة أشد الارتباط بالعقليتين الأمريكية والإسرائيلية، دفعتهما إلى ابتداء السيناريو باتهام طرف ما بارتكاب هذه الأعمال، ليكون مدخلًا لتحقيق الطموحات والاستراتيجيات الهادفة إلى السيطرة على العالم أمريكيًا واستكمال المشروع الصهيوني إسرائيليًا. فلا يهم إن كان المتهم تم القبض عليه أم لا، بل من المستحسن إطالة عمره وبقاء تنظيمه على قيد الحياة كي يستمر السيناريو الكبير والسيناريوهات الصغرى. ولذلك فالمتابع لأحوال الولايات المتحدة منذ أحداث سبتمبر سيجد أن جُل اهتمام إدارتها خلال أكثر من عام ونصف العام لم يكن مركزًا على معاقبة الفاعل، بل موجهًا إلى أمور أخرى ترتبط بتصفية حسابات قديمة مع قوى إقليمية كالعراق، وتحقيق طموحات ومصالح خاصة لقوى حليفة كالكيان الصهيوني، وربما لتحقيق مصالح خاصة لشركات داخل الولايات المتحدة تبحث عن مناجم جديدة للنفط والغاز الطبيعي ومصادر الطاقة الأخرى، أو تحاول فتح أسواق جديدة لمنتجاتها الصناعية والتسليحية. وقد يكون الأمر أكثر من ذلك، يهدف إلى تحقيق مصالح شخصية بحتة، ليس فقط ضمان الرئيس الأمريكي تمديد ولايته فترة أخرى، وإنما تحقيق أرباح طائلة لموظفين كبار في الإدارة الأمريكية لديهم شركات استثمارية أو نفطية أو صناعية، أو حتى كانوا يشغلون في هذه الشركات مناصب كبرى أو لهم أسهم فيها قبل أن يتولوا مناصبهم الحكومية أو حتى أثناء توليهم.
من هنا بدأ التحول في السياسة الأمريكية تجاه العالم، وخاصة تجاه منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا إزاء القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي. فمع وصول اليمين المتطرف والمحافظون الجدد إلى البيت الأبيض كانت أحداث سبتمبر فرصة سانحة لهم لتنفيذ طموحات قديمة، تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، للسيطرة على العالم، لولا ظهور الاتحاد السوفيتي الذي شكل لهم عائقًا مانعًا باعتباره قوة عظمى مماثلة لها نفس الحقوق في العالم. كما كانت هذه الأحداث مواتية لتحقيق طموحات أمريكية أخرى، كان قد عبر عنها زبجنيو بريجنسكي في كتابه الشهير: “رقعة الشطرنج الكبرى” حول أهمية السيطرة على أوراسيا والتحكم في نفط بحر قزوين وخيرات منطقة آسيا الوسطى كضرورة من ضرورات ضمان الهيمنة الأمريكية على العالم خلال القرن الواحد والعشرين الميلادي. ومواتية أيضًا لتحقيق ما دعا إليه منظرين من اليمين الأصولي البروتستانتي واللوبي الصهيوني في الإدارة الأمريكية، يحظى خلالها المشروع الصهيوني بنصيب وافر من الدعم لاستكماله ضمانًا للهيمنة الأمريكية على منطقة الشرق الوسط. وترتب على ذلك التقاء الأجندة الأمريكية جديدة مع أجندة الكيان الصهيوني ضمن استراتيجية واحدة مشتركة، كان لها ولتطبيقاتها انعكاسات وتداعيات واضحة على الانتفاضة الفلسطينية وعلى مسار الصراع العربي الإسرائيلي وعلى المنطقة العربية برمتها. وقد كانت كلمتا السر في هذا الالتقاء العضوي “مكافحة الإرهاب”، و “توجيه ضربة استباقية”، فضفاضتان لدرجة كبيرة جعلتهما يطمعان في تحقيق كل ما يتمنيانه من مصالح، حتى ولو كان على حساب الأمم والشعوب الأخرى.
ولما كانت خطة الحولية خلال هذا العام، التركيز على وضعية الأمة الإسلامية والمستجدات الطارئة عليها إثر أحداث سبتمبر وتداعياتها، في إطار العلاقة الحضارية بين الأمة وسائر الأمم لاسيما الغرب، وذلك من خلال ثلاثة محاور هي: عالم الفكر، عالم الأحداث، عالم المؤسسات والرموز؛ ومن منطلق التمييز بين “سمة الكثافة” التي غلبت على الفترة اللصيقة بما جرى يوم الحادي عشر من سبتمبر مباشرة، وبين “سمة الأثر الممتد” التي نجم عنها تداعيات وانعكاسات ممتدة لأزمة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر طالت القضية الفلسطينية؛ فإن اهتمام هذه الدراسة، كما هو واضح من العنوان، اقتصر على تحليل تداعيات أحداث سبتمبر على الانتفاضة الفلسطينية وانعكاساتها على مسار الصراع العربي الإسرائيلي بوجه عام، باعتبار أن هذا الموضوع يأتي في المرتبة الثالثة ضمن عالم الأحداث، خلال الفترة المنصرمة عقب الحادي عشر من سبتمبر، بعد إعلان الإدارة الأمريكية عن استراتيجيتها العالمية الجديدة، وبعد انتهاء الحرب في أفغانستان.
وتتطرق الدراسة إلى هذا الموضوع، في ضوء ما تقدم ذكره، من خلال تناول تحولات السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط في إطار الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط، التي شكلت ضوءً أخضرًا للكيان الصهيوني كي يستغل الحدث إلى أقصى درجة ممكنة، في إطار نموذج شارون لإدارة الصراع، المستند إلى خطاب مغاير يسعى من خلاله لتحقيق طموحاته لاستكمال المشروع الصهيوني في ظل إلغائه لاتفاقية أوسلو وكافة الاتفاقيات السلمية الأخرى مع الفلسطينيين.
ومن منطلق اعتبار السياسات الأمريكية والإسرائيلية بمثابة مؤثرات على القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، تمتلك انعكاسات سلبية بطبيعة الحال، فإن الدراسة ستلقي الضوء على أسلوب التعامل الفلسطيني مع الموقف، وفق رؤية تحليلية نقدية، تركز على رصد الخطاب الفلسطيني بمستوياته المختلفة. ومن جهة أخرى ستحلل الدراسة الموقف العربي والموقف الأوربي والدولي، وسترصد أبرز الاتجاهات العامة حول تصاعد العدوان الإسرائيلي، وتطور المقاومة الفلسطينية، وحالة النظام الدولي في ظل التحالف ضد الإرهاب التي حددتها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة إزاء الشرق الأوسط والعالم. كما ستحلل الدراسة تداعيات الأزمة على الانتفاضة وعلى مسار الصراع مع إلقاء نظرة مستقبلية على حالة القضية الفلسطينية خلال السنوات القادمة.

أولًا- السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي في ضوء الاستراتيجية الجديدة في الشرق الأوسط:

يعتبر استغلال دعاة الحرب من المحافظين الجدد في إدارة بوش الابن لأحداث سبتمبر، نقطة تحول فاصلة في السياسة الأمريكية؛ إذ قدمت هذه الأحداث فرصة ذهبية لهم، حسب تعبير نورم ديكسون، لتحقيق الحلم القديم للطبقة الرأسمالية الأمريكية الحاكمة بالهيمنة على العالم خلال القرن الحالي. ويتوقع ديكسون أن الشعب الأمريكي المنكوب سيدعم التدخلات العسكرية الأمريكية بذريعة مكافحة الإرهاب، التي تحولت إلى حرب ضد أي دولة أو حركة في العالم الثالث (1). ومن جهة أخرى يدعو اليمين الأصولي والتيار الصهيوني في إدارة بوش الابن، إلى ممارسة القوة في بسط السيطرة الأمريكية على جهات الكرة الأرضية الأربع، كما ذهب فهمي هويدي، لتأديب المارقين وتهذيب المنحرفين وإسقاط الأنظمة المتمردة وإخضاعها وهزيمة الأفكار المناهضة لها والمحرضة (2). وأمريكا مسوقة بهذه الطريقة إلى اعتماد منطق الحرب في فرض قيادتها على العالم، خاصة في ظل التأثير القوي للتحالف الصناعي العسكري على الإدارة الجمهورية، الذي يحكمه منطق “غطرسة القوة” (3). ويمثل مشروع بيل كريستول و38 عضوًا في الإدارة الأمريكية الحالية تحت عنوان: “من أجل قرن أمريكي جديد” برنامجًا ساحقًا ضد الإرهاب (4)، يتضمن تحجيم أي قوة مناوئة للولايات المتحدة في أي مكان في العالم. كما تمثل الوثيقة الأمريكية الصادرة عن البيت الأبيض في 20/9/2002 بشأن “استراتيجية الأمن القومي الأمريكي” انقلابًا في الفكر الاستراتيجي للإدارة الأمريكية (5)، وهي كما ذكر “جاي بوكما” نتاج أفكار قديمة للمحافظين (6)، تهدف من وجهة نظر أحمد عبد الحليم إلى إلغاء أو تأخير ظهور قوة مناوئة للولايات المتحدة تحتل مكانة الاتحاد السوفيتي (7)، وبهدف تصفية الجيوب المتبقية من الحرب الباردة (8). وهي في ذلك تسعى للهيمنة على العالم واستباحته، كما عبر عن ذلك ديفيد نورث، من خلال تدعيم الذريعة السياسية، لتصعيد النزعة العسكرية، ومنح نفسها حق استخدام القوة في أي مكان في العالم، والتخلص من أي نظام تريد، باعتبار ذلك حقًا شاملًا لها(9).
والاستراتيجية الأمريكية هذه تعبر عن التنكر للقيم الديمقراطية خاصة في تعاملها مع شعبها، وتصبح بذلك قوة إمبريالية إمبراطورية بتحولها من سياسة الردع والاحتواء إلى سياسة القوة السافرة في تعاملها مع العالم، وهي في ذلك تصر على سيادتها المطلقة وتتنكر لحقوق الأمم الأخرى في السيادة في عصر العولمة. ولوحظ أن المفاهيم التقليدية لسياسة القوة تزداد رسوخًا في خطاب السياسة لدى الأمريكيين (10). وقد عبر “ديفيد هيرست” عن دهشته من هذا السلوك الأمريكي بعد أحداث سبتمبر، بتأكيده أنه لم يسبق لأمريكا أن تصرفت بمثل هذا الوضوح، مفسرًا ذلك أنه يرجع إلى التحالف الثلاثي بين: “اللوبي اليهودي”، و” المحافظين الجدد”، و”اليمين الأصولي المسيحي” (11).
وفي السياق نفسه، لاحظ باتريك سيل أن منظري اليمين المتطرف “المحافظون الجدد” يتبنون مذهبًا جديدًا، يدعو لاستخدام التفوق العسكري لإعادة ترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط عسكريًا على نطاق واسع، بحجة منع تحولها لخدمة الإرهاب الشامل. ويقترحون لذلك غزو المنطقة عسكريًا، مع تكريس سيادة إسرائيل عليها بلا منازع، وتكريس سيادة الولايات المتحدة على العالم بلا منازع أيضًا (12). ولذلك دعا “جيم هوجلاند” الإدارة الأمريكية إلى اتباع استراتيجية جديدة تمنع تردي المنطقة في فوضى تجعلها مسرحًا للإرهاب العالمي (13).
وكان معهد راند قد أصدر تقريرًا، اعتمد فيه المحافظون الجدد على نفس الأفكار الواردة في وثيقة ريتشارد بيرل، رئيس مجلس سياسات الدفاع في البنتاجون، التي كان قد أعدها لنتنياهو عام 1996، كالإجهاز عسكريًا على أوسلو وعلى السلطة الفلسطينية، تحت عنوان: “ماذا يجب أن تكون الاستراتيجية في الشرق الأوسط؟”. هذا التقرير أشار إليه الكاتب الإسرائيلي “نخشون فيكشمان”، مؤكدًا على مخططات يعدها صقور أمريكا لتغيير وجه المنطقة العربية (14)، وأشار أحمد صدقي الدجاني إلى أن قراءة متأنية للتقرير الشامل عن مستقبل المنطقة الذي طلب بوش إعداده، وعنوانه: “استراتيجية العمل الجديد لمنطقة الشرق الأوسط”، تبين أن التهديد الرئيسي الذي تتعرض له أمريكا ومصالحها يأتي من منطقة الشرق الأوسط، وبدل أن يعالج التقرير أسباب العداء ودوافعه اقترح المعالجة بالدعاية والتدخل في مناهج التعليم وبتقديم مساعدات اقتصادية وحل الصراع العربي الإسرائيلي. وقد تبنت هذه الاستراتيجية التي أعلنها بوش في يونيو 2002 “نظرية الضربة الإجهاضية”- حسب تعبير الدجاني- أو “الاستباقية”، بدلًا من “نظرية الردع والاحتواء” (15).
ومن جهة أخرى فقد عرض ريتشارد بيرل ودوجلاس فيث أمام كبار العسكريين الأمريكيين شرحًا لأهداف الحرب الأمريكية على الإرهاب في الشرق الأوسط، من خلال لوحتين بيانيتين على شاشة عملاقة، تضمنت اللوحة الأولى ثلاثة أضلاع (العراق الهدف التكتيكي، السعودية الهدف الاستراتيجي، مصر الجائزة الكبرى)، واللوحة الثانية كناية عن مثلث آخر(إسرائيل هي فلسطين، وفلسطين هي الأردن، والأردن هو العراق)(16)، وهكذا تحول تقرير “استراتيجية إسرائيلية لعام 2000″ إلى برنامج عمل للحكومة الأمريكية تجاه المنطقة(17).
وصاغ صقور واشنطن” نظرية إعادة بناء الأمم”، وتحديدًا في الشرق الأوسط، لإسقاط الأنظمة، ونشر الديمقراطية، وتمدِين “الأمم الفاشلة”(18) كما يدعون. وهي مقولات مبطنة تخفي وراءها رغبة واشنطن في إيجاد أنظمة مطيعة لها بدرجة أكبر مما كانت. فهي بحاجة مثلًا لأنظمة عربية تقبل بالتصور الإسرائيلي الشاروني لحل القضية الفلسطينية (ستعرضه الدراسة لاحقًا)، ولا تمانع في قبول إسرائيل كقوة قائدة للمنطقة، في إطار تجمع إقليمي جديد أكثر اتساعًا يحظى دائمًا بالرعاية الأمريكية.
وقد ظهرت مقولات المدرسة التبسيطية في صنع القرار على لسان بوش في أول خطاب له عقب أحداث سبتمبر (محور الخير، محور الشر، من ليس معنا فهو ضدنا،… إلخ)، وساد الفكر الأوحد، وتم تشخيص الإسلام عدوًا، وتعميق العلاقة الوثيقة بين بقاء إسرائيل والقوة العسكرية الأمريكية. ويعتبر من أبرز منظري هذه المدرسة: برنارد لويس، وصمويل هانتنجتن، وريتشارد بيرل، ووليام كريستول، وبول وولفوفيتز. وشكل المحافظون الجدد ولوبي السلاح ولوبي النفط واللوبي الصهيوني “لجنة الخطر الراهن” لمواجهة الخطر الإسلامي(19).
من جهة ثانية بينت لميس أندوني في تناولها لموضوع مثير تحت عنوان: “الاستشراق في خدمة الإمبراطورية الأمريكية”، دور برنارد لويس، كمنظر أيديولوجي لصقور الإدارة الأمريكية فيما يخص الشرق الأوسط يعتمد على التاريخ والنظرة بعيدة المدى، في تعميق العداء للعرب والمسلمين، ودفع الصقور للنزعة الاستعمارية، مشيرة إلى دوره في صياغة خريطة المنطقة المزمع تطبيقها (20).
ونظرًا لعدم قدرة واشنطن على إقناع الناتو بتبني الاستراتيجية الجديدة، واتفاق الأمريكيين والإسرائيليين في الوقت نفسه على استراتيجية مشتركة في المنطقة تحقق لهما السيادة، في إطار شرق أوسط يريده الصقور موسعًا، يضم منطقة آسيا الوسطى والقوقاز لتأمين التحكم في نفط بحر قزوين، فقد تبوأت إسرائيل مركز الصدارة في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية. وأخطر ما في هذه الاستراتيجية أنها تحدث ترابط أو تكامل بين التوجهات الاستراتيجية الأمريكية، والتوجهات الاستراتيجية الإسرائيلية القديمة، المتعلقة بمبدأ “الهجوم الواقي المسبق”، الذي تستند إليه العقيدة العسكرية الإسرائيلية منذ أكثر من نصف قرن. على أن يكون لإسرائيل دور في التعامل مع دول محور الشر أو الدول المارقة في الشرق الأوسط، إما بتوجيه ضربات منفردة أو في شكل عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة (21).
وبعد الانتهاء من تطبيق المرحلة الأولى للاستراتيجية الأمريكية الجديدة؛ عن طريق القيام بعملية انتشار استراتيجي شامل، ورفع درجة استعداد القوات العسكرية والجوية الأمريكية المنتشرة في العالم، وإنشاء تحالفات جديدة (22)، فضلًا عن تحقيق انتصار سريع في أفغانستان، رغم أنه لم يتم القضاء بعد على ابن لادن وشبكة القاعدة، في حين مازال الملا عمر حيًا يرزق ورجال طالبان مختبئين في الجبال؛ يمكن في ضوء ثلاث ثوابت للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط (حماية منابع النفط، بقاء المنطقة سوقًا استهلاكية، حماية حليفتها إسرائيل) (23) الحديث عن ثلاث ركائز لها في المنطقة: شن حرب على العراق للسيطرة على منابع النفط وإيجاد نظام موالٍ للولايات المتحدة يكون قاعدة عسكرية لها، تحطيم الإرادة الفلسطينية وإنهاء المقاومة، ترويض سوريا وإيران. وطموحها الأكبر هزيمة العروبة والإسلام، وإيجاد نظم مستسلمة تقبل الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية، وتأهيل إسرائيل لتصبح القوة الإقليمية العظمى في منطقة الشرق الأوسط الموسع الذي يضم الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى (24). وبذلك تعد ذهنية العسكرة ولغة العصا والإملاء المكشوف أساس السياسة الأمريكية في المنطقة(25)، اعتمادًا على الإرهاب المفبرك وابتداع أساليب الخداع لتبرير أعمالها أسوة بالرومان وهتلر(26).
ويمكن القول إن ملامح المشهد الدولي بعد عام على أحداث سبتمبر اتسم بستة ملامح أساسية: التناقض الداخلي المتميز بالردة عن القيم الليبرالية، اللجوء إلى القوة العسكرية كأداة للحل، اختزال الأجندة الدولية في مسألة مكافحة الإرهاب، تراجع المعارضة الدولية أو خفوت صوتها تجاه الأحادية الأمريكية، عزوف أمريكا عن المشاركة في القضايا الدولية الأخرى، اعتماد تصنيف جديد يضاف إلى الفئات التي يتم من خلالها فرز العالم دول ترعى الإرهاب وأخرى تحاربه(27).
هذه مقدمة سريعة كان لابد منها، لمعرفة مقدار التحول الكبير في السياسة الأمريكية الذي أحدثه وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض، ولتوضيح أن أحداث سبتمبر لم تكن سوى مبرر انتظره صقور الإدارة، من اليمين المتطرف والأصوليين البروتستانت ولوبيات النفط والتصنيع العسكري والصهيوني، لتحقيق طموحاتهم الشخصية ومصالح جماعاتهم التي ينتمون إليها، فضلًا عن الأخذ بيد إسرائيل لتكون القوة المسيطرة على المنطقة، كما أسلفنا، وكبح جماح القوى التي تشكل عقبة أمام ذلك. لهذه الأسباب فإن سعي الأمريكيين لحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق الأجندة الإسرائيلية، وإيقاف الانتفاضة الفلسطينية بالطريقة التي يراها شارون مناسبة، يشكل في جوهره أحد أهم الملفات التي تعنى بها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط، ومن ثم فإن مساعي الكيان الصهيوني لاستثمار ما ترتب على أحداث سبتمبر على المستوى الأمريكي لا يعد من باب اغتنام الفرص، بقدر ما هو تنسيق استراتيجي مشترك لتحقيق المصالح العليا لكل طرف. وتحاول إسرائيل في هذا الإطار، بطبيعة الحال، الاستفادة من تحالفها العضوي مع الولايات المتحدة بأقصى درجة ممكنة، لتنفيذ مخططاتها الصهيونية بشأن الهيمنة على المنطقة واستغلال مواردها وتحويلها إلى سوق لمنتجاتها(28).
على ضوء هذه الخلفية تتعامل إدارة بوش الابن مع القضية الفلسطينية وملفاتها المختلفة، رغم أنها كانت قد أعلنت نفض يدها من أزمة الشرق الأوسط(29) قبيل أحداث سبتمبر، تاركة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يحلان مشاكلهما سويًا(30). وفي ذلك إشارة مبطنة بإفساح المجال للعسف الشاروني الموجه للشعب الفلسطيني؛ حيث قللت إدارة بوش اتصالاتها بالمفاوضين الفلسطينيين وصولًا إلى حد التجميد تقريبًا، مستمرة في تغطية ذلك العسف داخل مختلف الأروقة الدولية(31). ثم ما لبثت الإدارة أن انجذبت من جديد بعد تصاعد الانتفاضة وصمودها في وجه الآلة العسكرية الشارونية.
بيد أن الأمر اختلف بالنسبة لها عقب أحداث سبتمبر؛ حيث اختفى الشعار الأمريكي الداعي إلى عدم التدخل (32)، وظهرت الإدارة الجمهورية بدرجة انكشاف عالية وجلية، في تعاملها مع الصراع كطرف معاد للجانب الفلسطيني، مرتبط عضويًا في الوقت نفسه بالكيان الصهيوني(33)، بعد أن تدرجت خلال العقد الماضي من راع أو وسيط محايد إلى حليف. وقد تجلى ذلك في خطاب الإدارة الأمريكية وسياساتها وتصريحات مسئوليها وقراراتهم. ولم تتوان إدارة بوش عن استخدام القضية الفلسطينية كأداة لتحقيق تطلعاتها في أفغانستان. وذلك من خلال الميل لنوع من التهدئة التكتيكية في مقاربتها للشأن الفلسطيني، وفي محاولة لتلطيف المقاربة الأمريكية بخطاب يعطف على القضية، كما عبر عن ذلك محمد خالد الأزعر، تمثلت في إعلان بوش أن فكرة الدولة الفلسطينية كانت دائمًا جزءًا من التصور الأمريكي، ومطروحة لدى الإدارة، شريطة احترام حق إسرائيل في الوجود. ويرجع هذا الاهتمام الأمريكي المفاجئ بالدولة الفلسطينية إلى إدراك إدارة بوش أن توسيع التحالف الدولي ضد الإرهاب وضد القاعدة وطالبان ليشمل الدول العربية والإسلامية، لن يكتب له النجاح في ظل موقفها العدائي من القضية.
إلا أن النكوص والعودة إلى الخط التقليدي، كما أشار الأزعر، كان أمرًا متوقعًا لدى الذين شككوا في صدقية التعاطف الأمريكي مع الأهداف الفلسطينية. فواشنطن لديها تقاليد في إسداء الوعود عند الحاجة والارتداد عنها عند انقضاء الحاجة كما قال الأزعر (34). وهذا ما حدث بعد نجاح حملتها على أفغانستان، حيث تبنت من جديد الخطاب الصهيوني، لأنها لم تعد في حاجة للعرب والمسلمين. وقد دفعها ذلك للانقلاب على خطابها الواعد فلسطينيًا مبدية استنفارًا عامًا ضد السلطة الفلسطينية وتنظيمات المقاومة وضد عرفات شخصيًا. وهو ما يعد مثلًا صارخًا على ميكافيللية السياسة الأمريكية وانتهازيتها المفرطة إزاء القضية الفلسطينية، التي أصبحت أكثر انكشافًا بعد أحداث سبتمبر (35). ويفسر المشير أبو غزالة كلمات بوش حول الدولة الفلسطينية، التي وصفها بالجوفاء، أنها جاءت أيضًا لإطفاء نيران الانتفاضة (36). ولذلك فإن استمرارها وتصاعدها بالعمليات الاستشهادية والمقاومة المسلحة، اعتبر دافعًا آخر لنكوص بوش وإدارته. ويلفت روبرت فيسك الانتباه إلى احتمالية تكرار استخدام بوش للقضية الفلسطينية كأداة للوصول إلى مآرب أخرى، قائلًا: “لدعم العرب في أفغانستان أثار بوش موضوع الدولة الفلسطينية، وأثارها مرة أخرى هذه الأيام، فيبدو أن في ذهنه حرب أخرى” (37) يقصد العراق.
وهكذا انكشف الموقف الأمريكي إزاء القضية الفلسطينية، عقب انتهاء المرحلة الأولى التي استطاعت إدارة بوش خلالها تحقيق بعض أماني زبجنيو بريجنسكي بالسيطرة على أوراسيا (38)، تحت يافطة محاربة الإرهاب (39). وهي الفترة التي شهدت تصعيدًا إسرائيليًا كبيرًا جاء اغتنامًا لفرصة انشغال العالم بالموضوع الأفغاني، واكبه تصاعدًا انتفاضيًا استشهاديًا موجعًا، جاء كرد فعل متوقع وطبيعي. وعليها الآن شفاء غليل اللوبي الصهيوني بدعم طموحات شارون لاستكمال السيطرة على باقي فلسطين، ومحاكاة المعتقدات الدينية لليمين الأصولي البروتستانتي الذي يتصور أنصاره، ومنهم بوش ورامسفيلد، أن وجود دولة إسرائيل يعد مقدمة ضرورية لمجيء المسيح المنتظر وإقامة حكمه في الأرض وتحقيق نهاية التاريخ (40). ولاشك أن علاقة بوش بهذا التوجه تنعكس مباشرة على سياسته الخارجية إزاء القضية الفلسطينية، فيقوم بتوجيهها في إطار الأطروحات الأصولية المذكورة التي يؤمن بها، القاضية بحق إسرائيل في كامل أرض فلسطين وفقًا للنبوءات التوراتية المزعومة. حيث إن الأرض مِلكٌ لليهود حتى يعود المسيح إليها مرة أخرى لإسرائيل (41).
وتأسيسًا على ما سبق، حرصت الإدارة الجمهورية، وخاصة بوش الابن شخصيًا، على ترجمة هذه التوجهات على أرض الواقع، من خلال مواجهة الطرف الفلسطيني مباشرة، مستهدفًا إيقاف الانتفاضة (42)، بمنح الإسرائيليين العديد من الأضواء الخضراء لاستكمال مشروعاتهم ومخططاتهم، وممارسة شتى الضغوطات على السلطة الفلسطينية وعلى الرئيس عرفات لحمله على إيقاف العمليات الاستشهادية والمقاومة المسلحة، كشرط رئيسي قبل البدء في المفاوضات. وقد تحركت إدارة بوش على هذا المحور من خلال تدعيمها لمقولة تربط فيها بين المقاومة والإرهاب، بين ما تقوم به حركات التحرر الوطني بوجه عام وما يفعله الإرهابيون (43)، متلافية إيجاد أي رابط بين ما تقوم به إسرائيل ومفهوم الإرهاب. بحجة أن ما تقوم به الدول لا يعد إرهابًا وإنما الإرهاب هو ما يقوم به أفراد أو تنظيمات لقتل المدنيين دفاعًا عن قضية سياسية معينة (44)، واصفة ما تقوم به الدول بأنه إما حرب وإما قمع وإما تطبيق للقانون أو حق شرعي. في إشارة منها لتبرير الإرهاب الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، واعتباره أمرًا مشروعًا وبمثابة دفاع عن النفس (45). ووصف شارون الذي ارتكب العديد من المجازر طوال حياته بأنه رجل سلام (46) وأن ما يقوم به المنتفضون الفلسطينيون من عمليات استشهادية أو مقاومة مسلحة، هو إرهاب يجب استئصاله (47)، وفي ذلك تكييف للصراع برمته على أنه صراع الإرهاب وأن الطرف الإرهابي هم الفلسطينيون (48).
وقد اتهمت إدارة بوش السلطة الفلسطينية بأنها كيان يدعم الإرهاب (49)، بسبب عدم رغبة أو قدرة عرفات على إيقاف الانتفاضة وكبح جماح فعالياتها المتصاعدة، منتهجة أسلوبًا كانت قد اتبعته معه قبيل التوصل لاتفاقات أوسلو، يستند إلى عدم الاعتراف بقيادته واختيار قيادات بديلة من داخل الأرض المحتلة للتفاوض معها. بحيث شكل ذلك ضغطًا على عرفات قاده إلى تنازلات كبيرة في أوسلو. ويكرر الأمريكيون مع عرفات نفس الأسلوب الآن بالحديث عن قيادة بديلة له، لدفعه إلى تقديم مزيد من التنازلات ترضي الطرف الإسرائيلي؛ وتهديده بفرض جملة من العقوبات ضد السلطة الفلسطينية بوجه عام، منها: سحب الاعتراف بها، إيقاف الاتصال معها، عدم تقديم الدعم المادي، إقناع الدول المانحة بعدم تقديم شيء لها أيضًا؛ ما لم تقم باعتقال النشطاء، وتدمير البنية التحتية للمقاومة، وتجفيف المصادر المالية لحركات المقاومة، وإغلاق المؤسسات الخيرية والاجتماعية والثقافية التي تشرف عليها حركة حماس، وتشديد القبضة على المساجد (50). ولأن عرفات لم يكن يمتلك القدرة على تلبية هذه الطلبات، ليس وهو حبيس غرفتين في مقره برام الله فحسب، وإنما حتى ولو كان كسابق عهده قبل اجتياح شارون للضفة والقطاع. ولذلك لم تجد إدارة بوش بدًا من إعطاء الضوء الأخضر الكامل لشارون، ليقوم بقمع الانتفاضة والسعي لكسر الإرادة الفلسطينية، أملًا في رضوخهم وإذعانهم لتصوراته بشأن التسوية المجحفة، أو تنفيذ مخططاته الجهنمية لاستكمال المشروع الصهيوني.
وتنظر الإدارة الأمريكية لاستئناف التفاوض المباشر وعملية التسوية السلمية، كأسلوب وحيدلحل الصراع (51)، لا يخرج عن إطار إرضاء الطرف الإسرائيلي. ولذلك ترى الدراسة أن أطروحات بوش الابن عن الدولة الفلسطينية، وكذلك رؤية باول، وخطة الطريق، ومن قبلها توصيات ميتشل، وتقرير تينت، وغيرها من المشاريع الأمريكية ليست سوى أطر شكلية غير جادة لحل الصراع، تاركة الأمور في نهاية المطاف للطرف الإسرائيلي كي يقرر هو ما يريد.

ثانيًا- الاستغلال الإسرائيلي لأحداث سبتمبر في إطار نموذج شارون لإدارة الصراع:

استطاعت إسرائيل توظيف أحداث سبتمبر، منذ اللحظة الأولى لوقوعها، والتي جاءت في غمرة إرهابها ضد الشعب الفلسطيني المنتفض (52)، ساعية للحصول على أكبر قدر من المكاسب. فبادرت باتخاذ قرار إغلاق مجالها الجوي لمدة أربع وعشرين ساعة، في خطوة يفهم منها أن احتمال استهداف إسرائيل وارد لأن العدو مشترك. وأكدت أن ما جرى في الأراضي الأمريكية لا ينفصل عما تتعرض له إسرائيل (53). وحاولت إسرائيل “العمل على تعيين موقعها البارز في الجبهة المواجهة للإرهاب، فطلب أكثر من مسئول إسرائيلي من الولايات المتحدة إعلان قيام جبهة قوى النور وفي مقدمتها إسرائيل، لسحق قوى الظلام التي تقع الدول العربية في مقدمتها” (54). وأدار الإسرائيليون الأزمة بخطاب يؤكد على مسئولية أطراف عربية وإسلامية في شن عدوان ضد الحضارة الغربية المسيحية والمدنية الحديثة (55). “فالعالم الإسلامي يريد إعادتنا إلى أيام القرآن، وهو يفعل ذلك باسم سيف محمد، لذا لابد للغرب من القيام بحرب مقدسة لا يتورع في إطارها عن الإقدام على أي عمل. إن هذه هي حرب يأجوج ومأجوج التي ينبغي فيها أن تهزم مرة وإلى الأبد القومية العربية والراديكالية الإسلامية” (56). وسارع عدد كبير من المسئولين الإسرائيليين إلى اتهام جهات وعناصر إسلامية متطرفة بتنفيذ الهجمات (57)، في إطار موجة تحريض هائلة على العرب والمسلمين أطلقها قادة الكيان وصحافته (58) وإعلامه.
وبدأت حملة حصد المكاسب السياسية التي قام بها السياسيون الإسرائيليون (59)، قبل أن تنطفئ النيران في منهاتن، “فظهر باراك في برنامج حي على الهواء في التلفزيون البريطاني (بي بي سي) وأشار إلى عرفات، وعلى شبكة (سي إن إن) ألقى نتنياهو اللوم على العرب والمسلمين والفلسطينيين” (60)، وقال متنقلًا من قناة تلفزيونية أمريكية إلى أخرى: “يؤسفني أن يجتاح العالم الحر كل هذا العدد من الضحايا، لكي يتفهم حقيقة المعركة التي تخوضها إسرائيل في الشرق الأوسط باسم الحضارة الغربية، في مواجهة قوى الشر والظلام، ممثلة في قوى إسلامية تريد أن تعيد العالم إلى العصور الوسطى، مستغلين الحرية التي تمنحها لهم الديمقراطيات الغربية لكي يتم ضربها والقضاء عليها” (61). وأضاف نتنياهو مشيرًا إلى دور إسرائيل في هذه الحرب: “إنكم ستدركون سريعًا أن إسرائيل هي التي تخوض الحرب نيابة عن الغرب، دفاعًا عن قيمه ومبادئه” (62). وتحدث بيريز ضد الانتحار وكأنه طبيب نفساني، مذكرًا المشاهدين بالهجمات الاستشهادية الفلسطينية، وهو يقول: “من الصعب استبعاد أناس لا يخافون الموت” (63). وقال وزير القضاء “مائير شطريت”: “ستدرك الدول التي تشكل منظومة العالم الحر عاجلًا أن عليها أن تشكر إسرائيل؛ لأنها تتصدى لقوى الإسلام المتطرف؛ فإسرائيل هي خط المواجهة الأول في هذه المنطقة التي تحلم شعوبها أن تعود إلى أيام غابرة كان العرب والمسلمون يفرضون الجزية على اليهود والمسيحيين” (64).
وكاد ظهور الإسرائيليين على شاشات القنوات الفضائية يصل إلى نقطة التشبع؛ فهم يضعون السم في العسل، ويحرضون ويقدمون مطالبهم لأمريكا المصدومة، قائلين: “نرجوكم دمروا إيران والعراق وليبيا” (65). وقد صاحب الاستغلال الدعائي الإسرائيلي خطوات عملية لكسب تعاطف الأمريكيين تمثل في فتح مراكز للتبرع بالدم في مختلف أنحاء المدن الإسرائيلية، وأعلن يوم 12/9/2001 يوم تضامنًا مع الشعب الأمريكي، وقام الإسرائيليون برفع الأعلام الأمريكية على سياراتهم، وعرضت قنوات التلفزة الإسرائيلية صورًا (ثبت أنها مدبلجة) يظهر فيها عدد من الفلسطينيين وهم يعبرون عن فرحتهم بما حدث في الولايات المتحدة. ووجدت هذه الصور طريقها إلى قنوات التلفزة الأمريكية كإجراء تحريض ضد الشعب الفلسطيني (66). وقد حرضت الصحف الإسرائيلية واشنطن على حرب “حتى الموت” ضد الإسلام في مقالات لعدد من الكتاب وأعضاء الكنيست. فقد أشار “أوري أدان” إلى بروز وضع أصبح فيه الإرهاب الدكتاتوري ضد الديمقراطية الأمريكية والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط (إسرائيل) واضحًا وضوح الشمس؛ مما سيجبر الدولتين على اتخاذ خطوات عنيفة وخاصة، مع تنسيق أقوى من أي وقت مضى. واعتبر “رافي مان” أن الكفاح ضد الإرهاب يستدعي من واشنطن رسم خارطة حرب جديدة، تشمل العالم كله، وتتضمن عددًا كبيرًا من المنظمات والأطر، بما فيها تلك القريبة من إسرائيل كحماس والجهاد الإسلامي. فإسرائيل من ناحيتها، كما عبر رافي مان، تحاول أن تستغل المأساة من أجل كشف أفعال الإرهاب الفلسطيني أمام الرأي العام، والأولى أن تترك الولايات المتحدة إسرائيل في ظل العمليات، لتضرب السلطة الفلسطينية كجزء من الحرب العالمية ضد الإرهاب. وذكر يوسف لابيد، عضو الكنيست ورئيس حزب شينوي، أن الإسلام المتعصب أطلق تحذيرًا إلى العالم الحر بشكل عام وللولايات المتحدة ولإسرائيل بشكل خاص، وإذا لم تعد الولايات المتحدة إلى رشدها وتبدأ بشن حرب ضد الإسلام المتعصب وضد الإرهاب العالمي ستتلقى الخطوات الأهم، ذلك أن الحضارة الغربية لم تفهم بعد أن بقاءها في خطر (67). ومن جانيه عقد زئيف شيف مقارنة مشبوهة بين ما تعرضت له أمريكا وما تتعرض له إسرائيل منذ زمن. ونوهت الكاتبة اليسارية “ياعيل باز” أن هذا العمل في واشنطن كان بداية النهاية للإرهاب وسينعكس حتمًا على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي (68). وعلى العكس من ذلك دعا أوري أفنيري رئيس كتلة السلام إلى إزالة مسببات الإرهاب، محملًا أمريكا مسئولية ما حدث (69).
وقد أوجز بيريز استراتيجية المنطق الاستغلالي الإسرائيلي لأحداث سبتمبر، مشيرًا إلى أنهم أمام “نافذة فرص نادرة” يتوجب استغلالها إلى أقصى حد، لخدمة أهداف الدولة الاستراتيجية على المدى القصير والبعيد. ويتوجب استنفاد مكنون الإبداع الصهيوني في توظيف ما حدث، لحشد تأييد العالم للمواقف التي تتخذها إسرائيل. لذلك اتفق الإسرائيليون في خطاب موحد على أهمية تكريس التفجيرات كنقطة تحول هامة في تعاطي العالم مع الصراع العربي الإسرائيلي (70).
أما شارون، فقد استغل المأساة ليوظفها لصالحه، كي يخرج من قفص اتهامه كمجرم حرب، ليتحول إلى “رجل سلام” و”جد طيب” بقدرة بوش الابن؛ مطالبًا بعدم التمييز بين الإرهاب وما حدث في 11 سبتمبر وبين الانتفاضة وأعمال المقاومة الفلسطينية (71). واستخدم شارون في تصريحاته الموجهة إلى الأمريكيين مقولات ذات طابع مقارن بين ما حدث في الولايات المتحدة وما يحدث في إسرائيل منذ زمن، بين ما قام به ابن لادن وشبكة القاعدة وما يفعله عرفات والسلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة، بين ما تقوم به إدارة بوش الابن لمحاربة الإرهاب العالمي وما تقوم به حكومته لمكافحة الإرهاب الفلسطيني. وقد صدر عن شارون الذي اتبع منهجية الخطاب المقارن في إدارته للصراع، باعتباره ممثلًا للخير، والفلسطينيون هم الأشرار، العديد من المقولات منها: “إن كنتم تواجهون ابن لادن واحدًا، فإننا نواجه نسخًا متعددة منه، فالشيخ ياسين هو ابن لادن، وعرفات ابن لادن، وقادة الجهاد الإسلامي ابن لادن”(72). وأجرى شارون نوعًا من المساواة بين عرفات وزعيم القاعدة مخاطبًا الأمريكيين: “كل منا لديه ابن لادن الخاص به” (73). وصرح ذات مرة أن عرفات هو “أبو الإرهاب”(74)، ووصف الفلسطينيين بـ “الطالبان”(75)، وقال في خطاب له ألقاه عقب عمليات حيفا والقدس الاستشهادية بعدما عاد مسرعًا من واشنطن: ” مثلما تصرفت الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس بوش الشجاعة ضد الإرهاب العالمي، سنفعل نحن أيضًا بكل القوة والتصميم”(76). وقال: “حرب الإرهاب هذه فُرضت علينا.. عرفات اتخذ قراره الاستراتيجي حين اختار استراتيجية الإرهاب”(77).
وبجانب هذا الخطاب الذي اعتمده شارون والإسرائيليون، بغرض تشويه الصورة الفلسطينية بمساواة الانتفاضة وأعمال المقاومة بما حدث في نيويورك وواشنطن، ولتبرير إرهاب الدولة الذي يمارسونه كسلطة احتلال بحق الفلسطينيين المدنيين، ولكسب التعاطف الغربي، فإن هناك “مسعى جاد من حكومة شارون لتحويل المسألة الفلسطينية من قضية تحرر وطني إلى شأن إسرائيلي داخلي”(78)، شأنها شأن مشكلة إقليم الشيشان في روسيا، وإقليم كشمير في الهند. وفي ذلك تحويل لوجهة الصراع من مواجهة بين سلطة احتلال استعمارية استيطانية وحركة تحرر وطني، إلى صراع نظام سياسي مع جماعات إرهابية داخلية (79). وقد استند شارون لتحقيق مآربه إلى “استراتيجية التعايش مع العنف وتكتيكات الاستفزاز العسكري”، التي تمكنت من جعل الفلسطينيين في مواجهة الولايات المتحدة، وأوجدت الذريعة له أمام العالم، كي يلغي أوسلو وكافة الاتفاقات السلمية، ويكرس حق التصرف في مناطق السلطة كيفما يشاء (80)، مستخدمًا “تكتيك الدك المتواصل” لتقويض السلطة الفلسطينية ومؤسساتها المدنية ولكسر الإرادة الفلسطينية (81). من جهة أخرى أطلق “موشيه يعالون”، رئيس الأركان الحالي خلفًا لشاؤول موفاز، اصطلاح “سياسة الدمار البناء”، الذي أثار دهشة المبعوث الأمريكي “ديفيد ساترفيلد”، كي يدفع السلطة إلى التخلص من الإرهاب (82)، وهو معنى مرادف– من جهة نظر هذه الدراسة– لأفكار إصلاح السلطة التي أطلقها الأمريكيون والإسرائيليون من قبل.
وكان شارون قد اقترح على الإدارة الأمريكية ضمن مساعي القضاء على الإرهاب، الربط بين شرعية عرفات والسلطة وبين التزامه بالعمل فورًا على وقف جميع أنشطة الانتفاضة والشروع في حرب لا هوادة فيها ضد قوى المقاومة الفلسطينية وإعادة التنسيق الأمين مع الإسرائيليين. واقترح أيضًا إجبار الدول العربية التي تؤوي تنظيمات فلسطينية تتبنى الكفاح المسلح (سوريا ولبنان) على وقف أنشطتها، وإلا ستتعرض إلى عقوبات اقتصادية قاسية وعزلة دبلوماسية، كما اقترح تشديد الخناق على المرجعيات الدينية التي تحرض على العمليات الاستشهادية (83)، منها على سبيل المثال منع الشيخ يوسف القرضاوي من برنامجه “الشريعة والحياة” الذي تبثه قناة الجزيرة.
غير أن استمرار الانتفاضة وعمليات المقاومة ردًا على عدوان شارون المتكرر حال دون تحقيق ذلك، وهو ما دفع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي لاستخدام ذات النغمة مع عرفات ومع السلطة. بإلقاء المسئولية على عاتقه وطرح فكرة القيادة البديلة له، كنوع من الضغوطات للحصول على مزيد من التنازلات، والحديث عن إصلاح السلطة، وإيقاف الانتفاضة، وكبح جماح المقاومة، بأسلوب شارون المعروف، المتمثل في اجتياح المدن الفلسطينية، ومتابعة عمليات الكر والفر، والقتل، والخطف، والاغتيال، والهدم، والحصار(84)، أملًا في تركيع الفلسطينيين وإخماد الانتفاضة، وهو ما لم يستطع تحقيقه.
ومن الواضح أن أسلوب شارون في إدارة الصراع؛ الذي يتبع فيه نموذجًا مغايرًا لمن سبقوه في العقد الماضي، والذي يقوم على إحداث “قطيعة مع كل ما جرى قبله، وفرض قيود على من سيخلفه في المنصب، يصعب عليه تجاوزها”(85)؛ ينطلق على ثلاثة محاور استراتيجية:
يتمثل المحور الأول في السعي بشتى الطرق الممكنة لإيقاف الانتفاضة ومنع عمليات المقاومة وخاصة الاستشهادية منها عبر الجمع بين “سياسة الدمار البناء”، وأسلوب “الهروب إلى الأمام” عبر “تسخين الموقف”، (86) و”تكتيك الدك المتواصل”، و”استراتيجية التعايش مع العنف وتكتيكات الاستفزاز العسكري”، بالإضافة إلى ممارسة الضغط المستمر على عرفات، واتباع “سياسة عض الأصابع” مع المقاومة.
ويستند المحور الثاني إلى “مبدأ القوة مرجعية السلام”، وإلى منطق استثمار “دفع سياسات القوة” إلى حدودها القصوى في التفاوض. لإملاء شروطه السياسية، وابتزاز السلطة، بغية الحصول على تنازلات. وإحداث تغيير في أجندة المفاوضات، تجعلها قريبة من رؤية شارون لحل الصراع. بحيث لا تشمل قضايا لا حل لها بنظره، كقضايا القدس،واللاجئين، والمستوطنات؛ وإنما تتمحور في المقابل على أجندة التعريف بالكيان الفلسطيني، ومساحته، وصلاحياته، وعلاقاته مع العرب، والتزاماته الأمنية مع إسرائيل. في هذا السياق طرح شارون موقفه المؤيد لقيام دولة فلسطينية!!(87).
أما المحور الثالث والأهم، وهو الذي يعكس الاستراتيجية طويلة الأمد للكيان الصهيوني، فإنه يتمثل في ما أسماه شارون: “حرب استكمال الاستقلال” التي كانت قد بدأت عام 1948. وفي ذلك إشارة لإعادة إحياء المشروع الصهيوني في نفوس الإسرائيليين(88). ويعني ذلك من جهة أخرى استكمال السيطرة على فلسطين بترحيل ما يستطيع شارون ترحيله من الفلسطينيين إلى الأردن أو لبنان، مغتنمًا فرصة دولية مواتية، لتنفيذ عملية طرد جماعي إجباري (ترانسفير) تحت وطأة السلاح والمذابح (89)، أغلب الظن أنها تتقاطع مع مساعي الولايات المتحدة لاحتلال العراق (90)، للسيطرة على نفطه وإقامة نظام موالٍ لها وضمه إلى ممتلكاتها في الشرق الأوسط الموسع الذي ستصول فيه إسرائيل وستجول كما يحلو لها.
على هذه المحاور الثلاثة، التي ترتبط في ما بينها بعلاقة وثيقة، يتحرك شارون. فانطلاقه على المحور الأول بنفس طويل، يضمن له التحرك على المحور الثاني باطمئنان، متيقنًا من تحقيق مكاسب كبيرة. ولذلك أرسى شارون “مبدأ القوة مرجعية السلام” المشار إليه قبل قليل، داعيًا إلى مؤتمر شرق أوسطي، يستثمر من خلاله عدوانه العسكري، ريثما تتهيأ له الظروف الدولية المواتية لخوض حرب استكمال الاستقلال. وشارون بذلك يتجاوز قرارات الشرعية الدولية (المرجعية القانونية)، والاتفاقات السابقة (المرجعية السياسية)، مدشنًا مرجعية جديدة للسلام هي (مرجعية القوة)، التي تجبر الخصم على تقديم تنازلات غير مسبوقة.
وخطة شارون للسلام ذات بنود ثلاثة أساسية هي: وقف إطلاق النار لفترة طويلة، إحلال قيادة جديدة أكثر اعتدالًا بدلًا من عرفات، الاستعداد لمفاوضات سياسية حول تسوية دائمة تشمل دولة فلسطينية من دون ترسيم حدود لها وعبر اتفاقات انتقالية جديدة (ولا إشارة كما أسلفنا لقضايا القدس واللاجئين والمستوطنات)(91).
ومن الملاحظ أن البند الأول يكرس الحل الأمني والمماطلة في المفاوضات، فلا أحد يمكنه ضمان الهدوء الكامل في ساحة المقاومة، وتكفي عملية واحدة كمبرر لإيقاف مسار التسوية والعودة من جديد إلى المربع الأول. كما أن شارون يستحيل تحقيق السلام معه. أما المحور الثالث، فإن شخصية شارون توحي، ولا مجال للشك، أنه قد يقدم على عملية طرد جماعي في أي لحظة مواتية، وبضوء أخضر من إدارة بوش الابن.
ويعتبر أحمد صدقي الدجاني أن مخطط الترانسفير يهدف أيضًا إلى القضاء على الانتفاضة التي تمثل حسب تعبيره، واحدة من أعظم صور المقاومة لقوى الهيمنة والعولمة المتوحشة في عالمنا المعاصر. فهي تخوض ما أسماه “حرب العولمة”، وليس كما يشاع: “الحرب على الإرهاب”(92). أما فهمي هويدي، فيعتبر أن ما يحدث في فلسطين من شارون بعد أحداث سبتمبر ليست حربًا، فالحرب لها قواعدها وقوانينها وأخلاقياتها، وإنما تصفية للوجود الفلسطيني، ويرى في الأفق محاولة لاستعادة مشهد 1967، تمهيدًا لقرار بالطرد الجماعي(93).
وقد قدم الكاتب الإسرائيلي “مارتن فان كريفيليد” شرحًا وافيًا لمفهوم الترانسفير، أما “نداف شرغاي”، فأكد أن الترانسفير أصبح أكثر شرعية في إيديولوجية وبرامج الأحزاب اليمينية، لدرجة أنه وضع في أجواء الترويج للحملات الانتخابية (94).
وهكذا استغل الإسرائيليون في عهد شارون أحداث سبتمبر أفضل استغلال، وتعاملوا مع الكارثة التي حلت بالشعب الأمريكي كمنجم ذهب- حسب تعبير إبراهيم البحراوي- يغترفون منه ما شاءوا (95). ومثلت فترة حكم شارون، كنموذج متميز في إدارة الصراع، أقصى ما لدى الكيان الصهيوني من قوة وبطش لمواجهة الظاهرة الانتفاضية الفلسطينية، التي توقع لها عبد الوهاب المسيري، مع استمرار تصاعدها، أن تؤثر على الشارع الإسرائيلي، وتجعله أكثر قبولًا للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، بصورة أكثر عدلًا، وتجعله يميل نحو اليسار، موقنًا هذا الشارع في نهاية المطاف أن أسلوب شارون القمعي لم يوقف الانتفاضة ولا العمليات الاستشهادية.

ثالثًا- الإدارة الفلسطينية للصراع في ضوء أحداث سبتمبر وتداعياتها على الانتفاضة والقضية:

بعد الإنجاز الذي حققته انتفاضة الأقصى في تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة، بين السلطة وفصائل المقاومة والقيادات الميدانية للانتفاضة والقوى السياسية المختلفة، في مواجهة الحرب التي يشنها جيش الاحتلال بأحدث أنواع الأسلحة الأمريكية، جاءت أحداث سبتمبر لتضعف هذه الوحدة، وتعمق الخلافات والرؤى المتباينة حول كيفية إدارة الصراع والقضايا الساخنة المرتبطة به خلال هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها النظام الدولي، والتي حتمًا ستكون القضية الفلسطينية أول المتأثرين بانعكاساتها في إطار محاولات الربط بين المقاومة والإرهاب التي حرصت عليها الولايات المتحدة وإسرائيل استنادًا إلى حيل متنوعة.
وترتب على ذلك، كما ترى الدراسة، بروز اتجاهين رئيسيين في الساحة الفلسطينية، لكل منهما موقفه وخطابه الخاص من أحداث سبتمبر ومكافحة الإرهاب الدولي والعدوان الأمريكي على أفغانستان، وانعكاسات هذه المعطيات الدولية على الصراع العربي الإسرائيلي: اتجاه تمثله السلطة الفلسطينية، يرى أن الظروف والمتغيرات الدولية الجديدة تحتم على الفلسطينيين وقف المقاومة المسلحة واقتصارها على الأسلوب السلمي، كي لا تتوفر ذرائع لشارون لتقويض السلطة وهدم المؤسسات المدنية التي تعد نواة الدولة الفلسطينية المقبلة، وكي لا يكون لدى إدارة بوش وحكومة شارون مسوغًا لربط ما يقوم به الفلسطينيون بالإرهاب. ويرى أنصار هذا الاتجاه أن المساعي السلمية والحلول التفاوضية هي الأسلوب الأنسب لهذه المرحلة، وهو لذلك خطاب تفاوضي يحاول تهدئة الصراع والوصول إلى حل سلمي له. وهناك اتجاه آخر تتزعمه حماس والجهاد و الجبهة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى وفصائل المقاومة الأخرى وقيادات الانتفاضة، تؤكد فيه على ضرورة استمرار الانتفاضة والمقاومة المسلحة باعتبار أن الاحتلال الإسرائيلي لا يصلح معه أي تسويات سلمية، لأنه حتمًا سينقضها ويتنصل منها كعادته، فهو لا يفهم إلا لغة القوة، لا سيما في عهد شارون. ولذلك فإن هذا الاتجاه يتبنى خطابًا مقاومًا يسعى لاستخدام شتى السبل المتاحة للمقاومة ولا يقبل بتفاوض مع المحتل. ولا شك أن الضغوطات التي يمارسها الأمريكيون والإسرائيليون، وتصل إلى حد التهديد بل السعي لإنهاء السلطة وتغيير قيادة عرفات والإتيان بقيادة جديدة أكثر إطاعة، شكلت دافعًا للسلطة كي تبذل قصارى جهدها لإيقاف العمليات وأشكال المقاومة المسلحة الأخرى. وقد وصل الأمر إلى حد الاصطدام وممارسة القمع والاعتقال، وهو ما أدى إلي زعزعة الوحدة الوطنية وجعلها في مهب الريح مرة أخرى.
وتميز الدراسة بين فترتين مر بهما الصراع العربي الإسرائيلي في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر: فترة ما قبل الاجتياح الشامل لمناطق السلطة، وتمتد حتى أواخر شهر مارس 2002، وفترة ما بعد الاجتياح التي شهدت حصار شارون لعرفات داخل مقره في رام الله بضعة أشهر مهددًا بإنهاء حكم السلطة الوطنية وعودة الإدارة المدنية، إذا لم يعلن عرفات إدانة المقاومة والعمليات الاستشهادية واعتبارها إرهابية. ويرجع هذا التمييز إلى التحولات التي حدثت لدى الاتجاه الأول الذي تمثله السلطة، حيث ظهر فيها تيار أكثر براجماتية يهاجم الانتفاضة وينتقد العمليات الاستشهادية ويدعو إلى إيقاف كافة أشكال العنف، وقمع المقاومة المسلحة.
وتحاول الدراسة الآن من خلال المقارنة بين الاتجاهين في ضوء الفترتين المذكورتين، التعرف على خطاب كل اتجاه وموقفه من أهم القضايا المثارة، ويأتي في طليعتها استكشاف رد الفعل الفلسطيني المباشر لحظة وقوع الهجمات، وتوضيح الموقف من العدوان الأمريكي على أفغانستان، فضلًا عن تغير التعامل مع الانتفاضة وظاهرة المقاومة المسلحة، والسعي لاستئناف المفاوضات والحلول السلمية، والموقف من إرهاب شارون والحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وانتقاد الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل، فضلًا عن فهم الضغوطات التي تعرضت لها السلطة أمريكيًا وإسرائيليًا والمأزق الذي تعايشه، وإثارة موضوع إصلاح السلطة، وتهديد الوحدة الوطنية.
فعندما وقعت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر؛ وقد جاءت في وقت شهدت فيه انتفاضة الأقصى تصاعدًا وتواصلًا اتسم بالصلابة والتماسك في الرد على إرهاب الدولة الذي تمارسه حكومة شارون (96)؛ لم تستطع فيه هذه التفجيرات حجب الأضواء عن استمرارية الانتفاضة (97). وقد اتسم أسلوب التعامل الفلسطيني الرسمي مع الهجمات بقدر كبير من العقلانية، إذ حرصت القيادة الفلسطينية على تجنب تكرار موقفها السابق من أزمة الخليج الثانية (98)، عندما بقيت بعيدة عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، سعيًا لدفع صدام حسين لتوجيه ضربات صاروخية موجعة لإسرائيل.
وقد بادرت السلطة الفلسطينية بإدانة الهجمات لتنأى بالقضية الفلسطينية عن الانعكاسات السلبية لأحداث سبتمبر والحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب (99)، وأعلن الرئيس عرفات من جانبه استعداده للانضمام للتحالف الدولي (100)، حرصًا منه على تحاشي أي ربط بينه وبين الإرهاب ضد المدنيين، وليبعد القضية أيضًا عن تفاعلات الحرب في أفغانستان وتطوراتها (101) وليجنب شعبه الآثار السلبية المباشرة للحدث. كما حرص أيضًا على التبرع بدمه في مستشفي الشفاء بغزة، التي شهدت صفوفًا طويلة من المتبرعين بدمائهم تضامنًا مع الشعب الأمريكي في محنته (102).
ومن جهة أخرى امتنع الإسلاميون لبعض الوقت عن تنفيذ هجمات استشهادية ضد المدنيين الإسرائيليين، خشية الربط بينهم وبين أسامة بن لادن وشبكته (103)، وجاء موقف القوى الإسلامية معبرًا عن إدانة هذه الهجمات، فقد وصفها الشيخ أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس، بأنها ” هجوم ظالم” (104)، في حين اتهمت بعض القيادات الإسلامية الكيان الصهيوني بوقوفه وراء الحادث، لما عرف عنه ضلوعه المتكرر وتفننه في القيام بمثل هذا النوع من العمليات الإرهابية، حتى ضد أهداف أمريكية كما أوضح ذلك السيناتور الأمريكي السابق ديفيد ديوك، التي ينسبها الإسرائيليون لغيرهم بقصد حصد مكاسب كبيرة من ورائها، أهمها إلصاق التهم بالعرب والمسلمين والفلسطينيين (105). فقد حمل عبد العزيز الرنتيسي، أحد قيادي حماس، الموساد وإسرائيل مسئولية الوقوف وراء التفجيرات، مفسرًا ذلك بهدف دفع الولايات المتحدة إلى إعلان حربها على العالم الإسلامي وعلى الفلسطينيين. واستند الرنتيسي في تأكيد طرحه هذا إلى عدم وجود إسرائيلي واحد في البرجين من بين المفقودين، رغم أنه يتردد عليهما قرابة الأربعة آلاف موظف إسرائيلي يوميًا (106). ودعا بعض المفكرين إلى ضرورة التعامل بحنكة ووعي وموضوعية مع ذيول هذا الاعتداء، كي لا تصبح القضية الفلسطينية كبرى ضحايا أحداث سبتمبر، محذرًا من انتهاج أسلوب العنف الخالص ضد المدنيين الإسرائيليين، وعدم جعله الطريقة الوحيدة في النضال لاستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة (107)، والتأكيد على ضرورة الجمع بين الأسلوبين ( المقاومة المسلحة، والمقاومة باللاعنف والأسلوب السلمي) حسبما تقتضيه الظروف والأحوال والمتغيرات الإقليمية والدولية المناسبة.
ولذلك لم تتردد قوات الأمن الفلسطينية في قمع التظاهرات الشعبية الرافضة والمنددة بالعدوان الأمريكي على أفغانستان (108)، الذي راح ضحيته آلاف المدنيين الأبرياء، خشية استغلال الإسرائيليين لهذه الاحتجاجات والقيام بربط الانتفاضة بما يحدث في أفغانستان. رغم أن التعاطف مع الشعب الأفغاني يعد أمرًا طبيعيًا شهدته معظم مدن وعواصم العالم بما فيها المدن الأمريكية نفسها. كما أدانت قوى المقاومة هذه الحرب، واعتبرتها حربًا ضد المسلمين تخوضها الولايات المتحدة بغرض تحقيق مصالح اقتصادية لها للسيطرة على النفط والغاز الطبيعي في منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين.
وفيما يتعلق بالموقف من الانتفاضة وفعالياتها المختلفة، فقد كانت رؤية السلطة الفلسطينية واضحة منذ البداية، إذ دعت إلى وقف المقاومة المسلحة والاقتصار على الانتفاض بالوسائل السلمية، مراعاة للظروف والمتغيرات الدولية التي فرضتها أحداث سبتمبر وانعكاساتها على الصراع، كي لا تتوفر أي ذريعة لشارون ليقمع الشعب الفلسطيني ويهدم مقومات الحياة لديه. وأطل أنصار وقف الانتفاضة داخل السلطة بقولهم إن الانتفاضة قد وفرت لعرفات السلم المناسب للنزول عن شجرة الانتفاضة دون خسارة شعبية، استنادًا إلى ضغط أمريكي ودولي وبهدف استثمار الأحداث لدفع واشنطن باتجاه موقف أفضل من إزاء الصراع. ولذلك كان إعلان وقف إطلاق النار عنوان الموقف الفلسطيني الرسمي بعد أحداث سبتمبر، أملًا في استعطاف الولايات المتحدة ودفعها إلى التوازن في موقفها (109). غير أن فصائل المقاومة المسلحة، بما فيها كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح نفسها التي يتولى زعيمها قيادة السلطة، رفضت مثل هذا التوجه، وأصرت على عدم التخلي عن الانتفاضة داعية إلى استمرارها. وقد دفعهم إلى ذلك الخوف على منجزات الانتفاضة (110)، التي ستذهب أدراج الرياح في ما لو توقفت فعالياتها تحت ضغط الظرف الدولي الجديد. الأمر الذي وضع الانتفاضة في دائرة التقويم والنقد والمراجعة والجدل بين الاتجاهين الرئيسيين في الساحة السياسية الفلسطينية. ويلفت الانتباه محمد حسنين هيكل إلى أن العمليات الاستشهادية كانت بمثابة رد طبيعي على مواصلة القمع والاستيطان واغتصاب الأرض وهدم البيوت التي دأبت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي (111)، وهذه إشارة منه تؤكد رفض دعاوى إيقافها. في حين اعتبر وحيد عبد المجيد أن مواصلة العمليات الاستشهادية في هذا التوقيت غير المناسب خطر على القضية الفلسطينية لم تدركه القيادات والمنظمات الفلسطينية، داعيًا إلى المناورة، وإلا ستكون المقاومة حسب تعبيره إحدى ضحايا مفهوم الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي (112).
وقد استطاع شارون بتكتيكاته الاستفزازية أن يدفع الجبهة الشعبية للقيام باغتيال رحبعام زئيفي، وزير السياحة الإسرائيلي، ردًا على اغتيال الإسرائيليين لأبو على مصطفى أمينهم العام، وأن يدفع حماس للقيام بسلسلة عمليات استشهادية عنيفة في حيفا والقدس، أسفرت عن مقتل وجرح حوالي 300 إسرائيلي، انتقامًا لمقتل محمد الضيف، أحد أبرز القادة العسكريين والعقل المدبر لعمليات المقاومة ضد الاحتلال، رغم أن عرفات حرص على إعلان وقف إطلاق النار أكثر من مرة حتى لا يقع في الفخ وليتفادى وقوع تداعيات أحداث سبتمبر فوق رأسه (113). وترى الدراسة أن أعمال المقاومة هذه التي جاءت ردًا على ممارسات شارون القمعية، لم تكن مبررًا لشارون كي يجتاح مناطق السلطة، وإنما مبرر لإدارة بوش الابن كي تتخذ موقفًا معاديًا للقضية الفلسطينية ومساندًا لشارون، واصفة اجتياحه بأنه دفاع عن النفس ضد عمليات إرهابية.وتؤكد الدراسة أن شارون ليس بحاجة إلى ذريعة ليفعل ما يحلو له، ولكنها مقتضيات السيناريو الأمريكي الإسرائيلي الذي أراد اتخاذ مثل هذه العمليات حجة لربط أعمال المقاومة الفلسطينية التي أقرتها الشرعية الدولية بالإرهاب (114)، في ظل سيطرة الإعلام الأمريكي والصهيوني وغياب الإعلام العربي الموجه لغير الناطقين بالعربية. بالإضافة إلى ممارسة ضغوطات أكثر على السلطة، بوصفها أنها تدعم الإرهاب، مما يوجد مبررًا قويًا للإسرائيليين لهدم مؤسساتها الأمنية والمدنية والتهديد بإنهائها. والسعي إلى التخلص من عرفات، المتهم دائمًا من قبلهم بإيواء الإرهابيين وعدم قدرته على ضبط الأوضاع داخل مناطق السلطة. وتعتبر الدراسة أن رفض عرفات لمقترحات كلينتون باراك في كامب ديفيد الثانية لإيجاد حل نهائي للصراع، شكل سببًا جوهريًا آخر لطرح مسألة تغييره، ربما كوسيلة للضغط عليه ليستجيب دائمًا لمطالبهم. ومن الملاحظ في هذا السياق، كما أسلفنا من قبل، أن الأمريكيين يسعون في إطار استراتيجيتهم الجديدة في المنطقة إلى إيجاد زعامات وأنظمة حكم موالية لها تمامًا ومطيعة بدرجة أكثر مما سبق، بحيث تقبل الكيان الصهيوني كقوة إقليمية مسيطرة وراعية للمصالح الأمريكية في إطار تجمع إقليمي جديد يقبله الجميع.
وما إن بدأت المرحلة الثانية باجتياح شارون لمناطق السلطة، حتى فرض جيش الاحتلال سياج شائك حول مقر رئيس السلطة الوطنية في رام الله، الذي تم نسف أبنيته بالكامل باستثناء غرفتين حوصر فيهما عرفات، إلى أن أجبر، كشرط لفك حصاره، على إدانة عمليات المقاومة، والتصريح بأن استهداف المدنيين من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يعد من قبيل العمليات الإرهابية.وأمر عرفات أجهزته الأمنية القيام بحملة اعتقالات حرصًا على مسايرة المنطق الشاروني (115). وأدت سياسات شارون القمعية إلى ردود فعل فلسطينية تركزت في تصعيد المقاومة المسلحة (116)، حتى استمرت عمليات الفعل ورد الفعل المتبادلة بين جيش الاحتلال والمقاومة المسلحة، دون استطاعة عرفات السيطرة على الموقف، واتباع الإسرائيليين والأمريكيين نغمة واحدة تتهم عرفات بأنه المسؤول عن تدبير هذه الأعمال، داعين في كل مرة إلى قيادة بديلة له تستطيع ضبط الأوضاع داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يشكل تبريرًا لشارون لتوسيع عدوان.
ومع استمرار عملية الاجتياح وارتكاب المجازر، حيث ذهب في مجزرة جنين وحدها قرابة الخمسمائة شهيد، فقد طالب عرفات بتدخل دولي سريع وإرسال مراقبين دوليين بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي الداعية لذلك وفق معاهدة جنيف الرابعة (117)، ولكن هذه الجهود اصطدمت كالعادة بالفيتو الأمريكي، فكان موقف إدارة بوش السلبي دافعًا للفلسطينيين للقيام بمزيد من العمليات.
ومع تمسك الاتجاه الانتفاضي بموقفه الداعي لاستمرارية المقاومة، متبعًا أسلوب الاشتداد والتصاعد مع زيادة القمع والإرهاب الشاروني، فقد ظهر تيار أكثر براجماتية في الاتجاه الآخر الداعي للحل السلمي، منتقدًا عسكرة الانتفاضة وطغيان المقاومة المسلحة، ومعتبرًا أن العمليات الاستشهادية صعبت من تفهم الرأي العام الدولي لأهداف الانتفاضة وعدالة المقاومة، وعجلت بانهيار اليسار وصعود اليمين المتطرف في إسرائيل، ودفع الرأي العام الإسرائيلي للاحتماء بشارون، كما أدت إلى إسقاط عملية السلام وإلغاء أوسلو، وإطالة عمر شارون السياسي، وفرض صراع غير متواز في حرب غير متكافئة، وتحويل اهتمام العالم عن القضية الحقيقية المتمثلة في الظلم الذي يعاني منه الفلسطينيون، والتصوير غير الصحيح على أنهم شعب عنيف غير مسئول لا يمكن تحقيق السلام معه. مما يشكل حافزًا لأنصار هذا التيار على إيثار المقاومة السلمية والأساليب التفاوضية في هذه المرحلة الحرجة (118).
ويرى محمود عباس (أبو مازن)، وهو من أبرز الدعاة إلى هذا التيار أن الانتفاضة انحرفت عن مسارها بعسكرتها، معتبرًا أن الاستجابة لاستفزازات شارون أخرج الانتفاضة عن مجراها الطبيعي (119). في حين صرح محمد دحلان أن الاستشهاد العشوائي جر علينا المصائب، معتبرًا أن أهم تأثير لأحداث سبتمبر على القضية خلط المقاومة بالإرهاب في نظر المجتمع الدولي (120). وبدافع هذا التيار البرجماتي اقتنع عرفات بعدم جدوى الانتفاضة بعد أحداث سبتمبر، لكن الصعوبة أمامه بقيت متمثلة في انحياز الشارع الفلسطيني إلى المقاومة ورفض التراجع عن الانتفاضة (121).
ويبدو واضحًا من نظرة هذا الاتجاه التفاوضي السلمي الذي تمثله السلطة، على أنها تستخدم الانتفاضة كأداة تطوعها بالصورة التي تراها مناسبة، بحيث تعتبرها ورقة ضاغطة أحيانًا ومحايدة أحيانًا أخرى درءًا للأخطار المحدقة. لذلك سعت السلطة لتصعيد الانتفاضة قبل أحداث سبتمبر لاستخدامها كوسيلة للضغط في المفاوضات، وطالبت بإيقافها بعد الأحداث تلافيًا للسلبيات التي ذكرت مسبقًا. بينما يرى أنصار الاتجاه الأول أن الانتفاضة بكافة أشكالها المسلحة وغير المسلحة، تمثل استراتيجية شعب يقاوم استعمار استيطاني إحلالي، ولا يمكن تنازله عن هذا الحق لأي سبب من الأسباب، لأنه حق تكفله الشرائع الدولية للشعوب المحتلة. إلا أنه في الوقت نفسه لا يرفض أنصار هذا الاتجاه عقد هدنة مع العدو تستند إلى مبدأ المعاملة بالمثل، كالتوقف عن استهداف المدنيين الإسرائيليين مقابل عدم قصف جيش الاحتلال للمدن الفلسطينية عشوائيًا، وقد عرض هذه الهدنة من قبل الشيخ أحمد ياسين لكن شارون تجاهلها. وأعلنت حماس مبادرتها بوقف عملياتها وعدم إطلاق قذائف الهاون منتزعة ضربة كبرى كان يعد لها شارون، ومتلافية خطر الملاحقة وتفكيك بنيتها العسكرية على يد السلطة (122).
ونتيجة لهذا المأزق الخطير الذي تعرضت له السلطة فجعلها بين نارين، وقد خيرت فيه بين الاستجابة للضغط الأمريكي الإسرائيلي بتصفية الانتفاضة بأيدي فلسطينية، متخذة من ضرورة الحفاظ على بقاء السلطة سيفًا مسلطًا على رقبتي الانتفاضة والوحدة الوطنية، وبين استمرارية المقاومة فتصبح السلطة نفسها مهددة بالتقويض والانهيار، وكذلك شتى المؤسسات المدنية التي تعد نواة الدولة الفلسطينية. الأمر الذي دفع عرفات لمحاولة امتصاص الضغوط الأمريكية بطلب تدخل مصر والأردن والاتحاد الأوروبي، مع الاستجابة الجزئية للمطالب الأمنية الإسرائيلية وعدم الذهاب بعيدًا، حتى تستطيع السلطة توسيع هامش المناورة لنفسها. وهو ما جعل شبح الانقسام في الساحة الفلسطينية مخيمًا دائمًا (123). وهكذا أصبحت السلطة والمقاومة في مفترق طرق، وأصبحت الوحدة الوطنية مهددة بعد أحداث سبتمبر مقارنة بما قبلها، وبعد الاجتياح مقارنة بما قبله أيضًا.
ونظرًا لعدم استجابة عرفات لمطالب إدارتي بوش الابن وشارون بشكل كامل، وضمن مساعي للضغط عليه لحمله على الرضوخ التام أو السعي لتغييره، طرح الأمريكيون والإسرائيليون فكرة إصلاح السلطة، التي تستند إلى استحداث منصب رئيس وزراء فلسطيني يتمتع بصلاحيات واسعة، بحيث يتم التعامل معه ويكون أكثر اعتدالًا من عرفات الذي سيبقى في منصبه الشرفي كرئيس للسلطة، على أن ينفذ لهم رئيس الوزراء كامل رغباتهم فيما يتعلق بإيقاف الانتفاضة المسلحة والقبول بتسوية سياسية يرضي الطرف الإسرائيلي. ولا شك أن فكرة إصلاح السلطة بهذا المعنى تهتم بإزالة أي قدرة لمؤسساتها على المقاومة، وتجعلها في المقابل أداة لحماية المستوطنات وحفظ أمن الإسرائيليين. ولذلك يرى محمد دحلان أن الولايات المتحدة “معنية بوجود سلطة فاسدة” (124) وليس إصلاحًا بالمعنى الحقيقي.
وتميز الدراسة تأسيسًا على ذلك بين أربعة توجهات أو آراء إزاء موضوع إصلاح السلطة، أولًا- الرأي الأمريكي الإسرائيلي، ويربط بين الإصلاح والأمن الإسرائيلي من ناحية، وبين الإصلاح وإيقاف الانتفاضة والقبول بالرؤية الإسرائيلية الأمريكية لحل الصراع نهائيًا من ناحية أخرى. ثانيا- الرأي الفلسطيني الرسمي الذي تمثله السلطة، ويقوم على الاستجابة غير الكاملة للرأي الأمريكي الإسرائيلي؛ بحيث ترتبط في بعض جوانبها بالشكلية والتحايل، خاصةً في ما يتعلق بمسألة تعيين رئيس وزراء فلسطيني يكون له صلاحيات واسعة. فالمتصور أن تظل المرجعية الأساسية لرئيس السلطة، ويكفي أن يكون له حق تعيين وإقالة رئيس الوزراء ليكون أداة مطيعة في يده. أما بالنسبة لمسألة الأمن الإسرائيلي وإيقاف الانتفاضة والقبول بالتفاوض، فستحاول السلطة المناورة قدر المستطاع كي لا تقدم تنازلات أكثر. ثالثًا- الرأي الفلسطيني غير الرسمي، ويمثله الاتجاه الذي يدعو لاستمرار الانتفاضة بكافة صورها، وقد عبر عنه مصطفى البرغوثي حينما أشار إلى مفهوم “البناء المقاوم” (125) كأساس لفكرة الإصلاح، فالإصلاح الفعلي عند البرغوثي يتمثل في تطوير أجهزة السلطة ومؤسسات المجتمع المدني لتكون قادرة على المقاومة، حتى في أحلك اللحظات دون توقف، ويتمثل في مواجهة الفساد المالي والإداري والسياسي، وإعلان شأن القضاء الفلسطيني واستقلاليته، وإقامة نظام انتخابات ديمقراطي حقيقي. أما الرأي الرابع، فقد عبر عنه منير شفيق عندما اعتبر أن الأنسب لهذه المرحلة هو المقاومة وليس الإصلاح، ورغم عدم وضوح هذا الرأي، إلا أنه يعطي دلالة على رفض مفهوم الإصلاح بالمعنى الأمريكي الإسرائيلي والدعوة في المقابل للتركيز على فكرة المقاومة (126).
أما بالنسبة لخيار التفاوض والحلول السلمية، الذي انتهجته السلطة الفلسطينية بصورة أكبر بعد أحداث سبتمبر، وتحديدًا بعد الضغوطات الهائلة التي تعرضت لها، فمن الملاحظ أنها بذلت مساع كبيرة للعودة إلى المفاوضات (127). لكنها انتهت بالفشل بسبب أطروحات شارون حول الحل النهائي للصراع التي قوبلت بالرفض التام. أما بالنسبة للأطروحات الأمريكية التي تركزت منذ أحداث سبتمبر في إعلان بوش اقتناعه بفكرة الدولة الفلسطينية، ورؤيته لحل الصراع نهائيًا التي قدمها في ما بعد باول في إطار ما سمي بـ: “الرؤية”، وصولًا إلى خطة “خارطة الطريق” التي تركز أولًا على استحداث منصب رئيس الوزراء قبل تطبيق الخطة التي اقترحت على مراحل. وقد رحبت السلطة بالمقترحات الأمريكية على الفور، لأنها تعكس من وجهة نظرها سابقة فريدة من نوعها. إلا أنه، وكما بينت الدراسة من قبل، فإن هذه المقترحات غير جادة وتأتي من قبيل الاستهلاك الآني لصالح مصلحة أمريكية ما، تحل في مناسبة مؤقتة، وينتهي الحديث الأمريكي بعدها عن هذه المقترحات بمجرد تحقيقه للمصلحة التي سعى إليها.
وتعرض الدراسة في هذا المقام لآراء ثلاثة كتاب عرب لم يوافقوا على الموقف الفلسطيني إزاء المقترحات الأمريكية؛ فقد انتقد محمد حسنين هيكل الوصف الفلسطيني الرسمي لخطة بوش حول الدولة الفلسطينية بأنها “متوازنة”، معتبرًا هيكل مشروع بوش للدولة الفلسطينية بأنه “مروع”، لأنه يمنح إسرائيل تفويضًا بلا قيود في مقابل خذلانًا للعرب بلا حدود (128)، كما اعتبر أحمد يوسف أحمد الموقف الفلسطيني الفوري المؤيد لخطاب بوش، مربكًا للموقف العربي الرسمي؛ حيث سيعرضه موقفه الرافض للاتهام بأنه لا يريد نجاح جهود السلام. الأمر الذي أدى إلى حدوث دلالات خطيرة بالنسبة لحاضر ومستقبل النظام العربي (129). وأكد أحمد صدقي الدجاني، من جانبه، أن التفاوض والحلول السلمية لا تصلح بدون المقاومة (130)، إذ إنها ورقة الضغط الوحيدة.
وهكذا رأينا كيف أن أحداث 11 سبتمبر كان لها تداعياتها الواضحة على الانتفاضة والقضية الفلسطينية، مما جعل القضية تزداد تأزمًا (131). ويلفت أحمد صدقي الدجاني الانتباه إلى دور الانتفاضة في مواجهة العولمة المتوحشة (132)، وهو سبب كاف ليجعل الولايات المتحدة تصر على إيقافها، كي لا يمتد تأثيرها إلى المستوى الدول أكثر من ذلك، باعتبارها الظاهرة الوحيدة التي تتصدى للعولمة.

رابعًا – الموقف العربي والدولي إزاء تطورات الصراع العربي الإسرائيلي بعد الحادي عشر من سبتمبر:

في إطار سياسات بوش وشارون العدائية من القضية الفلسطينية التي ظهرت بقوة بعد أحداث سبتمبر، والتي جاءت إثر تصاعد الانتفاضة بسبب مواصلة الاستيطان والقمع الإسرائيلي، مُورست ضغوطات كبيرة على السلطة الفلسطينية لتكون أداة مطيعة، وتعرض المجتمع الفلسطيني لمحاولات الإبادة والتدمير الشامل، علاوة على محاولة الإعلام الأمريكي الصهيوني تشويه صورة المسيرة الانتفاضية للشعب الفلسطيني التي امتدت قرابة مائة وعشرين عامًا (133)، لتوصف بأنها إرهابية. ولقد كان لهذه التطورات التي أعقبت أحداث التفجير في نيويورك وواشنطن، ردود فعل ومواقف عربية وأوربية ودولية مختلفة، ومتفاوتة التأثير والقوة.
ففيما يتعلق بالموقف العربي للحكام والمحكومين، فقد تراوح حسب تعبير حسن حنفي، بين العجز الكلي للنظم والتحرك النسبي للشعوب (134)، في حين اعتبر بسيوني إبراهيم أن تمسك العرب بالسلام كخيار استراتيجي وحيد، وهو يعد بمثابة حكم بالإعدام على الخيارات الاستراتيجية الأخرى (135)، يجعل شارون ينفذ مخططاته بكل اطمئنان. طالما أنه ليس لدى العرب سوى السلام أو صمت المتفرجين. وهناك تفسيران لهذا الوضع: الأول عبّر عنه مازن عز الدين في عبارة له قال فيها: “إن العرب والمسلمين (يقصد أنظمة الحكم) أصبحوا بعد الحادي عشر من سبتمبر يتعاملون مع القضية الفلسطينية كأنها قضية وطنية تخص الفلسطينيين وحدهم” (136)، والتفسير الثاني ذكره جميل مطر، فقال: “انفض القوم حكامًا ومحكومين عن الانتفاضة بعد أحداث سبتمبر،.. حيث تغيرت أولويات الناس، وخاصة الحكام، في القضايا المصيرية، فلم يعد الصراع العربي الإسرائيلي صراعًا أو قضية مصيرية حتى لكثيرين من الذين استمروا يعتبرونه هكذا حتى قبل أحداث سبتمبر بيوم واحد”(137).
ورغم الالتزام العربي بالصمت إزاء جرائم شارون، والعجز عن مواجهة أفعاله أو تجنب تصعيد الموقف ردًا على سياساته القمعية (138) في ظل سلوك عربي مستكين وراضخ للموقف الأمريكي الإسرائيلي (139)، وإرادة جماعية غائبة ومصالح عربية متعارضة (140)؛ إلا أن ذلك لا يعني أن الدول العربية لم يكن لها تحركاتها الدبلوماسية والإعلامية على المستويين الإقليمي والدولي. فبمجرد وقوع أحداث سبتمبر اقترحت الدول العربية معالجة أسباب الإرهاب (141)، ثم تحديد مفهومه من خلال الدعوة لعقد مؤتمر دولي لتعريفه، ووضع برنامج لمكافحة كافة صوره، على أن لا يتم ربط مفهوم الإرهاب بالمقاومة الوطنية المشروعة في مواجهة الاحتلال، وألا يتم فصله عن إرهاب الدولة (142).
وفي هذا السياق أكدت دمشق على التفرقة بين نضال الشعوب وحقها في المقاومة وبين الإرهاب مطالبة بأخذ الإرهاب الإسرائيلي بعين الاعتبار، في حين تمسكت القاهرة بموقفها الداعي لمشاركة العالم كله في محاربة الإرهاب متحدثة عن ائتلاف دولي برعاية الأمم المتحدة، ورافضة في الوقت نفسه فكرة بوش وباول حول إنشاء تحالف دولي ضد الإرهاب، معتبرة أن القضية الفلسطينية هي حجر الزاوية لتحقيق الأمن العالمي (143). من ناحية أخرى، أعرب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل عن استيائه إزاء نهج أمريكا السلبي حيال الصراع، وأكد وزير الدفاع السعودي سلطان بن عبد العزيز أن حل القضية الفلسطينية مرتبط بها مواجهة الإرهاب العالمي (144). ودعا النائب الكويتي حسين المطيري أمريكا إلى عدم الكيل بمكيالين في مكافحة الإرهاب، في حين شدد النائب البصيري على أن الإرهاب الحقيقي ما تقوم به إسرائيل (145)، واقتصر العمل الدبلوماسي العربي على بذل الجهود المكثفة للعودة إلى طاولة المفاوضات وإيجاد حلول سلمية للصراع بمشاركة فاعلة للولايات المتحدة. وتحدث رضوان السيد عن المحطات التي مرت بها التجاذبات الأمريكية العربية بشأن القضية الفلسطينية بعد أحداث سبتمبر، مشيرًا إلى دخول العرب في التحالف ضد الإرهاب، ومطالبة الولايات المتحدة بتوقيف سياسات شارون القمعية، وصولًا إلى مشروع السلام العربي الذي اقترحه الأمير عبدالله بن عبد العزيز (146). ومن جهة أخرى درس أحمد يوسف أحمد القدرة الدبلوماسية العربية لدفع الولايات المتحدة على إيجاد حل للنزاع، من خلال بحث درجة تأثيرها على السياسة الأمريكية، وردود فعلها إزاء التحرك الأمريكي. وقد تجلى التأثير في السياسة الأمريكية من خلال قمة بيروت ومباردة الأمير عبد الله (مارس 2002) كتعبير رسمي عن موقف عربي موحد، وقمة شرم الشيخ (مايو 2002) المصرية السعودية السورية، كاستجابة للمطلب الأمريكي الخاص بإدانة العنف وإجراء إصلاحات داخلية فلسطينية. كما تجلى التأثير أيضًا في زيارة عدد من القادة العرب إلى واشنطن لنقل وجهة النظر العربية والتحذير من خطورة الموقف إن لم يتم التحرك في اتجاه تسوية عادلة أو متوازنة. إلا أن النتيجة كانت أن جاء الخطاب الأمريكي منحازًا للرواية الإسرائيلية. أما بالنسبة لردود الفعل إزاء التحرك الأمريكي فإنها لم تعكس سلوكًا جماعيًا موحدًا في الرد أو أدنى تنسيق (147). ويرى إبراهيم البحراوي أن مدى فاعلية الضغوط العربية على الإدارة الأمريكية لإقناعها بإيجاد حل للقضية الفلسطينية لإزالة أسباب الإرهاب، يعتمد على مدى استثمار العرب لأحداث سبتمبر وتوظيفها لاختراق العقل السياسي الأمريكي (148).
ومن جانبها فإن منظمة المؤتمر الإسلامي، التي وقفت إلى جانب الحملة الدولية لمحاربة الإرهاب، من خلال مؤتمر وزراء خارجيتها في الدوحة عقب أحداث سبتمبر، دعت الولايات المتحدة لتعديل سياساتها في الشرق الأوسط وتوفير حماية دولية للفلسطينيين. وكان مؤتمر الدوحة قد سلط الضوء على كفاح الشعب الفلسطيني ومناقشة الأوضاع المتدهورة في فلسطين وإرهاب شارون(149).
ودعا مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا إلى استئصال الاضطهاد في فلسطين كشرط للتغلب على الإرهاب، وأكد أن مكافحة الإرهاب بالسلاح لن تحل المشكلة(150)، وطالب برويز مشرف بمعالجة جذور الإرهاب في فلسطين(151)، وأشارت شيرين مازاري، مديرة المعهد الباكستاني للدراسات الاستراتيجية، أنه سيكون هناك ابن لادن آخر إذا استمرت المشكلة الفلسطينية بلا حل عادل.
وفيما يخص الموقف الأوروبي، فيرى المشير أبو غزالة أن تغيرًا إيجابيًا ملموسًا بدأ يحدث في دول أوروبية عديدة تجاه القضية الفلسطينية، فخرجت مظاهرات ضخمة تندد بالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ويؤكد أيضًا على أن خروج مظاهرات من واشنطن والمدن الأمريكية الأخرى يعكس حدوث تغير جذري في الرأي العام العربي تجاه إسرائيل (152). ويشاطر رضوان السيد الرأي الذي ذهب إليه أبو غزالة، مشيرًا إلى وجود حركة واعدة في الشارع الأوروبي- حسب تعبيره- ليس من جانب الرأي العام فحسب، بل من جانب المسئولين في كل بلد، ومن جانب الاتحاد الأوروبي أيضًا (153)، الذي صدرت عنه مبادرة تدين إرهاب الدولة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني (154). في حين علَّق سليم نصار ورغيد الصلح على مجازر شارون متحدثين عن أنها تبعث اللاسامية في أوروبا أو تشكل مادة اللاسامية الجديدة في أوروبا (155). وقد دعا المركز الفرنسي للدراسات الاستراتيجية أوروبا إلى السعي لحل شبه عادل ومقبول للقضية الفلسطينية (156)، واستهجن الأوروبيون الكثير من الممارسات الأمريكية إزاء القضية ورأوا فيها سلوكًا مثيرًا للقلق لا يتسق والسلوك الديموقراطي(157)، وقد دعا الفرنسيون إسرائيل للانسحاب من مناطق السلطة بعد اجتياحها عقب مقتل رحبعام زئيفي (158).
غير أن الموقف الأوروبي المفاجئ جاء بعد عمليات القدس وحيفا التي كانت ردًا على اغتيال محمد الضيف؛ حيث دعا الزعماء الأوروبيون إلى وقف الانتفاضة وتفكيك حركات المقاومة الفلسطينية، وخاصة حماس والجهاد، وتوصيفهما بالحركات الإرهابية (159). وفي ذلك دلالة على رضوخ الموقف الأوروبي للضغوطات الأمريكية (160). لكن هذا لا يشكك في ظهور تيار أوروبي مناصر للحق الفلسطيني آخذ في الانتشار.
أما فيما يتعلق بالموقف الدولي وردود أفعال الأمم المتحدة، فقد بدت ضعيفة ومنحازة بسبب السيطرة الأمريكية على مؤسساتها المختلفة بما يحقق صالح إسرائيل؛ إذ يقف حق النقض حائلًا دون إدانة ممارسات شارون. فتقرير كوفي أنان سكرتير عام الأمم المتحدة عن مجزرة جنين، قد ساوى بين الجلاد والضحية، وألقى اللوم على الطرفين بدعوى الحياد، واكتفى التقرير بتوجيه اللوم للإسرائيليين على انتهاكات وأخطاء ارتكبت خلال اجتياح المخيم، ملقيًا اللوم على المقاومة لاتخاذهم المخيم حصنًا (161). وعبر “بول دي روج” عن استيائه لانحياز تقرير منظمة العفو الدولية لجانب إسرائيل، مؤكدًا وجود خلل في التقرير تضمن ثلاثة عشر سببًا، منها مساواته بين العنف الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، واستخدام أوصاف قاسية ضد الفلسطينيين وتعبيرات خاملة مترددة ضد إسرائيل، فضلًا عن تجنب التقرير إدانه شارون كمجرم حرب، وهو تقرير متحيز بشكل سافر تبنى لغة تتمحور حول إسرائيل واستخدام تعابيرها؛ مما يؤكد خضوع التقرير للدعاية الإسرائيلية(162).
من جهة أخرى وفر قرار مجلس الأمن رقم (1373) الذرائع للولايات المتحدة لتبرير ممارساتها، ولأنه لم يتضمن تحديدًا لمفهوم الإرهاب (163)، ولو شمل القرار (الذي صدر في 28/9/2001) الدول بالإرهاب لكانت الدولة التي تساعد إسرائيل بالمال والسلاح (الولايات المتحدة) تقع تحت أحكام قرار مجلس الأمن الدولي، فالقرار لم يشمل الدول ولم يستثن حركات التحرر (164).
ومن الملاحظ أن المبعوثين الدوليين يملكون التأثير فقط على الطرف الفلسطيني، فقد طالب مبعوثين دوليين الرئيس عرفات (لارسن من الأمم المتحدة، أندريه فردرين الروسي، موراتينوس الأوروبي) بتنفيذ اعتقالات واستئناف التعاون الأمني، مقابل الانسحاب الإسرائيلي من مناطق السلطة (165).

خاتمة:

أدت أحداث سبتمبر إلى زلزال في بنية النظام الدولي أعقبه توابع أخرى أقل تأثيرًا في المنطقة العربية جعلت القضية الفلسطينية المتضررر الأكبر (166). ويرجع ذلك إلى أن القضية الفلسطينية شديدة الحساسية وسريعة التأثير بالمتغيرات والتطورات الدولية. وقد أدى استفراد الولايات المتحدة بعرش العلاقات الدولية، وهي الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، إلى تراجع القضية إلى الوراء بشكل كبير (167). فأحداث أكثر جسامة كتفجيرات نيويورك وواشنطن قد تركت آثارًا كبيرة على مستقبل القضية الفلسطينية (168). لذلك فالقضية أمام وضع حرج ومأزق لم تمر به منذ العام 1948 (169).
ومقارنة بأنماط الصراع الرئيسية الثلاثة (نمط التعثر، نمط الجمود، نمط التقلب) فإن مسار الصراع في الوقت الراهن يتبع النمط المعروف بـ: “نمط التدهور”، وقد ارتبط بصعود تيار شديد التطرف في إسرائيل أدت سياسته إلى فشل التسوية السلمية، وباتجاه التفاعلات العربية الإسرائيلية إلى دائرة العسكرة، وحدوث خروج كامل عن خيار التسوية السياسية، الذي حكم مسار الصراع خلال العقد الأخير، ليحدث ما يشبه حالة الحرب (170) منذ العام 2001، بسبب دخول التسوية إلى طريق مسدود. وقد تراوحت التفاعلات العربية الإسرائيلية بعد أحداث سبتمبر بين حروب صغيرة وحالة حرب؛ حيث خرج الصراع العربي الإسرائيلي عن الإطار الذي حكم مسيرته خلال السنوات العشر السابقة، ليعود مرة أخرى إلى مرحلة ما قبل عام 1991، التي كانت تثير احتمالات المواجهة العسكرية واسعة النطاق.
ويعرض التقرير الاستراتيجي العربي لعام 2002 ثلاثة تيارات تقدم تشخيصًا مختلفًا للحالة التي وصل إليها الصراع العربي الإسرائيلي: هناك تيار يرى أنها حالة تعد تعبيرًا دقيقًا عن “طابعه الوجودي” الذي استمر لعقود، ويمكن أن يستمر لعدة عقود قادمة، وأن محاولة التسوية السلمية في التسعينيات لم تكن أكثر من هدنة وقتية من حالة الحرب، وأن دورة التوازن الحاكمة لحركة الصراع بدأت تعمل لإعادة “نمط التفاعل التقليدي” الفلسطيني الإسرائيلي. وهناك تيار آخر يؤكد فشل مدريد وأوسلو ورعاية أمريكا في الوصول بالصراع إلى حالة السلم. وتيار ثالث يشير إلى أن الحالة الراهنة التي يمر بها الصراع، تمثل إحدى مراحل عملية التسوية السلمية القائمة بالفعل (171).
لقد شهدت القضية الفلسطينية تدهورًا سريعًا يحتم على الفلسطينيين تطوير استراتيجية كاملة لمواجهة التطورات، ويؤخذ على السلطة الفلسطينية أنها لم تبتنى أثناء العدوان وحتى اليوم المقاومة كخيار استراتيجي. ويرى عزمي بشارة أن شارون لم ينجح في عدوانه ولم يترجمه إلى إنجازات، وأن إسرائيل لن تستطيع اختزال الموضوع الفلسطيني إلى مسألة إرهاب ولا حتى الولايات المتحدة ذاتها (172). ويشير مسعود ضاهر إلى أن السياسة الإسرائيلية تغيرت في شكل الممارسة لا في جوهرها؛ حيث أعدت لنسف عملية السلام منذ زمن، وأعدت الشعب الإسرائيلي لمعركة طويلة مع العرب، كما أن تحالف بوش شارون اعتمد أقصى درجات العنف مقابل جنوح العرب إلى أقصى درجات التصالح والحل السلمي.
واتضح بعد أحداث سبتمبر أن هناك توجه إسرائيلي واضح نحو سياسة النقاء العنصري، ضمن سمات مرحلة جديدة في تاريخ الصراع بدأت بعد 11 سبتمبر، وأن الأثر السلبي لأحداث سبتمبر على القضية الفلسطينية يعد أكبر بعد الانتهاء من الموضوع الأفغاني (173). إن متغيرات جسيمة دخلت على هذا الصراع الممتد بسبب هياج الثور الأمريكي وانكفاء الدول العربية وغياب دبلوماسية أوربية فاعلة على ذاتها استغلها شارون، وليس أمام الفلسطينيين في ضوء ذلك إلا الوحدة الوطنية وتنسيق العمل المشترك بين مختلف الفصائل والقوى السياسية لمواصلة الانتفاضة.
*****

الحواشي

1- نورم ديكسون، “كيف استغل دعاة الحرب أحداث سبتمبر”، الخليج، 5/ 10/ 2002. وقد حرص بوش الابن على استنفار الهوية الأمريكية ضد العدو، كأداة للتعبئة والتجنيد. انظر: عزمي بشارة، “الانتفاضة والمجتمع الإسرائيلي تحليل في خضم الأحداث: سياسات الهوية”، الجزء 4، الحلقة 14، الخليج، 4/8/2002.
2- فهمي هويدي، “انكشاف الحقيقة الأمريكية”، الخليج، 10/9/2002.
3- د. أحمد صدقي الدجاني، “حال أمريكا بعد الزلزلة”، الخليج، 8/9/2002.
4- شوقي أبو شعيرة، “البوشية سيرة يهودية: أمريكا.. أمريكا: سادة الظلام”، الحلقة الثامنة، الخليج، 25/12/2002. وانظر: آلان بيلنجر، “عام على 11 سبتمبر: هل تقود إسرائيل مؤامرة لتدمير الولايات المتحدة”، ترجمة أحمد بشير بابكر، الخليج، 11/9/2002.
5- طه المجدوب، “أمريكا وإسرائيل في قارب واحد: الاستراتيجية المشتركة والشرق الأوسط الموسع”، الحلقة 3، الأهرام، 17/11/2002.
6- جاي بوكما، “هدف بوش الحقيقي في العراق”، ترجمة أحمد بشير بابكر، الخليج، 10/10/2002.
7- د. أحمد عبد الحليم، “الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة”، السياسة الدولية، ع147، يناير2002، ص169.
8- جميل حسن، “هيكل يتحدث من قلب الأزمة إلى قلب الأمة: شارون لا يريد عرفات شهيدًا”، الاتحاد، 7/4/2002.
9- ديفيد نورث، “الحرب ضد بغداد وسعي أمريكا للهيمنة: استراتيجية الأمن القومي تستبيح العالم وفقًا لمصالح الولايات المتحدة”، ترجمة عمر عدس وأحمد بشير بابكر، الخليج، 10/11/2002. وتعتبر أبرز ذريعة ظهرت حتى الآن: “ذريعة محاربة الإرهاب”، وقد اعتبرها عزمي بشارة جزءًا أساسيًا من النمط الجديد للعلاقات الدولية. عزمي بشارة، “أحداث 11 سبتمبر وتضارب الروايات: ما السبيل إلى عالم أكثر أمانًا وأكثر عدلًا أيضًا؟”، الخليج، 1/10/2002.
10- حليم بركات، “الاستراتيجية الأمريكية الجديدة: إمبراطورية تتحدى العالم ولا يتحداها” الحياة، 3/11/2002.
11- ديفيد هيرست، “في ذكرى انفجارات نيويورك وواشنطن: قراءة من القاهرة في حال العرب”، ترجمة عمر عدس، الخليج، 11/9/2002.
12- شوقي أبو شعيرة، “البوشية سيرة يهودية..”، الحلقة التاسعة والأخيرة، الخليج، مصدر سابق، 26/12/2002.
13- المصدر السابق نفسه.
14- السابق نفسه.
15- د. أحمد صدقي الدجاني، “انتفاضة الأقصى وعزم على تحرير فلسطين”، الخليج، 6/10/2002.
16- سعد محيو، “أهداف الحرب الأمريكية في الشرق الوسط”، الوسط، 2/12/2002.
17- شوقي أبو شعيرة، “البوشية سيرة يهودية…”، الحلقة الأولى، الخليج، سابق، 14/12/2002.
18- المصدر السابق نفسه، الحلقة التاسعة، 26/12/2002.
19- السابق نفسه، الحلقة الثامنة، 25/12/2002.
20- لميس أندوني، “الاستشراق في خدمة الإمبراطورية الأمريكية”، الحياة، 29/12/2002.
21- طه المجدوب، “أمريكا وإسرائيل في قارب واحد…”، الأهرام، مصدر سابق.
22- د. أحمد عبد الحليم، “الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة”، السياسة الدولية، مصدر سابق، ص171.
23- هيثم مزاحم، “السياسة الخارجية الأمريكية بعد 11 أيلول”، شؤون الأوسط، ع 107، صيف 2002، ص 176.
24- طه المجدوب، “أمريكا وإسرائيل..”، الأهرام، سابق.
25- فكتور شلهوب، “عام على 11 سبتمبر: عشية الذكرى الأولى أمريكا مأزومة في الداخل ومهووسة في الخارج”، الخليج، 4/9/2002.
26- كمال البيطار (ترجمة)، “عام على 11 سبتمبر: الإرهاب المفبرك والطريق إلى الدكتاتورية”، الخليج، 3/9/2002.
27- طه حسيب، “عام على أحداث 11 سبتمبر: ملامح جديدة للنظام الدولي”، الاتحاد، 15/9/2002.
28- طه المجدوب، “أمريكا وإسرائيل..”، الأهرام، سابق.
29- عاطف الغمري، “العالم الذي يتغير بعد حرب أفغانستان”، الخليج، 17/11/2001. وقد وصفها برنارد جوتيا بـ :”سياسة التغاضي الأمريكية قبل 11 سبتمبر”. برنارد جوتيا، “أربع حقائق جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي”، ترجمة محمد هاني عطوي، الخليج، 15/5/2002.
30- د. أحمد البرصان وآخرون، “الانعكاسات الدولية لأحداث 11 أيلول على القضية الفلسطينية- ندوة خاصة”، السبيل، عمّان، 4/2/2002. http://www.islam.gov.qa/Article.asp?Article=8204
31- د. محمد خالد الأزعر، “السياسة الأمريكية الفلسطينية بعد 11 سبتمبر: محددات الاستمرارية والتغيير”، شئون عربية، ع109، ربيع 2002، ص40.
32- على سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد الحرب على الإرهاب”، شؤون الأوسط، ع105، شتاء 2002، ص 229.
33- يؤكد ذلك د. مصطفى الفقي، مشيرًا إلى أن علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة ليست انحيازًا كاملًا أو ارتباطًا استراتيجيًا بل ارتباطًا عضويًا، والتزامًا بأمنها عسكريًا، ودعمها اقتصاديًا، وضمان تفوقها إقليميًا. مصطفى الفقي، “ملاحظات على هامش ما جرى”، الخليج، 16/4/2001.
34- د. محمد خالد الأزعر، “السياسة الأمريكية الفلسطينية..”، شئون عربية، مصدر سابق، ص 42، 44.
35- المصدر السابق نفسه، ص 44.
36- المشير أبو غزالة، “غزو العراق مسألة وقت: ساعة الصفر مرتبطة بحسابات أمريكية لا بقرارات مجلس الأمن”، الاتحاد، 5/10/2002.
37- روبرت فيسك، “رؤية بوش وما ورائها”، الخليج، 25/3/2002.
38- زبجنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى، المركز العربي للدراسات المستقبلية، http://mostakbaliat.com/link33.html
39- فكتور شلهوب، “عام على 11 سبتمبر…”، الخليج، مصدر سابق.
40- أناتول لايفن، “أسرار الاندفاع الأمريكي نحو غزو العراق”، ترجمة أسعد حليم، الخليج، 10/12/2002. ومن الضروري الإشارة إلى أن الرؤية الإسلامية لنزول المسيح عليه السلام إلى الأرض مرة أخرى بعد أن رفعه الله إلى السماء، سيكون قبيل يوم القيامة بفترة وجيزة، في طرف مدينة دمشق، وسيشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، داعيًا جميع المسيحيين في العالم إلى الإسلام. وسيكذب المسيح عيسى عليه السلام جميع الأطروحات الضالة التي زرعها اليهود منذ القدم في العقل المسيحي الغربي. ارجع إلى كتب الصحاح الستة.
41- جمال اليافعي، “دور الأصولية المسيحية في دعم إسرائيل”، الحلقة الثانية، الوطن، 18/4/2002.
42- انظر: د. أحمد صدقي الدجاني، “التوجهات الأمريكية والتحركات إلى أين؟”، الخليج، 26/3/2002. والانتفاضة تكلفهم الكثير، حيث طلبت حكومة شارون في أواخر العام 2002، مبلغ 4 بلايين دولار مساعدات عسكرية لمحاربة الانتفاضة، و8 بلايين أخرى قروض، لن توفى أبدًا، لمساعدة اقتصادها الذي يعاني من الركود. نصير عاروري، “الكلفة الحقيقية لإسرائيل بالنسبة إلى الشعب الأمريكي”، الحياة، 19/12/2002.
43- ليس غريبًا أن تتبنى الولايات المتحدة هذا الموقف السلبي تجاه حركات التحرر الوطني بوجه عام، مستحضرة في ذهنها مساندة هذه الحركات للاتحاد السوفيتي، الذي كان يقدم لها الدعم المادي والعسكري في مواجهة الاستعمار الغربي. ومن جهة أخرى فإن سيطرة مفاهيم استقرار النظام السياسي وتكيفه وأقلمته مع الظروف المحيطة به، ورفض مفاهيم الثورة والانقلاب والانتفاض، التي تسيطر على التفكير السياسي الأمريكي، خاصة على مستوى المدرسة السلوكية، كان لها تأثيرها البالغ في وصف الإدارة الجمهورية لما تقوم به حركات التحرر الوطني على أنه إرهاب. ولذلك تلوح الولايات المتحدة بالإرهاب ضد كل حركة تحرر وطني تسعى لتحرير أرضها. ويدعو المشير أبو غزالة الذي يعتبر أن واشنطن تشن حربًا خفية ضد العرب والمسلمين، إلى استمرار الكفاح والنضال الفلسطيني ليخسر شارون الرهان وتفشل الولايات المتحدة في تحقيق هيمنتها. المشير أبو غزالة، “أمريكا وإسرائيل وسيناريو خلط الأوراق”، الاتحاد، 27/4/2002. ولكن يوجد استثناء واحد فيما يتعلق بالدول يتمثل في معاقبة الدول التي ترعى أشخاص أو منظمات إرهابية. د. داود خير الله، “في تعريف الإرهاب وشرعية وسائل القضاء عليه”، الخليج، 23/11/1001.
44- انظر ما كتبه المفكر الأمريكي المرموق نعوم تشومسكي، حول تصوره بأن ما تقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل ليس تشجيعًا للإرهاب فحسب، وإنما جرائم حرب خطيرة، معتبرًا أن ذلك إرهاب الرد على الإرهاب. نعوم تشومسكي، “عام على 11 سبتمبر: مذهب أمريكا الجديد إرهاب الرد على الإرهاب”، الخليج، 2/9/2002. وانظر أيضًا في سياسة تغاضي أمريكا عن إرهاب الدولة وقتل المدنيين، كما يحدث للفلسطينيين على يد سلطة الاحتلال الإسرائيلي. جورج جقمان، “هل في التحالف ضد الإرهاب ورقة عربية وفلسطينية جديدة”، الحياة، 29/9/2001.
45- د. حسن حنفي، “في الذكرى الأولى: صراع قوى أم صراع رؤى؟”، الاتحاد، 11/9/2002.
46- د. زياد العسلي،” عام على 11 سبتمبر: العرب والولايات المتحدة بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن: نجح شارون في توظيف الأحداث لمواصلة إرهابه ضد الفلسطينيين”، الخليج، 1/9/2002.
47- د. حسن حنفي، “في الذكرى الأولى…”، الاتحاد، مصدر سابق. وانظر أيضًا: د. نيفين مسعد، “صناعة الكراهية في العلاقات العربية الأمريكية: سياسة واشنطن تجاه الصراع الإسرائيلي بعد 11 سبتمبر”، الأهرام، 15/9/2002. من جهة أخرى فقد أدرجت الولايات المتحدة أسماء فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية الفلسطينية ضمن القائمة الثانية للإرهاب وتضم اللائحة حماس، والجهاد، والجبهة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصى، وكتائب القسام، وجبهة التحرير الفلسطينية، مطالبةً الدول العربية بإجراءات ضدها. د.حسنين توفيق، “صناعة الكراهية في العلاقات العربية الأمريكية: العراق والسودان فقط من بين الدول العربية رفضتا العمليات العسكرية في أفغانستان”، الخليج، 20/9/2002. كمال البيطار (ترجمة)، “عام على 11 سبتمبر:الإرهاب المفبرك..”، الخليج، مصدر سابق. ولوحظ أن القائمة الأولى التي صدرت قرب حرب أفغانستان لم تكن تتضمن أي منظمة لها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي، في إشارة لكسب تأييد الدول العربية والإسلامية في صف حملة الولايات المتحدة على القاعدة وطالبان. ياسر الزعاترة، “خطوات مدروسة في الحرب الأمريكية لضمان التعاون العربي الإسلامي”، الحياة، 7/10/1001.
48- د. أحمد يوسف أحمد، “عام على أحداث 11 سبتمبر: النظام العربي في مواجهة الإعصار”، الاتحاد، 10/9/2002.
49- صالح النعامي، “في ظل الضغوط الأمريكية لتصفية الانتفاضة: السلطة والمقاومة في مفترق الطرق”، غزة، 8/12/2002. http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/12/article6.html
50- المصدر السابق نفسه.
51- انظر: صبحي غندور، “محاولة لفهم هذا التطابق البوشي الشاروني”، مركز الحوار العربي، واشنطن، http://www.alhewar.com/images/sobhi_ghandour_pease_of_brave.PDF باتريك سيل، “من سينتصر في حرب واشنطن؟”، الحياة، 9/11/2002. تريد الولايات المتحدة حكومة عملاء وخونة حسب تعبير عبد الهادي أبو طالب، أو قرضاي فلسطيني يحكم من فوق دبابة أمريكية، ويفاوض إسرائيل من قلب خندق إسرائيلي تحميه أمريكا. لذلك أرادت التخلص من عرفات والإتيان بقرضاي فلسطيني، أو أرادت الضغط عليه ليقبل هذا الدور. صلاح الدين الحافظ، “قرضاي الفلسطيني وديكتاتورية الديمقراطية!”، الخليج، 10/7/2002. د. عبد الهادي أبو طالب، ” البحث عن حكومة عملاء وخونة”، الخليج، 19/5/2002.
52- د. محمد خالد الأزعر، “السياسة الأمريكية الفلسطينية…”، شئون عربية، سابق، ص 41.
53- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية وتداعيات اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر”، السياسة الدولية، ع147، يناير 2002، ص 104.
54- على سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد الحرب على الإرهاب”، شئون الأوسط، ع105، شتاء 2002، ص 223.
55- د. عماد جاد، “القراءة الإسرائيلية للحملة العسكرية الأمريكية”، الخليج، 18/10/2001.
56- على سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد…”، شؤون الأوسط، مصدر سابق، ص 224.
57- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية وتداعيات…”، السياسة الدولية، مصدر سابق، ص 104.
58- د. يوسف القرضاوي، “لا يستفيد من هذا العمل غير إسرائيل”، الخليج، 13/9/2001.
59- الخليج، 21/9/2001.
60- إسرائيل شامير، “لماذا لا تسأل أمريكا نفسها عن أسباب كثرة أعدائها؟: قطار الشرق السريع ودس السم في الدسم”، الخليج، 21/9/2001.
61- صالح النعامي، “يعتبرونها فرصة لوأد الانتفاضة: تفجيرات أمريكا نافذة فرص نادرة للصهاينة”، غزة، 15/9/2001 http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/9/article?.html
62- المصدر السابق نفسه.
63- إسرائيل شامير، “لماذا لا تسأل أمريكا نفسها عن…” الخليج، مصدر سابق.
64- صالح النعامي، ” يعتبرونها فرصة لوأد الانتفاضة…”، مصدر سابق
65- إسرائيل شامير، “لماذا لا تسأل أمريكا نفسهاعن…” الخليج، سابق.
66- صالح النعامي، ” يعتبرونها فرصة لوأد الانتفاضة…”،سابق http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/9/article?.html. ويدحض رمزي بارود مزية فرح الفلسطينيين بأحداث سبتمبر، مؤكدًا أنه لم يكن الأمر سوى قلة من الصبية رقصوا على سيارة قديمة، والتضخيم الإعلامي الصهيوني غير صحيح. ويشير “مايكل لوبيز- كالديرون” إلى أن إسرائيل تهدف أيضًا إلى اتخاذ هذه المشاهد ذريعة لتوجيه ضربات موجعة للفلسطينيين. رمزي بارود، “الآخرون شعروا بآلام أمريكا.. فهل تشعر بآلامهم؟”، الخليج، 14/9/2001. مايكل لوبيز- كالديرون، “الهجمات نتاج طبيعي للعجرفة الأمريكية”، الخليج، 20/9/2001.
67- ” الصحف الإسرائيلية تحرض واشنطن على حرب حتى الموت ضد الإسلام”، الخليج، 15/9/2001.
68- طاهر النونو، “تحدثت عن فرصة مواتية للحرب على الانتفاضة والمقاومة: صحف إسرائيل تواصل التحريض الضاري ضد المسلمين”، الخليج، 14/9/2001.
69- الخليج، 18/9/2001.
70- صالح النعامي، ” يعتبرونها فرصة لوأد الانتفاضة…”، سابق. http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/9/article?.html
71- د. عمرو عبد السميع، “الذكرى السنوية للانتفاضة تتوارى وراء حرب الأفغان”، الأهرام الدولي، 2002. د. صلاح عز، “الصهاينة يحاولون تشبيه الانتفاضة بالعمليات في نيويورك: من المستفيد من الهجمات في أمريكا؟”، القدس العربي، 19/9/2001. ويليام رو، “المجتمع الأمريكي وتحولات ما بعد 11 سبتمبر”، الاتحاد، 10/9/2001.
72- إسرائيل شامير، “لماذا لا تسأل أمريكا نفسها…”، الخليج، سابق.
73- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية وتداعيات…”، السياسة الدولية، سابق، ص 105.
74- عرفان نظام الدين، “الفرصة التاريخية الأخيرة لعرفات؟”، الحياة، 18/12/2001.
75- على سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد الحرب على الإرهاب”، شئون الأوسط، مصدر سابق، ص 224.
76- عبد العال الباقوري، “شارون والمقاومة الفلسطينية”، الاتحاد، 12/12/2001.
77- المصدر السابق نفسه.
78- طارق حسن، “بعد إعلان شارون اتفاق أوسلو: مسعى جاد لتحويل المسألة الفلسطينية من قضية تحرر وطني إلى شأن إسرائيل داخلي”، الاتحاد، 26/9/2002.
79- د. إبراهيم البحراوي، “إسرائيل وأحداث سبتمبر”، الاتحاد، 10/9/2002.
80- طارق حسن، “بعد إعلان شارون…”، الاتحاد، مصدر سابق.
81- انظر: كميل منصور، “أحداث أيلول/سبتمبر 2001 والمواجهة الفلسطينية الإسرائيلية”، مجلة الدراسات الفلسطينية، ع49، شتاء 2002،ص18، 23. علي الخليلي، “قضية فلسطين والإعلام العربي”، الخليج، 30/9/2001.
82- الخليج، 7/9/2002.
83- صالح النعامي، ” يعتبرونها فرصة لوأد الانتفاضة…”، سابق. http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/9/article?.html
84- علي سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد…”، شؤون الأوسط، سابق، ص 221.
85- د. عماد جاد، “نموذج شارون في إدارة الصراع وانعكاساته المستقبلية”، السياسة الدولية، ع 149، يوليو، 2002، ص 88.
86- أميرة سعد، “كرة حماس الملتهبة بين كفي عرفات وشارون”، ع171، فبراير 2002.
http://www.albayan-magazine.com/bayan-171/iss/171-16.htm
87- عزمي بشارة، “الانتفاضة والمجتمع الإسرائيلي تحليل في خضم الأحداث:بعد الاجتياح”، الجزء الخامس، الحلقة 17، الخليج، 7/8/2002. وانظر أيضًا: صلاح سالم، “مؤتمر شارون الشرق الأوسطي: القوة مرجعية للسلام ونزعة إلى استثمار نتائج العدوان العسكري”، الحياة، 26/5/2002.
88- د. أسعد عبد الرحمن، “حرب استكمال الاستقلال الشارونية أم انتفاضة الاستقلال الفلسطينية؟” الاتحاد، 4/10/2002.
89- حول موضوع الطرد الجماعي الإجباري (الترانسفير) لآلاف الفلسطينيين وخاصة طردهم من العراق، تحت تهديد السلاح وعن طريق ارتكاب مذابح، يمكن إيجاد رابط بين احتلال أمريكا للعراق، واستكمال شارون للمشروع الصهيوني، انظر: “لوجستيات الترحيل: الخطة الإسرائيلية للتطهير العرقي في فلسطين: الحلقة الثانية: يجب أن يكون لليهود دولتهم الخاصة بهم المتجانسة عرقيًا”، إعداد قسم الترجمة، الخليج، 16/9/2002. عرفان نظام الدين، “سيناريوهات خطيرة.. وملفات متفجرة؟!”، الحياة، 21/10/2002. د. أحمد صدقي الدجاني، “مخطط الترانسفير للقضاء على انتفاضة الأقصى”، الأهرام، 23/11/2002. د. إبراهيم البحراوى، “التحول من الترانسفير إلى الطرد بالسلاح”، الاتحاد، 28/11/2001.
90- د. أسعد عبد الرحمن، “حرب استكمال الاستقلال…”، الاتحاد، مصدر سابق. ففي ضباب الحرب مع العراق- حسب تعبير علي الخليلي- قد يقوم شارون بترحيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأردن. علي الخليلي، “الترانسفير قنبلة إسرائيل الذرية”، الخليج، 20/11/2002.
91- صلاح سالم، “مؤتمر شارون الشرق الأوسط…”، الحياة، مصدر سابق.
92- د. أحمد صدقي الدجاني، “مخطط الترانسفير…”، الأهرام، مصدر سابق.
93- فهمي هويدي، “مخطط استكمال الوجود الفلسطيني”، الخليج، 16/7/2002.
94- علي الخليلي، “الترانسفير قنبلة إسرائيل…” الخليج، سابق.
95- د. إبراهيم البحراوي، “إسرائيل واستثمار أحداث سبتمبر”، الاتحاد، مصدر سابق.
96- د. محمد خالد الأزعر، “السياسة الأمريكية الفلسطينية…”، شئون عربية، سابق، ص 41.
97- علي سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد الحرب على الإرهاب..”، شئون الأوسط، سابق، ص 221.
98- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية…”، السياسة الدولية، سابق، ص 105.
99- د. حسنين توفيق، “صناعة الكراهية في العلاقات العربية الأمريكية: العراق والسودان..”، الخليج، مصدر سابق، 20/9/2002
100- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية وتداعيات…”، السياسة الدولية، سابق، ص 105. وأنظر رأي “يوئيل ماركوس” حول الأخطاء التي ارتكبها شارون في بداية الأزمة، حينما اشترط وقف إطلاق النار، معتبرًا أن عرفات سرق من شارون المشهد عندما أعلن استعداده للانضمام إلى الأخيار، ويضع بذلك الختم على موافقة دول المنطقة على الانضمام للولايات المتحدة. علي سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد…”، شئون الأوسط، سابق، ص 225.
101 – انظر: خليل الشقاقي، “السلام وعرفات: ضحايا دوت أوسلو”، ترجمة أحمد محمود، الخليج، 4/3/2002. ممدوح نوفل، “هل استوعبت السلطة والمعارضة الفلسطينية أبعاد المرحلة الجديدة؟”، الحياة، 7/1/2002.
102- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية…”، السياسة الدولية، سابق، ص 105.
103- خليل الشقاقي، “السلام وعرفات …”، الخليج، مصدر سابق.
104 – الخليج، 22/9/2001.
105- ظهر توجه محدود في الوسط الثقافي والأكاديمي الأمريكي، يرى أن الموساد وشارون بالاتفاق مع بعض القيادات الأمريكية الساعية لتحقيق مصالح مادية، لهم يد في القيام بهذا العمل المشين، من خلال دفعهم لأعدائهم بصورة غير مباشرة للقيام بهذا العمل مدفوعين بكراهيتهم للولايات المتحدة ورغبتهم في الانتقام منها بسبب مواقفها العدائية من العرب والمسلمين وخاصة مساندتهم لإسرائيل التي اغتصبت أرض فلسطين وتريد أن تطرد منها باقي أهلها، في حين أن المخطط والمستفيد الأول من هذا العمل هم، الإسرائيليون من ناحية، كي يتخذوه ذريعة لإلصاق التهمة بالعرب والمسلمين والفلسطينيين، فيحلو لهم أن يفعلوا ما شاءوا، وأولئك الأمريكيين الذين أرادوا الاستفادة من حادثة كهذه تعد أقوى من حادثة بيرل هاربول، ليتخذوها ذريعة أيضًا لتنفيذ مخططاتهم التي تضمن للولايات المتحدة السيطرة على العالم خلال القرن المقبل، وتضمن لها التحكم في منابع النفط والغاز الطبيعي في العراق وبحر قزوين، بالإضافة إلى طموحات ومخططات أخرى منها شخصي ومنها لمصلحة شركات التصنيع والنفط. ومن أشهر الأمريكيين الذين عبروا عن هذا التوجه: السيناتور الأمريكي السابق “ديفيد ديوك”، أستاذ الاقتصاد ومرشح الرئاسة المقبل “ليندون لاروش”، ضابط الشرطة الأمريكي “مايك روبرتس”، بالإضافة إلى جور فيدال، وأنتوني جوزيف كابرينو وغيرهم. ديفيد ديوك، “عام على 11 سبتمبر: أرييل شارون الإرهابي الذي يقف وراء هجمات سبتمبر”، الخليج، 6/9/2002. جور فيدال، “مسؤولية الإدارة الأمريكية عن أحداث سبتمبر: العدو من الداخل”، الخليج، 9/12/2002. ديفيد ديوك، “تل أبيب وهجمات الحادث عشر من سبتمبر: كيف تسبب الإرهاب الإسرائيلي والخيانة الأمريكية في حدوث التفجيرات” الخليج، 12/1/2002. ديفيد ديوك، “تل أبيب وهجمات الحادث عشر من سبتمبر: الإرهاب الإسرائيلي ضد الأمريكيين بدأ في 1954 وبلغ قمته في 2001″، الخليج، 13/1/2002. أحمد محيسي (ترجمة وإعداد)، “الكذبة الكبرى: وجهة نظر للكاتب الأمريكي ديفيد ديوك حول الأسباب الحقيقية لهجوم الحادي عشر”، أخبار العرب، الحلقة الأولى، 9/11/2001، والحلقة الثانية، 10/11/2001. إبراهيم غرايبة، “العملية هيبرون: صراع الاستخبارات بين أمريكا وإسرائيل لمؤلفه إريك جوردن”، http://www.aljazeera.net/books/2001/12/12-24-1.htm. ماجد الحاج، “خبير سياسي أمريكي للاتحاد: أحداث سبتمبر من تدبير المخابرات الأمريكية والموساد لخلق رأي عام ضد الإرهاب”، الاتحاد، 15/4/2002.
106- وقد قامت شركة “زيم” الإسرائيلية بإجلاء مكاتبها قبل عشرة أيام من تدمير مركز التجارة العالمي. الخليج، 21/9/2001.
107 – د. زياد العسلي، “عام على 11 سبتمبر: العربي في الولايات المتحدة بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن: نجح شارون في توظيف الأحداث لمواصلة إرهابة ضد الفلسطينيين”، الخليج، 1/9/2002.
108- د. حسنين توفيق، “صناعة الكراهية في العلاقات العربية الأمريكية: العراق والسودان..”، الخليج، سابق، 20/9/2002.
109- ياسر الزعاترة، “تداعيات 11 سبتمبر والانتفاضة الفلسطينية”، http://www.aljazeera.net/cases_analysis/2002/1/10701.htm.
110 – سائدة حمد، “أحداث الولايات المتحدة ونتائجها تفرض مرحلة تقويم: الفلسطينيون خائفون على إنجازات الانتفاضة ولكنهم لن يتخلوا عنها”، الحياة، 28/9/2001.
111 – “مقال محمد حسنين هيكل”، الخليج، 7/7/2002.
112 – وحيد عبد المجيد، “المقاومة الفلسطينية والإرهاب حين يضرب مصالح إسرائيلية”، الحياة، 8/12/2002.
113 – طارق حسن، “بعد إعلان شارون إلغاء اتفاق أوسلو: مسعى جاد لتحويل المسألة الفلسطينية من قضية تحرر وطني إلى شأن إسرائيلي داخلي”، الاتحاد، 26/9/2002.
114 – يرى أحمد صدقي الدجاني أن محاولة وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب لن تنجح، لأنها مقاومة تقرها الشرعية الدولية وتراها حركة تحرير وطني ضد احتلال يمارس إرهاب الدولة. د. أحمد صدقي الدجاني، “مخطط الترانسفير للقضاء على انتفاضة الأقصى”، الأهرام، 23/11/2002.
115 – بلقاسم حسن، “المنطق الشاروني والإرهاب الصهيوني”، http://www.rsp-tunisia.com/21503.htm.
116 – “التقرير الاستراتيجي العربي الولايات المتحدة ومرحلة ما بعد 11 سبتمبر، الحلقة الخامسة: التفاعلات العربية الإسرائيلية حالة حرب”، الخليج، 22/5/2002.
117 – نعوم تشومسكي، “عام على 11 سبتمبر: مذهب أمريكا الجديد إرهاب الرد على الإرهاب”، الخليج، 22/9/2002.
118 – د. السيد عوض عثمان، “انتقاد عسكرتها يتعارض مع حق المقاومة: رؤية في الجدل حول الانتفاضة الفلسطينية”، الخليج، 17/1/2002.
119 –الحياة، 26/11/2002.
120 – “دحلان يصرح”، الاتحاد، 26/9/2002.
121 – ياسر الزعاترة، “الانتفاضة بين تناقضات السلطة والضغوط الإسرائيلية الأمريكية”، الخليج، 11/12/2001.
122- طاهر النونو، “حماس نقلت الكرة إلى الملعب الإسرائيلي الأمريكي: قراءة في مستقبل المقاومة والانتفاضة”، الخليج، 25/12/2001.
123 – صالح النعامي، “في ظل الضغوط الأمريكية لتصفية الانتفاضة: السلطة والمقاومة في مفترق الطرق”، غزة، 8/12/2001. http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/12/article6.html. وأنظر: ماجد أبو دياك، “السلطة الفلسطينية وبقاء المقاومة”، الحياة، 10/11/2001.
124- “دحلان يصرح”، الاتحاد، مصدر سابق.
125 – سائدة محمد، “مصطفى البرغوثي: شارون يريد تحويل الضفة من أراض فلسطينية عليها مستوطنات غريبة إلى أرض تابعة للمستوطنات تحيط بها مدن وقرى فلسطينية”، الحياة 5/6/2002.
126 – منير شفيق، “الأولوية لدحر الاحتلال لا لإصلاح السلطة الفلسطينية”، الحياة، 26/5/2002.
127 – الخليج، 11/9/2002.
128 – “مقال محمد حسنين هيكل”، الخليج، مصدر سابق.
129 – د. أحمد يوسف أحمد، “خطاب بوش ودلالته الخطيرة بالنسبة للنظام العربي”، الاتحاد، 9/7/2002.
130 – د. أحمد صدقي الدجاني، “مخطط الترانسفير..”، الأهرام، مصدر سابق.
131 – ميسون جحا، “السقوط الرهيب”، الاتحاد، 10/9/2002.
132 – د. أحمد صدقي الدجاني، “مخطط الترانسفير..”، الأهرام، سابق.
133 – لمزيد من التفصيل حول الظاهرة الانتفاضية الفلسطينية خلال الفترة المذكورة، أنظر: بشير سعيد أبو القرايا، “الظاهرة الانتفاضية: دراسة في النموذج الفلسطيني 1881 – 2001″، حولية أمتي في قرن، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2002.
134 – د. حسن حنفي، “في الذكرى الأولى: صراع قوى أم صراع رؤى”، الاتحاد، 11/9/2002.
135 – د. بسيوني إبراهيم حمادة، “الرأي العام العربي وقمة بيروت”، الخليج، 26/3/2002.
136 – مازن عز الدين، “المتغيرات الدولية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية”، http://www.alsabah.com/mazen.htm
137 – جميل مطر، “ديمقراطية رخيصة للعرب”، الخليج، 19/12/2002.
138 – انظر: د. أحمد صدقي الدجاني وعبد القادر ياسين، “ندوة مستقبل الانتفاضة الفلسطينية”، 22/12/2001، http://www.islam-online.net/arabic/politics/2002/01/-4. التقرير الاستراتيجي العربي…”، الخليج، سابق.
139 – الخليج، 11/9/2002.
140 – المشير أبو غزالة، “إرهاب شارون حلقة في مسلسل 11 سبتمبر”، الاتحاد، 4/5/2002.
141 – د. محمد يونس، “حملة مكافحة الإرهاب وغروب حركات التحرر الوطني (2): مجلس الأمن يصدر قرارين بعد 11 سبتمبر يتعارضان مع القانون الدولي”، الاتحاد، 20/8/2002.
142- د. عماد جاد، “القضية الفلسطينية…”، السياسة الدولية، سابق، ص106.
143 – انظر: د. رضوان السيد، “العرب والعالم بعد 11 سبتمبر”، الاتحاد، 10/9/2002. وحيد عبد المجيد، “أجندة مصر لقمة بيروت”، الحياة، 9/4/2002. أندريه فونتين، “من الغرب الأقصى إلى الشرق الأدنى”، الخليج، مصدر سابق. الخليج، 14/9/2001. الخليج، 16/9/2001. الخليج، 21/9/2001. الخليج، 20/9/2001. الخليج، 18/10/2001. الخليج، 24/11/2001.
144 – المصدر السابق نفسه.
145 – اعتمدنا في ذلك بالتفعيل على: د. أحمد يوسف أحمد، “خطاب بوش ودلالاته..”، الاتحاد، مصدر سابق.
146 – د. إبراهيم البحراوي، “مستقبل التسوية في ظل أحداث سبتمبر والمحددات الإسرائيلية”، شؤون الشرق الأوسط، ع1، يناير 2002، ص63.
147- انظر: دينيس روس، “حان وقت قول الحقيقة”، الخليج، 24/11/2001. الخليج، 23/10/2001.
148- الخليج، 6/11/2001.
149- أندريه فونتين، “من الغرب الأقصى إلى الشرق الأدنى”، الخليج، 7/10/2001.
150- الخليج، 22/9/2001.
151- الخليج، 17/10/2001.
152- المشير أبو غزالة، “إرهاب شارون حلقة في مسلسل 11 سبتمبر”، الاتحاد، مصدر سابق.
153 – د. رضوان السيد “أحداث الانتفاضة: هل هناك متغيرات فعلية في الرأي العام العربي؟”، الاتحاد 14/4/2002.
154 – فوزية أبو خالد، “القمة العربية خلفيات وأسئلة: التوفيق بين الضغوط الأمريكية والتوقعات الشعبية”، الحياة، 26/3/2002.
155 – انظر: رغيد الصلح، “حكومة شارون واللاسامية الجديدة”، الحياة، 28/5/2002. سليم نصار، “مجازر شارون تبعث اللاسامية في أوروبا”، الحياة، 13/4/2002.
156- الخليج، 13/9/2001.
157- د. محمد خالد الأزعر، “السياسة الأمريكية الفلسطينية..”، شئون عربية، سابق، ص 41.
158- الخليج، 24/10/2001
159 – طاهر النونو، “حماس نقلت الكرة..”، الخليج، مصدر سابق.
160 – د. أحمد صدقي الدجاني وآخرون، “مستقبل الانتفاضة..”، http://www.islam-online.net/arabic/politics/2002/01/-4
161 – الخليج، 3/8/2002.
162 – بول دي روج، “13 سببًا تكشف الخلل في مصداقية تقاريرها: منظمة العفو الدولية منحازة لإسرائيل”، ترجمة عمر عدس، الخليج، 27/11/2002.
163 – د. حسنين توفيق، “صناعة الكراهية في العلاقات العربية الأمريكية: قرار مجلس الأمن 1373 وفر ذرائع للولايات المتحدة لتبرير ممارساتها”، الخليج، 19/9/2002.
164 – د. داود خير الله، “في تعريف الإرهاب وشرعية وسائل القضاء عليه”، الخليج، 23/11/2001.
165 – انظر: سائدة محمد، “مصطفى البرغوثي: شارون يريد تحويل الضفة من…”، الحياة 5/6/2002. علي سمور، “مستقبل الانتفاضة بعد..” شؤون الأوسط، سابق، ص 226.
166 – محمد عز العرب، “المفكرون في صالون ابن رشد بالقاهرة: 11 سبتمبر أعاد العالم إلى التخلف قرنًا”، الاتحاد، 11/9/2002.
167 – د. محمد خالد الأزعر، “السياسة الأمريكية الفلسطينية..”، شئون عربية، سابق، ص 37.
168 – صالح النعامي، “أكتوبر 2001 أشرس حملة إسرائيلية لإجهاض الانتفاضة”، غزة، 1/11/2001، http://www.muslims.net/arabic/politics/2001/11/article1.html.
169 – “دحلان يصرح”، الاتحاد، سابق.
170 – انظر بالتفصيل: “التقرير الإستراتيجي العربي…”، سابق.
171 – المصدر السابق نفسه.
172 – عزمي بشارة، “الانتفاضة والمجتمع الإسرائيلي: تحليل في خضم الأحداث بعد الاجتياح”، الجزء الخامس، الحلقة 17، الخليج، 7/8/2002.
173 – وحيد عبد المجيد، “أجندة مصر لقمة بيروت”، الحياة، سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى