التحولات المعاصرة في العالم الإسلامي: اصطناع الدولة القومية ودواعي الخصوصية الحضارية في التحليل

مقدمة:

تتعدد مداخل دراسة التحولات في العالم العربي والإسلامي عبر مراحل تطور وضعه تاريخيًا في النظام الدولي، ويمكن التركيز في الرصد العام للتحولات المعاصرة على المرحلة الحديثة والمعاصرة منذ نشوء الدولة القومية في عالمنا العربي والإسلامي؛ إذ تدعو لخصوصية حضارية عند تحليل قضاياه في (ومع) العالم. فقد أدى نشوء نموذج الدولة القومية في العالم الإسلامي – في إطار الاستعمار التقليدي وإرثه الممتد إلى يومنا هذا – إلى شبكة من الأزمات المتلاحقة، أدت الأخيرة بدورها إلى تحولات نوعية وهيكلية أخذت تتزايد وطأة وحجمًا إلى وقتنا هذا.
حيث يمكن تصنيف أبعاد واتجاهات ذلك التحول، من مدخل أزمات الدولة القومية، على النحو التالي:

أولًا: أزمة النشأة المصطنعة للدولة القومية في العالم العربي والإسلامي:

اصطنع الاستعمار قسمة غير طبيعية لكثير من دول العالم في قلبها العالم العربي والإسلامي، واستبدل بالوحدة الإسلامية تجزئة استعمارية وفق اتفاقية “سايكس بيكو” 1916، ثم أسهم – وتواطأت معه نخبة سياسية وثقافية متغربة – في اصطناع وهم الشعب القومي الذي يمتلك صفات معينة وتاريخًا معينًا ونعرات قومية ووطنية مستقلة؛ حتى يثبِّتَ عرى الدولة القومية التي أنشاها، واستخدمت لأجل ذلك – ولم تزل – أدوات كالاقتصاد وإعادة كتابة التاريخ القومي والدراما والفنون والإعلام والكتب الدراسية والتخالط الاجتماعي وتحية العلم والخدمة العسكرية.[1] ورغم أن القومية ذاتها لم تزل موضع نقاش مرير بين علماء الاجتماع، سكتت النخب الثقافية عن جدل القومية في بلاد مزقت الدولة قوميتها[2].
ذلك التمزق يعود بالأساس إلى حلول رابطتي القومية والوطنية، المستوردتين من الغرب (المهيمن حضاريًا) منذ أكثر من قرن، كمنافسٍ شرس لمفاهيم الأخوّة والوحدة الإسلامية التي حكمت الوعي الإسلامي دون منافس لقرون طويلة؛ وفي هذا السياق تموضعت القومية بوصفها بديلًا لرابطة العقيدة. ورغم ذلك فقد استمر الصراع الفكري بين تلك المفاهيم في صعودٍ وهبوطٍ عبر منعطفات مهمة مثل: عجز الدول القومية عن إنجاز التنمية المستقلة، وظاهرة الإحياء الإسلامي في الربع الأخير من القرن الماضي. ذلك على المستوى النظري والفكري، أما على المستوى الواقعي فقد أثبتت الدولة القومية والنظام الدولي القائم عليها قدرًا أكبر بكثير من عدم الملاءمة في المنطقة[3].
والأخطر أن هذا التقسيم والتفتيت السياسي إلى دول وأقطار قد أثر في وعي المسلمين بالجماعة، وأفاد تقسيمًا وتفتيتًا -في التصور وفي الإدراك – لمفهوم الجماعة في الحاضر (وهو مفهوم الجماعة الاجتماعية والسياسية الذي استمر مستندًا لمفهومها العقيدي والحضاري الإسلامي من عصر انتشار الإسلام إلى عصرنا الحديث)، فارتد ذلك على التاريخ يقسمه ويفتته. إن صناعة نسق تاريخي متميز ومنفصل لكل قطر من الأمة العربية والإسلامية إنما أدى إلى فساد كامل في رؤيتنا التاريخية ولأحكامنا، ولتقويماتنا لوقائع التاريخ، فصار البعض – للأسف – ينظر للفتح الإسلامي لمصر على أنه كان غزوًا عربيًا، أو لفترة الدولة العثمانية بأنها احتلال تركي[4].

ثانيًا: أزمة اصطناع الصراع القومي:

تم تأجيج الصراعات البينية في العالم العربي والإسلامي بين القوميات الناشئة. وكانت نشأة إسرائيل: الأمة الدينية التي اصطنعت لنفسها قومية على يد الحركة الصهيونية العالمية، بزعم خلق وطنٍ قومي لليهود، فتم غرسها داخل أمتنا العربية والإسلامية التي اقتنص تشكيل نموذج الدول القومية منها حق تكوين قوميتها[5]، مما أجج الصراع البيني في عالمنا العربي والإسلامي.
وفي مرحلة ما بعد التحرر الوطني رفع الاستعمار الجديد شعار “فرِّقْ تَسُدْ”، بما يضمن حال الفرقة والصراع البيني[6]؛ بدءًا من الصراعات الإقليمية الناجمة عن خلق أطرٍ جغرافية للخلاف والشقاق بين البلدان الإسلامية (مشكلات الحدود على سبيل المثال) حتى في إطار الوعاء الثقافي والإقليمي الواحد، وحتى تفاعل ديناميات التشرذم والتفكك الداخلي باسم النزعة القومية داخل الكيانات القطرية، ناهيك عن التعقيدات الاجتماعية والسياسية الناشئة عن التعايش بين الأنساق التقليدية للولاء (القبائل والعشائر) وبين إطار الدولة القومية أو القطرية، وانتهاء بوضعية الاستضعاف والتدني التي فُرضت هيكليًّا على مجموعة البلدان الإسلامية والعربية في إطار المنظومة الدولية الاقتصادية والسياسية القائمة. وأخيرًا الانتهاك المطّرد والمتعاظم لسيادة الدولة (آخر مزايا القومية) في العالم الإسلامي باسم العولمة الاقتصادية والثقافية. وفي المحصلة: لقد ارتبطت نظرية الدولة القومية، ومنظومة العلاقات الدولية القائمة على أساسها؛ بقدرٍ هائل من التعقيدات والإشكالات الفكرية والواقعية في العالم الإسلامي، أقلُّ ما توصف به هو عدم الملاءمة الفكرية والعملية التي يحملها ذلك النسق في التعبير عن واقع ومدركات ملايين من البشر الذين يعيشون خارج إطار الغرب الذي نشأ في أحضانه مفهوم القومية. ولا تقتصر ظاهرة عدم الملاءمة هذه على العالم الإسلامي، بل تظهر بصورة أكثر حدة في مناطق وثقافات أخرى فقدت ظاهرة الدولة-القومية والحدود السيادية فيها كل قيمة ومعنًى، مثل: أفريقيا جنوب الصحراء…”[7].
مما أنتج خللًا في بنية ومؤسسات هذه الدول وأصبحت تعاني من سوء فهم للديمقراطية وأحيانًا عدم تخيل للنظام الديمقراطي وآلياته على الإطلاق، ومن ثم جعل المعارضة عاجزة عن الاندماج أو حتى عن ممارسة دورها بمشروعية، وهذا كله أدى إلى تراجع شرعية النظم الحاكمة في هذه الدول مقابل بزوغ التأثير الانفجاري للداخل مع (و) علاوة على اختراق الخارج لداخلها وفق مصالحه وآليات القوة التي يستخدمها مما أنتج وفق تفسير “برتران بادي” أمثلة للسيادات العاجزة والمعطلة والمنهارة أحيانًا على صعيد تلك الدول[8].

ثالثًا: أزمة التبعية الخارجية وعدم استقلال القرار السياسي:

إن دولنا كانت – وما زالت – مناعتها التحررية والاستقلالية مجروحة؛ إما نتيجة نقص الخبرة في أساليب الحكم والتنمية، أو نتيجة عدم خلوص الحكم الوطني للوطنيين وحدهم، أو نتيجة وجود التوترات الخارجية، والأزمات الإقليمية المحيطة بأي من البلاد المعنيّة؛ بما يمكن من إثارتها واستنفاد الطاقة والجهد، أو تحقيق الهزائم العسكرية؛ مثل حالة إسرائيل بالنسبة للدول العربية المحيطة، أو حالة جنوب السودان بالنسبة للسودان أو غير ذلك. وعندما انتكست النظم الوطنية لدول الاستقلال الوطني حديثة التكوّن؛ أُفرِغت هذه الدول من محتواها السياسي والاجتماعي الخاص باستكمال السعي للتحرر، وسياسات التنمية والتكامل الإقليمي بين بعضها البعض؛ أُفرغت من ذلك، وحَلَّ محلَّ هذا المحتوى قياداتٌ سياسية وخبراء نقلوا بلادهم من سياسات الاستقلال والتحرر إلى سياسات التبعية والخضوع السياسي والاقتصادي للدول الكبرى، وكل ذلك جرى باستخدام أداة الدولة القائمة ذاتها؛ فصارت أجهزة الإدارة والحكم منفصلة عن الجماعة السياسية، لا تتصل بها اتصالًا ديمقراطيًا، ولا تتصل بها اتصالَ تحقيقٍ لأهداف الجماعة في التحرر، وفي إنماء السياسات وإشباع الحاجات الضرورية[9].
والأخطر من ذلك، أن سياسات التنمية – بتبعيتها للقوى الخارجية – قد أَفرغت العديد من هذه الدول من أهم وظائفها التاريخية الأساسية؛ وهي حراسة الأمن الجماعي لشعوبها من مخاطر الخارج؛ فهي: أولًا: لم تستطِعْ أن تقوم بهذا الواجب للاختلال الكبير بين قدراتها العسكرية والاقتصادية والتقنيّة والإدارية وبين قدرات القوى الدولية الطامعة، وثانيًا: كانت معزولة في تكوناتها التنظيمية عن شعوبها؛ بعدم توافر الصلة الديمقراطية المنتظمة بينها وبينهم، وثالثًا: صارت معزولة عن شعوبها أيضًا بما اتخذته من سياسات التبعية لدول الخارج المتنوعة؛ وكل ذلك أغلق الفئات العليا من رجال هذه الدول على أنفسهم، وصاروا أوثق رباطًا بعلاقات الخارج المتنوع، وصاروا منفّذين لسياسات الخارج أكثر منهم معبرّين عن مطالب الداخل؛ سواء كان هذا الداخل شعبًا كادحًا أو رأسماليين، أو ملاكَ أراضٍ، أو مثقفين، أو مهنيين أو غير ذلك[10].
ويمكن إيجاز حالة التبعية والتحديات التي تفرضها التدخلات الخارجية في عالمنا العربي والإسلامي في مجموعة من الأزمات المزمنة متعددة الأبعاد: اصطناع الأزمات والإدارة بالأزمة لكثير من المشكلات والقضايا، وأزمة الإصلاح والتحول الديمقراطي المعاق والمأزوم، وأزمة شد الأطراف الإسلامية في صراعات داخلية وخارجية (إيران، وتركيا مثلًا)، ومؤخرًا تأزيم دول الثورات وزجها في صراعات ودعم الخارج لثورات مضادة…[11].

رابعًا: أزمة الدولة المستوردة وعواقبها على أزمة النهوض الحضاري:

مرت دولنا العربية والإسلامية بمسارات من العلمنة والتحديث، ثم عقود الاستعمار وغرس جذور القومية والدولة العلمانية وتأميم كل مساحات الأهلي والشرعي والوقفي. حتى التنظيمات الإسلامية التي تدعي مناهضة العلمانية والبنية الحداثية للدولة، نجد أن معظم هذه “التنظيمات” الإسلامية هي بِنية حداثية بامتياز، بعيدًا عما تقوله هي عن نفسها أو كيف يصنفها غيرها. ومن ثم، يدرك باحث العلوم السياسية مبكرًا أن عِلة البحث في “الدولة الإسلامية” هو شق الدولة وليس فقط شق الإسلامية[12]. وتؤكد د. هبة رءوف على ما كررته مرارًا من أن الدولة القومية في بلادنا – التي هي في حقيقتها دولة الحداثة والاستعمار، ثم التبعية كجهاز ومنطق مؤسسي – لا يمكن “أسلمتها”، وأنه على مفكري الأمة – كما على حركييها – واجب الاجتهاد في كيفية “الانتقال” للسلطة والإدارة السياسية المبتغاة، بدون دفع ثمن سقوط أنقاض هذه الدولة فوق رؤوس الناس. وهو خيار صعب ويستلزم بناء إجماع وطني وتيار رئيس وعقد اجتماعي مغاير وخريطة قوى جديدة.[13]
إن مراجعة تصوراتنا عن النهضة، والخروج من دائرة الانهزام الذي أصاب المسلمين مع سقوط الخلافة، هو أمر ضروري لاستجلاء معالم النموذج الذي نريد نحن – العالم الإسلامي – إقامته حقًا. وهل هو محض إحياء لما سبق من صيغ سلطة وقوة ومُلك يحمل مقومات سقوطه بداخله، أم خلافة على منهاج الدولة الحداثية (وإن رفعت شعار: خلافة على منهاج النبوة)؟ وفي هذا السياق يأتي نقد مشروعات التنظيمات الإسلامية وإدراك أنها مشروع حداثي، وضرورة إدراك أن هذا النقد غايته المسعى الحضاري والذي يبدأ من الأمة.
أم إننا أمام نموذج دولة جديدة مختلفة برؤية فلسفية وإنسانية أرحب وأقرب لأصول التحرير الإسلامي للإنسان والتمكين الحقيقي للعدل؟ ليس الأمر مقصورًا إذن على تطوير الخيال السياسي، وفهم منطق الدولة القائمة والدولة المنشودة، وما بينهما من فصل ووصل وانتقال، بل فهمنا للدين من ناحية، ولخرائط التدين من ناحية أخرى، هو المهمة التي ينبغي إنجازها، وهي ليست بالمهمة اليسيرة[14].
“إن الدولة الحداثية التي أقامها الاستعمار في بلادنا قد أصابت نسيج المجتمع جراء تغير الصيغ العمرانية، وأبرزها المدينة الحديثة وخرائطها كمجال اقتصادي وإنتاجي وتجاري يتأسس على تفتيت البنية المجتمعية والدينية لما قبل الحداثة، بل وبنية العدالة ومنظومات الأعراف والقيم الجماعية، فضلًا عن غياب حسن الفهم لما تنتجه المدن كآلة حداثية لتمايزات طبقية وثقافية عميقة، وتقديم رؤية معاصرة للتعامل معها ليس فقط تحت ملف العدالة الاجتماعية والتعامل مع مساحات الرأسمالية المتوحشة، بل أيضًا لفهم تأثيرها على المنظومة الأخلاقية والقيمية التي يتأسس عليها بنيان الإصلاح والتحولات التي شهدها النسيج الاجتماعي وأثرت على صيغ التدين التي نشأت ودرجة التجريف في الثقافة المجتمعية وفي العُرف والتضامن الاجتماعي، ليس لأسباب تتعلق بميل الناس للصلاح والفساد، بل لوجود بيئة مُعِينةٍ على الصلاح أو منتجة للفساد مكانيًا ومساحيًا. وإذا كان هناك مشروع إسلامي للعمران نقدمه للناس، وهو غاية تأسيس نظام حكم إسلامي منذ عقود، فالسؤال: ما هي غايات الاجتماع الإنساني كما نراها في تصورنا الإسلامي لنقدمها للعالمين كمنطلقات للإصلاح وللتعارف والمجادلة عن النفع الذي يقدمه هذا التصور ليس فقط لشعوب الأمة بل للعالمين؟”[15].
وعليه، إذا كان مجال الحداثة العلمانية الأول هو المدن الصناعية، فأين الجدل حول المدن الإسلامية اليوم في ثوبها الكوزموبوليتاني؟ وكيف يمكن أنسنتها – ناهيك عن أسلمتها – كمجال حركة لاستعادة الديني الحضري والحضاري في مساحات المدن المعادية للتجمع الإنساني والتراحم والتكافل. فهذه المدن التي يعيش فيها المسلمون اليوم تزدحم بمساحات ومسافات ومواقيت للعمل وتحديد لوقت الفراغ يتوازى مع الإنتاج المادي لا مع فلسفة العبادة ولا ينتظم حول الصلاة كخيط ناظم للكيانات الإيمانية الإسلامية (والكتابية) التي يمكنها وحدها أن تضبط وتحفظ المحتوى الإنساني لنسيج مجتمع المواطنة في المساحات الحديثة[16].
ما فعلته الحداثة بالدين لا تكفي فيه محاولة بناء جيل قرآني فريد، يُعيد بناءَ أمةٍ لا يعرف تضاريس ثقافتها، بل يلزم له فهم عميق لمرتكزات الحداثة التي غرسها الاستعمار في تربة دولة ما قبل الاستقلال، حين أعاد تشكيل الكثير من التصورات المركزية، وربط التيار العام للتدين بالدولة وسقفها، وغيّر خريطة النخب ليتقدم المثقف ويتراجع الفقيه، وفكّك دوائر العلم والأوقاف وقامت الدولة بتأميم الدين، بل أمّمت حتى الثقافة والإبداع – في زحف غير مقدس[17].
ومن ثم، فإدراك أن سقوط الخلافة لم يكن بسبب ضعف دولة الإسلام فحسب، بل بسبب ضعف كل الدوائر العلمية والمجتمعية التي لم تنجح في الصمود في مواجهة جيوش الغزو، ولا سلب ونهب الدول الاستعمارية للتراث وللثروة، ثم مصادرة الدولة الاستبدادية العسكرية بعد الاستقلال لمساحات الفعل الأهلي والأوقاف ومعاداتها الصريحة لاستقلال التعليم والفقه والقضاء، وليكون حَكَمًا عليها، عقلًا وأحكامًا وعدالة، وتأميم كل منهم كي يكون محض أداة في يدها[18].
ومن هنا، فقد سبق وقرر “مالك بن نبي” أن الأزمة الأم في العالم العربي-الإسلامي هي أزمة حضارية تنتظم في سياقها سائر الأزمات الجزئية (اقتصادية وسياسية… إلخ). وكذلك فعل “أحمد داود أوغلو”[19] بتشخيصه حال الأمة بأنه أزمة حضارية شاملة تشمل: أزمة فكرية تبلورت حديثًا منذ اصطنع الاستعمار الغربي نخبة مواليةً له فكريًا وتم تغريب الهوية الإسلامية لما يزيد عن نحو قرن، وأن الخروج من هذه الأزمة يكون بإحياء النموذج المعرفي الإسلامي الذي هو مَهمةٌ أصيلة لعلماء الأمة. أما الأزمة الاقتصادية، فعاملها الأول هو آليات السوق الرأسمالية العالمية. في مقابل تقاعس نخب الأمة – السياسية بالأساس – عن تفعيل روابط الأمة من خلال آليات كسوق اقتصادية مشتركة مثلًا. وتأتي أزمة الشرعية السياسية ووحدة الأمة: فشرعية النظم الحاكمة في بلادنا تفتقد مضمونًا حقيقيًّا، وبينما تمارس سيادة الدولة على مواطنيها قسرًا، تُنتهك على يد القوى الخارجية، ويتم التدخل في الشئون الداخلية لعالمنا العربي والإسلامي بحكم روابط نظمنا الحاكمة بالخارج أكثر من البيني والداخلي، فلا يوجد سعي حقيقي لوحدة إسلامية تشكل قوة سياسية واقتصادية، والتي لا يُشترط شكل تنظيمي محدد لها، فالمهم هو ألا يكون الهدف مجرد الدمج أو إزالة الحدود بين الدول حتى لا تتكرر كوارث كأزمة الخليج الثانية (1991) أو احتلال العراق (2003 ) أو الحروب الأهلية في إطار الثورات المضادة (2012-…)، والأهم أن وحدة الأمة متى تمت فستؤذِن بتحول حضاري نوعي في العالم.

خامسًا: انتهاء الحرب الباردة وبداية مرحلة أخرى من التحولات في العالم الإسلامي: انكشاف أزمات الدولة القومية:

فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وبزوغ النزعات الانفصالية في دوله السابقة، شهدت الأمة أزمات البوسنة والهرسك، وكوسوفا، والشيشان… مما جدد جدلًا لم يهدأ حول القومية، بحسب تعبير “هاليداي”. وبعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، انتقل الأمر ليبزغ واضحًا على النطاق العربي؛ حيث هددت أبعاد قومية أو طائفية أو عرقية وحدة أراضي دوله الكبرى. وكانت البداية بتأجيج النزاع الطائفي في العراق بعد الاحتلال الأمريكي لها، ثم تقسيم السودان، لنصل لما تشهده الساحة العربية حاليًا – منذ اندلاع الثورات العربية 2011 والثورات المضادة لها – من صراعات تفتك بوحدة أقطار وأقطاب عربية كسوريا والعراق ودول أخرى مهمة كليبيا واليمن[20]. وجميعها صراعات تكشف عن أبعاد ثقافية وحضارية تعيد اختبار الدول القومية في عالمنا العربي والإسلامي وتكشف عن مكنون أزماتها وعواقبها مستمرة التداعي ومتعددة العواقب[21].
وعلى الصعيد الاقتصادي، ففي ظل عولمة الرأسمالية زادت الفجوة بين الشمال والجنوب/ الغرب والبقية، وبينما تقدمت دول على سلم التقدم، ظلت أغلب دول العالم العربي والإسلامي متراجعة عن الركب، صحيح أن دولًا منها انطلقت خلال التحولات العالمية فاندمجت داخل أطر قوَّت أوضاعها كالآسيان التي شكلت تجمعًا إقليميًا من نمط جديد على أساس اقتصادي، وبعضها تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية 1998 بكفاءة كماليزيا وإندونيسيا[22]، لكن لم تؤدِ أيٌ من تلك التحولات إلى اندماج اقتصادي أو سياسي بين دول العالم الإسلامي.
هذا بالإضافة إلى ثورة تكنولوجيا المعلومات الراهنة، ومع تجمع عوامل عدة مثل: اتجاه الحكومات العربية والإسلامية من مراقبة وقمع للتيارات الإسلامية، سواء الراديكالية منها أو المعتدلة، وهي مسألة دفعت بالكثير من الإسلاميين والدعاة إلى تأسيس مواقع لهم عبر الإنترنت يتواصلون من خلالها مع جمهورهم وغيرهم من المهتمين بالشأن الإسلامي العام، الأمر الذي أدى بالبعض إلى توصيف هذه الظاهرة بـ”إسلام الإنترنت” Cyber-Islam أو “الإسلام الإلكتروني” Electronic Islam، والتي زادت كثافتها بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ثم الهجمة على العالم الإسلامي باسم الحرب على الإرهاب منذ حينها وليومنا هذا.[23]
وفي الوقت نفسه، فتحت هذه التأثيرات الباب لموجة حديثة نسبيًّا من الكتابات التي تتناول بالبحث التفاعلات عبر-القومية، وتأثيرات هذه التفاعلات على إدراك وتعزيز الرابطة العقيدية “كالأمة” لتصبح رابطة متعينة ليس بالضرورة في الوجود الجغرافي المادي، ولكن متعينة في عدة تجليات منها على سبيل المثال الواقع الافتراضي الذي يتخذ تنظيمًا شبكيًّا يعيد تنظيم الحدود. وذلك بقدرٍ من التشبيك والتوازي مع اهتمام اتجاهات ما بعد الحداثة والمدرسة النقدية على العلوم الاجتماعية بالنظر النقدي في مفهوم “الجماعات” و”المجتمعات” لتفك الارتباط بينها وبين الوجود الجغرافي المتعين للدولة[24]. وقد ترتب هذا كله على أصداء وقائع وتطورات مادية حيّة ظهرت وأخذت في التبلور منذ سبعينيات القرن العشرين بصعود ما يسمى بالصحوة الإسلامية في أرجاء العالم الإسلامي ورمت بظلالها على مسلمي الغرب الذين كانوا هم الأسرع في استغلال الأدوات التكنولوجية وتكنولوجيا الاتصال في بناء شبكة “الأمة المتخيلة”/””virtual ummah.
الخصوصية الحضارية في التحليل الدولي تتلخص في هذا السياق في:
– داعي التأزم المزمن الناتج عن التعامل بنماذج تحليلية محورها الدولة والنظام الدولي وهيمنة رؤية القوى الكبرى: مما حدا بأحد الدارسين للتأكيد على أن النزاعات العابرة للدول بفعل جماعات دينية أو عرقية أو قومية – كحالة القومية الكردية المنقسمة بين خمس دول، وحالة الانقسام العرقي والديني في يوغوسلافيا السابقة – تدفع إلى المزيد من تحدي الدولة القومية والخروج عن مركزيتها والسعي إلى مستويات تحليل تخرج عن مركزية الدولة.[25]
– وكذا داعي الهوية الدينية والحضارية الذي زاد ظهورًا في ظل العولمة التي تتسم قواها بقدرٍ عالٍ من التنميط مما دفع لإبراز أبعاد الهوية تمييزًا عن الآخرين. فلعل من المؤكد ارتباط منظومة القيم لدى جماهير العالم الإسلامي بالإطار المرجعي الديني، ومن ثم الروابط العقيدية والدينية للمسلمين عبر العالم، حتى وإن حظيت مثيلاتها الوطنية بقدر أعلى من الانغماس والاهتمام، لكن تبقى الرابطة العقيدية من أولويات الاهتمام والترابط عبر وفوق القومي (فضلًا عن تشكيلها جانبًا أساسيًا من منظومة القيم نفسها للشعوب الإسلامية) مكونة هوية عابرة للقوميات.[26] حيث تأكد أن جماهير وشعوب العالم تستجيب لكل هذه العوامل بدافع عوامل إدراكية تتعلق بمنظومتها القيمية والثقافية[27]. الأمر الذي وإن كان يعني أن أولوية البعد الوطني لا تعدوها أهمية عامل آخر في أغلب الأحيان، لكنه يشير كذلك إلى أهمية الأبعاد غير السياسية والجيوبولوتيكية الخاصة بحدود الدول القومية؛ من مثل الأبعاد والروابط غير المادية للهوية (الثقافة، الدين، القيم…)، وبالطبع يزداد تأثير هذه العوامل وطأة في حالات الدول التي تتقاسم عددًا من القوميات، والتي يكثر وجودها في عالمنا العربي والإسلامي.
لكن هذا التعارض الظاهر قد سبق وحل إشكاله الطرح الحضاري الإسلامي المركب لمفهوم الهوية ودوائر الانتماء كما يقدمه المفكر الإسلامي المستشار طارق البشري: “الدوائر المتحاضنة للهوية” حيث يؤكد أن دوائر الهوية والانتماء – بدءًا من دائرتها الفردية الذاتية الضيقة مرورًا بدوائر الأسرة فالوطن فالقوم فالأمة فالإنسانية – دوائر متداخلة في تحاضن يكمل بعضها بعضًا، وإن برز لإحداها أولوية معينة في حالة محددة، فهي تبقى لمنظومتها المتحاضنة تلك[28].
– وأخيرًا، تتأكد أهمية الخصوصية الحضارية في التحليل، مع ظواهر أخرى مثل الصعود الإسلامي سياسيًا سواء لسدة الحكم أو داخل الكتل البرلمانية في عدة دول من دول العالم الإسلامي منذ سنوات، والذي بات ملحوظًا أكثر بعد موجة الثورات في مطلع 2011، ثم حاليًا من استمرار الأزمة السورية والصراع الطائفي في العراق، ودخول أطراف إسلامية على الجانبين، وحتى بعد إسقاط الإسلاميين كالحالة المصرية 2013، يؤكد استمرار وجود الإسلاميين، إما طرفًا في المعادلة السياسية أو بدخولهم معتركًا سياسيًا، وكلها تحولات تؤكد أهمية حضور الخصوصية الحضارية في التحليل ولفهم وتفسير أبعاد تلك الظواهر على نحو يتلاءم معها.

بالطبع يتحمل العالم العربي والإسلامي نفسه جانبًا كبيرًا من المسئولية عما طاله من كونه مهبًا للتحولات العالمية، وفي مقدمته حكامه الذين آثروا التبعية السياسية للخارج منذ عقود الاستقلال الوطني عن الاستعمار، ثم نخبه الثقافية والفكرية التي آثرت إما التبعية الفكرية للآخر أو الانغلاق عنه، وكذا نخبته الحركية التي لم تكلف نفسها مراجعة حقيقية لأبعاد ودلالات المفاهيم والتكوينات السياسية والاجتماعية التي يتعاملون معها ويتحركون في إطارها، ومن ثم فالثقل أضحى محملًا لشعوب الأمة خاصة شبابها: فلماذا – مثلًا – لا يتم السعي البناء لحركة شعبية ومجتمعية عابرة للدول تُعنى بالتعارف والحوار البيني لشعوب الدول الإسلامية؟ وبالمثل مشروعات تُعنى بالنهوض الحضاري الإسلامي وإعادة طرح نموذجها طرحًا للتجدد والتغيير العالمي؟
وفي قلب هذه الأطروحات والمشروعات يبرز نموذج تحليل قد يمثل مستوى جديدًا للتحليل الدولي لقضايا “الأمة في العالم”. وذلك في نطاق مدرسة المنظور الحضاري الإسلامي للعلاقات الدولية؛ حيث إن جزءًا أصيلًا من إسهام هذه المدرسة – في إطار العلوم السياسية وعلم العلاقات الدولية – هو إسهام نقدي مقارن لمدارس ومنظورات أخرى، كما أن جانبًا مهمًا من إسهامها هو بيان أهم الدوافع والمبررات لتطوير هذا المنظور في ضوء حالة العلم وتطوراته[29] (كما سبق وأسلفنا البيان) من جهة، وعلى ضوء احتياجات التغيير والنهوض في الدائرة الحضارية الإسلامية وامتدادًا لخارجها من جهة أخرى.
ويأتي نموذج “الأمة” مقارنة بالنموذج الواقعي لمستويات التحليل في قلب إسهامات هذا المنظور في أبعاده التحليلية والنظرية بغير انفصال عن أبعاده التفعيلية وقضايا الوطن والأمة والعالم من جهة ثالثة[30].
وترى د. منى أبو الفضل أن رابطًا أساسيًا بين الحاجة لتنظير إسلامي جديد وواقع الأمة واحتياجاتها. فالمنظور الإسلامي هو مثال ذو مهمة vocational ideal وليس مجرد حرفة أكاديمية فنية؛ فالصحوة الإسلامية على الصعيد الأكاديمي والفكري في هذه الحالة إحدى قوى التغيير العالمي وأهداف الوعي بالذات الحضارية إسهامًا في تطوير العلم؛ فأحد سبل استعادة حيوية الأمة هو استعادة حيوية ميراثها الفكري والثقافي. ولذا، أضحت الإسلامية تمثل استجابة حيوية لأمتنا؛ لأن الفوضى الثقافية الدؤوب التي يتسم بها عالمنا تعمل كقوة قهرية على الحضارات المعاصرة. هذا، وتكمن مصداقية وحيوية هذه الاستجابة المطلوبة في رسالة الإسلام ذاتها عبر التاريخ ودوره في المجتمعات والحضارة قوة أو ضعفًا. فلقد كان الإسلام دائمًا محركًا لتجديد الثقافة والحضارة عبر التاريخ في أرجاء مختلفة من العالم (العرب قبل وبعد الإسلام، البربر، الترك، المغول، الفرس، الهنود، ممالك شرق وغرب أفريقيا، مدن المتوسط المسيحية). ومن ثم، يمثل عبور الفجوة الراهنة بين الثقافات ضرورة من أجل تجديد ثقافي للأمة سبيلًا لتجديد هويتها وحل مشاكلها. وهذا التجديد الثقافي هو جزء من التجديد الثقافي العالمي الذي تحتاجه كل الثقافات في العالم، فإن الحاجة لهذا التجديد تشترك فيها الثقافات السائدة والتابعة على حد سواء[31].
فمراجعة حقل علم السياسة من خلال دراسة المنظورات وجدالاتها وإنْ كان يُعد من أكبر سبل الدراسة تحديًا وصعوبة، لكنه من أكثرها اتساقًا لإدراك معنى التنوع والاختلاف، وأكثرها مناسبة لتمهيد الطريق نحو طرح إسهامنا الذاتي في تطوير منظور يحمل بصمات ميراثنا الفكري وخبراتنا، فإذا كان قد آن الأوان ليشارك العلماء المسلمون في الجدال حول حالة الحقل لتحديد إمكانيات وأسس تطوره أو تحوله على ضوء منظورات بديلة، فإنه من الضروري للساعين نحو طريقة بديلة للنظر إلى العالم غير تلك السائدة؛ أن يزيدوا فهمهم لطبيعة ومضمون السائد منه؛ ولهذا من الضروري أن ينظروا نقديًّا لما يفعله الآخر، وذلك على ضوء ما يمكن أن يقدموه من بديل؛ ولذا؛ فإن النظر في جدال المنظورات يعكس ويبين عناصر التجانس في حقل ما، ويشارك في تحديد درجة الاتفاق العام حول نطاقه وموضوعاته وقيمه وقواعده[32].
*****

الهوامش:

* باحثة بمركز الحضارة للدراسات السياسية.
[1] بندكت أندرسون، الجماعات المتخيلة: تأملات في أصل القومية وانتشارها، ترجمة ثائر دبي، تقديم عزمي بشارة، بيروت: دار قدمس للنشر والتوزيع، 2009.
[2] فريد هاليداي، الأمة والدين في الشرق الأوسط، ترجمة عبد الإله النعيمي، بيروت: دار الساقي، 2000، ص31.
[3] نقلًا عن: أماني صالح، توظيف المفاهيم الحضارية في التحليل السياسي: الأمة كمستوى للتحليل في العلاقات الدولية، في: أماني صالح وعبد الخبير عطا، العلاقات الدولية البعد الديني والحضاري، في: منى أبو الفضل ونادية مصطفى (محرران)، التأصيل النظري للدراسات الحضارية: العلاقات بين الحضارة والثقافة والدين، جامعة القاهرة: برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، دمشق: دار الفكر، 2008، ص ص 32-33.
[4] طارق البشري، ماهية المعاصرة، مرجع سابق، ط3، 2007، ص ص 62 – 64.
[5] فريد هاليداي، الأمة والدين في الشرق الأوسط، مرجع سابق، ص ص 37-38 ، ص 41.
[6] سيف عبد الفتاح، الأمة الإسلامية وعواقب الدولة القومية، حولية أمتي في العالم، العدد الثاني، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2000م، ص 45-49.
[7] نقلًا عن: أماني صالح، توظيف المفاهيم الحضارية…، مرجع سابق، ص ص 32-33.
[8]برتران بادي، عالم بلا سيادة: الدول بين المراوغة والمسئولية، ترجمة: لطيف فرج، القاهرة، مكتبة الشروق، 2001، ص ص 141 -142.
جدير بالذكر أن تفسير “بادي” المذكور يمثل جزءًا من جملة رؤية عامة للاتجاهات التنظيرية النقدية التي تؤكد على الدور المحوري للقيم في الحديث عن مستقبل الدولة القومية وإعادة تشكيلها في ظل المتغيرات العالمية التي تهدد بقاءها وكفاءة أدائها كأهم فاعل دولي، ومن ثم تطرح كذلك ضرورة إصلاح المنظومة الدولية بسياساتها وعلاقاتها، باعتباره شرطًا لازمًا لإصلاح منظومة الدولة القومية، ويجب أن يسير مع الإصلاح الداخلي بالتوازي وأن المفتاح الحقيقي لتغيير إصلاح بيئة العلاقات الدولية هو قبول فكرة الاختلاف. راجع تفاصيل تلك الرؤية في الفصل الأول: المبحث الثالث: المطلب الثالث، من هذه الأطروحة.
[9] طارق البشري، افتتاحية العدد السادس، حولية أمتي في العالم، العدد السادس، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2005، الجزء الأول، ص ص 12-13.
[10] المرجع السابق، ص ص 12-13.
وحول نفس المعنى بتفصيل وتصنيف لمراحل التحولات السياسية للعالم الإسلامي منذ بداية القرن العشرين وحتى ما بعد الحرب الباردة، راجع: أحمد داود أوغلو، العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية، تعريب وتحرير وترجمة: إبراهيم البيومي، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، يناير 2006، ص ص 184-189.
[11] راجع لمزيد من التفصيل: نادية مصطفى، التحديات السياسية الخارجية للعالم الإسلامي، (في): أعمال مشروع التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، القاهرة: رابطة جامعات الدول الإسلامية، نوفمبر 1999.
[12] حول إشكاليات تعريف “الدولة الإسلامية” في جانبه المرتبط بشق الإسلامية، راجع الفصل الأول من: محمد السيد سليم، العلاقات بين الدول الإسلامية، الرياض: جامعة الملك سعود، 1992.
وحول تأصيل مفهوم الدولة كفاعل خارجي من رؤية إسلامية، راجع: مصطفى منجود، الدولة وحدة العلاقات الخارجية في الإسلام، (في): نادية محمود مصطفى (إشراف وتحرير): مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996، الجزء الرابع.
[13] هبة رءوف عزت، من الدولة إلى التجديد (1): في نقد الحداثة واستعادة معايير الحكم، 14 أكتوبر, 2014، متاح على موقع منتدى العلاقات العربية والدولية، على الرابط:
http://fairforum.org/wp/?p=729
[14] هبة رءوف عزت، من الدولة إلى التجديد (2): في نقد الحداثة واستعادة معايير الحكم، 13 نوفمبر 2014، متاح على موقع منتدى العلاقات العربية والدولية، على الرابط:
http://fairforum.org/wp/?p=632
[15] المرجع السابق.
[16] المرجع السابق.
[17] المرجع السابق.
[18] هبة رءوف عزت، من الدولة إلى التجديد (1): في نقد الحداثة واستعادة معايير الحكم، مرجع سابق.
[19] أحمد داود أوغلو، العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية، مرجع سابق، ص ص 149-165.
[20] لمزيد من التفصيل، راجع:
نادية محمود مصطفى، الثورات العربية والنظام الدولي… خريطة الملامح والإشكاليات والمآلات، مجلة الغدير اللبنانية، يونيو 2011.
[21] راجع لمزيد من التفصيل:
نادية محمود مصطفى، التحديات السياسية الخارجية للعالم الإسلامي: بروز الأبعاد الحضارية الثقافية، الأمة في قرن، عدد خاص من حولية أمتي في العالم، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، ودار الشروق الدولية، 2002، الكتاب السادس، ص ص 83-147.
نادية محمود مصطفى، الثورات العربية والنظام الدولي… خريطة الملامح والإشكاليات والمآلات، مجلة الغدير اللبنانية، يونيو 2011.
[22] محمد السيد سليم، التحولات العالمية وآثارها على العالم الإسلامي، (في): حسن حمدان العلكيم (محرر)، قضايا إسلامية معاصرة، جامعة القاهرة: مركز الدراسات الأسيوية، ط2، 1997.
[23] “إسلام دوت كوم”: الخطابات الإسلامية المعاصرة في الفضاء الإلكتروني، مناقشة: صالح سليمان عبد العظيم
عرض ومناقشة لكتاب: Contemporary Islamic discourses in cyber space Islam Dot Com: (تأليف محمد النواوي وسحر خميس)، تاريخ النشر: 16/05/2010، متاح على الرابط:
http://www.risalaty.com/article1.php?tq=3179&re=1059&tn=1077&br=3182&tr=3179&rt=3179&try=10&ft=10&rf=1069&tt=3177&rt=3179&rf=1069&tm=3179
[24] آية نصار، المسلمون وشبكة المعلومات، مجلة المسلم المعاصر، العدد عدد أبريل- مايو- يونيو، 2008.
[25]David Todd Kinsella, Bruce M. Russett‏, Harvey Starr, World Politics: the Menu for Choice, 10th Edition, USA: Wadsworth Publishing, 2012, p. 17.
[26]هذا، وقد حظيت المجتمعات الإسلامية باهتمام مسح القيم العالمي؛ فقد أُجري في بعض الدول الإسلامية في الأعوام 2000 – 2006 كجزء من تقارير المسح التي تسمى موجةWave حيث تمت تغطية هذه الأعوام في الموجتين الرابعة والخامسة لمسح القيم العالمي (مسح 2000، ومسح 2005). والتي تمكن مراجعتها على الرابطين:
http://www.worldvaluessurvey.org/wvs/articles/folder_published/survey_2000
http://www.worldvaluessurvey.org/wvs/articles/folder_published/survey_2005
– هذا المسح وغيره ليس إلا أمثلة من دراسات أجريت في دول من العالم الإسلامي، والتي تعكس التحولات الاجتماعية المصاحبة للتغير القيمي داخل هذه المجتمعات، راجع:
– منصور معدل، مسح القيم العالمي القيم كما تدركها جماهير العالم الإسلامي والشرق الأوسط، ترجمة عبد الحميد عبد اللطيف، تقديم السيد يسين، القاهرة: المركز القومي للترجمة, 2010.
[27]Jai Jung Kwan, Growing supranational identities in a globalising world? A multilevel analysis of the World Values Surveys, European Journal of Political Research,Volume 47, Issue 5, August 2008, pp. 578–609.
[28] انظر:
– طارق البشري، مفهوم الانتماء ودوائره المتحاضنة، في: نادية مصطفى، أسامة مجاهد، ماجدة إبراهيم (محررون)، دوائر الانتماء وتأصيل الهوية، سلسلة الوعي الحضاري (4)، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2012، ص ص 21-29.
– طارق البشري، افتتاحية العدد، حولية أمتي في العالم، العدد الأول، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 1999.
[29]حول أهم الدوافع والمبررات لتطوير هذا المنظور راجع الجزء الأول في: نادية محمود مصطفى، إشكاليات البحث والتدريس في علم العلاقات الدولية من منظور حضاري مقارن، في: أحمد فؤاد باشا وآخرون، المنهجية الإسلامية، (الجزء الثاني)، القاهرة: مركز الدراسات المعرفية، ودار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، 2010. ص ص 833- 852.
[30]راجع ذلك في الجزء الثاني من: المرجع السابق. ص ص 862- 912.
[31] المرجع السابق، ص 839، نقلا عن:
Mona Abul Fadl, Islamization as a force of global culture renewal: the relevance of Tawhidi episteme to modernity, the American Journal of Islamic Social Sciences, Vo 2, 1988.
[32] المرجع السابق، ص 830، نقلا عن:
Mona Abul Fadl, Paradigms in political science revisited, The American Journal of Islamic Social Sciences, No 1, 1989, pp. 1- 15.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى