أمريكا اللاتينية والعالم الإسلامي: إرهاصات تاريخية وفلسفة للتقارب

مقدمة:

يعود تاريخ العلاقات العربية (الإسلامية)-اللاتينية إلى عدة قرون حيث توافد البحارة والتجار والمهاجرون العرب إلى هذه القارة التي وجدوا في شعوبها كل تقبل وترحيب.
وتنقسم هجرة المسلمين إلى أمريكا اللاتينية إلى قسمين الأول-هجرة قديمة: وهي هجرة المسلمين الذين هاجروا من الأندلس إلى أمريكا اللاتينية فرارًا من بطش النصارى في ذلك الوقت وبالتحديد بعد سقوط الدويلات الإسلامية في الأندلس، فقد أنشأ النصارى ما يسمى بمحاكم التفتيش التي يعذبون فيها المسلمين، وقد حدث في ذلك الوقت أكبر عملية تطهير عرقي مما اضطر كثيرًا من المسلمين للهجرة إلى أمريكا اللاتينية المكتشفة حديثًا. ولما وصل المسلمون الفارون بدينهم إلى أمريكا اللاتينية تعقبتهم الجيوش الأسبانية التي قضت عليهم فيما بعد. وتعد هذه الفترة من الفترات الأكثر غموضًا وذلك بسبب ندرة المعلومات المتوفرة عن هذه الحقبة بالتحديد، وأيضًا كان من هذه الهجرة القديمة تهجير الأفارقة من جزيرة العبيد في السنغال إلى البرازيل حيث كان جزءٌ منهم مسلمين. ومما يشهد على ذلك ما وجد من مساجد قديمة في شمال البرازيل وبالتحديد في مدينة باهيا، ولكن كما ذكرنا تتميز هذه الفترة بالغموض وقلة المعلومات.
وأما عن بداية الهجرة العربية الحديثة لأمريكا اللاتينية فقد كانت من الشام وبالتحديد من سوريا ولبنان وفلسطين في أواخر القرن التاسع عشر؛ حيث إن بلاد الشام كانت ولاية تابعة للدولة العثمانية, وفي أواخر عهد الدولة العثمانية ساءت أحوال الولايات العربية عامة والشام خاصة وذلك لأسباب كثيرة من أبرزها: خروج الحركات السياسية التي ترفع شعار القومية العربية وتحرض العرب أن يتحللوا من هون الاستعمار التركي كما يسمونه في ذلك الوقت؛ فكثرت في الشام عمليات الاعتقال والتعذيب التعسفية التي جعلت الكثير ممن تضرروا من سكان الشام يفكرون بالهجرة إلى أوروبا والأمريكتين، هذا من الناحية السياسية.
ومن الناحية الاقتصادية فقد كان للحرب العالمية الأولى أثر كبير على الاقتصاد العثماني مما أدى إلى عجز اقتصادي لم يسبق له مثيل في عهد الدولة العثمانية كان من نتائجه حدوث مجاعة كبيرة ونقص في الغذاء تسبب ذلك في هجرة الكثير من سكان الشام.
وبعد انهزام الدولة العثمانية وأفول نجمها تقاسمت الدول العظمى العالم الإسلامي والعربي فقطعت أوصاله ومزقت وحدته، وبدأ عهد جديد يسمى بعهد الاستعمار. وقد أُستعمر الشام من طرف الإنجليز والفرنسيين وعاشت بلاد الشام في أزمات مستمرة من تدني الوضع الاقتصادي والتجاري وأيضًا ما تفشى من الفوضى الأمنية التي كان للمستعمر اليد الطولى فيها، وكانت هذه الأوضاع العصيبة السبب الكبير وراء هجرة العرب إلى دول عدة ومن ضمنها دول أمريكا اللاتينية[1].
ويعاني المسلمون في أمريكا اللاتينية من مشاكل كثيرة ومتنوعة وأبرز هذه المشاكل ما يلي:

من الناحية السياسية:

تنحدر الجالية الإسلامية في أمريكا اللاتينية من أصول مختلفة ودول متعددة، فمثلًا المهاجرون العرب ليسوا من دولة واحدة بل هم من دول متعددة كلبنان وسوريا وفلسطين، وهناك أعداد قليلة جدًّا من دول عربية أخرى، وكذلك يوجد في أمريكا اللاتينية مهاجرون مسلمون غير عرب ترجع أصولهم إلى الهند وباكستان وغيرها من الدول الإسلامية، فالجالية قد تكون ضحية خلافات سياسية بين هذه الدول التي ينتمي إليها أفراد هذه الجالية، وغالبًا ما تتسبب هذه الخلافات السياسية في تعطيل بعض الأنشطة التي تفيد الجالية وتكون هذه الخلافات أيضًا سببًا في تفرق المسلمين وتمزق وحدتهم، وقد تنشب خلافات حادة بين أفراد الجالية الإسلامية مما ينتج عنه توقف بعض المراكز الإسلامية عن الأنشطة التي كانوا يقومون بها في السابق. فمثلاً في بورتوريكو -وهي من جزر البحر الكاريبي- أسس العرب سنة 1968م (النادي العربي الثقافي) في ريو بيدراس من ضواحي سان خوان حيث بدأت الجالية بتعليم اللغة العربية لأبنائها، وتوقف هذا البرنامج سنة 1972م عندما دخلت السياسة بينهم، فتفرقوا ودبت النزاعات بين أعضاء الجمعية وأصبح المركز مهجورًا إلا من بعض الرواد وعددهم قليل جدًا. وكان من أسباب توقف هذه الأنشطة التي كانت سببًا في اجتماع المسلمين وترابطهم هذه الخلافات السياسية بين الدول التي ينتمي إليها أفراد الجالية[2].
من الناحية الدينية:
يعيش المسلمون في أمريكا اللاتينية في وضع صعب للغاية من الناحية الدينية؛ وذلك لجهل كثير منهم بتعاليم الإسلام وضعفهم الشديد في تطبيق أحكام الدين من صلاة وصيام وغيرها من الواجبات؛ وذلك لضعف الهوية الإسلامية وذوبانهم في المجتمعات التي يعيشون فيها. فالمسلمون في أمريكا اللاتينية ليس لديهم مثلاً مجتمع إسلامي يستطيعون أن يتعايشوا فيه ويكونوا فيما بينهم تجمعًا يظهرون فيه شعائرهم التعبدية من صلاة وغيرها فيما بينهم كما هو الحال في بعض الأحياء الإسلامية في أوروبا مثلاً.

من الناحية الاقتصادية:

في السابق اشتهر العرب في أمريكا اللاتينية بالتجارة، وقد برز كثير من التجار العرب في فترات سابقة في أمريكا اللاتينية، وقد كان المهاجرون الأوائل أكثر جدية وحرصًا من أبنائهم، ومَن أتى بعدهم. وفي السنوات الأخيرة عانت كثير من دول أمريكا اللاتينية من أزمات اقتصادية خانقة أدت إلى تدني دخل الفرد في كثير من هذه الدول، وبالطبع تأثر المسلمون بهذه المشاكل كما تأثر غيرهم؛ مما جعلهم لا يفكرون إلا في المادة فقط وأهملوا معالجة قضاياهم الدينية. فعاقهم الوضع الاقتصادي عن التواصل مع الدول الإسلامية والمؤسسات الخيرية لكسب أكبر قدر من البرامج الدعوية التي تعود عليهم بالنفع والفائدة.
وعن مدى التعاون القائم بين مسلمي أمريكا اللاتينية والعالم الإسلامي:
فإذا نظرنا إلى العلاقة القائمة بين مسلمي أمريكا اللاتينية والعالم الإسلامي من خلال الإطار الزمني، فإننا سنلاحظ الفرق الكبير بين الماضي والحاضر؛ ففي الماضي وقبل ما يزيد على أربعة عقود من الزمن كان التعاون ضعيفًا جدًّا باستثناء الأزهر الشريف الذي كان يرسل بعض الأئمة لبعض الدول اللاتينية وفي نطاق ضيق في ذلك الوقت.
وكان لضعف العلاقات أسباب جوهرية لعل أهمها ما يلي:
– أنه في وقت مضى لم تكن هناك وسائل نقل سريعة ومهيأة التهيئة المناسبة كما نشاهد اليوم، فقد كان التواصل عبر الرحلات البحرية أو الجوية ولم تكن متاحة بسهولة كما هو الآن. فقد كان للبعد الجغرافي أثر كبير في فتور العلاقة ما بين مسلمي أمريكا اللاتينية والعالم الإسلامي. فالسفر إلى أمريكا اللاتينية لم يكن بالأمر الهين.
– أما في السنوات الأخيرة فقد حدث تطور ملموس في العلاقات ما بين مسلمي أمريكا اللاتينية والعالم الإسلام. ومما يؤكد على عمق التواصل بين مسلمي أمريكا اللاتينية والعالم الإسلامي إقامة مراكز إسلامية كبيرة في عدد من دول أمريكا اللاتينية كمركز الملك فهد الثقافي الإسلامي في بيونس أيرس في الأرجنتين، ومسجد الشيخ إبراهيم ابن عبد العزيز البراهيم في كراكاس في فنزويلا، ومسجد الرابطة في برازيليا في البرازيل[3]. ولقد كان لوجود هذه المراكز دور كبير في خدمة المسلمين في أمريكا اللاتينية وإعادة الروح الإسلامية مما زاد اتصال الجالية الإسلامية في أمريكا اللاتينية بالعالم الإسلامي، فهذه المراكز قامت برعاية عدد من المؤتمرات الإسلامية وأقامت العديد من الدورات الشرعية والبرامج الدعوية التي كان لها أثر ملموس ومشاهد على الجالية الإسلامية في أمريكا اللاتينية. كل هذه الشواهد تؤكد عمق التواصل بين العالم الإسلامي ومسلمي أمريكا اللاتينية، وإن كانت هناك آمال معقودة في أن تكون العلاقة أكثر قوة وأشد متانة لكي ترتقي للمستوى المطلوب[4].
أما الإيجابيات التي يتميز بها العمل الإسلامي في أمريكا اللاتينية؛ فإن قارة أمريكا اللاتينية قارة واسعة وكبيرة ومتعددة الأعراق والدول، ومن أبرز إيجابيات العمل الدعوي/الحضاري فيها ما يلي:
– ما تتميز به شعوب أمريكا اللاتينية من التسامح والانفتاح على ثقافات الآخرين، وهذا ما لا يوجد في بعض الدول التي تتميز بالعنصرية والكراهية للغير، فالشعوب اللاتينية ترحب بكل ثقافة جديدة ووافدة إليهم، وهذا ما يشجع على استغلال هذا الجانب الاستغلال الأمثل، وهو ما يفسح المجال أمام المؤسسات الثقافية والجمعيات الدعوية في الدول الإسلامية أن تستفيد من هذا العنصر المهم وتُعرِّف بالإسلام وتبين أثره على الفرد والمجتمع وتبرز قيم التسامح مع الآخرين.
– عدم وجود أي إرهاصات أو نعرات قديمة مع شعوب أمريكا اللاتينية بعكس الدول الأوروبية التي تنظر إلى المسلمين بعين وتنظر إلى الحروب الصليبية بعين أخرى؛ مما يسبب التوتر الدائم والمشاحنات بين المسلمين والأوربيين. أما شعوب أمريكا اللاتينية فالسجل التاريخي بيننا وبينهم لا يزال نظيفًا فلم يحدث ما يعكر صفاء الود بيننا وبينهم. وهذا جانب مهم يمكن استغلاله لتعزيز أواصر التعاون والروابط الحضارية مع الجانب اللاتيني.
– الهموم المشتركة بين المسلمين من جهة وشعوب أمريكا اللاتينية من جهة أخرى؛ فكلاهما يعانون من استبداد الدول العظمى وهيمنتها؛ مما أوجد همومًا مشتركة يمكن أن تشكل دافعًا كبيرًا لتعزيز التعاون.
وعن أبرز العوائق والصعوبات القائمة التي تواجه العمل الإسلامي في أمريكا اللاتينية فإنها:
– البعد الجغرافي: إن البعد الجغرافي يعتبر من أكبر العوائق في طريق العمل التعاوني والتواصلي مع مسلمي أمريكا اللاتينية؛ وذلك لأنه يترتب عليه غلاء تذاكر السفر وغلاء الشحن وغيرها مما يضعف التواصل بين الجهتين ويجعل الكثير من الجمعيات الخيرية لا ترسل للمسلمين كل ما يحتاجون؛ وذلك نظرًا لارتفاع تكلفة الشحن سواء البحري أو الجوي بعكس الدول الأفريقية أو الأوروبية، فإن قربها من العالم العربي والإسلامي حقق لها مكاسب كثيرة تعود بالنفع على المسلمين هناك.
– البعد الخاص بضعف العلاقات الرسمية بين بلدان العالم الإسلامي والعربي من جهة ودول أمريكا اللاتينية من جهة أخرى؛ حيث أثر على المسلمين في أمريكا اللاتينية تأثيرًا كبيرًا.
– عنصر اللغة: فاللغة هنا تمثل عائقًا كبيرًا في مسيرة التواصل في أمريكا اللاتينية وذلك لأسباب منها؛ أن كثيرًا من المهاجرين العرب قد فقدوا لغتهم العربية فلا نجد إلا نسبة قليلة جدًّا من أبناء المهاجرين العرب الذي ما زالوا يحافظون على لغتهم الأم. بالإضافة إلى الضعف الشديد الذي تعاني منه المكتبة الشرعية باللغة الأسبانية والبرتغالية مقارنة بلغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية. فلم تنشط حركة الترجمة للكتب الإسلامية إلا من سنوات قليلة وهي ما زالت تحتاج إلى دعم كبير ومتواصل. ناهيك عن أن اللغة الأسبانية والبرتغالية بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية لا تحتل ذات الأهمية كاللغة الإنجليزية والفرنسية[5].
هذا، وتشهد أمريكا اللاتينية صحوة كبيرة، يلعب المسلمون فيها دورًا يُعتد به، خاصة في البرازيل التي تدعم قضايا العرب والمسلمين دوليًّا، وتحاول الأوساط السياسية البرازيلية دعم العلاقات مع العرب، عبر إقامة جسور من التفاهم والحوار المشترك. وقد أوضح الأستاذ جهاد حسن حمادة نائب المفتي البرازيلي، والمتحدث الرسمي باسم الجالية الإسلامية في البرازيل أنه يمكن التمييز بين مرحلتين في تاريخ الوجود الإسلامي في البرازيل:
· الأولى- عند اكتشاف البرازيل، قدم البرتغاليون إلى البرازيل وأتوا معهم بالأفارقة المسلمين الذين لم يستجيبوا للتنصير في أفريقيا لتعذيبهم وسجنهم في البرازيل، وكان هؤلاء يحملون معهم الإسلام، ويتقنون القراءة، فاضطُهدوا في البرازيل وعُذبوا، ومن ثم لم يستثمروا وجودهم. وتعد “ولاية باهيه” من أكبر الولايات البرازيلية وكذلك مدينة “الرصيف” التي سماها المسلمون الأوائل.
· الثانية- بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد سقوط الخلافة الإسلامية، وقبل الحرب العالمية الثانية، بدأت هجرة جديدة للبرازيل من قبل سكان بلاد الشام الذين كان أغلبهم من التجار، الذين فروا من ضيق العيش والحروب في بلاد الشام، فذهبوا إلى أمريكا اللاتينية عمومًا وتركز أغلبهم في البرازيل. ولم يكن هؤلاء من حملة العلم الشرعي أو فقهاء في الإسلام، بل من الفلاحين والتجار، فلم يؤسسوا مدارس أو مراكز إسلامية وانشغلوا بالتجارة، واضعين في حسبانهم أن يعودوا إلى بلادهم بعد تحسين أوضاعهم المالية بعد عام أو عامين، ولم يحدث ذلك وامتدت إقامتهم وتوطّنوا. ولكن في الآونة الأخيرة انقطعت الهجرة وقلت بصورة كبيرة، وهذا أكبر ما يهدّد المسلمين لأن هذه الهجرات كانت بمثابة توازن عددي للمسلمين كجالية في الوسط البرازيلي، وكانت بمثابة همزة الوصل مع البلاد الإسلامية. وهنا المعضلة الكبرى التي تواجه المسلمين اليوم، فالهجرات قد توقفت، وفاقم الأمر غياب المؤسسات الفاعلة للمسلمين، وقلة عدد المدارس التي تدرس علوم الإسلام وتحفظ على أبنائهم هويتهم، ولم يتبقَّ لهم غير المسجد وهو لا يكفي للقيام بكل المهام التربوية والإسلامية في مجتمع المسلمين في البرازيل. وإن كانت ثمة مؤسسات بدأت تظهر في ثمانينيات القرن الماضي تحمي المسلمين وتحفظ هويتهم؛ ومن أولى المؤسسات التي عملت في البرازيل وقامت بدور كبير في المجتمع البرازيلي، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وقد تفاعل دورها بقوة في التسعينيات من القرن الماضي، وتقوم بإعداد المخيمات التربوية للشباب المسلم، وتقدم المساعدات للمسلمين وغيرهم في المناسبات.
وبالنسبة للمساجد يوجد بالبرازيل ما يقارب (70) مسجدًا، وللأسف كثير منها مغلق ولا تُؤدى فيه حتى صلاة الجمعة لندرة الدعاة المسلمين، الذين لا يتجاوز عددهم في البرازيل كلها (40) داعية؛ خمسة أو ستة منهم فقط يتحدثون البرتغالية بطلاقة؛ بما يحد من دورهم بشكل عام في الأوساط البرازيلية، ويعرقل توصيل الدعوة الإسلامية. وقد تقدمت البرازيل بمشاريع مثل بناء مدرسة إسلامية نموذجية تكون بذرة لمجموعة مدارس بالبرازيل وأمريكا اللاتينية، وتدعمها الدول الخليجية بصورة ممتازة.

وتفاعل المسلمون بالبرازيل مع العديد من قضايا العالم العربي والإسلامي؛ حيث قام المسلمون في البرازيل بمظاهرات عديدة ضد الحصار على العراق، وضد غزوه، وكانت هناك مظاهرات يومية تفاعل معها الشعب البرازيلي نفسه، وشعر بالظلم الذي يعانيه المسلمون-على حد قول نائب المفتي البرازيلي- “لدرجة أن البرازيلي اليوم يقول اليوم فلسطين والعراق وغدًا البرازيل وأمريكا اللاتينية”[6].
ومن هنا فإن شعوب المنطقتين –العربية واللاتينية- يقدمون عبر التاريخ نموذجًا حيًّا ورائعًا من الانفتاح والحوار والفهم المتبادل بين الثقافات والحضارات بعيدًا عن التعميمات الخاطئة والصور السلبية المسبقة. ولا شك أن بلورة شراكة قوية وفاعلة بين دول أمريكا الجنوبية والعالم العربي أمر تبرره حقائق العولمة والمصالح المشتركة ومقتضيات التأثير الدولي في عالم اليوم. ولا يمكن إيجاد حلول ناجحة للمشكلات التي تواجه العالم النامي إلا في إطار تعاون متعدد الأطراف، تحت مظلة الشرعية الدولية، وعبر ترسيخ مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتفعيل دورها وتطوير أدائها. واستجابةً للمتغيرات العالمية التي نتج عنها نشوء اقتصاد دولي مترابط قائم على الاعتماد المتبادل وتدفق الاستثمارات والتقنيات عبر الحدود، فإن دول المجموعتين العربية والأمريكية الجنوبية تدفع في اتجاه تشجيع ذلك وتعزيز المشاريع المشتركة، وتلافي العوائق الضريبية والإدارية التي تحد من تدفق الاستثمارات، ودعم تبادل الخبرات والتقنيات والمعلومات[7].

التوجّه الاستراتيجي الجديد لدول أمريكا الجنوبية.. ابتعادًا عن واشنطن في زخم سياق دولي مفعم بحرب على الإرهاب:

صعد جيل من القادة من رحم التذمر الاجتماعي في أمريكا اللاتينية، ليؤكد أن الليبرالية الجديدة، تحت الحماية الأميركية، لم تعد خيارًا للتنمية والنمو في قارة أصابها الإفلاس والاقتصادي والسياسي. وتحركت أمريكا الجنوبية، بعيدًا عن واشنطن. وفقدت حكومة “جورج بوش”، بانشغالها بالحرب ضد الإرهاب، نفوذها في أمريكا الجنوبية، منذ اللحظة التي جرت فيها هجمات 11 سبتمبر. وبالكاد لم يعد “الفناء الخلفي” يظهر في أجندة البيت الأبيض. “فلم يعد لأمريكا الجنوبية وجود مع وجود” القاعدة”.
بعبارة أخرى، يمكن أن نفترض أن المستوى الضعيف للعلاقات بين أمريكا الجنوبية والعالم العربي، يقف وراءه الحضور القوي للولايات المتحدة في المنطقة. وبمجرد زوال هذا الحضور، تزول الشكوك ويبدأ الطرفان النظر إلى بعضهما بعقول مفتوحة، ومن ثم تتغير العلاقات الجيوسياسية.

أين أمريكا الوسطى من عملية التقارب العربي-اللاتيني؟

حتى الآن، ظلت الدول العربية بعيدة عن بناء علاقة استراتيجية مع أمريكا الوسطى، الإقليم الذي أُجبر لأسباب تاريخية وجغرافية، على أن ينظر دائمًا إلى الشمال؛ حيث الولايات المتحدة.
والسؤال المطروح الآن: هل تهب رياح التغيير حاليًا، على الحياة السياسية في أمريكا الوسطى؟ فبالرغم من السنوات العاصفة في الثمانينيات، ومحاولة تعديل نماذج محددة في التسعينيات، يبدو أن الديمقراطيات الناشئة في أمريكا الوسطى المغلقة، وفي النموذج الهشّ لليبرالية الجديدة، تخشى أن تنأى بنفسها عن واشنطن.
وهذا يخالف ما يحدث في أمريكا الجنوبية؛ لأن حكومات دول أمريكا الوسطى، لم تتغير، ولازالت تستجيب لإملاءات الولايات المتحدة. ويمكن الرجوع تاريخيًا لهذا الرباط القائم بين واشنطن ودول أمريكا الوسطى، الذي يجعل من المستحيل على الأخيرة، أن ترتبط بدول مثل البرازيل، أو الأرجنتين، أو فنزويلا التي قررت أن تقيم محورًا جنوبيًّا لمواجهة الهيمنة السائدة حاليًا وتغيير الجغرافيا السياسية بالمنطقة. ولعل ذلك هو السبب وراء عدم دعوة دول أمريكا الوسطى والمكسيك، للمشاركة في المؤتمر، الذي انعقد في برازيليا في مايو 2005م وهو الأول، الذي ضم الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية.
وعلى أية حال، فإنه ومنذ ذلك الوقت، قامت دول أمريكا الوسطى، بعدة محاولات غير مثمرة للتقارب مع الدول العربية[8].

مؤتمر قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية…إعلان برازيليا- ١١ مايو ٢٠٠٥:

هل تتطور عملية التقارب هذه؟ وهل السياق السياسي في المنطقتين ملائم وكافٍ؛ لاستمرار هذا التقارب؟ وهل تشكل قمة برازيليا بداية محور عالمي جديد لتحالف حضارات بين العرب وأمريكا اللاتينية؟
ماذا جاء بإعلان برازيليا؟
كانت القمة العربية-اللاتينية التي احتضنتها البرازيل يومي العاشر والحادي عشر مايو 2005 حدثًا فريدًا من نوعه من منطلق أنها شكلت أفقًا جديدًا للتعاون بين منطقتين ترتبطان بوشائج وصلات ربما لا يعرفها الكثيرون خاصة في ظل المسافات الشاسعة التي تفصل بينهما.
وبالقدر الذي مثلت به هذه القمة تطورًا إيجابيًّا بالنسبة للبلدان المشاركة فيها، التي بلغ عددها (33) دولة عربية ولاتينية، عُدت مصدر قلق من جانب قوى أخرى في مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل، لا سيما بعد اللهجة المتشددة التي تبنتها القمة حيال السياسات الأمريكية والإسرائيلية تجاه العديد من القضايا المطروحة على الساحة الدولية مثل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي والحرب في العراق.
وحول تلك القمة التي التأمت في برازيليا برئاسة مشتركة من قبل الرئيسين الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي كانت تتولى بلاده رئاسة القمة العربية آنذاك، يمكن الإشارة –وفقًا لآراء العديد من المحللين- إلى أن التحالف العربي-اللاتيني الوليد ربما يعد المثال الأبرز على ظهور نظام عالمي جديد، ويمكن وصف التجمع غير المسبوق بأنه (تحالف للحضارات)، في إشارة إلى الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين وفدوا على أمريكا الجنوبية قبل 150 عامًا من منطقة الشام أو سوريا الكبرى التي أصبحت الآن سوريا ولبنان. وكان نتاج تلك الهجرة واسعة النطاق أن أصبحت البلدان الواقعة في أمريكا الجنوبية تضم عشرة ملايين مواطن من أصول عربية، أغلبهم في البرازيل التي يعيش على أراضيها أكبر عدد من المهاجرين العرب في العالم بأسره – على النحو الذي سلفت الإشارة إليه.
ولعل أهم ما ورد في البيان الختامي للقمة، الذي عرف باسم (إعلان برازيليا)، الدعوة لإقامة علاقات سياسية واقتصادية وثيقة بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية، كما يطالب من جهة أخرى إسرائيل بالعودة لحدود عام 1967 ووقف أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية خاصة تلك التي تجري في مدينة القدس الشرقية. إلى جانب الإدانة الضمنية التي لاقتها الدولة العبرية أيضا لامتلاكها ترسانة نووية تحاول إبقاءها طيَّ الكتمان، كما انتقد (إعلان برازيليا) العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة بشكل أحادي على سوريا؛ باعتبارها انتهاكًا لمبادئ القانون الدولي، وكذلك أعرب الإعلان عن إدانة حازمة وقوية للإرهاب، داعيًّا لعقد مؤتمر دولي يستهدف تحديد مفهوم هذه الظاهرة المدمرة بشكل صحيح، والتفريق بينها وبين (حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي في إطار مبادئ الشرعية الدولية وبالاتساق مع القانون الإنساني الدولي)، ذلك الحق الذي دافع (إعلان برازيليا) عنه.
وقد أكد الإعلان –سالف الذكر- على أن يقوم التعاون بين الإقليمين على أساس الالتزام بالعلاقات المتعددة الأطراف، واحترام القانون الدولي، ومراعاة حقوق الإنسان، ومواصلة التنمية المستدامة، جنبًا إلى جنب مع تحقيق العدالة الاجتماعية وعلى وجه الخصوص القضاء على الفقر والجوع؛ والحفاظ على البيئة. كما أكد المشاركون على بناء الثقة والتفاهم المتبادل من أجل التعايش السلمي بين الأمم، مدركين، في هذا السياق، أبعاد العولمة وأهمية المحافظة على الهوية الوطنية واحترام التعددية الثقافية والدور الذي يقوم به التبادل الثقافي وحوار الحضارات في بناء عالم واحد يسوده التسامح والاندماج، وفي هذا الصدد يساندون أيضا المبادرات الأخيرة مثل مبادرة “تحالف الحضارات “المقترحة من أجل تدعيم الحوار الثقافي والسياسي بين الحضارات، ومبادرات دولة قطر بشأن الحوار بين الحضارات والأديان.
ورحب المشاركون بدخول معاهدة منع الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية والكاريبي، (معاهدة تلاتيلولكو) حيز النفاذ في دول أمريكا الجنوبية، ويؤكدون على أهمية معاهدات ة تلاتيلولكو، وراروتونجا، وبانكوك، وبليندابا التي تسعى إلى إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، وكذلك معاهدة انتركتيكا التي تهدف، ضمن أمور أخرى إلى إيجاد عالم يخلو تماما من الأسلحة النووية مؤكدين على أن تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، يتطلب إخلاء كل المنطقة من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل. وفي هذا الإطار يطالبون الأطراف المعنية كافة والمجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات العملية والعاجلة لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ويشددون على أهمية انضمام دول المنطقة كافة دون استثناء إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وإخضاع كافة منشآتها النووية للرقابة الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، سعيا لتحقيق هدف الالتزام العالمي بالمعاهدة في الشرق الأوسط. كما يعربون عن مساندتهم للمبادرة العربية التي تدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وقد أكدت الوفود المشاركة على الحاجة إلى تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ١٥١٥ لسنة ٢٠٠٣، وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حدود ١٩٦٧، تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل، وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة حتى حدود ٤ يونيو /حزيران ١٩٦٧، وإزالة المستوطنات ومن ضمنها مستوطنات القدس الشرقية. كما تم التأكيد على أهمية احترام وحدة وسيادة العراق واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، واحترام إرادة الشعب العراقي وخياراته في تقرير مستقبله بنفسه، والتي تم التعبير عنها في الانتخابات العامة التي جرت في ٣٠ يناير/ كانون ثاني ٢٠٠٥. بالإضافة إلى التأكيد على وحدة السودان أرضا وشعبا وسلامته الإقليمية ودعوة كافة الأطراف المعنية لدعم جهود تحقيق السلام الشامل وجهود إعادة الإعمار والتنمية في السودان. وتم الترحيب بإنجازات عملية المصالحة الوطنية الصومالية، ومساندة المؤسسات الدستورية التي انبثقت عنها، بالإضافة للجهود المبذولة لإعادة الأمن والاستقرار إلى الصومال تمهيدًا لتمكينه من إعادة الأعمار والتحول الديمقراطي السلمي.
هذا وقد تم الإقرار بأهمية التفاعل الثقافي بين الشعوب لإثراء الحضارة الإنسانية، حيث عبرت الوفود عن أن قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية تمثل فرصة لتعزيز التفاهم بين شعوب الإقليمين، وثقافاتهم، وفي هذا الصدد أعربوا عن تقديرهم للدور الإيجابي لمواطني دول أمريكا الجنوبية المنحدرين من أصول عربية في توثيق الصلات بين الإقليمين مع ضرورة الحفاظ على هوياتهم الثقافية ونشر أهم الجوانب ذات الصلة بتراثهم الثقافي فيما بينهم.
كما أكد الجانبان على أن السلام والأمن والاستقرار في منطقتيهما يشكلان الركيزة الأساسية لدفع الازدهار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، مؤكدين على أهمية التعاون جنوب – جنوب وحاجة كلا الإقليمين إلى الاستفادة من فرص التعاون العديدة المتاحة لبلدان أمريكا الجنوبية والبلدان العربية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والعلمية والثقافية.
وقد تم التنويه إلى ضرورة توفير الدعم المالي للصندوق العالمي للتضامن ومكافحة الفقر وتفعيله، بوصفه آلية مناسبة لخفض الفقر في الدول النامية. ورحب المشاركون بالزخم السياسي الذي برز في اجتماع قادة العالم، لمناقشة آليات مبتكرة لتمويل القضاء على الجوع وخفض الفقر، التي قدمها رئيس البرازيل لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، في نيويورك في سبتمبر /أيلول ٢٠٠٤، وتمت دعوة الحكومات التي لم تقم بعد بذلك، للالتحاق بهذا المسعى.
وأشار الإعلان إلى الحاجة إلى العمل المشترك للتعامل مع ظاهرة الهجرة، من أجل إتباع نهج إيجابي لتدفقات الهجرة، آخذين بعين الاعتبار أثرها على التنمية، مع الإقرار بالأهمية القصوى للتعاون الدولي لحماية الحقوق الإنسانية للمهاجرين وأسرهم، بما ينسجم مع أنظمة الدول وقوانينها ذات الصلة.
وتأكيدًا لنوايا الطرفين بالرغبة في استمرار التقارب وتدعيم آليات العمل اللاتيني-العربي المشترك، أقر الإعلان بتحديد آليات للتعاون حيث أقر المشاركون:
“ضمانًا لمتابعة ما تم الاتفاق عليه والوارد في هذا الإعلان يقررون:
– عقد القمة الثانية لدول أمريكا الجنوبية والدول العربية ٢٠٠٨.
– عقد الاجتماع التالي لوزراء خارجية دول أمريكا الجنوبية والدول العربية في بيونس أيرس في الأرجنتين في عام ٢٠٠٧.
– يمكن عقد اجتماعات استثنائية لوزراء الخارجية، كلما كان ذلك ضروريًّا.
– عقد اجتماع لكبار المسئولين في وزارات الخارجية في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة في نوفمبر/تشرين ثاني ٢٠٠٥.
– إمكانية عقد اجتماعات قطاعية على المستوى الوزاري في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والسياحة والطاقة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا من بين قطاعات أخرى لمتابعة برامج التعاون، ولهذا الغرض يتم التشاور بين رئاسة القمة العربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية ورئاسة تجمع دول أمريكا الجنوبية[9].
– كما تم الترحيب بمبادرة دولة قطر باستضافة قمة الجنوب الثانية في الدوحة في 2008.” وقد رحب مجلس جامعــة الـدول العربيـة، عـلى مسـتوى القمـة الدورة العادية العشرين المنعقدة بدمشق29-30 مارس/ آذار 2008 بانعقاد القمة الثانية للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في دولة قطر في الربع الأخير من عام 2008[10].
وعليه:
· تم انعقاد اجتماع كبار المسئولين الأول لمتابعة ما توصل إليه إعلان برازيليا بالقاهرة في 29، 30 نوفمبر 2005.
· كما اجتمعت وفود أعضاء الـ MERCOSUR ودول مجلس الخليج في الرياض في 26، 27 نوفمبر 2005 لوضع خطة العمل المطلوبة لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين.
· وفي 2، 3 فبراير 2006 كان الاجتماع المشترك لوزراء ثقافة الطرفين بالجزائر للاتفاق على زيادة تبادل المعرفة والمنتجات الثقافية بين الجانبين…الخ.
· اجتماع الوزراء المعنيين بالشئون الاقتصادية والمجالات ذات الصلة والذي انعقد في كيتو يومي 25 و 26 أبريل عام2006. وقد حظي إعلان كيتو بإجماع المشاركين، وأكد أن المنطقتين ستطوران علاقاتهما التجارية؛ بهدف المساهمة في الحد من الفقر، وتحسين الظروف المعيشية لشعوبهما. وشددت الوثيقة على أن يقوم قطاعا الأعمال الحكومي والخاص، بتطوير التعاون الفني في مجال الطاقة، وإنتاج النفط والغاز، وكذلك إنتاج المحروقات البيولوجية والكهرباء، على أساس التنمية المستدامة. وتعهدت الكتلتان بـ “توحيد قواهما داخل المنابر الملائمة؛ لضمان الوصول الأوسع إلى الأسواق، لجميع منتجات الطاقة والنفط”. واقترحت الوثيقة أن تعمل الدول المشاركة، بأقصى ما تستطيع، لزيادة الاستثمار والمساعدات الفنية في مجالات النقل، الاتصالات اللاسلكية، وتقنية المعلومات، وكذلك تطوير التبادل التجاري في المنطقتين، في صناعة الغذاء والسياحة.
وأكدت الوثيقة مجددًا التمسك بمبدأ المعاملة التفضيلية للاقتصادات الصغيرة، في المفاوضات مع منظمة التجارة الدولية، ودعم الدول العربية المرشحة لعضوية المنظمة. وتعهدت جميع أطراف الوثيقة، بالعمل على إقامة غرف تجارية، ومجالس مشتركة لرجال الصناعة، وذلك بهدف تحقيق التقارب التجاري. وشددت على أهمية تبادل الآراء، بشأن الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا، وفي المجالات الطبية، والتعليم، والثقافة والمعارف التراثية وغير ذلك. وتم في كيتو تشكيل لجنة، لتقوم بوضع خطة عمل مفصّلة؛ لتنفيذ الاتفاقات التي اعتمدها مسئولو الاقتصاد في المنطقتين.
· وفي 18 و 19 يوليو2006 تم الاجتماع الثاني لكبار المسؤولين من الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في كراكاس/فنزويلا؛ حيث تم نقل رسالة ترحيب خاصة للوفود من الرئيس هوجو شافيز فرياس. واستُعرضت ملاحظات الرئيس شافيز التي عرضها في قمة الاتحاد الأفريقي في بانجول التي انعقدت في الأول من يوليو عام 2006 بشأن الحاجة إلى وحدة دول أمريكا اللاتينية والدول الأفريقية والعربية كأساس لتعزيز استقلال شعوب هذه الدول. وقد قُدِّم إلى الوفود أيضًا مقترحات حكومة فنزويلا بشأن تعزيز تعاون الجنوب-الجنوب، ومن بينها بيتروسور، وبنك الجنوب، وجامعة الجنوب، وراديو و تليفزيون الجنوب. واستعرض كبار المسئولين مدى ما أُحرز من تقدم منذ انعقاد قمة برازيليا وأبرزوا النتائج المشجعة التي انتهت إليها اجتماعات المتابعة سالفة الذكر التي انعقدت منذ ذلك الحين.
· في 10، 11 يناير 2007 في بروكسيل تم بدء الجولة الثالثة للمفاوضات بين ممثلي الـ MERCOSUR ودول مجلس التعاون الخليجي لاتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين.
· وفي 30، 31 يناير 2007 الاجتماع الثالث لكبار المسئولين في وزارات الخارجية في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية لمتابعة قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية؛ حيث تبادل كبار المسئولين الآراء حول الجوانب العامة لإعلان برازيليا والخطوات التي اتخذت تنفيذًا لها. وقد لاحظوا بارتياح أن الحوار بين الإقليمين قد تزايد واتسع نطاقه على مستويات مختلفة في إطار ما نص عليه إعلان برازيليا والقرارات والتوصيات التي اعتمدتها الاجتماعات التي عقدت بعد القمة في القاهرة والجزائر وكيتو وكاراكاس.
وأعرب المشاركون عن ارتياحهم للانتخابات العامة التي جرت مؤخرًا في أمريكا الجنوبية، والتي تؤكد التزام المنطقة بالقيم الديمقراطية وتعزيز التنمية الاقتصادية المشاركة الاجتماعية و تحقيق الرفاهية لكافة المواطنين. والإشادة بالخطوات التي اتخذتها دول أمريكا الجنوبية لبناء تكامل إقليمي متوازن ومتسق ومتعادل في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمالية والبنية الأساسية في جميع أرجاء المنطقة. إلى جانب الترحيب بالجهود التي تبذلها الدول العربية لمواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لتحقيق تقدم المجتمعات العربية النابع من إرادتها الحرة بما يتفق وقيمها ومفاهيمها الثقافية والدينية والحضارية وظروف كل دولة وإمكانياتها.
بالإضافة إلى الإشادة بنتائج القمة الأفريقية–الأمريكية الجنوبية، وما توصلت إليه من قرارات مهمة تمثل دعمًا لمسيرة تعاون جنوب–جنوب، والارتياح إلى استكمال المناقشات التقنية المتعلقة بطباعة أول كتاب للمكتبة العربية-الأمريكية عن طريق المكتبات الوطنية في الجزائر والبرازيل وفنزويلا، بالإضافة إلى مكتبة أيكوشو في فنزويلا. وستصدر هذه الطبعة بثلاث لغات: العربية، والبرتغالية، والأسبانية، لمخطوطة من القرن التاسع عشر للإمام البغدادي حول رحلاته داخل البرازيل. كما ستصدر طبعات أخرى للكتاب في البرازيل والجزائر وفنزويلا. والتوصية بإرسال هذا الكتاب إلى الجامعات والمكتبات والمدارس والمراكز الثقافية والبحثية. كما تم إقرار إنشاء معهد البحوث حول أمريكا الجنوبية ككيان مستقل، والطلب من الحكومة المغربية تقديم المشروع النهائي من أجل إنشاء هذا المعهد. والإثناء على ما أعلنه “المجلس الوطني البرازيلي للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي “عن تقديم منح دراسية لطلاب الجامعات في مصر وسوريا ولبنان. وفي السنوات القادمة، سينضم طلاب من دول عربية أخرى إلى هذا البرنامج.
· وفي 23، 24 مايو 2007 انعقد بالرباط الاجتماع الثانى للوزراء المعنيين بالشؤون الاقتصادية والمجالات ذات الصلة بها فى البلدان العربية وبلدان أمريكا الجنوبية، وفقًا للأهداف والالتزامات التى اتفق عليها في الاجتماع الأول، المنعقد بكيتو في أبريل 2006 بغية الاتفاق على بنود خطة العمل التى أعدتها اللجنة التنفيذية في اجتماعها بالقاهرة في يناير 2007 حول أهمية تدعيم الأواصر السياسية والاقتصادية التي تربط بين المنطقتين، وتم الاتفاق في إعلان الرباط على:

أولاً- تعزيز الإطار المؤسسي لتنمية التعاون الاقتصادى بين المجموعتين؛ وذلك من خلال خلق آليات مشتركة لبلورة مشاريع تحقق أهداف التعاون في العديد من القطاعات ذات الأولوية ومنها:

– إنشاء مجلس اتحادات رجال الأعمال فى المنطقتين؛
– إنشاء مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة والخدمات بين المجموعتين؛
– إنشاء مجلس اتحاد المستثمرين العرب ونظرائهم الأمريكيين الجنوبيين.
ثانيًا- تتولى المؤسسات المختصة من المجموعتين القيام بالمهام التالية وفقًا لخطة العمل:

– القيام بدراسات ميدانية لإبراز فرص التعاون والتبادل والاستثمار؛
– دراسة الأنظمة الجمركية والحواجز الجمركية وغير الجمركية لتنشيط التبادل التجاري؛
– دراسة فى أنظمة الاستثمارات فى المجموعتين، لتعزيز التفاهم المتبادل، والعمل على إبرام اتفاقيات ثنائية فى مجال حماية وتشجيع الاستثمارات، وتفادي الازدواج الضريبي وفقًا للسياسات والتشريعات الوطنية؛
– خلق إطار للتعاون بين المؤسسات المالية؛
– دعم تطوير الموارد البشرية وبناء القدرات في المجال الاقتصادي؛
– تطوير آليات لتسهيل تبادل المعلومات لتيسير التدفق التجاري والاستثمار بين الإقليمين.
– تشجيع التنسيق بين المجموعتين في المحافل الدولية ذات الصلة؛
– تشجيع الدول في المنطقتين على إبرام اتفاقيات تجارية والترحيب بالتقدم الذي أحرزته مفاوضات التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك اتفاقيات التجارة بين جمهورية مصر الميركوسور MERCOSUR.
· في 20 و21 فبراير/شباط 2008 جرى اجتماع وزراء خارجية الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في بيونس أيرس؛ حيث عبر الوزراء عن ارتياحهم لاجتماعهم في بوينس أيرس؛ وهو الأول لوزراء الخارجية منذ القمة التي عقدها رؤساء دول وحكومات عرب وأميركيون جنوبيون في برازيليا في 2005. ودعا وزراء الخارجية العرب ومن دول أمريكا الجنوبية أو ممثلوهم في ختام اجتماع بوينس أيرس إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وأدانوا الإرهاب “بكل أشكاله”. وأكد الوزراء في بيان “رفضهم للاحتلال الأجنبي غير الشرعي و(أقروا) بحق الدول والشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي وفقًا لمبادئ الشرعية الدولية وتطابقًا مع القانون الإنساني الدولي”. ولم تُسمَّ إسرائيل تحديدًا في الإعلان، لكن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي أوضح في مؤتمر صحافي أنه يتعلق بالدولة العبرية.
وأعرب الوزراء لاحقًا عن تأييدهم “انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967”. وشارك في الاجتماع (22) بلدًا عربيًّا و(12) دولة في أمريكا الجنوبية، تمهيدًا لقمة رؤساء دول وحكومات هذه البلدان المقرر عقدها في النصف الثاني من 2008 في الدوحة، في ظل مخاوف عربية حول احتمال فشل الحوار الإسرائيلي-الفلسطيني بعد مؤتمر أنابوليس (الولايات المتحدة) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، في ظل رفض إسرائيل “مبادرات السلام” عبر إبقائها الحصار (على قطاع غزة). وطالب الوزراء برفع هذا الحصار “فورا”. وأدان المشاركون في الاجتماع أيضًا “الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره” و”رفضوا كل علاقة بين الإرهاب وشعب أو ديانة، أو مجموعة إثنية أو ثقافة محددة”.
كما أشادوا بالعملية التأسيسية الجارية لاتحاد دول أمريكا الجنوبية (UNASUR) والذي سيؤدي إنشاؤه إلى الإسهام في تعزيز عملية التكامل بين الإقليمين. كما رحب الوزراء بتعزيز علاقات التعاون بين البرلمانات العربية ومنها الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي الانتقالي، وبرلمانات واتحادات دول أمريكا الجنوبية، وحثوها على عقد اجتماعات مشتركة بينها لتوسيع المشاركة غير الحكومية في دعم أوجه التعاون المختلفة والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكذلك احترام سيادة القانون وتعزيز حقوق الإنسان بما يحقق مصالح الإقليمين.

وفيما يتعلق بالتعاون الثقافي وحوار الحضارات؛ فقد أكد الوزراء مجددًا على أن المساهمة المهمة للهجرة العربية لدول أمريكا الجنوبية تشكل عاملاً مساندًا حيويًّا في مجال توثيق العلاقات الثقافية بين الإقليمين على كافة الأوجه. وأعربوا عن استعدادهم لمواصلة النقاش حول السياسات الثقافية والأنشطة الرامية إلى تعزيز المعرفة المتبادلة بالثقافة العربية والأمريكية الجنوبية، كما أقروا أن هذا المنتدى يتيح فرصة نادرة لمد الجسور بين شعوب الإقليمين ولإقامة فضاء مشترك للحوار والتبادل والتفاعل؛ مؤكدين على أن ترجمة الكتب ومعرفة ونشر اللغات وتطوير البحث في مجالات التاريخ والثقافة تشكل ركائز أساسية في المشروع المذكور وفي الاستحداث المقبل لمعهد البحوث حول أمريكا الجنوبية في المملكة المغربية؛ حيث إنها تساهم في تشجيع وصول الباحثين والجمهور بشكل عام إلى المصنفات الأدبية والأكاديمية، مشيرين إلى أهمية إنشاء معهد الدراسات والأبحاث حول أمريكا الجنوبية بمدينة طنجة بالمملكة المغربية، والذي من شأنه أن يدعم البحث في مختلف مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية في الإقليمين، وأن يشكل جسرًا متينًا يلعب دورًا حيويًّا في التقارب والتواصل بين الأكاديميين في الإقليمين. كما سيكون هذا المعهد منبعًا لإنتاج علمي رفيع المستوى سيساهم في إثراء وتغذية التراث المعرفي الوطني والدولي وسيشكل مرجعًا لكافة الدارسين والباحثين[11].
قلق أمريكي من التقارب العربي-اللاتيني
يرجع قلق واشنطن من قمة برازيليا إلى خشيتها من أن تتحول القمة إلى منبر مناهض لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تبناه الرئيس جورج بوش، وكذلك إلى منبر مناهض لإسرائيل من خلال تشكيل محور جيوبوليتيكي جديد يأخذ في الظهور على خريطة العالم يضم الدول العربية واللاتينية، خاصة أن هذه الدول تتسم بأنها غير منحازة لأي قوة على الساحة الدولية، وأنها أيضا دول غنية بالنفط. فمن بين الدول العربية واللاتينية التي بدأت في التقارب مؤخرا: المملكة العربية السعودية، والكويت، والعراق، والإمارات، والجزائر، ومصر، وقطر، وليبيا، وعُمان، وسوريا، واليمن، وفنزويلا، والبرازيل، والأرجنتين، والإكوادور. وهذه الدول تضخ يوميًّا ما يقرب من 27.2 مليون برميل بترول؛ أي ما يوازي 32.5% من الإنتاج العالمي للنفط[12].

اختلاف الأولويات العربية-اللاتينية: الاقتصاد كأولوية لاتينية، والسياسة عند العرب

نظر قادة أمريكا الجنوبية لعملية التقارب مع العرب على أنها خطوة أولى على طريق توقيع اتفاقية تجارة حرة في المستقبل بين منطقة التجارة الحرة القائمة حاليًا بين الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي وباراجواي والمعروفة باسم (ميركوسور Southern Common Market- MERCOSUR) والذي يضم الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي، وبين بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية. إن لغة المصالح الاقتصادية والتجارية تعلو في مثل هذا التعاون الذي يتم بين دول الجنوب بعضها البعض على لغة الغزو وتغيير الأنظمة.
وتشهد منطقة جنوب أمريكا منذ سنوات قليلة حيوية لافتة للنظر على أكثر من صعيد، وخاصة في مجال الاندماج الإقليمي على مستوى جنوب-جنوب، ومن ذلك: اتفاقية تعاون تجمع بوليفيا وكولومبيا والإكوادور والبيرو، وفنزويلا التي انسحبت فيما بعد، وهي المعاهدة المعروفة بـ CAN، إلى جانب ذلك، هناك اتفاقية “ميركوسور” MERCOSUR
وإذا كانت الفوارق الاجتماعية داخل الدول اللاتينية أشدّ عُـمقا وخطورة، إلا أن مِـن سِـمات العالم العربي، حدّة الفوارق القائمة بين البلدان والشعوب العربية، وهي فوارق تزداد حدّة أو أنها ظلت على الأقل ثابتة ولم تتقلّـص. كما أنه على صعيد العالم العربي ثمة غياب للإرادة السياسية وانغماس الأنظمة الحاكمة في إطار مصالحها المحلية الضيقة، مما يشكل عائقًا للإسراع بنسق الاندماج[13].
وقد ظهر اختلاف الأولويات بين القادة العرب وقادة أمريكا اللاتينية جليًّا في قمة البرازيل 2005؛ ففي الوقت الذي أصرَّ فيه العرب على تضمين القضايا السياسية بالمنطقة ضمن مجالات التعاون على الصعيد السياسي وتنسيق المواقف المشتركة في المحافل الدولية؛ مؤكدين على أنه “لا يمكن للتنمية الاقتصادية أن تتحقق دون الاستناد على أسس راسخة للسلام”، أكد قادة أمريكا الجنوبية على ضرورة”تصميم جغرافيا تجارية واقتصادية جديدة”.
*****

الهوامش:

[1] في أمريكا اللاتينية تجمع إسلامي كبير لكنه يحتاج إلى عناية خاصة من المسلمين، كثير من المهاجرين العرب فقدوا لغتهم وضيعوا دينهم فأدى إلى ذوبان المسلمين، جريدة الرياض، العدد 14053، الجمعه 24 ذي القعدة 1427هـ – 15 ديسمبر 2006م
[2] هل علاقة العالم الإسلامي بمسلمي أمريكا اللاتينية قوية؟، جريدة الرياض، العدد 14234، الخميس 28 جمادى الأولى 1428هـ – 14 يونيو 2007م
[3] في أمريكا اللاتينية تجمع إسلامي كبير لكنه يحتاج إلى عناية خاصة من المسلمين، مرجع سابق
[4] هل علاقة العالم الإسلامي بمسلمي أمريكا اللاتينية قوية؟، مرجع سابق
[5] في أمريكا اللاتينية تجمع إسلامي كبير لكنه يحتاج إلى عناية خاصة من المسلمين، مرجع سابق
[6] جهاد حسن.. المتحدث باسم الجالية الإسلامية: مسلمو البرازيل في مواجهة ذوبان الهوية، حوار: رضا عبد الودود، مجلة المجتمع، العدد 1707، 24/ 6/ 2006.
[7] من كلمة وزير خارجية المملكة العربية السعودية في افتتاح اجتماع وزراء خارجية الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، بيونيس أيريس 20/2/2008م
[8] العرب وأمريكا اللاتينية.. علاقة تتطور بصمت، العربية – تقارير إخبارية، تقرير: بابلو جاميز،27-05-2006، ترجمة: علي حمزة.
[9]http://www.arableagueonline.org/las/picture_gallery/brazil10-11-5-2007.pdf
[10] قرارات مجلس جامعـة الـدول العربيـة، علـى مسـتوى القمـة الدورة العادية (20)، دمشق، الجمهورية العربية السورية، 22-23 ربيع الأول 1429هـ الموافق 29-30 مارس/ آذار 2008 م، العلاقات العربية مع التجمعات الدولية والإقليمية: التعاون العربي مع دول أمريكا الجنوبية
[11]http://www.affaires-generales.gov.ma/conference/Ang/documents-an.htm
[12]http://www.affaires-generales.gov.ma/conference/Ang/documents-an.htm
[13] العرب وأمريكا اللاتينية.. علاقة تتطور بصمت، مرجع سابق

نشر في حولية أمتي في العالم، عدد 2009

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى